أنت زائر للمنتدى رقم |
.: 12465387 :.
|
|
| أنماط التكتلات الإقليمية و مساراتها | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
salim 1979 التميز الذهبي
تاريخ الميلاد : 27/05/1979 العمر : 45 الدولة : الجزائر عدد المساهمات : 5285 نقاط : 100012179 تاريخ التسجيل : 06/11/2012
| موضوع: أنماط التكتلات الإقليمية و مساراتها الإثنين نوفمبر 12, 2012 2:02 pm | |
| أنماط التكتلات الإقليمية و مساراتها عرفت التكتلات الإقليمية لما بعد الحرب الباردة أنماط مختلفة من تلك التي سادت نظام الثنائية القطبية فمثلا في : أ- النمط الاتحادي : يشير النمط الاتحادي إلى ذلك النوع من التكتلات المعبرة عن الإقليمية التقليدية القائمة بالأساس على مجموعة من المعايير كالتقارب الجغرافي و التجانس الاجتماعي إضافة إلى التقارب الحضـاري و يعد الاتحاد الأوروبي أساس النمط الاتحادي و أحسن نموذج معبر عنه. النمط العالمي : أو ما يعرف بالمجالات الاقتصادية الكبرى، برزت بشكل جلي مع ظهور منتدى الهادي الآسيوي، تقوم على عدم إعطاء التقارب الجغرافي و التماثل القيمي دافعا في تكتلها، إذ تولي أهمية لعامل التقاء المصالح الاقتصادية و تحقيق الربح خاصة و أنها تمثل تمازجا ما بين القطاع العام (الحكومات) مع القطاع الخاص (رجال الأعمال). المبحث الأول : النمط الاتحادي (الاتحاد الأوروبي) المطلب الأول : المراحل التاريخية للبناء الأوروبي و مؤسساته الوحدة الأوروبية هي مشروع فكري تبلور في أذهان المفكرين و تجسد في الواقع من خلال رجال السياسة، فالوحدة لم تكن مفاجئة و إنما تطورت عبر مراحل : المرحلة الأولى : الوحدة الأوروبية بناء فكري. برز الدافع وراء فكرة الوحدة الأوروبية في نهاية القرن الثالث عشر (13) و بدايـة القرن الرابع عشـر (14)، و كان له طابع ديني، إذ كانت المسيحية هي الرابط بين شعوب مختلفة عرقيا و تاريخيا و ثقافيا، و مع نمو التيار العلماني طفى إلى السطح مجموعة من العوامل الأخرى اهمهاالعوامل الاقتصادية من خلال الفكر الليبرالي،التي طغت على العامل الديني، و من بين أهم الأسماء التي طرحت مشروعات فكرية شهيرة لتحقيق حلم الوحدة الأوروبية نجد مفكرون فرنسيون أمثال بيار دوبوا Bièrre du Bois و البابا سان بيير Abbè de Saint Pièrre ، و هناك مفكرون هولنديون مثل إيراسموس D.Erasmus و كذلك ألمان مثل ويلهالم ليبنيتز W.Leibnitz في القرن السابع عشر(17) و الإنجليزي وليام بن W.Penn إضافة إلى جيرمي بنثام Ben Tham (1). لقد امتلكت أوروبا مكونات ثقافية مشتركة من ظهور المسيحية و مرورا بهيمنة رجال الدين و الملكيات المطلقة في القرون الوسطى و انتهاء بسيادة الثقافة الفردية و القيم الليبرالية، فهذا التقارب أو التشابه في التجارب التاريخية هو عامل مساعد في التوجه نحو الوحدة بالرغم من اختلاف اللغة و اختلاف التفاعل مع التجارب من دولة لأخرى (1).
(1) حسن نافعة : الاتحاد الأوروبي و الدروس المستفادة عربيا، (لبنان : مركز دراسات الوحدة العربية، 2004)، ص 92. (2) عمر الشوبكي : أوروبا من السوق إلى الاتحاد : صناعة وحدة .
المرحلة الثانية : الوحدة الأوروبية بناء واقعي طرح بريان A.Briand في سبتمبر 1929 (وزير الخارجية الفرنسي) تكوين اتحاد أوروبي يضم جميع دول القارة و يكون تنظيمه مشابه لعصبة الأمم، لكن اقتراحه باء بالفشل خاصة بعد وصول الحزب النازي لألمانيـا 1933، و تلاشت الفكرة بقيام الحرب العالمية الثانية (1939-1945) لتعود بعدها مجسدة في معاهدة بروكسل 17/03/1948 التي جمعت بين فرنسا و انجلترا و دول النبلوكس (*)، و تم تأسيس المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي 16/04/1948 للاستفادة من مشروع مارشال، و أيضا تشكيل أوروبا مع الولايات المتحدة الأمريكية للحلف الأطلسي 4 أفريل 1949، إضافة إلى مجلس أوروبا 1949 (1) ،و تأكدت الرغبة أكثر في نسيان أحقاد الماضي خاصة بين فرنسا و ألمانيا و أوروبا عامة من خلال بلورة مشروع شومان الذي شكل نقطة الانطلاقة التي مهدت لعلاقات أكثر اتساعا و تعاونا ما بين فرنسا و ألمانيا (2). إن الخطوة الأولى في المسار التكاملي الأوروبي تمثلت في تشكيل الجماعة الأوروبية للفحم و الصلب Communaute Européenne du charbon et de l’acier (CECA)، التي يعود أصلها إلى مشروع شومان و هذا الأخير هو وزير الشؤون الخارجية الفرنسية إذ قال في 01/05/1950 : "تجمع الأمم الأوروبية يستلزم إنهاء التعارض القديم بن فرنسا و ألمانيا من خلال الشركات و المؤسسات التي تجمعهما (3) لهذا الهدف اقترحت الحكومة الفرنسية وضع مجموع الإنتاج الفرنسي و الألماني للحديد والصلب تحت سلطة عليا مشتركة في منظمة منفتحة على مشاركة الدول الأوروبية الأخرى، ولقد تم توقيع الاتفاقية المؤسسة لـ (CECA) من طرف كل من فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ، إيطاليا (4). و كان جان مونيه Jean Monnet (**) أول رئيس لها، وقد تزودت المجموعة بمجلس برلماني اجتمع لأول مرة في سبتمبر 1952 بستراسبورغ، و مع تطور عمل الـ (CECA) برزت الجماعة الاقتصادية الأوروبية (CEE) بتاريخ 25/03/1957 فيما يعرف باتفاقية روما (***).
(*) دول البنلوكس هي : بلجيكا، هولندا، لكسمبورغ. (1) محمد المجدوب : التنظيم الدولي، (لبنان : الدار الجامعية للطباعة و النشر، 1998)، ص : 395، 396. (2) Laurent Le blond : Le Couple Franço-Allemand Depuis 1945, (Bruxelles : Le monde , 1997).P90 (3) Charles Zorgbibe : Histoire de l’union européenne, (Paris : Edition Albin Michel,2005) P 25. (4) J.Denis et J.Kanapa :Pour ou contre l’europe ?, France, P 25. (**) جان موني هو مدير مكتب التخطيط الفرنسي متأثر بالمنهج الوظيفي تمحورت فكرته حول تنحية المشروعات الفيدرالية و التركيز على اختيار أحد القطاعات الإقليمية المهمة و وضعه تحت سلطة أوروبية مشتركة و يحول النجاح في هذا القطاع إلى قاطرة تجر ورائها عربة التكامل و الاندماج. (***) دخلت اتفاقية روما حيز التنفيذ عام 1958. نتج عن اتفاقية روما أول وحدة جمركية (*) بين الستة (6) الدول الأعضاء (1) ،كما جسدت سياسة اقتصادية مشتركة تنعكس على التخطيط الداخلي لاقتصاديات الدول الستة،بالاضافةالى التجانس الضريبي و الاجتماعي، كما تم إنشاء الجماعة الأوروبية للطاقة النووية الأوراتوم (Euratom) CEEAلتحقيق التعاون في مجال الطاقة و الصناعات النووية بين الدول الأعضاء (2) ،و تم في عام 1967 توحيد كل من الجماعة الاقتصادية الأوروبية CEE و الجماعة الأوروبية للفحم و الصلب (CECA) و الأوراتوم (CEEA)في كيان واحد عرف بالمجموعة الأوروبيةCE ، و توالت إنضمامات الدول للمجموعة وفقا لنمطين من العضوية هما العضوية بالانتساب (**) وفقا للمادة 13 من معاهدة روما، و نمط العضوية الكاملة (***) وفقا للمادة 2 من نفس المعاهدة (3)، ومن هنا انضمـت كل من بريطانيـا و ايرلنـدا و الدنمارك في 01 جانفي 1973(****)، و انضمت اليونان عام 1981 فإسبانيا و البرتغال عام 1986 ليصير عدد الأعضاء اثنا عشر (12) عضوا. المرحلة الثالثة : الوحدة الأوروبية من الجماعة الأوروبية إلى الاتحاد الأوروبي تم هذا التحول من خلال معاهدة ماسترخيت الموقعة من وزراء خارجية الجماعة الأوروبية بماسترخيت-هولندا يوم 07/02/1992، بعد أن تم الاتفاق عليها من قبل المجلس الأوروبي في 02 سبتمبر 1991،و دخلت حيز النفاذ في نوفمبر 1993 (4) ركزت المعاهدة على المبادئ التالية : 1- توحيد السياسة الخارجية و السعي لإقامة نظام دفاعي أوروبي مشترك. 2- الاتحاد الاقتصادي و النقدي و يتم تنفيذ هذا الأخير في مدة أدناها 01 جانفي 1997 و أقصاها 01 جانفي 1999 و أن تكون العملة الموحدة هي الأورو (5).
(*) تم إقرار الاتحاد الجمركي بداية من 1/7/1968 أين نص على إلغاء الحقوق الجمركية من المنتوجات الصناعية المتداولة. (1)الاتحاد الاوروبي : (2) أسامة المجدوب : العولمة و الإقليمية، (مصر : الدار المصرية اللبنانية، 1999)، ص 57. (**) العضوية بالانتساب : عضو ليس من الإقليم الجغرافي للتكتل، لكن تربطه علاقة بهذا الأخير من حيث المصالح و يمكن للعضو المنتسب أن يحضر اجتماعات التكتل المنتسب إليه لكن دون أن يصوت، فالمزايا التي يتمتع بها العضو المنتسب تكون وفقا لعقد الاتفاق القائم. (***) العضوية الكاملة : يكون الأعضاء ذا عضوية كاملة إذا كانوا أعضاء مؤسسين أو أعضاء انظموا لاحقا لكن تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في المعاهدة و يتمتعون بكل امتيازات المنظمة و يشاركون في كل أعمالها من تصويت و تمويل...إلخ. (3) عاكف يوسف صوفان : المنظمات الإقليمية و الدولية، (مصر : دار الأحمدي للنشر، ط1، 2004) ص 160. (****) قدمت بريطانيا طلب الانضمام لمعاهدة روما عام 1961 ليليها طلب كل من الدنمارك، إيرلندا، النرويج 1962 لكن استعمال فرنسا لحق الفيتو أدى لتجميد الطلبات الأربع و أعيد طلب الانضمام عام 1967 و رفضت فرنسا مجددا. (4) عبد الرحمان نيشوري : هل ينهي الاتحاد الأوروبي هيمنة القطب الأمريكي و يحقق التوازن الدولي. (5) عاكف يوسف صوفان : مرجع سبق ذكره، ص 166.
3- تم تشكيل المواطنة الأوروبية التي تمنح العديد من المزايا، كحرية التنقل و حق الإقامة في كل الاتحاد، و حق الانتخاب، و هي مكملة للجنسية الوطنية. 4- طورت قانون المجموعة الأوروبية حيث زادت من فعالية البرلمان ،و كذلك تم إدخال تعديلات على العمل المشترك في مجال العدل و السياسة الداخلية(1). وضع المجلس الاتحاد الأوروبي عام 1993 ما يعرف بشروط كوبن هاغن للانضمام للاتحاد الأوروبي، و هي شروط سياسية و اقتصادية و تشريعية (2) ،و بالرغم من ذلك زاد عدد أعضاء الاتحاد بانضمام كل من السويد، فنلندا، النمسا عام 1995، تم توسيع الاتحاد يشمل 10 دول(*)من أوروبا الشرقية انضمت إبتداءا من01 جانفي 2004 (3) ، و توسعه إلى 27 دولة في جانفي 2007 بانضمام كل من بلغارياو رومانيا ،و يتوقع أن يصل 28 عضو ابتداءا من جوان 2007. إن الاتحاد الأوروبي لم يتشكل دفعة واحدة ،و إنما تطور بشكل تدرجي سواء من حيث الأفكار أو من حيث العضوية (التوسع الأفقي)، أو من حيث الاختصاصات (توسع عمودي) التي تمت تبعا لمبدأ الانتشـار، و أيضا من خلال شبكة الاتصالات التي تجسدت من خلال المؤسسات المهيكلة للاتحاد و اشتراك الشعوب في القرارات، فالاتحادلم يكن عبارة عن قرارات دستورية فقط و هذا ما برز بصورة جلية من خلال معاهدة ماسترخيت، هذا دون أن نهمل بعض الدول التي تركت للآليات الدستورية الموافقة على الاتفاقية و لم تجعل المجال واسعا للشعوب التي قد ترفضها. مؤسسات الاتحاد الأوروبي و الطرح الدستوري لتطويرها : ساهم في بلورة الهيكل التنظيمي للاتحاد الأوروبي منهجين بارزين هما : 1- المنهج الاتحادي : يركز على إقامة كيان سياسي موحد، و تزويده بحكومة تتمتع بصلاحيات و سلطات خاصة لإدارته، و كلما زادت صلاحيات الحكومة المركزية نكون قريبين من الفيدرالية ،و كلما تقلصت نكون أمام كونفدرالية (طرح دستوري). 2- المنهج التعاوني : احتفاظ الدول بكامل سلطاتها و تتم الخطوات الوحدوية بناءا على اتفاقيات قائمة على التعاون الاختياري بين دول مستقلة (4).
(1) محمد المجذوب : مرجع سبق ذكره، ص 419. ( (*) دول أوروبا الشرقية المنظمة هي : إستوانيا،ليتوانيا، لينونيا، بولونيا، جمهورية التشيك، سلوفاكيا، سلوفينيا، المجر، مالطا، قبرص. (3) John Bayls and steve smith : The globalization of world politics, UK.Oxford,3edition, 2001 , p 581. (4) حسن نافعة : مرجع سبق ذكره، ص 99.
نتيجةلتشكل الاتحاد الأوروبي وفق تدرج وحدوي، فإن مؤسساته هي الأخرى عرفت تطورا ،إذ وجدت من النواة الأولى للاتحاد، حيث عرفت الجماعة الأوروبية للفحم و الحديد 1952 مجموعة من الهياكل هي : السلطة العليا، اللجنة الاستثمارية، المجلس الوزاري، الجمعية البرلمانية الأوروبية، محكمة عليا، كما أن اتفاقية الجماعة الاقتصادية الأوروبية هي الأخرى وضعت بنية مؤسسية مشكلة من : اللجنة الأوروبية لها نفس دور السلطة العليا في الجماعة الأوروبية للفحم و الصلب ،و هناك أيضا المجلس الوزاري يظم وزراء الدول الأعضاء في الجماعة الاقتصادية له صلاحية اتخاذ القرار، إضافة إلى محكمة العدل الأوروبية و أيضا الجمعية البرلمانية (1) ،و مع اتفاقية ماسترخيت التي وسعت من نشاط الاتحاد، اتضح هذا الأخير من خلال اعتماده على بنية تنظيمية مشكلة من أجهزة العمل أو التصرف يناط بها اتخاذ القرارات و هناك أجهزة الرقابة السياسية و القضائية (2). 1- المجلس الأوروبي : مشكل من رؤساء الدول و الحكومات للدول الأعضاء، ومن رئيس اللجنة الأوروبية وعضو منها، يجتمع مرتين في السنة، يحدد التوجهات العامة للإتحاد، يتناوب الأعضاء على رئاسة هذا المجلس (*) بصفة دورية كل ستة (6) أشهر. 2- مجلس الاتحاد الأوروبي : أو المجلس الوزاري، مكون من وزراء من الدول الأعضاء و لا مجال للموظفين الحكوميين وهذا دليل على التخصص و الكفاءة، المجلس يشكل رابط بين البرلمان و المفوضية، يتولى تحديد سياسة الاتحاد وله سلطة التشريع خاصة في قضايا متعلقة بعملية الإسراع في عملية التكامل، و تُعْقًًًَََدُ اجتماعاته حسب الحاجة، و أكثر الوزراء اجتماعا هم وزراء الزراعة المالية و الخارجية (3) ،تسيطر فيه بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا بـ 29 صوت لكل واحد منهم و اسبانيا 27 صوت، اليونان، البرتغال، بلجيكا 12 صوت لكل واحد، هولندا 11صوت، فنلندا، الدنمارك7 أصوات لكل واحد منهم، لوكسمبورغ صوتين، السويد و النمسا 10 أصوات لكل واحد. 3- المفوضية الأوروبية : بموجب معاهدة نيس (**) يحق لكل دولة عضو في الاتحاد تعيين مفوضا واحدا، و هي هيئة تنفيذية مشكلة حاليا من 27 مفوض (4) يمارسون وظائفهم لمدة 5 سنوات لكل واحد منهم نشاط خاص، لها الحق في تقديم مشاريع قوانين و تقوم بوضع الميزانية العامة للاتحاد (5).
(1) لمزيد من التفاصيل طالع مذكرة رداف طارق ص : 77- 78 . (2) عاكف يوسف : مرجع سبق ذكره ص 161. (*) لا يجب الخلط بين المجلس الأوروبي و مجلس أوروبا فهذا الأخير هو الاسم الرسمي لمنظمة مستقلة تضم في عضويتها معظم الدول الأوروبية. (3) حسن نافعة : مرجع سبق ذكره، ص101. (**) وقعت معاهدة نيس في 26/02/2001 و دخلت حيز التنفيذ 1/2/2003 . (4) نماذج للمنظمات الإقليمية، موسوعة الشباب السياسي (5) محمد المجذوب : مرجع سبق ذكره، ص418.
4- البرلمان الأوروبي : (*) جهاز رقابي استشاري يراقب عمل المفوضية، و يوافق على أعضاءها يصادق على الاتفاقيات الدولية ،و يشارك بوضع القوانين، يضم وفقا لمعاهدة نيس 732 مقعد موزعة على الدول بشكـل يتنـاسب و عدد سكانها، تسعى بعض الأطراف إلى منح البرلمان الأوروبي صلاحيات أوسع في مجال التشريع من أجل تشكيل هيئة برلمانية أوروبية فوق وطنية (1). 5- محكمة العدل الأوروبية : مكونة من 15 قاضيا يساعدهم 9 محامين، عملها ينحصر في السهر على احترام القانون من خلال تفسير المعاهدات و تطبيقها.(2) 6- البنك المركزي الأوروبي : الذي تم إنشاءه في 30 جوان 1998، مقره ألمانيا باعتبارها القوة المالية الأكبر بالاتحاد الأوروبي. 7- محكمة مراجعة الحسابات : تقوم بتدقيق حسابات مؤسسات الاتحاد و لها سلطة التحقيق في ذلك تتكون من 12 عضو. 8- اللجنة الاقتصادية و الاجتماعية : و هي هيئة استثمارية تمثل أصحاب الأعمال و العاملين و بعض الفئات مثل إتحاد المستهلكين أو المزارعين ...إلخ يؤخذ رأيها في المسائل المؤثرة على الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية. 9- لجنة المناطق : تتكون من 220 عضو يمثلون السلطات المحلية والإقليمية، و تستشار بشأن القرارات التي تؤثر في المصالح الإقليمية والمحلية. 10- بنك الاستثمار الأوروبي : يعمل على توفير القروض لتمويل المشاريع الاستثمارية خاصة في المناطق النامية على أسس غير ربحية مما يساعد على تطوير السوق على نمو متوازن (3).
(*) سنة 1979 صار أعضاء البرلمان الأوروبي ينتخبون لمدة 5 سنوات ، و يقع مقره بستراسبورغ ، و بالإمكان الجمع بين العضوية في هذا البرلمان و البرلمانات الوطنية. (1)الاتحاد الاوروبي : (2) رداف طارق : مرجع سبق ذكره، ص 79. (3) بن مسعود مرزوق و سامي نورة : السياسة الأمنية الدفاعية للاتحاد الأوروبي، (مذكرة لنيل شهادة ليسانس، الجزائر، 2002) ص 17-18.
ثار نقاش داخل الاتحاد الأوروبي حول فعالية مؤسساته و هذا ما اتضح من خلال النقاشات الدائرة في مؤتمر نيس سنة 2000، و التي تبعها طرح الدستور الأوروبي في قمة بروكسل 15/12/2001 أين تم التصريح بتشكيل لجنة تأسيسيـة (*) أسندت رئاستها للرئيس الفرنسي السابق فليري جيسكار ديستان لوضع ما يسمى باتفاقيـة دستوريـة و انتهى عمل اللجنة بوضع الدستور(**) في 2003 (1). من خلاله تم طرح مجموعة من التعديلات على مستوى البنية المؤسساتية و عملها، إذ نص على استحداث منصب رئيس دائم للمجلس الأوروبي، إضافة إلى منصب وزيـر الخـارجية ،و لجنة تضم 15 عضوًا ابتداءًا من عـام 2009 و الاتفاق على أن يتم تمرير القرارات بأغلبية 55 % من تعداد السكان. و العمل على توسيع قاعدة التصويت بالأغلبية لتشمل أكثر من 40 مجالاً (2)، والعمل علىتوسيع البرلمان ليصبح 750 عضواً ،و هو ما كان مخططاً له في مؤتمر نيس ديسمبر 2000، الذي عرض أن تخفض فرنسا و بريطانيا و إيطاليا عدد نوابها لفسح المجال لنواب الأعضاء الجدد مقابل الإبقاء على مقاعد ألمانيا كما هي، و هذا ما جعل الفرنسي جان لويس بورلانج Jean Louis Bourlanges يقول : " قد حطم توازن السلطات بالبرلمان الأوروبي و ذلك عبر إعفاء الجمهورية الفيدرالية دون سبب واضح من تخفيض المقاعد الذي فرض بكثافة على بقية الأوروبيين بسبب التوسع"، و من مشاكل التوسع أنه يؤدي لزيادة تكاليف الاتحاد ،خاصة بالنسبة للدول الكبرى فهي الأكثـر تمويلا (***) إذ تضمـن 71.8 % ،و هذا ما جعل هذه الدول خاصة بريطانيا، ألمانيا تتمسكـا بقـاعدة الإجمـاع عند اتخاذ القرارات داخل اللجنة أو المجلس الـوزاري (3) ،كما أن التوسع قد يغير من تركيبة بعض المؤسسات و أهمها المفوضية فبعد أن كانت القوىالخمس(5) الكبرى تسيطر عليها بعشرة (10) أصوات مقابل 10 للدول الصغرى، صار بموجب التوسع لكل دولة عضو جديدة صوت ما يجعل المعادلة تصبح 10 أصوات للدول الكبرى(****) مقابل 17 صوت للدول الصغرى، ففي
(*) تكونت اللجنة من 105 عضو عالجت 3 قضايا أساسية: تحديد القيم الأوروبية المشتركة، محاولة التوفيق بين مفهوم الوحدة مع احترام الذاتية، مناقشة التوازن المطلوب بين المؤسسات الأوروبية لرفع مستوى الآراء. (**) يحتوي الدستور على 46 مادة موزعة على مقدمة و 3 أقسام : الأول متعلق بالحقوق الأساسية للمواطنة الأوروبية و سلطات الاتحاد و مؤسساته و ماليته وتمثيله الخارجي، و الثاني يتناول سياسات التجمع، أما القسم الأخير احتوى على الجوانب القانونية. (1) محمد صلاح عبودة : " اتفاقية جديدة للاتحاد الأوروبي"، مجلة العربي، مصر : العدد 535، 2003، ص 15، 16، 17. (2) جورج ثروت فهمي : الدستور الأوروبي : الفرص و القيود. (***)تقدرمساهمة ألمانيا بـ 30% ، فرنسا 10%، ايطاليا 12.4 %، بريطانيا 11.4% . (3) شمامة خير الدين : العلاقات الاستراتيجية بين قوى المستقبل، (رسالةدكتوراه، كلية الحقوق، جامعة قسنطينة، 2004-2005)، ص 229. (****) كل من بريطانيا، إيطاليا، فرنسا، ألمانيا، اسبانيا، تملك مفوضين أي في المجموع 10 أصوات، و باقي دول الاتحاد كل دولة مفوض أي 17 مفوض ما يعني 17 صوت.
حالة تحالف هذا الأخيرة طبعا مع بعضهاالبعض يجعل سلطة القرار بيدها، و حتى المحكمةقد تتأثر بالتوسع ما جعل رئيسها الاسباني جيل كارلوس روديقاز أقليزياس Gill Carlos Rodriguez Iglésias يقول : " أن المحكمة ستصبح عاجزة عن العمل حيث لا يكن الحكم في القضايا بخمسة و عشرون (25) عضوا" ،كما يثير التوسع قضايا حول كيفية استفادة الأعضاء الجدد من امتيازات الأعضاء القدامى خاصة في السياسة الزراعية المشتركة، إذ بينت دراسة أن إجراء مثل هذا يؤدي لجعل ميزانية الاتحاد في زيادة مستمرة قد تصل إلى أكثر من 50 % (1) ، إضـافة إلى أن الفوارق الاقتصـادية (*) و الثقافية بين الأعضاء الجدد و القدامى سيخلق إشكالية عدم التجانس، و هو ما يشكل تهديدا لعملية التكامل الأوروبي، فالدستور الأوروبي زاد من انشغال الأوروبيين خاصة بعد الرفض الذي لاقاه من طـرف الفرنسيين بنسبة56 % و الهولنديين بنسبة 62 % و الإرجاء البريطاني له (2) ، ولهذا اكتفى الاتحاد بالعمل وفقا لمعاهدة نيس إلى حين تغيير جديد. لقد ساهمت العملة الموحدة في تدعيم عمل المؤسسات الأوروبية، فهذه الأخيرة بحاجة إلى سوق واسعة لتدعيم قدراتها التنافسية، ودون عملة واحدة ستكون السوق الأوروبية ناقصة و هشة (3)، إن فكرة العملة الأوروبية الموحدة اليورو قديمة ،وقدبدأ تطبيقها عمليا في عام 1970 من خلال خطة فيرنر التي طرحها رئيس وزراء لوكسمبورغ بيير فيرنر و التي شكلت نواة الاتحاد الاقتصادي و النقدي الأوروبي ،لكنها فشلت و حل محلها سنة 1972 اتحاد تصريف العملة الأوروبية (4)، وقدمت ألمانيا و فرنسا مشروعا لإنشاء ما عرف بالنظام النقدي الأوروبي EMS الذي تمت الموافقة عليه في مؤتمر بروكسل سنة 1979 (5)، و تم إنشاء عملة نقد شكلية لحساب تصريف العملة تحت اسم الإيكو ECU و عليه تم بدأ العمل على إنشاء عملة الأورو (**)، بداية مع اتفاق يسمح بتنقل رؤوس الأموال بين الدول
(1) المرجع السابق، ص 300. (*) تتبين الفوارق الاقتصادية من خلال الناتج القومي الخام الذي يقدر في ألمانيا بـ 2038.4 مليار $ بريطانيا 1527 مليار $ مقابل 5.3 مليار $ بإستونيا و 4.2 مليار $ بمالطا كما أن الدخل الفردي يقدر بـ 43263 دولار بلكسمبورغ و 32293 دولار بالدنمارك مقابل 1753 دولار برومانيا و 1578 دولار ببلغاريا. (2) مصطفى علوي : أوروبا و الدستور و الدور. (3) شمامة خير الدين : مرجع سبق ذكره، ص 276. (4) اليورو هي العملة الموحدة لدول الاتحاد الأوروبي. (5) سمير محمد عبد العزيز : التكتلات الاقتصادية و الإقليمية إطار العولمة، (مصر : مطبعة الانتفاع الفنية، ط1، 2001)، ص 217. (**) تسمية العملة بالأورو يرجع إلى اقتراح وزير المالية الألماني ثيودور فايغل.
في 01/07/1990، و تم تأسيس المؤسسة النقدية الأوروبية في 01/01/1994 ،ثم البنك المركزي الأوروبي في 30جوان1998،وتم في نفس السنة تحديد الدول المطبقة للعملة الموحدة من طرف المجلس الأوروبي ، و بدأ التداول الرسمي لبعض دول الاتحاد(*) لعملةالأورو EURO في 01 جانفي 2002 . في الدول ذات العملات المنخفضة كاليونـان و إيطاليا رحبو بالـ EURO عكس كل من ألمانيا و فرنسا، و هذا يدل على التضحية من طرف هذه الدول، إضافة إلى الوحدة المالية واصل الاتحاد في سياسة إنمائية تجاه المنتجات الزراعية الخارجية، خاصة من خلال الإبقاء على الرسوم الجمركية ،و هو ما أثر في علاقاتها الخارجية خاصة مع الوم أ التي فرضت رسوم على بعض الصادرات الصناعية الأوروبيـة (1)، فتوحيد العملة بين بعض دول الاتحاد ساعد على حرية السيولة المالية وصار الأورو مرافق الدولار في الأسواق المالية رغم سيطرة هذا الأخير على معظم التعاملات المالية الدولية. صادف بداية مسار الأورو طرح الاتحاد الأوروبي لاتفاقية شنغن Schengen الموقعـة في 19/06/1990 و دخلت حيز التنفيذ مارس 1995 ،بعد مصادقة كل من ألمانيا، إسبانيا، فرنسا، لوكسمبورغ، بلجيكا، هولندا، و مفاد الاتفاقية هو حرية حركة المواطنة بين هذه الدول عبر الحدود بواسطة تأشيرة واحدة (2).
| |
| | | salim 1979 التميز الذهبي
تاريخ الميلاد : 27/05/1979 العمر : 45 الدولة : الجزائر عدد المساهمات : 5285 نقاط : 100012179 تاريخ التسجيل : 06/11/2012
| موضوع: تابع الإثنين نوفمبر 12, 2012 2:04 pm | |
| المطلب الثاني : تفاعل الدول الأقطاب و دور القوة الخارجية. 1- فرنسـا : وفقا لنموذج التحليل الإقليمي لكل من كانتوري و شبيغل Kantory and Shpeigle تعتبر فرنسا من الدول المتطلعة للهيمنة (as pring to hegmon) داخل الاتحاد الأوروبي، و ذلك لامتلاكها للقوة الاقتصادية باعتبارها ثان اقتصاد أوروبي بعد الاقتصاد الألماني، حيث يقدر بـ 1724.6 مليار دولار، و قوتها السياسية من خلال امتلاكها لحق الفيتو في مجلس الأمن، و حضورها في العديد من القضايا السياسية الدولية خاصة التي تخص مستعمراتها السابقة، و امتلاكها السلاح النووي، إضافة إلى قوتها السكانية داخل الاتحاد و الذي يقدر حسب إحصائيات 2004 بـ 60496.00 نسمة (1). كل هذا جعل من فرنسا حسب نظرية الدور لهولستي Holsti تمتلك إدراكا قويا لنفسها كقيادة إقليمية تسعى لجعل الاتحاد الأوروبي قوة قطبية في نظام ما بعد الحرب الباردة، يساهم في ذلك في تعزيز أسس نظام متعدد الأقطـاب، و الذي يعد من أهم مطالب رؤسائها منذ عهد ديغولي الذي برز باتجاهه الاستقلالي، القائم على بناء قوة أمنية أوروبية مستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية من خلال : 1) استقلال مواقف فرنسا عند موقف الناطو. 2) عمل فرنسا على توجيه سياسات المجموعة الأوروبية ضد السيطرة الأمريكية، و ذلك من خلال تنسيق علاقاتها مع ألمانيا، مع مشروطية تحمل فرنسا للأعباء العسكرية الدفاعية و استبعاد أي تحول ألماني لقوة نووية، و قد تجلى هذا من خلال مشروع موني J.Money (2) و هذا ماجعل من فرنسا ثالث قوة نووية بعد الولايات المتحدة و روسيا، خاصة مع زيادة الدعم المادي الألماني في الجانب الأمني، فميزانية كل من فرنسا و ألمانيا الأمنية تقدر بـ 80 % من ميزانية الدفاع الكلية للاتحاد الأوروبي (3)، غير أن هذا التوجه الأمني الموحد ما بين الدولتين، لا ينفي وجود بعض السلوكات السياسية الانفرادية في الجانب الأمني من طرف فرنسا، و التي كثيرا ما تثير قلق ألمانيا، كالتعاون الفرنسي الألماني الذي ظهر بشكل جلي سنة 1996 م (4).
(1) Annuaire géopolitique mondial : L’état du monde, (Paris : la découverte, 2006), P277. (2) Laurent Le blond, OP,Cit, P90. (3) Charl Akuphan : The rise of consensual enpire. (4) حمدوش رياض : الأمن الأوروبي في العلاقات الفرنسية – الألمانية، (مذكرة ماجستير، كلية العلوم السياسية و الإعلام، الجزائر، 2003)، ص 70.
إضافة إلى تصريحات جاك شيراك J.Chirak مؤخرا على ضرورة تدعيم القوة النووية الفرنسية، نتيجة التحديات الدولية التي يفرضها النظام الدولي الحالي، مما أدى إلى رد فعل قوي من طرف الأحزاب الألمانية خاصة منها الحزب الاشتراكي الديمقراطي و الاتحاد المسيحي الديمقراطي (1). تعتبر فرنسا إضافة إلى ما سبق من الدول الداعية إلى تعميق مؤسسات الاتحاد الأوروبي و الداعية إلى إصلاحها، غير أن هذا يتنافى مع عجزها عن التكيف معها، و هناك تقصير فرنسي تجلى أكثر بعد التوسيعات التي قام بها الاتحاد الأوروبي سنة 2004 بانضمام عشرة دول أخرى، من وسط و شرق أوروبا، و مما يسجل عن ذلك التقصير : 1) اختراقات فرنسا المتتالية للإجراءات المعتمدة داخل الاتحاد الأوروبي، فهناك 135 اختراق فرنسي مع نهاية سنة 2004، كما سجلت فرنسا 28 % منها داخل البرلمان الأوروبي. 2) رغم ثقل حجم الموظفين الفرنسيين في الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 3400 موظف إلى جانب احتلالها للمرتبة الثالثة من حيث الدول الأكثر تمثيلا في اللجنة الأوربية، تسجل فرنسا 20 % من الغيابات عن الدورات العادية للبرلمان، رغم أن رئيس هذا المنصب فرنسي الجنسية، و يتوقف الحضور الفرنسي في مناقشات البرلمـان و جلساته على قضايا الزراعة، الضمان الاجتماعي، أما ما يخص القضايا المالية و العدالة ففرنسا مغيبة عنه (2) هذا ما دفع الكثير من المحليين إلى اعتبار فرنسا من الدول الداعية لاتجاه ما بين الحكومات Intergouvernementalism لمورافيسك Moravisk داخل التكتل الأوروبي و الذي ينادي محافظة كل دولة على سيادتها الكاملة و رفض الذوبان داخل التكتل ككل إضافة إلى المناداة بامتلاك حق الفيتو في القرارات الرئيسية خاصة من طرف الدول الكبرى، فقد صرح رئيس الوزراء ليون جوزفان Lionel Josping في 28/05/2004 " إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتحول إلى نموذج فيدرالي مماثل لنموذج الألماني أو الأمريكي فإن فرنسا لن تقبل بذلك أبدا " (3). تحاول فرنسا حاليا استرجاع مكانتها داخل المؤسسات الأوروبية، من خلال عملها على إيجاد مجموعات ضغط (الوبيهات)، كما هو الحال في الأنظمة الأنجلو ساكسونية داخل البرلمان الأوروبي خاصة لتأثير على القرارات التشريعية، و توجيهها لمصلحتها(4).
(1) Jean Kllin : La France face à la seconde éce nucléaire, Le monde diplomatique, Mars 2006. (2) Un manque d’un engagement européenne de la France l’union européenne. . (3) Charle Lorg bibe, OP, Cit . P25. (4) La france dans l’union Européenne. تتميز فرنسا باتجاهها الحضاري من خلال تبنيها للاتجاه القومي المدني، و ضرورة المحافظة على الإرث المسيحي، و هذا ما يفسر رفضها لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، ففي 07/11/2004 صرح الفرنسي فالييري جيسكار Valéry Giscard قائلا : "تركيا ليست أوروبية بل هي دولة قريبة من أوروبا، و انضمامها للاتحاد الأوروبي يعني نهاية أووربـا (1). غير أن دعواتها المتتالية للمحافظة على الهوية الأوروبية و أهم مكوناتها الدين من خلال نصها على التأكيد عليه في ديباق الدستور، يتناقض مع الواقع، فقد أثبتت الإحصائيات أن من بين 20 شخص يحضر للكنيسة في فرنسا شخص واحد، مقابل شخص من ثلاث أشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية (2). 2-ألـمانيـا : تعتبر ألمانيا أحد القوى العظمى بالاتحاد الأوروبي ،بل هي المحرك الذي تسير بواسطته القاطرة الأوروبية فنصيب الفرد يقدر بـ 22900 دولار، كما أنها تحتل المرتبة الأولى في مجالي البنوك و الخدمات الجماعية، و الثالثة في مجال التأمين، السيارات، السلع الوسيطة، التوزيع و التجهيزات الكهربائية، و الرابعة بالنسبة للاتصالات عن بعد و ثالثا من حيث التصدير (3) ،كما أن ألمانيا من حيث المساحة تبلغ 357.050 ألف كلم2 و عدد السكان أكثر من 80.3 مليون نسمة (4)، و هذا ما يمنحها القوة في أجهزة الاتحاد المعتمدة في تصويتها على الكثافة السكانية، خاصة البرلمان الذي تسعى ألمانيا دائما لتوسيع مهامه ،حيث أكدت سنة 1997 على ضرورة إدراج البرلمانات الوطنية في مسار الاندماج الأوروبي، فهي لا تريد أن يكون البرلمان الأوروبي مجرد جمعية استشارية ،كما اقترحت تطوير المجلس الأوروبي ليكون حكومة أوروبية تضم كل حكومات الدول الأعضاء و انتخاب رئيس تمنح له كل الصلاحيات ،و طالبت بإدراج اللغة الألمانية أثناء مناقشات الاتحاد الأوروبي (5). يبرز تأثير ألمانيا في الاتحاد من خلال تبنيه لبنية تنظيمية شبيهة بالنظام الألماني ،كما أن التوسيع الأفقي للاتحاد أخذ مسار إتحاد الألمانيين، فالتضحية الأولى لألمانيا كانت بضم الألمانيتين سنة 1989 ،أين عملت ألمانيا الغربية المتطورة اقتصاديا على تحمل أعباء ألمانيا الشرقية، إلا أن هذا الاتحاد ولد عقبات لألمانيا مثل مشاكل الهوية الوطنية إضافة إلى المشاكل الاقتصادية كالبطالة التي أدت بانتقال الأفراد من الشرق إلى الغرب و غير ذلك من المشاكل، و بنفس المسار انضمت دول من أوروبا الشرقية للاتحاد الأوروبي بدافع ألماني إذ أدرك صناع قرارات السياسة الخارجية الألمانية بدور ألمانيا في هذا الشأن
(1) Davie de Villipin : Un nouveau monde dans les relation international, (paris : ellipses Editions Marketing, 2005(, P87. (2) Davie de villipin : Ibid, P58. (3) شمامة خير الدين : مرجع سبق ذكره، ص 277. (4) حمدوش رياض : مرجع سبق ذكره، ص . (5) كبابي صليحة : ألمانيا الموحدة في الاتحاد الأوروبي، (مذكرة لنيل شهادة ماجستير، الجزائر، 2002) ص 62.
خاصة منهم H.kohl الذي اعتبر توسع الاتحاد و ضم دول الوسط و الشرق هو مسؤولية ألمانية، و هذا راجع إلى أن دول شرق أوروبا تمثل المجال الحيوي الحيوبولتكي لألمانيا (1) ،إلا أن هذا طرح تخوفا لدى هذه الدول التي تسعى دوما لتقوية نفسها داخل الاتحاد ،و ما يؤكد ذلك مطالبة جمهورية التشيك أثناء مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي بضرورة الاعتراف لها بمنع شراء العقارات من قبل الأجانب الالمان ،و ذلك لطمأنة مواطنيها المتخوفين من عودة الألمان إلى المناطق الحدودية (2). تعاني ألمانيا من مجموعة من المشاكل لم تستطع التحكم فيها، فإذا كانت ألمانيا كبلد لم تستطع التحكم في مشاكلها الداخلية فكيف يمكن للاتحاد الأوروبي بسبعة و عشرون (27) دولة أن يتحكم في توسعه ؟ و هو يجمع في طياته بذور الصراع إذ جمع بين أعداء الأمس، و بين هويات و ثقافات مختلفة و هذا ما يفتح الباب أمام الحركات الانفصالية الراغبة في إثبات هويتها، خاصة في ظل سعي ألمانيا إلى تدعيم مركزها بضم دول أوروبا الشرقية، حيث تقوم بنشر لغتها و هو ما لا يتلاءم و تصريح وزير خارجيتها السابق Hans Dietrich Genshen هاس دياتريش جانشن في 13/02/1990 " نحن نريد ألمانيا أوروبية و لا نريد أوروبا ألمانية". إن سعي ألمانيا لإحكام سيطرتها على الاتحاد الأوروبي، من خلال سعيها للتحكم في مؤسساته و تنظيمها وفق مصلحتها، و عملها على ضم دول أوروبا الشرقية هذا المطلب الذي يتوافق و المطلب الأمريكي باعتبـار دول أوروبـا الشرقية هي تابع حقيقي للولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بوجودها طرفا في حلف الناطو NATO و يقابل هذا المطلب الألماني، سعي فرنسا لخلق شراكة حقيقية مع مستعمراتها القديمة من خلال ما يعرف بالشراكة المتوسطية، فالتقارب الجغرافي بينها و بين هذه الدول، إضافة إلى إرثها الحضاري الذي خلفته في المنطقة كلها عوامل تساعد على تحقيق طموحاتها المستقبلية في لعب الدور الريادي على المستوى العالمي، و ما زاد من تمسكها بمطلبها هو منافسة الولايات المتحدة الأمريكية لها في المنطقة، هذه الأخيرة (USA) مدعمة بقطب مهم في الاتحاد الأوروبي ممثلا في بريطانيا الحليف الدائم للولايات المتحدة الأمريكية و القليلة الارتباط بالاتحاد، فكل هدف بريطانيا من الاتحاد هو الاستفادة منه باعتباره منطقة تجارية حرة، إضافة إلى أنها تعمل على تدعيم دول الكومنولث. فهذا التفاوت في الأهداف بين الأقطاب الثلاث داخل الاتحاد الواحد يفسح المجال للتحليل الواقعي، فدول الاتحاد رغم وصولها إلى درجة عالية من التكامل إلا أن عدم الثقة و المصلحة القومية طغت على المصلحة العامة للاتحاد. إن هذا الاختلال يشكل خطر على الاتحاد الأوروبي، إذ أنه بقدر ما تكون الكتلة غير منظمة داخليا بقدر ما تزداد الفرص أمام القوى القطبية الخارجية للتغلغل داخل النظام الإقليمي الأوروبي، و هذا ما طرحه روجر ماسترز R.Masters من خلال نموذجه للنظام الدولي المسمى بنظام تعدد الكتل، و مجال تدخل قوة خارجية خاصة الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية للاتحاد الأوروبي هو أمر وارد خاصة بعد توسيع هذا الأخير نحو الشرق.
(1) L’Allemagne et l’élargissement de UE à l’est. (2) شمامة خير الدين : مرجع سبق ذكره، ص 297.
الأمن الأوروبي و دور القوة الخارجية : تميز عالم اليوم بوصفه عصر التكتلات الإقليمية، التي لعبت في مستوى معين دور شبيه بما كانت تقوم به الأحلاف العسكرية قبل و أثناء الحرب الباردة، خاصة مع تصاعد القوة الاقتصادية التي تعتبر أساس التكامل في إطار هذه التكتلات، إلا أن هذا لا ينفي أهمية القوة العسكرية في عمل كل كيان سياسي، فالعلاقات الدولية لا تخلو من الصـراع و لهذا نجد فرنسا من خلال تواجدها بالاتحاد الأوروبي تسعى لإقامة وحدة أمنية أوروبية مستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية، و هو ما حاولت ترسيخه بشكل بارز من خلال اتفاقية ماسترخيت فيما عرف بالسياسة الخارجية و الأمنية المشتركة، لكن سبق هذا تشكل إتحاد أوروبا الغربية (UEO) الذي نشأ في 07 مارس 1948 باتفاق كل من بريطانيا و فرنسا و دول النبلوكس الثلاث لمدةخمسين (50 )سنة (1)، و أيضا مشروع بليفان Le Plan du Bleven(*) الذي طرحه وزير الدفاع الفرنسي في قمة الـ NATO سبتمبر 1950 دعى من خلاله إلى إنشاء جيش أوروبي موحد تحت قيادة مشتركة، و بعد نقاشات عديدة داخل CECA تم إمضاء المعاهدة المنشأة للجماعة الأوروبية للدفاع (CED)، إلا أنها فشلت خاصة بعد طرح قضايا القيادة (2)، و هو ما جعل فكرة الأمن الأوروبي تعرف ركودا إلى حين تولي ديغول Degoulle (**) الحكم في فرنسا بسياسته المناقضة للـ NATO و أكد على قيام أوروبا وحدها بحسم قضاياها . و ظل الحوار مستمر إلى غاية قيام الاتحاد الأوروبي بإنشاء مؤسسات عسكرية و أمنية تضطلع بأمور السياسة الخارجية و الأمنية المشتركة التي تقدمت بها معاهدة ماسترخيت، و تمثلت هـذه المؤسسـات في الجسـم الأوروبي (***) ثم إنشاءه من خلال القمة الفرنسية الألمانية التاسعة و الخمسين(59) من 19-29 ماي 1992 يضم 000 50 جندي يدخل في إطار ما يسمى بقوة رفع إتحاد أوروبا الغربية، و هو تحت سلطة الناتو، يختص بالقضايا الإنسانية و هناك أيضا الأورو فورس Euro Force (****) أو القوة الأوروبية أنشئ بتاريخ 15/05/1995 يضم إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، البرتغال سنة1996 ،متكون من الأوروفور و هي قوة برية دولية يمكن أن تعمل تحت راية النـاطو يتولى مهـام إنسـانية، و هناك الأورمارفورس Euro Mar Force و هو قوة بحرية للتدخل السريع مكملة للأولى، و هناك الأوروبول الذي وقع في جويلية 1995 و دخل حيز التنفيذ عام 1998 ،وهو عبارة عن ديوان أوروبي للشرطة و حددت اتفاقية أمستردام 1998 وظائف أخرى له (3).
(1) ليلى مرسي و أحمد وهبان : حلف شمال الأطلنطي، (مصر : دار الجامعة الجديدة للنشر، 2001) ،ص 45. (2) حسن نافعة : مرجع سبق ذكره، ص 135. (*) رفض مشروع بليفان من طرف البرلمان الفرنسي يوم 30/08/1954. (**) تولى الجنرال ديغول الحكم في أواخر سنة 1958 و هو ما أدى لخروج فرنسا من حلف الـ Nato عام 1966. (***) انضمت للجسم بلجيكا 23/06/1993 و اسبانيا 10/12/1993 و لكسمبورغ 07/05/1996. (****) الأورو فورس و الأورو مارفورس : هي قوات أوروبية لها علاقة بالأمن الخارجي، في حين الأوروبول هي قوات شرطة لها علاقة بالأمن الداخلي و متفق عليها بالإجماع داخل الاتحاد عكس الأوروفوس و الأورو مارفورس اللذان يسعيان للاستقلال عن USA. (3) بن مسعود مرزوق و سامي نورة : مرجع سبق ذكره، ص 23، 53.
يلاحظ أن معظم المؤسسات هي مختصة بقضايا إنسانية إضافة إلى أنها تابعة للناطو، كما أن ميزانية الدول الأوروبية المخصصة للدفاع تناقصت في فترة 1995-1999 و هي الفترة التي شهد فيها الاتحاد الأوروبي أهم مراحل تطوره الاقتصادي و الجدول التالي يوضح ذلك : الجدول رقم (02): ميزانية الدفاع الأوروبي مقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية Budget défense السنوات الدول 1995 1996 1997 1998 1999 ألمانيا 34.625 32.745 26.641 26.002 23.790 فرنسا 42.240 37.861 32.711 30.703 28.353 إسبانيا 7.243 7.014 5.942 5.880 5.464 RU 53.725 34.196 35.736 36.111 33.254 إيطاليا 16.619 20.680 18.237 17.495 15.609 السويد 6.290 6.253 5.021 5.241 4.350 المجموع 142.742 138.749 124.288 121.440 111.820 الولايات المتحدة الأمريكية USA 274.624 271.739 257.975 253.423 252.379 الوحدة : مليون دولار. المصدر : De la coopération à l’intégration : Les industries a éromautique et de défense en Europe/ Burkard schmith .
إن أحداث الحرب الباردة كانت الدافع الأول وراء نشوء حلف دائم مثل الحلف الأطلسي سنة 1949 ،ربط الدفاع عن أوروبا بالولايات المتحدة الأمريكية،و رغم محاولات فرنسا الانفصالية و تشكيل دفاع أوروبي إلا أن الحلف بقي قائما رغم انتهاء أسباب قيامه، خاصة و أنه أثبت فعاليته إذ اعتبر Asmus أسموس و كغلر Kugler و لاربي Larrbe بأن الناطو كمنظمة و تحالف له تنظيم قيادي و يمتلك ترسانة فعالة يستطيع أن يتعامل مع التحديات الأمنية التي تواجهها أوروبا في فترة ما بعد الحرب الباردة (1). مع اتخاد الناطو قرار التوسع من خلال قمة براغ نوفمبر 2002 بضم تركة الاتحاد السوفيتي المنهار، و بهذا سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية على ما كانت أوروبا و خاصة ألمانيا تعمل للسيطرة عليه، كما أنه من خلال هذه القمة تم تشكيل قوات التدخل السريع التي بإمكانها التدخل لمكافحة الإرهاب ظاهرة العصر الحالي، كما وسع من عمله لضمان بقائه من خلال ما يعرف بقوة الناطو للرّد (*) ،هده الاخيرة لاقت تخوف من بلجيكا و فرنسا من أن تكون وظيفتها قطع الطريق على مشاريع الاتحاد الأوروبي من أجل امتلاك قدرة للتدخل العسكري،و ما يؤكد ارتباط الاتحاد الاوروبي بالولايات المتحدة الامريكية أن توسع الاتحاد جاء بعد أسابيع من توسع الناطو(2). بخلاف علاقة الاتحاد الأوروبي (EU) بالولايات المتحدة الأمريكية (USA) اقتصاديا القائمة على أساس الشريك الواجب وجوده لتسيير العلاقات الاقتصادية، فإن الارتباط الأوروبي الأمريكي أمنيا من خلال الناطو Nato تطرح نقاشا داخل الاتحاد الأوروبي EU بين كتلتين : الكتلة الأولى : بزعامة فرنسا و هي تسعى لإيجاد هوية أمنية أوروبية بعيدا عن الناطو و سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر نفسها قوة أوروبية ،في حين يرى فيها بعض الأوروبيين حليفا أطلسيا لا بد من استغلال تواجدها ضمن الناطو لتحقيق أهداف أوروبية (3)، مع العمل على إنشاء قوة أمنية أوروبية تشاطر كل من ألمانيا و بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ هذه الرؤية الفرنسية. الكتلة الثانية : تتصدرها بريطانيا المدعومة بإيطاليا و الدول الصغرى خاصة دول أوروبا الشرقية، تؤكد على أهمية بقاء الناطوللحفاظ على استقرار أوروبا. تشكل هذه أول العوائق في وجه هوية أوروبية أمنية موحدة، لعدم إيمان كافة أعضاء الاتحاد الأوروبي بها، فبريطانيا لا تزال مؤمنة بمقولة وزيرها الأول السابق ستانلي بالدوين Stanley Baldwin عام 1935 : " لقد آمنت ما حييت أن الأمان الأعظم من شرور الحرب في أي بقعة تدور رحالها في أوروبا أو الشرق أو سائر المعمورة ليكمن في التعاون بين الإمبراطورية البريطانية و الولايات المتحدة الأمريكية "، و ما زاد من تمسك هذه
(1) ليلى مرسي و أحمد وهبان : مرجع سبق ذكره، ص 324. (*) قوة الناطو للرّد هي مقرح أمريكي طرحه رامسفيلد في 24/09/2002 تنشر في أي مكان في العالم. (2) إيان أنطوني و آخرون : التسلح و نزع السلاح و الأمن الدولي، (لبنان : مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2003)، ص 150، 154. (3) رداف طارق : مرجع سبق ذكره، ص 113.
الدول بالناطو هو بروز تهديدات جديدة لا تقوي أوروبا على التصدي لها، كما أن الصناعة العسكرية الأوروبية تعاني من تشتت كبير فالنفقات العسكرية الأوروبية مجتمعة لا تتجاوز 15% من القدرات العسكرية الأمريكية، كما تفضل البلدان الأوروبية شراء الأسلحة الأمريكية المنخفضة الثمن عن الإنتاج الأوروبي بل إن بريطانيا، إيطاليا، هولندا، الدانمارك، انضمت عام 2002 إلى مشروع الطائرات المقاتلة الأمريكية آف35 F (1)، ،فكيف لأوروبا أن تحلم بدفاع مستقل و هي لا تصنع أسلحتها بنفسها ? (*)، و عليه وجب على الأوروبيين عدم الاكتفاء بالدفاع عن أوروبا و السعي لبناء الدفاع الأوروبي، على حد تعبير الأستاذ دانييل كولار D.Colard، حتى تستطيع إثبات الوجود الأوروبي على المدى البعيد، خاصة و أن أوروبا بمقارنتها بالولايات المتحدة الأمريكية تفتقر إلى إمكانيات القيام بمشروعات تتعلق بالقوة العسكرية، كما أن الأساس التكنولوجي لديها لا يقارن بالولايات المتحدة وتفتقر إلى قوات تساهم في الحملات العالمية وأيضا غياب قوات قابلة للانتشار على نطاق عالمي، فلدى الاتحاد الأوروبي تقريبا 1.7 مليون مقاتل لكنهم قادرون فقط على نشر 10 % تقريبا من هذه القوات للقيام بمهام خارج أوروبا، كما أن الأوروبيين ما زالـوا ينظمـون الدفـاع و استثماراته بشكل قومي (2)، و هذا دليل على أنه رغم مستوى التكامل الذي وصل إليه الاتحاد الأوروبي إلا أن الثقة بين دوله لم تبلغ بعد الحد الذي يجعل أحد أعضاءه يتنازل عن وظيفة الأمن القومي لباقي الأعضاء الآخرين و لا حتى للوحدة.
| |
| | | salim 1979 التميز الذهبي
تاريخ الميلاد : 27/05/1979 العمر : 45 الدولة : الجزائر عدد المساهمات : 5285 نقاط : 100012179 تاريخ التسجيل : 06/11/2012
| موضوع: تابع الإثنين نوفمبر 12, 2012 2:07 pm | |
| المبحث الثاني : النمط العالمي مطلب الأول : نشأة APEC شهد العالم مع نهاية الحرب الباردة، نشاطا متسع على صعيد تكوين التكتلات و التجمعات الاقتصادية عبر نطاق جغرافي متسع تحده المحيطات و التي عرفت بالمجـالات الاقتصـادية الكبرى Large Economic Space و منها تجمع آسيا و الباسيفكي Asia Pacific Economic Coopération Group (APEC) و الذي يعتبر إطار اقتصادي قام بمبادرة استرالية سنة 1989 و تلقى دعما قويا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، و قد جاء نتيجة جولة دامت شهورا من اللقاءات و المشاورات ما بين حكومات دول المحيط الهادي، انتهت إلى عقد المؤتمر التأسيسي بناءا على دعوة رئيس الوزراء الاسترالي، لوزراء الخارجية و وزراء التجارة الدولية للاثني عشر دولة أصليـة و هي : استراليا، كندا، بروناي، أندونيسيا، اليابان، كوريا، ماليزيا، نيوزيلاندا الجديدة، الفيليبين، سنغافورة، تايلندا، الولايات المتحدة الأمريكية (1). ليتبع هذا المؤتمر بمؤتمر قمة آخر ببلانك إيزلند Blank Island بسياثل في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1993 و الذي أكد على هدف أساسي و هو زيادة تحرير التجارة و التعاون الاقتصادي ما بين الدول الأعضاء، إضافة إلى توسيع العضوية لدول الراغبة في الانضمام للمنتدى، و فعلا تم ما بين سنة 1989-1993 إلى استقبال ستة أعضاء جدد هي: الصين، ماقطعة هونغ كونغ سابقا، المكسيك، تشيلي، غينا الجديدة، نايوان، لتنظم إلى المنتدى كل من روسيا و الفيتنام و البيرو. بعد مؤتمر قمة في كندا في 25 سبتمبر 1997، ليصبح العدد النهائي للأعضاء (21) عضو (2) إلى جانب العضوية الكاملة التي تتمتع بها الأعضاء السابق ذكرهم، أعطى المنتدى صفة ملاحظين رسميين لكل من :
* سكرتارية دول جنوب شرق آسيا Le secrétariat de l’Association des notions de l’Asie du Sud-Est. * مجلس التعاون الاقتصادي لدول الهادي Le conseil de coopération économique avec les pays du pacifique.
* منتدى الهادي الجنوبي (3) Le forum du pacifique sud
(1) Question fréquemment posées à propos de l’Apec. (2) أسامة المجدوب، مرجع سبق ذكره، ص85. ( تتميز مجموعة التعاون الاقتصادي لآسيا و الهادي (الأبك) باتساعها على المستوى الجغرافي فهي تضم أربع قارات (أمريكا، آسيا، أوروبا، استراليا). - تجمع ما بين أعضاءها دول متقدمة، منها ثلاث أكبر اقتصاديات عالميا و المتمثلة في اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية و اليابان و الصين. - تمتع دولها الأعضاء بأكبر ادخاراتهم و تقدم تكنولوجياتهم، إضافة إلى توفر المحفل على أكثر الأسواق نموا. - تضع المنتدى بنسبة 50% تجار السلع و 54% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و 37 % من تجارة الخدمات (1). دوافع تأسيس منتدى الإقدلاسيا و الهادي : 1- التخوف من انهيار النظام الاقتصادي المتعدد الأطراف داخل المبادلات الدولية من نهاية الحرب العالمية الثانية. 2- خلق نوع جديد من التكتلات القائمة على التبادل الاقتصادي أكثر منها القائمة على أساس الاشتراك في القيـم و الأفكار، و هذا ما يدخل في إطار الإقليمية المفتوحة. 3- حاجة آسيا لاقتصاديات الدول المتقدمة، وحاجة هذه الأخيرة أيضا لأسواق آسيا التي تعرف بشساعتها لكثرة المستهلكين بها. 4- سعي الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية إلى استدراج العديد من الدول الآسياوية لتعزيز موقعها في المفاوضات الثنائية لتأسيس منظمة التجارة الدولية (2). أما بالنسبة لدوافع الدولة المبادرة أستراليا فتكمن في دافعين أساسيين : 1/ تحرير التبادل في المجال الفلاحي العالمي، خاصة بالنسبة للقطاع الحيواني باعتبارها رائدة في هذا المجال. 2/ اختراق القارة الآسيوية و اكتساب موقع جيوسياسي يمكنها من إدارة علاقاتها بمرونة أكبر مع جيرانها خاصة أندونيسيا و الفلبين(*).
(1) أسامة المجدوب، مرجع سبق ذكره، ص 86. (2) الحسن المصدق : اقتصاد النمور و الأهمية الاستراتيجية. (*) و قد تجسد ذلك من خلال مبدأ هاورد، الذي يقوم على أساس دعم الولايات المتحدة الأمريكية لأستراليا لقيادة المنطقة، و تحمل الأعباء، الأمنية فيها، و قد يبرز دور استراليا في هذا الشأن في أزمة تيمور الشرقية.
البنية الهيكلية للأباك APEC : تشير الأباك APEC او منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا و الهادي إلى الترابط بين أعضاء تربطهم مصالح متعددة رغم البعد الجيوبوليتكي لبعض أطرافها ،فمفهوم المنتدى Forum يعبر عن التقاء لمجموعة دول حول التعاون في مجالات معينة (1) ،و لهذا يغيب عن الآباك هيكل تنظيمي واضح المعالم إذ تتوفر على مؤسسات تنسيقية فقط بين الأعضاء حتى أن العديد من أعضاء التكتل يعارضون فكرة اكتسابه المزيد من الصبغة المؤسسية لما تعنيه من بيروقراطية . التكتل يعرف مرونة كبيرة تعود إلى تركيبته في حد ذاته، إذ يعبر عن لقاء لرجال الأعمال و مشاريع القطاع الخاص، أكثر منه تعبير لروابط تكاملية بين الدول (2) ،و هو ما يشكل أساس الإقليمية الجديدة The New Regionalism فالأباك APEC هي تجمع يضم في طياته 21 دولة تحكمها تناقضات و اختلافات متعددة ،و هي تمثل تنوعا فريدا تحكمه مصالح اقتصادية متنافسة (3) ،فمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا و الهادي مخالف لما هو موجود بمنظمة التجارة الدولية OMC، أو باقي الهياكل التجارية المتعددة الأطراف Multilateral، فالأباك ليست اتفاقية توجب أو تفرض إلزاما لمشتركيها ،إذ أن صنع القرارات بها هو امتداد للإيداعات التي التزم بهاالاعضاء، على أساس اختياري Volumtory، كما تعمل على ايجاد محيط آمن و تفاعلات فعالة عبر الوظائف و الأفراد (4)، يلعب القطاع الخاص دورا كبيرا في خلق حالة التجانس بين صانعي السياسة و قطاع رجال الأعمال ،و هو ما تم تجسيده من خلال المجلس الاستشاري الدائم للأعمال يضم ثلاث رجال أعمال من كل عضو، و يؤثر بشكل كبير على سياسات الـ APEC، إضافة إلى مجلس التعاون الاقتصادي الباسيفيكي ،و هو منظمة إقليمية ثلاثيـة الأبعـاد تضم ممثلي الحكـومة و رجال الأعمال ،و لها صفة مراقب في الأباك، و هناك المجلس الاقتصادي لحوض الباسيفيكي و هي منظمة خاصة بالقطاع الخاص تعكس في تمثيلها عضوية الأباك و تروج للتعاون الاقتصادي الإقليمي (5).
| |
| | | salim 1979 التميز الذهبي
تاريخ الميلاد : 27/05/1979 العمر : 45 الدولة : الجزائر عدد المساهمات : 5285 نقاط : 100012179 تاريخ التسجيل : 06/11/2012
| موضوع: تابع الإثنين نوفمبر 12, 2012 2:17 pm | |
| المطلب الثاني : تحليل القوى الفاعلة في المنتدى 1- الولايات المتحدة الأمريكية : تعتبر من أقوى أعضاء المنتدى اقتصاديا و سياسيا و أمنيا، و أكثرهم اقتحاما لها من خاصية القطاع الخاص الذي تقوم عليه هيكلة المنتدى، لضخامة شركاته و كثرة استثماراتهم في المنطقة، خاصة بعد شعور الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة بالمناعة التوصل إليها المركز الاقتصادي الآسيوي، و تجلى ذلك في اجتياح سلعها للصناعة الآسيوية للسوق الأمريكية حيث تجاوز العجز التجاري لهذه الأخيرة مع المنطقة 100 مليار دولار منها 60% مع اليابان و 28% مع الصين (1) و هذا ما دفع جاجيش باجواتي J.Bajowati إلى وصفها بالعملاق المتلاشي Diminished Giant بإضافة إلى موقف المجموعة الاقتصادية الأوروبية المتشدد في مفاوضات جولة أورجواي، و عليه فقدت الولايات المتحدة الأمريكية ثقتها في الإطار التجاري المتعدد الأطراف، و ما دفعها إلى خلق التجمعات الإقليمية الواسعة المجالات، لتعزيز قدرتها التنافسية عالميا فشجعت مبادرة إنشاء منتدى آسيا و الهادي (2). و هدف الولايات المتحدة الأمريكية من انضمامها لمثل هذا النوع من التجمعات الاقتصادية، يدخل في إطار إستراتيجيتها العامة كقطب دولي مهيمن، يسعى إلى التواجد في أهم المنـاطق خـاصة منهـا آسيـا (*) و التحول إلى مركز اقتصادي تدور حول الاقتصاديات الآسيوية، بعد ما كانت مركز أمني و سياسي خلال فترة الحرب الباردة، و تمثل هذه المبادرة الفرصة السانحة للتحرك الأمريكي على مستوى الدبلوماسية الاقتصادية لعرض هندسة جديدة لأطر التعاون التجاري و الاقتصادي في العالم، تقوم على نمط جديد من المؤسسات الدولية الاقتصادية تختلف في آلياتها عن مؤسسات بريتون وودز(3) و تساعد الولايات المتحدة على تبادل التقنيات و المعلومات و تمكنها من التأثير القيمي (الفكري)، و ذلك بتوحيد الدولة الطامحة في الهيمنة و التي تملك رصيد واسع من الحضارة و التاريخ خاصة الصين و اليابان كإمبراطوريتين تقليديتين لذلك تسعى الولايات المتحدة الأمريكية جاهدة من خلال هذا التكتل لعدم قيادة إحدى الدولتين للمنطقة بدلا عنها، أو لقيام تحالف ياباني- صيني أهم ما فيه أن يجمع قوة اقتصادية بقوة عسكرية نووية إلى تغيير التوازنات الإستراتيجية في المنطقة تمهيدا لتغييرها على المستوى الدولي و تهديدا للوجود الأمريكي في قمة الهرم الدولي للقوى العالمية، خـاصة بعد
(1) ياسر علي خريسان : مرجع سبق ذكره، ص 120. (2) أسامة المجدوب : مرجع سبق ذكره، ص 54. (*) حددت تلك الاستراتيجية في وثيقة القرن الأمريكي التي نشرت سنة 2000، و حددت المناطق المفتاحية في العالم في : الشرق الأوسط، جنوب شرق آسيا، أمريكا اللاتينية، منطقة البلقان. (3) كاظم هاشم نعمة، مرجع سبق ذكره، ص 195.
إشارة الواقعيون الهجوميون و على رأسهم ميرسهايمر Mearshiemer بأن لا وجود لهيمنة دولية لكن هناك وجود لهيمنة إقليمية، أخذت تتسع بعد الحرب الباردة، لذلك وجب على الولايات المتحدة الأمريكية إتباع إستراتيجية الاختراق لهذه الأقاليم، و الاحتواء الاقتصادي لقواها باستخدام القوة النائمة التي أكد عليها ناي Ney و المتمثلة في القيم الديمقراطية و حقوق الإنسان التي رافقت الخطاب الأمريـكي بعد الحرب البـاردة، و زادت شدتها بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 و قد برزت هذه التوجيهات بعد زيارة بوش الابن في سبتمبر 2003 لدول المنتدى الآسيوي الهادي، و قد طرح خلال لقاءاته مع قادة أبك مجموعة من القضايا أهمها : 1/ مشكلة نزع السلاح الكوري الشمالي، و دور الصين في حل هذه المشكلة. 2/ تشجيع اليابان على زيادة تسلحها العسكري، لتخفيف من أعباء العسكرية على الولايات المتحدة الأمريكية. 3/ مشكلـة الحرب على الإرهـاب في دول جنوب شرق آسيـا خـاصـة منهـا : أندونيسيـا و الفلبين و تايلاندا (1). و عليه تفادي لقيام أية قوة مهيمنة في المنطقة، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية وسائل اقتصادية لمحاصرتها خاصة منها الصين، و ذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية أخذت تدعم كل من اليابان و الهند لتعارض الكبير في سياستهما مع الصين، و قد تبعت إدارة بوش سياسة مختلفة تجاه كل دولة لتحقيق الهدف الإستراتيجي، فاليابان من أقوى و أعنف الدول و أكثرها تطورا تكنولوجيا، و الهند من أفقر الدول الآسيوية و الأكثر عددا سكانا بعد الصين، و إذا ما اجتمعت قوة اليابان التكنولوجية و كثافة السكان في الهند تحت راية الولايات المتحدة الأمريكية، و القاسم المشترك بين كل من الهند واليابان هو حاجتهما للنفط، و إذا ما تمكنت واشنطن من ضمان السيطرة التامة عليه و على ممراته الهامة عالميا فلا تخشى من تمردهما عليها على عكس الصين التي لو اتبعت معها نفس الإستراتيجية لعززت من تحالفها مع روسيا و قوت جانبها الهوياتي الذي تسعى لتأثير به على دول أسان (ASAN) (2) خاصة و أن الصين اعتبرت القوة الاقتصادية محركا و دافعا لتعزيز القوة الهوياتية و الأمنية (3).
(1) (2) مقال نشر عن السياسة الخارجية تحت المجهر، العدد 528.
(3) Shaun Nauime : Economic and security in the Asia.
2- اليايان : تعد القوة الاقتصادية الأولى في آسيا الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة الأمريكية و استنادا لهذه القوة تلعب اليابان دور الوسيط ما بين واشنطن و الدول الآسيوية داخل منتدى أبك و ذلك باعتبارها قائدة الدول الآسيوية اقتصاديا، فهي تصدر للصين و باقي الدول في آسيا ما قيمته 34% من مجمل صادراتها، غير أن الذاكرة السيئة التي تحملها شعوب المنطقة عن المستعمر الياباني قديما، و العملاق الاقتصادي الرافض الاعتراف بأخطائه، إضافة إلى علاقاتها المتوترة في بعض من الأحيان مع الصين السند الأول لها (1) والتي تمثل معها قلب المنتدى الأبك المتنافر، على عكس كل من فرنسا و ألمانيا في الإتحاد الأوروبي، و يرجع الكثير من المحللين ذلك لكون اليابان أعادت بناء اقتصادها و كيانها السياسي خارج أي إطار مؤسساتي داخل النظام الإقليمي الآسيوي، على عكس ألمانيا التي تجددت قوتها و وحدتها داخل المؤسسات الأوروبية، و من خلال هذه الرؤية التحليلية يتحول دور الولايات المتحدة الأمريكية داخل المنتدى في إطار العلاقات ما بين اليابان و الصين إلى دور المساوم The Bugainer و ذلك بعدم ترجيح قوة على أخرى بأن تتحول إحداهما إما لدولة قطب أو لقائد لنظام إقليمي قطب و خاصة إذا كان ذلك القائد هو الصين (2) إضافة إلى ما سبق، تبحث اليابان من خلال عضويتها في أبك إلى تعزيز دورها في التفاعل الاقتصادي الإقليمي أي ما بين دول آسيا و ذلك بمحاولتها لنقل نموذجها التنموي المتطور و تكنولوجياتها لدول المنطقة، بحثا منها على منافسة النموذج العالمي الذي تبحث الولايات المتحدة الأمريكية على نشرها في إطار عولمة اقتصاد عالمي وفق الأسس الاقتصادية التي تناسبها، و إذا ما نجحت اليابان في التأثير على الدول الآسيوية فستكون هي المسيطر في المنطقة، و هذا ما سيدفعها لتعزيز قوتها الأمنية خاصة و أن المنتدى لم يخلو من مناقشات تخص الجانب الأمني للأعضاء، و منها اليابان التي المطالب الداخلية الشعبية بضرورة لعبها دور أكبر في النظام الدولي، و قد بدأ فعلا بعض الساسة اليابانيين حركة عكس المادة 09 من الدستور الياباني الذي يجعل دور الجيش مقتصرا على الدفاع عن النفس، و قد توضح ذلك من خلال الحرب على العراق 2003(3).
(1) محمد المجدوب: مرجع سبق ذكره، ص 436. (2) Charle Akuphan : the rise of consensual empire.
(3) جوزيف س ناي (الإبن) : مفارقة القوة الأمريكية، ترجمة محمد توفيق البجيرمي، (السعودية : مكتبة العبيكان، ط1، 2003)، ص 62.
3- الصين : تمتلك الصين إدراكا قويا بأهمية موقعها و ثقلها الاقتصادي و الأمني و قوة هويتها في منطقة جنوب شرق آسيا، هذا ما دفعها لتعجيل بالانضمام إلى المنتدى الاقتصادي لآسيا و الهادي (APEC) ، بعد مؤتمر سياتل الذي أكد على أهمية تحرير الجواز الجمركي و زيادة التبادل الحر ما بين دول المنطقة تمهيدا لانضمامها لمنظمة التجارة الدولية و الاستفادة من قرص الاستثمار على المستويين الدولي و الإقليمي (1). دور الصين في أبك يتوقف على لعب دور الدولة المتطلعة للهيمنة إقليميا فدوليا، فهي تعتبر من أكثر المرشحين لمنافسة الولايات المتحدة الأمريكية عالميا و أكثرها امتلاكا لوسائل تلك المواجهة، غير أن الدول الأطراف في النظام الإقليمي في جنوب شرق آسيا كثيرا ما تلعب دور المعرقل لهذه الهيمنة و الكابح لجماح ذلك الطموح و قد برزت مجموعة الآسيان كمساوم الذي يتوقف على مساعدته أو عرقلته وصول الصين للمرتبة الدولية التي تبحث عنها، خـاصة و أن دول المنظمة سعت دائما لمحاولة إذابة توجه الهويات للصين داخل توجه دولها ككل، و هذا ما زاد من توجه الصين للتفاعل داخل المنتدى الآسيوي الهادي لتحقيقها لأهدافها المتمثلة في : 1) تعزيز موقفها كقوة إقليمية تجاه اليابان كمنافس اقتصادي أول في المنطقة. 2) التمكن من ميكانزمات اقتصاد السوق، دون فقدان طبيعة نظامها السياسي الشمولي (2). 3) إثبات تفردها الهوياتي داخل تكتل متعدد الهويات و التوجهات، و قياس مقدرة محافظتها عليها خاصة في ظل التنافس مع الهوية الغربية للولايات المتحدة الأمريكية. 4) احتفاظ الصين بالقدرة على تقرير سياستها الخارجية ضد القضايا الحساسة التي تمس أمنها القومي كقضية التايوان، و قد برز ذلك من خلال زيادة تهديد الصين لتايوان بعدم المطالبة باستقلالها أو اتخاذ أي سلوك تحالفي غربي يساعدها على ذلك. و قد ذهبت أغلب التنبؤات بأن الصين من خلال عضويتها في الأبك ستزيد من قرص لعبها لدورها في المنظقة و النظام الدولي خاصة لتمسكها بمرتكزات أهمها : - فكرة العودة للظهور The emerging arrive باعتبار كونها مملكة الوسطى آسيا و العالم في فترة دامت من 50 إلى 1500 سنة.
(1) Shaun Nauime : Economic and security.
(2) كاظم نعمة، مرجع سبق ذكره، ص 24.
- ارتفاع نموها الاقتصادي في السنوات الموخرة من 8% إلى % و الذي ساهم في مضاعفة ناتجها القومي، فقد ذهبت تنبؤات البنك الآسيوي للتنمية من أن دخل الفرد في الصين سيصل إلى 38 % من دخل الفرد في الولايات المتحدة الأمريكية (1). - الاستقرار السياسي في الصين و قدرة النظام الصيني على تعبئة الشعب و المحافظة على وحدته. امتلاك الصين للقوة النووية، و عملها على تدعيم علاقاتها مع دول المنطقة النووية ككوريـا الشمـالية و روسيا و إيران الطامحة لامتلاكها مما يثير تخوف الولايات المتحدة الأمريكية (2). و عليه يعد محفل آسيا و الهادي أكبر دليل على قدرة الصين على التجاوب مع نظام الرأسمالي العالمي، و المحافظة في نفس الوقت على خصائص نظامها السياسي الشيوعي. علاقة الأباك بالأسيان : الأسيان ASEAN كتجمع يعبر عن إتحاد لدول جنوب شرق أسيا، تم تأسيسه من طرف خمسة دول : أندونيسيا، ماليزيا، تايلاندا، سنغافورة، الفلبين من خلال إعلان بانكوك 08/08/1967 ،و انضمت إليها دول أخـرى فيمـا بعد (*) بهذف تحقيق الاستقرار الإقليمي، و تحقيق التعاون بين الأعضاء في جميع المجالات (3) ،و يرتبط الأسيان بالعديد من دول آسيا و المنظمات الإقليمية الأخرى كالاتحاد الأوروبي و الأباك. يرغب أعضاء الأسيان من خلال تكتلهم في الـ APEC إلى تحقيق نضجهم الاقتصادي من خلال تعزيز هياكل اقتصاديةللأسيان والاقتراب من الصيغةالأوروبية(4) و هذا ما تأكد من خلال اتفاق أعضاء الأسيان في قمتهم السنوية الأخيرة 14 جانفي 2007 على إنشاء ميثاق يحول الرابطة إلى كيان أشبه بالاتحاد الأوروبي، و العمل على إنشاء أوسع منطقة تجارة حرة بين الدول الأعضاء في عام 2015.
(1) جوزيف س ناي (الإين) :مرجع سبق ذكره، ص 55. (2) Charle Akuphan : The rise of consensual empire.
(*) الدول التي انضمت فيما بعد تتمثل في سلطنة بروناي عام 1984، و الفيتنام 1995 و انضمام كل من بورما و كمبوديا و لاووس عام 1997. (3) اتحاد دول جنوب شرق آسيا : ASEAN.
(4) كاظم هاشم نعمة : مرجع سبق ذكره، ص 198.
إن الأباك بضمها لأقوى الأقطاب الاقتصادية في العالم –الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، الصين، يجعل دول الأسيان في خطر من الاحتواء ،خاصة بعد الأزمة التي أصابت هذه الدول سنة 1997 و تعامل الأبـاك تجاهها، فبقـاء و استمرار الأسيان مرتبط بمدى قدرتها على تحقيق أهدافها ،خاصة في مجال تحرير التجارة و احتمال توسع عضويتها لتشمل اليابان والصين باعتبارهما أكبر قوتين في آسيا، و إن لم يتحقق ذلك فإن الأسيان يمكن أن تذوب ضمن الأباك، خاصة إذ وسع هذا الأخير من أعماله (1) ،فالأباك هي أداة للسيطرة على اقتصاديات دول بدأت السير في مصاف الاتحادات الكبرى ، و لهذا تم إيجاد تجمع آخر مضاد لوجود الأباك بآسيا وهو تجمع ASEM ، الذي جمع الـ ASEAN و الاتحاد الأوروبي ،الذي يعد ثاني أكبر سوق تصدير للأسيان و ثالث أكبر شريك تجاري لها بعد اليابـان و الولايات المتحدة الأمريكية ،كما يمثل الاتحاد الأوروبي 18 % من حجم تجارة الأسيان الدولية، بينما يمثل الأسيان 2.6 % من تجارة الاتحاد الأوروبي الدولية عام 1995 (2). و قد بدأت العلاقة بين الاتحادين الأوروبي و الآسيوي بصفة غير رسمية سنة 1972، و أخذت وضعها الرسمي عام 1980 من خلال اتفاقية تعاون ،و تجلت قوة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي و الأسيان في اجتماع أسيا –أوروبا الذي عقد قمته الأولى في بانكوك من 01 إلى 02 مارس 1996 و ضم 10 دول من آسيا و دول الاتحـاد الأوروبي، و تم الاتفاق على إنشاء محفل لرجال الأعمال يبدأ أعماله بفرنسا أواخرسنة 1996، و إنشاء مؤسسة آسيوية أوروبية مقرها سنغافورة و قد تم إنشاء صندوق تمويل في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية (3) ،و عمل التكتل مستمر فهل سيكون تجمع الـ ASEM حجر عثرة تقف في وجه انتشار الأباك في الإقليم و سيطرته على الأسيان ? فوجود منافذ لهذا الأخير من شأنه أن يصعب من عمل الأباك، خاصة و أن دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية (USA) تعول عليه كثيرا لإحكام سيطرتها على الإقليم الأسيوي بالكامل، و جعلها من الأباك وسيلة لجمع المعلومات في إقليم يشهد صعود لقوى تسعى للعب أدوار على المستوى العالمي، و مثال ذلك الصين و اليابان و دول الأسيان الرامية إلى الوحدة و الرافضة لأي تدخل أمريكي ،و هو ما عبر عليه الفيتنام من خلال إبداء تحفظه تجاه توقيع البيان المشترك للأسيان و الولايات المتحدة الأمريكية للتعاون في مكافحة الإرهاب الدولي باعتباره طريق نحو التدخل في الشؤون الداخلية للأسيان فالولايات المتحدة الأمريكية من خلال الـ APEC تسعى لإخضاع القوى غير التابعة لفلسفتها لضمان عدم تواجد متمردين دوليين، كما يعتبر بعض المراقبين أن البيان هو تدعيم لنفوذ (USA) في المنطقة بصورة مختلفة، بما فيها المعونات المالية لمكافحة الإرهـاب و الجريمة العابرة للحدود و تهريب المهاجرين و ضبط عمليات التزوير، كما أن (USA) تتواجد في المنطقـة بـ 100 ألف جنـدي و بحار، و هو ما يؤثر على دول الأسيان خاصة و كل آسيا عامة (4).
(1) محمد المجدوب : مرجع سبق ذكره، ص 435. (2) ا سبق ذكره، ص 95، 97. (4) صهيب جاسم : أسيان تغفل هموم 500 مليون نسمة.
ان إقامة التكتلات الإقليمية بل و فيما بين الأقاليم ،صارت ضرورة لصالح كل الأقطاب الاقتصادية الحالية، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلا خلال تواجدها في مختلف التنظيمات الإقليمية تضمن بذلك تواجدها في مختلف المناطق، خـاصة و أنها تتخذ من هذه التكتلات كأداة لجمع المعلومات عن القوى و إحتملات صعودها كقوى منافسة، أيضا العمل على احتواءها و هو ما جسدته من خلال الإقليمية الجديدة، و في الجانب الآخر نجد تكتلات إقليمية الهدف من وجودها هو التخلص من هيمنة القوى الكبرى من خلال تنويع العلاقات داخل الإقليم و خارجه، و ذلك لفتح منافذ عديدة معها لن يصعب إيجاد الحل في حالة ما إذا وقعت أزمة، إضافة إلى أن ذلك لن يؤدي لهيمنة قوة واحدة و مثال ذلك تجمع الأسيان، أما الاتحاد الأوروبي فهدفه من التكتل و ربط علاقات مع الكتل الإقليمية الأخرى ،هو ضمان تواجده في أقاليم تعمل الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة عليها، ولهذا يعمل الاتحاد الأوروبي على فك الارتباط بين الهيمنـة الأمريكيـة و التكتلات الإقليمية. فالإقليمية بشقيها التقليدي و الجديد هي ضرورة لضمان عدم وجود قوة عظمى مهيمنة.
| |
| | | salim 1979 التميز الذهبي
تاريخ الميلاد : 27/05/1979 العمر : 45 الدولة : الجزائر عدد المساهمات : 5285 نقاط : 100012179 تاريخ التسجيل : 06/11/2012
| موضوع: تابع الإثنين نوفمبر 12, 2012 2:20 pm | |
| المبحث الثالث : مستقبل التكتلات الإقليمية ان الدراسات المستقبلية لم تعرف تطور إلا مع هذا القرن، خاصة عند إطلاق عالم الإجتماع جيلفانGillplan مصطلح ميلونتولوجي ،و الذي يعني أحداث لمستقبل عام 1907، إضافة على إسهامات علماء كثيرين أمثال الأمريكـي أوسيـب فليختهايم Ossll Flechthaim ، و تـوفلر Aluin Toffler(1) و الفرنسي بروجيه Brojir الذي قام عام 1957م بتأسيس المركز الدولي لعلم الإستشراق في باريس. و يعرف الإستشراق بانه عبارة عن إجتهاد علمي منظم و متمرد، يرمي على وضع مجموعة من التنبؤات المشروطة، فكل تنبؤ له مجموعة من الشروط إذا تحققت تحقق التنبؤ (2).
(1) وليد عبد الحي : الدراسات المستقبلية، (الجزائر : شركة الشهاب، ط1، 1991) ،ص 15. (2) سعد الدين إبراهيم : مستقبل النظام العالمي، (عمان : منتدى الفكر العربي، ط1، 1989)، ص 25. المطلب الأول: سيناريو القطب النظام يتجلى هذا التطور في إطار بين الكلية لنظام الدولي، التي تحتوي على صراع في القمة على مركز النظام الدولي أو ما يعرف بالقطب للنظام International Pole، و هذا يجعل من التكتلات افقليمية مجرد جزء مساهم في قوة الدولة المههيمنة عالميا أو حليفا لها، خاصة و أنه بعد نهاية الحرب الباردة برزت الولايات المتحدة كقائد لنظام الدولي الجديد و قد طهر ذلك من خلال عدة مؤشرات أهمها: 1- تقوية الدولة الأمريكية و إضعافها لدول الطامعة للهيمنة على المستوى الإقليمي أو الإنفرادي. 2- إعادة ترتيب للقوى في النظام الدولي ، فهناك قوى متحالفة و اخرى معادية، و قد تحدد هذا من خلال مقولة الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن Jeorge Buch : "من ليس معنا فهو ضدنا ". 3- عولمة القيم الأمريكية، و السعي للهيمنة على المناطق الاستراتيجية باستخدامها شعارات دعم الديمقراطية Promating Democracy و حقوق الإنسان Human Mights . غير أن دور القائد تحول بأمريكا إلى مرحلة الامبريالية، أين أصبح واقعا عليها تنظير و تطبيق (1). و قد عززت تلك الامبريالية، بعدم وجود قطب منافس سواء على مستوى الدول أو التكتلات الإقليمية التي عرفت انقسامات داخلها و منها : الاتحاد الأوروبي : يعتبر من أهم التكتلات الإقليمية البارزة في النظام الدولي، إلا أن معه ذلك يفتقد للكثير من مقومات القوى القطبية التي تؤهله للعب دور اقتصادي و عسكري و سياسي موازن للدور الذي تعلبه الولايات المتحدة الأمريكية، فمؤشرات ضعفه أكثر من قوته و منها : - عدم وجود تفاعل بين الشعوب الأوروبية يجمعها تحت هوية مشتركة كما جمعتها المصلحة. وهذا ما جعل بعض من تلك الشعوب تقف في وجه استكمال الوحدة السياسية للاتحاد برفضها للدستور الأوروبي، خاصة مع بروز اتجاهين واحد ينادي لولاء كل شعب لمؤسساته والقوانين التي تحكم مجتمعه، ألا و هو الاتجـاه القـومي المدني.و الآخر ينادي بضرورة بروز الإثنية في تحديد الهوية الوطنية (2).
(1) نادية مصطفى : مستقبل النظام الدولي. (2) Petter van ham : Identity beyoud the state, the case of Europe.
- غياب إجماع و موقف موحد بين القيادات السياسية الرسمية في أوروبا في القضايا الدولية خاصة ما بين الدول القوية المتمثلة في ألمانيا المتجهة نحو شرق أوروبا، و فرنسا نحو المتوسطة و بريطانيا نحو الكومنولث، إضافة إلى تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، و الذي ضرب الطموح الأوروبي لدول الست النواة، بالوصول إلى وحدة سياسية، باعتبارها رأت في الاتحاد مجرد منطقة لتجارة حرة أرادت الاستفـادة منـه اقتصاديا (1). - غياب هوية أمنية أوروبية مشتركة، و ذلك بغياب قوة دفاع أوروبي منفصلة عن حلف الناطو الذي يعتبر المنطقة الحامية للاتحاد، و المسؤول الأول عن إدارة الأزمات التي تعرفها أوروبا خاصة في منطقة البلقان كما برز ذلك خلال فترة التسعينات يتدخل الناطو لحل الأزمة التي عجزت عن حلها دول الاتحاد الأوروبي (2).
(1) Charles Lorgbibe, OP,Cit P250. (2) رياض حمدوش، مرجع سبق ذكره، ص 97.
و يوضح الرسم البياني الآتي، التباعد الكبير في المجال العسكري ما بين الولايات المتحدة و الدول الأوروبية في مجال صادرات الأسلحة الخفيفة. Exprotations en 2002 En Million de Dollars. الصادرات في 2002/ مليون دولار.
التجارة الرسمية للأسلحة الخفيفة. Le Commerce officiel des années ligéries.
الشكل رقم : (01)
Le source : Helen Hughes : Timides avancées de l’anion européenne. Le monde diplomatique. Juin 2006.
التكتلات الآسيوية : نتناول هنا أكبر دولتين أهلتا للعب دور إقليمي و دولي و هما الصين و اليابان. اليابان : ثان قوة اقتصادية في العامل، بدخل قومي خام يقدر بـ 3817.2 مليار دولار و نسبة نحو قدرت بـ 2.6، إضافة إلى قوة سكانية تقدر بـ 128085 نسمة حسب إحصائيات سنة 2004 (1)، مما أثار قلق الأمريكيين حيث نشرت صحيفة News week الأمريكية سنة 1989 مقال جاء فيه : " إن السؤال المقلق في غرفة الاجتماع و المكاتب الحكومية هو ما إذا كانت اليابان على وشك أن تصبح قوة عظمى تحل محل الولايات المتحدة كعملاق في المحيط الهادي" (2). إلا أن العوائق التي تكبل اليابان أكبر من أن تجعلها تلعب هذا الدور : 1- صعوبة لعب اليابان لدور عالمي، دون تحكمها و ترأسها النظام الإقليمي في آسيا، و ذلك لوجود قوتين مؤهلتين أكثر منها للعب هذا الدور و هما الصين و الهند القوتان النوويتان. 2- صعوبة استفادة اليابان من آلية التحالفات لزيادة قوتها، خاصة في تحالف يجمعها مع الصين، لتوتر العلاقات السياسية بينهما نتيجة العداء التاريخي، و اختلاف نهج التنمية بينهما. 3- توفر قيود دستورية تمنح اليابان من تطوير قدراتها العسكرية، إذ ينص البند التاسع من الدستور الياباني عن بناء قوات عسكرية برية و بحرية و جوية، و يحضر كذلك الدستور إرسال قوات يابانية خارج الحدود إلا في المهام الهجومية (3). 4- دخول الاقتصاد الياباني في ركود، و تعثره بمشاكل الديون الفاسدة، التي تسببت في تفجير أزمة مالية عالمية، نظرا لكون أغلب البنوك العالمية يابانية، و قدرت هذه الديون بـ 129000 مليار دولار بالنسبة إلى (13) بنكا الأكبر في اليابان، و 37 ألف مليار بالنسبة إلى مجموع المؤسسات المالية اليابانية (4). 5- زيادة التحكم الأمريكي في اليابان، خاصة بعد نجاح المشروع الكوري الشمالي في امتلاك الأسلحة النووية، و تزايد التوتر في القضية التايوانية، الأمر الذي أدى بها إلى إقامة نظام دفاعي صاروخي مع الولايات المتحدة الأمريكية (5).
(1) Annuane geopolitique mondial,OP. (2) جوزيف س ناي : مرجع سبق دكره ،ص 62. (3) سعد حقي توفيق : النظام الدولي الجديد،(لبنان : الأهلية، 1999) ص 58. (4) شمامة خير الدين، مرجع سبق ذكره، ص 304. (5) نادية مصطفى، مستقبل النظام الدولي.
الصين : اعتقد الكثير من المحللين أن الصين أكبر دولة مرشحة لقيادة النظام الإقليمي الآسيوي، و تحد القوة الأمريكية دوليا، لما حققته من نسبة نمو مرتفعة قدرت بـ 9.5 % سنة 2004، لم تحققها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها (4.4 % في نفس السنة)، إضافة إلى امتلاكها العديد من المقومات منها الجغرافية كتربعها على مساحة تقدر بـ 9598050 كلم2 و عدد سكان قدر بـ 131584000 نسمة إلا أنه مع ذلك لم يتعدى الدخل القومي الخام للصين 7334.3 مليار دولار مقارنة بـ 11605.2 بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى عراقيل أخرى ساهمت بعد التحولات الدولية التي حدثت مع أحداث 11/09 في زيادة انعزالها الإقليمي : - صعوبة التنقل بين الأقاليم المحلية في الصين، مما يزيد الأعباء المالية على الحكومة الصينية و يؤدي إلى الجهوية في تحقيق التنمية، إذ نجد مثلا الأقاليم الشرقية الجنوبية أكثر تقدما بكثير من الأقاليم الغربية التي يغلب عليها الطابع الرعوي (1). - رغم عدد السكان الهائل إلا أن المجتمع الصيني يتميز بنسبة شيخوخة عالية، و عدم توازن ديمغرافي. - مواجهة الصين تحديا أساسيا، بانتقالها من اقتصاد السوق الناتج عن عضويتها في المنتدى الآسيوي الهادي و منظمة التجارة العالمية، مما يزيد في ارتفاع معدلات التضخم المتزايدة فيها، أضف إلى ذلك العراقيل التي توجد بسبب التناقض ما بين نظام اقتصادي رأسمالي و نظام سياسي اشتراكي. - عدم قدرة الصين رغم ما حققته من انجازات اقتصادية، التعاون مع الولايات المتحدة على مستوى دخل الفرد إلا ميما بين ( 2065-2095)(2). - تنامي الفساد، و مركزية صنع القرار السياسي التي تقوي من البيروقراطيات الإدارة التي تعطل فاعلية النشاط السياسي، مما يؤثر على النشاط السياسي المتنامي. - عدم القدرة على الانتشار الحضاري الصيني مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية ففي دراسة أجريت سنة 1996 حول الإعلام في 45 دولة كانت النتائج كما يلي : - أكثر الأفلام مشاهدة هي أفلام أمريكية. - تسع أشرطة فيديو من كل 10 أشرطة فيديو أمريكية، و هناك 000 20 مستهلك يفضل الثقافة الإعلامية الأمريكية، إضافة إلى ما سبق تسيطر دور النشر الأمريكي على 25 % من سوق الكتب و هي مملوكة لمؤسسات إعلامية أمريكية منها Time wanner و Viocom (3).
(1) Davier de Villepin, OP, Cit, P173. (2) جوزيف س ناي، مرجع سبق ذكره، ص 55. (3) بن إبراهيم الأحمد : العولمة مقارنة و تفاعل.
المطلب الثاني : سيناريو تعدد الأقاليم على المستوى الدولي
تشير التعددية القطبية Multipolarity إلى توزيع القوة على عدد من الدول أو المحاور أو التكتلات سواء كانت متساوية القدرات أم غير متساوية ،و لها أيضا القدرة التامة للسيطرة على الجوانب الاستراتيجية في مختلف المنـاطق الإقليميـة (1). و تختلف التعددية القطبية عن التعددية Multilatéralisme إذ ترتكز هذه الأخيرة على قيام الدول بوضع القواعد المنظمة لعلاقاتها بشكل جماعي، فالتعددية تعبر عن رؤية الدولة لعلاقاتها الدولية و لا تعبر عن حالة النظام الدولي (2). إن نظام ما بعد الحرب الباردة مفتوح على كل الاحتمالات، لما يعرفه من متغيرات جديدة ساهمت في بلورة أنماط مختلفة من التفاعلات. على المستوى الداخلي : اشتداد النزاعات الانفصالية و شرذمة الدول. على المستوى الإقليمي : من خلال بروز أقطاب إقليمية قائمة على أسس مختلفة عن تلك التي قامت عليها التكتلات السابقة فيما عرف بالإقليمية الجديدة أو الإقليمية المفتوحة Open regionalism. على المستوى الدولي : من خلال بروز ظواهر يصعب التحكم فيها بصورة منفردة كظاهرة الإرهاب المتفاقمة و الهجرة و كذلك الأوبئة، إضافة إلى ظهور أنماط أخرى للتفكير مثل أطروحة صراع الحضارات و حوار الحضارات، نهاية التاريخ...إلخ. و عليه يمكن تمييز مجموعة من الأسباب تسمح بالتحول باتجاه التعددية ممثلة في : 1- تراجع دور العامل العسكري مقابل تصاعد العوامل الاقتصادية التكنولوجية ،هذه الأخيرة يتوقع أن تشهد تطورا كبيرا حتى عام 2015 (3). 2- صعوبة قيام القطب الأحادي بتطويع كل القوى الكبرى في النظام، بسبب القدرة النسبية لبعض هذه القوى من اتخاذ قرار مستقل عن القطب الأحادي في بعض المجالات (4). و مما يؤكد ذلك الخطاب الذي ألقاه بوتن في فيفري 2007 من خلاله أكد على عالم بعيد عن القطبية الأحادية و السعي لعالم متعدد الأقطاب، كما أنه دعى لتعميم نوع من العدالة في اتخاذ القرار الدولي و عدم الانفراد الأمريكي به.
(1) سعد حقي توفيق : مرجع سبق ذكره، ص 163. (2) رداف طارق : مرجع سبق ذكره، ص 149. (3) مستقبل العالم عام 2015، دراسة مستقبلية للمخابرات الأمريكية. (4) سعد حقي توفيق : مرجع سبق ذكره، ص 193.
3- من طبيعة النظم الدولية في حد ذاتها التطور و الديناميكية (1). إن انتشار الإقليمية و زيادة فعاليتها سمحت ببروز كتل اقتصادية كبرى ،قد تشكل في المستقبل أقطاب دولية، و الاحتمال قائم حول ثلاثة كتل لكل منها مركز هي على التوالي : ألمانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، و لكل منها قلب ممثلا في الاتحاد الأوروبي، النافثا، الأسيان، و لكل منها محيط أوروبا الشرقية، أمريكا الجنوبية، آسيا ،و مصير النظام العالمي قد يكون مرتبط بتطور بنية القوة و أنماط العلاقات بين الكتل الثلاثة (2)، ،و الاحتمالات في هذا الإطار مفتوحة على الصراع كما هي مفتوحة على التعاون، فقد تسعى التكتلات الكبرى إلى الاستفادة قدر الإمكان من المعطيات الاقتصادية الفعالة ،و ذلك بربط العلاقات مع أكبر قدر ممكن من التكتلات ،و العمل على استغلال قوتها في ترسيخ هويتها بشتى الوسائل (3)، إلا أنه بتطور الهوية السياسية للكتل الثلاث ينبئ ذلك عن إمكانية حدوث تطورات جديدة تعطي للصراع الاقتصادي أبعاد سياسية و أمنية، و تعد الصراعات التجارية الراهنة بين مختلف القوى مؤشرا على حدوث تحولات مهمة في طبيعة النظام العالمي و مسار العلاقات بين أطرافه، و هذا بفعل تأثير تصاعد حركة الإقليمية الجديدة(4). يؤكد بعض الباحثين على أن النظام الحالي مرشح للتعددية القطبية لكن على المدى البعيد حيث يسبقه أو يُقَدِمُ له نظام القطبية الأحادية الهشة و هذا على المدى المتوسط (5). جون مير سايمر John Mearsheimer في كتابه مأساة سياسات القوة العظمى، أكد على أنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تجمع قواها لمواجهة صعود القوى الجديدة، فصعود الصين يعد من أكبر المخاطر التقليدية على الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي يعد هو الآخر منافسا قويا فالقطبية الأحادية لم تنهي الصراع و ذلك لأن التاريخ يرفض القوى المفرطة، فالمنافسين سوف يظهرون و حتما سنعود مرة أخرى لعالم متعدد الأقطاب و القوى (6) على مستوى الأقاليم. إن التعددية القطبية قد تأخذ شكل أقاليم مثل الاتحاد الأوروبي و الأسيان، إضافة إلى احتمال التقارب الصيني الهندي أو الصيني الياباني، و قد تكون على أساس دول كبروز كل من اليابان و الصين و الهند كأقطاب أساسية للنظام المستقبلي، خاصة و أن كل من هذه البلدان كانت تشكل سابقا مرجعيات حضارية لامبراطوريات سابقة كالحضارة الكونفوشسية و الحضارة الهندية.
(1) المرجع السابق، ص 193. (2) محمد السعيد إدريس : مرجع سبق ذكره، ص 157. (3) بحري كرابي : مرجع سبق ذكره، ص 176. (4) محمد السعيد إدريس : مرجع سبق ذكره، ص 160. (5) جهاد عودة : مرجع سبق ذكره، ص 196. (6) نيل فارقوسن باج Niall Ferguson page : عالم بلا قوة، ترجمة سمير زكي البسيوني.
1/ الاتحاد الأوروبي : يعتبر الاتحاد الأوروبي من أكثر المرشحين للعب دور موازي للولايات المتحدة الأمريكية، و هذا لما يملكه من إمكانيات مادية، إذ يعد قوة اقتصادية و إمكانية مستقبلية لتحقيق قوة عسكرية، كما أن الاتحاد الأوروبي هو حضارة وليدة عصور من التطور الفكري، إضافة إلى أن الاتحاد يضم في طياته أكبر الدول التي شكلت في القرن الماضي أهم القوى التي حافظت على نظام توازن القوى سابقا و هي فرنسا، بريطانيا، ألمانيا و هي من أقوى دول الاتحاد. هناك مجموعة من المتغيرات التي ستحدد دور الاتحاد الأوروبي في النظام الدولي و تتمثل في : - القدرة الأوروبية على المنافسة الاقتصادية إذ يسيطر الاتحاد على 30 % من الثروة العالمية، كما أن 60 % من المبادلات الأوروبية ستكون بعيدة عن التقلبات النقدية الدولية و لاسيما الدولار (1) ،فأوروبا تضم أغنى بلدان العالم ،كما أنه و بعد توسع الاتحاد نحو شرق أوروبا سمح له هذا بالسيطرة على ثروات هامة بالإقليم، و ساهم الاتحاد النقدي في جعل الاتحاد الأوروبي القوة الأولى في العالم بناتج قومي قدره 5888 مليار $ مقابل 5567 مليار $ للولايات المتحدة الأمريكية و 3156 مليار $ لليابان(2). - القدرة الأوروبية على تحقيق سياساتها الدفاعية و الأمنية ،و هذا ما تم الدعوة إليه من خلال اتفاقية مـاسترخيت و هو ما تعمل فرنسا على تدعيمه. - القدرة الأوروبية على استيعاب المشاكل الناجمة عن التوسع و العمل على إيجاد حلول فعالة (3)، و العمل على إيجاد نقاط مشتركة للنقاش خاصة حول المسائل الأمنية و كذلك القضايا التنظيمية المؤسساتية. فأوروبا إذن لها من القوة الصلبة و من القوة اللينة –الثقافات الأوروبية لها جاذبية واسعة- ما يمكنها من أخذ دور مركزي في النظام الدولي، فصاموئيل هنتغتون أكد أن أوروبا متماسكة سيكون لديها من الموارد البشرية و القوة الاقتصادية و التكنولوجيا و القوة العسكرية الحقيقية و الممكنة ما يجعلها القوة المتفوقة في القرن الحادي و العشرين (21)، و بالفعل فقد استطاع الاتحاد الأوروبي أن يحد من القوة الأمريكية داخل المنظمات الدولية كمنظمة التجارة الدولية إذ تقف أوروبا في وجه الولايات المتحدة الأمريكية(4)، فالاتحاد الأوروبي بما يحققه من نجاحات في مختلف مجالاته التكاملية من شأنه أن يشكل مستقبلا قطبا منافسا للأقطاب الأخرى على المستوى الدولي.
(1) شمامة خير الدين : مرجع سبق ذكره، ص277. (2) عبد الرحمن تيستوري : هل ينهي الاتحاد الأوروبي هيمنة القطب الأمريكي و يحقق التوازن الدولي. (3) سعد حقي توفيق : مرجع سبق ذكره، ص74. (4) جوزيف س ناي : مرجع سبق ذكره، ص 73.
2/ اليابان : تعد اليابان من أبرز القوى الاقتصادية العالمية، فهي تحتل المراتب الأولى في مجالات عدة و خاصة مجال الإلكترونيات، و من بين احتمالات بروزها كقوة مستقبلية امتلاكها لقدرات اقتصادية كبيرة، إذ يزيد ناتجها القومي على مجموع الناتج القومي لألمانيا و بريطانيا و فرنسا مجتمعين و يساوي الناتج القومي الأمريكي ما يسمح لها بزيادة نفقاتها العسكرية(1) ،و بموجب هذه القوة فهي تسعى للحصول على منصب دائم بمجلس الأمن، إضافة إلى أن قوتها الاقتصادية أكسبتها خيارات مستقبلية في كسب الحلفاء لتشكيل تكتل يكون له دور بارز في تغيير هيكلة النظام الدولي، و هذا ما يطرح من خلال المحور الياباني الصيني و هناك من يضيف روسيا لهذا المحور(2) ،إلا أن المخاوف اليابانية من صعود القوة الصينية و عودة العلاقات إلى ما كانت عليه قديما من صراع على المنطقة، جعلها تبقي على الوضع الراهن أي تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة و أن اليابان لها قيود دستورية تمنعها من تطوير قدراتها العسكرية ،و تمنع امتلاكها للأسلحة النووية(*)، إضافة إلى الرفض الشعبي للنهج العسكري إذ يربطون تفوقهم الاقتصادي بمحدودية إنفاقهم العسكري، كما أن تواجد اليابان بالآباك APEC فسح المجال للولايات المتحدة الأمريكـية بضمـان رقابتهـا لليابان و دراسة احتمالات بروزها كقوة عظمى مناوئة لها، و كذلك احتمالات تحالفها مع قوى الإقليم الآسيوي الراغبة في إيجاد عالم متعدد الأقطاب. 3/ الصين : الصين من بين أهم القوى البارزة في النظام الدولي، و الأقرب إلى احتمال بروزها كقطب منافس للولايات المتحدة الأمريكية، فسكان الصين يشكلون 20 % من سكان العالم (مليار و 300 مليون نسمة)، و الصين اليوم و على مدى حقبة كاملة متوسط معدل النمو الحقيقي الإجمالي للناتج المحلي في فترة من 1990 إلى 2000 تعدت 9 % و معدل النمو في 2004 هي 9.3 % ، و قد نشر غولدن ساكس دراسة أوضح فيها أن الصين خلال الثلث الأول من هذا القرن، ستتجاوز الولايات المتحدة الأمريكية بأن تكون الاقتصاد العالمي الأكبر، أما بول كيندي فيرجع ذلك لعام 2040 مع الهند(3) ،و يتوقع أن يصل اقتصاد الصين إلى ضعف حجم اقتصاد ألمانيا عام 2010، و يتجاوز اقتصاد اليابان ثاني أكبر قوة اقتصادية عالمية عام 2020(4).
(1) سعد حقي توفيق : مرجع سبق ذكره، ص 85. (2) شمامة خير الدين :مرجع سبق ذكره، ص 387. (*) البند 9 من الدستور الياباني. : (3) شرين حامد فهمي : عولمة الاقتصاد.... من الأمركة إلى الآسيوة. (4) جميس إف.هوج : آسيا المتنامية : ماذا أعدت أمريكا لها، ترجمة سالي هاني.
و رغم الأزمة المالية لسنة1998 باسيا فلقد بلغ الفائض التجاري للصين 40 مليار $،و بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر 45 مليار $، و في عام 2004 بلغ الاحتياطي من العملات الأجنبية 140 مليار$، فالصين أكبر سوق في العالم، كما أنها مركز لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فمنذ عام 1979 تعمل حوالي 300 ألف شركة أجنبية بالصين و مسؤولة عن 40 % من صادرات البلاد و هذه الاستثمارات مصدرها من الصينيين من خارج البلاد(1) ، و لهذا فهي لا تخشى من تغيير ثقافاتها أو هويتها لما لهذه الاستثمارات من تأثير على الشعوب، إضافة إلى كل هذا الصين تسيطر على 82 % من الجرارات الزراعية في العالم و 75 % من الساعات تنتج في الصين و 70 % من ألعاب الأطفال الـ Toys تنتج في الصين، و الجميع يدرك أهمية ألعاب الأطفال في تكوين و تنمية قدراتهم و قدرتها على تكوين ميولاتهم التي ستحدد سولكهم مستقبلا و تنتج الصين 50 % من الحواسب و 52 % من الهواتف النقالة عالميا، كما أن الشركات المتعددة الجنسيات تعرف تدفقا على الصين للاستثمار، فالاقتصاد الصيني يقال عنه أنه في حالة غليان، فلأول مرة تلجأ دولة إلى إصدار قيود على الاستثمار ،بدلا من إصدار سياسات تشجيع على الاستثمار، ففي عام 2002 بلغت الاستثمارات في الصين 44.2 مليار $ و في عام 2003 بلغت 55.7 مليار $(2). كتب جون ميرسايمر John mearsheimer : " إن كيفية أخرى لإبراز القوة الكامنة للصين هي مقارنتها بالولايات المتحدة...يبلغ الناتج الوطني الإجمالي للولايات المتحدة 7900 مليار $، إذ ألحق الناتج الوطني الإجمالي للصين بنظيره بكوريا الجنوبية سيبلغ 10660 مليار $، و إذا بلغ الناتج الوطني الإجمالي بالصين نصف نظيره باليابان سيصل الناتج الوطني الإجمالي للصين 2.5 مرة نظيره الأمريكي"(3)، إضافة إلى هذا هناك 150 مليار مشتريات الصين سندات في الخزانة الأمريكية، فأحد أسباب عدم الإفلاس الأمريكي هو وجود هذه السندات، و الصين في علاقات بالولايات المتحدة الأمريكية يهمها ألا تنهار هذه الأخيرة في هذه المرحلة ،فالولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستهلك في العالم (تستهلك 700 بليون $) ،فهي أعظم دولة في العالم تقترض من جميع دول العالم خاصة الصين، اليابان لما يعرفان من انخفاض في الفوائد، فالصين لها القدرة على منع البلايين عن الخزانة الأمريكية، إذا ما قررت الولايات المتحدة الأمريكية مساندة تايوان في نيل استقلالها(4)، و لهذا فالولايات المتحدة الأمريكية تسعى جاهدة للوقوف في وجه الصعود الصيني و خاصة التقارب الصيني الياباني،. و لهذا تعمل على تنويع علاقاتها مع اليابان من جهـة و مع الهند من جهة أخرى باعتبارها حليف آخر للصين.
(1) سمير أمين و فرانسوا أوتار : مناهضة العولمة، (مصر : مكتبة مدبولي، ط1، 2004) ترجمة سعيد الطويل، ص 37، 43. (2) شرين حامد فهمي : عولمة الاقتصاد....من الأمركة إلى الآسيوة. (3) الإستراتيجية الجديدة كالامبريالية الأمريكية. (4) شرين حامد فهمي : عولمة الاقتصاد.....من الأمركة إلى الآسيوة.
يفترض بعض الخبراء تفوق الهند في سنة 2010 على التكنولوجيا الأمريكية(1) ،وبحلول سنة 2050 ستحتل الهند ثالث أكبر اقتصاد في العالم بـ 27.8 تريليون دولار بعد USAبـ 35.2 تريليون دولار، و الصين 44.5 تريليون دولار(2). فبروز الإقليم الآسيوي كمنافس للقطب الواحد أمر جد محتمل على المدى البعيـد، خاصة إذا تحـالفت كـل من الصين و الهند و هو ما بدأ حدوثه حاليا فهناك تحالف هندي-صيني في مجال التكنولوجيا التقنية خاصة و أنه من يتحكم في هذه الأخيرة سيتحكم في عالم الغد، و هذا ما جعل USA لأول مرة تتيح من خلال قوانين الهجرة و الجنسية 105 ألف فيزا سنويا للهنديين المتخصصين في مجال تقنية المعلومات حتى عام 2006، إضافة إلىان معظم الشركات الأمريكية باتت تعمل من بومباي و بانغلور بالهند، هذه الأخيرة صارت واحة للسياحة الصحية التي تدر عليها ملايين الدولارات مثل مستشفى "أبولو" الهندية في حيدر أباد(3). و عليه فالتقارب الآسيوي بين أقطابه الصين-اليابان-الهند من شأنه أن يولد إقليم قوي اقتصاديا-اليابان-و عسكريا-الصين- وبشريا- الهند والصين(مليارين و 700 مليون نسمة)، و كذلك قوة تكنولوجية من خلال التقنية الهندية و اليابانية، خاصة و أن التكنولوجيا ستكون العامل المحدد للقوة، و منه فاحتمال بروز الإقليم الآسيوي كمنافس في النظام الدولي هو احتمال قائم على المدى البعيد، خاصة و أن الإقليم الأسيوي يمتلك حضارة خاصة به، و تدرك شعوبه كيفية أو طريقة الحفاظ عليها.
| |
| | | salim 1979 التميز الذهبي
تاريخ الميلاد : 27/05/1979 العمر : 45 الدولة : الجزائر عدد المساهمات : 5285 نقاط : 100012179 تاريخ التسجيل : 06/11/2012
| موضوع: تابع الإثنين نوفمبر 12, 2012 2:21 pm | |
|
ذهب الكثير من المحلفين و المنظرين في حقل العلاقات الدولية، و على رأسهم ميزاروفيتش و بستل Mesarovie et pastel في دراسة أكاديمية لمجموع التكتلات الإقليمية، إلى أن العالم سيشهد بروز دور كبير لثلاث قوى إقليمية تتمثل في النافتا في شمال أمريكا و الاتحاد الأوروبي في القارة الأوروبية و شرق آسيا، كما قسم بستل بقية اتحاد العالم إلى عشرة أقاليم منها : الشرق الأوسط، شمال إفريقيا، جنوب إفريقيا، أمريكا اللاتينية(1) .و هذا ما يدفع بالقول أن السيناريو المرجح هو سيناريو بروز قوى إقليمية قطبية بارزة على مستوى التطور الاقتصادي و التكنولوجي الذي سيساهم في ترسيخ جانبها الحضاري و تدعيم قوتها الأمنية التي ستختص بها دول طامحة للهيمنة داخل التكتل الإقليمي، بحيث يعبر ذلك التكتل عن وحدة متناسقة الأجزاء، بحيث أنه أي تغيير في جزء منه يؤثر على بقية الأجزاء، و لا يمكن من خلال ذلك لدولة القومية الداخلية في أي تكتل من التكتلات القوية أن تبرز دوليا خارج ذلك التكتل(2) و لا لهذا الأخير أن يكون على قوته في النظام الدولي، و يرجع ذلك لطبيعة النظام الدولي لما بعد الحرب الباردة و الذي يتميز بدرجة كبيرة من الاعتماد المتبادل، و لحركة سريعة للعولمة، زادت سرعتها أكثر بعد تثبيت الإطار المتعدد الأطراف على المستوى الدولي من خلال إنشاء منظمة التجارة العالمية، و هيكلة مسار التكتلات الإقليمية من خلال مفهوم "الإقليمية الجديدة" الذي تزامن مع ظهور المنظمة، لخدمة هذه الحركة خاصة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية. و يظهر جليا تطور الدول القومية عند أداء وظائفها الجديدة و استجابتها مع مسار عولمة الاقتصاد العالمي خارج إطار التكتلات الإقليمية، التي ستزيد من تجميع قوتها الاقتصادية و تدعيم وحدتها الاقتصادية. في حين ستبقى الأعباء الأمنية حكرا على كل دولة داخل التكتل تتنازل بموجبها لدولة أخرى، و هذا ما ذهب إليه الواقعيون الجـدد فيمـا يعـرف " بالمأزق الأمني " Security pilemuaa و مثلا إقليم جنوب شرق آسيا اتصف بنقاط القوة التجارية و التكنولوجية لعدد من فرادى البلدان بقدر ما اتصف بتطور التلاحم الإقليمي، و تمثل الصين 6 % من النابج المحلي الإجمالي و تمثل اليابان 7.6 %، في حين تبلغ نسبـة صـادرات الصين إلى ناتجهـا المحلي الإجمـالي 17% و اليـابان 10% (3)، و لعل تثبيت ركائز التكتلات الاقتصادية الإقليمية سيساعد على مأسست النظام الاقتصادي العالمي، و ضمان إمكانية تفوق و تطور دول العالم الثالث في إطار تكتلي وظيفي متكامل.
(1) بحري كربي : مرجع سبق ذكره، ص 173. (2) محمد السعيد إدريس : مرجع سبق ذكره، ص 24. (3) جون بيليس و ستيف سميث : مرجع سبق دكره، ص 565.
و عليه فإن أبرز الأشكال التي ستأخذها الإقليمية بعد الحرب الباردة و التي ستساعد على مدى بعيد في التأسيس لنظام دولي متعدد الأقطاب هي النظم التي تمثل اهتماما اقتصاديا و سياسيا لتحالف الرأسمالي القائد للنظام العالمي، أين ستسودها علاقات تنافسية أكثر منها صراعية، كما لن تخلو من جانب هيمنة أمريكية في الجانب الأمني خاصة بعد تبني هذه الأخيرة لإستراتيجية تمكنها من أن تكون القوة الكبرى في العالم، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أين صرح أحد كبار المسؤولين الأمريكيين متمثلا في وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد D.Ramssfild " إن الولايات المتحدة الأمريكية ستتعامل في المستقبل، على أساس أن المهمة يجب أن تحدد طبيعة الائتلاف المطلوب بدلا من أن يحدد الائتلاف طبيعة المهمة" (1). و يلاحظ من خلال قراءة لهذا المضمون ضرب الولايات المتحدة للوفاق الأمريكي الأوروبي خاصة المتمثل في الديمقراطية المبنية على تعدد التطورات و المشاركة على المستوى الدولي، و يوضح أكثر رغبتها في البقاء كقوة أمنية منفردة، مما يجعل النظام الدولي لما بعد الحرب الباردة كما قال جوزيف ناي J.Nye متعدد الأقطاب اقتصاديا أحادي القطبية عسكريا.
(1)ايان انطوني و اخرون: مرجع سبق ذكره، ص 107.
| |
| | | | أنماط التكتلات الإقليمية و مساراتها | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| Like/Tweet/+1 | زوار المنتدى بالأعلام
|
|