الشرق الأوسط منطقة شاسعة تشتمل على أجزاء من إفريقيا الشمالية، وجنوب غربي آسيا، وجنوب شرقي أوروبا. ويختلف العلماء بشأن الأقطار التي تشكل الشرق الأوسط. غير أن كثيرًا منهم يتفق على أن الإقليم يتكون من قبرص، ومصر، وإيران، والعراق، وفلسطين المحتلة، والأردن، والكويت، ولبنان، وعمان، وقطر، والبحرين والمملكة العربية السعودية، والسودان، وسوريا، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، واليمن. وتبلغ مساحة هذه الأقطار مجتمعة حوالي 9,694,000كم²، كما أن عدد سكانها يصل إلى حوالي 262 مليون نسمة.
وكثير من مناطق الشرق الأوسط صحراء حارة، غير أن واديي نهري دجلة والفرات في العراق ووادي نهر النيل في مصر كانا مهدًا لاثنتين من أولى الحضارات القديمة العظيمة في العالم وهما سومر ومصر القديمة. وقد تطورت هاتان الحضارتان في المنطقة بعد سنة 3500 ق.م. كذلك فإن هذه المنطقة انبثقت فيها الأديان السماوية الثلاثة: الإسلام والنصرانية واليهودية.
ومنذ ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي تمكن العرب المسلمون من فتح دول الشرق الأوسط، وأصبح ما يزيد عن 90% من السكان مسلمين. ويشكل المسلمون السنة أغلبية، غير أن هناك عددًا كبيرًا من المسلمين الشيعة في كل من العراق وإيران. كما أن هناك أعدادًا قليلة منهم في بعض أقطار الشرق الأوسط.
وتمثل منطقة الشرق الأوسط منطقة اقتصادية مهمة، إذ إنها تختزن في باطنها أكبر احتياطي للنفط كما أنها تعتبر أكبر منتج له في العالم. وقد تعرّضت كثيرًا لعدم الاستقرار السياسي وكثرة النزاع والتوتر.
السكان
أصول السكان. تنتمي شعوب الشرق الأوسط إلى جماعات عرقية مختلفة تعتمد إلى حد كبير على الثقافة واللغة والتاريخ. فالعرب يشكلون أكثر من ثلاثة أرباع سكان الشرق الأوسط ويعيشون في أقطار مختلفة. ويشترك العرب في ثقافة واحدة ولغة واحدة هي اللغة العربية. كما يشكل الإيرانيون جماعات رئيسية أخرى في المنطقة. وهناك بعض الجماعات القومية الصغيرة الأخرى في الشرق الأوسط، تشمل الأرمن، والإغريق، والأكراد والشراكسة والشيشان وبعض الجماعات الأخرى.
أنماط المعيشة. كان معظم سكان الشرق الأوسط يعيشون حتى القرن العشرين في قرى ومدن صغيرة، ويكسبون أرزاقهم من الزراعة. وهناك فقط عدد قليل ممن يسكن المدن. ومنذ الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) نزح عدد كبير من السكان بعيدًا عن القرى الريفية نحو المناطق الحضرية.واليوم فإن أكثر من نصف سكان معظم أقطار الشرق الأوسط يعيشون في المدن الكبيرة. ويحتفظ السكان في الشرق الأوسط بروابط قوية مع عائلاتهم وجماعاتهم التي تشاركهم الدين واللغة.
وعلى العموم فإن لسكان المدن أنماطًا للمعيشة أكثر حداثة من تلك التي ينتهجها سكان القرى الريفية. ففي المدن يتحرك الناس بالسيارات بسرعة أكبر، ويعملون في وظائف بأعمال تجارية، وفي التعليم، وفي المؤسسات الحكومية والإعلام.
الدين واللغة. الشرق الأوسط هو المهد الذي ولدت فيه اليهودية والنصرانية والإسلام. وهناك أكثر من 90% من سكان المنطقة بما في ذلك معظم العرب والإيرانيين والأتراك يدينون بالإسلام. وتبلغ نسبة السكان النصارى 7% من جملة السكان. وأكبر الجماعات النصرانية هم الأقباط، والروم الأرثوذكس، والمارونيون. أما اليهود الذين يمثلون نسبة 1% من السكان الأصليين فيعيشون في فلسطين المحتلة (إسرائيل).
أما اللغة الأساسية في الشرق الأوسط فهي اللغة العربية. وتمثل اللغة الفارسية اللغة الرسمية في إيران. ويتحدث الناس في تركيا اللغة التركية. وهناك لغات أخرى في الشرق الأوسط منها البلوشية والكردية.
السطح
في الناحية الشمالية من الشرق الأوسط تمتد بعض الجبال على حافة الهضاب الداخلية. وترتفع جبال البنط وجبال طوروس في تركيا، كما تمتد جبال إلبرز وزاغروس عبر إيران.
أما الناحية الجنوبية من الشرق الأوسط فهي هضبة جرداء شاسعة. وتقع بضع صحارى كبيرة في هذه المنطقة. وتشكل الصحارى الغربية والشرقية المصرية جزءًا من الصحراء الكبرى. ويمتد الربع الخالي عبر الجنوب الشرقي للمملكة العربية السعودية.
وفي الشرق الأوسط منطقتان نهريتان هما منطقة دجلة والفرات، ومنطقة وادي النيل. ويبدأ كل من دجلة والفرات في جبال تركيا، ويجريان داخل سوريا والعراق. وفي العراق يلتقي النهران ويكوّنان شط العرب الذي يصب في الخليج العربي. ويجري النيل شمالاً مخترقًا السودان ومصر حتى يصب في البحر الأبيض المتوسط.
وقد أخذ نمط المعيشة في المناطق الريفية في الشرق الأوسط يتغير عما كان عليه الحال، حيث أخذ المزارعون يستخدمون الآلات الزراعية الحديثة. غير أن بعض المزارعين ما زالوا يتبعون طرق الزراعة التقليدية كتلك التي كان يمارسها أجدادهم قبل مئات السنين. وما زال بعض سكان الشرق الأوسط يعيشون عيشة بدوية، ويسكن هؤلاء القوم في الصحراء، ويعتنون بتربية الماشية والماعز والضأن.
منذ أواسط القرن العشرين حدثت تغيرات في حياة المرأة الحضرية في الشرق الأوسط. وكانت النساء في المناطق الريفية يعملن دائمًا في الأعمال الزراعية جنبًا إلى جنب مع أزواجهن، غير أن معظم النساء الحضريات كن يبقين في بيوتهن. واليوم يرى كثير من النساء وهن يعملن في ميدان العمل التجاري وفي حقل التعليم والدوائر الحكومية.
لمزيد من المعلومات حول الشرق الأوسط انظر: السكان في المقالات المختلفة عن أقطاره.
الاقتصاد
ظلت الزراعة لفترة طويلة أهم نشاط اقتصادي في الشرق الأوسط. ويعمل أكثر من نصف السكان بالزراعة. غير أن اكتشاف النفط في منطقة الشرق الأوسط خلال أوائل القرن العشرين قد غير إلى حد كبير اقتصاد بعض البلدان. وأصبح إنتاج النفط صناعة أساسية. وازداد التصنيع وخاصة المنتجات المصنوعة من النفط (البتروكيميائية). وفي بعض البلدان مثل مصر فإن السياحة أصبحت من الصناعات الرئيسية.
الزراعة. من بين المحاصيل الرئيسية التي ينتجها الشرق الأوسط الشعير، والقطن، والبرتقال، وقصب السكر، والتبغ، والقمح. وكثير من مزارعي الشرق الأوسط لا يملكون الأراضي الزراعية التي يعملون عليها. ولكن منذ الحرب العالمية الثانية تمكن عدد من هؤلاء من امتلاك أراضٍ زراعية صغيرة. وقد تضاعفت مساحة الأراضي الزراعية في كل من مصر والعراق والمملكة العربية السعودية وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. وكان ذلك نتيجة استعمال المخصبات والسماد والمعدات الأفضل وطرق الري المتطورة. وعلى كلٍ فما زال هناك كثير من المزارعين ممن يستخدمون الآلات الزراعية التقليدية والطرق العتيقة.
التعدين. يعتبر النفط أهم المعادن التي ينتجها الشرق الأوسط. وبالمنطقة ثلاثة أخماس مخزون العالم من احتياطي النفط. والبلاد الرئيسية المنتجة للنفط هي إيران وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت والإمارات العربية المتحدة والعراق. ويباع معظم إنتاج النفط لأقطار أوروبا واليابان.
وفي سنة 1960م أسست بعض البلدان المنتجة للنفط منظمة الأقطار المصدرة للنفط وهي المعروفة اختصارًا باسم أوبك، وذلك لتتمكن من السيطرة على أسعار النفط. وحدث في أثناء الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1973م أن عمدت بعض الدول العربية الأعضاء في منظمة الأوبك إلى إيقاف تدفق النفط أو تخفيض إنتاجها للدول التي كانت تقف في مساندة إسرائيل، وعندها ارتفعت أسعار النفط في هذه الأقطار ارتفاعًا ملحوظًا.
ومن بين المعادن التي تستخرج في الشرق الأوسط الفحم الحجري وخام الحديد والفوسفات. وتستغل مناجم الفحم الحجري في إيران وتركيا. ويستخرج الحديد في كل من مصر وتركيا. أما الأردن فإنها تستخرج خمس إنتاج العالم من الفوسفات.
التصنيع. إن دول الشرق الأوسط الصناعية الرئيسية هي مصر وإيران وتركيا. وتنتج هذه الدول الثلاث مجتمعة 6% من سكر العالم النقي، و5% من الأسمنت والمنسوجات القطنية. كذلك فإن الشرق الأوسط ينتج كمية قليلة من المنتجات التقنية مثل قطع غيار أجهزة الحاسوب والطائرات المقاتلة. وقد دأبت بعض الأقطار المنتجة للنفط منذ أواخر الستينيات على إقامة مصانع تعمل على الإفادة منه كالمملكة العربية السعودية. ومن بين صناعات النفط التي أنشأتها هذه البلدان صناعة (البتروكيميائيات).
نبذة تاريخية
المدنية القديمة. منذ 25,000 سنة قبل الميلاد، والناس يعيشون في منطقة الشرق الأوسط. وفي هذه المنطقة بدأت الزراعة حوالي سنة 8000 ق.م. وفي الفترة بين سنة 3500 و3100 ق.م، ظهرت في هذه المنطقة حضارتان من أعظم ما عرف التاريخ هما: حضارة سومر وحضارة مصر. وقامت حضارة سومر على ضفاف نهري دجلة والفرات. وقد استوعب البابليون فيما بعد حضارة سومر هذه. وبزغت حضارة المصريين حول حوض وادي النيل.. وفي حوالي سنة 1900 ق.م، جاءت أمة تعرف باسم الحيثيين واستولت على المنطقة المعروفة الآن باسم تركيا. وكانت هناك بعض الأمم الأخرى التي نظمت مجتمعاتها في المنطقة مثل الفينيقيين.
ومنذ بداية القرن التاسع قبل الميلاد بدأ تعاقب الغزاة في احتلال هذه المدنيات. وكان من بين هؤلاء، الآشوريون والميديون والفرس وأخيرًا الإسكندر الأكبر الذي احتل منطقة الشرق الأوسط في سنة 331ق.م، ووحَّدها في إمبراطورية واحدة قبل أن يلقى حتفه في عام 323 ق.م. ثم جاء بعد ذلك العصر الهيلينستي (اليوناني) الذي حقق خلال فترة الثلاثمائة سنة التالية إنجازات عظيمة في ميداني العلوم والفنون الجميلة.
وبحلول عام 30 ق.م، كان الرومانيون قد استولوا على معظم أراضي الشرق الأوسط. وولد السيد المسيح خلال فترة الحكم الروماني في بيت لحم بفلسطين، وانتشرت النصرانية في سائر أرجاء الإمبراطورية الرومانية وبذلك أخذت تحل محل المعتقدات الوثنية. وبقيت النصرانية الديانة الرئيسية في الشرق الأوسط حتى ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي.
الدول الإسلامية. ولد سيدنا محمد ³ في مكة حوالي سنة 570م. وفي عام 622م هاجر إلى المدينة المنورة، التي أصبحت مركز الدين الإسلامي والدولة الإسلامية الناشئة. وبعد وفاة النبي ³ قام المسلمون بنشر الدين الإسلامي في كل من مصر والعراق وسوريا. ودخل أهالي تلك البلاد في الدين الإسلامي، كما أصبحت اللغة العربية لغتهم. وبحلول عام 93هـ، 711م، كان الحكم الإسلامي العربي قد امتد من أسبانيا في الغرب إلى إيران في الشرق. وكان الحكام من الأسرة الأموية يديرون هذه المناطق من عاصمتهم دمشق. وفي عام 133هـ،750م انتقل الحكم من الأمويين إلى العباسيين وأصبحت بغداد عاصمة الإمبراطورية الإسلامية.
وخلال العهود الأخيرة للخلافة العباسية تقاطرت بعض جماعات الأتراك المسلمين من أواسط آسيا وأخذوا في غزو الدولة العباسية. وكان السلاجقة أهم هذه الجماعات، وقد استولوا على بغداد سنة 447 هـ، 1055م، ثم بعد ذلك احتلوا أراضي سوريا وفلسطين الحالية. وفي عام 657 هـ، 1258م استولى المغول الذين قدموا من الصين على بغداد وقَوَّضُوا ما بقي من الدولة العباسية.
في القرن الرابع عشر الميلادي استقرت الأسرة العثمانية التركية في الأناضول (تركيا حاليًا). وفي القرن السادس عشر الميلادي ضم العثمانيون الأراضي العربية في الشرق الأوسط إلى دولتهم. وفي ذلك الوقت كان العثمانيون قد تغلغلوا في شبه جزيرة البلقان، وخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أخذت الدولة العثمانية في التدهور والضعف، وفقدت بعض أجزاء دولتها. وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى (1914-1918م)، كانت بعض الدول الأوروبية قد حققت الكثير من المكاسب الاقتصادية والسياسية من الدولة العثمانية في الشرق الأوسط.
الحرب العالمية الأولى. عندما شبت الحرب العالمية الأولى انضمت الدولة العثمانية إلى ألمانيا ضد كل من بريطانيا (المملكة المتحدة) وفرنسا وإيطاليا وروسيا. أما العرب الذين كانوا يأملون في نيل استقلالهم من العثمانيين فإنهم وقفوا يساندون الحلفاء الأوروبيين. ووعدتهم بريطانيا بإنشاء حكومة عربية في الشرق العربي بعد الحرب. غير أن إنجلترا في نفس الوقت اتفقت ـ سرًا ودون علم العرب ـ مع فرنسا على تقسيم الشرق الأوسط إلى مناطق حكم ونفوذ إنجليزية وفرنسية. وفي سنة 1917م أصدرت بريطانيا إعلان وعد بلفور الذي أيدت فيه إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، على حساب حقوق الشعب العربي الفلسطيني.
وفي عام 1923م أصبحت الدولة العثمانية المهزومة جمهورية تركيا. وقسمت عصبة الأمم معظم الأراضي العربية في الشرق الأوسط إلى مناطق انتداب. فاستولت فرنسا على لبنان وسوريا. واستولت بريطانيا على العراق والأردن (التي كانت تسمى آنذاك شرق الأردن حتى عام 1949م) وفلسطين. كذلك ظلت بريطانيا مسيطرة على مصر التي احتلتها عام 1882م. وقام العرب بعدة ثورات في محاولة للاستقلال في السنوات التي تلت الحرب. واستطاعت كثير من البلدان أن تحقق استقلالها خلال الثلاثينيات والأربعينيات من هذا القرن.
فلسطين. في الفترة بين سنة 1933 و1935م هاجر أكثر من 100,000 يهودي إلى فلسطين من ألمانيا النازية وبولندا. وقد أثارت الهجرة اليهودية مخاوف الفلسطينيين العرب الذين كانوا يريدون أن تصبح بلدهم فلسطين بلدًا عربيًا مستقلاً. وفي عام 1936م دعوا إلى إضراب عام شل الحركة كليًا في فلسطين.
وفي عام 1947م صوتت الأمم المتحدة على تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما عربية والأخرى يهودية. ووافق اليهود على هذا الحل وأسسوا دولة إسرائيل في 14 مايو سنة 1948م. وكان عدد اليهود رسميًا في سجلات الانتداب البريطاني لم يتجاوز 7% من سكان فلسطين، أما بقية اليهود فقد كانوا مهاجرين جدد من أوروبا الشرقية والغربية وبلدان أخرى. ولم يكونوا مواطنين مسجلين رسميًا لدى الدولة المنتدبة (بريطانيا). وقد رفض العرب الذين كانوا يشكلون معظم سكان فلسطين هذه الخطة. وفي اليوم التالي شب القتال بين الكيان الصهيوني وكل من مصر والأردن والعراق ولبنان وسوريا والسعودية واليمن.
وعندما انتهت الحرب في سنة 1949م كانت إسرائيل قد ضمت إليها نصف الأراضي التي خصصتها الأمم المتحدة للدولة العربية. وبقي قطاع غزة في يد مصر، كما أبقت الأردن الضفة الغربية تحت حكمها ثم ضمتها إليها فيما بعد. وكان من ضمنها القدس الشرقية التي تضم المقدسات الإسلامية والنصرانية. وشُرِّد حوالي 700,000 عربي فلسطيني نتيجة العمليات العسكرية وتنكيل اليهود بهم أو طردوا من أراضيهم الفلسطينية وأصبحوا لاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان.
استمرار الصراع. شهدت فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين ظاهرة الانقلابات العسكرية وسيطرة العسكريين على الحكم في دول عديدة. وفي عام 1956م أمَّم جمال عبد الناصر شركة قناة السويس التي كانت تحت سيطرة بريطانيا وفرنسا لتمويل بناء السد العالي من رسوم عبور القناة. فما كان من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل إلا أن غزت مصر بقواتها. غير أن الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (سابقًا) ووقوف الأقطار العربية شعوبًا وحكومات والدول الإسلامية وشعوب العالم الثالث إلى جانب مصر أثرت في إجبار الغزاة على الانسحاب من الأراضي المصرية..
وفي 5 يونيو 1967م شنت إسرائيل هجومًا واسعًا على كل من مصر وسوريا والأردن وتمكنت من ضرب الطيران المصري وتعطيله في قواعده واحتلت شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، ومرتفعات الجولان السورية والضفة الغربية والقدس الشرقية وأصبح حوالي مليون عربي فلسطيني تحت الحكم الإسرائيلي.
أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية التي أُسِّسَت عام 1964م قوة مهمة في الشرق الأوسط بعد حرب سنة 1967م. والمنظمة تمثل اتحادًا كونفدراليًا من حركات المقاومة الفلسطينية التي تهدف لاسترجاع فلسطين وإقامة دولة عربية فلسطينية فيها.
وفي عام 1973م بدأت حرب أكتوبر بين سوريا ومصر من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وعبر المصريون قناة السويس والاستحكامات الحربية الإسرائيلية التي أقامها الإسرائيليون شرقي القناة. وأعلن الرئيس المصري محمد أنور السادات بأنه على استعداد للدخول في مفاوضات لإقرار السلام في الشرق الأوسط.
محاولات السلام. عقد كل من الرئيس المصري محمد أنور السادات، ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيجين والرئيس الأمريكي جيمي كارتر محادثات في كامب ديفيد بالولايات المتحدة. وكانت نتيجة تلك المحادثات عقد معاهدات عُرفت باتفاقيات كامب ديفيد عام 1979م. وفي هذه الاتفاقيات تم عقد صلح بين مصر وإسرائيل واتفق على انسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء المصرية. وقد نصت هذه الاتفاقيات على أن تتفاوض إسرائيل مع الأردن والفلسطينيين لمنح حكم ذاتي للضفة الغربية وقطاع غزة.
وقد ووجهت هذه المعاهدة بمعارضة شديدة من الزعماء العرب واعتبرت صلحًا منفردًا وخروجًا على الإجماع العربي. وبموجب هذا الاتفاق انسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء.
التطورات الأخيرة. وفي خلال السبعينيات من هذا القرن انهار التوازن الدقيق في لبنان بين الفئات ذات النفوذ من النصارى الموارنة والمسلمين. وأجَّجت إسرائيل النزاع بين هذه الفئات متذرعة بوجود قوات منظمة التحرير الفلسطينية المسلحة في البلاد. وكان غالبية اللبنانيين يؤيدون منظمة التحرير، ولكن المارونيين بزعامة حزب الكتائب كانوا يعارضون وجود الفلسطينيين في لبنان. وفي عام 1975م اندلعت الحرب الأهلية. وفي سنة 1976م قامت سوريا بإرسال جنود إلى لبنان وأعلنت الحكومة السورية أن هدف ذلك المساعدة على إعادة النظام. وفي سنة 1991م أدّى الاتفاق بين الجانبين المتنازعين إلى إنهاء القتال في لبنان على أساس اتفاقية الطائف التي أُبرمت في المملكة العربية السعودية.
في سنة 1979م حدثت ثورة في إيران. وتولى آية الله الخميني الحكم، وأصبحت إيران جمهورية إسلامية. ودخلت إيران والعراق في حرب سنة 1980م، بسبب نزاع على الحدود وبعض الخلافات الأخرى. واستمر القتال لفترة ثمانية أعوام. وأخيرًا في أغسطس 1988م اتفق الجانبان على وقف إطلاق النار.
كما شهدت هذه الحقبة ظاهرة بروز التيارات السياسية الإسلامية كقوة مؤثرة على الساحة في العديد من الأقطار العربية وبخاصة في مصر والجزائر وتونس والسودان.
ومرة أخرى تأجج النزاع العربي الإسرائيلي في أواخر عام1987م، إذ قام العرب الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة بمظاهرات واسعة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ما لبثت أن تحولت إلى انتفاضة شعبية عارمة عمَّت جميع الأراضي العربية الفلسطينية بما فيها فلسطين المحتلة عام 1948م والضفة الغربية المحتلة عام 1967م بالإضافة إلى قطاع غزة المحتل، فقتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 300 فلسطيني. وقُتل بعض الإسرائيليين، واستمرت الانتفاضة قوية. وفي يوليو عام 1988م قطعت الأردن ارتباطاتها بالضفة الغربية وتركت المهام المالية والإدارية التي كانت تقوم بها.
وفي ديسمبر سنة 1988م أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية عن إقامة دولة فلسطينية دون أن تكون لها أراضٍ تقوم عليها.
وفي 2 أغسطس 1990م غزا العراق الكويت فشكلت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الغربية ودول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية تحالفًا دوليًا بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تمكن من إجبار العراق على سحب قواته من الكويت، وإعادة الكويت دولة مستقلة في نهاية فبراير 1991م. ولاتزال المنطقة العربية تعاني من تداعيات ذلك الحدث، حيث لايزال يلقي بظله على مسيرة التضامن العربي، ويحجب إمكانية بروز استراتيجية عربية موحدة تجاه القضايا العربية المصيرية.
وفي شهر أكتوبر 1991م افتتح مؤتمر السلام في مدريد بين إسرائيل والدول العربية في الشرق الأوسط وممثلين من سكان قطاع غزة والضفة الغربية. وخلال محادثات جرت بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في أوسلو عام 1993م اتفقت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على الاعتراف المتبادل بين الطرفين. وفي 13 سبتمبر وقّع الطرفان على اتفاقية تنص على اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء النزاع والمباشرة بتطبيق خطة للحكم الذاتي وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة والضفة الغربية.
.