منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمد امين بويوسف
عضو فعال
عضو فعال
محمد امين بويوسف


تاريخ الميلاد : 05/09/1991
العمر : 33
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 153
نقاط : 469
تاريخ التسجيل : 15/11/2012
الموقع : mamino.1991@hotmail.fr
العمل/الترفيه : طالب + لاعب كرة قدم + عاشق للفيس بوك

فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Empty
مُساهمةموضوع: فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية   فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyالجمعة ديسمبر 28, 2012 10:00 am

مقدمة
عندما نتحدث عن دور للمجتمع المدني في صنع السياسة، يتبادر إلى الذهن فوراً الشريك الأخر والأساسي في عملية صنع السياسة وهو الدولة. فعملية صنع السياسات من المهام الأساسية لأي دولة. بيد أن هذه العملية لا تنطلق من فراغ، فهي عملية ذات طابع ديناميكي ونتاج تفاعل أطراف عديدة حكومية وغير حكومية، داخلية وخارجية، وما يتضمنه ذلك من مشاورات واتصالات وضغوطات. وهذا الأمر مسلم به في أدبيات السياسة المقارنة منذ عقود عديدة، فهناك إقرار أن للجماعات المنظمة في المجتمع دوراً أساسياً في عملية صنع السياسة سواء من خلال صراعاتها مع بعضها البعض، أو مع الدولة في سبيل التأثير على عملية صنع السياسة (منهج الجماعة)، أو من خلال تقديمها لأنماط عديدة من المدخلات (معلومات – مشاورات – خبرة – مطالب – تأييد …..) للنظام السياسي (منهج النظم) .

شهدت العقود الثلاثة الأخيرة إحياء مصطلح المجتمع المدني من جديد ليشير إلى مجموعة التنظيمات الطوعية والاختيارية القائمة فعلاً في معظم المجتمعات المعاصرة، مثل النقابات المهنية والعمالية واتحادات رجال الأعمال واتحادات المزارعين والجمعيات الأهلية وغيرها من تنظيمات. وربما يكون من المفيد الإشارة إلى أن إحياء مفهوم المجتمع المدني بصياغته الجديدة لم يكن إلا نتاج أزمة، ففي حين كان لأحداث أوروبا الشرقية الفضل في تسليط الأضواء على دور المجتمع المدني في عملية التحول الديمقراطي، فإن أزمة دولة الرفاهة في أوروبا الغربية قبل سنوات مما حدث في أوروبا الشرقية هي التي أدت إلى إحياء مفهوم المجتمع المدني من جديد.

وبناء على ذلك برزت أدوار جديدة وعديدة منوطٌ بها المجتمع المدني، بعضها متعلق بالتحول الديمقراطي والبعض الآخر ذو صلة بصنع السياسة.

وعلى أية حال فإن تحليل دور المجتمع المدني في عملية صنع السياسة بأبعاده وحدوده وتقييم مدى فاعليته، مرهون بطبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني، هل هي علاقة متبلورة تقوم على الثقة والاعتماد المتبادل بين الطرفين؟ أم علاقة ما زالت في طور التشكل، وتتجاذبها توجهات متناقضة ما بين إيجابية وسلبية؟

إن كل نمط من أنماط هذه العلاقة من المتوقع أن يفرز أدواراً مختلفة للمجتمع المدني في صنع السياسة، ففي حين تتواجد علاقة شراكة فعالة وناجحة بين الدولة والمجتمع المدني في صياغة السياسات العامة وتنفيذها في الحالة الأولى (حالة الاعتماد المتبادل)، فإنه في الحالة الثانية غالباً ما ينحصر دور المجتمع المدني في القيام بمشروعات صغيرة هنا وهناك لمساعدة الفقراء والمهمشين، أو ما يطلق عليه ملء الفراغ الذي تركته الدولة بعد انسحابها دون أن يمارس دوراً حقيقياً في صنع السياسة من حيث صياغتها وتنفيذها وأيضاً تقويمها. وفي الغالب – وهذا وضع كثير من دول العالم الثالث – يكون وراء إفساح بعض المجال للمجتمع المدني الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها هذه البلدان، بالإضافة إلى الضغوط التي تتعرض لها من المؤسسات الدولية وغيرها من أجل الاعتراف بوجود هذا المجتمع المدني والإقرار باستقلاله .

أولاً: الهدف من الدراسة وتساؤلاتها الرئيسية
تسعى هذه الدراسة إلى تحليل دور منظمات المجتمع المدني وبالتحديد المنظمات غير الحكومية (NGOs) في بلورة سياسة للرفاهة الاجتماعية في الوطن العربي وتقييم هذا الدور، أبعاده وحدوده ومدى فعاليته، وأيضاً القيود المحيطة به.
وبناء على ذلك يتم طرح التساؤلات التالية:
1- ما أسباب تزايد الحديث عن دور للمجتمع المدني في صنع السياسة بصفة عامة، وسياسات الرفاهة الاجتماعية بصفة خاصة في العقود القليلة الماضية على الصعيد العالمي؟
2- ما الأسباب والمتغيرات الدافعة للتعويل على دور للمجتمع المدني في صنع سياسات الرفاهة الاجتماعية في الوطن العربي؟
3- ما أبعاد الدور الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية في الوطن العربي في صنع سياسات الرفاهة الاجتماعية، طبيعته وأبعاده وحدوده؟

ثانياً : نحو وضع إطار مفاهيمي ضابط للدراسة
تعريف المجتمع المدني
بمراجعة عديد من الأدبيات التي عُنيت بتعريف المجتمع المدني يمكن استخلاص عدد من العناصر التالية:
1 ـ المجتمع المدني هو المنظمات الوسيطة والمستقلة التي تملأ الفضاء الاجتماعي القائم بين الدولة والسوق والأسرة.
2 ـ يقوم المجتمع المدني على أساس رابطة اختيارية يدخلها الأفراد طواعية.
3 ـ يتطلب المجتمع المدني نظاماً قانونياً يحدد مجموعة الحقوق التي تكفل استقلال هذا المجتمع وتنظم العلاقة بينه وبين الدولة.
4 ـ سيادة ثقافة مدنية تقوم على أساس قبول الأخر المختلف وإقرار التعددية داخل المجتمع، والقدرة على حل الصراعات بطريقة سلمية وديمقراطية.

ثالثاً:العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني
إن الأصل في العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني إنها علاقة تكامل واعتماد متبادل وتوزيع للأدوار، وليست علاقة تناقض أو خصومة، فالمجتمع المدني ما هو إلا أحد تجليات الدولة الحديثة التي توفر شرط قيامه عن طريق تقنين نظامٍ للحقوق ينظم ممارسات كافة الأطراف والجماعات داخل المجتمع. كما أن المجتمع يعتمد على الدولة في القيام بوظائفه الأساسية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية من خلال ما تضعه من تنظيمات. فالدولة والمجتمع المدني متلازمان، لا دولة من دون مجتمع ولا مجتمع من دون دولة، بل إن المجتمع المدني هو وليد قوة الدولة ومن أجل موازنة قوتها. فلم يتطور المجتمع المدني في الغرب لتقويض الدولة، لقد كان المجتمع المدني والدولة القوية حصيلة التطور المتوازي. كما أن الدولة تستطيع أن تسهم في تقوية المجتمع المدني أو في تطور مجتمع مدني صحي من خلال وضع قوانين واضحة قابلة للتطبيق لعمل هذا المجتمع، وأيضاً تقديم حوافز له. وعلى الصعيد المقابل فإن منظمات المجتمع المدني تصبح أكثر فعالية في المشاركة في عملية صنع السياسة، إذا كانت الدولة تتمتع بسلطات متماسكة قادرة على وضع السياسات وتنفيذها.

رابعاً: تشكيلات المجتمع المدني
يضم المجتمع المدني تشكيلات عديدة مثل النقابات العمالية والمهنية واتحادات رجال الأعمال واتحادات الفلاحين والجمعيات الأهلية والخيرية وغيرها من التنظيمات. تقوم بعض هذه التنظيمات مثل النقابات العمالية والمهنية من أجل دافع فئوي خاص بمصالح فئة مهنية معينة، في حين تتشكل منظمات أخرى مثل المنظمات غير الحكومية من أجل دافع عام، قد يكون تنمية المجتمع أو الدفاع عن الفقراء والمهمشين.

برزت في السنوات الأخيرة المنظمات غير الحكومية كفاعل رئيسي في التنمية خاصة بعد النمو غير المسبوق في العدد والحجم والمجال، فعلى سبيل المثال يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية (2) مليون منظمة غير حكومية، وفي الهند مليون منظمة قاعدية، وفى أوروبا الشرقية حوالى 100.000 منظمة تشكلت في الفترة من1988-1995 . وجدير بالذكر أنه رغم وجود المنظمات غير الحكومية منذ بدايات القرن التاسع عشر واهتمامها بقضايا مثل مناهضة العبودية، إلا أن السنوات الأخيرة هي التي شهدت تحولاً محورياً ونقلة كمية وكيفية في واقع المنظمات غير الحكومية. وقد دفع ذلك أحد علماء السياسة المعنيين بهذه الظاهرة وهو "سالمون" أن يطلق على هذه الظاهرة الثورة التنظيمية العالمية (Global Association Revolution) وقد واكب ذلك إعادة تعريف دور المنظمات غير الحكومية في خطاب التنمية، كما تم النظر إليها على أنها تمثل مقترباً حقيقياً وأصيلاً لتمثيل الجماعات المهمشة . وعلى صعيدٍ ثانٍ فهي من وجهة نظر بعض الباحثين تتمتع بمزايا نسبية عديدة تجعلها أكثر فعالية من الدولة والسوق معاً في عملية تخصيص الموارد وفي عملية التنمية. وقد عدَّد بعض الباحثين هذه المزايا، ففضلا عن إنها تمتلك أساليب أكثر فعالية في الوصول إلى الفقراء، فإن طريقة عملها تتسم بالمرونة في الاستجابة للاحتياجات التنموية للمجتمعات المحلية على خلاف البيروقراطية التي تحكمها قواعد مؤسسية صارمة. كما إنها تتمتع بمهارات أكثر إبداعاً في التعامل مع المشكلات. هذا فضلاً عن التكلفة المنخفضة لما تقدمه من خدمات، وأيضاً القدرة على جذب التمويل. وأخيراً تماسها مع الناس بطريقة مباشرة من خلال تبني منهج قائم على المشاركة القاعدية.

وبناء على ما سبق من طرح نظري ستركز هذه الدراسة على دور المنظمات غير الحكومية بالتحديد، في المساهمة في صنع سياسة للرفاهة الاجتماعية في الوطن العربي.

خامساً:المتغيرات الدافعة لتصاعد دور المنظمات غير الحكومية في صنع السياسة في العقود القليلة الماضية على الصعيد العالمي
يمكن تحديد متغيرين أساسيين: الأول، خاص بأوضاع دولة الرفاهة الاجتماعية وتحولاتها في الدول الرأسمالية، وكذلك دولة الرعاية في الوطن العربي، والثاني، متعلق بالنظام العالمي وتحولاته.

1 ـ دولة الرفاهة الاجتماعية وتحولاتها
رغم نشأة المنظمات غير الحكومية في صورتها الأولى في الغرب من سنوات طويلة، إلا إنه ما كان يحكم عملها فلسفة الخير والإحسان، لكن مع تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية في تلك البلدان تغيرت الفلسفات الحاكمة لحركة هذه المنظمات. وعموماً يمكن القول إن ظهور المنظمات غير الحكومية مرتبط بتعميم حقوق المواطنة في أوروبا وأمريكا في القرن التاسع عشر.
اتجهت دول الغرب الرأسمالي بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929 وتحت تأثير إسهامات كينز الاقتصادية، إلى الدعوة لتدخل الدولة في مجالات اقتصادية واجتماعية عديدة من أجل إنقاذ النظام الرأسمالي من أزمته. وقد نتج عن هذا التدخل نشوء ما أطلق عليه دولة الرفاهة الاجتماعية، إذ تحملت الدولة عبء تقديم الخدمات الأساسية للشعب. وقد استمر هذا الوضع طيلة فترة الانتعاش الاقتصادي التي أعقبت الحرب العالمية الثانية حتى بداية السبعينيات، حين بدأت أزمة النظام الرأسمالي والتي عرفت بأزمة دولة الرفاهة، وتجلت في ضعف الأداء الاقتصادي للدول الصناعية. في ذلك الوقت برز تيار فكرى محافظ ينسب هذا الوضع إلى التوسع في دور الدولة في الحياة الاقتصادية، وجاء نجاح حكومة ثاتشر في بريطانيا عام 1979، ثم انتخاب ريغان في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1980 تأييدا لهذا التيار الذي يرغب في حكومة أصغر. ثم انفجرت كل مشاكل الدول الاشتراكية وخاصة في السنوات الأخيرة من الثمانينيات ودعمت هذا الاتجاه. وبذلك تكاتفت الظروف نحو الأخذ بأيديولوجية جديدة في السياسات الاقتصادية امتد تطبيقها لاحقاً في الدول النامية. إذ بدأ يتردد الحديث عن ضرورة تحقيق التوازن المالي والنقدي على مستوى الاقتصاد الكلي، وأيضاً الإصلاح الهيكلي الذي يتطلب الأخذ باقتصاد السوق والتخصيصية وخلق المناخ الاستثماري المناسب سواء للمستثمر الوطني أو الأجنبي. وهكذا لم تلبث سياسات التنمية في معظم الدول النامية، أن تأخذ منذ الثمانينيات وبوجه خاص في التسعينيات بهذا التوجه الجديد نحو تقليص دور الدولة في الاقتصاد والحد من الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم وغيرها
وقد تزامن مع ما سبق أزمة أو تحول آخر أطاح بمقولات خطاب التنمية الكلاسيكي وبخاصة في الدول النامية، هذا الخطاب الذي يركز على دور الدولة في التنمية والمتأثر بالمدرسة الكينزية. فقد أدت النتائج المتواضعة التي حققتها خطط وبرامج التنمية واسعة النطاق والتي قامت بها الحكومات لتحقيق التغيير المجتمعي السريع، إلى إعادة النظر في المفاهيم الكلاسيكية للتنمية. فهذه التنمية الكلاسيكية التي كانت تعتمد على دور مركزي للدولة لم تصل أثارها للمستويات المحلية والقاعدية، ولم تتح الفرصة لقوى الإبداع أن تظهر، ولذا بدأ الحديث عن ضرورة تنمية القدرات البشرية، وتشجيع المشاركة على المستوى المحلي، والتركيز على إشباع الاحتياجات الأساسية للمواطنين. وقد برزت في هذا الإطار مصطلحات جديدة مثل التمكين والمشاركة الشعبية والتنمية المستدامة والوصول لأفقر الفقراء . كما تبلورت استراتيجيات تنموية جديدة تعتمد في صياغتها وتنفيذها على فاعلين عديدين مثل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية.
وتدريجياً بدأ يبرز المجتمع المدني وفي القلب منه المنظمات غير الحكومية كإطار لهذه التنمية البديلة، وبخاصة بعد الدور الذي لعبه في قلب أنظمة عسكرية في أمريكا اللاتينية، وأنظمة شمولية في شرق أوروبا. بل تحول إلى الرهان الجديد لتحقيق الحرية السياسية والاجتماعية وتخفيف الفقر وتمكين المهمشين. وجدير بالذكر أنه على الرغم من اشتراك كل من الماركسيين والليبراليين الجدد في عدم رضائهم على نماذج التنمية الكلاسيكية التي تقودها الدولة، وتأييدهم لقيام المجتمع المدني بدورٍ في التنمية، إلا أن أهدافهم كانت مختلفة، فعلى حين عول اليسار على دور المنظمات غير الحكومية في تغيير منهجية التعامل مع الفقر والفقراء من مجرد تقديم المساعدات إلى إنجاز التنمية القاعدية، مما يمكن الفقراء من مواجهة القهر، فإن التيار الليبرالي نظر إلى المنظمات غير الحكومية على إنها الفاعل الجديد الذى يخفف الأعباء عن كاهل الدولة في التنمية . وعموماً يمكن القول إن تبلور دور المنظمات غير الحكومية كفاعل رئيسي، ارتبط بالسياسات الاقتصادية لليبرالية الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية وغرب أوروبا في الثمانينيات، هذه الليبرالية التي مثلت تغيراً أساسيا في التنظير حول دور الدولة في التنمية. وقد ساهم في صياغة مبادئها المؤسسات المالية الدولية حينما أكدت على دور المجتمع المدني في تحقيق التنمية والديمقراطية معاً.
وفي هذا الإطار بدأت حركة تشجيع تأسيس المنظمات غير الحكومية على تقديم خدمات اجتماعية للمواطنين، بيد أن هذا التشجيع شكلته رؤى مختلفة، فقد نظرت الحكومات المحافظة مثل بريطانيا الثمانينيات إلى نشاط هذه المنظمات باعتباره بديلاً عن الدولة ومستقلاً عنها، ولذلك اعتبرت التبرعات الخاصة هي المورد الأساسي لتمويل هذه المنظمات. أما الحكومات التي لم تتراجع كلية عن أسس دولة الرفاهة الاجتماعية مثل ألمانيا وفرنسا، فقد شجعت المنظمات غير الحكومية وموَّلتها على اعتبار أنها جسر يربط بين الدولة والمواطنين بحيث يمكن أن يقدم الخدمات لهم دون أن تضطر الدولة إلى التوسع في الهيكل البيروقراطي . وبالفعل زاد إسهام المنظمات غير الحكومية في بلدان عديدة مثل بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وغيرها، في مجالات الصحة والتعليم والثقافة ومساعدة الفقراء، فحوالى ثلاثة أرباع إنفاق هذه المنظمات في البلدان السابق الإشارة إليها تواً يتجه إلى الخدمات الاجتماعية بأنواعها
وهكذا تبلور لهذه المنظمات غير الحكومية والتي أطلق عليها كثير من الباحثين القطاع الثالث، دوراً اقتصادياً يحل محل الدولة والسوق معاً(القطاعين الأول والثاني) في وظيفة تخصيص الموارد بصورة أكثر عدالة وكفاءة، أو ما يطلق عليه نظرية سد الفجوة (The Gap Filling) . هذه النظرية التي ارتبطت بمجال نشاط دولة الرفاهة بمعنى ارتباط حجم هذا القطاع غير الربحي عكسياً مع الدور الرعائي للدولة، فإذا انحسر هذا الدور اتسع حجم القطاع والعكس صحيح .
بيد أن الأمر الأكثر أهمية أن حدود التعاون بين الدولة في المجتمعات الغربية وغيرها من ناحية، والمنظمات غير الحكومية من ناحية أخرى، لم يقف عند هذا الحد السالف الإشارة إليه، ولكنه تجاوز ذلك إلى بلورة شراكة مؤسسية ومنظمة بين الطرفين في التنمية. ففي بلدان مثل بريطانيا والولايات المتحدة وكرواتيا وغانا، تطور التعاون بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية بسرعة هائلة، وبغية دعم هذا التطور تم الاتفاق على أسس وأطر لهذا التعاون تعيد صياغة العلاقة بين الطرفين بصورة أكثر توازناً، وتؤكد أن دور المنظمات غير الحكومية ليس مجرد دور مكمل لدور الدولة (Supplementary Provider) ، ولكنه طرف أساسي (Stakeholder) في صياغة السياسات العامة وتنفيذها.

2 ـ النظام العالمي وتحولاته: تغير محوري
منذ عقد التسعينيات لم يعد الخطاب المتعلق بدور المنظمات غير الحكومية يركز على سد الفجوة أو ملء الفراغ الذي انسحبت منه الدولة بعد تطبيقها سياسات التحرير الاقتصادي، ولكنه تطور إلى التأكيد على ضرورة قيام المنظمات غير الحكومية بدور في عملية صنع السياسة جنباً إلى جنب مع المؤسسات الحكومية. وعلى هذا يمكن القول إنه لم تكن أزمة دولة الرفاهة هي السبب الأساسي والوحيد للتعويل على دور للمنظمات غير الحكومية في التنمية، لكن كان بجانب ذلك التحولات الجذرية التي طرأت على النظام العالمي.
من هذه التحولات الدور الذي لعبته المؤسسات المالية الدولية خاصة مع دول العالم الثالث من خلال قيامها بتوجيه المعونات مباشرة للمنظمات غير الحكومية في هذه البلدان.
وعلى الصعيد المقابل كانت هناك ضغوط موجهة من منظمات غير حكومية كبيرة على بعض المؤسسات المالية الدولية لتعديل أجندتها ومنهجيتها في العمل مع البلدان النامية. فعلى سبيل المثال كان البنك الدولي يساهم في إقامة عديد من البرامج الصناعية التي تضر بالسكان الأصليين وبالبيئة في بعض البلدان. وتحت ضغوط هذه المنظمات غير الحكومية امتنع البنك الدولي عن تمويل مثل هذه المشروعات في بلدان مثل الهند وماليزيا وغيرها. بل بدأ يتعاون مع منظمات غير حكومية مثل أوكسفام وغيرها.
وجدير بالذكر أن البنك الدولي استمر لعدة عقود يرفض المطالب والأصوات المنادية بالتغيير من قبل المنظمات غير الحكومية. إلا أنه في خلال التسعينيات اشتركت أكثر من 150 منظمة غير حكومية في حملة قوية لحث البنك على مزيد من الانفتاح والشفافية وتشجيع خفض الديون واتباع استراتيجيات إنمائية أكثر عدلاً وأقل تدميراً للبيئة. وقد نجحت هذه الضغوط إلى حد كبير في دفع البنك الدولي عام 1994 إلى إعادة النظر في أهدافه وطرائق عمله. وقد وضح التغيير بصورة عملية ، فحوالى نصف مشروعات الإقراض الخاصة بالبنك تتضمن بنوداً وتدابير خاصة بمشاركة المنظمات غير الحكومية مقارنة بحوالى 6 بالمئة في الفترة من 1973-1988.
كما أن صندوق النقد الدولي والذي أبدى لفترة طويلة موقفاً رافضاً لأي دور للمنظمات غير الحكومية على اعتبار أن القضايا الذي يتناولها تتطلب قدراً من السرية، فقد اضطر أن يغير من موقفه المتعنت، ووضح ذلك في مقابلة مجلس مديري الصندوق مع العديد من المنظمات غير الحكومية لمناقشة مقترحاتهم بغية زيادة شفافية الصندوق
على صعيد آخر كان للأمم المتحدة دورها هي الأخرى في تصعيد أهمية دور المنظمات غير الحكومية والذي تمثل في المؤتمرات العالمية العديدة التي انعقدت في التسعينيات، فقد شهد هذا العقد عديد من المؤتمرات العالمية الهادفة إلى تحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة مثل مؤتمر البيئة والتنمية في البرازيل عام 1992 والذي عرف بقمة الأرض، والمؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة عام 1994، ومؤتمر القمة العالمية للتنمية الاجتماعية في كوبنهاجن عام 1995، والمؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بيجين عام 1995، ومؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في اسطنبول عام 1996. وقد تناولت توصيات تلك المؤتمرات قضايا عديدة تركزت بالأساس حول التنمية الاجتماعية المستدامة، كما أشارت إلى مجموعة من الإجراءات التي يجب أن تتخذها المؤسسات الحكومية بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية. وبذلك استقر في وجدان الخطاب العالمي أن هناك طرفين مسؤولين عن التنمية هما: الحكومات والمنظمات غير الحكومية.
دارت توصيات تلك المؤتمرات حول قضايا وثيقة الصلة بالرفاهة الاجتماعية مثل تنظيم النمو السكاني، وحماية البيئة، وتوفير خدمات الصحة الإنجابية، وتعزيز الخدمات الأساسية للجميع وتوفير التعليم للجميع، والقضاء على الفقر، وتوفير مصدر عيش مستديم، وتمكين المرأة وإنجاز المساواة بينها وبين الرجل، وإيجاد بيئة ملائمة تمكِّن من تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبناء القدرات والآليات المؤسسية اللازمة لإدارة التنمية. وقد تم التأكيد في هذه المؤتمرات على أن أي سياسة توضع لمواجهة هذه المشكلات لا بد أن يشارك المجتمع المدني في وضعها. فعلى سبيل المثال في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية عام 1994 تمت الإشارة إلى أنه ينبغي على الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية أن تتحاور مع المنظمات غير الحكومية في عملية صنع القرار. وفى مؤتمر كوبنهاغن وردت الإشارة إلى ضرورة توافر مساهمة أوسع نطاق من جانب المجتمع المدني في صوغ وتنفيذ القرارات التي تتحكم في سير المجتمع، وتعزيز قدرة المجتمع المدني على المشاركة الفعلية في تخطيط ووضع برامج التنمية الاجتماعية، وفي اتخاذ الإجراءات والوصول إلى الموارد اللازمة لتنفيذها. أما في مؤتمر بكين فقد تم التأكيد على ضرورة تشجيع التعاون في ما بين الوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والمنظمات النسائية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل وضع استراتيجية وطنية شاملة لتحسين خدمات الرعاية الصحية للمرأة والطفل .
وأخيراً جاءت العولمة بتجلياتها وتحدياتها وأبرزها الثورة الهائلة في الاتصالات والتي أدت إلى كسر احتكار الدولة للمعلومات، وإلى فتح أكثر مناطق العالم عزلة أمام شبكات الاتصال العالمية، مما فتح المجال أمام البشر أن يتحاوروا معا وينظموا أنفسهم. وربما قد يكون من الملائم هنا الإشارة إلى تظاهرات سياتل والتي شملت عشرات الآلاف من البشر من 700 منظمة غير حكومية. وفىي الواقع أن ما ظهر في هذه التظاهرات لم يكن إلا قمة جبل الثلج، فقد كان وراء تنظيم هذه المظاهرات حوالى 30.000 منظمة غير حكومية . كما أصبح من المسلم به قيام كثير من منظمات المجتمع المدني خاصة المندمجة في شبكات عالمية في توظيف المجتمع المدني العالمي للضغط على الحكومات خاصة في قضايا الحريات وحقوق الإنسان .

سادساً: مبررات التعويل على دور أكبر للمنظمات غير الحكومية في صنع السياسات العامة
من واقع تقييم دور المنظمات غير الحكومية في مدى قدرتها على إنجاز التنمية في المجتمعات التي تعمل بها، بدأت حركة مراجعة شاملة لدورها وفاعليتها. فعلى الرغم من كثير من النجاحات الصغيرة التي حققتها هذه المنظمات في المجتمعات التي عملت بها، فإن هذه التأثيرات ظلت محدودة وجزئية، والسبب أن النظم والهياكل التي تحدد توزيع السلطة والموارد داخل هذه المجتمعات ظلت كما هي . وربما من أهم العوامل المؤدية إلى هذا الوضع إخفاق المنظمات غير الحكومية في إقامة روابط بين عملها على المستوى القاعدي، وبين الأنظمة والهياكل الأوسع التي تعد جزءاً منها، فقد ركزت في عملها على تقديم خدمات الغوث والرعاية الاجتماعية، فضلاً عن الاهتمام بالصحة الوقائية وتنظيم الأسرة. ورغم أهمية هذه المشروعات لكنها لا تخلق إلا جزر من الرفاهية النسبية في غِمار بحرٍ معاكس وبيئة غير مؤاتية، وما يعنيه ذلك من أن الآثار المفيدة للمشروعات والبرامج التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية على المستوى الجزئي غالباً ما كانت تفقد جدواها بفعل تأثير السياسات الكلية. فوفقاً لكلارك لن تتحقق المشاركة الشعبية الحقيقية إلا من خلال إدخال إصلاحات على الهياكل الرسمية، وليس مجرد مضاعفة أعداد المشروعات التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية
وبالفعل هناك اختلافات في الاقترابات التي تتبناها كل من المنظمات غير الحكومية والحكومات في عملها، فعلى الرغم من كفاءة وفاعلية المنظمات غير الحكومية في ممارستها لنشاطها في مجتمعاتها المحلية، إلا أن نشاطها محدود النطاق جغرافياً، فضلاً عن تبنيها لمفاهيم جزئية للتنمية تستجيب للمصالح ذات الطابع المحلي. وعلى النقيض من ذلك فإن الحكومات تعمل على نطاق أكثر اتساعاً وتستهدف المجتمع ككل بالمعنيين الاجتماعي والجغرافي، إلا إنها قد تعجز عن رؤية العلاقات الفعلية عن قرب، ولذلك تصل إليها المعلومات كمعلومات عمومية تنقصها الخبرة الميدانية، وهذا قد يؤدي لعدم ملاءمة قراراتها لفئات اجتماعية معينة. وما يعنيه ذلك من حاجة كل طرف للآخر.
وربما كان هذا التقييم هو السبب الرئيسي لتطور المنظمات غير الحكومية والحديث عن أجيال لهذه المنظمات، لكل جيل اقتراب مختلف في التعامل مع التنمية.
مرت المنظمات غير الحكومية بعدة أجيال في تطورها. يمثل الجيل الأول جيل الإغاثة، حيث إن العديد من المنظمات غير الحكومية مثل منظمة إنقاذ الأطفال وغيرها كانت تتولى عمليات الإغاثة وتقديم الخدمات الاجتماعية للفقراء. وتعد جهود الإغاثة استجابة للمواقف الطارئة سواء كانت بفعل الطبيعة أو البشر، ولكن دون العمل مباشرة في التنمية، أي التعامل مع أعراض المشكلة من خلال تخفيفها. أما الجيل الثاني وهو جيل الاعتماد على الذات، فقد ظهر هذا الجيل من المنظمات غير الحكومية نتيجة عدة عوامل أهمها إدراك عدم جدوى التعامل مع أعراض المشكلة من دون أسبابها. قام هذا الجيل من المنظمات غير الحكومية (وبالتحديد في دول الشمال) بمشروعات استهدفت زيادة القدرات المحلية للمجتمعات المحلية، والسيطرة على الموارد الضرورية والمطلوبة لتحقيق التنمية المتواصلة. إن نشاط هذا الجيل من المنظمات غير الحكومية لم يركز على الضغط من أجل مزيد من المعونات بقدر تركيزه في السعي إلى إزالة القيود التي تحول دون تنمية العالم الثالث.
كان الجيل الثالث بمثابة نقلة كيفية في التعامل مع التنمية وصنع السياسات العامة. أدرك هذا الجيل أن أي عملية إنمائية معتمدة على الذات ستكون قابلة للانهيار والاختراق إذا لم يتوافر إطار مؤسسي وسياسي يشجع المبادرات المحلية. وقد أدرك هذا الجيل من المنظمات ضرورة تطوير سياق وبيئة دافعة لتحقيق التنمية المستدامة مع مراعاة الفئات الأضعف في المجتمع. وعلى هذا فإن الاستراتيجية الإنمائية التي يطرحها الجيل الثالث من المنظمات غير الحكومية، تتطلب ديمقراطية صنع القرار والمشاركة الكاملة من جانب الأفراد في صياغة احتياجاتهم الإنمائية . وهكذا كان لهذا الجيل الفضل في طرح فكرة ضرورة مشاركة المنظمات غير الحكومية في صنع السياسة. كما أدرك أن نجاح هذا الأمر مرهون بالقدرة على إقامة تحالفات وشبكات وليس بالعمل الفردي. وأخيراً يؤمن هذا الجيل من المنظمات غير الحكومية أن عملية الدفع الرسمية للتنمية المستدامة التي تضطلع بها الأمم المتحدة من خلال المنظمات الدولية والمنظمات الإقليمية والحكومات، لن يكون لها قيمة حقيقية من دون وجود قدرٍ أكبر من المشاركة من جانب المجتمع ومنظماته.
وفي هذا السياق بدأ الاهتمام بطرح أفكار متنوعة واقتراح أطر متعددة لضمان مشاركة المنظمات غير الحكومية في صنع السياسات العامة وخاصة المتعلقة بالرفاهة الاجتماعية

سابعاً: محددات نجاح المنظمات غير الحكومية في التأثير على عملية صنع السياسة
كما هو مستقر عليه في أدبيات السياسة المقارنة أن أي سياسة هي مخرج نهائي لعملية ضغوط وضغوط متبادلة. تؤثر المنظمات غير الحكومية على عملية صنع السياسة من خلال عدة وسائل وآليات مثل تقديم المشورة والخبرة الفنية، وبناء تكتلات وتحالفات للضغط على صنَّاع السياسة، و تنظيم حملات دعوى، وأيضاً حملات إثارة لوعي الجماهير بقضية ما. فضلاً عن طرح المطالب مباشرة وكذلك مراقبة الحكومات . كما برزت في الآونة الأخيرة فكرة الشراكة بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية، هذه الشراكة التي تبدأ من مراحل مبكرة في صنع السياسة وقبل أن تلتزم الحكومة بأي التزامات. والأمر المثير للانتباه الاهتمام المفرط في هذه البلدان من قبل الباحثين والنشطاء على السواء بوضع أسس ومعايير لهذه الشراكة. فنجاح عملية الشراكة يتطلب أمور عديدة منها إقامة شبكات وتحالفات بين المنظمات غير الحكومية وبعضها البعض، بغية تسهيل تبادل المعلومات والخبرات مع مراعاة إشراك المنظمات القاعدية في هذه الشبكات. كما يشترط لنجاح الشبكة تطبيق ديمقراطية اتخاذ القرار. ومن ناحية ثانية فإن الشراكة الناجحة تتطلب توفير إطار مؤسسي يحدد أسس التعاون بين الدولة والمنظمات غير الحكومية مع مراعاة مراجعة هذا الإطار باستمرار في ضوء التغيرات التي تطرأ على المجتمع. قد يأخذ هذا الإطار شكل اتفاق بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية أو استراتيجية قومية للتنمية يشارك فيها الطرفان أو أي شكل أخر. وفي هذا الاتفاق ـ فضلا عن تحديد أسس التعاون ـ تقر الحكومة بأهمية الدور الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية. فضلاً عن الالتزام باحترام استقلاها وحقها في ممارسة أية أدوار دفاعية يبتغيها، وحقها في توجيه الانتقادات إلى الحكومة بل ورفضها التعاون معها. فالشراكة الناجحة تقوم على أساس الثقة المتبادلة بين الشركاء واحترام استقلال كل طرف وتوفير آليات للتعاون.
إن الوصول بالشراكة إلى هذا المستوى يعني إقرار الحكومات بعدم قدرتها على إنجاز المهام المطلوبة منها بكفاءة وفعالية في ضوء تزايد هذه المهام بدرجة غير مسبوقة. ففي السويد مثلاً هناك إقرار أن المنظمات غير الحكومية جزء من النظام السياسي والإداري للدولة. وفي فرنسا تشارك المنظمات غير الحكومية في صنع السياسات وتنفيذها، وأيضاً في تخصيص الموارد وتحديد الفئات المستهدفة من خلال لجنة التعاون التنموي والتي تضم ممثلين من الحكومة والمنظمات غير الحكومية.
إن قدرة المنظمات غير الحكومية في التأثير على عملية صنع السياسة يتطلب أموراً عديدة؛ أولها متعلق بالدولة، والثاني متعلق بالمنظمات غير الحكومية، والثالث متعلق بالعلاقة بين الطرفين.
في ما يتعلق بالدولة، إن نجاح المنظمات غير الحكومية في التأثير على عملية صنع السياسة مرتبط بالإطار القانوني التي تضعه الدولة لتنظيم وجود ونشاط هذه المنظمات، بمعنى هل هو إطار قانوني منظم أم مقيد؟ كما يرتبط الأمر نفسه بمدى استجابة الدولة بمؤسساتها المختلفة للمطالب والضغوط القادمة من المجتمع ومؤسساته.
تتعدد المحددات الحاكمة لقدرة المنظمات غير الحكومية على التأثير على عملية صنع السياسة. أول هذه المحددات ما تتمتع به هذه المنظمات من قدرات إدارية ومؤسسية ( بناء الهياكل التنظيمية – تنمية روح العمل الجماعي- مهارات الاتصال – التخطيط الإستراتيجي) أو ما يطلق علية عملية بناء القدرات، هذه المهارات المرتبطة بالجيل الثالث للمنظمات غير الحكومية . أما المجموعة الثانية من المحددات فترتبط بالقدرة على بناء رصيد للقوة والتأثير من خلال النجاح في إقامة تحالفات وشبكات في ما بين المنظمات الحكومية وبعضها البعض، وأيضاً مع كافة الأطراف الفاعلة فى عملية التنمية سواء على المستوى الوطني أو العالمي.
وأخيراً مدى قدرة المنظمات غير الحكومية على تحديد احتياجات مجتمعاتها المحلية، وهذا يتطلب إشراك هذه المجتمعات في تحديد المشروعات والتخطيط لها وتدبير التمويل وتنفيذها ومتابعتها. وهذا الأمر ليس هين إذ يحتاج إلى مهارات خلق جسور مع المجتمعات المحلية وبناء للثقة بين هذه المجتمعات والمنظمات غير الحكومية. وجدير بالإشارة إن مصدر شرعية أي منظمة غير حكومية استنادها لقاعدة شعبية.
تتعلق المجموعة الثالثة من المحددات بطبيعة العلاقة بين الدولة والمنظمات غير الحكومية، وهي في الواقع قضية مرتبطة بكل المحددات السابق الإشارة إليها تواً. وعلى أية حال هناك أكثر من سيناريو، فإما أن تكون هذه العلاقة تعاونية وتستند للاعتماد المتبادل وتوزيع الأدوار، وفي هذه الحالة من المتوقع أن تقوم علاقة شراكة ناجحة وفعالة بين الدولة والمنظمات غير الحكومية في عملية صنع السياسة. وعلى النقيض يأتي السيناريو الثاني إذ يشوب العلاقة بين الدولة والمنظمات غير الحكومية الصراع ويحكمها الخصومة، فأي مكسب تحققه المنظمات غير الحكومية يكون على حساب الدولة والعكس صحيح. وعلى أية حال من الصعب في الواقع المعاش افتراض وجود أي من العلاقتين بشكل مطلق، فالمجتمع المدني وفي القلب منه المنظمات غير الحكومية مجتمع غير متجانس في الرؤى والمصالح وبالتالي العلاقة بالدولة.


ثامناً: المنظمات غير الحكومية في الوطن العربي
تشكل المنظمات غير الحكومية في الوطن العربي أو ما يطلق عليها الجمعيات الأهلية العربية، العمود الفقري للمجتمع المدني. ورغم نشأة هذه المنظمات في كثير من البلدان العربية منذ زمن بعيد، فإن العقود الأخيرة من القرن العشرين شهدت صحوة ملحوظة ونمو غير مسبوق في تأسيس المنظمات غير الحكومية. وقد كان ذلك في الواقع نتاج متغيرات عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية بعضها له سمة عالمية والأخرى محلية. يمكن تحديد ثلاث مجموعات من العوامل أسهمت في هذه الصحوة: أولها السياسات الاقتصادية التي اتبعتها معظم البلدان العربية منذ منتصف الثمانينيات والتي تمثلت في التحرير الاقتصادي وتخلي الدولة عن جزء كبير من الدور المحوري التي كانت تشغله اقتصادياً واجتماعياً. وقد كان وراء ذلك تفاعل الضغوط القادمة من المؤسسات المالية الدولية مع الأزمة الاقتصادية التي أمسكت بخناق غالبية الأنظمة السياسية العربية، حيث وصلت سياسة التصنيع بإحلال الواردات إلى سقفها، وازداد استيراد الطعام من 2 بليون دولار في الثمانينيات إلى 20 بليون دولار في التسعينيات. ناهيك عن ارتفاع الديون الخارجية من أقل من 5 بليون دولار في عام1970 إلى 200 بليون دولار في عام 1990. أدت سياسات التحرير الاقتصادي التي اتبعتها معظم الدول العربية غير النفطية إلى خفض الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية وبرامج الرفاهة الاجتماعية .
أما المجموعة الثانية من المتغيرات فمرتبطة بالتحولات الديمغرافية والاجتماعية التي شهدتها تلك البلدان مثل تزايد عدد السكان وما يفترضه ذلك من احتياجات جديدة فضلاً عن النمو الحضري الذي لم يواكبه تنمية اقتصادية وغيرها من تحولات .
تدور المجموعة الثالثة من المتغيرات حول الدور الذي لعبته المؤسسات المالية الدولية والذي تجاوز مجرد الضغط من أجل تطبيق برامج التحرير الاقتصادي والتكيف الهيكلي إلى البحث عن فاعلين جدد غير حكوميين يتم التعامل معهم. وبالفعل اتجهت هذه المؤسسات إلى التعامل بشكل مباشر مع المنظمات غير الحكومية بغية سد الفجوة التي تركتها الدولة وإنقاذ ضحايا التحرير الاقتصادي. ولا يفوت في هذه النقطة الإشارة إلى الدور الذي لعبته أيضاً منظمة الأمم المتحدة في مؤتمراتها المختلفة من خلال تأكيدها على ضرورة مشاركة المنظمات غير الحكومية في صنع السياسات وصياغة خطط التنمية.

كل هذه المتغيرات مهدت الطريق إلى تحولات جذرية على مستوى الكم والكيف في أوضاع المنظمات غير الحكومية العربية. فقد تزايد عدد هذه المنظمات بنسب كبيرة في بعض الأقطار العربية مثل مصر واليمن وتونس والجزائر والمغرب. يقدر عدد المنظمات غير الحكومية ـ وفقاً إلى التقرير الذى أصدرته الشبكة العربية للمنظمات الأهلية عام 2003ـ بـ 230 ألف منظمة في عام2002 .
لم تقتصر التحولات على النمو الكمي في أعداد المنظمات غير الحكومية، لكن تجاوز ذلك إلى تحول كيفي يتعلق بأنشطة وفعاليات هذه المنظمات. فقد برز جيل من المنظمات الدفاعية التي تقوم بدور تنويري ونشط في مجال حقوق الإنسان والمرأة والطفل والفئات المهمشة. إلى جانب ذلك وضح الاهتمام بمكافحة الفقر وتبني منهجٍ جديدٍ للتعامل مع هذه المشكلة، يستند إلى فكرة التمكين وليس مجرد تقديم المساعدات الخيرية. كما احتلت قضية مكافحة البطالة مكانة أساسية في بعض الدول العربية مثل مصر والأردن والمغرب من خلال تركيز المنظمات غير الحكومية في هذه البلدان على التدريب والتأهيل والمشروعات الصغيرة. كما ظهرت أنماط جديدة من المنظمات التي هدفت إلى ملء الفراغ الذي تركته الدولة وخاصة في مجالات الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات الاجتماعية (مصر – الأردن). بالإضافة إلى ذلك نشطت منظمات أهلية جديدة في مواجهة ظواهر اجتماعية سلبية مثل عمالة الأطفال وأطفال الشوارع والإدمان، بل وسعت إلى وضع هذه القضايا على أجندة الحكومات في بلدان مثل مصر والسودان والمغرب
خلاصة القول أن هناك مؤشرات إيجابية تمثلت في النمو الكمي في أعداد المنظمات غير الحكومية والنقلة الكيفية في مناهج واقترابات هذه المنظمات في التعامل مع الواقع.
وجدير بالذكر أن هذه التحولات صاحبها خطاب سياسي داعم لهذه المنظمات ودورها في التحول الاقتصادي. بل بدأت إرهاصات بناء شراكة بين المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية، والتي كانت أبرز تجلياتها قيام الحكومات بإسناد عديد من المشروعات للمنظمات غير الحكومية لتنفيذها.
ورغم كل ما سبق من تطورات فإنها لا تمثل توجهاً عاماً ولكن مجرد حالات أو استثناءات لم تصل إلى حالة القاعدة العامة، فما زالت التوجهات الخيرية لها الغلبة على نشاط المنظمات الأهلية العربية، فـحوالى نصف المنظمات غير الحكومية العربية يعمل في الأنشطة الخيرية في المتوسط ( في لبنان 53.3 بالمئة وفى سوريا 80 بالمئة والكويت 78.2 بالمئة والسودان 70 بالمئة). في حين لا تزيد المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال التنمية والتي تتبنى فلسفة التمكين عن الربع.
ويمكن القول إن العلاقة المتوترة بين الدولة والمجتمع على مر التاريخ قد لعبت دوراً في تكريس هذا الاتجاه، فالعمل الخيري نشاط لا يثير الحكومات ولا يؤدي إلى مصادمات مع الأنظمة السياسية. وعلى صعيد أخر فهو نشاط يصب في صالح استقرار الأوضاع القائمة من خلال تسكينها والحد من قسوتها. كما أنه لا يرتبط برؤية نقدية لواقع المجتمع وخريطته الطبقية، على عكس الحال في المنظمات الدفاعية والحقوقية وبدرجة أقل المنظمات التنموية والتي تطرح رؤية نقدية للواقع وتسعى لإصلاح السياق السياسي والمؤسسي الذي تعمل فيه وفقاً لاستراتيجيات الجيل الثالث من المنظمات غير الحكومية.
ومع ذلك يمكن رصد بدايات لدور تلعبه المنظمات غير الحكومية في صنع السياسة وبالتحديد السياسات المتعلقة بالرفاهة الاجتماعية.

تاسعاً: المنظمات العربية غير الحكومية ودورها في صنع سياسات الرفاهة الاجتماعية
بناء على ما سبق ذكره أن هناك اهتمامات وليدة بقضايا الفقر والتهميش الاجتماعي من قبل المنظمات غير الحكومية العربية، يلاحظ أن هذه المنظمات تعمل في مجالات الرفاهة الاجتماعية أما بمفردها وبمعزل عن الدولة تماماً من خلال ما تقوم به من مشروعات مستقلة، أو من خلال شراكة مع المؤسسات الحكومية.
من ضمن الأمثلة الدالة على الحالة الأولى الدور الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية في تقديم الرعاية الصحية للمواطنين في بلدان مثل مصر والأردن ولبنان . فعلى سبيل المثال في لبنان، فإن المنظمات غير الحكومية تسهم في خفض التكلفة الصحية ما بين 30 بالمئة و40 بالمئة، وفي الأردن تغطي المنظمات غير الحكومية 60 بالمئة من خدمات الرعاية الاجتماعية، وفي مصر يعتمد 14 بالمئة من السكان على الخدمات الصحية التي تقدمها الجمعيات الأهلية . بيد أنه كما سبقت الإشارة في موضع سابق أن هذا النوع من النشاط لا يسعى في الأغلب الأعم إلى إحداث تعديل جوهري في السياق العام سياسياً ومؤسسياً.
أما في الحالة الثانية وهي حالة بناء الشراكة، فإن الأمر يختلف، فالشراكة في أحد أبعادها الأساسية هي إسهام مباشر في عملية صنع السياسة من جانب أطراف عملية الشراكة، كما أنها تسعى إلى تغيير السياق السياسي والمؤسسي العام.
برزت في الآونة الأخيرة نماذج وتجارب للشراكة بين المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية في مجالات عديدة في الوطن العربي، مثل تنمية العشوائيات والتعليم ومكافحة الفقر والتنمية الريفية ومواجهة البطالة وغيرها. فعلى سبيل المثال في قضية مكافحة الفقر أصدرت دول عربية عديدة استراتيجيات لمكافحة الفقر شارك في إعدادها ممثلون عن المجتمع المدني. كما خصت هذه الإستراتيجيات المنظمات غير الحكومية بأدوار محددة.
ففي مصر ظهرت في عام 2003 مبادرة قومية لرعاية الأطفال بلا مأوى (أطفال الشوارع)، حيث تأسست شراكة بين المجلس القومي للطفولة والأمومة وهو مجلس شبه حكومي، وشبكة الجمعيات الأهلية المعنية بوضع استراتيجية متكاملة للحد من الظاهرة. وعلى المنوال نفسه قامت شراكة بين المجلس القومي للمرأة وحوالى 300 جمعية أهلية في مصر لمساعدة المرأة المعيلة لأسر.
وإذا تناولنا قضايا فرعية في إطار سياسات الرفاهة الاجتماعية مثل التعليم والصحة وغيره سنجد بعض التجارب الوليدة.

1 ـ قضية التعليم
ما زالت قضية التعليم تشكِّل مع مطلع الألفية الجديدة تحدياً ضخماً سواء على مستوى القيد في التعليم الأساسي، أو تكافؤ الفرص بين الجنسين، أو على صعيد مواجهة مشكلات التسرب من التعليم وتحسين نوعيته. تحظى هذه القضية باهتمام عديد من المنظمات غير الحكومية في بلدان عربية مثل مصر ولبنان والسودان وتونس والكويت.
بدأت في مصر تجربة شراكة بين وزارة التربية والتعليم وبعض الجمعيات الأهلية العاملة في مجال التعليم (174) جمعية بهدف مواجهة مشكلات التعليم المتعددة. هدفَ نموذج الشراكة إلى تحسين العملية التعليمية في المناطق الفقيرة وإشراك الأهالي والطلاب في تحسين بيئة التعليم. ولكي تؤطر وزارة التربية والتعليم هذا النموذج، أُنشئت إدارة بالوزارة للجمعيات الأهلية العاملة في مجال التعليم عام 1999. اضطلعت هذه الإدارة المذكورة بمهام رئيسية من أبرزها إنشاء قاعدة بيانات للجمعيات الأهلية النشطة في مجال التعليم والتنسيق بين هذه الجمعيات وصنَّاع السياسة التعليمية. كما شكلت الوزارة لجنة تنسيقية تضم في عضويتها ممثلي الوزارة وممثلي الجمعيات الأهلية، وعقدت اجتماعاً موسعاً يحدد ملامح هذه الشراكة.
واللافت للانتباه صدور قرارات وزارية تيسر من مهمة الجمعيات الأهلية وتمهد الطريق لها مثل القرار الوزاري رقم 613 لسنة 1998، والذي تم بمقتضاه تعديل تشكيل مجالس الآباء والمعلمين بحيث تضم في عضويتها ممثلاً عن الجمعيات الأهلية النشطة في مجال التعليم، وأيضاً القرار الوزاري رقم 300 لسنة 2000 بشأن مشاركة الجمعيات الأهلية في دعم وإنشاء مدارس الفصل الواحد ومدارس المجتمع. وخلال السنوات القليلة الماضية انعكست هذه الشراكة على المجتمع بوضوح حيث قامت الجمعيات الأهلية في الأحياء الفقيرة والعشوائية بالتعاون مع الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين باستكمال البنية الأساسية لمئات من المدارس ورفع شعار مدرسة جميلة نظيفة متطورة. كذلك قامت مجموعة من الجمعيات بتنفيذ مشروع رفع كفاءة العملية التعليمية في مائة مدرسة حكومية في عدد من المحافظات والتي استهدفت المعلمين في هذه المدارس، فضلاً عن الإمداد بالحواسب الآلية.
وفي تونس دخلت بعض الجمعيات الأهلية في شراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة شؤون المرأة في مجال محو الأمية وتعليم الكبار. ففي عام 2000 تم البدء في برنامج وطني برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية، يطمح في تخفيض نسبة الأمية الأبجدية من 27 بالمئة إلى 20 بالمئة في عام 2004، وتم تنفيذه من خلال 24 جمعية جهوية و60 جمعية محلية.

2 ـ مكافحة الفقر
شهد عام 2003 في بيروت إطلاق تقرير لبنان حول الأهداف الإنمائية للألفية من مبنى الأمم المتحدة هناك. هذا فضلاً عن عدد من أوراق العمل والمنتديات والأنشطة التي نظمتها وكالات الأمم المتحدة العاملة في لبنان والمؤسسات الحكومية والقطاع الأهلي للإحاطة بموضوع التنمية والفقر، ووضع خطوات واستراتيجيات واضحة للتعامل مع هذه القضية.
وجدير بالذكر أن هناك عديد من الجمعيات الأهلية النشطة في لبنان في مكافحة الفقر وتسعى إلى توفير شبكة تأمين للفقراء ومشروعات مولدة للدخل. كما تتفق الجمعيات الأهلية مع الحكومة في تحديد بعض معوقات التنمية في لبنان، ولكنهما تختلفان في تحديد الأسباب والمسؤوليات والخطوات الواجب تنفيذها. وفي محاولة لتعزيز التقارب بين القطاع الأهلي والمجلس النيابى، يجرى دورياً تنظيم ندوات في البرلمان اللبناني تحت عنوان ترتيبات التعاون بين مجلس النواب وهيئات المجتمع المدني. وتهدف الندوات إلى تعزيز علاقة المواطنين بمجلس النواب وإتاحة الفرصة أمام الجمعيات الأهلية في طرح المشكلات.
في فلسطين تم إنشاء اللجنة الوطنية لمحاربة الفقر وتضم في عضويتها ممثلين عن المجتمع المدني الفلسطيني والوزارات الفلسطينية المختلفة والقطاع الخاص وبعض ممثلي الجهات المانحة. قامت اللجنة بإصدار أول تقرير فلسطيني عن الفقر بدعم من البنك الدولي، ثم قامت بعد ذلك وبدعم من الحكومة البريطانية بإجراء بحث واسع عن الفقر في فلسطين، وتم إصدار تقرير البحث والذي تضمن تقارير جزئية عن الفقر من وجهة نظر الفقراء في 16 محافظة فلسطينية، بالإضافة إلى التقرير الشامل. كما تم تنظيم عديد من ورش العمل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
bls_raouf
التميز الذهبي
التميز الذهبي
bls_raouf


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1612
نقاط : 3922
تاريخ التسجيل : 20/11/2012

فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Empty
مُساهمةموضوع: رد: فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية   فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Emptyالجمعة مارس 22, 2013 7:54 pm

فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية Z33Iq
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة إنفاق للخدمات الاجتماعية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دور مؤسسات المجتمع المدني في التنشئة السياسية
» كتاب : مؤسسات المجتمع المدني و الامن القومي العربي
»  المجتمع المدني في الأنظمة الديمقراطية
» دراسة حول منظمات المجتمع المدني
» مورفولولوجية المجتمع المدني في الجزائر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثانية علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1