عنف الديكتاتورية - تأليف : ستيفان زفايغ
اشتهر الكاتب النموسي ستيفان زفايغ (مواليد فيينا في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1881) أكثر ما اشتهر كروائي، (واسمه بحسب النطق الألماني شتيفان تسفايغ)، كان شاعراً وكاتب قصة قصيرة ومؤلفاً مسرحياً وكاتب سير ومترجماً، لكن إبداعه الروائي هو الذي انتشر في العالم عبر الترجمات إلى لغات مختلفة، ومنها العربية وقد تُرجم إليها العديد من رواياته، وتضاعف رواجها بعد إقتباس معظمها في الأفلام السينمائية العالمية والعربية أيضاً، ومنها "رسالة من سيدة مجهولة"، ينتمي أدبه إلى النيو - رومانتيكية، وكان مذهباً رائجاً في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين.
وفي عام 1933 وصل النازيون إلى السلطة بإنتخاب ديمقراطي، لكنهم ما لبثوا أن حوّلوا ألمانيا إلى دكتاتورية، تنافس الستالينية في عنفها وبشاعتها، وأدرك زفايغ الخظر وأراد أن يطلق صرخة التحذير، لكنه يعرف تماماً أن الدكتاتورية لا تطيق الصرخات ولا تحبّذ سوى هتافات التأييد، بل هي لا تتساهل حتى مع الصرخة الأولى، وتظهر ردة الفعل في كمّ الأفواه، يليها إستئصال الأفواه وأصحابها.
لذلك لجأ إلى التاريخ، وألبس رأيه ثوباً من الماضي البعيد، وترك للقراء أمر إستكشاف التشابه الكبير بين دكتاتورية الأمس وطغيان اليوم، عام 1936 نشر ستيفان رفايغ كتابه هذا، واختار له حقبة زمنية ترجع أربعة قرون إلى الوراء، الشخصية الرئيسية: جان كالفن أحد أعمدة البروتستانتية، من حيث الأسلوب، صاغ الوقائع التاريخية بسرد مشوّق، وكان قد تمرّس في كتابة السير الذاتية بعرض أقرب إلى فن الرواية، وهو صاحب باع في هذا المجال، ومن حيث المضمون، وضع الحاضر الخاضع للدكتاتورية على خشبة مسرح التاريخ في مرحلة دكتاتورية مشابهة.
جاء جان كالفن إلى جنيف من فرنسا هربا من محاكم التفتيش الكاثوليكية، هو المنضم حديثاً إلى المذهب البروتستانتي، وبدأ حياته المهنية قسيساً في كاتدرائية سان بيار في جنيف، وما لبث خلال فترة زمنية قصيرة أن أمسك بزمام الأمور، وأن أضحى الحاكم الأوحد محولاً المجتمع الديمقراطي إلى دكتاتورية لا رأي فيها سوى رأيه، وكل الأصوات أصداء لصوته، والويل لمن يعترض، وكان كاستيليو في البداية من أنصار كالفن، لكنه لم يتحمل الطغيان وقمع الحريات والزيف الكبير، إذ تحوّل دعاة الإصلاح إلى جلادين يتعاملون مع المعترضين بالعنف، ويذيقونهم أشد أنواع العذاب من السجن إلى الحرمان من الحقوق المدنية، بلوغاً إلى الإعدام ومنه الإعدام حرقاً.
عندما أمر كالفن بإحراق المعترض ميغيل سيرفيت وأشعلت النيران في جسده وهو على قيد الحياة، تمزق كاستيليو غيظاً وبدأت المعركة بينه وبين كالفن، ولم تكن مجرد معركة بين شخصيتين، بل بين تيارين ومنهجين: بين القمع والحرية، بين العنف والحوار، بين التعصب والتسامح، بين الدكتاتورية والديمقراطية.
]http://www.mediafire.com/view/?0m09fkvvora8u61
أو
http://med1fire.com/l6wqd4yb4plg.html]