الجودة السياسية - البلدية الجزائرية: مقاربة وظيفية
02/06/2011
د/ عبد اللطيف بوروبي
أستاذ بقسم العلوم السياسية / كلية الحقوق جامعة منتوري قسنطينة – الجزائر
ملخص:
يرتبط مفهوم الجودة السياسية بقياس مستويات المشاركة في تسير شؤون الأفراد من قبل السلطة،أو من قبل المواطنين بشكل ايجابي أو بشكل سلبي ،فهو مرتبط بالفاعلية أو غيابها في المشاركة السياسية ،أو الاقتصادية ،أو الاجتماعية ،أو الأمنية...بحيث له أشكال عدة من التنظيم منها تلك المرتبطة بالعمل الجواري والذي تعتبر البلدية كنموذج دراسة بالنسبة لمداخلتنا هذه.
تفهم البلدية ، في الجزائر كشكل من أشكال الإدارة المحلية،و كفضاء أساسي للتنمية الجوارية في ظل تعريف، ونشأة، وخصائص و تجزئة للأهداف.تقوم على أشكال عدة مختلفة المستويات من العلاقات التفاعلية،كمستوى أول من التحليل بين المواطن و الوصول إلى السلطة،و بين السلطة وتنظيمها للمواطن كمستوى ثاني، وبين المواطن وإدارته المحلية والمتمثلة في موضوعنا هذا بالبلدية كمستوى ثالث، وبين المواطن وطبيعة النظام السياسي القائم كمستوى رابع، ومن ثم فيه عدة جوانب سياسية،واجتماعية ،وثقافية،واقتصادية، وأمنية تحدد تلك العلاقات.
نحتاج إذن إلى عدة مقاربات وصفية متعددة الاختصاصات لتحديد تلك الجوانب،وكل مقاربة لها أساس نظري حيث تبرز الحاجة إلى تحديدها من خلال صياغة إطار مفاهيمي للدراسة .(مقاربة وظيفية) ،والذي يعتبر المدخل النظري الأقرب إلى الفهم ، فتركيزنا يكون على العلاقة بين البلدية كفضاء جواري أساسي في تنظيم المواطنين ،وحول الجودة في الخدمات المقدمة لهم سياسيا،واجتماعيا ،وثقافيا،واقتصاديا، وأمنيا
Summary
In Algeria, the municipality, a form of a local administration and an essential space for the development of Neighborhood is understood in the light of the definition, the origins, the characteristics and the fragmentation of the goals. Based on the forms of several different levels of interactive relations such as the relationship between the citizen and access to power as a first level, the relationship between the authority and its organization of the citizen as a second level, the relationship between the citizen and his local administration which represents the theme of this paper, the municipality; as the third level, and between the citizen and the nature of the existing political system as the level fourth. Hence, the several of political, social, cultural, economic, and security aspects determine those relationships.
Consequently, to identify those aspects several approaches and descriptive multi-disciplinary are needed where each approach has a theoretical basis that needs for its identification the formulation of a conceptual framework for the study ( Functional Approach) which is considered as the closest theoretical approach to the understanding. Our focus, then, will be on the relationship between the municipality as a space in organizing citizens, and about the true quality of services provided to them politically, socially, culturally, economically, and security.
Key terms: the concept of the municipality, the definition, characteristics, nature of the prevailing political system, the concept of quality, there are several theoretical entrances, the need to select a theoretical basis.
مقدمة:
تعرف الدراسات الحديثة المفسرة لتطور النظم السياسية المقارنة تطورا كبيرا بظهور مفاهيم، وتصورات ،و نظريات جديدة،تصنف ضمن خانة النظريات الحديثة التي تفسر الدينامكية التي يعرفها هذا الحقل العلمي.فظهور مفاهيم مثل المشاركة السياسية ،والهندسة السياسة،و الرشادة ،والجودة السياسية،كاتجاهات جديدة ((new trends في هذا المجال العلمي ،تظهر لنا ما مدي نجاح أو إخفاق هذه النظريات الحديثة ومقارنتها بالنظريات الكلاسيكية في تفسير العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الأنظمة السياسية،وكيفية توزيع القيم داخل المجتمع.
تعتبر الدولة كنظام سياسي الأداة القانونية المخول لها حق تنظيم المجتمع الذي تحتويه (الشعب الذي يعيش على إقليمها)، باعتبارها الوحدة الاجتماعية، وخاصة السياسية الكاملة. فعكس التنظيمات المجتمعية الأخرى الذي تحتويها الدولة فهي منظمة المنظمات، من منطلق أنها تحتوي التنظيمات الأخرى مهما كان شكلها، وليس هناك تنظيم يحتويها. تقوم الدولة كإطار كلي لتنظيم المجتمع، على أركان من إقليم، وشعب، وسيادة، ونظام سياسي، وعلى خصائص من شخصية قانونية وذمة مالية.فهي الأداة المخول لها قانونينا إدارة شؤون رعاياها،حيث تنقسم هذه الإدارة إلى أشكال تختلف من نظام سياسي لأخر ومن فترة تاريخية لأخرى.
تنقسم الأشكال الإدارية للأنظمة السياسية إلى نمطين مختلفين من حيث طبيعة التكوين،و الأهداف. الشكل الأول لإدارة السلطة مركزي ،و الشكل الثاني لامركزي،حيث تعتبر البلدية في الجزائر كنموذج عن لامركزية السلطة في إدارة شؤون رعاياها ،و ركن من أركان الدولة، وكتنظيم جزئي من حيث المكونات الذي تحددها. إن اختيارنا للبلدية كنموذج دراسة قائم على أساس اعتبارها الوسيلة المثلى ،والأقرب لفهم طبيعة العمل الجواري وكيفية الإسهام في التنمية المحلية.
الإشكالية: تتطور الدولة من المجتمع في إطار كلي فهي بناء يحتاج إلى هيكل تنظيمي يختلف باختلاف المجتمعات والأنظمة السياسية من فترة تاريخية لأخرى، و يحدد بمستويات عدة من العلاقات التفاعلية المتعددة الأشكال، من ذلك العلاقة بين المواطن والسلطة كمستوى أول من التحليل لطبيعة العلاقة البلدية حيث نحتاج إلى فلسفة تنظيمية للأفراد والقوانين، بحيث الغاية من أي تنظيم ينبثق عن الأفراد هو خدمتهم، وتقديم لهم خدمات ذات جودة ،حيث ثمة حاجة إلى التطرق إلى مفهوم الجودة السياسية والتي تعنى بقياس التنمية من جانب نظري ،وإسقاطها على الواقع وما مدي إسهام القرار السياسي في تحقيق التنمية الثقافية ،والاجتماعية ،والاقتصادية ،والأمنية للمواطن في ظل حيز جغرافي ضيق والمتمثل في نموذج البلدية الجزائرية ،...من ثم:
& توجد فلسفة تنظيمية للدولة، والمتمثلة في النظام السياسي (السلطة) الذي هو كذلك تصور ذو بعد تنظيمي جزئي ،( فلسفة تنظيمية للمجتمع). & يمكن أن نعتبر أن قياس الأثر والتأثير بين المتغيرين النظام السياسي والإدارة المحلية. ،والمتمثلة في البلدية كمستوى ثاني من التحليل.
&إن وجود عدة مستويات من التحليل قد يكون سببه وجود عدة فلسفات تنظيمية للأفراد، وعدة فلسفات تنظيمية متعلقة بالجانب الإداري ،و للسلطة ،وللدولة فكيف يكون التوازن؟
إن وجود عدة مستويات من العلاقات التفاعلية تجعلنا نتساءل :
-هل النظام السياسي يؤثر على الإدارة المحلية ؟
-هل النمط الإداري والمتمثل في شكل البلدية الحالي يؤثر على النظام السياسي واستقراره؟
-هل النمط الإداري والمتمثل في شكل البلدية الحالي يؤثر على المواطن؟
-هل مواطن البلدية يتأثر بالنمط الإداري والمتمثل في شكل البلدية الحالي ؟
فرضية: فشل النظام السياسي في التحول الديمقراطي بإصلاحات داخلية ،فثمة حاجة إلى إصلاحات خارجية.
يقصد بالإصلاحات الخارجية موجة التحول الديمقراطي التي تعرفها الأنظمة السياسية في العالم ،حيث ثمة حاجة إلى إيجاد صيغة تنظيمية من خلال وضع تصور دقيق لجزء من هذا الكل الذي هو الدولة والمتمثل في البلدية .
منهجية الدراسة:نعتمد في دراستنا هذه على خطة تحليل قائمة على أساس خطة تاريخية ،بحيث تركيزنا يكون على مقارنة وظائف البلدية في السابق مع الوظائف الحالية ،ومن ثم محاولة التنبؤ بتلك المستقبلية.
هذا المقال مقسم إلى جزئين:الجزء الأول يمكن تلخيصه في طبيعة المنظور السائد في تحديد العلاقة بين مفهوم الجودة في الخدمات التي تقدم للمواطن وشكل البلدية القائم حاليا ،والذي يمكن اعتباره عملية اتصالية قائمة على تفاعلات مختلفة بين المواطن والسلطة ،والعلاقة بين السلطة والمواطن ،والعلاقة بين المواطن والبلدية حيث تركيزنا على المحددات الداخلية في هذه المستويات في إطار جغرافي ضيق محصور في البلدية التي يقطن فيها.
الجزء الثاني من البحث يمكن تلخيصه في الحاجة إلى تغيير المنظور السائد ،ومن ثم الحاجة إلى منظور جديد لدراسة العلاقة بين المواطن والإدارة المحلية والمتمثلة في البلدية،والذي يبرز في مجموعة خطوات منهجية والمتمثلة في التغيير في تحديث البلدية ،وفي البنية الهيكلية للنظام السياسي القائم ،والتغيير في القيم السائدة داخل المجتمع،وفي تحديد وقت التغيير.حيث تركيزنا على المحددات الخارجية)في اتخاذ وصناعة القرار السياسي من منطلق أن البحث عن الجودة لا يكون في إطار جغرافي ضيق ،وإنما يكون بإصلاح مهام الدولة .بحيث يكون التفصيل أكثر في هذين الجزئين بالانطلاق من مجموعة محددات أساسية في بحثنا:
- لا نتناول بلدية معينة وإنما النظرية العامة للإدارة.
- إن لم توجد بلديات كيف يكون العمل الإداري.
- لا ندرس النماذج ،والنظريات ،والمناهج لنفسها ،وإنما ندرسها كيف تفهم من قبل الإدارة والإداريين المحليين.
- إن البلدية أداة تخضع للدولة (السلطة ) في تنظيمها ،ومن ثم التحول في طبيعة النظام السياسي القائم تؤثر على الجزء والمتمثل في البلدية.
تنقسم النظريات المفسرة بكيفية توزيع الخدمات داخل المدن ومن ثم البلدية إلى :
- توزيع الخدمات الإدارية
- توزيع الخدمات الصحية.
- توزيع الخدمات الدينية.
بحيث هناك عوامل مؤثرة في التوزيع مثل المواصلات ،والنقل ،ومورفولوجية الأرض(1)
1- المنظور السائد((THE DOMINANT PARADIGM:
المحددات المؤثرة على نشاط البلدية في الجزائر :
يفهم المنظور بأنه تصور فكري سائد في مجال علمي معين حول ظاهرة، أو مفهوم من غالبية المفكريين والباحثين في ذلك المجال في فترة تاريخية معينة.يقصد بالمنظور السائد في دراستنا بطبيعة العلاقة بين البلدية والجودة في خدمة المواطن ، وكيفية فهم وتفسير محددات النظام السياسي الداخلية وكيفية توزيع المهام داخله من زاوية مؤسساتية،و كيفية عملها،ومن ثم نحتاج إلى تحديد مايلي:
مستوى الفاعلية:يقصد بمستويات الفاعلية مختلف المؤشرات المحددة للتنمية سواء المتعلقة بالجانب البشري ،أو المادي ،أو كلاهما.حيث تظهر أهمية هذا العامل في إطار كلي من خلال مختلف المجالات وكيفية توزيع الثروة في المجتمع ،والتي تعتبر البلدية كنموذج دراسة في بحثنا هذا.
تنقسم الفاعلية إلى فاعلية إيجابية ، وفاعلية سلبية، حيث تقاس الأولى لمدى رضا مواطني البلدية على منتخبيهم ومشاريع التنمية،والمشاركة ،والتعبئة والعكس بالنسبة للثانية.
التجهيز: نحتاج في الجانب العمراني مثلا بين منزل ومنزل 8أمتار(الحصة الأرضية المخصصة للبناء يجب أن تبنى فقط بحوالي 60% والباقي تكون مساحة خضراء)ومثلا أن العلو لا يجب أن يتعدى 11متر.ظهر أهمية التجهيز في البحث عن نظرة شاملة للمشاكل المحلية التي تعرفها البلدية الجزائرية من خلال ،إيجاد إستراتيجيات تنموية تقوم على الاعتماد الذاتي (المحلي).لكن هل فعلا القانون مطبق؟
فمثلا التوجه العام لزيادة السكان في الجزائر أنه مثلا كلما زاد عدد السكان ب100 000 ،زادت المساحة الزراعية ب350 هكتار.(2)بكن هل فعلا هناك تماشي بين المؤشر والواقع؟
النقل: تعرف مختلف مدن العالم تطور من حيث السكان والعمران،وقد نتج عن ذلك عدة مشاكل من حيث التجهيز ،والنقل ،والصحة ،والتعليم.والمدن الجزائرية ليست بمنأى عن هذا التطور الحاصل والذي تعتبر البلدية كمعيار للتصنيف والقياس."فالإنسان مثلا يقضي تسع سنوات من عمره في المتوسط داخل المترو ووسائل النقل الأخرى"(3)
إن العلاقة بين النقل والمواطن هي علاقة إرتباطية طردية فمثلا كلما زاد عدد السكان ب500 000 ،زاد عدد السيارات ب150 000 سيارة(4)
إن الحاجة إلى إصلاح طبيعة العملية التنقلية والمرتبطة بجانب النقل والمواصلات المواصلات تتطلب منا الإلمام بمايلي:
- طبيعة الوسائل المستعملة في النقل(سواء كانت حديثة أو قديمة).
- قياس حجم تنقلات الأفراد اليومية (نشاط كبير أو ضعيف).
- قياس المدة الزمنية المتوقعة من مكان الانطلاق إلى مكان الوصول(أهمية الوقت).
- المعرفة الدقيقة بطبيعة توزيع المنشآت داخل البلدية من خلال تحديد طبيعة توزيع السكان، وتحديد توزيع الهياكل المرتبطة بالنشاط التجاري.
- نحتاج إلى المزج بين كل هذه المؤشرات لتخطيط دقيق بالجانب المتعلق بالنقل.
الصحة: تعيش جل دول العالم المتخلف تطورا مذهلا في الجانب السكاني،وإذا ما أخدنا بعين الاعتبار للزيادة السكانية العالمية والمقدرة بحوالي 88 مليون نسمة سنويا ،ستصل هذه الزيادة سنة 2015 إلى حوالي 90 مليون نسمة ،أي أن كل 12 سنة سيزيد سكان العالم بحوالي مليار نسمة/منهم حوالي 75% من سكان المدن الحضرية( 5 ).
كما نسجل اختلال في نسبة التغطية الصحية للمواطنين فمثلا هناك طبيب خاص لكل 137811 في الجنوب الشرقي الجزائري،مقابل 8489 في الشمال الغربي مثلا.(وزارة الصحة والسكان 1998).إذا محتاج إلى تحديد العلاقة بين التطور المذهل للنمو السكاني والرعاية الطبية ،أي نوع من الترابط والتلازم بين النمو السكاني والرعاية الطبية.
التعليم:يرتبط التعليم في البلدية الجزائرية بمؤشرات مرتبطة بعدد المتمدرسين ،وعدد التلاميذ في المدرسة ،وشكل التأطير ،وكل أستاذ و ما يؤطره من تلاميذ في المدرسة.
المنافسة السياسية: ترتبط المنافسة السياسية بمفهوم التعددية الحزبية. فكلما كان التنافس السياسي سواء من حيث الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي، أو الطابع المدني.. أو من حيث الأحزاب السياسية المشاركة في السلطة أو غير المشاركة، كلما ظهر متغير أخر والمتمثل في إمكانية المراقبة
2- المنظور الجديد need of changing paradigm
المحددات المغيرة في نشاط البلدية الجزائرية الآنية والمستقبلية : يعتبر المخطط الخماسي "2010 -2014 بالأكثر طموحا في تاريخ الجزائر للميزانية الضخمة التي رصدتها له الدولة والمقدرة ب 286 مليار دولار ،ومن ثم يجب التحلي بفضائل الحوار والتفهم والرشادة إسهاما في مواصلة تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي وتحقيق الرفاه ،فثمة حاجة إلى وضع ضوابط للعمل.
إن العجز الذي تعاني منه معظم البلديات الجزائرية مراده إلى أسباب موضوعية وأخرى ذاتية.فإذا ما سلمنا أن طبيعة الدولة الجزائرية الغنية يستلزم تطور في جميع المجالات إلا أننا نلحظ العكس،فعدم تحقيق الأهداف المرجوة والمتعلقة بالتنمية للمواطن في بلديته بعود لا محالة إلى الجانب التسييري للقطاع ،كعدم التوفيق بين الإستراتيجيات والواقع المعاش ،وبين القوانين والتطبيق ،وبين المنتخب والمهام المنوطة به.ومن ثم كانت الحاجة إلى تغيير المنظور ومن ثم إلى:
-إصلاح مهام الدولة :الاستثمار والمنافسة:إن مفهوم الاستثمار يدخل في حيز البحث عن تنمية مستدامة ،ولا يكون إلا من خلال :
- السماح لمواطن البلدية بالعمل، والمبادرة في جميع المجالات،والابتكار.
- العمل على تفعيل الاتصال بين المواطنين داخل البلدية .
- يقاس النجاح من خلال أخذ رأي المواطنين داخل البلدية من خلال دراسة ما مدى تأثير المشاريع المقترحة على التنمية داخل البلدية.
- أهمية استثمار مواطني البلدية في بلديتهم
- مسح الديون :تعاني معظم بلديات الوطن من عجز ناتج عن عدة أسباب مرادها خاصة إلى سوء التسيير وأحيانا إلى غياب الإمكانات،ومن ثم كانت الحاجة إلى إيجاد طرق للتمويل.فمثلا مشروع القانون الجديد 2010يخول للبلديات إمكانية الإقراض البنكي، من اجل تمويل مشاريع جوارية مربحة كالأسواق والمذابح، شريطة أن لا يكون تسيير هذه المشاريع خاضعا للجماعات المحلية، وإنما يتم في إطار عملية تنازل أو عقد تسيير بالانتداب لشخص ثالث، مشيرا إلى أنه يفضل اللجوء إلى القرض البنكي عوضا عن المساعدات في مثل هذا النوع من التمويلات، ولا سيما وأن الجماعة المحلية عليها تقديم ملف مفصل حول مشروعها، على اعتبار أن البنك لا يقدم قروضا دون التأكد من مردودية المشروع،و إصلاح الجباية المحلية وهو مشروع مهم جدا بالنظر لعدم كفاية مداخيل النظام الحالي لمرافقة حركية التنمية المحلية، مما يبرز أهمية إقرار الجباية حول النشاط المحلي مع الحث على توجيه المداخيل مباشرة لفائدة الجماعات المحلية. &المنتخب:تكمن صلاحيات المنتخب في تمثيل الدولة في بلديته من خلال العمل الجواري،والعمل على تسخير كل الظروف والإمكانات الممكنة والمتاحة لمواطني البلدية .إلا أن الإشكالية هي عدم استقلالية التصرف في ظل ارتباط ميزانية البلدية بميزانية الدولة،كما أن التفرغ للمجلس البلدي و المحافظة على المسار المهني و الرسكلة من خلال اشتراط مستوى معين من التعليم والكفاءة المهنية في التسيير شروط أساسية للسير الحسن لشؤون البلدية.كما أن للاستشارة الشعبية بين المواطن والبلدية في المشاريع مع إعطاء الأولوية لمواطني البلدية أهمية في العمل الجواري.
&السلطة:إن طبيعة صلاحيات المنتخب أحيانا نلحظ وكأنها ناقصة فمثلا أن صلاحية رئيس المجلس الشعبي البلدي المتعلقة بالأمن في البلدية لم يكن دوما تحت سلطته، بل إن القانون الحالي يمكن له فقط تسخير السلطة العمومية لضمان الأمن.ومن ثم كانت الحاجة إلى إيجاد التكييف القانوني لوظائف رئيس المجلس البلدي في جميع المجالات.
&العلاقة بين المنتخب و السلطة: تعتبر إشكالية كيفية حماية المال العام، جوهر العلاقة بين المنتخب والسلطة.حيث الحاجة إلى إجراء تغيير في النصين أصبح ضرورة ملحة نظرا للمصاعب التي تعترض البلدية والولاية والتطور الكبير الحاصل ضمن المجتمع حيث من شأن هذا التعديل تحقيق التنمية على المستوى المحلي وتزويد هذه الهيئات بالأدوات القانونية الضرورية والإمكانات المالية اللازمة حتى يتسنى لها التكفل بقضايا المواطن ومسايرة التطور الذي تعرفه البلاد.و كيفيات صرف المال العام،وكيفية محاربة مظاهر الفساد كالغش والرشوة كجوهر التحليل.
-المحاكم الإدارية: تظهر أهمية هذا النوع من المحاكم في حالة وجود تعسف، أو سوء تسيير للمال العام ،أو فساد أو رشوة ،وحول كيفية إبرام الصفقات.يجل أن يكون دورها تنظيمي أكثر منه ردعي ،لأن الرقابة في النشاط داخل البلدة تكون بشكل مستمر وليس في أخر العملية .
-تجاوز حالات الانسداد من خلال عدم سحب الثقة من رئيس البلدية في السنة الأولى من العهدة وفي السنة الأخيرة.
-تعيين مراقبين ماليين يعمم على جميع البلديات في 2012 . يجب أن يكون منتخب وليس معين.
&تجسيد مبادئ الحكم الراشد: يكون ذلك بتحديد الأولويات وتحقيق الانسجام في العمل بين الأبعاد الوطنية والمحلية في مجال متطلبات التنمية عبر مختلف جهات الوطن وترشيد مجموع النفقات التي يتطلبها مخطط التنمية حيث من الضرورة الإسراع بتطوير منظومتنا المالية والمصرفية" لاعتبارها من بين الإصلاحات "الأكثر حيوية" بالنظر إلى الوظيفة الهامة والحساسة التي يؤديها هذا القطاع في عملية التنمية الشاملة.
خاتمة
نحتاج في دراستنا للنظم السياسية وتأثيرها على أداء المؤسسات الرسمية في الدولة إلى قياس الأثر والتأثير بين المتغيرات (النظام السياسي والبلدية في دراستنا)،و من ثم فإن تسير البلدية يتطلب تسيرا عقلانيا من خلال التحكم في الاستراتيجيات والتي تقوم على:
&نحتاج إلى مقاربات وصفية متعددة الاختصاصات، ويكون اختيارنا لمقاربة واحدة والتي جاءت في ظل المقاربة الوظيفية.
&أن البلدية وسيلة من الوسائل المنظمة للسلطة تتشابه مع دور المؤسسات الأخرى، (الدائرة والولاية).
& أن القوانين المنظمة للبلدية أحيانا تكون في حركية،و أحيانا العكس.
&نظام العلاقة بين البلدية والمواطن ثابت،والقوانين في حركية .
&أن استقرار البلدية يضمن استقرار النظام السياسي.
&أن أللاستقرار في البلدية يؤثر على النظام السياسي.
&لا يوجد لنموذج بلدية مثالي/وإنما توجد مؤشرات للتنمية.
لتحقيق ذلك ينبغي الاعتماد على الدراسات الكمية (من خلال معرفة كيفية الحفاظ على المال العام ومكافحة الرشوة والفساد) مع الاعتماد كذلك على التنبؤ لمعرفة للاستعداد ومواجه المستقبل من خلال الرقابة الردعية والتنظيمية.
التوصيات:تخص التوصيات النظام السياسي القائم ،و جانب تسيير بلدية بصفة عامة وهي قابلة للتعميم على باقي البلديات نظرا للتشابه.وهي كالتالي:
1_ إعداد مخطط شامل قائم على دراسات علمية (نظرية وتطبيقية)عن كل بلدية،دون نسيان خصوصية كل واحدة.
2-اعتماد نظام مراجعة دوري للمعطيات سواء المتعلقة بالسكان،أو بالتعليم ،والصحة ،والأمن .
3-الاعتماد على الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والتي هي متغيرة نتيجة تغير الظروف، بهدف وضع تصور أني و مستقبلي يتناسب و مشاريع البلدية.
4-خلق هيئة مستقلة عن البلدية مكلفة بالمراقبة المالية، وكيفية توزيع الثروة داخل البلدية يكون منتخب وليس معين
5-إن مشروع البلدية الجديد يعاني من نقص والمتمثل في أنه يركز على المنظور السائد عوض البحث غن معاناة المواطن اليومية والمتعلقة بالنقل ،والمواصلات ،والتعليم ،والصحة ،والرياضة..
إن إشكالية العلاقة بين النظام السياسي القائم والبلدية محددة بعامل والمتمثل في الديمقراطية .إن لضمان تعددية سياسية وحزبية تنافسية ،ولضمان تمثيل نزيه للمواطنين،يجب تفعيل دور المنتخبين المحليين من خلال المشاركة السياسية التنافسية القائمة على التداول على السلطة ،ولا تكون إلا بمجال فكري أخر الذي هو الديمقراطية .إن التحول نحو هذه الأخيرة لا يكون إلا بتفعيل المشاركة السياسية التنافسية التداولية.
الهوامش:
1-أحمد بدوي محمد الشريعي،دراسة في جغرافية العمران،دار الفكر العربي،مصر 1995 ،ص ص 88-95.
2-السكان والبيئة في الوطن العربي ،مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية السكانية في الدول العربية ،1992 ، ص ص، 81-93
3-روبير أوزيل ،فن تخطيط المدن ،ترجمة شعبان بهيج ،منشورات عويدات بيروت 1983.ص 75.
4- السكان والبيئة في الوطن العربي ،مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية السكانية في الدول العربية ،1992 ، ص 89
5-نفس المرجع ص، 92