منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
political_thinker
عضو
عضو



الدولة : العالم
عدد المساهمات : 15
نقاط : 39
تاريخ التسجيل : 21/03/2013

الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Empty
مُساهمةموضوع: الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة   الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة Emptyالجمعة مارس 22, 2013 6:35 pm

الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة

- خيرة الشيباني ،رئيسة تحرير “ أفكار أونلاين ”-تونس

يمثّل الإرهاب في اللحظة التاريخية الراهنة تحديّا عالميا وإقليميا تعكف مراكز القرار البحثي والسياسي على دراسة تجلياته وأسباب نموّه وطرق مواجهته.
وقد تراوحت المقاربات لظاهرة الإرهاب وطرق مواجهتها بين المقاربة الأمنية والسياسية والمقاربة الاقتصادية والاجتماعية، والمقاربة الثقافية والإعلامية.
وغنّي عن البرهنة القولُ إن المقاربة الأمنية والعسكرية لهذه الظاهرة قد فشلت في القضاء عليها، أو حتى في محاصرتها، فبعد أكثر من ثلاثة أعوام من الملاحقة العسكرية والأمنية الدولية والسياسات الامريكية التي استهدفت تجفيف المنابع المالية للمجموعات المتّهمة بالإرهاب، ازدادت مجموعات العنف في العالم، وتعدّدت ساحاتها، وبدا تنظيم القاعدة الذي يُعَدّ أبرز التنظيمات الراديكالية وأوسعها نشاطا وأكثرها استهدافا لعمليات المواجهة، رغم عمليات المحاصرة لأنشطته وقياداته.. بدا قادرا على المُناورة والمُرَاوغة، حيث فشلت القوّات الأمريكية في القبض على زعيمه، كما بدا قادرا على توسيع رقعة نشاطه، وتغيير أساليب عمله، وإرباك خصومه في العديد من المناسبات، وأكثر شراسة في تأكيد حضوره وفرض التعامل معه خصوصا مع انتشار أسلوب ذبح الرهائن بعد خطفهم، او مساومة دولهم على تحريرهم، وهو ما يحقّق لهذا التنظيم وللحركات الراديكالية المماثلة المزيد من المكاسب السياسية والأدبية التي توظفها في ساحات الصراع الدولي.
كما أن العديد من الشكوك ثارت حول مدى فاعلية المقاربة الاقتصادية والاجتماعية لظاهرةٍ لا جغرافيةَ محدّدةً لها، ومع فصائل ومجموعات متحركة تقودها قيادات قادمة في الغالب، من أوساط مُتْرَفة.
وقد بدأت الادارة الامريكية، التي تقود الحملة الدولية على الارهاب، تعي هذه الحقيقة، حيث عبّر وزير خارجيتها رامسفيلد عن ضرورة خوض "حرب الأفكار"« لتقويض أركان هذه المجموعة، واتّجهت الادارة الأمريكية إلى رسم سياسات ثقافية وإعلامية للتصدّي للإرهاب، ومن ذلك الاستثمار في مجال الإعلام، ببعث فضائيات تلفزيونية وإذاعية موجّهة للعرب، فضلا عن دعوة الحكومات العربية إلى إصلاح منظوماتها التربوية والتعليمية في اتجاه القطع مع الأنساق الفكرية والقيمية التي تساهم في تفريخ المجموعات الإرهابية.
والواقع أن الاقتصار على معالجة واقعة الإرهاب من خلال واجهة الحدث الأمني والسياسي اليومي لا يمكن إلاّ أن تصعّد من وتائر ردود الفعل غير المدروسة للحركات الراديكالية وإفشال كل السياسات الذاهبة إلى تطويقها، لذلك يقتضي هزم المشروع الإرهابي، في تصوّرنا، الذهاب إلى مصادره الثقافية والفكرية قصد الوقوف على اضطراب بُناها وتناقضاتها ولا تاريخيتها، وانغلاقها، كما الوقوف على عجزها عن ترتيب مستقبل الجموع التي تدّعي الحركات الإرهابية النطق باسمها وذلك قصد تقويضها بنشر ثقافة بديلة قادرة على تحفيزنا للخروج من مآزقنا الحضارية الراهنة.
إن المقاربة الثقافية للإرهاب هي أساسا مسؤولية الفكر العربي والإسلامي وبالتالي مسؤولية العاملين في الحقل الإعلامي من مفكّرين وباحثين وكتّاب، قبل أن تكون مسؤولية الفكر الغربي أو السياسات الأمريكية. فالعرب والمسلمون هم أولى ضحايا هذه الظاهرة، حاضرا ومستقبلا، من جهة تعطيل مساراتهم التنموية ومصادرة مستقبل أجيالهم، وزعزعة استقرار بلدانهم، أو من جهة تشويه منظومتهم العقدية الإسلامية القائمة على حرية التديّن، ومسؤولية الفرد، وعلى التسامح والاعتراف بالآخر.
وتستوجب مقاربتنا الثقافية لظاهرة الإرهاب، الانطلاق من ملاحظتين أساسيتين، تخصّ الأولى مدى هيمنة موضوع الإرهاب على المشهد الاتّصالي العربي والدولي، وتخص الثانية مدى تعاظم سلطة الإعلام في الفترة الراهنة. كما سنعمل في مرحلة ثالثة على تقديم المحدّدات الأساسية لثقافة الإرهاب، قبل ان نقترح بعض ملامح ثقافة تنويرية بديلة للتصدّي لهذا البلاء العربي والعالمي.
1) هيمنة موضوع الإرهاب على المشهد الاتصالي العالميّ :
تحوّل موضوع الإرهاب بعد إحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى تيمة قارّة في الإعلام العربي والدولي. ومع أن التطرّف الإسلامي ليس بالجديد على الساحة الدولية، وعلى الرّغم من أنّ مسرحه الأساسي هو البلدان العربية نفسها، إلاّ أن التحليلات والتعليقات السياسية والكتابات الصحفية قد ذهب أغلبها تحت هول صدمة الحدث المثير إلى تحميل ثقافة بأكملها، ومنظومة عقدية بعينها مسؤولية الزلزال الذي استهدف بُرْجي نيويورك. ومنذ الأيام الأولى للحادث الإرهابي، ان لم يكن منذ مرور الساعات الأولى على حدوثه انزلقت الرؤية الغربية من المقاربة السوسيولوجية والاستراتيجية للإسلام إلى المقاربة الثقافية التي رأت في الإسلام كلّه، لا في أصولياته المنبوذة ككل الأصوليات في الأديان والثقافات الأخرى، كتلة لا تاريخيّة منغلقة لم تُنْتج إلاّ قمع الحريات الفردية والعنف والإرهاب والتسلّط، ولم تَقُدْها صدمة الحداثة إلاّ إلى الحقد على الغرب وقيمه ومكتسبات حداثته، وهو ما يفسّر حسب هذه القراءة الثقافوية ما نراه من صدام بين الشرق والغرب، كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر إحدى مظاهره الدامية.
وقد ساهم في هذا التبسيط والتعميم الذي انجرّت إليه أغلب وسائل الإعلام الغربي في التعامل مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ومع تداعياتها من أسماهم الباحث الفرنسي فإنسان جيشير بالمثقفين الإعلاميين الذين انزلقوا من الدرس الأكاديمي الرصين إلى الكتابات التبسيطية التضليلية عن الإسلام مستفيدين في ذلك من سياقات التوتر والقلق والخوف الذي تعيشه المجتمعات الغربية، منذ الثمانينات أو ما يمكن تسميته بالرّهاب الإسلامي Islamophobie وهو رُهاب قائم على المماهاة بين الإسلام والإرهاب ممّا سمح بتداول موضوعة الإرهاب في المشهد الاتصالي الدولي، كما ساهم في هذا الحضور الإعلامي الطاغي لهذه الموضوعة العديد من الخبراء الاستراتيجيين الأمنيين مثل الفرنسي ألكسندر دي فال صاحب كتاب "الاسلاموية والولايات المتحدة تحالف ضدّ أوروبا» الذي يحرص على نشر أعماله على المواقع الإسرائيلية أو المؤيّدة لإسرائيل على شبكة الانترنيت، وروني مارشان صاحب كتاب: »فرنسا وخطر الإسلام» وغيرهم من الباحثين الذين لا يخفون علاقاتهم بدوائر الخبراء العسكريين والأمنيين، كما لا يخفون كراهيتهم للإسلام، وتقديمه كنقيض للنموذج الغربي فكرًا وقيمًا ومؤسساتٍ.
ولاشكّ ان هذا الخطاب التبسيطي والحاقد على الإسلام قد شرّع لغُلاة الأصولية الإسلامية الردّ على هذا الخطاب التهجّمي كما سهّل عليهم اختراق الحركات والتيارات الشعبية وأجيال من الشباب دأبت على التعلّق برموز الماضي استعاضة عن بؤس الحاضر، وهي بسبب افتقارها للوعي التاريخي تجد في التطلّع إلى الوراء بديلا عن المستقبل. وقد سهّلت العديد من وسائل الإعلام العربية للحركات الإرهابية تمرير خطاباتها المنغلقة والمشرّعة للعنف بدعوى تقديم المعلومة أو الرأي الآخر ممّا يحمّلها مسؤولية كبرى في رعاية الإرهاب ونشره وتحقيق شروط ذيوعه واستمراره.
كما ان مواصلة تعرّض الشعب الفلسطيني للمجازر الإسرائيلية وقيام بعض فصائل المقاومة بالرد عليها بالعنف ثمّ انفجار دائرة العنف والفوضى في الساحة العراقية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، فضلا عن مطاردة بن لادن بعد القضاء على حكومة طالبان، كلّ هذا قد ساهم في جعل موضوع الإرهاب موضوعًا قارًا في الخطاب الإعلامي العربي والدولي، وفي الدعاية بشكل مباشر أو غير مباشر للحركات الإسلامية المتطرّفة وتقديمها كممثلة شرعية للثقافة والدين الإسلامي، مما ضاعف من موجات الكراهية والعداء للعرب والمسلمين في الغرب، ومن مُمَاهاته بين الإسلام والإرهاب وخسارة جُزْءٍ من الرأي العام الدولي الداعم للقضايا القومية العربية العادلة.
وما يمكن ان نخلص إليه من هذه الملاحظة الأولى ان التغطية الإعلامية المتواصلة للأنشطة الإرهابية وعرض مواقف أصحابها قد عزّز الاستخدام المتداول لأساليب العنف والاغتيال، وسهّل على الحركات الإرهابية - وما يعنينا منها هنا هو الحركات الإسلامية المتطرفة - تمرير خطاباتها مستفيدة في ذلك من قيم الغرب في حرية الرأي بعد ان مكّنها هذا الغرب ذاته، قبل أحداث 11 سبتمبر، من فرص تنظيم شبكاتها ودعم وسائلها، وبعد ان قدم لقادتها الحماية السياسية لتنفيذ مشاريعهم الظلامية التي تستهدف ضرب خطوات مجتمعاتها الحثيثة نحو القضاء على الجهل والفقر والتبعية.
2) تنامي سلطة الإعلام والاتّصال :
لقد غيّرت ثورة الاتصالات الحديثة المشهد الإعلامي والاتصالي العالمي حيث تعدّدت القنوات الفضائية وتعمّمت شبكات الانترنيت وتطورت وسائل الطباعة الحديثة بحيث بامكان صحيفة واحدة ان تطبع في القارات الخمس في نفس اللحظة وبذلك اتسع تأثير وسائل الإعلام وتعاظم بشكل لافت، كما ان انهيار المنظومة الاشتراكية واستفراد مجمّعات متكتلة اقتصادية ومالية بالسوق العالمي والولايات المتحدة بالقرار السياسي الدولي، كل هذا قد جعل وسائل الإعلام تتخلى تدريجيا عن وظيفتها التقليدية كسلطة رابعة مضادّة، لتتحوّل إلى سلطة خامسة، بل إلى سلطة أولى كما يقول أحد الباحثين هو الدكتور المازري حدّاد: و"هذه السلطة الإعلامية المخيفة بقوّتها والمرعبة بهيمنتها لا تواجهها أية سلطة مضادة ناجعة ولا أي نفوذ قادر على تقويمها وإصلاحها وتأديبها ومعاقبتها عندما تخطئ"«، كلّ ذلك يتمّ باسم حريّة الإعلام، في حين أنه، كما يضيف الدكتور حدّاد: "بامكان صحفي صغير مبتدئ في المهنة ان يحطم حياة رجل دين، ويمكن له ان يُحْدثَ انهيار مؤسسة ويمكن كذلك للصحفي ان يكون محرضا على أبشع وأشدّ حملات الدعاية ضررًا»(1)".
ان هذا التحول الكبير في وسائل الإعلام من سلطة رقابة على الحكومات وضمير للمجتمع، إلى سلطة نفوذ غير محدودة قد تم بسبب نسيج العلاقات الممتد الذي أصبح يربط القائمين عليها وإعلامييها بمراكز صنّاع القرار السياسي والعسكري والاقتصادي وما يمليه هؤلاء من سياسات وتوجهات إعلامية تقع في نطاق نفوذهم ومصالحهم واستراتيجياتهم ومن ضمنها وضع وسائل الإعلام والاتصال في دائرة تأثيرهم (2).
وفي رأي الأستاذ ماتلار أصبحت وسائل الإعلام، في ظل تشابك المصالح وهما أكثر مما هي حقيقة، لأنها فقدت استقلاليتها وموضوعيتها، وتحولت، باستثناء القليل منها، إلى منابر للدعاية ولتضليل الرأي العام الوطني والدولي.
وتعتمد عملية التضليل هذه العديد من التقنيات المعروفة والمستحدثة مثل تسريب المعلومات الخاطئة، والإشاعات الكاذبة والتلاعب بالمصادر وبالصور، والمعالجات الصحفية المتحيّزة وعمليات الأبلسة، والإيهام بالموضوعية وغير ذلك من التقنيات التي تواتر استعمالها من قبل وسائل الإعلام الغربية (3) وأخذتها عنها بعض الفضائيات العربية، في تغطية الحرب على العراق، أو الوضع في الأراضي المحتلة أو في التهجم على بعض الحكومات العربية، وخاصة من قبل بعض الجمعيات غير الحكومية الأجنبية التي تدافع عن مشاريع ظلامية باسم منظومة حقوق الإنسان.
ولقد تفطن العديد من المفكرين والإعلاميين الغربيين إلى هذا الانحراف في وظيفة وسائل الإعلام والى تواطئها مع سلطة المال والسلطة السياسية والى دورها التضليلي الكبير وعبّروا عن تخوفهم من هذه السلطة التي لا تحدّها أية سلطة أخلاقية ولم تعد تحكمها أخلاقيات المهنة، ومن هؤلاء المفكرين نجد المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه الذي يقول: "ان الصحفيين يخيفونني ويربكونني.. أني أخاف من السلطة التي يمتلكونها، بمعنى آخر إنني أحسّ بذات الشعور الذي يمكن أن نحسّه أمام محققي التفتيش في القرن الثالث عشر أو أمام أساتذة القرن الثامن عشر.. إنهم أناس قادرون على إدانة وتكفير وتحطيم بشر بالكلمات أو بالصور» (4).
ولا شكّ أننا نحتاج إلى وضع هذا الواقع الجديد نصب أعيننا ونحن نتحدث عن دور الإعلام العربي في مواجهة التحديات الراهنة، وعلى رأسها ظاهرة الإرهاب التي تقودها الحركات الإسلامية المتطرّفة التي فشلت في تطوير حُدُوسِ مفكري النهضة الأولى الذين كانت تشغلهم قضية التقدم والأخذ بأسباب التطوّر، فقدمت لنا خطابا هزيلا موصولا بزمن لا علاقة له بمتطلبات زمننا، ولكنها نجحت في توظيف وسائل الاتصال الحديثة، ومن ضمنها بعض الفضائيات العربية، لنشره والحصول من خلاله على بعض التعاطف الضمني لدى فئات شعبية بسبب شعورها بالقهر والغبن والظلم، وبازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا العربية. ولعلّ خطورة هذا التأييد والتعاطف ان الشباب، بحكم تعليمهم وفوْرة سنهّم، هم أكثر التقاطا للأدوات النظرية والتعبويّة للإرهاب، وأكثر ضحايا عمليات التحشيد والتجييش، واحتفاءً بثقافة الموت المشهدية، ولا أدلّ على ذلك من الحوادث الإرهابية التي جرت خلال الأيام الماضية بالقاهرة.
3) محدّدات ثقافة الإرهاب :
تقتضي الموضوعية العلمية ان نتحدّث عن الإرهاب الإسلامي بالجمع لا بالمفرد، لأن التيارات التي تدعو إليه وتمارسه تيارات متعدّدة، وبين مختلف فصائله معاركُ حول تأويل النص، واختلاف حول التركيز على معركة الداخل والخارج، وتسفيهٌ لمقولات هذه الحركة أو تلك، ولكن هذه التيارات على اختلافها تشترك في أربعة محدّدات هي التالية :
أوّلا: النظرة الاقصائية إزاء المختلف الداخلي والخارجي
غالبا ما تكون هذه الحركات المتطرّفة قد نشأت خارج الحركات والأحزاب التاريخية وأطرها، وهي تعتبر هذه الأخيرة مهما كانت درجة مقاومتها للحكومات أحزابا وحركات متهاونة، غير ذات فاعلية في محاربة الخصم، الداخلي والخارجي، وهي تعمل حسب تقسيمة "دار الإسلام"« و"دار الحرب"«، فأهل "دار الحرب"« في خطابها، دار الكفار والملاحدة، وتقتضي الجهادية محاربتهم لا فقط في الداخل عندما تأتي قوّاتهم غازية مهيمنة، بل محاربتهم في مواقعهم ودولهم. ولا نحتاج إلى الوقوف طويلا عند هذه التقسيمة التي تجسّد طابعُها المركّز والعنيف في خطابات بن لادن ورسائله إلى الإدارة الأمريكية.
أما عن إقصائها للمختلف الداخلي فيتمثل خاصّة في احتكارها التعبير عن مصالح الأغلبية أو الجماعة لأن هذه الجماعة جاهلة ومغتربة ومُضلّلة إمّا من الحداثة الغربية أو من طرف الأحزاب العلمانية التي حكمت البلدان العربية خلال العقود الأخيرة، ويقتضي تحرير هذه الجماعات تعبئتها إيديولوجيا وشحنها ضدّ أعداء الخارج وأعداء الداخل من "الحكومات المستبدّة»" وتتمّ هذه التعبئة من خلال الترويج للشعارات ولخطابات الدعاية والتضليل وعبر أسطرة الماضي وشحن النفوس بالكراهية ودعوتها إلى التمرّد خارج أطر الشرعية القانونية والسياسية، وفي اتجاه الحلول وردود الفعل الاطلاقية والراديكالية، في حين ان الواقع، هو أشدّ تعقيدا من تصوّراتهم.
ومن المفارقات ان بعض هذه الحركات تذهب في نظرتها الاقصائية إلى حدّ رفض مثيلاتها من الحركات الإسلامية المتطرّفة لأنها مختلفة عنها مذهبيا، حيث يرفض الشقّ القاعدي السنّي في العراق مثلا التيارات الشيعية وبذلك أصبحت ساحة الصراع العراقية أكثر انشقاقا واحتِدَامًا. ولا نحتاج إلى دليل لإبراز مواقف الحركات المتطرّفة الإقصائية للمرأة، فَفقْهُ التحريم والتجريم الذي تؤسّس له هذه الحركات حافلٌ بما يُخرج المرأة العربية المسلمة من دائرة الإنسانية، ومن دائرة التكريم والتبجيل التي نزّلها ضمنها النصّ القرآني، كما يُخرجها من دائرة التجربة الحضارية التاريخية للمرأة العربية التي ساهمت عبر التاريخ في حمل قيم الدين ورعايتها، كما دافعت عن الأوطان وكرامتها. والسجون الإسرائيلية التي تعجّ بالنساء المناضلات الفلسطينيات خير دليل على ذلك.
ولعلّه من المفارقة أيضا ان بعض المنظمات غير الحكومية الغربية خاصة، تدافع باسم حقوق الإنسان عن »حق» هذه الحركات في التعبير عن أطروحاتها الظلامية الماضوية ومنها إقصاء المختلف وسلب المرأة حقوقها الأساسية التي نصّت عليها المواثيق والتشريعات الدولية التي تمثل إطارا مرجعيا قانونيا للمنظمات الحقوقية.
ثانيا: فكرة الحاكمية
لقد برزت فكرة الحاكمية في النصف الثاني من القرن العشرين في كتابات أبي الأعلى المودودي وسيد قطب ثمّ تلقفتها بقية الحركات الإسلامية التي مثل مشروع إقامة الدولة الإسلامية الدينية مشروعها المركزي. ويقوم المشروع بدوره على مفارقة كبيرة، فهو من ناحية يتكلم باسم الجموع المقهورة ويستمد منها شرعية وجوده، ولكنه يغيّبُ تماما فكرة سلطة الشعب، أو - بتعبير هذه الحركات - الجمهور أو الجماعة، فلا سيادة للشعب ولا دور للجماعة المؤمنة في حمل أمانة الإسلام، بسبب الجاهلية التي يعيش فيها هذا المجتمع، وبسبب وقوعه تحت تأثيرات الحضارة الغربية، واستلاب الأنظمة الحاكمة وإيديولوجياتها الاشتراكية أو القومية أو الليبرالية.. وغنيٌّ عن القول أن الحركات الإسلامية بتضحيتها بمرجعية الأمة، وسيادة الشعب تضحّي بفكرة الديمقراطية التي تكفل قيام الحق والقانون وترسيخ مبدإ المواطنة كأساس للتعامل بين جميع أطراف المجتمع والسلطة، مفهوما مركزيا في الممارسة السياسية المعاصرة ومفتاحا أساسيا من مفاتيح الإصلاح والتحديث السياسي والتنمية الشاملة.
ولا شك أن ما شهدته بعض الحركات الإسلامية ومن ضمنها الجماعة الإسلامية في مصر، أخيرا من تراجع عن تجاهل المشاركة السياسية للشعب، من حيث تمييز هذه الجماعة بين المرجعية العليا الدينية وبين مرجعية السلطة التي تدير شؤون المجتمع، وبالتالي إقرارها بأن مرجعية الشريعة لا تتنافى مع الديمقراطية وآلياتها الإجرائية من انتخابات وغيرها.. لا شكّ أن كل ذلك مثّل اعترافا صريحا بالقصور النظري لفكرة الحاكمية ولا واقعيتها، وعدم استيعابها للتجربة التاريخية الإسلامية حيث لم تكن الدولة الدينية براديغما للحكم، بل كان الدّين مكوّنا من مكوّنات الهوية والثقافة والحراك الاجتماعي والتاريخي.
وقد أدّى مفهوم الحاكمية الذي يقوم على فكرة إعادة الدين إلى المجال العمومي، والخضوع لأحكامه، وتطهير المجتمع الإسلامي من كلّ شوائب الحداثة الغربية إلى تعميم فكرة الجهاد في الداخل والخارج، وصولا إلى فكرة "الولاء والبراء»" التي انبنت عليها خطابات بن لادن.
ثالثا: النزعة الماضوية المعادية للحداثة
يمثل التماهي المستحيل مع الماضي ممارسة لصيقة بالفكر السلفي المتطرف سواء في علاقته بالنص الديني تأويلا، أو في مواقفه من شكل إدارة المجتمع الإسلامي الذي يطمح إلى تحقيقه، فعلى مستوى قراءة النصّ الديني وتأويله كمرجعية أساسية للحركات الإسلامية نجد أنماطا، كما يقول الدكتور عابد الجابري، من "التكييف الايديولوجي"« (5) للآيات القرآنية، ومن ذلك سكوت تلك الحركات ومنظريها عن مناسبات الآيات، واللجوء الى التعميم وتوظيف مسألة النسخ والعموم. وضمن هذا المنظور قرئت يات القتال. ووظفت توظيفا سيئا في ترتيب العلاقة مع الآخر، وتلك التي تحدّد الموقف من المرأة كما هو الشأن في قضية تعدّد الزوجات والطلاق وغيره. وهذا التوظيف - كما يقول الدكتور الجابري – "يخضع لما تودّ هذه الحركات تقريره، وليس لما يقوله أصحاب الاختصاص من مفسّرين وأصوليين وفقهاء» (6) ولا شك ان هذه الممارسة التأويلية تقطع مع اجتهادات روّاد النهضة الأوائل مثل محمد عبده وعلي عبد الرّازق وقاسم أمين، والطاهر الحدّاد او الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسيره للقرآن الذي أعطاه عنوانا دالاّ وهو "التحرير والتنوير"«.
ان الفكر المتطرف الذي يختزل نفسه في الذاكرة ويمارس القمع الذاتي للعقل في حركته لفهم الماضي والحاضر، والمستقبل وادراك الجدلية القائمة بين هذه اللحظات الزمنية.. ان هذا الفكر، يغترب في الواقع، عن لحظته التاريخية الراهنة، وهو يعجز عن ادراك النصّ الديني في علاقته بالاجتماعي المتحرك والتاريخي المتغيّر، وعندما يحوّل الشريعة، بمقاصدها الروحية العميقة الى خطاب غيبيّ لا يخرج عن ثنائية الخير والشرّ، والحلال والحرام، والايمان والإلحاد.
وقد أهدر هذا الخطاب بانغلاقه على النصّ في ثباته وسكونيته خارج تطور المعرفة ومناهجها، وخارج مقتضيات العصر وحاجاته، فرصا لمحاورة الحداثة ومعايشتها كما حاول ذلك مفكرو النهضة عندما اجتهدوا في الوصول الى المسك بمفاتيحها الأساسية كالتعليم، وتحرير المرأة، وارساء المشاركة السياسية من خلال ما بدا لهم من أشكال التنظيم السياسي الحديث لمؤسسات الدولة في عصرهم.
والواقع ان تخلف مؤسسات التعليم الديني في معظم البلدان العربية - ولعلّنا نجد استثناء وحيدا في تونس التي نجحت في إقامة منظومة تربوية حديثة ساهمت في تطوير الدراسات الاسلامية بجامعة الزيتونة - وأسطرة السلف وتقديسه لم يساعدا أحدا من الحركات الاسلامية المتطرفة او حتى التي تعدّ »معتدلة» في عملية الاستيعاب هذه خلال العقود الاخيرة، ولا التسلح بالادوات المعرفية الكفيلة بالوقوف على ممكنات النصّ الديني ودلالاته اللامتناهية، وقراءته من خارج هذه الرؤية السكونية الايديولوجية التي تكرّس عطالة العقل، وتقدّم إسلاما غير الذي نعرفه - كما يذهب الدكتور السيد رضوان - سواء في نشأته الأولى، أو في تطوّر رسالته واتساع تجربته وتنوّعها وتجرّدها عبر المكان والزمان.
رابعا : ان هذا الفكر الذي لا يحتمل المختلف دينيا وثقافيا، وحتى مذهبيا، والذي يرى في الخروج عن مألوفه وموروثة خروجا عن الدّين والملة.. يعيش هذا الفكر - وهذا هو المحدّد الأخير للإرهاب - ضمن تصوّر انغلاقي على المجتمع والدولة حيث يشتغل حسب آليات التحجير والتكفير التي طالت صانعي الحياة والإبداع، وتكفير المجتمعات الإسلامية باسم الإسلام الذي كان حريصا في نبذه للإكراه وتبجيله للإنسان وتكريمه، وفي دعوته للتضامن بين أبناء الإنسانية الواسعة، أبناء الشعوب والقبائل حسب التعبير القرآني، من رجال ونساء.
4) الثقافة البديلة :
يقول المفكر الغربي تودوروف في كتابه الجديد »الأمل والذاكرة» ان الشمولية هي أسوأ المنتجات التي انفرد بها القرن العشرون. ومأساة الشمولية هي في تعويلها على القوّة والعنف.
وفي الواقع نجح الغرب في تصفية أنظمته الشمولية، فيما شهدت نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحالي تعاظم الحركات الإسلامية المتطرفة في جغرافيتنا العربية الإسلامية. ومأساة هذه الحركات أنها، في انغلاقها وراديكاليتها، وعنفها المشهدي تسحق الأبرياء أكثر مما تسحق المذنبين وأنها تضحي دائما بإنسان الحاضر أملا وتوجها نحو تحقيق مستقبل أفضل، لأنها في الواقع لا تمتلك الأدوات المعرفية لتحقيق هذا المستقبل الذي تراه في الماضي بل أنها تعجز حتى عن استكناه المعنى الحقيقي لبعض اللحظات المؤسسة والفاعلة لهذا الماضي.
ان مسلسل الخسائر التي أحدثتها هذه الحركات في بلداننا العربية والإسلامية يقتضي منا اختراق ثقافة هذه الحركات التي تفكر بالماضي أكثر مما تفكر بالحاضر والمستقبل، والتي تحتفي بالموت أكثر مما تحتفي بالحياة، والتي تتكلم باسم الجماعة فيما تشكّك في أهليتها وفي مشروعيتها الدينية وبالتالي السياسية، فالمجتمع جاهل ومغترب وبالتالي لا يمكن لهذه الجماعة المغتربة في رأي تلك الحركات أن تكون شريكا في ممارسة السلطة كما تدعو إلى ذلك الأنظمة الديمقراطية والتي نجحت في النهاية كما يقول المفكّر السيد رضوان في تغيير وجه الإسلام الذي نعرفه وفي تحويل الإسلام إلى مشكلة عالمية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، عندما انطلقت الحملة العالمية على الإرهاب، وترسّخت الهيمنة الأمريكية في المنطقة تحت حجة مقاومته.
إنّ اختراق هذه الثقافة التي ولّدت التعصّب والكراهية والإرهاب، وتقويضها لا يمكن ان يتم إلا على ارض مرجعيتها الدينية والعقل الذي يحرّكها. ولا يتم ذلك إلا بالعمل على جبهة الإصلاح الديني والتنوير الثقافي، دون أن يبعدنا كلّ هذا عن جبهة الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي فالحركات المتطرفة وخطابها الإرهابي هو في الواقع نتاج الجمود الفكري والعقائديّ الذي كرّسته المنظومات التربوية والمؤسسات الدينية العربية على مدى عقود طويلة، بعد أن حوّلت الموروث الديني إلى سلطة كابحة للفكر، وبعد ان فشلت في مواصلة الجهود التي بدأها مفكرون مثل محمد عبده ورشيد رضا، وفرح أنطون وقاسم أمين وعبد العزيز الثعالبي وخير الدّين باشا والطاهر الحدّاد في تونس وغيرهم كثيرون ممّن تجرأوا على خوض تجربة إصلاحية جريئة تطلبتها مصلحة الدين والأمة واعتبارات لحظتهم التاريخية. وتقتضي لحظتنا التاريخية ان نربط الواقع الديني بأسئلة الواقع الاجتماعي وبمقتضيات الحداثة والتعايش مع الآخر وذلك في ظل الاعتراف المشترك والتضامن الإنساني لمواجهة تحديات هذه اللحظة، وكل هذا يقتضي منا ممارسة النقد الذاتي بوصفه تفجيرًا للطاقات وتوسيعا لمجالات العقل مما يمكننا من تشخيص مشكلات اللحظة التاريخية الراهنة تشخيصا واقعيا وعقلانيا وفتح الأبواب أمام تحقيق إنجازات حضارية عبر الابتكارات النظرية والمبادرات العملية الخلاّقة، فعطالة الفكر وجموده وتحجّره تقتضي مخاصمة الذات ومواجهتها، لأن العطالة الفكرية أثبتت أنها لا يمكن إلا أن تنتج الموت في حين أن الحياة انفتاح على الممكن، على اللحظة المتجدّدة، وعلى تحدّي المجهول، بروح المغامرة الخلاّقة، وذلك هو مغزى رسالة الإسلام القائلة "اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا» التي تقاوم ثقافة الهزيمة والركون والقدرية والاستسلام، لتلقي بالمسلم في حركة المناقشة الحضارية الكبرى وخوض معركة الوجود التي ادخلت الاسلام في ديناميكية العالم، وأدخلت العالم في ديناميكيته.
ان الشمولية تضحّي بالحاضر، وفي هذه التضحية يقول تودوروف تكون المأساة كلّها، لذلك يكون الخروج من هذه المأساة بالتواصل مع زمننا، والتسلح للمواجهة الحضارية الكبرى التي تتخذ جغرافيتنا ساحة صراعها وهدفها الأساسي. لقد فشلت الحركات الإسلامية في تحقيق أي مكسب في هذه المعركة بل أنها زادتها اشتعالا، عندما حولت دار الإسلام، إلى دار حرب، وزرعت الفتنة - كما يقول جيل كيبيل - في أرضنا وضاعفت من التحديات التي تواجهنا. ولعل التفكير في مستقبل أجيالنا وأمّتنا يتطلب منا ان نخوض معركتنا الأساسية في ذاتنا في عقولنا ورؤانا وتصوّراتنا، لتحريرها من الفكر الخرافي والأسطوري واللاواقعي واللاتاريخي واللاعقلاني، لنجعلها متصلة بزماننا وبأسئلتنا الراهنة ومتطلبات عيشتنا التي أهدرنا فرصا كبيرة لتطويرها.
ان تحرير الفكر عبر نشر ثقافة التنوير التي تقوم على تبجيل العقل، والإيمان بفكرة التقدم، والتعويل على قدرات الإنسان، هذه القيم التي أسست لها الحداثة، التي تمثل إنجازا إنسانيا أكثر منها إنجازا غربيا، هي إحدى مهمات الإعلام العربي الراهنة.
فهل ينجح الاعلام العربي في النهوض بهذه المسؤولية التاريخية؟
ان مجلة "أفكار اونلاين"« تسعى لذلك، ونجاحها في القيام بهذا الدور رهين مشاركة كلّ الأطراف الفاعلة التي تدرك مسؤولياتها التاريخية في لحظة هي من أخطر مراحل الوجود العربي، بل الكوني.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإعلام والإرهاب :البنية الفكريّة - الثقافة البديلة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: جسور العلوم السياسية :: قسم الإعلام والاتصال-
انتقل الى:  
1