الأنظمة الانتخابية

الأنظمة الانتخابية
تمهيد:
تفرض المؤسسات قواعد اللعبة التي تحكم ممارسة الديمقراطية, ويبدو البرلمان كمؤسسة سياسية الأكثر عرضة لتأثير النظام الانتخابي, فحتى عندما يحصل حزبان على نفس عدد الأصوات, فإن نظاما انتخابيا معينا قد يعطي الأفضلية لحزب بعينه.
النظم الانتخابية لها تأثير قوي جدا على النظام الحزبي ذاته, خاصة ما يتعلق بعدد الأحزاب, وقوتها داخل البرلمانات كما أنها تأثر على تماسك الأحزاب وانضباطها, فبعض الأنظمة يشجع التجزئة, كما أن أنظمة انتخابية أخرى تشجع على التآلف.
كما أن النظام الانتخابي يؤثر في جوانب قانونية وتنظيمية, كتقسيم الدوائر الانتخابية, شكل بطاقات الاقتراع, وطريقة الفرز, وإعلان النتائج.
لهذا فإن النظام الانتخابي هو الكيفية التي تحول بها الأصوات المعبر عنها إلى مقاعد تمثيلية.
I- مبادئ صياغة نظام انتخابي:
- ضمان قيام المؤسسات السياسية ذات الصفة التمثيلية الواسعة.
- التأكد من أن الانتخابات هي في متناول الناخب العادي وأنها صحيحة.
- تعزيز شرعية السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
- إيجاد حكومة مستقرة وفعالة.
- تشجيع التقارب بين الأحزاب السياسية.
- تنمية حس المسؤولية لدى المنتخبين وأعضاء الحكومة.
- بلورة معارضة برلمانية بناءة.
- مراعاة طاقات الوطن الإدارية والمالية.
- دعم التنمية السياسية والتعددية الحزبية.
أكدت المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (1966) على أن المواطن له الحق في: " أن ينتخب, وينتخب في انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام على قدم المساواة بين الناخبين, وبالتصويت السري, تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين"
I- نظام الأغلبية:
هو أقدم نظام انتخابي, ولا يزال يحظى بتفضيل حوالي 80 دولة استنادا إلى دراسة للاتحاد البرلماني العالمي لعام 1993.
وتكمن ميزته في بساطته, بحيث يفوز في الانتخابات المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات, وقد طبق هذا النظام قبل ظهور الظاهرة الحزبية, بحيث يتم انتخاب المرشح الأكثر شعبية.
أ- تصويت الأغلبية لدورة واحدة : الأغلبية البسيطة
يتم انتخاب المرشح الذي يحظى بأكبر عدد من الأصوات, حتى ولو لم يحصل إلا على 20%. في نظام الأغلبية البسيطة فإن المرشح الذي يحصل على عدد أكبر من الأصوات هو الذي يفوز حتى ولو لم تتجاوز النسبة 25%, ويؤدي هذا النظام إلى بروز حزبين كبيرين على المستوى الوطني والمحلي كما هو الحال في بريطانيا وكندا, وهذا النظام مطبق في جميع دول الكومنولث. يعطى هذا النظام الحق للحزب الفائز بالأغلبية حتى إذا كانت في حدود 45% الحق في تشكيل الحكومة بمفرده.
ب- تصويت الأغلبية لدورتين ( الأغلبية المطلقة)(scrutin de ballottage):
إذا لم يحصل المرشح على أكثر من 50% من الأصوات, يتم تنظيم دورة ثانية, وفي هذه الحالة تكفي الأغلبية البسيطة وحدها في الدورة الثانية. وهناك أربعة بلدان تطبق نظام الأغلبية المطلقة في الدورة الأولى أو الأغلبية النسبية في الدورة الثانية هي: فرنسا, الكونغو, الغابون.
إيجابيات النظام:
- تكون أوراق الاقتراع بسيطة.
- يصوت المنتخبون لشخص واحد يمثل حزبا سياسيا أو يكون مستقلا
- يشمل دائرة انتخابية, ويجعل العلاقة أوثق بين المرشح وناخبه
- يتميز نظام الأغلبية البسيطة كونه يجري على دور واحد كما هو الشأن في كندا فلا يشترط في تقلد المرشح لمنصب عضو في البرلمان أن يكون حائزا على 50% .
عيوب نظام الأغلبية:
- إقصاء الأحزاب الصغيرة من التمثيل السياسي.
- يلعب التوزيع الجغرافي لمناضلي الحزب و المتعاطفين معه دورا بارزا في فوز الأحزاب, وهو ما يكرس الطابع الجهوي الذي يضر بالصبغة الوطنية.
- تحييد الأقليات من المشاركة والتمثيل.
- ظاهرة الأصوات المهدورة حيث تصل إلى 60% أحيانا ( أنظر الملحق).
- تستطيع الإدارة أن تعمل على تغيير حدود الدائرة الفردية بما يخدم مصلحتها.
II- التمثيل النسبي:
طبق هذا النظام للمرة الأولى في بلجيكا سنة 1889, وفي الوقت الراهن تعمل به أكثر من 60 دولة في العالم.
يتميز هذا النظام بعكسه للخارطة السياسية الحقيقية, بمعنى أن التمثيل يتناسب بشكل دقيق مع حجم كل حزب وحيازته لأصوات الناخبين, ففي هذا المناخ النظمي لا يوجد حزب يستأثر بكامل المقاعد ( التمثيل الكامل) في حين لا يوجد حزب لا يحظى بالتمثيل.
التمثيل النسبي يفرض التصويت للقائمة, وهذا ما يعلي من شأن البرامج والأفكار, أكثر من اعتبارات شخصية المرشح, كما أن التصويت يجري في دورة واحدة فقط.
أ‌- التمثيل النسبي الكامل:
تعتبر البلاد كلها دائرة انتخابية واحدة, ويتم توزيع المقاعد للقوائم أو الأحزاب حسب حصتها ( نسبتها) الإجمالية, كما هو مشاهد في انتخابات الكنيست الإسرائيلي.
ب- التمثيل النسبي التقريبي:
تجرى الانتخابات في عدة دوائر انتخابية, ويتم توزيع المقاعد في هذا الأساس, حيث يقبل هذا النظام تفاوتا بين عدد الأصوات المحوزة وطنيا لحزب ما وعدد المقاعد الفائز بها.
نسبة الحسم: وهو الحد الأدنى من مجموع الأصوات المحصل عليها وطنيا والتي تسمح للحزب السياسي بالتمثيل في البرلمان, فهي تتفاوت من 1.5 % كما هو الشأن بالنسبة لإسرائيل وتصل إلى 10% في تركيا, ولكن معظم البلدان تعتمد مجالا من 3-5% ( الجزائر تعتمد 5% كنسبة حسم).
مزايا التمثيل النسبي:
ـ التقليل من الأصوات المهدورة, في حدود 10%, باعتماد الشكل الثاني.
ـ يشجع على التمثيل العادل لمختلف الأحزاب السياسية حسب وزنها على الساحة.
ـ يضمن التمثيل للأقليات, ويعكس التنوع العرقي داخل المجتمع.
ـ يشجع على تمثيل النساء أكثر من نظام الأغلبية المفردة ( sys. Uninominal majoritaire).
عيوب نظام التمثيل النسبي:
1ـ يهدد بحدوث اختناقات في العمل الحكومي, كون الحكومة مصدرها الإتلاف المبني على التنوع الحزبي.
2 ـ عدم استقرار الائتلافات الحكومية.
3 ـ يؤدي نظام التمثيل النسبي إلى تجزئة الأحزاب.
4 ـ تستطيع الأحزاب الصغيرة أن تلعب دورا مفصليا في الحكومات الائتلافية, ومثال ذلك الأحزاب الدينية في إسرائيل.
III ـ النظام المختلط:
ويأخذ بميزات النظامين السابقين بمعنى أنه يأخذ بخصائص كل نظام من منظور توفيقي, وهو نظام معمول به في العديد من البلدان ويأتي على رأس القائمة ألمانيا, فنصف البوندستاج يجري انتخابهم بالانتخاب الفردي على دور واحد على النمط الانجليزي, والنصف الأخر يجري انتخابهم بالقائمة بالتمثيل النسبي.
ويستنتج من هذا أن لكل ناخب صوتين: صوت يختار به ممثل الدائرة الفردية, وصوت يختار به القائمة, وعلى ذلك يمكن للناخبين أن يصوتوا لحزبين مختلفين.
كما أن بعض الأنظمة المختلطة سمحت للمرشحين بتقييد أسمائهم في الانتخابات الفردية, وكذا في القوائم الجماعية.
ومن أمثلة البلدان التي اعتمدت النظام المختلط نجد: روسيا, أوكرانيا, بوليفا, اليابان, السنغال, ايطاليا.
بالعودة إلى النموذج الألماني المختلط نجد الوحدة الفيدرالية (1990) أصبحت كل ولاية من الولايات 16الكبيرة تمثلها قائمة, ويوجد عدد من الدوائر الصغيرة (328), ويتم توزيع المقاعد البرلمانية مناصفة أي 328+328= 656 مقعدا برلمانيا, الدوائر الصغيرة يطبق فيها الانتخاب الفردي على دور واحدSUMT)) على النمط الانجليزي, بحيث يفوز بالمقعد المرشح الذي يحوز أكبر عدد من الأصوات أخدا بالمبدأ .first pass to post أما النصف الأخر يتم انتخابهم عن طريق الانتخاب بالقائمة المقدمة من الأحزاب في الولايات أخدا بالتمثيل النسبي.
يشترط للدخول في عملية توزيع المقاعد أن يحصل الحزب (التمثيل النسبي) على 5% من الأصوات على مستوى الولايات, أو أن يحصل على 3 مقاعد فردية على مستوى الدوائر, والهدف استبعاد الأحزاب الصغيرة لضمان استقرار الحكومة وتعتمد في ألمانيا الاتحادية طريقة Niemeyer الرياضية لتوزيع المقاعد على القوائم.
طريقة نايماير Niemeyer لتوزيع المقاعد على القوائم الانتخابية:
المقاعد المخصصة للولاية × عدد الأصوات للقائمة
عدد الأصوات لمجموع الأحزاب
ويتم توزيع المقاعد بنسبة عدد المرات التي استجمعت فيها كل قائمة هذا القاسم اما المقاعد الباقية فتوزع على اكبر الحاصلين على الكسر المئوي بالترتيب ويجب القيام لعملية رياضية أخرى لتحديد العدد الإجمالي للمقاعد التي يحصل عليها الحزب على المستوى الفدرالي, وهذا لمعالجة حصول مرشح على مقعد بالانتخاب الفردي ومقعد بالانتخاب بالقائمة الحزبية على مستوى الولايات, فيصبح هذا الوضع بإعطاء المنصب إلى الاسم التالي في القائمة بحسب الترتيب الذي وضعه الحزب.
إن هذا النظام يعد ناجحا في بعض التجارب إذ أن عمره قارب 50 سنة في ألمانيا, وهو يوفر مزايا كبيرة للناخب والمنتخب في أن بحيث يؤدي إلى اختفاء الدوائر المغلقة على الأقل بالنسبة لنصف المقاعد, كما أنه يوفر فرص كبيرة للفوز لتلك الشخصيات البارزة عن طريق الاقتراع الفردي بالأغلبية البسيطة.