منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد امين بويوسف
عضو فعال
عضو فعال
محمد امين بويوسف


تاريخ الميلاد : 05/09/1991
العمر : 32
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 153
نقاط : 469
تاريخ التسجيل : 15/11/2012
الموقع : mamino.1991@hotmail.fr
العمل/الترفيه : طالب + لاعب كرة قدم + عاشق للفيس بوك

مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Empty
مُساهمةموضوع: مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري   مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري Emptyالثلاثاء نوفمبر 27, 2012 10:34 pm

مقدمة:

يعتبر التمثيل الحزبي في المجالس التشريعية, أو في الحكومات مسألة منسجمة مع مبدأ المشاركة السياسية ومع فكرة الديمقراطية, ومن سمات الأنظمة السياسية الحديثة والمتطورة.

والمشاركة السياسية كشكل من الممارسة السياسية تتعلق بنية النظام السياسي وآليات عملياته المختلفة إذ يكمن موقعها داخل مؤسسات النظام السياسي في المدخلات سواء لتأييد و المساندة أو المعارضة.وقد تستهدف تغيير مخرجات النظام السياسي بالصورة التي تلائم مطالب الأفراد والأحزاب السياسية.

وفي كثير من الأحيان لا تتوقف المشاركة السياسية عند حد مدخلات النظام السياسي, وإنما تتعدى ذلك إلى مرحلة تحويل المطالب, خاصة إذا وجدت الأحزاب السياسية قريبة من المؤسسات السياسية (البرلمان والحكومة ) أم ممثلة فيهما.

تحاول هذا الدراسة أن تكشف وزن موقع المؤسسة التنفيذية ومدى تأثير هذه الأخيرة في رسم السياسات وضع القرارات، لهذا ستتعرض في الجزء الأول إلى مكانة المؤسسة التنفيذية في النظام الحزبي الأحادي.
أما الجزء الثاني من الدراسة فيرصد الإصلاحات السياسية والتحول نحو التعددية وتأثير ذلك علي المؤسسة التنفيذية والعلاقة بين رئيس الجمهورية والحكومة، وأهمية ووزن و فاعلية كل طرف في النظام السياسي الجزائري.



أولا: اعتماد الأحادية الحزبية.

قام النظام السياسي الجزائري بعد الاستقلال على مبدأ الحزب الواحد، ونبذ نظام التعدد الحزبي، الذي قامت عليه نظم الديمقراطية الليبرالية، تاريخيا فإن الأحادية لم يقع بشأنها إجماع وطني ولم تكن الثورة التحريرية تعبيرا عن أي أحادية، إلا ما اتصل منها بتحقيق الاستقلال، فقد ضمت جبهة التحرير أثناء الثورة تيارات سياسية مختلفة، وفئات اجتماعية متناقضة، وأجيال متباعدة، اتفقوا على طرد الاستعمار.

إن جبهة التحرير الوطني قائدة الكفاح ومحققة الاستقلال الوطني، دفعت إلى أن تكون الحزب الواحد بعد الاستقلال تحت تأثيرات ثلاثة: التأثير الأول هو المد القومي العربي الناصري الذي كان في الغالب يؤمن بأن الحزب الواحد والتنظيم الواحد هما الطريق إلى التنمية ومقاومة الإمبريالية. والتأثير الثاني هو تأثير يساري ماركسي كان يصب في الخانة نفسها مع اختلاف نقطة الانطلاق، وكان يدعو إلى حزب واحد مصفى من العناصر المعادية التي تشكل البرجوازية الصغيرة، والتأثير الثالث إسلامي، فالحركة الإسلامية بصفة عامة، كانت ترى أن التعددية هي نقيض التوجه الإسلامي الذي لا يأخذ بالحسبان إلا حزبا واحدا، فتحت هذه التأثيرات تقمصت جبهة التحرير الوطني التي تتشكل من اتجاهات سياسية متعددة الحزب الواحد(1).

لم يكن حرص القيادة السياسية في الجزائر للأخذ بنظام الحزب الواحد بعد الاستقلال بعيدا عن التبرير المعقول، فالتجربة الجزائرية التي سبقت الثورة المسلحة أبرزت وبجلاء مدى التلاعب الذي يمكن أن يقوم به الاستعمار في ظل نظام التعدد الحزبي، كما أن الثورة التي دامت أكثر من سبع سنوات نجحت في إزالة الفوارق الطبقية داخل وعاء جبهة التحرير التي أصبحت ترمز إلى وحدة الشعب الجزائري المجاهد (2).

كما كرست كل محاولات التوثيق الدستورية والحزبية حقيقة الأخذ بنظام الحزب الواحد، إذ نص دستور 1963 في مادته 23 “جبهة التحرير الوطني هي حزب الطليعة الواحد في الجزائر” الأمر الذي أكده ميثاق الجزائر 1964، الذي اعتبرمبدأ الحزب الواحد قرارا تاريخيا لكونه “…يستجيب للإرادة العميقة للجماهير الكادحة في المحافظة على مكاسب حرب التحرير وضمان مواصلة الثورة .. فالحزب هو التعبير الصادق عن الشعب، والانخراط فيه مرهون بالإيمان بالتوجه الاشتراكي، وهو إطار الديمقراطية الحقيقية ووسيلة تحقيقها، وبالتالي المطلوب منه أن يخلق تصورا جديدا للديمقراطية يمكن الجميع من التعبير عن أنفسهم…”(3).

اعتبر حزب جبهة التحرير الوطني حزب السلطة لفترة طويلة نسبيا، وقد يكون ذلك بالفعل سببا في اكتسابه لتجربة تنظيمية ستكون في ظل التعددية الحزبية عاملا مساعدا له، لقد كان الحزب الواحد من أجهزة النظام السياسي ومؤسساته، ومارس دورا طلائعيا، نظريا هو قائد الثورة، واقعيا هو المجسد المادي للأحادية السياسية كنمط تفسير وسلوك، حيث نص دستور 1963 في المادة (94) “جبهة التحرير الوطني هي حزب الطليعة الواحد في الجزائر” الشيء الذي أكده ميثاق 1964 الذي صادق عليه مؤتمر الحزب، وكذلك دستور 1976، وميثاق 1986، وهذا ما أكد في الوقت نفسه الشرعية التاريخية والثورية للحزب. فالحزب هو الذي ينشئ الدولة ويشرف عليها ويراقبها وله الأولوية، لكن هذا لا ينفي من وقوع أحداث وأزمات وصراعات، عرفتها الدولة والحزب.

وعلى الرغم من كل محاولات التوثيق الدستورية والحزبية الداعية إلى تكريس حقيقة الأخذ بنظام الحزب الواحد (جبهه التحرير الوطني) كحزب طلائعي يقود البلاد في مرحلة بناء الثورة الاشتراكية إلا أن دوره ظل محدودا في الواقع بما يقرره رئيس الجمهورية فضلا عن عدم قدرتها عمليا على التحول إلى حزب طليعي، كما لم يخلق فرص لتحقيق مشاركة سياسية حقيقية بل كرست جهود لتحقيق تعبئة شاملة، وقد شهد عصر الرئيسين” أحمد بن بلة” و”هواري بومدين” تفوق لدور الدولة على حساب بروز جبهة التحرير كحزب طليعي، وعلى الرغم من حرص النظام السياسي الجزائري على أن تبقى له اليد العليا المسيطرة على شؤون الجبهة، إلا أنه ظل حريصا على الإبقاء عليها كإطار يستمد منه الشرعية من دون أن يكون لها سلطة فعلية في إدارة الحياة السياسية في البلاد. في عهد الرئيس” بن بلة” ازداد تركيز السلطة ودخل في صراع مع المكتب السياسي، وقيادة الأركان لجيش التحرير انتهى بإضعاف الحزب.

بعد الانقلاب العسكري الذي قام به” العقيد بومدين” واستيلائه على مقاليد الحكم فقد الحزب سلطاته لصالح الجهاز التنفيذي، وأدى غياب التنافس السياسي المنظم إلى دخول الحزب في صراع مع أجهزة الدولة، أضعفه بصورة فشل فيها في جمع النخب المتصارعة وفرض سلطته عليها ويعود فشله في بناء مشروع سياسي منسجم من القاعدة في نظر”عمر كارلي” إلى ضعف الحزب منذ البداية في حل خلافاته أثناء الثورة، ليتحول بعد الاستقلال إلى مجرد جهاز في يد الفئة المسيطرة تمرر قراراتها من خلالها لكسب الشرعية، ضعف الحزب جعله محل التحكيم الرمزي وسبب في تحول ولاء النخبة الموجودة بداخله نحو الولاء لنظام الحكم باعتباره المالك للموارد(4).

في ظل ضعف حزب جبهة التحرير الوطني الذي حسب النصوص يعتبر هو الحزب الحاكم والمسير، ولكن في حقيقة الأمر كان حزب ضعيفا وواجهة لجهاز الحكم ولم يكن حزبا حقيقيا، فهو حزب تابع للدولة وليس العكس، وهذا ما دفع “Clement Henry Moore“ إلى نعت النظام السياسي الجزائري بـ: دولة بدون حزب(5).

يلاحظ أن جميع المحاولات التي وجدت منذ 1976 من أجل إعادة تنظيم الجهاز الحزبي كانت تختص بمنح جبهة التحرير الإمكانيات التي تتيح لها المشاركة وليس الانفراد بصنع القرار السياسي.

إن السلطة الفعلية لم تكن بيد الحزب وإنما كانت بيد غيره. فقد أبعد الحزب عن الميدان السياسي بإلغاء تنظيماته المركزية التي أقرت في دستور 1963 وميثاق 1964.

لم يكن انقلاب” هواري بومدين” يراد به إنعاش دور الحزب بقدر ما كان يهدف من خلاله إلى بناء الدولة من القاعدة، وأبعاد الحزب عن ممارسة السلطة، وتهميش دوره في الحياة السياسية وإعطاء الدور نفسه لمجلس الثورة الذي يرأسه رئيس الجمهورية وهذا يعني أن دور الحزب سحب منه لصالح رئيس الجمهورية الذي هو أمينه العام ورئيس الحكومة في الوقت نفسه.

بعد مجيء نظام الرئيس” بن جديد” عادت الحياة لأجهزة الحزب بعد فترة من التهميش خصوصا بعد ظهور المادة )120) التي أصبح مسيرو الدولة بموجبها أعضاء في الإدارة المركزية للحزب، وأصبحت اللجنة المركزية مكانا لاختيار بعض القادة لتقلد المناصب الحكومية والبرلمانية.

في بداية الثمانينات كانت هياكل الحزب قد سيطرت على جزء من الدولة، وتحولت انتخابات الهيئات القيادية للحزب وتغيير الحكومات وبناء الهيكل الإداري للدولة فرصة لتوسيع دائرة نفوذ مجموعات سياسية استطاعت من خلال ذلك أن تحتل مواقع ضمن هذه الفضاءات السياسية والإدارية، وأن تخلق لنفسها فرصا لإعادة إنتاج الذات وتوسيع النفوذ، معتمدة في ذلك على الإمكانيات المادية والاقتصادية السياسية التي توفرها أجهزة الدولة(6).

تعرضت الجبهة لأزمات متعددة شككت في مصداقيتها، وأبرزت قوى جديد منافسة لها على الخريطة السياسية فرضت إعادة تشكيل التوازنات السياسية في الدولة، وقد تمثلت أخطاء جبهة التحرير الوطني في عدم التطابق بين النصوص والممارسة السياسية للحكم الأمر الذي يعني غياب الحزب فعليا وعدم قيامه بمهامه ووظائفه، حيث تحول الحزب إلى مجرد جهاز سياسي يفتقر إلى الفاعلية مما تسبب في فقدان ثقة الجماهير في مشروعه السياسي الأمر الذي أضعف دوره وعجز عن استيعاب المتغيرات الداخلية والخارجية وبخاصة بعد أحداث أكتوبر 1988.



مؤسسة الرئــاسة في عهد الحزب الواحد:

تعتبر من أقوى المؤسسات السياسية في النظام السياسي الجزائري، فبالرجوع إلى النظام الدستوري الجزائري نلاحظ أن رئيس الجمهورية يمثل محور النظام السياسي، نظرا للاختصاصات والصلاحيات الدستورية والسياسية التي يتمتع بها والتي تماثل تلك الممنوحة لرئيس الجمهورية الفرنسية.

فمن الناحية النظرية، فإن دستور 1963، خول لرئيس الجمهورية سلطات واسعة، منها على الخصوص تحديد سياسة الحكومة وتوجيهها وتسيير وتنسيق السياسة الداخلية والخارجية للبلاد، يتولى تنفيذ القوانين ويمارس السلطة التنظيمية ويعين في جميع المناصب المدنية والعسكرية ويستطيع أن يمارس السلطة التشريعية عن طريق الأوامر، كل هذا يؤدي إلى القول أن رئيس الدولة والحكومة في دستور 1963 كان مفتاح قبة النظام الدستوري(7).

وكما هو الحال بالنسبة لدستور عام 1976، حيث يمكن ملاحظة الصلاحيات والسلطات الواسعة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية ابتداء من رئاسة مجلس الوزراء، و قيادة الجيش، ورئاسة الحزب هذا المركز والمكانة التي يحتلها الرئيس في النظام سمحت له بتدعيم سلطاته الشخصية واتخاذ قرارات وإصدار توجيهات دون الرجوع إلى أحد المجلسين، وهو ما جعل منه مفتاح قبة النظام السياسي، وبهذا يحتل رئيس الجمهورية مكانة بارزة في النظام السياسي يستمدها من طريقة اختياره والسلطات الواسعة المخولة له بموجب الدستور لعام 1976.

وعليه يمكن القول أن المؤسسة التنفيذية الممثلة بالرئيس ظلت هي الأقوى، وتملك من الوسائل ما يمكنها من المشاركة والتأثير في المقررات الحزبية، ولعل أهم الوسائل هي الجهاز الإداري الذي تشرف عليه، الذي هو جزء منها كما أن ارتباط الحزب بالمؤسسة التنفيذية يبدو كذلك واضحا في الأجهزة المركزية إذ أن رئاسة المؤتمر (الهيئة العليا لحزب جبهة التحرير الوطني) مسندة إلى الأمين العام للحزب رئيس الجمهورية، وهو الوحيد الذي يحق له استدعاء المؤتمر للانعقاد في الدورة العادية(Cool، وتتمتع مؤسسة الرئاسة بنفوذ كبير وتؤثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة في المؤسسة التشريعية ويمكن إجمال وسائل التأثير في الحل والخطاب الموجه للمجلس، باعتبارهما وسيلتين مباشرتين للتأثير في المجلس، وفي الاستفتاء والتعديل الدستوري(9).

يلاحظ أن رئيس الجمهورية نظريا يجسد الوحدة الوطنية ويتمتع بسلطات تعبر عن هيمنته على كامل النظام السياسي وسيطرته على المؤسسات الدستورية العليا، وهذه السيطرة والهيمنة تتحقق في الظروف العادية وفي الظروف الاستثنائية.

لكن الواقع السياسي الفعلي يؤكد تفوق الدولة كجهاز قوي منظم على بقية المؤسسات السياسية، وهذا يعني تركيز السلطة في المؤسسة التنفيذية التي هي المسيرة للدولة والحزب، ومن ثمة تتجسد وحدة القيادة والتوجيه في شخص رئيسها الذي هو رئيس الجمهورية، فهو “مفتاح” ممارسة السلطة لأنه يجمع قانونيا وواقعيا في شخصه الشرعية الثورية والشرعية الدستورية. فالتمثيل الحزبي يمنحه الشرعية التاريخية والثورية ويضعه على قمة الحزب، أما التمثيل الانتخابي فيمنحه الشرعية الدستورية مما يضعه على قمة الدولة.

كما أن ضعف تأثير الحزب جعل من مؤسسة الرئاسة المدعومة دستوريا أقوى مؤسسة سياسية في البلاد، ويتوقف على قوتها مستقبل الكثير من الاتجاهات والتطبيقات والآراء في الجزائر كونها تمثل العلاقة المباشرة بين الشعب والرئيس الذي طرح نفسه كضامن للتلاحم والوحدة الوطنية.

إذا كانت القيادة السياسية الجزائرية واعية بأنها تقوم بدور ثوري، فإنها قامت بهذا الدور انطلاقا من القمة باسم المجموعة الوطنية ومصلحة الشعب. والمتوقع في هذا الإطار هو أن لا يسمح بوجود معارضة نظامية قادرة على مناقشة النظام الحاكم ومسائلته، وأن تعبأ الجماهير لا كوسيلة للمشاركة الحقيقية، ولكن كأداة لمساندة قرارات النظام وسياساته (10).

ومنذ تسلم “هواري بومدين” السلطة، وحتى اختيار المؤسسة العسكرية الجزائرية للشاذلي بن جديد رئيسا للجمهورية، لعب رئيس الجمهورية دورا مركزيا ومتعاظما في الحياة السياسية الجزائرية.



ثانيا: الإصلاحات الدستورية والسياسية .

نتيجة المؤثرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأزمات المتعددة التي واجهها المجتمع والنظام السياسي، طرحت أفكار من قبل النخبة السياسية لإحداث إصلاحات سياسية وإدارية على هياكل الحكومة والحزب.





أ- التعديلات الدستورية (دستور 1989).

ممـا لا شـك فيه أن أحداث 5 أكتوبر 1988، قد مهدت للتغييـر في طبيعـة النظام السياسي الجزائـري ومـا يقوم عليه من شرعية، إذا اعتبر خطـاب الرئيس “الشاذلي بن جديد” في 19 سبتمبر 1988 بداية للانتقادات الحادة للحزب والحكومة، سبب تقصيرهما في معالجة المشكلات التي يعيشها المجتمع والنظام الجزائري، ومحاولة من قبل السلطة السياسية في إطار نظامها الاشتراكي لمعالجة الأوضاع عن طريق إعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية التابعة للدولة(11).



التعديل الجزئي لدستور 1976:

بدأت الإصلاحات الدستورية بالتعديل الجزئي لدستور 1976 في 03 نوفمبر 1988 ولم يكن الحزب طرفا فيه، حيث لم يعلم أعضاء اللجنة المركزية بتفاصيله إلا يوم صدور بيان رئاسة الجمهورية في 24 أكتوبر 1988. تمثلت هذه التعديلات الجزئية باختصار في ما يلي:

- خلق منصب رئيس الحكومة بهدف إبعاد رئيس الجمهورية عن المواجهة، وجعله لا يتحمل مسؤولية أخطاء التسيير التي تقع فيها الحكومة، التي يمكن حلها عند الضرورة.

- تعديل المادة الخامسة من دستور 1976 حيث أعيدت صياغتها بشكل أكثر وضوحا، إذ أشارت إلى صلاحيات رئيس الجمهورية خاصة فيما يتعلق برجوعه مباشرة إلى الشعب كلما استدعت الظروف أي أن حق الاستفتاء أصبح حقا شرعيا، وبذلك عزز رئيس الجمهورية علاقته بالشعب.

- إلغاء الفقرتين الثانية والتاسعة من المادة 111 من دستور 1976 اللتان كانتا على التوالي تعبران عن تجسيد رئيس الجمهورية لوحدة القيادة السياسية للحزب والدولة، وترأسه الاجتماعات المشتركة لأجهزتهما. وبذلك بدأ إبعاد الحزب تدريجيا من مراكز القيادة، ومنح صلاحيات لرئيس الجمهورية للقيام بالإصلاحات التي وعد بها وتضمنها فيما بعد دستور 1989.

- منح الاستقلالية للمنظمات الجماهيرية والتنظيمات المهنية عن وصاية وسيطرة الحزب. وقد عبر الرئيس “بن جديد” عن ذلك بقوله “إن الحزب لا بد أن يبعد قبضته عن المسؤوليات في جهاز الدولة والقطاع الاقتصادي والمنظمات الجماهيرية”، كما أصبح الترشح للمجالس المنتخبة لا يشترط إجبارية العضوية في الحزب.

نشير إلى أن هذه التعديلات لم تشر إطلاقا إلى التعددية السياسية، بل إن المؤتمر السادس للحزب رفض رفضا قاطعا التعددية السياسية، واعتبر أن وقتها لم يحن بعد، إلا أن نية وإرادة الرئيس “بن جديد” ومؤيديه كانت أقوى باتجاه الإصلاحات، وعليه تمت صياغة المشروع النهائي للدستور من طـرف شخصـيات مـن رئـاسة الجـمهورية وقـدم للشعب للتصويت، وتمت الموافقة عليه يوم 23 فيفري 1989.

دستور 23 فيفري 1989:

جاء دستور 23 فيفري 1989، كنتيجة لظروف غير عادية عرفها المجتمع و النظام السياسي الجزائري، ولتلبية مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية جسدتها أحداث أكتوبر 1988، ليعبر عن نظام حكم جديد قاعدته سيادة الشعب ويهدف إلى وضع أسس نظام ديمقراطي يقوم في التعددية السياسية ومجتمع مدني يشارك في اتخاذ القرار السياسي.

لقد اعتمد المشرع الدستوري على مصادر أسياسية استند عليها دستور عام 1989، كما أقر مبادئ يقوم عليها النظام السياسي الجزائري.

وإذا كان دستور عام 1989 قد تبنى عددا من أحكام دستور عام 1976 ذات الطابع القانوني التنظيمي، من دون الأيديولوجيا، ولاسيما في مجال تنظيم السلطات، فإن أهم المصادر التي شكلت مضمون دستور عام 1989، قد تمثلت في الشرعية الدستورية والإســـــلام.

ويمكن القول بأن الشرعية الدستورية حلت محل الشرعية الثورية، التي اعتمد عليها النظام السياسي طوال الفترة السابقة لعام 1989، فإنه يتحتم توضيح ذلك، وبيان مدى أخذ المشرع بالمذهب الدستوري، فإذا كانت الشرعية السياسية صفة تطلق على كل سلطة يعتقد أفراد المجتمع بأن سياساتها تتماشى وما يرغبون، وتحقق رضاهم، مما يخولها إصدار الأوامر ورفض احترامها لاعتمادها على قواعد مبدئية يؤمن بها الشعب ويتمسك بها، فإن الشرعية الدستورية يقصد بها كل سياسة أو تصرف تقوم به السلطة يتطابق وأحكام الدستور والقانون، ذلك لأنها مرتبطة بالقانون الوضعي ومرتبة على شكل هرمي(12).

وإذا كانت القاعدة في الجزائر مبنية على منح الأولوية للشرعية الثورية، فإن دستورعام 1989، استبدل أو حاول أن يستبدل تلك الشرعية في نصوصه بشرعة أخرى تقوم على الحرية والفصل بين السلطات والتعددية السياسية والحزبية، إضافة إلى الشرعية، وكمصدر مهم قام عليها دستور عام 1989، فإن الإسلام هو الآخر، أُعد مصدرا للدستور، كما جاء ذلك بموجب المادة (2)من الدستور نفسه القاضية بأن الإسلام دين الدولة، وهو يعني التزام المؤسسات بأحكامه، والدليل هو النص على أنه لا يجوز للمؤسسات أن تقوم بأي سلوك مخالف للخلق الإسلامي (المادة الثانية من دستور عام 1989)، من دون أن يحدد الدستوري الجزاء المترتب عن مخالفة ذلك النص. كذلك، يجب أن يكون مسلما من يتولى رئاسة الدولة.

إن القراءة المتأنية لدستور 23 فيفري 1989 تسمح بإبداء الملاحظات التالية:

- إلغاء مصطلح الاشتراكية، ودورها الفعال في تسيير البلاد، وأصبحت المادة الأولى من الدستور تشير إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية فقط، وبالتالي جاء الدستور خالي من الشحنة الأيديولوجية الاشتراكية.

- إن دستور 1989 يصنف في خانة دساتير القوانين، يقوم على مبادئ الديمقراطية الليبرالية (فصل السلطات، التعددية الحزبية، الملكية الخاصة، تخلي الدولة عن جزء كبير من مهامها الاقتصادية والاجتماعية…) ترجمت ذلك سياسات الحكومات المتعاقبة فيما بعد. فهو يخالف الدساتير السابقة التي تصنف في خانة دساتير البرامج، كونها تدعو إلى ضرورة بناء الدولة الاشتراكية، وأهمية بناء حزب طلائعي(13).

- تأكدت من جديد ثوابت الجزائر الأساسية في المواد 1، 2، 3 وهي الطابع الجمهوري، الإسلام دين الدولة، اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية، إلى جانب المبادئ التي لا يقبل المساس بها والمتعلقة بما يتصف به الشعب من أنه “مصدر كل سلطة” (المادة 06)، “يمارس سيادته بواسطة ما يختاره لنفسه من مؤسسات” وكذلك “عن طريق الاستفتاء وبواسطة المنتخبين” (المادة 07).

اعتمد مبدأ الفصل بين السلطات، كرد فعل لدمج السلطات الذي أقره دستور عام 1976، حيث كان رئيس الجمهورية يشكل محور النظام السياسي، فهو يتولى السلطة التنفيذية، وقيادة الحزب ومشاركة المجلس الشعبي الوطني في التشريع (المادة رقم 153 من دستور عام 1976) من دون رقابة فعلية، كما أن دستور عام 1976، ينظر إليه على أنه أداة في يد الثورة، وهذا يعني أولوية الشرعية الثورية على الشرعية الدستورية.



تعرض الدستور لتنظيم السلطات بدءا بالسلطة التنفيذية، فالتشريعية وأخيرا القضائية، حيث تم:

- إلغاء النص على أن رئيس الجمهورية يجسد وحدة القيادة السياسية للحزب والدولة ولأول مرة يقتصر دور رئيس الجمهورية على تعين رئيس الحكومة فقط، بعد أن كان هو الذي يعين الحكومة ويحدد لها سياستها، ولم يكن رئيس الحكومة إلا معاونا لرئيس الجمهورية.

- تقليص بعض صلاحيات رئيس الجمهورية من بينها “حق المبادرة في تقديم القوانين إلى المجلس الشعبي، حيث عهد إلى الحكومة والمجلس الشعبي الوطني.

بالنسبة للسلطة التنفيذية (المواد من 67 إلى 91) أصبحت ثنائية، حيث فتح رئيس الجمهورية المجال لرئيس الحكومة ليكون مسؤولا أمام البرلمان عن تسيير الأمور الاقتصادية والاجتماعية، وبذلك لا يتحمل رئيس الجمهورية المسؤولية في حالة فشل الحكومة.

أما السلطة التشريعية (المواد من 92 إلى 128)، فقد خول لها إعداد القوانين ومناقشتها والتصويت عليها، والرقابة على أعمال الحكومة، لكن رغم الصلاحيات الممنوحة لها، فإنها تبقى غير كافية نظرا لهيمنة السلطة التنفيذية ممثلة في شخص رئيس الجمهورية، مادام أن له إمكانية طلب قراءة ثانية لأي قانون ثم التصويت عليه، واللجوء إلى الاستفتاء في حالة رفض طلبه.

إن دستور 23 فبراير 1989 جسد استقلال السلطة القضائية حيث نصت المادة 129: “على اعتبار السلطة القضائية مستقلة”، ثم جاء القانون رقم 89 -21 المؤرخ في 12 ديسمبر 1989 المتضمن للقانون الأساسي للقضاء فكرس هذه الاستقلالية وأحاط عمل القاضي بالاستقرار وحماه من كل الضغوطات والتدخلات التي قد تضر بأدائه لمهمته، وأوكل سلطة الإشراف على القضاة إلى المجلس الأعلى للقضاء، وبالنظر إلى تشكيلة هذه الهيئة من قضاة منتخبين، فإن ذلك يبين الاستقلالية الممنوحة للقاضي الجزائري.

وإذا كان المشرع الدستوري قد أعطى القضاء استقلاليته فلقد كلفه بمقتضى المادة 130 بحماية وضمان الحريات والحقوق الأساسية، وأن لا يخضع إلا للقانون وبالتالي فإن الشيء الذي يجب أن يتسلح به القاضي الجزائري، هو النزاهة والشجاعة وإلا فإن هذه النصوص نفسها ستبقـى حبـرا على ورق(14).

والجديد أيضا في دستور 1989، هو إنشاء أجهزة للرقابة ومؤسسات استشارية الهدف منها متابعة أعمال سلطات الدولة واحترام الدستور وتقديم الآراء لرئيس الجمهورية ومراقبة أعمال الدولة والمرافق العمومية، حيث جاء في المادة 153 على أن يؤسس مجلس دستوري يكلف بالسهر على احترام الدستور، كما يسهر المجلس الدستوري على صحة عمليات الاستفتاء وانتخاب رئيس الجمهورية والانتخابات التشريعية، ويعلن نتائج هذه العمليات.

الجيــــش:

نلاحظ أن دستور 1989 أبعد الجيش عن الحياة السياسية، حيث يصبح مكلفا فقط بالدفاع عن وحدة أراضي البلاد وسلامتها، والمحافظة على الاستقلال الوطني وضمان الأمن الوطني لجميع الفئات الاجتماعية. هذا ما تؤكده المادة “124″ من دستور حيث تنص على “أن تنظيم الطاقة الدفاعية للأمة ودعمها، وتطويرها حول الجيش الوطني الشعبي، تتمثل المهمة الدائمة للجيش الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني، والدفاع عن السيادة الوطنية، كما يضطلع بالدفاع عن وحدة البلاد، وسلامتها الترابية وحماية مصالحها البرية والجوية، ومختلف أملاكها”(15).

هذه المادة تحصر مهمة الجيش في المحافظة على الاستقلال والدفاع عن السيادة، فلم تعد إذن مهمة الجيش تمتد إلى ما حددته المادة (82) من دستور 1976.

وقد تجسد هذا الطرح من الناحية العملية بانسحاب الجيش من اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطنـي في 04 مارس 1989، كما جاء قانون الجمعيات السياسية فيما بعد ليؤكد من خلال المادة 09 عدم جواز انخراط أعضـاء الجيش وموظفي مصالح الأمن في أي جمعية ذات طابع سياسي. وهذا ما يحقق حياد الجيش بالنسبة للتنافس بين الأحزاب السياسية حول السلطة.



ب- الإصلاحات السياسية.

تعتبر النصوص القانونية والتعديلات الدستورية من أقوى وأهم الضمانات للممارسات السياسية، وأحد مؤشرات التعبير عن مستوى التقبل الرسمي، لعملية التحول نحو التعددية السياسية ومن هنا سيم تناول أهم الاصطلاحات السياسية ونتائجها على عملية التحول.



1. الإصلاحات على مستوى حزب جبهة التحرير الوطني:

- فصل الدولة عن الحزب، وإبعاد أي دور لحزب جبهة التحرير الوطني من الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية والتشريعية.

- إلغاء القاعدة التي تقضي بأن رئيس الجمهورية يجسد وحدة القيادة السياسية للحزب والدولة.

- أصبح منصب رئاسة الجمهورية محل تنافس بين الأحزاب، الشيء الذي يعني أنه قد يصل إلى رئاسة الجمهورية عن طريق الانتخابات ممثل عن الأحزاب لا علاقة له بالجيش.

2. الاعتراف بالتعددية الحزبية والسياسية:

حيث نصت المادة (40) من الدستور على “حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به”(16).

من الوجهة السياسية هناك قناعات بأن المشرع تعمد استخدام عبارة الجمعيات ذات الطابع السياسي حتى يتسنى للسلطة السياسية أن تمنح مزيدا من الوقت لضمان استمرارها لفترة أطول، ذلك أن الدستور صودق عليه في 23 فيفري 1989، ولم يصدر قانون الجمعيات إلا بتاريخ 5 جويلية 1989 أي بعد 5 أشهر من المصادقة على الدستور. وخلال تلك المدة التي زادت في عمر النظام ومكنته من معرفة وجهات نظر مختلف الأطراف خاصة الفاعلة منها، واستطاع النظام السياسي أن يتبين مدى مطالبة القوى السياسية بهذا الحق الدستوري.

وهناك رأي مخالف، يرى أن الدستور لم يتضمن مصطلح حزب سياسي وإنما تحدث عن الحق في إنشاء جمعيات ذات طابع سياسي معترف بها، وكان ذلك في إطار فكرة خلق منابر داخل جبهة التحرير، واستعمل مصطلح الانفتاح على الحساسيات محاولة منه للتقليل من نفوذ الأفلان وإرجاعه إلى حجمه الذي يمكن التحكم فيه.

تـدعم هـذا الانفتاح السياسـي باتجاه التعددية بصدور القانون رقم 89- 11 المؤرخ في 05 جويلية 1989، الخاص بالجمعيات ذات الطابع السياسي الذي حدد المبادئ والشروط اللازمة لتأسيس هذه الجمعيات السياسية، وقواعد عملها، وتمويلها وإيقافها وحضرها، علما أن المادة 40 من الدستور تبين أن هذا الحق لا يمكن التذرع به للمساس بالحريات السياسية، وبالوحدة الوطنية، وسلامة التراب الوطني، واستقلال البلاد، وسيادة الشعب.

3. خصص دستور 1989 فصلا مركزيا هاما للحقوق والحريات، لأنه يتحدث عن ضمانات واعترافات هي جوهر الديمقراطية ذاتها، فقد نص على أن “الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن مضمونة” (المادة 35) “وحرية الإبداع الفني والعلمي” (المادة 36)، “حرية التعبير وتأسيس الجمعيات وعقد الاجتماعات” (المادة 39).

- حق التنقل داخل وخارج التراب الوطني (المادة 41).

وقد وضع ذلك الدستور الوسائل العملية لحماية الضمانات الدستورية في حقوق الإنسان كالمجلس الدستوري، استقلالية القضاء، عدم تعسف السلطات(17).

4. اعترف الدستور بحرية التعبير/ المادة 39/ ثم دعمها بقانون الإعلام الصادر في 23 أفريل 1990 فتدعم الإعلام العمومي والجهوي بإصدارات جديدة (النهار، العقيدة، العناب، الأوراس …)، ونشأت الصحف الخاصة (الخبر، السلام، النور، الحياة، الجزائر اليوم، بريد الشرق، الشروق العــربي (El- Watan, Le Matin, Le Nouvel Hebdo, L’Hebdo Libéré, Le Quotidien d’Algérie, Le Soir d’Algérie)، والحزبية (المنقذ، النهضة، النبأ)، والمتخصصة (الوفاء، الرياضي و (Al Simsar، بل والساخرة أيضا (الصح آفة (El Manchar, لتدعم الإعلام العمومي الذي كان منفردا بالساحة الإعلامية حتى الآن، وكان ذلك بعدما تم إرجاع أسبوعية المجاهد إلى جبهة التحرير التحرير الوطني، وحولت معظم الصحف العامة – بفضل قانون الإعلام رقم 90/7 لسنة 1990 إلى شركات مساهمة ذات مسؤولية محدودة، تراقبها انتقاليا لجان وصاية، فيما تم تحريض أكبر عدد من المهنيين على اختيار طريق الصحافة الخاصة.

كما أنشأت صحف حزبية خاصة (السبيل بحوالي 27 ألف نسخة “1993 -1994″ المقربة من حزب النهضة) و”الإرشاد” و”التضامن” المقربتان من حزب حماس و”البلاغ” والـ “El Forkane” المقربتان من الجبهة الإسلامية للإنقاذ، و”El Haq“ المقربة من جبهة القوى الاشتراكية و”Liberté” المقربة من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية و”L’Eveil“ المقربة من حزب الأمة وكانت معضمها ذات مقروئية متواضعة في بدايتها.

لكن هذا الانفجار الإعلامي الحر حوالي 140 عنوانا عموميا، خاصا أو حزبيا، والذي لم يسبق له مثيل في العالم العربي الإسلامي، لم يعمر طويلا، حيث طفت بوادر انحرافه منذ البداية، ظهور مشاكل مهنية عدة مرتبطة بارتفاع تكاليف السحب، ومشاكل الطباعة، والإشهار والتوزيع، وعدم كفاية دعم الدولة للحق في الإعلام فيما يخص التوزيع وبخاصة في ولايات الجنوب، والتمييز المفرط بين الصحف في التعامل الإعلامي(18).

5. أكد الدستور على التعددية النقابية وجعل الحق لجميع المواطنين، وسمح بحق الإضراب، على أن يكون محددا في إطار القانون، وأن لا يمس ميادين الدفاع والأمن والأعمال العمومية ذات المنفعة الحيوية للمجتمع (المادة 53)(19).

6. الاعتراف بتأسيس الجمعيات غير السياسية، المادة “32″، وبصدور قانون 4 ديسمبر 1990 والمتعلق بالجمعيات أدى إلى حدوث انفجار فريد من نوعه للظاهرة الجمعوية من حيث عددها وتنوع مواضيعها ومجالات تدخلها وكذا الفئات الاجتماعية التي تنشطها.

يوضح الجدول (1) تطور عدد الجمعيات ذات الطابع الوطني من سنة 1987 حتى جويلية 2000. تبين هذه البيانات أن عدد هذا النوع من الجمعيات حتى سنة 1988 كان قليل جدا، عرفت ديناميكية تأسيس الجمعيات الوطنية حالة انفجار في السنوات الأولى من صدور قانون 90/31.

الجدول رقم: (1) يوضح عدد الجمعيات الوطنية المعتمدة من 1987 إلى 2000

السنة

1987 أو قبل

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

2000

المجموع

عدد الجمعيات

6

12

81

152

136

96

64

72

75

12

04

02

37

16

765

* المصدر: د. محمود بوسنة. “الحركة الجمعوية في الجزائر”، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة قسنطينة الجزائر، عدد 17، جوان 2002، ص141.
لقد تم اعتماد خلال النصف الأول من التسعينات (90-95) 595 جمعية وطنية أي 77% من المجموع العام، وتجدر الإشارة إلى أن حوالي نصف هذا العدد أي 288 جمعية تم تكوينها في السنتين الأوليتين (1990 و 1991) من التسعينات. يعتبر هذا الأمر طبيعيا وذلك للفراغ الكبير الذي كان موجودا في مجال الجمعيات من جهة ومن جهة أخرى الحماس والرغبة التي غمرت المواطنين بعد أحداث أكتوبر 1988 في التكفل بأنفسهم بشؤون المجتمع والدخل مباشرة في حل العديد من المشاكل المطروحة في إطار تنظيمات مستقلة غير تابعة لأجهزة الحكومة. وفي النصف الثاني من التسعينات عرف عدد الجمعيات التي أنشأت انخفاضا كبيرا. ويمكن إرجاع ذلك إلى تمكن العديد من الجمعيات التي تأسست من قبل، بفضل استمرارها في النشاط، من ملء جزء هام من الفراغ خاصة في بعض الميادين مثل ميدان الجمعيات المهنية والرياضية والثقافية.







المؤسسة التنفيذية في عهد التعددية الحزبية

إن السلطة التنفيذية في عهد الحزب الواحد الممثلة بالرئيس ظلت هي الأقوى تتمتع بنفوذ كبير وتؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المؤسسات الأخرى، وبحكم هذا المركز قامت بدور مؤثر في عملية التحول نحو التعددية السياسية، حيث استجابت لضغوطات القوى السياسية ومطالب الجماهير الشعبية بعد أحداث 05 أكتوبر 1988. فأعلن الرئيس “الشاذلي بن جديد” وبعد يوم واحد من الاضطرابات- مستغلا ما يتمتع به من شرعية قانونية- عن اعتزامه القيام بإصلاحات جذرية وشاملة وتحقيق الديمقراطية والمشاركة السياسية والإصلاح الاقتصادي.

وبتاريخ 24 أكتوبر أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا يحدد العناصر الرئيسية التي يتضمنها الجانب الثاني من مشروع الإصلاحات السياسية، الذي يكرس الفصل بين الدولة والحزب، حيث تنازل رئيس الجمهورية عن منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، كما أرسى دعائم إصلاحات جوهرية تمثلت في تعديــل دستور 1976، بما ينص على انتقال بعض صلاحيات رئيس الدولة إلى رئيس الحكومة مع توسيع نطاق السلطة التشريعية وعدم إعطاء حزب جبهة التحرير الوطني أي دور في الرقابة على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإبعاد الجيش عن الحياة السياسية. وقد تعزز هذا الإبعاد بالمادة (40) التي تقر بحرية إنشاء الجمعيات السياسية، ثم صدور قانون الجمعيات ذات الطابع السياسي في جويلية 1989 الذي يمنع أعضاء الجيش وجميع أسلاك الأمن من الانخراط في العمل السياسي كل هذه الإصلاحات السياسية والدستورية عبر عنها دستور 1989.

انتقل دستور 1989 نقلة نوعية وهامة في تاريخ الجزائر السياسي واتجه نحو الأخذ بمبدأ فصل السلطات، واتخذ موقفا وسطا بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني بإحداث هيئات مستقلة ومتوازنة تتميز بالتعاون والتنسيق، وتبني مبدأ ثنائية السلطة التنفيذية، بحيث يتولى رئيس الجمهورية رئاسة السلطة التنفيذية ويمثل السلطة السياسية مع عدم مسئوليته سياسيا أمام المجلس الشعبي الوطني ويتولى المسؤولية التنفيذية والتنظيمية رئيس الحكومة.



أ. رئيس الجـــمهورية:

لرئيس الجمهورية في النظام السياسي الجزائري مكانة متميزة، هذا بالرغم من محاولة التقليص من تلك المكانة لصالح المجلس الشعبي الوطني ورئيس الحكومة، إلا أن رئيس الجمهورية بقي محافظا على مكانته ومركزه على اعتبار أنه منتخب بطريقة مباشرة من الشعب، وترشيحه مدعم بتوقيع 600 منتخب في المجالس الشعبية وفي انتخابات تنافسية تعددية من شأنها أن تمنحه شرعية لا تقل عن الشرعية التي كان يحوزها في ظل دستور 1976.

وبالتالي فإن الانتخابات التنافسية التعددية تمنح لرئيس الجمهورية شرعية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مكانة المؤسسة التنفيذية في ظل نظام التعددية الجزائري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: تنظيم سياسي و إداري ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1