منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الصراع على الموارد: أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Empty
مُساهمةموضوع: الصراع على الموارد: أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية   الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyالسبت مايو 04, 2013 5:51 pm

الصراع على الموارد: أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية
البروفسير السيد البشرى محمدأحمد
قسم الجغرافيا، كلية التربية، جامعة الخرطوم

المقدمة:
الصراع على الموارد صراع أزلي قديم ضاربة جذوره في عمق التاريخ الإنساني على الأرض. وقد برز الصراع في هذا العصر نتيجة لتزايد أعداد السكان بصورة لم يسبق لها مثيل من قبل. فقد زاد سكان الأرض خلال القرنين الماضيين من 900 مليون نسمة في عام 1800م إلى أكثر من 6000 مليون نسمة في عام 2000م حسب تقديرات الأمم المتحدة ،هذا يعني أن سكان العالم قد تضاعفوا أكثر من ست مرات خلال هذه الفترة. إن الزيادة السكانية بهذه الصورة المتسارعة تعني المزيد من الطلب على كل الموارد وعلى كل المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. ويظهر لنا في الوقت الحاضر أن الدول الصناعية الكبرى هي التي تستهلك الموارد بإسراف في كل مكان، الأمر الذي أوصل الوضع بالنسبة لبعض الموارد القابلة للنضوب إلى حافة النفاد. والأرض لاشك أنها غنية بالموارد التي أودعها الله فيها وأوجدها عليها وبداخلها ومن حولها بحيث يمكن لهذه الموارد أن تعول أضعاف سكان الأرض الحاليين لو تم استغلالها بشيء من الاعتدال والحكمة. وقد تكمن مشكلة الموارد في أن بعض جهات الأرض تتمتع بوفرة منها في حين أن بعضها الآخر يعاني من شحها وندرتها ، مع الأخذ في الاعتبار ما توصلت إليه المجتمعات من مستويات متباينة في المجالات التقنية في استغلال الموارد. وخلق الله الأرض وما بها من موارد لمصلحة جميع الكائنات وعلى رأسها البشر فهم العنصر الأهم وقد ميزهم الخالق وفضلهم على كثير ممن خلق ومدهم بالسمع والبصر والفؤاد. يقول الحق سبحانه : (وَالأرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن:10-13). إذاً خلقت الأرض لمصلحة كافة الكائنات بدون حدود فجاء البشر وقسموها إلى دول لها حدود سياسية صارمة تجعل من غير الممكن بل من المستحيل انسياب السكان طبيعياً، كما كان يحدث في الأزمنة الغابرة، من المناطق كثيرة السكان قليلة الموارد إلى الأماكن قليلة السكان كثيرة الموارد. ولنا أن نتصور قارة بكاملها مثل أستراليا يسكنها فقط حوالي 25 مليون نسمة احتكرها البيض لأنفسهم بعد أن قاموا بإبادة سكانها الأصليين في الوقت الذي يعيش فيه نصف سكان الأرض في الصين والهند وما جاورهما على كثافات سكانية عالية وضغط شديد على الموارد. هذه الأوضاع السياسية تزيد من تعقيد مشكلة الموارد والانتفاع بها. بالإضافة إلى أن الدول المتقدمة التي استطاعت أن تحقق الوفرة والرخاء لساكنيها بما لديها من تقنيات متطورة بخلت على الدول الأقل حظاً بهذه التقنيات ولم تساعد على نقلها الأمر الذي زاد من الفجوة بين مجموعات الدول المتقدمة والنامية.
أما هيمنة الدول العظمى على موارد الأرض فيشهد لها التاريخ قديماً وحديثاً. فكل الإمبراطوريات البائدة سعت للسيطرة على أقاليم غنية بالموارد خارج حدودها وذلك لما لهذه الموارد من أهمية استراتيجية لاستمراريتها وبقائها. ومن هذه القوى التي سادت وقويت ثم اندثرت الفرعونية والبابلية والسندية والصينية والفينيقية واليونانية والرومانية. فقد تمكن الفراعنة منذ أكثر من ستة آلاف سنة من جلب الأخشاب من منطقة بُنت أو الصومال الحالية كما استطاعوا التنقيب عن الذهب في جبال البحر الأحمر بشرقي السودان. وبعد أفول نجم الحضارات القديمة والإمبراطوريات في العصور الوسطى لمع نجم الدول الأوروبية الاستعمارية خاصة بعد الثورة الصناعية حيث تمكنت هذه القوى من الهيمنة على الموارد في المستعمرات لفترات طويلة واستطاعت من خلال ذلك بناء اقتصاد قوي تتمتع بخيراته إلى اليوم. وبانتهاء الاستعمار الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية ظهر الاستعمار الجديد والذي بدأت ملامحه واضحة في عصر العولمة وهيمنة القطب الواحد على مقدرات شعوب الأرض ومواردها. فبدأت الدولة العظمى في انتهاج سياسة التحرش والابتزاز وإشعال الحروب كل ذلك في سبيل الوصول إلى الموارد التي تستمد منها القوة. والهدف في كل هذه الحالات قديماً وحديثاً واحد وهو السيطرة على الموارد حتى لو كان ذلك باستخدام القوة المفرطة وقتل الأبرياء مثل ما يحدث في العراق الآن. ونستطيع القول إن معظم أنواع الصراع اليوم بين القوى العظمي ممثلة في دول العالم الأول والعوالم الأخرى هو صراع على الموارد خاصة التي انتهي مخزونها في الدول الكبرى ومن ذلك موارد الطاقة بينما لا زالت الدول النامية تتمتع بمخزون وافر منها. ويمكن النظر إلى موضوع الصراع على الموارد بمستويات ثلاثة هي: المستويات العالمية، والإقليمية، والمحلية. وسيكون استعراضنا للصراع على المستويين العالمي والإقليمي مختصراً بينما سنسلط الضوء على الصراع المحلى على الموارد في ولاية شمال دارفور بصورة أكبر. وقد بينت الأحداث الأخيرة في السودان أنه يمكن للمشكلات والنزاعات المحلية والإقليمية أن تتحول إلى صراعات دولية إذا أرادت القوى العظمى فعل ذلك لأنها هي وحدها القادرة على استصدار القرارات من مجلس الأمن الدولي لمصلحتها.



أولاً : المفاهيم :
تشمل الموارد كل الأشياء التي يمكن الانتفاع بها. وكل شيء لا يوجد له استخدام ولا يحقق منفعة لا يعد مورداً اقتصادياً. كذلك إذا تم الحصول على مورد ما بدون ثمن فلا يكون ذلك مورداً اقتصادياً. ولا يكون المورد مورداً إلا بعد استخراجه والانتفاع به. ذلك لأن بعض الموارد قد تكون كامنة لم يتم استغلالها بعد. ويمكن تقسيم الموارد إلى ثلاثة أقسام حسب توزيعاتها على الأرض:
1) موارد موجودة في كل مكان مثل الهواء.
2) موارد موجودة في أماكن كثيرة مثل التربة.
3) موارد موجودة في أماكن قليلة مثل النفط.
وترتفع وتنخفض قيمة المورد حسب وجوده فالهواء ليست له قيمة اقتصادية فهو موجود دون مقابل في كل مكان غير أننا أحياناً ندفع ثمناً للهواء النقي في المناطق السياحية عندما نهرب من الهواء الملوث في المدن. وندفع ثمناً باهظاً للنفط لندرته وزيادة الطلب عليه.
كذلك يمكن تقسيم الموارد حسب مدة بقائها على الأرض والانتفاع بها إلى:
1) موارد متجددة: وتشمل كل الأحياء التي تتجدد تلقائياً إذا لم يحدث إفراط في استغلالها بحيث تتمكن من التوالد والتكاثر بصورة طبيعية ومن ذلك الأسماك والأشجار.
2) موارد غير متجددة: وهى الموارد التي لا تتجدد في الطبيعة بالسرعة المطلوبة ولكنها تحتاج إلى آلاف السنين أو أكثر لتتكون لذا فإنها لا تتجدد على المدى القريب وتنتهي بمجرد استخدامها ومن ذلك الفحم والنفط والغاز الطبيعي. فالمخزون منها ينتهي بالاستخدام. وتشكل مثل هذه الموارد تحدياً للبشرية وهى التي يكثر الصراع عليها.
3) موارد لا تنضب: أي أنها موارد باقية ما بقيت الحياة على الأرض ومن ذلك الشمس والمياه والرياح. ومعلوم أن كل مخلوق إلى زوال. بمعنى أن لكل مخلوق بداية ونهاية. والشمس التي كان يظن بعض علماء أوروبا أنها لا نهاية لها فهي تحت قهر الخلاق العليم ولها بداية ونهاية. يقول الحق سبحانه : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (يّـس:38).
4) موارد يمكن تدويرها: بمعنى يمكن إعادة استخدامها مرات عديدة. وتشمل كل المعادن الفلزية مثل الحديد والنحاس والألمنيوم والذهب والفضة.
كذلك يمكن تقسيم الموارد حسب أنواعها إلى ثلاثة أقسام:
1) الموارد الطبيعية: وتشمل كل ما خلقه الله على سطح الأرض ومن ذلك بعض المعادن والتربة والنباتات والمياه والحيوانات. وتشمل ما أوجد الله في باطن الأرض ومن ذلك المعادن الفلزية وغير الفلزية. ومن المعادن الفلزية الحديد. يقول سبحانه: (… وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس)(الحديد: 25). والحديد معدن له استخدام واسع ومنافع كثيرة ومن أهم منافعه أنه المعدن الموجود في الدم على هيئة الهيموقلوبين الذي عن طريقه تتم الأكسدة التي تولد الطاقة التى بدونها لا تكون الحياة. ومن المعادن غير الفلزية النفط. وعن هذه الموارد الأرضية يقول الحق سبحانه: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ) (لقمان:20). وعندما نتحدث عن قاعدة الموارد القومية أو الوطنية فإننا نتحدث عن كل الموارد الطبيعية والبشرية والفكرية والتقنية. أما الموارد الموجودة من حول الأرض وسخرت لمنفعة البشر فتشمل الرياح والحسب والطاقة الشمسية.
2) الموارد البشرية: والبشر هم أهم الموارد على الإطلاق حيث إنهم يمثلون الوسيلة والغاية. فالقوى البشرية هى التي تستغل الموارد الطبيعية ويكون ذلك لفائدتها ومنفعتها. لذا كان لابد من النظر في أعداد السكان وكثافاتهم ومستوى تعليمهم ومهاراتهم التي اكتسبوها إضافة إلى مستواهم الصحي وأمنهم الغذائي. والمورد البشري يفوق في أهميته الموارد الأخرى كما أثبتت اليابان ذلك وهى ثاني أكبر اقتصاد في العالم على الرغم من شح مواردها الطبيعية.
3) الموارد الفكرية والحضارية: وتشتمل على رأس المال والتقنيات التي تستخدم في استغلال الموارد الاستغلال الأمثل مما يزيد من عمليات الإنتاج ويؤدي إلى توفير السلع والخدمات ورواج التجارة. هذه الموارد الفكرية هي التي أدت إلى اتساع الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية في المجالات العلمية والتقنية والاقتصادية(عبدالله:2000م).
ثانياً: العلاقة بين الكائنات الحية والموارد:
بما أن كل الكائنات الحية تحتاج إلى الموارد لضمان عيشها وحياتها فإن الموارد الطبيعية تشكل مقومات الحياة بالنسبة للكائنات. فإذا نظرنا إلى المورد المائي مثلاً فتحتاجه كل الكائنات من إنسان وحيوان ونبات. فلا حياة بدون ماء كما جاء في محكم التنزيل: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (الانبياء:30). وبما أن البشر والحيوانات هي أهم الكائنات الحية التي تحتاج الموارد فلابد لأعدادها أن تتناغم مع ما هو متاح من الموارد حتى يعيش الجميع في وئام وسلام. ومن بين أكبر مشكلات الصراع على الموارد في هذا العصر زيادة أعداد السكان والحيوان وما نتج عنه من ضغط على الموارد مما ولد الاحتكاك بين المجموعات البشرية ثم قاد إلى النزاع والحروب. ويصبح الوضع أكثر حرجاً وتعقيداً في البيئات الهشة الهامشية التي تعاني من شح الموارد حيث يزيد التنافس والصراع على هذه الموارد. ومعلوم أن الموارد الأرضية لها قدرة استيعابية معينة لإعالة الكائنات. فمثلاً مع الأخذ في الاعتبار المستويات التقنية التي وصلت إليها المجموعات البشرية فيمكن للأرض الزراعية أن تستوعب عدداً محدداً من السكان في الوحدة المساحية. فإذا زادت الأعداد مع الإبقاء على المستويات التقنية على حالها فقد يؤدي ذلك إلى تناقص الإنتاج ويشكل خطراً على الحياة. وبناءً على ذلك يمكننا نظرياً وعملياً أن ننظر في ثلاث حالات من العلاقة بين السكان والموارد:
1) الحالة الأولى حين تزيد أعداد السكان على الموارد فيحدث التضخم السكاني. ويعنى زيادة أعداد السكان على ما هو متاح من الموارد. ففي حالة تخلف التقنيات عادة ما تكون النتيجة التخلف الاقتصادي والفقر. ونشاهد ضغط السكان على الموارد في عالم اليوم في مجموعة من الدول النامية مثل الهند وبنغلاديش ونيجيريا ومصر.
2) الحالة الثانية عندما تقل أعداد السكان عن الموارد المتاحة. ويحدث هذا في كثير من الدول النامية قليلة السكان ضعيفة التقنيات وكثيرة الموارد. وتقود هذه الحالة أيضاً إلى التخلف الاقتصادي حيث إن كثيراً من الموارد غير مستغلة لمصلحة الإنسان. ويشمل هذا النوع من الدول السودان بأراضيه الواسعة ومياهه الوفيرة والتخلف الاقتصادي الذي يعيشه. ويشترك مع السودان دول أخرى كثيرة معظمها في قارتي إفريقيا وأمريكا الجنوبية.
3) الحالة الثالثة تمثل الحد الأمثل للعلاقة بين السكان والموارد وهي الحالة التى لم تصل إليها بعد حتى الدول المتقدمة. والحد الأمثل يعني أن السكان قد وصلوا إلى أقصى إنتاجية يمكن الوصول إليها. وعلى الرغم من أن الدول الصناعية المتقدمة لم تصل إلى هذا الحد إلا أنها هى الأقرب إلى هذه العلاقة.
إذاً للموارد الطبيعية قدرة معينة على استيعاب المزيد من أعداد البشر والحيوان ومن ثم تصبح زيادة الأعداد عاملاً حاسماً في تحديد العلاقة بين الاثنين (الشكلين 1 و 2). فبعد أن تصل الأرض إلى أقصى إنتاجية لها تبدأ بعد ذلك في الانحدار خاصة في حالة ثبات التقنيات المستخدمة. وتؤدي زيادة الأعداد والتزاحم إلى تناقص الإنتاج أو ما يعرف بتناقص الغلة في حالة أن الأرض تصبح عنصراً ثابتاً وكل هذا يشكل خطورة كبيرة على حياة الإنسان والحيوان. الموارد الطبيعية التي تمت الإشارة إليها من صنع الله وهى موارد ضرورية لحياة البشر وتلبي احتياجاتهم للعيش والحياة. وتستخدم الموارد الطبيعية في إنتاج الغذاء والطاقة والمواد الخام التي تدخل في صناعة السلع الضرورية لحياة الناس.

ثالثاً: مستويات الصراع على الموارد:
إن الصراع على الموارد يأخذ مستويات عالمية وإقليمية ومحلية.
1) الصراع على المستوى العالمي:
ويشكل قمة الصراع بين القوى العظمى ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم. فبعد أن تمكنت هذه القوى الكبرى من تعزيز مكانتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية وأصبحت كل موازين القوى في مصلحتها بدأت في الهيمنة على موارد العالم لكسب المزيد من القوة. وقديماً قيل إن الولايات المتحدة تستخدم سياسة العصا والجزرة أو ما يعرف بسياسة الترهيب والترغيب مع الدول الأخرى ولكنها الآن بعد أن أصبحت القوة الوحيدة المؤثرة في الساحة الدولية تلوح بالعصا دون أي جزرة. ومعظم الصراع اليوم بين القوى العظمى والدول النامية هو صراع على الموارد حتى تبقى هذه القوى الكبرى في مركز الصدارة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً دون أي منازع. فإذا نظرنا إلى المورد النفطي مثلاً وهو المحرك الأساسي للاقتصاد وآلة الحرب نجد أن معظم المخزون منه موجود في الدول النامية خاصة الدول الشرق أوسطية. وتمثل هذه الدول أكبر المصدرين للنفط في العالم. والعجيب في الأمر أن أسعار النفط لا تتأثر بقانون العرض والطلب الذي يقوم عليه النظام الاقتصادي الرأسمالي ولكنها تخضع لضغوط الدول العظمي السياسية والاقتصادية التي تسعى دائماً لخفض الأسعار لمصلحتها. وكثيراً ما تضغط الولايات المتحدة على الدول المنتجة لزيادة الضخ في سبيل المحافظة على تدنى الأسعار.
ليس هذا فحسب فقد صرح وزير خارجية الولايات المتحدة هنرى كيسنجر في السبعينيات الميلادية من القرن العشرين بأن بلاده ستضطر لاحتلال آبار النفط بالقوة في حالة المساس بها وكان ذلك بعد أن أوقفت الدول العربية المنتجة الضخ إبان حرب السويس في 1973م مما أدى إلى ارتفاع الأسعار. وقد حدث الاحتلال بالفعل بعد ثلاثة عقود من ذلك التصريح. فاتخذت الولايات المتحدة قواعد عسكرية لها في كل دول الخليج البترولية وكانت هى السبب في حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران ودخول العراق الكويت وأخيراً حرب الولايات المتحدة على العراق وتدميره واحتلاله. كل هذا حدث في سبيل بسط نفوذ الولايات المتحدة على حقول النفط وجعل دول المنطقة خاضعة لها. والسيطرة على منابع النفط تجعل الولايات المتحدة في موضع القوة حتى مع الدول الصناعية المتحالفة معها. كذلك فإن الاحتلال الأمريكي لأفغانستان يجعلها متاخمة لدول نفطية أخرى هى جمهوريات الاتحاد السوفيتى سابقاً ودول القوقاز مما يجعلها تهيمن على الثروات النفطية في هذا الجزء من العالم. كما أن وجود القوة العسكرية الأمريكية في هذه المناطق له فوائد أخرى بالنسبة لاستراتيجيتها بعيدة المدى. ففي الشرق الأوسط بالإضافة للهيمنة على منابع النفط تقوم القوات الأمريكية بحراسة وحماية إسرائيل أكثر الدول عنصرية في العالم. أما الوجود الأمريكي في التخوم الجنوبية لروسيا فمن شأنه أن يمنع الأخيرة من تطوير قوة كبيرة منافسة وبذلك تضمن الولايات المتحدة تفردها بالقوة. أما الوجود العسكري الأمريكي في كوريا الجنوبية واليابان وتايوان والفلبين ناهيك عن الأساطيل الحربية الضخمة في أعالي البحار فالهدف منه تحجيم دور الصين واحتوائها كى لا تصعد كقوة منافسة في القرن الحادي والعشرين.
والنفط الذي تسعى الولايات المتحدة للسيطرة الكاملة عليه سلعة لها أهميتها في الحرب والسلم حيث إن آلة الحرب تدار بتقنيات مصممة على استخدام النفط ومشتقاته كما أن الحياة الاقتصادية العصرية تعتمد على النفط كمصدر للطاقة والمواد الخام. والنفط ومشتقاته يشكلان الأساس في الصناعات الحديثة المرتبطة بالثورة المعلوماتية وتقنيات الاتصال. فالصراع على الموارد النفطية صراع عالمي تتنافس عليه القوى الكبري الأمر الذي قاد ويقود إلى إشعال الحروب في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من مناطق العالم. وقد رأينا كيف حاولت الولايات المتحدة قلب نظام الحكم في فنزويلا وهى من أهم الدول المصدرة للنفط في أمريكا الجنوبية ذلك لأن الحكومة الفنزويلية لم تخضع للضغوط الأمريكية وتسير في الخط المرسوم. ففي سبيل الاستحواذ على هذه السلعة الاستراتيجية تستخدم الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة كل الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية للحصول عليها الأمر الذي جعل العالم أقل أمناً في ظل هيمنة القطب الواحد.
2) الصراع على المستوى الإقليمي:
ويمكن أن يأخذ الصراع على الموارد مستوى إقليمياً عندما تتعارض مصالح الدول المتجاورة كما هو الحال في النزاعات على الحدود السياسية. فالصراعات على الحدود تعنى الصراع على الأرض والأرض تعنى الموارد الأرضية. فقد شهدت نهاية القرن العشرين صراعات دامية على الحدود بين كثير من الدول معظمها في العالم الثالث. والمشكلة هنا أن الاستعمار الأوروبي رسم حدوداً بين المستعمرات لا تستند إلى واقع تاريخي أو إثني أو اقتصادي فلما حصلت المستعمرات على استقلالها بدأت النزاعات على الحدود التى تركها الاستعمار. ونشير هنا إلى الحرب الأخيرة بين إثيوبيا وإريتريا والنزاعات الكامنة بين السودان ومصر على مثلث حلايب وبين ليبيا وتشاد على إقليم أوزو وبين الصومال وكينيا وإثيوبيا والصومال وبين الهند والباكستان على إقليم كشمير وغيرها من النزاعات (El-Bushra: 2000a).
ومن المشكلات التي بدأت تطل برأسها خاصة في نهاية القرن الماضي وتتواصل في القرن الحالي مشكلة المياه المشتركة متمثلة في الأنهار الدولية. فإذا نظرنا إلى الأنهار الدولية في المنطقة العربية نجدها كلها محل نزاع بين الدول المشاركة في أحواض الأنهار. ويمثل نهر الأردن وهو نهر صغير أكبر المشكلات حيث قامت إسرائيل بالسيطرة الكاملة عليه مما يهدد الأمن المائي بالنسبة للأردن وفلسطين. ليس هذا فحسب بل تقوم إسرائيل بسرقة المياه العربية في جنوب لبنان وهضبة الجولان السورية المحتلة كما تسيطر على كل المياه الجوفية في فلسطين المحتلة مما أدى إلى تدمير القطاع الزراعي الفلسطيني. وأطماع إسرائيل في السيطرة على الأرض والمياه العربية لا تخفى على أحد فهي تقوم بشن الحروب على الدول العربية متى ما أرادت الحصول على المزيد من الأرض والمياه العربية وتساندها في ذلك القوى الاستعمارية. وقد فعلت تركيا مثلما صنعت إسرائيل فيما يخص مياه دجلة والفرات. وقد قامت تركيا خلال العقود الثلاثة الماضية بإقامة أكثر من عشرين مشروعاً مائياً على النهرين خاصة نهر الفرات دون التفاوض مع كل من سوريا والعراق مما أدى إلى تناقص كميات المياه المنسابة إلى سوريا بحوالي النصف إضافة إلى تدني نوعية المياه في كل من سوريا والعراق. والمشكلة مع تركيا تكمن في أنها لا تعترف بدولية النهرين وتعتبرهما نهرين تركيين لأنهما ينبعان من أراضيها وهذا منافٍ للأعراف والقوانين الدولية. ومعروف أن النهر الدولي هو ذلك النهر الذي تنساب مياهه عبر دولتين أو أكثر. والماء عصب الحياة وتعتمد عليه كل مشروعات التنمية. فالصراع على مياه دجلة والفرات قد يأخذ أبعاداً خطيرة في المستقبل إذا لم تغير تركيا من سياستها الحالية. أما مياه النيل الخالد فتشترك فيها عشر دول معظمها دول غنية بما يسقط عليها من أمطار عدا السودان ومصر وإثيوبيا حيث يعم الجفاف بدرجات متفاوتة مما يجعل الاعتماد على مياه النيل كبيراً. ومعلوم أن الاتفاقيات حول تقسيم مياه النيل هي بين السودان ومصر ولم تكن إثيوبيا طرفاً فيها. وحتى الاتفاقيات بين السودان ومصر فتعد مجحفة في حق السودان الذي يحصل على ربع ما تحصل عليه مصر في حين أن سكان السودان يعادلون نصف سكان مصر. أما إثيوبيا التى لم تكن طرفاً في هذه الاتفاقيات فقد عانت الكثير في سنين القحط والجفاف والمجاعات فكان لابد من إشراكها في الاتفاقيات خاصة والنيل الأزرق أهم روافد النيل ينبع من أراضيها. وتقوم إثيوبيا الآن ببناء المنشآت المائية دون الرجوع إلى السودان ومصر مما قد يعقد المشكلة المائية مستقبلاً. وتقدم الولايات المتحدة وإسرائيل الدعم لأثيوبيا في بناء المشروعات المائية على الروافد العليا للنيل الأزرق وبحيرة تانا في محاولة للضغط على السودان ومصر في سيبل تنازلات سياسية.
وتحصل مصر حسب الاتفاقيات على نصيب وافر من مياه النيل (55.5 مليارم3) وقد يكون نصيبها الفعلي أكبر من ذلك بكثير حتى أنها قامت بالتوسعات الزراعية في الصحراء وتوصيل مياه النهر من تحت قناة السويس إلى سيناء مما يتنافي مع القوانين الدولية التى تمنع نقل المياه من حوض مائي إلى آخر. وأخيراً برزت حجة الدول الواقعة على النيل في الهضبة الإفريقية والتي بدأت تطالب الدول المستفيدة من مياه النيل بتعويضات مالية حتى لو كانت احتياجاتها المائية من النيل قليلة بفضل ما تجود به السماء من مياه. وقد أشارت هذه الدول إلى احتياجاتها لمياه النهر لتوليد الطاقة الكهرومائية. عموماً يمكن القول إن الصراع على مياه النيل بين دول الحوض يعد أقل خطورة من الأوضاع في الأنهار السابقة ويمكن للدول الواقعة على النيل أن تفض نزاعاتها بالطرق السلمية بواسطة الاتحاد الإفريقي. إذاً يمكن للصراعات على الموارد أن تأخذ شكلاً إقليمياً كما رأينا في حالتي الحدود والأنهار الدولية (البشري: 2003م، El-Bushra & Taha : 2000b).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصراع على الموارد: أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية   الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyالسبت مايو 04, 2013 5:58 pm

) الصراع على المستوى المحلي:
الصراع على الموارد في ولاية شمال دارفور:
أ) الملامح الجغرافية للإقليم:
يصنف ثلثا مساحة السودان الواقعة في الشمال والوسط ضمن الأقاليم الجافة وشبه الجافة. ويتراوح المطر من صفر في المناطق الصحراوية إلى أكثر من 1500 ملم في جنوبي البلاد (جدول رقم 1). ويمكن التمييز بين المناطق المصنفة صحارى حارة التى يقل فيها المطر عن 400 ملم وتلك المصنفة مناطق الحشائش الحارة (استبس) والتى يقل فيها المطر عن 800 ملم. وتقع ولاية شمال دارفور ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة فيما يعرف بحزام الساحل أو الساحل الإفريقي الذي يمتد عبر القارة من الشرق إلى الغرب ويمثل التخوم الجنوبية للصحراء الكبرى (الشكل 3) (الجدولين 1 و 3). وقد عاني هذا الحزام كثيراً خلال تاريخه الطويل من شح الأمطار وتذبذباتها مما أدى إلى موجات من القحط والجفاف والمجاعة عبر فترات متقطعة مؤكدة معاناة الإنسان نتيجة لشح الموارد الأرضية المائية والنباتية والزراعية. وتؤكد موجة الجفاف الأخيرة في الثمانينيات من القرن الماضي ما ذهبنا إليه حيث هلكت أعداد من الأنفس في المجاعة ونفقت أعداد كبيرة من الماشية مما اضطر السكان للنزوح إلى جهات أخرى من السودان.
ويمكن تحديد ولاية شمال دارفور بدائرتي عرض 13° - 20° شمالاً وخطي طول 22° - 27.5° شرقاً. وتبلغ مساحة الولاية حوالي 122.479 كم2 (الشكل 4) وبلغ عدد سكانها حسب تعداد 1993م حوالى 1.155.800 نسمة وكانت الكثافة السكانية في حدود 9.4/كم2. وإذا ما اعتبرنا الزيادة السكانية السنوية في حدود 3% خلال الفترة الماضية فيمكننا تقدير السكان في الوقت الراهن بحوالي 1.5 مليون نسمة بالحساب البسيط وذلك يعنى كثافة سكانية في حدود 12.2/كم2. وقد يشير متوسط الكثافة السكانية إلى أرقام متدنية نتيجة لشح الموارد ولكن الكثافة الفعلية خاصة في الأماكن التى تتوافر فيها المياه والمراعي عادة ما تكون عالية. وتتميز ولاية شمال دارفور بأنها هضبة مستوية يتراوح ارتفاعها بين 500 – 1000م فوق سطح البحر عدا منطقة جبل مرة حيث يتراوح ارتفاعها بين 1000–1500م بينما تصل قمة الجبل إلى 3150 م فوق سطح البحر. أما متوسط الأمطار الساقطة في العام فيقل عن 500 ملم في حدها الأقصى وتتناقص باتجاه الشمال إلى أقل من 25 ملم (الشكلين 5 و 6) وبتطبيق طريقة ديمارتون تصبح ولاية شمال دارفور ضمن النطاقات الجافة وشبه الجافة (جدول رقم 2). أما النباتات فتتراوح بين الصحراوية وشبه الصحراوية إضافة إلى أراضي السافنا والشجيرات ذات الأمطار القليلة في الأراضي الطينية والرملية (Barbour: 1964 ، محمدين وأحمد : 1981، القصاص: 1999م). وبما أن الإقليم يتميز بقلة الأمطار وتذبذباتها وارتفاع درجات الحرارة التي لا تقل عن 30°م طوال أشهر السنة فإن القيمة الفعلية للمطر تظل قليلة نتيجة لعمليات البخر – نتح.
والمطر هو المصدر الأساسي للمياه ويعتمد عليه النبات والإنسان والحيوان. وتساعد الأمطار الساقطة في تغذية الخزانات الجوفية السطحية التي يتم استغلالها في المناشط المختلفة. وتقوم الجهات الرسمية بحفر الآبار العميقة والسطحية والحفائر وبناء الخزانات كما يقوم الأهالي بحفر الآبار السطحية. ولكن من الواضح أن المنشآت المائية غير كافية لسد حاجة الأعداد المتزايدة من السكان والحيوان. وتفتقر ولاية شمال دارفور ، كغيرها من ولايات السودان، إلى المسوح المائية (الهيدرولوجية) الدقيقة للتعرف على المخزون من المياه الجوفية السطحية والعميقة والتي تشكل الأساس في عمليات التنمية. ويعتمد السكان على الطرق التقليدية البدائية في الاستفادة من المياه المتوافرة. ونستطيع القول إن عدم كفاية المياه يعد العامل الحاسم في محدودية التنمية الاقتصادية المرتبطة بالزراعة والرعي (كوزى : 2004م). كما أن التوسع الزراعي بطرق غير مدروسة والرعي الجائر والاحتطاب كانت السبب المباشر في تدهور البيئة وما تبعه من نقص في المحاصيل الزراعية والأعلاف. فقد توسعت الزراعة في أراضٍ يتراوح المطر فيها ما بين 250 – 350 ملم وهى مناطق لا يكون المحصول فيها مضموناً وفي ذات الوقت تأخذ هذه التوسعات الزراعية من أرض المرعي. أما فيما يخص القطع الجائر للأشجار تقول بعض الدراسات إن الأسرة الواحدة في شمال دارفور تقطع 325 شجرة وشجيرة في السنة وذلك بواقع شجرة كل يوم تقريباً دون الاهتمام باستزراع الغابة. فإذا كان تعداد السكان حوالي 1.5 مليون نسمة كما أسلفنا وأن حجم الأسرة في حدود سبعة أشخاص فهذا يعنى أن عدد الأسر في شمال دارفور يكون في حدود 200 ألف أسرة يقطعون من الأشجار ما يعادل 65 مليون شجرة وشجيرة في العام الواحد (عبدالمقصود:1997م). وتستخدم الأخشاب مصدراً للوقود ومادة لبناء المساكن وعلفاً للحيوان. إن قطع الأشجار بهذه الطريقة في البيئة الجافة دون استزراع الغابة لا شك يقود إلى كارثة بيئية ويضر كثيراً بالزراعة والمرعي لما يترتب على ذلك من تعرية للأرض وجرف للتربة وتدهور للبيئة الهشة. وكل هذا بالطبع يزيد من حدة التنافس بين المجموعات على موارد الأرض. وفوق هذا وذاك تسجل الولاية تزايداً في أعداد السكان والحيوان مما يزيد من حدة الضغط على الموارد المتاحة ومن ثم يقود إلى النزاع والصراع بل الاقتتال والحرب بين المجموعات المتنافسة.
ب) زيادة أعداد السكان والحيوان والضغط على الموارد:
النزاع والصراع بين القبائل في شمال دارفور صراع قديم بدأ في عهد الاستعمار وهو نزاع يلازم المجتمعات القبلية في كل مكان. من ذلك النزاعات القبلية في الجزيرة العربية قبل اكتشاف النفط. والصراعات الدائرة في أفغانستان حتى اليوم صراعات قبلية وحتى الصراعات في منطقة البلقان لا تعدو كونها صراعات قبلية. فقد رصد أكثر من ستين نزاعاً بين القبائل في شمال دارفور خلال الفترة 1930 – 2001م وذلك بواقع نزاع كل عام. وكانت معظم هذه النزاعات على الأرض (93%) وشكل النزاع على المرعى (76%) من جملة النزاعات بينما كان نصيب النزاعات حول الحدود الإدارية (17%). إذاً فالنزاع على الأرض ومواردها يشكل أهم أنواع الصراع غير أن هناك أسباباً أخرى للنزاع بعضها ثقافي وعرقي والبعض الآخر سياسي. وتدل كثرة النزاعات في الآونة الأخيرة على أن الصراع على الموارد هو الأهم والأكثر تكراراً.
تشير الأرقام إلى أن سكان ولاية شمال دارفور زادوا من 530 ألف نسمة في عام 1973م إلى 1.15 مليون نسمة في عام 1993م كما أننا قدرنا الأعداد بحوالي 1.5 مليون نسمة في عام 2003م. وهذا يعنى أن السكان تضاعفوا ثلاث مرات خلال الثلاثين عاماً الماضية. ويذكر كوزى (2004م) أن أعداد السكان في محلية كبكابية قد زاد من 89 ألف نسمة إلى 270 ألف نسمة في الفترة (1973 –2003م) كما أن الكثافة السكانية ارتفعت من 8/كلم2 إلى 23/كم2 خلال نفس الفترة. وهذه الزيادة على مستوى المحلية تدل على أن السكان تضاعفوا ثلاث مرات كذلك خلال الفترة المذكورة. أما مساحة الأرض المزروعة في ولاية دارفور الكبرى فقد كانت في حدود 760 ألف فدان في عام 1961م وصلت هذه المساحة في ولاية شمال دارفور وحدها إلى 2.5 مليون فدان في عام 2002م. فبالإضافة إلى أن التوسع في الأراضي الزراعية يكون على حساب المرعي ويزيد من الاحتكاك بين الرعاة والمزارعين فإن العمليات الزراعية تقود إلى جرف التربة وتعريتها مما يزيد من عمليات التدهور البيئي وتدني إنتاجية الفدان من الحبوب والغلات. إن التدني في إنتاجية الأرض يقود المزارعين إلى الرغبة في التوسع الأفقي للمزارع للحصول على الغلات اللازمة لإطعام المزيد من السكان. وصحبت الزيادة السكانية زيادة في أعداد الحيوان. فزادت رؤوس الماشية من 3.7 مليون رأس في عام 1976م إلى 13 مليون رأس في عام 2002م (كوزى : 2004). أي تضاعفت أعداد الماشية أكثر من ثلاث مرات خلال 26 عاماً. من هذا نخلص إلى أن زيادة أعداد السكان والحيوان والتنافس على الموارد الأرضية الشحيحة وتضارب المصالح تمثل لب النزاع والصراع بين الرعاة والمزارعين في الولاية والنزاع عادة ما يبدأ فردياً ثم يتطور إلى نزاع قبلي وأخيراً أخذ النزاع أطواراً خطيرة عندما بدأت التحالفات بين القبائل مما يزيد من حدة الصراع ويجعله عاماً وشاملاً وأكثر دموية. ثم بعد ذلك أخذ الصراع طابعاً سياسياً عندما قامت المجموعات المسلحة بمحاربة الحكومة.
ج) ممارسات الرعاة والمزارعين التى تزيد من الاحتكاك والنزاع: 1) ممارسات الرعاة:
- عدم الالتزام بمواعيد الرجوع في 28 فبراير من كل عام مما يولد احتكاكاً مع المزارعين الذين لم يكملوا عمليات الحصاد.
- دخول حيوانات الرعاة المزارع وإتلاف الزروع.
- زيادة أعداد الحيوان التى تطلب مساحات أكبر من المرعى.
- نظرة الرعاة الدونية للزراعة والمزارعين.
2) ممارسات المزارعين:
- القبض على الحيوانات التى دخلت مزارعهم مطالبين بغرامات عالية.
- التوسع الزراعي في أراضي المرعى والمراحيل.
- حجز مساحات واسعة من المرعي كزرائب مما يقلل من مساحة المرعى.
- عدم اكتفاء بعض المزارعين بالقبض على الحيوانات التى دخلت مزارعهم بل يتم الاستيلاء على كل القطيع دون تمييز (كوزى : 2004م) (الشكل Cool.

د) الأبعاد السياسية للصراع:
بدأت السياسة تدخل في النزاعات القبلية في عهد مايو (1969م) عندما قامت الحكومة آنذاك بحل الإدارة الأهلية واستبدالها بنظام الحكم الإقليمي الذي ساعد بدوره على المنافسة بين المجموعات للحصول على المناصب على أساس قبلي. وقد تميزت الإدارات الأهلية السابقة لمايو بقوتها وصرامتها في تطبيق القوانين مما جعلها مهابة الجانب. واستطاعت هذه الإدارات بما لديها من حنكة وحكمة منع النزاع والصراع والحروب بين المجموعات المتنافسة على الموارد الأرضية. هذا في الوقت الذي فشلت فيه الإدارات الجديدة منذ مايو في استتباب الأمن ومنع الصدامات المسلحة بين القبائل مما أدى إلى انفلات الأوضاع الأمنية. وقد تصّعد الصراع في دارفور في الوقت الذي كانت فيه الحكومة تولى جل اهتمامها لمشكلة جنوب السودان. وقد ساعد المتمردون في جنوب السودان في إشعال نار الفتنة في دارفور لتوسيع جبهة القتال مع الحكومة. وقد أدى ضعف الأجهزة الأمنية الرسمية إلى أن سعت المجموعات المتنازعة للحصول على السلاح دفاعاً عن النفس وساعد تدفق السلاح على الولاية من الدول المجاورة على انتشار ظاهرة النهب المسلح مما زاد من مشكلة النزاع على الموارد تعقيداً. وحتى النهب المسلح نفسه فله علاقة بشح الموارد إذ يعتبره بعض ضعاف النفوس طريقة سهلة للحصول على دخل ولكن من الناحية الشرعية فهو أخذ أموال الناس بالباطل. وتتبع عمليات النهب المسلح عمليات الثأر خاصة وأن الأجهزة الأمنية أصبحت غير قادرة على مطاردة الجناة ومعاقبتهم (كوزى: 2004، رأفت : فبراير 2005، النحاس: فبراير 2005م، نعمة : أبريل 2005م). والنهب المسلح نوع من أنواع الإفساد في الأرض وتكون معاقبته بنص الكتاب. يقول سبحانه : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة:33). وقد ساعدت كل من الحرب الليبية التشادية والحروب الأهلية التشادية في توافر السلاح وتداوله بين المجموعات المتنازعة في دارفور مما أشعل فتيل الحرب كما أن القبائل الممتدة بين السودان وتشاد ساعدت في تأجيج الأوضاع الأمنية حيث إنها تقدم على الغزو والنهب ثم التسرب سريعاً عبر الحدود إلى تشاد.
هـ) الأبعاد الإثنية والثقافية للصراع:
وبما أن مجتمع دارفور مجتمع قبلي تتفشى فيه العصبية القبيلة والجهل فقد احتدم فيه النزاع والصراع بين المجموعات القبلية (الشكل 7). أما القبلية والعصبية فتمثل أبغض أنواع الصراع بين البشر وقد جاء الإسلام للقضاء عليها. وقد ركز الإسلام على الأسرة نواة المجتمع والأمة الإسلامية وحارب العصبية القبلية. يقول سبحانه وتعالى في كثير من الآيات: (يَأ يُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1). ويقول جل من قائل: (يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13). ويقول جل شأنه: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم:22). ويقول رسول الهدى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: "كلكم من آدم وآدم من تراب". ويقول (صلى الله عليه وسلم ): "لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى". فليس في الدين قبلية وليس في الدين عصبية والمهم عند الله ليس الصلة بالرحم والعلاقة بالدم ولكن أهم رابط بين الناس هو الدين الحنيف. يقول الحق سبحانه: (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (هود:45-46). والدين الإسلامي واللغة العربية هى أهم القواسم المشتركة بين سكان شمال السودان بما في ذلك دارفور على الرغم من الاختلافات العرقية. وسكان دارفور هم مسلمون 100%. أما سكان شمال السودان المسلم فيشكلون مزيجاً من الدماء النوبية والعربية والإفريقية وثقافة أهل شمال السودان واحدة هى الثقافة العربية الإسلامية. كل هذه القواسم المشتركة تجعل من إقليم دارفور إقليماً لا يتجزأ عن عموم إقليم شمال السودان.

و) الأبعاد الخارجية للصراع:
مما سبق يتضح أن معظم الصراعات والنزاعات على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية هى صراعات على الموارد. ويشتد الصراع العالمي على الموارد التى أشرفت على النضوب مثل مصادر الطاقة. أما معظم الصراعات العالمية فهي بين الدول العظمى المهيمنة على القوة والدول النامية التي تملك الموارد. كما أن معظم النزاعات الإقليمية هي بين دول العالم الثالث والتي تكثر فيها أيضاً النزاعات الداخلية أو المحلية. تحولت أزمة دارفور بشكل متسارع من نزاع محلي كان يتكرر بين القبائل سنوياً إلى صراع إقليمي ثم دولي. ولعبت القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دوراً بارزاً في تدويل الأزمة بناءً على أجندة خاصة بها تدور كلها حول الموارد المعدنية في عموم السودان وخاصة الموارد النفطية. ولعب الإعلام الغربي والمؤسسات غير الحكومية الغربية مثل أوكسفام والأمم المتحدة الدور الأكبر في تصعيد أزمة دارفور والمبالغة في حجمها بهدف تدويلها على الرغم من أن الاتحاد الإفريقي بدأ في إيجاد الحلول للمشكلة وأرسل أول دفعة من جنود حفظ الأمن إلى الإقليم. ودون أن يمنح الاتحاد الإفريقي الفرصة الكافية في التعامل مع الأوضاع سعت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في استصدار قرار من مجلس الأمن (رقم 1593) للضغط على حكومة السودان ولوح القرار باستخدام القوة ومعاقبة مرتكبي الجرائم في المحكمة الدولية مما أعطى إشارات خاطئة للمتمردين وجعلهم لا يرغبون في الوصول إلى حل سلمي مع الحكومة. بهذه الطريقة تم تدويل المشكلة. وقد حدث هذا التصعيد مع السودان في الوقت الذي توصلت فيه القوى الشمالية والجنوبية إلى حل سلمى لمشكلة جنوب السودان وإيقاف نزيف الدم الذي دام أكثر من عشرين عاماً. فكان بإمكان هذه القوى الخارجية تشجيع أطراف النزاع في دارفور للوصول إلى نفس الحل السلمى إذا ما كانت نواياها سليمة وصادقة ولكن يبدو أن الأ مر ليس بهذه البساطة ولا يتعلق بالنواحي الإنسانية ولا الإبادة الجماعية كما يقولون بل يتعلق بالهيمنة على موارد السودان النفطية. ولكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أطماع لها علاقة بموارد السودان عامة وموارد إقليم دارفور خاصة. أما الولايات المتحدة فتطمع في وضع يدها على النفط في السودان وإقصاء الصين التى تحصل على 6% من احتياجاتها النفطية من السودان. أما الاتحاد الأوروبي ممثلاً في ألمانيا فقد دلت دراسات جامعة برلين الاستكشافية في شمال غرب دارفور على وجود كميات كبيرة من البترول عالي الجودة في 13 موقعاً إضافة إلى وجود اليورانيوم والنحاس والحديد الذي يصل تركيزه في الصخر 80%. وتشير دراسات أخرى إلى أن السودان غنى بالمعادن وعلى رأسها النفط عالي الجودة في شماله ووسطه وغربه. وتقول بعض التقارير إن مخزون النفط السوداني سيفوق المخزون السعودي الأمر الذي جعل البلاد محط أنظار القوى الصناعية الكبرى في العالم.
إذاً تداخلات القوى الكبرى في الشأن السوداني لها علاقة بالموارد والحصول على الموارد يستدعي إضعاف الحكومة أو حتى تفتيت البلاد إلى دويلات صغيرة لا حول لها ولا قوة. فسياسة فرق تسد يتبعها الاستعمار قديماً وحديثاً. لهذا كان التصعيد ضد حكومة السودان متعمداً فوصفت الأزمة في دارفور بأنها وصلت إلى حد الإبادة الجماعية للسكان من أصول إفريقية. ومن المسلم به أن الأزمة في دارفور لم تصل بأى حال إلى مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي مثل الذي حدث في رواندا أو البوسنا أو كوسوفو. ويبدو أن أكبر خطأ وقعت فيه الحكومة السودانية أنها فتحت الباب على مصراعيه لعشرات الوفود الأجنبية من أمريكا وأوروبا والمنظمات الدولية والطوعية لدخول دارفور الأمر الذي أدى إلى تصعيد وتضخيم الأزمة. وقد أشارت بعض هذه الهيئات نفسها إلى أن أزمة دارفور لا تصل إلى مستوى النزاع في كل من الكنغو ويوغندا وبالرغم من ذلك لم تهب الأمم المتحدة وتسعى إلى تدويل الأزمتين كما حدث مع السودان. أما اتفاقية السلام بين الحكومة ومتمردي الجنوب فإنها تمهد الطريق لفصل جنوب السودان عن الدولة الأم فلماذا لا يتم فصل إقليم دارفور كذلك خاصة وأنه إقليم غني بالموارد؟ بهذه الطريقة يتم تفتيت السودان ومن ثم إضعافه حتى تسهل الهيمنة على موارده. هذا الأمر يذكرنا بدعوة بيافرا في جنوب شرقي نيجريا للانفصال عندما اكتشف النفط في هذا الإقليم ولكن الحكومة النيجيرية آنذاك رفضت أي تدخل للقوى الخارجية باعتبار أن المشكلة داخلية وقد تمكنت الدولة من السيطرة على الأوضاع وحل الأزمة. ولنا عبرة أيضاً فيما حصل في اليمن. فبعد أن تم الاتحاد بين الشمال والجنوب عاد التمرد مرة أخرى مما جعل الحكومة اليمنية ترفض حتى تدخل الأمم المتحدة باعتبار أن المشكلة داخلية. وقد نجحت الحكومة اليمنية في توحيد البلاد. والمشكلة الكبرى حالياً أن الأمم المتحدة نفسها أصبحت أداة من أدوات البطش لدى القوى العظمى تستخدمها ليس لاستتباب الأمن العالمي ولكن لتحقيق مصالحها (El-Bushra: 2000a)) . وقد تفاعلت حكومة السودان بصورة خاطئة مع مجريات الأحداث واعتقدت أن التنازل يقود إلى حلحلة الأزمة في إقليم دارفور ولكن من الواضح أن التنازل في القاموس الأمريكي يعني المزي د من التنازل ويقود في نهاية المطاف إلى الخضوع الكامل للقوة المهيمنة.

الخاتمة :
يبدو مما سبق أن الصراع على الموارد سيظل ساخناً في المستقبل المنظور وستبقى أبعاده عالمية وإقليمية ومحلية. أما الصراع على الموارد ذات الأهمية الاستراتيجية مثل النفط فتكاد الولايات المتحدة تكون قد حسمت الأمر لمصلحتها وذلك بالسيطرة على منابعه في كل مكان. وهى الآن تسعى أن يكون لها موطأ قدم بالنسبة لبترول السودان. أما أكبر المتنافسين على هذه الموارد الحيوية إضافة للولايات المتحدة هى الصين والاتحاد الأوروبي. وليس من المستبعد أن تشعل الولايات المتحدة في حوالي منتصف القرن الحالي حرباً كبرى ضد الصين في صراعها للهيمنة على الموارد الحيوية والتفرد بقيادة العالم. أما دول العالم الثالث التي لا زالت تختزن الموارد الحيوية التى تحتاجها القوى العظمى فستبقى ضمن المتفرجين الذين ليس لهم دور يذكر في تغير موازين القوى العالمية. وقد يقود تعاظم هيمنة القوى الكبرى على أعمال منظمة الأمم المتحدة إلى انهيارها وذلك بانسحاب الدول النامية منها وذلك في حالة أن تفقد الدول الصغرى الثقة في المنظمة التي أنشئت أصلاً للمحافظة على الأمن والسلم الدوليين. فإذا ما سارت الأوضاع على النحو الذي نقول فإن الوضع العالمي سيكون مرشحاً إلى مزيد من الصراع على الموارد وقد تزيد حدة الصراع بين الدول النامية نفسها وبداخلها خاصة في ظل تزايد أعداد السكان وتناقص الموارد ومن ذلك موارد الغذاء. وقد رأينا كيف أن الدول المتجاورة تتصارع على الموارد الأرضية ومن ذلك المياه المشتركة في الأنهار الدولية أو النزاعات على الحدود السياسية.
ألقى النظام العالمي الجديد بظلاله على فكرة الدولة القومية وكثرت النزاعات المحلية والعرقية كما شاهدنا في حالة دول البلقان والاتحاد السوفيتى سابقاً وفي رواندا ويوغندا والسودان وإثيوبيا. وكأنما العالم يعود إلى العهود الغابرة حيث سادت العصبية القبلية والتفاخر بنقاء الأعراق. فإذا صحت هذه الاستنتاجات فهي بمثابة نذير شؤم على البشرية بما ستؤول إليه الأوضاع من زيادة النزاع والصراع وإسالة الدماء. يقول المصطفي عليه الصلاة والسلام في حديث معناه أنه سيكثر "الهرج" في آخر الزمان. قيل يا رسول الله وما "الهرج"؟ قال: "القتل". والعنف والقتل نراه في عالمنا المعاصر في كل مكان تأييداً لقول المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى.
وبالرجوع مرة أخرى إلى الأزمة في إقليم دارفور نجد أن المجموعات البشرية عاشت في الولاية خلال الخمسين سنة الأولى من القرن العشرين في وئام وسلام دون أي أحداث كبيرة تذكر وكان ذلك بسبب قلة أعداد السكان والحيوان وضبط الأمن من قبل الإدارات الأهلية المدعومة من الاستعمار. ثم زادت وتيرة النزاعات قليلاً في الربع الثالث من القرن الماضي عندما ألغى نظام مايو (1969م)، الإدارات الأهلية ولم يتمكن نظامه الجديد المتمثل في المجالس الشعبية من حل النزاعات بالطرق السلمية بل ساعد هذا النظام في تعقيد المشكلة وذلك بتسيس القبائل بدلاً من السعي لانصهارها في بوتقة الأمة الواحدة. وزادت وتيرة الصراع بين القبائل بعد موجة الجفاف الأخيرة في الثمانينيات من القرن الماضي عندما تدهورت الظروف البيئية نتيجة لممارسات الإنسان الخاطئة في البيئة الهشة. وكان من بين أهم أسباب تدهور البيئة الضغط المتزايد على الموارد الأرضية الشحيحة من قبل الأعداد المتصاعدة للإنسان والحيوان. ففي ظل تناقص الإنتاج المحصولى والعلفي سعت المجموعات المتنافسة من الرعاة والمزارعين إلى زيادة الدخل حتى ولو كان ذلك على حساب المجموعات الأخرى (الشكل 9). وقد حدثت هذه التطورات في الوقت الذي عجزت فيه الأجهزة الأمنية الرسمية من تقديم الحماية للمواطنين مما دفع بالمجموعات المتنازعة إلى مرحلة الاقتتال. ومن الأمور التى ساعدت على جعل النزاع يأخذ طابعاً دموياً تدفق السلاح على الولاية من الدول المجاورة مثل تشاد. فظهر بعد ذلك النهب المسلح وما تبعه من أخذ للثأر. ولعبت القبائل المتداخلة والممتدة بين السودان وتشاد دوراً بارزاً في تصعيد الصراع مما جعل الجميع يحصلون على السلاح حماية لأنفسهم. وقد تكون من بين أسباب تصعيد الأزمة في دارفور انشغال الحكومة بالحرب الأهلية في جنوبي البلاد مما جعل الأزمة تتحول سريعاً من مشكلة محلية إلى إقليمية ثم دولية. ونحسب أن تدويل مشكلة دارفور هو مخطط كبير تقوم به القوى الاستعمارية الكبرى الهدف منه زعزعة الاستقرار في السودان خاصة وفي الشرق الأوسط الكبير عامة لإضعاف الدول العربية الإسلامية ومن ثم السيطرة الكاملة عليها وعلى مواردها.
إن التدخل السافر في شؤون السودان الداخلية أعطى مؤشرات خاطئة لمتمردي دارفور ليجنحوا للعدوان بدلاً من السلم في محاولة منهم للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية بنفس القدر الذي وصل إليه حل مشكلة الجنوب. ولكن قد نسى هؤلاء أن مشكلة جنوب السودان عمرها نصف قرن من الزمان وقد تكون لسكان الجنوب بعض الحجج المقنعة التى لا تنطبق في حالة دارفور. فإقليم دارفور جزء من شمال السودان الذي حقق قدراً كبيراً من الانصهار في بوتقة الأمة الواحدة. والروابط التى تجمع بين أهل شمال السودان عامة كثيرة أهمها الدين الإسلامي الحنيف واللغة العربية والتاريخ المشترك. وهذه قواسم مشتركة قوية تجمع بين أهل الشمال تجعل من الممكن أن يقوموا بحل قضاياهم الخلافية بالطرق السلمية. ونلاحظ أن القوى الخارجية ذات الاهتمام بالشأن السوداني والتي كانت قد ركزت في مشكلة الجنوب على الفروقات العرقية واللغوية والدينية جاءت لتركز في حالة دارفور على الاختلافات الإثنية فقسمت أهل دارفور إلى عرب وأفارقة. وهذه تقسيمات باطلة لا أصل لها في السودان حيث تتمازج الأعراق وتختلط الدماء النوبية والإفريقية والعربية بدرجات متفاوتة ويعيش الناس في وئام وسلام قرون طويلة. فعلى الجميع النظر في القواسم المشتركة والبناء عليها وليس هناك أهم من الدين واللغة في جمع شمل الشعوب وتوحيد كلمتها. أما الذين يسعون لتأجيج النزاعات وتصعيدها فهم ذوو النظرة الضيقة والنفوس الضعيفة والمتطلعين للسلطة والمنفعة الذاتية. ولنا عبرة فيما يحدث في أوروبا التي تتلاحم شعوبها وتتحد رغم اختلافاتها العرقية واللغوية ومذاهبها الدينية وتاريخها الطويل الملئ بالنزاعات والحروب فقد أصبح الاتحاد الأوروبي بعد لملمة الشمل وتوحيد الكلمة قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية كبيرة انضوت تحت لوائه 25 دولة وهناك من ينتظر فرصته لدخول الاتحاد. لماذا هذه الصحوة الاوروبية الآن؟ والجواب أن في الاتحاد قوة. والإسلام هو الدين الذي يدعو للوحدة فلماذا لا نهتدي بهدي النبي الأعظم بدلاً من أن نحاول أن نبحث عن النصرة لدى الاعداء. يقول الحق سبحانه : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة: 2) ويقول جل من قائل: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:92). ويقول صلى الله عليه وسلم ما معناه: "إذا إلتقى المسلمان بسيفيهما أو إذا اقتتل المسلمان. فالقاتل والمقتول في النار. قالوا يا رسول الله هذا هو القاتل فما بال المقتول. قال كان حريصاً على قتل صاحبه". فقتل المسلم لأخيه المسلم محرم وجزاؤه نار جهنم خالدين فيها. يقول الله في محكم التنزيل: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصراع على الموارد: أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية   الصراع على الموارد:  أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية Emptyالسبت مايو 04, 2013 6:06 pm

المراجع :
العربية:
• البشري، السيد (2003م) : مشكلة المياه وأثرها في الأمن القومى العربي، دار النشر، جامعة الخرطوم، الخرطوم.
• رأفت، إجلال (فبراير 2005م): "أزمة دارفور: أبعادها السياسية والثقافية"، المستقبل العربي، العدد 312: 88-111.
• عبدالمقصود، زين الدين (1997م): البيئة والإنسان: دراسة في مشكلات الإنسان مع البيئة، منشأة المعارف، الإسكندرية.
• عبدالله، محمد حامد (2000م): اقتصاديات الموارد والبيئة، النشر العلمي، جامعة الملك سعود، الرياض.
• القصاص، محمد عبدالفتاح (1999م): التصحر: تدهور الأراضي في المناطق الجافة، عالم المعرفة، الكويت.
• كوزى، سعيد علي (2004م): الرعي المتنقل وأثره في البيئة والمجتمع في ولاية شمال دارفور: دراسة حالة محلية كبكابية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الخرطوم.
• محمدين، محمد محمود وأحمد، حسن عبدالعزيز (1981م): الأقاليم الجافة: دراسة جغرافية في السمات والأنماط، دار العلوم، الرياض.
• النحاس، محمد الأمين عباس (فبراير 2005م) : "أزمة دارفور: بداياتها وتطوراتها"، المستقبل العربي، العدد 312: 70 – 87.
• نعمة، كاظم هاشم (إبريل 2005م): "أزمة دارفور: السودنة العروبة والتدويل والأفرقة"، المستقبل العربي، العدد 314: 89 – 110.

الأجنبية
• Barbour, K. M. (1964) : The Republic of the Sudan: A Regional Geography, University of London Press Ltd., London.
• El-Bushra, El-Sayed (2000a): “International Boundries and the New World Order: An Islamic Perspective”, Bulletin of the Egyptian geog. Soc., Vol. 73: 1 – 18.
• El-Bushra, El-Sayed & Taha, M. O. (2000b): “A Model for the Distribution of Waters of International Rivers Among Sharing Countries”, Sudan Notes & Records, # 4: 159-171.


الجدول رقم (1)
تقسيم السودان على أسس المناخ والأرض

المنطقة معدل المطر السنوى بالملم % من مساحة السودان
1- الصحراوية 0 – 75 26.9
2- شبه الصحراوية 75 – 300 18.4
3- السافنا الرملية قليلة المطر 300 – 400 9.8
4- السافنا الطينية قليلة المطر 400 - 900 17.4
5- السافنا غزيرة المطر 800 – 1300 10.6
6- منطقة الفيضانات 800 – 1300 11.6
7- المناطق الجبلية مختلفة 5.4
المصدر : القصاص (1999م).

الجدول رقم (2)
قياس درجة الجفاف حسب طريقة ديمارتون
القيمة الفعلية للمطر =

أو : ق =

طريقة ديمارتون في تحديد درجة الجفاف

القيمة الفعلية للمطر صفة الإقليم الغطاء النباتي
أقل من 5 جاف صحراء
5 – 10 شبه جاف حشائش
10 – 20 رطب نوعاً ما إستبس
20 – 30 رطب حشائش غنية
أكثر من 30 شديد الرطوبة غابات
المصدر : البشرى (2003م).
• القيمة الفعلية للمطر في كبكابية في جنوب ولاية شمال دارفور:
ق = = 10 شبه جاف
• القيمة الفعلية للمطر في أم بياضة في الشمال الشرقي من ولاية شمال دارفور:
ق = = أقل من 4 جاف.

الجدول رقم (3)
تقديرات حجم تدهور الأراضي المستخدمة في الزراعة والمرعى في
المناطق الجافة (المساحة بملايين الهتكارات)


القارة الأراضي الزراعية المروية أراضي الزراعة المطرية أراضي المراعي
المساحة الكلية المساحة المتدهورة % المساحة الكلية المساحة المتدهورة % المساحة الكلية المساحة المتدهورة %
إفريقيا 10.42 1.9 18 79.82 48.86 61 1342.35 995.08 74
استراليا 1.87 0.25 13 42.12 14.32 34 657.22 361.35 55
المصدر : القصاص (1999م).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الصراع على الموارد: أبعاده العالمية والإقليمية والمحلية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حرب على الموارد
» الحروب حول الموارد العالمية
» الصراع على الموارد: إدارة المياه العابرة للحدود
» التنافس الدولي على الموارد الطبيعية في افريقيا بعد الحرب العالمية الثانية
» المغرب العربي التفاعلات المحلية والإقليمية والإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1