منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد امين بويوسف
عضو فعال
عضو فعال
محمد امين بويوسف


تاريخ الميلاد : 05/09/1991
العمر : 33
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 153
نقاط : 469
تاريخ التسجيل : 15/11/2012
الموقع : mamino.1991@hotmail.fr
العمل/الترفيه : طالب + لاعب كرة قدم + عاشق للفيس بوك

المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Empty
مُساهمةموضوع: المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10   المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10 Emptyالجمعة ديسمبر 28, 2012 9:55 am

مقدمــة :
قد يبدو الحديث عن المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر حديثا مبتدلا، ذلك أن الأدبيات التي تناولت هذا الموضوع قد أسهبت في الربط بين مؤسسة الجيش وعملية وقف المسار الانتخابي، حتى أضحى الحديث عن دور الجيش في الحياة السياسية مقترنا، بل ويكاد ينحصر في هذا الحدث الذي وإن كان أبرز وأعنف مظهر من مظاهر تدخل الجيش في الحياة السياسية، فإنه بالتأكيد ليس المظهر الوحيد ولا السابقة الأولى في هذا المجال، كما أنه لم يكن أيضا أخر مشهد من مشاهد الوصاية العسكرية على الطبقة السياسية.
ففي منتصف التسعينات من القرن الماضي كتب الباحث الفرنسي "جان فرانسوا داغوزان" عن دور مؤسسة الجيش في الحياة السياسية في المغرب العربي قائلا "في أي بلد من بلدان المغرب، حتى في ليبيا لا يلعب الجيش دورا أكثر أهمية في الحياة السياسية من الدور الذي يلعبه في الجزائر"[1]، أما بالنسبة للكاتب الأمريكي "وليام كوانت" فإن الجيش الجزائري يشكل نمطا خاصا به في علاقته بالسلطة، لايشبه الأنماط التي سادت في أمريكا اللاتينية ولا شبه القارة الأيبيرية ولا التجربة التركية[2]. وعلى هذا الأساس فإن دور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية و تأثيره على مسار التحول الديمقراطي في الجزائر يبدو أعمق بكثير من مجرد تدخل ظرفي لوقف مسار سياسي رأت فيه القيادة العسكرية "تهديدا لمستقبل الجمهورية".
ولفهم حقيقة أدوار مؤسسة الجيش وعلاقتها بالسلطة السياسية لابد في البداية من تقديم نظرة عابرة حول بنية هذه المؤسسة، خصائصها، وظروف نشأتها التي كانت عمالا حاسما في رسم حدود علاقتها بالسلطة ومدخلا لبروز دورها المؤثر في الحياة السياسية.
أولا: بنية وخصائص المؤسسة العسكرية الجزائرية.
إن الأصول التاريخية للمؤسسة العسكرية الجزائرية تعود إلى الحرب التحريرية حيث شكل جيش التحرير الوطني النواة الأولى التي أسست لنشأة الجيش الوطني الشعبي سنة 1963، ولعل وصف الجيش الوطني الشعبي بأنه "سليل" جيش التحرير الوطني وصف له دلالات أعمق من الدلالة الرمزية والتاريخية، فالجيش الجزائري الحديث ورث في الحقيقة معظم خصائص وميزات جيش التحرير. لذلك من الضروري التذكير بأن نشأة هذا الأخير جاءت نتاج قناعة تشكلت لدى العسكريين من قدماء المنظمة الخاصة (التابعة لحزب الشعب) بضرورة تجاوز خلافات السياسين وإعلان الثورة المسلحة ضد الإحتلال الفرنسي. وهو الأمر الذي أرسى أول مبدأ يحكم علاقة العسكري بالسياسي في الجزائر: "حين يختلف الساسة ويعجزون عن المبادرة على العسكريين أن يأخذوا زمام الأمور ويتخذوا القرارات الحاسمة".
ولم تكن الأزمات المختلفة التي عرفتها الثورة التحريرية إلا فرصة لترسيخ مبدأ أفضلية وأولوية القادة العسكريين العاملين في الميدان على القادة السياسيين البعيدين عن ساحة المعركة، أما مبدأ أولوية السياسي على العسكري الذي أقره مؤتمر الصومام سنة 1956 فكانت نتائجه عكسية حيث زاد إصرار قادة الجيش على تجاوز قرارات القيادة السياسية.
وحين نتحدث عن خصائص المؤسسة العسكرية الجزائرية فإنه يجب التفريق بين الخصائص العامة التي تميز الجيش عن غيره من البنى الأخرى المكونة للدولة وهي خصائص مشتركة بين كل الجيوش، وتعتبر بالنسبة للكاتب "مجدي حماد" أحد الأسباب المفسرة لظاهرة تدخل الجيش في الحياة السياسية، والخصائص المميزة للجيش الجزائري والتي ينفرد بها دون سواه من الجيوش الأخرى في العالم. فالأولى مرتبطة بالمؤسسة العسكرية كفئة وكتنظيم وهي بالأساس عوامل بنائية (structural factors)[3]، أما الثانية فهي مرتبطة بنشأة وتاريخ الجيش الجزائري وممارساته السلطوية، وهي مدخل أساسي لفهم علاقته بمسار التحول الديمقراطي.
لن نقف بالتفصيل عن المجموعة الأولى من الخصائص التي يمكن حصرها في : إحتكار العنف الشرعي داخل المجتمع، التنظيم الهرمي والإضباط والطاعة التامة للأوامر، التفوق التكنولوجي وامتلاك المعلومات، وهي خصائص وردت في الأدبيات المختلفة التي اهتمت بالظاهرة العسكرية كعوامل تحفز ميل المؤسسة العسكرية إلى التدخل في الشأن السياسي وتسهل عملية التدخل.
أما الخصائص المرتبطة بالجيش الجزائري فيمكن حصرها في الآتي:
1- المشروعية الثورية: من بين المفارقات التي ينفرد بها الجيش الجزائر أنه من حيث النشأة سابق عن وجود الدولة الجزائرية، يقول رشيد تلمساني في هذا الصدد "الجيش هو الذي أنشأ الدولة في الجزائر، بينما من المفروض أن الدولة هي التي تنشئ الجيش"[4] لذلك كان من المنطقي في ظل نظام سياسي (إلى غاية 1988) قائم على المشروعية التاريخية أن تكون للجيش الوطني الشعبي كلمة الفصل في اختيار القيادات السياسية (اختيار بن بلة سنة 1962، اختيار خليفة بومدين سنة 1979) والقدرة على تنحية هذه القيادات إذا أراد ذلك (انقلاب 19 جوان 1965). وفي انتظار تحقيق الانتقال الفعلي إلى الشرعية الدستورية، فإن الجيش حامل المشروعية الثورية يبقى على استعداد للقيام بمهام استثنائية، قد لا تدخل بالضرورة في نطاق مهامه الدستورية لكنها تنبع من تقدير وفهم قيادته لواقع الأمور وتفسيرها الخاص لحدود دورها في الدولة.
2- التركيبة البشرية: إن المؤسسة العسكرية الجزائرية من حيث تركيبتها البشرية تكاد تكون فريدة من نوعها فهي ليست على شاكلة الجيوش الإفريقية التي كونتها السلطات الاستعمارية غداة نهاية الاحتلال، التي كان جنودها أعضاء في الجيوش الاستعمارية و درب قادتها في دفعات خاصة داخل المدارس العسكرية الغربية، كما أنها ليست جيشا وطنيا تشكل عقب استرجاع السيادة والوطنية من مجندين وضباط آثروا حياة الجندية. بل هي -كما رأينا- امتداد لجيش التحرير الوطني الذي تشكل في أغلبيته من الفلاحين وبعض المناضلين السياسيين الذين لبوا نداء الكفاح.
وإن كنا هنا لن نتعرض لتطوره التاريخي، فإننا سنقف على تركيبته البشرية عشية وقف المسار الانتخابي وطيلة سنوات التسعينات، وسنركز على القيادة لأنها مصدر القرار، ولا يعتبر باقي الجيش المشكل في أغلبيته من المجندين في إطار الخدمة الوطنية، ذا تأثير في صنع القرار داخل مؤسسة الجيش.
فالقيادة العسكرية تخترقها ثلاثة فئات أساسية: الأولى تعرف بضباط جيش التحرير الوطني، هم المجاهدون الذين واكبوا مسيرة الثورة التحريرية، ومنهم من تحصل على تكوين أثناءها في إحدى الكليات الحربية العربية أو السوفيتية، وقد اختاروا عقب الاستقلال الاستمرار في الحياة العسكرية وشغلوا مراكز هامة في قيادة المؤسسة العسكرية[5] وكان هذا الجيل إلى بداية الثمانينات ممسكا بمراكز القرار في المؤسسة العسكرية وما يعاب على هذه الفئة هو اهتمامها المفرط بالشؤون السياسية، و ذلك راجع إلى كونها التحقت بجيش التحرير بهدف تحرير البلاد، لا بهدف امتهان الحياة العسكرية. الفئة الثانية وتضم ما يسمى بضباط الجيش الفرنسي وهم الضباط الذين تكونوا في المدارس العسكرية الفرنسية خلال الخمسينيات والتحقوا بالثورة بين 1958و1961 و قدر عددهم عشية الاستقلال ب200 ضابط[6]، دافع وزير الدفاع هواري بومدين عن وجودهم في الجيش خلال مؤتمر الحزب سنة 1964 بحجة افتقاد الجيش لإطارات بمستواهم، وأكد أن مهمة هؤلاء الضباط تقنية بالدرجة الأولى، لكن "هذه المجموعة بحكم تكوينها الخاص وخلفياتها الثقافية المتميزة تشكل توجها خاصا داخل الجيش".[7] أما الفئة الثالثة فيمثلها الجيل الشاب من الضباط الذين تكونوا في المدارس الجزائرية بعد الاستقلال وهم لم يشاركوا في الثورة بسبب صغر سنهم، و"أهم ما يمز هذا الجيل هو أنه لم يعتمد في ترقيته على شرف الشرعية الثورية، وإنما يعتمد على كفاءته المهنية ومدى استيعابه للعلوم العسكرية وتفوقه فيها"[8]، وهو بعيد إلى حد ما عن الصراعات السياسية.
إن هذه التركيبة المتباينة لقيادة المؤسسة العسكرية لا يمكن أن تنفي عنها صفة الانسجام والوحدة على مستوى صناعة القرار، لاسيما القرارات المصيرية التي يساهم في صناعتها مجموعة كبيرة من الضباط، وصل عددهم إلى 180 ضابطا حين قرروا وقف المسار الانتخابي[9].
وما ينبغي الإشارة إليه هنا بخصوص قيادة الجيش الجزائري، هو أنها كانت بداية التسعينات مشكلة في أغلبيتها من الضباط السابقين للجيش الفرنسي، الذين سمحت لهم سياسيات الشاذلي بن جديد بالارتقاء إلى أعلى هرم القيادة العسكرية[10].
ولعله ليس من الصدف أن الجيش الفرنسي الذي كانوا أعضاء فيه سابقا، قد قام بتجربة مشابهة في فرنسا سنة 1958 حين تمرد ضد النظام ونصب "دوغول" رئيسا للدولة، على الرغم من أن التجربة الديمقراطية في ذلك الوقت كانت قد قطعت أشواطا مهمة في فرنسا[11]. واستمرت سيطرة هؤلاء الضباط على قيادة المؤسسة العسكرية طيلة الفترة بين 1992-1999.
3- المساهمة في التنمية: من المميزات الأساسية للجيش الجزائري مساهمته الفعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد طيلة العقدين الأولين للاستقلال، حيث ساهم أفراد الجيش بصفة مباشرة في انجاز المشاريع الاقتصادية، لاسيما تلك المتعلقة بانجاز البنى التحتية من طرق و جسور وسدود، فالجيش الجزائري وبفضل المجندين في إطار الخدمة الوطنية التي أقرت سنة 1968 ساهم في إنجاز:مشروع السد الأخضر، طريق الوحدة الإفريقية، القرى الاشتراكية، بناء المطارات والمرافق الصحية....[12].
ولعل المساهمات الكبيرة للجيش في عمليات تحديث المجتمع تمنحه مزيدا من المشروعية، وتجعله قادرا أيضا على أداء مهام أخرى استثنائية، ليست من اختصاصاته التقليدية.
4- الماضي السياسي: وهو من بين العناصر الأساسية مكونة لاستعداد الجيش للتدخل في الشأن السياسي، فالجيش الجزائري الذي شكل - إلى غاية مارس 1989 تاريخ انسحابه من الحزب- طرفا أساسيا في السلطة الحاكمة في الجزائر، كان منذ نشأته "يعتبر الوظيفة السياسية أصيلة في تكوينه، ومهمة أساسية من مهامه"[13]، وأصبح بعد الاستقلال المحتكر لحق تعيين الرئيس أو تنحيته طيلة ثلاثة عقود من الاستقلال.
لذلك ليس من المستبعد أن يتدخل مجدد في الحياة السياسية ويؤثر في مسار التحول السياسي الذي عاشته البلاد في بداية التسعينات من القرن الماضي، إن كان هذا المسار - في نظره- سينتهي بالقضاء على التجربة الديمقراطية التي هو قيد التكوين، لاسيما وأن رئيس الجمهورية الذي قاد الإصلاحات السياسية كان قد وصل إلى الحكم بقرار من القيادة العسكرية سنة 1979. لذلك فإن هذه الأخيرة على استعداد للتدخل إذا ما رأت أنه قد أخل بالاتفاق الذي على أساسه قررت الانسحاب من الساحة السياسية. و هناك من يرى بأن الماضي السياسي للجيش لا يرتبط فقط بفترة الاستقلال ولا بالممارسات السياسية لجيش التحرير أثناء الثورة، بل إنه يستمد جذوره من إرث الدولة العثمانية التي كان من تقاليدها "فتح الباب أمام النخب العسكرية للتدخل في الشؤون السياسية وممارسة السلطة"[14].
هذه تقريبا معظم الخصائص التي تتميز بها المؤسسة العسكرية الجزائرية والتي ساهمت بشكل أساسي في تشكيل استعداد التدخل لديها، وتكوين وعي القيادة العسكرية بضرورة التدخل في الحياة السياسية بأشكال وأوجه مختلفة نحاول في المحور الآتي تحديدها.
ثانيا: أنماط وأشكال تدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية.
عقب إقرار دستور فبراير 1989 الذي يعد الإطار القانوني و التأسيسي لمسار التحول الديمقراطي عبرت قيادة المؤسسة العسكرية عن دعمها لمسار الإصلاحات السياسية "إن الجيش الوطني الشعبي يحيي في هذه المرحلة من التطور السياسي الإرادة التي عبر عنها المواطنون في 23 فبراير 1989"[15] وجسدت استعدادها لمتطلبات لمرحلة المقبلة بصدور تعليمة رئيس أركان الجيش رقم 51/89/ق.أ/ج.و.ش بتاريخ 04/04/1989 التي أشارت إلى الإلتزامات الجديدة لمؤسسة الجيش التي تفرض حياد أفرادها إزاء العمل السياسي.
لكن من الواضح أن هذا الحياد لم يصمد عند أول امتحان حقيقي، حيث عادت مؤسسة الجيش لتمارس دور الوصاية والتدخل في الشأن السياسي بتوقيف المسار الانتخابي في جانفي 1992 وهو الوضع الذي استمر إلى غاية أفريل 2004 ولكن بصور مختلفة يمكن حصرها في شكلين بارزين:
1- استعمال حق الإعتراض أو النقد (veto) : هذا النمط من تدخل الجيش في الحياة السياسية يسود عموما في حالات عدم الاستقرار السياسي، إذ يتحول الجيش إلى دور المحافظ والحامي للنظام القائم ، ويحدث ذلك في حالات اتساع المشاركة السياسية في مجتمع يفتقر إلى المؤسسات الكفيلة باستيعاب الأعداد الهالة من الجماهير الراغبة في الإنخراط في العمل السياسي "وتدخل الجيش بهذه الصفة يكون في حالتين :الأولى هي انتصار حزب أو حركة سياسية لا ترغب فيها المؤسسة العسكرية، والثانية اتباع السلطة القائمة لسياسات راديكالية أو إذا حاولت السلطة استقطاب جماعات سياسية لا ترغب فيها المؤسسة العسكرية"[16]. هذا النمط من التدخل يتم أيضا حين يحدث ما تراه المؤسسة العسكرية فوضى وأزمة خطيرة تهدد البلاد فتتدخل لإعادة الاستقرار وتهيئة الظروف لإقامة حكومة شرعية، لكن الوعود بالعودة إلى الحياة المدنية قد تتحقق وقد يستمر الجيش في الإحتفاظ بالسلطة، فإما أن ينتهي هذا التدخل بعودة الجيش إلى الثكنات أو بانتقاله إلى نمط آخر هو نمط "الحاكم".
ولعل تدخل الجيش الجزائري لوقف المسار الإنتخابي في جانفي 1992 يعد تجسيدا واضحا لهذا الشكل من أشكال التدخل، حيث أن قيادة المؤسسة العسكرية رأت في قرب حصول حزب سياسي معين على الأغلبية المطلقة لمقاعد البرلمان في أول إنتخابات تشريعية تعددية تهديدا للطابع الجمهوري للدولة والتجربة الديمقراطية الحديثة، فالجيش في نظر أحد قادته خلال تلك الفترة اللواء محمد تواتي "لايمكنه أن يبقى مكتوف الأيدي أمام التهديدات الخطيرة للدولة، فمن واجب الجيش أن يدافع عن مؤسسات الجمهورية في المراحل الانتقالية الخطيرة".[17]
ومن هذا المنطلق تدخلت القيادة العسكرية لتعترض على نتائج الانتخابات وتوقف المسار الذي رأت فيه انحرافا لعملية التحول الديمقراطي عن إتجاهها السليم.
2- اختيار أو تزكية القيادات السياسية : بما أن النمط الأول لتدخل الجيش في الحياة السياسية هو نمط انتقالي، إما أن ينتهي بعودة الجيش إلى الثكنات واستأناف الحياة المدنية في ظل الشرعية، أو استمرار الجيش في التأثير على مسار الأحداث واختيار القيادات. فإن النخبة العسكرية في الجزائر قد اختارت الحل الثاني وهو الاستمرار في ممارسة الوصاية من خلال اختيار وتزكية القيادات السياسية للبلاد، وهو الوضع الذي تجسد من خلال فوز "مرشح الجيش" المتمثل في شخص وزير الدفاع ورئيس الدولة بأول انتخابات رئاسية تعددية في نوفمبر 1995 بدعم وتأييد واضح من الجيش، فهذه الانتخابات حسب "نور الدين زمام" أعطت العسكريين لأول مرة شرعية تمكنهم من قيادة وتسيير المجتمع، أما "نور الدين بوكروح" أحد المرشحين لتلك الانتخابات فيعتقد أن السلطة قد حلت من خلال هذا الاقتراع مشكلا يستحيل حله وهو "تغطية الذهنية الانكشارية بالثوب الديمقراطي، فالكل كان يعرف بأن الجيش جمهوري، لكن الآن لا يمكن جهل أو نفي أن الجمهورية أصبحت جد عسكرية"[18].
أما انتخابات أفريل 1999 المسبقة التي انتهت بوصول أول شخصية مدنية إلى الحكم في الجزائر، وإن اختلفت عن سابقتها من حيث طبيعة وانتماء الوافد الجديد إلى السلطة، فإنها من ناحية أخرى شكلت استمرارية لفلسفة التدخل والوصاية. ففي رأي الباحث "عدي هواري" يعبر تعيين بوتفليقة كمرشح للجيش في انتخابات أفريل 1999 عن رغبة العسكرين في التغيير، فاختيار مدني يعبر عن إرادة في نفي الطابع العسكري للنظام[19].
إذن تدخل الجيش في الحياة السياسية خلال عقد التسعينات وإن اختلفت أشكاله وأنماطه، يبقى معطى أساسي وعامل مؤثر في عملية التحول الديمقراطي، من خلال انعكاساته ونتائجه المختلفة على الواقع السياسي ومسار التحول الديمقراطي.
ثالثا: انعكاسات تدخل المؤسسة العسكرية على مسار التحول الديمقراطي
منذ صدور دستور فبراير 1989 دخلت الجزائر في مرحلة سياسية جديدة ميزها السعي إلى الانتقال من نظام سياسي مبني على الأحادية والمشروعية الثورية إلى آخر قائم على التعددية الحزبية والشرعية الدستورية، فكيف كانت انعكاسات تدخل الجيش في المسار الانتخابي على مسار التحول الديمقراطي وعلى بنية النظام السياسي؟
1 غياب التداول على الحكم: ما من شك أن الوصاية التي مارستها المؤسسة العسكرية على الطبقة السياسية من خلال التدخل في المسار الانتخابي، بالتوقيف تارة وبتزكية ودعم المرشحين تارة أخرى كان لها تأثيرها المباشر على عملية التداول، التي تعد أهم مميزات الأنظمة الديمقراطية.
وعلينا هنا أن نفرق بين تداول الأحزاب والقوى السياسية المختلفة على الحكم، وتعاقب المسؤولين والرؤساء على دفة الحكم، فالأول يعني التناوب الحقيقي للبرامج والأفكار السياسية والطروحات المتباينة وفق إرادة الشعب، أما الثاني فيشير إلى ظاهرة استبدال المسؤولين في إطار استمرارية الوضع القائم، ولو بتغييرات شكلية في الأولويات والخطط والبرامج. والجزائر خلال العقد الماضي لم تشهد تداولا حقيقيا بقدر ما شهدت تعاقب المسؤولين والرؤساء، دونما المساس بجوهر السلطة الحاكمة التي ظلت واحدة طيلة عقد من الزمن ولم يطرأ عليها تغيير فعلي، وفي هذا الشأن يشير الباحث إسماعيل قيرة إلى أن الوضع في الجزائر تنطبق عليه إلى حد ما نظرية "الطوق العازل" أو ما هو شائع باسم "القوابس والقواطع الكهربائية"حيث أن الممسك بزمام السلطة السياسية (المؤسسة العسكرية)لا يظهر إلى العلن بصفة مباشرة .
إن السلطة الحقيقية تفوض أمر الممارسة المباشرة إلى واجهة مدنية هي أشبه بالطوق العازل الذي يحمي المركز، ويتشكل هذا الطوق من رئيس الدولة "كقاطع كهربائي" (Disjoncteur) ورئيس الحكومة والوزراء كقوابس(fusibles ) هذه القوابس يمكن التضحية بها دائما حفاظا على سلامة الجهاز الحاكم، وفي الحالات الخطيرة يمكن التضحية أيضا بالقاطع الكهربائي الرئيسي(رئيس الدولة) المهم هو بقاء مركز النظام سليما[20]. ولعل تعاقب أكثر من ستة رؤساء حكومة وخمسة رؤساء على سدة الحكم في الجزائر خلال عشرية من الزمن ليس، إلا دليل على عقلانية هذا الطرح.
أما رياض الصيداوي فقد قدم في دراسته جدولا للمقارنة بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية في الجزائر خلال عقد التسعينات، توصل من خلالها إلى أنه من سنة 1992 إلى سنة 1999 شهدت الجزائر تعاقب 5 رؤساء دولة و6 رؤساء حكومات. بالمقابل لم تشهد مؤسسة الجيش أي تغييرات جوهرية عدا تغيير واحد في قيادة جيش البر وقيادة الدرك الوطني، و هو ما يبين ثبات العسكريين و تغير المدنيين.[21]
إن التداول الفعلي على السلطة لا تصنعه في اعتقادنا إلا انتخابات شفافة ونزيهة تعبر بصدق عن إرادة الناخبين بعيدا عن أشكال الاختيار والتزكية الفوقية. وهو ما لم يتحقق في الجزائر طيلة العقد الماضي، فكل الشخصيات التي تناوبت على القيادة السياسية للبلاد كانت من أبناء النظام الذي نشؤوا وارتقوا في سلم مسؤولياته، باستثناء شخصية بوضياف الذي و إن كان يعتبر رمزا تاريخيا، إلا أنه عاش حياة المعارضة من الاستقلال إلى غاية توليه منصب الرئاسة بتعيين من القيادة العسكرية.
2 ضعف المشاركة السياسية : إن نتيجة أخرى من نتائج العلاقة الشاذة التي جمعت المؤسسة العسكرية بالحقل السياسي طيلة العقد الماضي هي ضعف مستوى المشاركة السياسية، خاصة الدورية منها والمعبر عنها بواسطة الانتخابات حيث عرفت الانتخابات تراجعا واضحا في نسب المشاركة الشعبية.
فإذا اعتمدنا الأرقام الرسمية كمرجع، فإنه يمكننا أن نسجل بوضوح ذلك التراجع الهام في نسب المشاركة ابتدأً من الانتخابات التشريعية لجوان 2002 التي وصفها وزير الداخلية بالأكثر نزاهة في تاريخ الجزائر، حيث لم تتجاوز ال48%، بينما أعلن في أفريل 1999 موعد الانتخابات الرئاسية التي سبقتها عن نسبة مشاركة تقدر ب60%.[22] والواقع أنه حتى النسب الرسمية المعلنة خلال المواعيد التي سبقت كانت نسبا مبالغا فيها و شهدت تضخيما واضحا. فهي لا تعبر عن حجم المشاركة الحقيقية التي شهدت تراجعا كبيرا عقب وقف المسار الانتخابي.
ففي انتخابات ديمسبر 1991 التي شهدت تجنيدا واسعا لكل التشكيلات السياسية وإقبالا واسعا للمواطنين بلغت نسبة المشاركة فيها 58.55% ، فكيف بها في انتخابات نوفمبر 1995 التي قاطعتها الأحزاب الرئيسية و جرت في ظروف أمنية هي الأسوأ في تاريخ الجزائر المستقلة، تصل إلى حدود 75%.[23]
إن ظاهرة تراجع الاهتمام الشعبي بالعملية الانتخابية وإن كانت ظاهرة عالمية تعرفها حتى الدول الأكثر ديمقراطية وانفتاحا، فإن دوافعها في الجزائر ترجع بالدرجة الأولى إلى عدم إيمان الناخبين بإمكانية تحقيق تغيير حقيقي من خلالها، طال ما أن النتائج لم تكن دائما تعبيرا عن إرادتهم.
أما عن المشاركة السياسية الدائمة من خلال الأحزاب والهيئات والمؤسسات السياسية، فإن ضعفها تحصيل حاصل لضعف وتراجع المشاركة الدورية، فمؤسسات سياسية لا تعكس الإرادة الشعبية، لا يمكنها أن تكون قناة لمشاركة حقيقية، كذلك فإن أحزاب سياسية غير قادرة على الوصول إلى السلطة أو حتى المشاركة الفعلية فيها لا يمكن أن تكون فضاء لمشاركة سياسية دائمة، فعلى سبيل المثال لا الحصر إن ظاهرة اللجان الانتخابية لمساندة المرشحين التي تنتشر بسرعة في أرجاء الوطن، في ما يشبه عمليات "المناولة السياسية" عند كل موعد انتخابي ليست إلا تعبيرا على حالة العجز التي بلغتها التشكيلات السياسية، التي لم تنجح في التحول إلى أدوات فعالة للمشاركة سياسية.
هذا الفشل يُبرزه أيضا تعدد المرشحين المستقلين في الانتخابات الرئاسية (خاصة انتخابات أفريل 1999حيث بلغ عددهم6/7) كوجه أخر من أوجه المشاركة السياسية المناسباتية الناتجة على فشل القنوات والمسالك التقليدية في تجسيد المشاركة.
3 ضعف السلطة السياسية : إن معظم الأدبيات التي اهتمت بدراسة السلطة السياسية في الجزائر خلال التسعينيات تجمع على حقيقة وجود ازدواجية في السلطة السياسية؛ الأولى شكلية أو رسمية تسمى بالسلطة الظاهرة(Pouvoir apparent) والثانية فعلية وغير رسمية تسمى بالسلطة الخفية (Pouvoir occulte ) الأولى تمثلها المؤسسات السياسية المنتخبة أولها رئاسة الجمهورية، والثانية تجسدها المؤسسة العسكرية، حيث تفوض هذه الأخيرة للأولى تسيير شؤون الحكم لكن مع ضرورة العودة إليها بشأن القضايا المصيرية.[24]
وعليه فإن سلطة رئيس الدولة وفق هذا الطرح تبقى رهينة قبول و دعم المؤسسة العسكرية، وخياراته السياسية لن تكون كثيرة باعتبار أن الذين جاؤوا به، لهم الحق في إملاء شروطهم عليه، ولن يكون مطلق اليد في رسم سياسته، إلا إذا تخلص من سلطة الأطراف التي جاءت به إلى الحكم، فالقاعدة الميكيافلية تقول بأن"الملك لا يمكنه أن يحكم بصفة مطلقة طالما صناع الملك (Faiseurs de roi) موجودون"، ووفق هذا الطرح تكلمت العديد من المصادر عن وجود "اتفاق" بين الرئيس بوتفليقة والجيش، غداة وصوله إلى الحكم[25]، فيما تحدثت أخرى عن "خطوط حمراء" رسمتها القيادة العسكرية للرئيس الحالي[26]. وذهبت بعض المصادر الإعلامية إلى حد القول بأن الرئيس اشتكى "على هامش اجتماع قمة مجموعة الثمانية الكبار بمدينة "إيفيان" الفرنسية، من جنرالات الجيش، الذين قال بأنهم خلقوا له "عراقيل أمام أداء مهامه"[27].
وكل هذه المؤشرات توحي بأن السلطة السياسية الناتجة عن انتخابات خاضعة لمنطق التزكية و الاختيار المسبق لا يمكنها، إلا أن تكون رهينة في يد القوى أو الأطراف التي زكتها، وبالتالي فهي ضعيفة ومحدودة الصلاحيات وغير قادرة على القيام بتغييرات هامة أو نقلة حقيقية في الحياة الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية بصفة أخص.
وفي تقدير أحد وجوه المعارضة السياسية فإن أحد أهم الأسباب المنتجة للأزمات في الجزائر هو تحول القرار "نهائيا إلى من نسميهم أصحاب القرار، أي قادة الجيش هؤلاء يهيمنون على القرار، هم الذين ينظرون ويفكرون ويخططون للسياسات، ثم يختارون الواجهات لتكليفها بتنفيذ السياسات، وقد قبل الرئيس، مثلما فعل غيره القيام بهذه المهام أو الأدوار"[28].

4 استمرار المرحلة الانتقالية: إن تدخل المؤسسة العسكرية في المسار الانتخابي قد ساهم بشكل أساسي في إطالة عمر المرحلة الانتقالية، فعلى الرغم من أن الجزائر تجاوزت بكل تأكيد مرحلة الأحادية الحزبية وخطت خطوات هامة في سبيل توفير شروط الممارسة الديمقراطية، فإنها بالمقابل لم تحقق الانتقال الفعلي إلى الحياة الديمقراطية القائمة على التعددية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية و التداول على السلطة.
والحقيقة أن عملية إقحام المؤسسة العسكرية في معترك العمل السياسي، مهما كان شكلها، عملية قد تجد تبريرها في حالة الأنظمة الشمولية أو تلك الأنظمة السائدة في مجتمعات مفتقدة للبنى والهياكل الاجتماعية والسياسية الضرورية لتسير شؤون الحكم، وإحداث تنمية الوطنية على الأصعدة المختلفة، بل إن هذا الإقحام قد يؤخذ في بعض الأحيان طابعا إنقاذيا، كما قد يبدو في صورة العمل الضروري للحفاظ على كيان الدولة والمجتمع.
أما في المجتمعات التي تمتلك حد أدنى من البنى والمؤسسات، وتسير في طريق استكمال بناء الهرم المؤسساتي وتجسيد عملية تحول حقيقية نحو الممارسة الديمقراطية، فإن هذا التدخل قد يؤخذ منحى آخر، يهدد بالقضاء على ما تحقق من مكتسبات ويزيد في صعوبة التحول الديمقراطي.
وفي الجزائر وإن كانت تجربة الجيش الجزائري إلى حد ما فريدة في شكلها وزمانها وظروفها، فإنه لا مفر من الاعتراف أيضا بأن استمرار الجيش أو قياداته في الاضطلاع بمسؤوليات سياسية، لاسيما من خلال التأثير في مسار اختيار القيادة السياسية، يعد سببا رئيسيا في زيادة أمد المرحلة الانتقالية ويزيد من عسر ميلاد التجربة الديمقراطية، التي استكملت إطارها القانوني والتأسيسي، لكن دون أن تتجسد على الميدان من خلال ممارسة حقيقية قائمة على الاحتكام التام للإرادة الشعبية.
وعلى ضوء التجربة السياسية التي عاشتها الجزائر طيلة العشرية الأخيرة من القرن العشرين، اجتهدت العديد من الدراسات في محاولة تصنيف المنتظم السياسي الجزائري بالعودة أساسا إلى حقيقة الأدوار التي تمارسها المؤسسة العسكرية من خلال علاقتها بالانتخابات وبالمؤسسات السياسية، وكذا من حيث موقعها في عملية صنع القرار.
فهل الجزائر حقا بلد ذو نظام عسكري؟
"بكل تأكيد لا" يجيب الباحث إلياس بوكراع، الذي يرى أنه من المبالغة وصف النظام السياسي الجزائري بالعسكري، و ينطلق في حكمه هذا من تحديد عناصر النظام السياسي العسكري التي يحصرها في خمسة؛ وجود الجيش على كل مستويات القيادة، التبعية المطلقة للسلطة السياسية للجيش، سيطرة الأيديولوجية العسكرية على الدولة، تدخل وسيطرة الجيش في تسيير شؤون الدولة ومراقبة الساحة السياسية، وأخيرا استقلالية الجيش نهائيا في تسيير شؤونه الداخلية. ثم ينتقل إلى إسقاط هذه العناصر على النظام الجزائري ليجد أن هناك شرطين فقط محققين هما استقلالية المؤسسة العسكرية والرقابة على الساحة السياسية، ومنه يرى بأنه من المبالغة وصف النظام الجزائري بالنظام العسكري[29].
بالمقابل يرى الباحث عدي هواري بأنه رغم أهمية ثقل المؤسسة العسكرية في النظام السياسي الجزائري، فهو ليس نظام عسكري ولا دكتاتورية عسكرية، كالتي سادت في أمريكا اللاتينية، إنه نظام سلطوي يستمد شرعيته من الجيش. و رغم اعتماد التعددية الحزبية، فإن حق تعيين الرئيس متروك للمؤسسة العسكرية وما الانتخابات إلا عملية لإضفاء الشرعية على خيارات الجيش، ويشبه "عدي" الجيش الجزائري بالحزب السياسي المهيمن، على شاكلة الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي سابقا. ويضيف بأن العسكريين يفوضون الحكم للنخب المدنية لكن دون المساس بالقاعدة السياسية (غير مكتوبة) "الجيش هو مصدر السلطة"[30].
أما ويليام كوانت فيرى أن النظام السياسي الجزائري في بداية مرحلة انتقالية تبتعد به شيء فشيء عن ماضيه السلطوي، لكنه لا يخفي حقيقة وجود دور محوري للعسكر في السياسة الجزائرية، ومن الصعب تجاوز هذا الدور. ومع ذلك فإنه ينظر بتفاؤل لمستقبل الديمقراطية في الجزائر "لا يجب أن تفاجئ إذا رأينا الجزائر يوما ما تصل إلى أهدافها، بامتلاك حكومة مسؤولة أمام الشعب و تتمتع بتمثيلية حقيقية، وهذا قبل دول المنطقة الأخرى"[31].
في حين الباحث خميس والي حزام الذي قام بدراسة حول الشرعية في الأنظمة العربية (تطبيق على الحالة الجزائرية) يميل إلى تأييد الأطروحات التي تأكد بأن طبيعة النظام الجزائري جد معقدة وله آلياته الخاصة به، وحكمت عليه الأحداث التاريخية المتعاقبة بأن يكون نظاما عسكريا، فمنذ الاستقلال، وحتى قبله تكرست حقيقة أولوية الجيش، الذي سيكون الدور الحاكم والفاعل له وحده دون أي قوة سياسية أخرى.
وغير بعيد عن أطروحات "قويدر ناير" و"عبد القادر يفصح"، أو "ويليام زرتمان" وفكرة الدولة "العسكرية الموسعة"، أو نظام اللجنة العسكرية[32]، يميل "خميس والي" إلى تصنيف النظام السياسي الجزائري إلى غاية 2000 في خانة النظام العسكري-البيروقراطي لأن الجيش في النهاية هو المسيطر والحاكم النهائي، على الرغم من بعض الفترات التي مر بها النظام، التي سمح فيها لبعض القوى أن تشارك ولو جزئيا في السلطة،"وهذا ما يفسر في الوقت نفسه أن ظاهرة القوة التي يعكسها دور الجيش في الحياة السياسية والاجتماعية هي الصفة الملازمة لطبيعة النظام السياسي الجزائري".[33]
أما بالنسبة لنا فإن دور الجيش في اختيرا القيادات السياسية يعد مؤشرا هاما على درجة التأثير الذي تمارسه المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، ويعكس حجم ثقل هذه المؤسسة في النظام السياسي، ومع ذلك فإنه في اعتقادنا لا يمكن توصيف الحالة الجزائرية على أنها حالة تسيطر فيها المؤسسة العسكرية وتهيمن على الحياة السياسية بصفة مطلقة إلى الحد الذي يصبح فيه النظام السياسي نظاما عسكريا، و من جهة أخرى فإن وجود دور سياسي للجيش مهما قل أو تعاظم، ينفي أيضا صفة الطابع الجمهوري عن الدولة ويحول دون قيام تجربة ديمقراطية حقيقية.
إن الوضع السياسي في الجزائر اليوم لا يمكن وصفه إلا بالانتقالي، الذي يفصل بين مرحلة سياسية قائمة على شرعية مستمدة من مؤسسة الجيش الممثلة للمشروعية التاريخية، إلى مرحلة جديدة قائمة على الشرعية الدستورية القائمة على السيادة الشعبية. وقد تكون هذه المرحلة الانتقالية طويلة نسبيا لكنها في نظرنا ليست وضعا مستقرا يمكن أن نصنف على أساسه النظام السياسي الجزائري بصورة قطعية في هذا النموذج أو ذاك، خصوصا في ظل التوجهات الجديدة لمؤسسة الجيش التي أضحت تواجه تحديات كبرى منذ سنة 2000 تمثلت أساسا في مسار الإحترافية والتحديث، سياسة التقارب والتعاون مع الحلف الأطلسي، وصعود جيل جديد من القيادات العسكرية أكثر ميلا إلى المهنية والإحتراف، كلها تحديات تساهم في رسم أطر جديدة لعلاقة المؤسسة العسكرية بالمجال السياسي ، زيادة على أن رغبة السلطة السياسية في تجاوز هذه المرحلة ووضع حد لتدخل هذه المؤسسة في الحياة السياسية يعد في الوقت الراهن المعطى الأساسي الذي سيحدد مستقبلا دور ومكانة الجيش في النظام السياسي.
الهوامش:


________________________________________
[1] مسلم باباعربي، تاريخ ومكان الازدياد: 08 مارس 1981 بتقرت ولاية ورقلة. الجمهورية الجزائرية
الجنسية: جزائرية. شهادة بكالوريا التعليم الثانوي شعبة الآداب و العلوم الإنسانية، بتقدير قريب من الجيد، دورة جوان 1998. شهادة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، جوان 2002.
شهادة الماجستير في العلوم السياسية و العلاقات الدولية، تخصص تنظيمات سياسية وإدارية، بتقدير حسن جدا جامعة الجزائر في مارس 2005. يحضر حاليا شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية بجامعة الجزائر. أول تسجيل سنة 2005
أستاذ مساعد بقسم العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية، جامعة قاصدي مرباح- بورقلة الجمهورية الجزائرية.منذ نوفمبر 2005 إلى يومنا هذا.له العديد من البحوث و الدراسات والمشاركات.
babaarbi-mouslem@maktoob.com / abaarbimouslem@hotmail.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المؤسسة العسكرية ومسار التحول الديمقراطي في الجزائر10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: تنظيم سياسي و إداري ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1