منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
 حق التدخل الإنساني Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
 حق التدخل الإنساني Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
 حق التدخل الإنساني Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
 حق التدخل الإنساني Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
 حق التدخل الإنساني Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
 حق التدخل الإنساني Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
 حق التدخل الإنساني Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
 حق التدخل الإنساني Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
 حق التدخل الإنساني Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
 حق التدخل الإنساني Ql00p.com-2be8ccbbee

 

  حق التدخل الإنساني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

 حق التدخل الإنساني Empty
مُساهمةموضوع: حق التدخل الإنساني    حق التدخل الإنساني Emptyالإثنين نوفمبر 12, 2012 12:58 am

تمهيــــد:

عرف مفهوم " حق التدخل الإنساني" كآلية لحماية حقوق الإنسان، تطورا مستمرا
في إطار الفقه الدولي و على مستوى الممارسة الميدانية له في واقع المجتمع الدولي.
و قد اختلفت نظرة الفقه الدولي لهذا المفهوم، باختلاف المدارس الفقهية التي عرفها
المجتمع الدولي عبر مختلف مراحل تطوره، و تنوعت هذه المواقف الفقهية، بتنوع منابع و توجيهات الفقهاء اللذين تناولوا هذا المفهوم بالبحث و التحليل سواءا بالدعوة إليه، أو بمعارضته، و صدرت بعض المواقف الفقهية حول هذا المفهوم، في بعض الحالات ، لإظفاء الشرعية على الممارسات الميدانية لظاهرة التدخل المبرر بإغراض إنسانية، و هي الممارسات التي لم تتوقف عبر التاريخ، رغم تطور القانون الدولي و العلاقات الدولية لإتجاه تحريم التدخل في الشؤون الداخلية للدول و حظر إستعمال القوة في العلاقات الدولية.
من هنا كان لزاما علينا معرفة مضمون "حق التدخل الإنساني" في إطار الفقه الدولي و على مستوى الممارسة الميدانية له.
المبحث الأول:
تطور "حق التدخل الإنسان" في ظل الفقه الدولي

تمهيـــد:
رغم أن التدخل الدولي لأغراض إنسانية هو ظاهرة ليست بالجديدة في واقع المجتمع الدولي إلا أن الفقه الدولي في عمومه لم يتفق بعد على وضع تعريف محددا لهدا المفهوم.
وتعود أسباب ذلك خاصة، إلى علاقة هده الظاهرة بمختلف فروع العلوم القانونية والسياسية والأخلاقية وغيرها، إلى جانب اختلاف منابع وثقافات فقهاء القانون الدولي وحضاراتهم التي تؤثر بشكل أو بآخر في مواقفهم من مفهوم التدخل لأغراض إنسانية، وبالتالي في تحديد التسمية الحقيقية له، أوفي تحديد مضامينه وتعريفه تعريفا مدققا، لذلك وبعيدا عن الإدعاء بقدرتنا على وضع تعريف لهدا المفهوم، فإننا سنحاول الانطلاق من نظرة الفقه الدولي عبر مختلف مراحل تطوره، علنا في النهاية، نتوصل إلى إيجاد عناصر مشتركة بين الاتجاهات الفقهية التي تناولت هدا المفهوم بالبحث والدراسة والتحليل.

لذلك فإننا سنقسم دراستنا في هذا المبحث، كما يلي:
- المطلب الأول: مفهوم التدخل الإنساني لدى فقهاء القانون الطبيعي
- المطلب الثاني: مفهوم التدخل الإنساني لدى فقهاء القانون الوضعي
المطلب الأول:
"حق التدخل الإنساني" لدى فقهاء القانون الطبيعي
لقد ظهر مفهوم التدخل الإنساني، على المستوى النظري، منذ قرون مضت، في إطار الفقه الدولي القديم، خاصة لدى أصحاب مدرسة القانون الطبيعي، ليستغل خلال هذه المرحلة، من طرف رجال السياسة، لتبرير التدخلات التي تمت في ذلك الوقت، وإضفاء الشرعية على حملة الاستعمار التي قامت بها الدول الأوربية بداية من ذلك التاريخ،"ولقد ظهر حق التدخل مند القرن السادس عشر بعد الاكتشافات الكبرى،دلك أنه كان على كل أمير مسيحي واجبات إنسانية(...) وإذا لم يحترم دلك الأمير واجباته يكون على بابا الفاتيكان تذكيره بواجباته"( ) ومن ثم تطور هذا المفهوم ليصل إلى الشكل الجديد الذي يطبق في السنوات الأخيرة، خاصة مع نهاية ثمانينات القرن الماضي.
وهكذا، فإن نشأة هذا المفهوم، تعود أصلا، كما تعرض لها العديد من الفقهاء والمحللين، إلى رواد القانون الطبيعي، من الفقهاء الأوائل.
وقد ارتبط مفهوم "التدخل الإنساني"، بمعناه الواسع في إطار الفقه الدولي، بالتطورات والمراحل التي مر بها المجتمع الدولي، خاصة منذ بروز فكرة الدولة، ونظرية القانون الطبيعي، ونشأة مفاهيم حقوق الإنسان.
وقضية "حقوق الإنسان" التي تعتبر القاعدة الأساسية التي تقوم عليها الدعوة إلى مفهوم حق التدخل الإنساني، منبعها يتمثل في "تلك المفاهيم التي عبر عنها فلاسفة الغرب، عن وجود حقوق طبيعية مرتبطة بطبيعة الإنسان وأن هذه الحقوق غير قابلة للفصل عن طبيعة الإنسان."( )
وتتمثل هذه الحقوق تحديدا، في الحق في الحرية والمساواة وحياة كريمة والحق في الملكية الخاصة.
وقد تداول الفلاسفة منظومة المفاهيم هذه و"أدخلوا عليها تطويرا هنا وهناك ولكن بقي المنبع لهذه الفلسفة أصحاب ما عرف بمدرسة القانون الطبيعي"( ) وهم الذين يقولون بوجود " قانون طبيعي يسموا على كل شيء وأن الحقوق نابعة من هذا القانون ولذلك، فقد أطلق على حقوق الإنسان تعبير "الحقوق الطبيعية."( )
وانطلاقا من هذه الحقوق الطبيعية، ظهرت فيما بعد، منظومة من الحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد كان لنظريات فلاسفة مدرسة القانون الطبيعي، ثم لمختلف المدارس الفكرية التي ظهرت فيما بعد، بالغ الأثر في تطور حقوق الإنسان، وظهور مفاهيم عديدة لحمايتها، كمفهوم "التدخل الإنساني" الذي يشكل اليوم موضوع نقاش دولي.
وقد برزت أولى أثار هذه النظريات الفلسفية التي عرفتها أوروبا، بداية من القرن السابع عشر، في حدوث مختلف الثورات التي جاءت من أجل تغيير الأوضاع القائمة حينها، لتدفع بتطور المجتمع الغربي إلى الأمام، وذلك، بداية من ثورة انجلترا عام 1688م، والتي صدر عنها "قانون حرية التعبير" عام 1695م، ثم الثورة الأمريكية لعام 1776م، ثم الثورة الفرنسية عام 1789م."( ) ومن الفقهاء القدامى الذين تناولوا هذا الموضوع، ودعوا إليه، نجد كل من (فرنسيسكو.دي.فيتوريا) عالم الديانة الإسباني، الذي ظهرت على يده المدرسة الطبيعية (1480-1546)، ثم تلاه كل من (سواريز) (1548-1617)، والفقيه الهولندي (غروسيوس) (1583-1645)، والفيلسوف الألماني (صموئيل بوفندورف) (1632-1694)، وقد قام هؤلاء المفكرين، بثورة فكرية في مجال القانون الدولي والعلاقات الدولية، وتناولوا مفهوم التدخل لأغراض إنسانية، من منظور يكاد يكون موحدا فيما بينهم، حيث أنهم أيدوا استعمال هذا المفهوم في العلاقات الدولية، عندما اعتبروا عموما، أن "التدخل باللجوء إلى القوة، يعتبر مبررا، عندما يتعلق الأمر، بالدفاع عن الحقوق الأساسية للأفراد.( )
وقد انطلق هؤلاء الفقهاء في استنتاجهم هذا، من فكرة مفادها أن:" كل القوانين الإنسانية، تستمد من وتابعة لقانون الإله".( ) وبتعريفهم هذا، فإن القانون الطبيعي يصبح "المرآة العاكسة للحضارة، أي الحضارة الغربية والتي يتعين على أوروبا نشرها في العالم."()
ومن التعريفات التي جـاء بها هؤلاء الفقهاء، رواد مدرسة القانون الطبيعي، نذكر ما ذهب إليه الفقيه(فــيتوريا) الذي استند عند حديثه عن نظرية "التدخل لصالح الإنسانية" إلى مفهوم "الحرب العادلة " التي كرسها من قبله، كل من القديس (أوغستين)، والقديس (توما الأكويني) في فكرهما على التوالي.
وقد ذهب (فـيتوريا) في هذا الإطار، ليؤكد "بأن معاملة ملك ما لرعاياه بصورة مجحفة، وغير عادلة، تسمح للملوك الآخرين باللجوء إلى عمل عسكري، ضد الملك المضطهد لرعاياه."( )
أما العلامة الهولندي الشهير (غروسيوس)، فقد كتب في مؤلفه "في قانون الحرب والسلم" مقررا "حق الإمبراطور الروماني (قسطنطين) CONSTANTIN)) في حمل السلاح ضد كل حاكم يمارس على رعاياه فضائع لا يمكن أن يتقبلها أي إنسان عادل، وكذا حق الأباطرة الرومان الآخرين في حمل السلاح أو التهديد بحمله ضد الفرس الذين لا يكفون عن اضطهاد المسيحيين بسبب دينهم."( )
وعن الفقيه السويسري (إمريخ – دوفاتيل) (1714-1767) الذي ألف كتاب بـعنوان (قـانون الأمم) سنة 1758م، وميز فيه بين القانون الداخلي للأمم، والقانون الخارجي، فإنه يقول: أن "كل الأمم، لها الحق في أن تعاقب بالقوة (الأمة) التي تنتهك علنا القوانين التي وضعتها فيما بينها، مجموعة الأمم" ( )()

المطلب الثاني:
مفهوم التدخل الإنساني عند فقهاء القانون الوضعي
استقبل الفقه في القرن التاسع عشر مبادرات فقه "القانون الطبيعي" في شأن "الحق في التدخل الإنساني " بالترحاب. ففي هذا القرن، بدء التيار الفقهي ذو النزعة الطبيعية يتراجع، إلا أن ذلك لم يؤدي إلى عدم بروز العديد من المحاولات الفقهية الرامية لتحديد الأسباب الإنسانية التي تجعل من التدخل العسكري مبررا، بل وإضفاء الشرعية عليه.
وبالرجوع إلى تاريخ هذه التبريرات، فإننا نجد أن التدخل الفرنسي في سوريا، سنة 1860م، شكل إحدى المنعرجات التي أدت إلى ظهور المبررات الداعية إلى إضفاء الشرعية على التدخلات العسكرية لاعتبارات إنسانية.
وقد دافع عن هذه الفكرة، أي فكرة "التدخل لصالح الإنسانية" العديد من فقهاء المدرسة الوضعية آنذاك مثالSadبلنتشلي) ((BLUNTSCHLI، (فيور) ((FIORE، و(رولان-جاكو مينز) (ROLIN–JACQUEMYNS) ......الخ.( )
حيث يرى (جاكو مينز)، أن "الدول العظمى والقوية يتوجب عليها ممارسة التدخل في كل حالة تنتهك فيها مصلحة الإنسانية، وأن هذا الالتزام أو الواجب، قائم على أساس قانوني وأخلاقي."( )
أما (أوبنهايم) فقد كرس في كتاباته فكرة " الرأي العام الدولي " في إطار "التدخل لصالح الإنسانية". وقد منح ( أوبنهايم )، في الحالة التي يتعرض فيها مواطن ودولة معينة إلى معاملة قاسية، ومخالفة لمبادئ الإنسانية، للرأي العام العالمي إمكانية حث الدول الكبرى للتدخل بهدف إرغام الدولة المعنية على إقامة نظام قانوني، يحمي مواطنيها ويتفق مع مبادئ الحضارة المعاصرة داخل حدودها الإقليمية.( )
إلا أن تطور مفهوم "التدخل لصالح الإنسانية" أكثر فأكثر، جاء على يد الفقيه (أنطوان روجييه) ((A.ROUGIER ، الذي "يعتبر بحق المنظر لهذه النظرية" ( ) مع بداية القرن العشرين.حيث أكد هذا الفقيه، على "أن الدول قد غدت واعية اليوم – وبصورة متزايدة- بأنها ليست منعزلة عن غيرها، فهي إذا كانت تتمتع بالاستقلال الكامل وبالحرية التامة داخل حدودها الإقليمية، فأنها في الوقت ذاته، أعضاء في المجتمع الدولي، فالدول تقع على كاهلها الواجبات ذاتها في مواجهة الأفراد، مما يدفع المجتمع الدولي لأن لا يتسامح البتة مع الممارسات الفظيعة التي قد تصدر عن حكومات بعض الدول، فلم يعد هناك اليوم مجال لأي مجتمع لا تحكمه العدالة، ولا ينظمه القانون."( ) وقد جاء الفقيه (روجييه)، بعد حوالي قرن ونصف من ظهور المدرسة الطبيعية، ونظر لمفهوم حق التدخل لصالح الإنسانية، من خلال ما كتبه في " مجلة القانون الدولي العام " في إطار دراسة له احتوت على أكثر من مائة صفحة، يقول فيها عن هذا التدخل بأنه " هناك مبالغات في الوحشية – ((SAUVAGERIE- التي تظهر غير قابلة للتسامح في ضمير الشعوب الأوروبية وأن شعوب أوروبا، لهم ليس فقط الحق، بل أيضا واجب منع مثل هذه التجاوزات" مضيفا بأنه، " لكل دولة أن تمارس رقابة دولية على أعمال السيادة الداخلية لدولة أخرى، تكون منافية لقوانين الإنسانية."( )()
وقد اعتبر نفس الفقيه، أن "انتهاك الحقوق الأساسية لوحده يمثل مبررا للتدخل."( ) وذلك بعدما حدد هذه الحقوق بقوله "تتمثل حقوق الإنسان، في الحقوق التي تعلوا على كل تنظيم سياسي، وتوضع تحت ضمانة كل الأمم، وتفرض على كل مشـرع، وتتلخص في فكرتين أساسيتين : الحق في الحياة، والحق في الحرية".( )
أما الفقيه ( أرنتز) (ARNTZ)، فإنه يتناول موضوع التدخل الإنساني، بقوله: "عندما تنتهك حكومة ما، حقوق الإنسانية، بمبالغتها في اللاعدل، والترهيب، اللذان يمسان بمعتقداتنا، وحضارتنا، حتى وإن كانت هذه الممارسة تدخل في حدود حقوقها السيادية،فإن التدخل يكون مشروعا".( ) ()
ويتضح من هذا التعريف، أن الفقيه (أرنتز) حاول تبرير التدخل، وإضفاء الشرعية عليه، باعتماده على معيار واحد، هو "انتهاك حقوق البشرية" لكنه استعمل المعتقدات والحضارة التي ينتمي إليها هو كمرجعية لهذا المعيار، وبذلك، فهو لم يختلف عن زميله (روجييه)، عندما انطلق من "ضمير الشعوب الأوروبية" ليكيف بعض الأعمال على أنها تتنافى وهذا الضمير، مما يتطلب التدخل، وهذا ما يجعلنا نقول، بأن كل من نظرية (أرنتز)، و(روجييه)، هما نظريتان ضيقتا النظر ومتحيزتان، لكونهما تحسران مرجعية احترام حقوق الإنسان في معتقدات وضمير المجتمع الغربي، دون غيره من المجتمعات، مما يهمش ويستبعد معتقدات وخصوصيات الحضارات الأخرى. وهذا دليلا على مرجعية الدعوة إلى " التدخل الإنساني"، بمفهومه المتجدد في وقتنا المعاصر.
أما فكرة " التدخل الإنساني" في إطار الفقه الدولي المعاصر، فلم تجد لها طريقا، بصورة مكثفة وعملية، إلا مع بداية سنة 1968، وبالتحديد، أثناء الحرب الأهلية النيجيرية (BIAFRA) حيث تولدت هذه الفكرة، " كرد فعل على الانتهاكات المرتكبة ضد بعثات المساعدة الإنسانية."( )
وفي هذا الإطار، فقد تبلورت هذه الفكرة وأعيد إحياءها من خلال مجهودات عدد من ممثلي بعض المنظمات غير الحكومية، من أمثال (برنار كوشنير)، وزير الصحة الفرنسي سابقا، الذي كان يترأس منظمة "أطباء بلا حدود" وهي منظمة غير حكومية، الذي أكد على أن " الحق في التدخل الإنساني" يستند إلى مقتضيات أخلاقية تجعل منه معادلا منطقيا لواجب التضامن مع الضحايا والمضطهدين"( )
وقد تلقى جانب من الفقه، فكرة "الحق في التدخل الإنساني" بعين العرض والقبول"( ) ودعى إلى إنشاء قاعدة قانونية جديدة، تسمح بتجاوز رضا وقبول الدول في حالة وجود واجب تقديم المساعدة الإنسانية.
ومن بين أهم الفقهاء الذين نادوا بـ "حق التدخل الإنساني" وتحمسوا إليه كثيرا، الفقيه الأستاذ (ماريوبيطاطي)، الذي يعتبر نفسه بأنه صاحب المبادرة في الدعوة إلى هذا المفهوم، رفقة رجل آخر، ينتمي إلى السلك الطبي، ووليد العمل الإنساني، إلى جانب كونه رجل سياسة، ويتعلق الأمر هنا، بالدكتور (كوشنير) من فرنسا، كزميله (ماريوبيطاطي) أستاذ القانون الدولي .
والواقع، إن الأستاذ (ماريوبيطاطي) لم يشرع في الدعوة إلى مفهوم "حق التدخل الإنساني" بشكله الجديد: (حق وواجب) ابتداءا من نهاية الثمانينات من القرن الماضي، كما تذهب إليه العديد من البحوث والتحليلات، بل أن توجه (ماريوبيطاطي) في الدعوة إلى هذا المفهوم، بدأت منذ 1980، من خلال ما نشره في جريدة ( لوموند- ديبلوماتيك) لشهر أفريل 1980، تحت عنوان " واجب مساعدة الشعوب في خطر" حيث ذهب هذا الأستاذ إلى القول بأن "مبدأ عدم التدخل، كان يسعى إلى حماية الدول الصغرى ضد هيمنة الدول الكبرى، وتوسعها العسكري، أو سيطرتها السياسية، وأصبح الآن، يحمي أيضا، الأنظمة الاستبدادية، حين تريد إخضاع شعوبها،وتعذيب مثقفيها أو نفي المعارضين لها." ( )
ويرى هذا الأستاذ أن هناك حالات "يجوز فيها التدخل مدنيا وسياسيا، لإنقاذ الأشخاص المعرضين للخطر، وأن مثل هذا التدخل لا تنقصه الأسانيد القانونية، نتيجة العمل في إطار الأمم المتحدة، كما أن هذا التدخل لا يشكل خطرا على سيادة الدولة." ( )
وقد عمل هذا الفقيه، بعد ذلك، كل ما لديه من مجهودات علمية وفكرية، لمحاولة إدماج هذا المفهوم ضمن إطار القانون الدولي والعلاقات الدولية، معتمدا في ذلك، على موقف بلاده (فرنسا)، اتجاه هذا المفهوم، والذي كان مؤيدا له، والمواقع السياسية التي احتلها هو وزميله في الدرب، الدكتور (كوشنير) لتمرير مثل هذا المشروع. وفي هذا الإطار، يعتبر الأستاذ (بيطاطي)، أن مصادقة الأمم المتحدة على القرارين 43 /131 و45/100 الصادرين على التوالي، سنة 1988 بالنسبة للأول، و1990 بالنسبة للثاني، يعد انتصارا في هذا المجال، وتوجها جديدا للمجتمع الدولي نحو تكريس "حق التدخل الإنساني".( )
ومن الفقهاء الذين تناولوا مفهوم حق التدخل الإنساني أيضا، الأستاذ (شارل-زوربيب) الذي من خلال طرحه لعدة أسئلة، يعرف "حق التدخل الإنساني"، على أنه "الحق في إغاثة ضحايا كل الكوارث، عبر الحدود." ( )
وهكذا يتبين من الاجتهاد الفقهي والنقاش الدولي حول هذا الموضوع، أنه على المستوى الفقهي، وخـاصة الفرنسي منه، فإن كل من الأستاذ (مـاريو بـيطاطي)، و(شارل زوربيب)، من خلال أعمالهم الحديثة (كتابات، وملتقيات)، يظهر أنهما من أحسن ممثلي التيار الفقهي التدخلي " لأغراض إنسانية ".
إلا أن هذا الموضوع، لم يكن حــكرا على هؤلاء، بل شكل مادة خام لنقاش دولي مكثف، سواء عند السياسيين، أو القانونيين، أو العاملين في الحقل الإنساني.
ومن المحللين الذين تناولوا هذا الموضوع، نذكر(ميخائيل – مازار) الذي يعرف هذا المفهوم، في كونه: "عملية عسكرية، يكون الهدف منها، تخفيف المعاناة البشرية، وهي تختلف عن مهام حفظ السلام، التي هدفها أساسا، مراقبة تطبيق اتفاقيات سياسية وعسكرية، والحرب المعممة، الحالة التي تكون فيها الأولـوية للأهداف الإستراتيجية، الاقتصادية، والسياسية، على حساب تخفيف المعاناة البشرية."( )
والملاحظ على هذا التعريف، هو أنه حدد طبيعة هذا التدخل بكونه "عملية عسكرية" والهدف هو" تخفيف المعاناة البشرية" إلا أنه لا يسلم من الانتقاد من حيث أنه، بالإضافة إلى الغموض الذي يكتنفه عند استعماله لعبارة "تخفيف المعاناة البشرية" التي لا تبين طبيعة ومدى هذه المعاناة، وعلاقة ذلك بمفهوم "حقوق الإنسان" فإنه حاول في الجزء الثاني من تعريفه، التمييز بين التدخل الإنساني، وبين عمليات حفظ السلام، وهو ما يتناقض مع الممارسة المعاصرة لمجلس الأمن الدولي، خاصة في فترة التسعينات، حيث أنه ربط في القرارات الصادرة عنه، بين انتهاك حقوق الإنسان، وبين مفهوم السلم والأمن الدوليين.
ومن جهة أخرى، فإن هذا التعريف، يقترح" تخفيف المعاناة البشرية" عن طريق "العمليات العسكرية"، وهذا يعتبر في رأينا تناقضا صارخا، لأنه لا يمكن أن نتصور، أن العمل العسكري سيخفف من المعاناة البشرية، دون المساس بحياة البشر، وهوما يثبته واقع المجتمع الدولي اليوم، خاصة بالرجوع إلى ما حدث ويحدث في العراق، والتدخلات المتواصلة والساخرة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها، خارج الشرعية الدولية، وما نجم عنها من أضرار ومعاناة للشعب العراقي، بأطفاله، نساءه، شبابه، وشيوخه.
كما يدل هذا المثال أيضا على أن التدخل العسكري، مهما كانت مبرراته، لن تكون له إلا نتائج سلبية ليس ضد من انتهكوا حقوق الإنسان، بل ضد السكان المدنيين الأبرياء خاصة.
كما اعتبر) (Costa-Joaquin وهو من المؤلفين الغربيين المؤيدين بشدة لمفهوم التدخل الإنساني، أن "حق التدخل" هذا يجب اعتباره أسمى من حق الدولة الوطنية في سيادتها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، عندما صرح قائلا: "يجب إزالة الانتفاخ (dégonfler)، والخرافات والأشباح من أجل إقامة مناخ للثقة بين الشمال والجنوب، وفي هذا السياق، فالإجراء الأول الذي ينبغي اتخاذه، هو إرساء مبدأ التضامن في الميدان الاقتصادي، لأن ذلك يشكل الطريق الوحيد لتعرية إدعاء الوطنيات المزعومة، التي تتعارض مع ممارسة "حق التدخل الإنساني"( ) .واضح من هذه النظرية، أن الهدف من التدخل لدى صاحبها ليس هدفا أخلاقيا أو إنسانيا، بل هو هدف اقتصادي مادي بحث، حيث أن المرغوب هو تحقيق الاتجاه الليبرالي من أجل تحقيق أغراض مادية وفقا للمنطق الرأسمالي.

المبحث الثاني:
تطور "حق التدخل الإنساني" على مستوى الممارسة الميدانية

تمهيــــد:
لقد ارتبط التطور التاريخي لمفهوم "التدخل الدولي الإنساني" على المستوى الممارسة الميدانية، بمفهوم الحق في التدخل، والحق في استعمال القوة وذلك على مستوى القانون الدولي والعلاقات الدولية
أما من حيث نطاق تطبيق هذا المفهوم وحدوده، فقد تطورت الممارسة الميدانية، "بالجانب النفعي للتدخل الإنساني"( ) خاصة في مراحله الأولى حيث أن "الدول المتدخلة لم تكن تسعى من وراء تدخلها إلى حماية حقوق الإنسان في الدول الأخرى بصفة عامة، وبغض النظر عن مدى الروابط المشتركة بينها وبين شعوب هذه الدول، وإنما كانت تقتصر في تدخلها على حماية الطوائف السكانية التي تشاركها انتمائها العرقية أو الدينية أو اللغوية، لأنها كانت ترى أن لها مصلحة خاصة في ذلك"( ). لينتقل نطاق التدخل بعد ذلك، إلى تزايد اهتمام المجتمع الدولي، بغالبية أعضاءه ومكوناته، بحقوق الإنسان، وما لها من أهمية وعلاقة بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين في المراحل الأخيرة من تطور هذا المفهوم، وللتأكد من كل ذلك، فإننا سنخصص هذا المبحث، لدراسة الممارسة الميدانية لحق التدخل الإنساني من خلال ثلاثة مراحل، نرى أنها تشكل التطور التاريخي لهذا المفهوم:
- المطلب الأول : الممارسة الميدانية خلال مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية.
- المطلب الثاني : الممارسة الميدانية خلال مرحلة الحرب الباردة.
- المطلب الثالث: الممارسة الميدانية بعد نهاية الحرب الباردة.
المطلب الأول:
ممارسة التدخل الإنساني قبل الحرب العالمية الثانية
إذا ما حاولنا إحصاء التدخلات التي تمت خلال فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، أي قبل ظهور ميثاق الأمم المتحدة الذي وضع حدا قانونيا لاستعمال القوة أو التهديد باستعمالها، بعدما عاشته البشرية من ويلات الحرب العالمية الأولى والثانية، فإننا نذكر من بين التدخلات، التي يدعي بأنها تمت تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان، الحالات التالية:
الفرع الأول:
التدخل ضـــد الإمبراطورية العثمانية (1860)
حيث حدث هذا التدخل، تحت ذريعة "الإنسانية" لحماية المسيحيين في لبنان، عندما كان الصراع بين (المار ونيين ) والدرز ( من المسلمين ) وذلك سنة 1860، وقد امتد هذا الصراع من لبنان إلى سوريا، حيث قام المارونيين بإحراق عدة قرى درزية، وكرد فعل، قام الدرز (المسلمين) بقتل 12000 ماروني وإحراق 150 قرية، وذلك بمساندة باشا بيروت (خورشيد). وعلى اثر هذا الحادث، انـعقد مــؤتمر للسفراء الأوروبيين في باريس، رخص (لنابليون III) بالتدخل، وقد كان البريطانيون متخوفين آنذاك من هذا التدخل الفرنسي، لخشيتهم بقيام توسع فرنسي في هذه المنطقة، حيث كانوا يقفون مع الطرف المضاد للمارونيين أي مع (الدرز)، ولكن سرعان ما طمأن الدبلوماسيون بريطانيا، بأن هذا التدخل سيكون عبارة عن عملية لا تتعدى مدتها 06 أشهر، وهكذا تم التدخل عبر بيروت عن طريق بعثة عسكرية متكونة من 0600 عسكري دخلت في شهر أوت 1860، وقد تمكنت هذه القوة من وضع حد لهذا الصراع حينما انسحبت سنة 1861.
وما يلاحظ هنا، هو أنه، مباشرة، بعد هذا التدخل الفرنسي في لبنان، ذهب رجال الدبلوماسية والقانون وتعبوا من أجل إدراج هذا التدخل ضمن التدخلات التي تبررها وتضفي عليها الشرعية المبررات الإنسانية، ومن هؤلاء، الفقيه (R.JACQUEMYN) و(ARNTZ) اللذان نظرا لمفهوم "التدخل لصالح الإنسانية". ( )
أما الفقيه روجيه فقد كتب حول هدا التدخل قائلا بأن أعمال القوة العمومية الداخلية التي تقوم بها الحكومة والتي تكون منافية لقوانين الإنسانية تسمح بحق التدخل لدولة أخرى أو أكثر تحت رقابة دولية ( )((
الفرع الثاني:
التدخــل فــــي الصين سنة 1900
تم هذا التدخل خلال ثورة قامت بها مجموعة صينية (BOXERS) أو كما كانت تسمى جماعة « Le poing de la Concorde et de la justice » ضـــد الأجانب، كما كان يــسمونهم " شياطين الغرب " من المسيحيين، وقد قامت هذه الثورة ابتداءا من شهر ماي 1900 في بكين، ضد محطات التيليغراف، بإحراق الكنائس، ومهاجمة المجموعات الأوروبية، وتوسعت هذه الهجومات على الفرنسيين في مدن أخرى، وجاء التدخل الأوروبي بتاريخ 13 أوت 1900، حيث قامت الدول الأوروبية بإرسال بعثة عسكرية بقيادة الماريشال(VON-WALDERSEE) وقد تأثر الفقهاء هنا أيضا، بهذا التدخل، وعلى رأسهم الفقيه الفرنسي ( جـورج – ســال) ( G-SCELE) الذي طور في بداية القرن، نظرية " التدخل لصالح الإنسانية ".


المطلب الثـاني:
ممارســة التدخل الدولي الإنساني خلال مرحلة الحرب الباردة.
تمتد هذه المرحلة ، بداية من نهاية الحرب العالمية الثانية وظهور ميثاق الأمم المتحدة ، إلى غاية سنة 1989 وهي مرحلة نهاية النظام السابق للمجتمع الدولي، الذي كان قائما على الثنائية القطبية ، بسيطرة كل من الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي على مجريات أحداث العلاقات الدولية.
وما يميز هذه المرحلة ، هو أن الكوارث البشرية الناجمة عن الحرب العالمية الثانية ، تولد عنها ظهور منظمة الأمم المتحدة كمنظمة دولية جامعة ، جاءت لتضع حدا لأخطر المسببات التي أدت إلى نشوب الحرب العالمية الثانية، وهي فوضى استعمال القوة لحل النزاعات ، وفرض التدخل المباح الذي كان سائدا قبل الحرب العالمية الثانية، وذلك لفشل المجتمع الدولي آنذاك، في إطار ما يسمى بعصبة الأمم، للقضاء على هذه المسببات ، ووضع حد للحروب وما ينجر عنها للبشرية ، إلا أن واقع المجتمع الدولي خلال مرحلة الحرب الباردة ، لم يخلو هو الآخر من حالات عديدة من التدخل لأغراض إنسانية ، رغم تلك المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، ومن أهم الحالات التي يمكن ذكرها خلال هذه المرحلة ، ما يلي :
الفرع الأول:
التدخل الأوروبـــي في الكـــونغو سنة 1960
تم هدا التدخل الأوروبي في الكونغو سنة 1960، تحت ذريعة "عدم قدرة الحكومة الكونغولية على ضمان أمن وسلامة الرعايا الأوروبيين العاملين في الإدارة والجيش الكونغولي"( )، وقد بدأ هذا التدخل يوم 08 جويلية 1960 عندما أرسلت بلجيكا قواتها العسكرية إضافة إلى القوة المتواجدة في نفس البلد، وذلك لحماية الرعايا الأوروبيين هناك، وقد برر ممثل بلجيكا في مجلس الأمن، موقف بلاده، "بأن قرار التدخل اتخذ من أجل هدف واحد، وهو ضمان أمن، ليس فقط مواطني بلجيكا، ولكن أيضا، الأوروبيين، وبصفة عامة، حماية الأرواح البشرية، فالأمر يتعلق فعلا، بتدخل لصالح الإنسانية "( ).
وفي حين لقي موقف بلجيكا هذا، مساندة من كل الدول الأوروبية، فإنه تعرض إلى معارضة من طرف الدول الاشتراكية آنذاك، وبعض الدول من حركة عدم الانحياز.
أما فرنسا، فقد عبر وزير خارجيتها آنذاك، ( موريس دي مورفيل) عن موقف بلاده بالقول: "من حق بلجيكا أن تقدم الإغاثة لمواطنيها، الذين تتعرض حياتهم وشرفهم للتهديد"( )()
الفرع الثاني:
التدخل الأمريكي في الدومينيكان سنة 1965
ومن الأمثلة الأخرى التي مورست تحت شكل " تدخل الإنسانية" نذكر أيضا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الدومينيكان عام 1965 " لانقاد رعاياها، وبعض الأجانب ".
وقد صرح الرئيس الأمريكي آنذاك جونسون ((JOHNSON في محاولة منه لتبرير هذا التدخل بأن دلك تم بناءا على طلب من السلطات العسكرية لدولة الدومينيكان( ( () التي أشعرته بالمخاطر التي تهدد حياة الأمريكيين وأن هده السلطات العسكرية غير قادرة على ضمان أمنهم مما يتطلب التدعيم بقوات عسكرية أمريكية وهو ما استدعى من الرئيس الأمريكي إعطاء الأوامر للتدخل العسكري.
وهكذا يتضح أنه كثيرا ما اعتمدت الدول على حجة "حماية الرعايا في الخارج" للسماح لنفسها بالقيام بعمليات في الشؤون الداخلية للدول، مستندة في ذلك إلى اعذارات مختلفة، من بينها عدم قدرة الدول المعنية للقيام بالحماية الكافية للأجانب، بل امتد ذلك الشكل من التدخل، حتى إلى التدخل في حالة إصدار القضاء لأحكام تراها الدول المتدخلة، بأنها مجحفة في حق مواطنيها.
الفرع الثـــالث:
التدخل الهندي في البــــاكستان
حدث هدا التدخل سنة 1971، عندما أعلنت البنغلاداش عن انفصالها عن الباكستان، مما أدى إلى أعمال عنف قامت بها السلطات الباكستانية، وتسبب دلك في عمليات هجرة ما يقارب 10 ملايين بنغالي إلى الهند، وتحت ذريعة معاناة المهجرين، والانتهاكات الفظيعة المرتكبة ضد حقوق الإنسان، تدخلت الهند بعد تكييفها للوضعية بأنها حالة " إبادة جماعية" قامت بها السلطات الباكستانية، وقد توجه الجيش الهندي نحو(دكا)، ولم يستطع مجلس الأمن حينها التدخل نظرا للفيتو السوفيتي، وقد تم التدخل الهندي وتم تحقيق غرضه خلال 12 يوما بعد دلك.( )
الفرع الرابع:
تدخل تنزانيـــــا في أوغندا سنة 1979
تم هدا التدخل، بعدما أعلن الرئيس التنزاني بأن حكومة أمين دادا (AMINE Dada) هي حكومة أشرار (Voyous)، وأن الشعب الأوغندي له الحق بقلب النظام، وقد تم حقيق دلك، أشهر بعد هدا التصريح، بعدما تدخلت تنزانيا لمساندة الثوار الأوغنديين، وقد أعلن الرئيس التنزاني من خلال هدا التدخل، بأنه تدخل دفاعا عن حقوق الإنسان.( )
وقد اعتبر هدا التدخل لدى الفقه المؤيد لاستعمال القوة لأغراض حماية حقوق الإنسان، بأنه يؤيد نظرية التدخل لصالح الإنسانية، لكون المبررات المعتمدة من طرف الدولة المتدخلة هي محاربة نظام قمعي ينتهك حقوق الإنسان، وهو ما ذهب إليه الفقيه تيسون (TESSON) الذي اعتبر أن هدا المثال، يجسد سابقة أكثر وضوحا لصالح "حق التدخل المسلح الانفرادي لأغراض إنسانية".( ) لكن القراءة المتأنية لحيثيات هدا التدخل، وما أحاط به من أحداث سابقة ولاحقة ، تبين بأنه كان قد تم في إطار صراع سياسي ونزاع بين الدولتين، تنزانيا وأوغندا، بعدما اخترقت القوات المسلحة الأوغندية الحدود الترابية لتنزانيا وأعلن الرئيس التنزاني أنداك بأنه سيرد على هدا العمل، وهو ما تم من خلال التدخل التنزاني، ومن ثم، فان هدا التدخل، يدخل ضمن "حق الدفاع الشرعي" في رأينا، وفقا لنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وليس لأغراض إنسانية.( )
الفرع الخامس:
التدخل الأمريكي في قرونـــــــادا
حيث تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في هدا البلد، مدعية من خلال تصريحات العديد من مسؤوليها، بالأغراض الإنسانية، ولكن في معرض دفاعها عن قرارها في التدخل، فان الولايات المتحدة الأمريكية، أسست دفاعها على مبررات لا علاقة لها بمفهوم "التدخل الإنساني"، حيث ادعى مسئولي الإدارة الأمريكية أنداك، أن التدخل تم بناءا على طلب من الحاكم العام (المحافظ العام) لقرونادا، وكذلك بناءا على ترخيص ممنوح لها من طرف المنظمة الجهوية للكراييب، وكذلك، لضرورات حماية الرعايا الأمريكيين في الجزيرة، ولكن دلك لم يمنع من أن يلقى هدا التدخل من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، تنديدا دوليا واسعا، كما نددت به الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها رقم 38/7، سنة 1983. ( )

الفرع السادس:
التدخل الإسرائيلي في أوغندا (مطار عنتيبي) عام 1976
حيث اعتبرت إسرائيل العملية العسكرية التي قامت بها في أوغندا، تدخلا لغايات إنسانية، بقصد إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في الطائرة الإسرائيلية المختطفة من قبل الفدائيين الفلسطينيين، ودلك، حتى لا يستطيع مجلس الأمن اتخاذ قرار في هده القضية نتيجة للفيتو الأمريكي.( )
وهكذا يتضح، أنه رغم ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة، غداة الحرب العالمية الثانية، ورغم وعي الشعوب والدول، بمخاطر الحروب والتدخلات باستعمال القوة، إلا أن دلك لم يمنع من استمرار ظاهرة التدخلات، رغم اعتماد القائمين بها على مبررات مخادعة، منها، حماية حقوق الإنسان.


المطلب الثالث:
ممارسة التدخل الإنساني بعد نهاية الحرب الباردة.
الفرع الأول:
التدخل تحت غطاء الأمم المتحدة.
1-حالة التدخل في العراق:
تم هدا التدخل سنة 1991، بناءا على القرار رقم 688 الصادر عن مجلس الأمن، تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان في كردستان العراق، بعد قيام الأكراد، بثورة ضد النظام العراقي، أدت إلى نتائج ذات آثار إنسانية، استغلتها الدول الغربية، لإثارة الرأي العام العالمي، وهو ما أدى إلى صدور القرار رقم 688 عن مجلس الأمن، الذي حاول إضفاء الشرعية الدولية على هدا التدخل "الإنساني" لقوى التحالف، في كردستان العراق.
وقد اتخذ قرار مجلس الأمن رقم 688 بتاريخ 05 أفريل 1991، حيث قامت كل من الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، والمملكة المتحدة، بإنشاء منطقتين محظورتين جويا، شمال العراق، حتى خط 36 عرضا، لحماية السكان الأكراد، وإلى الجنوب، حتى خط عرض 32، لحماية السكان الشيعة.
إلا أن الغموض القانوني لقرار مجلس الأمن، بدأت معالمه تتضح بداية من شهر سبتمبر 1996، عندما قامت القوات العراقية بهجوم ضد الأكراد في شمال العراق، وقررت الولايات المتحدة حينها، بالشروع في ضربات عقابية-ردعية، في جنوب العراق، ثم بتوسيع منطقة الحضر إلى خط العرض 33، باتجاه بغداد، وقد لاقت هده العمليات الأمريكية الأحادية الطرف، والتي "لا تقوم على أي أساس قانوني"( ) معارضة من طرف فرنسا، بينما لم يستطع مجلس الأمن التوصل إلى اتفاق بين أعضاءه حول مشروع قرار قدم من طرف المملكة المتحدة ، للتنديد "بالقمع الجديد" الذي يقوم به العراق، ولم يتم هدا الاتفاق خاصة بسبب معارضة شديدة من طرف كل من روسيا، والصين.( )
2- حالة التدخل في يوغسلافيا (سابقا):
لقد اعتبر القرار الصادر عن مجلس الأمن في قضية البوسنة، تحت رقم 770 بتاريخ 13 أوت 1992، بمثابة خطوة إلى الأمام، مقارنة مع القرار الصادر ضد العراق، حيث أن هدا القرار الخاص بالتدخل في البوسنة، دهب إلى حد تكييف الوضعية الداخلية في البوسنة، بمثابة تهديد للسلم والأمن الدوليين من جهة، ثم أهمية تقديم المساعدة الإنسانية، وهو ما اعتبر بمثابة " أهمية كبيرة بالنسبة للمجهودات التي يبدلها المجلس، من أجل إعادة السلم والأمن الدوليين في المنطقة".( )
وقد تبع القرار 770، قرارا آخر صادر عن مجلس الأمن في نفس القضية تحت رقم 776 (1992) والذي جاء، حسب بعض المحللين، لتدعيم التعداد البشري لقوات الأمم المتحدة المتدخلة في هدا المجال (FORPRONU)، ومضاعفة وسائل إيصال المساعدة الإنسانية، ثم منع التحليق الجوي في أجواء البوسنة، من أجل ضمان أمن البعثات الإنسانية وهو ما جاء في القرار رقم 781 (1992)، وقد جاءت كل هده القرارات تطبيقا للقرار رقم 770.
ثم يأتي القرار 816 (1993)، ليرخص للدول الأعضاء باتخاذ "كل الإجراءات الضرورية" لضمان احترام منع التحليق الجوي المنصوص عليه في القرار 781.
وقد جاء تدخل الحلف الأطلسي بعد صدور هدا القرار (816) بقيامه بعملية أطلق عليها اسم (DENY-FLIGHT)، والتي استعملت خلالها القوة، وقد عمل الحلف الأطلسي في تدخله هدا، على إنشاء مناطق آمنة حول بعض المدن البوسنية، وفقا للقرارين 819 و824 الصادرين سنة 1993، ليتم تفويض قوى التدخل ((FORPRONU والدول الأعضاء فيما بعد، للسهر على احترام هده المناطق الأمنية، بناءا على القرار 836 بتاريخ 04 جوان 1993.
3- حالة التدخل في الصومال:
بعد القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وخاصة منها القرار 794 (1992)، يقرر الرئيس الأمريكي، جورج بوش، التدخل في الأزمة الصومالية، بإعطائه أوامر لهبوط قوات" المارينز" الأمريكية في مقديشو، في التاسع من ديسمبر 1992، لقيادة العملية ، التي أطلق عليها اسم (استعادة الأمل) ( restore Hope) وقد حدد للعملية هدف رئيسي وهو إغاثة الشعب الصومالي وإمداده بالمئونة ، خاصة وأن المنطقة كانت مصابة بالجفاف مما أدى إلى زيادة خطورة الموقف.
وقد تمت هذه العملية بعد إنزال 28000 جندي ، وقيادة تحالف من قوات 12 دولة أخرى ، لتنفيذ هذه العملية وذلك يوم 09 ديسمبر 1992 .
وقد تمكنت الأمم المتحدة من إكمال برنامج المائة يوم الذي حددته لتقديم الأغذية، والذي انتهى في 19 جانفي 1993، ولكن تفشي المجاعة في الصومال لم يتوقف، وما زاد في خطورة الموقف، انتشار الملاريا، والدرن .....إلخ من الأمراض.
والأخطر من كل ذلك، كما أشار له الملاحظون، هو أن قيادة هذه العملية (nosom1) قد "صرفت حوالي تسعة أعشار المبالغ المخصصة لمهمات الإغاثة ، على المهمات العسكرية وأغراضها، وليس على الإغاثة بحد ذاتها" وهو ما يزيد من التشكيك في مصداقية مثل هذه العمليات. إلى جانب هذه الملاحظة، فقد تحولت العملية في حد ذاتها، إلى ما يشبه حرب العصابات ، وتكبدت القوات الأمريكية فيها خسائر فادحة، وهو ما أعاق عملية الأمم المتحدة.
ونظرا لكل ذلك، أصدر مجلس الأمــن قراره الموالي، يـحمل رقم (814) بتاريخ26 مارس 1993، أهم ما جاء فيه:
البــند الأول: "لتوفير بيئة آمنة في الصومال، قرر المجلس توسيع حجم قوة عملية الأمم المتحدة في الصومال وولايتها، لتشمل كافة أراضي الدولة الصومالية، ويطلق على تلك العملية "يونوصوم"، وبدلك، عممت عملية التدخل في الصومال تحت مبررات إنسانية.
وقد شكلت قوات (اليونوصوم2) من حوالي 28 ألف جندي و2800 موظف مدني ينتمون إلى 28 دولة ، بقيادة الجنرال التركي (شفيق بير)، ونائبه الأمريكي الجنرال (توماس مونتجمري).( )
4- حالة التدخل في رواندا سنة 1994:
تم هدا التدخل بعد المجازر والإبادة الجماعية التي حصلت في هدا البلد، بين قبيلتين (التوتسو) و( الهوتو) اللتان كان بينهما نزاع مستمر خلال السنوات: 1959، ثم 1963، ثم 1966، ثم 1973، 1990، 1992، 1993، وأخيرا، سنة 1994.
وقد تم هدا التدخل من طرف فرنسا باقتراح منها، بعد ضغوطات مورست عليها من طرف "الرأي العام الفرنسي"، والحكومات في بعض الدول الإفريقية ذات التوجه الفرنكوفوني، وبتفويض من مجلس الأمن، من خلال القرار رقم 929، الذي يرخص لفرنسا "باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتحقيق الأهداف الإنسانية في رواندا"( ) ، وقد أطلق على هده العملية تسمية عملية تيركوز، "Opération Turquoise"، وتمت العملية في شهر أوت 1994، بعد المجازر التي تسبب فيها هدا النزاع، والذي راح ضحيته ما يقارب 800.000 فرد.
وما ميز هده الحالة، هو النقائص والأخطاء التي نسبت لمنظمة الأمم المتحدة في معالجتها للقضية، حيث أنها فشلت في وضع حد لهدا النزاع، رغم مجهوداتها المبذولة في تنفيذ وقف إطلاق النار، وتنفيذ اتفاقية السلام المبرمة آنذاك بين حكومة رواندا، وثوار (التوتسو)، وإنشاء بعثة الأمم المتحدة للإغاثة في رواندا (UNAMIR)ولكن مباشرة بعد بداية أعمال الإبادة، قامت الأمم المتحدة بتقليص قوات هده البعثة من 2165 رجل من القبعات الزرق، إلى 1515 ثم إلى 270 رجل.
وقد انتقدت منظمة الأمم المتحدة أشد الانتقادات في العديد من التحليلات، سواءا لدى رجال السياسة، أو القانون أو حتى لدى العاملين في الحقل الإنساني، بل أن الكثير من هؤلاء، يستشهد بهده الحالة، كدليل على "عدم التدخل" وما ينجم عنه من كوارث تلحق بالبشرية.( )
5-حالة التدخل في تيمور الشرقية (اندونيسيا) سنة 1999.
جاء هدا التدخل، بناءا على القرار رقم 1264، الصادر بتاريخ 15/09/1999، والذي سمح لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بدخول إقليم تيمور الشرقية، تحت ذريعة وقف انتهاكات حقوق الإنسان، ليتحول الأمر بعد دلك، إلى انفصال تيمور الشرقية عن اندونيسيا، بعد الاستفتاء الذي تم في هده المنطقة.
وقد اعتبر هدا القرار من مجلس الأمن لدى بعض المحللين، بمثابة قرار غير عادي "كغيره من القرارات السابقة التي لا يتعدى مفعولها ظلال مجلس الأمن، أو مباني الجمعية العامة، وإنما يعد أعظم القرارات خطرا، حيث سيترتب عليه آثارا عديدة لابد أن تترك بصماتها على العلاقات الدولية العامة، فالقرار وإن جاء متأخرا بعض الشيء، إلا أن الحقيقة تنبئ عن وجود خطة لإيجاد غطاء قانوني (شرعي) يسمح لها بالتدخل في بعض الدول (انتقائيا) لحماية بعض الرعايا، وجيوب الأقليات، وإقامة دويلات وكانتونات مالية لها"( ) وهو ما يصدقه واقع نهاية هده القضية، حيث تم إنشاء كيانا جديدا في تيمور الشرقية، يظم سكانا غالبيتهم مسيحية، فأصبحت بدلك تيمور الشرقية، دويلة منفصلة عن اندونيسيا.

الفرع الثاني:
التدخل خارج غطاء الأمم المتحدة: حالة كوسوفو( )
تم هدا التدخل بين 24 مارس و10 جوان سنة 1999، حيث قام الحلف الأطلسي(OTAN) بحملة جوية ضد جمهورية يوغسلافيا الفدرالية، دولة مستقلة، وعضو في منظمة الأمم المتحدة، وقد لجأت الدول الغربية التي شاركت في هذه العملية، إلى تبرير هدا التدخل بناءا على أغراض إنسانية، لإضفاء الشرعية على عملية عسكرية تمت دون ترخيص من مجلس الأمن، وضد دولة ذات سيادة.
وقد شكلت هده القضية، بدورها، محل نقاش واسع بين الفقهاء، ورجال السياسة والدبلوماسية، وكذلك العاملين في الحقل الإنساني. وذهبت الأغلبية التي تناولت هده القضية بالتحليل، اعتبارها بأنها تعد انتهاكا لأحكام القانون الدولي، وخاصة فيما يتعلق بحضر استعمال القوة في العلاقات الدولية.
أما عن مبررات عدم إخضاعها لترخيص مسبق من طرف مجلس الأمن، فان الدول الغربية الراغبة في التدخل آنذاك، كانت تخشى استعمال حق النقض (الفيتو) من طرف كل من روسيا خاصة، ولكن الصين أيضا.( )
وقد حاول الفقه الغربي المساند لمفهوم حق التدخل الإنساني، إضفاء الشرعية القانونية على هده الحالة، من خلال قرار مجلس الأمن الصادر في 10 جوان 1999، تحت رقم 1244، إلا أن غالبية الفقه يذهب إلى أنه لا يمكن تبرير مثل هده الحالة بقرارات لاحقة، أي بعد حدوثها.
وقد اعتبرت قضية (كوسوفو) "بمثابة كلمة السر أو مفتاح الدخول إلى الحديث عن نوع العمل المطلوب من جانب المجتمع الدولي لمواجهة مثل هده (...) المآسي الإنسانية (...) وربما اعتبر البعض أن ما يجري في كوسوفو، هو بداية تغيير شكل الحروب في القرن الحادي والعشرين أو على حد التعبير الذي استخدمه (فيشر) وزير خارجية ألمانيا: أن نزاع كوسوفو، هو علامة على التغيير في اتجاه العلاقات الدولية"( )
ميكانيزمات الأمم المتحدة وأجهزتها، حيث ستقوم الدول الاستعمارية القديمة بممارسة الوصاية السياسية والثقافية على مستعمراتها… ( )
وإذا ما رجعنا إلى نتائج هذا التدخل، فإن الخسائر البشرية في صفوف المدنين، قد بلغت حوالي 400 إلى 600 ضحية مدنية، بينما لم تسجل أية ضحية في صفوف قوات الحلف الأطلسي المتدخل، وهنا يتضح مدى(إنسانية) هذا التدخل؟

خلاصة الفصل الأول
من خلال ما تقدم، نستخلص أهم النتائج التالية:
- أن ظاهرة التدخل المبررة بأغراض إنسانية، هي ظاهرة قديمة في واقع المجتمع الدولي، سواءا على مستوى الفقه الدولي، أو على مستوى الممارسة الميدانية.
- أن تطور ظاهرة التدخل رافقها تطور في المبررات التي دفعت إلى اللجوء إلى هذه الوسيلة:
- المرحلة الأولى: كان التدخل يتم بناءا على مبررات الانتماء الديني، لينتقل بعد ذلك إلى حماية الرعايا، ثم تحول إلى التدخل في مناطق النفوذ، ليتطور إلى الأهداف الجيو- إستراتيجية رغم استعماله لمبررات " عالمية حقوق الإنسان. "
- غياب تعريف دقيق و موحد لمفهوم " حق التدخل الإنساني ".
- غياب معايير موحدة لممارسة التدخل الإنساني.
- غالبية حالات التدخل التي تمت خلال مرحلة ما بعد نهاية الحرب الباردة، كانت من فعل دول محددة، مهيمنة على واقع المجتمع الدولي، و تنطلق من ثقافة واحدة و قيم موحدة، هي القيم الغربية.
- من الناحية القانونية، كانت التدخلات التي تمت تحت غطاء الأمم المتحدة، تربط بين انتهاك حقوق الإنسان و مهمة حفظ السلم و الأمن الدوليين الموكلة لمجلس الأمن.
- أن التدخل الإنساني الذي تم بناءا على قرارات مجلس الأمن، مثل حالة العراق ( القرار 688/1991) و الصومال (القرار 794/1993) و غيرهما،اعتبرت من طرف المؤيدين لمفهوم "حق التدخل الإنساني " على أنها تفعيل حقيقي لمهام المجلس، في حين مثلت هذه الحالات لدى المعارضين لهذا المفهوم، اختراقا لميثاق الأمم المتحدة.
- تمثل حالات التدخل التي تمت في العديد من الدول، تحت غطاء قرارات مجلس الأمن، مثل حالة العراق، الصومال، يوغسلافيا سابقا، اندونيسيا (تيمور الشرقية) وغيرها، تجسيدا لسياسات التفكيك والتركيب التي انتهجها الغرب عموما و الولايات المتحدة خصوصا اتجاه هذه الدول التي تشكل بالنسبة لها خطرا جيو-إستراتيجي، أو سياسي مستقبلا.
- إذا كانت هذه الممارسات تمت واقعيا تحت مبررات حفظ السلم و الأمن الدوليين، فإنها لاشك أثرت في مبادئ القانون الدولي و خاصة منها مبدأ السيادة والمبادئ الملازمة له، مثل مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول و مبدأ تحريم القوة في العلاقات الدولية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حق التدخل الإنساني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** ماســـــتر (Master) ******* :: السنة الثانية ماستار ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1