التاريخ
A bicycle-taxi (velotaxi) in front of the German Bundestag in Berlin with the Alliance '90/The Greens livery for the German federal election, 2005.
2005 election placard against GMOs
ولد حزب الخضر في سبعيانات القرن العشرين عن حركة اجتماعية تكونت كحركة معارضة للمؤسسة السياسية الألمانية وتداعيات سباق التسلح بين القطبين الشيوعي والرأسمالي. وقد تعزز موقعه على ضوء الوعي البيئي الذي إنتشر بين شرائح المجتمع بسبب مخاوف الناخبين الألمان من الأخطار البيئية التي تهدد مستقبل الحياة البشرية. ومنذ بداياته الأولى يتنازع تياران على توجهات الخضر: تيار يساري يميل إلى "الأصولوية اليسارية"، وتيار آخر يميل إلى البراجماتية السياسية ويبحث عن حلول وسطية ونقاط تقارب مع الأحزاب الأخرى. [1]
وينتمي هذا الحزب الألماني المعارض إلى أحزاب الخضر والبيئة الأوروبية، الداعية إلى الربط بين اقتصاديات السوق ورقابة الدولة الصارمة على حماية الطبيعة والبيئة، وحماية حقوق العمال، وتشجيع الأنشطة الاقتصادية البيئية.
وتأسس الخضر رسميا في 13 يناير/ كانون الثاني 1980 بمدينة كارلسروها جنوبي ألمانيا الغربية، وتأسس بعد ذلك بعشر سنوات فرع للحزب باسم تحالف 90 في جمهورية ألمانيا الشرقية السابقة، وبعد سقوط سور برلين وزوال ألمانيا الديمقراطية اتحد الحزبان عام 1992 في حزب واحد حمل الاسم الحالي "تحالف 90 / الخضر".
ويعد الخضر حاليا ثالث أكبر الأحزاب السياسية الألمانية شعبية بعد الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم والحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض، وأظهرت عدة استطلاعات رأي جرت مؤخرا تساوي كفة الخضر والاشتراكي الديمقراطي، وذهبت استطلاعات أخرى إلى تقدم الأول على الثاني في الشعبية.
بداياته
وتعود الأصول الفكرية والسياسية لحزب الخضر الألماني إلى منظمات اليسار وحركات السلام والجماعات الشبابية والطلابية، التي نشطت في مظاهرات بدأت عام 1968 وتواصلت طوال السبعينيات، للتعبير عن معارضة المؤسسة السياسية الألمانية، والدعوة إلى نزع السلاح النووي، ورفض سباق التسلح بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي، ومعاداة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وسيطرت على الخضر في سنواته الأولى ثلاث مجموعات هي الشيوعيون وقادة حركة الاحتجاجات الطلابية في الستينيات وحماة البيئة، وتنازع توجيه الحزب في تلك المرحلة تياران دعا الأول إلى يسارية شيوعية أصولية، ومال الثاني إلى البراغماتية والبحث عن حلول وسط وقواسم مشتركة مع الأحزاب السياسية الأخرى.
وثبت التيار الثاني أقدامه حينذاك في قيادة الحزب ورفض الجمع بين عضوية الخضر وعضوية الحزب الشيوعي الألماني، وتنامت شعبية الخضر في تلك الفترة، بسبب تزامن تركيزه على السلام والبيئة مع انتشار الوعي البيئي ورفض الطاقة النووية بين الناخبين الألمان.
وفي عام 1981 تمكن الخضر للمرة الأولى من تجاوز نسبة 5% ودخل البرلمان المحلي لولاية برلين، وبعد هذا التاريخ بعام دخل الحزب برلمان ولايتي هيسن و سكسونيا السفلى.
وفي عام 1984 نجح حزب الخضر في الوصول إلى مقاعد البرلمان الألماني، وفي خريف عام 1998 حقق الحزب أهم طفرة في مسيرته السياسية بمشاركته للحزب الاشتراكي الديمقراطي في تشكيل الحكومة الألمانية، بعد تحقيقهما الأغلبية البرلمانية المطلوبة في الانتخابات العامة حينذاك.
المنهج السياسية
Federal party convention in Oldenburg; Renate Künast speaking (2005)
Map showing Alliance '90/The Greens vote in each of the German constituencies at the German federal election, 2005
يرفض حزب الخضر وفقا لمنظومته القيمية مفهوم الدولة السلطوية، ويصر على ضرورة المشاركة بالتناوب في تبوء المناصب السياسية وخاصة الحيوية منها لتفادى سوء إستغلال السلطة من أجل تحقيق مكاسب شخصية. هذا الموقف المعادى لهيئات المؤسسة الألمانية كاد أن يخلق أزمة شرعية للنظام الفيدرالي الألماني، وخاصة في حالة حصول ممثلي هذا الحزب على أصوات كثيرة تحولهم إلى قوة سياسية فاعلة في المشهد السياسي الألماني. وقد هيمن نشطاء التيار اليساري في سبعينيات القرن الماضي على توجهات الحزب وبرنامجه، إلا أن الوحدة الألمانية ساهمت في وحدة تيارات الخضر في شرق لألمانيا وغربها. وهكذا انضم تحالف 90 الذي نشأ بعد انهيار ألمانيا الديمقراطية/ الشرقية سابقاً إلى حزب الخضر عام 1993 وشكلاً حزباً واحداً أصبح فيما بعد لاعباً مهماً في عملية اتخاذ القرار السياسي الألماني.
على الرغم من أن هوية حزب الخضر تميل إلى الدفاع عن القيم السياسية التي تسمو على مفهوم القومية مثل حماية حقوق الإنسان والمشاركة الديمقراطية والمحافظة على سلامة البيئة، إلا أن واقع العمل السياسي فرض املاءته وبراغماتيته على عمل الحزب وتعاطيه مع التحديات السياسية مما اضطره إلى الإبتعاد عن تطبيق هذه القيم. وفيما يتعلق بالحملة الإنتخابية الحالية فإن يوشكا فيشر يحاول تعزيز موقع حزب الخضر الذي يتزعمه والذي يعاني من تهاوي لمعنوياته متعهدا بان ينجح الائتلاف الحاكم في الانتخابات القادمة مجدداً. ويتوقع أن تجري الأخيرة بشكل مبكر في 18 سبتمبر/ ايلول القادم. وفي خطاب أمام مؤتمر خاص لحزب الخضر قبل فترة وجيزة حث فيشر أعضاء حزبه على تجاهل استطلاعات الرأي التي تظهر تراجع تحالفهم مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي يتزعمه المستشار جيرهارد شرودر بنسبة 14 نقطة مئوية أمام المعارضة
الحكم والمعارضة
وتبنى الخضر خلال وجوده بالحكم سياسة داخلية ركزت على دعم التعدد الثقافي بالمجتمع الألماني وتسهيل تجنيس الأجانب، ومعارضة فرض رسوم سنوية على طلاب الجامعات، ومحاولة الموازنة بين الحريات الشخصية ومتطلبات الأمن الداخلي.
وفي انتخابات عام 2002 نجح تحالف غيرهارد شرودر ويوشكا فيشر في إيصال حزبيهما الاشتراكي الديمقراطي والخضر إلى الحكم في برلين.
ورغم الشعبية الواسعة لوزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر فإن شعبية حزبه أخذت في التدهور، بسبب موقفه من عدد من القضايا الداخلية والخارجية، كتأييده لإصلاح نظامي الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي الذي أثار سخط الفئات الفقيرة والضعيفة في المجتمع الألماني.
كما فقد الخضر كثيرا من مصداقيته بتأييده لإرسال الجيش الألماني في مهام عسكرية خارج الحدود، وفي عام 2005 خرج الحزب من الحكم إلى المعارضة بعد خسارته مع شريكه الحزب الاشتراكي للانتخابات العامة المبكرة التي جرت في ذلك العام.
ويتبوأ الخضر المرتبة الرابعة في البرلمان الألماني الحالي من حيث عدد المقاعد، وله نواب بالبرلمان الأوروبي في بروكسل وفي كل البرلمانات المحلية للولايات الألمانية، ويشارك الحزب في حكم أربع ولايات ألمانية هي السار وشمال الراين وراينلاند فالز و بادن فورتمبرغ.
توقعات واعدة
و في الانتخابات الأخيرة التي أجريت بولاية بادن فورتمبرغ الجنوبية في السابع والعشرين من مارس/ آذار الماضي أطاح الخضر بالحزب المسيحي الديمقراطي من حكم الولاية التي سيطر عليها منذ عام 1953، وحقق حزب الخضر في هذه الانتخابات نتيجة تاريخية بحصوله علي 24.2% مما أوصل مرشحه فلفريد كرتشمان لمنصب رئيس وزراء الولاية للمرة الأولى في تاريخ ألمانيا الحديثة.
وتوقع استطلاع للرأي أجراه معهد فورسا مؤخرا حصول حزب الخضر على نسبة 28% من أصوات الناخبين الألمان في الانتخابات العامة القادمة المقررة عام 2013، ومن شأن تحقق هذا التوقع أن يؤشر لاحتمال وصول مرشح أو مرشحة للخضر إلى دائرة المستشارية الألمانية....[2]