في ما يتعلق بتآكل طبقة الأوزون: يحذّر العلماء منذ عشرات السنين من مخاطر غازات الكلوروفلوروكاربون CFC (غازات مستعملة في التبريد والتنظيف وبعض المبيدات وكذلك رصاص البنزين...) التي تؤدي إلى تآكل طبقة الأوزون وثقبها، وهذه هي الشاشة العملاقة التي تحيط بالغلاف الجوي وتحجب أشعة الشمس ما فوق البنفسجية من الإختراق. وحاليًا، يتوسَّع الثقب الناتج عن الغازات الكيميائية في هذه الطبقة إلى أكثر من 26 مليون كلم2 فوق القطب الجنوبي، وفي الوقت نفسه تتقلّص فوق القطب الشمالي حوالى 25%. ويقضي ثقب الأوزون، بسبب تسرب الأشعة ما فوق البنفسجية، على مائة ألف شخص سنويًا بمرض سرطان الجلد، ويؤثر على العيون وخلايا الرأس، ولكن أيضًا على النباتات والمحيطات حيث يصيب أعشاب البحر ويقلِّل من مفاعيلها في امتصاص ثاني أوكسيد الكربون. وتتحمّل الولايات المتحدة وبعض الدول الصناعية المسؤولية الكبرى بسبب وجود عشرات الملايين من الثلاَّجات التي تنفث غازاتها في الهواء كل عام، أضف إلى ذلك بعض بلدان العالم الثالث الصناعية الجديدة (الصين، كوريا، البرازيل، الهند) التي تنتج غازات CFC وتضعها في السوق بكمية يقدرها العلماء بين 20 - 30 الف طن. وتقدّر كميات هذه الغازات في الأسواق العالمية بحدود مليوني طن(53).
في ما يخصُّ ظاهرة التصحُّر: إن الشركات المتعددة الجنسية مسؤولة عن تدمير الغابات البكر في العالم (إفريقيا وأميركا اللاتينية)، وبخاصة تلك العاملة في مجال صناعة الخشب. بالإضافة إلى ذلك، إن التجمُّعات الزراعية الصناعية الضخمة الباحثة بدأب عن أراضٍ جديدة من أجل توسيع مساحات استثماراتها أو تكثيف نشاطها في مجال تربية الأبقار، تحرق كل سنة ألوف الهكتارات من الغابات العذراء. "ففي مدى أربعين سنة تقلصت مساحة الغابات البكر في العالم بمقدار 350 مليون هكتار، وكان ذلك نتيجة تدمير 18 بالمائة من الغابات في إفريقيا، و30 بالمائة في آسيا، و18 بالمائة في أميركا اللاتينية والكاريبي. ويقدّر ما يُدمَّر اليوم بأكثر من 3 ملايين هكتار كل سنة"(54). مع العلم، أنه في وقتنا الراهن لا تغطي الغابات الإستوائية إلا 2 بالمائة تقريبًا من مساحة الأرض، ولكنها تأوي ما يقارب 70 بالمائة من جميع الأنواع الزراعية والحيوانية. وتعتبر غابة الأمازون الرئة الخضراء للعالم بأسره، وتبيَّن أنه خلال العام 1998 وحده تمَّ القضاء على 16.838 كلم2 من الغابة، أي ما يعادل نصف مساحة بلجيكا، والتدمير يتصاعد.
وأصابت ظاهرة التصحّر كذلك مناطق عديدة في العالم، وبخاصة في سهول أفريقيا، حيث حوّلت ثلثي مساحة إفريقيا إلى أراضٍ صحراوية ومناطق جافة، وأصابت في آسيا ما يقارب 104 مليون هكتار(55). كما أنها، في فجر القرن الحادي والعشرين، أصابت البشر بحيث يقدَّر ما بقي من السكان الأصليين في غابات الأمازون بحوالى 200000 من أصل 9 ملايين، كما هناك الآن في العالم 25 مليونًا تقريبًا من الرجال والنساء والأولاد من جنسيات وإثنيات مختلفة مشرّدين في الطرقات بعد أن تركوا أراضيهم التي أصبحت تغطيها الحجارة والغبار، ويسمّون في الوثائق الرسمية "اللاجئين البيئيين". كما أدَّت إلى القضاء على التنوُّع الحيوي، فيقدّر ما دُمِّر من أنواع زراعية وحيوانية تدميرًا كاملاً أكثر من 50000 نوع بيـن العامـين 1990 و2000. والخسارة في تزايد حتى يومنا الحالي(56).
اما في ما خصَّ الإستهلاك المفرط لمصادر الطاقة: تقوم الشركات المتعددة الجنسية والدول الصناعية والدول الناشئة باستهلاك الموارد المتجدِّدة بسرعة أكبر من القدرة على تجديدها، كما يجري أيضًا استهلاك المواد غير القابلة للتجدّد بوتيرة لا تكترث باحتياجات الأجيال المقبلة. وهذا الإسلوب التقليدي للتنمية الذي يستند إلى المفاهيم الليبرالية، والذي يقوم على التنامي السريع لوتيرة الإنتاج في أقرب وقت ممكن من أجل تحقيق الربح السريع، يشكّل خطرًا على الإنسان وعلى الموارد الطبيعية وعلى البيئة. وفي مقابل ذلك ظهر مفهوم التنمية المستدامة(57). إن إستمرار هذا النمط من الإضطرابات البيئيّة وغيرها من التحدّيات الإجتماعية والإقتصادية والثقافيّة والتكنولوجية والأمنية والسياسيّة، لا يعود بالخير على البشرية، ويشكل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين، كما يطرح مفهومًا جديدًا للأمن البشري. ما هي هذه المضامين الجديدة ودور المجتمع العالمي في هذا السياق؟
المبحث الثاني: المضامين الجديدة للأمن البشري
إن التحدّيات العالمية الجديدة التي أفرزتها العولمة النيوليبرالية طرحت تهديدات جديدة لأمن البشر على الصعد الإجتماعية والتنموية والصحيّة والإقتصادية والبيئيّة والثقافيّة كافة، ولا سيما الفقر والمجاعة والبطالة والهجرة والأمية والهويّة القومية وشح المياه العذبة، والإتجار بالمخدّرات والإنسان، والجريمة المنظّمة والعنف والإرهاب...
إنطلاقا من هذا الواقع المأسوي في نهاية القرن العشرين، أصبحت مسألة حقوق الإنسان وأمن الإنسان في أولوية اهتمامات المجتمع العالمي، ومرتبطة إرتباطا ًوثيقًا بمسألة السلم والأمن الدوليين، وبعبارة أخرى بالأمن العالمي. وقد أعطت الأمم المتحدة مبادئ حقوق الإنسان المكان الأول في النصوص والدراسات منذ إنشاء المنظّمة حتى الآن. إضافةً إلى الإعلانات والوثائق الدوليّة التي صدرت، عقدت مؤتمرات عديدة ووضعت عدة إتفاقيات دولية حول حق الحياة ومناهضة التعذيب، وحقوق الطفل، وحماية حقوق جميع العمال، والحق في التعلُّم، والحق في صحة سليمة والحق في بيئة نظيفة، كل هذه المعطيات كان لها إنعكاس إيجابي على تطور مضامين حقوق الإنسان من الحقوق السياسيّة والمدنيّة إلى الحقوق الإجتماعية والاقتصاديّة، إلى حقوق التنمية البشرية (التنمية الإجتماعية والتنمية الإقتصادية والتنمية البيئيّة...(58)، وأدَّت إلى ظهور مفهوم الأمن البشري بمضامينه الجديدة.
أولا: المفهوم الجديد للأمن البشري
أشار وزير الخارجية الكندي السابق ليود أكسوورتي Liyod Axworthy في تحليله عن الأمن البشري إلى أنه "يتضمَّن الأمن ضد الحرمان الإقتصادي، ونوعية مقبولة من الحياة، وضماناَ لحقوق الإنسان الأساسية". الأمن البشري يعبّر عن وجود أهم الإحتياجات الإنسانية الأساسية والكرامة البشرية، بما في ذلك المشاركة الفعّالة في حياة المجتمع. فهو يتجّه نحو فكرة ديمقراطية فعَّالة وضرورية ما يعني أن الإشباع المادي يقع في جوهر الأمن البشري الذي يتضمَّن الأبعاد غير المادية ليشكّل مجموعاَ نوعياَ. وهو يعتبر أن التغيُّر في طبيعة الصراع والعولمة المتزايدة جعلا الشعوب في أولوية الإهتمام الدولي، وأن سلامة الفرد التي تشكل محور الأمن البشري قد أصبحت معيارًا للأمن العالمي وثمة علاقة وطيدة بين الأمن البشري والسلم الدولي، إذ لا يمكن تجاهل نتائج المجاعة والتلوث والعنف العرقي على صعيد السلم المنشود. كما تطرَّق هذا المفهوم إلى العلاقة التي تربط الأمن البشري بكل من الأمن القومي والتنمية البشرية، وبالنسبة إليه إن التقبل الواسع لمفهوم الأمن البشري مهم جدًا. فالأمن البشري لا يحل محل الأمن القومي الذي من منظوره يتبيّن أن أمن الدولة ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة لتحقيق الأمن لشعبها. وفي هذا الصدد، يدعم أمن الدولة الأمن البشري والعكس بالعكس. إن بناء دولة فعالة ديمقراطية تقدر شعبها وتحمي الأقليات هو الإستراتيجية المركزية لدعم الأمن البشري. وفي الوقت نفسه يؤدي تحقيق الأمن البشري إلى تقوية الشرعية والإستقرار وبالتالي أمن الدولة(59). فالتحدّيات الجديدة بأبعادها الشمولية شكَّلت تهديدًا للإنسانية والأمن البشري الذي أصبح الركيزة الأساسية للأمن العالمي. فالأمن البشري لم يعد محصورًا في المفهوم العسكري، بعدما ظلّ مدة طويلة يفسّر تفسيّرًا ضيقًا بأنه أمن الأراضي في مواجهة العدوان الخارجي ومقتصرًا على الجانب الدفاعي للدولة، أو أنه حماية المصالح القومية في السياسة الخارجية، أو أنه حماية البشرية من الكارثة النووية. وكان مفهوم الأمن يرتبط بالدول اكثر مما يرتبط بالناس، أو أنه ذاك المفهوم التقليدي القائم على قوة الجيوش وزيادة درجة التسلح.
تجاوز مفهوم الأمن الإعتبارات الترابية الإقليمية والعسكريّة، ليصبح شموليًا ومتعدد الأبعاد وأكثر قربًا من الحياة الإجتماعية، الأمر الذي جعل تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية للعام 1994 يتبنّى فكرة الأمن البشري حيث جاء فيه: "لزمن طويل كان مفهوم الأمن يقتصر على الصراع بين الدول، ويقاس نسبة إلى التهديد الموجود على الحدود، وكانت الأمم تعد الجيوش للحفاظ على أمنها، أما اليوم فلدى معظم الشعوب شعور بفقدان الأمن نتيجة القلق الذي يساورها في الحياة اليومية والمعيشية أكثر بكثير من الخوف من احداث العالم المدمّرة. الأمن الاجتماعي، الأمن الاقتصادي وأمن العمالة هي الهواجس المستجدّة على الأمن البشري في كل أنحاء العالم . فالأمن لم يعد يقاس بمدى تقليص التهديدات بل بمـدى الإستجابة للحاجيات الأساسية للإنسان"(60). بتعبير آخر، بات الأمن يطاول البشر في تعليمهم وصحتهم ومهاراتهم المختلفة، إنه الأمن المتناسب مع الزيادات السكانية المستمرة والمرتبط بتنمية الموارد البشرية لا بتراجعها.
يرتبط مفهوم الأمن البشري بتشجيع التقانة التي تستلزم إعدادًا وميزة من العمالة الفنية، وبإعادة النظر بمفهوم العمل ووضع تشريعات جديدة وفريدة من برامج تدريب العمال(61).
في هذا المضمار يقول James wolfenson، رئيس البنك الدولي السابق، في خطابه الموجّه إلى مجلس الأمن الدولي في 15/01/2000. "عندما نفكر بالأمن يجب أن نفكر أبعد من المعارك والحدود، يجب أن نفكّر بالأمن البشري، يجب أن نكسب حربًا أخرى هي القتال ضد الفقر". وحسب بوزان يقتضي الأمن "موضوعًا مرجعيًا" وذلك استجابة للسؤال: أمن ماذا؟ ويجيب أمن "الدولة". لكن ذلك لا يكفي، لأن ثمة موضوعات مرجعية أخرى. لقد بقي واقعي التصوُّر بقوله بمركزية الدول كمرجعية لموضوع الأمن(62). وسمحت تحليلاته بتوسيع مجال البحث في الدراسات الأمنية إلى قطاعات جديدة (إقتصادية، بيئية، سكانية....) وبتعميقها بإدخال موضوعات جديدة مرجعية أو وحدات تحليل مثل الدولة، الإقليم، المجتمع، الأمة، الجماعة، الفرد(63). من هنا يمكن القول إن أعمال بوزان تشكِّل همزة وصل بين الدراسات التقليدية والدراسات النقدية للأمن، وتعطيه واقعيته المعبرة صدقية لدى الواقعيين، ومهَّد تصوره الموسع للأمن الطريق لأصحاب مدرسة كوبنهاغن. هو أول من أدخل مفهوم الأمن الإجتماعي في الدراسات الأمنية، لكن مدرسة كوبنهاغن هي التي طورّته خصوصًا عبر أعمال ويفر التي تشكل قطيعة مع التحليلات المركزية – الدولتية لبوزان، أي أنهما يختلفان حول مكانة الدولة في تحليلهما لمسألة الأمن.
يرى ويفر أن المجتمع مهدَّد أكثر من الدولة بفعل جملة من الظواهر - مثل العولمة والظواهر العابرة للحدود، البناء الأوروبي وظهور عرقيات قومية في أوروبا الشرقية، تدفقات الهجرة، الإستيراد الواسع للبضائع الثقافيّة الأجنبية، تحكم مصالح أجنبية في الثروات الوطنية - وأن الإعتداءات على الأجانب في أوروبا، والتطهير العرقي في يوغوسلافيا السابقة أمثلة قد تؤكد هذا الخوف. ولخص ويفر تصنيف بوزان في شقين أساسيين: الأمن القومي والأمن الإجتماعي، الأول يعنى بالسيادة وبقاء النظام، والثاني يخص الهويّة وبقاء المجتمع. واقترح بتركيزه على الأمن الإجتماعي نقل الموضوع المرجعي من الدولة إلى المجتمع، ورفع هذا الأخير إلى مصاف موضوع مستقل. ولهذا فإن من أبرز تحولات مفهوم الأمن هذا الإنتقال من الأمن كمفهوم يقوم على أساس بقاء الدول إلى مفهوم يقوم على أساس بقاء الأفراد والشعوب.
من ناحية ثانية، تبنّى بعض الدراسات نظرة أوسع شملت الجوانب العسكريّة وغير العسكريّة مثل بقاء الدولة، والبناء الوطني، والشرعية السياسيّة، والإندماج. ومن هذه الدراسات تلك الخاصة بدول العالم الثالث التي أظهرت أهمية العوامل السياسيّة في المسألة الأمنية والإختلافات بين الدول المتقدّمة والنامية. فالتهديدات لأمن الأخيرة تأتي أساسًا من المناطق المحيطة بها، إن لم تأتِ من داخل هذه الدول نفسها، وهذا نتيجة لضعف البنى الدوليّة، وعجز في شرعية الأنظمة ما يتسبَّب في مشاكل أمن داخلية للدولة التي غالبا ما تتحوَّل إلى صراعات مع الجوار(64). ولئن كانت المقاربة التقليدية لا تتناسب والمشهد الأمني في دول الجنوب، فقد تم توسيع مفهوم الأمن ليشمل أبعادًا أخرى.
في دراسته للأمن في البلدان النامية، تبنَّى يزيد صايغ صيغة موسَّعة للأمن تشمل الدفاع عن القيم الوطنية، والوحدة الترابية وبقاء الدولة وضمان سلامة السكان، وإيجاد ظروف اقتصادية للرخاء، والحفاظ على الانسجام الاجتماعي، والبناء الوطني، محددًا الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية والسكانية كأبرز جوانب الأمن في هذه البلدان(65). وبالتالي، إن مفهوم الأمن البشري ومفهوم التنمية البشرية مرتبطان بقوة ويشير كل منهما إلى الهدفين التوأمين: التخلُّص من الخوف والتخلُّص من العوز. إن الفقر وإنعدام الأمن مرتبطان في دائرة خطرة يتطلَّب كسرها إجراءات لتحسين التنمية البشرية من خلال تفعيل التوظيف، والتعليم، والخدمات الإجتماعية كافة، بالإضافة إلى إجراءات لتحسين الأمن البشري من خلال توفير الحماية من الجريمة والعنف السياسي، وإحترام حقوق الإنسان بما فيها الحقوق السياسيّة وتفعيل العدالة. إن غياب مثل تلك الضمانات للأمن البشري يشكّل حاجزًا قويًا في وجه التنمية البشرية، فبغض النظر عن مستوى الدخل، إذا فقد الشعب الثقة بقدرة المجتمع على حمايته فسيكون لديه حوافز أقل للمراهنة على المستقبل.
إن الأمن البشري يوفر محيطاَ ملائماَ للتنمية البشرية، بينما العنف أو التهديد بالعنف يجعلان التقدم المفيد في أجندة التنمية غير ممكن، لذا فإن تحسين سلامة الشعوب هو شرط مسبق. كما يمكن أن يشكّل تحسين التنمية البشرية استراتيجية للتوصل إلى الأمن البشري وذلك من خلال معالجة إنعدام المساواة التي هي، في أغلب الأحيان، السبب الرئيس للصراع. وكذلك يبقى تقوية بناء الحكم، تحسين المساعدات الإنسانية، الإنمائية والسياسيّة، تفعيل وتأمين إحترام القوانين، في إطار الأمن البشري(66). وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي أنان في تقريره في 21 آذار/مارس 2005 حول برنامجه الإصلاحي للمنظّمة الدوليّة إلى "أن الدول ومؤسساتها الجماعية يتعيَّن عليها كلها في القرن الحادي والعشرين أن تناصر قضية إتاحة جو من الحريّة أفسح بكفالة التحرُّر من الفاقة، والتحرر من الخوف، والتمتع بحريّة العيش في كرامة. وفي هذا العالم الذي يتزايد ترابطًا يتعيَّن أن يتواكب التقدم في مجالات الأمن والتنمية وحقوق الإنسان. فلا تنمية بدون أمن، ولا أمن بدون تنمية. كما أن التنمية والأمن يعتمدان معًا على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون"(67). كما تطرَّق إلى المسؤولية المحليّة والدوليّة عن توفير الأمن البشري بشموليتة. وما من دولة تملك أن تقف بمفردها تمامًا في عالم اليوم. فنحن جميعًا نتقاسم المسؤولية عن أمن وتنمية بعضنا البعض. وإن كل الدول تحتاج إلى نظام للأمن الجماعي يتسم بالإنصاف والكفاءة والفعالية، وثم التزام الموافقة على استراتيجيات شاملة وتنفيذها من أجل مواجهة التهديدات كلها التي تمتد من الحروب الدوليّة مرورًا بأسلحة الدمار الشامل والإرهاب وسقوط الدول والمنازعات الأهلية إلى الأمراض المعدية المهلكة والفقر المدقع وتدمير البيئة"(68). وقد ميّز بوزان بين خمسة أبعاد أساسية ليعطي نظرة موسعة إلى الأمن لتشمل الجوانب العسكريّة والسياسيّة والإقتصادية والإجتماعية والثقافيّة(69).
إذًا أمام هذه المعطيات يمكن تحديد المكونات الأساسية للأمن البشري في إطار المسائل الآتية: الأمن الإقتصادي، الأمن الغذائي، الأمن الصحي، الأمن البيئي، الأمن الشخصي، أمن المجتمع المحلي (الأمن الجماعي)، الأمن السياسي(70).
ثانيا: المكونات الأساسية للأمن البشري
1- الأمن الشخصي أو الفردي
يعتبر الأمن الفردي من أهم عناصر الأمن البشري نظرًا إلى ما لهذا المفهوم من أهمية على حياة البشر. وهو يتمحور حول كيفية تأمين الحماية للأفراد في ظلّ وجود النزاعات المسلحة وتزايد الجريمة المنظّمة والإتجار بالمخدّرات والبشر والأسلحة وغسيل الأموال لتصل إلى أيدي جماعات تستخدمها في عمليات العنف والإرهاب(71). تعتبر تجارة السلاح غير المشروعة من أهم العوامل التي تغذِّي الحروب وخصوصًا الحروب الأهلية، كما أنها تؤدي دورًا مهمًا في تزايد الجرائم الفردية. وتكمن مخاطر هذه التجارة في كونها في غالب الأحيان غير معروفة المصدر ولا الكمية، بحيث تصبح عملية مراقبتها وضبطها مستحيلة. كما ترافقت ظاهرة غسيل الأموال مع ظهور الليبرالية الجديدة منذ بداية عقد السبعينيات في القرن الماضي وحتى يومنا هذا، فمع اطلاق حريّة دخول الرساميل وخروجها عبر الحدود الوطنية من دون علم السلطات المحلية، وفتح الأسواق المحلية أمام المستثمرين الأجانب، توسَّعت طرق عمليات تبييض الأموال وشبكاتها، أي محاولة إخفاء المصدر غير القانوني الذي تم بموجبه تحقيق هذه الثروات مثل تجارة المخدّرات وتهريب السلاح وغيرها(72). وبالتالي إن توافر عمليات غسل الأموال وعدم مكافحتها بشكل فعال سوف يؤديان إلى التشجيع على التجارات الممنوعة مثل السلاح والمخدّرات التي تؤثر بشكل سلبي على أمن الأفراد. كما تشكل التجارة بالبشر تهديدًا كبيرًا لأمن الافراد. فقد أصبح شرق آسيا عمومًا وفيتنام وكمبوديا خصوصًا مصدرًا رئيسًا لبيع أبناء الأسرة الفقيرة إلى شبكات دولية تعمل في تجارة الرقيق الأبيض، وهي أسواق يلجأ اليها بصورة كبيرة الأزواج الأثرياء من الدول المجاورة مثل سنغافورة لتعويض حرمانهم من الأطفال، كما قد يلجأ اليها آخرون للبحث عن عمالة جديدة في تجارة الجنس. وقد شهدت عملية الإتجار بالنساء والفتيات حوالى 500 ألف كل سنة في أوروبا الغربية وحدها، وتقدر مواردها بحوالى 7 مليارات دولار، كما بيع الطفل بحوالى 15 ألف دولار فوصلت موارد الجريمة المنظّمة إلى 1.5 تريليون دولار كل سنة(73).
وتأتي النزاعات المسلحة (الدوليّة والإقليمية والمحلية) كعامل آخر يهدِّد الأمن الفردي نظرًا إلى ما تحمله من أخطار تهدِّد حياة البشر وتلحق أضرارًا فادحة بالإنسان. وبين العامين 1989 – 1998 حصل 61 نزاعًا مسلحاَ، ثلاثة فقط كانت بين الدول، والأخرى كانت حروبًا أهلية، لأسباب إثنية أو دينية أو قومية، وصار المدنيُّون ضحايا النزاعات المسلحة أكثر من أي وقت مضى. حصل ذلك مع إنتشار الأسلحة الفردية الخفيفة، والاستخدام العشوائي للألغام الأرضية، والقنابل العنقودية المضادة للأفراد، فضلاً عن استخدام الحصار الإقتصادي ضد الدول (العراق، إيران، ليبيا وكوبا)(74) وتفيد تقارير الأمم المتحدة أن نصف مليون طفل دون سن الخامسة ماتوا نتيجة النزاعات المسلحة العام 1992، وأن أكثر من مليون طفل عراقي توفوا نتيجة الحصار حتى العام 1999(75).
2- الأمن الغذائي
يتحقَّق الأمن الغذائي عندما يتمتَّع البشر كافة في جميع الأوقات بفرص الحصول، من الناحيتين المادية والإقتصادية، على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي حاجاتهم التغذوية وتناسب أذواقهم الغذائيّة كي يعيشوا حياة موفورة النشاط والصحة. لكن واقع الأمن الغذائي لكثير من شعوب الأرض هو مأسوي جدًا، حيث يموت كل عام قرابة 11 مليون طفل قبل أن يكملوا عامهم الخامس. وجميع هذه الوفيات تحدث في البلدان النامية، ثلاثة أرباعهم في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، وهما المنطقتان اللتان ترزحان أيضًا تحت وطأة المعدلات الأعلى للجوع وسوء التغذية والفقر. فإن الجوع وسوء التغذية سببان أساسيان لأكثر من نصف حالات وفيات الأطفال والأمهات خلال الحمل وعند الولادة. كما تسرّعان في إنتشار فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) والملاريا، ويشكّلان العقبة الكبرى أمام خفض معدلات الوفيات. ونظرًا إلى حقيقة أن 75 في المائة من الجياع في العالم يعيشون في مناطق ريفية، موطن الغالبية العظمى لـ 121 مليون من الأطفال غير المنتظمين في المدارس، ولنحو 11 مليون من الأطفال الذين يموتون قبل أن يبلغوا سن الخامسة من العمر، وما مجموعه 530 ألف من النساء اللواتي يمتن خلال الحمل او عند الولادة، ولأكثر من مليون حالة وفاة بسبب الإصابة بالملاريا كل عام، لذا لا بد لخفض هذه الأعداد، من إعطاء الأولوية لإنعاش المناطق الريفية وللزراعة بوصفها أهم سبل المعيشة الريفية، من خلال نظم الإنتاج الآمنة والمستدامة التي توفر اليد العاملة والدخل للفقراء، ومن ثم تحسين حصولهم على الأغذية. وقد يساهم ذلك في توطيد الاستقرار الاجتماعي والمساعدة على مواجهة المعدلات المفرطة للهجرة من الريف إلى المدن التي تعانيها بلدان كثيرة(76). وبما أن الفقر سبب رئيس لانعدام الأمن الغذائي، فإن التقدّم بخطى مطردة نحو استئصال الفقر أمر حاسم لتحسين فرص الحصول على الغذاء. كما أن للصراع، والإرهاب، والفساد، والتدهور البيئي، دورًا ملموسًا في انعدام الأمن الغذائي. إن الأمر يقتضي زيادة إنتاج الأغذية بما فيها الأغذية الأساسية. وينبغي أن يتحقَّق ذلك في إطار الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، والقضاء على أنماط الإستهلاك والإنتاج التي تتجاهل مقتضيات الإستدامة وبخاصة في البلدان الصناعية، وتحقيق استقرار سريع في إعداد سكان العالم، والتشجيع على توفير فرص العمل والدخل، وتعزيز الفرص المنصفة للحصول على الموارد الإنتاجية والمالية.(77).
يوضح مؤتمر روما بشأن الأمن الغذائي العالمي، أن الأمن الغذائي لا يقتصر على رصد كمية الغذاء التي يتلقَّاها الفرد، أو عدد السعرات الحرارية، بل يشمل أيضًا نوعية الغذاء المتوافرة. فالشعوب التي تتوافر لها كميَّات معيَّنة من الغذاء ويؤمن لها قدر كافٍ من السعرات الحرارية، ليست بالضرورة آمنة غذائيًا. وهكذا إذا اخذنا بهذين المعيارين، أي معيار الكمية ومعيار النوعية، نجد أن أكثر شعوب الأرض بمن فيهم شعوب الدول المتقدّمة يفتقدون الأمن الغذائي. كما يجدر بالأشارة أن الأمن الغذائي يختلف عن الحق في الغذاء بحيث يشكل الأول هدفًا سياسيًا يمكن أن تضعه حكومة وتعمل على تحقيقه، أما الحق في الغذاء فعلى العكس هو حق من حقوق الإنسان على قدم المساواة مع جميع حقوق الإنسان الأخرى مدنية كانت أم سياسية، ولا بد من أن تكفلها القوانين المحلية والعالمية. فهذا الجوع المستشري وسوء التغذية الحاد هما من صنع الإنسان والسبب هو النظام الظالم السائد في العالم(78). فمهمة تحقيق الأمن الغذائي مهمة مركبة تقع مسؤوليتها الأولى على كاهل كل حكومة من الحكومات. ويتعيَّن على تلك الحكومات ان تهيئ البيئة المؤاتية، وتضع من السياسات ما يضمن السلم والإستقرار الإجتماعي والسياسي والإقتصادي والعدالة والمساواة بين الجنسين. كما ينبغي على الحكومات أن تتعاون، ضمن الإطار العالمي تعاونًا فعالا في ما بينها، وكذلك مع منظمات الأمم المتحدة، ومؤسسات التمويل، والمنظّمات الحكومية الدوليّة، والمنظّمات غير الحكومية، والقطاعين العام والخاص، بشأن البرامج الموجهة صوب تحقيق الأمن الغذائي للجميع(79). في هذا الإطار، هناك إشكالية واسئلة عديدة حول الأخطار الناجمة عن الأجسام المعدّلة وراثيًا OGM، (Organismes Génétiquement Modifiés) على الرغم من أنه يمكن أن يرّد على تحدّي تزايد النمو السكاني، من خلال تحقيق الأمن الغذائي العالمي(80).
3ـ الأمن الصحي
يتمحور الأمن الصحي حول كيفية حماية أفراد المجتمع من جميع الأخطار الصحيّة التي تواجههم، وذلك في سبيل جعلهم ينعمون بحياة أمنة صحيًا وأكثر إستقرارًا. وعلى الرغم من التقدم الذي شهدته الرعاية الصحيّة، ثمة أكثر من عشرين مليون إنسان يموتون بسبب الأمراض التي لا يمكن الحؤول دونها. فالصحة هي عنصر مكوِّن أساسي لأنه في أساس الأمن تكون حماية حياة الإنسان. والصحة الجيدة تشكل شرطًا مسبقًا للإستقرار الإجتماعي. والعوامل التي تؤثر على الصحة كثيرة، ومن أهمها عامل سوء التغذية سواء في حالة نقص كمية الغذاء أو في سوء نوعيته، ففي كلا الحالتين ينعكس الأمر سلبًا على صحة الأفراد. والتلوُّث البيئي أيضًا الذي يصيب الماء والهواء يسبب العديد من الأمراض التي يمكن ان تودي بحياة الفرد. كما أن للفقر الدور البارز في تدهور صحة الأفراد حيث أن الذين لا يملكون المال يصعب عليهم الذهاب إلى الطبيب، كما تصعب عليهم متابعة العلاج الطبي، ما يؤدي إلى تدهور وضعهم الصحي، وآثار هذه الحالات موجودة في العالم الثالث. وعلى الرغم من أن هذه الدول تأوي أكثر من 85% من سكان العالم إلا أنها لا تمثل في السوق العالمية للأدوية سوى نسبة 25% فقط(81).
4- الأمن الإقتصادي
يعتبر الأمن الإقتصادي من أهم دعامات الأمن البشري، نظرًا إلى ما لعامل الإقتصاد من أهمية وتداخل في مجالات الحياة شتى. فلا يمكن الحديث عن تنمية بشرية من صحة وغذاء وتعليم إلا في ظلّ اقتصاد سليم. إن الحديث عن الاستقرار الإقتصادي يأخذ أبعادًا مختلفة عن تلك التي كانت موجودة في السابق. ففي ظلّ عولمة الإقتصاد أصبحت إقتصاديات الدول مترابطة بعضها مع بعض على جميع المستويات، وهذا ما يجعل أي خلل يصيب إقتصاد إحدى الدول يؤثر بالضرورة على إقتصاد دولة أخرى. وخير دليل على ذلك ما حصل في شرق آسيا في نهاية التسعينيات حيث أخذت الأزمة الاقتصادية تنتقل من دولة إلى أخرى. ومن ناحية ثانية يرتكز الأمن الإقتصادي على إتخاذ الإجراءات الكفيلة من أجل حماية الإقتصاد الوطني من مخاطر العولمة الإقتصاديّة، وبالتالي العمل على تأمين الإستقرار في الإقتصاد على الصعيد الوطني والإقليمي والعالمي، لأن عدم الإستقرار سينعكس سلبًا على الأمن البشري ويجعله في حالة تهديد مستمرة(82).
5ـ الأمن البيئي
يتمحور الأمن البيئي حول اتخاذ سياسة بيئية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي لحماية الطبيعة والبشر من الأخطار البيئيّة الرئيسة التي تهدد الكرة الأرضية، كالإحتباس الحراري، والتلوّث الهوائي، والنفايات الصناعية الخطرة، والمطر الحمضي، وتناقص طبقة الأوزون، وتلوّث البحار والمحيطات والأنهار، والإكتظاظ السكاني، والضباب الدخاني، وظاهرة التصحر وتدمير الغابات الإستوائية. هذه المشكلات لا تطرأ في المناطق المدنيّة أو السكنية الكثيفة فحسب، لا بل تمتد أيضًا إلى المناطق النائية. وهذه التدابير الحمائية ترتكز على إصدار قوانين رادعة في إطار منطقة أو إقليم وقارة. ولكن لضمان النجاح على المدى الطويل، يجب أن تعمم قوانين وقواعد حماية البيئة على العالم بأجمعه، وأن يصار إلى الاتفاق عليها في إطار تعاون دولي. وإذا ما أريد فعلاً إنقاذ البشرية ينبغي العمل على إحلال الإقتصاد البيئي والإجتماعي على المستوى الدولي محل الإقتصاد النيوليبيرالي. والطريق الموصل إلى هذا الأمر يبدأ بجعل جميع الأعمال الإقتصادية والسياسيّة للدول خاضعة لنوع من غلبة الأمور البيئيّة التي تتضمن بطبيعتها الإمور الإجتماعية (83).
6- الأمن السياسي والمجتمع المحلي
يتم توفير الأمن السياسي من خلال إستقرار النظام السياسي ومشاركة المواطن في ديناميات هذا النظام واإنفتاحه على التطور، أي أن الأمن لم يعد يقتصر على أمن الدولة بمؤسساتها الرسمية وحسب، وإنما يطال أمن المواطن أو أمن الشعب بعدما خطت الإنسانية خطوات حثيثة نحو اعتماد مفهوم الأمن البشري الذي يعني الإستثمار في الطاقة البشرية، والقدرة على تحقيق الإستقرار الإجتماعي مع الزيادة السكانية وتطور الحياة العصرية.
كما أن الأمن البشري يشمل الأمن الثقافي من خلال الحفاظ على الهويّة القومية على مستوى محلي. أما على المستوى الدولي فتقع المسؤولية على المجتمع العالمي في تأمين الحوار الثقافي والحضاري بين مختلف الحضارات المتنوعة وتوفير التعايش في ما بينها على قاعدة حقّ الإختلاف والمساواة. كما أنه يتضمن أيضًا الأمن العلمي والتقني من خلال سد الفجوات في هذا المجال بين الدول المتقدّمة والدول النامية، ومحاربة الأمية والنهوض بالعملية التربوية(84).
في ظل هذه المعطيات، يتبيّن أن الأمن البشري بمضامينه الشاملة الإجتماعية والإقتصادية والتنموية والبيئيّة والثقافيّة، لم يعد يقاس فحسب بمدى مواجهة التهديدات العسكريّة وتقليصها، بل بمدى تأمين الحاجيات الأساسية والضرورية لوجود الإنسان. أمام هذا المفهوم الجديد للأمن البشري، وعجز الدولة منفردة عن معالجة التحدّيات العالمية الجديدة، تزايد اهتمام المجتمع العالمي من أجل ضمان أمن البشرية المرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسلم والأمن الدوليين.
الهوامــش
1- د.جان زيغلر، سادة العالم الجدد، ترجمة محمد زكريا اسماعيل، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، كانون الأول 2003، ص 100 – 102.
2- د.ريمون حداد، العلاقات الدوليّة، دار الحقيقة، بيروت، الطبعة الأولى، 2000، ص 287، ص 560.
3- د.جان زيغلر، سادة العالم الجدد، مرجع سبق ذكره، ص 91 – 100.
4- راجع تقرير التنمية البشرية لعام 2003، برنامج الامم المتحدة الانمائي،U.N.D.P، نيويورك، 2003، ص 12- 14.
5- تقرير منظمة الصحة العالمية، جنيف، 2004، ص 9-13.
6- تقرير منظمة الصحة العالمية، جنيف، 2003، ص 12-13.
7- راجع مجلة ECONOMICS الإقتصادية الاسبوعية ، لندن، 12-3-2004.
8- تقرير منظمة الصحة العالمية، جنيف، 2006، ص 3.
9- د.جان زيغلر، "الحرب العالمية الثالثة دائرة حاليا ضد العالم الثالث"، 22ـ3ـ 2001, متوافر على الموقع: www.nadyelfikr.net/showthread.php?tid , الإنترنت, الدخول: 24ـ 4ـ 2002.
10- تقرير الامين العام للأمم المتحدة الى الجمعية العامة، في الدورة الرابعة والخمسين، نيويورك، 2000، ص 60، الملحق الرقم "1" A\54\1.
11- تقرير الامين العام للأمم المتحدة الى الجمعية العامة، في الدورة السابعة والخمسين، نيويورك، 2003، ص 15، الملحق الرقم "1" A\57\1.
12- راجع تقرير السكان والتنمية، منظمة الأمم المتحدة، نيويورك، 2001، ص 29-30.
13- p 12. Held & McGrew, The Global Transformations Reader, Policy Press, London, 2002,
14- هبة أحمد نصار، الاستجابة للعولمة وديناميكيات السكان، الأمم المتحدة، الإسكوا، 2003، ص 32.
15- Bureau International du Travail, Tendances Mondiales de L'emploi,Genève, Janvier, 2004, p 1-5.
16- امارتيا صن، التنمية حريّة، ترجمة شوقي جلال، سلسلة عالم المعرفة، العدد 303، مطابع السياسة، الكويت، مايو 2004، ص 53.
17- د.جان زيغلر، سادة العالم الجدد، مرجع سابق، ص 91 – 100.
18- الارقام تعود إلى منظّمة التعاون والتنمية الاقتصادية، (OCDE) بروكسل، 2004.
19- بيتر ستالكر، أثر العولمة على الهجرة الدوليّة، منظّمة العمل الدوليّة، جنيف، 2000، ص 7-11.
20- ريمون حداد، العلاقات الدوليّة، مرجع سبق ذكره، ص241 – 242.
21- مصطفى مرسي، الهجرة وتداعيات العولمة، مجلة شؤون عربية، الاهرام، العدد 116، 2003، ص 151.
22- تقرير صادر عن إدارة السكان في منظّمة الأمم المتحدة، نيويورك، 2003، ص 17-22.
23- ابراهيم عاصم، الهجرة الداخلية والتنمية الريفية، جامعة الدول العربية، وحدة البحوث والدراسات السكانية، القاهرة، 2003، ص 19.
24- ابراهيم العيسوي، الغات وأخواتها، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 3، 2002، ص 44.
25- مارتن خور، العولمة: إعادة نظر، ترجمة عدنان عبد الحفيظ القيسي، الشركة العالمية للكتابة، الكويت، 2003، ص 113.
26- وليد صليبي، الخيانة الاقتصادية، تقرير عن صندوق النقد الدولي، بيروت، 2002، ص 84 – 90.
27- هانس مارتن، هارالد شومان، فخ العولمة، ترجمة عدنان عباس علي، سلسلة عالم المعرفة، مطابع السياسة، العدد 295، الكويت، 2003، ص 12 .
28- عادل عبد الصادق، القمة العالمية للمعلومات وتحدي الفجوة الرقمية، كراسات استراتيجية، مركز الاهرام للدراسات السياسيّة والإستراتيجية، العدد 111، القاهرة، 2004، ص 10.
29- راجع تقرير الامين العام للأمم المتحدة الى الجمعية العامة، في الدورة 56، نيويورك، 2002، ص27-28، الملحق الرقم "1" A\56\1.
30- راجع تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الامم المتحدة، نيويورك، 2001، ص 22-24.
31- فرانسيس فوكوياما، التصدّع العظيم، ترجمة عزة حسين كبة، بيت الحكمة، بغداد، 2004، ص 65.
32- راجع تقرير لجنة حقوق الإنسان، الأمم المتحدة، نيويورك، 2002، ص 5-10.
33- The Military Balance, International Institute For Strategic Studies, Oxford University Press, London, 2000, p 119.
34- محمود المراغي، آخر تقرير أميركي عن حالة الإرهاب في العالم، السياسة الدولية، العدد 33، مؤسسة الاهرام، تشرين الأول 2001، ص 2.
35- تقرير منظّمة العفو الدوليّة، جنيف،2003، ص5-8.
36- جريدة الحياة، لندن، 9/11/2006.
37- جريدة السفير، بيروت، 4 تشرين الأول 2006.
38- جريدة الحياة، لندن، 10 تشرين الأول 2006.
39- Amnesty International, Annual Report about Human Rights abuses in 141 Countries, Genève, 2001, p 12-22-24.
40- تقرير منظّمة العفو الدوليّة، جنيف، 2005، ص 1.
41- تقرير منظّمة العفو الدوليّة، جنيف، 2003، ص 10-12.
42- .Henry Kissinger, The Law of War in the War on Terror, Foreign Affairs, Vol 83, Jan-Feb 2003, P 46
43- Dominique Wolton, L'autre Mondialisation, Flammarion, Paris, 2004, p 186- 192.
44- تقرير التنمية البشرية لعام 2004، الحريّة الثقافيّة في عالمنا المتنوّع، برنامج الامم المتحدة الانمائي،U.N.D.P، نيويورك، 2004، ص 4.
45- ريمون حداد، العلاقات الدوليّة، مرجع سابق، ص 366-367.
46- نبيل علي، العرب وعصر المعلومات، سلسلة عالم المعرفة، العدد 184، الكويت، 2001، ص 28.
47- مهيوب غالب احمد، العرب والعولمة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2001، ص 66- 84 .
48- سويم العزي، العولمة والتبعية والسيادة، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث، بيروت، 2001، ص 42.
49- .Dominique Wolton, L'autre Mondialisation, ibid, p 210
50- وهبة صالح، قضايا عالمية معاصرة، دار الفكر، دمشق، ط1، 2001، ص 97.
51- أسامة الخولي، البيئة وقضايا التنمية والتصنيع، سلسلة عالم المعرفة، العدد 285، مطابع السياسة، الكويت، 2002، ص 28 – 30.
52- أحمد مغربي، البيئة في خطر، جريدة الحياة، لندن، 9 نيسان/أبريل 2005.
53- راجع: مجلة بدائل، سخونة المناخ: البشر إلى مصير الديناصورات، العدد الثالث، بيروت، 2005، ص 5.
54- راجع: تقرير السكرتير التنفيذي لمعاهدة الأمم المتحدة حول مكافحة التصحّر، نيويورك، 2001، ص 10-12.
55- د.جان زيغلر، سادة العالم الجدد، مرجع سابق، ص 109 – 111.
56- How to Save The Rain-Forest?, Economists , London, 12 May 2001. R.Kozul,
57- كوفي أنان، التنمية البشرية المستدامة، تقرير أعمال المنظمة السنوي، الأمم المتحدة، نيويورك، 2003، ص 8.
58- بطرس غالي، حقوق الإنسان بين الديمقراطيّة والتنمية، السياسة الدوليّة، مؤسسة الاهرام، العدد 114، تشرين الأول 1994، ص 146-147.
59- www.cpdsindia.orglglobal/Liyod Axworthy, Human Security /Changing World, Canada, 9 April 1999, p 10-14.
60- تقرير التنمية البشرية لعام 1994، برنامج الامم المتحدة الانمائي، U.N.D.P، نيويورك، 1994، ص 68.
61- .Liyod Axworthy, Human Security, ibid, p 17
62- Barry Buzan, People States and Fear, Agenda International Security Studies in the past cold war Era 2nd , Boulder Lynne Rienner Publishers , London, 1991, p 19-20.
63- Ayse Ceyhan , Analyzer la Securité, Cultures, Conflits, Paris, n°31-32, Automne – Hiver, 1998, p 44-45.
64- Mohammad Ayoob, The Third World in the System of States, Acute Schizophrenia or Growing Pains? . International Studies Quarterly, Detroit, Vol 33, March 1989, p 71
65- Yezid Sayegh, Confronting the 1990's security in developing countries, Adelphi papers, London, n° 251, Summer, 1990, p 69.
66-.Liyod Axworthy, Human Security, ibid, p 22-23
67- تقرير الامين العام للأمم المتحدة الى الجمعية العامة، في الدورة 59، نيويورك،21 اذار 2005، ص 75، رقمA\59\2005.
68- تقرير الامين العام للأمم المتحدة الى الجمعية العامة، 21 اذار 2005، مرجع سابق، ص 78.
69- . People States and Fear, ibid, p 28 Barry Buzan,
70- راجع تطور مفهوم الأمن في تقارير التنمية البشرية التي اصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، U.N.D.P، نيويورك، 1994، ص 17-19.
71- د.عدنان السيد حسين، العرب في دائرة النزاعات الدوليّة، مطبعة سيكو، بيروت، لبنان، ط 1،2001، ص 55.
72- .Financial Times, London , 18/10/1994
73- أحمد أبو زيد، تجارة البشر في عصر العولمة،www. Islamtoday. Net 12\8\2003.
74- .Held and McGrew, The Global Transformations Reader, Policy Press, London, 2000, p 345
75- د. عدنان السيد حسين، العرب في دائرة النزاعات الدوليّة، مرجع سبق ذكره، ص 46.
76- تقرير منظّمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، روما، 2005، ص 8 – 15.
77- راجع تقرير اعلان روما بشأن الأمن الغذائي العالمي، روما، 1996، ص 1-3.
78- جان زيغلر، الحرب العالمية الثالثة، مرجع سبق ذكره، ص 5-7.
79- تقرير منظّمة الأغذية والزراعة لعام 2005، مرجع سابق، ص 20.
80- ريمون حداد، العلاقات الدوليّة، مرجع سابق، ص 540.
81- تقرير منظّمة الصحة العالمية، جنيف، 2004، ص 9-10.
82 د.جوزيف ستيغلتز، خيبات العولمة، ترجمة ميشال كرم، دار الفارابي، ط 1، بيروت، 2003، ص 45.
83- مجلة البدائل، العدد الثالث، 2005، مرجع سبق ذكره، ص 7.
84- عدنان السيد حسين، العرب في دائرة النزاعات الدوليّة، مرجع سابق، ص 180 – 184.
*****************************************************************************
The concept of security in light of new international threats
By Colonel Elias Abou Jaoudeh
Globalization has reached new perspectives since its emergence in the eighties and was based on the ideas of neo-liberal globalization to take its run up.
The principles and norms of globalization which is originally based on liberal philosophy, privatization, the deregulation of exchange prices and markets, the motivational steps with the aim of encouraging competition and other key elements had all left negative impacts on social and economic dynamics of developing and capitalist countries.
Moreover, Globalization did not constitute an opportunity which developing countries should seize to overcome their economic and social problems and to establish the positive atmosphere of prosperity which these countries have always desired. Years and experiences showed just the contrary.
Those who had adopted neo-liberal globalization, represented in financial and commercial international institutions as well as multinational corporations have benefited from technological developments to achieve their financial ambitions based on fast profits violating all the social rights in force.
Unfair and inequitable globalization brought about the emergence of new challenges and the countries were unable to face these problems. This fact constituted a clear threat to security and laid down new perspectives.
This research studies the threats resulting from neo-liberal globalization and tackles the new concept of security.
*****************************************************************************
Le concept de la sécurité de l’homme à l’ombre des nouvelles menaces mondiales
Colonel BEM Elias Abou Jaoudé
La mondialisation a atteint de nouvelles perspectives depuis son émergence dans les années 80 et elle s’est basée sur les idées de la mondialisation néolibérale pour prendre son élan.
Les principes et les normes de la mondialisation prenant comme source la philosophie libérale, la privatisation, la libération de l’échange et des marchés, l’incitation à la concurrence et d’autres éléments clés, ont tous eu une portée négative sur la dynamique sociale et économique des pays développés et capitalistes.
La mondialisation n’a pas été une chance à saisir par les pays développés pour surmonter leurs problèmes économiques et sociaux et pour instaurer un climat positif de prospérité auquel ils aspirent tant. Les années et l’expérience ont démontré le contraire.
Les adhérents à la mondialisation néolibérale, représentés par les institutions internationales financières et commerciales, les multinationales et les pays industrialisés, ont profité du développement technique afin de réaliser leurs ambitions financières basées sur le gain rapide, dépassant de loin les droits sociaux en vigueur.
La mondialisation injuste et inéquitable a entrainé à l’émergence de nouveaux défis et les pays n’ont pu les affronter, ceci a constitué une menace visible pour la sécurité de l’homme et a imposé de nouvelles perspectives.
Cette recherche étudie les menaces engendrées par la mondialisation néolibérale et se penche sur le nouveau concept de la sécurité de l’Homme.