منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Empty
مُساهمةموضوع: صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان   صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyالسبت فبراير 16, 2013 11:27 am

صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان
الكاتب د. ياسر أبو حسن -* استاذ مساعد- كلية الافتصاد والعلوم الادارية والسياسية- جامعة إفريقيا العالمية
الجمعة, 07 ديسمبر 2012 19:45
ملخص:
تتناول هذه الورقة صراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا – وركزت على الصراع الصيني الأمريكي على موارد السودان . بدأت الدراسة باستعراض طبيعة الموارد في إفريقيا ثم استعرضت الهيمنة الأمريكية على إفريقيا في ظل النظام الدولي الجديد والرؤية الأمريكية لإفريقيا بعد سقوط المعسكر الاشتراكي الشرقي وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001م والاهتمام الصيني بإفريقيا وحتمية الصراع مع الولايات الأمريكية، وختم البحث باستعراض التنافس الأمريكي – الصيني على الموارد في السودان.
كلمات مفتاحية : صراع الموارد – الصين – أمريكا – النظام الدولي الجديد.
Abstract
This study investigates the struggle of dominant powers upon natural resources in Africa, with concentration upon Chinese –American struggle on Sudanese resources. The study starts with a brief sketch to the natural resource in Africa, followed by the American domination on Africa in the phase of the new International Order, and the American vision towards Africa after the collapse of the socialist camp and the events of 11 September 2001 . The paper also sheds light on the Chinese interests in Africa and the inevitable struggle with the United states of America, The paper concluded with the American–Chinese struggle on the resources of Sudan .
Keywords: resource struggle– china– America– New International order.
مدخل:
الصراع يعني في أبسط معانيه: تفاعل العلاقات بين عناصر ومكونات موجودة في الطبيعة والذات الإنسانية والعلاقات الاجتماعية، فهو حالة من الضغط النفسي الناتج عن التعارض أو عدم التوافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر، فهو يشير إلى موقف تنافسي خاص يكون أحد طرفيه أو أطرافه على قناعة بعدم التوافق المستقبلي المحتمل، أو يقوم كل طرف بتبني أو اتخاذ مواقف لا تتوافق مع المصالح المحتملة مع الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى. والصراع السياسي يعني: التصادم والتعارض بين طرفين أو أكثر بينهما اختلافات قيمية ومصلحية ينخرطان في سلسلة من الأفعال وردود الأفعال الإرغامية التي تهدف إلى إلحاق الضرر أو شل حركة الطرف أو الأطراف الأخرى مع سعي كل طرف إلى تعظيم مكاسبه على حساب الآخرين وتأمين مصادر قوته. أما التنافس فهو: خطط وسياسات ترتبط بالأساس بالتنمية والاحتكار التي تهدف إلى الاندماج الاقتصادي وتشجيع القطاعات الخاصة التنموية ومن ثم الانتقال بها من مرحلة التراكم والجمود إلى مرحلة التحرك والتفاعل. فهناك علاقة موضوعية بين الصراع والتنافس ، فالصراع أشمل معنىً ومفهوميةً من التنافس الذي يعد جزءاً لا يتجزأ منه، فإذا ما خرج التنافس من أطره المحددة وقيمه المعروفة، فان ذلك يتحول إلى صراع، وبذلك يعد الصراع أخطر أنواع التفاعلات البشرية لما تحويه من آثار سالبة ناجمة عنه.
توطئة:
تعد القارة الإفريقية مستودعاً للموارد الأولية التي يحتاجها الغرب في التصنيع، ونسبةً لما تمتلكه القارة من مقومات طبيعية نادرة أهّلها ذلك بأن تكون مسرحاً للصراع والتنافس الدولي بين القوى الكبرى المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي خاصة فرنسا، بالإضافة إلى اللاعبين الدوليين الجُدد مثل الصين وإسرائيل . إن الفضاء الإفريقي يمثل ميداناً واسعاً لصراع هذه القوى وتنافسها حول مواردها. بدأ التنافس منذ الاستعمار الأوربي الذي اجتاح القارة منذ مؤتمر برلين 1884م حيث استعمرت مساحة تقدر بـ 93 % من جملة الأراضي الإفريقية ، وخلال ذلك مارست هذه القوى جملةً من السياسات الاستعمارية التي امتدت آثارها إلى الآن ، ومن ضمنها: سياسة السلب والنهب والاستعباد والتجويع والاستنزاف، وسياسات أخرى مرتبطة بالدين والقوانين والثقافة كالتبشير الكنسي وسياسة المناطق المقفولة وفرض الثقافة الغربية ومحاربة الإسلام وغيرها . وبعد ظهور النظام العالمي الجديد وسقوط المعسكر الشرقي السوفيتي؛ فرضت الولايات المتحدة الأمريكية بعض السياسات المتمثلة في العولمة أو " الأمركة" والتي ألقت خلفّت سحابة قاتمة في الفضاء الإفريقي، والتي ألقت هي الأخرى ظلالاً أثرت في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية، مما أدى إلى هيمنة أمريكية صاخبة أفرزت نتائج ومظاهر خطيرة تمثلت في فرض النفوذ الأمريكي بفضل التدخلات السافرة في الشؤون الداخلية للقارة الإفريقية. إن سياسة الولايات المتحدة تجاه إفريقيا قد حفزت القوى الأخرى وزادت من مطامعها في النَيل من موارد القارة واقتسام كعكتها بينها، الأمر الذي أدى إلى الصراع المحموم الذي نشهده الآن، حيث أصبح لكل قوة أجندة خاصة وإستراتيجية محددة لتحقيق أهدافها في إطار منع الآخرين من الحصول على مصالح أكبر.
وتهدف هذه الدراسة إلى تسليط الأضواء على حقيقة ومغازي ومآلات التنافس الدولي حول موارد إفريقيا، كما تهدف إلى التعّرف على حجم وَحِدّة التنافس الدائر بين الدول الكبرى واللاعبين الأساسيين السابحين في الفلك الإفريقي بُغية السيطرة والاستنزاف المبرمج وتحقيق المصالح العليا لها . كما ستوضح الدراسة خطورة الإفرازات السالبة التي قد تنجم من جرّاء هذا الصراع، خاصةً أن إفريقيا مهيأة بأن تتأثر بشكل كبير ومباشر من تبعات وإفرازات الصراع والتنافس الدولي، مما قد ينجم عن ذلك من نزاعات إفريقية - إفريقية وحروب أهلية طائلة تدمر مقدرات القارة التي بها الآن أكثر من22 نزاعاً مسلحاً من جملة 36 نزاعاً في العالم. فإذا نظرنا إلى إفريقيا فهي تتمتع بكميات كبيرة وهائلة ومتنوعة من الموارد الأولية والطبيعية والتي أدت إلى ازدياد مطامع القوى الكبرى فيها، فأخذت تلهث حيالها وتزيد من إسراع الخطى نحوها، وبالتالي خلق نوع من الصراع والتنافس المحموم بينها .
إن القارة الإفريقية قد مّرت بمراحل استعمارية خطيرة كانت سبباً في إدخال القارة في دوامة إشكالات جمة ومتعددة مثل : قضية التبعية والإشكالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى الناجمة من التهميش. والجدير بالذكرـ أن المستعمر الأوربي هو الذي بذر بذور تلك الإشكالات ومنذ زمن طويل بسبب سياساته التنافسية المستعرة التي لا زالت ترمي بظلالها السالبة حتى الآن.
فقد انتهجت الدراسة المنهج التاريخي لقراءة الوقائع التاريخية واستحضارها آنياً لربط تسلسلها مع مكنونات الحاضر ومن ثم استشراف المستقبل، كما استخدمت المنهج الوصفي التحليلي والمقارن لاستقراء حالات الدول الكبرى والإفريقية على حد السواء في طريقة تعاملها وتفاعلها مع بعضها البعض. كما وضعت الدراسة عدة افتراضات موضوعية إنساق إليها الحديث في محاولة لتفسير كنهها وتوضيح مآلاتها، ومن هذه الافتراضات: أن إفريقيا أصبحت أكثر الميادين استقطاباً للصراع الدولي الحاد بين قوى وأقطاب دولية أخرى، الأمر الذي أدّى إلى استباحة الفضاء الإفريقي لتتصارع فيه مخابرات هذه الدول. كما تفترض أن حلقات الصراع والتنافس حول إفريقيا هو امتداد للسياسات الاستعمارية القديمة مع ملاحظة خروج بعض اللاعبين الكبار مثل : بريطانيا والاتحاد السوفيتي بالإضافة لدخول لاعبين جدد حلّوا محلهم مثل: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي والصين مع ملاحظة ثبات اللاعب الفرنسي المتشبث بفرانكفونيته الإفريقية. كما أدّى الصراع الفرانكفوأمريكي إلى إحداث فراغ في موازين القوى الإقليمية مما أدّى بدوره إلى انتهاز الصين واغتنام الفرصة فيها وملئها وثبر غورها بطريقة تحقق مصلحة الطرفين الإفريقي والصيني. أما إسرائيل التي تدور في الفلك الأمريكي فترى أن مبدأ تطويق المد العربي والإسلامي من ناحية العمق الإفريقي يحقق لها مصالح إستراتيجية كبري ولذلك كان هي الأخرى تعد ضمن اللاعبين الأساسيين في حلبة الصراع الدائر بشقيه الخفي والمعلن. كما تفترض الدراسة أن وتيرة التنافس سوف تزداد مستقبلاً وذلك من خلال عدة قراءات منطقية يسوقها الواقع والظروف المحلية والدولية، وهي تزايد حاجة الدول للموارد الطبيعية في ظل تناقص حاد في إمكانية امتلاكها، يقابلها ضعف في المقدرة والإمكانيات الإفريقية من حيث استغلالها ذاتياً في ظل تزايد سكاني كبير في العالمين الإفريقي والأوربي بصورة كبيرة.
ويمكن الإشارة إلى أن ازدياد وتيرة التنافس والصراع الدولي حول إفريقيا يؤدي إلى تكالب الدول حولها، وبالتالي يزيد من عدم مقدرتها من التقدم نحو التنمية والتطور مما يزيد من تفاقم إشكالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتعقيد وتأزيم مستقبلها. كما تفترض الدراسة أن الواقع الإفريقي لازال مهيأًً لاستيعاب وقبول التنافس المتعدد الأقطاب والمتباين الاتجاهات وذلك للبحث عن أفضل الخيارات التي يمكن التعامل معها والتي قد تكون ذات امتيازات محفزة وعروض مناسبة لتحقيق أكبر قدر من المنفعة المتبادلة وذلك على أساس ألاّ تكون سياسة الاستحواذ والإزاحة هي الغالبة حتى لا تفرز آثاراً سالبة تزيد من اتساع هُوّة المشاكل مستقبلاً.
وتظل ثمة أسئلة محورية تبقى عالقة في الأذهان تحتاج إلى نقاش مستفيض بغية الوصول إلى نتائج منطقية: هل الصراع التنافسي من أجل الدخول في الفضاء الإفريقي أمر حتمي فرضه الواقع الإقليمي والدولي؟ أي توافر الموارد الأولية في إفريقيا، يقابله عدم قدرة في استغلالها، في وقت تقل هذه الموارد في الغرب والدول الاستعمارية السابقة في وقت هي قادرة على استغلالها! أم أن الأمر يرتبط بتداعيات مرحلية أخرى ؟ أي مرحلة الاستعمار الحديث! .. وهل تسابق الدول نحو إفريقيا يحكمه تنسيق تكتيكي محض أم أن السباق يرتهن بأولويات محددة ترتبط بعوامل المرحلة؟ وهل هناك إرهاصات بأن أمد هذا الصراع سوف يطول أم أنه سينتهي مع تغيّر بعض الأوضاع المحلية والدولية؟ وأخيراً.. كيف يكون مستقبل هذا الصراع من خلال الحيثيات الماثلة والواقع المعاش والإمكانيات الإفريقية المتاحة؟.
طبيعة القارة الإفريقية:
تعد القارة الإفريقية الثانية بعد آسيا من حيث المساحة والسكان، وتبلغ مساحتها نحو 40.3 مليون كيلومتراً مربعاً، وعدد سكانها 800 مليون نسمة تقريباً، وتمثل خمس مساحة العالم، وتضم 54 دولة، ويقع أكثر من ثلاث أرباع مساحتها في النصف الشرقي من الكرة الأرضية، يمر خط الاستواء من وسطها ويقسمها إلى نصفين شبه متساويين، وأن أكثر أجزائها يقع بين مداري الجدي والسرطان، وتنحصر مساحتها بين خط عرض 37.21 ْ شمالاً، و34.51 ْجنوباً، كما تمتد بين خط طول 51.25 ْ شرقاً، و17.5 ْغرباً، وتتميز إفريقيا بتعدد المناخات فيها،حيث يسود في شمالها وأقصى جنوبها مناخ البحر الأبيض المتوسط، في حين يغلب المناخ الآسيوي على وسطها، وقد أدى ذلك إلى تنوع منتجاتها الزراعية ومواردها الطبيعية مما زاد من أهميتها الاقتصادية وبالتالي تزايد الأطماع فيها والصراع حول مواردها.
ترتبط القارة الإفريقية ارتباطاً طبيعياً من حيث توزيع الماء اليابس بالقارة الآسيوية ولا يفصلها عنها سوى البحر الأحمر الذي يمثل خليجاً داخلياً، حيث لا يزيد عرضه في أوسع مكان له عن 350 كيلومتراً، ويضيق في بعض المناطق حتى يصل إلى 200 كيلومتراً، كما أن إفريقيا تقترب من قارة آسيا عند باب المندب، ومن قارة أوروبا عند مضيق جبل طارق الذي يفصلها عن البحر الأبيض المتوسط،، وتطل على محيطين هما المحيط الأطلسي من ناحية الغرب والمحيط الهندي من ناحية الشرق، وتخلو سواحلها من التعاريج والخلجان وأشباه الجزر، وتشرف على طرق المواصلات التي تربط بين الشرق والغرب، مما زاد من أهميتها الإستراتيجية، وأهمية موقعها الجغرافي في مجال العلاقات الدولية، وتتنوع بها الجماعاتوالأجناس والعناصر البشرية حسب المناطق الطبيعية للقارة.
ارتبطت الأراضي الإفريقية بحضارات قديمة أكدت عليها الدراسات الحديثة في كل من ساحل البحر المتوسط ، وأدّى النيل، وساحل بنين المطل على خليج غينيا ،وحول نهر السنغال والنيجر والكونغو والزمبيزي واللمبوبو، وتعددت محاولات المستعمرين الأوربيين لتزييف تاريخ إفريقيا وطمس معالمها وربطها بالحضارة الغربية وتفريغ الإنسان الإفريقي من محتواه والعمل على استلابه عن أصالته وفصله عن مرجعيته وثقافته الإفريقية، كما عمد على تهميش اللغات الإفريقية واستبدالها باللغات الأوربية خاصة اللغة الفرنسية،التي لعبت دوراً كبيراً في تأكيد تبعية العديد من دول القارة لها، وربطها بتكتلات تسيطر عليها ثقافياً وسياسياً.
تحتل اللغة العربية مكانة الصدارة بين 800 لغة ولهجة إفريقية، أبرزها السواحيلية والأمهرية والنيلية والهوسا والبانتو والمادنقو واليوربا والإيبو،وكذلك اللغات الأجنبية مثل: الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والبرتغالية، وبواسطة اللغة العربية لغة القرآن الكريم انتشر الإسلام وتعاليمه في القارة.
إن التشويه الغربي الذي لحق بالتاريخ الإفريقي جاء نتيجة تعرض إفريقيا إلى ظاهرة الاستعمار القديم والحديث الذي أدى إلى تقسيمها في مؤتمر برلين الذي دعا إليه المستشار الألماني الأسبق "بسمارك" والذي عقد في الفترة من أكتوبر1884م حتى فبراير 1885م.
لقد ركزت فرنسا وبريطانيا اللتان كان لهما نصيب الأسد في اغتنام القارة الإفريقية و استعمارها واحتلال المناطق الإستراتيجية منذ تلك الفترة حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر وأنشأتا فيها مراكز استعمارية على السواحل الإفريقية ، ثم توسعتا من خلالها داخل القارة شرقاً وجنوباً.
وقد تعاظمت الأطماع الاستعمارية ـ مؤخرا ًـ مع تزايد سُبل الاستكشافات المتطورة باستخدام الوسائل العلمية الحديثة، مما ترتب عليه حدة الصراع والتنافس الأمريكي ـ الأوربي خاصةً فرنسا وذلك من أجل الحصول على مصادر المواد الأولية وتصدير رأس المال والاحتكارات والاستحواذ على مناطق النفوذ وفرض السيطرة السياسية والعسكرية والاقتصادية داخل إفريقيا، التي جعل منها منطقة مكشوفة للمخابرات المركزية الأمريكية " التي دخلت القارة لاحقاً"، والتي تعمل تحت ستار برامج المساعدات الأجنبية التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، مركزةً على المناطق ذات الأولوية السياسية والإستراتيجية الخاصة بها، بحيث يضمن لها مصالح سياسية واقتصادية واسعة، تتركز فيها الاستثمارات الأمريكية بكثافة، وكذلك لإيقاف حركة التحرر الوطني ولإيجاد مواقع عسكرية متقدمة لها في الدول الأفريقية وتنفيذ مهمة السيطرة الاقتصادية على ثرواتها وبث مفاهيم الفكر الرأسمالي الغربي الذي يقوم على مبدأ الليبرالية على حساب الأفكار الأخرى خاصةً الشيوعية والإسلام.
إن مرحلة الحرب الباردة لم تنهض على الإطلاق بالوضع الموروث لإفريقيا المتمثل في التهميش والتبعية والخضوع والهيمنة الاستعمارية بشكلها التقليدي والمتجدد، إنما جعلت من إفريقيا هدفاً للدوافع الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، بل سبباً لتنافس الدولتين على القارة الإفريقية من أجل الحصول على مكاسب وتحقيق مطامع وغايات استعمارية أدت إلى تشويه صورة الواقع الاجتماعي والموروث الطبيعي لشعوب القارة وزرع قيم ومفاهيم جديدة غريبة على تراثها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، الأمر الذي انعكس سلباً على الأوضاع العامة وأدى إلى نشوء صراعات محلية وإقليمية بصورة كبيرة، كما أدّى إلى دخول الصين المنافس الآخر إلى القارة الإفريقية وتكييف إستراتجيتها بدقة متناهية، وقد تنامى دورها مع تقدمها الاقتصادي والصناعي وتطور تحولات الأحداث في العالم خلال القرن الحالي، وأصبحت قوة منافسة مستقبلية يراهن عليها لإعادة التوازن المفقود بعد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى سعيها في توسيع وجودها ونفوذها داخل القارة الأفريقية لتكون الشريك التجاري والاقتصادي الرئيسي بعد الولايات المتحدة وفرنسا. وقد تنبأت العديد من الدراسات الأكاديمية العالمية على أن هذا الترويج الاقتصادي الصيني سيمكن اقتصادها من التفوق على نظيره الأمريكي في عام 2040م. وسبق أن تنبأت هذه الدراسات بأن الصين ستصبح أكبر قوة اقتصادية في العالم في نهاية عام 2004م متفوقة بذلك على فرنسا([1]).
الهيمنة الأمريكية على إفريقيا في ظل النظام الدولي الجديد
للتطرق لموضوع السيطرة الأمريكية على إفريقيا لابد من إلقاء الضوء على فلسفة النظام الدولي الجديد الذي تبنته الولايات المتحدة وذلك من حيث الخصائص ومظاهر التوظيف والآثار المترتبة على ذلك.
خصائص النظام الدولي الجديد:
هناك مجموعة من الخصائص التي تميز النظام الدولي الجديد على سائر الأنظمة العالمية التي سادت على مر التاريخ البشري أهمها:
1- الهيمنة على القواعد والنظم التي تحكم العلاقات الدولية، بحيث يتمكن القطب المهيمن في هذه الحالة من جعل الأطراف الأخرى في النظام العالمي تفعل ما يريده بل يدورون في فلكه دون الحاجة إلى استخدام القوة المسلحة.
2- السيطرة على الاقتصاد العالمي بحيث إن اقتصاد القطب الواحد يكون في هذه الحالة محورياً أو مركزياً بالنسبة لاقتصاد الدول الأخرى.
3- الهيمنة العسكرية على العالم، حيث يتطلب من الدولة الآحادية المهيمنة في هذه الحالة أن تكون لها قوات هائلة منتشرة في كل بقاع العالم، وإمكانية استخدام هذه القوات في أي لحظة وبدون مساعدة من الآخرين.
4- السيطرة الثقافية على العالم، وهى قبول أطراف النظام العالمي الأخرى ـ وبدون تحفظ ـ ثقافة القطب المهيمن ذي التنوع المقبول والجاذب، في هذه الحالة لا تفرض القيم الثقافية بالقوة على بقية أطراف النظام العالمي، ولكن الأخذ بها والتحمس لها يكون بمحض الإرادة الحرة، على أساس أنها أفضل الخيارات المتاحة للبشرية جمعاء.
توجهات الهيمنة الأمريكية الآحادية وعلاقتها بإفريقيا:
بعد سقوط حائط برلين في نوفمبر1989م وتفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991م، برزت قوى عظمى واحدة مهيمنة هي الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلن رئيسها جورج بوش حينذاك في غمرة انتصاره على العراق في حرب الخليج الثانية عن ولادة "نظام دولي جديد"، تسوده العدالة والمساواة بين الدول. ولم يمض وقت طويل حتى تبين للجميع أن هذا النظام الموعود ليس إلا تكريس للهيمنة الأمريكية على العالم تحت غطاء الشرعية الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة، وكقوة أيديولوجية لا منازع لها بعد "انتصار" الليبرالية واقتصاد السوق، وكقوة اقتصادية مهيمنة، وقوة عسكرية جعلت الولايات المتحدة تسعى لبسط نفوذها على ألد أعدائها السابقين وحلفائها الدائمين في ذات الوقت.
وقد تم تحديد التوجهات السياسية الخارجية والعسكرية الأمريكية من قبل وزارتي الخارجية والدفاع والبيت الأبيض والمجلس الأعلى (الكونغرس) عام 1991م وذلك لإبراز المكانة الأمريكية العالمية والحفاظ عليها بهدف تحقيق مصالحها الذاتية والحفاظ على أمنها القومي وسحق أعدائها التقليديين والقادمين من الشيوعيين والإسلاميين الراديكاليين من أجل السيطرة والهيمنة على العالم.
وفي هذا الشأن يمكن الإشارة إلى تقرير "بول وولفوفيتز" مساعد وزير الدفاع للشؤون السياسية عام 1992، وتقرير "جيريميا" الذي صاغه فريق من الخبراء العسكريين برئاسة "الأميرال جيريميا" وفيه يتصور السياسة العسكرية الأمريكية وفقاً لسيناريوهات نزاعية محتملة. وكذلك ورد في تقرير "وولفوفيتز" بأن الهدف الأساسي للسياسة الخارجية الأمريكية هو الإبقاء على الهيمنة وبأنه: "يجب إقناع خصوم محتملين بأن ليس عليهم التطلع إلى لعب دور أكبر"، وللتوصل إلى ذلك: "يجب أن يبقى وضع القوة العظمى الأمريكية الوحيدة مستمراً عبر قوة عسكرية كافية لردع أية أمة أو جماعة أمم في تحد لتفوق الولايات المتحدة". وينطبق هذا التحذير على الخصوم السابقين مثل ورثة الاتحاد السوفيتي كما ينطبق على الحلفاء: "يجب علينا أن نتحرك بطريقة تمنع بزوغ نظام أمني أوروبي خالص يمكن له زعزعة استقرار حلف الأطلسي ". من هنا يفهم أن الخلافات التي احتدمت بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية حول قيادة حلف الأطلسي في المنطقة الجنوبية (حوض البحر المتوسط والشرق الأوسط) والتي تتمسك الولايات المتحدة بها في حين يطالب بها الأوروبيون نظراً لوقوع المنطقة المذكورة على تخوم أوروبا المباشرة وكذلك الخلافات حول اضطلاع أوروبا بدور مستقل داخل هذا الحلف بعيداً عن الهيمنة الأمريكية([2]).
إن التطبيق العسكري لهذه الخيارات يدفع تقرير "جيريميا " إلى تصور سبعة تصورات نزاعية وتدخلات محتملة: الأول: مع ورثة الاتحاد السوفيتي (سابقاً) والصين، والثاني: مع العراق، والثالث: مع كوريا الشمالية،. وهناك ثلاثة تدخلات عسكرية محتملة: في أمريكا اللاتينية(بنما وكوبا) وفي الشرق الأوسط(سوريا)، والشرق الأقصى(أفغانستان)، والتصور السابع هو مواجهة محتملة مع الأصوليين الإسلاميين في أي مكان من العالم، وذلك لزوم الحفاظ على جيش مؤلف من مليون جندي وقوة بحرية مؤلفة من 346 بارجة حربية، منها 11 حاملة طائرات عملاقة في عمق البحار لردع أي قوة محتملة قد تهدد الوجود والمصالح الأمريكية في العالم. فالسيطرة الأمريكية تفرض قدرة تدخلية في كل أنحاء العالم، وإذا احتاج الأمر في عدة أمكنة في ذات الوقت نفسه، إذاً لا مجال مطلقاً لإفساح المجال أمام سيطرة قوة أخرى غير الولايات المتحدة، ومن خلال ذلك قسمت الولايات المتحدة دول العالم مابين حليفة ومترددة وعاصية أو متمردة. إن الدول الحليفة هي الدول الغربية ذات النظام الديمقراطي واقتصاد السوق الحر التي يجب التعاون معها (دون إفساح المجال لها للخروج من النفوذ الأمريكي)، والدول المترددة هي التي يجب مساعدتها على تبني الأيديولوجية الأمريكية "المنتصرة"، أما الدول العاصية مثل: إيران وكوريا الشمالية والعراق وسوريا وكوبا والسودان وليبيا، فيجب التضييق عليها ومحاصرتها ومحاربتها والعمل على إنزال اقسى أنواع العقوبات الاقتصادية والعسكرية والسياسية بها مباشرة أو عبر الأمم المتحدة والمؤسسات والهيئات العالمية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة([3]). ونتيجة لذلك فقد احتلت أفغانستان والعراق وفرضت الحصار على السودان وليبيا وسوريا وإيران، وهي دول عربية مسلمة أعلنت رفضها للهيمنة الأمريكية، كما حاصرت كوبا وكوريا الشمالية ولا تزال تنازع روسيا والصين وتناصباهما التنافس والعداء .
ورغم أن إفريقيا لم تحتل مكاناً واضحاً في التقارير المذكورة التي لم تأت على ذكر أي سيناريو نزاعي محتمل في الدول الأفريقية، إلا أن القوة العظمى الساعية لمنع خصومها وحلفائها على السواء من التفكير "في لعب دور أكبر" لا تستطيع تجاهل أهمية القارة الإفريقية التي تغطي مساحة 40.30 مليون كيلومتر مربع يقطنها حوالي 800 مليون نسمة، ويحتوى باطنها على ثروات ستزداد أهمية في التقسيم العالمي الجديد للعمل في زمن التنافس العالمي المستمر والعولمة التي تهب رياحها على الاقتصاد الدولي. تبقى القارة الإفريقية محط أطماع الدول الساعية إلى مزيد من الموارد الأولية، ومزيد من الأسواق لتصريف منتجاتها، وترى فيها الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى كل هذا مجموعة من المواقع الإستراتيجية المتحكمة بالخارطة الدولية.
ويمكن القول: أن القارة الإفريقية أصبحت هدفاً معلناً للتوسع الأمريكي في العالم منذ أن وضعها فريق العمل الأمريكي في طلب الإستراتيجية الأمريكية في الفترة الممتدة المقبلة، والتي حلت محل تلك الفترة السائدة خلال الحرب الباردة.
ففي 21 سبتمبر1993م أعلن عن ميلاد أنموذج استراتيجي أمريكي جديد هو "سياسة التوسع" ليحل محل "سياسة الاحتواء" الذي أعلنه "جورج كنان"، ويعنى "التوسع" انتشار الديمقراطية واقتصاد السوق الحر على الصعيد الشامل مكان الاستبداد والاقتصاد الموجه، ويعتبر هذا المسار هجومياً بالدرجة الأولي ويأخذ البعد الاقتصادي، على عكس سياسة الاحتواء الذي كان يعد برنامجاً دفاعياً يأخذ البعد العسكري، ويشمل "التوسع" القارة الإفريقية من ناحية دفعها للانخراط في اقتصاد السوق والليبرالية، وطرد بقايا الاستبداد والاقتصاد الموجه وفق الرؤية الأمريكية.
وفي عـام 1994م أعلـن وزير التجارة الأمريكي "روني بـراون": (أن نظرية تقاسم المسؤوليات التي ترعرعت خلال الحرب الباردة لم يعد لها مكان اليوم وأن زمن "مناطق الصيد الخاصة" في إفريقيا انتهى إلى غير رجعة) ([4]).
وفي أكتوبر من عام 1996م قام وزير الخارجية الأمريكي "وارن كريستوفر" بجولة أفريقية، بدأها بزيارة جمهورية مالي الدولة الفرانكفونية، وخلال جولته تم البحث عن شراكة جديدة سياسية وعسكرية بين القارة الإفريقية والولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تقود إلى تشكيل "قوة إفريقية للرد على الأزمات" تستفيد من التمويل والتدريب والعتاد والدعم اللوجستي للقوات الأمريكية. هذا في وقت لا تمثل المساعدة الأمريكية للتنمية في إفريقيا سواء نسبة 0.1 % من الناتج المحلى الإجمالي للولايات المتحدة، يذهب خمسها فقط إلى دول إفريقيا جنوب الصحراء.
إن وجهة نظر أمريكا في فتح أسواق في إفريقيا لا تزال سابقة لأوانها، ويتطلب ذلك جملة من القوانين والمشاريع والمؤتمرات والتفضيلات الجمركية واتفاقيات التبادل الحر، فالمؤتمر (حول أفريقيا) الذي نظمه اللوبي الآفروأمريكى باسم الصلات العاطفية مع القارة الأفريقية، سبق بأيام مؤتمر الثمانية الكبار في دنرف (كولورادو في 22- 20 يونيو 1997م)، وخلاله أطلق الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون مبادرة لإفريقيا والذي سعى لتسويقها خلال جولته الإفريقية الطويلة في أبريل 1998م، وقد تقرر أيضاً إقامة مؤتمر قمة سنوي آفروأمريكي (على غرار المؤتمر الأفريقي– الفرنسي كل ثلاثة أعوام ) يحتفل بحسنات (عودة) رجال الأعمال الأمريكيين إلى (أرض أجدادهم).
ولقد بدأ واضحاً أن الولايات المتحدة نجحت في إغراء الأفارقة بالمشاريع التي طرحتها، الأمر الذي عبر عنه حديث دبلوماسي أمريكي في باماكو عاصمة مالي، أوردته إحدى افتتاحيات الصحف السنغالية الساخرة بالقول: "فرنسا هي مثل الزوجة الأولى التي لم نخترها بملء إرادتنا نحن نمثل الزوجة الثانية المفضلة في غالب الأحيان". ولقد أصبحت القارة الإفريقية مع بدايات عصر العولمة هدفاً "لدبلوماسية التجارة الكبرى"، التي جعلت منها الولايات المتحدة الأمريكية محور سياستها الخارجية، والزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون لمدة أحد عشر يوماً كانت تحمل فكرة التكامل بين الديمقراطية والتجارة الحرة، وتقع في إطار ما تسميه الولايات المتحدة " تجديد أفريقيا" بعد إهمالها من قِبل فرنسا([5]).
الهيمنة على القرار الدولي وأثرها على إفريقيا:
تمثل تمكين الهيمنة الأمريكية في تمتع الولايات المتحدة بتفعيل حق النقض في مجلس الأمن بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي، نجم عن ذلك حسم الصراع واقعياً لصالح الولايات المتحدة الأمريكية لتنفرد بالسيطرة على المنظومة الدولية، على القرار الدولي، تعيد أحداث الهيمنة التي شاهدها تاريخ العلاقات الدولية عبر مراحل التاريخ، والتي أظهرت بأن هيمنة القطبية الأحادية أفسحت المجال لإثارة الفوضى وتأجيج الحروب العدوانية والصراعات الإقليمية ومن ثم الانحراف عن الاتفاقيات والعهود الدولية، الأمر الذي يعنى أنها تشكل علة الفساد الأخلاقي في السلوكيات الدولية على مختلف مراحل التاريخ.
فمنذ أن اعتلت الولايات المتحدة الأمريكية قمة النظام العالمي الجديد، ظهرت العديد من المواقف التي تعبر عن ازدواجية معايير السياسة الأمريكية أو كما يصفها البعض بأنها سياسة الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة، فسلوكيات السياسة الأمريكية تبرز بشكل مرتبط باعتبارات المصلحة القومية للولايات المتحدة والانحياز الواضح لحليفاتها مثل: بريطانيا وإسرائيل، وذلك على النحو التالي ([6]):
أ- الاستهانة بالمؤسسات الدولية، وانتهاك مقومات الشرعية الدولية من خلال انتهاج سياسة القوة، حيث أخذت الولايات المتحدة الأمريكية تركز على أسلوب استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، وقد جسدت ذلك في عديد من المواقف، منها على سبيل المثال: الاعتداء على ليبيا عام 1986م، والحرب ضد أفغانستان عام 2001م، وغزو العراق عام 2003م، وهذا يعنى انتهاكها لمبدأ حظر اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية، هذا المبدأ الذي نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، حيث ينص مضمون هذه الفقرة على امتناع أعضاء هيئة الأمم المتحدة في علاقاتهم الدولية على التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.
ب - التدخل في الشئون الداخلية للدول: تدخلت الولايات المتحدة في العديد من النزاعات الإفريقية بصور متعددة على سبيل المثال منها([7]):
1- هيمنت الولايات المتحدة على الصومال بسبب حرب الأوغادين عام 1977م، والتي اتبعت فيها الولايات المتحدة طريق الحياد تجاه النزاع القائم بين الصومال وإثيوبيا، في أغسطس عام 1980م معاهدة تسمح للقوات الأمريكية استخدام المرافئ والمطارات في الصومال مقابل مساعدة اقتصادية، وعسكرية بقيمة 40 مليون دولار، وكان التدخل الأمريكي في الصومال أخذ غطاءه تحت اسم الشرعية الدولية.
2- التدخل في النزاع في السودان تحت اسم السلام المغلف بالمصالح الاقتصادية الأمريكية لتكون مفتاح السيطرة على منطقة القرن الأفريقي.
3- التدخل في موزمبيق وكينيا للسيطرة على شرق أفريقيا.
4- السيطرة على وسط القارة بالتدخل في أنغولا والكونغو.
5 - التدخل في النزاعات القبلية في رواندا وبورندي للسيطرة على منطقة البحيرات.
6- التدخل في الأزمة الليبيرية عسكرياً في أغسطس 2003م من أجل أهداف أمريكية لصالح الإستراتيجية الجديدة في التعامل مع دول القارة الأفريقية، مع العلم أن ليبيريا بها محطة إرسال تابعة لجهاز المخابرات الأمريكية CIAلالتقاط كل ما يبث في القارة.
الرؤى الأمريكية لإفريقيا بعد سقوط المعسكر الاشتراكي الشرقي:
إن الاهتمام الأمريكي بالقارة الإفريقية بدأ بعد أن أصبحت هذه القارة إحدى مناطق الصراع بظهور مشكلة الكونغو 1960م وأنغولا عام 1970م وقضية القرن الأفريقي والبحيرات العظمى، إضافة إلى قضية الصومال، ومشكلة إقليم دارفور بالسودان أخيراً، ولقد مر هذا الاهتمام للسياسة الخارجية الأمريكية بمرحلتين هما:
ـ المرحلة الأولى: مرحلة رسم سياسة خارجية دولية ملامحها الهيمنة والسيطرة والاحتكار.
ـ المرحلة الثانية: مرحلة سياسة الهيمنة الأحادية على قارات العالم، وتقسيمها إلى مناطق نفوذ ومصالح أمريكية، وتحويل دول النفط الإفريقية إلى مناطق إمداد للنفط الخام إلى الولايات المتحدة الأمريكية،كما يحدث في ليبيا ونيجيريا والسودان.
وفي المرحلتين كان الارتباط بإفريقيا ضعيفاً انطلاقاً من مقولة الرئيس الأمريكي جورج واشنطن: ( إن سياستنا الخارجية تقوم على أساس الابتعاد عن إقامة تحالفات دائمة مع أي جزء من العالم، كما أن إفريقيا ووسط السياسة الخارجية الأمريكية تعتبر منطقة نفوذ أوربي وليس منطقة أزمة، وعلى هذا الأساس تعاملت معها) ([8]).
. وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تغيير إفريقيا بفضل الجيل الجديد من الحكام البراغماتيين، وتكسير الدائرة المفرغة من اللااستقرار السياسي، وفي هذا الشأن أصدرت الإدارة الأمريكية قراراً يقضي بإنشاء مركز إفريقي للدراسات الأمنية بإفريقيا في مجال الأمن القومي ( في مكانٍ ما في إفريقيا ) بهدف تنشئة القادة الأفارقة الديمقراطيين حسب الرؤية الأمريكية من مدنيين وعسكريين.
وبعد سنوات قليلة من سقوط المعسكر الشرقي، يؤكد بعض المحللين الأمريكيين، أن 25 دولة من أصل الـ 34 دولة التي تتألف منهم (إفريقيا جنوب الصحراء) قامت بانتخابات ديمقراطية، وثلاثون دولة بدأت السير في طريق الليبرالية الاقتصادية، وهناك 800 مليون مستهلك إفريقي يصعب تجاهلهم في زمن العولمة المتنامية،. ويقول هؤلاء الأمريكيون: إنهم يحبذون اندماج إفريقيا في الاقتصاد العالمي، حتى لا يضطرون للتدخل فيها وقت الأزمات، مثل: الجريمة العابرة للحدود والإرهاب وتهريب المخدراتوتلويث البيئة وحفظ مصادر الطاقة (20% من النفط المستهلك في أمريكا مصدره أفريقي وقد تزداد هذه النسبة إلى أضعاف خلال السنوات القادمة).
إن الأمن القومي الأمريكي يتأثر كثيراً بالاستقرار الاقتصادي والسياسي للقارة الإفريقية في وجود أنظمة موالية، أو على الأقل غير معادية للولايات المتحدة الأمريكية. ولتحقيق قواعد الأمن القومي الأمريكي من خلال الفضاء الإفريقي، كان قد انعقد بالعاصمة السنغالية داكار في 6 فبراير 2007م، مؤتمرٌ عسكريٌ لقادة أركان جيوش تسع دول إفريقية (فرانكفونية)، إضافة إلى الولايات المتحدة حيث أعلن عن إنشاء قيادة جديدة خاصة في منطقة إفريقيا والصحراء، يكون مقرها (شتوت غارد) بألمانيا، تهدف إلى توسيع نفوذ وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على أفريقيا، تنفيذاً لمبدأ الولايات المتحدة السياسي بأنه لا أصدقاء دائمين لأمريكا، بل مصالح دائمة لها. وهذا التوسع يقلق فرنسا الدولة المستعمرة تقليدياً لأفريقيا، خاصة بعد أن اخترقت الولايات المتحدة الحاجز الأوروبي في إفريقيا عن طريق الإيحاء بوجود الخلايا النشطة لتنظيم القاعدة في أفريقيا، حتى يكون لها دور تلعبه داخل القارة، وحيث إنها اعتبرت الظروف الدولية تغيرت بملء تصور جديد للعلاقات مع أفريقيا([9]).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Empty
مُساهمةموضوع: رد: صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان   صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyالسبت فبراير 16, 2013 11:28 am

الرؤى الأمريكية لإفريقيا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م:
بعد حوالي تسع سنوات من إعلان النظام الدولي الجديد ونهاية حرب الخليج الثانية عام 1991م جاء بوش الابن على رئاسة الولايات المتحدة عام2000م، حيث أعلن منذ وهلته الأولي أن الولايات المتحدة لا ترغب في الدخول في أي حربمرة أخري بل ستسعى بالوسائل الدبلوماسية الأخرى حل جميع الإشكالات في العالم أجمع ، ولكن حدث ما لم يكن يتوقعه الرئيس الأمريكي ولا غيره من الساسة الأمريكان ، حين تم تفجير برجي التجارة العالمي في نيويورك بواسطة طائرات مدنية ـ وهو ما يسمي بأحداث 11 سبتمبر، حينها انقلبت السياسة الأمريكية رأساً على عقب وقامت بتحريك أساطيلها الحربية وجيوشها العسكرية نحو الشرق الأوسط وقامت باحتلال أفغانستان بقصد ضرب معاقل طالبان وتنظيم القاعدة، وبعد فترة وجيزة قامت باحتلال العراق تحت دعاوى امتلاكه أسلحة الدمار الشامل، كما أعلنت الحرب ضد الإرهاب حين أعلنها الرئيس بوش أنها حرب غير محددة الزمان والمكان والأعداء، بل هي حرب ضد جميع الإرهابيين في أي مكان وزمان. وفي خضم هذا الهيجان الأمريكي لم تسلم إفريقيا من الضغوط الأمريكية بان تتعاون معها في حربها ضد الإرهاب، فقد رصدت المخابرات الأمريكية 34 دولة افريقية بأن تنظيم القاعدة يتعشعش في أراضيها منها: كينيا ويوغندا وتنزانيا، حيث ربطت الولايات المتحدة هذه الأحداث بأحداث تفجير سفارتيها في نيروبي ودار السلام عام 1998م حين تم تفجيرهما في توقيت زمني واحد، وحين طلبت الولايات المتحدة من الدول الإفريقية التعاون معها في حربها ضد الإرهاب، فقد تعاونت كل الدول الإفريقية دون استثناء حتى الدول التي تناصبها العداء مثل: ليبيا والسودان حيث كان التعاون كبيراً ولأقصي حد، وبعدها بدأت الولايات المتحدة تكرس من ضرورة إقامة النظام الديمقراطي في الدول الإفريقية خاصة ذات الأنظمة الشمولية، كما أصبحت تبحث عن دولة مقر إفريقية لاستضافة القوات الآفريكوم التي تتواجد في ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية. والواقع ـ أن الدول الإفريقية قد استجابت لكل الطلبات الأمريكية دون تردد بل أبدت رغبتها الأكيدة في التعاون معها بشكل يضمن لها نيل الرضا الأمريكي، فكانت نتيجة ذلك مزيد من الاهتمام والسيطرة الأمريكية على إفريقيا، كما أدت إلى الاستسلام والإذعان الإفريقي المطلق وغير المسبوق بالتوجهات الأمريكية، هذا مما حفّز الأمريكان على التدخل في شئون الدول الإفريقية قاطبة دون استثناء وبطريقة سافرة، كما أصبحت العلاقات الإفريقية الأمريكية غير متكافئة بل يشوبها نوع من التوجس وعدم الثقة، وسيظل الحال هكذا إلى أن تغيّر الولايات المتحدة سياستها تجاه القارة الإفريقية.
إن الزيارة التي قام بها الرئيس السابق "بوش" إلى إفريقيا عام2008م قبيل مغادرته البيت الأبيض، تعد الزيارة الأخيرة من نوعها لزيارة رئيس أمريكي لإفريقيا جنوب الصحراء (قام أوباما بزيارة مصر عام 2010م وخطابه كان موجهاً بالأساس إلى العالمين العربي والإسلامي) حيث لم تقض زيارة بوش إلى إفريقيا غرضها المرسوم والمتوقع لها، فأراد "بوش" أن يرسل رسالة تذكارية تفيد أن هناك علاقات أمريكية إفريقية جيدة، فرغم أنه اختار دولاً محددة لزيارتها حسب واقع التوزيع الجغرافي، وأنه تجنّب الذهاب إلى المناطق الصراعية الساخنة إلاّ أنه ظلّ يبحث عن حلفاء جدد للمشاركة والتعاون في برامج الاستثمار من خلال الأسواق الإفريقية، وكذلك طُرق البحث عن مصادر إنتاج الطاقة، كما هدفت الزيارة إلى البحث عن دولة تكون مقراً للقوات الآفريكوم. ولكن الزيارة حققت ترسيخ بعض المفاهيم التي مفادها أن إفريقيا أصبحت حاضرة في الذهنية الأمريكية وأنها أصبحت تأخذ الطابع الاستراتيجي بالنسبة للساسة الأمريكان.
إفريقيا وصراع المصالح الدولية من خلال تنافس القوي الكبرى
منذ بداية المد الاستعماري الأوروبي تجاه إفريقيا خاصةً من قِبل بريطانيا وفرنسا، كان التركيز على المجال الاقتصادي والثقافي، ومنذ انحسار المد الاستعماري التقليدي وانسحابه من القارة الإفريقية سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى شغل الفراغ بناء على رؤيتها تجاه إفريقيا المبنية على أساس (نظرية ملء الفراغ) التي تفيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية قادرة ومؤهلة أكثر من غيرها من الدول الأوروبية على توجيه مجرى الأحداث في البلدان الأفريقية، وأن مجرد انسحاب الاستعمار الأوروبي من إفريقيا يكون الفرصة المناسبة من أجل أن تحل الولايات المتحدة الأمريكية محل "الملاك السابقين للموارد الأفريقية"([10])، ومحاولة الاستيلاء على الإرث الاستعماري الذي خلفته بريطانيا في الكونغو وأوغندا وغانا وسيراليون ونيجيريا وليبيريا باعتبارها إحدى القوى العظمى القديمة لتحل محلها الولايات المتحدة الأمريكية القوى العظمى الأولى في العالم حالياً التي تمتلك أساطيل بحرية قوية مزودة بحاملات الطائرات والغواصات المحملة بالأسلحة النووية. وقد كان التنسيق والتكامل بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في النفوذ الأمريكي على المستعمرات البريطانية السابقة ودعم الأنظمة السياسية المرتبطة بالسياسة البريطانية في كل من غانا وأوغندا وكينيا حتى تكون حامية للمصالح والاستثمارات الأمريكية في المنطقة والتصدي للتقلبات السياسية والتغيرات الاجتماعية التي قد تهدد المصالح الأمريكية.
لقد كان مفهوم التوسع والاحتواء الأمريكي ينسجم مع مفهوم التوسع البريطاني الذي يقوم على أساس نظام ديمغرافي مستديم ومفهوم اقتصادي ديناميكي وانسجام اجتماعي معين ونظام سياسي ثابت، يرتكز على الإمبراطورية الاستعمارية الإنجليزية التي كانت تخوض النزاعات العالمية وتستخدم نفوذها السياسي والدبلوماسي الكبير في المؤتمرات الكبرى التي انعقدت من قبل في فيينا وباريس وبرلين، والتي توارثتها عنها الولايات المتحدة الأمريكية بسياسة الهيمنة وأحادية القطب، برغم من أنها وجدت صعوبة في اختراق الستار الذي وضعته فرنسا على مستعمراتها بالمنطقة الغربية لإفريقيا، كانت انجلترا تمثل التهديد الواضح للتوسع الفرنسي في إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط والمواجهة لروسيا التي حاولت زيادة رقعة سيطرتها في آسيا وأجبرتها النزاعات على المصالح على مواجهة انجلترا في إيران وأفغانستان والهند والصين، وهو نفس الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في تنافسها مع فرنسا.
إن سياسات التوسع والهجرة والاستعمار والاستثمار ونقل الثقافة والديانة وتأسيس قواعد بحرية في إفريقيا، نجم عنها تغيير في السياسة البريطانية بانحيازها الواضح والصريح إلى الولايات المتحدة الأمريكية في صراعها وتنافسها الذي تخوضه ضد فرنسا من أجل رعاية مصالحيهما المشتركة في القارة الأفريقية، وقد احتدم هذا الصراع بالتدخل الأمريكي في الصومال، ثم الفرنسي في رواندا، وحول المواقف من الحركات والأحزاب الإسلامية في السودان الجزائر، وحول السيطرة على النفط والنفوذ وتبني النزاع في جنوب السودان وإقليم دارفور.
ففي الجزائر دعمت فرنسا الحكومة الجزائرية في مواجهة الإسلاميين المتشددين، في حين أيدت الولايات المتحدة الأمريكية مشاركة هؤلاء في السلطة. كما عبرت فرنسا في مناسبات عديدة عن مخاوفها من التساهل الأمريكي حيال تواجد حركات إسلامية نشطة على الأراضي الأمريكية.
والتنافس الأمريكي– الفرنسي في إفريقيا هو بين الفرانكفونية والأنجلوفونية وعلى المصالح الاقتصادية والنفطية وتبين ذلك في الصراع الذي حصل في الكونغو بين شركة النفط الفرنسية "ألف أكيتان" والأمريكية "اوكسيدنتال بتروليوم" والذي اتضح فيه أن الشركة الفرنسية لم تلب طلب الرئيس الكونغولي "باسكال ليسويا" بمساعدته على سد العجز الذي لازم موازنة العام 1992م فتوجه صوب الشركة الأمريكية التي عرضت عليه مبلغ 150 مليون دولار مقابل التنازل عن بعض حقول النفط الواعدة. هذا الأمر أغضب فرنسا التي تدخلت بقوة واستطاعت أن تزيح الشركة الأمريكية، وتحتفظ بالامتيازات النفطية في الكونغو، كان شيء مماثل قد حدث في الغابون عام 1990م، وفي تشاد وأنغولا عامي 1992ـ1993م، حين كان الصراع الأمريكي – الفرنسي واضحاً ومباشراً، وكاد الفرنسيون يخسرون امتيازاتهم النفطية لصالح شركات أمريكية. يتم النزاع الأمريكي – الفرنسي بالواسطة أيضاً كما حدث في بداية 1994م بين الكاميرون ونيجيريا حول شبه جزيرة باكاشي. فقد وقفت فرنسا إلى جانب ياوندي في مواجهة نيجيريا، وفي هذا الحال فإن الخلفية الحقيقية التي حكمت المواقف الدبلوماسية كانت رغبة فرنسا في التصدي لدولة أنجلوسكسونية تتعرض لدولة فرانكفونية وواقعة ضمن دائرة النفوذ الفرنسي([11]). وعلى الصعيد الداخلي الكاميروني دعمت فرنسا الرئيس "بول بيا" ضد خصمه "جون ندى" المقيم في مقاطعة أنجلوفونية في الكاميرون والذي حظي بدعم السفارة الأمريكية في ياوندي، وقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية الإطاحة بزعماء فرانكفونيين في تشاد و إفريقيا الوسطى، حيث يمتلك الفرنسيون فيهما نفوذاً وقواعد عسكرية مهمة.
ومنذ أن ترك السوفييت والألمان القارة الأفريقية، أخذ النزاع الفرنسي – الأمريكي طابعاً علنياً، وأصبح الفرنسيون يتهمون الأمريكان بأنهم يريدون الإحلال محلهم حتى في الدول الفرانكفونية نفسها، في حين ينفي الأمريكيون ذلك بقولهم إنهم لم يعودوا مضطرين كما في السابق إلى مساندة أنظمة دكتاتورية في مواجهة المد الشيوعي، الأمر الذي كان يفعله الفرنسيون سابقاً ولا يزالون يمارسونه.
وإنه على هامش الأهداف الإنسانية لعملية (توركواز) الفرنسية في راوندا كان هناك صراع فرنسي– أمريكي في الكونغو الديمقراطية وأوغندا حيث أعادت فرنسا إلى السلطة المارشال الفرانكفوني موبوتو سيسى سيكو، ووقفت ضد الرئيس الأوغندي يويري موسيفينى الأنجلوفوني القريب من الولايات المتحدة الأمريكية، الذي قدم أسلحة أمريكية إلى المتمردين في الجيش الشعبي لتحرير السودان، الذي كان يقوده جون قرنق في جنوب السودان ضد الحكومة السودانية،وأن انتصار التمرد الذي قاده "لوران ديزيريه كابيلا" ضد "موبوتو سيسى سيكو" في الكونغو الديمقراطية(زائير سابقاً) هو انتصار للولايات المتحدة الأمريكية على فرنسا.
ويرى المراقبون أن تسليم السودان للإرهابي كارلوس في أغسطس 1994م، مقابل دعم فرنسي تجلى في مساعدات عسكرية ضد التمرد الجنوبي، وسماح الفرنسيين للجيش السوداني بعبور أراضى إفريقيا الوسطي لمحاصرة المتمردين من الخلف، حينذاك أعلنت الحكومة السودانية عن إمكان توقيع عقود ضخمة مع شركات إعمار فرنسية. وكانت المخابرات الفرنسية قدمت الدلائل للدكتور حسن الترابي بأن "السي. آي. إيه" تقف وراء الاعتداء التي تعرض له في مطار أوتاوا في مايو 1994م، عندما اعتدى عليه مهاجر سوداني. وكانت العلاقات الأمريكية – السودانية قد ساءت منذ مجيء الإسلاميين إلى السلطة في السودان في 30 يونيو 1989م، عندها أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية مساعداتها للسودان،وأقنعت صندوق النقد الدولي والمصرف الدولي بوقف التعاون معه، قبل أن تضعه في 18 أغسطس 1992م على لائحة الدول التي تساند وترعى الإرهاب الدولي، ثم قامت بدعم انفصاليي الجنوب،ومحاصرة السودان دبلوماسياً في المحافل الدوليةودعم الدول المجاورة المناوئة له كإثيوبيا وإريتريا وأوغندا لإسقاط نظام الخرطوم ذي التوجه الإسلامي. وهكذا فقد اعتبر المراقبون التقارب الذي حصل بين السودان وفرنسا على أنه أساساً تقارباً ضد الولايات المتحدة.
الاهتمام الفرنسي بإفريقيا من خلال التنافس مع الولايات المتحدة:
خلال جولة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك إلى القارة الإفريقية في الفترة من 25- 30 يونيو 1998م والتي شملت كلا من: ناميبيا وجنوب إفريقيا وموزنبيق وأنغولا، اعترف "شيراك" بأن فرنسا مركزة منذ وقت طويل على العلاقات مع الدول الإفريقية الفرانكفونية، وأنه سوف يتجه صوب جنوب إفريقيا نحو علاقات شراكة وتعاون، وهى إحدى أهداف فرنسا في مرحلة التنافس على إفريقيا بين فرنسا وأمريكا وبلدان أوروبية غربية مثل: بريطانيا وألمانيا وبالإضافة إلى الصين، حيث تحتل فرنسا المرتبة الخامسة من الشركاء التجاريين والمستثمرين الأجانب في إفريقيا الجنوبية بعد ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا واليابان، وتحاول بذل الجهد لتعويض تأخرها التجاري، والذي أثمر عام 1997م، عندما زادت صادراتها إلى إفريقيا الجنوبية بنسبة 30%، وهى النسبة الأكثر ارتفاعاً من بين الدول الصناعية، وفي الوقت نفسه زادت الوكالة الفرنسية للتنمية AFDمن حضورها، وارتفعت عمليات المساعدات المالية في المنطقة إلى أكثر من 200 مليون فرنك فرنسي في السنة. وتحاول فرنسا دفع التقارب التجاري وتوثيق العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية من خلال مزيد من الحوافز والاهتمام، وقد رافق الرئيس الفرنسي في جولته عددٌ كبيرٌ من رجال الأعمال، كمديري شركات السلاح الذين يقومون بالتفاوض حول صفقة تسليح مهمة للجيش الجنوب إفريقي بعد أن وقعت الدولتان في مايو 1998م اتفاق تعاون عسكرياً يقوم على التدريب والتسليح وتبادل الخبرات. وقد نوه الرئيس الفرنسي بالجهود التي دفعت المجموعة الدولية لتخفيف ديونها على موزمبيق الدولة التي وصل فيها النمو الاقتصادي إلى 7% عام 1977م، على أثره انخفض التضخم إلى 5.7%، في العام 1998م بعد أن كان 70% عام 1994م، وكانت فرنسا قد ألغت في عام 1998م 2.2 مليار فرنك من ديونها المستحقة لها على موزمبيق كما فعلت مع جنوب إفريقيا وناميبيا. وبذلك فقد استمرت فرنسا بأن تُولى جل اهتمامها بالمساعدات العامة للتنمية الإفريقية، وتؤسس المجموعات الإقليمية التي تحفظ وجودها الفرانكفوني في ظل تنافس طائل بينها وبين القوي الأخرى. وقد قال الرئيس الفرنسي السابق "جاك شيراك" مؤكداً ذلك: "أن فرنسا تقع جغرافياً في أوروبا، ولكنها تنتمي تاريخياً إلى أفريقيا والمحيط الهندي هذا ما يعزز وجودها التاريخي دون الآخرين"([12]).
إذا كان الرئيس الأمريكي الأسبق "كلينتون" يفاخر بأنه أول رئيس أمريكي يقوم بجولة طويلة هادفة لإفريقيا بعد الرئيس الأمريكي الأسبق "جيمي كارتر" الذي زار نيجيريا وليبيريا عام 1978م، وبعد مرور سريع لروزفلت في غامبيا عام 1943م لحضور مؤتمر الدارالبيضاء، فإن الفرنسيين معتادون على الزيارات الدورية المتبادلة مع الزعماء الأفارقة والمباحثات المستمرة السنوية والدائمة معهم. وأن أول زيارة قام بها الرئيس الفرنسي جاك شيراك للخارج بعد انتخابه، كانت إلى إفريقيا التي زارها ثلاث مرات في فترة حكمه، فقد بدأ جولته بساحل العاج والغابون والسنغال عام 1995م، ثم بنين في ديسمبر من العام نفسه، ثم الغابون والكونغو في يوليو1996م.
إن فرنسا لا تستطيع التخلي عن إفريقيا نسبةً لأهميتها الإستراتيجية وتحقيق مصالحها الذاتية، فقد أكد "شارك جوسلان"، الذي حضر المؤتمر الوزاري التحضيري للقمة الفرنسية الإفريقية في بوركينافاسو إلى جانب وزير الخارجية "فيدرين" ، والتي عقدت في نهاية نوفمبر 1998م في باريس، أكد بقوله: " إن من غير المطروح بالنسبة إلى فرنسا التعبير عن أي تراجع لدورها في أفريقيا"([13]). وقد دأب الفرنسيون، منذ عهد "جيسكار ديستان"، على القول - إن إفريقيا هي القارة الوحيدة التي لا تزال فرنسا قادرة على تغيير مجرى التاريخ فيها، أي أنها المنطقة الوحيدة في العالم التي تتذكر فرنسا فيها دائماً أنها ما تزال قوة عالمية عظمى. حيث يعتمد الفرنسيون على ميزات عديدة تجعلهم يطمئنون على وضعهم في إفريقيا رغم السياسة الهرمة والتراجعات الموجعة التي أبدتها فرنسا.
إن فرنسا لا تملك إمكانيات التصدي للنفوذ الأمريكي المتزايد، لذلك فهي تؤيد "تقاسماً" ودياً للنفوذ في هذه القارة، لكن أمريكا تحاول إحداث تغيير عميق في المفاهيم الجيوإستراتيجية في القارة الأفريقية بغية السيطرة النهائية على دولها ضمن النظام الأحادي القطب التي تهيمن عليه، وتسعى لتكريس هيمنتها. وتركز اهتمام الأمريكيين في إفريقيا على دائرة محيطها في البحيرات العظمى والقرن الإفريقي في كلٍ من إريتريا وإثيوبيا، وفي وسط إفريقيا في أوغندا ورواندا وبوروندي وتنزانيا والكونغو وصولاً إلى جنوب إفريقيا وناميبيا. وقد سجل الفرنسيون تراجعاً بدأ من الكونغو الديمقراطية (زائير سابقاً) التي تتجه صوب الشركات الأمريكية لتوقيع اتفاقيات اقتصادية معها([14]).
ويجدر القول ـ إن تراجع النفوذ الفرنسي في منطقة البحيرات الكبرى، انعكس بتراجع ملاحظ في كل مناطق القارة الأفريقية، إذ بلغ تواجدها العسكري في السنغال 1300 جندي وساحل العاج530 وتشاد 840 وجمهورية إفريقيا الوسطي 1500 وجيبوتي 3200 والغابون 600 والكاميرون 60 جندي، أي بعدد 8030 عسكرياً حتى أواخر عام 1996م. وهو وجود تدعمه ثماني اتفاقيات دفاعية مع ثماني دول أفريقية، بحيث يمكن لفرنسا التدخل عسكرياً كما حدث في مايو 1996م عندما تدخلت في إفريقيا الوسطي حين أرسلت خمسمائة جندي لتعزيز الحامية الفرنسية المتمركزة شمال البلاد مع وسائل قتال ثقيلة بحجة حماية حوالي ألف فرنسي يعيشون هناك([15]). إن الفرانكفونية التي يجرى تطور ودعم مؤسساتها عبر العالم و إفريقيا على الرغم من تغير المعطيات السياسية والاقتصادية، إذ يعتقد الفرنسيون أن تأثيرهم يبقى راسخاً بسبب صعوبة استبدال طرق التفكير والثقافة لدى ستين مليون إفريقي يتحدثون الفرنسية، وامتلاكها عشرات المدارس الابتدائية والثانوية في أفريقيا، وأكثر من أربعين مؤسسة ثقافية خاصة ومئات المراكز الثقافية، وهناك حوالي 1700 مدرس فرنسي في أفريقيا، وتخصيصها حوالي ملياري فرنك كمساعدات علمية وثقافية لإفريقيا.
ولا تزال فرنسا تعد هي أولي الدول المصدرة لمنتجاتها إلى دول غرب إفريقيا مع الاحتفاظ بـ 21% مما تستورده هذه الدول، وهى تسبق الولايات المتحدة واليابان وألمانيا بالرغم من خفض قيمة الفرنك الفرنسي– الإفريقي بمعدل 50% في يناير 1994م([16]).
وبمعزل عن القناعات الأيديولوجية دعمت فرنسا العديد من القادة الأفارقة رغم عدم قناعتها بأدائهم، فإن فرنسا حرمت ليبيا المطالبة بحقوقها في إقليم أوزو على الحدود مع تشاد، كما دعمت الرئيس التشادي إدريس ديبي بعد سقوط نظام حسين حبري عام 1990م، وهجوم المعارضة التشادية على قصره عام 2008م، حيث لم يغب المبدأ المعروف في السياسة "فرق تسد" عن السلوك الفرنسي في إفريقيا والذي ساهم في تأجيج حروب دامية طويلة الأمد بين دول إفريقية عديدة.
وإذا كان الفرنسيون يشددون على عامل الثقافة واللغة، فإن الأمريكيين في إفريقيا يركزون على إغراءات التجارة والربح ومردودية العائد المادي في ظل العولمة، وقد تركز الصراع والتنافس في بدايات العام 1997م، في منطقة البحيرات الكبرى حيث قاد التيار الفرانكفوني رئيس زائير الأسبق موبوتو، الذي كان يرأس التجمع الاقتصادي للبحيرات العظمى CEPOL، ويضم الكونغو وبوروندي ورواندا التي تنتمي إلى عالم الفرانكفونية (الدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية)، وقاد التيار الثاني رؤساء كل من أوغندا والكونغو (زائير سابقاً)، ونائب رئيس رواندا وهم ينتمون إلى قطاع التبادل التفضيلي- ZEP- في إفريقيا الجنوبية الشرقية، وهى منطقة إفريقية واسعة للناطقين بالإنجليزية الأفضلية فيها([17]).
ففي جميع الأحوال - فإن المساعدات الفرنسية المقدمة لإفريقيا، وزيارات زعمائها الدورية لها لن تكفي لصد النفوذ الأمريكي المتزايد سياسياً وعسكرياً واقتصادياً و ثقافياً، ولكن رغم الانحسار الواضح في النفوذ الفرنسي لصالح الزحف الأمريكي نحو إفريقيا، يعلن الفرنسيون دائماً أنهم ليسوا في خانة التراجع عن مواقعهم الإفريقية الوحيدة التي تبقت لهم في العالم، ويظل الهدف النهائي للتنافس الفرنسي الأمريكي على إفريقيا وأسواقها وخاماتها، هو توسيع وتعميق وزيادة النفوذ والوجود الاقتصادي والتجاري والعسكري للدولتين في الدول الأفريقية، وذلك باستخدام كل الوسائل المتاحة من معونات اقتصادية وعسكرية وفنية ومنح مالية وتعليمية، والتمهيد لذلك من خلال وسائل الاتصال والبرامج. وقد تجسد الاهتمام الأمريكي والفرنسي بالأسواق الإفريقية في زيارتي كل من الرئيس الأمريكي والفرنسي والزيارات المتكررة لوزيرة الخارجية الأمريكية" مادلين أولبرايت" إلى القارة الأفريقية([18]).
إن هذا التنافس الأمريكي – الفرنسي هو معطى في الخارطة الجغرافية السياسية الجديدة بعد عقود من التكامل خلال الحرب الباردة عندما تركت أمريكا لفرنسا دور الشرطي في أفريقيا. هذا المعطى الجديد يدفع فرنسا إلى تصور أشكال شراكة جديدة مع إفريقيا لوقف المفارقة التي تحدث عنها وزير التعاون الفرنسي "شارل جوسلان" بقوله:" فرنسا تقدم الأساس من المساعدة والولايات المتحدة تجني الحسنات الاقتصادية لهذه المساعدة([19])، ويقول: "إن فرنسا تقدم مساعدات متنوعة لإفريقيا تعادل عشرة أضعاف ما تقدمه الولايات المتحدة، وذلك نسبةً إلى الناتج الوطني في هاتين الدولتين، وقد جسد الرئيس الفرنسي "ساركوزي" عندما قرر السير على مسار سلفه الرئيس السابق "جاك شيراك" في المنافسة والتصدي للمد الأمريكي الإفريقي، حيث قـــام بعد انتـــخابه بأول زيارة له إلى الجزائر وتــونس في 9 أكتوبر2007م، وذلك من أجل إحياء فكرة إقامة الاتحاد المتوسطي، بهدف محاولة بناء الفضاء الاقتصادي المتوسطي لصنع امتداد لجنوب فرنسا خاصة بعد توسع الاتحاد الأوروبي إلى الشمال حيث إن فرنسا تتمتع بارتباط ومصالح مشتركة بين دول المغرب العربي، وخلال هذه الزيارة أبرمت اتفاقية مع الجزائر تنص على تحديث الجيش الجزائري وتزويده بالعتاد والسلاح وإحياء معاهدة الصداقة بين البلدين، وذلك في إطار منافسة الولايات المتحدة الأمريكية في الشمال الإفريقي التي أبرمت اتفاقيات تعامل مع دول الشمال الأفريقي.
وقد كانت سلبيات هذه الزيارة رفض الرئيس الفرنسي "ساركوزى" الاعتراف والاعتذار عن جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر. كما أن الرئيس الفرنسي توجه إلى ليبيا وساهم في إبرام اتفاقية تعاون بين ليبيا والاتحاد الأوروبي والتنسيق بين فرنسا وليبيا في مجالات اقتصادية وصناعية وعلمية عدة. إضافةً إلى الاستفادة من أهمية الدور الليبي في إفريقيا وتفعيلة مع فرنسا.
وقد اعتادت فرنسا أن تقيم مؤتمرات افريقية دورية وبشكل منتظم يشارك فيها قادة معظم الدول الإفريقية حتى التي لا تحسب أنها فرانكفونية، وذلك حرصاً منها على التواصل مع إفريقيا. وكان آخر هذه المؤتمرات هو المؤتمر الذي عُقد في منتصف2010م بحضور إفريقي كبير وذلك لمناقشة قضايا القارة. إن فرنسا تحاول من خلال هذه المؤتمرات أن تبرهن أنها لازالت تحتفظ بقاعدتها الفرانكفوإفريقية من خلال علاقات طيبة تقوم على أساس الاحترام المتبادل.
الاهتمام الصيني بإفريقيا وحتمية الصراع مع الولايات المتحدة:
ارتبط صراع المصالح في إفريقيا بالتنافس الأمريكي ـ الفرنسي بشكل أساس عليها، وكانت آثاره توجه الصين إلى إفريقيا وفرض نفوذها على بعض المناطق فيها، والتي أصبحت من خلاله الصين المنافس والشريك القوى للولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا على إفريقيا، وذلك لما تتمتع به الصين من قوة اقتصادية هائلة جعلتها تلعب هذا الدور بفاعلية واقتدار. إن استياء الأفارقة من سياسة وصراع الأمريكان والفرنسيين أوجد الصين بقوة في الفضاء الإفريقي لسد الفراغ المصطنع خاصةً عندما وجدوا فيها ما يلبي طموحاتهم الذاتية مثل:عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم ربط الاستثمارات بالشروط المسبقة وعدم بث أي أيدلوجيات فكرية أو ثقافية تذوّب الطابع الإفريقي مثل الأمركة والفرنسة، وبذلك أصبحت الصين الحليف المقبول لدى الأفارقة حيث فتحوا لها الباب الإفريقي على مصراعيه ذلك لاعتبارات كثيرة منها: إنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وإنها تتمتع بإمكانيات اقتصادية كبيرة يمكن أن تساعد دول القارة، علاوة على أنها تمتلك التكنولوجيا الحديثة التي من خلالها يمكن المساهمة في بناء القدرات الإفريقية، وبذلك وجدت الصين ضالتها في إفريقيا من باب الاستثمارات في مجالات النفط والتجارة.


الصين القطب القادم المواجه للقطب الأمريكي:
تعتبر الصين رابع دولة في العالم من حيث المساحة وتقع جنوب شرق أسيا، ومحاطة ببحر الصين الشرقي وخليج كوريا والبحر الأصفر وبحر الصين الجنوبي، وكوريا الشمالية وفيتنام. ويبلغ عدد سكانها قرابة المليار ونصف، وذلك حسب تقديرات عام 2005م. وهى بذلك تشكل 21% من سكان العالم، وتنقسم إدارياً إلى 23 مقاطعة ومن بينها تايوان، وخمسة أقاليم مستقلة ذاتياً وأربع بلديات، وتنوعت أعراق السكان بها، الهان ونسبتها 1.9%، والروانق والبوقر والهوى ولبي والثبت والمانشو والمغول والقوى والكوري. أما الأعراق الأخرى من السكان فتصل نسبتها8.1%. وتعددت الأديان بها واختلفت نسـبتها حيث الدويسته (التاوستيه) والبوذية والإسلام بلغت 2.1% والمسيحية 4.3%، ويتحدث سكان الصين اللغات الماندراية العامة (إليوتونقهوا) لهجة بكين واليوي (شنغهاي) والمينبي (الفوزيو) منيان (هوكبين التايونية)، إضافة إلى لغات الأقليات الأخرى([20]).
تضم منطقة جنوب آسيا ثماني دول هي الصين والهند وباكستان و سيرلانكا وتايوان و بنغلادش والنيبال وجزر المالديف، تشكل هذه الدول أكثر من 40% من تعداد سكان العالم (الصين 1.3 مليار نسمة، باقي دول جنوب آسيا يمثلون 1.4 مليار نسمة)، وتشهد هذه الدول تحولات اقتصادية دائمة بفضل استخدام التقنية الحديثة وتفعيل سبل التجارة، وقد حققت الصين نمواً يصل إلى 9% سنوياً، مما جعلها سادس أكبر اقتصاد في العالم، وزاد تطورها وتقدمها في المجال العسكري وحضورها السياسي في الأحداث والمحافل العالمية، حيث وصل الفائض التجاري الصيني مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى 120 مليار دولار أمريكي، بينما وصل فائضها التجاري مع دول العالم الأخرى 19.6 مليار دولار عام 2003م، في وقت يقدر احتياطها المالي بأكثر من 80 مليار دولار([21]). وتشير العديد من الدراسات الأكاديمية العالمية، إلى أن النهوض والتطور للاقتصاد الصيني يمكنه التفوق على الاقتصاد الأمريكي في عام 2040م، وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الوحيدة القوية التي لها القوة الاقتصادية والعسكرية التي تمكنها من لعب الدور الرئيسي إقليمياً في منطقة جنوب آسيا، وضع هذا الصين في خيارات وفرص جديدة وتحالفات واتفاقيات تجارية واقتصادية من أجل ضبط تلك القوة والهيمنة الأمريكية خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، وهذه التداعيات جعلت أولوية اهتمام السياسة الخارجية الصينية تتجه إلى منطقة جنوب آسيا وتمثل المكانة الأولى التي كانت تحتلها منطقة شرق آسيا حتى أحداث 11 سبتمبر 2001م. ولقد شعرت الصين بالقلق في عام 1983م من جراء التغيُّر الإستراتيجي الأمريكي في آسيا الذي أخذ في التفاهم والتقارب مع اليابان التي تعتبرها الصين شريكها التجاري ومصدرها الرئيسي في المساعدة على تطوير التنمية الاقتصادية في الصين. حيث إن اليابان تعتبر الشريك التجاري الأكبر حجماً للصين منذ منتصف الستينيات وشكلت حوالي 20% من عموم التجارة الصينية، و نشطت العلاقات التجارية بين الدولتين في السبعينيات إلى 8 مليار دولار في سنة 1982م. وبلغت الاعتمادات اليابانية للصين أكثر من ثلاثين مليار دولار التي كانت تتعامل بها الصين فيما بين الأعوام 1979-1983م([22])، ولذلك تسعى الولايات المتحدة لتقويض التعاون الصيني الياباني من أجل إضعاف هاتين القوتين الاقتصاديتين الكبيرتين وترك الساحة الدولية لشركاتها بما في ذلك الساحة الإفريقية.
الملامح العامة للعلاقات الأمريكية الصينية وحتمية الصراع:
تعتبر الشيوعية المذهب السياسي للصين والذي جعل منها العدو المنافس الأساسي للولايات المتحدة الأمريكية من أجل التوازن الإستراتيجي، وأن الاختلاف بين الآيديولوجيتين الشيوعية الصينية والأمريكية الرأسمالية حول مفاهيم الحرية وحقوق الإنسان والثقافة والإعلام والعدالة، أدى إلى اتساع الهوة في الخلافات والمواجهات بين الدولتين. والحقائق والأحداث التاريخية تشير إلى حتمية التصادم بين القوة الصينية والقوة الأمريكية، حيث إن القوة الصينية النامية تواجه القوة الأمريكية الموجودة أصلاً في مجال السياسة والاقتصاد والشؤون العسكرية. والمتخصصون في الشؤون الصينية الأمريكية والمهتمون بعلاقات الدولتين يؤكدون دائماً أن حتمية التصادم بين الصين و الولايات المتحدة الأمريكية أمر واقع لا محالة، حيث إن الحروب تقوم على مبدأ الصراع بين عقيدتين مختلفتين،وعلى إستراتيجية المصالح المختلفة والمتقاربة لكل من الدولتين المتواجهتين.
إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على أيديولوجيتها السياسية المهيمنة على العالم بإرغام الدول الأخرى على تبني نظامها السياسي الرأسمالي، بالرغم من هذه السياسة ذات منهجية الهيمنة وسيطرة القطب الواحد، قد أوجدت الكثير من الخصوم والأعداء للولايات المتحدة الأمريكية والقلق والخوف لدول العالم، وقد أثّر ذلك في علاقتها بالصين التي زاد تخوفها من السياسة الأمريكية المهيمنة، التي دعمت تايوان وزودتها بالأسلحة الفتاكة، مما زاد من حدة المواجهات، كما أن العلاقات واتفاقيات التعاون بمنطقة جنوب شرق آسيا مثل كوريا الجنوبية وأساطيلها الدائمة بالمنطقة تحسبها الصين تهديداً لها. فالتوسع الأمريكي قرب الحدود الصينية لا يطمئن الصين بل يزيد من مخاوفها، وأن الخبراء المحللين والاستراتيجيين ينظرون إلى المواجهة الصينية الأمريكية برؤية صراع الحضارات، وأن حتمية الصدام قائم بين الدولتين العظيمتين في الفضاء الإفريقي لا مناص منها.
الوجود الصيني وتبني الإستراتيجية الاقتصادية والتجارية تجاه أفريقيا:
يعبّر التطور المتزايد في العلاقات الصينية الإفريقية عن التوجهات في السياسة الخارجية الصينية وتصاعد دور نفوذ الصين كقوة عالمية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وإنفراد الولايات المتحدة الأمريكية لقيادة العالم في ظل سياسة الهيمنة والقطب الواحد، اتجهت الصين إلى سياسة التوسع والعمل على التوازن الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية والبحث عن أحلاف لها لإثبات وجودها ونفوذها حيث وجدتهم عبر القارة الإفريقية من خلال شركاتها التي ترعاها الدولة وتديرها مؤسسات هدفها تأمين مصادر النفط، واستطاعت الصين خلال سنوات قليلة أن تصبح الشريك الذي يلي الولايات المتحدة وفرنسا في القارة الأفريقية، حيث تضاعفت التجارة بين الصين و إفريقيا إلى أضعاف منذ بداية هذا العقد، فقد ارتفعت إلى 36% في عام 2005م، إلى 39.7 بليون دولار بناء على الإحصائيات الصينية الرسمية بالإضافة إلى توقيع عدد كبير من الصفقات والعقود التجارية بلغت قيمتها حوالي 2 بليون دولار. والتزام الصين بمضاعفة مساعدتها المقدمة للدول الإفريقية خلال عام 2006م إلى الضعف بحلول عام 2009م، وإن نصف الصادرات إلى القارة الإفريقية كانت من الآلات والمعدات والإلكترونات، ومنتجات ذات تقنية عالية، إضافة إلى تحول عشرات الآلاف من الصينيين إلى إفريقيا ساهموا في بناء المنشآت الرياضية ومقار الوزارات وخطوط السكك الحديدية([23]). ودعماً لهذه الشراكة شهدت العاصمة الصينية بكين من 4- 5 من نوفمبر عام 2006م أكبر تجمع إفريقي بمشاركة 48 دولة إفريقية من أجل تنمية القارة الإفريقية بعد خمسين عاماً من العلاقات بين الصين وأفريقيا، وقد أعلن في التجمع عن التخفيف الجزئي لديون الصين لصالح دول القارة الأفريقية، وإلغاء الديون المستحقة على الواحد والثلاثين دولة الأكثر فقراً والأكثر مديونية في القارة، والتي قدرت بنحو 1.3 بليون دولار، وزيادة عدد بنود الصادرات السلعية الإفريقية المعفاة من الرسوم الجمركية، وزيادة لتثبيت هذه العلاقات قام الرئيس الصيني عام 2007م بزيارة ثماني دول إفريقية من أجل تعزيز العلاقات في المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية والمساهمة في تطوير التنمية والبناء داخل القارة، وتسعى الصين إلى آفاق أوسع في الاقتصاد والنفط والسياسة وتعزيز علاقاتها ونفوذها وزيادة تنامي مصالحها في إفريقيا التي تعتبرها مصدراً لتغذية قاعدتها الصناعية المحلية التي تحتاج إلى المواد الخام الإفريقية للحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة حيث تستورد الحديد الخام من جنوب إفريقيا وموزمبيق بكميات كبيرة لسد حاجتها الصناعية([24]).
واعتادت الصين على إقامة المؤتمرات الدورية للبحث عن سبل التنمية الإفريقية بمشاركة عدد كبير من القادة الأفارقة، وكان آخرها في منتصف2010م في العاصمة بكين. ومن خلالها تحرص الصين على أن تقدم مساعدات كبيرة للدول الإفريقية الفقيرة تتمثل في إعفاءات الديون وإنشاء المشاريع التنموية وتقديم القروض لإقامة المنشآت العامة. وتعتبر الصين من أكبر الدول الداعمة للدول الإفريقية في العالم (بعد الولايات المتحدة واليابان)، كما تحرص على إقامة صداقات مع العديد من الدول الإفريقية حيث تمثل الصداقة الصينية إحدي وسائلها الدبلوماسية للدخول في علاقات سياسية واقتصادية مع دول العالم لاسيما الدول الإفريقية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Empty
مُساهمةموضوع: رد: صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان   صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyالسبت فبراير 16, 2013 11:29 am

عوامل الوجود الصيني في إفريقيا:
هناك عدة عوامل ساعدت على الوجود الصيني في إفريقيا، كما أن هناك عدداً من المحفزات التي وضعتها الصين للدخول في الفضاء الإفريقي أهمها:
1. الشركات الصينية في أفريقيا:
بناء على إفادات مصادر الحكومة الصينية، فقد أنشأت الصين في إفريقيا أكثر من 600 شركة بأموال صينية خلال الفترة من (1995ـ2005م)، وقد قبلت هذه الشركات بالمخاطرة والعمل في إفريقيا في حين رفضت الشركات الغربية المستثمرة الأخرى بسبب هذه المخاطر، وقد قامت الصين بإعفاء البضائع الإفريقية من الرسوم مع مزيد من الاستثمارات الصينية مدعومة بقروض تفضيلية ومداينات تجارية خاصة من اجل تكريس وجودها في إفريقيا .
2. امتيازات النفط الأفريقي:
تمتاز القارة الإفريقية باستحواذها على احتياطي نفطي كبير يشجع الاستثمار الصيني على المدى الطويل، وقد أكدت الدراسات بأن إفريقيا تختزن بداخل أراضيها كميات كبيرة من النفط الجّيد في كثير من بلدانها.
إن الحرب الأهلية في جنوب السودان قد أدخلت النفط السوداني في حقبة حروب الموارد، وقد ساهمت الدول العظمى في زيادة إشعال هذه الحرب التي كانت نتيجتها بيع شركة النفط الأمريكية شيفرون منشأتها النفطية في الجنوب بعد 18 عاماً من وجودها في السودان كلفتها مليار ونصف المليار دولار. إن شركة شيفرون النفطية الأمريكية جاءت وخرجت من السودان، وفق تقلبات السياسة الأمريكية واعتقدت بأنها سوف تعود إلى السودان وهى ترى أن لها رصيداً تحت الأرض وحسب وجهة نظرها هي وراء المعلومات الجيولوجية المتعلقة بالاستكشاف النفطي والعديد من الآبار المختومة، وأن السودان لن يستطيع استخراج النفط كونه مرتبطاً بالتقنية الاقتصادية والدولية التي تفتقدها الدولة السودانية حيث بلغت ديونه 28 مليار دولار. وبخروج شركة شيفرون من السودان تركته من أكبر الدول التي تعانى المديونية. وفي غضون سنوات قليلة وبالتحديد عام 1995م قدمت الصين إلى السودان واستخرجت النفط السوداني. وحفرت أول بئر استكشافية خلال الربع الأول من العام 1997م، كما وقعت الشركة الصينية عقداً بمشاركة 40% مع إتلاف (ARKIS) للطاقة لتطوير وزيادة الاستكشاف لمناطق (هجليج) والمناطق المجاورة، و تبلغ المساحة النفطية حوالي 12.2 مليون هكتار، وفي عام 1999م مد الصينيون خط الأنابيب النفطية بطول 1610 كم2 إلى ميناء بشائر على البحر الأحمر، والذي كان الأمريكيون قد وعدوا بمده سابقاً ولم ينفذوه([25]).
لقد عوضت الصين السودان ما فقده من موارد مالية بعد خروج شركة شيفرون النفطية الأمريكية، مما أدّى إلى تحسن الدخل القومي السوداني خاصة بعد مد الخط النفطي الثاني عام 2006م لنقل النفط الخام السوداني إلى الموانئ النفطية بالبحر الأحمر لتمكين السودان من تصدير نصف مليون برميل يومياً من صادراته النفطية، وبذلك بدأ الاستغناء عن الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي، وبدأت أمريكا تفقد كل شيء في السودان بعد دخول الصين، وكانت قد حاولت العودة إلى السودان باتخاذها عدة إستراتيجية منها: فرض الإدارة الأمريكية عقوبات على السودان بتهمة الإرهاب وفرض عقوبات اقتصادية شاملة عليه وتدمير مصنع الشفاء بالخرطوم بحري بتهمة تصنيع المواد الكيماوية. وخلال زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كيلنتون عام 1998م لإفريقيا تم تشكيل حلف مع كينيا أوغندا والكونغو والدول المحيطة بالسودان ودعم حركات التمرد ضد الحكومة السودانية لإسقاطها([26]).
لقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية نفط الجنوب السوداني مدخلاً لعودتها لتحقيق السلام في جنوب السودان، وقد تحقق السلام باتفاق نيفاشا عام 2005م بعد نزاع مسلح استمر 22 عاماً بين الشمال والجنوب، ولكن الاتفاقية وضعت الأسس للعودة الأمريكية من بوابة الجنوب واحتمال خروج الصينيين من البوابة نفسها، وفي حالة عودة الولايات المتحدة الأمريكية ستجد قيادات من أبناء الجنوب موالين لأمريكا يمكن التحكم في تنفيذ المشروع الأمريكي المتضمن عدم الاستقلالية عن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.
إن غالبية الحقول النفطية السودانية المنتجة تقع في الجنوب، وبعد الانفصال الجنوب تستأثر أمريكا بكل النفط الجنوبي، خاصةً وأن الحركة الشعبية لها علاقات كبيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا تجد الصين نفسها شريكا غير مرغوب فيه بالجنوب السوداني، و لكن الصين انطلقت في زيادة استثمارها النفطي في مناطق أخرى في السودان. كما عملت على زيادة الصادرات النفطية الإفريقية الأخرى، حيث تحصلت مؤسسة النفط والكيماويات الصينية من أنغولا على حق الامتياز النفطي في الحقل البحري الذي تشغله (بى بي)، وضمنت دخولها بمديونية 2 بليون دولار لتتمكن من وضع بنيتها التحتية وتمكنت من الحصول على تسيير امتياز آخر مع شركة "سوناتجول" الأنغولية والتي كانت تشغله شركة "توتال" الفرنسية، وبذلك أصبحت الصين هي الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وتستعد مؤسسة النفط الصينية لدفع 2.3 مليون مقابل إنتاج الامتياز البحري. وتجرى محادثات لحصولها على تولي محطة تكرير النفط، وقد أبرمت الاتفاقيات بشأن الاستكشافات والامتيازات بحقول النفط في كل من الجزائر والنيجر وتشاد ونيجيريا وليبيا، وأبرمت الصين عقداً للتقييم مع دولة الغابون. إذ ساءت نشاطات شركتي شيل الأمريكية وتوتال الفرنسية، إضافة إلى نشاط الصين في غينيا الاستوائية، حيث تسيطر المجموعات الأمريكية على صناعة النفط المتزايدة، وتتولى الصين التدريب العسكري والإحصائي في بعض الدول الإفريقية في سبيل الحصول على الامتيازات النفطية. وخلال زيارة الرئيس الفرنسي عام 25/10/2006م أعلن عن الاتفاق الفرنسي الصيني بالاستثمار في التنقيب عن النفط في القارة الأفريقية([27]).
تهديد المصالح النفطية الصينية:
أصبحت الصين التي رشحها الرئيس الأمريكي جورج بوش عام 2000م على أنها المنافس الإستراتيجي الأول للولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل، إضافة إلى كونها ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بلغ استهلاكها للنفط عام 2004م 7ملايين برميل يومياً، ومن المتوقع أن يرتفع عام 2011م إلى أكثر من عشرة ملايين برميل يومياً، حيث قدر احتياطي السودان من النفط بحوالي 2 مليار برميل ومن المتوقع اكتشاف المزيد ليصل إلى أكثر من 4 مليارات برميل عام 2011م، لذا كانت الصين من أوائل الدول التي نشطت اقتصادياً في السودان ومعظم الدول الإفريقية([28]).
التنافس الأمريكي ـ الصيني على الموارد في السودان
يرتكز وجود شراكة إستراتيجية بين الصين و السودان على دعائم مصلحية واقتصادية تصب لامحال في قنوات الطرف الأقوى في هذه العلاقة على حساب الطرف الأضعف الذي لا يجد أمامه سوى طريق الإذعان و الخضوع ، و لقد كان لهذه العلاقة أثر كبير على المجالات المتداولة بين الطرفين خصوصاً منها المجالين الاقتصادي والإستراتيجي. فالعلاقات الاقتصادية القائمة بين الصين والسودان ليست وليدة فترة جديدة تقدر بسنوات قليلة، وإنما ترجع إلى أكثر من عقد ونصف من الزمن حيث تشكلت خلالها البذور الأولى للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين منذ عام 1997م، حين دخلت الصين لأول مرة كشريكاً أساسياً في مشروع النفط السوداني مستغلة بذلك خروج الولايات المتحدة عام 1995م لتحظى باستثمارات نفطية مهمة .
فالنفط يعد من العناصر الأساسية التي لها حضور و ثقل كبير على أهداف السياسة الخارجية الصينية نظراً لأهميته في دعم عصبها الاقتصادي، و هذا ما عكسته توقعات خبراء النفط في أن يصل حجم الطلب الصيني على النفط الخارجي إلى أكثر من خمسين مليون طن من النفط، و خمسين بليون متر مكعب من الغاز بحلول عام2012م، و ربما كان من المنطقي أن تختار الصين السودان كواجهة لتحقيق هذه الإستراتيجية القريبة المدى نظراً لكون السودان دولة نفطية واعدة بكل المعايير و ذلك من خلال شركاتها العاملة في هذا القطاع داخل السودان و التي تعد أكبر أربع شركات أجنبية تعمل في قطاع النفط. وهي على التوالي: شركة النفط الوطنية الصينية CNPC تليها شركة توتال الفرنسية TOTAL ثم شركة بتروناس الماليزية، وشركة ONGCالهندية ، إضافة إلى بعض الشركات السودانية المحلية التي تواضع إنتاجها نتيجة المنافسة([29]).
ويرى الخبراء أن حجم احتياطات السودان النفطية يبلغ حوالي أثنين مليار برميل، و هي تنتج حوالي 500 ألف برميل يومياً حسب إحصائيات 2008م، ولولا انفصال الجنوب السوداني من جسد الدولة الأم كان احتمال أن ترتفع هذه النسبة إلى حوالي مليون برميل يومياً في المستقبل القريب خصوصاً وأن آباراً أخرى من النفط تم اكتشافها و لم يتم استغلالها حتى الآن.
أما عن حجم الاستثمارات الصينية في السودان، فإن معظمها مخصص لصناعة البترول و ملحقاته مثل البتروكيماويات و أنابيب نقل النفط، و قد بلغ حجم الاستثمارات في هذا المجال نحو ستة مليارات دولار وفقاً لإحصائيات عام 2007 الشيء الذي يعزز حضور الاعتماد المتبادل في العلاقات الصينية السودانية([30]).
و يرى بعض الباحثين، أن الصين قد لعبت دوراً مهماً في قضية دارفور لا يجب إنكاره باعتبارها من صناع القرار الدولي- الخمسة الدائمي العضوية بمجلس الأمن- حيث امتنعت عن التصويت عن قرار مجلس الأمن رقم 1556 و تهديدها في أكثر من مناسبة لاستخدام حق الفيتو لتعطيل أي قرار أممي يصدر ضد الحكومة السودانية، إلا أن ذلك يجب ألا يحجب حقيقة أن الصين تبدل كل هذه الجهود لتحقيق مصلحتها الشخصية فوق أي اعتبار آخر ، خصوصاً أن كل القرارات التي وقفت فيها الصين موقف معارض تدخل في إطار تدويل النزاع المفتعل في دارفور الذي من شأنه إذا تحقق أن يعكر الجو على الصين في استغلالها المريح للموارد السودانية دون أي تقييد أو مزاحمة، كما أنه لا يعقل أن تضحي الصين بعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية المعارضة لنظام الحكم في السودان لأجل شراكتها مع الخرطوم مع العلم أن علاقاتها التجارية مع أمريكا تتجاوز نظيرتها السودانية بمليارات الدولارات. لذلك يجب ألا ُيعّول عليها دائماً في استخدام حق الفيتو لإجهاض قرارات مجلس الأمن ومعارضة "الإرادة الدولية"، لكون هذا الدور يظل متصلاً بمصالحها الحيوية واستثماراتها المختلفة و التي تتسع و تضيق حسب مصالحها و أهدافها الذاتية.
أما على المستوى الإستراتيجي، فيرى البعض ـ أن الصين قد استغلت النزاع الدائر في دارفور كسوق مربحة من أجل تصدير أسلحتها من خلال إغراءاتها بصفقات الأسلحة التي تحتاجها أطراف النزاع لإدارة صراعاتها المسلحة و التي زادت من حالة عدم الاستقرار بالإقليم، فالصين من خلال علاقتها المتبادلة مع الدول الإفريقية كانت ولا تزال تستغل النزاعات و الحروب الداخلية و البينية وذلك بغية إنعاش إنتاجها الحربي، وهو ما جعلها تتعرض للعديد من الانتقادات على اعتبارها من أكثر الدول غير المسؤولة فيما يتعلق بتجارتها من الأسلحة وأن صادراتها المقدرة بمليار دولار سنوياً تسهم في إزكاء العنف و انتهاكات حقوق الإنسان في كثير من بلدان العالم كالسودان والنيبال ([31]).
التنافس الأمريكي الصيني على السودان:
تزامن اشتداد المنافسة الأمريكية الصينية على الموارد والمواد الخام في السودان مع تصاعد وتيرة الأزمة في دارفور، فقد مارست الولايات المتحدة على السودان ضغوطاً وبإشكال مختلفة ومتنوعة بإثارة ملفات الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في إقليم دارفور والمطالبة بتسليم الضالعين في جرائم الحرب ممارسة لسياسة لي الذراع لجعل النظام يرضخ للمطالب الأمريكية بإفساح المجال لها وتوفير مساحة من الوجود والنفوذ الاقتصادي الموسع في الإقليم، منافسين بذلك للوجود الآخر من شركات صينية وماليزية في السودان. إن الحروب التي أشعلت من قبل الولايات المتحدة في المنطقة كلها تصب في مصلحتها الاقتصادية الصرفة ولا علاقة لها بالفذلكة الإعلامية فيما تطرحه في إعلامها من استبدال للنظم الراديكالية الشرق أوسطية بنظم ديمقراطية تكفل للإنسان حقوقه الأساسية.
ويرى الكثيرون من الباحثين، أن المراهنة على موقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه حل الصراع في دارفور لا يجدي فتيلاً، كما أن مراهنة الحكومة السودانية على تحالفها مع الصين لا يقدم حلاً ناجعاً في الإقليم, كما أن الولايات المتحدة وفي سبيل المحافظة على مصالحها لا تكترث لمصالح السودان ولا أهل دارفور ولا تقيم وزناً لجهدهم المبذول للخروج بحل للمعضلة. كذلك التحالف الحكومي مع الصين لا توجد ضمانات لاستمراره طويلاً ولن تتوانى الصين في تجاوزه متى ما رأت أن معاندتها لأمريكا قد تضر بمصالحها ومشاريعها التوسعية، وربما ينشأ تحالف أو تقارب صيني أمريكي في المستقبل القريب, أن غطرسة الأمريكان وسيطرتهم العسكرية على كثير من المنافذ البحرية والمياه الدولية إضافة إلى تحالفهم مع الاتحاد الأوربي المتمثل في حلف الناتو سوف يجعل الصين تعيد حساباتها من وقت لأخر فيما يتعلق بعلاقاتها مع السودان. إن زيارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش إلى الصين في العام 2006م كان ينضوي وراءها هدف خفي غير معلن وهو الحد من التوسع الاقتصادي الصيني إذ انه تناول في زيارته موضوع الملكية الفكرية وضرورة تطبيق هذا القانون على المستوى العالمي بما فيه الصين وبتفعيله تكون الشركات الصينية المستغلة لماركات الشركات العالمية في الإعلان عن منتجاتها وتسويقها قد أحجمت عن الاستمرار في تحقيق طموحاتها الاقتصادية إذا لم تكن قد أوقفتها([32]).
ويقول بعض الخبراء، إن بإمكان الصين وأمريكا , أن يتآمرا على السودان أذا اجتمعت مصلحتاهما فيصبح السودان هو الخاسر. وأن الثروة البترولية الموجودة بباطن أرض السودان كافية لاستئصال الفقر من كل أنحاء القطر إذا حسنت النوايا وتلاشت الضغائن, وأن القوة البشرية ومخزون الثروة الذي يملكه السودان وغير المستغل كفيل بتغيير حياة الناس إلى الأفضل وذلك بتجاوز الصراعات في هامش السودان إذا تم التوصل إلى دستور يكفل للجميع حقوقهم ويحد من أطماع القوى الخارجية في موارد السودان ([33]).
التنافس الصيني الأمريكي على نفط السودان:
تحاول الصين التي تمسك بورقة النفط السوداني، وتحاول الولايات المتحدة التي تمسك بورقة النفوذ السياسي، فقد يلعب كل منهما بأوراقه على طريقته لإثبات وجوده على الخارطة السياسية في السودان ذات المنطقة الشاسعة الغنية بالموارد الطبيعية. وتعتبر الولايات المتحدة، التي استثمرت الملايين في المساعدات الإنسانية التي قدمتها للجنوب السوداني خلال الحرب الأهلية واستضافت آلاف الجنوبيين حليفاً استراتيجياً لجنوب السودان بعكس الصين التي تعتبر الحليف الرئيسي لشمال السودان . فقد لعبت الولايات المتحدة دوراً مركزياً في التوصل لاتفاق السلام الذي أنهى في 2005 م الحرب الأهلية التي استمرت لأكثر من عقدين بين الشمال والجنوب، ولا يزال دورها مهماً في المفاوضات حول مستقبل العلاقات بين الشمال والجنوب. وبين رفع العقوبات الاقتصادية وشطب السودان عن قائمة الدول الداعمة لما يسمى بـ"الإرهاب" والمساعدة في خفض ديون السودان، تبدو الولايات المتحدة وأنها تمتلك الكثير من "الجزرات" لإقناع الخرطوم بإبقاء العلاقات الشمالية- الجنوبية سلمية بعد الانفصال الذي تم بين الشمال والجنوب.
أما بالنسبة إلى الصين فهي المستورد الأول للنفط السوداني والمزود الأول للخرطوم بالبضائع والسلاح والداعم الأساسي للنظام السوداني في مجلس الأمن الدولي. ولكن في الواقع أن 80% من احتياطي النفط السوداني المقدر بأكثر من ستة مليارات برميل تقع في باطن الأراضي الجنوبية دفع بكين إلى تغيير صورتها كحليف للخرطوم في أنظار جنوب السودان. ففي جوبا عاصمة جنوب السودان الذي انفصل عن الشمال فتحت الصين قنصلية في 2008م، في حين استثمرت الشركة النفطية الصينية "سي إن بي سي" أموالاً في مركز معلوماتي تابع لجامعة محلية. كما استقبلت حكومة الجنوب وفداً من الحزب الشيوعي الحاكم في الصين وتعهدت السلطات الجنوبية باحترام العقود النفطية التي أبرمتها الخرطوم خلال الحرب الأهلية مع شركات صينية ([34]).
ويرى المختصون في الشأن السوداني، أن كل الخيارات ستظل مفتوحة خاصة من جانب الأمريكان، فإذا اضطرت الولايات المتحدة الأميركية إلى احتلال آبار النفط ربما ستفعل وهذا الأمر غير مستبعد في ظل الظروف الحالية خاصةً وأن هناك بعض المبررات من خلال تطور الأزمة في دارفور.
وعلى عكس ما يحصل مع دول إفريقية نفطية أخرى، لم تتمكن الولايات المتحدة إلى الآن من السيطرة والتحكم الكامل بسياسة السودان ولا سيما النفطية منها. بل سعت ولا تزال إلى عرقلة تطوير هذا المصدر الاقتصادي المهم واستخدامه، عبر سعيها الدءوب في مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على السودان، يكون الحظر على الصادرات النفطية والعقوبات على الشركات المتعاملة مع السودان أول بند فيه، ودعمت خلال عقدين حرب الانفصال في الجنوب التي استنفدت كل مصادر الحكومة الاقتصادية. وبعد توقيع اتفاقية السلام، توجه الاهتمام الأميركي إلى دارفور حيث تُتهم الولايات المتحدة بأنها وراء رفض واحدة من الميليشيات من توقيع اتفاق السلام الذي تم عامن2006م بأبوجا. وتعتمد الولايات المتحدة على سياسة المبعوثين إلى السودان للضغط على الحكومة ولمحاولة وضع موطئ قدم نفطي لشركاتها الكبرى هناك. كما في مناطق مختلفة من العالم، حيث أنسحب التنافس الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة إلى صلب أزمات السودان ولا سيما في دارفور.
تنامي الدور الصيني في السودان:
هذا التنافس الأمريكي - الصيني دفع بكين أكثر من مرة للتأكيد على دورها المحوري في السودان وهو ما تجلى بوضوح في عدة مناسبات، من بينها ما صرح به العضو بمجلس الدولة الصيني "داي بينغ قوه" وتأكيده خلال مقابلته وفداً من حزب المؤتمر الوطني ، برئاسة مستشار الرئيس البشيرـ دكتور مصطفي عثمان إسماعيل، ، على أن الصين ستواصل الاتصال والتنسيق مع السودان ومع المجتمع الدولي في قضية دارفور، وستحاول إيجاد حل مبكر، وفي معرض حديثه عن التعاون المثمر بين الصين والسودان في مجالات مختلفة، قال إن الصين مستعدة لتعزيز علاقة ودية مستقرة وطويلة الأمد مع السودان على أساس الاحترام المتبادل والمساواة وتبادل المنافع، وأن الذكرى ال50 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسودان عام 2009م هي بمثابة فرصة لتعزيز التعاون الجوهري بين البلدين([35]).
وعلى حسب بعض المراقبين، وهو ما دفع الجانب السوداني للإعراب عن الامتنان للصين على جهودها في دفع تسوية قضية دارفور، وأن السودان سيواصل تعزيز التنسيق والتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وسيعزز نشر القوات المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور بالإضافة إلى العملية السياسية والاستقرار في المنطقة، وقال المبعوث الصيني إن السودان سوف يواصل التمسك بسياسة الصين وتوسيع التعاون بين البلدين في مختلف المجالات ودفع العلاقات الثنائية من خلال التبادلات بين حزب المؤتمر الوطني والحزب الشيوعي الصيني.
هناك مخاوف حقيقية صينية على مصالحها في السودان، خاصة بعد التصريح الذي جاء على لسان ناشط أميركي في مجال حقوق الإنسان في الأمم المتحدة محذراً الصين من خطر تعرض مصالحها النفطية في السودان لاعتداءات ما لم تمارس بكين ضغوطاً على الحكومة في الخرطوم لوقف العنف في دارفور. حيث قال "جون برندرغاست " : إن الصين التي تشغل مقعداً دائماً في مجلس الأمن وتتمتع بحق النقض (الفيتو) " تتحمل مسؤولية كبيرة في البحث عن حلول للنزاعات في دارفور، وأضاف: "يجب أن تتحمل الصين هذه المسؤولية وإلا فإن السودان سيشتعل وأول ما سيحترق سيكون مصالحها الاقتصادية" ([36]). ويرى المراقبون أن الصين، كثيراً ما رفضت الضغوط والمطالب الأميركية والروسية واليابانية للإفصاح والشفافية عن سياساتها وبرامجها وخططها السياسية والاقتصادية في إفريقيا خاصة في السودان، وهو ما يعكس استمرار المخاوف الصينية من السعي الأمريكي والروسي المشترك لكبح التطلعات الصينية في الوصول إلى مصاف القوى العالمية الكاملة.
ويرون أن الصين تحرص على التزام الشكل الرسمي في علاقاتها مع الدول النامية، على الرغم من إدراكها أن هناك أحزاباً وقوىً سياسية وجماعات مصالح بازغة في العديد من الدول، وهي تصر على عدم التعاون والتعامل مع هذه الجماعات والقوى السياسية والمجتمعية، والتعامل فقط مع جهاز الدولة ومؤسساته الإدارية الرسمية، وذلك انطلاقاً من أن غالبية هذه الجماعات والقوى لا تزال في طور النمو والتشكيل، وتتسم بالضعف وعدم القدرة على التأثير في السياسات الرسمية التي تتبناها غالبية الدول النامية، من ناحية أخرى، ترى الصين أن جانباً كبيراً من هذه الجماعات والقوى نشأ بدعم وتمويل صريح أو غير معلن من الدول الغربية، سواء ممثلة في دول أوروبية أو الولايات المتحدة، وهو ما ينعكس سلبياً في أفكارها وبرامجها عن الصين وسياساتها الخارجية، ناهيك عن أن جانباً كبيراً من هذه القوى والجماعات مصدر عدم ارتياح وعدم قبول من الأنظمة الحاكمة في الدول النامية، نظراً لتبنيها سياسات ومواقف معادية أو غير مرحبة بالتوجهات الرسمية للدولة، خاصة فيما يتعلق ببرامج الإصلاح السياسي والاقتصادية، بالإضافة إلى رفض الصين قيام علاقات تعاون وتنسيق بين هذه الجماعات والقوى ونظيرتها الصينية، خوفاً من اختراق السياسات الرسمية الصينية.
مستقبل الدور الأمريكي في السودان:
من الصعب التنبؤ بمستقبل الدور الأمريكي القادم في السودان مرحلة ما بعد الانفصال، وقد جاءت زيارة المبعوث الأمريكي للسودان "سكوت غرايشن " ومن بعده جون كيري المرشح الرئاسي الأسبق ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ لتؤكدان على أن تحولاً أمريكياً تجاه السودان قد بدأ بالفعل .
أوضحت تصريحات "جون كيري" وهو يغادر دارفور بعد زيارتها بوضوح أن هناك خطة أمريكية للتدخل الأمريكي. فأوضح السيناتور الأمريكي بوضوح " الولايات المتحدة ترغب في تعزيز علاقاتها الثنائية مع الخرطوم، إلا أن ذلك يتوقف على تحركات إيجابية من الحكومة السودانية " ثم حدد هذه التحركات السودانية – المطلوبة أمريكياً – بقوله: " نأمل أن تتخذ الحكومة السودانية قرارات بشأن دارفور وبشأن تطبيق اتفاق السلام بين الشمال والجنوب وقضايا أخرى من بينها تدفق الأسلحة بين القبائل في دارفور، وعدم مساندة حركة حماس، فهذه الأمور مهمة لهذه العلاقة حتى نستطيع المضي قدماً فيها "([37]).
ومن الواضح بان الهدف الأساسي لواشنطن للتطبيع مع الخرطوم يكمن في الصراع الدولي بين أمريكا والصين وفرنسا على موارد السودان ودارفور بالتحديد ومنافسة الصين خصوصاً في ظل الأزمة المالية التي تتطلب تنازلات أمريكية سياسية مقابل مكاسب اقتصادية.
فقد أصبحت أمريكا تعتمد على نفط غرب أفريقيا بنسبة22% من جملة نفطها المستورد، وهناك توقعات أمريكية أن يصعد هذا الرقم إلى الضعف بحلول عام 2025م، والنفط السوداني يدخل ضمن هذه الأجندة فضلاً عن الموقع الاستراتيجي في دارفور غرب السودان، وموقع السودان ككل في المنطقة.
الخاتمــة:
تعرضت القارة الإفريقية خلال مرحلتي الاستعمار ونظام القطبية الثنائية، إلى الفساد والتخلف والتبعية والإهمال والتهميش والزيادة في حجم الديون الخارجية، وتحولت إلى هدف للتنافس والصراع الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي، والآن تتعرض لنوع آخر من التدخلات وهو ما يسمى لاستعمار الحديث الذي يمارسه تقليدياً الأمريكيون والفرنسيون في شكل صراع من أجل مصالحهما بالقارة الإفريقية، وقد احتدم هذا الصراع بالتدخل الأمريكي في الصومال عام 1994م، ثم التدخل الفرنسي في رواندا عام 1996م. وحول المواقف من حركات التحرر في إفريقيا والأحزاب الإسلامية في السودان والجزائر، وحول السيطرة الأمريكية على بعض مناطق النفوذ الفرنسية في إفريقيا، وعلى النفط الأفريقي والنزاع في إقليم دار فور.
ولقد اتضح بان فرنسا لا تملك إمكانات التصدي للنفوذ الأمريكي المتزايد، لذلك فهي تؤيد تقاسماً ودياً للنفوذ في القارة الإفريقية، بالرغم من أن دولاً إفريقية عديدة ارتبطت بفرنسا بروابط اقتصادية وعلمية وسياسة ولغوية وثقافية. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى إحداث تغيير عميق في الخارطة الجغرافية والسياسية في القارة الإفريقية، بهدف تنفيذ مشروعها الإستراتيجي للهيمنة على القارة الإفريقية، نظراً لثروتها الهائلة خاصة النفط، الذي يشكل قاعدة الارتكاز في مشروعها في الألفية الثالثة، حيث تحاول رفع نسبة استيرادها من النفط الإفريقي بحلول عام 2025 م إلى 50 % من مجموع نفطها المستورد.لأنها تعانى العديد من المشاكل المزمنة المتمثلة في ارتفاع معدلات الديون وضعف معدلات النمو الاقتصادي واستمرار العجز في ميزان المدفوعات وتدنى معدلات الادخار ومستويات الاستثمار وعدم وجود التعليم المناسب والموارد المخصصة لعملية البحث والتطوير التقني.
إن ضعف الأداء في الاقتصاد الأمريكي سيضعف المكانة العالمية للولايات المتحدة الأمريكية. وحتى تستمر أمريكا في انفرادها بالهيمنة والسيطرة على العالم، قامت بتوظيف العولمة في تقليص دور المؤسسات الدولية، وتطويع الحكومات لإرادة الشركات المتعددة الجنسيات وإنهاء مفهوم السيادة الوطنية للدول الأضعف لصالح أمريكا، وتوظيف منظمة التجارة الدولية لصالح السياسة الاقتصادية الأمريكية، والتحول السريع للسوق العالمي نحو الاحتكار، وتذويب الثقافات الرافضة للهيمنة الأمريكية والتهميش.
إن الولايات المتحدة الأمريكية عاقدة العزم على الدخول من "بوابة اللاعودة" إلى القارة بقرارها بإنشاء مركز إفريقي للدراسات الأمنية، بهدف تنشئة القادة الأفارقة "الديمقراطيين" من مدنيين وعسكريين في مجال الأمن القومي، بالإضافة إلى البحث عن دولة تقبل استضافة قوات "الآفريكوم" وهي القوات الأمريكية المتواجدة في أوربا منذ الحرب العالمية الثانية.
بالرغم من أن القارة الإفريقية ما تزال تواجه الفقر وسوء التغذية والأمراض والأمية والبطالة والنزاعات المسلحة والديون الخارجية، إلا أن بها تباشير واعدة قد تحقق تقدماً لشعوب أفريقيا ومستقبل القارة السمراء إذا ما استحسن استغلال مواردها وعولجت جل الإشكالات التي تعتري سيرها نحو المضي قدماً نحو التطور والازدهار.
وقد خلصت الدراسة إلى بعض النتائج المهمة من خلال قراءتها لجوانب المشكلة ومضمون وموضوع الدراسة فيها، تتلخص في الآتي:
1- ترى القوى العظمى أن تحقيق مصالحها المشتركة فيما يتعلق ويرتبط بشأن القارة الإفريقية لابد أن تصاحبه تفاهمات تنسيقية فيما بينها، كما ترى ضرورة وقف زحف المنافسين الجدد المحتملين، وواقع الحال يوضح أن التنافس المحموم بين الولايات المتحدة وفرنسا يبرهن أن كل دولة لها مصالحها الخاصة وأجندتها السرية لتحقيق مآربها الذاتية، كما يلاحظ _أن بريطانيا قد سلمت رايتها الخاصة بإفريقيا إلى حليفتها القوية( أمريكا) نسبةً لارتباط مصالحيهما المشتركة في القارة مع بعضها البعض. الواقع يوضح أن إفريقيا لم تكن في ذهنية الولايات المتحدة على المدى الزمني القريب حتى أحداث تفجير سفارتيها في كينيا وتنزانيا عام 1998م، التي عجلت الاهتمام الأمريكي بالقارة الإفريقية خاصة تحت ما يسمى الحرب ضد الإرهاب التي كانت إفريقيا جزء منها .
2- في المدى الزمني القريب والمتوسط سوف تستمر القوى الكبرى في تزايد تكريس وجودها في القارة الإفريقية وبالتالي فرض مزيد من واقع الهيمنة على مفاصل القارة وذلك نسبة لتداعيات موضوعية أهمها: أولاً/ ندرة الموارد الأولية في دول الغرب ونفاد الكثير منها في وقت تتزايد الاحتياجات الاستهلاكية بصورة كبيرة وجذرية، خاصةً مواد الطاقة والنفط والتي هي متوفرة بالدرجة الأولي في القارة الإفريقية. ثانياً/ إن الدول الإفريقية كلها بدأت تجنح نحو التبعية إلى الغرب لتحقيق مقاصد وآمال حكامها الذين يحتمون بالقوى الأجنبية لضمان استمرارية بقاءهم في السلطة. ثالثاً/ إن دخول الصين في الفضاء الإفريقي مؤخراً قد حرك الرغبة الأمريكية التنافسية وزاد من إيقاع روح التنافس الشرس نحو مواجهة القطب الصيني، لأن دخول الصين في إفريقيا تضاعف من قوتها الاقتصادية واستحواذها على أميز وارخص الموارد، وأن ذلك سيكون خصماً على الموقف الأمريكي.
3- ترى الولايات المتحدة من خلال ظاهرتي الصراع والتنافس، أن إسرائيل تعتبر أفضل الخيارات للدخول في الميدان الإفريقي، نسبةً لطبيعة العلاقة المتميزة بينهما بالإضافة لتفويت الفرصة على الطامعين الآخرين من القوي المناوئة لها مثل: الروس والصينيين والعرب المسلمين.
5 - إن القارة الإفريقية سوف تتضرر أيما ضرر من جرّاء هذا الصراع المأزوم والتنافس المحموم والاستقطاب الحاد (المفروض عليها)، لان ذلك سيزيد من توترها المشدود أصلاً ومن تفاقم مشكلاتها المستشرية المتمثلة في الصراعات والنزاعات والحروب الأهلية وبعض الإشكالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى.
الهوامش والمراجع

* استاذ مساعد- كلية الافتصاد والعلوم الادارية والسياسية- جامعة إفريقيا العالمية

[1]-علي شعبان الأسطى، صراع القوى العظمى حول إفريقيا، مركز الراصد للدراسات السياسية والإستراتيجية، الخرطوم، 2008م، ص33.
[2]- نقلاً عن: صحيفة انترناشيونال – هيرالد ترابيون، 18 فبراير 1991م.
[3]- نقلاً عن: صحيفة النيويورك تايمز،8 مارس 1998م..
[4]- المصدر نفسه.
[5]- المصدر نفسه،.
[6]- على شعبان الاسطي، مصدر سابق، ص19.
[7]- محمد الهزاط" الحرب الأمريكية البريطانية على العراق والشرعية الدولية، المستقبل العربي، السنة 26، العدد 292، يونيو 2003م، ص 108-109.
[8]- المصدر نفسه ، ص157.
[9]- صحيفة السفير اللبنانية، 3، ابريل، 1998م، ص18.

[10]- Congressional record " May,25,1967,P.S 7483
[11]- إشكالية العلاقات الفرنسية الأمريكية، جريدة النهار، 3، ديسمبر، 1994، ص 15.
23-المصدر نفسه.
[13]-صحيفة السفير اللبنانية، 26، مارس، 1998.
[14]-غسان العزي، الأطلسية الجديدة والدفاع الأوربي، بيروت، 1996، ص42.
[15]- المصدر نفسه، ص43.
[16]- Mireille Duteil, La nouvelle Afrique pro- americiane le point 26.5.1997.P76.
[17]- Michele Marin Gue. France et Elats – unis en Afrique, lemonde 11.7.1997.
[18]- Entretien avec le monde 14.6.1997.
[19]- مجدي حماد، إسرائيل وإفريقيا، دراسة في إدارة الصراع الدولي، الطبعة الأولى، دار المستقبل العربي 1986م، ص 26.

[20]- موقع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ترجمة: عمر الشتيوي، مجلة المرصد، العدد9، مايو2006م، ص ص 6-7.
[21]- محمد إبراهيم النعاس، الصين وجنوب آسيا واقعية جديدة، مجلة المرصد، العدد9، مايو2006م، المركز الباكستاني للدراسات الإقليمية، ص10.
[22]- العلاقات الصينية اليابانية، ترجمة: منصور عمر شتيوي، مجلة المرصد، العدد9، مايو2006م.
[23]- الصين تكسب مصادر ولاءات أفريقيا، جريدة الفاينانشيال تايمز، 28 ، فبراير، 2006م.
[24]- الصين تكسب مصادر ولاءات، المصدر نفسه.
[25]- صحيفة الصحافة، العدد4301، 25، مايو، 2005م.
[26]- الصين تكسب مصادر ولاءات، المصدر نفسه.
[27]- صحيفة الصحافة، المصدر نفسه.
[28]- المركز المغربى للدراسات الاستراتيجية، 27 ابريل 2009.
[29]- الإسلام اليوم،14 يناير 2011.
[30]- الرابط- Sudaneseonline.com.
[31]- الرابط - http://www.cmes-maroc.com.
[32]-أخبار اليوم، 3 أغسطس 2008 م.
[33]- www.islamonline.net
[34]- أخبار اليوم ، المصدر نفسه.
[35]- سودانيزأونلاين.كوم، 7 أغسطس 2009م.
cnnarabic.com - [36].www
[37]-www.islamonline.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Empty
مُساهمةموضوع: التركيبة الاثنو-بيئية والموارد الطبيعة واثرها علي النزاعات القبلية   صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان Emptyالسبت فبراير 16, 2013 11:31 am

التركيبة الاثنو-بيئية والموارد الطبيعة واثرها علي النزاعات القبلية
http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1054617102&rn=1
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صــراع القوى العظمى حول الموارد في إفريقيا أنموذج التنافس الأمـريكي ـ الصيني على السودان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صراع القوى العظمى حول القرن الإفريقي.pdf
» دور التنافس حول الموارد الطبيعية في تفجر النزاعات
» القوة العظمى المتأنقة"
» التنافس الدولي على الموارد الطبيعية في افريقيا بعد الحرب العالمية الثانية
» كتاب: التحدي الصيني : أثر الصعود الصيني في حياتنا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1