منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
مالك بن نبي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
مالك بن نبي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
مالك بن نبي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
مالك بن نبي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
مالك بن نبي Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
مالك بن نبي Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
مالك بن نبي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
مالك بن نبي Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
مالك بن نبي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
مالك بن نبي Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 مالك بن نبي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبدو مخلوف
عضو فعال
عضو فعال
عبدو مخلوف


تاريخ الميلاد : 28/06/1991
العمر : 33
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 153
نقاط : 447
تاريخ التسجيل : 08/11/2012
الموقع : abdouoppj@yahoo.fr
العمل/الترفيه : طالب + ممارسة الفنون القتالية

مالك بن نبي Empty
مُساهمةموضوع: مالك بن نبي   مالك بن نبي Emptyالأحد ديسمبر 30, 2012 4:45 pm

مالك بن نبي ومستقبل المجتمع الإسلامي

بقلم: الدكتور عمر بن عيسى
إن مسار بن نبي الفكري كعالم اجتماع قاده لاجتياز مراحل ثلاث هامة هي في أساسها تستجيب لمراحل حياته لكنها تفسر هي أيضاً نقاطاً ثلاثاً مختلفة تعكس في الوقت نفسه لنظرات ثلاث نحو العالم تجلت شيئاً فشيئاً نحو العالم لكن من خلال رؤيته في تطور ما حوله من الأشياء وحينما بدأت الأحداث تمنحه دقة توقعاته غدت رؤيته أكثر عمقاً في كل ما يتصل باتجاه ومستقبل العالم.
فالمرحلة الأولى: كانت في نظرته إلى نفسه، تلك النظرة التي حددت حالته كمستعمر وهو يواجه حضور المستعمر الذي لا يبدي أية رغبة في احترام حالته هذه بل على العكس يعلن بدون تردد عن نية بتدميره بغير رحمة.
المرحلة الثانية: توجهت نظرته فيها نحو الوسط الذي يعيش فيه وقد وسع إدراكه لمشكلته كنتيجة لقابلية اجتماعية تستدرج الاستعمار نحوها وهذه ظاهرة جديدة في التاريخ تبدو واضحة أحياناً وأحياناً تصبح ضرباً من التغريم وطرد الأرواح الشريرة.
فبن نبي نظر بإشفاق إلى المستعمر ومن هذا الجانب كانت لديه شجاعة ومبادرة لينظر ويؤكد بأن المسؤولية عن شر الاستعمار مزدوجة وليس كما هو الظاهر وعلينا نحن وحدنا أن ندفع الثمن إذ عنفوان المسلم يأبى أن يجعل من نفسه ضحية.
المرحلة الثالثة: تتجه نحو الخارج حين ينظر إلى المشكلة في مستوى مصير واحد إنها مشكلة الإنسانية جمعاء إذ مصير الإسلام ومصير الإنسان على سواء بينهما وهذه المزاوجة الإنسانية في مستوى الكرة الأرضية تدل على أن الشعوب على اختلاف موقعها تلقى المصير نفسه في الرخاء كما في الشدة. وهكذا فإن فكرة بن نبي تدرجت شيئاً فشيئاً في المناخ الثقافي في الجزائر أولاً نحو الاجتماع التطبيقي لتدلف منه إلى الاجتماع الشمولي أي علم اجتماع غيبي الأسباب ينظر للتاريخ كنتيجة لمسار روحي لا تفسير له ونجد هذا الاتجاه في مقال بن نبي تحت عنوان "الغيبية الاجتماعية الاقتصادية."
فالتاريخ يفسر الأمور من خارجها لكنه من ثنانيا سرده يقدم لنا مفاتيح تسمح عبر حركته أن نستبين الغاية والهدف. هذا الهدف ليس سوى تحقيق الوعد الإلهي بنصرة الحقيقة في النهاية.
فقانون سلامة الإنسان عبر المخلص هو دائماً "Soteriologie " مهمة الترابط مع الحركة نفسها في التاريخ.لأن الإنسان يتجه دائما نحو سلامة.
ويمكن القول بأن رؤية بن نبي وقد أطلقها من عُلٍ فقد اتسع نطاقها وعمقها.فكل قارئ متابع لبن نبي لا يستطيع إغفال الشعور بتاريخية علم الاجتماع من خلال مقارباته الفكرية حيث أستاذنا عرف كيف يعبر عنها ويسلط الضوء على العلم الغيبي.
لقد آمن بحقيقة الإسلام التي دفعته إلى التأمل الاجتماعي في نظرته الثابتة والمدركة بما يحتويه هذا الجسم الإنساني حين يكون صالحاً أو سيئاً بقطع النظر عن الأدلة والحجج التي كتبها الفقهاء أو رسختها عقلانية الفلاسفة.
ومن خلال نظرة استقرائية فإن ترتيب المقالات التي جمعت في هذا الكتاب اتبع الترتيب الزمني منها وهذا هو الأجدى من ترتيب الكتب السابقة إذ هذه الطريقة أتاحت لنا بشكل أفضل دراسة اللحظات التي اتفق أن أوحت ببعض الأفكار من أجل إبراز تطور الفكر البنّابي وبالخصوص منذ عام 1967 ولهذا السبب فإن صديقي " عبدالرحمن بن عمارة " الذي طبع هذه المجموعة رأى من المفيد أن يضع في نهاية الكتاب ترتيباً للمقالات طبق تاريخ كتابتها.
وهكذا إذن فإن فكر بن نبي الغيبي ما يزال يضيء زماننا ويمنحنا آلة تحليل لمجتمع عشنا فيه ثلاثين عاماً بعد موته.
إن الحديث عن مستقبل للعالم الإسلامي ترتكز بدقة على النظر في كيفية تفعيل التجربة البنّابية لنختصر الطريق التي ستقودنا بالسرعة الممكنة إلى المرحلة الثالثة أي تلك التي تستطيع أن تلعب دورها كمحرك في العالم.
المفهوم الغيبي لدى بن نبي
يعزل بن نبي الدجل والشعوذة والمرابطية التي استعارها المستعمرون ليشيروا إلى ما يعتقدونه بأنها هي الغيبية الإسلامية يعزل ذلك كله عن الروحانية الأصلية كمعايير ذات خصوصية هي الأكثر مطابقة للحقيقة.فحين يثير بن نبي المفهوم الغيبي أو الروحي فهو يثيره دائماً في المضمون الاجتماعي.أما المضمون الغيبي من الزاوية الفقهية التي أرساها الأساتذة الكبار في الإسلام فهو خارج اهتمامه رغم ما يبدي لهم من احترام كبير وقد أشار في ذلك إلى كتاباتGuenon التي تتميز بالمشقة في فهمها على سبيل المثال أو إلى أحجية ابن عربي.
وكما سوف نرى لاحقاً فقد لاحظ بن نبي كعالم اجتماع إلى الشكل المتردي للمفهوم الغيبي الإسلامي حين رآه فاقداً لأية فاعلية اجتماعية وقد انتقدها في مجمل ما انتقد من مجالات مختلفة في المجتمع الإسلامي فاختصرها جميعاً ضمن مفهوم الذرية أي إن شبكة العلاقات الاجتماعية قد تقطعت صلاتها وانهدم بنيانها وانحل رباط عروتها الوثقى.
كان هذا كله مساحة نقده ومعيار تحليله دون الاعتماد على فقه التراث الذي تركه لنا الأساتذة العظام.
ومن هذه الزاوية كان نقده للجهود التي قام بها العلماء الجزائريون فرفض بحزم أن يطلق على فكرة الإصلاح الجزائري Réformiste Musulman أي تلك التي تترجم المعركة ضد غيبة الإمبراطورية السفلى( لما بعد الموحدين) إذ من المعروف أن هذه الفكرة ظلت تابعة في مرجعيتها الأساسية حين أضحى العالم الإسلامي خارج حضارته(لما بعد الموحدين) رغم شعار الإصلاح الذي رفعته حين وضعت نفسها في ظل فقه انتقده بن نبي في مقال سنتحدث عنه.
فالعلماء في انتقادهم للمرابطية لم يكونوا محركين المجتمع بالاهتمام نفسه الذي اهتم به بن نبي فقد جاء عقم حركتهم حين طرحوا الأمر ضمن فقه تقليدي يقارع فقهاً آخر هو الصوفية التقليدية.
فبن نبي برز في مقاله " محمد الصادق" وفيه نبض من عرق كبار الفقهاء فقد كتب صفحة لو أن قارئاً لم يقرأ لبن نبي سواها لوضعه في صف ابن عربي.
فبن نبي بقلمه كان شديد الوضوح في التفريق بين وجهين : وجه الرسول يتجه ليخاطب الناس ووجه الصفاء الروحي الذي يتجه نحو الله" وهذا يختصر الإشكالية كلها بين قدسية الولي ورسالة النبي ذات المضمون الاجتماعي.
فالملاحظات الاستطرادية إذا صح القول حول علم الفقهاء وفعل الروح العلوية يتلازمان في إطار هذا الشعور حين تبرز رجلاً يضع الأسئلة الحرجة التي تقلق الروحانية الإسلامية.
فإذا نحن أخذنا بعين الاعتبار ابن عربي (توفي عام 1230) وبن نبي توفي عام 1973 باعتبار كل منهما الأكثر تمثيلاً لأسلوبهما الخاص فإن ذلك يضعنا في مقارنة جد بناءة بينهما في الأفق التاريخي.
ولد بن عربي في أسبانيا في الفترة التي يطلق عليها " ما بعد الموحدين "، في مجتمع فقد منذ زمن وسائله المادية ودخل نفق الغروب حين غابت شمس الحضارة فآثر النجاة مسافراً في الظلمة وحمل مصباحاً يتلمس به طريقه في الليل وهو يمسك بحبل الفضاء الروحي للإسلام حين افتقد المجتمع وسائله المادية.
لكن بن نبي كان في مرحلة أخرى كان في مرحلة أخرى إذ عند باب الخروج من النفق وقد استوى النور في رؤية الطريق فقدم لإنسان ما بعد الموحدين المواصفات التي تَصْنَع الحضارة ليكفر بها الجيل عن تقصير ما مضى من الأجيال ويلحق بدوره مجدداً في التاريخ.
هكذا أنقذ ابن عربي في المحصلة القيمة الروحية التي هي الأساس في الإسلام حين نزع عنها التاريخ وأبقى لها الاستمرار في الروح الجماعية إذ التاريخ يدين بقساوة ولا يتسامح أبداً مع الذي يلعب يَدَوْرٍ أو يحتل مكاناً ثم تغيب الفاعلية عن حركته لذا أخلت الحضارة مكانها في التاريخ لحضارة أخرى تدق بقوة على بابه وتنتظر دورها إنها الحضارة الغربية.
أبن عربي إذن وضع الإسلام في مدار لا يطاله الزمن التاريخي وهكذا أصبح خارج مرمى الأفكار التي يداول بها الزمن سنن التاريخ.لذا بقي خارج الزمن التاريخي ومخاطره.
ومع ذلك فمذهبه لم يغب عن شهوده في المستوى الداخلي وهكذا غدا كل ما هو خفي مشاهد ، وكل ما هو مشاهد مجهول( في مستوى المعاصرة التي كانت قد توارت منذ سقوط آخر خليفة عباسي) فابن عربي حفظ مستقبل فكرة الإسلام لعصر قادم حينما فقد الإسلام ذراعه التي تتعامل مع مسيرة عصره.
أما مالك بن نبي فقد لعب دوراً أيقظ الإسلام من السبات كي يفرغ لدوره الاجتماعي أي في مستقبل العالم.
هكذا قام كل من ابن عربي وبن نبي بدوره فالأول وقف على باب الدخول إلى النفق والآخر أطل من باب الخروج منه فحق لكل منهما دور : الأول أيقظ المعرفة بعمق الروح والثاني أيقظ الإرادة في الإنسان فكان الأول لعمل من أجل الإسلام والثاني من أجل المسلمين وهنا تلاقي الطريقان: الطريق الأول طريق التَجَلّي الإلهي والثاني طريق الفاعلية الاجتماعية والتي هي في النهاية المعيار السياسي في معركة المجتمع.
فالعمل في الفاعلية الاجتماعية لا بد أن يتحرك ضمن معطيات الحقيقة المتعالية حين تتجلى في الإمساك عن الرغبة والطاقة الغريزية والهوى بكل فاعلية وهذه كلها تعني اقتحام العقبة ذلك العمل المتصل بفاعلية الأداء ورسالته نحو العلاء والعظمة لأن البطولة في الإسلام تتجلى دائماً في مستوى العظمة الإلهية أي التخلق بأخلاق الله والعمل بوصـايا الله في إنجـاز روحـي فالنبي قال ذلك بوضوح" لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به."
فعبر هذا النموذج الذي تحددت معالمه يكون هنالك الرسول والمعيار هو التأسي ورياضة النفس والتكيف وما يوطئ الأكناف.
في هذه النقطة سوف نجد في كتابات بن نبي الوافر من النماذج.
وإذا ما تساءلنا بعيداً عن هذا التحليل وطرحنا ذلك التعارض بين نموذجين: الرجل الصالح أم الرجل الصالح الفاعل فإن خيار بن نبي دائماً كان مع الرجل الفاعل لذا كان أبطاله دائماً في إطار هذا الأخير: إنهم المسلمون في المرتبة الأولى:
أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر وسميه لكن معياره يأخذ بُعده الشمولي الإنساني فيصل إلى غير المسلمين في روحانية الأداء في سائر التقاليد كما في سائر الأديان . فهناك المهاتما غاندي طبعاً رجل اللاعنف كما رومان رولاند ولكن يضاف إليهم أولئك الذين يحتويهم معياره الروحي دون أن يشعروا به أمثال " ماوتسي تونغ ولينين......الخ. فلكل هؤلاء الرجال إشارات إليهم مختصرة وعابرة في كتبه لكنها صحيحة بصورة حاسمة غير ملتبسة بأي مجاملة صحفية أومديح.
لقد استعاد بن نبي عبر هذا الأفق روحانية الإسلام. هذه الروحانية التي بقدر ما كنت عاملاً اجتماعياً مؤسساً لوجهة أو اتجاه كانت تتلاءم فيه نشاطات الإنسانية كمفهوم روحي.
ففي فترة ما بعد الموحدين فإن الإيمان والروحانية افتقدتا إرادة التواصل الاجتماعي وهكذا تفتت إلى ذرات بحيث لا تظهر عبره وجوه إلا كشهود تقف وسط الأطلال منفردة. لأن الروحانية الإسلامية انسحبت من العالم.
هذا المصير لم يكن هو المصير الأوحد للمفهوم الغيبي بل هو ينسحب على سائر النشاطات الفكرية للمسلمين فالتراث المكتوب يشهد اليوم لأولئك الذين كتبوه منذ ستة قرون أو يزيد وهو لذلك لا يحرك فينا باعثاً نعالجه بكل طاقتنا لأننا لا نملك مسبقاً أي تصور نبحث عنه فيه.
وهنا ينبغي ألا يخدعنا الاعتقاد بأن الكتب تقود العالم... إذ حين لا تُقرأ الكتب بروح من الحيوية وإذا كانت المراجعة الداخلية من العلماء لا تقود الناس ليستخرجوا منها سبيل رشادهم في حياة طيبة فإن الكتب ستكون مصفوفة في الخزائن تشبه العظام النخرة يبحث عنها عالم الأركيولوجيا بين الرماد دون أن تحدثه بشيء.
فالكتب لا بد أن يخطها مؤلفوها لكنها تفقد معناها إذا لم نكن نقرأها باهتمام وإدراك لدورها .حينئذٍ فأفكارنا تحتاج إلى حَجر صحي للتخلص من فيروس الكسل الفكري.
لهذا السبب نعتقد بان المفهوم الروحي الغيبي لدى الفكرة البنابية تقترب من " Thumos "الشجاعة الثقة بالنفس" لدى أفلاطون.وهو نوع من استلهام معالي الأمور و الإنجاز البطولي في مخطط رئيس فعبر.Thumos يتجلّى ما يميّز الإنسان عن الحيوان.وإذا كان الإيمان الإسلامي هو الأفضل دون شك فان الإيمان لا يضع في سائر الحالات مشكلة لحلها بل هو الطاقة البكر والقوة التي تجري في قنوات الفاعلية. لذا فالتخلف عن معالي الأمور هو عقاب البقاء في هامش الأيام لغير أثر نتركه وراءنا وهكذا تسفنا رمال الصحراء كتلك" الدينوصورات" التي طواها الزمن في أرضها.
فالرغبة الغريزية حينما تستحوذ وحدها تصبح الأساس الجامع بين الإنسان والحيوان وهذا الخطر استشعره فوكوياما في مجتمع الغرب حيث قال"عند نيتشه فالإنسان الديمقراطي يمتاز بخلفية مؤلفة من الرغبة والعقل ولديها مهارة أبداع مسوغات خادعة ترضي رغباته لحساب أنانيته لكنه في النهاية يفقد العظمة المطلقة للشجاعة والثقة بالذات Mégalotumia ويرضى بسعادته القاصرة دون أن يعتريه شعور بالخجل من استكانته لرغباته " فرنسيس فوكوياما (نهاية التاريخ) صفحة 340".
فغياب فاعلية الطاقة عن مجراها يعني الخروج من الحضارة وهذا هو معنى ما نقصده " بمسلمي ما بعد الموحدين ". فالمسلمون أصيبوا بتراجع في المادة (أي قوة الإنتاج).كما أصيبوا بتحلل الشخصية( في الجانب الروحي) لذا ففي هذه المرحلة لم يستطيعوا سوى إنتاج لصوص صغار فيما بقي اللصوص الكبار في الغرب يبدعون ذاكرة تصلح كروايات في الأفلام على سبيل المثال.
فالشجاعة والثقة بالذات أي thumos قوة محايدة وانصرافها إلى فعل الخير يؤسس لمفهوم الأخلاق.
إْفْعَل الخير ذلك عمل أخلاقي لكن حين تضيف إليه كلمة طيبة تعبر عن احترامك لقيمة من تفعل الخير معه فذلك الخير الأسمى في قيمه الروحية تلك القيمة التي تتجلى في شعار البطولة والتضحية " أطلب الموت توهب لك الحياة." وذلك هو أقصى فاعليتها في مسيرة الحضارة.
لهذا السبب ينبغي أن نبدي تحفظاً في اعتبار نقد المرابطية هو نقد للروحانية الإسلامية إذ سيكون ذلك إهانة لبن نبي لو نسبنا إليه مثل هذا التحليل.
فبن نبي انتقد جمعية العلماء الجزائرية حين اقتصر نشاطهم على مجرد ترداد ميكانيكي لذلك الذي قيل في الماضي وانتقل إلينا مع الأسف عبر الكتب أكثر مما هو عبر السلوك.
وانتقد بن نبي كذلك الثقافة الإسلامية لما بعد الموحدين في سطحيتها وليس في جوهرها كالموسيقى الاندلسية ذلك الفن الذي كان في أصابع المؤسسين القدامى يستحق بكل تأكيد مقامه الرفيع إنما أصبح ما بعد الموحدين مجرد رتابة إيقاع لغير نهاية فارغاً من كل تطور في الوسيلة أو في الأداء.
وانتقد بن نبي كذلك التجارب الإصلاحية دون أن يشكك بحسن نوايا العلماء بل في دقة تحليليهم للمشكلات.
ونحن اليوم نرى قضية تجديد الفكر الإسلامي توضع في إطار البحث عبر الكتب على طاولة مجمع أكاديمي فيما التحديد ليس قضية كتب بل هو قضية حضارة. فبن نبي يرى أن تجديد الفكر الديني لا بد أن يستجيب أولاً وقبل كل شيء لما لدى المسلمين من سلوك متجدد عبره تتزاحم الحلول لتسارع إلى مشكلاتها سواء كانت تتصل بالفكر الفلسفي أو الديني أو كانت تتعلق بالموسيقى أو في تذوق الأشياء.
فإذا كان تناول الطعام في البلاد الإسلامية سيئاً فالنظر لا يقتصر على هذا الجانب بينما المشكلة بادية في سائر مستويات الحياة الاجتماعية والفردية.فبن نبي آمن بالوحدة الجوهرية للإسلام ومنها كان إيمانه بقدرة الإسلام على أن يجدد بناء كل شيء مهما كان شأنه ومرجعه ولذلك كان أبعد ما يكون عن تقطيع المشكلات ليعالج كل قطاع مستقل عن الآخر ومن هنا نفسر رؤيته للمشكلات من وحدة المجال من طنجة إلى جاكرتا وكوالالمبور وكذلك وحدة المجال بين مذاهب السنة والشيعة. إذ المشكلة عند بن نبي ليست في أصل الإسلام بل هي فاعلية المسلمين. فبن نبي يرى في حديثه عن الفاعلية الروحانية حديثا عن طاقتها في أرفع أدائها. فبن نبي كرجل اجتماع انتقد الشكل المتخلف الذي عطل ما كانت عليه الروحانية الإسلامية. ويمكن لنا أن نختصر هذا الفصل بالقول إن بن نبي لا يتبنى وبالتالي لا يدافع عن أي مذهب خاص بالإسلام. فهو يؤمن أنه بغير فاعلية التعليم والإرشاد لا قيمة لإنتاج يقدمه مفكرون مسلمون.لذا نراه بعيداً عن الدخول في الجدل بين المذاهب طالما لهذه المذاهب ممثلين أكفاء وقادرين في مجرى الزمن الضائع على إعادتها إلى مستواها من العظمة. لذا نرى جميع المسلمين لأي مذهب انتموا يقرأونه. ومن هذه الزاوية يمكن مقارنته بابن عربي الذي يبدو إنتاجه صالح للجميع حين يرتفع فوق الجدل ويبعث على الهدوء ويبدد الكراهية والضغينة.
فبن نبي يرى الصيغ الخاصة للمذاهب في الدين تظهر عموماً وتختفي تبعاً لدورها في تطور الفكر والإرادة السياسية. فالنظام السياسي يفرض بسلطته المذهب الذي يتولى التعريف بالإسلام فالوهابية في العربية السعودية أو الشيعة في إيران بنيت على كل منهما الاعتبارات السياسية التي ليس للفرد فيها كلمة تقال. لذا لا ينبغي لأحد أن يقف في افتخاره على حدود تلك الصيغ الشكلية التي تعود لبدايات الحضارة الإسلامية والتي غدت قيداً يثقل في النهاية كاهل الحيوية الإسلامية.
إذ حين يستعيد المجتمع الإسلامي شيئاً فشيئاً ثقته بنفسه فسوف يرى كم أن الارتباط بالشكل والتعصب كان مضراً وعقيماً.
الإسلام المكافح
ليس من قبيل الصدفة أن تأخذ الحركة الإسلامية في عصرنا طابع الكفاح من أجل السلطة السياسية وهذا المنزلق الذي يسمى في أدبياتنا الأصولية يراه بن نبي مرضاً طفولياً ليس لدى المسلمين فحسب بل في كل نشاط ينطلق صاحبه به وهو يعتقد أن بإمكانه تجاوز الفكر والرؤية العميقة. فحين يكتفي بقليل من الفكر فسوف يغوص تجربة أثر تجربة كما هي "المرابطية" التي غدت مرض الروحانية الإسلامية التي تبدو اليوم وهي تستيقظ بعد قرون من خدر النوم وهو يشبه النائم أول ما يراه أمامه هو سائر أعضائه حين يزايله النعاس الذي يغشيه قبل أن يستبين له الأفق تلك هي الأصولية التي تستدعي أخطاء القابلية للاستعمار فتعمل بغير هدف منظور إلا أن تفتش عن إثبات وجودها إنها تعمل لتسلط عليها الأضواء دون أن تبالي بحياتها أو القيام بحركـة لها ارتباط بالزمن. فالمسلمون وقد أفاقوا إلى تخلفهم انطلق بهم حماس يعوض عن قصورهم لكنه حماس افتقد عناء العمل بالحكمة كما يوصي القرآن الكريم. وهكذا أفقدت الأصولية التناغم بين المسلمين فبدأ الانقسام إذ يوحي به أعداء الإسلام وذلك لميلهم الدائم إلى استعراض حضورهم في كل مكان. فالأصولية تختصر شعاراتها بالشرعية الإسلامية وترى أن السلطة وحدها قادرة على شفاء أمراض الحاضر الإسلامي فيما الأمر كما لاحظ بن نبي لم يكن كذلك زمن الإسلام وحضارته إذ كانت السلطة والحكم أبعد ما تكون عن اختصاص الفقهاء الأول. ويتبع ذلك أن في هذا الموقف ما يمس الاستقرار الداخلي يخطر كبير حين تصبح الدعوة في بلد ما يسود فيه أحد المذاهب الإسلامية تتلخص في وهم الاعتقاد بحل جميع المشكلات الراهنة سيكون فقط إذا ما انتهجت أصول النصوص واتبعت المذهب المعروف بالوهابية.
ثم إن المشكلة ستتفاقم خطراً بين بلدين أحدها المذهب السني والآخر المذهب الشيعي فيرى في كل بلد أن في الاستطاعة حل المشكلة عبر المذهبية كل مذهب يدعي لنفسه أنه الوحيد الذي يمثل الفرقة الناجية في الإسلام.
هذه الحال يرى فيها بن نبي مشكلة نفسية تختفي وراء النزاع حول المشروعية التي تعود إلى الانقسام التاريخي في الضمير الإسلامي منذ صفين والتي تتمثل في قولٍ قيل ذلك الزمن." الصلاة وراء علي أحكم ، والأكل عند معاوية أكثر دسماً." هذه العبارة قيلت قبل أن توضع المشكلات تحت عنوان أي من الشيعة أو السنة.لقد أبرزت هذه حالة الروح في المجتمع التي بدأت تفقد الصلة التي لا غنى عنها بين الحقيقة التي تتمثل في قول علي والفاعلية التي تمثلت في الأمويين.
فالمسلمون وجدوا أنفسهم في حالة تدعوهم للاختيار بينهما وكان ذلك بداية الفتنة الحقيقية.
فالفتنة التي انطلقت فيها الأفكار قد انطلقت عبر السؤال التالي من نتبع؟. لكن السؤال منذ ذلك الحين كان جوابه في القرآن واضحاً إنه يقول لنا: أقصد الحقيقة عبر الفاعلية وسوف نرى أن المشكلة حلها هنا وليست في ذلك الانقسام الذي نشا فيما بعد بين السنة والشيعة لأن علياً كان أمير المسلمين جميعاً.
فبن نبي ركز على تجاوز الانقسام وذلك بأن نُطِلَّ من فوقه على مساحة المشكلة الحقيقية وفي هذه الساحة يلتقي بن نبي مع ابن عربي الذي أثرى الأفكار الإسلامية دون الولوج في غريزة الأفكار المسبقة المذهبية ومن خلال هذا الموقف فإن بن نبي جمع حوله القراء في العالم السني كما في العالم الشيعي.
هذه الفكرة تبدو واضحة وتتطابق مع مفكر إيراني هو "علي شريعتي" حين أشار إلى الموضوع الشيعي ألصفوي والسني الأموي. ففي الحالتين أصبح المذهب الإسلامي وسيلة لقيام السلطة خارج رقابة الجماهير الإسلامية. فالصفويون اتبعوا المذهب الشيعي لمهمة رئيسية هي تغذية الكراهية ضد العثمانية.
لا شك أن من الواجب دراسة الشريعة الإسلامية عبر أي من المذهبين والدفاع عن الأفكار في الإطار التشريعي لكن من الواجب أيضاً إذا ما أراد أحد أن يكون تابعاً حقيقياً للإمام وأقرانه من الصحابة الالتزام بالمصلحة العامة كما فعلوا وليس عن طريق زرع الكراهية ضد الآخرين من المسلمين.هكذا فعل الصحابة الأولون الذين اعتبروا التكفير أمراً صعباً واستثنائياً والبوح به ليس سهلاً ومن أجل مقاربة أكثر فالمسلمون الموزعون مذهبياً عليهم أن يتساءلوا كيف أن الانتماء لمذهب واحد لم يحل مشكلاتهم الخطيرة والمميتة التي هزتهم.
من هنا يتضح ولماذا من طنجة إلى جاكرتا فالمشكلات الإسلامية واحدة سواء لدى السنة أو لدى الشيعة؟ فالأمر إذن لا يتعلق بمدى اعتقادنا بصحة المذهب الذي نتبعه بل هو بكل بساطة بمدى انسياقنا في مشكلة نفسية وأخلاقية وهكذا نرى أن الأصالة الإسلامية وبالخصوص لا تكون دليلاً على تفوق المسلمين فالإسلام شيء والمسلمون شيء آخر. وعلى كل منا أن يتأمل في السلطة السياسية حين تفرض صيغاً خاصة للإسلام تفضي إلى شيوع المذهب بحكم الواقع السلطوي فالإيرانيون شيعة لأن الصفويين اختاروا ذلك وكذلك سكان الحجاز وهابيون تبعاً لاختيار السلطة السياسية لعائلة ابن سعود وكان يمكن أن تكون هنالك خيارات أخرى. من هنا فالذين يطلق عليهم" الخاصة" في كل مذهب أو الفئة الناجية هم الناجون بإيمانهم بقدر درجة هذا الإيمان حين يصدقه العمل والتجربة في سلوكه الشخصي فالحكماء هم الذين يتميزون بميلهم نحو الاعتراف بما لدى الآخرين من الحقيقة وهذا هو نفسه ما كان علماء المسلمين السنة يفعلونه إذ يقررون بأن أتباع المذهب هو طريق داخلي ليس إلا وهو لا يكتمل إلا حين يصدقه العمل.
زيد القول بأن الخلافات القديمة قد فاتها الزمن. والمسلمون التاريخيون قد خلفوا وراءهم تلك الخلافات القديمة فنحن في زمن آخر إنه زمن عالم لا ينتظر الذين يتخلفون عن ركبه والذين لا يعطون فرصة لمستوى عال من النقاش ينمحي فيه ذلك البحث عن الفرقة الناجية من بين اثنين وسبعين فرقة.
من هذا الجانب هناك توافق بين ابن عربي وبن نبي وقراءة كلا الرجلين مفيدة للمسلمين جميعاً إذ كل يرى في كل واحد منهما مرآة الآخر فقراءة كلا الرجلين تتجه لرؤية واحدة في الإسلام في قراءة للقرآن لا تحجب الرؤية من حولنا فعلم الاجتماع البنـّابي هو اجتماع له إطلالة شمولية تماماً كما فعل ابن عربي.
قبل الغروب
كان المجتمع الإسلامي في عصر ابن عربي يسير كشيخ أدركه العجز ويشعر بموته القريب وإذ هو يدرك عجزه وتخلفه فقد استعاد التأمل بماضيه.
فالرجال والنساء شباناً أو شيوخاً كانوا يجتازون البلاد الإسلامية من أطرافها إلى أطرافها بحثاً عن عالم بالله وبالدين أو معلم يرشد للمعاد الأخروي والسلوك. كان البحث يقتصر إذن على العلماء وعن الحقيقة لذا لم تكن السلطة السياسية تحظى باهتمامهم حين أضحت أمراً مرذولاً لما لقيت من هزائم متتابعة ومتكررة من المغول على الخصوص.
كان هناك عصابات وكذلك مجموعات روحانية يصادفها المرء وهي تنادي بالصوفية من الهند إلى الأناضول ومن الأناضول إلى الهند إلى آسيا الوسطى إلى مصر وبالعكس.
فالعزوف عن السلطة السياسية استدعى البحث عن الأفكار فكانت الكتب التي عبرها العلماء حددوا الأسباب التي أوصلت إلى المأزق لأن الأمر في تلك المرحلة يتجه نحو ما يرشد إلى الطريق أو يترك وصية مفيدة. لذا كانت المصنفات والاهتمام بقراءتها كما وردتنا من ذلك العصر ولم يكن ما تضمنته مجرد كلمة واعظ له اهتمام بإبراز فصاحته إذ الأئمة كانوا معروفين بأفكارهم الروحية التي لها مريدوها الكثر حين غدا المهتمون بالنشاط السياسي قله وموضع ريبة ويفتقدون الثقة.
الآن : Aujourd''hui
أما الآن فالواجب يدعونا لنعيد إلى أنفسنا نحن الشباب الكلف بالأفكار. وأن يستقر في الأذهان أننا نخرج من عصر القابلية للاستعمار وذلك يحلنا من الارتباط برجال السياسة أولئك العلماء الجهلة غير المثقفين الذين ينتهجون ديماموجية الإلهام السماوي وهم فارغون من كل رؤية سياسية رفيعة. علينا أن نعد أنفسنا لنأخذ دورنا في العالم.
فالشباب اليوم يملكون القليل من الأفكار لأنهم يسقطون آمالهم على رجال السياسة الذين يمنحونهم تأييدهم. فمنذ بداية القرن الماضي طغت في الفكر السياسي اتجاهات سياسية تحت اسم الكمالية والناصرية والبعثية ثم حديثاً الخمينية ودون أن نبدي أي تقويم ونقد لطروحاتهم في الفكر السياسي فهذه الألقاب والتسميات تعبر دائماً عن رؤية مغلقة في رؤية العالم كما في الإسلام.
على جيلنا أن يكون الأول الذي يبني علاقة وطيدة مع الفكرة الصافية وأن يبادر بفرح واعتزاز المشكلات الراهنة في قفزة ثورية تتجاوز الجنرال الديكتاتور أو رجل السياسة الذي وصل إلى السلطة بمؤامرة أو انتهاز فرصة.
لقد علمنا بن نبي أن سن الرشد في المجتمع يماثل سن الرشد في الانسان بعد أن يمر من مرحلة طفولة الأشياء إلى مرحلة الأشخاص ثم الأفكار. فرشاد اكتشاف الأفكار وإدراكها بكل استقلالية للمشكلات هو الشرط الوحيد ليصبح العمل السياسي مترابطاً ومستمراً بدلاً من أن ينقطع ويخيب الأمل عند كل انقلاب في الحكم.
إذن لا بد أن يستجيب عملنا لمعايير تتجاوز الأشخاص.
لا بد أن نعيد لشبابنا فرح اكتشاف الفكرة حين نحررهم من محراب الشخصية وذلك حين يتعرفون على الأفكار ذات المحتوى والمستمرة مع الأيام أي تلك الأفكار الكبيرة في مسيرة الحضارة سواء كانت كلاسيكية أو جارية وأن نحاورها طبق مقاييسنا النابعة من أصالتنا.
إن المرحلة الجديدة التي تنتظرنا بعد أن نتخلص من الديكتاتوريين الذين يمارسون على شبابنا سلطة الفراعنة هو الانتقال إلى المرحلة التي تليق بمجتمع بلغ سن الرشد حين يضع جهده في خدمة الأفكار فتلك مرحلة نضوج تحررنا من معيار الخارج والاعتماد الكلي على الغرب.
لقد كبرنا وبلغنا رشدنا لكن ذلك لا يعني أن طلق حركة تشبه ما تم في البلاد الشيوعية من أفكار اتسمت بالإرهابية بل على مفكرينا العمل لكن في حرية واحترام الناس والمؤسسات
فلكي يعود الإسلام إلى دوره فذلك جهاد الفرح وليس سبيل شقاء وآلام.
فقه العالميــة
ولدت فكرة العالموية لدى بن نبي من خلال تجربته كمستعمر حين بدأ يتأمل النزعة الاستعمارية عبر معاناته كواحد من الاندجين Indigene فرأى في نظرة فاحصة ومن خلال متابعته لفكرة أولد شبنجلر عن دورة الحضارة أن العصر الأوروبي الاستعماري قد أوجد نوعين من الثقافة:
ثقافة الإمبراطورية القائمة في الجزائر عبر الاستعمار وثقافة الحضارة
وفي هذا الخصوص من المفيد أن نقرأ في هذه المجموعة بكل تأمل ودقة مقال بن نبي في القسم الرابع تحت عنوان« نحو يقظة حضارة إنسانية» وقد كتبه عام 1951.
هذا المقال يلخص العالموية " البنّابية " بوضوح جلي.
فالنزعة الاستعمارية الأوروبية هي خارج النسق وتختلف عن الإمبراطوريات التاريخية المعروفة إذ ابتدعت النزعة الاستعمارية سبيلاً لم يعرفه الإسكندر الكبير نفسه.إنها ثقافة ينكر المستعمر الأوروبي فيها أي دور للمغلوب لأن تطلعاته تنصرف إلى الاستيلاء على ثروات البلاد المغلوبة عسكرياً وهكذا يصبح المهزوم لديها مجرد شيء لا قيمة له فيما امتدادات الاسكندر الكبير في فتوحاته قد أضافت من البلاد المفتوحة ما يثري مساره مما لديها من تراث وثقافة وهكذا اتسع جيشه حين أصبح المغلوب جندياً في خدمة فتوحاته.
بن نبي أكمل هاتين الفكرتين عبر ملاحظاته في مقاله من خلال ملاحظاته في الصراع بين النزعة الأوروبية للاستعمار وولادة المؤسسات ذات المدى العالمي (كاتحاد البريد العالمي).
فالقابلية للاستعمار طرحت الجانب الاجتماعي من خلال نظرته للمجتمع الإسلامي بعد زوال دولة الموحدين لكنه أسس من " القابلية للاستعمار" كمصطلح وضعه لتلك الفترة نقطة انطلاق لمفهوم العالموية حين زاوج بين تخلف هنا في القابلية للاستعمار وحالة حضارة هناك في الدول الاستعمارية فوضعهما في معيار واحد يدلي بآثاره في المستوى العالمي.
لذا كان بن نبي الرجل الوحيد الذي رأى بوضوح (رغم المرض الذي أفسد حياته في ظل الاستعمار) أن عليه أن يرتفع فوق التوجع وذلة الشكوى إلى مواجهة المشكلة في خطابه نحو الآخر.
كما ذلك هو الرجل الوحيد الذي كانت لديه القدرة للخروج من زحام تلك الفوضى المخيمة في الواقع الاستعماري وهو أشد حيوية وصفاء رؤية ليرى الرجل المستعمر يقاسم المستعمر مصيراً واحداً رغم المظاهر وهكذا كان بن نبي الرجل لوحيد الذي ملك القدرة والحق في أن يعلن ويكتشف أفقاً عالمياً بما أسس لفكرة القابلية للاستعمار من مدى يتعداها إلى لغة سلام عالمي يطوي لغة العنف المقابل في مواجهة الحالة الاستعمارية.بمعنى آخر إنه الرجل الوحيد الذي وضع فكره في إطار سلام عالمي يستوعب خطيئة للاستعمار في مفهوم من التسامح في مستواه العالمي.
من هنا رسم علم الاجتماع البنّابي بامتياز الخطوط الأولى للروحانية الإسلامية إذ بها وعبرها أوجد مصطلح العالمية في معناه الإنساني رغم أنه بنى فكرته من طين العالمية الحاضرة .فعالمية بن نبي هنا ليست من إنتاج الحضارة الإسلامية بل هي الصيغة المركبة Synthese.من ذلك التناغم والوفاق الذي يؤهل لتلاق بين الغرب والإسلام.أي بين المستعمر والأهلي Indigene. حين يستعلي كل منهما إلى مستوى حضاري ويتجاوز الواقع الذي هو فيه. إذ بدون هذا التلاقي الذي به يستعيد به إنسانية الإنسان لا مستقبل لسلام على هذه الأرض.
دور الإسلام في نزعة العالمية
ثلاثون عاماً مرت على مغادرة بن نبي( 1973- 2003 ) وهذه الأعوام الثلاثون التي غطت سني نهاية القرن العشرين كان بن نبي يتطلع إلى مدى قفزة تقود المسلم إلى مسرح التاريخ يلعب فيه الدور الذي كان ينتظره منه، أي دور من السلام في عالمه كما في العالم.
لكن إذا طرحنا ميزان الأعوام الثلاثين التي مرت منذ وفاة بن نبي نرى أنه منذ تلك الفترة بدا المؤلفون يقدمون دراسات أولية عن الإسلام في الغرب لم يكن القصد منها العودة إلى الإسلام بل وضع قشور موز في طريق الانزلاق والخروج من مساره.
فالمجتمع الإسلامي اليوم ومن أجل تأطيره بقوة في العولمة أي الاقتصاد العالمي فالضغط عليه يأتيه من كل جانب ويزداد إحكام تقييده.
فمن الوجهة السياسية فالمجتمع الإسلامي يستريح حين يسند ظهره على حائط الغرب الذي يقرر له كل شيء والزعماء المسلمون لا يخفون اطمئنانهم واستسلامهم له باعتبار ذلك شيئاً طبيعياً تقضي به مسيرة العصر والعولمة ويقولون إنه شيء طبيعي. لذا فالعولمة هي ما تقرره الدول السبع أو الثماني حين انسحب أي بلد إسلامي من القاعة ولم يعد لديه أي عنوان على طاولتها.
وهنا نطرح السؤال:كيف يستطيع المسلمون أن يلعبوا بدور ما؟
لا بد أولاً من حضور هذا الدور في يقظة البواعث إذ الأدوار لا توزع بصورة آلية على عدد من السكان والكيلومتر الواحد أو تثبيتها في أي معيار. لذا فإرادة القيام بدور ما هو إعلان حضوره عبر حيويته الخاصة به وحريته في العمل وطرحه كفريق حقيقي ومحاور صلب. ذلك هو الشرط الوحيد لدور في عالمية يدخل المسلم عبرها مجدداً في مسيرة التاريخ إنه دور يطرح نفسه على المسلمين بصورة غير مسبوقة.
فالمسلم منذ بداية القرن العشرين ذو ماض ضبابي لا يدرك من أين ولا كيف أتى ولا يدرك إلى أين يسير وهو بذلك واجه وضعاً فريداً في تاريخ الإنسانية.ليس لأنه لا يدرك مساره فذلك ما يقاسم به غيره هذا الغموض والتردد لكنه تميز عن سواه أنه أصيب بعامل القلة مع الزمن. فهو غير مسلح بل محكوم من القوى الأخرى التي تتداعى عليه وقد قررت أن تعطل طريقه في أي عمل رائد على مستوى العالم.
لكن في زحمة هذه المعوقات فثمة فرصة سانحة هو فقدان المصداقية في الأنظمة الإيديولوجية الحاضرة التي تؤسس للقوى المسيطرة وبالخصوص أمريكا.
فإذا كان موت الشيوعية قد دعم النظام الإمبريالي إلا أنه كشف بموته في الوقت نفسه لشعوب العالم طابع ذلك النظام السيئ والمخيف.فالحجة التي اعتمدتها الولايات المتحدة في محاربة الشيوعية فقد انقلبت عليها وبذا فقد أوجدت عهداً جديداً لم تعد فيه الولايات المتحدة تستطيع أن تقدم نفسها للعالم عبر القوة وحدها لقد وقعت في ضباب القوة وذلك ما حجب عنها معرفتها بالعالم لذا عجزت عن أن تقدم أي تخطيط لمرحلة جديدة من العالموية.
فأمريكا الإمبريالية لم تؤسس أي فكرة جديدة للعالم سوى أنها قدمت أصحاب الملايين في سوق العالم لكن العالمية ليست سوقاً والعالم ليس معروضاً للبيع.
من هنا فالإسلام هو الذي يحمل تلك الفكرة الحيوية التي هي خارج ثقافة الإمبريالية لأنها ثقافة الحضارة التي سكبت الوئام في مسارها فلم تُهَجِّر أو تبعد الجماعات ولم تستذل الشعوب. فالإسلام ثقافة لا تسير وحيدة لذا تتألف الثقافات في عالمية تلاقت فيها جميع الشعوب في إرادة ووعي.
إن قوة الإسلام الجوهرية تبرز اليوم بالتزامن مع التراجع المتصاعد للشيوعية. وهذا وحده الذي يفسر القاعدة الذهبية "الطبيعة تأبى الفراغ ويتشارك فيها علماء الاجتماع وعلماء السياسة مع علماء الفيزياء.
فبأي أسلوب يأخذ الإسلام المدى الذي تتركه الشيوعية خالياً من المؤكد أنه المدى الجغرافي وليس بالتأكيد مدى القوة الجديدة للذرة. من هنا فالإسلام يحتل محور السلام في مواجهة محور الحرب الذي تمثله قوة أمريكا التي هي أساس تماسكها الداخلي وحضورها الخارجي.
تلك هي العولمة المطروحة اليوم وهي بقدر ما أوسعت من واقع موضوعي فإن وجودها يؤرخ لمئة عام مضى أو يزيد.فعبر بنيتها التحتية كان العالم واحداً إنما عبر الإمبراطورية الاستعمارية الغربية وحدها. من هنا فالمشكلة يقول لنا بن نبي هي في البنية الفوقية(إذا تحدثنا باللغة الماركسية)التي هي متهمة بتخلفها عن البنية التحتية.
بعبارة أخرى كان العالم واحداً لكن تنقصه القواعد والأسس والموافقات العالمية التي تضع على تلك البنية التحتية بنى إيديولوجية وأخلاقية سليمة قابلة للاستمرار متناغمه أعني مقبولة من الأكثرية العظمى من الناس.
فالاتحاد السوفيتي ومراصده شاءوا أن يلعبوا دور الملطف للإمبريالية الأمريكية الوارثة للإمبريالية الأوروبية لكنه أضحى منهكاً بالحروب. لذا فالشيوعية ماتت قبل أن تعلن الانتصار النهائي على الإمبريالية باعتبارها أعلى مراحل الرأسمالية.وهكذا فالمعركة تنتهي حين لم يعد فيها مقاتلون.
لذا أتاح ذلك لمشعوذين كبار أن يضعوا أمام الأعين مقايسة فاسدة هي أن الشيوعية ماتت لأن الإمبريالية كانت محقة في سيطرتها. ومما يسرنا أن نقول: هذا زيف كبير.فالشيوعية ماتت بسبب مرضها الطفولي الخاص بها. فالعالم لم يكن مستعداً في كليهما أن يخضع لسلطان النقود.
فإذا كان الناس بحاجة للأفكار والبواعث لمتابعة الكفاح فمن المؤكد أنهم سوف يتجهون لقيم الإنسانية والروحية القادرة على تزويدهم بالطاقة وهم سوف يجدون في مكنون الإسلام وفي عمقه روح القوة الكبرى والدافعة.
فأمريكا تعرف ذلك تماماً لذا فهي تجيش كل أعدائها القدامى وتحولهم ضد الإسلام حين تعلنه أنه العدو الجديد.فالعدالة التي طرحت لترمم الشيوعية دفاعاً عنها لا تملك المقومات كمثال أخلاقي. فوفق منظري الماركسية فالعدالة هي تلك التي تجري في قناة الطبقة العاملة وحدها أي في تطور علاقات الإنتاج وهذه الأخيرة التي انتهت إلى أن أضحت جبهة صراع ضد الإمبريالية وقوة المال وحدها .وهكذا استغلت طاقة الجماهير وعملها النشيط حين وضعته في هذا الصراع فبالنسبة لبن نبي فإن أي فكرة محركة لا تستطيع الحضور وإنتاج الثمرات إذا لم تكن مغروسة في الضمائر ومؤثرة في السلوك.
لقد أعطى بن نبي نموذجاً في طريقة تحريم شرب الخمر في المجتمع الإسلامي وقد أشار إلى هذه الفكرة في مقال طويل حول الإسلام والديمقراطية وفي هذا المقال أثبت أن الديمقراطية لا ترتكز على مجرد تأهيل الفرد ليمارس حقه في التصويب فلقد رأينا كم هي فارغة وخادعة فكرة الديمقراطية في الولايات المتحدة حيث الرئيس يتولى السلطة عبر انتخاب شكلي يجعل منه ديكتاتوراً حقيقياً حين لا تقيد سلطته أية معايير أخرى لها صلة بالبواعث . وهكذا أضحت الديمقراطية محل نقاش حول جدواها إذ لم تعد سوى وسيلة فنية جف محتواها فأورثت ظاهرة العزوف عن السياسة في البلاد الغربية.فهناك نقاش حول مشروعية نتائجها حين نعلم أن المشاركين في التصويت هم أقل عدداً من الممتنعين عن التصويت فالسلطة التي تخرج من صناديق الانتخابات لها جانبها الشكلي حين لم تعد تعبر عن التطلعات العليا للأكثرية.
إن حقيقة أي اتجاه أو مذهب هو في محتواه وفي ترابطه وقوة حجته كما في قوة الروح التي تستوجبه لكن السبيل إلى بروز هذا المذهب اجتماعياً يتطلب معياراً مختلفاً إنه معيار الفاعلية وهذا المعيار يخضع لمتغيرات قوة وضعفاً لسبب بسيط هو ارتباطه بالعامل الإنساني. فالمذهب يمكن أن يكون صحيحاً وسليماً لكنه لا يحقق الغذاء الروحي المطلوب ليس لفساد فيه وانما لأن مصيره يرتبط لفاعلية المؤمنين به.فالمجتمع السليم هو الذي تحركه العقيدة حين يضعها أمامه وتجد حضورها في الفعل كما في الفكر وحين يكون المؤمنون بها في أوج قوتهم هذا ما يسميه بن نبي" الحضارة ".
فالشيوعية ماتت حين انزاحت وتخلفت كنظام عن جوهر فكرتها وهكذا سارع الانهيار إلى المجتمع حين غدت الشيوعية وعبر القوة مجرد نظام قمعي إرهابي.لقد انهارت الشيوعية حين غابت الديمقراطية. فبن نبي اعتبر دائماً المظهر الاجتماعي للإسلام هو الأساس وهو يتجلى في مجرى الزمن التاريخي بقدر ما هو فاعل وليس بقدر ما هو مذهب وفكر.فتفكيره انصرف دائماً إلى التحام الأصالة الصافية والفكرة العملية إذ درجة هذا الالتحام هي معيار العمل التاريخي.
فالإسلام أضحى في جوهره هو سلاح الشعوب ضد احتكار العالم الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفائها إنه الإيديولوجية الجديدة لمفهوم اللبرالية والحرية وقد حلت محل الشيوعية التي سقطت وهي مثقلة بالجرائم ضد الإنسانية.
فسواء كان ذلك من وهم التاريخ أو حقائقه فإن معركة النضال ضد الإمبريالية أضحت عبر الإسلام بعد أن وكانت الماركسية في بدايتها هي المخولة لهذا الدور لكنها ومنذ بداية القرن العشرين وليس منذ وفاة ستالين افتقدت دورها النضالي حين غدت الرأسمالية في وجهها النهائي هي العولمة.ففي المفهوم العالمي للعالمية الواقعية فالإسلام لم ينظر إليه أبداً كدين لأعداء الأمس في العهد الأندلسي لابن رشد وسواه من الفلاسفة وشعراء العصر الوسيط الأندلسي بل هو دين السلام الذي لم يفتر يوماً عن هذا الهدف.فالإسلام هو المحرك الجديد لبروليتاريا العالم.إذ ليس مهماً أن تكون مسلماً لتشير إلى الظلم إذا لم تكافحه. ولهذا السبب فإن بن نبي عبر عن إعجابه برجال ونساء كـتشي غيفارا وماو تسي تونغ وهما غير مسلمين وخلافه الإيديولوجي معهما كبير إذ هنا لا ينبغي الخلط بين الموت والهزيمة والكفاح من أجل عالم أكثر عدالة.فالشيوعية انهارت حين غدت محكومة بعدم الفعالية نظراً للتطور السلبي في أداء الإنسان وتشي غيفارا إدراكاً منه لذلك حاول أن يدخل تطوراً جديداً لدور الإنسان في الاشتراكية.
بن نبي هو أيضاً عبر عن ذلك في تفريقه بين الدور السلبي والدور الايجابي من خلال شخصية غاندي الذي اتخذ شكلاً آخر من الكفاح عبر فكرة اللاعنف.
لذلك فإن المسلمين اليوم لا يستطيعون سوى أن يكونوا عامل اتصال وتلاحم لذلك المناخ الجوهري نحو الإنسانية والعيش المتناغم مع العدالة والمساواة.إن عليهم أن يجددوا معنى العدالة الاجتماعية.فهناك رهان كبير على المسلمين التاريخيين كي يخوضوا هذا الكفاح إنما بطاقة جديدة هي ثمرة التضامن الوثيق بين الشعوب حول هذا الفكر الاجتماعي للإسلام.
إن المفكرين الغربيين أنفسهم لا يعتريهم الوهم بقدرات الغرب من الوجهة النفسية على التسلح مجددا بوسائله الخاصة.ذلك أن المجتمع الغربي في انحلاله قد ذهب بعيداً ولم يستطيع العودة إلى منطلقاته أو يستمد طاقته من قواه الخاصة.ومع ذلك فإن بؤس الغرب لا يصنع سعادة المسلمين كما أن ممارسة الإسلام ليست هي التي أدت إلى انهيار المجتمع الإسلامي.ذلك أن فكر بن نبي يضع في الدرجة الثانية دور المسلم نحو الآخر إذ عليه أولاً أن يهتم بدوره نحو نفسه كي لا يعمل في الفراغ أو يخدع بالشعار وهذا يتطلب منه معرفة جيدة بقدراته النفسية في استعادة المسار التاريخي ليعود كما بدأ أول مرة إلى البكور النفسي للمسلمين وللثقافة الإسلامية.
يجب على المسلم أن يتمتع بالشجاعة ليعيد التأمل وتفحص ما مضى بصفاء النظر إلى ما تجاوزه الزمن واطمئنان القادر على قلب الصفحة نهائياً دون احتقار الماضي أو لا مبالاة من يرميه في سلة المهملات.
فالإنسان لا يستطيع السير بعيداً وهو يجر ما خلفه أو أن يخيم على ضميره ظل من الضباب.فشرط التخلص من القابلية للاستعمار أمر لا بد منه وهو يأتي في المقدمة.
فالحضارات في ساعة الميلاد تحملها روح الإقدام البريئة من الأفكار المسبقة ومن كل عقده .وبن نبي في فكره يضع الإسلام في تلك المهمة العليا. إنه ذلك الإسلام الذي يولد في إطار جديد وهو منفتح على سائر المعتقدات.
فمن أجل أن تجدد العالم لا بد نبني من جديد الإنسان.
le texte écrit par le Dr Omar Benaissa a paru en français en postface au recueil d''articles de Malek Bennabi, et intitulé Colonisabilité et publié à Alger par Abderrahmane Benamara. Il a été traduit du français à l''arabe par Omar al-Mesqaoui.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
bls_raouf
التميز الذهبي
التميز الذهبي
bls_raouf


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1612
نقاط : 3922
تاريخ التسجيل : 20/11/2012

مالك بن نبي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مالك بن نبي   مالك بن نبي Emptyالجمعة مارس 22, 2013 7:53 pm

مالك بن نبي Z33Iq
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مالك بن نبي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مالك بن نبي والصحوة الإسلامية المعاصرة في الجزائر
»  المثاقفة والمثقف في فكر مالك بن نبي
»  مفهوم التنمية في فكر مالك بن نبي
» كتب المفكر مالك بن نبي رحمه الله
» البحث عن كتب عن فكر مالك بن نبي السياسي والاقتصادي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثانية علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1