تذكر المصادر أن كلمة العرب تنبىء عن الصحاري والقفار والأرض المجدبة التي لا ماء فيها ولا نبات، وقد أطلق هذا اللفظ منذ أقدم العصور على جزيرة العرب كما أطلق على قوم قطنوا الأرض واتخذوها موطنا لهم... وقيل إن العرب جيل من الناس معروف خلاف العجم، ومن نزل البادية أو جاء إليها وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم، فهم أعراب ومتى نزل بلاد الريف واستوطن المدن والقرى العربية وغيرها مما ينتمي إلى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء.
وأما أقوام العرب فقد أشير إلى مهدهم في الجزء الجنوبي من جزيرة العرب أرض «اليمن» أو «العربية السعيدة» كما أطلق عليها اليونانيون التي لها تاريخ موغل في القدم، شهد تطورات إنسانية، فقيل إن على أرضها جرت قصة آدم أبي البشر عليه السلام، وقصة نوح عليه السلام مع قومه الذين تركوا دين التوحيد واتخذوا أصناماً آلهة من دون الله الواحد الأحد حيث دلت أسماء تلك الأصنام كما ذكرها القرآن الكريم أنها أسماء عربية: (ودا وسواعا ويغوث ونسرا)... ومن بعد الطوفان برزت قصة سام بن نوح الذي خرج من نسله أطوار جديدة من بني الإنسان فيما عرف بالجنس السامي الذي من أشهر أقوامه: العرب، البابليون، العبرانيون، الفينيقيون، الآراميون والسومريون.
ويذكر المؤرخون أن العرب مروا بثلاثة أدوار:
أـ العرب العاربة (البائدة): وهم العرب القدامى الذين انقرضوا تماماً ولم يكن الحصول على تفاصيل كافية عن تاريخهم ومنهم العمالقة، عاد الأولى والثانية، ثمود، جرهم الأولى والثانية، قحطان ويعرب وعمان وحضرموت.
ب ـ العرب المستعربة: وهم الذين استوطنوا الجزيرة العربية وتزاوجوا مع العرب الجرهميين وأطلق عليهم العدنانيون، ويرجعون إلى جدهم الأعلى هو النبي إبراهيم عليه السلام.
ج ـ العرب العاربة (القحطانيون): وهم شعب قحطان الذين نشأوا بعد تلك الأقوام القديمة، أي بعد هلاك عاد وبقايا العمالقة، وقحطان هو ابن هود عليه السلام، ومن سلالته يعرب الذي بدأ مسيرة القحطانيين وبسط نفوذه في جزيرة العرب وهو أول من هذب اللغة العربية في زمنها الثاني كما قال الإخباريون، ونسبت العربية إليه واشتقت من اسمه، وهو أول من حياه العرب بتحية الملك «أبيت اللعن، وأنعم صباحا».
وبعد أن بسط يعرب بن قحطان نفوذه في الجزيرة العربية ولى أشقاءه على مناطقها فولى أخاه جرهم على الحجاز وولى أخاه عمان على منطقة عمان التي سميت باسمه وولى أخاه عامر الملقب بـ«حضر موت» على منطقة حضرموت التي سميت باسمه كما يقال لأنه كان مغوارا كثير القتل في المعارك فإذا حضر معركة يقولون حضرموت.
وإلى يعرب بن قحطان ترجع أنساب القبائل اليمنية ومنهم: المعينيون، السبئيون، كهلان، حمير، ومن كهلان خرج همدان والهان والأشعر وطيء ومدحج ولخم وجدام وعامله وخولان ومعافر وأنمار والأزد.
ومن همدان خرجت قبيلة حاشد وبكيل وهما أبناء جشم بن جبران بن نوف بن تبع بن زيد بن عمرو بن همدان، حيث تمتد أراضي القبائل الهمدانية ـ حاشد وبكيل ـ في المساحة الممتدة من شمال صنعاء حتى صعده، وما بين الجوف شرقا وتهامة غربا.