المناقشة:
أجاب القائلون بحصر الشفعة في الشريك دون غيره بما يأتي:
1 - بالنسبة لحديث أبي رافع - رضي الله عنه - فقد ذكر الحافظ ابن حجر في معرض شرحه هذا الحديث وإيراده وجه استدلال الحنفية به على ثبوت الشفعة للجار حقيقة في المجاورة مجازا في الشريك، قال ما نصه: إن محل ذلك عند التجرد وقد قامت القرينة هنا على المجاز فاعتبر للجمع بين حديثي جابر وأبي رافع، فحديث جابر صريح في اختصاص الشفعة بالشريك، وحديث أبي رافع مصروف الظاهر اتفاقا؛ لأنه يقتضي أن يكون الجار أحق من كل أحد حتى من الشريك، والذين قالوا بشفعة الجار قدموا الشريك مطلقا، ثم المشارك في الطريق، ثم الجار على من ليس بمجاور، فعلى هذا يتعين تأويل قوله: (أحق) بالحمل على الفضل أو التعهد ونحو ذلك95. اهـ.
2 - بالنسبة لحديث جابر: ((الجار أحق بشفعة جاره))96الخ، فقال الترمذي: لا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وقد تكلم شعبة في عبد الملك من أجل هذا الحديث... - ثم قال -: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: لا أعلم أحدا رواه عن عطاء غير عبد الملك تفرد به، ويروى عن جابر خلاف هذا. اهـ... قال شعبة سها فيه عبد الملك، فإن روى حديثا مثله طرحت حديثه، ثم ترك شعبة التحديث عنه. وقال أحمد: هذا الحديث منكر. وقال ابن معين: لم يروه غير عبد الملك، وقد أنكروه عليه97. اهـ.
وقد أجاب ابن القيم - رحمه الله - عن الطعن في حديث جابر فقال: إن عبد الملك هذا حافظ ثقة صدوق، ولم يتعرض له أحد بجرح البتة، وأثنى عليه أئمة زمانه ومن بعدهم، وإنما أنكر عليه من أنكر هذا الحديث ظنا منهم أنه مخالف لرواية الزهري عن أبي سلمة عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))98.
ولا تحتمل مخالفة العرزمي لمثل الزهري وقد صح هذا من رواية جابر عن الزهري عن أبي سلمة عنه ومن رواية ابن جريج عن أبي الزبير عنه، ومن حديث يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة عنه، فخالفهم العرزمي، ولهذا شهد الأئمة بإنكار حديثه ولم يقدموه على حديث هؤلاء... - إلى أن قال -: وحديث جابر الذي أنكره من أنكره على عبد الملك صريح فيه؛ فإنه قال: ((الجار أحق بسقبه، ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا)) فأثبت الشفعة بالجوار مع اتحاد الطريق، ونفاها به مع اختلاف الطريق بقوله: ((فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))99 فمفهوم حديث عبد الملك هو بعينه منطوق حديث أبي سلمة، فأحدهما يصدق الآخر ويوافقه لا يعارضه ويناقضه، وجابر روى اللفظين... -إلى أن قال-: وحديث أبي رافع الذي رواه البخاري يدل على مثل ما دل عليه حديث عبد الملك؛ فإنه دل على الأخذ بالجوار حالة الشركة في الطريق، فإن البيتين كانا في نفس دار سعد والطريق واحد بلا ريب100. اهـ.
3 - وأما حديث الشريد بن سويد فقال الخطابي: قد تكلم أهل الحديث في إسناده واضطراب الرواة عنه، فقال بعضهم عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع، وقال بعضهم عن أبيه عن أبي رافع وأرسله بعضهم.
وذكر ابن قدامة - رحمه الله - عن ابن المنذر قوله: الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث جابر الذي رويناه، وما عداه من الأحاديث فيها مقال101.
وأجيب عن ذلك بما ذكره ابن القيم - رحمه الله - عن البخاري بخصوص حديث الشريد بن سويد أو عمرو بن الشريد قال: قال البخاري هو أصح عندي من رواية عمرو عن أبي رافع - يعني حديث أبي رافع مع سعد ابن أبي وقاص -، وقال أيضا: كلا الحديثين عندي صحيح102.
وقال ابن حزم في معرض مناقشته الأحاديث والآثار التي استدل بها أهل هذا القول ما نصه: ثم نظرنا في حديث عمرو بن الشريد عن أبي رافع عن أبيه فوجدناه لا متعلق لهم به؛ لأنه ليس فيه إلا ((الجار أحق بصقبه)) وليس فيه للشفعة ذكر ولا أثر، وقد حدثنا همام، حدثنا عباس بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثقفي، قال: سمعت عمرو بن الشريد يحدث عن الشريد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المرء أحق وأولى بصقبه)) قلت لعمرو: ما صقبه؟ قال الشفعة، قلت: زعم الناس أنها الجوار، قال: الناس يقولون ذلك103، فهذا راوي الحديث عمرو بن الشريد لا يرى الشفعة بالجوار، ولا يرى لفظ ما روى يقتضي ذلك، فبطل كل ما موهوا به. ثم لو صحت هذه الأحاديث ببيان واضح أن الشفعة للجار لكان حكمه - عليه الصلاة والسلام - وقوله وقضاؤه، ((فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة))104يقضي على ذلك كله ويرفع، فكيف ولا بيان في شيء منها105. اهـ.
4 - وأما حديث سمرة ففي سماع الحسن من سمرة مقال معروف لدى علماء الحديث، قال يحيى بن معين: لم يسمع الحسن من سمرة، وإنما هي صحيفة وقعت إليه، وقال غيره: لم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة، وقد أجاب عن ذلك ابن القيم - رحمه الله - حيث قال: قد صح سماع الحسن من سمرة، وغاية هذا أنه كتاب، ولم تزل الأمة تعمل بالكتب قديما وحديثا، وأجمع الصحابة على العمل بالكتب، وكذلك الخلفاء بعدهم، وليس اعتماد الناس في العلم إلا على الكتب، فإن لم يعمل بما فيها تعطلت الشريعة، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتب كتبه إلى الآفاق والنواحي فيعمل بها من تصل إليه، ولا يقول هذا كتاب، وكذلك خلفاؤه من بعده والناس إلى اليوم. فرد السنن بهذا الخيال البارد الفاسد من أبطل الباطل، والحفظ يخون والكتاب لا يخون106. اهـ .
ويمكن أن يجاب عن قول ابن القيم - رحمه الله - بأن الغالب على طالب العلم أن يسجل كل ما عنَّ له من صحيح وضعيف، وما له وجه وما لا وجه له، على أمل أن يتم له النظر لأبعاد ما لا وجه له ولا صحة، ويحتمل أن يعجله الأجل قبل ذلك بخلاف ما يؤلفه طالب العلم وينشره بين الناس فإنه بنشره يعتبر في حكم المقتنع بوجاهته وصحة ما فيه مما يراه، وكذا ما يكتبه الوالي إلى عماله أو غيرهم فإنه يكتب ما يكتب عن اقتناع بوجاهة ما كتبه.
5 - وأما الاحتجاج على مشروعية الشفعة للجار بالمعنى فقد أجاب على ذلك ابن القيم - رحمه الله - وسبق نقل ذلك عنه107.
1. 4. الشفعة فيما انتقل إلى الغير بعوض غير مسمى:
إذا انتقل ما يجب فيه الشفعة للغير بعوض غير مسمى فقد ذهب الحنفية إلى نفي الشفعة فيه، قال في الهداية: ولا شفعة في الدار التي يتزوج الرجل عليها، أو يخالع المرأة بها، أو يستأجر بها داراً، أو غيرها، أو يصالح بها عن دم عمد، أو يعتق عليها عبداً، لأن الشفعة عندنا إنما تجب في مبادلة المال بالمال لما بيَّنَّا. وهذه الأعواض ليست بأموال فإيجاب الشفعة فيها خلاف المشروع وقلب الموضوع... - إلى أن قال -: أو يصالح عنها بإنكاره... لأنه يحتمل أنه بذل المال افتداء ليمينه وقطعا لشغب خصمه كما إذا أنكر صريحاً108. اهـ .
وذهب المالكية إلى إثباتها، قال في المدونة: قلت: أرأيت إن تزوجت على شقص من دار، أو خالعت امرأتي على شقص من دار، أيكون في ذلك الشفعة في قول مالك؟ قال: نعم، مثل النكاح والخلع. قلت فبماذا يأخذ الشفيع في الخلع والنكاح والصلح في دم العمد الشقص؟ قال: أما في النكاح والخلع فقال لي مالك: يأخذ الشفيع الشقص بقيمته، وأرى الدم العمد مثله يأخذه بقيمته109. اهـ.
وذهب الشافعية إلى ثبوت الشفعة فيما أخذ بعوض غير مالي، قال الشربيني على قول صاحب المنهاج: وإنما تثبت في ملك بمعاوضة ملكا لازما متأخرا عن ملك الشفيع كمبيع، ومهر، وعوض خلع، وصلح دم، ونجوم، وأجرة، ورأس مال مسلم. قال: بمعاوضة محضة كالبيع أو غير محضة كالمهر، أما البيع فبالنص، والباقي بالقياس عليه بجامع الاشتراك في المعاوضة مع لحوق الضرر110. اهـ.
وأما الحنابلة: فالصحيح من المذهب أنه لا شفعة فيه؛ لأنه مملوك بلا مال أشبه الموهوب والموروث، ولأنه يمتنع أخذه بمهر المثل، وبقيمته؛ لأنها ليست عوض الشقص.
قال المرداوي: قوله: ولا شفعة فيما عوضه غير المال كالصداق وعوض الخلع والصلح عن دم العمد في أحد الوجهين، وأطلقهما في الهداية، والمذهب، والمستوعب، والتلخيص، والمحرر، والرعاية الكبرى، والفروع، والفائق، وظاهر الشرح الإطلاق، أحدهما: لا شفعة في ذلك وهو الصحيح من المذهب، قال في الكافي: لا شفعة فيه في ظاهر المذهب، قال الزركشي: هذا أشهر الوجهين عن القاضي وأكثر أصحابه، قال ابن منجا: هذا أولى.
قال الحارثي: أكثر الأصحاب قال بانتفاء الشفعة منهم أبو بكر، وابن أبي موسى، وأبو علي ابن شهاب، والقاضي، وأبو الخطاب في رؤوس المسائل، وابن عقيل، والقاضي يعقوب، والشريفان أبو جعفر وأبو القاسم الزبدي، والعكبري، وابن بكروس، والمصنف، وهذا هو المذهب ولذلك قدمه في السنن. اهـ، وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في التصحيح والنظم، وجزم به في العمدة، والوجيز، والمنور، والحاوي الصغير، وغيرهم وقدمه في المغني والشرح، وشرح الحارثي وغيرهم. والوجه الثاني: فيه الشفعة، اختاره ابن حامد وأبو الخطاب في الانتصار، وابن حمدان في الرعاية الصغرى، وقدمه ابن رزين في شرحه، فعلى هذا القول يأخذه بقيمته على الصحيح111. اهـ.
الشفعة بشركة الوقف:
اختلف العلماء - رحمهم الله - في جواز الشفعة في الوقف، فذهب الحنفية إلى أن لا شفعة للوقف ولا في الوقف؛ لأنه لا مالك له معين، قال في الدر المختار ما نصه: ولا شفعة في الوقف، ولا له نوازل ولا بجواره... قال المصنف: قلت: وحمل شيخنا الرملي الأول على الأخذ به، والثاني على أخذه بنفسه إذا بيع، وأما إذا بيع بجواره، أو كان بعض المبيع ملكا وبعضه وقفا وبِيع الملك فلا شفعة للوقف. وقال في الحاشية: قوله: أو كان بعض المبيع ملكا إلخ. حاصله أنه لا شفعة له بجوار ولا بشركة فهو صريح بالقسمين كما أشار إليه الشارح بنقل عبارة النوازل ونبهنا عليه. قوله: فلا شفعة للوقف؛ إذ لا مالك له112.اهـ.
وقال الكاساني في معرض تعداده شروط الأخذ بالشفعة ما نصه: ومنها ملك الشفيع وقت الشراء في الدار التي يأخذها بالشفعة؛ لأن سبب الاستحقاق جوار الملك، والسبب إنما ينعقد سببا عن وجود الشرط، والانعقاد أمر زائد على الوجود فإذا لم يوجد عند البيع كيف ينعقد سببا؟ فلا شفعة له بدار يسكنها بالإيجار والإعارة ولا بدار باعها قبل الشراء، ولا بدار جعلها مسجدًا، ولا بدار جعلها وقفا، وقضى القاضي بجوازه أو لم يقضِ على قول من يجيز الوقف؛ لأنه زال ملكه عنها لا إلى أحد113. اهـ.
وذهب المالكية إلى أنه لا شفعة بالوقف إلا للواقف نفسه، بشرط أن يضيف ما يأخذ بالشفعة إلى ما أوقفه، أو أن يجعل ذلك للناظر بأن ينص في ولايته على الأخذ بالشفعة؛ ليضاف إلى الوقف، أو أن يؤول الوقف إلى الموقوف عليهم فلهم حق الأخذ بالشفعة، ولو لم يوقفوا أو أن يؤول النظر أو الاستحقاق إلى بيت المال فللسلطان الأخذ له بالشفعة.
قال أبو البركات أحمد الدردير في معرض تعداد من يجوز لهم الأخذ بالشفعة ما نصه: أو كان الشفيع محبسا لحصته قبل بيع شريكه فله الأخذ بالشفعة ليحبس الشقص المأخوذ أيضا، قال: منها دار بين رجلين حبس أحدهما نصيبه على رجل وولده وولد ولده، فباع شريكه في الدار نصيبه فليس للذي حبس ولا للمحبس عليه أخذ بالشفعة إلا أن يأخذ المحبس فيجعله في مثل ما جعل نصيبه الأول. انتهى. وهذا إذا لم يكن مرجعها له، وإلا فله الأخذ ولو لم يحبس، كأن يوقف على عشرة مدة حياتهم، أو يوقف مدة معينة فله الأخذ مطلقا، كسلطان له الأخذ بالشفعة لبيت المال، قال سحنون في المرتد: يقتل، وقد وجبت له شفعةٌ أن للسلطان أن يأخذها إن شاء لبيت المال114. اهـ.
وذهب الشافعية إلى أن الوقف إن كان عاما كالوقف على الفقراء والمساكين ونحو ذلك فلا شفعة به، وإن كان خاصا فلا شفعة لواقفه؛ لزوال ملكه عنه، وقد اختلف علماء الشافعية في ثبوت الموقوف عليه العين لاختلاف ما نقل عن الشافعي - رحمه الله - هل يملك الموقوف عليه رقبة الوقف أم لا؟
قال في المجموع: وأما إذا كانت حصة الخليط وقفا نظر في الوقف، فإن كان عاما كالوقف على الفقراء والمساكين أو كان خاصاً لا يملك كالوقف على جامع، فلا يستحق به شفعة في المبيع، وإن كان خاصا على مالك الوقف على رجل بعينه أو على جماعة بأعيانهم فلا يملك به الواقف شفعة لزوال ملكه من الوقف، فأما الموقف عليه فقد اختلف عليه قول الشافعي هل يكون مالكا لرقبة الوقف أم لا؟ على قولين: أحدهما: يستحق به الشفعة لثبوت ملكه واستضراره بسوء المشاركة، والوجه الثاني: لا شفعة له؛ لأنه ليس بتام الملك ولا مطلق التصرف115. اهـ.
وذهب جمهور الحنابلة إلى القول بنفي الشفعة عن الخلطة بالوقف؛ لأن من شروط الأخذ بالشفعة: أن يكون الشفيع مالكا لما يشفع به، والوقف لا يعتبر ملكا تاما لمن هو بيده سواء كان ناظرا أو موقوفا عليه؛ لأنه ليس مطلق التصرف فيه.
قال ابن قدامة - رحمه الله -: ولا شفعة لشركة الوقف، -ذكر القاضيان ابن أبي موسى وأبو يعلى وهو ظاهر مذهب الشافعي- لأنه لا يؤخذ بالشفعة فلا تجب فيه كالمجاور وغير المنقسم، ولأننا إن قلنا: هو غير مملوك، فالموقوف عليه غير مالك، وإن قلنا: هو مملوك، فملكه غير تام؛ لأنه لا يفيد إباحة التصرف في الرقبة، فلا يملك به ملكا تاما. وقال أبو الخطاب: إن قلنا: هو مملوك وجبت به الشفعة؛ لأنه مملوك بيع في شركته شقص فوجبت الشفعة كالطلق ولأن الضرر يندفع عنه بالشفعة كالطلق فوجبت فيه كوجوبها في الطلق. وإنما لم يستحق بالشفعة؛ لأن الأخذ بها بيع وهو ما لا يجوز بيعه116. اهـ.
وللشيخ عبد الرحمن ابن سعدي - رحمه الله - رأي في ثبوت الشفعة به فقد قال ما نصه: فلو باع الشريك الذي ملكه طلق فلشريكه الذي نصيبه وقف الشفعة لعموم الحديث المذكور ووجود المعنى، بل صاحب الوقف إذا لم يثبت له شفعة يكون أعظم ضررا من صاحب الطلق؛ لتمكن المالك من البيع بخلاف مستحق الوقف، فإنه يضطر إلى بقاء الشركة، وأما استدلال الأصحاب بقولهم: إن ملكه ناقص فالحديث لم يفرق بين الذي ملكه ناقص أو كامل، ومنعنا إياه من البيع لتعلق حقوق من بعده به.
فالصواب إثبات الشفعة إذا باع الشريك سواء كان شريكه صاحب ملك طلق أو مستحقا للوقف117.اهـ.
وقال المنقور نقلا عن جمع الجوامع: للوقف ثلاث صور:
الأولى: إذا كان البعض وقفا والبعض ملكا فبيع الملك هل يأخذ رب الوقف بالشفعة؟ على وجهين.
والثانية: إذا كان كذلك وبيع الوقف حيث جاز بيعه هل يأخذ الشريك بالملك؟ على وجهين. المختار نعم.
الثالثة: إذا كان الكل وقفا وبيع البعض حيث جاز بيعه فهل يجوز لرب الوقف الآخر الأخذ بها؟ على وجهين، الصحيح لا يجوز118. اهـ.
ولعل مصدر الاختلاف في ذلك الخلاف، هل لجهات الوقف شخصية اعتبارية تكون أهلا للإلزام والالتزام كالحال في جماعة المسلمين حيث يتكافؤون ويسعى بذمتهم أدناهم فيكون الوقف ملكا لهم، فإذا تصرف بعضهم أو النائب عنهم -وهو الناظر- تصرفا فيه مصلحة للوقف وغبطة لجهاته كان كتصرفهم جميعا، أم أن الوقف لا مالك له في الحقيقة وأن الشخصية الاعتبارية وهمٌ وخيال لا مجال لها في واقع الأمر وحقيقته؟
شفعة غير المسلم:
اتفق الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي على القول بجواز شفعة غير المسلم على المسلم.
قال السرخسي: والذكر والأنثى والحر والمملوك والمسلم والكافر في حق الشفعة سواء؛ لأنه من المعاملات وإنما ينبني الاستحقاق على سبب متصور في حق هؤلاء وثبوت الحكم بثبوت سببه119. اهـ.
وفي المدونة ما نصه: قيل لابن القاسم: هل لأهل الذمة شفعة في قول مالك؟ فقال: سألت مالكا عن المسلم والنصراني تكون الدار بينهما، فيبيع المسلم نصيبه هل للنصراني فيه شفعة؟ قال: نعم، أرى ذلك له مثل ما لو كان شريكه مسلما120. اهـ.
وقال النووي: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فمن كان له شريك)) فهو عام يتناول المسلم والكافر والذمي فتثبت للذمي الشفعة على المسلم كما تثبت للمسلم على الذمي، هذا قول الشافعي ومالك وأبي حنيفة والجمهور121. اهـ.
وانفرد الإمام أحمد - رحمه الله - عنهم بمنع شفعة الكافر على المسلم؛ لأن تسليط الكافر على المسلم يعتبر سبيلا إليه قال - تعالى -: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [سورة النساء الآية: 141] قال ابن قدامة - رحمه الله - على قول الخرقي "ولا شفعة لكافر على مسلم": وجملة ذلك أن الذمي إذا باع شريكه شقصا لمسلم فلا شفعة له عليه، روي ذلك عن الحسن والشعبي.
وروي عن شريح وعمر بن عبد العزيز أن له الشفعة وبه قال النخعي، وإياس بن معاوية، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، ومالك، والشافعي، والعنبري، وأصحاب الرأي؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه، وإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به))122 ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر بالشراء فاستوى فيه المسلم والكافر كالرد بالعيب.
ولما روى الدارقطني في كتاب العلل بإسناده عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا شفعة لنصراني)) وهذا يخص عموم ما احتجوا به، ولأنه معنى يتملك به يترتب على وجود ملك مخصوص، فلم يجب للذمي على المسلم كالزكاة، ولأنه معنى يختص العقار، فأشبه الاستعلاء في البنيان بحقيقة أن الشفعة إنما تثبت للمسلم دفعا للضرر عن ملكه فقدم دفع ضرره على دفع ضرر المشتري، ولا يلزم من تقديم دفع ضرر المسلم على المسلم تقديم دفع ضرر الذمي؛ فإن حق المسلم أرجح، ورعايته أولى، ولأن ثبوت الشفعة في محل الإجماع على خلاف الأصل رعاية لحق الشريك المسلم، وليس الذمي في معنى المسلم فيبقى فيه على مقتضى الأصل123. اهـ.
وقد نصر ابن القيم - رحمه الله - القول بنفي شفعة الكافر على المسلم، وناقش القائلين بثبوتها، ورد عليهم قولهم، فقال ما نصه: ولهذا لم يثبت عن واحد من السلف لهم حق شفعة على مسلم، وأخذ بذلك الإمام أحمد وهي من مفرداته التي برز بها على الثلاثة؛ لأن الشقص يملكه المسلم إذا أوجبنا فيه شفعة لذمي كنا قد أوجبنا على مسلم أن ينقل الملك في عقاره إلى كافر بطريق القهر للمسلم، وهذا خلاف الأصول، والشفعة في الأصل إنما هي من حقوق أحد الشريكين على الآخر بمنزلة الحقوق والتي تجب للمسلم على المسلم كإجابة الدعوة وعيادة المريض وكمنعه أن يبيع على بيع أخيه أو يخطب على خطبته.
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن الذمي اليهودي والنصراني ألهم شفعة؟ قال: لا، وكذلك نقل أبو طالب وصالح وأبو الحارث والأثرم كلهم عنه: ليس للذمي شفعة. زاد أبو الحارث: مع المسلم. قال الأثرم: قيل له: لم؟ قال: لأنه ليس له مثل حق المسلم، واحتج فيه.
قال الأثرم: حدثنا الطباع حدثنا هشيم أخبرنا الشيباني عن الشعبي أنه كان يقول: ليس لذمي شفعة.
وقال سفيان عن حميد عن أبيه: إنما الشفعة لمسلم، ولا شفعة لذمي.
وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن ليث عن مجاهد أنه قال: ليس ليهودي ولا لنصراني شفعة.
قال الخلال: أخبرني محمد بن الحسن بن هارون قال: سئل أبو عبد الله -وأنا أسمع- عن الشفعة للذمي قال: ليس لذمي شفعة؛ ليس له حق المسلم.
أخبرني عصمة بن عصام حدثنا حنبل قال: سمعت أبا عبد الله قال: ليس ليهودي ولا لنصراني شفعة قيل: ولمَ؟ قال: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يجتمع دينان في جزيرة العرب))124، وهذا مذهب شريح والحسن والشعبي واحتج الإمام أحمد بثلاث حجج.
إحداهما: أن الشفعة من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، فلا حق للذمي فيها. ونكتة هذا الاستدلال أن الشفعة من حق المالك لا من حق الملك.
الحجة الثانية: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه))125، وتقرير الاستدلال من هذا أنه لم يجعل لهم حقا في الطريق المشترك عند تزاحمهم مع المسلمين، فكيف يجعل لهم حقا إلى انتزاع ملك المسلم منه قهرا، بل هذا تنبيه على المنع من انتزاع الأرض من يد المسلم، وإخراجه منها لحق الكافر لنفي ضرر الشركة عنه، وضرر الشركة على الكافر أهون عند الله من تسليطه على إزالة ملك المسلم عنه قهرا.
الدليل الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يجتمع دينان في جزيرة العرب))126، ووجه الاستدلال من هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم بإخراجهم من أرضهم، ونقلها إلى المسلمين؛ لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، فكيف نسلطهم على انتزاع أراضي المسلمين منهم قهرا وإخراجهم منها؟!، وأيضا فالشفعة حق يختص العقار فلا يساوي الذمي فيه المسلم كالاستعلاء في البنيان، يوضحه أن الاستعلاء تصرف في هواء ملكه المختص به، فإذا منع منه فكيف يسلط على انتزاع ملك المسلم منه قهراً وهو ممنوع من التصرف في هوائه تصرفا يستعلي فيه على المسلم. فأين هذا الاستعلاء من استعلائه عليه لإخراجه من ملكه قهرا؟، وأيضا فالشفعة وجبت لإزالة الضرر عن الشفيع وإن كان فيها ضرر بالمشتري، فإذا كان المشتري مسلما فسلط الذمي على انتزاع ملكه منه قهرا كان فيه تقديم حق الذمي على حق المسلم، وهذا ممتنع، وأيضاً فإنه يتضمن مع إضراره بالمسلم إضراره بالدين وتملك دار المسلمين منهم قهرا وشغلها بما يسخط الله بدل ما يرضيه وهذا خلاف قواعد الشرع، ولذلك حرم عليهم نكاح المسلمات إذ كان فيه نوع استعلاء عليهن ولذلك لم يجز القصاص بينهم وبين المسلمين، ولا حد القذف ولا يمكنون من تملك الرقيق المسلم قال الله - تعالى -: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [سورة النساء الآية: 141] ومن أعظم السبيل تسليط الكافر على انتزاع أملاك المسلمين منهم وإخراجهم منها قهرا وقد قال - تعالى -: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) [سورة الحشر الآية: 20]... -إلى أن قال-: وأيضا فلو كانوا مالكين حقيقة، لما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بإخراجهم من جزيرة العرب، وقال: ((لئن عشت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب))127 هذا مع بقائهم على عهدهم وعدم نقضهم له، فلو كانوا مالكين لدورهم حقيقة لما أخرجهم منها ولم ينقضوا عهدا، ولهذا احتج الإمام أحمد بذلك على أنه لا شفعة لهم على مسلم... - إلى أن قال -: وليس مع الموجبين للشفعة نص من كتاب الله ولا من سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا إجماع من الأمة، وغاية ما معهم إطلاقات وعمومات كقوله: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة فيما لم يقسم128 وقوله: ((من كان له شريك في ربعة أو حائط فلا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه))129. ونحو ذلك مما لا يعرض فيه للمستحق، وإنما سبقت الأحكام الأملاك لا لعموم الأملاك130 من أهل الذمة وغيرهم، وليس معهم قياس استوى فيه الأصل والفرع في المقتضي للحكم؛ فإن قياس الكافر على المسلم من أفسد القياس، وكذلك قياس بعضهم من تجب له الشفعة بمن تجب عليه من أفسد القياس أيضا، -ثم ذكر مجموعة من الأحكام يختلف فيها المسلم عن الكافر-، ثم قال: وكذلك قياس بعضهم الأخذَ بالشفعة على الرد بالعيب من هذا النمط؛ فإن الرد بالعيب من باب استدراك الظلامة وأخذ الجزء الفائت الذي يترك على الثمن في مقابلته، فأين ذلك من تسليطه على انتزاع ملك المسلم منه قهرا واستيلائه عليه؟. إلى آخر ما ذكره131.
شفعة غير المكلف من صبي أو مجنون:
ذهب جمهور أهل العلم منهم الحسن، وعطاء، وأبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وسوار، والعنبري إلى القول بثبوت الشفعة للصبي والمجنون يتولاها وليه إن رأى له في ذلك مصلحة وغبطة. قال السرخسي: والصغير كالكبير في استحقاق الشفعة... -ثم ذكر توجيه ذلك- فقال: ولكنا نقول: سبب الاستحقاق متحقق في حق الصغير وهو الشركة أو الجوار من حيث اتصال حق ملكه بالمبيع على وجه التأبيد، فيكون مساويا للكبير في الاستحقاق به... ثم قال: فكذلك يثبت له حق الشفعة، ثم يقوم بالطلب من يقوم مقامه شرعا في استيفاء حقوقه... فإن لم يكن له أحد من هؤلاء فهو على شفعته إذا أدرك؛ لأن الحق قد ثبت له ولا يتمكن من استيفائه قبل الإدراك132. اهـ.
وفي المدونة: قلت: أرأيت لو أن صبيا وجبت له الشفعة من يأخذ له بشفعته؟ قال: الوالد، قيل: فإن لم يكن له والد؟ قال: فالوصي، قيل: فإن لم يكن له وصي؟ قال: فالسلطان، قلت: فإن كان في موضع لا سلطان فيه ولا أب له ولا وصي؟ قال: فهو على شفعته إذا بلغ، قال: وهذا كله قول مالك. اهـ.
وقال ابن قدامة - رحمه الله - على قول الخرقي: وللصغير إذا كبر المطالبة بالشفعة ما نصه: وجملة ذلك أنه إذا بيع في شركة الصغير شقص ثبتت له الشفعة في قول عامة الفقهاء، منهم الحسن وعطاء ومالك والأوزاعي والشافعي وسوار والعنبري وأصحاب الرأي... -ثم قال بعد مناقشة القائلين بمنع شفعة الصبي-: إذا ثبت هذا، فإن ظاهر قول الخرقي أن للصغير إذا كبر الأخذ بها سواء عفا عنها الولي أو لم يعف، وسواء كان الحظ في الأخذ بها أو في تركها، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية ابن منصور: له الشفعة إذا بلغ فاختار، ولم يفرق، وهذا قول الأوزاعي، وزفر، ومحمد بن الحسن، وحكاه بعض أصحاب الشافعي عنه؛ لأن المستحق للشفعة يملك الأخذ بها سواء كان الحظ فيها أو لم يكن، فلم يسقط بترك غيره كالغائب إذا ترك وكيلُه الأخذ بها... -إلى أن قال-: والحكم في المجنون المطبق كالحكم في الصغير سواء؛ لأنه محجور عليه لحظه، وكذلك السفيه لذلك.
وأما المغمى عليه فلا ولاية عليه، وحكمه حكم الغائب والمجنون، ينتظر إفاقته133. اهـ.
وذهب بعض أهل العلم إلى القول بمنع الصغير من الشفعة؛ حيث لا يمكنه أخذها في الحال، ولا يمكن الانتظار بها حتى يبلغ لما في ذلك من الإضرار بالمشتري، وليس لوليه أخذها؛ لأنه لا يملك العفو عنها؛ فهو لا يملك الأخذ بها، ويروى هذا القول عن النخعي والحارث العكلي وابن أبي ليلى.
وقد رد ابن قدامة - رحمه الله - على أهل هذا القول فقال ما نصه: قولهم: "لا يمكن الأخذ" غير صحيح؛ فإن الولي يأخذ بها كما يرد المعيب، وقولهم لا يمكنه العفو يبطل بالوكيل فيها وبالرد بالعيب؛ فإن ولي الصبي لا يمكنه العفو ويمكنه الرد، ولأن في الأخذ تحصيلا للملك للصبي ونظرا له وفي العفو تضييع وتفريط في حقه، ولا يلزم من ملك ما فيه الحظ ملكُ ما فيه التضييع، ولأن العفو إسقاط لحقه والأخذ استيفاء له... -إلى أن قال-: وما ذكروه من الضرر في الانتظار يبطل بالغائب134. اهـ.
شفعة الغائب:
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الغائب على حقه في الشفعة، وإن طالت غيبته، روي ذلك عن شريح والحسن وعطاء وبه قال الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والليث، والثوري، والأوزاعي، والعنبري لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الشفعة فيما لم يقسم))135 قال ابن رشد: فإن الذي له الشفعة رجلان: حاضر أو غائب، فأما الغائب فأجمع العلماء على أن الغائب على شفعته ما لم يعلم ببيع شريكه، واختلفوا إذا علم وهو غائب، فقال قوم: تسقط شفعته، وقال قوم: لا تسقط وهو مذهب مالك، والحجة له ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث جابر أنه قال: ((الجار أحق بصقبه)) أو قال: بشفعته ((ينتظر بها إذا كان غائبا))136 وأيضا فإن الغائب في الأكثر معوق عن الأخذ بالشفعة، فوجب عذره. وعمدة الفريق الثاني أن سكوته مع العلم قرينة تدل على رضاه بإسقاطها137. اهـ.
وفي المدونة: قلت أرأيت الغائب إذا علم بالشراء وهو شفيع، ولم يقدم يطلب الشفعة، حتى متى تكون له الشفعة؟ قال: قال مالك: لا تقطع عن الغائب الشفعة بغيبته. قلت: علم أو لم يعلم؟ قال: ليس ذلك عندي إلا فيما علم، وأما فيما لم يعلم فليس فيه كلام، ولو كان حاضرا138. اهـ.
وقال ابن قدامة - رحمه الله - على قول الخرقي: ومن كان غائبا، وعلم بالبيع وقت قدومه فله الشفعة وإن طالت غيبته. ما نصه: وجملة ذلك أن الغائب له شفعة في قول أكثر أهل العلم... -وذكر توجيه القول بذلك- فقال: ولنا عموم قوله - عليه السلام -: ((الشفعة فيما لم يقسم))139 وسائر الأحاديث، ولأن الشفعة حق مالي وجد سببه بالنسبة إلى الغائب، فتثبت له كالإرث، ولأنه شريك لم يعلم بالبيع فتثبت له الشفعة عند علمه كالحاضرِ إذا كتم عنه البيع، والغائبِ غيبةً قريبة140. اهـ.
وذهب بعض أهل العلم إلى القول بمنع الغائب من الشفعة لما فيه من الإضرار بالمشتري بامتناعه عن التصرف في ملكه حسب اختياره خشية انتزاعه منه، وهذا القول مروي عن النخعي والحارث العكلي والبتي.
ورد ابن قدامة القول بتضرر المشتري بأن ضرره يندفع بإيجاب القيمة له.
وقد يرد على ذلك بأن غيبته ما دامت غير محددة بحيث تصل إلى عشر سنين أو أكثر، فإن تضرر المشتري ببقاء مشتراه معلقا حتى يحضر فيقرر رغبته في الشفعة من عدمها لا يقابل برد القيمة إليه؛ لما في ذلك من تعطل هذه القيمة عن الإدارة، فضلا عما في ذلك من تعطيل هذا العقار عن التعمير لتكون منفعته العامة والخاصة أكثر.
شفعة الوارث:
اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى- في جواز شفعة الوارث من عدمه؛ تبعا لاختلافهم في متعلق حق الشفعة: هل هو متعلق بالملك فيورث؟ أم بالمالك فيمتنع إرثه لموت صاحبه؟ وقد تحصل من اختلافهم في المسألة ثلاثة أقوال.
أحدها: إذا لم يأخذها الشفيع قبل موته فلا يجوز لوارثه أخذها مطلقا سواء طالب بها مورثه أم لم يطالب بها؛ لأن سبب أخذه الشفعة زال بموته وهو الملك، وقيام السبب إلى وقت الأخذ شرط لثبوت الحق في ذلك، وقد قال بهذا القول جمهور أهل الرأي.
قال السرخسي: وإذا مات الشفيع بعد البيع وقبل أن يأخذ بالشفعة لم يكن لوارثه حق الأخذ بالشفعة عندنا - ثم علل ذلك بقوله -: ونحن نقول مجرد الرأي والمشيئة لا يتصور فيه الإرث؛ لأنه لا يبقى بعد موته ليخلفه الوارث فيه، والثابت له بالشفعة مجرد المشيئة بين أن يأخذ أو يترك، ثم السبب الذي به كان يأخذ بالشفعة يزول بموته، وهو ملكه، وقيام السبب إلى وقت الأخذ شرط لثبوت حق الأخذ له141. اهـ.
وقال في الدر المختار: ويبطلها موت الشفيع قبل الأخذ بعد الطلب، أو قبله، ولا تورث خلافا للشافعي. قال في الحاشية: قوله: ويبطلها موت الشفيع إلخ. لأنها مجرد حق التملك، وهو لا يبقى بعد موت صاحب الحق فكيف يورث؟142. اهـ.
القول الثاني: أن حق الشفعة لا يورث إلا إذا طالب بها الشفيع قبل موت؛ لأن الحق متعلق بالمالك دون الملك، فحيث مات قبل طلب حقه في الشفعة فإن موته مسقط لذلك الحق، وهذا قول جمهور العلماء من الحنابلة وغيرهم.. قال ابن قدامة - رحمه الله - في كلامه على قول الخرقي: والشفعة لا تورث إلا أن يكون الميت طالب بها ما نصه: وجملة ذلك أن الشفيع إذا مات قبل الأخذ بها لم يخل من حالين:
أحدهما: أن يموت قبل الطلب بها فتسقط ولا تنتقل إلى الورثة، وقال أحمد: الموت يبطل ثلاثة أشياء: الشفعة، والحد إذا مات المقذوف، والخيار إذا مات الذي اشترط الخيار، لم يكن للورثة هذه الثلاثة الأشياء، إنما هي بالطلب، فإذا لم يطلب فليس تجب إلا أن يشهد أني على حقي من كذا وكذا، وأني قد طلبته فإذا مات بعده كان لوارثه الطلب به. وروي بسقوطه بالموت عن الحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي، وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي -ثم ذكر المستند لذلك- فقال: ولنا أنه حق فسخ ثبت لا لفوات جزء، فلم يورث كالرجوع في الهبة، ولأنه نوع خيار جعل للتمليك أشبه خيار القبول.
الحال الثاني: إذا طالب بالشفعة ثم مات، فإن حق الشفعة ينتقل إلى الورثة قولا واحدا، ذكره أبو الخطاب، وقد ذكرنا نص أحمد عليه؛ لأن الحق يتقرر بالطلب، ولذلك لا يسقط بتأخير الأخذ بعده، وقبله يسقط.
وقال القاضي: يصير الشقص ملكا للشفيع بنفس المطالبة، وقد ذكرنا أن الصحيح غير هذا، فإنه لو صار ملكا للشفيع لم يصح العفو عن الشفعة بعد طلبها، كما لا يصح العفو عنها بعد الأخذ بها، فإذا ثبت هذا فإن الحق ينتقل إلى جميع الورثة على حسب مواريثهم؛ لأنه حق مالي موروث، فينتقل إلى جميعهم كسائر الحقوق المالية143. اهـ.
القول الثالث: ثبوت الشفعة للورثة إذا مات مورثهم قبل العفو والأخذ؛ لكون الشفعة حقا متعلقا بالملك الموروث، فهي حق من حقوقه، وقد قال بهذا القول مالك والشافعي والعنبري وغيرهم، وذكر أبو الخطاب من الحنابلة أن هذا القول يمكن تخريجه؛ لأنه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال، فيورث كخيار الرد بالعيب، قال الشيرازي: وإذا مات الشفيع قبل الأخذ والعفو انتقل حقه من الشفعة إلى ورثته؛ لأنه قبض استحقه بعقد البيع، فانتقل إلى الورثة، كقبض المشتري في البيع، ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال، فورث كالرد بالعيب144.
وقال ابن رشد في معرض ذكره جملة من أحكام الشفعة هي موضع خلاف بين أهل العلم ما نصه: فمن ذلك اختلافهم في ميراث حق الشفعة، فذهب الكوفيون إلى أنه لا يورث كما أنه لا يباع، وذهب مالك والشافعي وأهل الحجاز إلى أنها موروثة قياسا على الأموال145.
وقد رد ابن قدامة - رحمه الله - على أبي الخطاب في قياسه الشفعة على خيار الرد بالعيب، فقال: ولنا أنه حق فسخ ثبت لا لفوات جزء، فلم يورث كالرجوع في الهبة، ولأنه نوع خيار جعل للتمليك أشبه خيار القبول، فأما خيار الرد بالعيب فإنه لاستدراك جزء فات من المبيع146. اهـ.
هذا ما تيسر ذكره، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: عبد الله بن سليمان بن منيع.
عضو: عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان.
نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي.
رئيس اللجنة: إبراهيم بن محمد آل الشيخ
ملخص قرار هيئة كبار العلماء المتعلق بمسألة الشفعة فيما لا يمكن قسمته من العقار:
الحمد لله بعد الإطلاع على البحث المعد في (مسألة الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار) من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وبعد تداول الرأي والمناقشة من الأعضاء وتبادل وجهات النظر قرر المجلس بالأكثرية: أن الشفعة تثبت بالشركة في المرافق الخاصة، كالبئر والطريق والمسيل ونحوها. كما تثبت الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار كالبيت والحانوت الصغيرين ونحوهما لعموم الأدلة في ذلك، ولدخول ذلك تحت مناط الأخذ بالشفعة وهو دفع الضرر عن الشريك في المبيع وفي حق المبيع، ولأن النصوص الشرعية في مشروعية الشفعة تتناول ذلك، ومن ذلك ما رواه الترمذي بإسناده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الشريك شفيع والشفعة في كل شيء))147 وفي رواية الطحاوي بإسناده إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة في كل شيء148، قال الحافظ: حديث جابر لا بأس برواته. ولما روى الإمام أحمد والأربعة بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا))149، قال في البلوغ: ورجاله ثقات. ولما روى البخاري في صحيحه وأبو داود والترمذي في سننهما إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة150، ووجه الاستدلال بذلك ما ذكره ابن القيم - رحمه الله - في كتابه أعلام الموقعين: أن الجار المشترك مع غيره في مرفق خاص ما مثل أن يكون طريقهما واحدا أو أن يشتركا في شرب أو مسيل أو نحو ذلك من المرافق الخاصة لا يعتبر مقاسما كلية، بل هو شريك لجاره في بعض حقوق ملكه، وإذا كان طريقهما واحد لم تكن الحدود كلها واقعة، بل بعضها حاصل وبعضها منتف؛ إذ وقوع الحدود من كل وجه يستلزم أو يتضمن تصريف الطرق. اهـ.
وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
وجهة نظر المخالفين:
بالنسبة إلى الشفعة بالشركة في المرافق هو أن الشفعة لا تثبت إلا في العقار المشترك شركة مشاعة، ولا تثبت بالاشتراك في المرافق كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -، وبالله التوفيق.
ـــــــــــــــــــ
1-الفتاوى الهندية: (5/160)، وحاشية ابن عابدين: (6/216)، وشرح مجلة الأحكام العدلية: (4/591)، وشرح العناية على الهداية، وحاشية السعدي: (7/406).
2- مواهب الجليل شرح مختصر خليل: (3/377).
3- مغني المحتاج: (2/296).
4- المغني: (5/255) حاشية المقنع: (2/256).
5- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
6- صحيح البخاري: البيوع: (2214)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
7- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
8- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
9- صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: البيوع: (1312)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، مسند أحمد بن حنبل: (3/357)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
10- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
11- سنن الترمذي: الأحكام: (1371).
12- صحيح البخاري: الشركة: (2496)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
13- صحيح البخاري: الشفعة: (2258)، سنن النسائي: البيوع: (4702)، سنن أبي داود: البيوع: (3516)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2495)، مسند أحمد بن حنبل: (6/10).
14- سنن أبي داود: البيوع: (3518).
15- المغني: (5/255).
16- مسند أحمد بن حنبل: (5/73).
17- المبسوط: (14/90).
18- أعلام الموقعين: (2/111).
19- أعلام الموقعين: (2/111).
20- مجموع فتاوى ابن تيمية: (29/178).
21- درر الأحكام شرح مجلة الأحكام: (4/672).
22- المنهاج ومعه شرحه المغني: (2/297).
23- المجموع: (14/132) والأرف: جمع أرفة كغرفة وهي الحد بين الشيئين.
24- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
25- مغني المحتاج: (2/297).
26- المغني: (5/259 -260).
27- التاج والإكليل على شرح مختصر خليل: (5/315).
28- سنن الترمذي: الأحكام: (1371).
29- المبسوط: (14/135).
30- صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: البيوع: (1312)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، مسند أحمد بن حنبل: (3/357)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
31- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
32- سنن أبي داود: البيوع: (3518)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310).
33- هكذا في المطبوع ولعل الصواب: ضرر المقاسمة.
34- المجموع: (30/381 -384).
35- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/372)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
36- المغني: (5/259).
37- سنن النسائي: البيوع: (4704)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، موطأ مالك: الشفعة: (1420).
38- الدرر السنية: (5/226).
39- صحيح البخاري: الشفعة: (2257)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/399)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
40- الفتاوى السعدية: (437).
41- المغني: (5/258).
42- مغني المحتاج: (2/296 -297).
43- المغني: (5/258).
44- الهداية: (4/34).
45- فتح القدير لابن الهمام: (7/434).
46- بداية المجتهد: (2/254)
47- مقدمات ابن رشد: (2/586 -589).
48- المدونة: (5/402).
49- سنن الترمذي: الأحكام: (1371).
50- بلوغ المرام ومعه شرحه السبل: (3/62).
51- المغني: (5/258).
52- الروض المربع: (2/402).
53- المحلى: (9/101).
54- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/399)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
55- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
56- المدونة: (5/402).
57- بداية المجتهد: (2/255).
58- مغني المحتاج: (2/298).
59- شرح النووي لصحيح مسلم: (11/46).
60- سنن النسائي: البيوع: (4704)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، موطأ مالك: الشفعة: (1420).
61- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
62- المغني: (5/256 -257).
63- شرح المنتهى: (2/434 -435).
64- سنن الترمذي: الأحكام: (1368)، سنن أبي داود: البيوع: (3517)، مسند أحمد بن حنبل: (5/
.
65- سنن الترمذي: الأحكام: (1369)، سنن أبي داود: البيوع: (3518)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2494)، مسند أحمد بن حنبل: (3/303)، سنن الدارمي: البيوع: (2627).
66- الهداية: (4/24 -25).
67- الإنصاف: (6/255).
68- مجموع الفتاوى: (30/383).
69- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
70- أعلام الموقعين: (2/126 -130).
71- سنن أبي داود: البيوع: (3518).
72- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
73- الدرر السنية: (5/224 -225).
74- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
75- المحلى: (9/121).
76- سنن الترمذي: الأحكام: (1368)، سنن أبي داود: البيوع: (3517)، مسند أحمد بن حنبل: (5/
.
77- صحيح البخاري: الشفعة: (2258)، سنن النسائي: البيوع: (4702)، سنن أبي داود: البيوع: (3516)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2495)، مسند أحمد بن حنبل: (6/10).
78- سنن الترمذي: الأحكام: (1369)، سنن أبي داود: البيوع: (3518)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2494)، مسند أحمد بن حنبل: (3/303).
79- الهداية: (2/24).
80- صحيح البخاري: البيوع: (2214)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
81- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/316)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
82- صحيح البخاري: الشركة: (2495)، صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
83- سنن النسائي: البيوع: (4704)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، موطأ مالك: الشفعة: (1420).
84- سنن أبي داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
85- سنن أبو داود: البيوع: (3515)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2497).
86- أعلام الموقعين: (2/122 -124).
87- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
88- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
89- انظر: أعلام الموقعين: (2/116 -126) ونيل الأوطار: (5/352 -353).
90- صحيح البخاري: الشفعة: (2258)، سنن النسائي: البيوع: (4702)، سنن أبي داود: البيوع: (3516)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2495)، مسند أحمد بن حنبل: (6/10).
91- سنن أبي داود: البيوع: (3518).
92- سنن الترمذي: الأحكام: (1368)، سنن أبي داود: البيوع: (3517)، مسند أحمد بن حنبل: (5/
.
93- سنن النسائي: البيوع: (4703)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2496)، مسند أحمد بن حنبل: (4/389).
94- أعلام الموقعين: (2/120 -121).
95- فتح الباري: (4/438).
96- سنن أبي داود: البيوع: (3518).
97- نيل الأوطار: (5/355).
98- سنن النسائي: البيوع: (4704)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296)، موطأ مالك: الشفعة: (1420).
99- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
100- أعلام الموقعين: (2/119، 125).
101- المغني: (5/257).
102- أعلام الموقعين: (2/117).
103- سنن النسائي: البيوع: (4703)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2496)، مسند أحمد بن حنبل: (4/389).
104- صحيح البخاري: البيوع: (2213)، سنن الترمذي: الأحكام: (1370)، سنن أبي داود: البيوع: (3514)، سنن ابن ماجه: الأحكام: (2499)، مسند أحمد بن حنبل: (3/296).
105- المحلى: (9/127).
106- أعلام الموقعين: (2/117).
107- انظر أعلام الموقعين: (2/122 – 124)
108- الهداية: (4/35 – 36).
109- المدونة: (5/441).
110- مغني المحتاج: (2/298).
111- الإنصاف: (6/252 – 253).
112- حاشية ابن عابدين: (6/223).
113- بدائع الصنائع: (6/2704).
114- الشرح الكبير ومعه حاشية الدسوقي: (3/425).
115- المجموع: (14/141).
116- المغني: (5/284).
117- الفتاوى السعدية: (438).
118- الفواكه العديدة في المسائل المفيدة: (1/397).
119- المبسوط: (14/99).
120- المدونة: (5/399).
121- شرح صحيح مسلم: (11/46).
122- صحيح مسلم: المساقاة: (1608)، سنن النسائي: البيوع: (4701)، سنن أبي داود: البيوع: (3513)، مسند أحمد بن حنبل: (3/310)، سنن الدارمي: البيوع: (2628).
123- المغني: (5/320 – 321).
124- موطأ مالك: الجامع: (1651).
125- صحيح مسلم: السلام: (2167)، سنن الترمذي: السير: (1602)، سنن أبي داود: الأدب: (5205)، مسند أحمد بن حنبل: (2/444).
126- موطأ مالك: الجامع: (1651).
127- صحيح مسلم: الجهاد والسير: (1767)، سنن الترمذي: السير: (1607)، سنن أبي داود: الخراج والإمارة والفيء: (303