يتكون من الاجتماع و السياسة ويطرح عدة تساؤلات :
يعتبر علم الاجتماع السياسي من احدث العلوم الاجتماعية حيث لم يدرس كعلم مستقل و كمادة مستقلة في فرنسا إلا منذ السبعينيات من القرن 20 و في المغرب العربي مع بداية الثمانينات مما أدى إلى فتح مجال للكثير من التساؤلات و الغموض حول هذا العلم الجديد فهل علم الاجتماع السياسي فرع من فروع علم الاجتماع أم موضوع من علم السياسة ؟ أو يصور أوضح هل مدخل علم الاجتماع السياسي فرع منها و ما هي حدود الفاصلة بين الظاهرة المجتمع و الظاهرة السياسية ؟
بعد استقلالية علم السياسة و جهود العلماء السياسية المتواصلة لبلورة المجال المعرفي و التنظيري و المؤسساتي الذي يمكن علم السياسة من الإحاطة العلمية الناجحة لدراسة و فهم الظواهر السياسية وصل علم السياسة إلى ما يشيه الأزمة التي تعززت بسبب التطورات المتلاحقة في الحقل السياسي و تعدد نماذج السلوك السياسي و النظام السياسية بين الدول و عدم القدرة علم السياسة على التنظيم و كدا اعتمادهم على مناهج تقليدية و توقعهم حول مزاعم العلمية و العملية و تنظيراتهم و إنما أكثر قدرة على الشمولية بكل الظواهر السياسية لكن الأزمة الحقيقية تكمن في تزايد القناعة لدى علماء السياسة بصعوبة فهم الظواهر السياسية و الإحاطة بأولوياتها دون الرجوع إلى البني المجتمع المتفاعلة معها فحتى على علماء السياسة في هذه الحالة العودة مجددا إلى المجتمع و البحث عن أولويات السياسي في الاجتماعي و دراسة الظاهرة السياسية فمن إبعادها المجتمع فكان علم الاجتماع السياسي هو الإحاطة العلمية على هذه الأزمة .
عالم الاجتماع لا يمكنه أن يكون إلا على علاقة بالسياسة فمن الصعب عزل عامل الاجتماع نفس عن السياسة في هذا المجال يقول : ريمون أطوك " إن عالم الاجتماع يصبح سياسيا أن لم يشأ ذلك " و هنا نلاحظ التداخل بين الواقع المجتمع و الواقع السياسي كما أن كل المجالات لعلم الاجتماع البشري لا تخلو من السياسة و الوصول إلى المعرفة بين ما هو سياسي و ما هو اجتماعي .
1- تعريف علم الاجتماع .
2- علم المجتمع السياسي كفرع من علم الاجتماعي .
3- تعريف علم السياسة.
4- علم الاجتماع السياسي و علاقته بعلم السياسة .
أ- تعريف علم الاجتماع : يتفق أغلب علماء الاجتماع على صعوبة تحديد دقيق لعلم الاجتماع و ذلك لعدة أسباب منها حداثة علم الاجتماع نسبيا .
هذا العلم أنه علم متداخل و متشابك مع العديد من الإيديولوجية و المذاهب .
تعريف أخر: يعد أوكس كونغ مؤسس علم الاجتماع عام 1838 دون أن يتسنى ما لي ابن خلدون من دور في هذا المجال و نظرا لتعدد التعاريف لهذا فإنه يمكن الاتفاق على التعريف التالي :
تعريف غاعتون بوتول : ماديسولوجيا هو دراسة التركيب الاجتماعي و دراسة الظروف التي تطورت فيها المؤسسات المجتمع و مقابلة النتائج المتواصلة إليها في العلوم الاجتماع و فتح المجال كما يعرف بفلسفة العلوم الاجتماع مع بيان دور السكولوجيا الاجتماع و دراسة أهم العوامل المساهمة في تبدلات التركيب الاجتماعي .
ب- علم الاجتماع السياسي كفرع من علم الاجتماع :
يعتبر دوركايم علم الاجتماع المشهور علم الاجتماع فرع من فروع علم الاجتماع .
ت- الفرق بين علم الاجتماع و علم السياسة :
كلا العلمين يشتركان في نفس الموضوع " المجتمع "
علم الاجتماع السياسي يدرس ظاهرة ضمن مجالها الاجتماعي
لقد دعا علم دوركايم إلى ضرورة وضع حدود فاصلة بين علم الاجتماع و العلوم الاجتماعية الأخرى و حدد إطار عاما لهذه الفروع .
ث- فروع علم الاجتماع : يتكون من عدة فروع هي :
1- علم الاجتماع العام .
2- علم الاجتماع القانوني و الإتلافي حيث يتفرع هذا الفرع إلى :
• التنظيم السياسي .
• التنظيم الاجتماعي .
• علم الاجتماع الجنائي.
كما يعترف دوركايم يعد علم الاجتماع عن استيعاب كل الظواهر الاجتماعية و ضرورة وجود فروع له في أي " لعلم الاجتماع " من بينهما علم الاجتماع السياسي كفرع منبثق من علم الاجتماع و يتعامل مع الظاهرة السياسية كظاهرة اجتماعية فوقية أو إطراء البنية الاجتماعية و يبحث في :
أسباب الصراعات الاجتماعية
علاقة البناء المجتمع بالقوة السياسية
مدى خضوع المؤسسات الاجتماعية للقوى السياسية
الفئات الاجتماعية كالأحزاب ، الصفوة ، جماعات الضغط .
B- علم السياسة : تعريف غابريال ألموند :
- يقول غابريال علم السياسة هو نظام التفاعلات الذي يوجد في جميع المجتمعات المستقلة و الذي يقوم بوظائف التوحيد و التكيف و يؤيدها في الداخل و اتجاه المجتمعات و يمارس هذه الوظائف باستخدام القسر المادي و باستخدام التهديد سواء كان استخداما شرعيا شرعية تامة أو بعض شيء فالنظام السياسي هو القيم الشرعية على أمن المجتمع و الصانع الشرعي لما يحدث فيه من تغيير .
- ظهور علم السياسة كعلم مستقل " غابريال ألموند" .
- ظهور علم السياسة كعلم مستقل في منتصف القرن 19 و كان يعتبر علم الدولة و في هذا المجال كان هناك التعريف في معجم "LETTER" فهو علم حكم الدولة و قد تبنى هذه الفكرة رواد القانون الدستوري كتاب نظرية السيادة و لكن مع تطور علم السياسة أصبح ينظر إليه على انه علم السلطة و القوة و يعود الفضل في ذلك إلى الأمريكيين في انتقال علم السياسة : علم الدولة إلى علم السياسة كعلم للسلطة و أصبح علم السيادة يشمل : العلاقات الفيدرالية ، فصل السلطات ، جماعات الضغط ، و حتى منتصف القرن 20لم يكن هناك دقة في استعمال هذا المصطلح علم السياسة نظرا لتداخله مع العلوم السياسية هذه الأخيرة تضمن فروع لمذهب السياسة ، علم السياسة ، علم الاجتماع ، إلا أن منظمة اليونسكو ساعدت إلى إعطاء علم السياسة مكانته التي يستحقها و كلفت مجموعة من العلماء السياسة لهذه المهمة و تم وضع مؤلف علم السياسة المعاصر و تحديد موضوعاته و أوضحت هذه اللجنة تدريس هذا العلم في مختلف الجامعات العالم و هو يحتوي على النظرية السياسية و الأحزاب السياسية و الفئات و الرأي العام .
العلاقة بين علم السياسة و علم الاجتماع السياسي :
علم السياسة يهتم بعلاقات القوة داخل المجتمع و السلطة السياسية و علاقاتها بالمجتمع و هذا يشترك مع علم الاجتماع السياسي الذي يدرس علاقة ما هو سياسي و ما هو اجتماعي .
تعريف علم الاجتماع السياسي :
لقد وردت عبارة علم الاجتماع السياسي لأول مرة بشكل رسمي في 10 جويلية 1968 و ساهمت أحداث 1968 في فرنسا في إعطائه دفعة إلى الأمام غالبية الثورة القائمة على العنف للقوى الجديدة التي فرضت نوعا من التقيد بالأساليب ، جمع البيانات و إستراتيجيات التحليل و نظرا لكثرة الآراء و التعاريف سنحاول الاقتصار على بعض فقط .
• تعريف موريس ديفارجيه : إن مفهوم علم الاجتماع السياسي الأكثر انتشارا في الغرب أنه علم القوة و السلطة و الحكومة و الولاية و القيادة في كل المجتمعات في كل المجموعات البشرية .
• تعريف لبيمست : علم الاجتماع السياسي هو دراسة الظواهر و النظم السياسية في ضوء البناء الاجتماعي و الثقافي السائد في المجتمع و عموما علم الاجتماع السياسي يسعى لدراسة الظواهر و الأحوال و الظروف الثقافية و الاقتصادية على بناءات الاجتماعية و بالتالي يعالج النظم الرسمية و غير رسمية و يتعامل مع الظواهر السياسية لظواهر فوقية قائمة بذاتها .
مواضع علم الاجتماع : يقصد بمجال علم الاجتماع السياسي المواضيع و المواد الشخصية التي يدرسها هذا العلم و يبحث في مجالها و إطارها النظري و التطبيقي و منهجيتها العلمية و من أهم المواضيع المدروسة ما يلي :
- علاقة علم الاجتماع السياسي بفروع واختصاصات علم الاجتماع كعلم العسكري ، علم الاجتماع الحضري ن علم الاجتماع القانوني ، علم الاجتماع التربية .
- منهجية علم الاجتماع السياسي و الظواهر العلمية التي تستعين لها في جمع المعلومات و الحقائق و البيانات العلمية ، الطريقة التاريخية ، و الطريقة النفسية ، طريقة المسح الميداني ، الطريقة البنائية الوظيفية ، العلاقة المنطقية بين المؤسسات السياسية .
نشأة و تطور الدولة و المجتمع :
الدولة و السلطة شرعية السلطة و العوامل التي تعتمد عليها حقوق و واجبات السلطة اتجاه الشعب و العكس .
أنواع السلطات الفدرالية ، الكاريزماتيكية ، الديمقراطية ، السلوك السياسي ، سيكولوجية الجماهير و الجماعات الاجتماع و السياسة ، الأحزاب السياسية ، الإيديولوجية ، العوامل الاجتماعية ، السيكولوجية التي تؤثر في تكريس الرأي العام .
الدعاية و الإشاعات ، التصريف السياسي ، القيادة
الشروط العلمية المتوفرة في الموضوع :
1- الموضوع النظري و التطبيقي في نفس الوقت
2- قوانين و أحكام علم الاجتماع السياسي قابلة على الزيادة و التراكم بفضل البحوث و الدراسات التي يجريها المتخصصون و غير ثابتة و غير محدودة.
3- موضوع علم الاجتماع السياسي هو علم موضوعي يتصف بالوصف و تحديد الحقائق المجتمع و السياسة و لا يهتم بتقييمها و انتقادها أو توجيه مسيرتها فهو يحلل سكونها و تحولها .
وظائف علم الاجتماع السياسي :
يمكن تلخيص وظائف علم الاجتماع السياسي كما يلي :
فهم و استجاب القواعد و الأحكام المجتمع التي يستند عليها العمل السياسي و تستند عليها المؤسسات السياسية لتشخيص و تحليل و تفسير العوامل الاجتماعية و الحضارية التي تساعد على الاستقرار و الهدوء السياسي في المجتمع و ما يلي العوامل الاجتماعية التي تسبب الاضطراب السياسي و الاجتماعي و التي تسبب تصدع وحدة المجتمع .
دراسة أسباب و طبيعة و نتائج الظواهر السياسية المعقدة دراسة تحليلية و نقدية تتبع من واقع الظواهر و ربط المؤسسات و النظم السياسية من حيث نشوئها و تطورها و هيكلها و وظائفها بالمجتمع الذي توجد فيه و تتفاعل معه .
أهداف علم الاجتماع السياسي :
يمكن حصرها في هدفين أساسيين هما:
- تثبيت الحدود العلمية الأكاديمية و بين اختصاصات و علم الاجتماع الأخرى .
- زيادة الأخصائيين و الباحثين في مجال علم الاجتماع السياسي و توسيع نطاق البحث فيه .
النظـريـات الحـديثـة في علــم الاجتمـاع السيـاسـي
ب- الوظيفية النسبية ( ميرثون روبر ) : يعرف ميرثون تلك النتائج أو الآثار التي يمكن ملاحظتها و التي تؤدي إلى تحقيق التكيف و التوافق في نسق معين و قد طور ميرثون نموذجا أو إطار تصوري منظما للوظيفية و عرض بدقة جوهر التحليل الوظيفي إجراءات و أساليب الاستدلال فيه .
ينطلق ميرثون في نظريته من فكرة أن مفهوم الوظيفة مفصول عن مفهوم الغائية و توصل إلى التفرقة بين الوظيفة الصريحة و الوظيفة الكامنة فالأسباب التي يقدمها الناس ( الناخب ) تفسيرا لسلوكهم تختلف عن نتائج هذا السلوك فالبنية للنسق الاجتماعي ( النتائج تعمم ككل وليس على فئة النظام السياسي ككل ) فحسب ميرثون هناك ثلاث فروض أساسية للتحليل الوظيفي :
1- العناصر الاجتماعية و الثقافية : قد تكون وظيفية بالنسبة لمجموعة معينة و غير وظيفية بالنسبة لمجموعة أخرى و ضارة بالنسبة لمجموعة أخرى ( هذه هي البنية ).
مثال : في مؤسسة اقتصادية لها بني فرعية فعناصرها يقوم بالوظيفة تفيد البنية الاقتصادية و تضر البنية الاجتماعية و الثقافية .
الاستثمار في دول العالم الثالث تؤدي وظيفة بالنسبة للنظام الاقتصادي و لكن ضارة بالنسبة للنظام السياسي و الثقافي ( التدخل في السياسة الداخلية )
2- تعدد الوظائف للعنصر الواحد : اشتراك عدة عناصر في وظيفة واحدة مثال : وظيفة التعليم يقوم بها مجموعة من أساتذة و هذا ما اسماه بالبدائل الوظيفية .
3- يجب تحديد الوحدات الاجتماعية التي يخدمها : العناصر الاجتماعية أم الثقافية فبعض العناصر قد تكون ذات وظائف متعددة و قد تكون بعض نتائجها ضارة نتائجيا ( العمل في عدة مؤسسات يؤثر سلبا عليها حيث يؤدي إلى انهيارها ككل ) ، و قد طبق ميرثون التحليل الوظيفي في تحليل المصادر الاجتماعية و الثقافية للسلوك المنحرف و هدفه في ذلك إظهار الضغوط التي يمارسها البناء الاجتماعي على أشخاص معينين بالمجتمع لممارسة سلوك غير امتثالي ( سلبي ) و قد ميز في هذا السياق بين عنصرين أساسيين فيما أسماه بالبناء الثقافي للمجتمع :
الأهداف المحددة ثقافيا .
الأساليب النظمية لتحقيق هذه الأهداف ( لها أساليب تعمل لتحقيق هذه الأهداف مثل الاهتمام بالمسارح ، و إعطاء أشياء للشعب .
كما يرى ميرثون أن البناء الاجتماعي ينتج الأشخاص فروض متنوعة لممارسة أنماط للفعل و السلوك و هدفها الأساسي و تحقيق التوافق كما انه هناك مصادر بنائية ( البناء الثقافي الثقافة هي كل المجالات السياسية ، الاقتصادية ...الخ ) للسلوك و هي تجعل الانحراف سلوكا عاديا .
فالانحراف هو أن الأشخاص يمارسون ما هو متوقع منهم في ظل ظروف بنائية معينة و حسبه ما هو ما هو متوقع هو قمة التفسير الوظيفي ( الآثار و الانعكاسات ) ، كما يتحدث ميرثون عن المكينة السياسية الأمريكية في كتابه مبادئ النظرية و المنهج السوسيولوجي سنة 1963 حيث تقوم هذه المكينة بوظيفة اجتذاب ناخبي الطبقات الشعبية و المحافظة عليهم عن طريق تقديم إغراءات مادية لا تقدمها لهم الدولة و قد فسر المكينة من خلال وظيفتها التي هي الاستجابة لطلب لم يكن قد تم إرضاءه ( إدراك المعارضة ) و منه الوظيفية تقوم على المبادئ التالية :
يمكن إشباع الحاجات الوظيفية العامة بعدة طرق حسب طبيعة المجتمع و ثقافته و ظروفه ( مثلا يأتي رئيس في دولته بنقصها الأمن يقول سأحقق الأمن لكم )
الاختيارات ( البدائل ) المتاحة لإشباع حاجات المجتمع محددة و هي تدفع للحقائق البيولوجية للإنسان ( المادية ) مثلا عندنا أزمة مصالحة عليه اختيارات مصالحة ، تدخل عسكري . أزمة الانحراف يتم حلها بالخيارات المحددة مثل : إعطاءه عمل و خاصة بواسطة الحاجات البيولوجية .
هناك علاقة ما بين الاختيارات ذاتها كعلاقة التطور السياسي بالتطور الصناعي كما يقوم التحليل الوظيفي على عدة تدابير :
التدبير الأول : التجربة العقلية ، يمكنه تقدير ماذا سيحدث في المجتمع عقليا للمجتمع في حالة اضطراب أو أداء معين في المجتمع وظيفته ( يمكن أن نتوقع بأن هذا الشخص لا ينحرف لأن الأسرة تؤدي وظيفتها ) .
التدبير الثاني : المنهج المقارن في التحليل الوظيفي .
ملاحظة و تحليل النتائج المترتبة عن حدوث الاضطرابات الاجتماعية ( التركيز على الجوانب السلبية ) .
النظرية الوظيفية عند دافيد ايستون و غابريال ألموند :
ينطلق أساس دافيد ايستون في نظريته من محاولته لتعريف النظام السياسي أنه جملة من التفاعلات ذات الحدود الخاصة التي تحيطها نظم اجتماعية تؤثر فيها بشكل مستمر و هو لا يهتم بما يحدث داخل العلبة السوداء و إنما يركز على علاقات النظام مع بيئته و هي بيئة داخلية و بيئة خارجية .
البيئة الداخلية : النظم المكونة للنظام الاجتماعي العام ، النظام الاقتصادي ، الثقافي ، الديني ...الخ .
البيئة الخارجية : غير البيئة الاجتماعية فالنظام البيئي البيولوجي ، النظم النفسية و النظم الدولية و يركز ايستون على المؤثرات التي تؤثر على النظام السياسي و العلبة السوداء ، و هي مدخلات كل ما يصدر من النظام من ردود فعل بعد تلقيه هذه المؤثرات و المخرجات و التحليل الوظيفي يهتم بهذه الحلقة المتتابعة من الأفعال و ردود الأفعال مابين المحيط و النظام السياسي و قدرة النظام على الحفاظ على توازنه و التكيف مع ما يرد عليه من مؤثرات خارجية ليستوعبها و يكيفها بما لا يجعلها مخلة بالنظام و حتى يحقق النظام السياسي توازنه عليه التوفيق بين نوعين من المدخلات ، المطالبات و المساندة ( التأييد ) فإذا ازدادت هذه المطالبات على النظام السياسي أن يرضيها أو يقلصها أو يتجاهلها و هنا يحتاج إلى مساندة في أي خطوة يقدم عليها للرد على النظام و هذه إما تكون تشريعات جديدة تستجيب لكل أو بعض المطالب أو جملة إعلامية لتوضيح الأمور و تبيان عدم شرعية المطالب أو القيام بتدابير قمعية كحل حزب ، منع المظاهرات و يرى ايستون أن كل نظام يقوم بثلاث وظائف أساسية وهي :
1) وظيفة التعبير عن المطالب.
2) وظيفة ضبط المطالب ( ترتيبها ) تصنيفها ، حسب غابريال ألموند يرى ضرورة وجود لجنة للتعبير عن تلك المطالب .
3) وظيفة تقليص أو ضبط المطالب
أما غابريال ألموند فقد عرف النظام على انه نظام من التفاعلات التي توجد في كل المجتمعات المستقلة التي تؤدي وظائف التكامل و التكيف داخل هذه النظم و في اتجاهات المجتمعات الأخرى بوسائل توظيف و التمهيد ، وسائل القهر الشرعي بصورة ضعيفة أو كبيرة في كتابه " سياسة المقارنة " يحلل النظام السياسي من خلال ثلاث مستويات :
المستوى الأول : القدرات : يجب أن يكون لأي نظام قدرة تسمح له بتنسيق التصرفات الفردية و الجماعية بواسطة معايير متفق عليها لما يحول دون تضارب أو تناقض هذه التصرفات إلى حد خطير و هي القدرة التنظيمية .
A. القدرة الإستخراجية : قدرة النظام على استخراج الموارد الضرورية من الوسط الداخلي أو الخارجي ، موارد مالية ، دعم سياسي ، مساندة .
B. القدرة التوزيعية : قدرة النظام على توزيع موارده التي استخرجها بين الأفراد و الجماعات توزيعا عادلا .
C. القدرة الإستجابية :و هي قدرة النظام السياسي على الاستجابة لمطالب البيئة الخارجية و ضغوطها كلها حتى يحافظ على توازنه .
المستوى الثاني : وظائف التحويل : ( من و إلى ) و هنا يبحث الموند عن الوسائل المختلفة التي يوظفها النظام السياسي لتحويل المطالب إلى حاجات و هو يطرح وظيفته تفصل المصالح التي تنطوي على :
A. التعبير عن المطالب ( قوى ، المجتمع المدني ) .
B. وظيفة تجميع المطالب لجميع المصالح بمعنى القيام بغزو و تبسيط المصالح و تسلسلها و تجانسها كما يتحدث كل المفكرين ( غابريال + ألموند )عن الوظائف الحكومية و هي أيضا وظائف تحويل :
أ- الوظيفة أو السلطة التشريعية : وسمياها بوظيفة إعداد القواعد و الوظيفة الشخصية .
ب- الوظيفة أو السلطة التنفيذية : وسمياها بوظيفة تطبيق القواعد أي أعلى جهاز في الدولة .
ت- الوظيفة أو السلطة القضائية : وسمياها بوظيفة تلزيم القواعد أي الإجبار و الإلزامية .
ث- الوظيفة أو السلطة الاتصال : وسمياها سواء الاتصال بين الحاكم و المحكومين أو بين مختلف عناصر النظم السياسي( جماعات محلية ، المؤسسات الاقتصادية ، قوى المجتمع المدني ، مراكز ثقافية ، الاقتصاد ، الثقافة ، الاجتماع ...الخ .
المستوى الثالث : وظائف المحافظة على النظام و تكييفه : و تشمل :
أ- وظيفة الاختيار السياسي : أي تأهيل أصحاب الأدوار السياسية و اختيارهم لإعطاء مواقف سياسية معينة من خلاها نظم حركته .
ب- وظيفة المجتمعية السياسية : عملها نقل الثقافة السياسية حتى تحافظ على ثقافة سياسة مساندة لها ( إعداد المجتمع على ثقافة سياسية ) مثل هواري بومدين نظام ثقافة سياسية مساندة له
من الوظيفة إلى التنسيقية :
يعد "تالكوت بارسنز" أهم من وخلق المنهج الوظيفي و طوره في مجال الدراسات المجتمع و علم المجتمع السياسي و خاصة و هو ينتمي إلى الاتجاه البنيوي قبل أن ينتقد هذا الاتجاه و يطوره إلى المنهج ألنسقي و لقد نظرية حول الفعل المجتمع ، يعرف النسق الاجتماعي على انه عبارة عن فاعلين أو أكثر يمثل كل فهم مركزا أو مكانة متمايزة عن الأخرى و يؤدون دورا متمايزا فهو عبارة عن نمط منظم بحكم علاقات الأعضاء و يصف حقوقهم و واجباتهم اتجاه بعضهم البعض في إطار من المعايير و القيم المشتركة بالإضافة إلى نقاط مختلفة من الرموز و الموضوعات الثقافية المختلفة و يقوم التحليل ألنسقي على أربعة 04 مفاهيم أساسية و هي :
1- الفعل المجتمع 2- الموقف 3 – الفاعل 4- توجهات الفعل .
و يركز تالكوت بارسنز على دور الأبنية لوظيفتها حيث يتطلب التحليل ألنسقي معالجة منهجية المكانات و أدوار الفاعلية الذين يضمهم موقف الاجتماعي معين و كذلك الأنماط التنظيمية التي ينطوي عليها هذا الموقف و مفهوم المكانة بسير إلى مكان و موقع الفاعل في نسق علاقة اجتماعية معينة منظورا عليه كبناء ، أما الدور فيسير إلى سلوك الفاعل في علاقته مع الأخر إذا إما نظر إلى الفعل في سياق أهميته الوظيفية في نسق معين و نفهم الأنماط التنظيمية على إنها التوقعات المنظمة التي تحدد سلوك السلوك المناسب ثقافيا للأشخاص الذين يؤدون دورا اجتماعيا مختلف مجموعة الأنماط الأدوار المعتمدة مع بعضها هي التي تكون النظام كما يرى أن الإدراك ألنسقي للفعل الاجتماعي يستوجب الأخذ بعين الاعتبار ملاحظتين أساسيتين :
أولا :النسق الفعل الاجتماعي يضم 05 أنساق :
1- النسق العضوي البيولوجي المرتبط بالغريزة البشرية التي هي مصدر نسق الفعل الاجتماعي و دافعيته و حاجاته التي ينبغي أن تشبع .
2- النسق ما وراء الطبيعة ( الميتافيزيقيا) كمصدر لمجوعة قيم لها دور الموجهات الرئيسية.
3- النسق الثقافة و القيم.
4- النسق الاجتماعي.
5- النسق الشخصية.
و غالبا ما يدمج النسق العضوي في النسق الشخصية و ما فوق الطبيعة في نسق الثقافة و القيم فاختزلت في 03 ثلاث أنساق و هي :
1- النسق العضوي البيولوجي.
2- النسق ما وراء الطبيعة .
3- النسق الشخصية .
ثانيا :رغم التساند بين الأنساق الثلاث إلا أنه لا يمكن إرجاع أي نسق منها إلى الأخر و لكن إلى نسق الفعل الاجتماعي ككل و ذلك لفهم التفاعل الداخلي لأي من الأنساق الفرعية و أدائه الوظيفي في إطار نسق الفعل الاجتماعي .
و لتحديد عناصر النسق الاجتماعي ينبغي إدراكها من خلال جانبين هامين :
• الجانب الأول : الجانب البنائي : يتم استعراض طبيعة الأنساق الثلاثة المكونة لنسق الفعل الاجتماعي .
• الجانب الثاني : الجانب الديناميكي : يتم استعراض طبيعة الأداء الوظيفي لكل نسق فرعي في إطار نسق الكلي للفعل الاجتماعي .
و يؤكد تالكوت بارسنز آن العلاقات الداخلية بين هذه الأنساق الفرعية معقدة بحيث أن كل نسق مستقل بذاته عن الأخر و له خصائصه و نشاطات مقارنة بالأنساق الأخرى ، و هي في نفس الوقت متداخلة فيما بينها ( علاقة اعتماد متبادل في الأطراف) ، و على النسق كي يحافظ على توازنه أو بقاءه ان يستجيب لنوعين من الاحتياجات و المشكلات فيكون قادرا على تنظيم النشاط الضروري و دفعه في اتجاه الإشباع ،و لتحقيق ذلك فإن نسق الفعل يحتوي على مجموعة من المناشط و الوظائف الذي يتصل بعضها بعلاقات النسق ببيئته ، بينما يتصل البعض الأخر بحاجات تنظيمية لبنائه الداخلي.
كما يمكن الاقتراب من وظائف الفعل من وجهة نظر تالكوت بارسنز من وجهته من خلال التمييز بين أهدافه و بين الوسائل المتيسرة لتحقيق هذه الأهداف ، كما يرى آن هناك أربع 04 وظائف أساسية على النسق الاجتماعي آن يتبعها و هي :
1- وظيفة التكيف : و هي مجموعة وحدات الأفعال التي تعمل على تكييف النظام السياسي مع بيئته الخارجية و يقصد بالتكيف الحصول على المصادر تم مبادلتها بإنتاج يتحقق داخل النسق تم ترتيب و تحويل و تجهيز هذه المصادر لتساعد على إشباع حاجات النسق .
2- تحقيق الهدف: و هي تتضمن كل الأفعال التي تساعد على تحقيق أهداف النسق و تقوم بتعبئة المصادر و الجهود لتحقيق الهدف.
3- تحقيق التكامل : و هو هدف يعمل على ضمان الاستقرار داخل النسق و يضم كل الأفعال التي تعمل على حماية النسق ضد التغيرات المفاجئة و الاضطرابات الأساسية، بحيث يحافظ على التماسك و التضامن الضروري لبقاء النسق في حالة من الأداء الوظيفي الملائم . و النسق الاجتماعي هو المسؤول عن أداء وظيفة التكامل ، فيؤسس الولاء و يحدد حدود الفعل و يفرض الضغوط و العوائق أمام الانحرافات عن النسق .
4- وظيفة الحفاظ على النمط : حيث يرى أن نسق الفعل يحتاج إلى مجموعة من الأفعال التي تجهز الفاعلين بالدافعية أي بالرغبة الضرورية و هذه الوظيفة تهتم بتخزين الدافعية أو الطاقة و مراكمتها مما جعل تالكوت بارسنز يسميها بـ : الكمون ( و هو الطاقة الموجودة في أفراده )أو الحفاظ على النمط .
الكمون : و هو الطاقة أو الدافعية أفراد المجتمع للحفاظ على عاداته و تقاليده و عموما لقد اهتم (ايجابياتها ) بارسنز في إطار هذا التحليل بدراسة الواقع الاجتماعي و دافعه في ذلك اهتمامه بقضية النظام و الاستقرار و البحث عن العوامل التي تأسس بناء الفعل و التفاعل الاجتماعي في حالة من الاستقرار النسبي و لعل اهتمامه بعامل الاستقرار جعل منتقديه يعتبرونه من المحافظين على الوضع الراهن و بالتالي تصنيفه لعدو للتغيير و ضد الثورة .
و يخلص عموما أن التحليل الوظيفي في صورته التقليدية آو التحليل ألنسقي كتطوير للتحليل الوظيفي هو أكثر ملائمة في التعامل مع علم الاجتماع السياسي باعتباره يتعامل مع الظواهر السياسية كأجزاء من نسق عام و فق عامل التأثير المتبادل و التساند ، و ربطه للنظام السياسي بالبيئة المحيطة من خلال عوامل عديدة منها :
• التكيف
• التوزيع
• التوظيف
• الحفاظ على التوازن
كما يوضح هذا المنهج دور العوامل الاجتماعية في عملية اتخاذ القرار السياسي و في وضعية النظام السياسي و لا يمكن فهم أي نظام سياسي إلا و فق الدورة
" السيبرنتيكية " ( من علم السيبرنتيكا يدرس الانتقال بين خلايا المادة ) أي الاتصال بين أجزاء النظام .