محاضرة العولمة و مفهومها و آثارها،إيجابياتها و سلبياتها
محاضرة العولمة و مفهومها و آثارها،إيجابياتها و سلبياتها
محاضرة العولمة
المصدر: من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة www.wikipedia/ara.com
."العولمة" هي مصطلح يشير المعنى الحرفي له إلى تلك العملية التي يتم فيها تحويل الظواهر المحلية أو الإقليمية إلى ظواهر عالمية. ويمكن وصف العولمة أيضًا بأنها عملية يتم من خلالها تعزيز الترابط بين شعوب العالم في إطار مجتمع واحد لكي تتضافر جهودهم معًا نحو الأفضل.
تمثل هذه العملية مجموع القوى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية. [1] وغالبًا ما يستخدم مصطلح "العولمة" للإشارة إلى العولمة الاقتصادية؛ أي تكامل الاقتصاديات القومية وتحويله إلى اقتصاد عالمي من خلال مجالات مثل التجارة والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتدفق رءوس الأموال وهجرة الأفراد وانتشار استخدام الوسائل التكنولوجية.[2] كتبت "ساسكيا ساسن" أن "من مزايا العولمة أنها كظاهرة تشتمل في حد ذاتها على تنوع كبير من مجموعة من العمليات الصغيرة التي تهدف إلى نزع سيطرة الدول على كل ما أسس فيها ليكون قوميًا - سواء على مستوى السياسات أو رأس المال أو الأهداف السياسية أو المناطق المدنية والحدود الزمنية المسموح بها أو أي مجموعة أخرى بالنسبة لمختلف الوسائل والمجالات". كذلك، فقد جاء عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا التابعة للأمم المتحدة والمعروفة باسم "الاسكوا" أن مصطلح العولمة أصبح واسع الانتشار والاستخدام الآن؛ حيث يمكن أن يتم تعريفه بالكثير من الطرق المختلفة. فعندما يتم استخدام مصطلح "العولمة" في سياقه الاقتصادي، فإنه سيشير إلى تقليل وإزالة الحدود بين الدول بهدف تسهيل تدفق السلع ورءوس الأموال والخدمات والعمالة وانتقالها بين الدول، على الرغم من أنه لا تزال هناك قيود كبيرة مفروضة على موضوع تدفق العمالة بين الدول. جدير بالذكر أن ظاهرة العولمة لا تعد ظاهرة جديدة. فقد بدأت العولمة في الانتشار في أواخر القرن التاسع عشر، ولكن كان انتشارها بطيئًا في أثناء الفترة الممتدة ما بين بداية الحرب العالمية الأولى وحتى الربع الثالث من القرن العشرين. ويمكن أن يرجع هذا البطء في انتشار العولمة إلى اتباع عدد من الدول لسياسات التمركز حول الذات بهدف حماية صناعاتها القومية الخاصة بها. ومع ذلك، فقد انتشرت ظاهرة العولمة بسرعة كبيرة في الربع الرابع من القرن العشرين...". [3] من ناحية أخرى، يعرف "توم جي بالمر" (Tom G. Palmer) في معهد كيتو Cato Institute بواشنطن العاصمة، العولمة بأنها عبارة عن "تقليل أو إلغاء القيود المفروضة من قبل الدولة على كل عمليات التبادل التي تتم عبر الحدود وازدياد ظهور النظم العالمية المتكاملة والمتطورة للإنتاج والتبادل نتيجة لذلك". [4] أما "توماس إل فريدمان" (Thomas L. Friedman) فقد تناول تأثير انفتاح العالم على بعضه البعض في كتابه "العالم المسطح" وصرح بأن الكثير من العوامل مثل التجارة الدولية ولجوء الشركات إلى المصادر والأموال الخارجية لتنفيذ بعض أعمالها وهذا الكم الكبير من الإمدادات والقوى السياسية قد أدت إلى دوام استمرار تغير العالم من حولنا إلى لأفضل والأسوأ في الوقت نفسه. كذلك، فقد أضاف أن العولمة أصبحت تخطو خطوات سريعة وستواصل تأثيرها المتزايد على أساليب ومؤسسات مجال التجارة والأعمال.[5] ذكر العالم والمفكر "ناعوم تشومسكي" (Noam Chomsky) أن مصطلح العولمة قد أصبح مستخدمًا أيضًا في سياق العلاقات الدولية للإشارة إلى شكل الليبرالية الجديدة للعولمة الاقتصادية.[6] ذكر "هيرمان إيه دالي" (Herman E. Daly) أنه أحيانًا ما يتم استخدام مصطلحي "العولمة" و"التدويل" بالتبادل على الرغم من وجود فرق جوهري بين المصطلحين. فمصطلح "التدويل" يشير إلى أهمية التجارة والعلاقات والمعاهدات الدولية وغيرها مع افتراض عدم انتقال العمالة ورءوس الأموال بين الدول بعضها البعض.
محتويات 1 الخلفية التاريخية للعولمة
2 العولمة في العصر الحديث
3 معايير تحديد مستويات العولمة
4 آثار العولمة
4.1 التأثير الثقافي للعولمة
4.2 الآثار السلبية للعولمة
4.2.1 الورش والمؤسسات والمشروعات الصغيرة التجارية الاستغلالية
4.2.2 تضارب المصالح المالية
5 أنصار العولمة (العالمية)
5.1 المنتديات الاجتماعية الدولية
6 المراجع
الخلفية التاريخية للعولمةلقد استخدم علماء الاقتصاد مصطلح "العولمة" منذ ثمانينيات القرن العشرين على الرغم من أنه كان مستخدمًا في العلوم الاجتماعية في ستينيات القرن العشرين. ومع ذلك، فإن مبادئ وأفكار العولمة لم تنتشر حتى النصف الثاني من ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين. تم وضع المبادئ والأفكار النظرية الأولى للعولمة على يد الأمريكي "تشارلز تيز راسيل" (Charles Taze Russell) الذي أصبح قسًا بعد أن كان رأسماليًا وصاحب شركات، كما أنه يعد أول من توصل إلى مصطلح "الشركات العملاقة" في عام 1897. [7][8] تعتبر العولمة بمثابة عملية تمتد عبر العديد من القرون وتتأثر بنمو السكان ومعدلات ازدهار الحضارة والتي زادت بشكل كبير على مدار الخمسين سنة الماضية. تمثلت أولى أشكال العولمة في أثناء وجود الإمبراطورية الرومانية وإمبراطورية فارس القديمة وأسرة "هان" الحاكمة في الصين التي عملت على توحيد أقطار الصين والاهتمام بالآداب والفنون عندما بدأ البشر يعرفون طريق التجارة المعروف باسم "سيلك رود" الذي يصل إلى حدود إمبراطورية بلاد فارس ويستمر في اتجاه روما. كذلك، يعد العصر الذهبي الإسلامي مثالاً واضحًا على انتشار العولمة؛ وخاصةً عندما أسس المستكشفون والتجار المسلمون أول نظام اقتصادي عالمي في العالم القديم، مما ترتب عليه انتشار العولمة في الكثير من المجالات مثل المحاصيل الزراعية والتجارة والعلم والمعرفة والتكنولوجيا. كذلك، فإنه لاحقًا في أثناء سيادة الإمبراطورية المغولية، حدث تكامل كبير بين الدول الواقعة على طول طريق التجارة "سيلك رود" الرابط بين الصين والإمبراطورية الرومانية. وقد بدأت العولمة في الانتشار بشكل أكبر قبل انقضاء القرن السادس عشر مباشرة عند تأسيس مملكتي شبه جزيرة أيبيريا - مملكة البرتغال ومملكة قشتالة. عملت الرحلات الاستكشافية للكثير من دول العالم والتي أشرفت عليها دولة البرتغال في القرن السادس عشر على ربط القارات والاقتصاديات والحضارات بشكل كبير على وجه الخصوص. تعتبر رحلات التجارة والرحلات الاستكشافية التي أشرفت عليها البرتغال في معظم دول ساحل أفريقيا وجنوب شرق أمريكا وشرق وغرب آسيا من أولى صور رحلات التجارة الكبرى التي قامت على العولمة. وبعدها، استطاعت البرتغال القيام بالعديد من رحلات التجارة عبر مختلف دول العالم واستعمار العديد من الدول ونشر ثقافتها بها. استمر هذا التكامل بين دول العالم من خلال ازدياد توسع التجارة الأوروبية في القرنين السادس عشر والسابع عشر عندما استطاعت كل من الإمبراطورية الإسبانية والبرتغالية استعمار أمريكا بعد استعمار فرنسا وإنجلترا لها. جدير بالذكر أن للعولمة تأثيرًا كبيرًا على الثقافات والحضارات وخاصة الحضارات المتأصلة في بلادها عبر أنحاء العالم. لقد كانت شركة غينيا Company of Guinea التي أنشأتها البرتغال في غينيا في القرن الخامس عشر من أولى الشركات التجارية بالمعنى القانوني المعروف اليوم والتي أسسها الأوروبيون في قارة أخرى في أثناء عصر استكشاف الدول والقارات؛ حيث تمثلت مهمتها في تجارة التوابل وتثبيت أسعار السلع والبضائع. أما في القرن السابع عشر، أصبحت العولمة ظاهرة تجارية عندما تم تأسيس شركة الهند الشرقية البريطانية (British East India Company) (عام 1600) - والتي غالبًا ما يتم وصفها بأنها من أولى الشركات متعددة الجنسيات – وكذلك عندما تم تأسيس شركة الهند الشرقية الهولندية (Dutch East India Company) (عام 1602) وشركة الهند الشرقية البرتغالية (Portuguese East India Company) (عام 1628). وبسبب الاحتياجات المالية والاستثمارية الكبيرة فضلاً عن المخاطر العالية التي اكتنفت مجال التجارة الدولية، أصبحت شركة الهند الشرقية البريطانية الشركة الأولى في العالم لمشاركة المخاطر وإتاحة الملكية المشتركة للشركات من خلال إصدار الأسهم، الأمر الذي مثل عاملاً مهمًا للتشجيع على انتشار العولمة. تحقق انتشار العولمة من جانب الإمبراطورية البريطانية (أكبر إمبراطورية عرفها التاريخ) بفضل كبر مساحتها ونفوذها. وقد استطاعت بريطانيا فرض أفكارها وثقافتها الخاصة بها على الدول الأخرى في أثناء تلك الفترة. أحيانًا ما يطلق على القرن التاسع عشر "العصر الأول للعولمة". فقد اتسم هذا القرن بتزايد ازدهار التجارة الدولية والاستثمار بين القوى الاستعمارية الأوروبية ومستعمراتها ولاحقًا بين الولايات المتحدة الأمريكية. وفي أثناء تلك الفترة الزمنية برزت بعض المناطق على خريطة العالم وأصبح لها دور في النظام العالمي؛ مثل تلك المناطق الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا وكذلك جزر المحيط الهادي. وقد بدأ "العصر الأول للعولمة" في الاضمحلال مع بداية القرن العشرين عند اندلاع الحرب العالمية الأولى. يقول "جون ماينارد كينيس" (John Maynard Keynes):[9]،
“ The inhabitant of London could order by telephone, sipping his morning tea, the various products of the whole earth, and reasonably expect their early delivery upon his doorstep. Militarism and imperialism of racial and cultural rivalries were little more than the amusements of his daily newspaper. What an extraordinary episode in the economic progress of man was that age which came to an end in August 1914. ”
لقد انتهى "العصر الأول للعولمة" في أثناء حدوث أزمة قاعدة الذهب والكساد الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية والذي كان في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن العشرين.
ومع حلول القرن الحادي والعشرين، شهدت الكثير من الدول الصناعية في العالم فترة كساد وركود كبيرة.[10] وقد صرح بعض المحللين أن العالم سيشهد فترة لن يتم فيها السعي وراء تحقيق العولمة بعد المرور بسنوات من ازدياد التكامل الاقتصادي بين مختلف الدول.
[11][12] مع أن الأزمة المالية قد دمرت ما يقرب من 45 في المائة من الثروة العالمية فيمالا يزيد عن عام ونصف تقريبًا.[13]
العولمة في العصر الحديثتعد العولمة منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية نتيجة بارزة لتخطيط القادة السياسيين الهادف إلى إزالة الحدود التي تعرقل التجارة بين الدول سعيًا وراء زيادة معدلات الرخاء الاقتصادي واعتماد الدول على بعضها البعض؛ وبذلك تقل فرصة وقوع أي حروب في المستقبل. وقد أدت مساعي هؤلاء القادة السياسيين إلى عقد مؤتمر بريتون وودز والتوصل إلى اتفاقية من قبل الساسة البارزين في العالم لوضع إطار محدد بالنسبة للشئون المالية والتجارية الدولية وتأسيس العديد من المؤسسات الدولية للإشراف على تطبيق العولمة كما يجب. وتتضمن هذه المؤسسات الدولية البنك الدولي للإنشاء والتعمير (المعروف اختصارًا باسم البنك الدولي) وصندوق النقد الدولي. وقد تم تسهيل تطبيق العولمة بالاستعانة بما تم التوصل إليه من تقدم تكنولوجي، والذي عمل على تقليل تكاليف التجارة والجولات الخاصة بمفاوضات التجارة تحت رعاية الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (الجات)، والتي أدت إلى التوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات لإزالة الحواجز والمعوقات المفروضة على التجارة الحرة.
لقد تم تقليل الحواجز التي تعترض التجارة الدولية بشكل كبير منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية من خلال العديد من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية الجات. وقد تم تنفيذ مبادرات خاصة كنتيجة للتوصل إلى اتفاقية الجات؛ حيث تم الاتفاق وقتئذٍ على إنشاء منظمة التجارة الدولية، على أن تكون اتفاقية الجات هي الأساس لإنشائها في هذا الصدد. وقد تضمنت هذه المبادرات ما يلي:
تعزيز التجارة الحرة باتباع الآتي:
إلغاء التعريفات الجمركية وإقامة مناطق للتجارة الحرة بتعريفة بسيطة أو دون تعريفة على الإطلاق
تقليل تكاليف النقل وخاصة الناتجة عن تطور عمليات نقل البضائع بحاويات الشحن البحري
تخفيف أو إلغاء الضوابط والقيود المفروضة على رءوس الأموال
تقليل أو منع أو تنسيق صرف الإعانات المالية بالنسبة للشركات المحلية
تخصيص إعانات مالية للشركات العالمية
تنسيق القوانين الخاصة بالملكية الفكرية عبر معظم الدول مع فرض المزيد من الضوابط عليها
الاعتراف دوليًا بتطبيق الضوابط المفروضة على الملكية الفكرية بشكل يتخطى الحدود والسلطات القومية (على سبيل المثال، يتم الاعتراف في الولايات المتحدة الأمريكية بصلاحية براءات الاختراع التي تمنحها الصين.)
إن العولمة الثقافية - التي سادت في العالم بفضل تكنولوجيا الاتصالات والتسويق العالمي لمختلف مجالات الثقافة الغربية – تم إدراكها في البداية كعملية تهدف إلى تحقيق التجانس بين الثقافات؛ حيث اتضح جليًا مدى هيمنة الثقافة الأمريكية في العالم على حساب التنوع التقليدي للثقافات الأخرى. وعلى الرغم من ذلك، فإنه سرعان ما ظهر تيار مضاد وأصبح واضحًا مع ظهور تلك الحركات المناهضة للعولمة والتي أعطت المزيد من الاهتمام إلى الدفاع عن مبادئ التميز المحلي والتأكيد على الفردية والهوية الذاتية ولكن دون جدوى.[14]
إن مفاوضات جولة أوروجواي (المنعقدة من عام 1986 إلى عام 1994) [15] أدت إلى التوصل إلى اتفاقية بتأسيس منظمة التجارة الدولية لتهدئة الصراعات التجارية ووضع برنامج موحد للتجارة. أما عن الاتفاقات التجارية الثنائية ومتعددة الأطراف الأخرى - والتي تتضمن بنودًا من معاهدة ماستريخت واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية – فقد تم توقيعها أيضًا بهدف تقليل الحواجز وخفض التعريفات الجمركية على الأنشطة التجارية. من ناحية أخرى، ترتبط الصراعات العالمية - مثل الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر – بمدى انتشار العولمة؛ نظرًا لأنها مثلت الدافع الأولي للحرب على الإرهاب في العالم، الأمر الذي أدى إلى تلك الزيادة المستمرة في أسعار البترول والغاز بسبب أن معظم الدول الأعضاء في منظمة الأوبك من الدول الواقعة في شبه الجزيرة العربية. [16] جدير بالذكر أن نسبة الصادرات العالمية قد ارتفعت من 8.5 في المائة من إجمالي الناتج العالمي في عام 1970 إلى 16.1 في المائة من إجمالي الناتج العالمي في عام 2001. http://www.globalpolicy.org/socecon/trade/tables/exports2.htm
معايير تحديد مستويات العولمة
يعد افتتاح سلسلة مطاعم ماكدونالدز للوجبات السريعة في اليابان دليلاً على التكامل العالمي.إذا ما نظرنا إلى العولمة الاقتصادية على وجه الخصوص، فإنه سيتضح لنا إمكانية تحديد مستويات لها بعدة طرق مختلفة. وهذه الطرق تتمركز حول أربعة تدفقات اقتصادية رئيسية تتسم بها العولمة وسيرد ذكرها فيما يلي:
السلع والخدمات: على سبيل المثال الصادرات والواردات التي تمثل نسبة من الدخل القومي بالنسبة لكل فرد من السكان
العمالة/الأفراد: على سبيل المثال معدلات الهجرة الصافية ومعدلات تدفق الهجرة الداخلية والخارجية وحسابها من جملة السكان
رءوس الأموال: على سبيل المثال، الاستثمارات المباشرة الداخلية والخارجية كنسبة من الدخل القومي بالنسبة لكل نسمة
التكنولوجيا: على سبيل المثال، جوانب البحوث والتطوير الدولية ومعدلات التغير المرتبطة بعدد السكان واستخدام اختراعات تكنولوجية معينة (وخاصة التكنولوجيا الحديثة وما صاحبها من تقدم هائل مثل التليفون والسيارة والشبكات عالية السرعات)
بما أن العولمة لا تعد ظاهرة اقتصادية فحسب، فإن الأسلوب متعدد المتغيرات المستخدم لتحديد مستويات العولمة يتمثل في ذلك المؤشر الذي تم التوصل إليه من قبل المجموعات والمعاهد البحثية بسويسرا KOF. ويقوم هذا المؤشر بتحديد ثلاثة أبعاد رئيسية للعولمة، ألا وهي البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد السياسي. بالإضافة إلى وجود هذه المؤشرات الثلاثة التي تعمل على تحديد هذه الأبعاد، فإنه يتم حساب مؤشر كلي للعولمة وغيره من المؤشرات الفرعية المشيرة إلى التدفقات الاقتصادية الفعلية والقيود الاقتصادية والبيانات الخاصة بالاتصالات الشخصية وتدفقات المعلومات ومدى التقارب الثقافي. وفي هذا الصدد، تتوفر البيانات على أساس سنوي بالنسبة لمائة واثنتين وعشرين دولة كما هو موضح في Dreher, Gaston and Martens (2008).[17] وطبقًا لهذا المؤشر، فإن أكثر الدول تأثرًا بالعولمة هي بلجيكا يليها النمسا والسويد والمملكة المتحدة وهولندا. أما أقل الدول تأثرًا بالعولمة – طبقًا لمؤشر KOF – فهي: هاييتي وميانمار وجمهورية أفريقيا الوسطى وبوروندي.[18] قامت مجلة Foreign Policy بالاشتراك مع فريق الخبراء الدولي A.T. Kearney بنشر مؤشر آخر للعولمة لتحديد مستوياتها ومدى تأثر الدول بها. وطبقًا لمؤشر عام 2006، اعتبرت كل من سنغافورة وأيرلندا وسويسرا وهولندا وكندا والدانمارك من أكثر الدول تأثرًا بالعولمة، بينما جاءت كل من إندونيسيا والهند وإيران لكي تكون أقل الدول تأثرًا بالعولمة بين هذه الدول.
آثار العولمة
للعولمة العديد من الجوانب التي تؤثر على العالم بأكمله بعدة طرق مختلفة منها:
على المستوى الصناعي : إنشاء أسواق إنتاج عالمية وتوفير المزيد من السهولة بصدد الوصول إلى عدد كبير من المنتجات الأجنبية بالنسبة للمستهلكين والشركات، فضلاً عن سهولة انتقال الخامات والسلع داخل الحدود القومية وبين الدول بعضها البعض. [بحاجة لمصدر]
على المستوى المالي : إنشاء الأسواق المالية العالمية وإتاحة مزيد من السهولة واليسر بصدد حصول المقترضين على التمويل الخارجي. ولكن مع نمو وتطور هذه الهياكل العالمية بسرعة تفوق أي نظام رقابي انتقالي، زاد مستوى عدم استقرار البنية التحتية المالية العالمية بشكل كبير – وهو ما اتضح جليًا في الأزمة المالية التي حدثت في أواخر عام 2008. [بحاجة لمصدر]
على المستوى الاقتصادي : إنشاء سوق عالمية مشتركة تعتمد على حرية تبادل السلع ورءوس الأموال. وعلى الرغم من ذلك، فإن ترابط هذه الأسواق يعني أن حدوث أي انهيار اقتصادي في أية دولة قد لا يمكن احتواؤه. [بحاجة لمصدر]
على المستوى السياسي : استخدم بعض الأشخاص مصطلح "العولمة" للإشارة إلى تشكيل حكومة عالمية تعمل على تنظيم العلاقات بين الحكومات وتضمن الحقوق المترتبة على تطبيق العولمة الاقتصادية والاجتماعية. فمن الناحية السياسية، تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بمركز قوة كبير بين قوى العالم أجمع بسبب قوة اقتصادها وما لديها من ثروة وفيرة. ومع تأثير العولمة وبمساعدة اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، استطاعت جمهورية الصين الشعبية أن تشهد تطورًا ونموًا كبيرًا في غضون العقد الماضي. وإذا ما واصلت الصين هذا النمو بمعدل مخطط له لمواكبة الاتجاهات الاقتصادية، فإنه من المحتمل جدًا في غضون العشرين عامًا القادمة أن تحدث حركة كبرى لإعادة توزيع مراكز القوة بين قادة العالم. وسوف تتمكن الصين من امتلاك الثروة الكافية والتمتع بازدهار المجال الصناعي بها واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لكي تنافس الولايات المتحدة الأمريكية على زعامة العالم.[19]
على المستوى المعلوماتي : زيادة كم المعلومات الذي يمكن انتقاله بين المناطق البعيدة من الناحية الجغرافية. ومع أن هذا الأمر يعد مثار الجدل والنقاش، فإنه يعتبر بمثابة تغير تكنولوجي مصحوبًا بظهور وسائل الاتصال المعتمدة على الألياف البصرية والأقمار الصناعية وإتاحة التواصل عن طريق الهاتف والإنترنت بشكل كبير.
على المستوى اللغوي : تعتبر اللغة الإنجليزية هي الأكثر انتشارًا وتداولاً في العالم أجمع كما يلي:[20]
تتم كتابة حوالي 35 في المائة من رسائل البريد والتليكس والتلغراف باللغة الإنجليزية.
تتم إذاعة 40 في المائة تقريبًا من برامج الراديو في العالم باللغة الإنجليزية.
يتم تدفق حوالي 50 في المائة من البيانات عبر شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية.[21]
على المستوى التنافسي : يستوجب الاستمرار في الأسواق العالمية الجديدة للأعمال والتجارة زيادة معدلات التنافس وتحسين الإنتاجية. ونظرًا لأن السوق قد أصبحت عالمية، فإنه يتعين على الشركات المتخصصة في العديد من المجالات تحسين منتجاتها واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة بمهارة لمواجهة معدلات التنافس المتزايدة.[22]
على المستوى البيئي : ظهور تحديات بيئية عالمية قد لا يتم مواجهتها والتصدي لها إلا بالتعاون الدولي. تتمثل هذه التحديات في تغير المناخ وصراع الدول على حدود المياه وتلوث الهواء ومشكلة الصيد الجائر للأسماك في المحيطات وظهور كائنات غريبة واجتياحها للبيئة. لذا، فإنه منذ أن تم تأسيس الكثير من المصانع في الدول النامية دون اتباع لوائح وقوانين البيئة كما ينبغي، فقد تتسبب العالمية وكذلك التجارة الحرة في زيادة معدلات التلوث. على الجانب الآخر، فإن التنمية الاقتصادية تطلبت من الناحية التاريخية مرحلة صناعية لم تكن آمنة من التلوث على الإطلاق. وقد ثار جدل بصدد عدم وجوب منع الدول النامية من زيادة مستوى معيشتها من خلال اتباع مثل هذه اللوائح والقوانين.
على المستوى الثقافي : تطورت قنوات الاتصال الثقافية المشتركة بين الدول وظهرت صور جديدة من التأكيد على الوعي والهوية التي تجسد مدى انتشار التيار الثقافي والرغبة في زيادة مستوى معيشة الفرد والتمتع بالمنتجات والأفكار الأجنبية الأخرى واتباع الوسائل والأساليب التكنولوجية الحديثة والمشاركة في الثقافة العالمية. ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص تتملكهم بالفعل مشاعر الحزن والحسرة على زيادة معدلات الاستهلاك في العالم واندثار العديد من اللغات. انظر أيضًا Transformation of culture. أما عن التغيرات التي أحدثتها الثقافة في العالم فهي تتمثل في الآتي ذكره:
انتشار التعددية الثقافية وإمكانية وصول الفرد بشكل أفضل لشتى صور التنوع الثقافي (من خلال ما يتم مشاهدته في أفلام "هوليوود" و"بوليوود" على سبيل المثال). ولكن من ناحية أخرى، يعتبر البعض أن الثقافة الواردة إلينا من الخارج (أو ما تسمى بالثقافة المستوردة) تمثل خطرًا كبيرًا منذ احتمال أن تحل محل الثقافة المحلية، مما يتسبب في حدوث انخفاض في معدلات التنوع واستيعاب كل ما هو جديد من الثقافات بشكل عام. على الجانب الآخر، يعتبر آخرون أن التعددية الثقافية أمر مفيد من أجل تعزيز السلام وسبل التفاهم بين الشعوب.
زيادة الإقبال على السفر والسياحة في العالم؛ حيث قدرت منظمة الصحة العالمية عدد الأشخاص الذين دومًا ما يقومون برحلات جوية في أي وقت ووجدت أنهم يشكلون أكثر من 500,000 شخص.[23]
زيادة معدلات الهجرة، بما فيها الهجرة غير الشرعية
انتشار المنتجات المحلية الخاصة بالمستهلك (مثل المواد الغذائية) في الدول الأخرى (وفقًا لثقافتها)
انتشار بعض الألعاب العالمية، مثل: البوكيمون Pokémon والسودوكو Sudoku وNuma Numa والأوريجامي Origami، والتردد على بعض المواقع العالمية مثل: Idol series وYouTube وOrkut وFacebook وMyspace. وإمكانية الوصول إليها بسهولة بالنسبة لكل من يتوفر لديهم إنترنت وتليفزيون، مع ترك فئة كبيرة من سكان الأرض.
انتشار الأحداث الرياضية العالمية مثل كأس العالم لكرة القدم ودورة الألعاب الأوليمبية.
اندماج الشركات متعددة الجنسيات وتحويلها إلى شركات جديدة.
وكأحد رعاة فريق All-Blacks لرياضة الركبي، قامت شركة Adidas بإنشاء موقع ويب محاكي مزود بلعبة ركبي تفاعلية يمكن تنزيلها من أجل محبي ومشجعي اللعبة لممارستها على جهاز الكمبيوتر والتنافس عليها.[24]
على المستوى الاجتماعي : تطوير المنظمات غير الحكومية كممثلين رئيسيين للسياسة العامة الدولية المتضمنة الجهود التنموية والمساعدات الإنسانية.
[25]
على المستوى التقني والفني :
تطوير البنية التحتية لوسائل الاتصالات العالمية السلكية واللاسلكية وزيادة سرعة انتقال البيانات وتدفقها عبر حدود الدول باستخدام تقنيات مثل شبكة الإنترنت والأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات وأسلاك الألياف البصرية الموجودة تحت الماء والهواتف اللاسلكية.
زيادة عدد المعايير التي يتم تطبيقها عالميًا؛ مثل: قوانين حقوق الطبع والنسخ وبراءات الاختراع واتفاقيات التجارة الدولية.
على المستوى القانوني/الأخلاقي :
إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وقيام حركات تدعو لنشر العدل على مستوى العالم منها حركات العدالة الدولية
انتشار ظاهرة استيراد الجريمة وزيادة الوعي بالجهود الدولية المبذولة والتأكيد على أهمية التعاون للتصدي لمختلف الجرائم
سن القانون الإداري الدولي
التأثير الثقافي للعولمةعملت شبكة الإنترنت على إزالة الحدود الثقافية عبر مختلف دول العالم عن طريق إتاحة اتصال سهل وسريع بين الأفراد في أي مكان عن طريق مختلف أجهزة الإعلام والوسائل الرقمية. وترتبط شبكة الإنترنت بالعولمة الثقافية لأنها تتيح التفاعل والتواصل بين الأفراد من مختلف الثقافات وأساليب الحياة. كذلك، تسمح مواقع الويب التي يتشارك فيها الأفراد صورهم بمزيد من التفاعل حتى ولو كانت اللغة تشكل عائقًا أمامهم. فقد أصبح من الممكن بالنسبة لأي شخص في أمريكا أن يتناول النودلز اليابانية على الغداء. كما أصبح من الممكن بالنسبة للقاطن مدينة سيدني في أستراليا أن يتناول الطعام الأكثر شعبية في إيطاليا ألا وهو كرات اللحم. ومن ثم، فقد أصبح الطعام يشكل مظهرًا واحدًا من مظاهر الثقافة المتعددة والمتأصلة بأية دولة. فالهند، على سبيل المثال، تشتهر بالكاري والتوابل الغريبة، أما باريس فتشتهر بمختلف أنواع الجبن، في حين تشتهر الولايات المتحدة الأمريكية بالبرجر والبطاطس المحمرة. قديمًا، كان الطعام المقدم في مطاعم ماكدونالدز هو الطعام المفضل لدى الأمريكيين فقط بصورته المبهجة الباعثة على الحظ وكذلك بوجود شخصية رونالد دائمة الظهور في إعلانه وألوانه الحمراء والصفراء المعروفة ووجباته السريعة المتعددة الشهية. أما الآن، فقد أصبح هذا المطعم مطعمًا عالميًا؛ حيث أضحى له 31,000 فرع حول العالم بما فيها الكويت ومصر ومالطا. ومن ثم، يعد هذا المطعم خير مثال على انتشار الطعام على أساس عالمي. كذلك، يعد التأمل من الأساليب التي تلقى احترامًا وتقديسًا منذ قرون في الثقافة الهندية. فالتأمل يعمل على تهدئة الجسم ويساعد المرء في إدراك ذاته الداخلية وتجنب أي وضع يضر بها. قبل العولمة، كان الأمريكيون لا يمارسون تمارين التأمل أو اليوجا. لكن بعد العولمة، أصبح التأمل أسلوبًا شائعًا بينهم حتى أنه اعتبر طريقة مواكبة للحداثة للمحافظة على الرشاقة. حتى أن بعد الأشخاص يسافرون إلى الهند لكي يحصلوا على الخبرة الكاملة في هذا الصدد بأنفسهم. من ناحية أخرى، يعتبر الوشم المتخذ شكل الرموز الصينية من الأساليب الأخرى الشائعة التي ساهمت العولمة في انتشارها. فهذه الرسوم والأشكال تعتبر تقليعة شائعة بين جيل الشباب في هذه الأيام، كما أنها سرعان ما أصبحت سلوكًا معتادًا ومتعارفًا عليه بينهم. ومع امتزاج الثقافات، أصبح استخدام لغة دولة أخرى في أحاديث الأفراد أمرًا عاديًا. يتم تعريف الثقافة بأنها مجموعة من أنماط الأنشطة الإنسانية والرموز التي تمنح هذه الأنشطة تلك الأهمية.
فالثقافة تعبر عما يتناوله الأفراد من طعام، وما يرتدونه من ملبس، كما أنها تعبر عن المعتقدات والأفكار التي يتبعونها والأنشطة التي يمارسونها. إن العولمة قد عملت على الربط بين الثقافات المختلفة وقامت بتحويلها إلى شيء مختلف وفريد من نوعه. وكما تم التصريح من جانب "إيرلا زوينجل" في إحدى مقالات مجلة National Geographic تحت عنوان "العولمة": "عندما تستقبل الثقافات مختلف التأثيرات الخارجية، فإنها تستوعب بعضها وترفض البعض الآخر منها؛ ثم تعمل بعدها فوريًا على تحويل ما تم استيعابه." [26]
الآثار السلبية للعولمة
من السهل ملاحظة الجوانب الإيجابية للعولمة والفوائد الكبيرة الواضحة لها في كل مكان دون الاعتراف بجوانبها السلبية المتعددة. فهذه الجوانب غالبًا ما تكون نتيجة تأثر الشركات بالعولمة والخروج بالاقتصاديات من دائرة سيطرة الحكومات عليها والتي كانت قادرة من قبل على الاستمرار دون مساعدة الدول الأخرى. إن العولمة - بما تمثله من تكامل مستمر بين الاقتصاديات والمجتمعات حول العالم – أصبحت تشكل أحد الموضوعات التي كثر النقاش حولها في الاقتصاد الدولي على مدار السنوات القليلة المنقضية. فزيادة معدلات التنمية بسرعة بالإضافة إلى انخفاض معدلات الفقر في الصين والهند والدول الأخرى التي ظلت فقيرة منذ عشرين عامًا، كلها تعد أحد الجوانب الإيجابية للعولمة. ولكن، كان للعولمة تيار دولي مضاد بصدد ما أدت إليه من تدهور في الظروف البيئية وتقلب في الأحوال المناخية للأرض.[27] ففي الإقليم الأوسط الشمالي الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، تسببت العولمة في انخفاض مستويات التنافس في مجالي الصناعة والزراعة، مما أدى إلى انخفاض مستوى رفاهية الأفراد ومستوى معيشتهم وتمتعهم بالحياة في تلك المناطق التي لم تتكيف مع التغير الجديد. blue]الورش والمؤسسات والمشروعات الصغيرة التجارية الاستغلاليةيمكن قول إن العولمة تمثل الباب الذي تدخل من خلاله أية دولة فقيرة الموارد إلى السوق الدولي. ففي أية دولة بها ناتج مادي ضعيف أو ملموس يتم تجميعه أو استخراجه من أراضيها، تحاول الشركات الكبرى انتهاز هذه الفرصة للاستفادة من "ضعف صادرات" هذه الدولة. وبينما تمت الإشارة إلى معظم المرات الأولى التي تكررت فيها ظاهرة العولمة الاقتصادية على أنها اتساع وزيادة في عدد الأنشطة التجارية ونمو الشركات، ففي العديد من الدول الأكثر فقرًا تحدث العولمة نتيجةً لاستثمار الشركات الأجنبية في أي منها للاستفادة من تدني معدل الأجور بها. يأتي هذا على النقيض من الحقيقة الاقتصادية التي تقول إن الاستثمار يؤدي إلى زيادة معدل الأجور في أية دولة لأنه يعمل على زيادة أسهم رءوس الأموال فيها. تعد إقامة أصحاب المصانع للورش والمؤسسات الصناعية والمشروعات الصغيرة التجارية الاستغلالية التي تكون ساعات العمل فيها طويلة في مقابل دفع أجور متدنية للعمال وفي ظل ظروف عمل غير صحية أحد الأمثلة التي استعان بها مناهضو العولمة. ووفقًا لما صرحت به منظمة Global Exchange، فإن أصحاب مصانع الأحذية الرياضية يمثلون الفئة التي تنشئ هذه "المشروعات الصغيرة التجارية الاستغلالية" بكثرة وضربت مثالاً على ذلك بشركة Nike لصناعة الأحذية والمستلزمات الرياضية.[29] فقد قامت هذه الشركة بإقامة عدد من مصانعها في دول فقيرة يقبل فيها العاملون العمل مقابل أجور متدنية. بعد ذلك، إذا حدث أي تغيير في قوانين العمل الخاصة بهذه الدول وتم وضع قواعد أكثر صرامة تحكم عملية التصنيع فيها، يتم إغلاق المصانع الموجودة في هذه الدول ونقلها إلى دول أخرى تطبق نظم اقتصادية أكثر تحفظًا حيث تطبق مبدأ "دعه يعمل" الفرنسي الذي يدعم حرية النشاط الاقتصادي ويمنع تدخل الحكومات في تنظيم أحوال التجارة والاقتصاد بها. [بحاجة لمصدر] يوجد العديد من الوكالات والهيئات التي تم إنشاؤها في جميع أنحاء العالم وقد تمت إقامتها بهدف التركيز على الحملات المناهضة لمثل هذه المشروعات التجارية الاستغلالية ونشر الوعي بشأنها. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، تقدمت لجنة العمل القومية (The National Labor Committee) بعدد من المذكرات التي تمثل جزءًا من قانون ظروف العمل اللائقة والمنافسة العادلة (Decent Working Conditions and Fair Competition Act) والتي فشلت حتى الآن في الكونجرس. فهذا التشريع يطلب بصورةٍ قانونية من الشركات أن تقوم بمراعاة حقوق الإنسان والعاملين عن طريق حظر استيراد أو بيع أو تصدير السلع التي يتم إنتاجها في المصانع والمشروعات التجارية الاستغلالية. [30] بصفةٍ خاصة، تشمل المبادئ الأساسية لهذا التشريع حظر عمالة الأطفال وعدم الإجبار على العمل وإتاحة حرية المشاركة والحق في تنظيم وعقد الصفقات بصورةٍ إجمالية والحق في التمتع بظروف عمل لائقة.[31] ولقد صرحت "تيزيانا تيرانوفا" أن العولمة أدت إلى ظهور ثقافة "العمل الحر". تعني هذه الثقافة، بالأرقام، أن الأشخاص (رأس المال المساهم) يستغلون ويستنزفون الوسائل التي يمكن من خلالها المحافظة على استمرار العمل. على سبيل المثال، ظهرت ثقافة العمل الحر في مجال الوسائط الرقمية (مثل الرسوم المتحركة واستضافة غرف الدردشة وتصميم الألعاب) الذي يعد أقل سحرًا وجمالاً مما قد يبدو. وفي مجال الصناعة، تم إنشاء سوق الذهب الصيني.[32]
تضارب المصالح المالية
صرح "آلان جرينسبان" أنه قد صُدِم عند معرفة أنه قد ثبت أن الاهتمام الخاص من قِبَل مؤسسات الإقراض بحماية حقوق ملكية المساهمين وهم كبير. فقد انهار نموذج ريجان – تاتشر الذي كان يفضل التمويل عن التصنيع المحلي. كما أن ظهور مفهومي التمويل والعولمة المدعمين لبعضهما البعض بصورة متبادلة أنهى الارتباط الذي كان قائمًا بين الرأسمالية الأمريكية والمصالح الأمريكية. ويجب أن نستفيد من الرأسمالية الاجتماعية في دول الاسكندينافيا التي تعتبر نموذجًُا اقتصاديًا أقل تركيزًا على التصنيع من النموذج الألماني. فقد قامت هذه الدول بتطوير مهاراتها وأجور العاملين بها في قطاعي التجزئة والخدمات وهما القطاعان اللذان يستحوذان على معظم القوة العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية. نتيجةً لذلك، لا يوجد عاملون تعساء وفقراء في دول الاسكندينافيا على العكس من الحال في الولايات المتحدة الأمريكية التي يوجد بها عدد كبير، مقدر بالملايين، منهم. [33]
أنصار العولمة (العالمية)
يدعي المؤيدون لنظام التجارة الحرة أنه نظام يعمل على زيادة الرخاء الاقتصادي والفرص الاقتصادية أيضًا خاصةً في الدول النامية. علاوةً على ذلك، فإنه يعمل على تحسين مفهوم الحريات المدنية ويؤدي إلى تخصيص أكثر كفاءة وفاعلية للموارد. وتقترح النظريات الاقتصادية المتعلقة بالميزة المقارنة أن التجارة الحرة تؤدي إلى تخصيص الموارد بشكلٍ أكثر كفاءة مع استفادة جميع الدول المشتركة في التجارة. بصفةٍ عامة، يؤدي هذا الأمر إلى انخفاض الأسعار وانخفاض نسب البطالة وزيادة معدل الإنتاج وارتفاع مستوى معيشة الأفراد في الدول النامية.[34][35]
—Jeffrey D. Sachs, The End of Poverty, 2005
ويقترح "د. فرانسسكو ستيبو"، مدير نادي روما الأمريكي، أن "النظام الحكومي العالمي يجب أن يعكس التوازنات السياسية والاقتصادية لدول العالم. كما أن الاتحاد الكونفدرالي العالمي يجب ألا يحل محل سلطة حكومات الدول ولكنه على العكس من ذلك يجب أن يكملها حيث إن سلطة الدول والسلطة الدولية سيكون لهما نفوذ داخل نطاق اختصاص كل منهما". ويصرح عدد من المؤيدين للمبدأ الفرنسي الرأسمالي "دعه يعمل أو Laissez-faire" وبعض المؤيدين لمبادئ الحرية في الفكر والعمل أن تحقيق مستويات أعلى من الحرية الاقتصادية والسياسية في شكل نشر الديمقراطية والرأسمالية في دول العالم المتقدمة يعد غاية في حد ذاته كما أنه يؤدي إلى وجود مستويات أعلى من الثروة المادية. وهم يعتقدون أن العولمة تعني الانتشار المفيد للحرية والرأسمالية. ويطلق أحيانًا على مؤيدي العولمة الديمقراطية اسم أنصار العولمة (pro-globalist). وهم يعتقدون أن المرحلة الأولى من العولمة، التي كانت موجهة للسوق والتجارة، يجب أن يتبعها مرحلة بناء مؤسسات سياسية عالمية تمثل إرادة مواطني العالم. ويكمن الفرق بين هؤلاء المؤيدين للعولمة الديمقراطية والمؤيدين لأشكال العولمة الأخرى أنهم لم يقوموا مقدمًا بتحديد أيديولوجية معينة لتوجيه هذه الإرادة ولكنهم تركوا اختيار الأيديولوجية المطبقة لمواطني العالم بأكمله عن طريق عملية ديمقراطية. [بحاجة لمصدر]
ويتصور البعض، مثل السيناتور الكندي السابق "دوجلاس روش" (Douglas Roche, O.C.)، أن العولمة أمر حتمي وينادون بإقامة مؤسسات مثل الجمعية البرلمانية للأمم المتحدة ( United Nations Parliamentary Assembly) المنتخبة انتخابًا حرًا مباشرًا للإشراف على الهيئات الدولية غير المنتخبة ومراقبتها.
ويدعي أنصار العولمة أن الحركة المناهضة للعولمة تستخدم أدلة غير مؤكدة لدعم وجهة نظرها [بحاجة لمصدر] المؤيدة لمبدأ حماية الإنتاج الوطني بينما تدعم بشدة الإحصائيات في جميع أنحاء العالم مبدأ العولمة:
من 1981 إلى 2001 ووفقًا لأرقام البنك الدولي، انخفض عدد السكان الذين يبلغ دخلهم اليومي دولارًا واحدًا أو أقل من 1.5 بليون إلى 1.1 بليون فرد بصورةٍ مطلقة. في الوقت نفسه، تزايد عدد سكان العالم. بالتالي وبصورةٍ نسبية، انخفض عدد الأفراد أيضًا الذين يبلغ دخلهم اليومي دولارًا واحدًا أو أقل في الدول النامية من 40 في المائة ليصل إلى 20 في المائة من السكان.[36][37] بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات الهائلة في اقتصاديات العالم قللت بصورةٍ سريعة العوائق الخاصة بالتجارة والاستثمار. على الرغم من ذلك، ينادي بعض النقاد بوجوب دراسة بعض المعايير المتغيرة الأكثر تفصيلاً التي تقيس مستوى الفقر بدلاً من هذه الإحصائيات.[38]
انخفضت كثيرًا النسبة المئوية لعدد الأفراد الذين يبلغ دخلهم اليومي أقل من 2 دولار في الأماكن التي تأثرت بالعولمة بينما ظلت معدلات الفقر في أماكن أخرى كما هي.
ففي دول شرق آسيا، بما فيها الصين، انخفض عدد هؤلاء الأفراد بنسبة 50.1 في المائة مقارنةً بزيادة في عددهم تقدر بـ 2.2 في المائة في دول جنوب إفريقيا.
المنطقة التوزيع الديموغرافي للسكان 1981 1984 1987 1990 1993 1996 1999 2002 النسبة المئوية للتغير 1981-2002
دول شرق آسيا والمحيط الهادئ أقل من 1 دولار يوميًا 57.7% 38.9% 28.0% 29.6% 24.9% 16.6% 15.7% 11.1% -80.76%
أقل من 2 دولار يوميًا 84.8% 76.6% 67.7% 69.9% 64.8% 53.3% 50.3% 40.7% -52.00%
دول أمريكا اللاتينية أقل من 1 دولار يوميًا 9.7% 11.8% 10.9% 11.3% 11.3% 10.7% 10.5% 8.9% -8.25%
أقل من 2 دولار يوميًا 29.6% 30.4% 27.8% 28.4% 29.5% 24.1% 25.1% 23.4% -29.94%
دول جنوب إفريقيا أقل من 1 دولار يوميًا 41.6% 46.3% 46.8% 44.6% 44.0% 45.6% 45.7% 44.0% +5.77%
أقل من 2 دولار يوميًا 73.3% 76.1% 76.1% 75.0% 74.6% 75.1% 76.1% 74.9% +2.18%
‘‘المصدر: البنك الدولي، تقييم نسب الفقر عام 2002’‘ ‘‘[35]‘‘ ‘‘
‘‘نتيجةً للموضوعات المتعلقة بالتحديدات والتقديرات وتوفر البيانات، يوجد خلاف حول نسبة الانخفاض في مستويات الفقر الشديد على مستوى العالم. ‘‘ ‘‘وكما سنوضح فيما بعد، يوجد آخرون يشككون في هذا الأمر. ‘‘ ‘‘فقد أوضح الخبير الاقتصادي "خافيير سالا-آي مارتن" (Xavier Sala-i-Martin) في تحليل عام 2007 أن هذا الأمر غير صحيح فقد انخفضت نسبة عدم المساواة في الدخل في العالم بصورةٍ كلية. http://www.heritage.org/research/features/index/chapters/htm/index2007_chap1.cfm. وبغض النظر عمن هو محق في رأيه بشأن الاتجاه السابق في عدم المساواة في توزيع الدخل، فقد ذكر أن تحسين مستويات الفقر المطلق يعد أكثر أهمية من عدم المساواة النسبية في الدخل. http://www.nytimes.com/2007/01/25/business/25scene.html?ex=1327381200&en=47c55edd9529cae7&ei=5090&partner=rssuserland&emc=rss/ ’‘
‘‘ تضاعف متوسط عمر الفرد في الدول النامية منذ الحرب العالمية الثانية بحيث قارب على الوصول لمتوسط العمر نفسه للأفراد الذين يعيشون في الدول المتقدمة التي قلت فيها إمكانية إضافة مزيد من التطوير. ‘‘ ‘‘حتى في دول جنوب إفريقيا، التي تعد أقل الدول تطورًا، زاد متوسط عمر الفرد من 30 عامًا قبل الحرب العالمية الثانية ليصل إلى ما يقرب من 50 عامًا قبل انتشار وباء الإيدز والأمراض الأخرى التي أدت إلى تقليل متوسط عمر الفرد ليصل إلى المستوى الحالي الذي يبلغ 47 عامًا. ‘‘ ‘‘ كما قلت وفيات الأطفال في جميع الدول النامية على مستوى العالم. ‘‘ ‘‘[39]‘‘
‘‘زادت الديمقراطية بدرجةٍ هائلة بدءًا من عام 1900 الذي لم يكن يوجد فيه أية دولة تقريبًا تتمتع بحق الاقتراع العالمي إلى عام 2000 الذي وصلت فيه نسبة الدول التي تتمتع بهذا الحق إلى 62.5 في المائة.’‘ ‘‘[40]‘‘
‘‘تطورت الحركة النسائية في بعض الدول، مثل بنجلاديش، من خلال توفير فرص عمل وأمان اقتصادي للنساء.’‘ [34]
‘‘انخفضت نسبة سكان العالم الذين يعيشون في دول تبلغ فيها إمدادات الطعام لكل فرد أقل من 2,200 سعر حراري (9,200 كيلو جول) يوميًا من 56 في المائة في منتصف ستينيات القرن العشرين لتصل إلى أقل من 10 في المائة بحلول تسعينيات القرن نفسه.’‘ ‘‘[41]‘‘
‘‘ في الفترة التي تتراوح بين عامي 1950 و1999، زادت نسبة محو الأمية من 52 في المائة إلى 81 في المائة على مستوى العالم. ‘‘ ‘‘وأسهمت النساء بعددٍ كبير في هذه النسبة فقد زادت نسبة محو أمية النساء إلى نسبة محو أمية الرجال من 59 في المائة في عام 1970 لتصل إلى 80 في المائة في عام 2000.’‘ ‘‘[42]‘‘
‘‘يوجد اتجاهات متزايدة فيما يتعلق باستخدام الطاقة الكهربائية والسيارات وأجهزة الراديو والتليفون لكل فرد. بالإضافة إلى ذلك، زادت نسبة سكان العالم الذين تم توصيل المياه النقية إليهم.’‘ ‘‘[43]‘‘
‘‘ برهن كتاب The Improving State of the World على أن هذه المعايير وغيرها المتعلقة بصحة الإنسان وسعادته ورفاهيته قد تطورت وعلى أن العولمة تعد جزءًا من سبب تطورها. ‘‘ ‘‘ كما أن هذا الكتاب قام بالرد على نقاط الجدل التي تدعي أن التأثير البيئي سيقوم بتقييد التطور.’‘
‘‘ على الرغم من أن نقاد العولمة يتذمرون من سيطرة الثقافة الغربية على جميع دول العالم، فقد أظهر تقرير اليونسكو عام 2005 أن التبادل الثقافي أصبح ثنائي الجانب. ففي عام 2002، كانت الصين ثالث أكبر مصدر للمنتجات الثقافية بعد بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وفيما بين عامي 1994 و2002، تناقصت أسهم أمريكا الشمالية والاتحاد الأوربي في الصادرات الثقافية بينما زادت الصادرات الثقافية لدول آسيا لتتفوق على مثيلاتها في أمريكا الشمالية. == حركة مناهضة العولمة
==
مقال تفصيلي :Anti-globalization movement
حركة مناهضة العولمة ‘‘هي مصطلح يتم استخدامه لوصف الجماعة السياسية التي تعارض الشكل الليبرالي الجديد للعولمة مع استخدام أوجه النقد الموجهة للعولمة كجزء من الأسباب المتعلقة بتبرير الموقف السياسي لهذه الجماعة. ‘‘
قد تتضمن "حركة مناهضة العولمة" أيضًا العمليات أو الإجراءات التي تتخذها الدولة لفرض سيادتها وتطبيق عملية صنع القرار بأسلوب ديمقراطي. وقد توجد حركة مناهضة العولمة من أجل الحفاظ على حدود ومعايير معينة متعلقة بانتقال الأفراد والسلع والمعتقدات على مستوى العالم، خاصةً بعد إلغاء القيود المتعلقة بالسوق الحرة الأمر الذي شجع عليه كل من صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة الدولية. علاوة على ذلك، وكما أوضحت "ناعومي كلين" في كتابها No Logo، فإن حركة مناهضة العولمة يمكن أن تشير إما إلى حركة اجتماعية واحدة أو إلى مصطلح شامل يتضمن عددًا من الحركات الاجتماعية المنفصلة [44] مثل الحركة القومية أو الحركة الاجتماعية. في أي من الحالتين، يقف المشاركون في هذه الحركة في مواجهة مع القوة السياسية غير المنظمة للشركات الكبرى متعددة الجنسيات حيث تمارس هذه الشركات سلطتها من خلال دعم اتفاقيات التجارة التي تقوم في بعض الأحيان بالإضرار بالحقوق الديمقراطية للمواطنين [بحاجة لمصدر] وبالبيئة من حيث مؤشر جودة الهواء وتوزيع الغابات الممطرة. [بحاجة لمصدر] بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي تطبيق هذه الاتفاقيات إلى الإضرار بسيادة الحكومة القومية فيما يتعلق بتحديد حقوق عامليها [بحاجة لمصدر] من حيث الحق في تكوين نقابة والتشريعات المتعلقة بالصحة والأمان أو الإضرار بالقوانين المطبقة حيث إن تطبيق اتفاقيات التجارة قد يؤدي إلى خرق وانتهاك الممارسات والتقاليد الثقافية الخاصة بالدول النامية. [بحاجة لمصدر] يطلق على بعض الأفراد "مناهضي العولمة أو خصومها" أو "المتشككين" (هيرست وطومسون)[45] وهم يعتقدون أن هذا المصطلح مبهم تمامًا وغير دقيق [46] [47] ويؤكد "بودوبينك" أن "الغالبية العظمى من الجماعات المشاركة في هذه الاحتجاجات تعتمد على دعم شبكات دولية وهي تنادي بصفةٍ عامة بوجود أنماط من العولمة تحسن العملية الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية". ولقد كتب كل من "جوزيف ستجليتز" و"أندرو تشارلتون"[48] قائلين:
“ The anti-globalization movement developed in opposition to the perceived negative aspects of globalization. The term 'anti-globaliza