الجذور التاريخية للإرهاب

الجذور التاريخية للإرهاب

كتبهااكرام بركان ،



الجذور التاريخية للإرهاب:

لقد أصبح الإرهاب عامة من ظواهر الإضطراب السياسي في العصر الحديث مع أنه عرف أكبر أشكاله قديما حيث نشير برديات قدماء المصريين إلى وجود صراع بين الأحزاب الكفنة للدفاع عن أفكار معتقدات دينية(13).

أما في اليونان القديمة فكانت تشير الآثار القديمة إلى هذه الجرائم التي تعود إلى 410ق م و التي تحاول قلب نظام الحكم إلى الحكم بالإعدام للقائمين بتلك المحاولات الفاشلة ومصادرة أموالهم إلى الآله و قد كتب المؤرخ اليوناني زينوفون (xenophone) (349 –430)ق م عن المؤثرات النفسية للحرب و الإرهاب على الشعوب.

و في عصر الرومان كانت الجرائم السياسية و الإرهاب يشكلان صفة واحدة لمرتكبي تلك الأعمال باعتبارهم أعداء للأمة(14).

كما أستخدم الحكام الرومان من أمثال Tiberius (14 – 37م) و caligula (37- 41م) العنف و مصادرة الممتلكات و الإعدام كوسائل لإخضاع المعرضين لحكمها(15).

أما عن أقدم الحركات الإرهابية كانت في المدة بين 66 – 74 ق م على يد عصابة اليهودية متطرفة عرفت باسم السيكاري ،هذه الأخيرة شًكلها يهود نفوا إلى فلسطين في نهاية القرن الأول قبل الميلاد بهدف إعادة بناء الهيكل الذي سمي بالمعبد الثاني حيث قامت بحملة من الإغتيالات و إحداث الحرائق(16).

كما ظهرت في مصر جماعة مارست فن القتل أطلق عليها لادياس بوره:ladias pora و يعني الحزب اليهودي للسلام ضد الأغنياء و هي جماعة من المتعصبين عملت على ترويع اليهود من الأغنياء الذين تعاونو مع المحتل الروماني للمناطق الواقعة على شرق البحر المتوسط ، كما عرفت روما لصوص مثل قاطع الطريق “جواسا تورز” ومختطفين أمثال “راب تورز” كما كانت مذابح القديس “بار شولوس” أشهر الإغتيالات التي تمت تحت رعاية مسيحية و التي قام بها البابا “غريغوري 13” وتواصلت على يد “بيوس 10″ و “سكشو5” و قد أطلق المؤرخون على هذه الفترة مرحلة الإرهاب المسيحي (17).

و في القرون الوسطى ظهرت حركات باطنية ~يبطنون المجوسية~ يدعون الإسلام منها “القرامطة” التي تنتسب إلى حمدان الأشعث و يلقب بقرمط ، كانت فرقة شيعية ظاهرها التشيع وحقيقتها الإلحاد و الإباحية و هدم الأخلاق و القضاء على آل البيت ، حيث عملوا على إنتهاك حرمات الإسلام باعتدائهم على الحجاج و اقتحامهم الكعبة و سرقة الحجر الأسود 319هـ و بقي مدة 20 سنة إلى غاية 339 هـ ، هدموا زمزم …كما عملوا على تفكير كل من لم يعتنق مبدأهم و سفكوا دمائهم و سطوا على أموالهم و استخدموا العنف ذريعة لتحقيق أهداف سياسية(18).

أما فرقة “الحشاشين” يعتبرون من التنظيم الضارب للشيعة بشكل عام و الإسماعلية بوجه خاص من أشهر زعمائها “الحسن بن علي الصباح” الفارسي الأصل،كان هدف هذه الفرقة هو القضاء على الدولة الإسلامية و إقامة دولة شيعية و ذلك عن طريق تصفية رؤوس الدولة الإسلامية السنية و رموزها كالخليفة كبار رجال الدولة… و عليه تعتبر فرقة الحشاشين مجموعة من القتلة و السفاحين يعتمدون الإغتيال المنظم كوسيلة لتحقيق أهدافهم،و سموا بالحشاشين لأنهم استعانوا بمادة الحشيش في تسخير أتباعهم لهم(19).

و على مدى قرنين قاوم الحشاشون الجهود المبذولة من الدولة لقمعهم و تحييد إرهابهم و برعوا في تحقيق أهدافهم السياسية عن طريق الإرهاب(20).

و في الأساس ظهر الإرهاب كتعبير و حتى كممارسة قبل قرنين من الزمن إلا أنه لم يتبلور واقعيا إلا في عام 1793 و كان ذلك في “عهد الرهبه“reign of terror في فرنسا (10 مارس 1793-27 يوليو 1794) و منه اشتقت اللغتان الفرنسية و الإنجليزية كلمة إرهاب terrorism بالأنجليزية، terrorisme بالفرنسية، فخلال الثورة الفرنسية التي أدت إلى سقوط الملك لويس 16 و القضاء على النظام الإقطاعي و أدت إلى صبغ الإرهاب بصبغة سياسية منذ ذلك الوقت(21)،و قد مارس خلالها روبسبير و زمره معده ك سان جيسث st jus و كوثون (kouthon) العنف السياسي على نطاق واسع فلم يصنع الإرهاب الممول من قبل الدولة الهلع و الرعب جموع الشعب الفرنسي فحسب بل طال الرعب الشريحة الأرستقراطية الأوروبية عموما.

فمن أصل سكان فرنسا الذي كان يبلغ عددهم 27 مليون نسمة تمكنت تلك المجموعة من قطع رأس 40 ألف بواسطة المقصلة ،كما تمكنت من إعتقال و سجن 300 ألف آخرين(22).

هناك من يعود بالإرهاب إلى محاكم التفتيش في أسبانيا التي شهدت إرهاب لم يكن له نظير في التاريخ الذي مورس أكثر شيء على الأقليات الدينية ” المسلمين أساسا” فكل من لا يدين بالمسيحية يتهم بالسحر و الشعوذة و يتم إحراقهم حرقا و تعتبر هذه الفترة من أهم محطات الإرهاب الرئيسية(23).

كما تبنت بعض الدول الأوروبية الإرهاب كجزء من الخطة السياسية للدولة مثل دولة ألمانيا النازية و إيطاليا الفاشية و حكم ستالين في الإتحاد السوفياتي آنذاك حيث تمت ممارسة إرهاب تحت غطاء إيديولوجي لتحقيق مآرب سياسية و إقتصادية و ثقافية و من القرن 19 إلى القرن 20 ظهرت حركات و منظمات سياسية في أوروبا استخدمت الإرهاب وسيلة لبلوغ أهدافها السياسية .

و اعتبرت منظمات و جماعات مثل جماعة ” بادر ماينهوف” الألمانية و منظمة “الألوية الحمراء” الإيطـالية ” و الجيش الأحمر الياباني” ” و “الجيش الجمهوري الأرلندي” و ” الدرب المضيء” البرويه و منظمة “إيتا” الباسكية في إسبانيا … إعتبرت من أشهر منظمات الإرهابية في تاريخ القرن العشرين(24).

و مما تقدم تعتبر أوروبا هي الموقع الذي أحيا كلمة إرهاب و أعطاها معاني متعددة إستمدها من الفلسفات التي سّوغت إستخدام الإرهاب وسيلة و من الحركات و المنظمات و الجماعات التي استخدمت هذه الوسيلة سواء في أوروبا أو أمريكا و عليه فهذا المصطلح في الأصل ذو جذور أوروبية – أمريكية و ليس و بدعة عربية و إسلامية.

لقد تطور إستعمال مصطلح الإرهاب فيما بعد الحرب العالمية الثانية و خاصة إثر وراثة الولايات المتحدة الأمريكية الإمبراطورية الإستعمارية المنهاره و نشوء ظاهرة الإستعمار الجديد مما أدى إلى رغبة مجموعة كبيرة من الدول نحو الإستقلال عن هذه الأحلاف و التكتلات مبتعدة عن الحرب الباردة و مشكلاتها و قد أدى الصراع السياسي بين العالم الرأسمالي و الدول المستعمرة التي تريد تنمية مستقلة في إطار حق تقرير مصيرها و إختيار سياساتها الإقتصادية و الإجتماعية إلى لجوء العالم الرأسمالي إلى إجراءات مختلفة كانت من جملة ما نجم عنها معاناة هذه الدول من مشكلات سياسية و إقتصادية أدت بها إلى إنتهاج العنف كوسيلة لحلها .

و من هذا انطلقت تهمة الإرهاب الدولي لتلصق الدول الخارجة عن إرادة الدول الرأسمالية و بحركات التحرر الوطني التي تناضل من أجل الإستقلال و من هنا جاء الخلط المقصود بين الإرهاب و المقاومة(25) التي في نطاقها أصبحت العمليات التي يقوم بها الثوار أعمال شرعية تستمد شرعيتها من المواثيق الدولية و أحسن مثال على ذلك حرب الفيتنام و حرب فلسطين 1998.

و بوقوع متغيرات الدولية التي أنهت الحرب الباردة و قيام نظام دولي جديد هذا النظام الدولي المعلن عنه كنموذج لإطار فكري لمرحلة ما بعد الحرب الباردة يعرف معارضه الوحدات السياسية الفاعلة أو الثانوية في السياسة الدولية التي رأت فيه نظاما جائرا، خاصة تلك الشعوب التي عانت من النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية و إنقسام العالم إلى كتلتين متطرفتين و تأثير ذلك و الذي مهد إلى بروز ظواهر جديدة ميزتها الأساسية حركات ذات طبيعة خصوصية ” حركات ذات خطاب ديني، عرقي، قومي، ثقافي ” الذي تتعدى الطرح القومي و تسعى إلى بلورة سياسات عالمية ذات طبيعة شمولية أي الإنتقال من الإرهاب القطري إلى الشمولي (26)، و كان لابد لهذا الواقع أن يفرز أنماطا حديثة من المنظمات تتوسل الإرهاب و يفرز مدارس إرهابية أكثر تطورا و أشد خطرا علما أن التقنية النووية و التقنية الإلكترونية لم تعد حكر على الدولة و هو ما ظهر في هجمات 11/09/2001 على و.م.أ

الهوامش



13- فراس البيطار : “الموسوعة السياسية و العسكرية ” عمان ، دار أسامة للنشر و التوزيع ، الجزأ الأول ، بدون طبعة ، السنة 2003 ص(16) .

14- فهد الساكت : “موسوعة أشهر الإغتيالات السياسية في العالم” مرجع سابق ،ص(9 )

15- يحي عبد المبدي :”مفهوم الإرهاب بين الأصل و التطبيق ” 25/11/2001

www.Islamonline.com

16- فراس البيطار : “الموسوعة السياسية و العسكرية “ مرجع سابق ص)16( .

17- مذكرة ليسانس “التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب“ جامعة قسنطينة سنة 2004ص(.

18- القرامطة “دراسة مبسطة” : www.Almawrouth.com

19- الحشاشون : www.Islammissage.com

20- “الإرهاب“ er.wikeipidia.org

21- أحمد محمد رفعت ، صالح بكر الطيار :”الإٍهاب الدولي” مرجع سابق ص) 20 .21( .



22- محمد السماك: “الإرهاب و العنف السياسي ” بيروت ، درا النفائس للطباعة و النشر و التوزيع ، الطبعة الثانية ، السنة 1992 ،ص)19( .

23- فهد ساكت : “موسوعة أشهر الإغتيالات السياسية في العالم” مرجع سابق ،ص)19( .

24- يحي عبد المبدي :”مفهوم الإرهاب بين الأصل و التطبيق “مرجع سابق .

25- فراس البيطار : “الموسوعة السياسية و العسكرية “ مرجع سابق ص)16 .17(

26-عبد اللطيف بوربي :”الإرهاب و العولمة من القومية إلى الشمولية “مجلة الجيش عدد 483 ، أكتوبر 2003