فلسطين في المشاريع الإستعمارية و عد كمين تصريح بلفور

اعداد : رضا كرموز

إضغط هنا لتحميل
وعد كامبو
ما دفعني للكتابة عن "وعد كامبو" ليس حلول ذكرى هذا الوعد المشئوم بل ما حدث أثناء مناقشة خطة رسالة الماجستير (السينمار)، حيث ورد في مقدمة الخطة مروراً الحديث عن الوعد الفرنسي كامبو لمنح اليهود وطن قومي في فلسطين.
الأساتذة المناقشون وهم من حملة شهادة الدكتوراه قالوا: ليس هناك وعد، أنت مخطئ ربما تقصد وثيقة كامبرن، كان رد الطالب اقصد "وعد كامبو" فقال لهم من أين حصلت على هذه المعلومة ومن مصدرها؟ ثارت تاثرتهم: ليس هناك وعد أنت مخطئ، اشطبها من الخطة.
المثقف الثوري مطلوب منه دوماً ان ينشر الوعي والثقافة ولكن المحزن هل حدود العلوم والمعرفة تنتهي وتبدأ عند الأساتذة الأفاضل بحدود معرفتهم هم؟ ام امتلاك شهادة الدكتوراه تعني الكمال المعرفي؟ في هذا المقام أتذكر "مكسيم غوركي" صاحب رواية الأم الشهيرة التي قال عنها لينين إن هذه الرواية كانت محرض جماعي للثورة، ومكسيم غوركي لم ينهِ تعليمه الابتدائي، والكاتب السوري العظيم "حنا مينه" الذي أغنى المكتبة العربية بعشرات الروايات والقصص ولم يكمل تعليم الابتدائي، و"جاك لندن" صاحب رواية العُقَب الحديدية، والعقاد وغيرهم الكثير. ولا يفوتني دوما المعلم الرمز قمر الشهداء أبو علي مصطفي الذي شغل منصب الأمين العام للجبهة الشعبية، هذا التنظيم يضيم في كشوفات عضويته المئات من حملة الشهادات العليا جميعهم كانوا أمام ابو علي مصطفي تلاميذ تتعلم منه وتنهل من علمه، وفي الحقيقة إن الشهيد المفكر ابو علي مصطفي حاصل علي شهادة الثانوية العامة، وبدأ ينهل من العلوم ويربي وينشئ قيادات وكادرات يضيف علما فوق علومهم الأكاديمية ليخلق منهم مثقفين ثوريين.
أعود لنقطة البدء "وعد كامبو" تحرك سوكولوف مسئول الحركة الصهيونية الى عقد لقاءات رسمية مع رئيس الوزراء الفرنسي "ريبو" وكذلك مع سكرتير عام وزارة الخارجية "كامبو" للحصول على وعد من فرنسا بإقامة وطن قومي لليهود بفلسطين، وفي بداية اللقاءات تخوفت من ردود فعل عربية وخشيت على مشروعها الفرانكفوني، ولكن ومع استمرار ضغط الحركة الصهيونية على حكومة ريبو، استطاعت الأولى أن تحصل على وعد من حكومة ريبو سمي بوعد كامبو نسبة لسكرتير عام وزارة الخارجية بتاريخ 25 ايار 1917م، وجاء في نص رسالة كامبو الى سوكولوف: (إننا موافقون على مشروعكم الذي ستكرسون الجهود فيه لبناء الدولة اليهودية في فلسطين، إنما لابد من توفير استقلالية الأماكن المقدسة وتحرير مصالح فرنسا في المنطقة). هذا الوعد بتاريخه ومحتواياته موثق في وزارة الخارجية الفرنسية وأرشيفات الحركة الصهيونية.
لم يكن وعد كامبو هو الوعد الأول او الدعوة الأولى فلقد سبقه نابليون بونابرت الي ذلك إرضاء لعشيقته اليهودية، وان التغلغل الصهيوني في فرنسا ليس وليد الوعد بل قبل ذلك بكثير حينما أصدرت الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1791م، قانوناً للتحرير اليهود الفرنسيين ومنحهم حقوق المساواة كغيرهم من المواطنين، والغيت القوانين المقيدة لحرياتهم ونشاطاتهم ولكن اليهود لم يحترموا هذا ولم يكونوا فرنسيين بل لوبي ضاغط أشبه بعصابة، وتجلي ذلك في دورهم في قسم المجتمع الفرنسي على نفسه إبان فضيحة الضابط الفرنسي دريفوس، وهو ما أصل يهودي اتهم دريفوس بنقل أسرار عسكرية الي السفارة الألمانية في باريس وفي 22 ديسمبر/كانون الاول عام 1894 صدر الحكم بتجريده من رتبته وطرده من الخدمة وسجنه مدى الحياة في جزيرة الشيطان.
قضية دريقوس اثارت الراي العام بفرنسا وسقطت عدة وزارات بسببه وانتحر العديد من المسئولين وشغلت الصحافة وصعدت الأزمة داخل المجتمع كان ثيودر هرتزل الصحفي الذي يغطي قضية دريقوس، في ذاك الوقت وأثناء تلك الفترة بدأت تتبلور لدي هرتزل فكرة وطن قومي لليهود، فتم إعادة دريفوس من منفاه وتمت تبرئته، ولكن بدأ في فرنسا يتبلور تيار يشكك بهوية يهود فرنسا وولاؤهم الوطني رغم منحهم الحقوق كاملة. واليوم عدد اليهود في فرنسا لا يتجاوز 700 ألف استطاعوا دعم ساركوزي وإنجاحه، وفي حين عدد العرب والمسلمين في فرنسا 6 مليون هل بإمكانهم تنظيم أنفسهم ودعم مرشح داعم للقضية الفلسطينية في الانتخابات وإنجاحه؟!!!

بقلم: خميس فضل بكر
أسير محرر
باحث في السياسة والاجتماع.