أثار مجددا إعلان إثيوبيا عن إنجاز خمسة سدود متتالية على النيل الأزرق، مع مواصلة بناء سد النهضة الضخم المسمى بسد "الألفية"، رغم تحفظات دول مصب النيل، قلق المصريين من تأثير هذه المشاريع على حصتهم من مياه النيل، يتحول معها السد العالي إلى مجرد حاجز تتحكم فيه إثيوبيا. واتهموا أديس أبابا بخرق الاتفاقيات واستغلال ظروف بلادهم السياسية لتنفيذ مشاريعها وإعداد اتفاقية إقليمية جديدة بالاتفاق تلغي اتفاقية 1959، دون مراعاة حقوق دولتي المصب، مصر والسودان، مستنكرين صمت الحكومة المصرية، وطالبوها بالتحرك لإفشال المخطط الإسرائيلي ـ الإثيوبي ـ جنوب السودان، في النيل الأزرق وحوض النيل للإضرار بمصر والسودان، معتبرين الأمر مسألة أمن قومي محض، ما يهدد بعودة التوتر بين مصر وأثيوبيا إلى درجة استعمال قوة السلاح.
وتشير المعطيات إلى أن إثيوبيا ستقوم في سبتمبر المقبل بتغيير مسار النيل الأزرق الذي يمد مصر بحوالي 60٪ من مياهها، وأن سد النهضة سيقلل إيرادات مصر والسودان بحوالي 18 مليار متر مكعب، ويخفض الكهرباء المولدة من السد العالي وخزان أسوان بحوالي 25-30 ٪، مع حرمان ما بين 3 و5 ملايين فدان من الزراعة، ما يعني أن المشروع سيلغى بحيرة ناصر ويهدم السد العالى ويحول النيل من نهر دولي إلى مجرد واد وترعة، وأنه سيؤدي إلى فجوة غذائية تتراوح بين 55 و70 ٪ بالمائة في مصر ستعوض دون شك عن طريق الاستيراد .
واستنكر الخبراء صمت المسؤولين المصريين، الرئيس، الوزير الأول، ووزير الري، تجاه إعلان إثيوبيا التصديق على الاتفاقية الإطارية، التي تم التوقيع عليها عام 2010، ورفضتها دولتا المصب مصر والسودان لتهديدها الأمن القومي، إلى جانب تجاهلهم تصريحات وزير المياه لدولة جنوب السودان التي تفيد بأن بلاده لا علاقة لها باتفاقية عام 1959، وأنها ستنضم إلى باقي دول حوض النيل، ليصبح مجموع الدول الموقعة على الاتفاقية 6 دول، إثيوبيا، إريتريا، أوغندا، الكونغو، جنوب السودان وتنزانيا، ما يمكنهم بعدها من إنشاء المفوضية والتحكم في مستقبل مصر المائي.
وذهب الخبراء المهتمون بالملف إلى التأكيد على ضرورة "تحرك مصر على المستويين الإقليمى والدولى لعرض الآثار المدمرة للسدود الإثيوبية ووقف أي مخطط لتمويل هذه السدود ومنع استخدام المنح والمساعدات الإنسانية لبناء السدود".
وترد إثيوبيا على هذه الاحتجاجات، وعلى لسان سفيرها بالقاهرة، بنفي أي "تورط " إسرائيلي في مشاريعها المائية، وبحق المواطنين الإثيوبيين في بناء سدود لرعاية مصالحهم وتنمية وضعهم، دون أن تكون على حساب حصة مصر أو السودان من مياه النيل. وأن مصر والسودان تحصلان على 90 ٪ من مياه النهر، وأنها تطالب بالتوزيع "المتساوي" لمياه النهر، بينما تطالب مصر والسودان بالتوزيع "العادل" لموارد النهر، وأن اتفاقيات 1959 تجاوزها الزمن.