ثانياً: صور التمثيل العسكري
تنقسم العلاقات المتعارف عليها في المجال العسكري إلى خمسة أقسام رئيسية، تخضع للمبادئ والنظم المعمول بها في اتفاقية فيينا عام 1961. وكلها تهدف، بدرجات مختلفة، إلى إيجاد نوع من التعاون العسكري بين الدول، وتحقيق الأهداف المرجوة من العلاقات العسكرية، في مجالاتها المختلفة. وتنقسم صور التمثيل العسكري إلى الآتي:
1- . الملحقية العسكرية:
وهى الصورة الرئيسية للتمثيل العسكري بين دولتين مستقلتين، وبينهما تعاون في المجال العسكري بشتى صوره. وتنشأ عندما يكون التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين كاملاً، ومستقراً، مع وجود رغبة في تنمية التعاون، والحرص على إقامة علاقات طبيعية في جميع المجالات، ومنها المجال العسكري.
وتكون الملحقية العسكرية في هذه الحالة، هي أحد المكاتب الرئيسية ضمن سفارة الدولة، ولا يشترط أن يكون مقرها في مبنى السفارة نفسه. فقد تقام في مبنى منفصل، ويرفع عليها علم الدولة، وتتمتع بالحصانة الدبلوماسية المقررة لمبنى السفارة، إلى جانب تنسيق العمل بينها وبين السفارة طبقاً للأسلوب، الذي يُتفق عليه بين سفير الدولة، والملحق العسكري.
وقد يطلق على الملحقية أسماء أخرى مثل "ملحقية الدفاع"، أو "الملحقية الحربية". وذلك طبقاً لاسم الوزارة التابعة لها الملحقية في دولتها. وإن كان أشهر الأسماء هو "الملحقية العسكرية".
والملحق العسكري: هو الرئيس المباشر للملحقية العسكرية، ويرأس مجموعة العاملين بها من ضباط ومدنيين وعسكريين، وهو الشخص الاعتباري الأول، المسؤول عن التمثيل العسكري بين دولته، والدولة المقامة بها الملحقية، والمسؤول عن تنفيذ المهام العسكرية المكلف بها من دولته، بهدف التنسيق، وتحقيق تعاون في المجال العسكري بين دولته، والدولة الأخرى.
والبروتوكول الدبلوماسي يحدد أقدمية الملحق العسكري ضمن أعضاء السفارة (طبقاً لحجمها، وعدد العاملين بها)، وهو ـ غالباً ـ الرجل الثاني أو الثالث في السفارة، ولكنه لا ينوب عن السفير في المهام السياسية، بل يترك مجال العمل في هذا الاتجاه للدبلوماسيين، ولكن البروتوكول يتحدد في الحفاظ على الأقدميات، وحضور الاحتفالات والمراسم الرسمية. وبوجه عام فإن البروتوكول يحدد الأقدميات كالآتي:
إذا كان الملحق العسكري برتبة اللواء، يكون بدرجة سفير، ولكن أحدث من السفير المعين من وزارة الخارجية ويرأس السفارة.
أ. إذا كان برتبة عميد، يكون بدرجة وزير مفوض.
ب. إذا كان برتبة عقيد/ مقدم، يكون بدرجة مستشار.
ج. كما تتعادل أقدميات الضباط العاملين في الملحقية كالآتي:
(1) رتبة الرائد تعادل درجة سكرتير أول.
(2) رتبة النقيب تعادل درجة سكرتير ثان.
(3) رتبة الملازم أول تعادل درجة سكرتير ثالث.
(4) رتبة الملازم تعادل درجة ملحق.
2. مكتب الاتصال "الارتباط" العسكري
وهو أحد صور التمثيل العسكري، ولكن بدرجة أقل من الملحقية العسكرية. وهذا التمثيل قد ينشأ طبقاً لظروف طبيعية أو استثنائية، تمر بها العلاقات بين دولتين، ويتفق خلالها أن يكون التمثيل العسكري هو أحد المكاتب الرئيسية في السفارة. وتتحدد تلك الظروف في الآتي:
أ. عندما يكون التمثيل الدبلوماسي محدوداً بين دولتين، وتنشأ بينهما علاقات عسكرية تتطلب وجود مسؤولين عسكريين لتنشيط تلك العلاقات، وتنفيذ مهام محددة متفق عليها بين القيادات السياسية في الدولتين.
ب. عندما تكون العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين دولتين، أو مختصرة في حدود "مكتب رعاية مصالح"، توجد التزامات عسكرية يجب تحقيقها، طبقاً لاتفاق سياسي بين الدولتين، فيأتي التمثيل في صورة "مكتب اتصال عسكري".
ج. أو تكون العلاقات الدبلوماسية طبيعية، ولكن لا ترغب الدولتان، أو إحداهما، في تمثيل عسكري متكامل، لذلك يقتصران على "مكتب الاتصال العسكري".
ويتكون مكتب الاتصال "الارتباط"، من ضابط واحد، ويسمى ضابط الاتصال "الارتباط"، وله في السّفارة، مكتب مخصص له، وتنظم السفارة العمل الإداري، الذي يمكّنه من تحقيق المهام المكلف بها. أو يُنَظّم المكتب في صورة ملحقية عسكرية، مصغرة، أو عادية، طبقاً لحجم المهام المكلف بها، وعدد العاملين. وفى هذه الحالة، يتطابق عمل المكتب مع الملحقية العسكرية، ويكون الاختلاف فقط في الاسم. وقد يكون مقر المكتب في مبنى السفارة نفسها، أو في مقر منفصل، يُرفع عليه علم الدولة، ويتمتع بالحصانة الدبلوماسية "لمكتب المصالح".
ونظراً إلى أن مكتب الاتصال، ذو طبيعة خاصة نبعت من ظروف إنشائه، لذلك يجب أن يتم الاتفاق بين الدولتين، على أسلوب عمل المكتب، من النواحي البروتوكولية فقط، مثل زي العاملين في المكتب، وهل يُسمح بارتداء الزّي العسكري، أم يُقتصر على الزي المدني؟ ومستوى اتصالاتهم مع الملحقين العسكريين الأجانب في الدولة، ومستوى اتصالاتهم مع الإدارات العسكرية في الدولة، ومستوى التمثيل في الحفلات والمناسبات الرسمية، وهل تخصص حقيبة دبلوماسية منفصلة لمكتب الاتصال … وإلى غير ذلك من الأمور، التي تحدد أسلوب عمل المكتب، وتساعده على تحقيق مهامه، ولا تثير الشبهات حوله، مما يعيق سير العمل. ويُلاحظ، أن أي قيود تفرض، على ضابط الاتصال سوف يكون لها انعكاسات على تنفيذ المهام نفسها، ومن ثم على الهدف من إنشاء المكتب. ومادامت الدولتان قد اتفقتا على تلك الصورة من التمثيل العسكري بينهما، فعليهما اعتباره مثل الملحقية العسكرية المخفضة، ومعاملته على هذا الأساس.
وتنظم الأقدميات "بروتوكولياً" بين أعضاء السفارة، وأعضاء مكتب الاتصال على النحو المقرر بين السفارة، والملحقية العسكرية.
3. المستشارية العسكرية في السّفارة
تُنشأ ـ عادة ـ عندما لا يوجد تمثيل عسكري أصلاً في السّفارة، طبقاً لأوضاع سياسية محددة، أو لعدم رغبة الدولتين في إنشاء تمثيل عسكري بينهما. وعلى الرغم من ذلك ترى إحدى الدولتين أو تريان معاً، أن هناك أسباباً اعتبارية، توجب وجود تمثيل عسكري - بشكل ما - لمتابعة أحداث محددة، أو إنجاز مهام خاصة تتصل بالجانب العسكري
ويكون التمثيل العسكري في صورة المستشار، إما بصورة معلنة تعرفها الدولة التي بها السفارة، وإما بصورة غير معلنة. وفى هذه الحالة، يُعين صاحب الرتبة العسكرية، في وظيفة دبلوماسية بالسفارة، على أنه تابع لوزارة الخارجية. ويعين على درجته الدبلوماسية المعادلة لرتبته العسكرية، ويتبع سفير الدولة مباشرة، ويرسل تقاريره من خلال الحقيبة الدبلوماسية للسفارة، وتقدم له السفارة قدراً مناسباً من الإمكانيات الإدارية، لخدمة المهام المكلف بها. وفى هذه الحالة، فإنه يتفرغ تماماً للعمل المنوط به، ولا يُكلفه "سفير الدولة" أي مهام، تتعارض مع المهام العسكرية المكلف بها.
وطبقاً لمستوى التمثيل - في تلك الحالة - فإن المستشار العسكري، يُحظر عليه الاتصال بالملحقيات العسكرية في الدولة، بصورة علنية، كما يحظر عليه الإعلان عن شخصيته العسكرية، أو مهامه المكلف بها، وتجري جميع إجراءاته واتصالاته، في حدود الصورة المعين بها داخل السفارة، وهي أنه دبلوماسي أساساً.
4. مكتب المشتريات العسكرية
وهو مكتب متخصص، يُنشأ في حالات فردية، دون تعميم، وتقيمه دولة لها علاقات قوية مع دولة كبيرة، وتعتمد عليها في شراء الأسلحة والمعدات، التي تستخدمها قواتها المسلحة، بما يعني أن تلك المكاتب تقيمها دول متوسطة القدرة، في دول كبيرة مثل (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، إنجلترا). وتترك الحرية في أن تقيم الدول الكبرى، تلك المكاتب لدى الدول متوسطة القدرة.
وتخضع تلك المكاتب لتنظيم خاص، تفرضه طبيعة التعامل والمشتريات، ومدى الاحتياجات والمعونات العسكرية المتبادلة. ويكون مكتب المشتريات إما خاضعاً لقيادة الملحق العسكري للدولة، وإما منفصلاً عنه، ولكن في جميع الأحوال، يكون خاضعاً - "بروتوكولياً" لسفارة الدولة، ويرفع علمها. وفى بعض الحالات يتمتع أعضاؤه بالحصانة الدبلوماسية أو يحملون جوازات سفر "مهمة". طبقاً للاتفاق الموقع بين الدولتين في هذا المجال.
ومهمة المكتب - عادة ـ هي الإشراف، وتنفيذ عقود التسّليح المبرمة بين الدولتين، سواء للوفاء بالالتزامات المالية، أو اختبار الأسلحة، أو الإشراف على شحن الصفقات، أو تسلمها من المورد ثم شحنها، ورعاية الأفراد الفنيين التابعين للدولة، والقائمين بتسلم واختبار الأسلحة والمعدات.
وفى حالة تبعية المكتب، للملحقية العسكرية، فإن جميع المهام تُنجز بتخطيط الملحق العسكري وتحت إشرافه. أما إذا كان المكتب منفصلاً، فلابد من إيجاد وسيلة رئيسية للتنسيق بينهما، واستخدام الحقيبة الدبلوماسية للملحقية العسكرية في المراسلات، التي يرسلها المكتب إلى دولته.
كذلك، فإن الاحتياجات الإدارية، إما أن تكون منفصلة، ومدبرة من قبل الدولة للمكتب مباشرة، أو تتولى الملحقية العسكرية تدبيرها، إذا كان المكتب تابعاً لها.
5. المكاتب الفنية العسكرية
ويتعدد تصنيف هذه المكاتب، طبقاً لحجم ونوع التعاون المتبادل بين الدول. ومعظم هذه المكاتب تكون مرحلية، تنتهي مهمتها بانتهاء البروتوكول الموقع بين الدولتين بخصوصها. وقد تستمر لفترة طويلة، أو تنتهي بعد فترة وجيزة. وهى ذات أشكال متعددة، نستعرض ثلاثة أنواع منها:
أ. مكاتب الخبراء والمستشارين: وهم مَنْ ترسلهم دولة لمعاونة أخرى، وتكون تلك المكاتب هي وسيلة الاتصال الرئيسية بينهم وبين دولتهم. كما تتولى رعايتهم وتصريف شؤونهم، وتنظيم أساليب الأعمال والمهام، التي يؤدونها، في الدولة التي يوجدون فيها.
ب. مكاتب التدريب: وهى مكاتب تقيمها دولة متوسطة القدرة، في دولة كبيرة للإشراف على المتدربين الذين ترسلهم لتلقي علوم عسكرية في الدولة الكبرى أو المتقدمة عسكرياً. وتكون مهمة المكتب الإشراف على هذا التدريب، ورعاية المتدربين، طبقاً للبروتوكول الموقع بين الدولتين في هذا المجال. وشأن المكتب في هذه الحالة، هو شأن مكتب المشتريات، وإن اختلفت الواجبات. كما تنشأ مكاتب للتدريب مؤقتة في فترة التدريبات المشتركة بين دولتين، وعلى أرض الدولة التي تتولى التدريب، من أجل التنسيق الكامل للمشروعات التدريبية المشتركة. ويُباشر المكتب عمله قبل تنفيذ التدريب بفترة مناسبة، وينتهي بعد تحليل التدريب، ونشر الخبرات للاستفادة منها في التدريبات القادمة، أو لإعادة التنظيم والتسليح للقوات المسلحة، على ضوء تلك الخبراء المكتسبة.
ج. مكاتب للتبادل التقني: ومهمتها الإشراف على الأبحاث المشتركة، التي تُجرى بين دولتين، في مجال عسكري متطور، وأشهرها تلك المكاتب التي تقيمها إسرائيل في الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإنجلترا لتنفيذ عقود لتصنيع مشترك، أو تنفيذ أبحاث تكنولوجية متقدمة مثل الصاروخ آرو، والنيوتيلس، والتعاون في المجال النووي مع جنوب إفريقيا "سابقاً".
ولهذه المكاتب وضع خاص، وتفرض عليها قيود سرية متشددة، لعدم تسريب الأبحاث، التي تشرف عليها.
وعموماً، فإن مختلف المكاتب الفنية ليست لها تنظيمات ثابتة، وتوضع طبقاً للأغراض التي تنشأ من أجلها. وهى عادة، تتبع الملحقية العسكرية مباشرة، ويشرف عليها الملحق العسكري، في حدود الأوامر التي تصدرها إليه دولته، عن مستوى التدخل والمسؤولية التي تقع عليه في كل مجال على حدة. ذلك أن بعض المكاتب (خصوصاً ما يتعلق بالتكنولوجيا) ترى بعض الدول، عدم تعمق الملحق العسكري في معرفة مستوى التعاون أو طبيعته، خوفاً من تسرب بعض المعلومات، التي تضر بالدولة نفسها.
أما المتطلبات الإدارية، فإن الدولة توفرها لتلك المكاتب، عن طريق الملحقية العسكرية. ومن المعروف أيضاً أن تلك المكاتب، تحتاج إلى مستويات خاصة من التأمين، سواء في نظام العمل، أو إقامة أعضاء المكتب، خوفاً من الاغتيالات أو السرقة التي قد تنفذها استخبارات الدول المضادة، لإفشال، أو معرفة ما يحدث من تعاون بين الدولتين.
وجميع صور التمثيل العسكري للدولة، تخضع للشروط نفسها، الخاصة باختيار وتأهيل، الملحق العسكري وتحديد مهامه، مع مراعاة حجم التمثيل، وأهميته للدولة. لذلك، فسوف يقتصر عرض تلك الشروط والمهام على الملحق العسكري، بصفته الصورة الرئيسية للتمثيل العسكري.
6. التمثيل العسكري في دولة، لتغطية عدة دول
قد تفرض الظروف الاقتصادية في دولة، أو حجم التعاون العسكري بين دولتين، أن يكون بينهما تمثيل مخفض للدبلوماسية العسكرية، أو لأحدهما. وأحد صور هذا التمثيل المخفّض، هو أن يُعتمد الملحق العسكري للدولة في أكثر من دولة يضمها إقليم واحد، على أن ينشأ مكتبه في إحداها، ويُعتمد طبقاً للعرف الدبلوماسي فيها جميعاً، وتكون مراسلاته معها على عنوانه في الدولة المقيم بها. وقد يكون له مكتب " مخفض" في كل دولة معتمد فيها، ويتبادل العمل بها، طبقاً لخطة يحددها، أو يكتفي بزيارات دورية للمؤسسات العسكرية في تلك الدول، من دون أن يكون له مكاتب فيها.
وفى حالة تنقله بين هذه الدول، تُعد تلك التنقلات داخل ميدان العمل، وليست مغادرة لدولة المقر. أي أن الملحق العسكري لا يستأذن دولته، أو الدولة المعتمد لديها، من أجل المغادرة. ولكنه فقط يُخطر عن توجهه إلى الدولة الأخرى المعتمد لديها، ويحدد التوقيت، ومدة المأمورية، ووسيلة السفر. وهو يتمتع بكل الحصانات الدبلوماسية أثناء وجوده على أرض الدول المعتمد لديها، وتمتد تلك الحصانات، بأنواعها المختلفة، لتشمل أعضاء الملحقية العسكرية وأسرهم بالكامل، في جميع الدول المعتمد لديها الملحق العسكري. لذلك فمن الضروري إخطار تلك الدول بأسماء أعضاء الملحقية العسكرية.
ثالثاً: تنظيم مكتب الملحق العسكري
يتصف عمل مكتب الملحق العسكري ـ عادة ـ بالاستقلال، ومن ثم فإن تنظيمه إدارياً يجب أن يكون متكاملاً، بحيث يعتمد على نفسه، في تسيير الأمور، طبقاً للمهام المكلف بها الملحق العسكري من قبل دولته. أما في حالة وجود تمثيل عسكري، أقل من مستوى "الملحقية". فإنه يعتمد على إمكانيات السفارة في تأمين جزء من احتياجاته الإدارية "لا الفنية"، ولذلك فإن تنظيم المكتب، يكون متناسباً مع حجم التمثيل المتفق عليه بين الدولتين.
وفى كل الحالات، فإن حجم البعثة الدبلوماسية، بما فيها مكتب الملحق العسكري، تتفق عليه ـ عادة ـ الدولتان أثناء المباحثات الخاصة بتبادل التمثيل. ويُنص على ذلك ويذكر في البروتوكول المحدد لقيام العلاقات الدبلوماسية بينهما، ويعدل هذا البروتوكول، طبقاً لمستوى التمثيل بين البلدين وما يطرأ عليه من زيادة أو تخفيض.
وقد أوضحت المادة 37 من اتفاقية فيينا، تصنيف أعضاء البعثة الدبلوماسية (بما فيهم مكتب الملحق العسكري) ومدى تمتعهم بالحصانة الدبلوماسية.
وطبقا لهذا التصنيف، الذي حددته اتفاقية فيينا، يُنظّم مكتب الملحق العسكري، ويختلف حجمه وعدد أعضائه، وفقاً لحجم العلاقات العسكرية بين دولة وأخرى، وقدرات كل دولة في تنظيم عملها الدبلوماسي، وطبقاً للاتفاقيات بين الدولتين في السماح للعدد من الدبلوماسيين (العسكريين) على أرضها، وغير ذلك من ضوابط أخرى.
رابعاً: التكوين المثالي للملحقية العسكرية
إذا توفرت كل الإمكانيات، والظروف المتاحة لتكوين المكتب، فإن التنظيم التالي يكون هو الأقرب لصورة الملحقية العسكرية بين دولتين لديهما إرادة في تنظيم التعاون العسكري بينهما.. وهو كالآتي:
1. الوظائف الدبلوماسية
أ. الملحق العسكري: وهو رئيس الملحقية، والشخص المعتمد لدى المؤسسة العسكرية للدولة المعتمد لديها. ويكون عادة برتبة لواء أو عميد، وهو المسؤول الأول عن تنظيم العمل بالملحقية، والتنسيق بينها وبين السفارة والمكاتب الفنية الأخرى، المعتمدة لدى الدولة التي يعمل بها.
ب. مساعدو الملحق العسكري: ويتحدد عددهم طبقاً لحجم المهام المكلفة بها الملحقية، وفى أغلب الأحيان يُعين مساعد أو مساعدان للملحق العسكري. أما إذا كانت ثمة علاقات عسكرية من نوع خاص، بين دولة الملحق، والدولة المعتمد لديها، فيُعين مساعد ملحق لتنفيذ المهام "الفنية" المكلفة بها الملحقية، ويندرج هذا تحت بند مشتريات السلاح، أو التدريب، أو الإشراف على البعثات التدريبية، أو التعاون الإستراتيجي في مجال خاص… إلخ وتتحدد مدة شغل المساعد القائم بتنفيذ مهام فنية لوظيفته، طبقاً لاستمرار المهمة، وتنتهي بانتهائها.
ج. أعضاء الملحقية العسكرية: وهم من العسكريين والمدنيين المكلفين بتنظيم العمل المكتبي. ويتحدد عددهم، طبقاً لاحتياجات المكتب، وطبقاً للاتفاقية الدبلوماسية ـ بين الدولتين ـ والتي تحدد حجم البعثة الدبلوماسية. ويعاون هؤلاء الأعضاء الملحق، ومساعديه، على تنفيذ المهام المكلفة بها الملحقية العسكرية.
2. الوظائف غير الدبلوماسية
أ. الإداريون والفنيون
وهم العاملون في الملحقية، الذين ينفّذون مهام إدارية وفنية، وينظمون العمل الإداري، والفني، والمالي، بالملحقية، وهم من غير الدبلوماسيين، ولا يحملون ـ عادة ـ جواز سفر دبلوماسياً، وينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
(1) الإداريون والفنيّون ورجال الأمن من دولة الملحق العسكري، ويمنحون جوازات سفر "مهمة".
(2) الإداريون والفنيون من الدولة المعتمد لديها الملحق العسكري: وقد نصت اتفاقية فيينا على جواز استعانة البعثات الدبلوماسية بعاملين من الدولة المعتمدة لديها البعثات، من خلال عقود عمل محدد المدة والشروط. وفى معظم الأحوال، فإن الملحقيات العسكرية، تستعين بهؤلاء العاملين في وظائف الترجمة، والسكرتارية، والعلاقات العامة.
(3) الإداريون والفنيون من دولة ثالثة: حيث قد تحتاج الملحقية إلى تعيين شخص محدد لتولى وظيفة إدارية محددة، ذات صبغة فنية يجيدها أكثر من غيره. وفى هذه الحالة لابد أن يُخطر الملحق العسكري دولته، ويتحرى جيداً عن الشخص المراد تعيينه، ثم يخطر الدولة المعتمد لديها، طبقاً للعرف الدبلوماسي.
ب. الخدم الخصوصيون
وهم الفئة التي تؤدي أعمالاً تساعد الأعضاء الدبلوماسيين على تنفيذ مهامهم، وتسهل لهم الأمور. ويندرج تحت هذا البند، السائقون، وعمال النظافة، والمربيات... الخ، وهم إما من رعايا دولة الملحق، أو رعايا الدولة المعتمد لديها الملحق، أو دولة ثالثة.
3. تجهيز المكتب وإعداده
لكي ينتظم العمل بالمكتب، لابد أن تتوفر له جميع الإمكانيات الإدارية والفنية، وأن تكون على أعلى مستوى، من المظهر، والتقنية. وتتعدد تجهيزات المكتب لتشمل الآتي:
أ. دار الملحقية
وهي إما أن تكون داخل السفارة، أو مستقلة عنها، وفى الموقعين يجب أن يتوافر فيها، المظهر الحسن، والاتساع لمكاتب العاملين، والموقع الذي يحقق قدراً كافياً من التأمين، وأن يكون تأسيس الملحقية، متناسباً مع المكانة الأدبية للملحق، لأن ملحقيّ الدول الأخرى سوف يزورونه في تلك الدار، وسينعكس مظهرها على تقويم الملحق نفسه.
ب. سكن الملحق
وينطبق عليه، ما ينطبق على الملحقية، ويفضل أن يكون بالسكن حديقة، لإقامة الاحتفالات في المناسبات القومية والخاصة.
ج. أجهزة الاتصال
يجب أن تتوفر في الملحقية أجهزة اتصال لاسلكي بدولة الملحق، وكذلك أجهزة اتصالات سلكية كافية لتسيير الأمور اليومية، ويمكن تزويد أحد الأجهزة التليفونية، بجهاز شفرة يرتبط مع دولة الملحق، لتبادل المكالمات ذات الطبيعة السرية.
د. أجهزة نظم المعلومات مناسبة وكافية، لكتابة المعلومات المختلفة وحفظها، طبقاً لحجم نشاط الملحقية.
هـ. نظام أمن داخلي لتأمين المكتب ضد أي تهديدات.
و. نظام أمن ضد الحريق لتأمين المكتب ضد أخطار الحريق.
ز. أي تجهيزات أخرى تساعد على سرعة وسهولة تحقيق المهام في الملحقية
أما نظام العمل في المكتب، فيخضع لأسلوب الملحق، والنظام المعمول به في دولته، والخبرة التي اكتسبها على مسار خدمته الطويلة، وشخصية الملحق نفسه.