إضافة إلى تعقده المتناهى، فإن مفهوم الصراع يتميز بالإشارة في كل مكان في المجتمع حولنا. أينما ينظر المرء فعادة ما تكون هناك إحدى صور أو دوائر الصراع، أو مستوى من مستوياته. فمن جانب قد تكون صورة الصراع كامنة مستترة ، أو في مرحلة التطور والظهور، وقد تكون سافرة واضحة. ومن جانب آخر فإن دوائره أو مستوياته قد تتحدد عند مستوى أو أكثر على نحو ما يلى :
أ- ففى الدائرة الفردية أو الشخصية عادة ما يوجد الصراع بين الأقران والأزواج، والأبناء ، والأصدقاء، والجيران. والملاحظ أن السمة الخاصة بالصراعات والنزاعات في هذا المستوى، أنه غالبا ما يؤدى إلى حدوث أنواع من الخسارة في العلاقات الشخصية أو الفردية لأطرافها قد تمتد على المدى الطويل.
ب- أما على المستوى المجتمعى فقد تحدث الصراعات داخل أكثر من دائرة: فالمنظمات الاجتماعية بطبيعتها تمثل ساحة أو مجالا للاحتكاكات ذات الصبغة العاطفية العالية. فعلى سبيل المثال، فإن الكنائس ، والنوادى، واتحادات ملاك المساكن والجيران، والاتحادات المهنية، وما شابهها إنما تشهد كلها نماذج للصراع بين الأفراد والجماعات، كذلك أيضا في أماكن العمل تثار المنازعات بين العاملين، والمديرين، والمشرفين، والموظفين وأصحاب الأعمال، كما أن هذه المنازعات قد تتطور وتتسع فتصل إلى مستويات أعلى بين كبار المديرين أو أعضاء مجلس الإدارة. وفى هذا السياق ، فإن هناك العديد من الشركات التى تضطر لتحمل أعباء وتكاليف مالية باهظة في محاولاتها لتسوية الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها من شركات أخرى أو من أطراف داخلها.
ج- وفى القطاع العام أيضا يحدث الصراع بصورة منتظمة بين رجال الصناعة، وبين أعضاء جماعات حماية المصالح العامة ، والهيئات الحكومية، بل أيضا بين المستويات المتعددة من السلطة أو الحكومة الوطنية الواحدة. وبالطبع فإن العديد من هذه المنازعات قد يكون لها آثارها الخطيرة والمدمرة، والتى قد يتراوح مداها بين مجرد المشكلات النفسية والصحية للأطراف المتورطة فيها ، وبين الخسائر المالية والمادية للموارد المالية والبشرية والوقت المستهلك والجهد المستنزف للأفراد .
د – إضافة إلى ذلك ، فهناك المستوى الدولى حيث نماذج الصراعات الدولية اكثر وضوحا في أشكالها ومستوياتها، وإن اتسمت غالبا بالتعقيد والتداخل الشديدين.
أما فيما يتعلق بموضوع الصراع وتنوع آلياته ، فهو قد يكون صراعا سياسيا أو اقتصاديا أو مذهبيا أو اجتماعيا أو حتى تكنولوجيا .كما أن أدوات الصراع يمكن أن تتدرج من أكثرها فاعلية إلى أكثرها سلبية , ومن نماذجها على سبيل المثال :الضغط , والحصار, والاحتواء والتهديد والعقاب والتفاوض والمساومة والإغراء والتنازل والتحالفات ، والتحريض ، والتخريب، والتآمر. أما الحرب فهى التصادم الفعلى بوسيلة العنف المسلح حسما لتنقضات جذرية لم تعد تجد لحلها الوسائل الأكثر لينا أو الأقل تطرفا. ولذلك ، تعد الحرب نقطة النهاية في بعض الصراعات الدولية (69) .
2-أنواع الصراع
تتنوع التقسيمات المختلفة للتميز بين الصراعات بتعدد المعايير أو المؤشرات المستخدمة من قبل الباحثين . وفى هذا الصدد، يمكن الإشارة فيما يلى مجموعة من معايير التمييز بين الأنواع المختلفة للصراعات. فمن المنظور المتعلق بمصدر الصراع، فإنه يمكن التمييز بين صراع بنيوى وصراع مدركى. أما فيما يتعلق بمسببات الصراع فتقسم الصراعات إلى صراعات العلاقات، وصراعات المعلومات ، وصراعات المصالح، وصراعات البنيات، وصراعات القيم. كذلك فإن درجة ظهور الصراع يتم على أساسها التمييز بين الصراع العلنى أو المسافر ، والصراع الكامن والمستتر، والصراعات المقهورة أو المقموعة. إضافة إلى ذلك فهناك أيضا موضوع الصراع ، وعلى ضوئه يتم التمييز بين صراع سياسى، واقتصادى، واجتماعى، وثقافى، ....إلخ أما المتغير الخاص بأطراف الصراع، فعادة ما يستخدم في تقسيم الصراعات إلى ثنائية ومتعددة. وأخيرا ، فهناك درجة العنف المرتبطة بالصراع والتى يتم على اساسها التمييز بين الصراعات العنيفة ، والأخرى غير العنيفة .
2-أ- أنواع الصراع طبقا لمسبباته:
باستخدام مفهوم دائرة الصراع، فإن أنواع الصراع طبقا لمسبباتها يمكن التمييز فيها بين المجموعات الخمس الرئيسية التالية: أ) صراعات تنشأ بسبب العلاقات بين الأفراد أو الناس ، ب) صراعات تنتج عن مشكلات المعلومات، ج) صراعات تسببها المصالح ، د) الصراعات البنيوية أو الهيكلية ، هـ) صراعات بسبب القيم.
صراعات العلاقات:
وتنشأ هذه الصراعات بسبب وجود انفعالات سلبية قوية، سواء نتجت عن سوء فهمن أو نتيجة لوجود صور نمطية معينة، أو لسوء الاتصالات أو فقرها، أو لتكرار أنماط سلوكية سلبية . وغالبا ما تؤدى هذه المشكلات إلى ما يسمى بالصراعات غير الواقعية (70)، أو غير الضرورية(71) لأنها من الممكن أن تحدث عندما تتوافر الظروف الموضوعية للصراع، مثل قصور الموارد المحدودة، أو قصور الأهداف المتبادلة وهكذا، فإن صراعات العلاقات، وعلى نحو ما سبق ذكره ، غالبا ما تشعل المنازعات وتؤدى بشكل غير ضرورى، إلى تصعيد الصراعات المدمرة.
صراعات المعلومات:
تحدث هذه الصراعات عندما تفتقد الأطراف المعلومات الضرورية اللازمة لاتخاذ القرارات الحكيمة، أو عندما يتم تزويدهم بمعلومات غير صحيحة، أو عندما يختلفون حول أهمية المعلومات، أو الاختلاف في تفسيرها ، أو عندما يصل الأفراد إلى تقييمات مختلفة بصورة جذرية لنفس المعلومات. وهنا تجب الإشارة إلى أن حدوث صراعات المعلومات قد لا تكون ضرورية الحدوث لأنها تقع نتيجة سوء الاتصالات أو انعدامها بين أطراف الصراع. كما أن البعض الآخر من صراعات المعلومات قد تكون صراعات حقيقية وقوية بسبب أن أن المعلومات أو الإجراءات التى استخدمها الأفراد في جمعها، أو كلا من المعلومات والإجرات قد تكون غير متوافقة .
ج- صراعات المصالح:
يرى دروكمان أن صراع المصالح إنما يشير إلى "اختلاف أو اضطراب في النتائج المفضلة للذات أو النفس وللآخرين" (72).
والصراع حول المصالح غالبا ما يحدث عندما يتبنى طرف أو أكثر من أطرافه موقفا يسمح بحل واحد لمواجهة حاجاتهم. ففى سبيل إشباع حاجتها يحدث أن يعتقد طرف الموقف الصراعى أنه تجب التضحية بمصالح الآخرين. وهكذا، تحدث هذه الصراعات ذات الأسس المتداخلة حول : قضايا موضوعية (النقود، الموارد الطبيعية، الوقت ،..إلخ) ، أو موضوعات إجرائية (كأسلوب حل النزاع) ، أو حول موضوعات نفسية (مدركات أو تصورات الثقة، العدالة، الرغبة في المشاركة، الاحترام، ..الخ) ويزداد الأمر تعقدا عندما تكون مصالح أو مكاسب شخص ما نسبية بشكل لخسائر شخص أخر، وهو ما يشار إليه أحيانا بتعبير المكسب خسارة Zero - Sum، أى أن مكسب طرف يعد خسارة للطرف الأخر أما الحالة العكسية هنا فتتمثل في تساوى العوائد بالنسبة للطرفين، والتى يشار إليها بالعائد أو الناتج الإيجابى Positive - Sum وبين هذين النموذجين ، فإن هناك نماذج عديدة تتوافر فيها عناصر للمنافسة والتعاون ويشار إليها بالدافع المختلط Mixed – Motives.
وبوجه عام ، فإن صراعات المصالح عادة ما يمكن تحقيقها أو إشباعها بطرق عديدة (73) و يتطلب حل صراع المصالح وجوب مناقشة عدد كبير وهام من مصالح الأطراف المعنية، وأن يحققوا أو يتوصلوا إلى نقاط التقاء مشتركة في المجالات الثلاثة السابقة ( الموضوعية، الإجرائية ، النفسية).
وهكذا ، فإن هذا النوع من الصراعات تسببه المنافسة حول المصالح والحاجات غير المتوافقة سواء كانت تلك المصالح أو الحاجات حقيقية أو متصورة . وغالبا ما يتخذ صورته الظاهرة في التتنافس من أجل الحصول على الموارد أو الجوائز ذات القيمة ، كما أن حله يكون بطرق عديدة تتبلور في جوهرها حول كيفية إحداث تغيير في العملية الذهنية أو العقلية لأطراف الموقف الصراعى، وبما يساعد على التوصل إلى اتفاق بينهم. ولعل من أهم الوسائل في هذا الاتجاه، أن يتم التركيز على التفكير الابداعى أكثر منه على التفكير التحليلى، وتبنى منهج حل المشكلات Problem Solving بدلا من الحل التنافسى في مناقشات أطراف الموقف الصراعى لاختلافهم.
د- الصراعات البنيوية أو الهيكلية
ويحدث هذا النوع من الصراعات بسبب نماذج القهر في العلاقات الإنسانية(69)، ومن ثم، فإنها تتعلق بتأثير تلك الأبنية والهياكل الاجتماعية على الصراعات، ودور الصراع في التأثير عليه أيضا.
وبوجه عام، فإن نماذج هذه التأثيرات عادة ما تشكلها قوى خارجية عن الأفراد في الصراع. فالموارد الطبيعية المحدودة، والقيود الجغرافية (كالبعد أو القرب على سبيل المثال) ، الوقت (من حيث كونه محددا أو متسعا) ، الأبنية التنظيمية ، وما شابه ذلك من متغيرات غالبا ما تدفع نحو، أو تمهد باتجاه السلوك الصراعى. كذلك ، فإن تأثير تلك القوى إنما يختلف من مجتمع إلى آخر طبقا لبنية أو هيكل الجماعة أو طبيعة المجتمع نفسه بحيث يمكن التمييز بين الأنماط التالية :
- في المجتمعات ذات الأبنية أو الهياكل الفضفاضة أو الواسعة – غير المحددة – كما في المجتمعات المفتوحة، والتعددية، فغن الصراع الذى يهدف إلى حل التوتر بين الأطراف المتخاصمة من المحتمل أن يكون له وظائف استقرارية ، بمعنى دعم الاستقرار.
- في المجتمعات ذات الأبينية أو الهياكل الاجتماعية المحددة، والجماعات المغلقة، فإن تأثير الصراع من المحتمل أن يكون مختلفا. فكلما كانت الجماعة أكثر انغلاقا كلما ازداد تورط الأطراف بشكل كبير في الصراع، وبالتالى يزداد تأثير الصراع عليهم(75)
هـ- صراعات القيم :
وهى الصراعات التى ترتبط بالقيم، وتسببها المعتقدات القيمية أو النظم العقيدية المتصورة أو الفعلية ، وذلك لعدم توافقها أو لعدم التوافق بينها، ولما كانت القيم عبارة عن معتقدات يستخدمها الأفراد لإعطاء معنى لحياتهم ، تشرح ما هو جيد أو سيئ ، صواب أو خطأ ، عادل أو ظالم، فإنه تنبغى الإشارة إلى أن القيم المختلفة في حد ذاتها لا تشكل صراعا، فالأفراد يمكنهم العيش معا في انسجام مع وجود نظم قيمية مختلفة . بينما الصراعات القيمية تثار عندما يحاول أحد أطراف النزاع فرض مجموعة محددة من القيم على غيره من الأطراف، أو عندما يدعو إلى اتباع نظام قيمى محدد لا يسمح بالاختلافات العقيدية(76) .
من هنا ، فإن لصراعات القيم أهمية تجعلها من أهم صراعات القرن العشرين، كما أنها استحوذت على قدر كبير من اهتمامات الدارسين في مجالات علم النفس والعمليات الذهنية وذلك بهدف الربط بين حجم الصراع والسلوك المرتبط بحل الصراع. وفى هذا الصدد ، فإن فك أو حل الارتباط بين القيم والمصالح، والعمل المشترك على اكتشاف الاختلافات القيمية، والأيدلوجية، والتركيز على إيجاد، واستخدام الصيغ التوفيقية والحلول الوسط تعد من أهم سبل حل الصراعات القيمية.
3- أنواع الصراع من حيث درجة ظهوره:
ويقصد بذلك التمييز بين أنواع الصراع على أساس من وجود مظاهر سلوكية علنية من قبل أطراف الصراع ترتبط به، ومن ثم تعد دالة على وجوده من جانب ، كما تستخدم في تحديد نوعه من جانب آخر. وفى هذا الصدد، يتجه بعض المتخصصين إلى التميز بين الصراعات السافرة، والكامنة، والمقموعة أو المقهورة (77) وتتحدد أهم سمات كل منها على النحو التالى:
أ- الصراع الظاهر أو السافر Manifest Conflict:
ويقصد به ذلك النوع من الصراعات التى أنتجت، أو ارتبط بها مظاهر سلوكية من قبل أطرافه(أو أطرافها) مثل أعمال العنف ، أو التهديدات باستخدام القوة، أو إعلان مطالب محددة بصددج الصراع القائم. ومن هنا فإن مثل المظاهر تعكس مرحلة متطورة ومتقدمة من مراحل الصراع، ومن ثم تستخدم هذه المظاهر المرتبطة بالصراع كاساس لوصفه بأنه صراع ظاهر أو سافرا تمييزا له عن النوعين التاليين: الكامن ، والمقموع.
ب- الصراع الكامن أو المستتر Latent Conflict:
وهذا النوع من الصراعات وإن اشترك مع سابقه في وجود أساس أو قاعدة موضوعية للصراع بين طرفيه (أو أطرافه) ، فإن السمة المميزة له إنما تتمثل فى عدم تبلور أى مظاهر سلوكية ملموسة أو محسوسة يمكن الإشارة إليها كدلالة على وجود الصراع. وفى عبارة أخرى، إن هذا النوع إنما يعتبر عن صراعات ذات مستوى أقل نضجاً وتطوراً عن النوع السابق.
ج- الصراعات المكبوتة أو المقهورة Suppressed Conflict:
هذا النوع من الصراعات يشترك مع سابقيه فى تبلور أساس موضوعى للخلاف والتنافس بين طرفيه أو أطرافه، كما يتشابه مع الصراع الكامن فى عدم تبلور مظاهر سلوكية دالية عليه، لكن سمته الأساسية تتمثل فى وجود اختلال واضح فى علاقات القوة بين طرفيه (أو أطرافه) لصالح طرف عل حساب الطرف الأخر، كما أن الطرف الأقوى لا يضطر إلى استخدام قوته ليحقق أهدافه في الصراع، حيث قيامه بالتهديد باستخدامها يصبح كافيا لإحداث الاستجابة المطلوبة أو المرغوبة من الطرف الثانى .
ففى دولة يستند نظامها الحاكم على درجة عالية من القمع والبطش الشديدين إزاء المواطنين بوجه عام ، فمن المتوقع على سبيل المثال أن تقوم بقمع أشكال التظاهر والاحتجاج السياسى بدرجاتها المتفاوتة من المظاهرات وحتى الثورة. من هنا فإن المواطنين – حتى وإن توافرت لديهم المبررات الكافية للاختلاف ، والصدام مع السلطة الحاكمة – لا يقومون بعمل جماعى محدد إزاءها ومن ثم لا توجد مظاهر سلوكية ترتبط بهذا الصراع . تفسير ذلك يرجع بداية إلى إقرار المواطنين بقوة الدولة وبطشها ،وخشيتهم ثانيا من انتقامها وما يتضمنه من إجراءات قمعية تعسفية وعنف رسمى. وهكذا يصبح من المقصور أن قيام الدولة بالتهديد صراحة أو ضمنا باستخدام قوتها يصبح كافيا لقهر وقمع الإمكانيات الصراعية لدى المواطنين ومن هنا كانت التسمية بالصراع المقموع أو المقهور.
وهنا تجدر الإشارة إلى وجود بعض التشابه مع دائرة الصراع الدولى وتحديدا مع ما يعرف بتأثير ،الردع، والذى يتمثل في إحجام أو امتناع أحد أطراف الصراع عن اللجوء إلى استخدام القوة لتحقيق مصالحه، وذلك لأسباب متعلقة بقوة الخصم أو الطرف الأخر، اقتناعا بأن استخدام القوة المسلحة لن يكون في صالحه.
خاتمة
على ضوء ما سبق من استعراض مقارن لعدد من الاتجاهات النظرية العامة بصدد ظاهرة الصراع ومفهومه، يمكن الانتهاء إلى التأكيد على نتيجتين هامتين لما لهما من دلالة خاصة في دراسة وتحليل وفهم ظاهرة الصراع، وبالتالى في التعامل معها واختيار الآلية المناسبة لكل موقف صراعى. وتحدد هاتان النتيجتان فيما يلى:
أولا: ضرورة التمييز في دراسة الصراع بين دراسته كمفهوم ، وكظاهرة، وكعملية: إن الصراع كمفهوم له طبيعته المركبة التى تستمد خصائصها من الموقف الصراعى ذاته، ومن طبيعة وعلاقات القوى التى تحكم أطرافه وموضوعه. أما الصراع كظاهرة فإنه يتسم بالتعقد البالغ ، فظاهرة الصراع وإن كانت تجمع – وعلى الأقل بشكل كامن ومحتمل – بين مزيج من الأبعاد الإيجابية والسلبية معا، فإن التكييف النهائى للظاهرة الصراعية إنما يتوقف إلى حد كبير على مجموعة المتغيرات التى تتشكل أولا طبقا لمتغير الإدراك الخاص بأطراف الصراع، ثم ثانيا بمتغيرات التوقيت، الموضوع ، البدائل المتاحة، وغيرها من متغيرات بيئية تسهم بشكل متداخل في تحديد مدى وكثافة الظاهرة الصراعية. وأخيرا، فإن الصراع كعملية إنما يجد جذوره في روافد متعددة، كما أن أشكاله ، ومظاهر التعبير عنه إنما تتداخل وتتقاطع فيما بينها بشكل يعكس قدرا لا بأس به من الاعتماد المتبادل بين منابع العملية الصراعية ومظاهرها.
ثانيا: محورية دور الإدراك في فهم ظاهرة الصراع : ويندرج تحت ذلك الاهتمام مجموعة المتغيرات المتنوعة المشكلة للعملية الإدراكية، والمحددة لها فتأثير وأهمية الإدراك لا تتوقف فقط عند فهم وتوصيف الظاهرة الصراعية ، بل إنها تتجاوز ذلك إلى التحليل الدقيق لأسبابها ، واختيار لآلية الحل أو التسوية المناسبة . وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى محورية المتغيرات الثقافية في فهم المواقف الصراعية وأهميتها لتجاوز ما قد يرتبط بها من أبعاد ذات تأثير إيجابى أو سلبى في فهم ظاهرة الصراع، وبالتالى في اختيار آلية الحل المناسب.
الهوامش
1- حول تعقد مفهوم الصراع وتداخل أبعاده والمتغيرات المؤثرة فيه ، أنظر :
“International Encyclopedia of the Social Sciences, (Later refferd to as IESS) edited by David L. Sills, The Macmillan Company and the Free Press, 1968, Vol. 3 ., pp.220-242.
2- د. إسماعيل صبرى مقلد : العلاقات السياسية الدولية: دراسة في الأصول والنظريات، الكويت : جامعة الكويت ، 1982، ص. 213.
3- “ The Encyclopedia Americana International Edition, “ Danbury , Connecticut: Gerolier Incorporated , 1992: 537.
4- Edward J. Murray , “Conflict : The Psychological Aspects “, in IESS, pp. 220 –225 .
5- Robert North “Conflict: Political Aspects “ in IESS , (1968: 226-232) , P.228 .
6- Lewis A. Coser, “Conflict: Socail Aspects “, in IESS, (1968:232-236), pp.232-233.
7- Laura Nader ,”Conflict: Anthorpological Aspects” , in IESS, (1968 :236-242) , pp236-237.
8- Dennis J. Sandole “Paradigm, Theories, and Metaphors in Conflict and Conflict Resolution : Coherence or Confusion?” in “ Conflict Resolution: Theory and Practice..” edited by Dennis J . Sandole and Hugo van der Merwe, Manchester and New York: Manchester University Press , 1993: 3-24, pp.6-7 .
9- North, Ibid.,
10- K. Boulding, “Conflict and Defense, “ New York : Harper and Row, 1962. See alse: Boulding. K , in North, IESS., 1968: 226-228.
11- Charles O. Lerch and Abdul A. Said, “Concepts of International Politics, " New Jersey: prentice Hall, Inc., 2nd. 1970.
12- د. مقلد : 1982 – 213 .
13- George A. Lopez & Michael s. Stole, “ International Relations: Contemporary Theroy and practice “, Washington D. c., Congressional Quartery, 1989: 429.
14- Mohammad Abu Nimr, Conflict Resolution ,Cairo: National Center for Middle East Studies, 1994:2-3.
15- د. أحمد فؤاد رسلان: نظرية الصراع الدولى " القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1968: :18 .
16- د. عبد المنعم المشاط، ماهر خليفة : تحليل وحل الصراعات : الإطار النظرى" القاهرة : المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط ، يناير 1995: 4.
17- In this regard, See: Coser, L., “ The Function of Conflict, “ New Yoek: Free Press 1956, and Deutsch, M., “ The Resolution of Conflict.” New Haven: Yale University press, 1973.
18- Murray , Op. Cit., p.221
19- J. W. Burton, “ World Society” , Cambridge & New York: Cambridge University press, 1972, pp. 137-138 Quoted in Sandole and Merwe (eds) ,1993:6.
20- Burton, Ibid.,..
21- North, op., Cit., p.226.
22- Kenneth E. Boulding, “ Organization and Conflict,” Journal of Conflict Reolution, 1957, Vol. 1:111-121, Quoted in Robert C. North, “ Conflict: Political Aspects” , in IESS, 1968:226-232,p228.
23- On the role of Conflict as a facilitor of social change, See Jean M. Bartunek et . al., “ Bringing Conflict Out From Behind the Scenes: Private, Informal, and Nonrational Dimensions of Confilct in Organization”, in “ Hidden Conflict in Organizations: Uncovering Behind the Scene Disputes”, edited by Deborah M. Kolb & jean M. Bartunek, Newbury park, London, and New Delhi: Sage publications, 1992:2009-228, pp.86-89.
24- Laura Nader,” Conflict: Anthorpological Aspects” , in IESS, 1968: 236-242, pp.236-241.
25- Abu Nimr, Op. Cit., p. 27.
26- د. السيد عليوه: "إدارة الصراعات الدولية: دراسة في سياسات التعاون الدولى" ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1988: 256.
27- Abu Nimr, Ibid.,
28- For further illustration, See Deborah & Kolb(eds). “ Introduction: the Dialectics of Disputing” in their edited “Hidden Conflict in Organizations…, 1992: 1-31, p.11
29- Lopez* Stole,Op . Cit., p.435.
30- Ibid.,
31- James A. Robinson, “ Crisis”, in IESS, 168:10-513, p.51.
32- Ibid.,
33- Ibid., p. 33.
34- د. عباس رشدى العمارى : " إدارة الأزمات في عالم متغير" ، القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشرـ 19: 1993.
35- د. عليوه ، مرجع سابق ، 406.
36- د. السيد عليوه"صنع القرار في منظمات الإدارة العامة القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب 1987: 256.
37- أنظر كلا من : المرجع السابق ص. ص 256- 258، د. العمارى 13-16 ، وأيضا:
Robinson, pp. 511-512.
38- Abu Nimr, Op. Cit., p.28.
39- Coser, Op., Cit., 1968:234.
40- Lopez & Stole, Op. Cit., p.435.
41- Ivo D. Duchacke (ed.),"Conflict and Cooperation among Nations, “ New York: Holt, Rinehart, and Winston, 1963: 442.
42- د. إسماعيل صبرى مقلد : " العلاقات الساسية الدولية : دراسة في الأصول والنظريات " القاهرة: المكتبة الأكاديمية 1991: 223-224.
43- Duchacke, Op. Cit., p. 441
44- Lopez& Stole, Op. Cit., p. 433.
45- د. مفلد، 1991: 224-225.
46- In this respect, See: James A. Winnefeld and Mary E. Morris, “ Where Environmental Concerne and Security Strategies Meet: Green Conflict in Asia and the Middle East” , Santa Monica, California: RAND, 1994.
47- IESS, Op., Cit., p. 220
48- د. مقلد 1991: 221-223.
49- حول مزيد من التفاصيل عن الآراء المتعلقة بالبعد النفسى في تفسير الصراع الدولى، أنظر كلا من:
Grigg, 1992:536-537 in Encyclopedia Americana International Edition , IESS 1968: 220-222, and Sandole, Op., Cit., .
50- د. مقلد، 1991: 224-225.
51- د. مقلد 1991:226، وأيضا أنظر: IESS, 1968, Op., Cit.,
52- المصدر السابق ص.226-227
53- المصدر السابق .
54- Daniel Drukman , An Analytical Research Agenda for conflict and conflict Resolution”, in Sandole and Merwe (eds).) 1993: 25-42,pp.28-29 .
55- Lopez& Stole, Op Cit., p. 435.
56- Bayless Manning, “Conflict of Interest” , in EAIE., Vol. 7., 1992:538.
57- In this regard, See: j. Keith Murnighan, “ Bargaining Games: A New Approach to Strategic Thinking in Nogotiation,” NewYork: William Morrow & Company , Inc., 1992:219-222.
58- Clement E. Vose, IESS, 1968:242-245, p.242. Also, see: Bayless Manning, “Conflict of Interst “ in EAIE. Vol.7,1992:538
59- المصدر السابق ص 229-231.
60- Lerch & Said, Op.., p. 143-145.
61- Drukman, pp. 27-28.
62- Robert j. Robinson, “ The Conflict Competent Organization: A Research Agenda for Emerging Organizational Challenges,” in Roderick M. Kramer& David M. Messick (eds.)” Negotiations as Social Processes”, Thousands oaks, London,& New Delhi: Sage Publiations, 1995: 186-207, p.188..
63- Sandole, Op. Cit., 1993:12.
64- Coser, Op., p.232.
65- Nader. Op. Cit., pp. 236-238.
66- Drukman, Op., cit., pp.28-29.
67- د. مقلد 1991: 231 -233.
68- Abu Nimr, Op., Cit., p.21.
69- Abu Nimr, Op., Cit., 28.
70- Coser, Ibid.,
71- For Further details, See, C. Moore, “The Mediation Process: Practical Strategies for Resolving Conflict,” San Francisco, CA.,: jossey-Bass, 1986.
72- Drcukman, Op., Cit., p.26-27.
73- Fisher,R. and Ury, W., “Getting to yes: Negotion Agreement Without Giving In”, NewYork: Penguin Books, 1983.
74- On Structural Conflict, See. J. Galtung, “ Is Peaceful Research Possible? On the Methodology of Peacful Research.” In Peace Research, Education and Action, Denmark: Eiders. Copenhagen, 1975.
75- Coser, 1968:233-234.
76- Abu Nimr, Op., Cit., p.5.
77- Lopez & Stole, Op., pp. 431-432.
________________________________________
* قسم العلوم السياسية – كلية التجارة - جامعة أسيوط