منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Empty
مُساهمةموضوع: قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء)   قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyالإثنين نوفمبر 12, 2012 10:59 am

قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء)....بحث أميركا عن الهيمنة على العالم
___________________________________________


مركز العهد الثقافي - 23 / 3 / 2006م - 11:11 ص

الكتاب: الهيمنة أم البقاء على قيد الحياة

بحث أميركا عن الهيمنة على العالم

المؤلف : نعوم تشومسكي

الناشر: بنغوين بوكس ـ لندن 2004

الصفحات: 278 صفحة من القطع الكبير


ممارسات أمريكا ضد الدول أصبحت تهدد الجنس البشري بالانقراض



نعوم تشومسكي أكثر ما عُرف عن نعوم تشومسكي أنه من المنظرين لسياسة الهيمنة الأمريكية والتي برزت بشكل ملفت في العقد الأخير من عصرنا الحاضر , ومع أنه مارس نفس هذا الدور في كتابه « الهيمنة أو البقاء » إلاّ أن كثيرا من مضامين هذا الكتاب ربما توجهت بالنقد لممارسات السياسة الأمريكية ولكن ليس لأهدافها , وهذا ما يمكن أن يلحظه الناقد من خلال العنوان نفسه حيث ذهب الى خيارين استبطن جمع المفهومين- الهيمنة أو البقاء- أفضلية الهيمنة وتصويرها بالخيار الواجب البحث عنه , و اعتبار مفهوم " البقاء" مفهوم يجب الهروب منه.

التحليل المتعمق هو أهم ما يصبغ هذا الكتاب ويحاول أن يكشف " تشومسكي " في صفحاته السعي الأمريكي نحو السيطرة على العالم دون أي اعتبار للمبادئ والقيم الانسانية , كما يكشف فيه الأهداف الحقيقية لإدارة بوش من وراء احتلال العراق كما يسلط الضوء على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.



يورد الكتاب في الفصل الأول مقولة دارفست ماير وهو من كبار أعلام البيولوجيا الذي يؤكد أن تاريخ الحياة على الأرض يدحض الزعم القائل بأنه خير لك أن تكون ذكياً من أن تكون غبياً وذلك بالرجوع الى النجاحات البيولوجية على الأقل، فالخنافس والبكتيريا أنجح من البشر بكثير من جهة البقاء على قيد الحياة.

وذلك يشير إلى أن البشر استخدموا ذكاءهم لتدمير أنفسهم وأرضهم على امتداد تاريخهم بحيث يجعلهم ذلك خطأ بيولوجيا بتعديهم على البيئة الحاضنة للحياة.

ثم يؤكد الكاتب أن عام 2003 تضمن الكثير من المخاوف الواقعية التي لها ما يبررها بشأن بقاء الجنس البشري على قيد الحياة.

ملقياً باللوم على إدارة بوش التي عمدت إلى عرقلة جهود منظمة الأمم المتحدة الرامية إلى حظر عسكرة الفضاء الخارجي، وهو خطر جسيم يتهدد البقاء كما أنها وضعت حداً نهائياً للمفاوضات الدولية لدرء الحرب البيولوجية ومضت إلى ضمان حتمية الهجوم على العراق برغم المعارضة الشعبية وبالرغم من تحذير منظمات الإغاثة ذات الخبرة الواسعة في ظروف العراق من هذا الغزو الذي قد يعجل بكارثة إنسانية.

كذلك مضى الرئىس بوش ومساعدوه في تقويض المساعي الدولية الهادفة إلى تقليص الأخطار التي تكتنف البيئة والمسلم بأنها أخطار جسيمة.

ارتياب شديد

وأشار الكاتب إلى أنه في مستهل عام 2003 كشفت الدراسات أن الخوف من الولايات المتحدة قد بلغ ذرى عالية جداً في جميع أنحاء العالم مشمولاً بارتياب شديد من قيادتها السياسية ونبذها لأبسط حقوق الإنسان وازدرائها للديمقراطية بشكل لم يسبق له مثيل.

ثم يعهد الكاتب بأسلوبه التحليلي العميق الى كشف الأساليب الاستبدادية التي تختفي وراء قناع الديمقراطية الذي تلبسه أنظمة دول كبرى مثل أمريكا وبريطانيا.



السيطرة على الأفكار

ويؤكد نعوم تشومسكي انه في المجتمعات الحرة يتعذر استدرار الطاعة بالسياط، لذا كان من الطبيعي أن تنشأ المؤسسات الحديثة للسيطرة على الأفكار تلك التي تسمى صراحة دعاية فكانت الريادة في ذلك لبريطانيا بوزارة الأنباء التي استحدثتها لتوجيه أفكار العالم بمعظمه وسرعان ما حذا حذوها ويلسون الرئىس السابع والعشرون للولايات المتحدة (1924 - 1856) من خلال تشكيله للجنة الإعلام العام التي هدفت الى السيطرة على أفكار الجمهور وتوجيهه وفق السياسات التي تريدها السلطة الحاكمة.

مشيراً إلى أن إدارة ريجان استحدثت دائرة الدبلوماسية العامة من أجل صنع القبول والموافقة الجماهيرية على سياستها الإجرامية التي يمكن اعتبارها بمثابة العهد الأول لحكام واشنطن الحاليين واستمر خلفاؤهما في الإيضاح أن أمريكا تحتفظ لنفسها بحق العمل من طرف واحد في الاستخدام الأحادي للقوة العسكرية لضمان الوصول الحر إلى الأسواق الرئىسية ومصادر الطاقة والموارد الاستراتيجية.

وهذه المبادىء ترسخت ليس من هذه المرحلة بل إلى مطلع الحرب العالمية الثانية حيث خلص المخططون للامبريالية الكبرى إلى ضرورة أن تسعى الولايات المتحدة إلى امتلاك قدرة لا ريب فيها.

استراتيجية الامبريالية

وينتقل نعوم تشومسكي في الفصل الثاني للحديث عن الاستراتيجية الامبريالية الكبرى للولايات المتحدة التي تمثلت في إعلانها عام 2002 عن نيتها للحفاظ على هيمنتها كأقوى دولة في التاريخ من خلال التهديد بالقوة المسلحة أو باستعمالها فعلاً.

كما تؤكد هذه الاستراتيجية حق الولايات المتحدة في اللجوء إلى شن حرب وقائية مخالفة للقانون الدولي وتندرج في جرائم الحرب.

ويقر بعض المدافعين عن الاستراتيجية الأمريكية أنها تتعارض بشكل فظ مع القانون الدولي لكنهم لايرون في ذلك أي ضرر لاعتبار أن هذا القانون حسب رأيهم لا يعدو كلاماً فارغاً.

وقد أوضحت واشنطن خلال حملتها ضد العراق أنها ستتجاهل مجلس الأمن ولن تتقيد بميثاق الأمم المتحدة، كذلك نصحت القيادة الاستراتيجية بوجوب أن تحتفظ الولايات المتحدة بحق الأولوية في استعمال الأسلحة النووية. وأن التسابق إلى امتلاك الأسلحة التدميرية الشاملة حتى بين قوى صغيرة ليزيد من حجم المشكلة المهلكة.ثم أصبح هناك سعي أمريكي للهيمنة على الفضاء لكي تتمتع بالحصانة والمنعة وأن تعمل على ضمان حدود معينة لأية ممارسة سيادية من جانب دول قد تعوق مخططاتها العالمية.

تعديل المخططات

وقد جرى تعديل هذه المخططات على مر السنين للتعامل مع التحولات، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر الذي عزز وسائل العنف بشكل مطرد دفع الجنس البشري المهدد بالانقراض الى شفير الكارثة.

ثم يتناول الكاتب تطبيقات هذه الاستراتيجية على الوضع العراقي الذي تمثل في اظهار العراق ورئيسه صدام حسين كمصدر مطلق للشر واقناع الجمهور بامتلاكه لأسلحة دمار شامل وحشد حملات دعائية لتبرير الحرب على العراق وكان من الواضح منذ الوصلة الأولى للحملات الدعائية انها تفتقر للمصداقية وقد عارضت عمليات التفتيش على الأسلحة لانها خشيت ألا تؤدي إلى شيء.

ومضى بوش واعوانه في اطلاق التحذيرات المخيفة حول خطر صدام حسين الداهم على الأمم المتحدة وعلى جيرانه وارتباطاته بالارهابيين الدوليين ملمحين دون مواربة إلى تورطه في هجمات 11 سبتمبر وفي غضون اسابيع صار 60% من الأمريكيين يعتبرون صدام حسين خطراً مباشراً على أمريكا.

وكان من الواضح ان هدف أمريكا هو تنصيب النظام الذي تراه في العراق حتى لو نزع صدام حسين سلاحه تماماً واختفى هو وجماعته وقد أعلم ارنست اري فلايشير الناطق باسم البيت الأبيض الصحفيين بهذا الهدف قبل ضرب العراق.

وقد قامت أمريكا بارسال موظفين كبار لمجلس الأمن لحث القادة على التصويت إلى جانب الولايات المتحدة حول العراق أو المجازفة بدفع ثمن باهظ حتى لو كانت شعوب هذه الدول تعارض الحرب.

وحين فشلت بعد احتلالها للعراق في العثور على أسلحة دمار شامل انتقل موقف إدارة بوش من الحديث من اليقين المطلق بوجود هذه الأسلحة الى الحديث عن الاتهامات الأمريكية يسوغها اكتشاف أجهزة من الجائز استخدامها لإنتاج تلك الأسلحة مع انه من الوجهة العملية لا يوجد بلد ما إلا ويملك الامكانية والقدرة على أسلحة الدمار الشامل.

هجمات على الدول

ويستعرض الكاتب في هذا الفصل هجمات الولايات المتحدة على دول لتغيير أنظمة الحكم فيها مثل نيكاراغوا وليبيا وبنما بادعاءات انها تشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي مستخدمة فيه أسلوب الإرهاب الدولي.

ولم تقم هذه الدول بالرد على الهجمات الأمريكية بعمل تفجيرات في ولاياتها أو عمل اغتيالات سياسية بل لجأت دولة مثل نيكاراغوا إلى المحكمة الدولية كي تسعفها وفي عام 1986 أصدرت المحكمة قراراً لمصلحة نيكارغوا وادانت واشنطن على استعمالها غير المشروع للقوة وامرتها بدفع تعويضات وصلت قيمتها إلى 17 مليار دولار واستطاعت أمريكا السيطرة من جديد على نيكاراغوا وجعلتها تتخلى عن مطالبتها بالتعويضات ويذكر الكاتب ان رقم 17 مليار دولار هو نفس المبلغ الذي دفعه العراق إلى الافراد والشركات تعويضاً عن غزوه للكويت كما ان عدد قتلى الاجتياح العراق كان جزءاً ضئيلاً من قتلى الاجتياح الأمريكي لنيكاراغوا وإسرائيل للبنان عام 1982، ولم تكن هناك اي تعويضات لكن الكاتب يشير إلى التعريف الأمريكي السياسي للإرهاب بأنه مكافحة التمرد حتى لو مارست هي نفسها الإرهاب لتحقيق هدفها، والتعاريف الرسمية للإرهاب لا تجيب عن كل سؤال بدقة ولا ترسم حدوداً واضحة بين الإرهاب الدولي والعدوان أو بين الإرهاب والمقاومة.



وتشتط الولايات المتحدة بعيداً في وصفها لمن يقومون بمقاومة العدوان الأمريكي بالإرهابيين.

عصر التنوير الجديد

وفي الفصل الثالث الذي يسميه نعوم تشومسكي عصر التنوير الجديد يشير فيه إلى ان الاعوام الاخيرة من الألفية الثانية شهدت عرضاً ضخماً وحماسياً من تملق الذات مصحوباً بتهليل مخيف لقادة عالم جديد مثالي عاكف على وضع حد نهائي للبربرية ومنذور لخدمة المبادئ والقيم، ولأول مرة تتصرف الأمم المتمدنة تحت قيادة الولايات المتحدة بروح الغيرية والحمية الخلقية في التماسها المثل العليا السامية الا ان الواقع يكشف عكس هذه الشعارات البراقة حيث ان سجل الأعمال الارهابية والإجرامية التي شهدتها السنوات القريبة جداً كانت بدعم حاسم من أمريكا كقوة عظمى متسلطنة وحلفائها، فعام 1997 كان عاماً مهماً بالنسبة لحركة حقوق الإنسان، في ذلك العام وحده تدفق حجم لأسلحة الأمريكية لتركيا بقدر المجموع العام للمساعدات العسكرية لتركيا طوال حقبة الحرب الباردة وذلك ساعد تركيا في حملتها ضد الاكراد البؤساء وتهجيرها للملايين منهم القاطنين في الازياف وعاثت فيها خراباً وخلفت الاف القتلى واستخدمت اغرب وسائل لتنكيل الهمجي واعتبرت رقم 1 في تلقي الأسلحة الأمريكية.

وفي العام ذاته بدأت المساعدات إلى كولمبيا ترتفع بوتيرة متسارعة زادت من 50 مليون دولار إلى 290 مليون دولار في ظرف عامين اثنين، وهذه المساعدات العسكرية كانت لها تداعياتها على السكان المعذبين في كولومبيا حيث دفعت برجال حرب العصابات إلى ان يصبحوا جيشاً اخر يروع الفلاحين وأهالي المدن وبالرغم من ذلك فإن كل هذه الأعمال كانت ردة الفعل الأمريكية تجاهها هي الصمت المطبق والدعم المتزايد للأعمال الوحشية.

وكانت هناك قصة رعب اخرى في نفس هذا العام في تيمور الشرقية حيث صعدت اندونيسيا من عملياتها في تلك المنطقة بدعم أمريكي وبريطاني وسقط آلاف القتلى وتم طرد مئات الآلاف من بيوتهم بعد تصويت سكان تيمور الشرقية على الاستقلال في الاستفتاء، ورغم ذلك كررت إدارة كلنتون انذاك موقفها من ان تيمور الشرقية هي مسؤولية الحكومة الأندونيسية لكن الضغط الدولي والتغطية الاعلامية للأعمال الوحشية جعلت إدارة كلنتون تسحب دعمها لاندونيسيا مما دفعها إلى الانسحاب من تيمور الشرقية وكان الدرس واضحاً وضوح الشمس من انه ينبغي ايقاف الدعم الأمريكي لمن يقومون بالجرائم من أجل ايقافها، لكن ذلك لم يكن الدرس الذي تم استخلاصه بل تم اظهار السياسة الخارجية الأمريكية على انها دخلت مرحلة ملؤها النبل.

أحداث كوسوفو
وبنفس هذا الأسلوب يتناول الكاتب أحداث كوسوفو التي اظهرت ان الولايات المتحدة قد تدخلت بروح الحمية الخلقية لحماية السكان الكوسوفيين من عمليات القمع الصربي لهم.

الا ان الحقيقة هي ان هذا التدخل من أمريكا وحلفائها من الحلف الأطلسي لم يكن استجابة انسانية لعمليات التطهير العراقي بل لقطع الطريق على الاخطار التي تهدد حلف شمالي الأطلسي والقوة الأمريكية من رجل تحداها مثل ميلوسيفيتش، وان قصف صربيا كان عبرة لأي دولة أوروبية قد يتبادر إليها انها مستثناه من قواعد حقبة ما بعد الحرب الباردة ولتأكيد هيمنة الولايات المتحدة في أوروبا واجهاض أي محاولة لخروجها عن السيطرة الأمريكية والدليل على ذلك انه بعد أربع سنوات فقدت كوسوفو أي اهتمام من قبل أمريكا - وأوروبا رغم ان نصف سكان هذا الأقليم يرتعون اليوم في البؤس.

هذه الشواهد يسوقها الكاتب ليدل على ان مواقف الادارة الأمريكية وحلفائها لا تنبع من أهداف إنسانية خلقية كما يظهر في الشعارات بل لغرض فرض هيمنتها فمثلاً عندما عارضت تركيا أوامر واشنطن عام 2003 في رفض السماح بشن هجوم على العراق بدأنا نقرأ عن سجلات تركيا المروعة في تعذيب وقتل الاكراد رغم انها كانت تتم بمساعدات أمريكية. ويشير الكاتب إلى ان الصيغة لدارجة لرسالة ما تسمى بالدول المتحضرة المستنيرة مفادها ان الحاجة إلى الاستعمار ماسة اليوم مثلما كانت في القرن التاسع عشر لحمل مبادىء النظام والحرية العدالة إلى باقي انحاء العالم، والتي تعيد الغرب إلى شريعة الغاب للتحكم بمصير الدول وشعوبها.



الأزمنة الخطرة
وفي الفصل الرابع الذي يسميه الكاتب الازمنة الخطرة للاشارة إلى المخاوف الحقيقية التي تهدد الجنس البشري من جراء سياسات الإدارة الأمريكية يستحضر نعوم تشومسكي أزمة الصواريخ الكوبية التي كان يمكن ان تؤدي إلى حرب ذرية تهلك نصف الكرة الأرضية ليؤكد ان بوش يجهل قراءة التاريخ في تعاطيه مع الوضع في العراق مع خلاف تعاطي جون كنيدي مع كوبا الذي اختار سياسة العزل بديلاً عن العمل العسكري في حين الزم بوش نفسه بالعمل العسكري وحده ليؤكد الكاتب بعدد ذلك ان وحشية هجمات 11 سبتمبر لا تقل عنها الوحشيات التي ارتكبتها أمريكا في الدول التي كانت يومياً تعاني من فظاعة مماثلة لهجمات سبتمبر بفعل الارهاب الأمريكي.

ويتناول الكاتب جوانب من تاريخ الشخصيات التي وظفتها إدارة بوش في تسويق الحملة المعلنه على الإرهاب بعد 11 سبتمبر ومن بينها جون نيغروبونتي الذي كان يدير السفارة الأمريكية في هندوراس يوم كانت القاعدة الرئيسية للهجمات الإرهابية على نيكاراغوا وقد وقع عليه الاختيار يكون المشرف على الجانب الدبلوماسي للمرحلة الراهنة من الحرب على الإرهاب داخل أروقة الأمم المتحدة، اما الجانب العسكري فيديره رامسفيلد الذي كان موفد ريجان للشرق الأوسط خلال فترة من أسوأ الفترات، كما انتدب لارساء علاقات امتن مع صدام حسين، اما كولن باول الذي قام بدور المعتدل في الإدارة الأمريكية فقد عمل مستشاراً للأمن القومي إبان المرحلة النهائية من مراحل الإرهاب والأعمال الوحشية مقوضا دعائم الدبلوماسية في عقد الثمانينيات في أمريكا الوسطى ومسانداً نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

ويقول الكاتب الآن تختفي الجرائم على ايدي المنتصرين بالطريقة المعهودة إلا انها لا تذهب طي النسيان لدى الضحايا ففي الوقت الذي ادان الباناميون بدورهم هجمات 11 سبتمبر الا انهم تذكروا موت الناس الفقراء عندما هاجمتهم الولايات المتحدة في سياق ما يسمى بالقضية العادلة.

وربما تؤكد هذه الذكريات مستوى التأييد المتدني للقصف الأمريكي لأفغانستان ففي أمريكا اللاتينية حيث التجربة الاطول عهداً مع العنف الأمريكي كان التأييد في ادنى درجاته لانهم يتذكرون ان الحكومة الأمريكية هي احد أكبر عرابي الإرهاب ورعاته.

أمريكا ارتكبت العديد من الجرائم والفظائع في الشرق الأوسط

السيطرة على العراق أنبوب اختبار لواشنطن للتحكم في العالم


في الفصل الخامس من الكتاب يتحدث الكاتب بالتفصيل عن الحرب على العراق وجاء تحت عنوان «الصلة العراقية» يشير فيه إلى انه في عام 2000 عند انتخاب الرئيس بوش استعادت فيه اشد الشرائح رجعية في إدارتي ريجان وبوش الاب مقاليد السلطة السياسية رغم ان هذه الانتخابات حامت حول صحتها الشكوك وقد ادركت تلك الشرائح ان قطاعات 11 سبتمبر توفر لها فرصة لتحقيق أهدافها بعيدة المدى بزخم اكبر متبعة السيناريو المرسوم في فترة ولايتها السابقة. وقد رسم اختصاصيو العلاقات العامة ودبجوا الخطب بصورة لجورج بوش الاصغر على انه رجل بسيط يصله خط مباشر بالسماء ويعول على شجاعته الغريزية فيما هو يندفع بخطى جبارة لتخليص العالم من الاشرار والارهاب. وهنا يكون الارهاب هو ما يحدده الزعماء الأمريكيون، لا ما يمارس بالفعل فقد ارتكبت امريكا من الفظائع في أمريكا الوسطى والشرق الأوسط جرائم تفوق بكثير الجرائم التي تتصدى لها. فقد كانت صنيعة لجنوب افريقيا المسؤولة عن وقوع اكثر من مليون قتيل.

ومن الأمور التي أصبح يعرفها الجميع نجاح وكالة الاستخبارات الأمريكية خلال الثمانينيات في تجنيد متشددين اسلاميين في اطار قوة عسكرية ارهابية لاستدراج الروس إلى الفخ الافغاني وذلك عن طريق طرح عمليات سرية تشجعهم على غزو افغانستان وذلك لاستنزافها.

ومن بين المنظمات التي دعمتها تنظيم القاعدة اضافة إلى أتباع الشيخ عمر عبدالرحمن والتي كادت ان تنسف مركز التجارة العالمي.

ولا يخفى على أحد الدعم الذي قدم إلى صدام حسين بسبب الهاجس الأمريكي من إيران وقد اوضحت وزارة الخارجية الأمريكية في عام 1990 ان مساعدة صدام حسين ستساهم في تحسين سجل حقوق الإنسان بالعراق واصدر بوش الأول توجيها يعلن فيه ان تطبيع العلاقات مع صدام من شأنه ان يخدم مصالحنا بعيدة المدى في تعزيز الاستقرار بمنطقة الخليج.



ويؤكد الكاتب ان أمريكا منذ إدارة الرئيس ريجان تحاول خلق الشياطين واحداً تلو الآخر من أجل اشغال الرأي العام الأمريكي فخلال سنوات حكم ريجان وبوش الاب أصاب الركود الأجور الفعلية وزادت ساعات العمل مما كان سيؤدي إلى جعلها تخسر شعبيتها ولم يكن الاحتفاظ بالسلطة في ظل هذه الظروف ممكنا لكن يجب ان يتم بث الخوف، ففي عهد ريجان استخدمت التهديدات الليبية لتحقيق هذا الهدف وكذلك نيكارغوا وبنما.

ولقد اتبع نفس هذا السيناريو من قبل إدارة بوش الحالي فبعد الارتفاع المفاجئ في شعبيته اثر أحداث 11 سبتمبر كشفت استطلاعات الرأي عن استياء متنام حيال سياسات الإدارة الاجتماعية والاقتصادية وإذا كان هناك امل للحفاظ على السلطة السياسية فلابد ان يقوم الجمهوريون بالتوجه للمواطنين حاملين مسألة الأمن القومي وذلك لأن الناخبين يثقون بالحزب الجمهوري من أجل حماية أمريكا ومن الضروري تصوير بوش على انه القائد زمن الحرب لاغراض حملة الانتخابات الرئاسية عام 2004 وبما ان المسائل الداخلية كانت هي الطاغية على التغطية الإخبارية والمعارك السياسية خلال فصل الصيف من عام 2002 فقد خسر الحزب الجمهوري المعركة في انتخابات الكونجرس لكن الخطر القادم من العراق جرى استحضاره في الوقت المناسب في سبتمبر 2002، وقد شكل الخوف المفبرك أرضية شعبية لغزو العراق، واتاح لإدارة بوش ما يكفي من أجل الامساك بالسلطة السياسية.



الحرب على العراق
وجاءت الحرب على العراق رغم مخاطر من انها قد تؤدي إلى انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب وهي عدة مخاطر غير ذات شأن إذا ما قورنت بعملية السيطرة على العراق وارساء نمط الحرب الوقائية وتشديد الزمام على السلطة في الداخل.

وتمثلت خطورة التهديدات الأمنية التي قد توصل العالم إلى حد الكارثة النووية حين عمدت إدارة بوش إلى التخلي عن الجهود الهادفة إلى تشديد بنود اتفاقية الأسلحة البيولوجية بشأن الحرب الجرثومية، اضافة إلى اعتراض كل من أمريكا واسرائيل على قرار الأمم المتحدة الذي يقضي بمنع عسكره للفضاء الخارجي.

ورغم التحذيرات حتى من وكالة الاستخبارات الأمريكية ان الحرب على العراق قد تؤدي إلى تزايد انتشار مخاطر السلاح الشامل لتهديد أمريكا نفسها وتأجيج مشاعر العداء ضدها من العالم العربي والإسلامي التي تغذي العمليات الإرهابية ومن هذه التحذيرات ان صدام رغم انه رجل شرس وطاغية الا انه عقلاني، فإذا كانت في حوزته أسلحة بيولوجية وكيميائية فهي محفوظة تحت إشراف محكم تخضع لتسلسل قيادي سليم ولن يضعها في ايدي جماعات مثل بن لادن الذين يشكلون خطراً على صدام نفسه، ان الغزو وانهيار العراق قد يوقعان هذه الأسلحة في أيدي جماعات لا تخضع لأي نظام، وتكشف التحقيقات التي اجريت بعد الحرب وسقوط النظام العراقي ان هذه المخاوف والتحذيرات قد تكون تحققت فعلاً بنهب المواقع النووية إلا ان هذه المخاطر ليست من وجهة نظر إدارة بوش ذات قيمة في سبيل هيمنتها على العالم والتحكم بمصادر الطاقة وترسيخ سلطتها السياسية.



ويستعرض الكاتب الآثار المدمرة التي خلفها الحصار للعراق ومن الحرب عليه بحيث لا يضاهي اذا قورن بالأفعال التي ارتكبها صدام حسين.

ويقول الكاتب إن الاعتقاد بأن واشنطن صارت معنية بحقوق الانسان والديمقراطية في العراق أو في غيره من البلدان هو بعيد الاحتمال وصعب التصديق ولطالما كانت هناك آراء للمراقبين ترى ان كل البناء لتغيير النظام في العراق هو في رفع العقوبات الاقتصادية عنه التي افقرت المجتمع وأجهزته وقضت على كل امكانية ببروز قيادة بديلة.

ولقد سمح للطاغية ان يخمد انتفاضة عام 1991 لأنه مهما كانت خطايا صدام حسين فهو يؤمن للغرب وللمنطقة أملاً عريضا بالاستقرار من أولئك الذين يقاسون من اضطهاده.

الغريب ان القبور الجماعية كانت في تبريرات الحرب الأخيرة على العراق على أسس أخلاقية رغم انها معلومة منذ عام 1991.

ويشير الكاتب إلى ان امريكا في سيطرتها على العراق لم تضع التكاليف والمسؤولية على عاتق آخرين، كما فعلت في افغانستان أو كوسوفا ذلك لأن العراق غنيمة كبرى فيما الأخريات حالات ميؤوس منها.

ويعتبر العراق بالنسبة لواشنطن على اساس انه انبوب اختبار من قبل إدارة بوش من اجل احكام سيطرتها على العالم.



مأزق الهيمنة
وفي الفصل السادس يتناول فيه نعوم تشومسكي مأزق الهيمنة، ويشير إلى ان النظام العالمي الجديد يجب ان يكون خاضعاً للانتقاد الأمريكي وقابلاً للتحكم والضبط قدر المستطاع الذي ينبغي تفكيك سيطرة الامبرياليات، لاسيما البريطانية في الوقت الذي تعكف فيه واشنطن على توسيع الترتيبات الأقليمية الخاصة بها في كل من أمريكا اللاتينية - المحيط الهادي.

ولقد دعا كيسنجر إلى ان يكون النظام العالمي مبنياً على أساس من الاعتراف من أن للولايات المتحدة مصالح ومسؤوليات، بينما لا يملك حلفاؤها سوى مصالح اقليمية، ومن هنا ينبغي ان تكون الولايات المتحدة معنية اكثر بالاطار الشامل للنظام العالمي ولا يجدر بأوروبا ان تنتهج سبيلاً مستقلاً، وهذا من الأسباب التي دعت أمريكا تقلق حيال أوروبا القديمة وتقرير بقوة خطوات انضمام دول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي باعتبار انها اتخذت النموذج الأمريكي هو المعيار للحياة والرفاهة.

لكن تدعيم الاطار الشامل المتمثل في أمريكا كنموذج الذي يوجب على الآخرين من الدول التقيد بالأماكن المخصصة لها سيخلق تحدثاً من قبل المناطق الصناعية، وسيخلق بالتالي مأزق الهيمنة وهو ليس بالشيء السهل.



مرجل الأحقاد
في الفصل السابع يتحدث نعوم تشومسكي عن مرجل الأحقاد والمقصود فيه منطقة الشرق الأوسط.

الذي يفرد فيه الكاتب تحليلا موسعاً للعلاقة الأمريكية الاسرائيلية وغض طرف القوة العظمى عن نشاط إسرائيل النووي نظراً لأنها بمثابة نديل لأمريكا في الوقت الذي كثر فيه الحديث عام 2002 عن الحزام النووي الذي يضم إيران والعراق وكوريا الشمالية وشبه الجزيرة الهندية.

وجاء قرار الأمم المتحدة رقم 687 الداعي إلى ازالة أسلحة الدمار الشامل العراقية كحجة قانونية من أجل غزو العراق من قبل أمريكا وبريطانيا مع ان العراق اهاب بمجلس الأمن ان يطبق الفقرة 14 من القرار التي تجعل منطقة الشرق الأوسط جميعها خالية من أسلحة الدمار الشامل بما فيها إسرائيل وعلى حسب ما قال الجنرال لي تبلر ان مثل هذه الأسلحة في يد إسرائيل لتشجيع دول اخرى في الشرق الأوسط على ان تحذو حذوها.

وتعتبر قدرات اسرائيل النووية خطرة إلى أبعد حدود الخطر فرغم صغر حجمها فإن اختيار أمريكا وقع على إسرائيل لتكون بمثابة قاعدة عسكرية وتكنولوجية لها، وتربطها بالاقتصاد الأمريكي وشائج متينة فلا غرو ان تبدو إسرائيل بالنسبة لأمريكا شبيهة بسيدها وراعيها.

ويقول خبير أمريكي ان 12% من طائرات إسرائيل الهجومية سترابط بصورة دائمة في تركيا لتقوم بطلعات استكشافية على امتداد الحدود الايرانية.

وهي جزء من العمليات لتقويض ايران وتقسيمها كجزء بعيد المدى بفضل المنطقة الشمالية.

ثم يتناول الكاتب منشأ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية والذي جاء بعد افول الامبراطورية البريطانية وتسلمت الولايات المتحدة اطار العمل في الشرق الأوسط لكنها اضافت طبقة اخرى من آليات التحكم والسيطرة تمثل في دول محيطة كإسرائيل تصلح لان تكون شرطياً محليا يضرب ضربا موجعاً على ان يبقى المقر العام في واشنطن وفي عام 1967 كان التحالف الإسرائيلي الأمريكي قد توطد فإسرائيل حطمت «عبدالناصر» وزاحمت الواجهة في الجزيرة العربية وانزلت ضربة موجعة بحركة عدم الانحياز.



وادركت اسرائيل انه يجب ان تبقى قاعدة امريكية لذلك رفضت عرض الرئيس السادات عام 1971 بإقامة السلام معها على اساس ان تنسحب من الاراضي المصرية دون التطرق إلى الوضع الفلسطيني لكن حرب أكتوبر عام 1973 وقعت كالكارثة فاخترع كيسنجر دبلوماسية المكوك التي تمخضت اخيراً عن اتفاقية كامب ديفيد وجعلت إسرائيل تقبل عرض السادات ومع زوال الرادع العربي استطاعت اسرائيل ان تكثف هجماتها ضد جارتها الشمالية نتج عنها آلاف الضحايا الذين لم يسترعوا انتباه امريكا أو الغرب على اساس ان الجرائم التي يتحملون وزرها لا تستحق حتى فتح التحقيق بشأنها.

وقد تطورت علاقات الولايات المتحدة باسرائيل التي تؤمن لها السبل في كسب أفضل استراتيجية للحكم بالشرق الأوسط لأن فيه اهم مورد وهو النفط.
وادرك المخططون في واشنطن ان اسرائيل هي القوة الاقليمية الوحيدة التي جازفت بنفسها من أجل اراحة الوضع في المنطقة والتصدي للقومية العربية المتطرفة والسيطرة على نفط الخليج بالقوة إذا لزم الامر وبالنسبة لخطط إدارة بوش كما هي منذ عام 2003 فإن هناك مصدرين خطابي وعملي، فعلى المستوى الخطابي خريطة الطريق ودولة فلسطينية وعلى الصعيد العملي اعاقت إدارة بوش مراراً وتكراراً الإصدار العلني لخريطة الطريق.

ويشير الكاتب الى النظرة الانتقائية الأمريكية في تعاملها مع الوضع الفلسطيني ففي الوقت الذي تغافلت فيه عن الفظائع التي ترتكبها اسرائيل تغيرت المواقف عندما ارتفعت نسبة القتلى الإسرائيليين بدلاً من 1-20 وأصبحت 3-1 لتتحدث إدارة بوش عن الافعال المشينة المواجهة ضد الابرياء الاسرائيليين مؤكداً ان هذه النظرة الانتقائية متجذرة في ثقافة وتاريخ الغزاه.



الإرهاب والعدالة

وفي الفصل الثامن يتحدث نعوم تشومسكي عن مفهوم الارهاب والعدالة والذي يقرر انه من اولى الحقائق وجوب تطبيق المعايير على انفسنا مثلما نطبقها على الاخرين وان هذا يجب ان يشكل نظرية الحرب العادلة.

ويتناول الكاتب العمليات الإرهابية التي دعمتها الولايات المتحدة سواء في لبنان أو تونس مما يسمى بإرهاب الدولة، اضافة إلى صمتها عن مجازر ارتكبتها اسرائيل خاصة مجزرة جنين والذي يشير إلى حد أن هناك ازدواجية في تعريف أمريكا للإرهاب.

ويؤكد الكاتب في هذا الفصل ان سياسات امريكا غير العادلة هي التي قادت إلى تنامي الكراهية ضدها، ويستشهد بمقولة احد الكتاب الذي قال ان بوش محل ازدراء حتى لدى من دأبوا على الإعجاب بالولايات المتحدة هذا بالتالي أوجد قاعدة كبيرة بين الشعوب لتأييد العمليات ضد أمريكا وبريطانيا.



الكابوس العابر

وفي الفصل التاسع والاخير الذي سماه بالكابوس العابر يقول الكاتب إن خطر الإرهاب الدولي خطر جسيم واحداث 11 سبتمبر ربما تسجل رقماً قياسياً من حيث فداحة الخسائر البشرية إلا أن هناك خطراً أكبر يتمثل في الأسلحة التدميرية الشاملة والتي تصفها القيادة الاستراتيجية الأمريكية بأنها الاثمن في ترسانتها.

وان الامكانية ان تنقلب الولايات المتحدة إلى دولة غير عقلانية متعطشة للانتقام اذا ما تعرضت مصالحها للهجوم.
ويؤكد الكاتب ان مثل هذه الأسلحة ورفض الحد منها سيقود حتماً إلى كارثة وولادة مخاطر تهدد البشرية والحياة الكريمة للأحفاد.

لكن الكاتب يشير إلى انه على امتداد التاريخ الحديث تحققت مكاسب مهمة على صعيد حقوق الإنسان بفعل النضال الشعبي وان الآثار الضارة لمشروع العولمة المشترك أفضت إلى اندلاع احتجاجات وفعاليات اصبح تجاهلها صعباً جداً.

بحيث يستطيع المرء ان يميز بين مسارين اثنين في تاريخنا المعاصر، واحد يتجه نحو الهيمنة ضمن اطار عقائدي مجنون يهدد البقاء بأفدح الأخطار، والآخر يكرس نفسه للإيمان بأن عالماً آخر ممكن ان يتحقق ومن المهم ان نقوم بإيقاظ أنفسنا قبل أن يعيد الكابوس هاجساً مقضاً مقيماً وان نجلب قدراً من السلام والعدل على العالم بما نملك من إرادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Empty
مُساهمةموضوع: كتاب «إمبراطورية» لأنطوني نيغري ومايكل هارت عام 2000   قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء) Emptyالإثنين نوفمبر 12, 2012 11:02 am


عندما صدر كتاب «إمبراطورية» لأنطوني نيغري ومايكل هارت عام 2000، كانت تلك اللحظة، على الصعيد النظري، إحدى اللحظات المؤسِّسة لتيّار أيديولوجي مهيمن اليوم يدعى «ما بعد الحداثة»، Postmodernism. أراد نيغري في هذا الكتاب، وهو منظّر اليسار الثوري الإيطالي المعروف خلال الستينيات والسبعينيات، واليساري المرتدّ في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وبتأثير من التيّارات الفلسفية التركيبية والما بعد تركيبية الفرنسية، كتابة بيان «ما بعد حداثوي» في مقابل مانيفستو شيوعي سابق أصبح بائداً برأيه، وذلك على أسس أنطولوجية- أوّلية ـ جديدة.
هلّل كثيرون من مثقفي الإمبراطورية الأميركية وخبرائها للكتاب المليء بالأخطاء النظرية. كتاب يمكن تلخيصه بأنّه مزج تسطيحي وإسقاطي لمفاهيم ميشال فوكو عن تحليل الخطاب، مع مفاهيم كارل شميدت حول فضاء «الاستثناء»، الذي كان ينظّر حينها لإمبراطورية الرايخ، كلّ ذلك مع غياب شبه كامل لتحاليل الاقتصاد السياسي. حينها، يتحوّل العالم بأسره إلى فضاء يتميّز بالحركة الحرّة للرأسمال والبشر، والسفر الآني للمعلومات والرموز عبر وسائل اتصال تتطوّر بسرعة مذهلة. هذا العالم هو خليطٌ مبهم من الأفكار والأشياء المتحرّكة التي تحمل في طيّاتها قدرة تحريرية مفترضة للفرد الما بعد حداثوي المتمركز حول نفسه، والذي يعيش في عالم لم تعد فيه حدود الدولة الوطنية تعني شيئاً. إنّه عالم «ما بعد أيديولوجي»، لم تعد فيه النظريّات التي تحاول فهم العالم وتغييره جذريّاً مجرّد سرديات شموليّة (Meta- narratives) أكلها العفن، وتنتمي ببساطة إلى عصر مضى إلى غير رجعة. ليس في هذا الفضاء الأمبراطوري سوى تجمّع لأفراد ما بعد حداثويين سمّاهم نيغري «السّواد» Multitude، لا يمكن تمييز بعضهم من بعض حسب الطبقة أو القومية. لا مكان هنا بالطبع لتحاليل تتكلّم عن الأمبريالية أو الاستغلال الاقتصادي، فالولايات المتحدة نفسها ليست قوة أمبريالية، بل يصادف أنّها القوة الوحيدة في العالم القادرة على الحفاظ على «المواطنة المعولمة» Global Citizenship -مفهوم جُلب من الفلسفة الكانتيّة- التي يجسّدها هذا السّواد، ولها الحقّ الأخلاقي بالمحافظة على تلك المواطنة الجديدة.
إنّها «أمبراطورية من دون مركز» كما كتب نيغري، مشبّهاً إيّاها بالأمبراطورية الرومانية حيث التعبير الديمقراطي الفردي تجسّده شبكة الإنترنت، وحيث تنحصر إمكانية التغيير في المشاريع الصغيرة التي تعد بتجاوزات لحظوية متلاشية للاضطهاد المؤسسي، كالقيام بتظاهرات لحقوق المثليين بديلاً من حقوق العمّال، والتمركز حول نظرة ثقافوية جوهرانية للآخر، نذكر منها على سبيل المثال خطابات الثقافة التي درجت أخيراً في لبنان من ثقافة الحياة وثقافة الموت وثقافة المقاومة، بدلاً من الاهتمام بالاستغلال الطبقي وازدياد الهوة المادية بين الفقراء والأغنياء. إلّا انّه، منذ 11 أيلول 2001، تعرّضت تلك النظرة إلى ضربات عدّة على مختلف المستويات التفسيرية كانت آخرها تسريبات ويكيليكس.

ويكيليكس وأزمة «ما بعد الحداثة» الثالثة
أوّل الغيث بعد كتاب نيغري وهارت كان أحداث 11 أيلول عام 2001. وقد نتج من ذلك بدء مسلسل «الحرب على الإرهاب» على يد «الكاوبوي» الأميركي، ثم احتلال أفغانستان والعراق الذي يستمرّ حتى اليوم. عنى ذلك أنّ الأمبريالية الأميركية كانت موجودة دائماً رغم كلّ التورية الأيديولوجية التي تتكلّم عن قدوم عالم وإنسان جديدين. كذلك عنى أيضاً أنّ كلّ الكتابات عن عصر «ما بعد أيديولوجي» كانت محض هراء، وخصوصاً بعدما أصبحت الدمقرطة التي تجري عبر المسدّس الأميركي الحجة الأولى التي تُحتلّ من أجلها الدول وتُباد من أجلها الشعوب. رغم كلّ شيء، فإنّ بعض مريدي الما بعد حداثوية رأوا أنّ الولايات المتحدة تؤدي دور الشرطي العالمي لتحافظ على «المواطنة المعولمة» ممّا يسمّى الإرهاب والإرهابيين. لكنّ احتلالَي العراق وأفغانستان كانا، ولا يزالان، منهِكَيْن للقوّة العسكرية الأمبراطورية، وذلك مع اشتداد المقاومة هناك، فلم تعد تلك القوّة تقدر أن تفعل ما تريد حيثما تريد. كان هذا أوّل فشل مباشر وعملي للتخيّل الما بعد حداثوي للأمور على المستويين السياسي والعسكري.
أما المستوى الثاني الذي جرى فيه تجاوز النظرة الما بعد حداثوية للعالم، فكان الأزمة الاقتصادية العالمية التي تهزّ الكرة الأرضية كلّها منذ عام 2008. فالمنظّر الما بعد حداثوي لا يعنيه أيّ تحليل مادّي أو اقتصادي للعالم. إنّه يهرب من ذلك عبر اعتناق النيوليبرالية الاقتصادية «الموجودة بالفعل» لأنّه يتجاهل أهميّة النقد الماركسي. ليس ذلك لأنّ لديه الحجة الدامغة على تفوّقها على الاشتراكية مثلاً، بل لأنّه يكره كلّ أنواع الحدود، وخصوصاً تلك التي تُفرض على حركة الرأسمال. لقد حدا ذلك بالناقد الأدبي الأميركي فريدريك جايمسون إلى القول إنّ الما بعد حداثوية ليست إلّا الأيديولوجيا المهيمنة للنظام النيوليبرالي، أي أنّها رجعية في أساسها وبدون أيّ محتوى تحريري. إنّها تورية للنيوليبرالية المتوحشة وهيمنة الأمبريالية الأميركية تحت ستار مقولات سمعناها مراراً مثل «العولمة المفيدة للكلّ» وقدوم عصر «القرية الكونية».
أما ما يحدث اليوم مع «ويكيليكس»، فيمكن القول إنّه يسجّل الأزمة الثالثة والأعمق لما بعد الحداثة، التي قد تكون الأخيرة قبل أفولها التام. نكون أمام أزمة وجودية حقيقية، عندما تنتشي وسائل إعلام كوربوراتية مثل «فوكس نيوز» الأميركية، التي يفترض بها أن تكون من أعمدة القرية الكونية المنشودة، بتسليم أسانج نفسه، بينما أسامة بن لادن، العدو المفترض للأمبراطورية، حرّ طليق. كذلك هي أزمة عميقة لكلّ من ينظّر لعالم أميركي جديد حين تطالب النخب الأميركية، الديموقراطية منها والمحافظة على حدّ سواء، وبنحو هستيري، بإغلاق ويكيليكس بينما معتقل غوانتانامو لا يزال مفتوحاً على مصراعيه.

الدخول إلى أحشاء الأمبراطورية
تجسّد ويكيليكس، استثنائياً، حقيقة ديموقراطية العالم الما بعد حداثوي المفترضة، إذ يقال لنا إنّ الإنترنت له القدرة التحريرية نفسها التي تملكها محكمة ثورية هي تحت إمرة أطراف أصابع كلّ منا. يختفي كلّ ذلك فجأة عندما يهدّد الإمبريالية العالمية مبدأ «ديمقراطية المعرفة» الذي بُنيَ عالم ويكيليكس الافتراضي على أساسه جدّياً. لاحظوا أنّه لم يعد هناك من تفسيرات وتعبيرات أيديولوجية أخرى بديلة لشرح ما يجري مع ويكيليكس غير استعمال كلمات مثل إمبريالية والطبقة الرأسمالية العالمية المسيطرة. لقد عادت تلك المفاهيم التفسيرية بنحو تلقائي ومظفر. يشرح كلّ ذلك مقدار عمق أزمة الأيديولوجيا السائدة اليوم. لقد اختفى فجأةً الكلام عن توازي السرديات وتعدد الثقافات والديموقراطية بنسختها الأميركية، وأصبح السيناتور جو ليبرمان رئيس هيئة شؤون الأمن القومي والشؤون الحكومية يريد محاكمة صحيفة «نيويورك تايمز» لأنّها نشرت الوثائق. كذلك توم فلاناغان، مساعد وزير خارجية كندا، نادى بالتخلّص من جوليان أسانج قتلاً! كلّ ذلك لأنّ أسانج يعرّض «الأمن القومي الأميركي» إلى الخطر، أي أمن أمبراطورية حقيقية تمتدّ عبر الكوكب بأسره، عندما يفضح هذا الأخير كلّ مراسلات الدبلوماسية الأميركية من 1966 حتى اليوم على الملأ، وهي كميّة تعادل نحو 3000 كتاب.
إنّ ما يحدث اليوم هو الدخول عنوةً إلى أحشاء الأمبراطورية لا لتهديد المصالح الآنيّة للأمبراطورية وحسب، بل هناك أيضاً وعد بتعرية كلّ الأيديولوجيا التي تبثّها الولايات المتحدة وحلفاؤها الى «الآخر» -عبر وسائل الإعلام الكوربوراتية والمنظّمات غير الحكومية التي تموّلها US AID وخبراؤها ومثقّفوها عبر العالم. نتكلّم خصوصاً عن هؤلاء المثقفين الذين يمكن شراؤهم والمستعدّين لتسويق مفاهيم جديدة تختارها الخارجية الأميركية كالمبادرة الحرّة والحوكمة والدمقرطة. إنّ كلّ ذلك سينهار تدريجاً إذا تمكّن الكلّ، عبر إنترنت ديموقراطي ولأوّل مرّة، من النظر الى كل الملفّات التي يحتفظ بها أمير ماكيافللي حول أمور مملكته الراهنة. هذا أمر غير مسبوق في التاريخ، ولا يجوز التخفيف من شأنه.

أسانج والإنسان الما بعد حداثوي
يمكن القول إنّ أسانج يجسّد ماهية الإنسان الما بعد الحداثوي بنحو مثالي. إنّه ذلك الصحافي الأسترالي الذي يقضي وقته متنقّلاً بين أوروبا والقارة الأميركية عابراً للحدود الجغرافية للدولة الوطنية كلّ الوقت. وموقع ويكيليكس وفلسفته عن «الصحافة العلمية» التي تتعهّد إبراز وثائق رسمية عن أخبارها، التي مثّل لها أسانج الرمز منذ أربع سنوات حتى اليوم، ليس رمزاً عابراً لفضاء الإنترنت فقط، بل هو أيضاً في قلب عالم «الإشارات والتحوّلات» الافتراضي الذي يثير بهجة الما بعد الحداثويين المستمرّة. صرّح أسانج في بيانه الأخير بأنّه يؤمن بمبدأ «الحرب العادلة» التي «تضطر بعض البلدان إلى القيام بها أحياناً»، وهذه من الأفكار التي حاولت الأمبراطورية دوماً تسويقها، مما يدلّ على أنّ اسانج، بطريقة من الطرق، هو نتيجة تلك الأيديولوجيا المهيمنة نفسها.
ومن الواضح أنّ «المواطنية العالمية» التي تكلّم عنها نيغري ليس جائزاً لها إلّا أن تكون افتراضية، فمن غير المسموح أن تسبب هذه تحوّلات مادية للعالم كما يحدث مع ويكيليكس-أسانج. المسألة كلّها هي أنّ ديموقراطية «ما بعد الحداثة» التحريرية كانت دائماً وهماً افتراضياً محصوراً بمساحة تعبير كوربوراتية تتحمّل جزءاً من النقاش الذي يدور في الفضاء العام وليس كلّه حتماً. لكن في المرّة الوحيدة التي شَخْصَن فيها أسانج تلك المواطنة الما بعد حداثوية عبر وثائق ويكيليكس، فتحوّلت إلى حقيقة مادية، نجدها تتعرّض للسقوط بعد الهجوم عليها من مختلف أطراف الأمبريالية العالمية! أيّ إنّ لحظة ظفر الإنسان الما بعد الحداثوي بامتياز، هي نفسها لحظة سقوط ذلك الإنسان عندما قُبض عليه في إنكلترا على شاشات التلفزة. يمكن القول حينها إنّ أيديولوجيا ما بعد الحداثة -عبر ويكيليكس- تموت يومياً ميتةً حداثية أكثر من ذي قبل. إنّها استحالة انّ يتمكن الأمبراطور من المشي بينما تُمزّق ثيابه كلّ يوم، بنحو استعراضي أمام جماهير «السواد» النيغروية المتفرّجة. بل سنكتشف خلال التسريبات «الويكيليكسية» أنّ السردية الوحيدة الممكنة والشاملة حكماً لأكثر لحظة ما بعد حداثوية في التاريخ، ستكون في الوقت نفسه مجرّد إثبات آخر على حداثة رأسمالية تحتويها وتفسّرها.

ويكيليكس والعلاقات الدوليّة
من يتابع تقارير الدبلوماسيين الأميركيين المسرّبة يلاحظ أنّ معظمها أقرب إلى رسائل تجسّس منها إلى رسائل دبلوماسية. من نصوص تفصّل مجون ليالي أفراد العائلة المالكة السعودية، إلى أخرى تشي باهتمام كامل بمصالح شركة «شل» في نيجيريا وصولاً إلى طلبات من الوزيرة هيلاري كلينتون من دبلوماسييها تجميع كل ما يمكنهم من معلومات عن موظفي الأمم المتحدة. يبدو أنّ جزءاً لا يتجزأ من وظيفة الدبلوماسية الأميركية هو العمل الاستخباري على مدار الساعة في كل الحقول الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية في أيّة بقعة من الأرض. يمكن الاستنتاج من ذلك أنّ حقل العلاقات الدولية في تصوّراته لنفسه، الأكاديمية والأبستيمية، سيتغيّر عميقاً بعد تسريبات ويكيليكس الأخيرة، فمن جهة أولى يبدو واضحاً أنّ كلام الدبلوماسية العلني لا علاقة له بما يجري على الأرض، وهذا له ترتيبات خطيرة حين يتوقّف الشعب عن تصديق أكاذيب حكوماته أو حين يعي محلّلو العلاقات الدولية كم أنّ المسألة تتعلّق بالمصلحة المباشرة للمركز باستغلال الأطراف وتبعية تلك الأطراف الاقتصادية للطبقة السياسية الرأسمالية الأمبراطورية المسيطرة (فجأة نجد أنفسنا «ننزلق» مجدّداً لنستعمل مفاهيم ماركسية!) عندما نقرأ مثلاً برقية هيلاري كلينتون عن المصالح الاقتصادية الحيوية في العالم بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية. يبدو واضحاً، من جهة ثانية، أنّ الغياب المنهجي السائد اليوم في حقل العلوم السياسية لدراسة العلاقة المادية بين الطبقات المسيطرة على المركز وتلك المهيمنة داخل دول الأطراف هي من الأسباب التي يمكن أن تفسّر ابتعاد التحليلات السياسية للوضع الدولي عن الذي نقرأه في الوثائق المسرّبة. أخيراً، من شأن ويكيليكس أن تحيل كلّ محاولة تفسير للعلاقات الدولية والتصرّف الأمبراطوري إلى قراءة ماركسية ذات تفسيرات مادية الطابع للظواهر بدل المثاليات الإبستيمولوجية التى يُلجأ إليها عادة لتفسير الأحداث الدوليّة.

الأمبراطورية لا تتآمر على نفسها
لعلّ ما يثير الاهتمام في العالم العربي هو توالد نظريات المؤامرة حول أسانج وويكيليكس. فيكتب أمين حطيط في جريدة “السفير” (9/12/2010) بكل ثقة «إنّ نظرة على هذا المشهد في مضمونه وتتابع حلقاته تؤدي بالعاقل المتبصر إلى القول بنحو ليس فيه حرج، إنّ من سرب الوثائق هي أميركا نفسها وليس في العمل سرقة أو سطو أو… إلخ، بل هو تسريب منظّم يرمي فاعله إلى تحقيق أهداف خطط لها.. والآن قد نسأل من المسرِّب؟ الأرجح أن المسرِّب هو جهاز السي. آي. إيه».
فعلاً نسأل كيف يمكن «عاقلاً متبصّراً» القول إنّ أميركا أفشت من تلقاء نفسها كلّ أسرارها، مما سبّب أكبر أزمة دبلوماسية لها في التاريخ؟ وأنتج ذلك أيضاً كوارث في العلاقات الدولية بين ليلة وضحاها كالتوتّر القائم الآن مع روسيا بعد الكشف عن خطط أميركية لمواجهة هجوم روسي على بلدان البلطيق، أو حين يعرف الأفراد في العالم العربي أنّ المملكة العربية السعودية كانت تتآمر ضد المقاومة اللبنانية وتطلب اجتياح أميركا والحلف الأطلسي للبنان؟ أمّا النسخة الناعمة والمتحذلقة بعض الشيء لنظرية المؤامرة، فنرى لها مثالاً عند فاضل الربيعي الذي كتب على موقع “الجزيرة” أنّ ويكيليكس هي بمثابة «الدويلة الافتراضية» التي اختُرعت لتشنّ هجومها في أيّ وقت وأيّ زمان. ويفسّر ذلك على أنّه محاولة لزعزعة النظام العالمي بسبب نشوء «فاشية أميركية جديدة» موجّهة ضد أوروبا، لأنّ معظم الوثائق برأيه «جاءت لتمس الصميم وعلى وجه التحديد وزارة الخارجية وأطقمها الدبلوماسية في أوروبا والشرق الأوسط». وكتب: «يدور نقاش حقيقي في الأوساط العسكرية والأكاديمية حول ظروف تحوّل الولايات المتحدة إلى دولة فاشية، وهناك من يرتئي أنّ العقيدة الفاشية هي العقيدة الوحيدة التي تناسب القوة الأعظم».
لا يخبرنا الربيعي من اخترع «دويلة ويكيليكس»، ولمصلحة أيّ فاشية تلك التي تعرّض كل المصالح الأمبراطورية دفعة واحدة؟ أليست الولايات المتحدة والناتو فاشيّين كفاية اليوم؟ ثم إنّ استعمال كلمة «الدويلة» المشتقّة من كلمة الدولة، واستعادة فترات تاريخية للمواءمة السطحية، إنّما يشير إلى تحليل اعتباطي وتعميمي لمرحلة من التاريخ تختلف عمّا يحدث اليوم. لقد ظهرت الفاشية في دولة معيّنة هي إيطاليا كانت فيها طبقة حاكمة رأسمالية كوربوراتية تستميل الفقراء عبر خطاب شعبوي وسيطرة بوليسية لتجنيدهم في حروب ضد الآخر الأوروبي. إلّا أنّ كلام الربيعي هو افتراض وجود صراع ما بين النخب الأمبريالية الأميركية والأوروبية، وهذا ما لا دليل عليه اليوم. وحتى لو كان ذلك صحيحاً، فإنّه لا يشبه وضع إيطاليا الفاشية من قريب ولا من بعيد.
إنّ المثالين أعلاه يشيران إلى أزمة أساسية في نظريّات المؤامرة التي تتعلّق بالنظرة إلى الغرب على أنّه كلٌّ يهجم على كلٍّ آخر هو العرب، أنظمةً وشعوباً، لا حول لهم ولا قوة. إنّها تنكر وجود مقاومين للأمبراطورية كما لدينا نحن ولو بأشكال ودرجات مختلفة. كذلك هي تعظّم الغرب إلى نقطة لا جدوى بعدها من المقاومة. إنّها لا تعدو كونها احتقاراً معاكساً لقدرة البشر العاديين أينما وُجدوا على مواجهة الهيمنة والظلم، ربما لأنّ البعض لا يعتقد أنّ هناك من هو مستعدّ اليوم لدفع ثمن غال مقابل الحفاظ على مبادئه مثل أسانج.

ليس «كلّه صنيعة إسرائيل»
إحدى أغرب الكتابات عن ويكيليكس كانت بقلم الكاتب ساطع نور الدين في جريدة “السفير”، ويبدو أنّه لم يشاهد محطّة “الجزيرة” حين سرّبت الوثائق العراقية سابقاً ولم يقرأ الوثائق التي نشرتها «الأخبار» حصرياً، فكتب «إنّ ما يرقى إلى مستوى الإهانة للإعلام العربي، وتالياً للثقافة العربية، ألّا يتحرش موقع ويكيليكس بأية مطبوعة أو محطة تلفزيونية عربية ناجحة أو واسعة الانتشار على الأقل، ليعرض عليها مثل تلك البرقيات» (4/12/2010). وكتب نور الدين أيضاً: «بغضّ النظر عن سذاجة مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج الذي أشاد برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي رأى أنّ نشر البرقيات الدبلوماسية الأميركية خدم السلام في الشرق الأوسط». يغفل نور الدين ذكر سبب الارتياح الإسرائيلي النسبي لويكيليكس، وهو إظهارها تحالف قيادات بعض الأنظمة العربية العلني مع إسرائيل والولايات المتّحدة ضدّ إيران. كذلك يجب وضع الأمور في نصابها عند النقاش، فأسانج ليس الرفيق وديع حداد، بل هو مثال الليبرالي الغربي الذي يرى أنّ إسرائيل تنتمي إلى أوروبا بسبب عقدة الهولوكوست. ونشير بالمناسبة إلى أنّ نتنياهو نفسه كان قد صرّح غداة 11 ايلول 2001 بأنّ ما حدث هو لمصلحة إسرائيل، فلماذا لم نستنتج حينها أنّ إسرائيل هي من دمّر البرجين؟
إنّ إحدى الحجج الأساسية التي يستعملها منظّرو المؤامرة هنا هي أنّ إسرائيل لم تتأثّر بالبرقيات المسرّبة، فيستنتجون حينها أنّ أسانج هو عميل للموساد. يمكن الردّ على ذلك بالقول أوّلاً، إنّ البرقيات التي نُشرت ليست إلّا جزءاً ضئيلاً من ربع مليون وثيقة موجودة وسنرى حتماً ما يتعلّق بإسرائيل في المستقبل. يمكن، ثانياً، استعارة تفسير بول كريغ روبرتس، مدير تحرير صحيفة «وول ستريت جورنال» السابق وسكرتير مساعد سابق لخزينة الولايات المتحدّة، الذي كتب «إنّ الشائعة عن أنّ أسانج عميل للموساد تبثّها الاستخبارات الخارجية». وشرح أنّ تحفّظ الدبلوماسيين الأميركيين في برقياتهم على التجسّس على إسرائيل قد يكون مردّه أنّ هؤلاء لديهم كبت حقيقي بكل ما يتعلّق بالدولة العبرية خوفاً من اتّهامهم باللّاسامية والعداء لها من جهة، ولرغبتهم بإرضاء رؤسائهم عبر إسماع هؤلاء ما يرغبون بسماعه، وذلك يفسّر أيضاً بعض الأخطاء التي وردت في بعض البرقيات.

الحقيقة الماركسيّة والعمل اللينيني
تكشف لنا ويكيليكس صحّة التحاليل الماركسية بشأن الرأسمالية بوجهها النيوليبرالي المهيمن في المركز الأمبراطوري، أي مجموعة مصالح الرأسمالية الأميركية والرأسمالية الأوروبية التي تستعمل الذراع العسكرية الأميركية والناتو لاقتسام موارد الجنوب. إنّها بساطة الحقيقة الثورية بمعناها الماركسيّ. لكنّ الحقيقة وحدها لا تكفي، انّما العمل على إنشاء واقع بديل هو مهمّة اليسار العربي والعالمي الضعيف والمتثائب اليوم. العمل بالمعنى اللينينيّ الذي نكاد أن نكون قد نسيناه، هو ما نحن بحاجة إليه اليوم. إنّ مهمة اليساريين في العالم هي استغلال انحدار القوة الأمبراطورية لأميركا وحلفائها لإنشاء بديل منظّم يستطيع طرح برنامج ثوري عملي على كلّ الصعد، بدل الإغراق في التحاليل المؤامراتية الذي هو من جهة محاولة تبريرية ضمنية لعدم عمل أيّ شيء فعّال، ومن جهة اخرى لكتم صوت كلّ من يحاول أن يقول عكس ذلك.
الحقيقة اليوم أسطع من الشمس مع ويكيليكس، فأين اليسار ومهمّته التغييرية في العالم العربي والعالم أجمع؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قراءة في كتاب ( الهيمنة أو البقاء)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب: الهيمنة أم البقاء
» كتاب "الهيمنة أم البقاء" لـ نعوم تشومسكى
» كتاب : الهيمنة ام البقاء - السعي الامريكي الى السيطرة على العالم
» قراءة في كتاب فن الحرب
» "عالم أحادي الأبعاد": قراءة مغايرة لتأثيرات الهيمنة الأمريكية في النظام الدولي داريو باتيستيلا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ********قسم القراءة في كتاب********** :: (عام)-
انتقل الى:  
1