الجريمة المستحيلة

الجريمة المستحيلة هي الجريمة التي يستحيل وقوعها وتحققها مهما بذل الجاني من جهد جهيد في سبيل ادراكها كما لو ضغط الشخص زناد مسدسة لقتل غريمة واذا به يفاجأ بان المسدس هو لعبة اطفال او مسدس صوت فقط او انه يطلق النار فعلا على عدوه فيتضح انه كان قد فارق الحياة قبل اطلاق الرصاص عليه او ان شخصا معينا يسرق شيئا يتضح انه مملوك له وهكذا

هذا وقد انقسم الفقه الجنائي في نطاق المعاقبة على الجريمة المستحيلة والرأي الاول وسمي بالمذهب المادي ــ الموضوعي ــ يذهب الى عدم المعاقبة على الجريمة المستحيلة وحجتهم في ذلك تستند الى ان الشروع في الجريمة يستلزم البدء بتنفيذ فعل الامر الذي يستحيل تصورة طالما كان ارتكاب الجريمة اصلا مستحيلا

وبمعنى اخر انه طالما كان الركن المادي للجريمة المستحيلة لا يمكن ارتكابة فانه لا جريمة وبالتالي لا يمكن المعاقبة على جريمة لا يمكن ان تقع

اما الرأي الفقهي الثاني ويسمى بالمذهب الشخصي فيذهب الى ضرورة النظر لغرض الفاعل وخطورته فمرتكب الجريمة المستحيلة وان كان فعلا لا يمكن ان يصل الى تحقيق هدفة من الجريمة الا ان ارتكابة افعالها تشير بوضوح الى نفسيتة الاجرامية وما يعتمل سلوكة من خطورة اجرامية مما يتعين عقابة عن ارتكابها

وهذا في الواقع ما حدا بغالبية التشريعات المعاصرة على اعتبار الجريمة المستحيلة بمثابة الشروع وعاقب مرتكبها بعقوبتة كقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنه 1969 المعدل حيث نصت المادة 30 منه على انه ويعتبر شروعا في ارتكاب الجريمة كل فعل صدر بقصد ارتكاب جناية او جنحة مستحيلة التنفيذ اما لسبب يتعلق بموضوع الجريمة او بالوسيلة التي استعملت في ارتكابها ما لم يكن اعتقاد الفاعل صلاحية عمله لاحداث النتيجة مبنيا على وهم او جهل مطبق

ويتضح من حكم النص المتقدم بأنه لكي يمكن المعاقبة على ارتكاب الجريمة المستحيلة لا بد من توافر الشروط التالية

اولاــ وقوع الفعل بقصد ارتكاب جناية او جنحة

ومعنى ذلك انه لا يمكن المعاقبة عن الجريمة المستحيلة الا اذا كانت من نوع الجنايات او الجنح اما المخالفات فأنها لبساطتها لا تكون محلا للمعاقبة على مرتكبها اذا كانت مستحيلة التنفيذ كونها لا تنم عن خطورة مرتكبها كما هي الحاله بالنسبة للجنايات و الجنح

ثانياــ استحالة تحقيق الجريمة لسبب يتعلق اما بموضوع الجريمة او بالوسيلة المستخدمة فيها

وتتحقق استحالة الجريمة بسبب موضوعها كما لو اطلق الفاعل النار على المجنى عليه ولكنه ثبت من التحقيق انه كان قد مات قبل اطلاق الرصاص عليه او كمن استولى على مال بقصد سرقتة فاتضح له بعد ذلك ان المال مملوك له

هذا وتتحقق الجريمة المستحيلة بسبب وسيلة ارتكابها كمن يطلق من مسدس معين اطلاقات لقتل عدوه الا انه يتضح بان هذا المسدس مجرد مسدس صوت او يتضح ان المسدس وان كان حقيقيا الا انه خال من الرصاص

ثالثاــ الا تكون الجريمة وهمية

ومعنى ذلك انه لا عقاب على من يرتكب افعالا بقصد ارتكاب جريمة وكانت هذه الافعال مبنية على جهل ووهم مطبق كالمرأة التي تذهب لفاتحي الفال او السحرة بغية الاستعانه بالشياطين لقتل زوجها الذي تزوج من امرأة اخرى وغيرها من هذه الصور

هذا وتجدر الاشارة الى ان الجريمة المستحيلة ليست شروعا كما عبر عنها قانون العقوبات العراقي النافذ وكما اعتقد العديد من شراع القانون الجنائي وانما هي جريمة مستقلة لذاتها اي جريمة خاصة والسبب في ذلك ان ارتكاب الجريمة المستحيلة محكوم بالاستحالة التامة اي انها لا يمكن ان ترتكب مهما بذل الفاعل من مجهود اما الشروع فهو محكوم بالامكان اي امكان التحقق لولا تدخل اسباب خارجة عن ارادة الفاعل حالت دون تحقق النتيجة