قراءة في
كتاب.. العلاقات الدولية في الشرقين الأدنى والأوسط وسياسة روسيا على عتبة القرن
الحادي والعشرين
قراءة وإعداد:
مصطفى انطاكي
لم تنحصر
اهمية هذا العمل الذي انجزته مجموعة باحثين روس وعرب في معالجة وتعميم المادة
الحقيقية الفخمة والخاصة بهذا الموضوع فحسب، بل وفي المحاولة الجادة للتنبؤ
بعلاقات روسيا مع بلدان الشرق في مستهل القرن الحادي والعشرين ايضا.
وقد كرس
القسم الاكبر من تلك الدراسة لتسليط الضوء على علاقات روسيا ببلدان الجوار البعيد
الآسيوية، بما في ذلك بلدان الشرق الأوسط، وعلى الدوام تحتل قضايا ومشكلات
العلاقات الدولية الاقليمية في الشرقين الأدنى و الاوسط احد مراكز الصدارة في
سياسات العديد من دور الغرب والشرقين الأدنى والاوسط بما فيها روسيا الاتحادية
وهذا مرده لاسباب عدة من أهمها:
«الموقع
الجغرافي والجيوسياسي لبلدان المنطقة على مشارف القارة الأوروبية وعلى تقاطع خطوط
المواصلات العالمية من البلدان الأوروبيةالى مناطق آسيا الوسطى والشرق الأقصى
وافريقيا.
والأهمية
الكبرى للمنطقة باعتبارها احد المصادر الكبرى لتوريد المواد الخام الاستراتيجية
الى الاسواق العالمية ولاسيما النفط والغاز.. وأخيرا هو ان هذا الجزء من العالم
تكمن فيه نقاط الاوجاع والآلام العديدة والكثير من بؤر النزاع التي تهدد السلم
والأمن العالميين».
إن هذا
الكتاب يحوي مجموعة من البحوث جمعت في بابين:
ـ الأول:
يبحث في المشكلات الحيوية في العلاقات الدولية على ساحة الشرقين الأدنى والاوسط،
متناولا التهديدات والتحديات، وسياسة روسيا الاتحادية في المنطقة.. والمعايير
المزدوجة في سياسة الولايات المتحدة الشرق أوسطية وتفاعل العوامل الاقتصادية
والسياسية.. والمشكلة الكردية في العلاقات الدولية والاقليمية.
ـ أما
الباب الثاني: فيتناول العلاقات الثنائية في مناطق النزاع الشرق أوسطية عارضا وجهة
نظر الباحثين من العلاقات اللبنانية السورية، والمقاربات اللبنانية الاسرائيلية،
والسورية الاسرائيلية، والعلاقات التركية العربية والتركية الاسرائيلية.
إن
الأهمية الكبرى لدراسة المشكلات والقضايا المفصلية في العلاقات الاقليمية على ساحة
الشرقين الأوسط والأدنى تفرزها في الوقت الحاضر، والى حد بعيد المتغيرات الجذرية
الكبرى التي طرأت على الموقف الجيوسياسي، في هذه المنطقة المهمة من العالم
والمرتبطة بالتوجه نحو انتقال العالم من حالة القطبين الى حالة التعددية القطبية
في العلاقات الدولية، فهذه الحالة الأخيرة تتطلب منهجا جديدا في تقدير المصالح
الجيوسياسية، والاهداف الاستراتيجية لسياسة روسيا الخارجية في مناطق الشرقين
الادنى والاوسط على ضوء الحقائق والظروف الراهنة.
ونظرالمكانة
الشرقين الأدنى والاوسط الخاصة في العالم الاسلامي فقد أفرز في هذا الكتاب فصل خاص
يتناول تحليلا لتأثير العامل الاسلامي في العلاقات الدولية الاقليمية.
ولا بد
من الاشارة الى أن المواضيع والفقرات المطروحة هنا تحمل في بعض اجزائها وتقديراتها
طابعا جدلياً بناء وحواريا منطقيا، كما ان هيئة التحرير حرصت على ان تحافظ على
التعددية والتنويع في اساليب ومناهج المؤلفين في تقدير الاحداث ومشكلات العلاقات
الاقليمية مفسحة بذلك للقارئ امكانية التعرف على وجهات النظر المختلفة حول
المتغيرات والتحولات في الموقف السياسي على ساحة الشرقين الأدنى والاوسط.
وخلال
إعداد هذا البحث استخدمت هيئة التحرير إضافة إلى المصادر والمراجع الأخرى مواد
الحوار العربي ـ الروسي حول مشاكل التعاون الروسي العربي الذي عقد في القاهرة خلال
14 ـ 15 شباط 1999، والتي قدمتها إليها الجمعية الروسية للتعاون والتضامن مع
شعوب آسيا وافريقيا.
ويطرح
الكتاب السؤال الهام ويحاول الإجابة عليه: ما هو المستقبل الذي ينتظر العلاقات
العربية الروسية في الموقف الدولي المتغير؟
لقد تركز
جل الاهتمام على ثلاث مسائل أساسية وهي:
1 ـ أزمة
الشرق الأوسط.. وإزالة أسلحة الدمار الشامل من هذه المنطقة.
2 ـ دور
التعاون الروسي العربي في النظام العالمي الجديد وفي مواجهات الولايات المتحدة
وتفردها وتحكمها في السياسة الدولية وفق مصالحها.
3 ـ آفاق
العلاقات الروسية ـ العربية في الظروف الدولية الجديدة.
وبوجه
عام يمكن القول بأن مناطق الشرقين الأدنى والأوسط كانت و لا تزال على عتبات القرن
الحادي والعشرين واحدة من مناطق العالم الثالث الأكثر توتراً وخطورة وقابلية
للانفجار أو مايسمى بقوس الأزمات الذي يمتد من المحيط الأطلسي عبر المغرب والشرق
العربي وحتى بلدان جنوب، وجنوب شرق آسيا.
إن جميع
بلدان هذه المنطقة تقريباً تعاني كما كان حالها في السابق من تأثيرات وضغوط عوامل
عديدة، ومشاكل اقتصادية وديمغرافية وبيئية وتوترات واضطرابات عرقية واجتماعية
ودينية وتدخل دول في الشؤون الداخلية لدول أخرى، والإرهاب، والأنشطة المتطرفة التي
تهدد السلام العالمي والأمن.
إن
الفائدة المرجوة من قراءة هذا الكتاب هي في التعرف على طبيعة العلاقات الدولية
التي تبلورت في الفترة بعد انتهاء الحرب الباردة.. وعلى السرد التاريخي لأحداثها
وعلى وجهة نظر عدد من الباحثين المختصين بشأنها والاستنتاجات التي توصلوا لها.
إن عدم
تطابق وجهة نظر القارئ مع وجهة نظر الباحثين في حالة حصول ذلك لا يقلل من الفائدة
المرجوة.. لاسيما إن تعدد وجهات النظر يغني من ثقافة القارئ ويرفده بمعلومات
إضافية.
ـ
اكاديمية العلوم الروسية ـ
تأليف
مجموعة باحثين روس وعرب
إصدار:
دار المساعدة السورية للتأليف والترجمة والنشر