حروب الموارد Resource wars

الموارد الطبيعية Natural resources
تعتبر هذه عادة الأصول المادية لكوكب الأرض والتي يمكن تقسيمها إلى فئات موجودة في البر وتلك الموجودة في البحر. والأصول الأساسية من الفئة الأولى هي الأرض ذاتها. ويمكن تقسيم الأصول البحرية إلى تلك التي تخص المحيطات – مثل الأسماك – وتلك التي تخص قاع البحر. وتقسم الموارد الطبيعية إقليمياً بين الدول وتعد ملكيتها قانونياً ملكية سلع عامة أو خاصة. وتمثل المحيطات استثناء رئيسياً لهذا الوضع. وبموجب المبدأ التقليدي المتعلق بحرية البحار والفكرة المعاصرة المتعلقة بالإرث العام للبشرية فقد اعتبرت البحار استثناءات من هذا التمحور حول الدولة. وفي حين أن مبدأ حرية البحار كان قصرياً، أي أنه ليس لأحد سيطرة فيما يتجاوز المياه الإقليمية، فإن مبدأ الإرث العام ضمني، أي أن الموارد الطبيعية للمحيطات فيما يتجاوز الولاية القضائية للدول الساحلية هي ملك للجميع (قانون البحار).
أما على الأرض فلا يوجد معادل لمبدأ الإرث الجماعي، مع أنه تجري الآن تحركات هامة لتوفير منظور أكثر عالمية بشأن قضايا مثل غابات الأمطار الاستوائية. وتعتبر إزالة الأحراج مشكلة خطيرة في كثير من بلدان العالم الثالث. وقد أصبح من الواضح أن مقاربة قومية متمركزة حول الذات لمعالجة هذه المشاكل لم تعد مناسبة وأنه يجب البحث عن حلول تعكس الهموم المشروعة العالمية وكذلك تلك المتمحورة حول الدولة.
إن الموارد الطبيعية موزعة بشكل غير متساوق بين الدول في النظام. وقد ولَّد هذا في الماضي، بل حتى في الحاضر، ولا يزال يولِّد حالات تباين بدلاً من حالات المساواة. ويميل المنظرون المهتمون بمفاهيم مثل القدرة والقوة إلى إدخال حالات التباين تلك في تحليلاتهم. وبهذه الطريقة يصبح تخصيص الموارد جزءاً من تفسير ما يرى الكثيرون أنه حالة هرمية وتراصف طبقي. وتصبح هذه النزعة بارزة بشكل خاص حين يتعلق الأمر بتحليلات أكثر تقليدية تستند إلى السياسة الدولية.
كثيراً ما اعتبرت حالات التباين الشائعة في الموارد بين الدول سبباً يدفع إلى الصراع في السياسة الدولية. فالمنازعات بين الأطراف الفاعلة حول الأرض هي من بين أكثر الصراعات الأساسية والسائدة. وهذه المنازعات لا تتعلق فقط أو دائماً بالموارد الطبيعية، بل قد تكون للأرض أهمية رمزية منفصلة تماماً عن مواردها الكامنة. على أنه حين تكون المنازعات على الأرض تجري لأسباب اقتصادية في مجملها فمن المعقول الافتراض بأن الأطراف إنما يتنازعون على الوصول إلى الموارد الطبيعية والسيطرة عليها.
حروب الموارد Resource wars
بما أنه يمكن تعريف "الموارد" بأنها أي شيء يكون موضع رغبة أو حاجة فإن جميع الحروب هي بمعنى هام حروب موارد. على أنه في فترة ما بعد الحرب الباردة أصبح هذا المصطلح يشير إلى قضايا الأمن القومي الناجمة عن توترات بيئية من نوع أو آخر. إن التوزيع غير المتساوي للموارد الطبيعية، إضافة إلى مشاكل التلوث وانحلال البيئة، يمكن أن يؤديا إلى منافسات قومية حول توفر أو توزع السلع النادرة. فالمفهوم المعاصر لحرب الموارد ينطوي على أربعة سيناريوهات محتملة يمكن فيها رفع مجالات القضايا التي كانت فيما مضى تعتبر سياسة دنيا إلى مصاف السياسة العليا المتعلقة بالسلام والأمن.
1- حروب المياه: يمكن للمنازعات حول الوصول إلى إمدادات المياه أن تنفجر إما نتيجة التسخن العالمي أو نتيجة أنشطة دول منابع الأنهار التي تعبر الحدود الدولية. فيشار في بعض الأحيان إلى النيل بوصفه: "نهر واحد وتسع دول". لذا فإن المشاكل المتعلقة بالاشتراك في هذا المورد يمكن أن تكون واسعة النطاق. وهذا ينطبق أيضاً على أقاليم أخرى متفجرة،
لا سيما الشرق الأوسط.
2- حروب الفقر: الفرضية المركزية هنا هي أن الركود الاقتصادي وعدم القدرة على تلبية التوقعات الاقتصادية قد تولد استجابات عنيفة، لا سيما في الدول الفاشية/ الثورية. غير أن النظرية القائلة إن الفقر قد يؤدي إلى العدوان قد تعرضت للنقد من قبل، بين جملة آخرين، الاستراتيجي العسكري الشهير برنارد برودي (Bernard Brodie) الذي قال "إن العوامل المؤهلة للعدوان العسكري هي البطون الممتلئة، وليس الفارغة" (انظر D. Deudney 1996) (غير أن هذا القول يمكن مقابلته بقول الرئيس السابق دي كليرك (De Klerk) عن المشاركة في السلطة في جنوب افريقيا: "إذا لم يأكلوا، فإننا لا ننام".)
3- حروب السلطة: وهي تنويع لحجة الواقعيين القائلة إن التغييرات في الثروة والسلطة النسبيتين الناجمة عن انحلال البيئة قد تؤدي إلى صراع عسكري. ومن الأمثلة التي يستشهد بها في هذا السيناريو هي الجمهوريات المستقلة حديثاً عن الاتحاد السوفياتي حيث توجد دول نووية "غير راضية" جنباً إلى جنب مع دول غير نووية "راضية" نسبياً.
4- حروب التلوث: يتصور السيناريو الرابع وضعاً يقوم فيه طرف فاعل بتلويث طرف آخر إما من جراء سياسات مقصودة تتعلق بالإلقاء الخارجي (للنفايات) أو من خلال انبعاث دخان سام غير مقيَّد. كما قد ينجم هذا النوع من الحرب عن محاولات المحافظة على المشاعات العالمية (بموجب مبدأ التراث الجماعي للبشرية) من المخربين أو "الراكبين (المنتفعين) المجانيين". والمشكلة هنا تكمن في أنه من غير المحتمل لأي دولة على درجة كافية من التصنيع, بحيث تسبب هذه المشاكل أن تكون هدفاً جيداً للقسر. فلم يكن من المعقول، مثلاً، أن تقوم الدول الأوروبية بالسعي لقسر اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بشأن كارثة تشيرنوبل النووية في 1986.
إن كل ما ورد آنفاً يشير إلى احتمال الصراع بين الدول. غير أن الوضع الأكثر احتمالاً هو الصراع بين الجماعات الناجم عن ندرة الموارد. فالمنافسة على الماء والغذاء يمكن أن تؤدي إلى تفاقم إن لم يكن التسبب بالعنف بين الاثنيات في الدول الفاشلة أو ذات البنى المستبدة الضعيفة. فالضغوط الديمغرافية على المكان والموارد إضافة إلى التطهير العرقي والأحقاد من الأسباب المعروفة التي تسبب الصراع داخل المجتمعات.