أصدرت سلسلة «عالم المعرفة» كتاب «الانفجار السكاني والاحتباس الحراري» للدكتور عبد المنعم المقمر.
ينقسم الكتاب إلى خمسة فصول تناقش على التوالي: الزيادة السكانية والعوامل المؤثرة فيها، وفي الفصل الثاني: ملامح التغيرات المناخية على المستوى العالمي، وفي الثالث: الزيادة السكانية وعلاقتها بتدهور البيئة، وفي الرابع: الآثار السلبية للزيادة السكانية في الأنظمة البيئية وعلاقة ذلك بالاحتباس الحراري، وفي الخامس: التصحر نتاج للزيادة السكانية والتغيرات المناخيةومصطلح الاحتباس الحراري ظهر وكثر تداوله خصوصا في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، وبدأ الحديث عن تأثيراته المختلفة في البشرية والتي هي في اغلبها تأثيرات سلبية
وقد عقدت المؤتمرات الدولية العديدة وانقسم العلماء ما بين مؤيد لنظرية الاحترار العالمي للجو، ومعارض يؤيد نظرية التبريد في الجو، ومعلل للتغيرات المناخية التي بدأت تحدث بأنها تغيرات طبيعية تحدث في مختلف الأزمنة.
ويتناول الدكتور المقمر الاحتباس الحراري كي يعطي القارئ العربي فكرة شاملة عن هذه الظاهرة وعن آثارها واسبابها وكيفية التحكم فيها، والتقليل من ضررها لخير البشرية. كما يتناول الكتاب مشكلة الزيادة السكانية وما تسببه من ضغوط هائلة على برامج التنمية في الدول. حيث يزخر بكثير من المراجع العلمية التي ناقشت هذا الموضوع والمؤتمرات التي عقدت من اجله بهدف تحسين المناخ العالمي والتقليل من الآثار السلبية لهذه الظاهرة التي بدأت تغير من طرق الحياة على سطح الأرض وتدمر النظم البيئية الطبيعية
إن ما وصلنا إليه بحسب الكاتب هو نتيجة الزيادة السكانية التي كانت السبب الأول في فقدان المحيط الحيوي كثيرا من قدراته على تجديد نفسه، لان طلبات الإنسان من الموارد في تزايد مستمر، لدرجة أن فرص الاختيار أمامنا أصبحت اكثر صعوبة، ولأن تدمير وتخريب المحيط الحيوي، للدرجة التي وصلنا إليها الآن يعتبر من اكبر الأخطار التي تواجه البشرية ورفاهيتها. ويأسف الكاتب من أن البشر لا يدركون نتيجة سلوكياتهم المدمرة للبيئة إلا بعد فوات الأوان، والدليل على ذلك ما تشهده الحياة الآن على سطح الكرة الأرضية من تطورات متسارعة مذهلة كانت بدايتها ما لاحظناه من ارتفاع في معدلات درجات الحرارة في جو الأرض. وما أحدثه ذلك من تغيرات كثيرة في المناخ العالمي، من انصهار الجليد والثلوج على نطاق واسع في القطبين الشمالي والجنوبي وفي الأنهار الجليدية، مما كان له آثار ملحوظة على ارتفاع المتوسط العالمي لمستوى اسطح البحار، وحدوث أزمات من عدم توافر المياه العذبة الصالحة للشرب، وتدهور الأراضي، وتهديد الأمن الغذائي وفقدان التنوع الحيوي وزيادة الأعاصير والفيضانات وزيادة حالات الجفاف في كثير من بقاع العالم، وانتشار كثير من الأمراض، وظهور أمراض كثيرة لم تكن موجودة من قبل.
يلقي الكتاب الضوء على الخطر القادم بهدف معالجته من جذوره ويرى المؤلف أن مالثوس كان على حق حين قال إن قدرة الإنسان على التكاثر اعظم من قدرة الأرض على إنتاج محاصيل الغذاء، ويضيف أن مالثوس لم يكن يدري أن الزيادة السكانية لن تكون مشكلتها الوحيدة عدم توافر الغذاء الكافي للأفواه المتزايدة من بني البشر فقط، بل إن المشكلة الحقيقية تكمن في أنانية الإنسان في أن يعيش حياة مرفهة، ينتج نفايات بلا حساب، ويتخلص منها إما بحرقها ملوثا بها الهواء الذي يتنفسه، وإما بدفنها في الأرض التي يعيش عليها فيستهلكها ويلوث مياهها الجوفية ويستخدم وسائل النقل من طائرات وسيارات وقطارات فيلوث البيئة بعوادمها. كما أن الزيادة السكانية هي اهم مسبب للتدهور البيئي لأنها تنشئ الصراعات البشرية على الموارد الطبيعية سواء من المحاصيل الغذائية أو الثروة الحيوانية أو المياه
ويذهب المؤلف إلى حقيقة اخرى وهي أن الإنسان لم يكن يدري انه بإطلاق ملوثات نشاطاته إلى البيئة يدمر غلاف الأوزون الحامي للحياة على سطح الأرض، كما أن هذه الستارة من الملوثات المنطلقة تحول دون تسرب الحرارة في جو الأرض تدريجيا فيما نسميها ظاهرة الدفيئة أو الاحتباس الحراري أو الاحترار العالمي وهي كلها مسميات مختلفة لشيء واحد كان السبب في التغيرات المناخية
التصحر والتغيرات المناخية
يلاحظ الكاتب انه ليس بالضرورة أن ينعكس النمو السكاني على أحداث التصحر مباشرة ولكنه يعزز كثيرا من فرصة حدوثه من خلال التوسع الزراعي لإطعام الأفواه المتزايدة. ولم يكن مصطلح التصحر معروفا بمعناه الحقيقي إلا في العام 1974 حينما بدأت الأمم المتحدة تنشر في تقاريرها ضرورة الاهتمام بدراسات التصحر وكيفية مقاومته ومكافحته، حيث دعت لهذا الهدف إلى مؤتمر عالمي في العام 1977 في نيروبي بكينيا
ويبرز ابسط تعريفات التصحر وهو أن الأرض الزراعية تتدهور وتفقد قدرتها على إنتاج المحاصيل الزراعية وتتحول إلى ما يشبه الصحراء في قلة إنتاجها. ويعود ذلك في الأساس إلى الانشطة البشرية والتغيرات المناخية. ويضيف أن التصحر مشكلة من اهم المشكلات التي تواجه دول العالم كافة سواء الدول المتقدمة منها أو النامية مع اختلاف التأثيرات المصاحبة لحدوثه على البيئة وإنتاج الغذاء وحدوث المجاعات وتدهور التربة والغطاء النباتي، ولكن آثار التصحر تكون اكثر وضوحا في الدول النامية، فالتصحر ليس مشكلة وليدة التقدم البشري كما هي الحال في كثير من المشكلات التي تواجه البيئة العالمية، ولكنه مشكلة قديمة قدم التاريخ، واصبح ذا أهمية خاصة خلال القرن العشرين بالذات نتيجة آثاره البيئية المدمرة.
رابط الكتاب