منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Ql00p.com-2be8ccbbee

 

  الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

   الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Empty
مُساهمةموضوع: الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة      الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة Emptyالإثنين يناير 28, 2013 11:17 am

الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة.
أ/ سليم حميداني -جامعة قالمة-

مقدمة:
تمثل نهاية الحرب الباردة حدثا محوريا في تاريخ العلاقات الدولية، فلقد أدى حسم الصراع الإيديولوجي بين المعسكرين الشرقي والغربي إلى شعور بالراحة والتفاؤل بين شعوب العالم، خاصة مع تبلور أمال السلام الشامل، خاصة لما برزت لدى خصوم الماضي نية في تخفيض أسلحتهم النووية والتقليدية بصورة كبيرة، كما وجد الزعماء الجدد سبلاً للتعاون بشأن مجموعة من القضايا الدولية تتجاوز شبح المواجهة النووية الذي خيم طوال فترة الحرب الباردة ، لذا فقد عقد الكثيرون الآمال على أن تشكل روح التعاون إطارا لمستقبل البشرية ،تحذوهم في ذلك رغبة جديدة في العمل كمجتمع دولي متكامل، إلا أن أحداث العقد التالي أثبتت أن ذلك التفاؤل كان سابقا لأوانه، فقد ظلت مخاوف اندلاع الحروب خلال تسعينات القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين تخيم على مناطق كثيرة من العالم.
في ظل هذا الوضع الخطير تعاظمت الرغبة الدولية في تجنب النزاعات، وتجنب أسبابها عن طريق تطبيق ما يعرف بالدبلوماسية الوقائية، هذا النمط من الدبلوماسية الذي حظي باهتمام الباحثين والساسة، اعتبر كضرورة أملتها الوقائع الجديدة من جهة، والآمال المعلقة على الدور الجديد لمنظمة الأمم المتحدة.
إن الاعتقاد بأهمية الدبلوماسية الوقائية كآلية تعتمدها المنظمة الأممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة يدفع إلى طرح الإشكالية التالية:
كيف يمكن للأمم المتحدة أن تجعل من الدبلوماسية الوقائية آلية فعالة في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة ؟
- - Iمدخل لدراسة الدبلوماسية الوقائية
1- مفهوم الدبلوماسية الوقائية
تندرج الدبلوماسية الوقائية ضمن إطار أشمل هو الدبلوماسية ، وهي تتمثل في الوسائل المعتمدة في الوقاية من الأزمات، و في المجهود الواجب إتباعه من أجل إبقاء الخلاف بين طرفين أو أكثر في مستوى سياسي، و محاولة معالجة الأسباب التي من شأنها أن تطور هذا الخلاف إلى مرحلة العنف.
تعود الأصول الأولى للدبلوماسية الوقائية في التوظيف إلى الفترة التي تشكلت فيها المنظمة الأممية بعد الحرب العالمية الثانية ،وذلك حين نادى أمينها العام الأول تريجفي لي Trygve Lie بضرورة أن يكون للأمم المتحدة هيئة أركان على غرار الجيوش النظامية يكون بمقدورها التصدي لمخاطر الحروب .
وضمن الإطار ذاته وبشكل أكثر فعالية أصل خليفته داغ همرشولد Dag Hammarskjold مفهوم الدبلوماسية الوقائية حين تحدث صراحة عن العمل الدبلوماسي الذي يتوجب على المنظمة الأممية سلوكه كخيار وقائي من النزاعات الدولية، ولقد واصل كيرت فالدهايم Waldheim Kurtممارسة الدبلوماسية الوقائية في معالجة النزاعات الحدودية وتطورات النزاع في الشرق الأوسط خاصة سنة 1973 .
أضاف خافيير بيريز ديكولار Javier Perez de Cuellar إلى مفهوم ممارسة الدبلوماسية الوقائية من ناحيتين هامتين:
- مناداته بتأسيس نظرة عالمية شاملة بشأن تهديدات الأمن و الرفاه الإنساني
- تأسيسه مصلحة ضمن مكاتب الأمانة العامة كرست لجمع وتحليل المعلومات المطلوبة لمساعدة الأمين العام ،وإطلاع مجلس الأمن حول الحالات التي يمكن أن تهدد الأمن والسلم الدوليين
بالنسبة للأمين العام بطرس بطرس غاليBoutros Boutros Ghali فقد كتب سنة 1992 تقريرا عن دور الأمم المتحدة المستقبلي في عام ما بعد الحرب الباردة بخصوص منع النزاعات وصنع وحفظ السلام، وهو التقرير الذي قاده لتقديم ما عرف ب:أجندة من أجل السلام ، والتي كانت إحدى أكثر الوثائق تأثيرا في المسار الفكري للدبلوماسية الوقائية ،ولقد زاول بطرس غالي الدبلوماسية الوقائية في حالة النزاع اليمني الإريتري ،وقاد إقتراحه إلى تأسيس الانتشار الوقائي الأول لجنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة في مقدونيا سنة 1992.
وفي الإطار ذاته دفع كوفي عنان Annan Kofi بالدبلوماسية الوقائية نحو تطور أكبر وأعطى اهتماما ملحوظا بالإستراتجيات الوقائية ، وضن هذا السياق قدم كوفي عنان ثلاث تقارير عن الدبلوماسية الوقائية أخرها التقرير الذي صنف الإجراءات الوقائية إلى إجراءات هيكلية –عملية شاملة.
مارس كوفي عنان الدبلوماسية الوقائية بنجاح في مواقف أبرزها النزاع الحدودي بين نيجيريا و الكاميرون حول شبه جزيرة باكاسي Bakassi، ولقد أعلن الأمين العام الثامن بان كي مون Ban Ki-moon في أكثر من مناسبة عن رغبته في تعزيز الدبلوماسية الوقائية والدفع بها أكثر إلى الأمام .
2- الدبلوماسية الوقائية :المحتوى والأبعاد
حين إبتكر داغ همرشولد Dag Hammarskjoldمصطلح الدبلوماسية الوقائية فإنه أراد تطوير دور مستقبلي للأمم المتحدة في التعامل مع أزمات الحرب الباردة التي لم تكن في الخط المباشر للمجابهة بين المعسكرين ،وذلك بإبعاد الدول عن الوقوع في خطر ذلك التنافس ،وبما أن عزل بعض الحالات عن دائرة المجابهة كان سببه في الأساس وقائيا، فإن مصطلح الدبلوماسية الوقائية أعطي ما أصبح محتواه الحالي :
- دبلوماسية لمنع النزاعات قبل أن تحدث ، لتحفيف أثارها إذا حدثت ، ولمنع تكرارها بعد انتهائها، وعلى الرغم من التفضيل المعروف في ممارسة الأمم المتحدة لاستعمال المصطلح الأوسع منع النزاع ،فإن مصطلح الدبلوماسية الوقائية يبقى المفهوم الرئيسي، مرتبطا في ذلك وبشكل وثيق بتجربة الأمين العام لها تحت إطار المادة 99 من الميثاق الأممي.
وفق للمادة 99 من ميثاق الأمم فإنه بإمكان الأمين العام توجيه انتباه مجلس الأمن لأي مسألة يرى بأنها تهدد الأمن والسلم الدوليين ،كما أن الجمعية العامة قد تناقش أي قضية ضمن هذا المسعى تعرضها دولة عضو أو غير عضو في الأمم المتحدة ،وتحت الفقرة 3من المادة 11 يشير الميثاق إلى أن الجمعية العامة قد تستدعي اهتمام مجلس الأمن إلى الحالات التي ينظر إليها على أنها قد تهدد الأمن والسلم في العالم، وبإمكان مجلس الأمن ممارسة المهمة ذاتها ،كما أن محكمة العدل الدولية لها سلطة الإخطار في الحالات التي توكل للسلطة القضائية بشأن ما يرى أنه تهديد للأمن .
3- الدبلوماسية الوقائية وتقدير الخطر في عالم ما بعد الحرب الباردة .
عندما أسس الأمين العام بطرس غالي قسم الشؤون السياسية في الأمانة العامة للأمم المتحدة سنة 1992 عرض المهام الخمس التي يجب أن تنفذ في إطار مساندة ودعم جهود الوقاية وصنع السلام، وهذه المهام هي على النحو الأتي:
1- جمع المعلومات بشأن النزاعات المحتملة أو الواقعة فعلا.
2- تحليل هذه المعلومات لتمييز الحالات التي يمكن للأمم المتحدة بالاتفاق مع الأطراف المعنية أن تؤدي فيها دورا وقائيا فعالا ، وأن تكرس أسس صنع السلام .
3- تحضير التوصيات للأمين العام حول الأشكال المحددة لذلك الدور.
4- مساعدة الأمين العام في الحصول على صلاحيات التصرف من الحكومات ذات الصلة بالنزاع.
5- تنفيذ السياسة المصادق عليها .
يشتمل قسم الشؤون السياسية أربع أقسام إقليمية مع مكتب موظفين يغطى كل بلد من العالم ، وكل مسؤول مكتب يغطى من خمسة إلى ستة بلدان ، ووفق هذا التقسيم فإن كل مسؤول مكتب يتابع التطورات السياسية في المنطقة الموكلة إليه ،من أجل تزويد الأمين العام ومرؤوسيه بخلفية ومتابعه دائمة عن أحدث تحليل للأخطار التي يمكن أن تسبب اضطرابا أو أزمة أو نزاعا .
ومن أجل التكوين المتواصل لهؤلاء المسؤولين فإنهم يجرون تدريبات دورية بخصوص تحليل الأخطار،ولقد نفذ في بداية 1996 برنامج تدريبي شامل تحت رعاية كلية أركان الأمم المتحدة ،وعلى مدار السنوات التالية حضر مئات من مسؤولي الأمم المتحدة من عدة أقسام الجلسات التدريبية في تحليل الأخطار ،وفي الإنذار المبكر والدبلوماسية الوقائية .
لقد طرح مجلس الأمن سياسات مهمة بشأن العمل الوقائي في عدد من البيانات والقرارات، ويعد قرار 1366(2001 ) إحدى أهم هذه القرارات ، والذي يلخص سياسات مجلس الأمن في هذا الصدد، حيث ينطلق من مسلمة أن منع النزاع يقع ضمن مسؤوليات الدول الأعضاء ،فهذه الأخيرة يجب أن يضبط سلوكها الخارجي وفق معايير القانون الدولي ،ويجب أن تحل نزاعاتها سلميا، وعلى هذا الأساس فإنه أبدى رغبته في إعطاء اعتبار عاجل للإنذار المبكر و سبل الوقاية التي يشير بها الأمين العام ،خصوصا بشأن التهديدات المحتملة مع الأخذ بعين الاعتبار - بالإضافة إلى هذا التقييم- الأبعاد الإقليمية والإقليمية الفرعية ذات الصلة .
II- أدوات وإستراتيجيات دبلوماسية الأمم المتحدة الوقائية
تعد الدبلوماسية الوقائية خيارا يقترن بجملة من الجوانب الشكلية والمضامينية، وذلك ما يقتضي الاعتماد على جملة من الأدوات والإستراتيجيات يمكن إدراجها على النحو التالي:
1-أدوات الدبلوماسية الوقائية
تتمثل هذه الأدوات فيما يلي:
1-1 - إجراءات بناء الثقة:
إن بناء الثقة وإبداء حسن النوايا عاملان أساسيان في تقليل احتمالات استخدام العنف كوسيلة لحل النزاع بين الدول وعلى مستوى الدولة ، ولقد أتاحت الأمم المتحدة للعديد من المنظمات الإقليمية فرصة التنسيق معها حول الإجراءات التي يمكن أن تتخذ لتقليل احتمالات انفجار الأزمات واندلاع النزاعات ومعالجتها وفقا لأحكام الفصل الثامن من الميثاق الأممي ، وهناك العديد من الإجراءات المتاحة للحكومات التي تتوفر لديها الرغبة الجادة في إتباعها، فتبادل البعثات العسكرية بصفة منتظمة، وإنشاء آليات لمراقبة تطبيق الاتفاقات الإقليمية الخاصة بالحد من انتشار العنف ، تعتبر من الأمثلة الناجحة لتلك الإجراءات .
1-2- تقصي الحقائق:
يدرج الأمين العام للأمم المتحدة لجان تقصي الحقائق ضمن أدوات الدبلوماسية الوقائية في أجندة العمل من أجل السلام ، وهذه اللجان تعنى بالوصول إلى حقائق دقيقة ومعرفة الأوضاع التي تهدد باندلاع العنف ، وهناك متطلبات تقف وراء إرسال لجان تقصي الحقائق ، وهذه المتطلبات تتلخص في الوصول إلى فهم واضح للتطورات والاتجاهات بالاستناد إلى تحليل سليم للأوضاع ، فإذا ما أخذت الجذور الاقتصادية والاجتماعية للنزاعات التي يمكن أن تحدث فإن المعلومات التي تحتاج إليها الأمم المتحدة يجب أن تحتوي على الاتجاهات والتيارات الاقتصادية والاجتماعية والتطورات السياسية التي يمكن أن تقود إلى إثارة التوتر،ويقدم الأمين العام للأمم المتحدة رؤيته من خلال النقاط التالية :
- الاعتماد المتزايد على أسلوب تقصي الحقائق بما يتفق مع أحكام الميثاق ، وذلك بمبادرة من الأمين العام لتمكينه من مقابلة مسؤولياته بحكم المادة (99) من الميثاق ، أو مبادرة من مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فإذا طلبت دولة عضو بالأمم المتحدة إرسال بعثة لتقصي الحقائق فإن على الأمم المتحدة أن تتجاوب بسرعة .
- يمكن لحكومات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تمد الأمين العام بمعلومات مفصلة حول الأوضاع ذات الاهتمام المشترك، وذلك حتى يتمكن من قيادة دبلوماسية وقائية ناجحة.
- يمكن لمجلس الأمن والجمعية العامة أن يبعثا بلجان تقصي الحقائق تحت سلطتهما المباشرة، و قد يدعو الأمين العام أيا منهما لاتخاذ خطوات بما فيها تعيين مبعوث خاص ، وبالإضافة لمهمة جمع المعلومات التي تساعد على اتخاذ القرار ، فإن بعثة تقصي الحقائق تساعد في إبعاد احتمال الحرب بمجرد وصولها إلى منطقة النزاع ، وذلك بما تعكسه من اهتمام من قبل المنظمة الدولية حيث تقوم البعثة بتقييم الأوضاع لمعرفة درجة ما يمثله الاضطراب من تهديد للأمن واحتمالات لانفجار العنف، وفي أوضاع استثنائية يمكن لمجلس الأمن أن يجتمع بعيدا عن مقره كما ينص ميثاق الأمم المتحدة ليس لمجرد التعرف مباشرة على واقع الأمور فحسب، وإنما لكي ينقل سلطة المنظمة إلى منطقة النزاع لترى عن قرب الأوضاع.
1-3- الإنذار المبكر
لقد بدأ نظام الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة في تطوير شبكة هامة للإنذار المبكر لمواجهة الأخطار البيئية وأخطار الكوارث الطبيعية،وما يمكن أن ينجر عن التسربات أو الأخطاء النووية، وأثار الهجرة الجماعية للسكان وأخطار المجاعة وانتشار الأمراض .
تشير أجندة السلام إلى أن هناك حاجة ملحة لتقوية الترتيبات التي تمكن من إحلال السلام مثل وضع مؤشرات سياسية لتقييم التهديدات التي تواجه عملية السلام ، وبحث الإجراء الذي يمكن أن تتخذه الأمم المتحدة .
إن هذه عملية تتطلب التعاون الوثيق بين مختلف أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة ومكاتبها في الخارج ، وكانت الأجندة الموضوعة عام 1992 قد أوصت بأن يعمل مجلس الأمن بالتنسيق مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي بعد إعادة هيكلته على تصور أفضل الطرق للوقاية من التهديدات .
1-4- النشر الوقائي للقوات :
ترسل الأمم المتحدة عادة قوات إلى مناطق النزاعات بعد اندلاع العنف ، وهذه القوات يمكن أن تنشر بطلب من دولة بعينها أو الدول أطراف النزاع أو برضها ، وهذا الطلب يمكن أن يتم عندما يشعر طرف أو أطراف النزاع بأن وجود قوة دولية على حدودهما يقلل من احتمالات انفجار العداءات ،كما يمكن أن يتم عندما تشعر دولة بأنها مهددة من قبل دولة أخرى ، وتبعا لذلك تنشر الأمم المتحدة قوات وقائية بعد أن تتوفر لديها المعلومات الضرورية لنشر القوة بمختلف الوسائل ، ويتطلب ذلك أن تكون مهمة القوة واضحة للجميع وأن تصمم بعناية.
في حالة النزاع الداخلي وبموافقة الدول المعنية وأطراف النزاع الداخلي يمكن للدبلوماسية الوقائية أن تلعب دورا بوسائل مختلفة لتخفيف المعاناة، وتقليل احتمالات العنف، فالمساعدات الإنسانية على سبيل المثال إذا ما قدمت بدون تحيز تلعب دورا هاما ، كما يلعب إرسال قوات عسكرية دورا هاما في تأمين توصيلها ، فهذا من شأنه أن يهيئ الظروف الملائمة لإحلال الأمن ، والتي يمكن في ظلها الترتيب لعقد مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين أطراف النزاع ، وفي ظروف محددة يمكن للأمم المتحدة أن تساعد في دفع جهود المصالحة بالاستعانة بالخبرات والمهارات المتخصصة وبمواردها التي يمكن أن توفرها ، وهذا النوع من العمليات يتطلب من وقت لآخر مشاركة المنظمات غير الحكومية .
وحيث تثور مسألة السيادة في مسألة التدخل في الأوضاع الداخلية لدولة فإن الأجندة تشير إلى ضرورة احترام مبدأ سيادة الدول ، وإذا لم تفعل الأمم المتحدة فإنها تخالف بذلك الميثاق ونص المادة 2/7 من أحكام الفصل الأول للميثاق ، وبالتالي فإن المنظمة يجب أن تبقى ملتزمة بالتوازن الذي توصلت إليه الدول الأعضاء من التفاوض بشأن المبادئ التي يمكن أن تهتدي بها والملحقة بقرار الأمم المتحدة رقم 182/46 الصادر في ديسمبر عام 1991 .
في حالة النزاع بين دولتين أو أكثر فإن الأمين العام يمكن أن يوصي لدى مجلس الأمن بإرسال قوة وقائية برضا الأطراف المعنية لوقف العداء ،من خلال نشر القوة في إقليمي الدولتين ، ولنجاح تلك المهمة لابد من تحديد كيفية تواجد القوة الوقائية ، كما يجوز للأمين العام أن يوصي بنشر تلك القوة الوقائية برضا الدولة المعنية ، وفي هذه الحالة فإن طبيعة الوضع تحدد اختصاص القوة ومهمة موظفيها الذين سيضطلعون بها.
2- إستراتيجيات دبلوماسية الأمم المتحدة الوقائية
2-1- استراتجيات الوقاية العملية
إن الحديث عن الوقاية العملية لا بد أن يتناول إستراتجيات مواجهة الأزمة باعتبارها أولى مراحل النزاع ،فهناك في أدبيات الدبلوماسية الوقائية من الفرص المتاحة ما يمنع حدوث العنف أو يحد منه إذا حدث، ففي رواندا على سبيل المثال توفرت على الأقل فرصتان للمجتمع الدولي لممارسة التأثير باتجاه درء الكارثة التي حلت بها خلال الفترة من أفريل إلى جويلية علم 1994، فقد سنحت الفرصة الأولى خلال الأشهر التي سبقت عمليات القتل الجماعي، ذلك أنه بمجرد استئناف الحكومة الرواندية التفاوض مع الجبهة الوطنية الرواندية في أروشا بتنزانيا - التي تمخضت عنها اتفاقات أروشا- ، بدأ عدد من صانعي القرار في عواصم إفريقية يحذرون بصفة متكررة من احتمال قيام متطرفي الهوتو التي نظمت لها مليشيات سميت بالانترهاموي (Interhamwe) بعمليات عنف تستهدف الأقلية التوتسية،ولكن دول المنطقة والمجتمع الدولي لم يعيروا تلك التحذيرات أي انتباه.
أما الفرصة الثانية فقد سنحت عندما انطلقت عمليات العنف الجماعي بداية بكيغالي العاصمة دون أن يتحرك المجتمع الدولي لاحتوائها في ذلك الإطار فاتسعت رقعتها إلى جميع أنحاء رواندا رغم مناشدة السكرتير العام للأمم المتحدة التي دعا فيها مجلس الأمن إلى نشر قوات وقائية لوقف عمليات الإبادة العرقية .
وعلى العكس من ذلك فهناك في المقابل العديد من الأمثلة التي تشير إلى أن المجتمع الدولي استغل الفرص التي سنحت له لدرء النزاع في وقت مبكر .فقد بادر مجلس الأمن الدولي على سبيل المثال بنشر أول قوة حفظ سلام وقائية(Preventive Deployment) في مقدونيا عام 1992،وكذلك القوة الوقائية التي نشرتها دول أمريكا في غواتيمالا عام 1993،بينما تداعت أزمة رواندا دون تدخل يذكر لتشمل منطقة البحيرات كلها،مما يثبت للمجتمع الدولي والإقليمي أن للنزاعات خاصية تداولية(Recurring Nature) .
تقع مسؤولية الوقاية العملية وفقا للحالات المذكورة والتجارب السابقة على عاتق المتأثرين بالأزمة المستفحلة،وذلك طالما أن أطراف النزاع لا يستطيعون الوصول إلى حلول من جانبهم للنزاع،وبالتالي فإن قيام أطراف خارجية بهذه المهمة يعتبر ضروريا في كثير من الأحيان،فمن الأهمية أن تتضافر الجهود الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية التي يقوم بها أطراف خارجية لتفادي الأوضاع المأساوية.كما يجب أن تنسق هذه الجهود ،وتخطط بعناية لأنها قد تأتي بنتائج عكسية حتى ولو توفر حسن النية لدى الأطراف المتدخلة .
تعتمد الوقاية العملية في الأساس على الالتزام الطوعي والمبكر للطرف الثالث لخلق الظروف المواتية التي تمكن القادة لدى أطراف النزاع من تجاوز أسباب المشكلة قبل أن تستفحل،وهذا الالتزام يجب أن تقابله أربعة من العناصر التي لا تؤدي بالضرورة إلى حل النزاع،وإنما قد تساعد على حله،وهي :
1- لا بد من وجود لاعب قيادي (Lead-Player) أو(Preventor) قد يكون منظمة أو دولة أو شخصا محددا يتمتع بدرجة من المصداقية لدى أطراف النزاع ، يتيسر له حشد الجهود الوقائية لدى أطراف النزاع واستغلالها باتجاه درئه .
2- وجود نهج سياسي وعسكري متسق يهدف إلى وقف العنف وتلبية الاحتياجات الإنسانية التي تقف خلف النزاع، وربط جوانب المشكلة السياسية والعسكرية ببعضها البعض.
3- توفير الموارد الكافية لتغطية التزام الطرف الخارجي بدعم العملية الوقائية وبصفة خاصة في حالات النزاع الداخلية.
4- وجود خطة واضحة لاستعادة السلطة في الدولة المعنية بالنزاع الداخلي بعد تسويته.
تمثل العناصر الأربعة المذكورة الإطار العملي لمختلف الإجراءات الوقائية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية ، وهي تفتح الفضاء السياسي لعملية الحل وتمنح الوقت الضروري لمتابعته بوسائل عديدة.
2-2- استراتيجيات الوقاية الهيكلية
يطلق على الوقاية الهيكلية مصطلح بناء السلام وهي تقوم على الأسس التالية:
أ-الأمن:
أولا : الأمن بين الدول
من الطبيعي أن لا يعيش الإنسان في بيئة تهدد بقاءه ،ومعظم النزاعات المسلحة عبر التاريخ اندلعت بسبب سعي الإنسان إلى تحقيق أمنه وأمن المكان الذي يعيش فيه ،وفي الواقع العالمي نجد أن هناك مهددات أمنية في مقدمتها التهديد الذي تمثله الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل واحتمالات المواجهة بالأسلحة التقليدية بين الجيوش ،ثم مصادر النزاعات الداخلية كالإرهاب والجريمة المنظمة.
إن كون الأسلحة النووية أسلحة فتاكة فهي تشكل مشكلة وقائية في غاية الأهمية،وبالتالي فإن تدمير هذه الأسلحة يجب أن يصاحبه تغيير موضوعي في السلوكات السياسية وممارسات إدارة شؤون الدولة والعلاقات الدولية ، وقد تقدمت لجنة كارنيجي Carnegie في دراستها حول الوقاية من النزاعات المحلية باقتراح يدعو إلى أن تقوم الحكومات التي تمتلك أسلحة نووية بإلغاء آليات إجراءات الإنذار ، والتي تعتمد على الأسلحة النووية المتوفرة،وأن يحدد هدف بمقتضاه يتم إزالة الأسلحة من وضع الانتشار السريع(بمعنى أن تفكك) بحيث يتطلب استخدامها إعادة تركيبها من جديد،ويصاحب هذه الخطوة ترتيبات متعددة الأطراف تؤكد على الاستقرار والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
تسود في عالم اليوم نزاعات بين دول الجوار التي قد تمتلك واحدة أو أكثر منها أسلحة نووية وهذا يتطلب جهدا دوليا للحد من قيام هذه الدول باستخدام هذه الأسلحة في حالة أي مواجهة تحدث بينها ،وذلك بالتأكيد على التزام الدول النووية المادة السادسة من معاهدة حظر الانتشار النووي والتي تدعو الدول الأعضاء إلى التجاوب لوضع برنامج دولي لنزع السلاح النووي تحت الرقابة الدولية الدقيقة والفاعلة .
ليست هذه الأسلحة النووية الوحيدة التي تثير مشكلة وقائية وإنما هناك أيضا الأسلحة البيولوجية والكيميائية والتي شملتها عدة بروتوكولات واتفاقات فيما يتعلق بضبطها والقضاء عليها ،وبالرغم من ذلك فإن التقدم الذي أحرزته هذه الاتفاقات ضئيل للغاية بحيث لا توجد معاهدات ملزمة تنص في أحكامها على التفتيش والإلزام،كما أن المجتمع الدولي في حاجة لإجراء رقابة منتظمة للمركبات الكيميائية ومعرفة حجم المخزون عملا بمبدأ الشفافية ولتجنب سوء استخدامها .
أما فيما يتعلق بالأسلحة التقليدية فيمكن أن تبذل جهود للحد من انتشارها في العالم ،فالدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن هي التي تسيطر على تجارة الأسلحة التقليدية ،وبإضافة ألمانيا إلى هذه الدول نجد أن حجم تجارتها بالسلاح يصل إلى 90% من حجم تجارة السلاح في العالم .
إن من الأهمية أن تضع الحكومات مسألة الرقابة على الأسلحة التقليدية في الأولوية فيما تعلق بأجندتها الأمنية القومية ومتعددة الأطراف.
ثانيا - الأمن داخل الدولة :
إن انتفاضات الجماعات والإرهاب السياسي والجريمة المنظمة من بين الأسباب التي تقف وراء ظاهرة العنف داخل الدولة،وقد وضعت لجنة كارنيجي Carnegie ثلاثة أسس يمكن أن تمثل إطارا لقيام نظام عادل يتميز بالاستقرار الداخلي وهي :
- وجود نظام للقوانين يستمد أساسه من الداخل الوطني أو من الشرعية، وينشر بصفة واسعة ويكون مفهوما وواضحا للجميع.
- وجود سلطة أمنية دائمة ومرئية وعادلة ونشطة لدعم القوانين.
- استقلالية الجهاز القضائي ووجود نظام جنائي فعال.
هذه العناصر الأساسية رغم أنها حيوية إلا أنها صعبة التحقيق، وتتطلب عناية خاصة ومستمرة من خلال العملية الديمقراطية، كما يمكن للحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص الذي يعمل على المستوى العالمي أن تلعب دورا هاما للحفاظ على الأمن الداخلي وذلك عبر:
- تطوير القواعد والممارسات التي تحكم العلاقات بين الدول لتفادي نزاعات وحلها إن حدثت، ولتشجيع الدول على ممارسة أساليب الإدارة والحكم الرشيد.
- تقليل التهديدات العسكرية ومصادر عدم الأمن بين الدول بما في ذلك التي تسهم في إثارة عدم الاستقرار الداخلي للدول والقضاء عليها تدريجيا.
- تفادي إثارة النزاعات بين الدول أو داخل الدولة وفتح المجال لتدخل أطراف ثالثة.
ب- الرفاهية:
يقصد بالرفاهية أن تتوفر للأفراد الحاجات الأساسية بما في ذلك مستوى الخدمات الصحية والتعليم والعمل ومن هنا فان الرفاهية تمثل شرطا هاما تستطيع الدول من خلاله ضمان عدم تدهور المستوى المعيشي ، وتتيح الحصول على تنمية اقتصادية واجتماعية ،ويمكن التأكيد أن النمو الاقتصادي بدون المشاركة الواسعة في فوائده لن يؤدي إلى انحسار الميل للجوء للعنف، بل سيؤدي ذلك إلى تصعيد التوتر لان جل الاضطرابات تنشا من الإحساس بعدم التساوي في الفرص الاقتصادية .
إن توزيع الفوائد الاقتصادية على المجتمع يعتبر مسالة سياسية يمكن التوصل إليها بقرارات سياسية تتعلق بتنويع التنظيم الاقتصادي الذي سيقرره المجتمع ويشمل ذلك طبيعة ومستوى التزام الحكومة بأنشطة القطاع الخاص .
ج- العدالة:
يعد حكم القانون ظاهرة صحية للتنظيم الاجتماعي ، سواء كان ذلك على المستوى الوطني أو المستوي الدولي ، وأي خطوة من شأنها أن تدعم هذا الاتجاه والحفاظ عليه ،هي في حد ذاتها خطوة في نظام حكم القانون ، فهو هدف يشكل الأساس لإدارة العلاقة بين الجماعات والشعب بمختلف فئاته بصفة عادلة ، فوجود نظام قانوني سليم يدعم حقوق الإنسان الأساسية ، ويوسع المشاركة في الحكم ، ومن خلال مقابلة الحاجات الاجتماعية لمختلف الجماعات ، وتوفير الفرص الاقتصادية العادلة .
أولا: العدالة الدولية
إن جهود الدول فيما تعلق منها بإرساء سبل العدالة تتضمن تطوير القانون الدولي العام وبالتأكيد على ثلاثة ميادين هي : ميدان حقوق الإنسان ، وميدان القانون الإنساني ، والتأكيد على دور الأمم المتحدة فيه ، ثم ميدان البدائل غير العنيفة في تسوية النزاعات مع التأكيد على وجود آليات مرنة للوساطة في النزاعات الداخلية والتحكيم والاعتراف بالمظالم والمصالحة الاجتماعية .
ثانيا: العدالة داخل الدولة
لا يوجد هناك من بين الحقوق السياسية للشعوب ما هو أهم من السماح لها بإبداء رأيها بشأن السياسة التي تحكم بها ، وهذا يعني في حد ذاته مشاركة الشعوب في اختيار حكوماتها وحقها في تغييرها متى ما رأت ذلك بالوسائل الديمقراطية ، وهذا يؤكد للشعوب بأن بإمكانها أن تحسن من ظروفها من خلال إدارة الصدامات الحتمية التي قد تظهر من وقت لآخر بين الجماعات، فالديمقراطية تقوم بهذا الدور، وتحقق هذا الهدف من خلال التوفيق بين المصالح المتعارضة بتنظيمها ، والسماح بتحقيقها من خلال عمليات تتسم بالشفافية على مستوى الحكومة ، وتحتاج النظم الديمقراطية المستدامة إلى نظام قضائي عادل وفعال .
فالحكومات ذات المشاركة السياسية الواسعة والتي تعتمد على حكم القانون تقلل من احتمالات أن تلجأ للعنف لحل مشاكلها، وكذلك صياغة فترات انتقالية من خلال حكم تتسع فيه قاعدة المشاركة في السلطة، أو استعادة الشرعية للسلطة بعد فترة من الفوضى ، وهناك عدة أشكال للمشاركة في السلطة ولكنها تتفق كلها في أنها توفر قدرا كبيرا من المشاركة في جهود إعادة البناء وتوفير الموارد الكافية لضمان توفير الفرص الاقتصادية والسياسية ، وضمان قيام أطراف ثالثة بالتدخل بطريقة بناءة إذا دعت الضرورة .
إن الفارق بين استراتيجيات الوقاية العملية واستراتيجيات الوقاية الهيكلية هو أنه :
تعمل الإستراتيجيات الأولى قبل انفجار الأزمة أو اندلاع النزاع أو بعد اندلاعه، فيما الاستراتيجيات الثانية تعمل بعد تسوية النزاع وتهدف إلى تجنب اندلاعه مجددا ،ولذلك سميت استراتيجيات بناء السلام ،بمعنى بناء هياكل ومؤسسات جديدة تلبي الحاجات الإنسانية لمختلف الجماعات.
إن الأمم المتحدة من خلال هذه الاستراتيجيات هي أحرص ما تكون على أن تجنب المجتمع الدولي مخاطر الانزلاق في المواجهات العسكرية كحل لإنهاء الخلافات بين الدول أو ضمن الدول.

خـاتـمـــة
ظل النهج الوقائي preventive approach) )المتبع من منظمة الأمم المتحدة نهجا محوريا لفض النزاعات ،وفي ظل التغيرات التي أحدثتها نهاية الحرب الباردة تعاظمت الرغبة الدولية في تجنب النزاعات والحيلولة دون تحقق أسبابها ، عن طريق تطبيق ما يعرف بالدبلوماسية الوقائية، وهو النمط الذي حظي باهتمام الباحثين والساسة، واعتبر كضرورة أملتها الوقائع الجديدة.
تنطلق الدبلوماسية الوقائية من مفهوم شامل لقضية السلم والأمن الدوليين بوصفه مفهوما متعدد الأبعاد: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وليس فقط مقصورا في الجوانب السياسية والعسكرية، وهي تركز أساساً على تحديد النزاعات الناشئة والرد عليها بغية تجنب وقوع أعمال عنف. ووفقاً للمدافعين عنها فهي تمنح فرصة تجنب الكثير من الألم والضرر الناجمين عن النزاع العنيف، وعن حالة الطريق المسدود التي غالباً ما تتبع أعمال العنف، ويعتبر التوقيت المناسب للجوء إلى الدبلوماسية الوقائية عنصراً أساسياً وفرصة لا يمكن تفويتها في عملية حل النزاعات.
تمثل الدبلوماسية الوقائية نهجا بارزا أصبح يعتمد عليه، على نحو واسع في الرصد المستمر للأوضاع والأحداث الدولية والتعرف بدقة وعمق إلى المناطق والبؤر المضطربة في العالم، ودراسة أسباب التوتر وإعداد الحلول الناجعة للأزمات خاصة قبل وقوعها، و في هذا السياق فقد أتت الدبلوماسية الوقائية بمعنى أن تكون الأمم المتحدة منظمة أكثر فاعلية من خلال التدخل في النزاعات المحتملة الوقوع.
يتطلب نجاح هذا النمط الذي أصبحت تركز عليه الأمم المتحدة تضافر الجهود الدولية الحكومية وغير الحكومية ،إضافة إلى بلورة استراتيجيات للوقاية أكثر واقعية ، بإمكانها إرساء الاستقرار والسلم ،لا مجرد التهدئة الظرفية.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدبلوماسية الوقائية كآلية أممية في التعامل مع نزاعات ما بعد الحرب الباردة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1