من العالم الثالث الى العالم الأول دراسة في مضامين النهوض الأسيوي

مقدمة
إن الدول الأسيوية كدول نامية كانت تعاني أوضاعا تتسم بالصعوبة بعد أن برزت في الأفق متغيرات جديدة تهدف الى الانفتاح الاقتصادي الكامل وظهور ظاهرة التكتلات الاقتصادية الكبيرة وفي عالم جديد يقوم على تحرير التجارة و الأسواق الخارجية,وبالتالي فان هذا يستدعي تحقيق القدرة التنافسية في سوق مفتوح,أساسها الكفاءة الإنتاجية العالمية بالمعايير الدولية وعليه فان دراستنا ستستهدف بالدرجة الأولى تحول الدول الأسيوية بالخصوص دول جنوب شرق أسيا من العالم الثالث إلى مصاف الدول النامية وكيف جعلت من العقبات معابر للمرور من دول العالم الثالث إلى الدول النامية و اعتمدت نموذج الإوز الطائر لخوض تجربة عظيمة وهي الانتقال من حالة التخلف إلى حالة النمو ومن هنا السؤال المركزي الذي يتمحور حوله البحث هو:_كيف انتقلت الدول الأسيوية من دول متخلفة إلى دول نامية ؟ ويلي هذا السؤال أسئلة فرعية متمثلة فيما يلي: 1 – ما هي العقبات التي واجهتها دول جنوب شرق أسيا ؟ 2- ما هي المحفزات التي ساعدت الدول الأسيوية على النمو ؟ 3- ما هي النقلات النوعية التي حققتها الدول الأسيوية ؟ . وعلى هذا الأساس نعطي الفرضيات التالية : -إذا كانت رابطة الأسيان إحدى التكتلات الناجحة في دول جنوب شرق أسيا فان هذا حتما يشكل نقطة ايجابية لصعود الدول الأسيوية .
- إذا كانت الدول الأسيوية قد عانت من مظاهر الاستعمار فان هذا لا يعني أنها وقفت مكتوفة الأيدي أمام هذا التحدي الرهيب أو عاجزة عن تحقيق نمو في مجالات أخرى .
- إذا كانت الدول الأسيوية قد انتقلت بجدارة واستحقاق من دول متخلفة إلى دول نامية فان هذا يعني أنها دول عالمية رائدة وقد عملت جاهدتا لتحقيق هذا التقدم والرقي .
و بناءا على ذلك اعتمدنا على المنهج التاريخي وذلك بتتبع المسار التاريخي للدول الأسيوية باعتبارها دولا كانت متخلفة وقد اعتمدت فيما بعد طرقا عديدة لتخطي هذا التخلف و تنتقل من دول متخلفة إلى مصاف الدول النامية من بينها نموذج الإوز الطائر. ومن حيث الإطار المنهجي فقد اعتمدنا طريقة المحاور و يحوي كل محور من عنصرين إلى ثلاث عناصر و فيما يلي الخطة المعتمدة :
خطة البحث عنوان البحث :من العالم الثالث إلى العالم الأول دراسة في تجارب النهوض الأسيوي مقدمة 1- المحور الأول : العراقيل التي وقفت في وجه التطور الأسيوي 2- المحور الثاني : محفزات صعود الدول الأسيوية 3- المحور الثالث : بعض مظاهر التطور الأسيوي خاتمة الهوامش قائمة المراجع . 1/المحور الأول: العراقيل التي وقفت في وجه التطور الأسيوي -التوسع الاستعماري في أسيا:أهم مجالات التوسع هي التوسع الروسي في أسيا الوسطى,و التوسع البريطاني الفرنسي في جنوب شرق أسيا وكان هذا بهدف حاجة روسيا إلى أسيا الوسطى كسوق للمنسوجات القطنية الروسية,حيث استغلت روسيا ضعف الأوضاع الداخلية في أسيا الوسطى فقامت بالاستيلاء على خوقند سنة 1865,ثم بخارى عام1868ثم خيفا عام1873 . وابتداءا من عام 1877 استأنفت روسيا توسعها في أسيا الوسطى وقد ازدادت السياسة التوسعية الروسية بعد مؤتمر برلين عام 1878الذي دعم من التوجه الروسي نحو أسيا الوسطى وقد ردت بريطانيا بتأكيد نفوذها السياسي و العسكري في أفغانستان وقد أطلق المؤرخون على التنافس البريطاني الروسي للهيمنة في أسيا الوسطى وأفغانستان اسم "المباراة الكبرى"وهي المباراة التي ما لبثت أن تحددت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي باسم "المباراة الكبرى الجديدة" . استأنفت روسيا توسعها في أسيا الوسطى و في الهند الصينية كان هناك تنافس انجليزي فرنسي وقد اتخذ هذا التوسع شكل الحرب السافرة فشنت فرنسا الحرب على الصين 1884,أما بريطانيا احتلت مملكة بورما عام 1885 وذلك لمنع أي محاولة فرنسية لتهديد وجودها في الهند . ويتعرض المسلمون في بورما اليوم لمصاعب كثيرة وأشكال من الاضطهاد البوذي الشرس ومن أمثلة ذلك ما تعرض له المسلمون في عام 1942 من مذابح وحشية على يد البوذيين راح ضحيتها أكثر من مائة ألف مسلم وما قام ب الجنرال نيوين منذ سيطرته على الحكم في 1962 من اضطهاد و تضييق وتمييز عنصري ضد المسلمين ومحاولات مستمرة لتذويب الاسلام في المجتمع البورمي البوذي.
-الجماعات الاثنية والصراعات العرقية :يعتبر مشكل الجماعات الاثنية من بين العوائق التي وقفت أمام التطور الأسيوي,فقد شهدت منطقة جنوب أسيا العديد من الصراعات خاصة في أندونيسيا التي تتكون من 13الف جزيرة وتتنوع تركيبتها السكانية فمنهم الجاويون ,المادور,المسيحيون,المسلمون ,الهندوس السندان والصينيون و العديد من الديانات الأخرى لذا عرف تاريخها المعاصر العديد من الحركات الانفصالية و النزاعات العرقية و الاثنية وتعددت لتشمل مناطق كثيرة وهناك العديد من الأسباب وراء هذه الحركات الانفصالية كسياسات التهجير و سعي الحكومات لتحقيق التنمية الاجتماعية وتحقيق قدر من التوازن في انتشار السكان,حيث انتهجت الحكومة الاندونيسية بدءا من 1969 قامت بتهجير عشرات الآلاف من جزيرة جاوا. -1- كما أن الهند تعرف كذالك تقسيم طائفي على أساس ديني حيث ينقسم الهندوس الى ثلاث طوائف هناك من يعبد الإله شاكي ومن يعبد الإله فيشتا و من يعبد الإله شيفا ,و البوذية ثاني أقدم الديانات,و المسلمون في أفغانستان ,إيران و أسيا الوسطى ومن بين أبرز قضايا الهند القضية الكشميرية خاصة بعد امتلاك باكستان للسلاح النووي .وكذا الصراع الديني الاثني في الفلبين و طموح الأقلية المسلمة للحكم الذاتي حيث يعرف المسلمين في الفلبين ب "المورو" وصارت حركتهم السياسية تسمى "بجبهة تحرير مورو"حيث صنفت الولايات المتحدة الأمريكية تحت ضغط وبطلب من الحكومة الفلبينية "جبهة مورو"و جماعة "أبوسياف" كمنظمات إرهابية,مما أدى إلى قيام الدول العربية و الإسلامية بقطع معوناتها المالية عن الجبهة بسبب الخشية من اتهام هذا البلد بدعم الإرهاب , وتسعى الحركة إلى اقناع العالمين العربي و الإسلامي بضرورة دعمها ماديا من اجل تنمية مناطقها الشديدة التخلف . كما هددت الحكومة الفلبينية بتسلح غير المسلمين في جنوب الفلبين مما يمكن أن يقود لحرب أهلية. تعد نمور التاميل و الكفاح من أجل الاستقلال في سيريلانكا حركة انفصالية تقاتل منذ 1983 ضد حكومة العاصمة كولومبو بهدف الاستقلال الذاتي في ايلام التاميلة وفي عام 2002 تم إعلان وقف إطلاق النار وأرسلت الولايات المتحدة الأمريكية قوات من أجل القضاء على التمرد حيث اعتبرت هذه الحركة منظمة إرهابية إن كل هذه الصراعات الاثنية ساهمة بطريقة أو بأخرى في بقاء الدول الأسيوية متخلفة لقد واجهت المنطقة لظروف شديدة الصعوبة ضغوط متتالية هدفت الى إقصاء التيار الإسلامي و القضاء على المد الإسلامي في منطقة جنوب شرق أسيا , و على الرغم من الأثر السلبي الكبير الذي تأثر به المسلمون و الألم و الحروب المسلحة و الغزو الثقافي و الفكري و حملات التنصير و الهجمات الشيوعية الدعوية البوذية و المخططات العلمانية على مدى ما يزيد عن عشر عقود من الزمن , بالرغم من ذلك فالمسلمون في تلك المنطقة لا يزالون يعتزون بدينهم و ينتمون الى حضارتهم و يحملون قضيتهم على عاتقهم و يستعدون و مستعدون أن يبذلوا في سبيلها أغلى ما يملكون و يمثل المسلمون في تلك المنطقة تجمعا إسلاميا كبيرا ؛ ولا تمثل الفوارق الجغرافية بينهم عوائق كبيرة ولا يمكن لنوع من أنواع الحلول أن يتغافل عن تلك القوة البشرية الكبيرة و هم يحتاجون إلى قرون من الغزو المستمر عقديا وثقافيا وغيره حتى يهمش دورهم و تكبل إرادتهم و تخور عزيمتهم فلابد لأي تعامل سياسي معهم أن يراعي رغباتهم ولا يغفل طموحاتهم و أمالهم و إلا فهو معرض لسخط مئات الملايين من البشر المسلمين و لا يمكن عندها التنبؤ بما سوف يحدثه الانفجار بعد الكبت ؛ و إلى أي مدى سوف تصل إليه النتائج . كما لا يمكن أن نهمل تزايد مخاطر التدخل الأمريكي المكثف و المتزايد في المنطقة و قد يترتب على ذلك مشكلات كبيرة قد لا يحمد عقباها على مستوى الأمن الدولي و القبول الأيديولوجي , فان زيادة الضغط الأمريكي على المسلمين في المنطقة سيخلط بين أشكال الممارسة السياسية للإسلام وبين المواجهات المسلحة ؛ و لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعلن أنها ترغب في إخراج النموذج التركي للإسلام (الإسلام السياسي البعيد عن تطبيق الشريعة) فرغبتها قد تنقلب عليها اذ أن الحركة الشعبية الإسلامية في اندونيسيا و غيرها قد تحركت بالفعل على مستوى الممارسة السياسية و الوجود في الشارع السياسي ؛ وكذلك في ماليزيا فان الحركة السياسية ثرية الى حد كبير حيث تكون على دراية بما يحاك لها , كذلك تفقد أمريكا حلفاء أساسيين لها في المنطقة في حال اقتراب بعض الأحزاب الاسلامية من الحكم في دولة مثل ماليزيا و التي بلغ معدل تبادلها التجاري مع أمريكا ما يزيد عن خمسة مليارات دولار شهريا , و هي نسبة كبيرة للغاية و معرضة للارتفاع . كذاك تدعم أمريكا بهذا الشكل عددا من الحكومات المعروفة بالقمع والسيادية والعنصرية في الفلبين و فيتنام و تايلاند ا و التي ترتكب انتهاكات حقوق الإنسان بلا رادع . – إن سياسة واشنطن في معاملة الجماعات الاسلامية المختلفة في منطقة جنوب شرق أسيا بطريقة واحدة -2- و هي طريقة القهر الأمني و العسكري و تختزل الفوارق الأساسية بين منظمات بينها تباين كبير في استراتيجيات عملها و مناهجها , فمنها حركات لنشر العلم العام الشرعي و منها حركات اجتماعية خيرية و منها حركات مقاومة وطنية اسلامية مشروعة دوليا و حقوقيا تقاوم للدفاع عن أرضها و وطنها و كل ذلك لا يخدم الادارة الأمريكية ما يجعلها تخندق كل الاسلاميين ضدها حيث يقول جورج بوش " من ليس معنا فهو ضدنا " .
-التقلبات الاقتصادية:تعتبر التقلبات الاقتصادية التي تحدث في العالم أحد معيقات التنمية في دول أسيا حيث قامت اليابان بالاستناد في مشكلة الغذاء الى مؤخرة قوية في مجال الزراعة,وقد كانت هذه الاعتبارات دافعا للقيام بالاصلاح الزراعي في كل من تايوان و كوريا الجنوبية.
لم يكن لبلدان جنوب شرق أسيا سوى دور ثانوي ومكمل للاستراتيجية اليابانية حيث بقيت الصادرات تتجه من اليابان نحو الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة ولقد كان من شأن ارتفاع أسعار الطاقة (1973-1974) أن وضع حدا لنمو الريع في اليابانما استلزم تغيير أسلوبها ,أما أهم التقلبات الاقتصادية التي شهدتها الدول الأسيوية هي الأسيوية حيث تميزت هذه المرحلة برغبة اليابان بإنشاء و إقامة منطقة اقتصادية منسقة و مهيكلة لقيادة الشركات بقيادة اليابان في منطقة أسيا الباسيفيك .فتحت ضغط الولايات المتحدة الأمريكية والمجموعة الاقتصادية الأوروبية و بارتفاع قيمة اللين أسرعت الشركات اليابانية مع منتصف الثمانينات الى نقل جزء من انتاجها الى بلدان رابطة الأسيان .
2/المحور الثاني:محفزات صعود الدول الأسيوية
-الحركة الإسلامية في أسيا: ينظر البعض إلى أن العمل الاسلامي العالمي لم يقدم شيء اذ يبررون هذا بأن العمل الخيري هو الرابط الذي يربط بين المسلمين في كثير من بلدان العالم بمسلمي جنوب شرق أسيا وفيها ما يزيد عن 230مليون مسلم منهم 180مليون مسلم في أندونيسيا ويعتبر أكبر تجمع اسلامي على مستوى العالم ,وتعتبر ماليزيا هي الدولة الوحيدة في هذه المنطقة التي ينص دستورها على كونها دولة اسلامية وبعد الحادي عشر من سبتمبر تغيرت النظرة للحركة الاسلامية في جنوب شرق أسيا بالإضافة إلى الضغوطات التي هدفت للقضاء على المد الاسلامي في المنطقة إلا أنهم كما يقول الأستاذ خالد "أنهم لا يزالون يعتزون بدينهم ويحملون قضيتهم"حيث يعكس التدخل في المنطقة النغمة الهستيرية التي ميزت العديد التقارير السياسية والصحفية حول قوة ومدى التهديد "الإسلامي الارهابي" المزعوم هناك ولترشيد العمل الاسلامي فيها,على الحركات الاسلامية في جنوب شرق أسيا من التواصل مع التوجهات الاسلامية في المناطق العربية.ولابد أن لا يقتصر الدعم فقط في العمل الخيري بل يجب أن يتعدى هذا إلى تقويم هذه الحركات وترشيد المسيرة العملية الاسلامية فيها,خاصة بعد التضييق الشديد على العمل الخيري,وتتزايد الحاجة لهذا الترشيد في أماكن الأقليات الاسلامية بالمنطقة .
اذ أن الإسلام يمثل المؤثر الأول في حياة معظم السكان, ومن كل ما سبق يعتبر هذا نظرة نقدية طرحها الكاتب والباحث السياسي المتخصص في الشؤون الأسيوية خالد السيدروشة , إلا أنه من الملاحظ أن الاسلام والفكر السياسي مرتبطان اذ تقدم اندونيسيا نموذجا من نماذج انتاج الفكر السياسي .
وعلى هذا الأساس سوف نتطرق في النقطة التالية لمدى تأثير الفكر السياسي في الدول الأسيوية -3- وكيف يعد الفكر السياسي في تلك الدول من أهم العوامل التي ساهمت في تنمية الدول الأسيوية وكذا تبيين العلاقة التي تربط الفكر السياسي بالتنمية في أسيا .
-الفكر السياسي و التنمية في أسيا:من خلال مراجعة الأدبيات السياسية التي قدمت في شأن تجربة التنمية في أسيا يمكن القول بأن كل نموذج من نماذج التنمية في أسيا قد أنتج واستند الى فكر سياسي معين عبر المراحل التي مرت بها عملية التنمية في كل من هذه النماذج وفقا للظروف الموضوعية التي أحاطت بكل نموذج من النماذج,وأن عملية انتاج الفكر السياسي في هذه النماذج قد تمت بوسائل عديدة أهمها :
1- العودة إلى التراث القديم واحياء الأفكار السياسية الملائمة لعملية التنمية ولطبيعة المرحلة التي تمر بها
2- تحليل واقع الممارسة السياسية في سياق عملية التنمية وبلورة الخبرات المختلفة في فكر سياسي مرشد وموجه لعملية التنمية
3-انتاج ما يمكن أن نطلق عليه فكر سياسي وظيفي لتلبية احتياجات النظم الخاصة بتفسير عملية التنمية وتبرير القرارات و السياسات المتبعة و تعبئة الموارد لدعم ومساندة هذه العملية,أو لمواجهة التغيرات التي أحدثتها التنمية والتعاون مع القضايا التي أثارتها .
وفي خضم هذا الحديث نجد أن ثمة هناك علاقة بين الفكر السياسي و التنمية فيها قد استندت الى أفكار بعضها مستمدة من التراث و الأخر مستمد من الدين ومن جهة أخرى نجد أنها أنتجت من واقع الممارسة العملية العديد من الأفكار السياسية .وبالتالي عندما نتحدث عن الأفكار المستمدة من التراث في عملية التنمية من الأهمية أن نشير إلى أن الكنفوشيوسية الصينية هي الثقافة السائدة في الصين , تايوان ,اليابان , كوريا , تايلاندا و ونغ كونغ .فعندما نتحدث عن الأفكار السياسية المستمدة من الكنفوشيوسية في نطاق عملية التنمية فإننا لا نركز فقط على جمهورية الصين الشعبية وإنما يمتد التحليل الى البلدان التي تأثرت بهذه الأفكار بصورة واضحة . ومن خلال هذا الفكر برزت الشركات العائلية الصينية كأداة للتنمية حيث طور ونغ سيولون الشركة التي تمر بعدة مراحل: -الأولى : الظهور وملكية العائلة بقيادة الأب و التراكم الرأسمالي عن طريق القرض من الأسرة و الأصدقاء و الشراكة و الصداقة و الحكم المطلق للأب .
-الثانية : المرحلة المركزية , يقوم الأب بإعادة استثمار أرباح الشركة و يدخل الأبناء الى العمل ويقومون بادوار مختلفة . -الثالثة : تقسيم العمل و تحكم الأبناء بصفة مطلقة في الشركة وتقسيم العمل بين الأبناء -الرابعة : مرحلة التفكك تقسيم الممتلكات و الشركة نهائيا بين الأبناء لتبدأ مرحلة التراكم الأولى من جديد . وكذالك بروز نمط أخر من الشركات وهي الشركات متنوعة النشاط هذا النموذج من الاستثمار يقود الى زيادة الإنتاج ويتيح تشكيل سلسلة من الشركات المتوسطة -4- وهذا النموذج الذي يتسم بالتمدد الأفقي يختلف عن النموذج الكوري والياباني حيث الضغط نحو التكامل الرأسي والعمودي ما يسهل توزيع الثروة بين الأبناء في حياة الأب المؤسس .
ولا يخفى أن نشير الى أن الروابط العائلية أنه أساس لنجاح الصين في جنوب شرق أسيا وهذا ما ذهب إليه كل من : ).MayfairYong ; AmbroseKuge ; feixiaotong (
الفكر السياسي الأندونيسي كنموذج لنتاج الفكر السياسي الأسيوي المستمد من التقاليد الأسيوية , حيث تقدم أندونيسيا نموذج أحر من نماذج انتاج الفكر السياسي في أسيا يجمع بين التقاليد الأسيوية و الاسلام وظروف الواقع الأندونيسي حيث تظم تسعون بالمائة من المسلمين و الباقي بوذيين , كاثوليك وهندوس و تبني البانتشاسيلا كأساس لأيديولوجية الدولة (النسق العقدي و المرجعي ) تستند الى 5 أركان تعكس الامتزاج بين التقاليد الأسيوية الخاصة بالشعب الأندونسي و الاسلام , هذه الأركان هي : - الإيمان بالوحدانية الإلهية و الإنسانية العادلة المتحضرة و الديمقراطية الموجهة . - وحدة الأمة و سيادة الشعب من خلال مجلس الشعب و العدالة الاجتماعية . - توظيف الفكر السياسي لخدمة عملية التنمية . - احترام و صيانة التنوع القائم في المجتمع الأندونيسي . - تبني البنتشاسيلا لخدمة عملية التنمية وتحقيق الاستقرار والتوزيع العادل لعوائد التنمية . – القوة البشرية : تعتبر القوة البشرية في الدول الأسيوية من بين أقوى مؤشرات القوة و العامل الديمغرافي يشكل أحد محفزات و مؤهل لصعود الدول الأسيوية و ما قد يمنحها حقوق سياسية أخرى كما لا يخفى علينا أن الصين تمتلك حق الفيتو و ذلك لسبب حجمها السكاني و كثافتها الديمغرافية التي تشكل قوة ثقل في العالم ما يمنحها الحق في امتلاك حق النقض في مجلس الأمن الدولي . – الحضارة الكنفوشيوسية : كما لا ننسى أن الدول الأسيوية تسع دائما لنشر حضارتها الكنفوشيوسية في كل المجالات حتى في أبسط الأشياء كترويجها لأفلام الكرتون والمسلسلات و التي تعكس عمق و قوة الحضارة الكنفوشيوسية المتجذرة خاصة في المجتمع الصيني و الذي يحاول الأن استرجاع مجد هذه الحضارة العريقة و يكون البلد الصاعد . 3- المحور الثالث : بعض مظاهر التطور الأسيوي
لقد تأخرت عملية التكامل الدولي في أسيا بالمقارنة بمثيلتها في أوروبا و أمريكا اللاتينية و يرجع ذلك إلى أن حداثة استقلال معظم دولها , و إلى أن أسيا ظلت مسرحا لحروب إقليمية متعددة .
بدأت عملية التكامل في شرقي أسيا , وفي إطار التقارب بين دول تلك المنطقة و الولايات المتحدة . -5- و يقصد بذلك أن الولايات المتحدة دعت عملية التكامل الشرق أسيوي كجزء من عملية دعم النظم الأسيوية الموالية للولايات المتحدة في مواجهة الاتحاد السوفييتي , لذلك نلاحظ أن عملية التكامل بدأت بعد الانقلاب الذي قاده الجنرال سوهارتو سنة 1965 أنشئ ضد حكم سوكارنو , و الذي أدى إلى سحق الحزب الشيوعي الاندونيسي و كان هذا الانقلاب بدعم من الولايات المتحدة .
أ- في سنة 1966 أنشئ المجلس الأسيوي الباسيفيكي لتطوير التعاون الاقتصادي و الثقافي بين الدول الأعضاء , و هي اليابان , استراليا , ماليزيا , نيوزلندا , الفلبين , كوريا الجنوبية , تايوان , و تايلاندا و يلاحظ أن هذه الدول كانت من الدول الموالية للغرب إبان الحرب الباردة , و كان المجلس يعقد مؤتمرا سنويا على المستوى الوزاري , كما كانت تايلاندا هي مقر أمانة المجلس و يتضح من تأمل أنشطة المجلس أنها كانت اقتصادية بالأساس اذ يعتبر هذا من بين مظاهر التطور الأسيوي
ب- وفي سنة 1985 تم إنشاء رابطة جنوب أسيا للتعاون الإقليمي (السارك) و قد شارك في تأسيس السارك كل دول جنوب أسيا و هي الهند , باكستان , بنغلاديش سيريلانكا , نيبال , بوتان , و مالديف و ذلك بموجب الميثاق الموقع عليه من رؤساء دول حكومات الدول الأعضاء المنعقد في بنغلاديش في 7 و 8 ديسمبر 1985 , و للسارك أجهزة تنظيمية أهمها مؤتمر وزراء الخارجية و الأمانة العامة , و قد ركز السارك على رفع التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء و مواجهة مشكلات الفقر لكنها لم تنجح في تحقيق بعض الأهداف المحددة نظرا للخلافات السياسية العميقة بين الدول الثلاث وهي باكستان , الهند و بنغلاديش و لعدم التكافؤ الشديد بين الدول الأعضاء و تخوف معظمها من الهيمنة الهندية .
ج- في سنة 1989 تبلور في شرقي أسيا لأول مرة مفهوم " الإقليمية الجديدة " في عملية التكامل الدولي بإنشاء مجلس التعاون الاقتصادي لدول أسيا – المحيط الهادي – الأبك هي أولى المؤسسات التي نشأت طبقا لمفهوم الإقليمية الجديدة , و ذلك في الاجتماع الوزاري للدول الأعضاء المنعقد في كانبيرا في نوفمبر سنة 1989 و اعتبارا من عام 1993 تم تدشين الاجتماعات الدورية بعقد الاجتماع الأول لرؤساء الدول و الحكومات في سياتل بالولايات المتحدة و هو تاريخ إنشاء الأبك رسميا , و حتى سنة 1996 كان الأبك يظم ثمانية عشر عضوا هم دول الأسيان بالإضافة إلى اليابان , الصين , هونغ كونغ , كوريا الجنوبية , تايوان , غينيا الجديدة , نيوزلندا و أستراليا و الولايات المتحدة و كندا و الشيلي و المكسيك و قد تأسس الأبك على صيغة تنظيمية قانونية مرنة باعتبار أنه أقرب الى كونه إطار للتشاور حول التكامل في ميدان التجارة الحرة أكثر منه تنظيما اقليميا , و لكن للأبك أمانة عامة محدودة مقرها سنغافورا و له مؤتمر قمة ينعقد سنويا بالإضافة الى المؤتمرات الوزارية و قد اعتبر الأبك نموذج للتكامل الدولي في عصر العولمة , و نشأت على أساسه المفاهيم الجديدة التي قدمتها تجمعات أخرى مثل تجمع دول المحيط الهندي للتعاون الإقليمي في عام 1997 . رابطة دول جنوب شرق أسيا:
إن هذه التكتلات في الدول الأسيوية تشكل واحدة من مظاهر تمظهر التطور في أسيا وفيما يلي أبرز و أشهر تكتل أسيوي و هو رابطة " الأسيان " أو ما يعرف بتكتل دول جنوب شرق أسيا . -6- تشكل دول جنوب شرق أسيا قطبا اقتصاديا صاعدا وهذا مايلفت الانتباه الى دراسة هذا القطب . إن رابطة الأسيان هي منظمة أسست منذ سنة 1967 تظم 10دول من المنطقة تهدف الى تحقيق التعاون الجهوي في جميع المجالات ( الاجتماعية , الثقافية , الاقتصادية , التربوية ,و التقنية ) إضافة الى تحقيق السلم و الاستقرار والرخاء لشعوب المنطقة و ضمان التقدم و الازدهار . - مراحل تكوين الأسيان : أسست الرابطة من طرف أندونيسيا , ماليزيا , سنغافورا , الفلبين و توسعت بعد انضمام بروناي لها سنة 1984 و الفيتنام في 1985 و الاووس و ميانمار في 1997 و كمبوديا في 1999و تختلف الدول حسب إمكانياتها الاقتصادية و التنموية و البشرية وتعدادها السكاني و امتدادها المجالي . – مبادئ رابطة الأسيان : احترام سيادة كل البلدان الأعضاء , الحرية , حل الخلافات و طرق ووسائل سلمية , تحقيق التعاون بين الدول الأعضاء , في عدة مجالات كالتعاون الاقتصادي بالعمل على تسريع وتيرة النمو الاقتصادي و ذلك باعتماد تعاون فعال في المجال الصناعي و الزراعي و الفلاحي , و العمل على تحقيق الرخاء الاجتماعي , و تحقيق السلم سياسيا . -المؤسسات الساهرة على تسيير رابطة الأسيان : - قمة رابطة بلدان جنوب شرق أسيا :تضم رؤساء دول الرابطة :مهمتها اتخاذ القرار , - مجلس وزراء الخارجية : يعقد لقاءات سنوية لتنسيق السياسات المشتركة , - وزراء المالية و الاقتصاد: يضم كبار موظفي المالية و الاقتصاد يعملون على توجيه و تخطيط السياسات الاقتصادية , الكاتب العام : يقوم بدور الإعلام و تقديم المشورة وتفعيل أنشطة الرابطة اللجنة الدائمة و مجموعات العمل تعمل على تنسيق أنشطة الرابطة . - تشخيص مظاهر النمو الاقتصادي للرابطة : عرفت نسبة النمو الاقتصادي في الرابطة ارتفاعا مهما 1997و 2005 حيث انتقلت من 4.2 الى 5.5 بالمائة رافق ذلك ارتفاع الناتج الداخلي الخام حيث انتقل من 492.9 مليار دولار الى 900 مليار دولار و النمو السريع في المنتجات الزراعية , وارتفاع معدلات نمو الإنتاجية , و معدلات مرتفعة في نمو رأس المال المادي و البشري ارتفاع نمو الصادرات من السلع المصنعة , و انخفاض معدلات الفقر و زيادة نسبة المدخرات المحلية أثر النمو الاقتصادي في التنمية البشرية لدول جنوب شرق أسيا : انعكس النمو الاقتصادي بشكل كبير على دول المنطقة و المجتمع خاصة في كل من سنغافورا , بروناي , تايلاندا , و ماليزيا حيث تحتل هذه الدول مراتب مهمة على الصعيد العالمي في مستوى التنمية البشرية و يمكن تصنيف دول الأسيان حسب مستوى التنمية البشرية الى : - دول يرتفع فيها مؤشر التنمية البشرية ( سنغافورا , ماليزيا بروناي تايلاندا )- دول يتوسط فيها مؤشر التنمية (الفيتنام أندونيسيا و الفلبين ) - دول ينخفض فيها مؤشر التنمية ( الكمبودج و اللاووس )حيث تعرف ارتفاع في مؤشر الفقر. الأفاق المستقبلية لدول الأسيان : تهدف دول الأسيان الى فتح أفاق واسعة للتبادل التجاري , وذالك بإزالة الحواجز الجمركية بشكل تدريجي بين دول الرابطة كما تسعى الى إقامة تكتل جهوي في أفق 2020 مبنية على أساس -7- - وحدة أمنية بتحقيق السلم و حل الخلافات باعتماد الحوار و احترام الاتفاقات , - وحدة اقتصادية بتحقيق اندماج اقتصادي و إنتاج جهة اقتصادية مستقرة تنافس باقي التكتلات الأخرى باعتماد التبادل الحر للخدمات و البضائع و تخفيض نسبة الفقر في أفق 2020 الوحدة السوسيوثقافية و ذالك بخلق جهوية موحدة بين دول الرابطة و تحسين مستوى عيش السكان و بالتالي رفع مستوى التنمية البشرية و يشجع مشاركة الشباب و تأهيل اليد العاملة للانخراط في الحياة الاقتصادية و خلق مناصب شغل و اعتماد الحماية الاجتماعية .



















-8-
خاتمة
من كل ما سبق و ما نستخلصه من هذه الورقة البحثية أنه بالرغم من العقبات التي اعترضت طريق الدول الأسيوية و مسارها التنموي لكن تحدت كل الصعاب و هذا لما حققته من نمو اقتصادي واضح خاصة لمجموعة دول شرق أسيا المتمثلة في اليابان , الصين , تايوان , هونغ كوتغ , كوريا الجنوبية و سنغافورا و التي سميت ب"النمور الأسيوية" دلالة على صعودها الاقتصادي , أما القوة العسكرية اليابانية فقد ظلت محدودة , ولا يرجع ذلك الى الضعف البنيوي وانما يرجع لقرار سياسي ياباني – أمريكي بالحد من الانفاق العسكري عند مستوى 1 بالمائة من الناتج القومي المحلي , أما من ملامح الصعود الصيني هو التحسن المستمر في مؤشرات الأداء الاقتصادي و قد رأينا النقلات التي حققتها هذه الدول و التفوق التكنولوجي و امتلاك الرؤوس النووية بالاضافة الى برنامج فضائي ضخم لجمع المعلومات و قد حققت الصين هذه الطفرة نتيجة برنامج سياسي اقتصادي شامل و توسيع العلاقات الاقتصادية الخارجية على اساس اقتصاد محلي – مصلحي , فقد حققت النمو خلال ثلاثين عاما طفرة اقتصادية أطلق عليها البنك الدولي للانشاء و التعمير اسم " المعجزة الشرق أسيوية "في دراسة منشورة عام 1993 . كل هذا كان بمثابة ما خرجت به الدول الأسيوية دون أن ننسى الاشارة الى الطريق الذي اعتمدته و هو نموذج الاوز الطائر و من جهة أخرى التكتلات الاقتصادية التي كانت بمثابة بصمة أسيوية معروفة وهي رابطة الأسيان و خطوة محمومة نحو النمو دون أن ننسى العامل الديني وما لعبته الحضارة الكنفوشيوسية في بلورة قاعدة صلبة قامت عليها الدول الأسيوية الطموحة . و في الأخير نستطيع القول بأن الدول الأسيوية قد نجحت رغم كل المشاكل و العقبات وبالرغم من ذلك كله استطاعت كسر العديد من الحواجز للوصول الى القلب و تبقى ناجحة لحد كبير مادامت انتقلت من دول متخلفة الى مصاف
دول نامية بامتياز










قائمة المراجع

أ – الكتب :
1 – عابدين السيد صدقي ,عبد الفتاح سيف الدين , الأفكار السياسية الأسيوية الكبرى في القرن العشرين , القاهرة : مركز الدراسات الأسيوية كلية الاقتصاد و العلوم السياسية , 2001 .
2 – سيد سليم محمد , تطور السياسة الدولية في القرن التاسع عشر و العشرين , القاهرة : دار الأمين للطباعة و النشر و التوزيع , 2002 .
ب – المجلات :
1 – بوعشة مبارك , ديلمي الأخضر , " الأقلمة في جنوب شرق أسيا في اطارر نموذج الاوز الطائر " , مجلة العلوم الانسانية , العدد العاشر , نوفمبر 2006 .
2 – خالفي علي , رميدي عبد الوهاب , " رابطة دول جنوب شرق أسيا الأسيان " , مجلة اقتصاديات شمال افريقيا , العدد السادس , د. س . ن .
ج – المواقع الالكترونية :
1 – الفيلالي عبد الحكيم , دول جنوب شرق أسيا قطب اقتصادي في تطور متصاعد , الموقع التالي :
www . madariss . fr
2 – هلال رضا محمد , " الجماعات الاثية في جنوب أسيا ديناميات الاندماج و الانفصال " , مجلة السياسة الدولية . الموقع التالي :
www.alahram.net

3 – روشة خالد السيد , الحركة الاسلامية في جنوب شرق أسيا .الموقع الالكتروني التالي :
www.reseurshaboutislam in s.a.a/yahoo.net.





جامعة 8 ماي 1945
كلية الحقوق و العلوم السياسية
قسم العلوم السياسية

التخصص : علاقات دولية
السنة : الثالثة
عنوان البحث :
من العالم الثالث الى العالم الأول دراسة في مضامين النهوض الأسيوي
اعداد الطالبة : مكي حفيظة
الأستاذ : حميداني سليم











السنة الجامعية : 2012 - 2013