منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 حكم الشفعة بالمرافق الخاصة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Empty
مُساهمةموضوع: حكم الشفعة بالمرافق الخاصة    حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyالسبت فبراير 02, 2013 2:09 pm

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وآله وصحبه، وبعد:
فقد عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثامنة مسألة " الشفعة بالمرافق الخاصة " وقد قدمت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثا في الموضوع للمجلس هذا نصه:
الحمد لله وحده، وبعد: فبناء على ما تقرر في الدورة السابعة لهيئة كبار العلماء المنعقدة في النصف الأول من شهر شعبان عام 1395 هـ من إدراج موضوع "الشفعة بالمرافق الخاصة" في جدول أعمال الدورة الثامنة المتقرر انعقادها في أول ربيع الثاني عام 1396 هـ، وحيث إن دراسة أي موضوع تستلزم إعداد بحث فيه، فقد أعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثا في الموضوع يشتمل على تعريف الشفعة في اللغة، وفي الاصطلاح الشرعي، وعلى مستند مشروعيتها وحكمة ذلك، وعلى مجموعة من مسائل الشفعة مما هي موضع خلاف بين أهل العلم، وفي مقدمة ذلك الشفعة بالمرافق الخاصة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة:
الشفعة في اللغة:
الشفعة: من شفَع يشفَع شفعا كمنَع بمعنى الضم والزيادة، وتطلق أيضًا فيراد بها المال المشفوع فيه، وتطلق ويراد بها تملك ذلك المال، قال في المصباح المنير: شفعت الشيء شفعا من باب نفع: ضممته إلى الفرد، وشفعت الركعة جعلتها ثنتين، ومن هنا اشتقت الشُّفعة، وهي مثال غرفة؛ لأن صاحبها يشفع ماله بها، وهي اسم للملك المشفوع مثل: اللقمة اسم للشيء الملقوم، وتستعمل بمعنى التملك لذلك الملك، ومنه قولهم: من ثبت له شفعة فأخر الطلب بغير عذر بطلت شفعته، ففي هذا المثال جمع بين المعنيين؛ فإن الأولى للمال، والثانية للتملك. اهـ.
وفي لسان العرب: الشفع من الأعداد ما كان زوجا، تقول: كان وترا فشفعته بآخر، وشفعة الضحى: ركعتا الضحى... وسئل أبو العباس عن اشتقاقها في اللغة قال: الشفعة الزيادة، وهو أن يشفعك فيما تطلب حتى تضمه إلى ما عندك فتزيده، وتشفعه بها أي: أن تزيده بها، أي: إنه كان وترا واحدا فضم إليه ما زاده وشفعه به. اهـ.
الشفعة في الاصطلاح الشرعي:
اختلف الفقهاء - رحمهم الله تعالى - في تعريف الشفعة؛ تبعا لاختلافهم في موجباتها وشروطها، وفيمن لهم حق الشفعة:
- فذهب الحنفية: إلى أن الشفعة حق تملك المرء ما بِيع من عقار أو ما هو في حكم العقار مما هو متصل بعقاره من شركة أو جوار بمثل الثمن الذي قام عليه المشتري، وذلك لدفع ضرر الشراكة أو الجوار1.
- وذهب المالكية: إلى أن الشفعة استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه، قوله: شريك: قيد أخرج به الجار والشريك في حق المبيع، وقوله: مبيع: قيد أخرج الموهوب بلا عوض، وكذا الموروث2.
- وذهب الشافعية: إلى أن الشفعة استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقل عنه من يد من انتقلت إليه بمثل العوض المسمى3.
وذهب الحنابلة: إلى أن الشفعة استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه من يد من انتقلت إليه إن كان مثله أو دونه بعوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد، فقوله: الشريك: قيد خرج به الجار والشريك في حق المبيع، وقوله: إن كان مثله أو دونه: قيد خرج به الكافر فلا شفعة له على مسلم، وقوله: بثمنه الذي استقر عليه العقد: خرج به الموهوب والموروث وما كان صداقا أو عوض خلع أو نحوهما4.
مما تقدم تتضح العلاقة بين المعنيين اللغوي والشرعي، فإذا كانت الشفعة لغة بمعنى الضم والزيادة فإن الشفيع بانتزاعه حصة شريكه من يد من انتقلت إليه بضم تلك الحصة إلى ما عنده فيزيد بها تملكه، فالضم والزيادة موجودان في المعنيين اللغوي والشرعي، غير أن الشفعة في عرف الشرع اعتُبر فيها قيودٌ جعلتها أخص من معناها في اللغة.
مشروعية الشفعة:
الشفعة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقوله - تعالى -: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [سورة الحشر الآية: 7] وقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة فيما لم يقسم5.
وأما السنة فقد ورد بمشروعيتها جملة أحاديث وآثار نذكر منها ما يلي:
1 - روى البخاري في صحيحه وأبو داود والترمذي في سننهما بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه – قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة6، ولمسلم بسنده إلى جابر قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شركة ما لم تقسم ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك وإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به7. وفي رواية أخرى لمسلم قال: ((الشفعة في كل شرك من أرض أو ريع أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه))8. وفي رواية للترمذي: ((من كان له شريك في حائط فلا يبيع نصيبه من ذلك حتى يعرضه على شريكه))9.
2 - ولأبي داود بإسناده إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا قسمت الدار وحددت فلا شفعة فيها))10 قال الشوكاني في النيل: ورجال إسناده ثقات، ورواه ابن ماجه بمعناه.
3 - وللترمذي بإسناده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء))11 ورجاله ثقات، إلا أنه أعل بالإرسال كما قال الترمذي.
وفي رواية للطحاوي بإسناده إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة في كل شيء12. قال الشوكاني في النيل: إسناد حديث جابر لا بأس برواته كما قاله الحافظ.
4 - وللبخاري وأبي داود والنسائي واللفظ للبخاري بإسناده إلى عمرو بن الشريد قال: وقفت على سعد ابن أبي وقاص فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبي إذ جاء أبو رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: يا سعد ابتع مني بيتَيَّ في دارك، فقال سعد: والله ما أبتاعهما، فقال المسور: والله لتبتاعنهما، فقال سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة، أو مقطعة، فقال أبو رافع: لقد أعطيت بها خمسمائة دينار، ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((الجار أحق بسقبه)) ما أعطيتكها بأربعة آلاف، وأن أعطى بها خمسمائة دينار، فأعطاها إياه13.
5 - ولأحمد والأربعة بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا))14 قال في البلوغ: ورجاله ثقات. قال الصنعاني في شرحه: أحسن المصنف بتوثيق رجاله وعدم إعلاله، وإلا فإنهم قد تكلموا في هذه الرواية بأنه انفرد بزيادة قوله: ((إذا كان طريقهما واحدا)) عبد الملك ابن أبي سليمان العرزمي، قلت: وعبد الملك ثقة مأمون لا يضر انفراده كما عرف في الأصول وعلوم الحديث.
6 - وفي الموطأ أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها، ولا شفعة في بئر، ولا في فحل النخل. قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا.
7 - ولابن ماجه بسند ضعيف إلى ابن عمر - رضي الله عنهما -: "الشفعة كحل العقال" ورواه ابن حزم وزاد: "فإن قيدها مكانه ثبت حقه وإلا فاللوم عليه". وأخرج عبد الرازق عن شريح: "إنما الشفعة لمن واثبها".
وأما الإجماع: فقد أجمع أهل العلم على القول بها، ولم يعرف فيها مخالف إلا ما نقل عن أبي بكر بن الأصم من إنكارها بحجة أن في إثباتها إضرارا بأرباب الأملاك؛ حيث إن المشتري يحجم عن الشراء إذا علم أن ما يشتريه سينتزع منه فيتضرر الملاك بذلك.
وقد رد ابن قدامة - رحمه الله - شبهته في معرض بحثه إجماع الأمة على القول بالشفعة فقال: وأما الإجماع فقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط، والمعنى في ذلك: أن أحد الشريكين إذا أراد أن يبيع نصيبه وتمكن من بيعه لشريكه وتخليصه مما كان بصدده من توقع الخلاص والاستخلاص فالذي يقتضيه حسن العشرة أن يبيعه منه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه وتخليص شريكه من الضرر، فإذا لم يفعل ذلك وباعه لأجنبي سلط الشرعُ الشريكَ على صرف ذلك إلى نفسه، ولا نعلم أحدا خالف هذا إلا الأصم فإنه قال: لا تثبت الشفعة؛ لأن في ذلك إضرارا بأرباب الأملاك؛ فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا ابتاعه لم يبتعه ويتقاعد الشريك عن الشراء فيستضر المالك، وهذا ليس بشيء لمخالفته الآثار الثابتة والإجماع المنعقد قبله، والجواب عما ذكره من وجهين:
أحدهما: أنا نشاهد الشركاء يبيعون ولا يعدم من يشتري منهم غير شركائهم ولم يمنعهم استحقاق الشفعة من الشراء.
الثاني: أنه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة أن يقاسم فيسقط استحقاق الشفعة15. اهـ
دفع شبهة القول بمنافاتها للقياس:
لقد تكلم بعض أهل العلم في الشفعة من حيث زعم بعضهم منافاتها لبعض الأصول والمبادئ الشرعية فقال السرخسي: وزعم بعض أصحابنا - رحمهم الله - أن القياس يأبى ثبوت حق الشفعة لأنه يتملك على المشتري ملكا صحيحا له بغير رضاه وذلك لا يجوز فإنه من نوع الأكل بالباطل وتأيد هذا بقوله - صلى الله عليه وسلم – ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه))16 ولأنه بالأخذ يدفع الضرر عن نفسه على وجه يلحق الضرر بالمشتري في إبطال ملكه عليه، وليس لأحد أن يدفع الضرر عن نفسه بالإضرار بغيره17. اهـ .
وأورد ابن القيم - رحمه الله - شبهة لنفاة الحكم والتعليل والقياس فقال: وحرم أخذ مال الغير إلا بطيب نفس منه، ثم سلطه على أخذ عقاره وأرضه بالشفعة. وقد رد - رحمه الله - على هذه الشبهة وعلى دعوى منافاة مشروعية الشفعة لأصول الشريعة ومبادئها فقال: من محاسن الشريعة وعدلها وقيامها بمصالح العباد ورودها بالشفعة ولا يليق به غير ذلك؛ فإن حكمة الشارع اقتضت رفع الضرر عن المكلفين ما أمكن، فإن لم يكن رفعه إلا بضرر أعظم منه بقَّاه على حاله، وإن أمكن رفعه بالتزام ضرر دونه رفعه به.
ولما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب؛ فإن الخلطاء يكثر فيهم بغي بعضهم على بعض، شرع الله - سبحانه - رفع هذا الضرر بالقسمة تارة وانفراد كل من الشريكين بنصيبه، وبالشفعة تارة وانفراد أحد الشريكين بالجملة إذا لم يكن على الآخر ضرر في ذلك، فإن أراد بيع نصيبه وأخذ عوضه كان شريكه أحق به من الأجنبي، وهو يصل إلى غرضه من العوض من أيهما كان، فكان الشريك أحق بدفع العوض من الأجنبي، ويزول عنه ضرر الشركة، ولا يتضرر البائع؛ لأنه يصل إلى حقه من الثمن، وكان هذا من أعظم العدل وأحسن الأحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد18. اهـ
الحكمة في مشروعية الشفعة:
لا شك أن الشريعة الإسلامية تهدف بتشريعاتها إلى تحقيق العدل وتعميم الرخاء وتحصيل المصالح ودرء المفاسد فهي عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه، والشفعة شرعُ الله، شرعها - تعالى- بلسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا شك أن لمشروعيتها حكمة اقتضاها عدله - تعالى- بين عباده ورحمته بين خلقه، ولا شك أن من الحكمة في مشروعيتها إزالة الضرر بين الشركاء أو الضرر مطلقا، فإن الشركات في الغالب تعتبر موطنا للخصومات، ومحلا للتضرر والتعديات، قال - تعالى–: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) [سورة ص الآية: 24].
قال ابن القيم - رحمه الله -: ولما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب فإن الخلطاء يكثر فيهم بغي بعضهم على بعض، شرع الله - سبحانه - رفع هذا الضرر بالقسمة وانفراد كل من الشريكين بنصيبه، وبالشفعة تارة وانفراد أحد الشريكين بالجملة19. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في الشفعة: فإنها شرعت لتكميل الملك للشفيع لما في الشركة من التضرر20. اهـ.
ونقل علي حيدر عن مجمع الأنهر: أن الحكمة في مشروعيتها دفع ما ينشأ من سوء الجوار من الضرر على وجه التأبيد كإيقاد النار، وإعلاء الجدار، وإثارة الغبار، ومنع ضوء النهار، وإقامة الدواب والصغار21. اهـ.
وباستعراض ما تقدم من تعاريف الشفعة لدى أهل العلم وحكمة مشروعيتها يتضح ما يلي:
1 - اتفاقهم على القول بالشفعة على وجه الإجمال.
2 - اتفاقهم على ثبوت الشفعة للشريك المسلم بشرطه.
3 - اتفاقهم على عدم اعتبار رضا الشريك والمشفوع عليه في انتزاع الشفيع حصة شريكه من يد من انتقلت إليه.
4 - اتفاقهم في الجملة على ثبوت الشفعة في العقار.
5 - اختلافهم في سبب الشفعة حيث اتفق الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعي، وأحمد على أن الشفعة خاصة للشريك فلا شفعة بجوار، ولا بمرفق خاص مشترك كطريق وبئر ومسيل، وخالف في ذلك الإمام أبو حنيفة حيث أثبت الشفعة بالجوار وبالمرافق الخاصة، ووافقه في ذلك الإمام أحمد في رواية عنه في الشفعة بالمرافق الخاصة.
6 - اختلافهم في الشركة فيما لا يقبل القسمة من العقار كالحمام الصغير والحانوت.
7 - اختلافهم في الشركة في المنقولات هل فيها شفعة؟
8 - اختلافهم في الكافر هل له حق الشفعة على المسلم، حيث اتفق الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي على إثبات الشفعة له على المسلم، وخالفهم في ذلك الإمام أحمد حيث منعها عنه بحجة أنه ليس له مثل حق المسلم.
9 - اختلافهم فيما إذا انتقلت الحصة إلى الغير بعوض غير مسمى.
10 - اختلافهم في الوقف هل تثبت فيه وبه الشفعة؟
11 - اختلافهم في شفعة غير المكلف كالصبي والمجنون.
12 - اختلافهم في شفعة الغائب.
13 - اختلافهم في إرث الحق في الشفعة.
وفيما يلي ذكر بعض من أقوال أهل العلم فيما اختلفوا فيه مما ذكر.
1. 1. الاشتراك فيما لا يقبل القسمة من العقار:
اختلف أهل العلم في ثبوت الشفعة بالشركة فيما لا يقبل القسمة من العقار كالحمام الصغير والحانوت، فذهب جمهور الشافعية والحنابلة إلى أن الشركة في ذلك لا تعتبر سببا للأخذ بالشفعة؛ لأن الشفعة مشروعة لدفع ضرر مؤونة القسمة واستحداث المرافق، وهذا غير موجود فيما لا يقبل القسمة، فانتفت الشفعة، قال في المنهاج: وكل ما لو قسم منفعته المقصودة كحمام ورحى لا شفعة فيه على الأصح22. اهـ .
وقال في المجموع: ولا تجب إلا فيما تجب قسمته عند الطلب، فأما ما لا تجب قسمته كالرحى والبئر الصغيرة والدار الصغيرة فلا تثبت فيه الشفعة، وقال أبو العباس: تثبت فيه الشفعة؛ لأنه عقار فتثبت فيه الشفعة قياسا على ما تجب قسمته، والمذهب الأول لما روي عن أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - أنه قال: لا شفعة في بئر، والأرف تقطع كل شفعة، ولأن الشفعة إنما تثبت للضرر الذي يلحقه بالمقاسمة وذلك لا يوجد فيما لا يقسم23. اهـ.
وذكر الشربيني وجه الخلاف في المذهب في ذلك فقال: هذا الخلاف مبني على ما مر من أن علة ثبوت الشفعة دفع ضرر مؤونة القسمة واستحداث المرافق الخ.. والثاني مبني على أن العلة دفع ضرر الشركة فيما يدوم، وكل من الضررين حاصل قبل البيع، ومن حق الراغب فيه من الشريكين أن يخلص صاحبه منهما بالبيع له فإذا باع لغيره سلطه الشرع على أخذه منه؛ لما روى مسلم عن جابر: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شركة ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به24. اهـ"25.
وقال ابن قدامة - رحمه الله -: الشرط الثالث: أن يكون المبيع مما يمكن قسمته فأما ما لا يمكن قسمته من العقار كالحمام الصغير، والرحى الصغيرة، والعضادة، والطريق الضيقة، والعراص الضيقة، فعن أحمد روايتان، إحداهما: لا شفعة فيه، وبه قال يحيى بن سعيد وربيعة والشافعي، والثانية: فيها الشفعة... - إلى أن قال-: والأول ظاهر المذهب؛ لما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبة)) والمنقبة: الطريق الضيقة، رواه أبو الخطاب في رؤوس المسائل، وروي عن عثمان - رضي الله عنه - أنه قال: لا شفعة في بئر ولا فحل. ولأن إثبات الشفعة في هذا يضر بالبائع؛ لأنه لا يمكنه أن يتخلص من إثبات الشفعة في نصيبه بالقسمة، وقد يمنع المشتري لأجل الشفيع فيتضرر البائع وقد يمتنع البيع فتسقط الشفعة فيؤدي إثباتها إلى نفيها، ويمكن أن يقال: إن الشفعة إنما تثبت لدفع الضرر الذي يلحقه بالمقاسمة لما يحتاج إليه من إحداث المرافق الخاصة، ولا يوجد هذا فيما لا ينقسم.
وقولهم: إن الضرر ههنا أكثر لتأبده، قلنا: إلا أن الضرر في محل الوفاق من غير جنس هذا الضرر، وهو ضرر الحاجة إلى إحداث المرافق الخاصة فلا يمكن التعدية، وفي الشفعة ههنا ضرر غير موجود في محل الوفاق، وهو ما ذكرناه فتعذر الإلحاق26. اهـ.
وقد اختلفت الرواية عن الإمام مالك - رحمه الله - في ذلك قال أبو عبد الله المواق: قال ابن رشد: الشفعة إنما تكون فيما ينقسم من الأصول دون ما لا ينقسم، وهذا أمر اختلف فيه أصحاب مالك في المدونة، قال مالك: إذا كانت نخلة بين رجلين، فباع أحدهما حصته فلا شفعة لصاحبه فيها، وفي المدونة أيضا: قال مالك: في الحمام الشفعة، وهو أحق أن تكون فيه الشفعة من الأرض لما في قسم ذلك من الضرر، وقاله مالك وأصحابه أجمع. اهـ 27.
وذهب الحنفية ومن وافقهم من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى ثبوت الشفعة في العقار مطلقاً -سواء أمكن قسمته أم لم تمكن-، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وغيره من أصحابه، كما اختاره بعض أصحاب الشافعي كأبي العباس ابن سريج، وهو رواية المهذب عن الإمام مالك - رحمه الله -.
قال السرخسي: واستحقاق الشفعة في الحمام والرحى قولنا -وذكر توجيه ذلك- بأنه لدفع ضرر البادئ بسوء المجاورة على الدوام، وذلك فيما لا يحتمل القسمة موجود لاتصال أحد المالكين بالآخر على وجه التأبيد والقرار، وحجتنا في ذلك ما رويناه من حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((الشفعة في كل شيء ربع أو حائط))28، ولأن الحمام لو كان مهدوما فباع أحد الشريكين نصيبه كان للشريك الشفعة، وما يستحق بالشفعة مهدوما يستحق بالشفعة مثبتا كالشقص من الجدار.
ثم أجاب عن القول بأن علة الشفعة دفع ضرر مؤونة القسمة، وأنه لا قسمة فيما لا يقبلها، فقال: وبهذا يتبين أن مؤونة المقاسمة إن كانت لا تلحقه في الحال فقد تلحقه في الثاني وهو ما بعد الانهدام إذا طلب أحدهما قسمة الأرض بينهما29. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: اتفق الأئمة على ثبوت الشفعة في العقار الذي يقبل القسمة قسمة الإجبار كالقرية والبستان ونحو ذلك، وتنازعوا فيما لا يقبل قسمة الإجبار، وإنما يقسم بضرر أو رد عوض، فيحتاج إلى التراضي، هل تثبت فيه الشفعة؟ على قولين:
أحدهما: تثبت وهو مذهب أبي حنيفة واختاره بعض أصحاب الشافعي كابن سريج وطائفة من أصحاب أحمد كأبي الوفاء ابن عقيل وهي رواية المهذب عن مالك، وهذا القول هو الصواب كما سنبينه إن شاء الله.
والثاني: لا تثبت فيه الشفعة... - ثم قال -: والقول الأول أصح؛ فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من كان له شريك في أرض أو ربعة أو حائط فلا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به))30 ولم يشترط النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأرض والربعة والحائط أن يكون مما يقبل القسمة، فلا يجوز تقييد كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير دلالة من كلامه، لا سيما وقد ذكر هذا في باب تأسيس إثبات الشفعة، وليس عنه لفظ صحيح صريح في الشفعة أثبت من هذا، ففي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة31، فلم يمنع الشفعة إلا مع إقامة الحدود وصرف الطرق، وهذا الحديث في الصحيح عن جابر، وفي السنن عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا))32 فإذا قضى بها للاشتراك في الطريق، فلأن يقضي بها للاشتراك في رقبة الملك أولى وأحرى... -إلى أن قال-: وأيضا فمن المعلوم أنه إذا أثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفعة فيما يقبل القسمة فما لا يقبل القسمة أولى بثبوت الشفعة فيه؛ فإن الضرر فيما يقبل القسمة يمكن رفعه بالمقاسمة، وما لا يمكن فيه القسمة يكون ضرر المشاركة فيه أشد، وظنُّ من ظنَّ أنها تثبت لرفع ضرر المقاسمة لا لضرر المشاركة كلامٌ ظاهر البطلان؛ فإنه قد ثبت بالنص والإجماع أنه إذا طلب أحد الشريكين القسمة فيما يقبلها وجبت إجابته إلى المقاسمة، ولو كان ضرر المشاركة33 أقوى لم يرفع أدنى الضررين بالتزام أعلاهما، ولم يوجب الله ورسوله الدخول في الشيء الكثير لرفع الشيء القليل؛ فإن شريعة الله منزهة عن مثل هذا.
وأما قولهم: هذا يستلزم ضرر الشريك البائع، فجوابه: أنه إذا طلب المقاسمة ولم يمكن قسمة العين فإن العين تباع، ويجبر الممتنع على البيع ويقسم الثمن بينهما، وهذا مذهب جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد34. اهـ .
وقال ابن قدامة - رحمه الله - في معرض توجيه القول بثبوت الشفعة فيما لا تمكن قسمته -بعد أن ذكر أنه رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله -: ووجه هذا عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الشفعة فيما لم تقسم))35 وسائر الألفاظ العامة، ولأن الشفعة ثبتت لإزالة ضرر المشاركة، والضرر في هذا النوع أكثر؛ لأنه يتأبد ضرره36. اهـ.
وسئل الشيخ حمد بن ناصر والشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد - رحمهما الله - عن الشفعة في أرض لا تمكن قسمتها إجباراً، فأجابا: هذه المسألة اختلف الفقهاء فيها، وفيها قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد.
الأولى: أن الشفعة لا تثبت إلا في المبيع الذي تمكن قسمته، فأما مالا تمكن قسمته من العقار كالحمام الصغير، والعضادة، والطريق الضيقة، فلا شفعة فيه، وبه قال يحيى بن سعيد والشافعي، وهذا هو المذهب عند المتأخرين من الحنابلة، قال الموفق في المغني: وهو ظاهر المذهب؛ لما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا شفعة في فناء ولا في طريق في منقبة)) والمنقبة: الطريق الضيق، رواه أبو الخطاب في رؤوس المسائل.
والرواية الثانية: تثبت الشفعة فيه، وهو قول أبي حنيفة، والثوري، وابن سريج، ورواية عن مالك، واختاره ابن عقيل، وأبو محمد الجوزي، والشيخ تقي الدين، قال الحارثي: وهو الحق لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الشفعة فيما لم يقسم))37 وسائر الألفاظ، ولأن الشفعة تثبت لإزالة الضرر بالمشاركة، والضرر في هذا النوع أكثر؛ لأنه يتأبد ضرره وهذا هو المفتى به عندنا وهو الراجح38. اهـ.
وقال الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي - رحمه الله - إجابةً لسؤال وجه إليه عن رأيه في اشتراط أن تكون الشفعة في أرض تجب قسمتها ما نصه: وأما المسألة الثانية وهي أنهم - رحمهم الله - لم يثبتوا الشفعة إلا في العقار الذي يمكن قسمته دون ما لا تمكن قسمته، فهذا ضعيف أيضا؛ لأن حديث جابر المرفوع: قضى صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم39 - وهو في الصحيح - صريح في عموم الشفعة في كل عقار لم يقسم سواء أمكنت قسمته بلا ضرر أم لا.
ومن جهة المعنى الذي أثبت الشارع الشفعة فيه للشريك لإزالة ضرر الشركة، وهذا المعنى موجود في الأرض التي لا يمكن قسمتها أكثر من غيرها؛ لتمكنه في غيرها بإزالة ضرر الشركة في القسمة فيما يقسم بلا ضرر، وأما ما لا يمكن قسمته إلا بضرر فهو أعظم ضررا من غيره فكيف لا تثبت به وهذا هو الصحيح وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد40. اهـ.
1. 2. الاشتراك في المنقولات:
لا يخلو أمر المنقول من حالين: إما أن يكون متصلا بالأرض كالبناء والغراس مما يباع مع الأرض فهذا يؤخذ بالشفعة تبعا لأصله، قال ابن قدامة - رحمه الله - بعد أن حكاه قولا واحدا في المذهب بغير خلاف: ولا نعرف فيه بين من أثبت الشفعة خلافا41. اهـ .
وإما أن يكون منفصلا عنه: كالزرع والثمرة وغيرهما من المنقولات، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الشفعة لا تثبت فيه تبعا ولا منفردا؛ لأن الشفعة بيع في الحقيقة وما كان منفصلا لا يدخل في البيع تبعا.
قال الشربيني في شرحه قول صاحب المنهاج: "لا تثبت في منقول" ما نصه: لا تثبت الشفعة في منقول كالحيوان والثياب سواء أبيعت وحدها أم مضمومة إلى أرض للحديث المار فإنه يخصها بما تدخله القسمة والحدود والطرق وهذا لا يكون في المنقولات، ولأن المنقول لا يدوم بخلاف العقار فيتأبد فيه ضرر المشاركة، والشفعة تملك بالقهر فناسب مشروعيتها عند شدة الضرر، والمراد بالمنقول ابتداء لتخرج الدار إذا انهدمت بعد ثبوت الشفعة فإن نقضها يؤخذ بالشفعة. اهـ.
وقال أيضا في شرحه قول صاحب المنهاج: "وكذا ثمر لم يؤبر في الأصح" ما نصه: ويأخذ الشفيع الشجر بثمرة حدثت بعد البيع ولم تؤبر عند الأخذ؛ لأنها قد تبعت الأصل في البيع فتبعته في الأخذ، بخلاف ما إذا أبِّرت عنده فلا يأخذها لانتفاء التبعية، أما المؤبرة عند البيع إذا دخلت بالشرط فلا تؤخذ؛ لما سبق من انتفاء التبعية فتخرج بحصتها من الثمن42. اهـ .
وقال ابن قدامة - رحمه الله -: القسم الثاني: ما لا تثبت فيه الشفعة تبعا ولا مفردا، وهو الزرع والثمرة الظاهرة تباع مع الأرض، فإنه لا يؤخذ بالشفعة مع الأصل.. ثم ذكر توجيه ذلك بقوله: لأنه لا يدخل في البيع تبعا، فلا يؤخذ بالشفعة كقماش الدار، وعكسه البناء والغراس، وتحقيقه أن الشفعة بيع في الحقيقة، لكن الشارع جعل له سلطان الأخذ بغير رضا المشتري، فإن بيع الشجر وفيه ثمرة غير ظاهرة كالطلع غير المؤبر دخل في الشفعة؛ لأنها تتبع في البيع فأشبهت الغراس في الأرض، وأما ما بيع مفردا من الأرض فلا شفعة فيه سواء كان مما ينقل كالحيوان، والثياب، والسفن، والحجارة، والزرع، والثمار، أو لا ينقل كالبناء والغراس إذا بيع مفردا، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي43. اهـ.
وذهب الحنفية إلى أن الثمرة في الأرض تابعة للأرض في استحقاق الشفعة استحسانا إذا شرطها المبتاع، وأما القياس: فإن الشفيع لا يأخذها؛ لأنها في حكم المنفصل أشبه المتاع في الدار، قال في الهداية: ومن ابتاع أرضا وعلى نخلها ثمر أخذها الشفيع بثمرها، ومعناه: إذا ذكر الثمر في البيع لأنه لا يدخل من غير ذكر، وهذا الذي ذكره استحسانٌ، وفي القياس: لا يأخذه؛ لأنه ليس بتبع، ألا يرى أنه لا يدخل في البيع من غير ذكر فأشبه المتاع في الدار، وجه الاستحسان: أنه باعتبار الاتصال صار تبعا للعقار كالبناء في الدار، وما كان مركبا فيه فيأخذه الشفيع44. اهـ.
وأما ما كان منفصلا عن الأرض كأثاث الدار والعروض والسفن والحيوانات وغير ذلك من المنقولات فلا شفعة فيها؛ لأن الشفعة إنما وجبت لدفع ضرر سوء الجوار على الدوام والملك في المنقول لا يدوم مثل دوامه في العقار، فلا تلحق به45.
واختلفت الروايات عن الإمام مالك - رحمه الله - في الثمرة على الأرض هل تؤخذ بالشفعة أم لا؟ قال ابن رشد: فتحصيل مذهب مالك أنها في ثلاثة أنواع:
أحدها: مقصود، وهو العقار من الدور والحوانيت والبساتين.
والثاني: ما يتعلق بالعقار مما هو ثابت لا ينقل ولا يحول كالبئر.
والثالث: ما تعلق بهذه كالثمار وفيها عنه خلاف46. اهـ .
وقد ذكر ابن رشد في مقدماته: أن النخل يوم الابتياع لا تخلو من ثلاثة أوجه: الأول: ألا يكون فيها ثمرة أصلا، أو يكون فيها ثمرة إلا أنها لم تؤبر، وهذه الحال لا خلاف في أن الشفيع يأخذ النخل بثمرته، الثاني أن يكون فيها يوم الابتياع ثمرة مؤبرة وقد ذكر الخلاف في استحقاق الثمرة تبعا للأصل، فذكر أن قول المدنيين في المدونة وهو قول أشهب وأكثر الرواة: أنه لا حق للشفيع في الثمرة إذا لم يدركها حتى أبرت، وأصل الخلاف في ذلك: هل الأخذ بالشفعة كالأخذ بالبيع؟ أو أن الثمرة تصير غلة بالإبار؟، الثالث: أن يكون في النخل يوم الابتياع ثمرة قد أزهت، وهذا الوجه كالوجه الثاني فيه الخلاف بين أصحاب مالك، وقد قال ابن القاسم في المدونة: أن الشفيع أحق بها ما لم تُجد ويأخذها الشفيع بحكم الاستحقاق لا بحكم الشفعة47.
وأما المنقولات المنفصلة كالسفن والحيوانات والأثاث وغيرها فلا شفعة فيها، قال في المدونة: قلت: ولا شفعة في دين، ولا حيوان، ولا سفن، ولا بر، ولا طعام، ولا في شيء من العروض، ولا سارية، ولا حجر، ولا في شيء من الأشياء سوى ما ذكرت لي كان مما يقسم أو لا يقسم في قول مالك؟ قال: نعم، لا شفعة في ذلك، ولا شفعة فيما ذكرت لك48. اهـ .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الشفعة ثابتة في كل شيء حتى في الثوب لما روى الترمذي بسند جيد عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعا: ((الشريك شفيع والشفعة في كل شيء))49، ورواه مرسلا وصحح المرسل. قال الحافظ: ورواه الطحاوي بلفظ: قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شيء ورجاله ثقات50. ولأن الشفعة شرعت لدفع ضرر المشاركة. وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، قال ابن قدامة - رحمه الله - في معرض كلامه على الشفعة في المنقولات ما نصه: واختلف عن مالك وعطاء فقالا مرة كذلك، ومرة قالا: الشفعة في كل شيء حتى في الثوب، قال ابن أبي موسى: وقد روي عن أبي عبد الله رواية أخرى أن الشفعة واجبة فيما لا ينقسم كالحجارة والسيف والحيوان وما في معنى ذلك51. اهـ.
وقال في حاشية الروض المربع للشيخ عبد الله العنقري على قول الشارح فلا شفعة في منقول كسيف ونحوه ما نصه: قوله: فلا شفعة في منقول إلى قوله ونحوها. قال في الإنصاف: والرواية الثانية فيه الشفعة اختاره ابن عقيل وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين قال الحارثي: وهو الحق، وعنه يجب في كل مال حاشا منقولا ينقسم52. اهـ.
وممن قال بذلك ابن حزم، ففي المحلى ما نصه: الشفعة واجبة في كل جزء بيع مشاعا غير مقسوم بين اثنين فصاعدا من أي شيء كان مما ينقسم، ومما لا ينقسم، من أرض، أو شجرة واحدة فأكثر، أو عبد، أو ثوب، أو أمة، أو من سيف، أو من طعام، أو من حيوان، أو من أي شيء بيع53. اهـ .
1. 3. الجوار:
لا يخلو أمر الجار من حالين: إما أن يكون شريكا لجاره في مرافق خاصة كشرب ومسيل وطريق غير نافذ ونحو ذلك، وإما ألا يشاركه في شيء من ذلك، فإن كان شريكا لجاره في المرافق الخاصة فقد ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بعدم الشفعة في ذلك لما في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما – قال: "إنما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم- الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة"54. ولما روى مسلم في صحيحه عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط))55، حيث دل الحديثان على حصر الشفعة فيما هو مشترك ولم يقسم، فإذا قسم فلا شفعة، ولأن الشفعة مشروعة؛ لرفع ضرر الاشتراك والمقاسمة، ولما في المقاسمة من احتمال نقص قيمة حصة الشريك بعد المقاسمة لما تستلزمه المقاسمة في الغالب من إحداث مرافق خاصة لما يقتسم.
قال في المدونة: قلت لابن القاسم: أرأيت لو أن قوما اقتسموا دارا بينهم فعرف كل رجل منهم بيوته ومقاصيره إلا أن المساحة بينهم لم يقتسموها أتكون الشفعة بينهم أم لا في قول مالك؟ قال: قال مالك: لا شفعة بينهم إذا اقتسموا، قلت: وإن لم يقتسموا المساحة وقد اقتسموا البيوت فلا شفعة بينهم في قول مالك؟ قال: نعم... قلت: أرأيت السكة غير النافذة تكون فيها دار لقوم فباع بعضهم داره أيكون لأصحاب السكة الشفعة أم لا في قول مالك؟ قال: لا شفعة لهم عند مالك. قلت: ولا تكون الشفعة في قول مالك بالشركة في الطريق؟ قال: نعم لا شفعة بينهم إذا كانوا شركاء في طريق، ألا ترى أن مالكا قال: لا شفعة بينهم إذا اقتسموا الدار؟56. اهـ .
وقال ابن رشد في معرض تعداد ما لا شفعة فيه: وكذلك لا شفعة عنده في الطريق ولا في عرصة الدار57. اهـ .
وقال الشربيني على قول صاحب المنهاج: "ولا شفعة إلا لشريك" ما نصه: ولا شفعة إلا لشريك في رقبة العقار، فلا تثبت للجار لخبر البخاري المار، ولا للشريك في غير رقبة العقار كالشريك في المنفعة فقط، ولو باع داراً وله شريك في ممرها فقط التابع لها، فإن كان دربا غير نافذ فلا شفعة له فيها؛ لانتفاء الشركة فيها58.اهـ.
وقال النووي: وأما المقسوم فهل تثبت فيه الشفعة بالجوار؟، فيه خلاف، فذهب الشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء لا تثبت بالجوار، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ويحيى الأنصاري، وأبي الزناد، وربيعة، ومالك، والأوزاعي، والمغيرة بن عبد الرحمن، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور59. اهـ.
وذكر ابن قدامة -رحمه الله- أن الشفعة لا تثبت إلا بشروط أربعة أحدها: أن يكون الملك مشاعا غير مقسوم، فأما الجار فلا شفعة له... ثم ذكر من اختار هذا القول من أهل العلم ومن خالفه كأبي حنيفة وغيره، ثم وجه القول بحصر الشفعة في الملك غير المقسوم، فقال: ولنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))60 وروى ابن جريج عن الزهري، عن سعيد بن المسيب أو عن أبي سلمة أو عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إذا قسمت الأرض وحددت فلا شفعة))61 رواه أبو داود.
ولأن الشفعة تثبت في موضع الوفاق على خلاف الأصل لمعنى معدوم في محل النزاع فلا تثبت فيه، وبيان انتفاء المعنى هو أن الشريك ربما دخل عليه شريك فيتأذى به، فتدعوه الحاجة إلى مقاسمته، أو يطلب الداخل المقاسمة فيدخل الضرر على الشريك بنقص قيمة ملكه وما يحتاج إلى إحداثه من المرافق وهذا لا يوجد في المقسوم... -إلى أن قال-: إذا ثبت هذا فلا فرق بين كون الطريق مفردة أو مشتركة، قال أحمد في رواية ابن القاسم في رجل له أرض تشرب هي وأرض غيره من نهر واحد: فلا شفعة له من أجل الشرب؛ إذا وقعت الحدود فلا شفعة62. اهـ .
وقال البهوتي - رحمه الله -: ومن أرضه بجوار أرض لآخر ويشربان من نهر أو بئر واحدة فلا شفعة بذلك63. اهـ.
وذهب الحنفية: ومن وافقهم من أهل العلم إلى أن الشفعة تثبت للخليط في حق المبيع إذا لم يكن ثم من يحجبه عنه كوجود خليط في المبيع نفسه، وذلك لما روى الحسن عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((جار الدار أحق بالدار))64 رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((الجار أحق بداره ينتظر به إذا كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا))65 رواه الترمذي وقال حديث حسن. وقال الحافظ في البلوغ رواه أحمد والأربعة ورجاله ثقات.
ولأن اتصال ملكه به يدوم ويتأبد، فهو مظنة التضرر بالاختلاط في حقوق المبيع كالشركة، قال في الهداية في معرض توجيهه القول بثبوت الشفعة للخليط في حق المبيع ثم للجار ما نصه: ولنا ما روينا، ولأن ملكه متصل بملك الدخيل اتصال تأبيد وقرار، فيثبت له حق الشفعة عند وجود المعاوضة بالمال اعتبارا بمورد الشرع، وهذا لأن الاتصال على هذه الصفة إنما انتصب سببا فيه لدفع ضرر الجوار إذ هو مادة المضار على ما عرف، وقطع هذه المادة بتملك الأصل أولى66. اهـ.
وقد قال بثبوت الشفعة بالشركة في مصالح العقار بعض الحنابلة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وصاحب الفائق وهو اختيار الحارثي، قال أبو الحسن المرداوي: وهو ظاهر كلام الإمام أحمد - رحمه الله - في رواية أبي طالب وقد سأله عن الشفعة، فقال: إذا كان طريقهما واحدا لم يقتسموا، فإذا صرفت الطرق وعرفت الحدود فلا شفعة، وهذا هو الذي اختاره الحارثي... وذكر ظاهر كلام الإمام أحمد المتقدم، ثم قال: وهذا الصحيح الذي يتعين المصير إليه، ثم ذكر أدلته وقال: في هذا المذهب جمع بين الأخبار دون غيره فيكون أولى بالصواب67. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد تنازع الناس في شفعة الجار على ثلاثة أقوال، أعدلها هذا القول: إنه إن كان شريكا في حقوق الملك ثبتت له الشفعة وإلا فلا68. اهـ.
وقال ابن القيم - رحمه الله -: والصواب القول الوسط الجامع بين الأدلة الذي لا يحتمل سواه، وهو قول البصريين وغيرهم من فقهاء الحديث: أنه إن كان بين الجارين حق مشترك من حقوق الأملاك من طريق أو ماء أو نحو ذلك ثبتت الشفعة، وإن لم يكن بينهما حق مشترك البتة، بل كان واحد منهما متميزا ملكه وحقوق ملكه، فلا شفعة، وهذا الذي نص عليه أحمد في رواية أبي طالب، فإنه سأله عن الشفعة لمن هي، فقال: إذا كان طريقهما واحدا، فإذا صرفت الطرق وعرفت الحدود فلا شفعة، وهو قول عمر بن عبد العزيز وقول القاضيين: سوار بن عبيد الله، وعبيد الله بن الحسن العنبري... -إلى أن قال-: والقياس الصحيح يقتضي هذا القول؛ فإن الاشتراك في حقوق الملك شقيق الاشتراك في الملك، والضرر الحاصل بالشركة فيها كالضرر الحاصل بالشركة في الملك أو أقرب إليه، ورفعه مصلحة للشريك من غير مضرة على البائع ولا على المشتري، فالمعنى الذي وجبت لأجله شفعة الخلطة في الملك موجود في الخلطة في حقوقه، فهذا المذهب أوسط المذاهب وأجمعها للأدلة وأقربها إلى العدل، وعليه يحمل الاختلاف عن عمر - رضي الله عنه - حيث قال: لا شفعة فيما إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق، وحيث أثبتها فيما إذا لم تصرف الطرق، فإنه قد روى عنه هذا وهذا. وكذلك ما روى عن علي - رضي الله عنه - فإنه قال: إذا حدت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة، ومن تأمل أحاديث شفعة الجار رآها صريحة في ذلك، وتبين له بطلان حملها على الشريك، وعلى حق الجوار غير الشفعة، وأجاب - رحمه الله - عن حديث أبي هريرة: ((فإذا وقعت الحدود فلا شفعة))69 بأن تصريف الطرق داخل في وقوع الحدود، فإن الطريق إذا كانت مشتركة لم تكن الحدود كلها واقعة، بل بعضها حاصل وبعضها منتفٍ، فوقوع الحدود من كل وجه يستلزم أو يتضمن تصريف الطرق70.
وسئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - هل تثبت الشفعة بالشركة في الطريق والبئر والشركة في السيل؟ فأجاب: تثبت للجار إذا كان شريكا في الطريق والبئر، ولا تثبت الشفعة بالشركة بالجدار ولا بالشركة في السيل. وأجاب ابنه عبد الله بما نصه: قولك: هل تثبت الشفعة بالشركة في البئر والطريق ومسيل الماء؟ فالمفتى به عندنا أنها تثبت بذلك، كما هو اختيار الشيخ تقي الدين وغيره من العلماء. اهـ، وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - عن ثبوت الشفعة بالشركة بالسيل، فأجاب: المذهب عدم ثبوت الشفعة بالطريق، والسيل مثله، واختيار الشيخ: التشفيع بمرافق الأملاك من الطرق والبئر والسيل وهو الذي عليه الفتوى عند أئمة الدعوة لحديث: ((الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا))71 ولمفهوم حديث: ((فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))72 وهو الذي نفتي به73. اهـ .
وقال ابن حزم: والشفعة واجبة، وإن كانت الأجزاء مقسومة إذا كان الطريق إليها واحدا متملكا نافذا أو غير نافذ لهم، فإن قسم الطريق أو كان نافذا غير متملك لهم فلا شفعة حينئذ كان ملاصقا أو لم يكن. برهان ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))74. فلم يقطعها - عليه السلام - إلا باجتماع الأمرين وقوع الحدود وصرف الطرق لا بأحدهما دون الآخر75. اهـ .
وأما الجار غير الشريك فقد ذهب الحنفية إلى القول بحقه في الأخذ بالشفعة على شرط انتفاء من هو أحق منه بها، كالخليط في المبيع أو في حقه، وذهب إلى القول بذلك ابن شبرمة والثوري وابن أبي ليلى. قال في الهداية: الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع، ثم للخليط في حق المبيع كالشرب والطريق ثم للجار. أفاد هذا اللفظ ثبوت حق الشفعة لكل واحد من هؤلاء وأفاد الترتيب. أما الثبوت فلقوله - عليه الصلاة والسلام –: ((الشفعة لشريك لم يقاسم)) ولقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((جار الدار أحق بالدار ينتظر له وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا))76 ولقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((الجار أحق بسقبه)) قيل: يا رسول الله ما سقبه؟ قال: ((شفعته))77 ويروى: ((الجار أحق بشفعته))78... - إلى أن قال-: وأما الترتيب فلقوله - عليه الصلاة والسلام –: ((الشريك أحق من الخليط، والخليط أحق من الشفيع)) فالشريك في نفس المبيع والخليط في حقوق المبيع، والشفيع هو الجار79. اهـ.
أدلة القائلين بقصر الشفعة على الشريك في المبيع دون الجار أو الشريك في حق المبيع ومناقشتها:
استدل القائلون بقصر الشفعة على الشريك في المبيع دون الشريك في حق المبيع أو الجار بما يأتي:
1 - ما في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما – قال: ((قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))80 وفي لفظ: إنما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل ما لم يقسم81 الخ.
2 - ما في صحيح مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط ولا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه82 إلى آخر الحديث.
3 - ما روى الشافعي بإسناده إلى أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة))83.
4 - ما في سنن أبي داود بإسناده إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قسمت الأرض وحدت فلا شفعة فيها))84.
5 - ما في الموطأ بإسناده إلى أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة فيما لم يقسم فإذا صرفت الطرق ووقعت الحدود فلا شفعة85.
6 - ما ذكره سعيد بن منصور بإسناده إلى عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - قال: إذا صرفت الحدود وعرف الناس حدودهم فلا شفعة بينهم.
فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن الشفعة مشروعة فيما هو مشاع غير مقسوم، ولأن الضرر اللاحق بالشركة هو ما توجبه من التزاحم في المرافق والحقوق والأحداث والتغيير والإفضاء إلى التقاسم الموجب لنقص قيمة الملك بالقسمة. أما إذا قسمت الأرض فوقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة حينئذ لانتفاء الضرر بذلك.
ووجه القائلون بذلك القول حصر الشفعة للشريك دون غيره، وأجابوا عن الأحاديث الواردة بالشفعة للجار فقال ابن القيم - رحمه الله -: قالوا: وقد فرق الله بين الشريك والجار شرعا وقدرا، ففي الشركة حقوق لا توجد في الجوار؛ فإن الملك في الشركة مختلط، وفي الجوار متميز، ولكل من الشريكين على صاحبه مطالبة شرعية، ومنع شرعي، أما المطالبة: ففي القسمة، وأما المنع: فمن التصرف، فلما كانت الشركة محلا للطلب ومحلا للمنع كانت محلا للاستحقاق، بخلاف الجوار، فلم يجز إلحاق الجار بالشريك وبينهما هذا الاختلاف، والمعنى الذي وجبت به الشفعة رفع مؤونة المقاسمة، وهي مؤونة كثيرة، والشريك لما باع حصته من غير شريكه فهذا الدخيل قد عرضه لمؤونة عظيمة فمكنه الشارع من التخلص منها بانتزاع الشقص على وجه لا يضر بالبائع ولا بالمشتري، ولم يمكنه الشارع من الانتزاع قبل البيع؛ لأن شريكه مثله ومساو له في الدرجة، فلا يستحق عليه شيئا إلا ولصاحبه مثل ذلك الحق عليه، فإذا باع صار المشتري دخيلا والشريك أصيل، فرجح جانبه، وثبت له الاستحقاق، قالوا: وكما أن الشارع يقصد رفع الضرر عن الجار فهو أيضا يقصد رفع الضرر عن المشتري، ولا يزيل ضرر الجار بإدخال الضرر على المشتري، فإنه محتاج إلى دار يسكنها هو وعياله، فإذا سلط الجار على إخراجه وانتزاع داره منه أضر به إضرارا بيِّنًا. وأي دار اشتراها وله جار فحاله معه هكذا، وتطلبه دارا لا جار لها كالمتعذر عليه، أو كالمتعسر فكان من تمام حكمة الشارع أن أسقط الشفعة بوقوع الحدود وتصريف الطرق لئلا يضر الناس بعضهم بعضا، ويتعذر على من أراد شراء دار لها جار أن يتم له مقصوده، وهذا بخلاف الشريك، وأن المشتري لا يمكنه الانتفاع بالحصة التي اشتراها، والشريك يمكنه ذلك بانضمامها إلى ملكه، فليس على المشتري ضرر في انتزاعها منه، وإعطائه ما اشتراها به. قالوا: وحينئذ تعين حمل أحاديث شفعة الجوار على مثل ما دلت عليه أحاديث شفعة الشركة فيكون لفظ الجار فيها مرادا به الشريك، ووجه هذا الإطلاق المعنى والاستعمال، أما المعنى: فإن كل جزء من ملك الشريك مجاور لملك صاحبه فهما جاران حقيقة، وأما الاستعمال فإنهما خليطان متجاوران ولذا سميت الزوجة جارة كما قال الأعشي:
أجارتنا بيني فإنك طالقة...
فتسمية الشريك جارا أولى وأحرى، وقال حمل بن مالك: كنت بين جارتين لي.. هذا إن لم يحتمل إلا إثبات الشفعة، فأما إن كان المراد بالحق فيها حق الجار على جاره فلا حجة فيها على إثبات الشفعة، وأيضا فإنه إنما أثبت له على البائع حق العرض عليه إذا أراد البيع، فأين ثبوت حق الانتزاع86. اهـ.
وقد ناقش القائلون بثبوت الشفعة للجار هذه الأدلة بما يأتي:
1 - بالنسبة لحديث جابر فإن قوله: فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة87. فقد ذكر أبو حاتم بأنه مدرج من قول جابر، قالوا: ويؤيد ذلك أن مسلما لم يخرج هذه الزيادة، وأجيب عن ذلك بأن الأصل أن كل ما ذكره في الحديث فهو منه حتى يثبت الإدراج بدليل، فضلا عن أن هذه الزيادة قد وردت في حديث آخر كحديث أبي هريرة.
2 - وأما القول بأن العقار إذا كان مقسوما معروف الحدود مصرفة طرقه فلا ضرر على مالكه بتداول الأيدي لمجاورة فغير صحيح؛ ذلك أن في الضرر الذي قصد الشارع رفعه ضرر سوء الجوار؛ فإن الجار قد يسيء الجوار غالبا، فيعلي الجدار، ويتتبع العثار، ويمنع الضوء، ويشرف على العورة، ويطلع على العثرة، ويؤذي جاره بأنواع الأذى، وقد أجمعت الأدلة على ثبوت الشفعة للشريك لدفع الض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم الشفعة بالمرافق الخاصة    حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyالسبت فبراير 02, 2013 2:11 pm

المناقشة:
أجاب القائلون بحصر الشفعة في الشريك دون غيره بما يأتي:
1 - بالنسبة لحديث أبي رافع - رضي الله عنه - فقد ذكر الحافظ ابن حجر في معرض شرحه هذا الحديث وإيراده وجه استدلال الحنفية به على ثبوت الشفعة للجار حقيقة في المجاورة مجازا في الشريك، قال ما نصه: إن محل ذلك عند التجرد وقد قامت القرينة هنا على المجاز فاعتبر للجمع بين حديثي جابر وأبي رافع، فحديث جابر صريح في اختصاص الشفعة بالشريك، وحديث أبي رافع مصروف الظاهر اتفاقا؛ لأنه يقتضي أن يكون الجار أحق من كل أحد حتى من الشريك، والذين قالوا بشفعة الجار قدموا الشريك مطلقا، ثم المشارك في الطريق، ثم الجار على من ليس بمجاور، فعلى هذا يتعين تأويل قوله: (أحق) بالحمل على الفضل أو التعهد ونحو ذلك95. اهـ.
2 - بالنسبة لحديث جابر: ((الجار أحق بشفعة جاره))96الخ، فقال الترمذي: لا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وقد تكلم شعبة في عبد الملك من أجل هذا الحديث... - ثم قال -: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: لا أعلم أحدا رواه عن عطاء غير عبد الملك تفرد به، ويروى عن جابر خلاف هذا. اهـ... قال شعبة سها فيه عبد الملك، فإن روى حديثا مثله طرحت حديثه، ثم ترك شعبة التحديث عنه. وقال أحمد: هذا الحديث منكر. وقال ابن معين: لم يروه غير عبد الملك، وقد أنكروه عليه97. اهـ.
وقد أجاب ابن القيم - رحمه الله - عن الطعن في حديث جابر فقال: إن عبد الملك هذا حافظ ثقة صدوق، ولم يتعرض له أحد بجرح البتة، وأثنى عليه أئمة زمانه ومن بعدهم، وإنما أنكر عليه من أنكر هذا الحديث ظنا منهم أنه مخالف لرواية الزهري عن أبي سلمة عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))98.
ولا تحتمل مخالفة العرزمي لمثل الزهري وقد صح هذا من رواية جابر عن الزهري عن أبي سلمة عنه ومن رواية ابن جريج عن أبي الزبير عنه، ومن حديث يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة عنه، فخالفهم العرزمي، ولهذا شهد الأئمة بإنكار حديثه ولم يقدموه على حديث هؤلاء... - إلى أن قال -: وحديث جابر الذي أنكره من أنكره على عبد الملك صريح فيه؛ فإنه قال: ((الجار أحق بسقبه، ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا)) فأثبت الشفعة بالجوار مع اتحاد الطريق، ونفاها به مع اختلاف الطريق بقوله: ((فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))99 فمفهوم حديث عبد الملك هو بعينه منطوق حديث أبي سلمة، فأحدهما يصدق الآخر ويوافقه لا يعارضه ويناقضه، وجابر روى اللفظين... -إلى أن قال-: وحديث أبي رافع الذي رواه البخاري يدل على مثل ما دل عليه حديث عبد الملك؛ فإنه دل على الأخذ بالجوار حالة الشركة في الطريق، فإن البيتين كانا في نفس دار سعد والطريق واحد بلا ريب100. اهـ.
3 - وأما حديث الشريد بن سويد فقال الخطابي: قد تكلم أهل الحديث في إسناده واضطراب الرواة عنه، فقال بعضهم عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع، وقال بعضهم عن أبيه عن أبي رافع وأرسله بعضهم.
وذكر ابن قدامة - رحمه الله - عن ابن المنذر قوله: الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث جابر الذي رويناه، وما عداه من الأحاديث فيها مقال101.
وأجيب عن ذلك بما ذكره ابن القيم - رحمه الله - عن البخاري بخصوص حديث الشريد بن سويد أو عمرو بن الشريد قال: قال البخاري هو أصح عندي من رواية عمرو عن أبي رافع - يعني حديث أبي رافع مع سعد ابن أبي وقاص -، وقال أيضا: كلا الحديثين عندي صحيح102.
وقال ابن حزم في معرض مناقشته الأحاديث والآثار التي استدل بها أهل هذا القول ما نصه: ثم نظرنا في حديث عمرو بن الشريد عن أبي رافع عن أبيه فوجدناه لا متعلق لهم به؛ لأنه ليس فيه إلا ((الجار أحق بصقبه)) وليس فيه للشفعة ذكر ولا أثر، وقد حدثنا همام، حدثنا عباس بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثقفي، قال: سمعت عمرو بن الشريد يحدث عن الشريد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المرء أحق وأولى بصقبه)) قلت لعمرو: ما صقبه؟ قال الشفعة، قلت: زعم الناس أنها الجوار، قال: الناس يقولون ذلك103، فهذا راوي الحديث عمرو بن الشريد لا يرى الشفعة بالجوار، ولا يرى لفظ ما روى يقتضي ذلك، فبطل كل ما موهوا به. ثم لو صحت هذه الأحاديث ببيان واضح أن الشفعة للجار لكان حكمه - عليه الصلاة والسلام - وقوله وقضاؤه، ((فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))104يقضي على ذلك كله ويرفع، فكيف ولا بيان في شيء منها105. اهـ.
4 - وأما حديث سمرة ففي سماع الحسن من سمرة مقال معروف لدى علماء الحديث، قال يحيى بن معين: لم يسمع الحسن من سمرة، وإنما هي صحيفة وقعت إليه، وقال غيره: لم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة، وقد أجاب عن ذلك ابن القيم - رحمه الله - حيث قال: قد صح سماع الحسن من سمرة، وغاية هذا أنه كتاب، ولم تزل الأمة تعمل بالكتب قديما وحديثا، وأجمع الصحابة على العمل بالكتب، وكذلك الخلفاء بعدهم، وليس اعتماد الناس في العلم إلا على الكتب، فإن لم يعمل بما فيها تعطلت الشريعة، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتب كتبه إلى الآفاق والنواحي فيعمل بها من تصل إليه، ولا يقول هذا كتاب، وكذلك خلفاؤه من بعده والناس إلى اليوم. فرد السنن بهذا الخيال البارد الفاسد من أبطل الباطل، والحفظ يخون والكتاب لا يخون106. اهـ .
ويمكن أن يجاب عن قول ابن القيم - رحمه الله - بأن الغالب على طالب العلم أن يسجل كل ما عنَّ له من صحيح وضعيف، وما له وجه وما لا وجه له، على أمل أن يتم له النظر لأبعاد ما لا وجه له ولا صحة، ويحتمل أن يعجله الأجل قبل ذلك بخلاف ما يؤلفه طالب العلم وينشره بين الناس فإنه بنشره يعتبر في حكم المقتنع بوجاهته وصحة ما فيه مما يراه، وكذا ما يكتبه الوالي إلى عماله أو غيرهم فإنه يكتب ما يكتب عن اقتناع بوجاهة ما كتبه.
5 - وأما الاحتجاج على مشروعية الشفعة للجار بالمعنى فقد أجاب على ذلك ابن القيم - رحمه الله - وسبق نقل ذلك عنه107.
1. 4. الشفعة فيما انتقل إلى الغير بعوض غير مسمى:
إذا انتقل ما يجب فيه الشفعة للغير بعوض غير مسمى فقد ذهب الحنفية إلى نفي الشفعة فيه، قال في الهداية: ولا شفعة في الدار التي يتزوج الرجل عليها، أو يخالع المرأة بها، أو يستأجر بها داراً، أو غيرها، أو يصالح بها عن دم عمد، أو يعتق عليها عبداً، لأن الشفعة عندنا إنما تجب في مبادلة المال بالمال لما بيَّنَّا. وهذه الأعواض ليست بأموال فإيجاب الشفعة فيها خلاف المشروع وقلب الموضوع... - إلى أن قال -: أو يصالح عنها بإنكاره... لأنه يحتمل أنه بذل المال افتداء ليمينه وقطعا لشغب خصمه كما إذا أنكر صريحاً108. اهـ .
وذهب المالكية إلى إثباتها، قال في المدونة: قلت: أرأيت إن تزوجت على شقص من دار، أو خالعت امرأتي على شقص من دار، أيكون في ذلك الشفعة في قول مالك؟ قال: نعم، مثل النكاح والخلع. قلت فبماذا يأخذ الشفيع في الخلع والنكاح والصلح في دم العمد الشقص؟ قال: أما في النكاح والخلع فقال لي مالك: يأخذ الشفيع الشقص بقيمته، وأرى الدم العمد مثله يأخذه بقيمته109. اهـ.
وذهب الشافعية إلى ثبوت الشفعة فيما أخذ بعوض غير مالي، قال الشربيني على قول صاحب المنهاج: وإنما تثبت في ملك بمعاوضة ملكا لازما متأخرا عن ملك الشفيع كمبيع، ومهر، وعوض خلع، وصلح دم، ونجوم، وأجرة، ورأس مال مسلم. قال: بمعاوضة محضة كالبيع أو غير محضة كالمهر، أما البيع فبالنص، والباقي بالقياس عليه بجامع الاشتراك في المعاوضة مع لحوق الضرر110. اهـ.
وأما الحنابلة: فالصحيح من المذهب أنه لا شفعة فيه؛ لأنه مملوك بلا مال أشبه الموهوب والموروث، ولأنه يمتنع أخذه بمهر المثل، وبقيمته؛ لأنها ليست عوض الشقص.
قال المرداوي: قوله: ولا شفعة فيما عوضه غير المال كالصداق وعوض الخلع والصلح عن دم العمد في أحد الوجهين، وأطلقهما في الهداية، والمذهب، والمستوعب، والتلخيص، والمحرر، والرعاية الكبرى، والفروع، والفائق، وظاهر الشرح الإطلاق، أحدهما: لا شفعة في ذلك وهو الصحيح من المذهب، قال في الكافي: لا شفعة فيه في ظاهر المذهب، قال الزركشي: هذا أشهر الوجهين عن القاضي وأكثر أصحابه، قال ابن منجا: هذا أولى.
قال الحارثي: أكثر الأصحاب قال بانتفاء الشفعة منهم أبو بكر، وابن أبي موسى، وأبو علي ابن شهاب، والقاضي، وأبو الخطاب في رؤوس المسائل، وابن عقيل، والقاضي يعقوب، والشريفان أبو جعفر وأبو القاسم الزبدي، والعكبري، وابن بكروس، والمصنف، وهذا هو المذهب ولذلك قدمه في السنن. اهـ، وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في التصحيح والنظم، وجزم به في العمدة، والوجيز، والمنور، والحاوي الصغير، وغيرهم وقدمه في المغني والشرح، وشرح الحارثي وغيرهم. والوجه الثاني: فيه الشفعة، اختاره ابن حامد وأبو الخطاب في الانتصار، وابن حمدان في الرعاية الصغرى، وقدمه ابن رزين في شرحه، فعلى هذا القول يأخذه بقيمته على الصحيح111. اهـ.
الشفعة بشركة الوقف:
اختلف العلماء - رحمهم الله - في جواز الشفعة في الوقف، فذهب الحنفية إلى أن لا شفعة للوقف ولا في الوقف؛ لأنه لا مالك له معين، قال في الدر المختار ما نصه: ولا شفعة في الوقف، ولا له نوازل ولا بجواره... قال المصنف: قلت: وحمل شيخنا الرملي الأول على الأخذ به، والثاني على أخذه بنفسه إذا بيع، وأما إذا بيع بجواره، أو كان بعض المبيع ملكا وبعضه وقفا وبِيع الملك فلا شفعة للوقف. وقال في الحاشية: قوله: أو كان بعض المبيع ملكا إلخ. حاصله أنه لا شفعة له بجوار ولا بشركة فهو صريح بالقسمين كما أشار إليه الشارح بنقل عبارة النوازل ونبهنا عليه. قوله: فلا شفعة للوقف؛ إذ لا مالك له112.اهـ.
وقال الكاساني في معرض تعداده شروط الأخذ بالشفعة ما نصه: ومنها ملك الشفيع وقت الشراء في الدار التي يأخذها بالشفعة؛ لأن سبب الاستحقاق جوار الملك، والسبب إنما ينعقد سببا عن وجود الشرط، والانعقاد أمر زائد على الوجود فإذا لم يوجد عند البيع كيف ينعقد سببا؟ فلا شفعة له بدار يسكنها بالإيجار والإعارة ولا بدار باعها قبل الشراء، ولا بدار جعلها مسجدًا، ولا بدار جعلها وقفا، وقضى القاضي بجوازه أو لم يقضِ على قول من يجيز الوقف؛ لأنه زال ملكه عنها لا إلى أحد113. اهـ.
وذهب المالكية إلى أنه لا شفعة بالوقف إلا للواقف نفسه، بشرط أن يضيف ما يأخذ بالشفعة إلى ما أوقفه، أو أن يجعل ذلك للناظر بأن ينص في ولايته على الأخذ بالشفعة؛ ليضاف إلى الوقف، أو أن يؤول الوقف إلى الموقوف عليهم فلهم حق الأخذ بالشفعة، ولو لم يوقفوا أو أن يؤول النظر أو الاستحقاق إلى بيت المال فللسلطان الأخذ له بالشفعة.
قال أبو البركات أحمد الدردير في معرض تعداد من يجوز لهم الأخذ بالشفعة ما نصه: أو كان الشفيع محبسا لحصته قبل بيع شريكه فله الأخذ بالشفعة ليحبس الشقص المأخوذ أيضا، قال: منها دار بين رجلين حبس أحدهما نصيبه على رجل وولده وولد ولده، فباع شريكه في الدار نصيبه فليس للذي حبس ولا للمحبس عليه أخذ بالشفعة إلا أن يأخذ المحبس فيجعله في مثل ما جعل نصيبه الأول. انتهى. وهذا إذا لم يكن مرجعها له، وإلا فله الأخذ ولو لم يحبس، كأن يوقف على عشرة مدة حياتهم، أو يوقف مدة معينة فله الأخذ مطلقا، كسلطان له الأخذ بالشفعة لبيت المال، قال سحنون في المرتد: يقتل، وقد وجبت له شفعةٌ أن للسلطان أن يأخذها إن شاء لبيت المال114. اهـ.
وذهب الشافعية إلى أن الوقف إن كان عاما كالوقف على الفقراء والمساكين ونحو ذلك فلا شفعة به، وإن كان خاصا فلا شفعة لواقفه؛ لزوال ملكه عنه، وقد اختلف علماء الشافعية في ثبوت الموقوف عليه العين لاختلاف ما نقل عن الشافعي - رحمه الله - هل يملك الموقوف عليه رقبة الوقف أم لا؟
قال في المجموع: وأما إذا كانت حصة الخليط وقفا نظر في الوقف، فإن كان عاما كالوقف على الفقراء والمساكين أو كان خاصاً لا يملك كالوقف على جامع، فلا يستحق به شفعة في المبيع، وإن كان خاصا على مالك الوقف على رجل بعينه أو على جماعة بأعيانهم فلا يملك به الواقف شفعة لزوال ملكه من الوقف، فأما الموقف عليه فقد اختلف عليه قول الشافعي هل يكون مالكا لرقبة الوقف أم لا؟ على قولين: أحدهما: يستحق به الشفعة لثبوت ملكه واستضراره بسوء المشاركة، والوجه الثاني: لا شفعة له؛ لأنه ليس بتام الملك ولا مطلق التصرف115. اهـ.
وذهب جمهور الحنابلة إلى القول بنفي الشفعة عن الخلطة بالوقف؛ لأن من شروط الأخذ بالشفعة: أن يكون الشفيع مالكا لما يشفع به، والوقف لا يعتبر ملكا تاما لمن هو بيده سواء كان ناظرا أو موقوفا عليه؛ لأنه ليس مطلق التصرف فيه.
قال ابن قدامة - رحمه الله -: ولا شفعة لشركة الوقف، -ذكر القاضيان ابن أبي موسى وأبو يعلى وهو ظاهر مذهب الشافعي- لأنه لا يؤخذ بالشفعة فلا تجب فيه كالمجاور وغير المنقسم، ولأننا إن قلنا: هو غير مملوك، فالموقوف عليه غير مالك، وإن قلنا: هو مملوك، فملكه غير تام؛ لأنه لا يفيد إباحة التصرف في الرقبة، فلا يملك به ملكا تاما. وقال أبو الخطاب: إن قلنا: هو مملوك وجبت به الشفعة؛ لأنه مملوك بيع في شركته شقص فوجبت الشفعة كالطلق ولأن الضرر يندفع عنه بالشفعة كالطلق فوجبت فيه كوجوبها في الطلق. وإنما لم يستحق بالشفعة؛ لأن الأخذ بها بيع وهو ما لا يجوز بيعه116. اهـ.
وللشيخ عبد الرحمن ابن سعدي - رحمه الله - رأي في ثبوت الشفعة به فقد قال ما نصه: فلو باع الشريك الذي ملكه طلق فلشريكه الذي نصيبه وقف الشفعة لعموم الحديث المذكور ووجود المعنى، بل صاحب الوقف إذا لم يثبت له شفعة يكون أعظم ضررا من صاحب الطلق؛ لتمكن المالك من البيع بخلاف مستحق الوقف، فإنه يضطر إلى بقاء الشركة، وأما استدلال الأصحاب بقولهم: إن ملكه ناقص فالحديث لم يفرق بين الذي ملكه ناقص أو كامل، ومنعنا إياه من البيع لتعلق حقوق من بعده به.
فالصواب إثبات الشفعة إذا باع الشريك سواء كان شريكه صاحب ملك طلق أو مستحقا للوقف117.اهـ.
وقال المنقور نقلا عن جمع الجوامع: للوقف ثلاث صور:
الأولى: إذا كان البعض وقفا والبعض ملكا فبيع الملك هل يأخذ رب الوقف بالشفعة؟ على وجهين.
والثانية: إذا كان كذلك وبيع الوقف حيث جاز بيعه هل يأخذ الشريك بالملك؟ على وجهين. المختار نعم.
الثالثة: إذا كان الكل وقفا وبيع البعض حيث جاز بيعه فهل يجوز لرب الوقف الآخر الأخذ بها؟ على وجهين، الصحيح لا يجوز118. اهـ.
ولعل مصدر الاختلاف في ذلك الخلاف، هل لجهات الوقف شخصية اعتبارية تكون أهلا للإلزام والالتزام كالحال في جماعة المسلمين حيث يتكافؤون ويسعى بذمتهم أدناهم فيكون الوقف ملكا لهم، فإذا تصرف بعضهم أو النائب عنهم -وهو الناظر- تصرفا فيه مصلحة للوقف وغبطة لجهاته كان كتصرفهم جميعا، أم أن الوقف لا مالك له في الحقيقة وأن الشخصية الاعتبارية وهمٌ وخيال لا مجال لها في واقع الأمر وحقيقته؟
شفعة غير المسلم:
اتفق الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي على القول بجواز شفعة غير المسلم على المسلم.
قال السرخسي: والذكر والأنثى والحر والمملوك والمسلم والكافر في حق الشفعة سواء؛ لأنه من المعاملات وإنما ينبني الاستحقاق على سبب متصور في حق هؤلاء وثبوت الحكم بثبوت سببه119. اهـ.
وفي المدونة ما نصه: قيل لابن القاسم: هل لأهل الذمة شفعة في قول مالك؟ فقال: سألت مالكا عن المسلم والنصراني تكون الدار بينهما، فيبيع المسلم نصيبه هل للنصراني فيه شفعة؟ قال: نعم، أرى ذلك له مثل ما لو كان شريكه مسلما120. اهـ.
وقال النووي: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فمن كان له شريك)) فهو عام يتناول المسلم والكافر والذمي فتثبت للذمي الشفعة على المسلم كما تثبت للمسلم على الذمي، هذا قول الشافعي ومالك وأبي حنيفة والجمهور121. اهـ.
وانفرد الإمام أحمد - رحمه الله - عنهم بمنع شفعة الكافر على المسلم؛ لأن تسليط الكافر على المسلم يعتبر سبيلا إليه قال - تعالى -: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [سورة النساء الآية: 141] قال ابن قدامة - رحمه الله - على قول الخرقي "ولا شفعة لكافر على مسلم": وجملة ذلك أن الذمي إذا باع شريكه شقصا لمسلم فلا شفعة له عليه، روي ذلك عن الحسن والشعبي.
وروي عن شريح وعمر بن عبد العزيز أن له الشفعة وبه قال النخعي، وإياس بن معاوية، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، ومالك، والشافعي، والعنبري، وأصحاب الرأي؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه، وإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به))122 ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر بالشراء فاستوى فيه المسلم والكافر كالرد بالعيب.
ولما روى الدارقطني في كتاب العلل بإسناده عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا شفعة لنصراني)) وهذا يخص عموم ما احتجوا به، ولأنه معنى يتملك به يترتب على وجود ملك مخصوص، فلم يجب للذمي على المسلم كالزكاة، ولأنه معنى يختص العقار، فأشبه الاستعلاء في البنيان بحقيقة أن الشفعة إنما تثبت للمسلم دفعا للضرر عن ملكه فقدم دفع ضرره على دفع ضرر المشتري، ولا يلزم من تقديم دفع ضرر المسلم على المسلم تقديم دفع ضرر الذمي؛ فإن حق المسلم أرجح، ورعايته أولى، ولأن ثبوت الشفعة في محل الإجماع على خلاف الأصل رعاية لحق الشريك المسلم، وليس الذمي في معنى المسلم فيبقى فيه على مقتضى الأصل123. اهـ.
وقد نصر ابن القيم - رحمه الله - القول بنفي شفعة الكافر على المسلم، وناقش القائلين بثبوتها، ورد عليهم قولهم، فقال ما نصه: ولهذا لم يثبت عن واحد من السلف لهم حق شفعة على مسلم، وأخذ بذلك الإمام أحمد وهي من مفرداته التي برز بها على الثلاثة؛ لأن الشقص يملكه المسلم إذا أوجبنا فيه شفعة لذمي كنا قد أوجبنا على مسلم أن ينقل الملك في عقاره إلى كافر بطريق القهر للمسلم، وهذا خلاف الأصول، والشفعة في الأصل إنما هي من حقوق أحد الشريكين على الآخر بمنزلة الحقوق والتي تجب للمسلم على المسلم كإجابة الدعوة وعيادة المريض وكمنعه أن يبيع على بيع أخيه أو يخطب على خطبته.
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن الذمي اليهودي والنصراني ألهم شفعة؟ قال: لا، وكذلك نقل أبو طالب وصالح وأبو الحارث والأثرم كلهم عنه: ليس للذمي شفعة. زاد أبو الحارث: مع المسلم. قال الأثرم: قيل له: لم؟ قال: لأنه ليس له مثل حق المسلم، واحتج فيه.
قال الأثرم: حدثنا الطباع حدثنا هشيم أخبرنا الشيباني عن الشعبي أنه كان يقول: ليس لذمي شفعة.
وقال سفيان عن حميد عن أبيه: إنما الشفعة لمسلم، ولا شفعة لذمي.
وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن ليث عن مجاهد أنه قال: ليس ليهودي ولا لنصراني شفعة.
قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن بن هارون قال: سئل أبو عبد الله -وأنا أسمع- عن الشفعة للذمي قال: ليس لذمي شفعة؛ ليس له حق المسلم.
أخبرني عصمة بن عصام حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد الله قال: ليس ليهودي ولا لنصراني شفعة قيل: ولمَ؟ قال: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يجتمع دينان في جزيرة العرب))124، وهذا مذهب شريح والحسن والشعبي واحتج الإمام أحمد بثلاث حجج.
إحداهما: أن الشفعة من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، فلا حق للذمي فيها. ونكتة هذا الاستدلال أن الشفعة من حق المالك لا من حق الملك.
الحجة الثانية: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه))125، وتقرير الاستدلال من هذا أنه لم يجعل لهم حقا في الطريق المشترك عند تزاحمهم مع المسلمين، فكيف يجعل لهم حقا إلى انتزاع ملك المسلم منه قهرا، بل هذا تنبيه على المنع من انتزاع الأرض من يد المسلم، وإخراجه منها لحق الكافر لنفي ضرر الشركة عنه، وضرر الشركة على الكافر أهون عند الله من تسليطه على إزالة ملك المسلم عنه قهرا.
الدليل الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يجتمع دينان في جزيرة العرب))126، ووجه الاستدلال من هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم بإخراجهم من أرضهم، ونقلها إلى المسلمين؛ لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، فكيف نسلطهم على انتزاع أراضي المسلمين منهم قهرا وإخراجهم منها؟!، وأيضا فالشفعة حق يختص العقار فلا يساوي الذمي فيه المسلم كالاستعلاء في البنيان، يوضحه أن الاستعلاء تصرف في هواء ملكه المختص به، فإذا منع منه فكيف يسلط على انتزاع ملك المسلم منه قهراً وهو ممنوع من التصرف في هوائه تصرفا يستعلي فيه على المسلم. فأين هذا الاستعلاء من استعلائه عليه لإخراجه من ملكه قهرا؟، وأيضا فالشفعة وجبت لإزالة الضرر عن الشفيع وإن كان فيها ضرر بالمشتري، فإذا كان المشتري مسلما فسلط الذمي على انتزاع ملكه منه قهرا كان فيه تقديم حق الذمي على حق المسلم، وهذا ممتنع، وأيضاً فإنه يتضمن مع إضراره بالمسلم إضراره بالدين وتملك دار المسلمين منهم قهرا وشغلها بما يسخط الله بدل ما يرضيه وهذا خلاف قواعد الشرع، ولذلك حرم عليهم نكاح المسلمات إذ كان فيه نوع استعلاء عليهن ولذلك لم يجز القصاص بينهم وبين المسلمين، ولا حد القذف ولا يمكنون من تملك الرقيق المسلم قال الله - تعالى -: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [سورة النساء الآية: 141] ومن أعظم السبيل تسليط الكافر على انتزاع أملاك المسلمين منهم وإخراجهم منها قهرا وقد قال - تعالى -: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) [سورة الحشر الآية: 20]... -إلى أن قال-: وأيضا فلو كانوا مالكين حقيقة، لما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بإخراجهم من جزيرة العرب، وقال: ((لئن عشت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب))127 هذا مع بقائهم على عهدهم وعدم نقضهم له، فلو كانوا مالكين لدورهم حقيقة لما أخرجهم منها ولم ينقضوا عهدا، ولهذا احتج الإمام أحمد بذلك على أنه لا شفعة لهم على مسلم... - إلى أن قال -: وليس مع الموجبين للشفعة نص من كتاب الله ولا من سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا إجماع من الأمة، وغاية ما معهم إطلاقات وعمومات كقوله: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة فيما لم يقسم128 وقوله: ((من كان له شريك في ربعة أو حائط فلا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه))129. ونحو ذلك مما لا يعرض فيه للمستحق، وإنما سبقت الأحكام الأملاك لا لعموم الأملاك130 من أهل الذمة وغيرهم، وليس معهم قياس استوى فيه الأصل والفرع في المقتضي للحكم؛ فإن قياس الكافر على المسلم من أفسد القياس، وكذلك قياس بعضهم من تجب له الشفعة بمن تجب عليه من أفسد القياس أيضا، -ثم ذكر مجموعة من الأحكام يختلف فيها المسلم عن الكافر-، ثم قال: وكذلك قياس بعضهم الأخذَ بالشفعة على الرد بالعيب من هذا النمط؛ فإن الرد بالعيب من باب استدراك الظلامة وأخذ الجزء الفائت الذي يترك على الثمن في مقابلته، فأين ذلك من تسليطه على انتزاع ملك المسلم منه قهرا واستيلائه عليه؟. إلى آخر ما ذكره131.
شفعة غير المكلف من صبي أو مجنون:
ذهب جمهور أهل العلم منهم الحسن، وعطاء، وأبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وسوار، والعنبري إلى القول بثبوت الشفعة للصبي والمجنون يتولاها وليه إن رأى له في ذلك مصلحة وغبطة. قال السرخسي: والصغير كالكبير في استحقاق الشفعة... -ثم ذكر توجيه ذلك- فقال: ولكنا نقول: سبب الاستحقاق متحقق في حق الصغير وهو الشركة أو الجوار من حيث اتصال حق ملكه بالمبيع على وجه التأبيد، فيكون مساويا للكبير في الاستحقاق به... ثم قال: فكذلك يثبت له حق الشفعة، ثم يقوم بالطلب من يقوم مقامه شرعا في استيفاء حقوقه... فإن لم يكن له أحد من هؤلاء فهو على شفعته إذا أدرك؛ لأن الحق قد ثبت له ولا يتمكن من استيفائه قبل الإدراك132. اهـ.
وفي المدونة: قلت: أرأيت لو أن صبيا وجبت له الشفعة من يأخذ له بشفعته؟ قال: الوالد، قيل: فإن لم يكن له والد؟ قال: فالوصي، قيل: فإن لم يكن له وصي؟ قال: فالسلطان، قلت: فإن كان في موضع لا سلطان فيه ولا أب له ولا وصي؟ قال: فهو على شفعته إذا بلغ، قال: وهذا كله قول مالك. اهـ.
وقال ابن قدامة - رحمه الله - على قول الخرقي: وللصغير إذا كبر المطالبة بالشفعة ما نصه: وجملة ذلك أنه إذا بيع في شركة الصغير شقص ثبتت له الشفعة في قول عامة الفقهاء، منهم الحسن وعطاء ومالك والأوزاعي والشافعي وسوار والعنبري وأصحاب الرأي... -ثم قال بعد مناقشة القائلين بمنع شفعة الصبي-: إذا ثبت هذا، فإن ظاهر قول الخرقي أن للصغير إذا كبر الأخذ بها سواء عفا عنها الولي أو لم يعف، وسواء كان الحظ في الأخذ بها أو في تركها، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية ابن منصور: له الشفعة إذا بلغ فاختار، ولم يفرق، وهذا قول الأوزاعي، وزفر، ومحمد بن الحسن، وحكاه بعض أصحاب الشافعي عنه؛ لأن المستحق للشفعة يملك الأخذ بها سواء كان الحظ فيها أو لم يكن، فلم يسقط بترك غيره كالغائب إذا ترك وكيلُه الأخذ بها... -إلى أن قال-: والحكم في المجنون المطبق كالحكم في الصغير سواء؛ لأنه محجور عليه لحظه، وكذلك السفيه لذلك.
وأما المغمى عليه فلا ولاية عليه، وحكمه حكم الغائب والمجنون، ينتظر إفاقته133. اهـ.
وذهب بعض أهل العلم إلى القول بمنع الصغير من الشفعة؛ حيث لا يمكنه أخذها في الحال، ولا يمكن الانتظار بها حتى يبلغ لما في ذلك من الإضرار بالمشتري، وليس لوليه أخذها؛ لأنه لا يملك العفو عنها؛ فهو لا يملك الأخذ بها، ويروى هذا القول عن النخعي والحارث العكلي وابن أبي ليلى.
وقد رد ابن قدامة - رحمه الله - على أهل هذا القول فقال ما نصه: قولهم: "لا يمكن الأخذ" غير صحيح؛ فإن الولي يأخذ بها كما يرد المعيب، وقولهم لا يمكنه العفو يبطل بالوكيل فيها وبالرد بالعيب؛ فإن ولي الصبي لا يمكنه العفو ويمكنه الرد، ولأن في الأخذ تحصيلا للملك للصبي ونظرا له وفي العفو تضييع وتفريط في حقه، ولا يلزم من ملك ما فيه الحظ ملكُ ما فيه التضييع، ولأن العفو إسقاط لحقه والأخذ استيفاء له... -إلى أن قال-: وما ذكروه من الضرر في الانتظار يبطل بالغائب134. اهـ.
شفعة الغائب:
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الغائب على حقه في الشفعة، وإن طالت غيبته، روي ذلك عن شريح والحسن وعطاء وبه قال الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والليث، والثوري، والأوزاعي، والعنبري لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الشفعة فيما لم يقسم))135 قال ابن رشد: فإن الذي له الشفعة رجلان: حاضر أو غائب، فأما الغائب فأجمع العلماء على أن الغائب على شفعته ما لم يعلم ببيع شريكه، واختلفوا إذا علم وهو غائب، فقال قوم: تسقط شفعته، وقال قوم: لا تسقط وهو مذهب مالك، والحجة له ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث جابر أنه قال: ((الجار أحق بصقبه)) أو قال: بشفعته ((ينتظر بها إذا كان غائبا))136 وأيضا فإن الغائب في الأكثر معوق عن الأخذ بالشفعة، فوجب عذره. وعمدة الفريق الثاني أن سكوته مع العلم قرينة تدل على رضاه بإسقاطها137. اهـ.
وفي المدونة: قلت أرأيت الغائب إذا علم بالشراء وهو شفيع، ولم يقدم يطلب الشفعة، حتى متى تكون له الشفعة؟ قال: قال مالك: لا تقطع عن الغائب الشفعة بغيبته. قلت: علم أو لم يعلم؟ قال: ليس ذلك عندي إلا فيما علم، وأما فيما لم يعلم فليس فيه كلام، ولو كان حاضرا138. اهـ.
وقال ابن قدامة - رحمه الله - على قول الخرقي: ومن كان غائبا، وعلم بالبيع وقت قدومه فله الشفعة وإن طالت غيبته. ما نصه: وجملة ذلك أن الغائب له شفعة في قول أكثر أهل العلم... -وذكر توجيه القول بذلك- فقال: ولنا عموم قوله - عليه السلام -: ((الشفعة فيما لم يقسم))139 وسائر الأحاديث، ولأن الشفعة حق مالي وجد سببه بالنسبة إلى الغائب، فتثبت له كالإرث، ولأنه شريك لم يعلم بالبيع فتثبت له الشفعة عند علمه كالحاضرِ إذا كتم عنه البيع، والغائبِ غيبةً قريبة140. اهـ.
وذهب بعض أهل العلم إلى القول بمنع الغائب من الشفعة لما فيه من الإضرار بالمشتري بامتناعه عن التصرف في ملكه حسب اختياره خشية انتزاعه منه، وهذا القول مروي عن النخعي والحارث العكلي والبتي.
ورد ابن قدامة القول بتضرر المشتري بأن ضرره يندفع بإيجاب القيمة له.
وقد يرد على ذلك بأن غيبته ما دامت غير محددة بحيث تصل إلى عشر سنين أو أكثر، فإن تضرر المشتري ببقاء مشتراه معلقا حتى يحضر فيقرر رغبته في الشفعة من عدمها لا يقابل برد القيمة إليه؛ لما في ذلك من تعطل هذه القيمة عن الإدارة، فضلا عما في ذلك من تعطيل هذا العقار عن التعمير لتكون منفعته العامة والخاصة أكثر.
شفعة الوارث:
اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى- في جواز شفعة الوارث من عدمه؛ تبعا لاختلافهم في متعلق حق الشفعة: هل هو متعلق بالملك فيورث؟ أم بالمالك فيمتنع إرثه لموت صاحبه؟ وقد تحصل من اختلافهم في المسألة ثلاثة أقوال.
أحدها: إذا لم يأخذها الشفيع قبل موته فلا يجوز لوارثه أخذها مطلقا سواء طالب بها مورثه أم لم يطالب بها؛ لأن سبب أخذه الشفعة زال بموته وهو الملك، وقيام السبب إلى وقت الأخذ شرط لثبوت الحق في ذلك، وقد قال بهذا القول جمهور أهل الرأي.
قال السرخسي: وإذا مات الشفيع بعد البيع وقبل أن يأخذ بالشفعة لم يكن لوارثه حق الأخذ بالشفعة عندنا - ثم علل ذلك بقوله -: ونحن نقول مجرد الرأي والمشيئة لا يتصور فيه الإرث؛ لأنه لا يبقى بعد موته ليخلفه الوارث فيه، والثابت له بالشفعة مجرد المشيئة بين أن يأخذ أو يترك، ثم السبب الذي به كان يأخذ بالشفعة يزول بموته، وهو ملكه، وقيام السبب إلى وقت الأخذ شرط لثبوت حق الأخذ له141. اهـ.
وقال في الدر المختار: ويبطلها موت الشفيع قبل الأخذ بعد الطلب، أو قبله، ولا تورث خلافا للشافعي. قال في الحاشية: قوله: ويبطلها موت الشفيع إلخ. لأنها مجرد حق التملك، وهو لا يبقى بعد موت صاحب الحق فكيف يورث؟142. اهـ.
القول الثاني: أن حق الشفعة لا يورث إلا إذا طالب بها الشفيع قبل موت؛ لأن الحق متعلق بالمالك دون الملك، فحيث مات قبل طلب حقه في الشفعة فإن موته مسقط لذلك الحق، وهذا قول جمهور العلماء من الحنابلة وغيرهم.. قال ابن قدامة - رحمه الله - في كلامه على قول الخرقي: والشفعة لا تورث إلا أن يكون الميت طالب بها ما نصه: وجملة ذلك أن الشفيع إذا مات قبل الأخذ بها لم يخل من حالين:
أحدهما: أن يموت قبل الطلب بها فتسقط ولا تنتقل إلى الورثة، وقال أحمد: الموت يبطل ثلاثة أشياء: الشفعة، والحد إذا مات المقذوف، والخيار إذا مات الذي اشترط الخيار، لم يكن للورثة هذه الثلاثة الأشياء، إنما هي بالطلب، فإذا لم يطلب فليس تجب إلا أن يشهد أني على حقي من كذا وكذا، وأني قد طلبته فإذا مات بعده كان لوارثه الطلب به. وروي بسقوطه بالموت عن الحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي، وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي -ثم ذكر المستند لذلك- فقال: ولنا أنه حق فسخ ثبت لا لفوات جزء، فلم يورث كالرجوع في الهبة، ولأنه نوع خيار جعل للتمليك أشبه خيار القبول.
الحال الثاني: إذا طالب بالشفعة ثم مات، فإن حق الشفعة ينتقل إلى الورثة قولا واحدا، ذكره أبو الخطاب، وقد ذكرنا نص أحمد عليه؛ لأن الحق يتقرر بالطلب، ولذلك لا يسقط بتأخير الأخذ بعده، وقبله يسقط.
وقال القاضي: يصير الشقص ملكا للشفيع بنفس المطالبة، وقد ذكرنا أن الصحيح غير هذا، فإنه لو صار ملكا للشفيع لم يصح العفو عن الشفعة بعد طلبها، كما لا يصح العفو عنها بعد الأخذ بها، فإذا ثبت هذا فإن الحق ينتقل إلى جميع الورثة على حسب مواريثهم؛ لأنه حق مالي موروث، فينتقل إلى جميعهم كسائر الحقوق المالية143. اهـ.
القول الثالث: ثبوت الشفعة للورثة إذا مات مورثهم قبل العفو والأخذ؛ لكون الشفعة حقا متعلقا بالملك الموروث، فهي حق من حقوقه، وقد قال بهذا القول مالك والشافعي والعنبري وغيرهم، وذكر أبو الخطاب من الحنابلة أن هذا القول يمكن تخريجه؛ لأنه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال، فيورث كخيار الرد بالعيب، قال الشيرازي: وإذا مات الشفيع قبل الأخذ والعفو انتقل حقه من الشفعة إلى ورثته؛ لأنه قبض استحقه بعقد البيع، فانتقل إلى الورثة، كقبض المشتري في البيع، ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال، فورث كالرد بالعيب144.
وقال ابن رشد في معرض ذكره جملة من أحكام الشفعة هي موضع خلاف بين أهل العلم ما نصه: فمن ذلك اختلافهم في ميراث حق الشفعة، فذهب الكوفيون إلى أنه لا يورث كما أنه لا يباع، وذهب مالك والشافعي وأهل الحجاز إلى أنها موروثة قياسا على الأموال145.
وقد رد ابن قدامة - رحمه الله - على أبي الخطاب في قياسه الشفعة على خيار الرد بالعيب، فقال: ولنا أنه حق فسخ ثبت لا لفوات جزء، فلم يورث كالرجوع في الهبة، ولأنه نوع خيار جعل للتمليك أشبه خيار القبول، فأما خيار الرد بالعيب فإنه لاستدراك جزء فات من المبيع146. اهـ.
هذا ما تيسر ذكره، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبد الله بن سليمان بن منيع.
عضو: عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان.
نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي.
رئيس اللجنة: إبراهيم بن محمد آل الشيخ
ملخص قرار هيئة كبار العلماء المتعلق بمسألة الشفعة فيما لا يمكن قسمته من العقار:
الحمد لله بعد الإطلاع على البحث المعد في (مسألة الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار) من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وبعد تداول الرأي والمناقشة من الأعضاء وتبادل وجهات النظر قرر المجلس بالأكثرية: أن الشفعة تثبت بالشركة في المرافق الخاصة، كالبئر والطريق والمسيل ونحوها. كما تثبت الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار كالبيت والحانوت الصغيرين ونحوهما لعموم الأدلة في ذلك، ولدخول ذلك تحت مناط الأخذ بالشفعة وهو دفع الضرر عن الشريك في المبيع وفي حق المبيع، ولأن النصوص الشرعية في مشروعية الشفعة تتناول ذلك، ومن ذلك ما رواه الترمذي بإسناده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الشريك شفيع والشفعة في كل شيء))147 وفي رواية الطحاوي بإسناده إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة في كل شيء148، قال الحافظ: حديث جابر لا بأس برواته. ولما روى الإمام أحمد والأربعة بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا))149، قال في البلوغ: ورجاله ثقات. ولما روى البخاري في صحيحه وأبو داود والترمذي في سننهما إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة150، ووجه الاستدلال بذلك ما ذكره ابن القيم - رحمه الله - في كتابه أعلام الموقعين: أن الجار المشترك مع غيره في مرفق خاص ما مثل أن يكون طريقهما واحدا أو أن يشتركا في شرب أو مسيل أو نحو ذلك من المرافق الخاصة لا يعتبر مقاسما كلية، بل هو شريك لجاره في بعض حقوق ملكه، وإذا كان طريقهما واحد لم تكن الحدود كلها واقعة، بل بعضها حاصل وبعضها منتف؛ إذ وقوع الحدود من كل وجه يستلزم أو يتضمن تصريف الطرق. اهـ.
وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
وجهة نظر المخالفين:
بالنسبة إلى الشفعة بالشركة في المرافق هو أن الشفعة لا تثبت إلا في العقار المشترك شركة مشاعة، ولا تثبت بالاشتراك في المرافق كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -، وبالله التوفيق.
ـــــــــــــــــــ
1-الفتاوى الهندية: (5/160)، وحاشية ابن عابدين: (6/216)، وشرح مجلة الأحكام العدلية: (4/591)، وشرح العناية على الهداية، وحاشية السعدي: (7/406).
2- مواهب الجليل شرح مختصر خليل: (3/377).
3- مغني المحتاج: (2/296).
4- المغني: (5/255) حاشية المقنع: (2/256).
5- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
6- صحيح البخاري: البيوع: (2214)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
7- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
8- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
9- صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: البيوع: (1312)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، مسند أحمد بن حنبل: (3/357)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
10- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
11- سنن الترمذي: الأحكام: (1371).
12- صحيح البخاري: الشركة: (2496)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
13- صحيح البخاري: الشفعة: (2258)، سنن النسائي: البيوع: (4702)، سنن أبي داود: البيوع: (3516)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2495)، مسند أحمد بن حنبل: (6/10).
14- سنن أبي داود: البيوع: (3518).
15- المغني: (5/255).
16- مسند أحمد بن حنبل: (5/73).
17- المبسوط: (14/90).
18- أعلام الموقعين: (2/111).
19- أعلام الموقعين: (2/111).
20- مجموع فتاوى ابن تيمية: (29/178).
21- درر الأحكام شرح مجلة الأحكام: (4/672).
22- المنهاج ومعه شرحه المغني: (2/297).
23- المجموع: (14/132) والأرف: جمع أرفة كغرفة وهي الحد بين الشيئين.
24- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
25- مغني المحتاج: (2/297).
26- المغني: (5/259 -260).
27- التاج والإكليل على شرح مختصر خليل: (5/315).
28- سنن الترمذي: الأحكام: (1371).
29- المبسوط: (14/135).
30- صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: البيوع: (1312)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، مسند أحمد بن حنبل: (3/357)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
31- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
32- سنن أبي داود: البيوع: (3518)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310).
33- هكذا في المطبوع ولعل الصواب: ضرر المقاسمة.
34- المجموع: (30/381 -384).
35- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/372)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
36- المغني: (5/259).
37- سنن النسائي: البيوع: (4704)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، موطأ مالك: الشفعة: (1420).
38- الدرر السنية: (5/226).
39- صحيح البخاري: الشفعة: (2257)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/399)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
40- الفتاوى السعدية: (437).
41- المغني: (5/258).
42- مغني المحتاج: (2/296 -297).
43- المغني: (5/258).
44- الهداية: (4/34).
45- فتح القدير لابن الهمام: (7/434).
46- بداية المجتهد: (2/254)
47- مقدمات ابن رشد: (2/586 -589).
48- المدونة: (5/402).
49- سنن الترمذي: الأحكام: (1371).
50- بلوغ المرام ومعه شرحه السبل: (3/62).
51- المغني: (5/258).
52- الروض المربع: (2/402).
53- المحلى: (9/101).
54- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/399)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
55- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
56- المدونة: (5/402).
57- بداية المجتهد: (2/255).
58- مغني المحتاج: (2/298).
59- شرح النووي لصحيح مسلم: (11/46).
60- سنن النسائي: البيوع: (4704)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، موطأ مالك: الشفعة: (1420).
61- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
62- المغني: (5/256 -257).
63- شرح المنتهى: (2/434 -435).
64- سنن الترمذي: الأحكام: (1368)، سنن أبي داود: البيوع: (3517)، مسند أحمد بن حنبل: (5/Cool.
65- سنن الترمذي: الأحكام: (1369)، سنن أبي داود: البيوع: (3518)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2494)، مسند أحمد بن حنبل: (3/303)، سنن الدارمي: البيوع: (2627).
66- الهداية: (4/24 -25).
67- الإنصاف: (6/255).
68- مجموع الفتاوى: (30/383).
69- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
70- أعلام الموقعين: (2/126 -130).
71- سنن أبي داود: البيوع: (3518).
72- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
73- الدرر السنية: (5/224 -225).
74- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
75- المحلى: (9/121).
76- سنن الترمذي: الأحكام: (1368)، سنن أبي داود: البيوع: (3517)، مسند أحمد بن حنبل: (5/Cool.
77- صحيح البخاري: الشفعة: (2258)، سنن النسائي: البيوع: (4702)، سنن أبي داود: البيوع: (3516)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2495)، مسند أحمد بن حنبل: (6/10).
78- سنن الترمذي: الأحكام: (1369)، سنن أبي داود: البيوع: (3518)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2494)، مسند أحمد بن حنبل: (3/303).
79- الهداية: (2/24).
80- صحيح البخاري: البيوع: (2214)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
81- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
82- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
83- سنن النسائي: البيوع: (4704)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، موطأ مالك: الشفعة: (1420).
84- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
85- سنن أبو داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
86- أعلام الموقعين: (2/122 -124).
87- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
88- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
89- انظر: أعلام الموقعين: (2/116 -126) ونيل الأوطار: (5/352 -353).
90- صحيح البخاري: الشفعة: (2258)، سنن النسائي: البيوع: (4702)، سنن أبي داود: البيوع: (3516)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2495)، مسند أحمد بن حنبل: (6/10).
91- سنن أبي داود: البيوع: (3518).
92- سنن الترمذي: الأحكام: (1368)، سنن أبي داود: البيوع: (3517)، مسند أحمد بن حنبل: (5/Cool.
93- سنن النسائي: البيوع: (4703)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2496)، مسند أحمد بن حنبل: (4/389).
94- أعلام الموقعين: (2/120 -121).
95- فتح الباري: (4/438).
96- سنن أبي داود: البيوع: (3518).
97- نيل الأوطار: (5/355).
98- سنن النسائي: البيوع: (4704)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، موطأ مالك: الشفعة: (1420).
99- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
100- أعلام الموقعين: (2/119، 125).
101- المغني: (5/257).
102- أعلام الموقعين: (2/117).
103- سنن النسائي: البيوع: (4703)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2496)، مسند أحمد بن حنبل: (4/389).
104- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
105- المحلى: (9/127).
106- أعلام الموقعين: (2/117).
107- انظر أعلام الموقعين: (2/122 – 124)
108- الهداية: (4/35 – 36).
109- المدونة: (5/441).
110- مغني المحتاج: (2/298).
111- الإنصاف: (6/252 – 253).
112- حاشية ابن عابدين: (6/223).
113- بدائع الصنائع: (6/2704).
114- الشرح الكبير ومعه حاشية الدسوقي: (3/425).
115- المجموع: (14/141).
116- المغني: (5/284).
117- الفتاوى السعدية: (438).
118- الفواكه العديدة في المسائل المفيدة: (1/397).
119- المبسوط: (14/99).
120- المدونة: (5/399).
121- شرح صحيح مسلم: (11/46).
122- صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
123- المغني: (5/320 – 321).
124- موطأ مالك: الجامع: (1651).
125- صحيح مسلم: السلام: (2167)، سنن الترمذي: السير: (1602)، سنن أبي داود: الأدب: (5205)، مسند أحمد بن حنبل: (2/444).
126- موطأ مالك: الجامع: (1651).
127- صحيح مسلم: الجهاد والسير: (1767)، سنن الترمذي: السير: (1607)، سنن أبي داود: الخراج والإمارة والفيء: (303
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم الشفعة بالمرافق الخاصة    حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyالسبت فبراير 02, 2013 2:33 pm

نظرا لأن الموضوع نعرضه لأول مرة على الموقع ، ولأهميته لكثير من الناس ، ننقل ما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

عرفها الفقهاء بأنها : تمليك البقعة جبرا على المشتري بما قام عليه . أو هي حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض .
الألفاظ ذات الصلة :
الشفعة حق ثابت بالسنة والإجماع ولصاحبه المطالبة به أو تركه ، لكن قال الشبراملسي - من الشافعية - إن ترتب على ترك الشفعة معصية - كأن يكون المشتري مشهورا بالفسق والفجور - فينبغي أن يكون الأخذ بها مستحبا بل واجبا إن تعين طريقا لدفع ما يريده المشتري من الفجور .
واستدلوا من السنة بحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : » قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود ، وصرفت الطرق ، فلا شفعة «
وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط .

حكمة مشروعية الشفعة :
- لما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب وكان الخلطاء كثيرا ما يبغي بعضهم على بعض شرع الله سبحانه وتعالى رفع هذا الضرر بأحد طريقين :
أ - بالقسمة تارة وانفراد كل من الشريكين بنصيبه .
ب - وبالشفعة تارة أخرى وانفراد أحد الشريكين بالجملة إذا لم يكن على الآخر ضرر في ذلك . فإذا أراد بيع نصيبه وأخذ عوضه كان شريكه أحق به من الأجنبي وهو يصل إلى غرضه من العوض من أيهما كان فكان الشريك أحق بدفع العوض من الأجنبي ويزول عنه ضرر الشركة ولا يتضرر البائع لأنه يصل إلى حقه من الثمن وكان هذا من أعظم العدل وأحسن الأحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد . كما قال ابن القيم .

أسباب الشفعة :
- اتفق الفقهاء على ثبوت الشفعة للشريك الذي له حصة شائعة في نفس العقار المبيع ما لم يقسم .
واختلفوا في الاتصال بالجوار وحقوق المبيع فاعتبرهما الحنفية من أسباب الشفعة خلافا لجمهور الفقهاء ، وتفصيل ذلك فيما يلي :

أ- الشفعة للشريك على الشيوع :
- اتفق الفقهاء على جواز الشفعة للشريك الذي له حصة شائعة في ذات العقار المبيع ما دام لم يقاسم .
وقد استدلوا على ذلك بحديث جابر رضي الله عنه السابق ف /4
الشركة التي تكون محلا للشفعة :
- اختلف الفقهاء في الشركة التي تكون محلا للشفعة على اتجاهين :
الأول : ذهب مالك في إحدى روايتيه ، والشافعي في الأصح والحنابلة في ظاهر المذهب إلى أن كل ما لا ينقسم - كالبئر ، والحمام الصغير ، والطريق - لا شفعة فيه .
لأن إثبات الشفعة فيما لا ينقسم يضر بالبائع لأنه لا يمكنه أن يتخلص من إثبات الشفعة في نصيبه بالقسمة وقد يمتنع المشتري لأجل الشفيع فيتضرر البائع وقد يمتنع البيع فتسقط الشفعة فيؤدي إثباتها إلى نفيها .
- الاتجاه الثاني : ذهب الحنفية ، ومالك في الرواية الثانية ، والشافعية في الصحيح والحنابلة في رواية إلى أن الشفعة تجب في العقار سواء قبل القسمة أم لم يقبلها .
واستدلوا على ذلك بعموم حديث جابر قال : » قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم « .

ولأن الشفعة إنما شرعت لدفع الضرر اللاحق بالشركة فتجوز فيما لا ينقسم ، فإذا كانا شريكين في عين من الأعيان ، لم يكن دفع ضرر أحدهما بأولى من دفع ضرر الآخر فإذا باع نصيبه كان شريكه أحق به من الأجنبي ، إذ في ذلك إزالة ضرره مع عدم تضرر صاحبه ، فإنه يصل إلى حقه من الثمن ويصل هذا إلى استبداده بالمبيع فيزول الضرر عنهما جميعا .

وقالوا أيضا : إن الضرر بالشركة فيما لا ينقسم أبلغ من الضرر بالعقار الذي يقبل القسمة ، فإذا كان الشارع مريدا لدفع الضرر الأدنى فالأعلى أولى بالدفع ، ولو كانت الأحاديث مختصة بالعقارات المقسومة فإثبات الشفعة فيها تنبيه على ثبوتها فيما لا يقبل القسمة .

الشفعة في المنفعة :
- الشركة المجيزة للشفعة هي الشركة في الملك فقط ، فتثبت الشفعة للشريك في رقبة العقار .
أما الشركة في ملك المنفعة فلا تثبت فيها الشفعة عند الجمهور ، وفي قول لمالك للشريك في المنفعة المطالبة بالشفعة أيضا . قال الشيخ عليش : " لا شفعة لشريك في كراء ، فإن اكترى شخصان دارا مثلا ثم أكرى أحدهما نصيبه من منفعتها فلا شفعة فيه لشريكه على أحد قولي مالك ، وله الشفعة فيه على قوله الآخر " .
واشترط بعض المالكية للشفعة في الكراء أن يكون مما ينقسم وأن يشفع ليسكن .

شفعة الجار المالك والشريك في حق من حقوق المبيع :
- اتفق الفقهاء كما سبق على ثبوت شفعة للشريك الذي له حصة شائعة في ذات المبيع ما دام لم يقاسم .
ولكنهم اختلفوا في ثبوتها للجار الملاصق والشريك في حق من حقوق المبيع ، ولهم في ذلك اتجاهان :
الأول : ذهب المالكية ، والشافعية ، والحنابلة إلى عدم ثبوت الشفعة للجار ولا للشريك في حقوق البيع ، وبه قال : أهل المدينة وعمر وعثمان وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والزهري ويحيى الأنصاري وأبو الزناد وربيعة والمغيرة بن عبد الرحمن والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر .
واستدلوا على ذلك بحديث جابر وفيه : » فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة « .
ووجه الدلالة من هذا الحديث : أن في صدره إثبات الشفعة في غير المقسوم ونفيها في المقسوم، لأن كلمة إنما لإثبات المذكور ونفي ما عداه ، وآخره نفي الشفعة عند وقوع الحدود وصرف الطرق والحدود بين الجارين واقعة والطرق مصروفة فكانت الشفعة منفية في هذه الحالة .
وقالوا : إذا كان الشارع يقصد رفع الضرر عن الجار فهو أيضا يقصد رفعه عن المشتري . ولا يدفع ضرر الجار بإدخال الضرر على المشتري ، فإن المشتري في حاجة إلى دار يسكنها هو وعياله ، فإذا سلط الجار على انتزاع داره منه أضر به ضررا بينا ، وأي دار اشتراها وله جار فحاله معه هكذا .
وتطلبه دارا لا جار لها كالمتعذر عليه ، فكان من تمام حكمة الشارع أن أسقط الشفعة بوقوع الحدود وتصريف الطرق لئلا يضر الناس بعضهم بعضا ، ويتعذر على من أراد شراء دار لها جار أن يتم له مقصوده .

- الاتجاه الثاني : ذهب الحنفية ، وابن شبرمة والثوري وابن أبي ليلى إلى إثبات الشفعة للجار الملاصق والشريك في حق من حقوق المبيع ، فسبب وجوب الشفعة عندهم أحد شيئين : الشركة أو الجوار .
ثم الشركة نوعان :
أ - شركة في ملك المبيع .
ب - شركة في حقوقه ، كالشرب والطريق .

قال المرغيناني : " الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع ، ثم للخليط في حق المبيع كالشرب والطريق ، ثم للجار .
واستدل هؤلاء بحديث عمرو بن الشريد قال : " وقفت على سعد بن أبي وقاص ، فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبي إذ جاء أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا سعد ، ابتع مني بيتي في دارك . فقال سعد : والله ما أبتاعهما فقال المسور : والله لتبتاعنهما ، فقال سعد : والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو مقطعة ، قال أبو رافع : لقد أعطيت بها خمسمائة دينار ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : » الجار أحق بسقبه « ما أعطيتكها بأربعة آلاف وأنا أعطى بها خمسمائة دينار فأعطاها إياه " .
ففي هذا الحديث دليل على أن الشفعة تستحق بسبب الجوار ، واستدلوا بحديث جابر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : » الجار أحق بشفعته ينتظر به وإن كان غائبا ، إذا كان طريقهما واحدا « .
وعن الشريد بن سويد قال : قلت يا رسول الله : » أرضي ليس لأحد فيها شركة ولا قسمة إلا الجوار ، فقال : الجار أحق بسقبه « .
واستدلوا من المعقول بأنه إذا كان الحكم بالشفعة ثبت في الشركة لإفضائها إلى ضرر المجاورة فحقيقة المجاورة أولى بالثبوت فيها ، وهذا لأن المقصود دفع ضرر المتأذي بسوء المجاورة على الدوام وضرر التأذي بسوء المجاورة على الدوام باتصال أحد الملكين بالآخر على وجه لا يتأتى الفصل فيه .
والناس يتفاوتون في المجاورة حتى يرغب في مجاورة بعض الناس لحسن خلقه ويرغب عن جوار البعض لسوء خلقه ، فلما كان الجار القديم يتأذى بالجار الحادث على هذا الوجه ثبت له حق الملك بالشفعة دفعا لهذا الضرر .

الشفعة بين ملاك الطبقات :
ملاك الطبقات عند الحنفية متجاورون فيحق لهم الأخذ بالشفعة بسبب الجوار .
وإن لم يأخذ صاحب العلو السفل بالشفعة حتى انهدم العلو فعلى قول أبي يوسف بطلت الشفعة ، لأن الاتصال بالجوار قد زال ، كما لو باع التي يشفع بها قبل الأخذ .
وعلى قول محمد تجب الشفعة ، لأنها ليست بسبب البناء بل بالقرار وحق القرار باق .
وإن كانت ثلاثة أبيات بعضها فوق بعض وباب كل إلى السكة فبيع الأوسط تثبت الشفعة للأعلى والأسفل وإن بيع الأسفل أو الأعلى ، فالأوسط أولى ، بما له من حق القرار ، لأن حق التعلي يبقى على الدوام ، وهو غير منقول فتستحق به الشفعة كالعقار .
ولو كان سفل بين رجلين عليه علو لأحدهما مشترك بينه وبين آخر فباع هو السفل والعلو كان العلو لشريكه في العلو والسفل لشريكه في السفل ، لأن كل واحد منهما شريك في نفس المبيع في حقه وجار في حق الآخر أو شريك في الحق إذا كان طريقهما واحدا .
ولو كان السفل لرجل والعلو لآخر فبيعت دار بجنبها فالشفعة لهما .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم الشفعة بالمرافق الخاصة    حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyالسبت فبراير 02, 2013 2:34 pm

عريف الشفعة لغة [1]

تطلق كلمة الشفعة ويراد منها عدة أطلاقات:

أولا: تطلق ويراد منها الشفع بمعنى الضمن يقال شفعت الشيء شفعا أي ضممته إلى الفرد وشفعت الركعة جعلتها ثنتين وعلى ذلك فالشفع في الصلاة معناه ضم ركعة إلى أخرى.

ثانيا: وتطلق كلمة الشفعة ويراد منها الزيادة والتقوية تقول شفعت الشيء أي ضممته إلى بعضه فحصلت له زيادة وقويته بأن جعلته بجوار بعض ومنه ضم الشفيع ما يملكه بهذا الحق وهو حق الشفعة إلى نصيبه أو ملكه فيزيده عليه ويتقوى به ومنه شفاعة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- للمذنبين يوم القيامة حيث يضمهم إليه فيدركون الفوز بالجنة.

ثالثا: وتطلق كلمة الشفعة ويراد منها التملك لذلك الملك.

وعلى ذلك فإن الناظر إلى هذه الاطلاقات جميعها يرى أن الشفعة ترجع في مادتها الأولى إلى معنى الضم والزيادة والتقوية فما من تركيب يلاحظ فيه معنى الشفعة إلا ويمكن أن نرجعه إلى ذلك المعنى السالف الذكر.

فمثلا لو نظرنا إلى قول القائل شفع على بالعدوان نجد أن معناه ضم غيره إليه وستزاد به وتقوى به على، وقول القائل: شفع له فلان عند الأمير معناه أنه ضم نفسه إليه مؤيدا مطلقه وكذلك شفع شفاعة حسنة معناه زاد إلى عمله عملا آخر فقواه، وكذلك: شفع الوتر أي ضم إليه ما سار به زوجا، وهكذا لو حاولنا أن نستقرئ كل لفظ فيه معنى الشفعة لوجدنا أنه لا يخرج في أي أسلوب من الأساليب عن ذلك المعنى وينبني على ذلك أنه على الرغم من كثرة اطلاقات الشفعة إلا أن الناظر إليها يرى أنها تتقارب وتتجانس مع الاطلاقات والمعاني التي أرادها الفقهاء.

ومن ثم يمكننا القول بأن المعنى اللغوي يتفق مع المعنى الشرعي بيد أن ذلك الحكم لكي يكون صادقا فإنه يجمل بنا ويحلو لنا أن نتعرض بالذكر أولا لتعريف الشفعة عند الفقهاء يعدها إذا ما قلنا وقررنا ما اصطلح عليه علماء اللغة والفقهاء معا يعتبر واحد يكون كلامنا مقبولا وحكمنا صحيحا وصادقا.

تعريف الشفعة عند الفقهاء

عند التعرض لبيان التعريف الشرعي الذي اصطلح عليه الفقهاء فإنه يجدر بنا أن نبينه على النحو التالي:

◄ تعريف الشفعة عند فقهاء الحنفية:

لقد عرفها فقهاء الحنفية الشفعة بأنها حق تملك العقار جبرا بما قام على المشتري لدفع ضرر الجوار[2] وقبل هي تملك العقار جبرا بما قام على المشتري من ثمن وتكاليف.

◄ تعريف الشفعة عند فقهاء الشافعية:

لقد عرف فقهاء الشافعية الشفعة بأنها: حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الشريك الحادث فيما ملك بعوض [3].

◄ تعريف الشفعة عند فقهاء المالكية:

عرفها فقهاء المالكية بأنها: استحقاق شريك أخذ ما عاوض به شريكه من عقار بثمنه أو قيمته بصيغة [4].

◄ تعريف الشفعة عند فقهاء الحنابلة:

عرفها فقهاء الحنابلة: بأنها استحقاق الإنسان حصة شريكه من يد مشتريها [5] وقيل هي: استحقاق شريك أخذ عاوض به شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت إليه يعوض مالي بثمنه الذي استقر عليه.

ولسوف اقتصر على ذكر هذه التعريفات التي أوردها السادة فقهاء المذاهب الإسلامية المشهورة.

التعريف المختار

والمختار من التعريفات المتقدم ذكرها آنفا هو ما عرفها به فقهاء الشافعية. ولعل السبب في كون هذا التعريف مختارا هو ذكر كلمة حق في ابتداء التعريف لكونه قيدا مهما ولأن حق من باب ضرب وقتل معناه وجب وثبت، حيث أن العرب استعملت هذه الكلمة في الحق الثابت كالعدل والعادل، ولأن من معاني الحق في اللغة الموجود فضلا عن أن الحق ضد الباطل بحيث إذا ما ثبت الحق زهق الباطل ومن ذلك قول الله جل في علاه {والَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ والْمَحْرُومِ} [6] وهذا هو المعنى المراد من التعريف ولقد أضيف لفظ الحق إلى التملك في التعريف المختار لبيان متعلقة لأن كلمة تملك الشيء معناها ثبوت ذلك الملك، وبإضافة كلمة قهري وهي بالرفع صفة للحق بمعنى الاستحقاق أي أن ذلك الاستحقاق قهري وجبري يثبت بمجرد البيع من غير رضا المشترى الحادث.

وعلى ذلك فإن هذا التعريف يعتبر هو التعريف المختار.

بيان محترزات التعريف

كلمة حق تعتبر جنسا في التعريف يشمل جميع الاستحقاق سواء أكانت عن طريق الإرث أو الهبة أو غير ذلك من أسباب تملك الحق.

وأما لفظ تملك فهو قيد أول أريد به إخراج حق غير التملك كحق الإذن في الدخول وحق الولاية على القاصر وغير ذلك.

وأما لفظ قهري فهو قيد ثان أريد به إخراج استحقاق التملك الذي يكون عن تراضي بين المتعاقدين كتراضي المتبايعين على بيع أو شراء السلعة.

وأما لفظ يثبت للشريك فهو قيد ثالث أريد به إخراج للجار على أي وجه ولو كان ملاصقا كما يخرج أيضا الشريك في المنفعة.

وأما لفظ فيما ملك فهو قيد رابع أريد به إخراج الشفعة في الموقوف فإنه لا شفعة فيه.

وأما لفظ بعوض فهو قيد خامس أريد به إخراج ما لك بغير عوض كالمملوك بإرث أو وصية حيث لا شفعة فيه.

وبذلك تمت إخراج محترزات التعريف المختار.

ومن هنا يستطيع أي صاحب عقل سليم أن يدرك أن الشفعة في اصطلاح الفقهاء لم تخرج عن معنى الضم والزيادة والتقوية وتأسيسا على ما تقدم فإن الناظر بنظرة ثاقبة يلاحظ أن المعنى اللغوي يتفق تماما مع المعنى الشرعي.

الهوامش والمراجع

[1] المصباح المنير ج1 ص432، ومختار الصحاح مادة شفع ص146.

[2] الهداية 4/24، تبيين الحقائق للزيلعي 5/239، البناية على الهداية ج10 ص320، 321.

[3] معنى المحتاج ج2 ص296، قليوبي وعميرة 3/42، الإقناع ج2 ص149، تشريح المستعدين للعلامة السيد علوي السقاف ص250.

[4] الشرح الصغير بحاشية الصاوي ج2/206.

[5] المغني والشرح الكبير 5/459، وكشاف القناع على متن الإقناع ج 4/307، الروض المربع شرح زاد المستنقع 2/400.

[6]سورة المعارج رقم 24- 25.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم الشفعة بالمرافق الخاصة    حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyالسبت فبراير 02, 2013 2:41 pm


الشُفْعَة في الشريعة الإسلامية


التّعريف


الشّفعة بضمّ الشّين وسكون الفاء اسم مصدر بمعنى التّملّك ، وتأتي أيضاً اسماً للملك المشفوع كما قال الفيّوميّ .
وهي من الشّفع الّذي هو ضدّ الوتر ، لما فيه من ضمّ عدد إلى عدد أو شيء إلى شيء ، يقال : شفع الرّجل الرّجل شفعاً إذا كان فرداً فصار له ثانياً وشفع الشّيء شفعاً ضمّ مثله إليه وجعله زوجاً .
وفي الاصطلاح عرّفها الفقهاء بأنّها : تمليك البقعة جبراً على المشتري بما قام عليه . أو هي حقّ تملّك قهريّ يثبت للشّريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض .

الألفاظ ذات الصّلة :

أ - البيع الجبريّ :
البيع الجبريّ في اصطلاح الفقهاء هو : البيع الحاصل من مكره بحقّ ، أو البيع عليه نيابةً عنه ، لإيفاء حقّ وجب عليه ، أو لدفع ضرر ، أو لتحقيق مصلحة عامّة .
فالبيع الجبريّ أعمّ من الشّفعة .
ب - التّولية :
التّولية في الاصطلاح هي : بيع ما ملكه بمثل ما قام عليه ، وكلّ من بيع التّولية والشّفعة بيع بمثل ما اشترى ويختلفان من وجوه أخرى .

الحكم التّكليفيّ :

الشّفعة حقّ ثابت بالسّنّة والإجماع ولصاحبه المطالبة به أو تركه ، لكن قال الشّبراملّسي - من الشّافعيّة - إن ترتّب على ترك الشّفعة معصية - كأن يكون المشتري مشهوراً بالفسق والفجور - فينبغي أن يكون الأخذ بها مستحبّاً بل واجباً إن تعيّن طريقاً لدفع ما يريده المشتري من الفجور .
واستدلّوا من السّنّة بحديث جابر بن عبد اللّه - رضي الله عنهما - قال : »قضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالشّفعة في كلّ ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود ، وصرّفت الطّرق ، فلا شفعة «وفي رواية أخرى قال جابر - رضي الله عنه - :»قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشّفعة في كلّ شركة لم تقسم ربعة أو حائط ، لا يحلّ له أن يبيع حتّى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك ، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحقّ به« .
وعن سمرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال :»جار الدّار أحقّ بالدّار « .
وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على إثبات الشّفعة للشّريك الّذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط .

حكمة مشروعيّة الشّفعة :

لمّا كانت الشّركة منشأ الضّرر في الغالب وكان الخلطاء كثيراً ما يبغي بعضهم على بعض شرع اللّه سبحانه وتعالى رفع هذا الضّرر بأحد طريقين :
أ - بالقسمة تارةً وانفراد كلّ من الشّريكين بنصيبه .
ب - وبالشّفعة تارةً أخرى وانفراد أحد الشّريكين بالجملة إذا لم يكن على الآخر ضرر في ذلك . فإذا أراد بيع نصيبه وأخذ عوضه كان شريكه أحقّ به من الأجنبيّ وهو يصل إلى غرضه من العوض من أيّهما كان فكان الشّريك أحقّ بدفع العوض من الأجنبيّ ويزول عنه ضرر الشّركة ولا يتضرّر البائع لأنّه يصل إلى حقّه من الثّمن وكان هذا من أعظم العدل وأحسن الأحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد . كما قال ابن القيّم .
وحكمة مشروعيّة الشّفعة كما ذكر الشّافعيّة ، دفع ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق وغيرها كمنور ومصعد وبالوعة في الحصّة الصّائرة إليه ، وقيل ضرر سوء المشاركة .

أسباب الشّفعة :

اتّفق الفقهاء على ثبوت الشّفعة للشّريك الّذي له حصّة شائعة في نفس العقار المبيع ما لم يقسم .
واختلفوا في الاتّصال بالجوار وحقوق المبيع فاعتبرهما الحنفيّة من أسباب الشّفعة خلافاً لجمهور الفقهاء ، وتفصيل ذلك فيما يلي :

الشّفعة للشّريك على الشّيوع :

اتّفق الفقهاء على جواز الشّفعة للشّريك الّذي له حصّة شائعة في ذات العقار المبيع ما دام لم يقاسم ، وقد استدلّوا على ذلك بحديث جابر رضي الله عنه السّابق .

الشّركة الّتي تكون محلاً للشّفعة :

اختلف الفقهاء في الشّركة الّتي تكون محلاً للشّفعة على اتّجاهين :
الأوّل : ذهب مالك في إحدى روايتيه ، والشّافعيّ في الأصحّ والحنابلة في ظاهر المذهب إلى أنّ كلّ ما لا ينقسم - كالبئر ، والحمّام الصّغير ، والطّريق - لا شفعة فيه .
لأنّ إثبات الشّفعة فيما لا ينقسم يضرّ بالبائع لأنّه لا يمكنه أن يتخلّص من إثبات الشّفعة في نصيبه بالقسمة وقد يمتنع المشتري لأجل الشّفيع فيتضرّر البائع وقد يمتنع البيع فتسقط الشّفعة فيؤدّي إثباتها إلى نفيها .
الاتّجاه الثّاني : ذهب الحنفيّة ، ومالك في الرّواية الثّانية ، والشّافعيّة في الصّحيح والحنابلة في رواية إلى أنّ الشّفعة تجب في العقار سواء قبل القسمة أم لم يقبلها .
واستدلّوا على ذلك بعموم حديث جابر قال :»قضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالشّفعة في كلّ ما لم يقسم « .
ولأنّ الشّفعة إنّما شرعت لدفع الضّرر اللاحق بالشّركة فتجوز فيما لا ينقسم ، فإذا كانا شريكين في عين من الأعيان ، لم يكن دفع ضرر أحدهما بأولى من دفع ضرر الآخر فإذا باع نصيبه كان شريكه أحقّ به من الأجنبيّ ، إذ في ذلك إزالة ضرره مع عدم تضرّر صاحبه ، فإنّه يصل إلى حقّه من الثّمن ويصل هذا إلى استبداده بالمبيع فيزول الضّرر عنهما جميعاً .
وقالوا أيضاً : إنّ الضّرر بالشّركة فيما لا ينقسم أبلغ من الضّرر بالعقار الّذي يقبل القسمة ، فإذا كان الشّارع مريداً لدفع الضّرر الأدنى فالأعلى أولى بالدّفع ، ولو كانت الأحاديث مختصّةً بالعقارات المقسومة فإثبات الشّفعة فيها تنبيه على ثبوتها فيما لا يقبل القسمة .

الشّفعة في المنفعة :

الشّركة المجيزة للشّفعة هي الشّركة في الملك فقط ، فتثبت الشّفعة للشّريك في رقبة العقار .
أمّا الشّركة في ملك المنفعة فلا تثبت فيها الشّفعة عند الجمهور ، وفي قول لمالك للشّريك في المنفعة المطالبة بالشّفعة أيضاً . قال الشّيخ عليش : " لا شفعة لشريك في كراء ، فإن اكترى شخصان داراً مثلاً ثمّ أكرى أحدهما نصيبه من منفعتها فلا شفعة فيه لشريكه على أحد قولي مالك ، وله الشّفعة فيه على قوله الآخر " .
واشترط بعض المالكيّة للشّفعة في الكراء أن يكون ممّا ينقسم وأن يشفع ليسكن .

شفعة الجار المالك والشّريك في حقّ من حقوق المبيع :

اتّفق الفقهاء كما سبق على ثبوت شفعة للشّريك الّذي له حصّة شائعة في ذات المبيع ما دام لم يقاسم .
ولكنّهم اختلفوا في ثبوتها للجار الملاصق والشّريك في حقّ من حقوق المبيع ، ولهم في ذلك اتّجاهان :
الأوّل : ذهب المالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة إلى عدم ثبوت الشّفعة للجار ولا للشّريك في حقوق البيع ، وبه قال : أهل المدينة وعمر وعثمان وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيّب وسليمان بن يسار والزّهريّ ويحيى الأنصاريّ وأبو الزّناد وربيعة والمغيرة بن عبد الرّحمن والأوزاعيّ وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر .
واستدلّوا على ذلك بحديث جابر وفيه :»فإذا وقعت الحدود وصرفت الطّرق فلا شفعة« .
ووجه الدّلالة من هذا الحديث : أنّ في صدره إثبات الشّفعة في غير المقسوم ونفيها في المقسوم، لأنّ كلمة إنّما لإثبات المذكور ونفي ما عداه ، وآخره نفي الشّفعة عند وقوع الحدود وصرف الطّرق والحدود بين الجارين واقعة والطّرق مصروفة فكانت الشّفعة منفيّةً في هذه الحالة .
وقالوا : إذا كان الشّارع يقصد رفع الضّرر عن الجار فهو أيضاً يقصد رفعه عن المشتري . ولا يدفع ضرر الجار بإدخال الضّرر على المشتري ، فإنّ المشتري في حاجة إلى دار يسكنها هو وعياله ، فإذا سلّط الجار على انتزاع داره منه أضرّ به ضرراً بيّناً ، وأي دار اشتراها وله جار فحاله معه هكذا .
وتطلّبه داراً لا جار لها كالمتعذّر عليه ، فكان من تمام حكمة الشّارع أن أسقط الشّفعة بوقوع الحدود وتصريف الطّرق لئلاّ يضرّ النّاس بعضهم بعضاً ، ويتعذّر على من أراد شراء دار لها جار أن يتمّ له مقصوده .
الاتّجاه الثّاني : ذهب الحنفيّة ، وابن شبرمة والثّوريّ وابن أبي ليلى إلى إثبات الشّفعة للجار الملاصق والشّريك في حقّ من حقوق المبيع ، فسبب وجوب الشّفعة عندهم أحد شيئين : الشّركة أو الجوار .
ثمّ الشّركة نوعان :
أ - شركة في ملك المبيع .
ب - شركة في حقوقه ، كالشّرب والطّريق .
قال المرغينانيّ : " الشّفعة واجبة للخليط في نفس المبيع ، ثمّ للخليط في حقّ المبيع كالشّرب والطّريق ، ثمّ للجار .
واستدلّ هؤلاء بحديث عمرو بن الشّريد قال : " وقفت على سعد بن أبي وقّاص ، فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبيّ إذ جاء أبو رافع مولى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا سعد ، ابتع منّي بيتي في دارك . فقال سعد : واللّه ما أبتاعهما فقال المسور : واللّه لتبتاعنهما ، فقال سعد : واللّه لا أزيدك على أربعة آلاف منجّمةً أو مقطّعةً ، قال أبو رافع : لقد أعطيت بها خمسمائة دينار ولولا أنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول :» الجار أحقّ بسقبه «ما أعطيتكها بأربعة آلاف وأنا أعطى بها خمسمائة دينار فأعطاها إيّاه " .
ففي هذا الحديث دليل على أنّ الشّفعة تستحقّ بسبب الجوار ، واستدلّوا بحديث جابر قال : قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم :»الجار أحقّ بشفعته ينتظر به وإن كان غائباً ، إذا كان طريقهما واحداً « .
وعن الشّريد بن سويد قال : قلت يا رسول اللّه :»أرضي ليس لأحد فيها شركة ولا قسمة إلاّ الجوار ، فقال : الجار أحقّ بسقبه « .
واستدلّوا من المعقول بأنّه إذا كان الحكم بالشّفعة ثبت في الشّركة لإفضائها إلى ضرر المجاورة فحقيقة المجاورة أولى بالثّبوت فيها ، وهذا لأنّ المقصود دفع ضرر المتأذّي بسوء المجاورة على الدّوام وضرر التّأذّي بسوء المجاورة على الدّوام باتّصال أحد الملكين بالآخر على وجه لا يتأتّى الفصل فيه .
والنّاس يتفاوتون في المجاورة حتّى يرغب في مجاورة بعض النّاس لحسن خلقه ويرغب عن جوار البعض لسوء خلقه ، فلمّا كان الجار القديم يتأذّى بالجار الحادث على هذا الوجه ثبت له حقّ الملك بالشّفعة دفعاً لهذا الضّرر .

شروط الشّفعة بالجوار :

يرى الحنفيّة أنّ الجوار سبب للشّفعة ولكنّهم لم يأخذوا بالجوار على عمومه ، بل اشترطوا لذلك أن تتحقّق الملاصقة في أيّ جزء من أيّ حدّ من الحدود ، سواء امتدّ مكان الملاصقة حتّى عمّ الحدّ أم قصر حتّى لو لم يتجاوز .
فالملاصق للمنزل والملاصق لأقصى الدّار سواء في استحقاق الشّفعة لأنّ ملك كلّ حدّ منهم متّصل بالبيع .
أمّا الجار المحاذي فلا شفعة له بالمجاورة سواء أكان أقرب باباً أم أبعد ، لأنّ المعتبر في الشّفعة هو القرب واتّصال أحد الملكين بالآخر وذلك في الجار الملاصق دون الجار المحاذي فإنّ بين الملكين طريقاً نافذاً .
وقال شريح : الشّفعة بالأبواب ، فأقرب الأبواب إلى الدّار أحقّ بالشّفعة . لما ورد أنّ عائشة رضي اللهعنها قالت :»يا رسول اللّه إنّ لي جارين فإلى أيّهما أهدي ؟ قال : إلى أقربهما منك باباً« .
ولا تثبت الشّفعة أيضاً عند الحنفيّة للجار المقابل . لأنّ سوء المجاورة لا يتحقّق إذا لم يكن ملك أحدهما متّصلاً بملك الآخر ولا شركة بينهما في حقوق الملك .
وحقّ الشّفعة يثبت للجار الملاصق ليترفّق به من حيث توسّع الملك والمرافق ، وهذا في الجار الملاصق يتحقّق لإمكان جعل إحدى الدّارين من مرافق الدّار الأخرى .
ولا يتحقّق ذلك في الجار المقابل لعدم إمكان جعل إحدى الدّارين من مرافق الدّار الأخرى بطريق نافذ بينهما
ولكن تثبت الشّفعة للجار المقابل إذا كانت الدّور كلّها في سكّة غير نافذة ، لإمكان جعل بعضها من مرافق البعض بأن تجعل الدّور كلّها داراً واحدةً .
ولا تثبت الشّفعة إلاّ للجار المالك ، فلا تثبت لجار السّكنى ، كالمستأجر والمستعير ، لأنّ المقصود دفع ضرر التّأذّي بسوء المجاورة على الدّوام وجوار السّكنى ليس بمستدام ، وضرر التّأذّي بسوء المجاورة على الدّوام ، باتّصال أحد الملكين بالآخر على وجه لا يتأتّى الفصل فيه .

الشّفعة بين ملاك الطّبقات :

ملاك الطّبقات عند الحنفيّة متجاورون فيحقّ لهم الأخذ بالشّفعة بسبب الجوار .
وإن لم يأخذ صاحب العلوّ السّفل بالشّفعة حتّى انهدم العلوّ فعلى قول أبي يوسف بطلت الشّفعة ، لأنّ الاتّصال بالجوار قد زال ، كما لو باع الّتي يشفع بها قبل الأخذ .
وعلى قول محمّد تجب الشّفعة ، لأنّها ليست بسبب البناء بل بالقرار وحقّ القرار باق .
وإن كانت ثلاثة أبيات بعضها فوق بعض وباب كلّ إلى السّكّة فبيع الأوسط تثبت الشّفعة للأعلى والأسفل وإن بيع الأسفل أو الأعلى ، فالأوسط أولى ، بما له من حقّ القرار ، لأنّ حقّ التّعلّي يبقى على الدّوام ، وهو غير منقول فتستحقّ به الشّفعة كالعقار .
ولو كان سفل بين رجلين عليه علوّ لأحدهما مشترك بينه وبين آخر فباع هو السّفل والعلوّ كان العلوّ لشريكه في العلوّ والسّفل لشريكه في السّفل ، لأنّ كلّ واحد منهما شريك في نفس المبيع في حقّه وجار في حقّ الآخر أو شريك في الحقّ إذا كان طريقهما واحداً .
ولو كان السّفل لرجل والعلوّ لآخر فبيعت دار بجنبها فالشّفعة لهما .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم الشفعة بالمرافق الخاصة    حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyالسبت فبراير 02, 2013 2:42 pm

أركان الشّفعة :

أركان الشّفعة ثلاثة :
أ - الشّفيع : وهو الآخذ .
ب - والمأخوذ منه : وهو المشتري الّذي يكون العقار في حيازته .
ج - المشفوع فيه : وهو العقار المأخوذ أي محلّ الشّفعة .
ولكلّ ركن من هذه الأركان شروط وأحكام تتعلّق بها كما سيأتي .

الشّروط الواجب توافرها في الشّفيع :

الشّرط الأوّل : ملكيّة الشّفيع لما يشفع به :

اشترط الفقهاء للأخذ بالشّفعة أن يكون الشّفيع مالكاً للعقار المشفوع به وقت شراء العقار المشفوع فيه . لأنّ سبب الاستحقاق جواز الملك ، والسّبب إنّما ينعقد سبباً عند وجود الشّرط ، والانعقاد أمر زائد على الوجود .
قال الكاسانيّ : لا شفعة له بدار يسكنها بالإجارة والإعارة ولا بدار باعها قبل الشّراء ولا بدار جعلها مسجداً ولا بدار جعلها وقفاً .
وقد روي عن مالك جواز الشّفعة في الكراء كما سبق .

الشّرط الثّاني : بقاء الملكيّة لحين الأخذ بالشّفعة :

يجب أن يبقى الشّفيع مالكاً للعقار المشفوع به حتّى يمتلك العقار المشفوع فيه بالرّضاء أو بحكم القضاء ليتحقّق الاتّصال وقت البيع .

الشّفعة للوقف :

لا شفعة للوقف لا بشركة ولا بجوار . فإذا بيع عقار مجاور لوقف ، أو كان المبيع بعضه ملك وبعضه وقف وبيع الملك فلا شفعة للوقف ، لا لقيّمه ولا للموقوف عليه .
واشترط الفقهاء جميعاً ألاّ يتضمّن التّملّك بالشّفعة تفريق الصّفقة لأنّ الشّفعة لا تقبل التّجزئة . وينبني على ذلك أنّه إذا كان المبيع قطعةً واحدةً والمشتري واحداً فلا يجوز للشّفيع أن يطلب بعض المبيع ويترك البعض الآخر ، أمّا إذا كانت القطعة واحدةً ، وكان المشتري متعدّداً فيجوز للشّفيع أن يطلب نصيب واحد أو أكثر أو يطلب الكلّ ، ولا يعتبر هذا تجزئةً للشّفعة ، لأنّ كلّ واحد من الشّركاء مستقلّ بملكيّة نصيبه تمام الاستقلال . وإذا كانت القطع متعدّدةً والمشتري واحداً أخذ كلّ شفيع القطعة الّتي يشفع فيها ، فإن تعدّد المشترون أيضاً فلكلّ شفيع أن يأخذ نصيب بعضهم أو يأخذ الكلّ ويقدّر لكلّ قطعة ما يناسبها من الثّمن إن لم يكن مقدّراً في العقد .

المشفوع منه :

وتجوز الشّفعة على أيّ مشتر للعقار المبيع سواء أكان قريباً للبائع أم كان أجنبيّاً عنه . لعموم النّصوص المثبّتة للشّفعة .

التّصرّفات الّتي تجوز فيها الشّفعة :

اتّفق الفقهاء على أنّ التّصرّف المجيز للشّفعة هو عقد المعاوضة ، وهو البيع وما في معناه .
فلا تثبت الشّفعة في الهبة والصّدقة والميراث والوصيّة لأنّ الأخذ بالشّفعة يكون بمثل ما ملك فإذا انعدمت المعاوضة تعذّر الأخذ بالشّفعة .
وحكي عن مالك في رواية أنّ الشّفعة تثبت في كلّ ملك انتقل بعوض أو بغير عوض كالهبة لغير الثّواب ، والصّدقة ، ما عدا الميراث فإنّه لا شفعة فيه باتّفاق . ووجه هذه الرّواية أنّها اعتبرت الضّرر فقط .
واختلف الفقهاء في المهر وأرش الجنايات والصّلح وبدل الخلع وما في معناها :
فذهب الحنفيّة والحنابلة في رواية صحّحها المرداويّ إلى عدم ثبوت الشّفعة في هذه الأموال لأنّ النّصّ ورد في البيع فقط وليست هذه التّصرّفات بمعنى البيع ، ولاستحالة أن يتملّك الشّفيع بمثل ما تملّك به هؤلاء .
وذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة في رواية أخرى إلى ثبوت الشّفعة في هذه التّصرّفات قياساً على البيع بجامع الاشتراك في المعاوضة مع لحوق الضّرر ثمّ نصّ الحنابلة على أنّ الصّحيح عندهم أنّه إذا ثبتت الشّفعة في هذه الحال فيأخذه الشّفيع بقيمته وفي قول : بقيمة مقابله .

الهبة بشرط العوض :

ذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وهو الأصحّ عند الشّافعيّة - إلى أنّه إذا كانت الهبة بشرط العوض ، فإن تقابضا وجبت الشّفعة ، لوجود معنى المعاوضة عند التّقابض عند الحنفيّة ورأي للشّافعيّة ، وإن قبض أحدهما دون الآخر فلا شفعة عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمّد ، وعند زفر تجب الشّفعة بنفس العقد وهو الأظهر عند الشّافعيّة .

الشّفعة مع شرط الخيار :

اتّفق الفقهاء على أنّه إن كان الخيار للبائع وحده أو للبائع والمشتري معاً فلا شفعة حتّى يجب البيع ، لأنّهم اشترطوا لجواز الشّفعة زوال ملك البائع عن المبيع .
وإذا كان الخيار للمشتري فقال الحنفيّة : تجب الشّفعة لأنّ خياره لا يمنع زوال المبيع عن ملك البائع وحقّ الشّفعة يقف عليه .
وعند المالكيّة : لا تجب الشّفعة ، لأنّه غير لازم . لأنّ بيع الخيار منحلّ على المشهور ، إلاّ بعد مضيّه ولزومه فتكون الشّفعة .
وأمّا الشّافعيّة فقد قالوا : إن شرط الخيار للمشتري وحده فعلى القول بأنّ الملك له ففي أخذه بالشّفعة قولان :
الأوّل : المنع ، لأنّ المشتري لم يرض بلزوم العقد وفي الأخذ إلزام وإثبات للعهدة عليه .
والثّاني : وهو الأظهر يؤخذ ، لأنّه لا حقّ فيه إلاّ للمشتري والشّفيع سلّط عليه بعد لزوم الملك واستقراره فقبله أولى .
وعند الحنابلة : لا تثبت الشّفعة قبل انقضاء الخيار كما قال المالكيّة .
وقال الحنفيّة : ولو شرط البائع الخيار للشّفيع فلا شفعة له ، لأنّ شرط الخيار للشّفيع شرط لنفسه وأنّه يمنع وجوب الشّفعة ، فإن أجاز الشّفيع البيع جاز ولا شفعة ، لأنّ البيع تمّ من جهته فصار كأنّه باع ابتداءً . وإن فسخ البيع فلا شفعة له لأنّ ملك البائع لم يزل ، والحيلة للشّفيع في ذلك ألاّ يفسخ ولا يجيز حتّى يجيز البائع أو يجوّز البيع بمضيّ المدّة فتكون له الشّفعة .

الشّفعة في بعض أنواع البيوع :

أ - البيع بالمزاد العلنيّ :

إذا بيع العقار بالمزاد العلنيّ فمقتضى صيغ الفقهاء أنّهم لا يمنعون الشّفعة فيه لأنّهم ذكروا شروطاً للشّفعة إذا تحقّقت ثبتت الشّفعة للشّفيع ولم يستثنوا البيع بالمزايدة .

ب - ما بيع ليجعل مسجداً :

ذهب الحنفيّة والمالكيّة وهو قول أبي بكر من الحنابلة إلى أنّه إذا اتّخذ المشتري الدّار مسجداً ثمّ حضر الشّفيع كان له أن ينقض المسجد ويأخذ الدّار بالشّفعة في ظاهر الرّواية . وروي عن أبي حنيفة أنّه ليس له ذلك ، لأنّ المسجد يتحرّر عن حقوق العباد فيكون بمنزلة إعتاق العبد . وحقّ الشّفيع لا يكون أقوى من حقّ المرتهن ثمّ حقّ المرتهن لا يمنع حقّ الرّاهن فكذلك حقّ الشّفيع لا يمنع صحّة جعل الدّار مسجداً .
ووجه ظاهر الرّواية أنّ للشّفيع في هذه البقعة حقّاً مقدّماً على حقّ المشتري ، وذلك يمنع صحّة جعله مسجداً ، لأنّ المسجد يكون للّه تعالى خالصاً ، ألا ترى أنّه لو جعل جزءاً شائعاً من داره مسجداً أو جعل وسط داره مسجداً لم يجز ذلك ، لأنّه لم يصر خالصاً للّه تعالى فكذلك ما فيه حقّ الشّفعة إذا جعله مسجداً ، وهذا لأنّه في معنى مسجد الضّرار لأنّه قصد الأضرار بالشّفيع من حيث إبطال حقّه فإذا لم يصحّ ذلك كان للشّفيع أن يأخذ الدّار بالشّفعة ويرفع المشتري بناءه المحدث .

المال الّذي تثبت فيه الشّفعة :

اتّفق الفقهاء على أنّ العقار وما في معناه من الأموال الثّابتة تثبت فيه الشّفعة .
وأمّا الأموال المنقولة ففيها خلاف يأتي بيانه .
واستدلّوا على ثبوت الشّفعة في العقار ونحوه بحديث جابر رضي الله عنه قال :»قضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالشّفعة في كلّ شركة لم تقسم ربعة أو حائط« .
وبأنّ الشّفعة في العقار ما وجبت لكونه : مسكناً ، وإنّما وجبت لخوف أذى الدّخيل وضرره على سبيل الدّوام وذلك لا يتحقّق إلاّ في العقار .
وتجب الشّفعة في العقار أو ما في معناه وهو العلوّ ، سواء كان العقار ممّا يحتمل القسمة أو ممّا لا يحتملها كالحمّام والرّحى والبئر ، والنّهر ، والعين ، والدّور الصّغار . وكلّ ما يتعلّق بالعقار ممّا له ثبات واتّصال بالشّروط المتقدّم ذكرها .
واختلف الفقهاء في ثبوت الشّفعة في المنقول على قولين :
القول الأوّل : لا تثبت في المنقول وهو قول الحنفيّة والشّافعيّة ، والصّحيح من مذهبي المالكيّة والحنابلة .
واستدلّوا على ذلك بحديث جابر - رضي الله عنه - أنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم»قضى بالشّفعة في كلّ ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطّرق فلا شفعة « .
ووجه الدّلالة من هذا الحديث أنّ وقوع الحدود وتصريف الطّرق إنّما يكون في العقار دون المنقول .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال :»لا شفعة إلاّ في دار أو عقار«، وهذا يقتضي نفيها عن غير الدّار والعقار ممّا لا يتبعهما وهو المنقول ، وأمّا ما يتبعهما فهو داخل في حكمها .
قالوا : ولأنّ الشّفعة إنّما شرعت لدفع الضّرر ، والضّرر في العقار يكثر جدّاً فإنّه يحتاج الشّريك إلى إحداث المرافق ، وتغيير الأبنية وتضييق الواسع وتخريب العامر وسوء الجوار وغير ذلك ممّا يختصّ بالعقار بخلاف المنقول .
وقالوا أيضاً : الفرق بين المنقول وغيره أنّ الضّرر في غير المنقول يتأبّد بتأبّده وفي المنقول لا يتأبّد فهو ضرر عارض فهو كالمكيل والموزون .
القول الثّاني : تثبت الشّفعة في المنقول وهو رواية عن مالك وأحمد .
واستدلّوا على ذلك بما رواه البخاريّ عن جابر - رضي الله عنه - أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم»قضى بالشّفعة في كلّ ما لم يقسم « .
قالوا : إنّ الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم أثبت الشّفعة في كلّ ما لم يقسم وهذا يتناول العقار والمنقول . لأنّ " ما " من صيغ العموم فتثبت الشّفعة في المنقول كما هي ثابتة في العقار . وقالوا : ولأنّ الضّرر بالشّركة فيما لا ينقسم أبلغ من الضّرر بالعقار الّذي يقبل القسمة فإذا كان الشّارع مريداً لدفع الضّرر الأدنى فالأعلى أولى بالدّفع .

مراحل طلب الأخذ بالشّفعة :

على الشّفيع أن يظهر رغبته بمجرّد علمه بالبيع بما يسمّيه الفقهاء طلب المواثبة ، ثمّ يؤكّد هذه الرّغبة ويعلنها ويسمّى هذا طلب التّقرير والإشهاد ، فإذا لم تتمّ له الشّفعة تقدّم للقضاء بما يسمّى بطلب الخصومة والتّملّك .

أ - طلب المواثبة :

وقت هذا الطّلب هو وقت علم الشّفيع بالبيع ، وعلمه بالبيع قد يحصل بسماعه بالبيع بنفسه ، وقد يحصل بإخبار غيره له .
واختلف الحنفيّة في اشتراط العدد والعدالة في المخبر :
فقال أبو حنيفة : يشترط أحد هذين إمّا العدد في المخبر وهو رجلان أو رجل وامرأتان وإمّا العدالة .
وقال أبو يوسف ومحمّد : لا يشترط فيه العدد ولا العدالة ، فلو أخبره واحد بالشّفعة عدلاً كان أو فاسقاً ، فسكت ولم يطلب على فور الخبر على رواية الأصل أو لم يطلب في المجلس على رواية محمّد ، بطلت شفعته عندهما إذا ظهر كون الخبر صادقاً . وذلك لأنّ العدد والعدالة لا يعتبران شرعاً في المعاملات وهذا من باب المعاملة فلا يشترط فيه العدد ولا العدالة .
ووجه قول أبي حنيفة : أنّ هذا إخبار فيه معنى الإلزام . ألا ترى أنّ حقّ الشّفيع يبطل لو لم يطلب بعد الخبر فأشبه الشّهادة فيعتبر فيه أحد شرطي الشّهادة وهو العدد أو العدالة .
وشرط طلب المواثبة أن يكون من فور العلم بالبيع . إذا كان قادراً عليه ، حتّى لو علم بالبيع وسكت عن الطّلب مع القدرة عليه بطل حقّ الشّفعة في رواية الأصل .
وروي عن محمّد أنّه على المجلس كخيار المخيّرة وخيار القبول ما لم يقم عن المجلس أو يتشاغل عن الطّلب بعمل آخر لا تبطل شفعته وله أن يطلب ، وذكر الكرخيّ أنّ هذا أصحّ الرّوايتين ، ووجه هذه الرّواية أنّ حقّ الشّفعة ثبت نظراً للشّفيع دفعاً للضّرر عنه فيحتاج إلى التّأمّل أنّ هذه الدّار هل تصلح بمثل هذا الثّمن وأنّه هل يتضرّر بجوار هذا المشتري فيأخذ بالشّفعة ، أم لا يتضرّر به فيترك . وهذا لا يصحّ بدون العلم بالبيع ، والحاجة إلى التّأمّل شرط المجلس في جانب المخيّرة ، والقبول ، كذا هاهنا .
ووجه رواية الأصل ما روي أنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم قال :»الشّفعة كحلّ العقال «ولأنّه حقّ يثبت على خلاف القياس ، إذ الأخذ بالشّفعة تملّك مال معصوم بغير إذن مالكه لخوف ضرر يحتمل الوجود والعدم فلا يستقرّ إلاّ بالطّلب على المواثبة .
واستثنى الحنفيّة القائلون بوجوب المواثبة حالات يعذر فيها بالتّأخير كما إذا سمع بالبيع في حال سماعه خطبة الجمعة أو سلّم على المشتري قبل طلب الشّفعة ونحو ذلك .
وكذلك إذا كان هناك حائل بأن كان بينهما نهر مخوف ، أو أرض مسبعة ، أو غير ذلك من الموانع ، لا تبطل شفعته بترك المواثبة إلى أن يزول الحائل .
وذهب المالكيّة إلى أنّ الشّفعة ليست على الفور بل وقت وجوبها متّسع ، واختلف قول مالك في هذا الوقت هل هو محدود أم لا ؟ فمرّةً قال : هو غير محدود وأنّها لا تنقطع أبداً ، إلاّ أن يحدث المبتاع بناءً أو تغييراً كثيراً بمعرفته وهو حاضر عالم ساكت ، ومرّةً حدّد هذا الوقت بسنة ، وهو الأشهر كما يقول ابن رشد وقيل أكثر من السّنة وقد قيل عنه إنّ الخمسة الأعوام لا تنقطع فيها الشّفعة .
والأظهر عند الشّافعيّة أنّ الشّفعة يجب طلبها على الفور لأنّها حقّ ثبت لدفع الضّرر فكان على الفور كالرّدّ بالعيب ، وهو موافق لرواية الأصل والصّحيح من مذهب الحنابلة ، ومقابل الأظهر ثلاثة أقوال :
أحدها : أنّ حقّ الشّفعة مؤقّت بثلاثة أيّام بعد المكنة ، فإن طلبها إلى ثلاث كان على حقّه ، وإن مضت الثّلاث قبل طلبه بطلت .
والقول الثّاني : تمتدّ مدّةً تسع التّأمّل في مثل ذلك الشّقص .
والثّالث : أنّ حقّ الشّفعة ممتدّ على التّأبيد ما لم يسقطه أو يعرّض بإسقاطه .
وقد استثنى بعض الشّافعيّة عشر صور لا يشترط فيها الفور هي :
أ - لو شرط الخيار للبائع أو لهما فإنّه لا يؤخذ بالشّفعة ما دام الخيار باقياً .
ب - إنّ له التّأخير لانتظار إدراك الزّرع حصاده على الأصحّ .
ج - إذا أخبر بالبيع على غير ما وقع من زيادة في الثّمن فترك ثمّ تبيّن خلافه فحقّه باق .
د - إذا كان أحد الشّفيعين غائباً فللحاضر انتظاره وتأخير الأخذ إلى حضوره .
هـ – إذا اشترى بمؤجّل .
و - لو قال : لم أعلم أنّ لي الشّفعة وهو ممّن يخفى عليه ذلك .
ز - لو قال العامّيّ : لم أعلم أنّ الشّفعة على الفور ، فإنّ المذهب هنا وفي الرّدّ بالعيب قبول قوله .
ح - لو كان الشّقص الّذي يأخذ بسببه مغصوباً كما نصّ عليه البويطيّ فقال : وإن كان في يد رجل شقص من دار فغصب على نصيبه ثمّ باع الآخر نصيبه ثمّ رجع إليه فله الشّفعة ساعة رجوعه إليه ، نقله البلقينيّ
ط - الشّفعة الّتي يأخذها الوليّ لليتيم ليست على الفور ، بل حقّ الوليّ على التّراخي قطعاً ، حتّى لو أخّرها أو عفا عنها لم يسقط لأجل اليتيم .
ي - لو بلغه الشّراء بثمن مجهول فأخّر ليعلم لا يبطل ، قاله القاضي حسين .
والصّحيح في مذهب الحنابلة : أنّ حقّ الشّفعة على الفور إن طالب بها ساعة يعلم بالبيع وإلاّ بطلت ، نصّ عليه أحمد في رواية أبي طالب ، وحكي عنه رواية ثانية أنّ الشّفعة على التّراخي لا تسقط ما لم يوجد منه ما يدلّ على الرّضى من عفو أو مطالبة بقسمة ونحو ذلك . وإن كان للشّفيع عذر يمنعه الطّلب مثل أن لا يعلم بالبيع فأخّر إلى أن علم وطالب ساعة علم أو علم الشّفيع بالبيع ليلاً فأخّر الطّلب إلى الصّبح أو أخّر الطّلب لشدّة جوع أو عطش حتّى يأكل ويشرب ، أو أخّر الطّلب محدث لطهارة أو إغلاق باب أو ليخرج من الحمّام أو ليقضي حاجته ، أو ليؤذّن ويقيم ويأتي بالصّلاة بسننها ، أو ليشهدها في جماعة يخاف فوتها ونحوه ، كمن علم وقد ضاع منه مال فأخّر الطّلب يلتمس ما سقط منه لم تسقط الشّفعة ، لأنّ العادة تقديم هذه الحوائج ونحوها على غيرها فلا يكون الاشتغال بها رضاً بترك الشّفعة ، كما لو أمكنه أن يسرع في مشيه أو يحرّك دابّته فلم يفعل ومضى على حسب عادته ، وهذا ما لم يكن المشتري حاضراً عند الشّفيع في هذه الأحوال ، فتسقط بتأخيره ، لأنّه مع حضوره يمكنه مطالبته من غير اشتغال عن أشغاله إلاّ الصّلاة فلا تسقط الشّفعة بتأخير الطّلب للصّلاة وسننها ، ولو مع حضور المشتري عند الشّفيع ، لأنّ العادة تأخير الكلام عن الصّلاة ، وليس على الشّفيع تخفيف الصّلاة ، ولا الاقتصار على أقلّ ما يجزئ في الصّلاة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم الشفعة بالمرافق الخاصة    حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyالسبت فبراير 02, 2013 2:44 pm

الإشهاد على طلب المواثبة :

الإشهاد ليس بشرط لصحّة طلب المواثبة فلو لم يشهد صحّ طلبه فيما بينه وبين اللّه ، وإنّما الإشهاد للإظهار عند الخصومة على تقدير الإنكار ، لأنّ من الجائز أنّ المشتري لا يصدّق الشّفيع في الطّلب أو لا يصدّقه في الفور ويكون القول قوله فيحتاج إلى الإظهار بالبيّنة عند القاضي على تقدير عدم التّصديق ، لا أنّه شرط صحّة الطّلب ، هذا عند الحنفيّة والشّافعيّة .
قال الشّافعيّة إن كان للشّفيع عذر يمنع المطالبة ، فليوكّل في المطالبة أو يشهد على طلب الشّفعة، فإن ترك المقدور عليه منها بطل حقّه في الأظهر .
وعند الحنابلة : تسقط الشّفعة بسيره إلى المشتري في طلبها بلا إشهاد ، ولا تسقط إن أخّر طلبه بعد الإشهاد ، أي إنّ الحنابلة يشترطون الإشهاد لصحّة الطّلب .
ويصحّ الطّلب بكلّ لفظ يفهم منه طلب الشّفعة كما لو قال : طلبت الشّفعة أو أطلبها أو أنا طالبها، لأنّ الاعتبار للمعنى .

ب - طلب التّقرير والإشهاد :

هذه المرحلة من المطالبة اختصّ بذكرها الحنفيّة فقالوا : يجب على الشّفيع بعد طلب المواثبة أن يشهد ويطلب التّقرير وطلب التّقرير .
هو أن يشهد الشّفيع على البائع إن كان العقار المبيع في يده ، أو على المشتري وإن لم يكن العقار في يده ، أو عند المبيع بأنّه طلب ويطلب فيه الشّفعة الآن .
والشّفيع محتاج إلى الإشهاد لإثباته عند القاضي ولا يمكنه الإشهاد ظاهراً على طلب المواثبة لأنّه على فور العلم بالشّراء - عند البعض - فيحتاج بعد ذلك إلى طلب الإشهاد والتّقرير .
ولبيان كيفيّته نقول : المبيع إمّا أن يكون في يد البائع وإمّا أن يكون في يد المشتري ، فإن كان في يد البائع فالشّفيع بالخيار إن شاء طلب من البائع ، وإن شاء طلب من المشتري وإن شاء طلب عند المبيع .
أمّا الطّلب من البائع والمشتري فلأنّ كلّ واحد منهما خصم البائع باليد والمشتري بالملك ، فصحّ الطّلب من كلّ واحد منهما .
وأمّا الطّلب عند المبيع فلأنّ الحقّ متعلّق به ، فإن سكت عن الطّلب من أحد المتبايعين وعند المبيع مع القدرة عليه بطلت شفعته لأنّه فرّط في الطّلب .
وإن كان في يد المشتري فإن شاء طلب من المشتري وإن شاء عند المبيع ، ولا يطلب من البائع لأنّه خرج من أن يكون خصماً لزوال يده ولا ملك له فصار بمنزلة الأجنبيّ .
هذا إذا كان قادراً على الطّلب من المشتري أو البائع أو عند المبيع .
والإشهاد على طلب التّقرير ليس بشرط لصحّته وإنّما هو لتوثيقه على تقدير الإنكار كما في طلب المواثبة . وتسمية المبيع وتحديده ليست بشرط لصحّة الطّلب والإشهاد في ظاهر الرّواية ، وروي عن أبي يوسف أنّه شرط ، لأنّ الطّلب لا يصحّ إلاّ بعد العلم والعقار لا يصير معلوماً إلاّ بالتّحديد فلا يصحّ الطّلب والإشهاد بدونه
واختلفت عبارات مشايخ الحنفيّة في ألفاظ الطّلب ، وصحّح الكاسانيّ أنّه لوأتى بلفظ يدلّ على الطّلب أيّ لفظ كان يكفي ، نحو أن يقول : ادّعيت الشّفعة أو سألت الشّفعة ونحو ذلك ممّا يدلّ على الطّلب ، قال الكاسانيّ : لأنّ الحاجة إلى الطّلب ، ومعنى الطّلب يتأدّى بكلّ لفظ يدلّ عليه ، سواء أكان بلفظ الطّلب أم بغيره ، ومن صور هذا الطّلب ما ذكر في الهداية والكنز ، وهي أن يقول الشّفيع : إنّ فلاناً اشترى هذه الدّار وأنا شفيعها ، وقد كنت طلبت الشّفعة وأطلبها الآن فاشهدوا على ذلك .
وأمّا حكم هذا الطّلب عند الحنفيّة فهو استقرار الحقّ ، فالشّفيع إذا أتى بطلبين صحيحين -طلب المواثبة وطلب التّقرير - استقرّ الحقّ على وجه لا يبطل بتأخير المطالبة أمام القاضي بالأخذ بالشّفعة أبداً حتّى يسقطها بلسانه ، وهو قول أبي حنيفة وإحدى الرّوايتين عن أبي يوسف، وفي رواية أخرى قال : إذا ترك المخاصمة إلى القاضي في زمان يقدر فيه على المخاصمة بطلت شفعته ، ولم يؤقّت فيه وقتاً ، وروي عنه أنّه قدّره بما يراه القاضي ، وقال محمّد وزفر ، إذا مضى شهر بعد الطّلب ولم يطلب من غير عذر بطلت شفعته ، وهو رواية عن أبي يوسف أيضاً وبه أخذت المجلّة .
وجه قول محمّد وزفر : أنّ حقّ الشّفعة ثبت لدفع الضّرر عن الشّفيع ولا يجوز دفع الضّرر عن الإنسان على وجه يتضمّن الإضرار بغيره ، وفي إبقاء هذا الحقّ بعد تأخير الخصومة أبداً إضرار بالمشتري ، لأنّه لا يبني ولا يغرس خوفاً من النّقض والقلع فيتضرّر به ، فلا بدّ من التّقدير بزمان ، وقدّر بالشّهر لأنّه أدنى الآجال ، فإذا مضى شهر ولم يطلب من غير عذر فقد فرّط في الطّلب فتبطل شفعته .
ووجه قول أبي حنيفة ، أنّ الحقّ للشّفيع قد ثبت بالطّلبين والأصل أنّ الحقّ متى ثبت لإنسان لا يبطل إلاّ بإبطاله ولم يوجد لأنّ تأخير المطالبة منه لا يكون إبطالاً ، كتأخير استيفاء القصاص وسائر الدّيون .

ج - طلب الخصومة والتّملّك :

طلب الخصومة والتّملّك هو طلب المخاصمة عند القاضي ، فيلزم أن يطلب الشّفيع ويدعى في حضور الحاكم بعد طلب التّقرير والإشهاد .
ولا تسقط الشّفعة بتأخير هذا الطّلب عند أبي حنيفة ، وهو رواية عن أبي يوسف ، وقال محمّد وزفر إن تركها شهراً بعد الإشهاد بطلت .
ولا فرق في حقّ المشتري بين الحضر والسّفر ، ولو علم أنّه لم يكن في البلد قاض لا تبطل شفعته بالتّأخير بالاتّفاق . لأنّه لا يتمكّن من الخصومة إلاّ عند القاضي فكان عذراً .
وإذا تقدّم الشّفيع إلى القاضي فادّعى الشّراء وطلب الشّفعة سأله القاضي فإن اعترف بملكه الّذي يشفع به ، وإلاّ كلّفه بإقامة البيّنة ، لأنّ اليد ظاهر محتمل فلا تكفي لإثبات الاستحقاق .
فإن عجز عن البيّنة استحلف المشتري باللّه ما يعلم أنّ المدّعي مالك للّذي ذكره ممّا يشفع به ، فإن نكل أو قامت للشّفيع بيّنة ثبت حقّه في المطالبة ، فبعد ذلك يسأل القاضي المدّعى عليه هل ابتاع أم لا ؟ فإن أنكر الابتياع قيل للشّفيع : أقم البيّنة لأنّ الشّفعة لا تجب إلاّ بعد ثبوت البيع وثبوته بالحجّة ، فإن عجز عنها استحلف المشتري باللّه ما ابتاع أو باللّه ما استحقّ عليه في هذه الدّار شفعةً من الوجه الّذي ذكره .
ولا يلزم الشّفيع إحضار الثّمن وقت الدّعوى بل بعد القضاء ، فيجوز له المنازعة وإن لم يحضر الثّمن إلى مجلس القضاء .

الشّفعة للذّمّيّ على المسلم :

أجمع الفقهاء على ثبوت الشّفعة للمسلم على الذّمّيّ ، وللذّمّيّ على الذّمّيّ ، واختلفوا في ثبوتها للذّمّيّ على المسلم ولهم في ذلك قولان :
القول الأوّل : ذهب الحنفيّة ، والمالكيّة ، والشّافعيّة ، إلى ثبوتها للذّمّيّ على المسلم أيضاً . واستدلّوا بعموم الأحاديث الواردة في الشّفعة الّتي سبقت كحديث جابر - رضي الله عنه - أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم»قضى بالشّفعة في كلّ شركة لم تقسم ، ربعة أو حائط لا يحلّ له أن يبيع حتّى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحقّ به «. وبالإجماع لما روي عن شريح أنّه قضى بالشّفعة للذّمّيّ على المسلم وكتب بذلك إلى عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - فأجازه وأقرّه ، وكان ذلك في محضر من الصّحابة ولم ينكر أحد منهم عليه فكان ذلك إجماعاً .
ولأنّ الذّمّيّ كالمسلم في السّبب والحكمة وهما اتّصال الملك بالشّركة أو الجوار ، ودفع الضّرر عن الشّريك أو الجار ، فكما جازت الشّفعة للمسلم على المسلم فكذلك تجوز للذّمّيّ على المسلم . القول الثّاني : ذهب الحنابلة إلى عدم ثبوتها للذّمّيّ على المسلم ، واستدلّوا على ذلك بما رواه الدّارقطنيّ في كتاب العلل عن أنس رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال :»لا شفعة لنصرانيّ « .
وبأنّ الشّريعة إنّما قصدت من وراء تشريع الشّفعة الرّفق بالشّفيع ، والرّفق لا يستحقّه إلاّ من أقرّ بها وعمل بمقتضاها والذّمّيّ لم يقرّ بها ولم يعمل بمقتضاها فلا يستحقّ الرّفق المقصود بتشريع الشّفعة فلا تثبت له على المسلم .
وبأنّ في إثبات الشّفعة للذّمّيّ على المسلم تسليطاً له عليه بالقهر والغلبة وذلك ممتنع بالاتّفاق



تعدّد الشّفعاء وتزاحمهم :

أوّلاً : عند اتّحاد سبب الشّفعة :

اختلف الفقهاء في كيفيّة توزيع المشفوع فيه على الشّفعاء عند اتّحاد سبب الشّفعة لكلّ منهم بأن كانوا جميعاً من رتبة واحدة - أي شركاء مثلاً - فذهب المالكيّة ، والشّافعيّة ، في الأظهر ، والحنابلة على الصّحيح من المذهب إلى أنّه إذا تعدّد الشّفعاء وزّعت الشّفعة عليهم بقدر الحصص من الملك ، لا على عدد الرّءوس . ووجه ذلك عندهم ، أنّها مستحقّة بالملك فقسّط على قدره كالأجرة والثّمن .
وذهب الحنفيّة والشّافعيّة في قول : والحنابلة في قول ، إلى أنّها تقسم على عدد الرّءوس لا على قدر الملك
ووجه ذلك أنّ السّبب في موضوع الشّركة أصل الشّركة ، وقد استويا فيه فيستويان في الاستحقاق .
وكما يقسم المشفوع فيه على الشّركاء بالتّساوي عند الحنفيّة ، يقسم أيضاً على الجيران بالتّساوي بصرف النّظر عن مقدار المجاورة ، فإذا كان لدار واحدة شفيعان جاران جوارهما على التّفاوت بأن كان جوار أحدهما بخمسة أسداس الدّار وجوار الآخر بسدسها ، كانت الشّفعة بينهما نصفين لاستوائهما في سبب الاستحقاق ، وهو أصل الجوار .
فالقاعدة عند الحنفيّة هي أنّ العبرة في السّبب أصل الشّركة لا قدرها ، وأصل الجوار لا قدره ، وهذا يعمّ حال انفراد الأسباب واجتماعها .

ثانياً : عند اختلاف سبب الشّفعة :


ذهب الحنفيّة إلى أنّ أسباب الشّفعة إذا اجتمعت يراعى فيها التّرتيب بين الشّفعاء فيقدّم الأقوى فالأقوى ، فيقدّم الشّريك في نفس المبيع على الخليط في حقّ المبيع ، ويقدّم الخليط في حقّ المبيع على الجار الملاصق لما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال :»الشّريك أحقّ من الخليط والخليط أحقّ من غيره «ولأنّ المؤثّر في ثبوت حقّ الشّفعة هو دفع ضرر الدّخيل وأذاه ، وسبب وصول الضّرر والأذى هو الاتّصال ، والاتّصال على هذه المراتب ، فالاتّصال بالشّركة في عين المبيع أقوى من الاتّصال بالخلط ، والاتّصال بالخلط أقوى من الاتّصال بالجوار ، والتّرجيح بقوّة التّأثير ترجيح صحيح . فإن سلّم الشّريك وجبت للخليط .
وإن اجتمع خليطان يقدّم الأخصّ على الأعمّ ، وإن سلّم الخليط وجبت للجار لما قلنا ، وهذا على ظاهر الرّواية ، وروي عن أبي يوسف أنّه إذا سلّم الشّريك فلا شفعة لغيره .
فعلى ظاهر الرّواية ليس للمتأخّر حقّ إلاّ إذا سلّم المتقدّم ، فإن سلّم فللمتأخّر أن يأخذ بالشّفعة ، لأنّ السّبب قد تقرّر في حقّ الكلّ إلاّ أنّ للشّريك حقّ التّقدّم .
ولكن بشرط أن يكون الجار طلب الشّفعة مع الشّريك إذا علم بالبيع ليمكنه الأخذ إذا سلّم الشّريك، فإن لم يطلب حتّى سلّم الشّريك فلا يحقّ له بعد ذلك .
والشّافعيّة والحنابلة لا يثبتون الشّفعة إلاّ للشّريك في الملك .
أمّا المالكيّة فلا يتأتّى التّزاحم عندهم لأنّهم وإن وافقوهم في ذلك ، إلاّ أنّهم ذهبوا مذهباً آخر فجعلوها للشّركاء في العقار دون ترتيب إذا ما كانوا في درجة واحدة ، وذلك عندما يكون كلّ شريك أصلاً في الشّركة لا خلفاً فيها عن غيره . أمّا إذا كان بعضهم خلفاً في الشّركة عن غيره دون بعض فلا تكون لهم على السّواء وإنّما يقدّم الشّريك في السّهم المباع بعضه على الشّريك في أصل العقار ، ويظهر ذلك في الورثة ،فإذا كانت دار بين اثنين فمات أحدهما عن جدّتين ، وزوجتين ، وشقيقتين ، فباعت إحدى هؤلاء حظّها من الدّار كانت الشّفعة أوّلاً لشريكتها في السّهم دون بقيّة الورثة والشّريك الأجنبيّ ، فتكون الجدّة - مثلاً - أولى بما تبيع صاحبتها - وهي الجدّة الأخرى - لاشتراكهما في السّدس ، وهكذا .
وعند المالكيّة أيضاً ، إن أعار شخص أرضه لقوم يبنون فيها أو يغرسون فيها ففعلوا ثمّ باع أحدهم حظّه من البناء أو الشّجر قدّم الشّخص المعير على شركاء البائع في أخذ الحظّ المبيع بقيمة نقضه منقوضاً أو بثمنه الّذي بيع به فالخيار له عند ابن الحاجب ، هذا في الإعارة المطلقة، وأمّا المقيّدة بزمن معلوم ولم ينقض فقال ابن رشد : إن باع أحدهم حظّه قبل انقضاء أمد الإعارة على البقاء فلشريكه الشّفعة ولا مقال لربّ الأرض إن باعه على البقاء ، وإن باعه على النّقض قدّم ربّ الأرض .
فإذا بنى رجلان في عرصة رجل بإذنه ، ثمّ باع أحدهما حصّته من النّقض فلربّ الأرض أخذه بالأقلّ من قيمته مقلوعاً أو من الثّمن الّذي باعه به ، فإن أبى فلشريكه الشّفعة للضّرر إذ هو أصل الشّفعة .

ثالثاً : مزاحمة المشتري الشّفيع لغيره من الشّفعاء :


إذا كان المشتري شفيعاً ، فإنّه يزاحم غيره من الشّفعاء بقوّة سببه ويزاحمونه كذلك بقوّة السّبب ويقاسمهم ويقاسمونه إذا كانوا من درجة واحدة .
فالمشتري الشّفيع يقدّم على من دونه في سبب الشّفعة ، ويقدّم عليه من هو أعلى منه في السّبب .
وعلى هذا إذا تساوى المشتري مع الشّفعاء في الرّتبة فإنّه يكون شفيعاً مثلهم فيشاركهم ولا يقدّم أحدهم على الآخر بشيء ويقسم العقار المشفوع فيه على قدر رءوسهم عند الحنفيّة ، وعلى قدر أملاكهم عند غيرهم كما هو أصل كلّ منهم في تقسيم المشفوع فيه على الشّفعاء في حالة ما إذا كان المشتري أجنبيّاً .

طريق التّملّك بالشّفعة :


اختلف الفقهاء في كيفيّة التّملّك بالشّفعة ، فذهب الحنفيّة إلى أنّه لا يثبت الملك للشّفيع إلاّ بتسليم المشتري بالتّراضي ، أو بقضاء القاضي .
أمّا التّملّك بالتّسليم من المشتري فظاهر ، لأنّ الأخذ بتسليم المشتري برضاه ببدل يبذله الشّفيع وهو الثّمن يفسّر الشّراء والشّراء تملّك .
وأمّا قضاء القاضي فلأنّه نقل للملك عن مالكه إلى غيره قهراً ، فافتقر إلى حكم الحاكم كأخذ دينه. وإذا قضى القاضي بالشّفعة وكان المبيع في يد البائع ، فقال بعض مشايخ الحنفيّة : البيع لا ينتقض بل تتحوّل الصّفقة إلى الشّفيع .
وقال بعضهم : ينتقض البيع الّذي جرى بين البائع والمشتري وينعقد للشّفيع بيع آخر ، وهو المشهور ووجه من قال بالتّحوّل ، أنّ البيع لو انتقض لتعذّر الأخذ بالشّفعة ، لأنّ البيع من شرائط وجوب الشّفعة فإذا انتقض لم يجب فتعذّر الأخذ .
ووجه من قال إنّه ينتقض ، نصّ كلام محمّد حيث قال : انتقض البيع فيما بين البائع والمشتري وهذا نصّ في الباب .
ومن المعقول أنّ القاضي إذا قضى بالشّفعة قبل القبض فقد عجز المشتري عن قبض المبيع والعجز عن قبضه يوجب بطلان البيع لخلوّه عن الفائدة ، كما إذا هلك المبيع قبل القبض .
ولأنّ الملك قبل الأخذ بالشّفعة للمشتري لوجود آثار الملك في حقّه ولو تحوّل الملك إلى الشّفيع لم يثبت الملك للمشتري .
وإن كان المبيع في يد المشتري أخذه منه ودفع الثّمن إلى المشتري ، والبيع الأوّل صحيح، لأنّ استحقاق التّملّك وقع على المشتري فيجعل كأنّه اشترى منه .
ثمّ إذا أخذ الدّار من يد البائع يدفع الثّمن إلى البائع وكانت العهدة عليه ، ويستردّ المشتري الثّمن من البائع إن كان قد نقد .
وإن أخذها من يد المشتري دفع الثّمن إلى المشتري ، وكانت العهدة عليه ، لأنّ العهدة هي من الرّجوع بالثّمن عند الاستحقاق فيكون على من قبضه .
وروي عن أبي يوسف ، أنّ المشتري إذا كان نقد الثّمن ولم يقبض الدّار حتّى قضي للشّفيع بمحضر منهما أنّ الشّفيع يأخذ الدّار من البائع وينقد الثّمن للمشتري والعهدة على المشتري ، وإن كان لم ينقد دفع الشّفيع الثّمن إلى البائع ، والعهدة على البائع .
وشرط جواز القضاء بالشّفعة عند الحنفيّة : حضور المقضيّ عليه ، لأنّ القضاء على الغائب لا يجوز ، فإن كان المبيع في يد البائع فلا بدّ من حضور البائع والمشتري جميعاً ، لأنّ كلّ واحد منهما خصم ، أمّا البائع فباليد ، وأمّا المشتري فبالملك فكان كلّ واحد منهما مقضيّاً عليه فيشترط حضورهما لئلاّ يكون قضاءً على الغائب من غير أن يكون عنه خصم حاضر .
وأمّا إن كان في يد المشتري فحضور البائع ليس بشرط ، ويكتفى بحضور المشتري لأنّ البائع خرج من أن يكون خصماً لزوال ملكه ويده عن المبيع فصار كالأجنبيّ ، وكذا حضور الشّفيع أو وكيله شرط جواز القضاء له بالشّفعة ، لأنّ القضاء على الغائب كما لا يجوز ، فالقضاء للغائب لا يجوز أيضاً ، ثمّ القاضي إذا قضى بالشّفعة يثبت الملك للشّفيع ولا يقف ثبوت الملك له على التّسليم ، لأنّ الملك للشّفيع يثبت بمنزلة الشّراء ، والشّراء الصّحيح يوجب الملك بنفسه .
ووقت القضاء بالشّفعة ، هو وقت المنازعة والمطالبة بها فإذا طالبه بها الشّفيع يقضي له القاضي بالشّفعة ، سواء أحضر الثّمن أم لا في ظاهر الرّواية ، وللمشتري أن يحبس الدّار حتّى يستوفي الثّمن من الشّفيع وللبائع حقّ حبس المبيع لاستيفاء الثّمن ، فإن أبى أن ينقد حبسه القاضي ، لأنّه ظهر ظلمه بالامتناع من إيفاء حقّ واجب عليه ، فيحبسه ولا ينقض الشّفعة ، وإن طلب أجلاً أجّله يوماً أو يومين أو ثلاثةً ، لأنّه لا يمكنه النّقد للحال فيحتاج إلى مدّة يتمكّن فيها من النّقد فيمهله ولا يحبسه ، فإن مضى الأجل ولم ينقد حبسه .
وقال محمّد : لا ينبغي للقاضي أن يقضي بالشّفعة حتّى يحضر الشّفيع المال ، فإن طلب أجلاً أجّله يوماً أو يومين أو ثلاثة أيّام ولم يقض له بالشّفعة ، فإن قضى بالشّفعة ثمّ أبى الشّفيع أن ينقد حبسه .
وذهب المالكيّة إلى أنّ الشّفيع يملك الشّقص بأحد أمور ثلاثة :
أ - حكم الحاكم له .
ب - دفع ثمن من الشّفيع للمشتري .
ج - الإشهاد بالأخذ ولو في غيبة المشتري ، وقيل لا بدّ أن يكون بحضوره .
وقال الشّافعيّة : لا يشترط في التّملّك بالشّفعة حكم الحاكم ، ولا إحضار الثّمن ، ولا حضور المشتري ولا رضاه ، ولا بدّ من جهة الشّفيع من لفظ ، كقوله : تملّكت ، أو اخترت الأخذ بالشّفعة ، أو أخذته بالشّفعة ، وما أشبهه ، وإلاّ فهو من باب المعاطاة . ولو قال : أنا مطالب بالشّفعة ، لم يحصل به التّملّك على الأصحّ ، وبه قطع المتولّي . ولذلك قالوا : يعتبر في التّملّك بها ، أن يكون الثّمن معلوماً للشّفيع ، ولم يشترطوا ذلك في الطّلب .
ثمّ لا يملك الشّفيع بمجرّد اللّفظ ، بل يعتبر معه أحد أمور :
الأوّل : أن يسلّم العوض إلى المشتري ، فيملك به إن استلمه ، وإلاّ فيخلى بينه وبينه ، أو يرفع الأمر إلى القاضي حتّى يلزمه التّسليم . قال النّوويّ : أو يقبض عنه القاضي .
الثّاني : أن يسلّم المشتري الشّقص ويرضى بكون الثّمن في ذمّة الشّفيع ، إلاّ أن يبيع ، ولو رضي بكون الثّمن في ذمّته ، ولم يسلّم الشّقص ، فوجهان :
أحدهما : لا يحصل الملك ، لأنّ قول المشتري وعد .
وأصحّهما : الحصول ، لأنّه معاوضة ، والملك في المعاوضات لا يقف على القبض .
الثّالث : أن يحضر مجلس القاضي ويثبت حقّه بالشّفعة ، ويختار التّملّك ، فيقضي القاضي له بالشّفعة ، فوجهان :
أحدهما : لا يحصل الملك حتّى يقبض عوضه ، أو يرضى بتأخّره ، وأصحّهما : الحصول .
وإذا ملك الشّفيع الشّقص بغير الطّريق الأوّل ، لم يكن له أن يتسلّمه حتّى يؤدّي الثّمن ، وأن يسلّمه المشتري قبل أداء الثّمن ولا يلزمه أن يؤخّر حقّه بتأخير البائع حقّه . وإذا لم يكن الثّمن حاضراً وقت التّملّك ، أمهل ثلاثة أيّام . فإن انقضت ولم يحضره فسخ الحاكم تملّكه ، هكذا قاله ابن سريج والجمهور . وقيل : إذا قصّر في الأداء ، بطل حقّه . وإن لم يوجد ، رفع الأمر إلى الحاكم وفسخ منه .
وذهب الحنابلة إلى أنّ الشّفيع يملك الشّقص بأخذه بكلّ لفظ يدلّ على أخذه ، بأن يقول قد أخذته بالثّمن أو تملّكته بالثّمن أو اخترت الأخذ بالشّفعة ، ونحو ذلك إذا كان الثّمن والشّقص معلومين ، ولا يفتقر إلى حكم حاكم .
وقال القاضي وأبو الخطّاب : يملكه بالمطالبة ، لأنّ البيع السّابق سبب ، فإذا انضمّت إليه المطالبة كان كالإيجاب في البيع انضمّ إليه القبول .
واستدلّوا بأنّ حقّ الشّفعة ثبت بالنّصّ والإجماع فلم يفتقر إلى حكم حاكم كالرّدّ بالعيب .
وعلى هذا فإنّه إذا قال قد أخذت الشّقص بالثّمن الّذي تمّ عليه العقد ، وهو عالم بقدره وبالمبيع صحّ الأخذ ، وملك الشّقص ولا خيار للشّفيع ولا للمشتري ، لأنّ الشّقص يؤخذ قهراً والمقهور لا خيار له . والآخذ قهراً لا خيار له أيضاً .
وإن كان الثّمن أو الشّقص مجهولاً لم يملكه بذلك ، لأنّه بيع في الحقيقة ، فيعتبر العلم بالعوضين كسائر البيوع ، وله المطالبة بالشّفعة ، ثمّ يتعرّف مقدار الثّمن من المشتري أو من غيره والمبيع فيأخذه بثمنه ويحتمل أنّ له الأخذ مع جهالة الشّقص بناءً على بيع الغائب .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم الشفعة بالمرافق الخاصة    حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyالسبت فبراير 02, 2013 2:48 pm

البناء والغراس في المال المشفوع فيه :


اختلف الفقهاء فيما إذا بنى المشتري في الأرض المشفوع فيها أو غرس فيها ، ثمّ قضي للشّفيع بالشّفعة ، وسبب الاختلاف على ما قال ابن رشد هو تردّد تصرّف المشفوع عليه العالم بوجوب الشّفعة عليه بين شبهة تصرّف الغاصب وتصرّف المشتري الّذي يطرأ عليه الاستحقاق وقد بنى في الأرض وغرس وذلك أنّه وسط بينهما .
فمن غلب عليه شبه الاستحقاق لم يكن له أن يأخذ القيمة ، ومن غلب عليه شبه التّعدّي كان له أن يأخذه بنقضه أو يعطيه قيمته منقوضاً .
وذهب الحنفيّة إلى أنّه إذا بنى المشتري في الأرض المشفوع فيها أو غرس ، ثمّ قضي للشّفيع بالشّفعة فهو بالخيار ، إن شاء أخذها بالثّمن والبناء والغرس بقيمته مقلوعاً ، وإن شاء أجبر المشتري على قلعهما ، فيأخذ الأرض فارغةً . وهذا هو جواب ظاهر الرّواية .
ووجه ظاهر الرّواية : أنّه بنى في محلّ تعلّق به حقّ متأكّد للغير من غير تسليط من جهة من له الحقّ فينقض كالرّاهن إذا بنى في المرهون ، وهذا لأنّ حقّه أقوى من حقّ المشتري ، لأنّه يتقدّم عليه ، ولهذا ينقض بيعه وهبته وتصرّفاته .
وروي عن أبي يوسف ، أنّه لا يجبر المشتري على القلع ويخيّر الشّفيع بين أن يأخذ بالثّمن وقيمة البناء والغرس وبين أن يترك ، ووجه ذلك عنده أنّه محقّ في البناء ، لأنّه بناه على أنّ الدّار ملكه ، والتّكليف بالقلع من أحكام العدوان وصار كالموهوب له والمشتري شراءً فاسداً ، وكما إذا زرع المشتري فإنّه لا يكلّف القلع ، وهذا لأنّ في إيجاب القيمة دفع أعلى الضّررين بتحمّل الأدنى فيصار إليه .
أمّا الزّرع فالقياس قلعه ولكنّ الاستحسان عدم قلعه ، لأنّ له نهايةً معلومةً ويبقى بالأجر وليس فيه كثير ضرر .
وذهب المالكيّة إلى أنّه إذا أحدث المشتري بناءً أو غرساً أو ما يشبه ذلك في الشّقص قبل قيام الشّفيع ، ثمّ قام الشّفيع بطلب شفعته فلا شفعة إلاّ أن يعطى المشتري قيمة ما بنى وما غرس . وللمشتري الغلّة إلى وقت الأخذ بالشّفعة لأنّه في ضمانه قبل الأخذ بها والغلّة بالضّمان .
وذهب الشّافعيّة إلى أنّه إذا بنى المشتري أو غرس أو زرع في الشّقص المشفوع ثمّ علم الشّفيع فله الأخذ بالشّفعة وقلع بنائه وغرسه وزرعه مجّاناً لا بحقّ الشّفعة ، ولكن لأنّه شريك وأحد الشّريكين إذا انفرد بهذه التّصرّفات في الأرض المشتركة كان للآخر أن يقلع مجّاناً .
وإن بنى المشتري وغرس في نصيبه بعد القسمة والتّمييز ثمّ علم الشّفيع لم يكن له قلعه مجّاناً ، لأنّه بنى في ملكه الّذي ينفذ تصرّفه فيه فلا يقلع مجّاناً .
فإن اختار المشتري قلع البناء أو الغراس فله ذلك ولا يكلّف تسوية الأرض . لأنّه كان متصرّفاً في ملكه ، فإن حدث في الأرض نقص فالشّفيع إمّا أن يأخذه على صفته ، وإمّا أن يترك ، فإن لم يختر المشتري القلع ، فللشّفيع الخيار بين إبقاء ملكه في الأرض بأجرة وبين تملّكه بقيمته يوم الأخذ ، وبين أن ينقضه ويغرم أرش النّقص .
ولو كان قد زرع فيبقى زرعه إلى أن يدرك فيحصده ، وليس للشّفيع أن يطالبه بالأجرة على المشهور عندهم .
وذهب الحنابلة إلى أنّه إذا بنى المشتري أو غرس أعطاه الشّفيع قيمة بنائه أو غرسه ، إلاّ أن يشاء المشتري أن يأخذ بناءه وغراسه ، فله ذلك إذا لم يكن في أخذه ضرر . لأنّه ملكه ، فإذا قلعه فليس عليه تسوية الحفر ولا نقص الأرض ، ذكره القاضي ، لأنّه غرس وبنى في ملكه ، وما حدث من النّقص إنّما حدث في ملكه ، وذلك لا يقابله ثمن .
وظاهر كلام الخرقيّ ، أنّ عليه ضمان النّقص الحاصل بالقلع ، لأنّه اشترط في قلع الغرس والبناء عدم الضّرر ، وذلك لأنّه نقص دخل على ملك غيره لأجل تخليص ملكه فلزمه ضمانه ، لأنّ النّقص الحاصل بالقلع إنّما هو في ملك الشّفيع . فأمّا نقص الأرض الحاصل بالغرس والبناء فلا يضمنه .
فإن لم يختر المشتري القلع فالشّفيع بالخيار بين ثلاثة أشياء :
أ - ترك الشّفعة .
ب - دفع قيمة الغراس والبناء فيملكه مع الأرض .
ج - قلع الغرس والبناء ويضمن له ما نقص بالقلع .
وإن زرع في الأرض فللشّفيع الأخذ بالشّفعة ويبقى زرع المشتري إلى أوان الحصاد ، لأنّ ضرره لا يبقى ولا أجرة عليه لأنّه زرعه في ملكه ، ولأنّ الشّفيع اشترى الأرض وفيها زرع للبائع مبقىً إلى الحصاد بلا أجرة كغير المشفوع ، وإن كان في الشّجر ثمر ظاهر أثمر في ملك المشتري فهو له مبقىً إلى الجذاذ كالزّرع .

استحقاق المشفوع فيه للغير :


اختلف الفقهاء في عهدة الشّفيع أهي على المشتري أم على البائع . يعني إذا أخذ الشّفيع الشّقص فظهر مستحقّاً ، فعلى من يرجع الثّمن ؟
فذهب المالكيّة ، والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه إذا أخذ الشّفيع الشّقص فظهر مستحقّاً فرجوعه بالثّمن على المشتري ، ويرجع المشتري على البائع به . وإن وجده معيباً فله ردّه على المشتري أو أخذ أرشه منه ، والمشتري يردّ على البائع أو يأخذ الأرش منه سواء قبض الشّقص من المشتري أو من البائع فالعهدة عندهم على المشتري .
ووجه ذلك عندهم ، أنّ الشّفعة مستحقّة بعد الشّراء وحصول الملك للمشتري ثمّ يزول الملك من المشتري إلى الشّفيع بالثّمن فكانت العهدة عليه ، ولأنّه ملكه من جهة المشتري بالثّمن فملك ردّه عليه بالعيب كالمشتري في البيع الأوّل .
وذهب الحنفيّة ، إلى أنّه إذا قضي للشّفيع بالعقار المشفوع فيه فأدّى ثمنه ثمّ استحقّ المبيع ، فإن أدّاه للمشتري فعليه ضمانه سواء استحقّ قبل تسليمه إليه أو بعده ، وإن كان أدّاه للبائع واستحقّ المبيع وهو في يده فعليه ضمان الثّمن للشّفيع .
ويرجع الشّفيع بالثّمن فقط إن بنى أوغرس ثمّ استحقّت العين ، ولا يرجع بقيمة البناء والغرس على أحد لأنّه ليس مقرّراً به .
وقال ابن أبي ليلى وعثمان البتّيّ : العهدة على البائع ، لأنّ الحقّ ثبت له بإيجاب البائع فكان رجوعه عليه كالمشتري .


تبعة الهلاك :



ذهب الحنفيّة إلى أنّه إذا هدم المشتري بناء الدّار المشفوعة أو هدمه غيره أو قلع الأشجار الّتي كانت مغروسةً في الأرض المشفوعة فإنّ الشّفيع يأخذ العرصة أو الأرض بحصّتها من الثّمن بأن يقسم الثّمن على قيمة العرصة أو الأرض وقيمة البناء أو الشّجر وما خصّ العرصة أو الأرض منه يدفعه الشّفيع وتكون الأنقاض والأخشاب للمشتري .
وإذا تخرّبت الدّار المشفوعة أو جفّت أشجار البستان المشفوع بلا تعدّي أحد عليها يأخذها الشّفيع بالثّمن المسمّى ، فإن كان بها أنقاض أو خشب وأخذه المشتري تسقط حصّته من الثّمن بأن يقسم الثّمن على قيمة الدّار أو البستان يوم العقد وقيمة الأنقاض والخشب يوم الأخذ ، وإذا تلف بعض الأرض المشفوعة بغرق أو نحوه سقطت حصّة التّالف من أصل الثّمن ، وللشّفيع أن يأخذ الأرض مع الثّمر والزّرع بالثّمن الأوّل إذا كان متّصلاً ، فأمّا إذا زال الاتّصال ثمّ حضر الشّفيع فلا سبيل للشّفيع عليه وإن كانت عينه قائمةً سواء أكان الزّوال بآفة سماويّة أم بصنع المشتري أو الأجنبيّ ، لأنّ حقّ الشّفعة في هذه الأشياء إنّما ثبت معدولاً به عن القياس معلولاً بالتّبعيّة وقد زالت التّبعيّة بزوال الاتّصال فيردّ الحكم فيه إلى أصل القياس .
وذهب المالكيّة إلى أنّه لا يضمن المشتري نقص الشّقص إذا طرأ عليه بعد الشّراء بلا سبب منه وإنّما بسبب سماويّ أو تغيّر سوق أو كان بسبب منه ولكنّه فعله لمصلحة كهدم لمصلحة من غير بناء ، وسواء علم أنّ له شفيعاً أم لا . فإن هدم لا لمصلحة ضمن ، فإن هدم وبنى فله قيمته على الشّفيع قائماً لعدم تعدّيه وتعتبر يوم المطالبة وله قيمة النّقص الأوّل منقوضاً يوم الشّراء . وذهب الشّافعيّة إلى أنّه إن تعيّبت الدّار المشترى بعضها أخذ الشّفيع بكلّ الثّمن أو ترك كتعيّبها بيد البائع ، وكذا لو انهدمت بلا تلف لشيء منها ، فإن وقع تلف لبعضها فبالحصّة من الثّمن يأخذ الباقي .
وذهب الحنابلة إلى أنّه إن تلف الشّقص أو بعضه في يد المشتري فهو من ضمانه . لأنّه ملكه تلف في يده ، ثمّ إن أراد الشّفيع الأخذ بعد تلف بعضه أخذ الموجود بحصّته من الثّمن سواء أكان التّلف بفعل اللّه تعالى أم بفعل آدميّ ، وسواء أتلف باختيار المشتري كنقضه للبناء أم بغير اختياره مثل أن انهدم .
ثمّ إن كانت الأنقاض موجودةً أخذها مع العرصة بالحصّة وإن كانت معدومةً أخذ العرصة وما بقي من البناء وهو قول الثّوريّ والعنبريّ ، ووجهه أنّه تعذّر على الشّفيع أخذ الجميع وقدر على أخذ البعض فكان له بالحصّة من الثّمن كما لو تلف بفعل آدميّ سواه أو لو كان له شفيع آخر . أو نقول : أخذ بعض ما دخل معه في العقد ، فأخذه بالحصّة كما لو كان معه سيف .
وأمّا الضّرر فإنّما حصل بالتّلف ولا صنع للشّفيع فيه والّذي يأخذه الشّفيع يؤدّي ثمنه فلا يتضرّر المشتري بأخذه .
وإنّما قالوا بأخذ الأنقاض وإن كانت منفصلةً لأنّ استحقاقه للشّفعة كان حال عقد البيع وفي تلك الحال كان متّصلاً اتّصالاً ليس مآله إلى الانفصال وانفصاله بعد ذلك لا يسقط حقّ الشّفعة . وإن نقضت القيمة مع بقاء صورة المبيع مثل انشقاق الحائط وانهدام البناء ، وشعث الشّجر فليس له إلاّ الأخذ بجميع الثّمن أو التّرك . لأنّ هذه المعاني لا يقابلها الثّمن بخلاف الأعيان .


ميراث الشّفعة :


اختلف الفقهاء في ميراث حقّ الشّفعة :
فذهب المالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة ، إلى أنّ حقّ الشّفعة يورث ، فإذا مات الشّفيع ينتقل حقّ الشّفعة إلى ورثته .
وقيّده الحنابلة بما إذا كان الشّفيع قد طالب بالشّفعة قبل موته .
ووجه الانتقال عندهم أنّه خيار ثابت لدفع الضّرر عن المال فورث كالرّدّ بالعيب .
وذهب الحنفيّة ، إلى أنّه إذا مات الشّفيع بعد البيع وقبل الأخذ بالشّفعة لم يكن لورثته حقّ الأخذ بها ، فتسقط الشّفعة بموت الشّفيع ولا تنتقل إلى الورثة لأنّ حقّ الشّفعة ليس بمال وإنّما مجرّد الرّأي والمشيئة وهما لا يبقيان بعد موت الشّفيع ولأنّ ملك الشّفيع الّذي هو سبب الأخذ بالشّفعة قد زال بموته . أمّا إذا مات الشّفيع بعد قضاء القاضي له بالشّفعة أو بعد تسليم المشتري له بها فلورثته أخذها بالشّفعة .
وإذا مات المشتري والشّفيع حيّ فله الشّفعة ، لأنّ المستحقّ باق ، وبموت المستحقّ عليه لم يتغيّر الاستحقاق .


مسقطات الشّفعة :


تسقط الشّفعة بما يلي :

أوّلاً : ترك أحد الطّلبات الثّلاثة في وقته وهي طلب المواثبة ، وطلب التّقرير والإشهاد ، وطلب الخصومة والتّملّك إذا ترك على الوجه المتقدّم .
ثانياً : إذا طلب الشّفيع بعض العقار المبيع وكان قطعةً واحدةً والمشتري واحداً ، لأنّ الشّفعة لا تقبل التّجزئة .
ثالثاً : موت الشّفيع عند الحنفيّة قبل الأخذ بها رضاءً أو قضاءً سواء أكانت الوفاة قبل الطّلب أم بعده . ولا تورث عنه عندهم .
رابعاً : الإبراء والتّنازل عن الشّفعة : فالإبراء العامّ من الشّفيع يبطلها قضاءً مطلقاً لا ديانةً إن لم يعلم بها
وقد تكلّم الفقهاء في التّنازل عن الشّفعة بالتّفصيل كالتّالي :
إذا تنازل الشّفيع عن حقّه في طلب الشّفعة سقط حقّه في طلبها ، والتّنازل هذا إمّا أن يكون صريحاً وأمّا أن يكون ضمنيّاً . فالتّنازل الصّريح نحو أن يقول الشّفيع : أبطلت الشّفعة أو أسقطتها أو أبرأتك عنها ونحو ذلك ، لأنّ الشّفعة خالص حقّه فيملك التّصرّف فيها استيفاءً وإسقاطاً كالإبراء عن الدّين والعفو عن القصاص ونحو ذلك سواء علم الشّفيع بالبيع أم لم يعلم بشرط أن يكون بعد البيع .
أمّا التّنازل الضّمنيّ فهو أن يوجد من الشّفيع ما يدلّ على رضاه بالبيع وثبوت الملك للمشتري ، لأنّ حقّ الشّفعة إنّما يثبت له دفعاً لضرر المشتري فإذا رضي بالشّراء أو بحكمه فقد رضي بضرر جواره فلا يستحقّ الدّفع بالشّفعة .

التّنازل عن الشّفعة قبل البيع :


ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه إذا تنازل الشّفيع عن حقّه في طلب الشّفعة قبل بيع العقار المشفوع فيه لم يسقط حقّه في طلبها بعد البيع ، لأنّ هذا التّنازل إسقاط للحقّ ، وإسقاط الحقّ قبل وجوبه ووجود سبب وجوبه محال .
وقد روي عن أحمد ما يدلّ على أنّ الشّفعة تسقط بالتّنازل عنها قبل البيع ، فإنّ إسماعيل بن سعيد قال : قلت لأحمد : ما معنى قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم :»من كان بينه وبين أخيه ربعة فأراد بيعها فليعرضها عليه «. وقد جاء في الحديث :»ولا يحلّ له إلاّ أن يعرضها عليه « إذا كانت الشّفعة ثابتةً له ؟ فقال : ما هو ببعيد من أن يكون على ذلك وألاّ تكون له الشّفعة ، وهذا قول الحكم والثّوريّ وأبي عبيد وأبي خيثمة وطائفة من أهل الحديث .
واحتجّوا بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم :»من كان له شريك في ربعة أو نخل فليس له أن يبيع حتّى يؤذن شريكه فإن رضي أخذ وإن كره ترك« .
وقوله صلى الله عليه وسلم :»فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحقّ به «، فمفهومه أنّه إذا باعه بإذنه لا حقّ له
ولأنّ الشّفعة تثبت في موضع الوفاق على خلاف الأصل لكونه يأخذ ملك المشتري من غير رضائه ، ويجبره على المعاوضة به لدخوله مع البائع في العقد الّذي أساء فيه بإدخال الضّرر على شريكه ، وتركه الإحسان إليه في عرضه عليه وهذا المعنى معدوم هاهنا فإنّه قد عرضه عليه ، وامتناعه من أخذه دليل على عدم الضّرر في حقّه ببيعه وإن كان فيه ضرر فهو أدخله على نفسه فلا يستحقّ الشّفعة كما لو أخّر المطالبة بعد البيع .

التّنازل عن الشّفعة مقابل تعويض أو صلح عنها :


اختلف الفقهاء في جواز التّنازل عن الشّفعة مقابل تعويض يأخذه الشّفيع :
فقال الحنفيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة ، لا يصحّ الصّلح عن الشّفعة على مال ، فلو صالح المشتري الشّفيع عن الشّفعة على مال لم يجز الصّلح ولم يثبت العوض ويبطل حقّ الشّفعة .
قال الشّافعيّة : تبطل شفعته إن علم بفساده .
أمّا بطلان الصّلح فلانعدام ثبوت الحقّ في المحلّ لأنّ الثّابت للشّفيع حقّ التّملّك ، وأنّه عبارة عن ولاية التّملّك وأنّها معنىً قائم بالشّفيع فلم يصحّ الاعتياض عنه فبطل الصّلح ولم يجب العوض . وأمّا بطلان حقّ الشّفيع في الشّفعة ، فلأنّه أسقطه بالصّلح فالصّلح وإن لم يصحّ فإسقاط حقّ الشّفعة صحيح ، لأنّ صحّته لا تقف على العوض بل هو شيء من الأموال لا يصلح عوضاً عنه فالتحق ذكر العوض بالعدم فصار كأنّه سلّم بلا عوض .
وذهب مالك إلى جواز الصّلح عن الشّفعة بعوض ، لأنّه عوض عن إزالة الملك فجاز أخذ العوض عنه .
وقال القاضي من الحنابلة : لا يصحّ الصّلح ولكنّ الشّفعة لا تسقط . لأنّه لم يرض بإسقاطها وإنّما رضي بالمعاوضة عنها ولم تثبت المعاوضة فبقيت الشّفعة .

التّنازل عن الشّفعة بعد طلبها :


يجوز للشّفيع أن يتنازل عن حقّه في طلب الشّفعة بعد أن طلبها وقبل رضى المشتري أو حكم الحاكم له بها ، فإن ترك الشّفيع طلب الشّفعة أو باع حصّته الّتي يشفع بها بعد طلب الشّفعة وقبل تملّكه المشفوع فيه بالقضاء أو الرّضا يسقط حقّه في الشّفعة لأنّه يعدّ تنازلاً منه عن حقّه في طلبها قبل الحكم .
أمّا إذا كان التّنازل بعد الحكم له بها أو بعد رضاء المشتري بتسليم الشّفعة فليس له التّنازل ، لأنّه بذلك يكون ملك المشفوع فيه والملك لا يقبل الإسقاط .

مساومة الشّفيع للمشتري :


المساومة تعتبر تنازلاً عن الشّفعة فإذا سام الشّفيع الدّار من المشتري سقط حقّه في الشّفعة لأنّ المساومة طلب تمليك بعقد جديد وهو دليل الرّضا بملك المتملّك .
ولأنّ حقّ الشّفعة ممّا يبطل بصريح الرّضا فيبطل بدلالة الرّضا أيضاً ، والمساومة تعتبر تنازلاً بطريق الدّلالة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم الشفعة بالمرافق الخاصة    حكم الشفعة بالمرافق الخاصة  Emptyالأحد فبراير 03, 2013 11:40 pm

شفع: الشَّفْع : خِلافُ الوَتْرِ وهو الزَّوْج وبخطِّ الجَوْهَرِيّ : خلافُ الزَّوْج وهو الوَتْر . وقد شَفَعَه شَفْعَاً كَمَنَعه أي كان وَتْرَاً فصَيَّرَه زَوْجَاً . الشَّفْع : يَوْمُ الأضحى أي من حيثُ إنّ له نَظيراً يَليه والوَتْر : يومُ عَرَفَة هكذا قيل في تفسيرِ قَوْله تَعالى : " والشَّفْعِ والوَتْرِ " وهو قولُ الأسْوَدِ بنِ يَزيد وقال عَطاءٌ : الوَتْر : هو الله تعالى والشَّفْع : الخلقُ لقولِه تعالى : " ومِن كلِّ شيءٍ خَلَقْنا زَوْجَين " وقال الراغبُ : هو الله من حيثُ مالَه وهو الوَحدَةُ من كلِّ وجهٍ والشَّفْع : المَخلوقاتُ من حيثُ إنّها مُرَكّبات . أو الشَّفْع : هو اللهُ عزَّ وجَلَّ لقولِه تعالى : " ما يكونُ من نَجوى ثَلاثةٍ إلاّ هو رابِعُهم " وقيل : الوَتْر : آدَمُ عليه السلام والشَّفْع : شُفِعَ بزَوجِه وهو قولُ ابنِ عبّاسٍ . وقيل : الشَّفْع : ولَدُه وقيل : الشَّفْع : يَوْمَان بعدَ الأضحى والوَتْر : اليومُ الثالث وقيل : الشَّفْع والوَتْر : الصَّلَوات منها شَفْعٌ ومنها وَتْرٌ وقيل : في الشَّفْعِ والوَتْر : إنّ الأَعْدادَ كلَّها شَفْعٌ وَوَتْرٌ . قال الصَّاغانِيّ : وفي الشَّفْعِ وال اقرأ المزيد وَترِ عِشرونَ قوْلاً . وليس هذا مَوْضِعَ ذِكرِ أقاويلِهم . وَعَيْنٌ شافِعَةٌ : تَنْظُرُ نَظَرَيْن وأنشدَ ابْن الأَعْرابِيّ : ما كان أَبْصَرني بغِرّاتِ الصِّبا ... فاليومَ قد شُفِعَتْ لي الأَشْباحُ بالضَّمّ : أي : أرى الشخصَ شَخْصَيْن ؛ لضَعفِ بصَري وانتِشارِه وأنشدَ ثَعْلَبٌ : لنَفسي حَديثٌ دونَ صَحْبِي وأَصْبَحَت ... تَزيدُ لعَيْنَيَّ الشُّخوصُ الشَّوافِعُ ولم يُفَسِّرْه وهو عندي مثلُ الذي تقدّم . وبَنو شافِعٍ : من بَني المُطَّلِب بنِ عبدِ مَناف وهو شافِعُ بنُ السائبِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عبدِ يَزيدَ بن هاشمِ بنِ المُطَّلِبِ له رُؤْيَةٌ كما ذَكَرَه ابنُ فَهْد وأبوه السائبُ كان يُشَبَّهُ بالنبيِّ صلّى الله عليه وسلَّم يقال : له صُحبَةٌ وأنّه أَسْلَمَ يومَ بَدْر بعد أن أُسِرَ وفدى نَفْسَه كذا قالَه الطَّبَرِيُّ منهم إمامُ الأئمّة ونَجمُ السُّنَّة أحَدُ المُجتَهِدين عالِمُ قُرَيْشٍ وأَوْحَدُها الإمامُ أبو شافِعٍ الشافعيُّ القُرَشِيُّ رَحِمَه الله تَعالى ورَضِيَ عنه وأَرْضَاه عَنّا والنِّسبةُ إليه رَضِيَ الله عنه شافِعيٌّ أيضاً ولا يقال : شَفْعَويٌّ فإنّه لَحْنٌ وإن كان وَقَعَ في بعضِ كتُبِ الفِقهِ للخُراسانِيِّين كالوَسيط وغيره وهو خطأٌ فليُجْتَنَبْ نَبَّه عليه النَّوَوِيُّ كما في الإعاراتِ لابنِ المُلَقِّن حقَّقَه شَيْخُ مَشايِخنا الشّهابُ أحمدُ بنُ أحمدَ العجَمِيُّ في ذَيْلِ اللُّبِّ وُلِدَ الإمامُ رَضِيَ الله عنه في سنةِ مائةِ وخَمسين نَهارَ الجمعةِ آخر يومٍ من شَهْرِ رَجَب وتُوفِّيَ سَنَةَ مائتَيْن وأربع وحُمِلَ على الأعناقِ من فُسطاط مصرَ حتى دُفِنَ في مَقْبَرةِ بَني زُهرَة وتُعرَفُ أيضاً بتُربَةِ ابنِ عبدِ الحكَمِ وقال الشاعرُ في مَدْحِه : أَكْرِمْ بهِ رجُلاً ما مِثلُه رجلٌ ... مُشارِكٌ لرَسولِ اللهِ في نسَبِهْ أَضْحَى بمِصرَ دَفيناً في مُقَطَّمِها ... نِعمَ المُقَطَّمُ والمَدفونُ في تُرْبِهْ وللهِ دَرُّ الأبي صِيريِّ حيثُ يقول : بقُبَّةِ قَبْرِ الشّافِعِيِّ سَفينَةٌ ... رَسَتْ من بِناءٍ مُحكَمٍ فَوْقَ جُلْمودِ وإذْ غاصَ طُوفانُ العُلومِ بقَبرِه اسْ ... تَوى الفُلكُ مِن ذاكَ الضَّريح على الجُودِي قد نَظَمَ نَسَبَه الشريف الإمامُ أبو القاسمِ عَبْدُ الكريمِ الرّافِعيُّ فقال : محمد ادْريسُ عَبّاسٌ ومِنْ ... بَعْدِهمُ عُثمانُ بنُ شافِعْ وسائِبُ بنُ عُبَيْدٍ سابِعٌ ... عَبْدُ يَزيدَ ثامِنٌ والتاسِعْ هاشِمٌ المَوْلودُ ابنُ المُطَّلِبْ ... عَبْدُ مَنافٍ للجَميعِ تابِعْيقال : إنّه لَيَشْفَعُ عَلَيَّ وفي العُباب : لي بالعداوةِ أي يُعينُ عليَّ ويُضارُّني وفي اللِّسان : يُضادُّني وهو مَجاز . وفي الأساس : فلانٌ يُعاديني وله شافِعٌ أي مُعينٌ يُعينُه على عَداوَتِه كما يُعينُ الشافِعُ المَشْفوعَ له وأنشدَ الصَّاغانِيّ للنابغةِ الذُّبْيانيّ يَعْتَذِرُ إلى النعمانِ بنِ المُنذِرِ ممّا وَشَتْ به بَنو قُرَيْعٍ : أتاكَ امْرؤٌ مُسْتَبْطِنٌ ليَ بغْضَةً ... له من عَدُوٍّ مثلُ ذلك شافِعُ وقال الأَحْوَصُ : كأنَّ مَن لامَني لأَصْرمَها ... كانوا علينا بلَوْمِهم شفَعواأي تَعاونوا ويقال : إنَّ حَثَّهُم إيّايَ على صَرْمِها ولَوْمَهم إيّايَ في مُواصَلَتِها زادَها في قلبي حُبّاً فكأنَّهم شفَعوا لها من الشَّفاعة . وقَوْله تَعالى : " مَن يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يكُن له نَصيبٌ منها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سيِّئَةً يكُن له كِفْلٌ منها " : أي من يَزِدْ عمَلاً إلى عمَلٍ من الشَّفْع وهو الزيادةُ كما في العُباب وقال الراغب : أي من انْضمَّ إلى غَيْرِه وعاوَنه وصارَ شَفْعَاً له أو شَفيعاً في فِعلِ الخَيرِ أو الشَّرِّ فعاونَه أو شارَكه في نَفْعِه وضُرِّه وقيل : الشَّفاعَةُ هنا : أن يُشْرِعَ الإنسانُ للآخِرَةِ طريقَ خَيْرٍ أو شَرٍّ فيُقتَدى به فصارَ كأنّه شَفَعَ له وذلك كما قال عليه الصلاةُ والسلام : " مَن سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فله أَجْرُها وأَجْرُ مَن عَمِلَ بها وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً قَبيحَةً فله إثمُها وإثمُ مَن عَمِلَ بها " وقَوْله تَعالى : " فما تَنْفَعُهم شَفاعَةُ الشَّافِعين " . وقولُه عزّ وجلّ : " ولا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ " وكذا قَوْله تَعالى : " يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إلاّ من أَذِنَ له الرَّحمنُ ورَضِيَ له قَوْلا " وكذا قَوْله تَعالى : " لا تُغْنِ عنِّي شَفاعَتُهم شيئاً " . قال ابنُ عَرَفَةَ : نَفْيٌ للشافِع أي مالِها شافِعٌ فَتَنْفَعَها شَفاعَتُه وإنّما نَفَى الله تَعالى في هذه المواضِعِ الشافِعَ لا الشَّفاعَةَ . ألا ترى إلى قَوْلِه : " ولا يَشْفَعونَ إلاّ لمنْ ارْتَضى " . الشَّفيع كأميرٍ : الشّافِع وهو صاحبُ الشَّفاعَةِ والجَمعُ شُفَعاء وهو الطالبُ لغَيرِه يَتَشَفَّعُ به إلى المَطلوب . الشَّفيع أيضاً : صاحبُ الشُّفْعَة بالضَّمّ تكونُ في الدارِ والأرض . وسُئِلَ أبو العبّاس ثَعْلَبٌ عن اشتِقاقِ الشُّفْعَةِ في اللُّغَة فقال : اشتِقاقُها من الزيادةِ وهي : أن تَشْفَعَ هكذا في العُباب والذي في اللِّسان : يُشَفِّعك فيما تَطْلُبُ فتَضُمَّه إلى ما عندَك فَتَشْفعَه أي تَزيدَه أي أنّه كان وَتْرَاً واحِداً فضمَّ إليه ما زادَه وَشَفَعه به . وقال الراغبُ : الشُّفْعَة : طَلَبُ مَبيعٍ في شَرِكَتِه بما بِيعَ به ليَضُمَّه إلى مِلكِه . فهو من الشَّفْع . وقال القُتَيْبِيُّ - في تفسيرِ الشُّفْعَة - : كان الرجلُ في الجاهليّةِ إذا أرادَ بيعَ مَنْزِلٍ أتاهُ رجلٌ فَشَفَعَ إليه فيما باعَ فشَفَّعَه وَجَعَله أَوْلَى بالمَبيعِ ممّن بَعُدَ سبَبُه فسُمِّيَت شُفْعَةً وسُمِّي طالِبُها شَفيعاً . الشُّفْعَةُ عند الفُقَهاء : حَقُّ تمَلُّكِ الشَّقْصِ على شَريكِه المُتَجَدِّدِ مِلكُه قَهْرَاً بعِوَضٍ وفي الحديث : " الشُّفْعَةُ فيما لا يُقسَم فإذا وَقَعَتْ الحُدودُ وصُرِفَتْ الطُّرُقُ فلا شُفْعَةَ " وفي هذا دَليلٌ على نَفْيِ الشُّفْعَةِ لغَيرِ الشَّريك وأمّا قَوْلُه : فإذا وَقَعَتْ الحُدودُ... إلى آخِره فقد يَحتَجٌّ بكلِّ لَفْظَةٍ منها قومٌ أمّا اللفظَةُ الأولى : ففيها حُجَّةٌ لمن لم يرَ الشُّفْعَةَ في المَقسوم وأمّا اللفظةُ الأُخرى : فقد يَحْتَجُّ بها من يُثبِتُ الشَّفْعَةَ بالطريقِ وإن كان المَبيعُ مَقْسُوماً وهذه قد نَفاها الخَطّابيُّ بما هو مَذْكُورٌ في غَريبِه ثمّ إنّه علَّقَ الحُكمَ فيه بمعنَيَيْن : وقوعُ الحُدود وصَرْف الطرُقِ معاً فليس لهم أن يُثبِتوه بأحَدِهما وهو نَفْيُ صَرْفِ الطرُقِ دونَ نَفْيِ وقوعِ الحدود . وقولُ الشَّعْبِيِّ رَحِمَه الله تَعالى : الشُّفْعَةُ على رؤوسِ الرِّجالِ أي إذا كانت الدارُ بينَ جماعةٍ مُختَلفي السِّهامِ فباعَ واحدٌ منهم نَصيبَه فيكون ما باعَ لشُرَكائِه بينهم سَواءً على رؤوسِهم لا على سِهامِهم كذا في النِّهايةِ والعُباب . قال أبو عمروٍ : الشُّفْعَةُ أيضاً : الجُنونُ وجَمْعُها : شُفَعٌ . الشُّفْعَةُ من الضُّحى : رَكْعَتاه ومنه الحديث : " مَن حافَظَ على شَفْعَةِ الضُّحى غُفِرَتْ له ذُنوبُه " ويُفتَح فيهما كالغُرفَةِ والغَرفَة سَمّاها شُفْعَةً لأنّها أكثرُ من واحدةً ونُقِلَ الفتحُ في الشُّفْعَةِ بمعنى الجُنونِ عن ابْن الأَعْرابِيّ . قال : يقال : في وَجْهِه شَفْعَةٌ وسَفْعَةٌ وشُنْعَةٌ ورَدَّةٌ ونَظْرَةٌ بمعنىً واحدٍ وأمّا الفَتحُ في شَفْعَةِ الضُّحى فقال القُتَيْبيُّ : الشَّفْع : الزَّوْج ولمأَسْمَعْ به مُؤنَّثاً إلاّ هنا . قال : وأَحْسَبُه ذَهَبَ بتأنيثِه إلى الفَعلَةِ الواحدةِ أو إلى الصلاة . والمَشْفوع : المَجنون وإهمالُ السينِ لغةٌ فيه . منَ المَجاز : ناقةٌ شافِعٌ أو شاةٌ شافِعٌ أي في بَطْنِها ولَدٌ يَتْبَعُها آخَرُ كما في الصحاح وهو قولُ الفَرّاء ونَحوُ ذلك قال أبو عُبَيْدةَ وأنشدَ : ْمَعْ به مُؤنَّثاً إلاّ هنا . قال : وأَحْسَبُه ذَهَبَ بتأنيثِه إلى الفَعلَةِ الواحدةِ أو إلى الصلاة . والمَشْفوع : المَجنون وإهمالُ السينِ لغةٌ فيه . منَ المَجاز : ناقةٌ شافِعٌ أو شاةٌ شافِعٌ أي في بَطْنِها ولَدٌ يَتْبَعُها آخَرُ كما في الصحاح وهو قولُ الفَرّاء ونَحوُ ذلك قال أبو عُبَيْدةَ وأنشدَ : وشافِعٌ في بَطْنِها لها وَلَدْ ... وَمَعَها من خَلْفِها لها وَلَدْ وقال : ما كانَ في البَطنِ طَلاها شافِعُ ... وَمَعَها لها وَليدٌ تابِعُ سُمِّيت شافِعاً ؛ لأنّ وَلَدَها شَفَعَها أو هي شَفَعَتْه كَمَنَعَ شَفْعَاً فصارا شَفْعَاً وفي الحديثِ عن سِعْرِ بنِ دَيْسَم - رَضِيَ الله عنه - قال : كنتُ في غَنَم لي فجاءَ رجُلانِ على بَعيرٍ فقالا : إنّا رَسولا رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلَّم لتُؤَدِّي صَدَقَةَ غنَمِك فقلتُ : ما عليَّ فيها ؟ فقالا : شاةٌ . فأَعْمِدُ إلى شاةٍ قد عَرَفْتُ مكانَها مُمْتَلئةً مَحْضَاً وشَحْمَاً فَأَخْرجْتُها فقالا : هذه شاةٌ شافِعٌ وقد نهانا رسولُ الله صلّى الله عليه وسلَّم أنْ نَأْخُذَ شافِعاً . أو المصدرُ من ذلك الشِّفْع بالكَسْر كالضِّرِّ من الضَّرَّة كما في العُباب . والشافِع : التَّيْسُ بعَينِه أو هو من الضَّأْن كالتَّيْسِ من المِعْزى أو هو الذي إذا أَلْقَحَ أَلْقَح شَفْعَاً لا وِتراً كما في العُباب . منَ المَجاز : ناقةٌ شَفوعٌ كصَبورٍ : تَجْمَعُ بينَ مِحلَبَيْن في حَلْبَةٍ واحدة وهي القَرون . شَفيعٌ كأميرٍ : جَدُّ عبدِ العزيز بنِ عبدِ الملِك المُقرِئُ مات بعد الخمسمائة . شُفَيْعٌ كزُبَيْرٍ هو أبو صالِح بنُ إسحاقَ المُحتَسِبُ المُحدِّث عن محمدِ بنِ سَلام والبُخاريّ مات سنة مائتَيْن وسبعٍ وخَمسين . والشَّفائِع : أَلْوَانُ الرَّعْيِ يَنْبُتُ اثنَيْنِ اثنَيْن عن ابْن عَبَّادٍ . وشَفَّعْتُه فيه تَشْفِيعاً حينَ شَفَعَ كَمَنَعَ شَفاعَةً أي قَبِلْتُ شَفاعَتَه كما في العُباب . قال حاتمٌ يُخاطِبُ النعمانَ : فَكَكْتَ عَدِيّاً كلَّها مِن إسارِها ... فَأَفْضِلْ وشَفِّعْني بقَيسِ بنِ جَحْدَرِ وفي حديثِ الحدود : " إذا بَلَغَ الحَدُّ للسُّلطانِ فَلَعَنَ اللهُ الشافِعَ والمُشَفِّع " وفي حديثِ ابنِ مسعود رَضِيَ الله عنه : القُرآنُ شافِعٌ مُشَفَّعٌ وماحِلٌ مُصَدَّقٌ . أي من اتَّبَعه وعَمِلَ بما فيه فهو شافِعٌ له مقبولُ الشفاعَةِ في العَفوِ عن فَرَطَاتِه ومن تَرَكَ العملَ به نَمَّ على إساءَتِه وصُدِّقَ عليه فيما يُرفَعُ من مَساويه فالمُشَفَّع : الذي يَقْبَلُ الشَّفاعَةَ والمُشَفَّع : الذي تُقبَلُ شَفاعَتُه ومنه حديثُ الشَّفاعَة : " اشْفَعْ تُشَفَّعْ " . واسْتَشْفَعَه إلينا وعبارةُ الصحاح : واسْتَشْفَعَه إلى فلان أي سَأَلَه أن يَشْفَعَ له إليه . وأنشدَ الصَّاغانِيّ للأعشى : تقولُ بِنتي وقد قَرَّبْتُ مُرْتَحِلاً ... يا رَبِّ جَنِّبْ أبي الأَوْصابَ والوَجَعا واسْتَشْفَعَتْ من سَراةِ الحَيِّ ذا شَرَفٍ ... فقد عَصاها أبوها والذي شَفَعَا يريد : والذي أعانَ وطلبَ الشَّفاعَةَ فيها وأنشدَ أبو لَيْلَى : زَعَمَتْ مَعاشِرُ أنَّني مُسْتَشْفِعٌ ... لمّا خَرَجْتُ أزورُه أقْلامَها قال : زعموا أنِّي أَسْتَشْفِعُ بأَقْلامِهم في المَمدوح أي كتُبِهم . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : الشَّفيع من الأَعداد : ما كان زَوْجَاً . والشَّفْع : ما شُفِعَ به سُمِّي بالمصدر وجَمْعُه شِفاعٌ قال أبو كَبيرٍ : وأخو الأباءَةِ إذْ رأى خِلاّنَه ... تَلَّى شِفاعاً حَوْلَه كالإذْخِرِشبَّهَهم بالإذْخِر ؛ لأنّه لا يكادُ يَنْبُتُ إلاّ زَوْجَاً زَوْجَا . وشاةٌ شَفوعٌ كشافِعٍ ويقال : هذه شاةُ الشافِع كقولِهم : صلاةُ الأُولى ومَسجِدُ الجامِع وهكذا رُوِيَ في الحديثِ الذي تقدّمَ عن سِعرِ بنِ دَيْسَمٍ رَضِيَ الله عنه . وشاةٌ مُشْفِعٌ كمُكرِم : تُرضِعُ كلَّ بَهْمَةٍ . عن ابْن الأَعْرابِيّ . وَتَشَفَّعَ إليه في فلانٍ : طَلَبَ الشّفاعَةَ . نقله الجَوْهَرِيّ . وَتَشَفَّعَه أيضاً : مُطاوِعُ اسْتَشْفَعَ به كما في المُفردات . وَتَشَفَّعَ : صارَ شافعِيَّ المَذهَب وهذه مُوَلَّدةٌ . والشَّفاعَة ذكرها المُصَنِّف ولم يُفسِّرْها وهي : كلامُ الشَّفيع للمَلِكِ في حاجةٍ يسألُها لغيرِه . وَشَفَع إليه : في معنى طَلَبَ إليه . وقال الراغب : الشَّفْع : ضَمُّ الشيءِ إلى مِثلِه والشّفاعَة : الانضِمامُ إلى آخَرَ ناصراً له وسائلاً عنه وأكثرُ ما يُستعمَلُ في انضِمامِ مَن هو أعلى مَرْتَبةً إلى من هو أدنى ومنه الشَّفاعَةُ في القيامة . وقال غيرُه : الشَّفاعَة : التَّجاوُزُ عن الذُّنوبِ والجرائم . وقال ابنُ القَطّاع : الشّفاعَةُ : المُطالَبةُ بوَسيلةٍ أو ذِمامٍ . والشُّفُعَةُ بضمَّتَيْن : لغةٌ في الشُّفْعَةِ في الدارِ والأرض . والشّفائِع : تُؤَام النبتِ قال قَيْسُ بنُ العَيْزارَةِ الهُذَلِيُّ : إذا حَضَرَتْ عنه تمَشَّتْ مَخاضُها ... إلى السِّرِّ يَدْعُوها إليه الشَّفائِعُ السِّرُّ : مَوْضِع . والشُّفْعَة بالضَّمّ : العَين . وامرأةٌ مَشْفُوعةٌ : مُصابةٌ من العَين ولا يُوصَفُ به المُذَكَّر كما في اللِّسان وقال ابنُ القَطّاع : شُفِعَ الإنسانُ كعُني : أصابَتْه العَينُ وقال ابنُ فارِسٍ : امرأةٌ مَشْفُوعةٌ وهي التي أصابَتْها شُفْعَةٌ وهي العَين . قال : قد قيل ذلك وهو شاذٌّ من هذا التركيب ولا نَعْلَمُ كيف صِحَّتُه ولعله بالسينِ غيرِ مُعجمَة كما في العُباب . والأَشْفَع : الطويل كما في اللِّسان . زادَ ابنُ القَطّاع : وقد شَفِعَ شَفَعَاً إذا طالَ . والشَّفْعُ والشَّفاعَة : الدُّعاء وبه فَسَّرَ المُبَرِّدُ وثعلبٌ قَوْله تَعالى : " مَن ذا الذي يَشْفَعُ عِندَه إلاّ بإذْنِه " تاج العروس
________________________________________
________________________________________
شفع: الشفع خلاف الوَتْر وهو الزوج تقول كانَ وَتْراً فَشَفَعْتُه شَفْعاً وشَفَعَ الوَتْرَ من العَدَدِ شَفْعاً صيَّره زَوْجاً وقوله أَنشده ابن الأَعرابي لسويد بن كراع وإِنما هو لجرير وما باتَ قَوْمٌ ضامِنينَ لَنا دَماً فَيَشْفِينَا إِلاَّ دِماءٌ شَوافِعُ أَي لم نَكُ نُطالِبُ بِدَمِ قتيل منّا قوماً فَنَشْتَفيَ إِلا بقتل جماعة وذلك لعزتنا وقوتنا على إِدراك الثَّأْر والشَّفِيعُ من الأَعْداد ما كان زوجاً تقول كان وَتْراً فشَفَعْتُه بآخر وقوله لِنَفْسِي حدِيثٌ دونَ صَحْبي وأَصْبَحَتْ تَزِيدُ لِعَيْنَيَّ الشُّخُوصُ الشَّوافِعُ لم يفسره ثعلب وقوله ما كانَ أَبْصَرَني بِغِرَّاتِ الصِّبا فالآنَ قد شُفِعَتْ ليَ الأَشْباحُ معناه أَنه يحسَبُ الشخص اثنين لضَعْفِ بصره وعين شافِعةٌ تنظُر نَظَرَيْنِ والشَّفْعُ ما شُفِع به سمي بالمصدر والجمع شِفاعٌ قال أَبو كبير وأَخُو الإِباءَةِ إِذْ رَأَى خُلاَّنَه تَلَّى شِفاعاً حوْلَه كالإِذْخِرِ شَبَّهَهم بالإِذْخِرِ لأَنه لا يكاد ينبُتُ إِلا زَوْجاً زَوْجاً وفي التنزيل والشَّفْعِ والوَتْرِ قال الأَسود بن يزيد الشَّفْعُ يَوْمُ الأَضْحى والوَتْرُ يومُ عَرَفة وقال عطاء الوتْرُ هو الله والشفْع خلْقه وقال ابن عباس الوَتر آدمُ شُفِعَ بزَوْجَتِه وقيل في الشفْع والوتْر إِنّ الأَعداد كلها شَفْع وَوِتْر وشُفْعةُ الضُّحى رَكْعتا الضحى وفي الحديث مَنْ حافَظَ على شُفْعةِ الضُّحى غُفِرَ له ذنوبُه يعني ركعتي الضحى من الشفْعِ الزَّوْجِ يُرْوى بالفتح والضم كالغَرْفة والغُرْفة وإِنما سمّاها شَفْعة لأَنها أَكثر من واحدة قال القتيبي الشَّفْعُ الزَّوْجُ ولم أَسمع به مؤنثاً إِلا ههنا قال وأَحسَبُه ذُهِبَ بتأْنيثه إِلى الفَعْلةِ الواحدة أَو إِلى الصلاةِ وناقة شافِعٌ في بطنها ولد يَتْبَعُها أو يَتْبَعُها ولد بَشْفَعَها وقيل في بطنها ولو يَسْبعُها آخَرُ ونحو ذلك تقول منه شَفَعَتِ الناقةُ شَفْعاً قال الشاعر وشافِعٌ في بَطْنِها لها وَلَدْ ومَعَها مِن خَلْفِها لها ولَدْ وقال ما كانَ في البَطْنِ طَلاها شافِعُ ومَعَها لها وليدٌ تابِعُ وشاةٌ شَفُوعٌ وشافِعٌ شَفَعها ولَدُها وفي الحديث أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُصَدِّقاً فأَتاه رجل بشاة شافِعٍ فلم يأْخُذْها فقال ائْتِني بِمُعْتاطٍ فالشافِعُ التي معَها ولدها سمّيت شافِعاً لأَن ولدها شَفَعها وشفَعَتْه هي فصارا شَفْعاً وفي رواية هذه شاةُ الشافِعِ بالإِضافة كقولهم صلاةُ الأُولى ومَسْجِدُ الجامِع وشاةٌ مُشْفِعٌ تُرْضِعُ كل بَهْمةٍ عن ابن الأَعرابي والشَّفُوعُ من الإِبل التي تَجْمع بين مِحْلَبَيْنِ في حَلْبةٍ واحدة وهي القَرُونُ وشَفَعَ لي بالعَداوة أَعانَ عَليّ قال النابغة أَتاكَ امرُؤٌ مُسْتَبْطِنٌ ليَ بِغْضةً له مِنْ عَدُوٍّ مِثْلُ ذلك شافِعُ وتقول إِنَّ فلاناً ليَشْفَعُ لي بعَداوةٍ أَي يُضادُّني قال الأَحوص كأَنَّ مَنْ لامَني لأَصْرِمَها كانُوا عَلَيْنا بِلَوْمِهِمْ شَفَعُوا معناه أَنهم كانوا أَغْرَوني بها حين لامُوني في هَواها وهو كقوله إِنَّ اللَّوْم إِغْراءُ وشَفَع لي يَشْفَعُ شَفاعةً وتَشَفَّعَ طَلب والشَّفِيعُ الشَّافِعُ والجمع شُفَعاء واسْتَشْفَعَ بفُلان على فلان وتَشَفَّع له إِليه فشَفَّعَه فيه وقال الفارسيّ اسْتَشْفَعه طلَب منه الشَّفاعةَ أَي قال له كُنْ لي شافِعاً وفي التنزيل من يَشْفَعْ شَفاعةً حسَنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كِفْلٌ منها وقرأَ أَبو الهيثم من يَشْفَعُ شَفاعةً حسَنة أَي يَزْدادُ عملاً إِلى عَمَل وروي عن المبرد وثعلب أَنهما قالا في قوله تعالى مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عنده إِلاّ بإِذنه قالا الشفاعة الدُّعاءُ ههنا والشَّفاعةُ كلام الشَّفِيعِ لِلْمَلِكِ في حاجة يسأَلُها لغيره وشَفَعَ إِليه في معنى طَلَبَ إِليه والشَّافِعُ الطالب لغيره يَتَشَفَّعُ به إِلى المطلوب يقال تَشَفَّعْتُ بفلان إِلى فلان فَشَفّعَني فيه واسم الطالب شَفِيعٌ قال الأَعشى واسْتَشْفَعَتْ مَنْ سَراةِ الحَيِّ ذا ثِقةٍ فَقَدْ عَصاها أَبُوها والذي شَفَعا واسْتَشْفَعْتُه إِلى فلان أَي سأَلته أَن يَشْفَعَ لي إِليه وتَشَفَّعْتُ إِليه في فلان فشَفَّعَني فيه تَشْفِيعاً قال حاتم يخاطب النعمان فَكَكْتَ عَدِيًّا كُلَّها من إِسارِها فَأَفْضِلْ وشَفِّعْني بِقَيْسِ بن جَحْدَرِ وفي حديث الحُدُود إِذا بَلَغَ الحَدُّ السلطانَ فَلَعَنَ اللهُ الشَّافِعَ والمُشَفِّعَ وقد تكرر ذكر الشَّفاعةِ في الحديث فيما يتَعَلَّق بأُمُور الدنيا والآخرة وهي السُّؤالُ في التَّجاوُزِ عن الذنوب والجَرائِمِ والمُشَفِّعُ الذي يَقْبَل الشفاعة والمُشَفَّعُ الذي تُقْبَلُ شَفاعَتُه والشُّفْعَةُ والشُّفُعَةُ في الدَّارِ والأَرضِ القَضاء بها لصاحِبها وسئل أَبو العباس عن اشتِقاقِ الشُّفْعةِ في اللغة فقال الشُّفْعَةُ الزِّيادةُ وهو أَنْ يُشَفِّعَك فيما تَطْلُب حتى تَضُمَّه إِلى ما عندك فَتَزِيدَه وتَشْفَعَه بها أَي أَن تزيده بها أَي أَنه كان وتراً واحداً فَضَمَّ إِليه ما زاده وشَفَعَه به وقال القتيبي في تفسير الشُّفْعة كان الرجل في الجاهلية إِذا أَراد بَيْعَ منزل أَتاه رجل فشَفَع إِليه فيما باعَ فَشَفَّعَهُ وجَعَله أَولى بالمَبِيعِ ممن بَعُدَ سَبَبُه فسميت شُفْعَةً وسُمِّي طالبها شَفِيعاً وفي الحديث الشُّفْعَةُ في كُلّ ما يُقْسَمُ الشفعة في الملك معروفة وهي مشتقة من الزيادة لأَن الشفِيع يضم المبيع إِلى ملكه فَيَشْفَعُه به كأَنه كان واحداً وتراً فصار زوجاً شفعاً وفي حديث الشعبي الشُّفْعة على رؤوس الرجال هو أَن تكون الدَّار بين جماعة مختلفي السِّهام فيبيع واحد منهم نصيبه فيكون ما باع لشركائه بينهم على رؤوسهم لا على سِهامِهم والشفِيعُ صاحب الشُّفْعة وصاحبُ الشفاعةِ والشُّفْعةُ الجُنُونُ وجمعها شُفَعٌ ويقال للمجنون مَشْفُوعٌ ومَسْفُوعٌ ابن الأَعرابي في وجهه شَفْعةٌ وسَفْعةٌ وشُنْعةٌ ورَدَّةٌ ونَظْرةٌ بمعنى واحد والشُّفْعةُ العين وامرأَة مَشْفُوعةٌ مُصابةٌ من العين ولا يوصف به المذكر والأَشْفَعُ الطوِيلُ وشافِعٌ وشفِيعٌ اسمان وبنو شافِعٍ من بني المطلب بنِ عَبد مناف منهم الشافعيّ الفقيهُ الإِمام المجتهد رحمه الله ونفعنا به لسان العرب
________________________________________
شفع: ش ف ع : الشَّفْعُ ضد الوتر يقال كان وترا فَشَفَعهُ من باب قطع و الشُّفْعَةُ في الدار والأرض و الشَّفِيعُ صاحب الشفعة وصاحب الشَّفَاعَةُ و الشَّافِعُ الشاة التي معها ولدها وفي الحديث { أنه بعث مُصدقا فأتاه بشاة شافع فلم يأخذها فقال ائتني بمُعتاط } و اسْتَشْفَعَهُ إلى فلان سأله أن يشفع له إليه و تَشَفَّعَ إليه في فلان فَشَفَّعهُ فيه تَشفيعا مختار الصحاح
________________________________________
شَفَعَ: الشيءَ ـَ شَفْعاً: ضمَّ مِثْلَه إليه. وـ جعَله زَوْجاً. وـ البصرُ الأشباحَ: رآها شيئين. ويقول الهَرِمُ: شُفِعَتْ لي الأشخاص: بدا الشيءُ لي شيئين؛ لضعْفِ بصره. وـ الحاملُ: كان يتبَعُها وَلد. وـ لفلان: كان شفيعاً له. وـ إلى فلان: توسَّلَ إليه بوسيلة. وـ في الأمر: كان شفيعاً فيه.( شَفَّعَ ): مبالغة شَفَعَ. وـ فلاناً في كذا: قَبِل شفاعته فيه. ويقال: هو مُشَفِّع: يقبل الشفاعة. وهو مُشَفَّع: مقبول الشفاعة.( تَشَفَّعَ ) له: شَفَعَ. يقال: تَشَفَّع لفلان إلى فلانٍ في الأمرِ. وـ به إليه: توسَّل به إليه. وـ تمذهب في الفِقْهِ بمذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي.( اسْتَشْفَعَ ): طلب الناصِرَ والشفيع. ويقال: استشفَعَ فلاناً، وبه، واستشفَعَ إلى فلانٍ، واستشفعَ في الأمر، وعليه.( الشَّافِعُ ): صاحبُ الشَّفاعة. وناقةٌ أو شاةٌ شافِع: معها وَلدُها.( الشَّفائِعُ ): المُزْدَوِجَات. وشَفائِع النبت: ما ينبت مزدوجاً.( الشَّفاعَةُ ): كلام الشفيع.( الشَّفْعُ ): ما شفَع غيرَه وجعله زوجاً. وـ خلافُ الوَتْرِ. ( ج ) أشفاع، وشِفاع.( الشِّفْعُ ): الشَّفْع.( الشَّفْعَةُ ): رَكْعتا الضحى.( الشُّفْعَةُ ): اقرأ المزيد حقُّ الجار في تملك العقار جبْراً على مشتريه بشروطه التي رسمها الفقهاءُ. وـ المِلْكُ المشفوعُ. وـ الشَّفْعَةُ. وـ العين. يقال: أصابته شُفعَة: عين.( الشَّفُوعُ ): مَن في طاقته أن يعمل ضعفَ ما يَعْمَلُ نظيرُه. وقالوا: ناقةٌ شَفُوعٌ: تجمع بين مِحلبَينِ في حَلْبَةٍ واحدة.( الشَّفِيعُ ): صاحب الشفاعة. وـ من يأخذ العقار بالشُّفْعَة جَبْراً. وـ العددُ الزَّوْج: الاثنان. ( ج ) شُفَعَاء. المعجم الوسيط
________________________________________
شفع: الشَفْعُ: خلافُ الزوج، وهو خلاف الوِتْرُ تقولك كان وِتْراً فَشَفَّعْتُهُ شَفْعاً. والشُفْعَةُ في الدار والأرض. والشَفيعُ: صاحب الشُفْعَةِ وصاحب الشَفاعَةِ. وناقةٌ شافِعٌ: في بطنها ولدٌ ويتبعها آخر. تقول منه: شَفَعَتِ الناقةُ شَفْعاً. وفي الحديث: أنَّه بعث مصدِّقاً فأتاه بشاةٍ شافِعٍ فلم يأخُذْها وقال: ائتني بمُعْتاطٍ. قال أبو عبيد: فالشافِعُ التي معها ولدُها، سمِّيتْ شافِعاً لأنّ ولدها شَفَعَها وشَفَعَتْهُ هي. وناقةٌ شَفوعٌ، وهي التي تجمع بين مِحْلَبَيْنِ في حَلْبَةٍ واحدةٍ. واسْتَشْفَعُهُ إلى فلان، أي سألته أن يَشْفَعَ لي إليه. وتَشَفَّعْتُ إليه في فلان فَشَفَّعَني فيه تَشْفيعاً. الصحاح في اللغة
________________________________________
0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حكم الشفعة بالمرافق الخاصة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: جسور العلوم السياسية :: قسم الحقوق-
انتقل الى:  
1