مناهج البحث العلمي :نماذج مختارة من العلوم الإنسانية
مناهج البحث العلمي :نماذج مختارة من العلوم الإنسانية[rtl]
http://ezzahide.blogspot.com/2013/02/blog-post_6519.html[/rtl]
[rtl] تمــهيـــد[/rtl]
[rtl]
ترددت كثيرا في وضع تمهيد هو على سبيل التقديم لهذا المقال/العرض ،وبعد تفكير
ملي وجدت ضرورة كتابته لسببين وجيهين، الأول:وهو ما لاحظناه من الزملاء اللذين درسوا الفلسفة ولهم تخوف من هذه الوحدة: وحدة المناهج والنظريات السوسيولوجية.و الثاني هو استدراك ما لم يتم ذكره في خضم مقاربتنا لمناهج البحث العلمي في هذه الورقة ،كعدم إشارتي لمفهوم الأزمة في العلوم الإنسانية ،وأزمة المنهج والصراع الذي خاضته العلوم الإنسانية من أجل انتزاع الإعتراف من جماعات المتحد العلمي بلغة توماس كون، كما أغفلت عن وعي إثارة إشكال مرتبط بمفهوم النظرية/ وعلمية هاته العلوم داخل حقل العلوم الإنسانية وهو إغفال له ما يبرره ضمن هذا المقال:[/rtl]
[rtl]أ. ضيق المقام هنا بحيث أن إثارة إشكال النظرية بين العلوم الحقة والعلوم الإجتماعية يفرض مبدئيا العودة إلى جدور هذا النقاش وظروف التأسيس من أجل تقديم إجابة شافية حول الإشكال ومادمنا غير قادرين على هاته المغامرة نترك الإشكال مفتوح لغيرنا .[/rtl]
[rtl]ب. أن إشكال العلمية هو إشكال عقيم لا يستند لخصوصية موضوع الدراسة في كل حقل من الحقول العلمية كمنطلق في النقاش ،بقدر ما يستند لنقاشات بزنطية لها الرغبة في السيطرة والإستفراد بالمعرفة ،كما تخفي نوع من المركزوية حول الذات والمتحد العلمي الذي تنتمي إليه وهو ما يتنافى مع روح البحث العلمي.[/rtl]
[rtl]بعد هذا التوضيح أعود لأقول لزملائي في تخصص الفلسفة والسوسيولوجيا
بالفصل كذلك أنهم سيجدون في هذا المقال/العرض تناول عام لموضوع البحث العلمي بوصفه مجموعة من الخطوات المنظمة والمتسقة الهادفة إلى بناء معرفة علمية حول موضوع معين وتقديم إجابات تفسيرية حوله وكذلك الوصول إلى مبادئ وتصورات عامة تسمح لنا بتنبؤ تكرار نفس الإشكالية إذا ما تكررت ظروف ظهورها.[/rtl]
[rtl]وقد استهللت هذا المقال/العرض: بتحديد لبعض المفاهيم التي يثيرها موضوع البحث في مناهج البحث العلمي حيت ستجدون تحديد لمفهوم البحث العلمي وكذلك مفهوم العلم، وخصوصيات هذا النمط من التفكير ومميزاته عن باقي أشكال التفكير والبحث الأخرى،فالإنسان يبحث بشكل يومي:فواحد يبحث عن قوته وآخر عن وظيفة مثلا...الخ. وكل منهما يوظف مجموعة من الرساميل الرمزية والمادية من أجل الوصول إلى هدفه غير أن منهج البحث العلمي يختلف كل الإختلاف عن هذا النمط من البحث .ومن خلال نماذج بعض المناهج التي استحضرناها بشكل منتقى راعينا فيه كون المنهج الذي سنتحدث عنه الأكثر استخداما في البحوث الإجتماعية وخاصة الكلاسيكية التي تعتبر أساس لا يمكن القفز عليه من أجل فهم صيرورة وبناء المناهج الحديثة وكذلك استيعاب ظروف ظهورها والتي كانت غالبا تقوم على أنقاض الإخفاق الذي صاحب المناهج الكلاسيكية التي أسست عليها السوسيولوجية والعلوم الإجتماعية بشكل عام.[/rtl]
[rtl]أما بخصوص بعض الإشكالات التي لابد من التذكير بها، والتي طرحت ولا زالت تطرح داخل العلوم الإنسانية، وليس بأهمها :ذينك السؤال الذي يريد معرفة هل العلوم الإنسانية علوم أم أشباه علوم؟وهل لها القدرة على إنتاج معرفة علمية حول المواضيع التي تدرسها ؟أليس التطور العلمي الذي عرفته الرياضيات والبيولوجيا والفزياء كفيل بتقديم كافة الإجابات التي يحتاجها المجتمع وكذلك إشكالاته السوسيواجتماعية والسياسية والإقتصادية....؟فالطبيب يعرف الجسم أكثر من الطبيب النفسي وله من التقنيات ما تسمح له بتشخيص الجسد وانفعلاته والتنبؤ بطفراته؟أليست الرياضيات التطبيقية قادرة على فتح ممكنات السعادة أمام الإنسان باختراع آلات الترفيه ووسائل المتعة والراحة؟أليست وسائل المراقبة الحالية في الشارع والبيت والإعلام بصفة عامة استطاعت تطويع الذات والتنبؤ بعصيانها وتمرداتها؟[/rtl]
[rtl]يجيب الواقع أن هذا التقدم الذي عرفته الحضارة البشرية والتطور الهائل في وسائل الضبط والتوقع وفي جميع مجالات العلوم لم يستطع ولن يستطيع الإجابة على أسئلة كبرى هي التي تضمن للعلوم الإنسانية والإجتماعية مشروعيتها وراهنيتها وأهميتها،هذه الأسئلة مرتبطة بالمعنى والكينونة والقيم والأخلاق والهوية والتاريخ....الخ.[/rtl]
[rtl]كما أن طارحي هذا السؤال يرفضون الوعي بخصوصية الموضوع في العلوم الإنسانية والإجتماعية الذي هو خلاف موضوع الدراسة في العلوم الحقة فالجيولوجي يتعامل مثلا مع ظاهرة أحادية البعد كمعرفة بنية الكرانيت مثلا فهو يأخد قطعة من هذا الحجر ويدخلها للمختبر ويبدأ في التحليل والتجزيئ .أما الظاهرة في العلوم الإجتماعية والإنسانية فهي ظاهرة متعددة الأبعاد لذلك كانت مقاربتها تحتاج لتعدد الأبعاد وهو ما ساهم في نجاح المقاربة النسقية l’approche systémique .[/rtl]
[rtl]وكما قلنا فالظاهرة في العلوم الإجتماعية والإنسانية متعددة الأبعاد يتداخل فيها النفسي بالإجتماعي بالسياسي بالإيديولوجي برهانات الذات وذلك على خلاف الظاهرة في العلوم الحقة فهي أحادية البعد وجامدة يسهل القبض على قوانينها، بخلاف الظاهرة الإجتماعية التي تنفلت باستمرار بفعل دينامية الذات المنتجة لها .كما أن الظاهرة الإجتماعية ظاهرة تاريخية بقدر ماهي مرتبطة بهويتها تندفع نحو الممكن باستمرار ونتمنى أن يكون للزملاء ما يفيد في هاته الصفحات المتواضعة[1].[/rtl]
[rtl] I. مناهج البحث العلمي :تحديد المفاهيم الأساسية [/rtl]
[rtl]عند إطلاع الباحث المبتدئ في حقل البحث العلمي على الأدبيات التي تناولت مناهج البحث العلمي في مختلف الحقول المعرفية التي راكمتها البشرية عبر تاريخها الحديث،تاريخ البحث المنظم والممنهج يصطدم الباحث بالعديد من العراقيل يمكن تلخيصها بنظرنا في العراقيل التالية : [/rtl]
[rtl]ü اختلاف تعريف المنهج باختلاف الحقل المعرفي الموظف فيه[/rtl]
[rtl]ü ادعاءات العلمية :ونقصد بها أن جميع الحقول المعرفية اليوم تكاد تدعي العلمية لمنهجها [/rtl]
[rtl]ü الخلط بين المنهج والأداة والطريقة والتقنية .[/rtl]
[rtl]1. تحديد المفاهيم:المنهج/التقنية[/rtl]
[rtl]''مصطلح ميتودولوجيا méthodologie مصطلح مشتق من ثلاث كلمات يونانية :méta بمعنى اتجاه إلى و HODOS بمعنى طريق نهج أو سبيل،والجمع بين الكلمتين يفيد معنى poursuite أو chercher (تابع أ و نقب)أما الكلمة الثالثة Logos فتعني علم،ويتضمن هذا المعنى الإشتقاقي لمصطلح ميتودولوجيا المعنى الإشتقاقي للمصطلح الذي يقابله في اللغة العربية: نهج بمعنى سلك وسار واتبع وكذا منهج،وهو اسم مكان من فعل نهج أو النهج أو السبيل.[/rtl]
[rtl]ويحدد معجم P.Robert دلالة منهج méthode في السيرورة المتمثلة في مجموع الخطوات التي يتبعها العقل لاكتشاف الحقيقة والاستدلال عليها.[/rtl]
[rtl]Ø لانجد في اللغة الفرنسية فصلا بين كلمتي منهج وطريقة فكلاهما لفظان يدلان على معنى واحد للفظ méthode أما في اللغة العربية فالطريقة تعني المنهج أو الأسلوبStyle خصوصية الفرد الدارس المتعلم.[/rtl]
[rtl]Ø التقنية :وتشير إلى الوسيلة التي تم توظيفها في مرحلة معينة من الطريقة أو المنهج,كما أنها تسمح بتنفيد الطريقة أو المنهج بالشكل الملائم.ويمكن أن نشير على مستوى البحث إلى مجموعة التقنيات أو الوسائل مثل تقنية الإستمارة والمقابلة وتقنية الإحصاء...''[2].غير أن الأستاذ عبد الرحمان بدوي يعود باللفظة إلى أصولها اليونانية ليبرز قيمة المنهج لدى القدماء وما يحيل عليه في عصر الحداثة والعلم الغربي فأفلاطون استخدم كلمة Méthode ''بمعنى البحث أو النظر أو المعرفة،كما نجدها كذلك لدى أرسطو أحيانا كثيرة بمعنى(بحث),والمعنى الإشتقاقي الأصلي لها يدل على الطريق أو المنهج المؤدى إلى الغرض المطلوب،خلال المصاعب والعقبات.[/rtl]
[rtl]ولكنه لم يأخد معناه الحالي،أي بمعنى أنه طائفة من القواعد العامة المصوغة من أجل الوصول إلى الحقيقة في العلم،إلا ابتداء من عصر النهضة الأروبية.ففي هذه الفترة نرى المناطقة يعنون بمسألة المنهج ،كجزء من أجزاء المنطق ''[3] .وفي خضم المخاض الذي كانت تعيشه أروبا إبان النهضة على جميع مستويات البنيات الإجتماعية كانت الحاجة أمس لدى الباحثين للمنهج وهذا راموس (سنة 1515-1572)''قد قسم المنطق إلى أربعة أقسام:التصور،الحكم،والبرهان،والمنهج''[4].ونجد لدى فيلسوف آخر هو فرانسيس بيكون واضع الخطوات الحاسمة في تكوين المنهج العلمي الحديث، نجده يتحدث عن أوهام العقل –وهي بمثابة العوائق الإبستمولوجية ليس كما حددها باشلار بالتحديد ولكن كعائق ذاتي يحول ذون تحقيق معرفة موضوعية- التي تحول ذون تحقيق المعرفة العلمية وتشوش على دهن الباحث فيختلط عليه الوهم بصفاء الفكرة مما يحول دون تحقيق سيطرة دقيقة على الطبيعة، لذلك كان لا بد من وضع آلة جديدة سماها الأرغانون تكون بمثابة المنهج الذي يرسم الطريق للعقل من أجل الوصول للمعرفة الحقيقية حسب بيكون ويمكن من خلال كتابات بيكون أن نستشف مفهومه للمنهج بأنه أداة مساعدة للعقل من أجل الوصول إلى المعرفة وحمايته من الأوهام المضللة: أوهام السوق والقبيلة والمسرح حسب بيكون[5].[/rtl]
[rtl]وقد حد أصحاب هذا المنطق المنهج بـأنه ''فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة،إما من أجل الكشف عن الحقيقة،حين نكون بها جاهلين،أو من أجل البرهنة عليها للآخرين،حين نكون بها عارفين''فثمة إذن نوعان من المنهج :أحدهما للكشف عن الحقيقة ،ويسمى التحليل أو منهج الحل،ويمكن أن يدعى أيضا منهج الإختراع،والآخر وهو الخاص بتعليمها للآخرين بعد أن نكون قد اكتشفناها،يسمى بالتركيب أو منهج التأليف''[6].[/rtl]
[rtl]1. أنواع المنهج /المناهج:[/rtl]
[rtl]تحدد مادلين كراويتز في كتابها méthode des science social وتقسم المناهج بشكل عام إلى :[/rtl]
[rtl]أ. المنهج بالمعنى الفلسفي:يتكون المنهج (بالمفرد)بالمعنى الأكثر رقيا والأكثر عمومية للمصطلح،من مجموع العمليات الفكرية التي يسعى اختصاص بها إلى بلوغ الحقائق التي يتبعها ويثبتها ويتحقق منها.إن هذا التصور للمنهج كأسلوب منطقي ومجموعة من القواعد المستقلة الملازم لكل خطوة علمية،ودو مضمون خاص يرمي خاصة إلى محاكمة أشكال الإدراك التي تجعل الواقع الذي ينبغي إدراكه سهل المتناول.والمقصود وجهات نظر فلسفية تحدد موقف العقل البشري تجاه الموضوع.[/rtl]
[rtl]ب. المنهج موقف ملموس تجاه الموضوع:إن الموقف الفلسفي هنا إذا مضمر قليلا أو كثيرا،وفي هذه الحال يملي المنهج خاصة طرائق ملموسة لتصور البحث أو تنظيمه،ولكن ذلك يتم بدرجات متفاوتة من الإلزام والدقة والكمال والانتظام،ولا تؤثر المناهج كلها بالطريقة نفسها في مراحل البحث ذاتها.فالمنهج التجريبي مثلا يفترض الإيمان بالإختبارية ويملي أوامره في مرحلة معالجة المعطيات.وبالمقابل يهتم المنهج السريري،بصفته طريقة علاجية،بالنتائج،ولكنه يتوافق خاصة مع موقف عقلي،فهو لا يملي بذاته أية معالجة خاصة.[/rtl]
[rtl]ت. المنهج المرتبط بمحاولة تفسير:إنه مرتبط بموقف فلسفي بمقدار أو بآخر،ويستطيع أن يؤتر في هذه المرحلة من البحث أو تلك:فالمنهج الجدلي خبري يتطلب ملاحظات مادية.[/rtl]
[rtl]ث. المنهج المرتبط بميدان معين:يصوغ مصطلح المنهج عندما يرتبط بميدان نوعي ويضم طريقة في العمل خاصة به:مثال ذلك المنهج التاريخي ومنهج التحليل النفسي،وهناك ميل أحيانا إلى توسيع هذا المفهوم الضيق للمنهج وإلى الخلط بينه وبين مفهوم النظرية.ويفسر هذا الميل بأن المناهج التحليلية النفسية ومناهج أخرى كذلك تهتم أيضا بتصور نظري معين للمجتمع أو الميدان الذي تشتغل فيه,ومع ذلك يجب تجنب الخلط بين هذين المفهومين فكل نظرية تتطلب مشكلات متعلقة بالمحتوى النوعي الذي تنظمه وتمتلك طابعا جوهريا.إن النظرية تحاول الإجابة على سؤال (ماذا) في حين أن المنهج يسعى للإجابة على سؤال (كيف؟)''[7].[/rtl]
[rtl]2. تحديد مفهوم التقنيات les techniques [/rtl]
[rtl]إذا كان المنهج خطة واستراتيجية للباحث من أجل تحقيق أفضل النتائج دقة في دراسة موضوع بحثه العلمي ضمن مجاله الخاص، فلا يمكن الحديث عن المنهج في غياب وسائل إجرائية لتنفيد مراحله وكأننا نتصور غاليلو يبني نظرية جديدة في الفلك تنفي وجود عالم ما فوق القمر الأزلي الذي قال به أرسطو دون أن يوجه تقنية التلسكوب إلى السماء لمشاهدة فساد هاته الأجرام التي ينطبق عليها ما ينطبق على العالم الأرضي وهو ما تؤكده مادلين كراويتز في كتابها مناهج العلوم الإجتماعية حيث تؤكد أن ''أي بحث دو طبيعة علمية في العلوم الإجتماعية كما في العلوم عامة يجب أن يشمل استعمال طرائق إجرائية دقيقة ،محددة جيدا،قابلة للنقل،قابلة للتطبيق من جديد في الشروط نفسها،ملائمة لنوع المشكلة والظواهر موضوع البحث ،هذه هي التقنيات إن اختيارها مرتبط بالهدف المقصود ،المرتبط هو الآخر بمنهج العمل،وينشأ من هذا الارتباط المتبادل غالبا خلط بين مصطلحي التقنية والمنهج اللذين من المناسب التمييز بينهما''[8].[/rtl]
[rtl]''إن التقنية مثل المنهج جواب عن كيف؟إنها وسيلة لبلوغ هذف،ولكنها تأخد مكانها على مستوى الواقعات أو المراحل العملية ،فهي في البداية حركية :تقنية، الخباز وعازف البيانو ويمكن أن تحدد مراحل فكرية ''[9],إن الحدود أحيانا تصبح بين المنهجية والتقنيات صعب رمها ''وما نستطيع أن نقوله هو أن التقنية تمثل مراحل عمليات محدودة،مرتبطة بعناصر عملية،محضة،ملائمة لهذف محدد،في حين أن المنهج مفهوم فكري ينسق جملة من العمليات وعلى العموم عدة تقنيات''[10].,وحسب عبد الرحمان بدوي فالمنهج ''قد يكون مرسوما من قبل بطريقة تأملية مقصودة،وقد يكون نوعا من السير الطبيعي للعقل لم تحدد أصوله سابقا.ذلك أن الإنسان في تفكيره قد ينظم أفكاره ويرتبها فيما بينها حتى تؤدي إلى المطلوب على أيسر وجه وأحسنه.على نحو طبيعي تلقائي ليس فيه تحديد ولا تأمل قواعد معلومة من قبل.فهذا منهج أيضا ولكنه منهج تلقائي.أما إذا تأملنا في المنهج الذي سرنا عليه في تحصيلنا لمعارفنا العلمية،وحاولنا أن نحدد قواعده ونسن له قوانينه ونتبين أوجه الخطأ والإنحراف من الصواب والاستتقامة ،ثم من هذا كله فهو طائفة من القواعد العامة الكلية التي تخضع لها في المستقبل طرائق بحثنا،فإن المنهج يكون منهجا عقليا تأمليا.[/rtl]
[rtl]فكأن لدينا إذن نوعين من المنهج :منهج تلقائيا،وآخر تأمليا .وواضح أن هذا الأخير هو الذي يمكن أن يكون موضوعا لعلم،هو هنا المنطق ،لأنه يقوم على التأمل والشعور ،لا على التلقائية واللاشعور غير الواضح''[11]. [/rtl]
[rtl]3. مفهوم العلم والبحث العلمي :[/rtl]
[rtl]أ. مفهوم العلم:le concept de science :إن العلم كمحاولة للسيطرة على الطبيعة وتوجيه الذهن البشري لاكتشاف أسرارها يعتبر ظاهرة تاريخية،غير أن هذا القول يحمل ضمنيا مبررات رفضه بادعاء أن ما عرفته البشرية قديما ليس سوى محاولات للفهم ممزوجة بنظرة إحيائية للطبيعة وميتافزيقية للكون، لكن مع ظهور مفهوم التاريخ والوعي التاريخي استطاع الإنسان أن يدرك أنه لم يكن بالإمكان أن يكون أكثر مما كان، وأن ما كان يبدو لنا مجرد نظرة إحيائية وميتافزيقية للكون ساهمت بتراكمها في ظهور مفهوم حديث للعلم كما نعرفه اليوم و''يعد العلم(science )واحد من النشاطات البشرية التي لعبت أدوارا مهمة ومختلفة عبر مراحل تطور الإنسانية،وقد اعتبر العلم ،من وجهة النظر التقليدية،مجرد مجموعة من المعارف الإنسانية التي تتضمن المبادئ والفرضيات والحقائق والقوانين والنظريات التي كشفها العلم ونظمها بهدف تفسير ظواهر الكون وقد اعتبر كونانتconant هذه النظرة إلى العلم نظرة جامدة وميز بينها وبين النظرة الأخرى التي ترى العلم شيئا متحركا ديناميكيا ونشاطا إنسانيا متصلا لا يعرف الثبات أو الجمود.وهذه النظرة للعلم تشجع على الإكتشاف الذاتي وحل المشكلات وتمثل هذه النظرة العلماء المتخصصون الذين يعملون في مختبراتهم.[/rtl]
[rtl]ويرى كونانتconant أن العلم:سلسلة من تصورات ذهنية ومشروعات تصورية مترابطة هي نتاج لعمليتي الملاحظة والتجريب.وتتفق هذه النظرة للعلم مع نظرة كيرلنجر(kerlinger)الذي يرى أن العلم يعرف بوظيفته الأساسية المثمتلة في التوصل إلى تعميمات بصورة قوانين أو نظريات تنبثق عنها أهذاف فرعية تتلخص في وصف الظواهر وتفسيرها وضبط المتغيرات للتوصل إلى علاقات محددة بينها،ثم التنبؤ بالظواهر والأحداث بذرجة مقبولة''[12].[/rtl]
[rtl]أما قاموس oxford فيعرف العلم بأنه''ذلك الفرع من الدراسة الذي يتعلق بجسد مترابط من الحقائق الثابتة المصنفة والتي تحكمها قوانين عامة وتحتوي على طرق ومناهج موثوقة بها لإكتشاف الحقائق الجديدة في نطاق هذه الدراسة''[13].[/rtl]
[rtl]''ويعرف العلم بأنه نشاط يهذف إلى زيادة قدرة الإنسان على السيطرة على الطبيعة''فالإنسان منذ أن وجد في بيئة يكثر فيها الغموض وتكثر فيها التساؤلات بدأ في البحث عن تفسير لما يحيط به من ظواهر وغموض ،وتوصل إلى الكثير من المعارف والحقائق التي رفعت من قدرته على التحكم بالطبيعة فلما ازدادت معارف الإنسان زادت قدرته على فهم الظاهر الطبيعية وبالتالي زادت قدرته على ضبطها والتحكم بها''[14][/rtl]
[rtl]إذن فالعلم ليس شيئا آخر غير الزيادة في التنظيم والتخصيص ضمن تصورات عامة ترسم الطريق المؤدى إلى المعرفة العلمية الحقيقية التي يمكن أن نصيغ حولها مبادئ وقوانين كلية وهو ما تسمح به الفزياء والرياضيات وبصفة عامة العلوم الحقة رغم الأزمات التي عرفتها هذه العلوم وهو ما سنشير إليه لاحقا ضمن محو آخر وماذام قد حددنا مفهوم العلم والمنهج والتقنية فما المقصود بمفهوم البحث العلمي ؟[/rtl]
[rtl]ب. مفهوم البحث العلمي:[/rtl]
[rtl]بالنسبة للبحث Recherche فقد ظهرت تعريفات لا حصر لها لمفهومه معظمها يدور حول فكرة واحد تؤكد أنه وسيلة للإستقصاء الدقيق والمنظم،يقوم به الباحث لاكتشاف حقائق أو علاقات جديدة تساهم في حل مشكلة ما.ويعرف Whitney البحث بأنه استقصاء دقيق يهذف إلى اكتشاف حقائق وقواعد عامة يمكن التحقق منها مستقبلا ويعرف Hillway البحث بأنه وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة وذلك عن طريق التقصي الشامل والدقيق لجميع الشواهد والأدلة التي يمكن التحقق منها والتي تتصل بهذه المشكلة.[/rtl]
[rtl]ويرى Good أن تعريف البحث يختلف باختلاف أنواع البحوث ومجالاته وأهذافه ووسائله وأدواته وبالتالي فإن من الأفضل ألا ينشغل الباحث أو الدارس منذ بداية دراسته لمناهج البحث بمسألة التعريف ويكتفي بالتأكيد على نوعية البحث الجيد وخصائصه.[/rtl]
[rtl]ويعرف ماكميلان وشوماخر البحث بأنه: (عملية منظمة لجمع البيانات أو المعلومات وتحليلها لغرض معين)أما توكمان فيعرفه بأنه: (محاولة منظمة للوصول إلى إجابات أو حلول للأسئلة أو المشكلات لتي تواجه الأفراد أو الجماعات في مواقعهم ومناحي حياتهم)''[15].أما الباحث المغربي محمد أوزي فيعرف البحث العلمي بأنه ''عملية فكرية منظمة يقوم بها الباحث من أجل تقصي حقائق محددة بشأن ظاهرة أو مشكلة معينة تشكل موضوع بحثه.يسلك الباحث خلال عملية البحث العلمي طريقة منسقة ومنظمة تسمى منهج البحث.بهذف الوصول إلى حلول ملائمة للمشكلة التي يبحث فيها.أو الوصول إلى نتائج بصددها يمكن تعميمها على المشكلات المشابهة لها''[16].[/rtl]
[rtl]وبعد هذا التحديد المفاهيمي الذي نعتبره خطوة منهجية وبيداغوجية في نفس الآن حتى نجمع الشتات والعصارة من مجموع الأدبيات التي تناولت مناهج البحث العلمي والتي توفرنا عليها نلاحظ أن مجموع التعاريف التي استحضرناها كلها تشير تصريحا أو تضمينا إلى صفات المنهج العلمي وممحدداته ويمكن أن نحصرها في :[/rtl]
[rtl]ü حضور فكرة التنظيم[/rtl]
[rtl]ü حضور فكرة التقصي[/rtl]
[rtl]ü حضور فكرة التنسيق[/rtl]
[rtl]ü حضور فكرة الهدف أو النتيجة[/rtl]
[rtl]ü حضور فكرة السيرورة[/rtl]
[rtl]فالمنهج هو بمثابة معمار ينتظم ضمنه مخطط الباحث ومنهجه من أجل تنظيم جميع خطواته التي يحاول من خلال التقصي الذي يتبعه إما عن طريق طرح الأسئلة أو استعمال التقنيات التي تمكنه من ذلك، ثم يعمل بعد ذلك على الربط والتنسيق بين مختلف ملاحظاته وتوجيهها من أجل خدمة هدف معين هو الإجابة على مشكلة البحث ضمن سيرورة لا يمكن فصل لاحقها عن سابقها .[/rtl]
[rtl]4. أهداف المنهج العلمي :[/rtl]
[rtl]إن الهدف من منهج البحث العلمي هو تكوين معرفة وفهم شامل حول المجتمع الذي نعيش فيه وكذلك التحكم في البيئة والمحيط ،وهنا تفرض –بضم التاء وتسكين الفاء- سلطة العلم ،فهو ما يحرك البحث العلمي وليس البحث في حذ ذاته بل الحاجة والرغبة في السيطرة والتحكم في وسائل العيش وكذلك البحث عن ممكنات جديدة،وعبر التاريخ كان للإنسان تفكير في الظواهر الكونية التي عاشها وسعى جاهدا لمعرفة أسبابها وهو ما مكنته منه طريقته العلمية آنذاك التي نسميها نحن الأسطورة ونستعملها بطريقة مجحفة ومشحونة بقدر من التحقير من هذا النمط من التفكير الذي نحاكمه انطلاقا من رؤيتنا الآن ومن المتغيرات التي طرأت على حياتنا التي تختزل في وسائل إنتاجها تطور ملايين من السنين.''ويحدد كريستنسين Christensen أربعة أهذاف للعلم،وهي:[/rtl]
[rtl]ü الوصف،[/rtl]
[rtl]ü التفسير،[/rtl]
[rtl]ü التنبؤ،[/rtl]
[rtl]ü الإنتاج،[/rtl]
[rtl]أ. الوصف:فأما الهدف الأول فإنه يصف بدقة كبيرة الظاهرة الخاضعة للدراسة,وهذه خطوة لا غنى عن تحقيقها ،وبشكل عام فإن المقصود بوصف الظاهرة هو تحديد مكوناتها ودرجة أهمية كل مكون منها،إذا أمكن.[/rtl]
[rtl]ب. التفسير:أما التفسير،فهو يتعلق بتفسير ظهور الظاهرة نفسها،بتحديد أسباب ظهورها مما يقتضي معرفة الشروط الضرورية لظهورها،ولما كانت هناك في معظم الأحيان عدة عوامل تؤدي إلى استثارة الظاهرة ،فإن الأمر يقتضي التآن في تفسير ظهورها والقيام بمراجعة التفسير الذي تم تقديمه،إذا تمت ملاحظة شروط جديدة أو إذا تم إدخال عوامل مسبقة.[/rtl]
[rtl]ت. التنبؤ:وهو هذف لا يتم تحقيقه ما لم تتقدم معرفتنا للظاهرة المدروسة مما يسمح بإمكانية التنبؤ بها.وهذه القدرة تستند إلى معرفة دقيقة للشروط المشجعة لظهور الظاهرة.[/rtl]
[rtl]ث. الإنتاج: الهدف الأخير للعلم والغاية منه إنتاج ظاهرة معينة برغبة العالم،عن طريق توافر الشروط أو العوامل المؤدية إلى ظهورها.فعملية إنتاج الظاهرة تتم عندما نعرف الشروط المتحكمة في إنتاجها وإحداثها,مما يقتضي معرفة دقيقة وعميقة بالظاهرة''[17].[/rtl]