منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Ql00p.com-2be8ccbbee

 

  ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Empty
مُساهمةموضوع: ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية    ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyالثلاثاء فبراير 19, 2013 8:44 pm


ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية
المصدر: السياسة الدولية
بقلم: مروة فكري


أصبحت القوة الناعمة تسهم بشكل كبير في تشكيل وإدارة العلاقات الدولية، سواء علي مستوي الدولة، أو غيرها من الفواعل من غير الدول، علي نحو قد يضعف أو يعزز سياساتها الخارجية، وأوزانها الإقليمية والدولية. ويمكن لمتابع السياسة الخارجية القطرية في السنوات الأخيرة ملاحظة الدور المتزايد والمؤثر الذي تلعبه القوة الناعمة في العلاقات الخارجية لدولة قطر علي المستويين الإقليمي والدولي، وذلك في ظل العولمة وثورة المعلومات والاتصالات. لذا، كانت قناة الجزيرة إحدي أهم- إن لم تكن أهم- أدوات القوة الناعمة التي اعتمدت عليها السياسة الخارجية لقطر في تعزيز مكانتها إقليميا ودوليا.
ومن هنا، يصعب فهم السياسة القطرية دون النظر إلي أداء وتوجهات قناة الجزيرة، نظرا للعلاقة التعاضدية بينهما. فبينما دعمت قطر القناة وأمدتها بالتمويل، عززت الجزيرة دور الدولة القطرية، ومكنتها من اكتساب مكانة إقليمية وعالمية تفوق الوزن السياسي لدولة بحجمها.
ونتيجة الدور الذي لعبته قطر (والجزيرة) في دعم الثورات العربية، تتعرضان لاتهامات علنية بالتدخل في شئون هذه الدول. ولم تقتصر تلك الاتهامات علي المستوي الرسمي فقط، لكن صدرت أيضا من المستوي الشعبي. فقد تظاهر عديد من التونسيين أمام السفارة القطرية في تونس، احتجاجا علي ما وصفوه بالتدخل القطري في شئونهم الداخلية، ومحاولة فرض أجندة سياسية خاصة(1). كما انتقد بعض المسئولين الليبيين الحاليين دور قطر في مرحلة ليبيا ما بعد القذافي. كما تثار في مصر اتهامات حول تمويل قطر للجماعات السلفية، ومن ثم محاولة التأثير في شكل النظام السياسي الجديد. وقد أثيرت من قبل العديد من التساؤلات حول حجم الدور القطري في التأثير في أحداث الربيع العربي، وهو الأمر الذي يستدعي الوقوف علي ملامح وأهداف السياسة الخارجية القطرية، في ظل الثورات العربية، وحدود القوة الناعمة في تفعيل هذه السياسة.
محددات السياسة الخارجية القطرية:
يتطلب فهم السياسة الخارجية لقطر الانتباه إلي محددين أساسيين:
الأول "استراتيجية البقاء"، حيث إن جزءا كبيرا من حقول الغاز الطبيعي الكبيرة لقطر علي السواحل داخل مناطق الحدود المتنازع عليها مع البحرين، وتمتد للحدود البحرية مع إيران. وقد أقنع هذا الوضع قطر بأن تتبني توجها غير صدامي فيما يتعلق بإيران، لكي تضمن التدفق السلس للغاز، حتي أثناء أوقات التوتر بين إيران وجيرانها أو بينها وبين الولايات المتحدة(2). ويتمثل المحدد الثاني في رغبة قطر في تحقيق المكانة الإقليمية والدولية، من خلال الخروج من مدار الهيمنة السعودية علي دول الخليج العربي. وقد انتهجت قطر واحدة من أكثر السياسات الخارجية ابتكارا في المنطقة من خلال الجمع بين متناقضات والمحافظة علي شبكة تحالفات غاية في التعقيد والتضارب في الوقت نفسه. علي سبيل المثال، في الوقت الذي تستضيف فيه قطر أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة، وهي قاعدة العديد، فإنها في الوقت نفسه تحتفظ بعلاقات قوية مع إيران وغيرها من أقطاب "محور الممانعة" في العالم العربي.
وقد رسمت قطر سياستها الخارجية ببراعة علي ضوء هذين المحددين من خلال الاعتماد علي نوعين من الدبلوماسية. أولهما دبلوماسية الوساطة، وقد هدفت من خلالها إلي تدعيم مركزها في الإقليم عبر رسم صورة الوسيط المحايد الذي يمكن الاعتماد عليه، والمهتم بالسلام والاستقرار في المنطقة.
واستخدمت قطر هذه الدبلوماسية لتعظيم مصالحها وتأثيرها في بلدان ومناطق كانت تقع تحت نفوذ منافسيها في السابق، مثل السعودية في حالة لبنان واليمن، ومصر في حالة السودان، لتؤكد خروجها من عباءة الهيمنة والنفوذ للقوي التقليدية في المنطقة. أما النوع الثاني، فهو الدبلوماسية العامة من خلال الإعلام، حيث قدمت الجزيرة نفسها علي أنها صوت الشعوب والمنبر المفتوح لكل من لا صوت له. وقد تكامل هذان النوعان من الدبلوماسية مع بعضهما بعضا. فغالبا ما سلطت الجزيرة الضوء علي النزاعات التي تقوم قطر بالتوسط فيها لإبراز وتضخيم الدور "المهم" الذي تلعبه(3). وليس أدل علي ذلك من أن معظم الصراعات التي تدخلت فيها قطر كان مضمون هذا التدخل يرمي إلي نزع فتيل أزمة، أو تخفيف توتر، وليس بالضرورة حل صراع(4). إلا أن ملامح هذا الدور قد تغيرت مع الربيع العربي، حيث وجدت قطر نفسها مضطرة للتعبير بصورة أكثر وضوحا عن تحيزاتها(5) وقدرت أن ثورات الربيع العربي قد تكون الفرصة المناسبة لجني ثمار ما زرعته من خلال الجزيرة في السنوات السابقة.
وهكذا، حصلت قطر علي شهرة إقليمية وعالمية بما لا يتناسب مع صغر حجمها، ومحدودية قدرتها العسكرية، وذلك بفضل نجاح قناة الجزيرة في إبراز هويتها كقناة عربية تتخطي دولتها المضيفة، وهو ما يشير إلي أن الجزيرة هي التي مكنت الدولة القطرية وليس العكس(6).
تغطية الجزيرة للثورات العربية:
في بداية الثورات العربية، اتسمت تغطية الجزيرة بالحذر في تناول الأحداث، حتي أصبح جليا أن الحركات الاحتجاجية لا رجعة فيها. عندئذ، بدأت الجزيرة في تغطية مكثفة مباشرة للأحداث، مصحوبة بالعديد من التحليلات واللقاءات، وهو ما حدث في كل من ثورات تونس ومصر وليببا واليمن، وأخيرا سوريا. وعندما كان يحدث تضييق من قبل الأجهزة الأمنية علي عمل القناة، كانت تعتمد علي شبكات التواصل الاجتماعي التي تنقل من موقع الحدث بديلا قائما. وهكذا، امتلأت شاشات الجزيرة بمواطنين عرب يعبرون عن مطالبهم في الحرية والديمقراطية للعالم، كما استخدم الثوار الجزيرة للتواصل مع الشارع وتعبئته لمساندتهم(7). كما قامت الجزيرة بتوثيق مصور لأساليب العنف والقهر التي تعرض لها المتظاهرون السلميون، وحرصت علي إعادة بث صور الشهداء والمصابين، والتي كانت القناة تتلقاها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مثل الفيس بوك وتويتر ويوتيوب. ولكن مقابل هذا الدعم المعنوي الذي قدمته القناة للثورات العربية، جاءت تغطيتها لأحداث البحرين في مارس 2011 ضعيفة إلي حد كبير، مما لفت النظر إلي طبيعة العلاقة بين القناة والخطوط الأساسية للسياسة الخارجية لقطر، في ظل حقيقة أن القوات القطرية شاركت في قوات درع الجزيرة التي تدخلت في البحرين لاحتواء- أو قمع- الاحتجاجات(Cool.
وقد اتضحت هذه العلاقة بدرجة أكبر خلال الأزمة الليبية، حيث ألغت القناة برامجها المعتادة، وأصبحت بمثابة ورشة عمل علي مدي الساعة للتغطية وبث الصور الحية، بالإضافة لإدارة المناقشات والمقابلات، حتي إن شعار القناة تحول من "الرأي والرأي الآخر" إلي "التغطية مستمرة"(9). كما بدأت الجزيرة بعد أسبوع من اندلاع الاحتجاجات ضد نظام القذافي في استخدام العلم الليبي القديم الذي اختاره الثوار بديلا عن العلم الليبي الأخضر، مما يعد خروجا صريحا علي التغطية المتوازنة. ثم ازداد هذا الحشد الإعلامي مع مشاركة قطر في عمليات الناتو في ليبيا، وأصبحت تغطية القناة أكثر تحيزا حتي من حيث المفردات المستخدمة، مثل إطلاق لفظ "كتائب القذافي" علي ذلك الجزء من الجيش الليبي الذي ظل يقاتل بجانب القذافي (علي العكس من الحالة السورية حيث يستخدم تعبير"الجيش" السوري).
فيما يتعلق بالأزمة السورية ذاتها، التزمت الجزيرة نسبيا الصمت خلال المرحلة الأولي من الثورة السورية، تماشيا مع الموقف القطري الملتزم الحذر آنذاك. ولكن تزايدت حدة تغطية الجزيرة للأحداث بالتزامن مع تزايد تدهور العلاقات بين البلدين، لدرجة أن قطر كانت أول دولة تغلق سفارتها في دمشق. ورغم تأكيد العاملين في القناة استقلالية سياستها التحريرية، فإن تكليف أحد أعضاء الأسرة الحاكمة برئاسة القناة أخيرا أوحي بزيادة التدخل الحكومي القطري في تغطيتها للأحداث الجارية(10).
الدور القطري في الربيع العربي:
جاء قرار قطر بالمشاركة في التدخل الدولي من خلال الناتو في ليبيا- وأحيانا من وراء الستار- بمثابة تحول في السياسة القطرية التي كثيرا ما اعتمدت علي دبلوماسية الوساطة ومحاولة الظهور بمظهر الوسيط المحايد بين أطراف النزاعات المختلفة(11). فقد قدمت قطر للثوار دعما ماديا ومعنويا كبيرا، من خلال إمدادات السلاح والتدريب، وإغداق الأموال، وتغطية قناة الجزيرة التي سلطت الضوء علي الممارسات الوحشية لنظام القذافي. كما كانت قطر من أولي الدول التي اعترفت بالمجلس الانتقالي الوطني، واستضافت أول مؤتمر دولي لإعادة إعمار ليبيا بعد مقتل القذافي.
وجاء أشد الانتقادات الموجهة لقطر وأكثرها صراحة علي لسان عبد الرحمن شلقم، مندوب ليبيا في الأمم المتحدة، عندما اتهم الدوحة بالتدخل في الشأن الليبي، وإعاقة جهود إعادة الاستقرار، وعدم الوقوف علي مسافة واحدة من كل الثوار الليبيين. واتهم قطر بالوقوف بتدعيم ساسة محسوبين علي التيار الإسلامي، مثل علي الصلابي، القيادي الإسلامي وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعبد الحكيم بلحاج، رئيس المجلس العسكري للثوار الليبيين في طرابلس، بما في ذلك الإمداد بالسلاح(12).
في الحالة السورية، ورغم أن الدوحة كانت من أقرب حلفاء الأسد، فإنها كانت من أولي الدول التي انقلبت عليه(13). فبعد فترة قصيرة من التردد(14)، انتهجت قطر دبلوماسية نشطة في إطار جامعة الدول العربية، من خلال رئاستها للجنة الوزارية العربية المكلفة بالتعامل مع الأزمة. وجاءت المبادرة العربية لتعكس إلي حد كبير الرؤية القطرية التي لا ترغب في تجاوز الخطوط الحمراء التي حددتها إيران- الحليف الأقوي للأسد- خاصة في ظل تهديد الأخيرة بأن قطر ستكون أول من يواجه الرد في حالة التدخل في سوريا. ولذلك، فإن الغموض الذي أحاط بما يمكن أن تسفر عنه هذه المبادرة ربما كان مقصودا من قبل قطر ليعطيها قدرا من المناورة بين الأطراف المختلفة. ومن ثم، لم تكن المبادرة العربية تستهدف إنقاذ أو إبقاء النظام، وإنما تأمين خروجه سلميا، والظهور بمظهر الطرف ذي المصداقية الذي يمكن أن تتعاون معه إيران في صياغة مقبولة لسوريا ما بعد الأسد.
وفي هذا الإطار، ترددت شائعات حول عرض قطر التوسط بين إيران والإخوان المسلمين في سوريا(15). كما عملت الدوحة علي خلق إجماع- أو شبه إجماع- عربي علي ممارسة الكثير من الضغط علي النظام السوري، وهو الجهد الذي تكلل بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، بالإضافة إلي حزمة من العقوبات الاقتصادية(16). كما تصاعدت حدة الخطاب السياسي الرسمي القطري ضد نظام الأسد، مثال ذلك مقولة "إن رفض دمشق التعاون مع خطة السلام العربية هو الذي سيؤدي إلي حل دولي للأزمة"(17).
السؤال .. هل يؤذن ذلك التطور في الدور القطري بمسار جديد للدبلوماسية القطرية؟
هناك عدة تفسيرات لهذا التحول في السياسة القطرية، يستند أولها إلي الحسابات المادية المتمثلة- كما في الحالة الليبية- في الحصول علي دور في تطوير موارد الغاز الطبيعي الليبي(18). لكن مثل هذا التفسير لا يستقيم مع حقيقة ثراء هذه الدولة الخليجية الأعلي عالميا من حيث متوسط دخل الفرد. كما لا يستقيم في الحالة السورية، حيث توجد استثمارات كبيرة لقطر بعد العزلة التي فرضت علي دمشق في 2005، علي ضوء اتهامها بالتورط في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. إذ يعني ذلك أن المصلحة المادية لقطر تتطلب في الحالتين الحفاظ علي الوضع القائم.
أما التفسير الثاني، فينطلق من الداخل القطري من حيث الرغبة في اكتساب المزيد من الشعبية لتبقي رياح الربيع العربي بعيدة عن الدوحة. ولا يستقيم هذا التفسير بدوره مع حقيقة التجانس الإثني الموجود في قطر، ومستوي الرفاهة الذي توفره الحكومة لمواطنيها(19). كما يدحض هذا التفسير أيضا ما جاء في أحد الاستطلاعات الأخيرة التي قام بها أحد مراكز الأبحاث التابعة لجامعة قطر من أن القطريين أقل اهتماما بالديمقراطية والمشاركة السياسية، عما كان عليه الوضع قبل موجات الربيع العربي(20).
ثمة تفسير ثالث يري أن السياسة القطرية تنطلق من منطلق عقائدي يتعلق بتعزيز مصالح الإسلام السني. ويدلل أصحاب هذا الرأي علي ذلك بصمت الجزيرة علي الاضطرابات التي حدثت في الجزء الشرقي من السعودية (ذات التركيز الشيعي) وتغطيتها الهزيلة لتوترات البحرين، بينما سلطت الضوء علي الانتفاضة ضد النظام السوري العلوي، وكذلك ما يثار حول تمويلها لجماعات الإسلام السياسي في مصر(21). صحيح أن جزءا كبيرا من شرعية الدول الخليجية يستند إلي الدين، ولكن مثل هذا التفسير لا يتسق مع تحالف قطر السابق مع سوريا، وعدم اتخاذها مواقف تصعيدية، حتي تأكدت من قوة الدفع الثوري هناك(22).
بناء علي ما سبق، يمكن القول إن السياسة القطرية ليست ذات مرجعية أيديولوجية، لكن الدوحة تري في الإسلاميين القوة الجديدة في العالم العربي(23)، ومن ثم، فإن هذا التحالف معهم سيزيد من نفوذها في المنطقة. وفيما يخص إسلاميي ليبيا تحديدا، هناك سهولة في التواصل معهم، نظرا لوجود علاقات سابقة، نتيجة إقامة بعضهم داخل قطر لسنوات عديدة(24).
إذن، فإن قطر تحلم بدور لها في المنطقة لا يتناسب بالضرورة مع إمكاناتها كدولة، ومن هنا جاء الربيع العربي بمثابة فرصة ذهبية أمامها لبلورة وصقل هذا الدور، مستفيدة في ذلك من غياب دور القوي التقليدية في المنطقة المنشغلة بأوضاعها الداخلية، أو تخشي زعزعة النظام الإقليمي الهش. وقد تمكنت الدوحة، نتيجة لصغر حجمها وهيكل اتخاذ القرار، من التعامل بسرعة وجرأة مع الأحداث المتلاحقة، وهو ما يعطيها ميزة نسبية وفرصة لتخطي القوي الكبري(25). إن ما تريده قطر هو أن تظل في قلب أحداث المنطقة، وأن تقوم بدور الوسيط بين المنطقة والعالم الغربي. وهذا بدوره يفسر حرص قطر علي الحفاظ علي علاقات مع مختلف الأطراف السياسية في المنطقة، خاصة المعادية للغرب، أو التي يتوجس الغرب منها ويجد صعوبة في التواصل معها، مثل القوي الإسلامية(26). كما أنه أصبح واضحا لقطر من خلال خبرتها في التوسط في النزاعات أنها تفتقر إلي العمق والثقل التاريخيين، وكذلك الوجود علي أرض الصراع من خلال علاقات قوية بالقوي السياسية المؤثرة في مجريات الأمور، وهو الأمر الذي تحاول قطر بناءه من خلال الرهان علي التيارات الإسلامية الصاعدة. كما أن مجرد تصدرها للرأي العام العربي، كمدافعة عن الثوار الراغبين في الحرية والديمقراطية، هو في حد ذاته فرصة لا تعوض لتسويق الدور القطري دوليا.
حدود القوة الناعمة:
وهنا، يأتي السؤال: هل ستستمر قطر في مرحلة ما بعد القوة الناعمة؟ تتطلب الإجابة علي هذا التساؤل فهم طبيعة الحالة الليبية مقارنة بحالات الثورات العربية الأخري. لم تكن ليبيا حليفا لطرف محدد فيما يتعلق بتوازنات القوة في المنطقة، ولم تكن تمثل مصلحة استراتيجية سوي للأوروبيين الذين تحالفت معهم قطر. بالتالي، فقد قامت قطر بملء فراغ في ليبيا(27).
ولا ينطبق هذا الوضع علي الثورات العربية الأخري. إذ لكل من اليمن وسوريا والبحرين أهميتها الخاصة في سياق توازنات القوي الإقليمية. فهناك عوامل تحول دون لعب قطر دورا أكبر، خاصة فيما يتعلق بالتمويل والتسليح، من بينها الدور السعودي في اليمن، وذلك الإيراني في سوريا، وحساسيات وضع البحرين من حيث أغلبيته الشيعية ونظامه السني. وفي الحالة السورية، سيصعب علي قطر القيام بأي دور مستقل، حيث لا يوجد إجماع دولي علي التدخل المباشر في سوريا، كما أن القوات السورية أكثر تدريبا وتنظيما، وبالتالي سوف تمثل تحديا أقوي كثيرا من نظيرتها الليبية. كما أن الطبيعة الجغرافية لسوريا تختلف عن ليبيا، فضلا عن عدم استحواذ ثوار سوريا علي أي جزء من أراضيها حتي الآن(28). وبالتالي، فإن أي تحرك قد تحاول قطر القيام به سيكون علي الأرجح من خلال إطار مؤسسي جماعي، وهو بالفعل ما قامت وتقوم به من خلال الجامعة العربية. أما بالنسبة للبحرين، فقد كانت قطر ذاتها جزءا من قوات درع الجزيرة التي تدخلت لاحتواء الوضع هناك، بالإضافة إلي ما تمثله البحرين من مصلحة استراتيجية مهمة لكل من الولايات المتحدة والسعودية اللتين يتوقع أن تكونا قد حذرتا قطر من التدخل في هذه الحالة.
هذا ما يدفع للاعتقاد بأن ليبيا ستظل الاستثناء فيما يتعلق بالتدخل القطري الأحادي المباشر، فقطر لا تزال- وستظل- دولة صغيرة وسط إقليم هش، وهي لا تملك الرصيد الكافي أو القوة اللازمة لتتدخل منفردة في أي صراع. وبالتالي، من الأرجح أن تلعب قطر دورا دافعا، وربما قياديا، داخل مؤسسات العمل الجماعي، بالتوازي مع توظيف القوة الناعمة.
وإن كان الربيع العربي سيفرض عليها تحديات من نوع جديد في توظيف هذه الأداة. فمن ناحية، سيفرض الربيع العربي علي قطر أن تكون أكثر وضوحا في تحيزاتها، وفي التعبير عن الأطراف التي تساندها، بما قد يؤثر في تغطية الجزيرة. ومن ناحية أخري، ستتعرض الجزيرة إلي منافسة من جانب القنوات المحلية الوليدة بعد الثورات العربية(29). وإذا لم تتعامل قطر بحذر مع هذه المعطيات الجديدة، فستفقد الجزيرة مصداقيتها، وبالتالي ستفقد قطر إحدي أهم أدوات قوتها الناعمة، بل واحدة من أهم أدوات سياستها الخارجية.الهوامش:
(1) جاءت تلك التظاهرات علي خلفية زيارة الغنوشي لقطر كأول دولة يزورها بعد فوز حزب النهضة في الانتخابات.
See: http://www.middle-east-online.com/id=980021
(2) Olivier Da Lage. .5002 زThe Politics of Al Jazeera or the Diplomacy of Dohaس, in Mohamed Zayani ed. Al- Jazeera Phenomenon: Critical Perspectives on New Arab Media. London: Pluto Press, p. 05.
(3) طارق الشيخان الشمري، الجزيرة: قناة أم حزب أم دولة .. دور قناة الجزيرة الإعلامي والشعبي والسياسي في العالم العربي والإسلامي والغربي، القاهرة: دار الكتاب الحديث، 2007.
(4) Mehran Kamrava. .1102 زMediation and Qatari Foreign Policyس. Middle East Journal 56 (4), p. 2.
(5) Lee Smith. .1102 زThe Little Emirate that Could: Qatar versus Qaddafiس. The Weekly Standard 61 (74). Available at: http://www.middle-east-online.com/id=980021 (Retrieved: 1102/11/02).
(6) نشرت إحدي وثائق ويكيليكس أن قطر في بعض الأحيان كانت تلوح بالتغطية الإعلامية للجزيرة كورقة تفاوضية.
- See:http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/wikileaks/5113818/WikiLeaks-al-Jazeera-used-as-bargaining-tool-by-Qatar.html.
(7) Khaled Hroub.. .1102 زHow Al-Jazeera's Arab Spring Advanced Qatar's Foreign Policyس. Europe's World. Available at: http://www.europesworld.org/NewEnglish/Home_old/Article/tabid/191/ArticleType/ArticleView/ArticleID/77812/HowAlJazeerasArabspringadvancedQatarsforeignpolicies.aspx. (Retrieved: 1102/11/12).
(Cool Aryn Baker. .1102 زBahrain's Voiceless: How al-Jazeera's Coverage of the Arab Spring is Unevenس. Time. Available at: http://globalspin.blogs.time.com/42/50/1102/bahrains-voiceless-how-al-jazeeras-coverage-of-the-arab-spring-is-uneven/ (Retrieved: 1102/11/22). Jonathan Gomall. .1102 زArab Spring Brings Al Jazeera to Full Bloomس. The National. Available at: http://www.thenational.ae/news/worldwide/middle-east/arab-spring-brings-al-jazeera-to-full-bloom. (Retrieved: 1102/11/02).
(9) Robert Fisk. .1102 زHow Al Jazeera Helped the Arab Spring to Blossomس. The Independent. Available at: http://www.independent.ie/opinion/analysis/robert-fisk how-al-jazeera-helped-the-arab-spring-to-blossom-.3033292html (Retrieved: 1102/11/30).
(10) Hugh Eakin. .1102 زThe Strange Power of Qatarس. The New York Review of Books. Oct. .72 Available at: http://www.nybooks.com/articles/archives/1102/oct/72/strange-power-qatar/ (Retrieved: 1102/21/90).
(11) David Roberts. .1102 زBehind Qatar's Intervention in Libya: Why Was Doha Such a Strong Supporter of the Rebelsس. Foreign Affairs 09 (5). Available at: http://www.foreignaffairs.com/articles/20386/david-roberts/behind-qatars-intervention-in-libyapage=show (Retrieved: 1102/11/52).
(12) Ahmed Souaiaia. .1102 زQatar, Al-Jazeera and the Arab Springس. Monthly Review. Nov.71. Available at: http://mrzine.monthlyreview.org/1102/souaiaia.111171html (Retrieved: 1102/11/32).
(13) Roula Khalaf. .1102 زQatar Steps in to Fill Regional Voidس. Financial Times. Nov. .03 Available at: http://www.ft.com/intl/cms/s/0946/0c2ae-1b46-11e1-8b11-44100feabdc.0html#axzz1gdGWdgXj (Retrieved 1102/21/41).
(14) يفسر البعض هذا التحول في الموقف القطري بأن الدوحة أدركت فقدان دمشق الكثير من نفوذها في الملف الفلسطيني تحت وطأة موجة الاحتجاجات الشعبية والضغوط الدولية. بالإضافة إلي أن سقوط الرئيس المصري وفتح معبر رفح الذي خفف القيود علي قطاع غزة، وكذلك المصالحة الفلسطينية التي تمت في القاهرة، كل ذلك يجعل قطر قادرة علي تجاوز الوسيط السوري في تعاطيها مع الملف الفلسطيني.
انظر: "القطيعة بين قطر وسوريا .. طلاق مدروس بحكمة"، فرانس، 42، 62 أغسطس 2011.
- Available at:http://www.france.42com/ar/02701102-syria-qatar-relations-diplomacy-protests-embassy-interests conflict-violence (Retrieved: 1102/11/02)
(15) Tony Badran. .1102 زQatar's Diplomatic Dynamismس. Foundation for Defense of Democracies. Nov.3.Available at: http://www.defenddemocracy.org/media-hit/qatars-diplomatic-dynamism/ (Retrieved: 1102/21/10).
(16) جعل هذا الموقف قطر هدفا للنقد والغضب من قبل النظام في سوريا، حيث اتهمها بتنفيذ أجندة أمريكية وإسرائيلية، وقررت دمشق مقاطعة دورة الألعاب العربية التي أقيمت في الدوحة في ديسمبر 2011.
- See: Anthony Shadid. .1102 زTiny Qatar Emerges as Giant in Arab Worldس. The Seattle Times. Nov.41. Available at: http://seattletimes.nwsource.com/html/nationworld/1759676102_qatar.51html (Retrieved: 11102/21/20)
(17) Roula Khalaf, op. cit.,
(18) Lee Smith. زLittle Emirate that Couldس, op. cit.
(19) David Roberts, "Behind Qatarصs Intervention," op. cit.,
(20) وعلي الرغم من تلك التوجهات لدي القاعدة العامة من القطريين، فإن أمير قطر أعلن عن إجراء انتخابات لمجلس الشوري في 2013. وهو الأمر الذي يفسره البعض بأنه محاولة لرفع الحرج عن النظام القطري الذي يساند تطلعات الشعوب إلي الديمقراطية في وقت يفتقر إليها داخليا.
- See: Bart Hasseling. .1102 "Qatarصs Trailblazing Diplomacy". Arabsthink.com. Nov. .12 Available at: http://arabsthink.com/12/11/1102/qatars-trailblazing-diplomacy/ (Retrieved: 1102/21/01).
(21) نشرت جريدة الأخبار في عددها الصادر في 51 ديسمبر 1102 تقرير لجنة تقصي الحقائق حول التمويل الأجنبي للجمعيات والمنظمات غير الحكومية. ويتضح من التقرير أن جمعية أنصار السنة المحمدية قد تلقت نحو 181 مليون جنيه من قطر. وتبين أن جمعية أنصار السنة المحمدية خصصت من هذا المبلغ 03 مليون جنيه فقط لكفالة اليتيم ورعاية الفقراء، بينما تم توجيه مبلغ 331 مليون جنيه للصرف علي ما تمت تسميته بقضايا تنموية مختلفة.
Available at: http://www.akhbarelyom.org.eg/issuse/detailze.aspmag&field=news&id=36855#.TunvLzR1IJK.facebook (Retrieved: 1102/21/51)
(22) "القطيعة بين قطر وسوريا"، مرجع سابق.
(23) وقد جاء ذلك علي لسان وزير خارجية قطر ورئيس الوزراء، الشيخ حمد بن جاسم الثاني، في حديثه مع الفاينانشيال تايمز، والذي دعا فيه الغرب إلي التعامل مع الإسلاميين المعتدلين، لأنهم يمكن أن يساعدوا في التصدي للأفكار المتطرفة.
- See: Roula Khalaf, op. cit.,
(24) David Roberts. .1102 "The Grumbles about Qatarصs Role in Libya Grow". Mideastposts.com. Available at: http://mideastposts.com/52/01/1102/the-grumbles-about-qatars-role-in-libya-grow/ (Retrieved: 1102/11/02).
(25) Bart Hasseling, op. cit.,
(26) David Roberts."Behind Qatar"s Interventionس, op. cit.,
(27) Lee Smith."The Little Emirateس, op. cit.
(28) Justin Dargem. .1102 "Qatar Trades Support of Libyan Revolution for Oil and Gas". In the New, Harvard University, Belfer Center for Science and International Affairs.
(29) Philip Seib. .1102 "The Resignation of Wadah Khanfar and the Future of Al Jazeera: Why the Arab Spring Was the Best- And Worst- Thing to Happen to the Network". Foreign Affairs 09 (5). Available at:"http://globalpublicsquare.blogs.cnn.com/72/90/1102/why-the-arab-spring-was-the-best-and-worst-thing-to-happen-to-al-jazeera/ (Retrieved: 1102/11/22
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

 ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية    ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية Emptyالثلاثاء فبراير 19, 2013 10:02 pm

كيف تدير قطر تفاعلاتها الإقليمية ؟
د.يسار القطارنة

أحدثت سلسلة الثورات الشعبية،‮ ‬المعروفة باسم‮ "‬الربيع العربي‮"‬،‮ ‬الكثير من التغيرات في ديناميكيات القوة والنفوذ في الشرق الأوسط،‮ ‬ولم يقتصر التغيير‮ ‬الذي أحدثته هذه الثورات على داخل الدول العربية فقط‮. ‬ففي الوقت الذي تحاول فيه دول،‮ ‬مثل مصر واليمن،‮ ‬بناء مؤسسات دولة جديدة،‮ ‬وتحاول دول عربية أخري الإصلاح من نفسها للاستجابة للتوقعات المتزايدة لشعوبها،‮ ‬فقد امتد تأثير تلك الثورات‮ ‬إلى البيئة الاستراتيجية،‮ ‬حيث حدثت تحولات واضحة في الفاعلين الذين يمتلكون القوة في المنطقة،‮ ‬وفي الكيفية التي يمارسون من خلالها قوتهم،‮ ‬وفي أدوات تلك القوة،‮ ‬وذلك وسط بدء تآكل قدرة القوى العظمي الدولية على التأثير في مسار التطورات في المنطقة‮.‬

فمن ناحية،‮ ‬أثرت الثورة التي وقعت في مصر العام الماضي،‮ ‬والأزمة الحالية في سوريا،‮ ‬في قدرة هاتين الدولتين المؤثرتين على تأكيد قيادتهما للمنطقة العربية‮. ‬ومن ناحية ثانية،‮ ‬أدي صعود الأحزاب الإسلامية الشعبية في مصر وليبيا وتونس ودول أخري،‮ ‬إلى تعقد علاقة هذه الدول بالقضايا الإقليمية‮ "‬الحساسة‮"‬،‮ ‬مثل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني،‮ ‬والنزاع بشأن دور إيران في العالم العربي‮.‬

ومن ناحية ثالثة،‮ ‬كان للربيع العربي تأثير واضح على دور المؤسسات الإقليمية،‮ ‬كالجامعة العربية،‮ ‬ومجلس التعاون الخليجي‮. ‬فرغم أن الجامعة العربية كان ينظر إليها‮- ‬حتي وقت قريب‮ -‬على أنها كيان‮ ‬غير مؤثر يجمع الشخصيات الديكتاتورية،‮ ‬فإن التغيير السياسي في العديد من الدول العربية،‮ ‬وروح العصر الثورية،‮ ‬أجبرا الجامعة على اتخاذ موقف أكثر فاعلية تجاه الأزمات التي نشأت في دول المنطقة،‮ ‬مثل ليبيا،‮ ‬واليمن،‮ ‬والآن في سوريا‮. ‬كما أن توسع مجلس التعاون الخليجي في صورة عقد‮ "‬شراكات محدودة‮" ‬على الأقل مع دول‮ ‬غير خليجية،‮ ‬مثل الأردن والمغرب،‮ ‬يعكس إدراكه المتزايد بأن الروابط الاقتصادية والسياسية الأوسع بين الدول العربية تعد عاملا رئيسيا في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي،‮ ‬ولإعطاء هذه الدول فرصة للاستجابة للمطالب الشعبية الخاصة بالحصول على المزيد من الحريات وتحقيق الرخاء،‮ ‬وذلك من خلال التغيير التدريجي الذي لا يتسم بالعنف‮.‬

ومن ناحية رابعة،‮ ‬كان لأحداث العام الماضي تداعيات مهمة على وضع الإعلام في المنطقة العربية،‮ ‬حيث لعبت المنظمات الإعلامية الرئيسية،‮ ‬خاصة قناة الجزيرة القطرية،‮ ‬دورا مهما،‮ ‬سواء في عرض الثورات الشعبية التي أطاحت بالنظم في تونس ومصر وليبيا،‮ ‬أو في تعزيز‮ "‬الشرعية‮" ‬لها‮. ‬كما كان الإعلام الاجتماعي وصحافة المواطن عاملين رئيسيين في نشر الأخبار،‮ ‬وتوصيل المفاهيم،‮ ‬وحشد الدعم لهذه الأحداث الدراماتيكية‮. ‬وقد أظهر الإعلام العربي قدرته على‮ "‬تحفيز‮" ‬التغيير الاجتماعي،‮ ‬وأيضا قدرته على أن يكون في حد ذاته قوة اجتماعية رئيسية‮.‬

وتجادل هذه الورقة بأن هناك إعادة توزيع للقوة في المنطقة العربية،‮ ‬حيث أفسحت هذه التغيرات المجال‮ ‬أمام دول عربية أخرى،‮ ‬بخلاف القوى المهيمنة التقليدية،‮ ‬مثل السعودية ومصر،‮ ‬وبصورة أقل سوريا،‮ ‬للقيام بأدوار أكثر تأثيرا وفاعلية في الشئون الإقليمية‮. ‬وتعد قطر مثالا بارزا لدولة عربية صغيرة تمارس دورا فاعلا على المستوي الإقليمي،‮ ‬حيث استطاعت استغلال الفرصة التي وفرتها هذه اللحظة التاريخية،‮ ‬والقيام بدور قيادي أكبر في المنطقة،‮ ‬مع ملاحظة أنها لعبت دورا مهما خلال الفترة السابقة على الربيع العربي‮.‬

وفي هذا السياق،‮ ‬تناقش هذه الورقة أدوات القوة التي استخدمتها قطر،‮ ‬أثناء وبعد الربيع العربي،‮ ‬بهدف تعزيز دورها كلاعب إقليمي ودولي رئيسي،‮ ‬مع ملاحظة أن الدور الفاعل لقطر سابق على الربيع العربي‮. ‬كما تناقش الورقة تداعيات الممارسات القطرية على توازن القوى في الخليج،‮ ‬وكيف يمكن أن تمارس قطر دورها في المستقبل بصورة بناءة لتحقيق التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العالم العربي،‮ ‬وأيضا لتهدئة أو حل النزاعات الإقليمية‮.‬

أولا‮- ‬أبعاد القوة القطرية‮ .. ‬القوة الذكية؟

تجادل هذه الورقة بأن قطر قد استخدمت أدوات متعددة من القوة،‮ ‬معتمدة في ذلك على القوة الذكية،‮ ‬بمعني ممارسة النفوذ من خلال الطرق الدبلوماسية،‮ ‬والإكراه،‮ ‬وبناء القدرات،‮ ‬والتعاون المدعوم بالشرعية،‮ ‬والنفوذ‮ ‬الاقتصادي،‮ وذلك في محاولة منها للتغلب على تواضع إجمالي قدراتها المادية،‮ ‬مقارنة بالدول الأخري‮. ‬ويتطلب فهم نزوع قطر لاستخدام هذا الشكل من القوة تحليل ما تمتلكه من عناصر القوة الأخري‮.‬

فمن ناحية،‮ ‬تمتلك قطر قدرات اقتصادية مهمة،‮ ‬حيث تعد واحدة من أغني الدول العربية،‮ ‬إذ يعد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومستويات المعيشة بها من أعلى المستويات في العالم‮. ‬ورغم أنها،‮ ‬مثل دول الخليج الأخري،‮ ‬تقوم ثروتها بالأساس على صادرات النفط والغاز الطبيعي،‮ ‬فإنها اتخذت خطوات لتنويع قاعدتها الاقتصادية،‮ ‬وبناء قطاع مالي قوى يدير استثمارات بقيمة تريليون دولار‮.‬ومن المخطط أن يتم تخصيص نحو ‮ ‬40 من ميزانية الدولة لتطوير البنية التحتية خلال السنوات الأربع المقبلة‮. ‬كما تحظي قطر بعلاقات تجارية قوية مع الاقتصادات العالمية الكبري،‮ ‬مثل الولايات المتحدة،‮ ‬وأوروبا،‮ ‬واليابان،‮ ‬وكوريا،‮ ‬بالإضافة إلي الدول الرئيسية في الإقليم،‮ ‬مثل السعودية‮. ‬كما تملك هيئة الاستثمار القطرية أصولا وحصصا بقيمة ‮ ‬70 مليار دولار في كبري الشركات في مختلف أنحاء العالم‮. ‬وكذلك،‮ ‬تستثمر قطر بصورة مكثفة في المنطقة العربية،‮ ‬حيث تستثمر نحو‮ ‬ملياري دولار في السودان،‮ ‬و10 مليارات دولار في ليبيا‮ (‬كانت قد التزمت بها قبل الإطاحة بمعمر القذافي،‮ ‬لكنها لا تزال سارية‮).‬

وتعد قطر أيضا من بين الدول العربية التي بدأت عملية إصلاح سياسي،‮ ‬حيث تحركت خلال السنوات الأخيرة نحو تبني بعض الآليات الديمقراطية،‮ ‬خاصة أنها كانت ثاني دولة خليجية تمنح المرأة حق التصويت والانتخاب،‮ ‬بعد عمان‮. ‬ولكن لا تزال هناك مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان،‮ ‬خاصة فيما يتصل بمعاملة العمالة الأجنبية،‮ ‬إلا أنها منحت العمال حق تكوين نقابات عمالية عام ‮ ‬2004. وربما يؤدي النمو المستمر والاصلاح السياسي إلى حدوث المزيد من التقدم في الحريات العامة‮.‬

ومن ناحية ثانية،‮ ‬تمتلك قطر قوة عسكرية‮ "‬محدودة‮"‬،‮ ‬حيث إن قوام قواتها المسلحة يبلغ‮ ‬فقط نحو‮ ‬12 ألف جندي،‮ ‬وتحافظ‮ ‬قطر على وضعها الأمني والدفاعي من خلال اتفاقيات دفاعية مع القوى العسكرية الأكبر،‮ ‬وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة،‮ ‬من خلال استضافتها لقاعدة جوية إقليمية رئيسية للولايات المتحدة‮. ‬كما ترتبط قطر باتفاقات دفاعية مع دول أخري،‮ ‬مثل المملكة المتحدة،‮ ‬وفرنسا،‮ ‬وباقي أعضاء مجلس التعاون الخليجي‮. ‬ونظرا لتعدادها السكاني الصغير،‮ ‬لا تستطيع قطر تكوين جيش كبير من مواطنيها،‮ ‬إلا إذا اتبعت نفس استراتيجية البحرين،‮ ‬حيث دعت مواطني الدول العربية الأخري للانضمام لقوة الأمن الخاص،‮ ‬مقابل منحهم الجنسية البحرينية‮.‬

ومن ناحية ثالثة،‮ ‬نشطت قطر في لعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية،‮ ‬والمشاركة بدور قيادي في المؤسسات الدولية،‮ ‬حيث نجحت عام ‮ ‬2008 في التوسط لإبرام‮ "‬اتفاق الدوحة‮" ‬لإنهاء الأزمة السياسية في لبنان‮. ‬وفي عام ‮ ‬2010، توسطت من أجل وقف إطلاق النار في السودان بين حكومة الخرطوم ومتمردي دارفور‮. ‬وفي كلتا الحالتين،‮ ‬حققت قطر نجاحا،‮ ‬بينما أخفقت القوى الفاعلة الإقليمية والدولية الأخري،‮ ‬الأمر الذي عزز من سمعتها كوسيط‮ "‬أمين‮" ‬بين الأطراف المتنازعة‮. ‬بالإضافة إلى ذلك،‮ ‬قادت قطر الجامعة العربية لاتخاذ إجراء لإنهاء الأزمة في سوريا،‮ ‬بل وذهبت أخيرا إلى حد المطالبة بتدخل عسكري خارجي،‮ ‬وهي خطوة جريئة ومحفوفة بالمخاطر،‮ ‬خاصة بالنسبة لدولة كانت حتي العام الماضي على علاقة طيبة بنظام الأسد في دمشق،‮ ‬لكنها خطوة تحظي قطر الآن بالشرعية الإقليمية والدولية اللازمة للمطالبة بها‮. ‬إلى جانب ذلك،‮ ‬استضافت قطر جولة المفاوضات التجارية الخاصة بمنظمة التجارة العالمية التي بدأت عام ‮ ‬2001. والآن،‮ ‬يعمل مندوبها رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة‮. ‬كما عززت قطر من نفسها كمستضيف للأحداث الرياضية الدولية الكبري،‮ ‬مثل كأس العالم،‮ ‬ودورة الألعاب الأوليمبية‮.‬

ومن ناحية رابعة،‮ ‬تتمتع قطر بوضع فريد بين اللاعبين الرئيسيين في العالم العربي‮. ‬فمن ناحية،‮ ‬لا تنتمي قطر لمجموعة‮ "‬الاستقرار‮"‬،‮ ‬أو‮ "‬الوضع الراهن‮" ‬التي تضم الملكيات المحافظة،‮ ‬وعلى رأسها السعودية،‮ ‬أو‮ "‬محور المقاومة‮" ‬الذي يضم إيران وعملاءها السوريين واللبنانيين،‮ ‬كما تحتفظ قطر بعلاقات‮ "‬صداقة‮" ‬مع‮ ‬دول الجانبين‮. ‬ومن ناحية ثانية،‮ ‬تعد قطر حليفا وثيقا للولايات المتحدة،‮ ‬وتستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط‮. ‬ومع ذلك،‮ ‬فهي تملك من الثروة والنفوذ ما يمكنها من الابتعاد عن العمل،‮ ‬أو كعميل أو دمية أمريكية،‮ ‬فهي قادرة على العمل بشكل مستقل عن المصالح الأمريكية في المنطقة‮. ‬كما يرجع تفرد وضعها إلى ارتباطها بعلاقات ودية بكل من إسرائيل وحماس حتي عام ‮ ‬2009.

وقد أدى الغزو الإسرائيلي لغزة في ذلك العام إلي استحالة أن تحتفظ بعلاقاتها مع إسرائيل،‮ ‬دون أن تخسر مكانتها مع باقي دول المنطقة‮. إن تمرس قطر في تطبيق السياسات الواقعية،‮ ‬والقدرة على البقاء على الحياد والاحتفاظ بعلاقات ودية مع عدوين لدودين،‮ ‬هو أفضل مثال على كيفية توظيف الدولة مبدأ القوة الذكية على مدي السنوات الماضية‮.‬

ومن ناحية خامسة،‮ ‬تعتمد قطر على الأداة الإعلامية،‮ ‬إحدي أدوات القوة الجديدة،‮ ‬في ممارسة دورها في المنطقة‮. ‬حيث لعب التطور السريع لقناة الجزيرة،‮ ‬من مجرد قناة إخبارية عربية إلي شبكة إعلامية دولية ناطقة بلغات متعددة،‮ ‬دورا مهما في تعزيز دور قطر ومكانتها،‮ ‬حيث نالت هذه القناة الإشادة لكونها أكثر حيادية ورغبة في بث الآراء المتضاربة من المنظمات الإعلامية العالمية الرئيسية الأخري،‮ ‬خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحساسة،‮ ‬مثل الحروب الأمريكية في أفغانستان،‮ ‬والعراق،‮ ‬والصراع الإسرائيلي‮ - ‬الفلسطيني‮.‬

ومع ذلك،‮ ‬فقد وجه إليها النقد بسبب تغطيتها المنحازة والمفبركة،‮ ‬واتهمت أيضا بالتحيز لأحد الأطراف في ثورات الربيع العربي،‮ ‬حيث اتهمت بتقديم المساعدة في هذه الثورات،‮ ‬من خلال تغطيتها المؤيدة لفكرة الثورة ومطالبها‮. ‬وكثيرا ما كانت تتهم الجزيرة في العالم العربي بالانتقائية في التغطية،‮ ‬وبالتحيز في تغطيتها لسوء تصرفات أنظمة معينة،‮ ‬مثل الأردن،‮ ‬بينما تفشل في تغطية انتهاكات مماثلة ترتكبها السعودية أو بالطبع قطر‮. ‬ومن جانبها،‮ ‬تدعي الجزيرة أنها تتمتع بالاستقلالية،‮ ‬لكنه كثيرا ما يتم التشكيك في هذا الزعم‮. ‬فقد زعمت المراسلات‮ ‬الداخلية لوزارة الخارجية الأمريكية،‮ ‬التي تم تسريبها عام ‮ ‬2010 عن طريق موقع ويكيليكس،‮ ‬أن الحكومة القطرية تؤثر في تغطيات القناة للأحداث لأغراض سياسية‮.

‬وعلى أية حال،‮ ‬ينظر إلي قناة الجزيرة بشكل واسع النطاق على أنها أداة من أدوات النفوذ القطري في المنطقة،‮ ‬خاصة باعتبارها منافسا لشبكة‮ "‬العربية‮" ‬التي تملكها السعودية‮. ‬وبهذا الشكل،‮ ‬يمكن اعتبار تغطية الجزيرة لأي حدث خارج قطر على أنه صورة من صور التدخل في هذا الحدث،‮ ‬وذلك مثلما اتضح من خلال العلاقة القوية بين موقف قطر من الأزمة السورية،‮ ‬وتغطية قناة الجزيرة للأزمة‮.‬

ثانيا‮- "‬حدود‮" ‬القوة القطرية‮:‬

رغم قدرة قطر حتي الآن على التغلب على الفجوة بين عناصر القوة التي تمتلكها،‮ ‬والدور الذي تقوم به،‮ ‬من خلال سياسات القوة الذكية،‮ ‬فإن قدرتها على تجنب سلبيات تلك الفجوة،‮ ‬ومواصلة ممارستها للقوة على النحو الذي تتبعه خلال المرحلة الحالية،‮ ‬يرد عليهما عدد من القيود‮.‬

يتعلق القيد الأول بالقوة العسكرية المحدودة لقطر،‮ ‬والتي تعيق قدرتها على التدخل بشكل أحادي الجانب،‮ ‬رغم أنه لم يتعين عليها حتي الآن المشاركة في أي عمل عسكري خارج نطاق تحالف عربي أو دولي‮. ‬وعلى الجانب الآخر،‮ ‬فإن‮ ‬غياب القوة الصلبة،‮ ‬وتحديدا العسكرية،‮ ‬يمنع قطر من القيام بمغامرات عسكرية،‮ ‬ويجبرها على الاعتماد على الطرق‮ ‬غير العسكرية للتدخل‮. ‬في الوقت الحالي،‮ ‬يبدو أن قطر لها مصلحة قوية في تطوير هيكل إقليمي للقوة،‮ ‬من خلال التكامل الاقتصادي،‮ ‬وتحقيق الاستقرار في المنطقة،‮ ‬لا تشكل فيه القوة العسكرية عاملا محددا للهيمنة في العالم العربي‮. ‬ومثل هذا الهيكل،‮ ‬الذي يتفوق فيه النفوذ الاقتصادي والإعلامي على القوة العسكرية،‮ ‬سوف يسهل على قطر ممارسة النفوذ والقيادة،‮ ‬خاصة بالنسبة للسعودية المسلحة بشكل أفضل بكثير‮.‬

ويتعلق القيد الثاني بالسعودية،‮ ‬وهل ستكون منافسا لقطر أم لا‮. ‬فالقوة المتصاعدة لقطر لها تأثيرات متعددة على وضع الدول الغنية الأخري في منطقة الخليج،‮ ‬وعلى وجه التحديد السعودية،‮ "‬القوة المهيمنة‮" ‬في العالم العربي منذ أمد بعيد‮. ‬وبالفعل،‮ ‬هناك منافسة واضحة على النفوذ الإقليمي بين قطر والسعودية،‮ ‬ومن المحتمل أن تتزايد حدة هذه المنافسة خلال السنوات القادمة‮. ‬لكن هذا ليس بالضرورة نذير سوء بالنسبة لأمن المنطقة،‮ ‬حيث تحظي قطر بعلاقات تجارية قوية مع كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة‮. ‬كما أن توسع التعاون الاقتصادي العربي،‮ ‬من خلال مجلس التعاون الخليجي على وجه التحديد،‮ ‬يجعل إمكانية اندلاع نزاع بين هذه الدول أمرا بعيدا للغاية‮.‬

إن إيجاد ثقل موازن للنفوذ السعودي في المنطقة العربية،‮ ‬في صورة منافس صديق،‮ ‬يحمل معه إمكانية التخفيف من حدة التوجهات المثيرة للقلق،‮ ‬مثل انتشار السياسات الإسلامية الرجعية،‮ ‬والمواقف المولعة بالقتال تجاه إيران‮. ‬ونظرا للمنافسة القائمة بين قطر والسعودية على النفوذ السياسي والاقتصادي،‮ ‬وليس على الأرض والموارد أو الهيمنة العسكرية،‮ ‬ولأن طبيعة هذه المنافسة لا تميل إلى العداء،‮ ‬فليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأنها سوف تتسبب في إثارة العنف‮. ‬ومع ذلك،‮ ‬فإنه من مصلحة قطر ومصلحة المنطقة بأسرها توضيح كيف تستطيع القوة الخليجية الناشئة تأكيد دورها الجديد بصورة بناءة،‮ ‬وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع جيرانها ومنافسيها‮.‬

خاتمة‮:‬

بوجه عام،‮ ‬تكمن قوة قطر بشكل كبير في ثروتها،‮ ‬وقدرتها على تخصيص مبالغ‮ ‬مالية ضخمة للمشروعات التنموية،‮ ‬وللدول الأخري وللصناعات في الخارج،‮ ‬وفي أداتها الإعلامية،‮ ‬مما يمنحها قدرا كبيرا من القوة التفاوضية السياسية والدبلوماسية‮. ‬وبالتالي،‮ ‬تمكنت قطر من الاحتفاظ بنفوذ ملحوظ في المنطقة بدون امتلاكها قوة عسكرية كبيرة،‮ ‬على نحو يحاكي الشكل الذي استخدمت به اليابان قوتها الاقتصادية لممارسة دور الزعامة في منطقة الباسيفيك،‮ ‬رغم امتلاكها قوة عسكرية صغيرة للغاية بالنسبة لعدد سكانها‮.‬

وقد يكون من المفيد قيام الخبراء في العلاقات الدولية،‮ ‬والدراسات العسكرية،‮ ‬والدبلوماسية،‮ ‬والعلوم السياسية،‮ ‬والإعلام،‮ ‬بتحليل دور سياسات القوة الذكية القطرية في المنطقة،‮ ‬ومستقبل هذا الدور،‮ ‬عقب التغيرات التي أحدثها الربيع العربي‮. ‬وربما الأهم من كل هذا،‮ ‬كيف يمكن استخدام حالة قطر كنموذج لاستخدام القوة الذكية من جانب القوى الفاعلة في المنطقة،‮ ‬لتحقيق أغراض إيجابية،‮ ‬مثل السلام والاستقرار،‮ ‬والتنمية الاقتصادية‮.‬
تعريف الكاتب:
خبير في الدراسات الأمنية وحلحلة الصراعات، رئيس معهد الطريق الثالث، عمان - الأردن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ما بعد القوة الناعمة: السياسة القطرية تجاه دول الثورات العربية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية
» القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية
» القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية جوزيف س .ناي
» الثورات العربية – عدد خاص من مجلة السياسة الدولية
» كتاب تحت عنوان : Soft Power the means to success in the world politics "القوة الناعمة السبيل إلى النجاح في السياسة العالمية"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1