منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Empty
مُساهمةموضوع: مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي   مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyالسبت مايو 04, 2013 2:07 am

مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي

لقد أصبح التوجه نحو الإقليمية بالتزامن مع تنامي ظاهرة العولمة، من الخصائص المميزة للاقتصاد العالمي منذ منتصف الثمانينيات. وتشير معظم الدلائل على تزايد أهمية هذا التوجه في السنوات القادمة، فالاتفاقيات الموقعة لتكوين مناطق تجارة حرة في الدول الأمريكية، ودول الباسفيك، ودول أمريكا اللاتينية، وكذلك تكثيف التكتل الاقتصادي ما بين دول أوربا الموحدة، سوف يكون لها تأثيرات هامة على الاقتصاد العالمي بصفة عامة والدول النامية بصفة خاصة، هذه الدول التي تبنت في الوقت الراهن موجة جديدة من مبادرات التكامل حسب منطق الانفتاح التجاري والاقتصادي. ولضمان نجاح هذه المحاولات نجد أن بعض الدول النامية تسعى إلى إقامة شراكات واتفاقيات تجارة حرة مع دول جد متطورة، من أجل ضمان النفاذ إلى أسواقها والاستفادة من التكنولوجيا، وتعزيز المناخ الاستثماري وتحسين و تأهيل أداء مختلف قطاعاتها الاقتصادية.
ويشير العديد من الاقتصاديين إلى أنه منذ 1990 يعاد تنظيم العلاقات من نوع شمال–جنوب من جديد، وفي هذا الإطار يدخل المشروع الذي أُعلن عنه في قمة برشلونة سنة 1995، والرامي إلى خلق منطقة تبادل حر ما بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب وشرق المتوسط، ومن المتوقع أن تحقق هذه المنطقة على المدى الطويل بعض المكاسب الاقتصادية لدول المنطقة، غير أنها ستتطلب بعض التكاليف الانتقالية.
إن الجيل الجديد من اتفاقيات الشراكة الأوروبية المتوسطية يختلف عن اتفاقيات الشراكة في الستينيات أو اتفاقيات التعاون في السبعينيات، والتي كانت عبارة عن اتفاقيات تجارية بحتة، وعلى العكس من ذلك نجد أن الاتفاقيات الجديدة لها مجال واسع، فهي تتضمن تعاونا ماليا، اقتصاديا، وتقنيا، محورا اجتماعيا وثقافيا وحوارا سياسيا وأمنيا.
إن تسليط الضوء على موضوع التعاون الاقتصادي الأورومتوسطي ينطلق من تبيان واقع العلاقات القائمة بين شمال وجنوب البحر المتوسط، والقواعد التي حكمتها خلال العقود الماضية، واستخلاص المعايير التي يمكن بموجبها تقييم هذا التعاون. لذلك سنتناول في هذا الفصل دراسة مسار علاقات التعاون الاقتصادي الأورومتوسطي ثم نحاول تقييم هذا التعاون ومدى انعكاساته على الدول المتوسطية.

المبحث الأول: السياسة المتوسطية الأوروبية.
إن السياسة المتوسطية الأوروبية تعني مجموع المواقف والاتجاهات التي تتخذها دول الاتحاد الأوروبي تجاه الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، سواء الموجودة في أوربا من غير أعضاء الاتحاد الأوروبي، أو في شمال إفريقيا أو في الشرق الأوسط( ).
لقد تطورت العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومنطقة البحر المتوسط على مدى حوالي 40 عاما تطورا كبيرا ارتبط خاصة بتطور الاتحاد الأوربي نفسه، ولذلك فلقد تغيرت سياسات الاتحاد اتجاه المتوسط من مرحلة زمنية إلى أخرى.
المطلب الأول: أوروبا والمتوسط.
يرى الأوروبيين أن دورهم في منطقة البحر المتوسط هو دور رئيسي وأساسي، ويسعون دائما إلى ترسيخ وتقوية هذا الدور في جميع الميادين السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وذلك لعدة عوامل أهمها العوامل الثابتة بطبيعتها وتكوينها والتي لا تتغير بمرور السنين وتتابع الأحداث، كالجوار الجغرافي للمتوسط والموقع الاستراتيجي والمركز الحضاري لأوروبا، بالإضافة إلى العوامل الأخرى، كالتقدم الاقتصادي والتطور العلمي والثقافي.
أولا: البحـر الأبيض المتوسط:
اشتق اسم البحر المتوسط من كلمتين لاتينيتين هما( ): "Medius" أي المتوسط، و"Terra" أي الأرض، هذا البحر هو حلقة وصل ونقطة التقاء بين القارات القديمة الثلاث: آسيا وإفريقيا وأوروبا، في ثلاث مناطق، اثنتان منها تقع في الوطن العربي، هما مضيق جيل طارق في المغرب وقناة السويس في مصر، أما الثالثة فتقع في تركيا وهي مضيق البوسفور، ومن هنا جاء اسم المتوسط لأنه يتوسط هذه القارات الثلاث، وهي بحق قارات الحضارات والحروب و مهد ديانات توحيدية ثلاث، و قد نشأت على أراضيها الحياة البشرية وتطورت عبر القرون.
فالبحر الأبيض المتوسط، بموقعه المركزي، يعتبر نقطة التقاء محورين: الشرق – الغرب (سابقا) والشمال– الجنوب، وهو يفصل بين قوسي الدائرة الاستراتيجية التي تمتد من شرق ووسط أوروبا لتشمل غرب وشرق الوطن العربي، وهي المنطقة التي يطلق عليها علماء الجيوسياسة من الأوروبيين "قلب العالم"( )، ومن يسيطر على هذه الجزيرة يحكم العالم، وأكدت ذلك وقائع التاريخ القديم والحديث.
وعلاوة على ما سبق، يجتذب البحر المتوسط سدس التجارة العالمية وثلث تجارة النفط العالمية( ). وبهذا الشريان يرتبط إلى حد كبير، اقتصاد وأمن سكان المناطق المحاذية له.
وبالرغم من كل ما ذكرناه، إلا أن المتوسط يبقى بحر المتاعب والاحتراق نتيجة عدة عوامل منها: الانفجار السكاني والأصولية الإسلامية والإرهاب والهجرة غير المشروعة والنزاع العربي الإسرائيلي، وما يقارب ثلاثين نزاعا مفتوحا أو كامنا والتخلف والفقر ونضوب الموارد المائية وتآكل التربة والتوترات الاقتصادية.
إن مثل هذا القدر من عوامل عدم الاستقرار في بحر شبه مقفل، لا يمكنه إلا أن يغذي الخوف والقلق على ضفتيه، خاصة تلك الأكثر غنى. لكن من المؤكد أن إقليم البحر المتوسط يشكل بفضل ماضيه وجوانب كثيرة من حاضره، منطقة ذات طابع متنوع تنوعا لا ينفي عنها بأي حال وحدتها، فهذه الوحدة وذلك التنوع من صنع الجغرافيا والتاريخ. ومع ذلك فمن المؤكد أيضا أن هذه المنطقة ليست منعزلة عن بقية العالم، بل إنها على العكس، تشكل إحدى الساحات الرئيسية للمواجهة والنزاعات التي تشهدها حقبتنا.
لقد أصبح البحر الأبيض المتوسط عمودا فقريا في منظومة مجتمعات مرتبطة بعضها ببعض، من خلال شبكة كثيفة من المبادلات التجارية والتكنولوجية والعلمية والروحية.
ثانيا: الاتحاد الأوروبي.
1- نشأة الجماعة الاقتصادية الأوروبية:
أدى انتهاء الحرب العالمية الثانية وما خلفته من نتائج، إلى ظهور حاجة ملحة لمبادرة دولية لإعادة بعث الاقتصاديات الأوروبية المنهكة، لتكون تجسيدا عمليا لحالة التصالح بين فرنسا وألمانيا من جهة، وتطرح خطوة أولى نحو نظام أوروبي جديد من جهة أخرى. وبالفعل وفي ظل هذه الظروف اقترح وزير الخارجية الفرنسي "روبرت شومان" مشروع أطلق عليه اسم "مشروع شومان" في ماي 1950( )، لتوحيد السيطرة على إنتاج الفحم والحديد في أوروبا، اللذين كانا يمثلان الركيزة الأساسية لاقتصاد أي دولة في الخمسينات، على أن تتم هذه السيطرة من خلال سلطة عليا مشتركة. ولم يلبث المشروع أن تم إقراره من جانب ست دول هي: فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا ولوكسمبورغ، التي وقعت في باريس في 18 أفريل 1951 معاهدة إنشاء الجماعة الأوروبية للفحم والصلب بهدف التوصل إلى سوق أوروبية مشتركة في هاتين السلعتين الاستراتيجيتين.
وفي عام 1955، بدأت أفكار جديدة تظهر، كان أهمها مبادرة دول البينيلوكس الثلاث "بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ" في 01 و02 جانفي 1955، والمتمثلة في مذكرة للمناقشة حول إمكانية تحقيق المزيد من التعاون الأوروبي، خاصة بعد التجربة الناجحة لمجمع الحديد والصلب ليشمل المجال الاقتصادي. وعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الست الأعضاء في المجمع الأوروبي للحديد والصلب في مدينة مسينا في جوان 1955، حيث أيدوا إنشاء سوق مشتركة ووكالة دولية للطاقة، وشكلوا لجنة لدراسة المشكلات التي تعترض قيام الجماعة الاقتصادية، ووضع المعاهدات اللازمة لإنشائها.
وفي 25 مارس 1957، أبرمت نفس الدول الست معاهدتين جديدتين في العاصمة الإيطالية روما، الأولى لإنشاء الجماعة الأوروبية للطاقة النووية، والثانية لإنشاء الجماعة الاقتصادية الأوروبية التي تعدت مجرد تحرير التجارة بين الأعضاء لتلزمهم بتحقيق التعاون والتكامل الاقتصادي على المدى الطويل، ولم تمض بضعة أشهر على توقيعها حتى صادقت عليها برلمانات الدول الأعضاء وأصبحت سارية المفعول اعتبارا من 01 جانفي 1958.
2 - أهداف الجماعة الاقتصادية الأوروبية:
لقد وُقعت معاهدة روما لدعم التطور المنسجم للنشاط الاقتصادي داخل الجماعة، والتوسع المستمر والتوازن، وتحقيق المزيد من الاستقرار، والتحسن الراسخ في المستويات المعيشية، والعلاقات الأوثق بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى ما يلي:
- إزالة الرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء في غضون 12 عاما كفترة انتقالية، وكذلك القيود الكمية على الواردات والصادرات من السلع، وكل الإجراءات الأخرى المساوية لها في التأثير، وكل العوائق التي تحول دون الحركة المتحررة للأشخاص والسلع ورأس المال.
- إقامة تعريفة جمركية مشتركة تجاه الدول غير الأعضاء.
- التقارب بين تشريعات الدول الأعضاء إلى الحد الذي يستلزمه الأمر، لكي تمارس السوق المشتركة وظائفها.
- تنسيق السياسة الاقتصادية، بما في ذلك السياسة المالية لعلاج الاختلالات في موازين المدفوعات، وافتتاح سياسات مشتركة للزراعة والنقل والتجارة الخارجية.
- إخراج صندوق اجتماعي أوروبي إلى حيز الوجود، من أجل تحسين إمكانيات العمالة والارتفاع بالمستوى المعيشي.
- إقامة بنك استثمار أوروبي لدعم النمو الاقتصادي.
- الارتباط بالدول والمناطق الأخرى فيما وراء البحار بغرض توسيع حجم التجارة والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
3- تصاعد العضوية داخل الجماعة الاقتصادية الأوروبية:
تنص معاهدة روما الخاصة بإنشاء الجماعة الاقتصادية الأوروبية على أن: "أي دولة أوروبية قد تطلب أن تصبح عضوا في الجماعة" - المادة 237 من المعاهدة( ). وبناءا عليه تقدمت بريطانيا بطلب انتساب إلى هذه السوق عام 1961، إدراكا منها أن بقاءها خارج الجماعة الأوروبية يعرضها لمخاطر العزلة الاقتصادية، وحذت حذوها كل من الدانمارك وأيرلندا والنرويج. رُفض الطلب بناء على معارضة الرئيس الفرنسي ديغول، الذي أفشل طلبا ثانيا تم التقدم به عام 1967. ولم ُيقبل طلب انتساب بريطانيا وأيرلندا والدانمارك إلا بعد استقالة ديغول عام 1969. وتم توقيع معاهدات الانتساب في 22 جانفي 1972، وأصبحت هذه البلدان الثلاثة أعضاء فعليين في 01 جانفي 1973، بينما لم تنضم النرويج نظرا للرفض الشعبي للانضمام من خلال الاستفتاء.
وتقدمت بلدان أوروبية أخرى بطلبات انتساب، اليونان في 1975، ومن ثم اسبانيا والبرتغال في 1977. صارت الأولى عضويا فعليا في أول جانفي 1981، وأصبح البلدان الأخيران عضوين في 01 جانفي 1986. ولقد أدى توحيد ألمانيا عام 1990 إلى زيادة تعداد سكان دول الجماعة بمقدار 18 مليون نسمة. وجاءت مرحلة توسع أخرى في جانفي 1995 بانضمام كل من: النمسا، فنلندا، والسويد إلى الاتحاد الأوروبي، بينما تقدمت أربع دول أخرى بطلبات انضمام هي: سويسرا، تركيا، قبرص ومالطا، ودارت مناقشات في اجتماع المجلس الأوروبي بمدينة ايسن في ديسمبر 1994، حول اتحاد أوروبي يضم 27 دولة، من بينها العديد من الدول شرق ووسط أوربا.
4- معاهدة ماستريخت وتطور النظام الأوروبي:
بالرغم من النجاح الذي حققته الجماعة الأوروبية على صعيد إنشاء السوق المشتركة، إلا أنها واجهت صعوبة بالغة في إزالة كافة القيود الفنية والإدارية والقانونية المعوقة للتجارة البينية، كما رسخت الظروف الاقتصادية السائدة خلال الثمانينيات من اقتناع القيادات الأوروبية بضرورة إيجاد قوة دفع جديدة للنظام الأوروبي، لتحقيق أقصى استفادة من مكاسب التكامل الاقتصادي.
وفي مارس 1985 قرر رؤساء الدول والحكومات أعضاء الجماعة الأوروبية، وضع هدف التوصل إلى سوق أوروبية مشتركة على قمة أولوياتهم، ثم أكد الزعماء إرادتهم السياسية في تحقيق التكامل عندما أقروا في عام 1986 الاتفاق الأوروبي الموحد( )، الذي عدّلوا بموجبه المعاهدات الأساسية لتعزيز مبادرة السوق الموحدة، من خلال إطار قانوني متوافق مع هذا الهدف، يزيل القيود المفروضة على حرية حركة التجارة في السلع وتنقل الأشخاص، وإزالة القيود الفنية على التجارة وعلى التعاقدات العامة، ورؤوس الأموال، والقيود المالية مثل الضرائب.
ويمثل هذا التطور نحو السوق الموحدة، المرحلة الثالثة من مراحل التطور، التي طرأت على النظام الأوروبي، بعد الأولى التي كانت هي مرحلة الجماعات الأوروبية، والثانية هي مرحلة السوق المشتركة التي تضمنت معاهدة روما أحكاما تتناول إنشاءها على عدة مراحل، ومع نهاية عام 1992 كانت الحكومات الأوروبية قد أنجزت الشق الأعظم من الأهداف المتفق عليها، حيث اكتملت السوق الأوروبية الداخلية. ثم دخل النظام الأوروبي مرحلته الرابعة من التطور نحو مزيد من التوسع بالتوقيع على معاهدة ماستريخت في 7 فيفري 1992 لإنشاء الاتحاد الأوروبي(2)، الذي يحقق حالة من الاندماج التام بين الدول الأعضاء، ويضيف إلى المعاهدات السابقة عمادين إضافيين هما: السياسة الخارجية والأمنية المشتركة، والعدالة والشؤون الداخلية، بالإضافة إلى العملة الموحدة التي بدأ العمل بها في 01 جانفي 2002.
وفي أحدث توسع شهده الاتحاد الأوروبي في تاريخه، انضمت إليه في 01 ماي 2005، عشرة دول جديدة أغلبها من شرق أوربا هي: جمهورية التشيك، استونيا، المجر، لاتفيا، ليتوانيا، بولندا، سلوفاكيا، سلوفينيا، بعد أن أوفت حكومات هذه الدول بمطالب الاتحاد الأوربي فيما يتعلق بالمعايير الاقتصادية، القانونية والديمقراطية، والبلدان الآخران اللذان انضما للاتحاد هما: قبرص ومالطا، وكلاهما جزيرتان بالبحر المتوسط، كما دخلت تركيا في مفاوضات من أجل العضوية الكاملة في الاتحاد، انطلقت في 03 أكتوبر 2005.
وبهذا التوسع أصبح الاتحاد الأوروبي أكبر تكتل تجاري، اقتصادي وسياسي في العالم يجمع 455 مليون نسمة في إطار 25 بلدا، وإجمالي دخل محلي يصل إلى 9613 مليار أورو، ومساحة إجمالية تقدر ب 4 مليون كلم2().


الجدول رقم 01 : المعاهدات الأوروبية الرئيسية
المعاهدة تاريخ التوقيع عليها تاريخ دخولها حيز التنفيذ
معاهدة إنشاء الجماعة الأوروبية للصلب والفحم 18 أفريل 1951 25 جويلية 1952
معاهدة إنشاء الجماعة الأوروبية للطاقة النووية 25 مارس 1957 01 جانفي 1958
معاهدة إنشاء الجماعة الاقتصادية الأوروبية 25 مارس 1957 01 جانفي 1958
الاتفاق الأوروبي الموحد 17 فيفري 1986 01 جويلية 1987
معاهدة الاتحاد الأوروبي "ماستريخت" 07 فيفري 1992 01 نوفمبر1993
المصدر: من تصميم الباحث بالاعتماد على المرجع الآتي: د.أسامة المجدوب، العولمة والإقليمية، الدار المصرية اللبنانية،القاهرة،2001.

المطلب الثاني: السياسة المتوسطية للجماعة الأوروبية في الفترة 1957-1989
تمثل هذه الفترة مرحلة الحرب الباردة، إلا أن السياسة المتوسطية للمجموعة الأوروبية طيلة هذه الفترة لم تأخذ وتيرة واحدة، بل أنه يمكن التمييز بين مرحلتين أسياسيتين هما:
أولا:السياسة المتوسطية الجزئية 1957-1972.
كان اهتمام الجماعة الأوروبية بحوض البحر المتوسط يتركز أساسا على ثلاث مناطق هي:
- الدول العربية، خاصة دول المغرب العربي بسبب القرب الجغرافي والتاريخ المشترك.
- الدول الأوروبية المتوسطية غير الأعضاء: فقد سارعت هذه الدول إلى تقديم طلبات الانضمام، وهذا ما دفع الجماعة الأوروبية إلى تطوير العلاقة معها تمهيدا لانضمامها.
- إسرائيل: فقد أقامت المجموعة الأوروبية منذ نشأتها، علاقات وثيقة مع إسرائيل لأسباب سياسية، تاريخية، واستعمارية.
ولقد اتسمت سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه المنطقة المتوسطية خلال هذه الفترة بمحدودية الرؤية وجزئية الحركة، وذلك رغم وجود دوافع مصلحيه تحدو الطرف الأوروبي للاهتمام بالطرف المتوسطي، منها الروابط المصلحية الاقتصادية بين الجانبين، وخصوصا فيما يتعلق بمجالات الإنتاج الزراعي للدول المتوسطية والكم الضخم من الأيدي العاملة المهاجرة من الدول المتوسطية إلى أوربا، والروابط التاريخية والثقافية بين الجانبين. إلا أن هذه القوة الدافعة للتقارب بين الطرفين واجهتها عقبات موضوعية أهمها:
- العقبات ذات الطابع السياسي، واختلاف الرؤى بشأن مفهوم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وممارستهما.
- العقبات الاقتصادية متمثلة في التباين الرهيب في مستويات المعيشة لدى كل من مجتمعي أوربا والبحر المتوسط.
وبسبب هذه العقبات كانت سياسة الجماعة تجاه دول البحر المتوسط تدريجية وجزئية، تمثلت في عقد مجموعة من الاتفاقيات، بعضها اتفاقيات تجارية تقتصر على تبادل بعض التيسيرات المتقابلة، وبعضها اتفاقات تعاون وانتساب وفق المادة 238 من معاهدة روما( ).
وخلال فترة الستينيات، توصلت المجموعة الأوروبية لعدد من الاتفاقيات مع دول المتوسط مثل: اتفاقية انتساب مع اليونان سنة 1962 ومع تركيا سنة 1963، واشتمل نظام الانتساب بالإضافة إلى تنشيط المبادلات التجارية، تقديم المعونات المالية والفنية من الجماعة إلى الدول المنتسبة. كما تم توقيع اتفاقية تجارية مع إسرائيل 1963، تلتها اتفاقية معاملة تفضيلية سنة 1970، واتفاقية تجارية مع لبنان 1965 تلتها اتفاقية معاملة تفضيلية عام 1972، واتفاقية انتساب مع كل من مالطا 1970، وقبرص 1972. هذا دون أن ننسى توقيع اتفاقية "ياوندي" مع 18 دولة إفريقية حديثة الاستقلال في جويلية 1963، بغرض تنظيم عملية انتسابها، وهذا ما دفع بعض الدول العربية المغاربية للاهتمام بهذه الاتفاقية.
وتأخرت الاتفاقيات مع بلدان المغرب العربي الأساسية (الجزائر، تونس، المغرب)، بسبب العديد من المشكلات كانت أهمها: الموقف التنافسي للعديد من صادرات هذه البلدان مع المنتجات الزراعية في إيطاليا، وفي سنة 1966 حصلت إيطاليا على 45 مليون دولار أمريكي من الجماعة الأوروبية، لتحسين المنتجات الإيطالية. بعد ذلك أصبح الطريق مفتوحا لعقد اتفاقية انتساب بين الجماعة وكل من تونس والمغرب، وتم التوقيع عليها في مارس 1969 لمدة 5 سنوات، بينما استخدمت هولندا الفيتو ضد اتفاقية مماثلة مع الجزائر بسبب إعلانها الحرب على إسرائيل في 1967، رغم أن الجزائر ظلت خلال الفترة الممتدة من 1957-1962، تحظى بمعاملة الدول الأعضاء، لأنها كانت تمثل ثلاث مناطق فرنسية( ).
وانطوت اتفاقيتي تونس والمغرب على تفضيلات لمعظم صادراتهما الصناعية والمواد الخام، أما السلع الأخرى فتُعامل وفق المعاملة التي كانت تمنحها لها فرنسا قبل الاتفاقية، كما لم تتضمن الاتفاقيتين على معونات مالية، وعجزت الدولتان عن الاستفادة من التيسيرات التي منحت لصادراتها الصناعية إلى الجماعة، بسبب ضعف القاعدة الصناعية فيهما.
وفي الأخير نستطيع القول بأن السياسة المتوسطية الجزئية تمثلت في اتفاقيات انتساب بين الجماعة وبين العديد من الدول المتوسطية، ويشتمل هذا النظام على تنشيط المبادلات التجارية، والمعونات الفنية والمالية. وبالنسبة للأقطار العربية المتوسطية، جاءت كل اتفاقياتها مع الجماعة الأوروبية، خالية من مبدأ المساعدات المالية. ومن هنا يتضح أن هدف المجموعة الأوروبية من وراء هذه السياسة كان سياسيا، ولكن تحقيقه كان بأدوات اقتصادية، فلقد كانت الأداة الأساسية للجماعة لإقامة علاقات مميزة مع دول العالم الثالث خاصة المتوسطية منها، هي التفضيلات التجارية وليس المعونة المالية أو تنظيم هجرة العمالة( ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي   مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyالسبت مايو 04, 2013 2:10 am

ثانيا: السياسة المتوسطية الشاملة 1972-1989.
كانت معظم علاقات الجماعة الأوروبية بدول المتوسط، ذات بعد اقتصادي وتجاري واضح، ومع بداية السبعينيات بدأت تتجلى أهمية وضع سياسة أكثر شمولا للعلاقات بين دول المتوسط والجماعة الأوروبية، وهو ما قاد السياسة المتوسطية الأوروبية إلى التحول إلى مرحلة جديدة.
ففي 1971 تقدمت اللجنة الأوروبية بمبادرة للمجلس الوزاري تحتوي على تقييم للعلاقات الاقتصادية مع دول المتوسطّ، في إطار التعاون السياسي الأوروبي، وأكد المجلس على أن التداخل بين المصالح الأوروبية والمتوسطية، يؤكد أهمية تنمية تلك المنطقة، وهي الأفكار التي أقرتها قمة المجموعة الأوروبية (المجلس الأوروبي) في باريس في أكتوبر 1972، والتي أشارت إلى رغبة المجموعة في تحمل التزاماتها تجاه منطقة المتوسط من خلال سياسة شاملة أطلق عليها: السياسة المتوسطية الشاملة.
ومن أهم التحديات التي كانت تواجه هذه السياسة، هي مدى قدرتها – باعتبارها سياسة شاملة- على التعامل مع الاختلافات بين الاتفاقيات القائمة بين الجماعة، وبين عدة دول متوسطية. فلم يكن من الممكن أن تأتي هذه السياسة بقواعد موحدة أو مشتركة لتعاملها مع كل الدول المتوسطية على اختلاف العلاقات السياسية فيما بينها، وهكذا فتحت السياسة المتوسطية الشاملة أمام جميع بلدان حوض المتوسط، أُفقا أوسع من مجرد الاتفاقات التجارية، وعلى هذا الأساس تم إبرام عدة اتفاقيات بين الجماعة الأوروبية وهذه البلدان، بدءا بإسرائيل في ماي 1975، ثم اتفاقيات مع ثلاث دول مغاربة (تونس، الجزائر، المغرب) في أفريل 1976( ).
أما بالنسبة لبلدان المشرق العربي (مصر، سوريا، الأردن، لبنان)، فبعد اتفاقي مصر ولبنان سنة 1972 والأردن في العام نفسه، جاء اتفاق سوريا سنة 1974. ولكن منذ 1976 بدأت الجماعة الأوروبية تنظر إلى هذه البلدان في إطار بلدان المشرق العربي، وتم سنة1977 توقيع اتفاقيات مع كل من مصر، الأردن، وسوريا مماثلة لاتفاقيات بلـدان المغرب العربي، ثم اتفاقية مع لبنان في ماي 1977، بعد مفاوضات طويلة وصعبة.
وكانت صيغ هذه الاتفاقيات متماثلة، وانحصرت الاختلافات أساسا في التخفيضات الممنوحة للمنتجات الزراعية، وشمل قسمها الأول مجالات التعاون الاقتصادي والفني والمالي، بينما تناول الثاني التعاون التجاري وحدّد التفضيلات التي يمنحها كل من الطرفين للآخر، فمن ناحية الجانب الأوروبي فقد قدم التسهيلات التالية:
- الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية على وارداته من المنتجات الصناعية، بحيث تخفض بنسبة 80% عند بداية العمل بالاتفاقية، ثم تزول كليا بعد السنة الأولى.
- إزالة جميع القيود الكمية على جميع السلع ما عدا بعض المنتجات الزراعية وبعض أنواع المنسوجات المدرجة في الملحق الثاني لاتفاقية روما ووفق اتفاقية الألياف على التوالي، وتختلف من بلد لآخر.
- تخفيض التعريفة على قائمة مختارة من المنتجات الزراعية، لفترات محدودة من السنة ولكميات تحدد سنويا، وتختلف من دولة إلى أخرى بسبب التفاوت في هيكل الصادرات الزراعية.
كما نصت هذه الاتفاقيات على إنشاء مجلس للتعاون، يعمل على تنفيذ الاتفاقية بين طرفيها، كما يقوم بتحديد بروتوكولات ملحقة للاتفاقية. فقد أعيدت صياغة البروتوكولات عام 1988، عندما بدأت الجماعة الأوروبية بتطبيق نظام التصنيف الجمركي المنسق بالكيفية التي توافق هذا النظام، ولم يكن يسمح بتراكم المنشأ إلا للدول المغاربية فيما بينها، ويحدد بروتوكول آخر، المبادئ التي يتم بموجبها التعاون الفني والمالي، وشروط القروض التي يقدمها بنك الاستثمار الأوروبي. ويجري تجديد البروتوكولات المالية كل خمس سنوات( )، وتحدد فيها المبالغ التي تقدمها الجماعة سواء كمنح من ميزانيتها، أو كقروض من بنك الاستثمار، وينتهي آخرها في عام 1996.
أما فيما يخص التسهيلات المقدمة من الطرف المتوسطي، فيلتزم هذا الأخير بقاعدة الدولة الأولى بالرعاية، فيعطي الطرف الأوروبي التفضيلات التي قد يمنحها إلى طرف آخر تفوق ما تضمنته الاتفاقية، كما يلتزم بتطبيق قاعدة المعاملة الوطنية، التي تنص عليها المادة 03 من اتفاقية الجات، من جهة أخرى يسمح له أن يفرض رسوما جمركية أو قيود إذا ما تطلبتها حاجات التنمية عامة أو بعض القطاعات.
كما تجيز الاتفاقية تطبيق ما تضمنته المادة 6 من الجات، بشأن مقاومة الإغراق بعد إخطار مجلس التعاون. ويلاحظ أن المنتجات التي كانت تتميز فيها أغلب الدول المتوسطية، وهي الزراعية والمنسوجات، كانت تحصل على تخفيضات وفق حصص مقيدة زمنيا وكميا. ففي كل سنة تحدد الجماعة الأوروبية كميات المنتجات الزراعية التي تمنح تفضيلات معينة، كما تحدد الأسعار المرجعية لبعض السلع. إلا أن انضمام دول جنوب أوربا، ذات الإنتاج الزراعي الهام، إلى الجماعة الأوروبية، وحصولها على حرية النفاذ إلى أسواقها، أكسبها وضعا أفضل، مما أضعف المزايا التي كانت للدول المتوسطية الأخرى خاصة المغاربية. ومعلوم أن اسبانيا والبرتغال قد منحتا مهلة حتى 1996، لتحسين أوضاعهما بما يتماشى مع القواعد التي تسير عليها الجماعة الأوروبية.
ثالثا: تقييم السياسة المتوسطية الجزئية والسياسة المتوسطية الشاملة.
بالنسبة للسياسة المتوسطية الجزئية، سبق وأن أشرنا إلى أنها اتسمت بمحدودية الرؤية وجزئية الحركة، واعتمدت أدواتها على التفضيلات التجارية فقط، وجاءت خالية من المساعدات المالية والفنية والعلمية.
أما فيما يخص السياسة المتوسطية الشاملة، فإن تقييم اتفاقياتها يجب أن يرتكز على ما تضمنته هذه الاتفاقيات من أهداف، بالإضافة إلى الاعتبارات التالية:
- مقدار مساندة الاتفاقيات بمساعدات مالية من ميزانية الجماعة الأوروبية، وقروض من بنك الاستثمار الأوروبي.
- القدرة على تشجيع صادرات الدول المتوسطية عامة، وإلى الجماعة الأوروبية خاصة، ومن ثم تشجيع الاستثمار الأجنبي للاستفادة من فرص التصدير إلى أوربا.
وسوف نتناول فيما يلي، تقييم بعض ميادين التعاون:
1- التبـادل التجـاري:
فيما يتعلق بالمنتوجات الصناعية، كان لتحرير التجارة الأثر الإيجابي على اقتصاديات البلدان المتوسطية النامية، حيث ارتفعت صادرات تلكم البلدان للاتحاد الأوروبي من 28% إلى 54%( )، من مجموع المبيعات، حيث نجح المغرب مثلا في رفع صادراته الصناعية من 40% إلى 77%، كذلك حققت كل من تركيا، إسرائيل، مالطا، وقبرص نسبا عالية فاقت 70%، غير أن الحمائية التي كانت تهيمن على السياسات التجارية الخارجية في العديد من بلدان المنطقة، وكذلك النقص في تصنيف وتنويع الصادرات الصناعية، أديا إلى عجز متفاقم في موازين التجارة الخارجية بين الاتحاد الأوروبي والبلدان المتوسطية.
أما فيما يخض الصادرات من المنتوجات الزراعية والنسيجية، فقد تأثرت بالقيود التي تضمنتها الاتفاقيات، فالمنتجات الزراعية واجهتها قيود السياسة الزراعية المشتركة للجماعة الأوروبية، كما أنها خضعت لحصص مربوطة بفترات زمنية، كانت أحيانا تقع خارج المواسم الإنتاجية للدول المتوسطية. ومن جهتها خضعت المنتجات النسيجية والملابس لاتفاقية الألياف، كما أن قواعد المنشأ كانت تستبعد الكثير من المنتجات الصناعية التي تعين عليها أن تنافس صادرات دول أخرى إلى أوربا بعد أن تدفع الرسوم.
جدول رقم 02: نسب صادرات بعض الدول المتوسطية إلى أوربا من جملة صادراتها للفترة 1974-1989
الفترات
الدول 1974-1976 1977-1979 1980-1984 1985-1989
تونـس
الجزائر
المغرب
الأردن
سـوريا
لبنـان
مصـر 66.9%
52.4%
56.7%
2.7%
45.7%
17.1%
18.4% 68.4%
38.3%
61.3%
1.2%
52.3%
6.5%
39.4% 58.2%
58.1%
57.00%
2.4%
50.9%
7.5%
43.5% 74%
70.8%
59.9%
5.6%
37.2%
18.4%
39.1%
المصدر: مجلة بحوث اقتصادية عربية، العدد السابع، 1997، القاهرة.


جدول رقم 03: نسب واردات بعض الدول المتوسطية من أوروبا من جملة وارداتها.
الفترات
الدول 1974-1976 1977-1979 1980-1984 1985-1989
تونس
الجزائر
المغرب
الأردن
سوريا
لبنان
مصر 63.2%
61.8%
52.9%
33.6%
36.8%
44.3%
35% 66.1%
60.3%
54.4%
37.4%
37.4%
48.00%
39.9% 67.5%
59.2%
36.7%
32.3%
30.9%
45.00%
41.7% 66.6%
59.5%
52.2%
30.9%
36.7%
46.9%
39.8%
المصدر: مجلة بحوث اقتصادية عربية، العدد السابع، 1997، القاهرة.
وفي الأخير، يتبين أن تجارة الدول المتوسطية لم تكن خاضعة فقط للاتفاقيات المعقودة مع الجماعة الأوروبية، بل تأثرت أيضا بالقواعد التي حكمت هذه الجماعة والتغيرات التي طرأت عليها، خاصة بإعلان التحول إلى اتحاد أوروبي والبدء في تنفيذ هذا التحول، إذ نجد أن الدول المتوسطية، لم تحاول الاستفادة من التصدير للمنتجات التي شهدت تطورا سريعا في الطلب الأوروبي، بل نجد أن بعض الدول المتوسطية العربية كالجزائر مثلا، تعتمد في صادراتها إلى المجموعة الأوروبية على النفط بنسبة كبيرة. ومع اتساع المجال الأوروبي واتجاه الاتحاد الأوروبي إلى عقد اتفاقيات مع دول أوربا الشرقية، يتراجع الموقف التنافسي للدول المتوسطية في صادراتها للمجموعة الأوروبية.
2- التعـاون المالي:
نصت الاتفاقيات المعقودة بين الجماعة الأوروبية والدول المتوسطية، على مساهمة مالية من المجموعة للمساعدة في النمو الاقتصادي، وقد خُصصت هذه المعونات المالية في الميادين التالية:
- مشاريع استثمار في الإنتاج والمنشآت الإنتاجية.
- نشاطات التعاون التقني، سواء التمهيدية أو اللاحقة لمشاريع استثمارية.
- نشاطات التعاون في الميدان العلمي وميدان البحث والتكوين.
وتتألف في الواقع، مساعدات السوق المشتركة للبلدان المتوسطية من: معونات من ميزانية الجماعة الأوروبية وقروض من البنك الأوروبي للاستثمار، إذ يرتفع مجموع الإسهامات المالية للجماعة الأوروبية بين 1975-1987 إلى 5.5 مليار إيكو، 56% من هذا المبلغ جاءت كقروض من البنك الأوروبي للاستثمار( ).
يوضح الجدول التالي مساعدات السوق الأوروبية المشتركة للبلدان العربية المتوسطية وفق بروتوكولات 1978-1991.

جدول رقم 04: مساعدات السوق الأوروبية المشتركة للبلدان المتوسطية العربية وفق البروتوكولات المالية 1978-1991
الوحدة: مليون إيكو
البلد البروتوكولات قروض البنك الأوروبي للاستثمار مساعدات من ميزانية السوق الأوروبية المشتركة المجموع
الجزائر الأول1978-1981
الثاني1982-1986
الثالث1987-1991 70
107
183 44
44
56 114
151
239
مصر الأول1978-1981
الثاني 1982-1986
الثالث1987-1991 93
150
249 77
126
200 170
276
449
الأردن الأول1978-1981
الثاني1982-1986
الثالث1987-1991 18
37
63 22
26
37 40
63
100
لبنان الأول1978-1981
الثاني1982-1986
مساعدة طارئة(1977-1978)

مساعدة طارئة(1982-1986)
الثالث1987-1991 20
34

20

50
53 10
16

-

-
20 30
50

20

50
73
المغرب الأول1978-1981
الثاني1982-1986
الثالث1987-1991 56
90
151 74
109
173 130
199
324
سوريا الأول1978-1981
الثاني1982-1986
الثالث1987-1991 34
64
110 26
33
36 60
97
146
تونس الأول1978-1981
الثاني1982-1986
الثالث1987-1991 41
78
131 54
61
93 95
139
224
المجموع الأول1978-1981
الثاني1982-1986
الثالث1987-1991 332
560
940 307
415
615 639
975
1555
المجموع العام 1832 1337 3169
المصدر: البنك الأوروبي للاستثمار، بروكسل 1998.
إن مقارنة المبالغ في الأجيال الأولى للاتفاقيات المالية المعقودة في 1978-1991، تسمح لنا بملاحظة ما يلي:
- يترافق الانتقال من جيل إلى آخر بزيادة قيمتها 50%، لكن إذا ما أخذنا التضخم بعين الاعتبار، فإننا نلاحظ أن الزيادة لا تكاد تحافظ على قيمة المساعدة من قبل الجماعة الأوروبية.
- يُظهر تحليل شتى أشكال المساعدة، خللا متزايدا لمصلحة قروض البنك الأوروبي للاستثمار التي تزداد بسرعة أكبر من مساعدات الميزانية.
وفيما يخص كيفية توزيع التعاون في البروتوكولات المالية، فقد كان شديد التنوع، انطلاقا من تمويل مشاريع البنية التحتية (لاسيما في ميدان الطاقة)، وصولا إلى نشاطات التنمية الصناعية، كما أن التعاون من خلال الهبات والقروض الخاصة خدم في مجالات الإعداد والمعونة الفنية.
كما تم دمج قروض خاصة لمشاريع عدة، مع قروض البنك الأوروبي للاستثمار، كما أن بعض أنشطة هذا البنك تمت بتمويل مشترك مع ممولين آخرين كالبنك الدولي.
إن الملاحظة العامة التي يوحي بها تحليل التعاون المالي الشامل مع البلدان المتوسطية المشاركة، هي أنه توجد هوة بين ما تعلنه السوق الأوروبية المشتركة بشأن أهمية بلدان المتوسط ودورها الفعلي في التعاون معها، فبرأي هذه البلدان، تبدو المبالغ المرصودة زهيدة جدا بالمقارنة مع حاجاتها الضخمة.
3- تعاون في ميدان اليد العاملة:
نظرا إلى العدد الكبير من مواطني بلدان المتوسط العاملين في مناطق الجماعة الأوروبية، فإن الاتفاقيات مع هذه البلدان قضت بإجراءات خاصة، تضمن مبدئيا لهؤلاء العمال شروط عمل وأجرا، وكذلك مكاسب في ميدان الضمان الاجتماعي.
وهكذا فإن الحساب الختامي للمقاربة المتوسطية الشاملة للجماعة الأوروبية، تبدو على العموم محدودة، ففوائد الدخول التفضيلي للمنتوجات الزراعية والصناعية تم تقليصها بفعل السياسة الزراعية المشتركة، وتوسع الجماعة إلى إسبانيا والبرتغال واتفاقيات التقييد الذاتي، لاسيما الصادرات النسيجية. وفيما خص التعاون المالي، فقد بقي دون أثر كبير في اقتصاديات مصابة في الصميم، بفعل الاستدانة المتصاعدة والبطالة المستمرة وزيادة سكانية متفجرة.
بالطبع لا يمكن تحميل الجماعة الأوروبية جميع المسؤوليات، وعلى أي حال، إن الانهيار الاقتصادي للبلدان المتوسطية المشاركة، هو نتيجة لسياسات التنمية المنتهجة فيها، والتي أثبتت قصورها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي   مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyالسبت مايو 04, 2013 2:11 am

المطلب الثالث: السياسة المتوسطية المتجددة للجماعة الأوروبية 1989-1995.
مع نهاية عام 1989، بدأت الجماعة الأوروبية تفكر في مراجعة علاقاتها بدول المتوسط، آخذة في الاعتبار التحديات التي تواجه الجانبين في ضوء المتغيرات الدولية التي أخذ يشهدها النظام الدولي عشية انتهاء الحرب الباردة. وفي جوان 1990 أصدرت اللجنة الأوروبية تقريرا لمراجعة هذه العلاقات، أطلق عليه "نحو سياسة متوسطية جديدة"، وفي ديسمبر 1990 أقّر مجلس الجماعة الأوروبية الأفكار الواردة في التقرير، والتي أكدت استمرارية العلاقات التقليدية، وأدخلت تطويرات جديدة لتدعيم تلك العلاقات.
وفي 12 جويلية 1991( )، طلب البرلمان الأوروبي من مجلس الجماعة، إعطاء الأولوية لهذه السياسة الجديدة، مما دفع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية للمجموعة الأوروبية إلى وضع توجيهات جديدة بشأنها في نوفمبر 1991.
أولا: دوافع الجماعة نحو السياسة المتوسطية الجديدة.
لقد تفاعلت مجموعة من المعطيات الأوروبية والإقليمية والعالمية والتي شكلت في مجموعها دوافع الجماعة الأوروبية (الاتحاد الأوروبي فيما بعد)، نحو سياسة متوسطية جديدة، ولعل أهم المتغيرات العالمية هي:
- تراجع فكرة التهديد السوفياتي الشيوعي للأمن الأوروبي.
- تصاعد حدة الخلاف بين أوربا والولايات المتحدة الأمريكية حول القضايا التجارية والنقدية العالمية.
- رغبة أوربا في جعل المتوسط بحرا أوروبيا وليس بحرا أمريكيا، فكان طرح السياسة المتوسطية الجديدة ردا على إصرار الولايات المتحدة الأمريكية الانفراد بمقدّرات الشرق الأوسط، وهو الذي يتجلى بوضوح منذ أزمة الخليج الثانية.
وعن أهم المتغيرات الأوروبية، التي دفعت الجماعة الأوروبية نحو السياسة المتوسطية الجديدة فتتمثل في: التجربة الاندماجية التي راحت أوربا تدشن لها منذ النصف الثاني من الثمانينيات، حيث دخلت في مرحلة تحول جديدة لتدعيم الهوية الأوروبية والكيان الجماعي لها، تحت شعار أوربا الموحدة.
ولقد جاءت معاهدة ماستريخت لتكرس الوحدة، وتعكس رغبة الطرف الأوروبي في الربط بين إحراز تقدم على صعيد الوحدة الاقتصادية، وبين التقدم على صعيد السياسة الخارجية المشتركة، وكان لابد لهذا الطابع الجديد أن ينعكس على الأنشطة الجماعية ومنها: "السياسة المتوسطية الجديدة".
وأخيرا تأتي المحددات والمتغيرات الإقليمية، التي تتمثل في مجموعة المخاطر والتهديدات الأمنية، التي باتت تهدد الأمن الأوروبي، وهي في معظمها قادمة من الجنوب الذي يشمل جنوب وشرق المتوسط، وأهم تلك المخاطر:
- استمرار مستويات التسلح المرتفعة في العالم الثالث.
- استمرار تدفق المهاجرين غير الشرعيين من شمال إفريقيا إلى أوربا.
- نظرة الغرب للإسلام، التي ترى أن الإسلام يعني الأصولية وهذه الأخيرة تعني الإرهاب.
وهكذا، مثّلت هذه المجموعات الثلاث من المتغيرات، محددات التوجه الأوروبي نحو السياسة المتوسطية الجديدة.
ثانيا: مميزات السياسة المتوسطية الجديدة.
تقوم السياسة المتوسطية الجديدة للاتحاد الأوروبي على استمرارية العلاقات التقليدية، مع إدخال تعديلات وتطويرات جديدة لتدعيم تلك العلاقات وعلى رأسها:
- مضاعفة الموارد المالية المخصصة لمساعدة دول المنطقة.

جدول رقم 05: مساعدات الاتحاد الأوروبي للبلدان المتوسطية العربية وفق البروتوكولات المالية الرابعة: 1991-1996.
الوحدة:مليون إيكو
/
الدول قروض البنك الأوروبي للاستثمار مساعدات من ميزانية المجموعة الأوروبية المجموع
الجزائر
المغرب
تونس
مصر
لبنان
الأردن
سوريا
280
220
168
280
45
80
115 52
218
101
242
22
44
41 322
438
269
522
67
124
156

المصدر: بشارة خضر، أوربا والوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1993.

وقد تحسن العون المالي المقدم من الجماعة الأوروبية، حتى بالنسبة إلى التمويلات التي لا ترتبط بمشروعات تقليدية، مثل دعم برامج الإصلاح الهيكلي. كما أن العون المالي الأوروبي ساعد على تنفيذ العديد من البرامج ذات الصبغة الاجتماعية، مثل: الصحة والتعليم والسكن الاجتماعي، غير أن حجم الحاجات التمويلية في أقطار مكبلة بمديونية خارجية متفاقمة، لم يسمح لتلكم المساعدات والقروض أن يكون لها دور فعال في تنمية البلدان المعنية.
- تحسين فرص دخول منتجات الدول المتوسطية للسوق الأوروبية: فبالنسبة لمنتوجات النسيج والملابس، ساهمت المرونة التي اتسم بها تنفيذ إجراءات تقييد الصادرات منها وكذلك تحرير التجارة المتواصل في تلكم المصنوعات، إلى زيادة حصص البلدان المتوسطية المصدرة لهذه المنتجات نحو الاتحاد الأوروبي.
- أما بخصوص صادرات البلدان المتوسطية من المنتجات الزراعية: فقد استفادت من قرار المجلس الأوروبي رقم 1764/92، القاضي بإدخال تعديلات على جميع اتفاقيات الدول المتوسطية، ترمي إلى تعزيز صادراتها الزراعية، وبالفعل تم الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية ضمن ما يسمى بالحصص التعريفية، بالإضافة إلى الامتيازات التعريفية الأخرى الممنوحة.
لكنه، وعلى الرغم من ارتفاع قيمتها النقدية، فإن الصادرات الزراعية منسوبة إلى إجمالي المبيعات ما برحت تتراجع، كما أن التبادل الزراعي من منظور إيرادات الدول المتوسطية، يؤكد على إخفاق سياسات التنويع في ميدان الإنتاج الزراعي في معظم البلاد المتوسطية، الأمر الذي لم يمكنها من تحسين نسبة اكتفائها الغذائي الذاتي.
- وهناك ميزة مهمة أخرى في السياسة المتوسطية المتجدّدة للاتحاد الأوروبي، تتمثل في مشاريع تتعلق بالبيئة والبحث، بالإضافة إلى برامج التعاون اللامركزي التي تنفذ إلى المجتمع المدني مثل الجمعيات المحلية والجامعات ومعاهد التعليم العالي والمؤسسات الإنتاجية الصغرى والمتوسطة الحجم، التي تنتفع بالعديد من آليات التعاون المتاحة. إلا أن هشاشة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في معظم الدول المتوسطية في تلك الحقبة، حالت دون تنمية التعاون اللامركزي على الرغم من بعض المؤشرات الإيجابية هنا وهناك.
وبالرغم من كل ما سبق، إلا أن السياسة المتوسطية الجديدة بقيت موجهة أساسا بالمصالح التجارية، ولم تهدف إلى خلق حالات تكاملية أو خلق استراتيجية فعلية لتنمية متضامنة. رغم تأكيدات الاتحاد الأوروبي بشأن أهمية الضفة الجنوبية والشرقية للبحر المتوسط، وهذا ما أشار إليه بيان قمة المجلس الأوروبي الذي عقد في لشبونة في جوان 1992( )، الذي تضمن التأكيد على أن الضفتين الجنوبية والشرقية للبحر المتوسط، تماما كالشرق الأوسط، تشكل مناطق جغرافية يرتبط بها الاتحاد الأوروبي بمصالح قوية تتمثل في الحفاظ على الأمن والاستقرار في تلك المناطق.


المبحث الثاني: العلاقات الأوروبية المتوسطية من التعاون إلى الشراكة
تمثل سنة 1994 منعرجا مهما في العلاقات الأوروبية المتوسطية، وبداية التطور الجذري في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه المتوسط، خاصة مع دخول اتفاقية ماستريخت حيز التنفيذ في نوفمبر 1993. وكانت بدايات هذا التوجه، اجتماع المجلس الوزاري الأوروبي في كورفو باليونان في جوان 1994 وكلفت هذه القمة كلا من المجلس الوزاري واللجنة الأوروبية بتقييم السياسة المتوسطية والفرص المتاحة لتطوير وتعميق تلك السياسة على المديين القصير والمتوسط، ثم جاء اقتراح اللجنة الأوروبية في أكتوبر من عام 1994 بتأسيس الشراكة الأوروبية المتوسطية، بهدف تحقيق الأمن والاستقرار والتكامل. وفي القمة الأوروبية المنعقدة في مدينة "أسن" بألمانيا في ديسمبر 1994، أعطى المجلس الأوروبي موافقته لاعتماد مقترحات لجنة بروكسل كأساس للشراكة الأورومتوسطية، معلنا بذلك الدخول في مرحلة ما بعد السياسة المتوسطية المتجددة، وأصبح مصطلح الشراكة أكثر تداولا بين دول البحر المتوسط منذ ذلك التاريخ.
تضمنت هذه السياسة الجديدة الخطوط العريضة لتطوير علاقات الاتحاد الأوروبي بالدول المتوسطية، عن طريق إقامة حوار سياسي نشط يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة، وإقامة منطقة اقتصادية أوروبية متوسطية، من خلال إنشاء منطقة للتجارة الحرة، وزيادة المساعدات المالية للدول المتوسطية، وتطوير التعاون في المجالات العلمية والاجتماعية.
لقد تضمنت المقترحات الأوروبية التي طرحت في قمة "أسن" للاتحاد الأوروبي، عقد اجتماع وزاري مع الدول المتوسطية، لمناقشة العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد كان لتسلم فرنسا رئاسة الاتحاد الأوروبي في النصف الأول من عام 1995، الأثر الكبير والدفعة القوية لفكرة عقد هذا الاجتماع، الذي تم تحديد موعده في نهاية عام 1995 تحت الرئاسة الاسبانية للاتحاد الأوروبي. وقد قامت فرنسا واللجنة الأوروبية بصياغة ورقة شاملة لمضمون وأهداف وآليات التعاون المقترح في الإطار الأوروبي المتوسطي، أطلق عليها اسم "الوثيقة الموحدة"( )، تناولت المجالات التالية: المجال السياسي والأمني، المجال الاقتصادي والمالي، المجال البشري والاجتماعي، كما يشمل هذا التعاون المجالات الثقافية والإعلامية والشباب والهجرة والتعاون القضائي والبحث العلمي...إلخ.
على هذا الأساس، قام وفد من الترويكا الأوروبية بجولة في المنطقة المتوسطية في أفريل وماي 1995، لعرض الوثيقة على الدول وتسجيل الملاحظات، حتى يتسنى إعداد وثيقة تأخذ في اعتباراتها آراء كافة الدول المشاركة.
وبناءا على التقرير الذي قدمته الترويكا، ومن أجل التطوير الفعلي للسياسة المتوسطية للاتحاد الأوروبي، عُقد اجتماع للمجلس الأوروبي في مدينة "كان" بفرنسا في جوان 1995، ولقد تضمن البيان الختامي لهذه القمة موقف الاتحاد الأوروبي المؤيد لعقد مؤتمر أوروبي متوسطي في اسبانيا أواخر 1995.
المطلب الأول: مؤتمر برشلونة.
بعد كل الجهود المبذولة من طرف الاتحاد الأوروبي، وبعد قناعة الدول المتوسطية الأخرى، تّم الإعلان الرسمي عن المؤتمر، والذي حدد له تاريخ 27-28 نوفمبر 1995، في مدينة برشلونة الاسبانية، لذلك سمي بمؤتمر برشلونة.
وبالفعل عقد مؤتمر برشلونة الأوروبي المتوسطي يومي 27-28 نوفمبر 1995، بمشاركة كافة دول الاتحاد الأوروبي الخمسة عشر، واثنتي عشر دولة متوسطية (* (، بالإضافة إلى حضور موريتانيا كمراقب، وحضور الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، ودول شرق ووسط أوربا ودول البلطيق وألبانيا بصفة ضيف في الجلسة الافتتاحية فقط للمؤتمر( )، واستبعدت ليبيا لأسباب سياسية.
انتهت أعمال المؤتمر بإصدار الإعلان السياسي، بعد أن تم تعديله وفقا للملاحظات التي أبدتها الدول المتوسطية على المشروع المقدم من الجانب الأوروبي، بحيث أصبح يعكس وجهات نظر كل الأطراف المشاركة.
وقد تضمن الإعلان ثلاث أجزاء رئيسية وهي: المشاركة السياسية والأمنية، المشاركة الاقتصادية والمالية، والمشاركة الاجتماعية والثقافية والإنسانية، بالإضافة إلى برنامج عمل يتضمن تحديد كيفية تنفيذ ومتابعة ما جاء بالإعلان.
لقد اتسم إطار برشلونة بمنهج كلي خلافا للعلاقات الأوروبية المتوسطية التي كانت سائدة في السابق، و التي استندت أساسا إلى عوامل اقتصادية بحتة. وإذا كان إعلان برشلونة ركز أعماله على الجانب الاقتصادي، فإنه طرح في المقابل برامج عمل وأهداف سياسية وأمنية وثقافية واجتماعية.
أولا: أسباب انعقاد المؤتمر.
ُتعد عملية برشلونة، مبادرة متفردة وطموحة، وضعت الأسس لعلاقة إقليمية جديدة، وقبل الخوض في أسباب انعقاد المؤتمر الأورومتوسطي، سنحاول تقديم بعض التعاريف لمفهوم الشراكة.
الشراكة هي نهج أوروبي للتبادل الحر والتعاون مع الدول التي كانت كلها تقريبا إلى أمد قريب ضمن دائرة النفوذ الأوروبي بأسواقها ومواردها الأولية وبما فُرض عليها من ثقافة ولغة( )، كما يمكن القول أن الشراكة الأورومتوسطية هي سياسة متقدمة من سياسات المجموعة الأوروبية تجاه الدول المتوسطية.
وعموما يمكن تعريف الشراكة على أنها محاولة لتقريب سياسات الدول وإخضاعها لمفهوم "التقاربية" في مجال أو مجالات متعددة بطريقة لا تؤدي بالضرورة إلى إقامة نوع من البناء المؤسساتي، فالغرض هنا هو اتفاق وتعاون في ميدان أو ميادين معينة، وذلك لبلوغ أهداف محددة قد لا تكون بالأساس مشتركة.
لا شك أن هناك عدة أسباب دفعت صانعي القرار في الاتحاد الأوروبي إلى عقد مؤتمر برشلونة أهمها:
- توسيع منطقة نفوذ المجموعة الأوروبية لتشمل حوض البحر المتوسط، هذا البحر الذي يعتبر عنصرا أساسيا من عناصر استتباب الأمن في أوروبا، كما يمثل عمقا من أعماق خطة أوربا الكبرى، ألا وهي الارتقاء إلى مصاف القوى الكونية المهيمنة على العالم اقتصاديا وتقنيا وسياسيا وثقافيا.
- الوقوف أمام انفراد الولايات المتحدة بمقدّرات الشرق الأوسط، حيث يرى الاتحاد الأوربي أن هذه الشراكة تسمح له بأن يلعب دورا فعالا للتوازن مع التأثير الأمريكي في المنطقة، الأمر الذي لن يتسنى من دون إطار مؤسسي محدد، وهو إطار برشلونة الذي يرى البعض أنه صُمم خصيصا لمنافسة آلية قمم الشرق الأوسط التي ترعاها الولايات المتحدة.
- تقوية اقتصاديات المجموعة الأوروبية بضمان سوق ضخم لمنتجاتها، وتعزيز قدراتها التنافسية في مواجهة وإدارة الحوار مع التكتلات الإقليمية الأخرى.
- التخلص تدريجيا من أعباء الدعم المالي المجرد، والذي كان يقدم إلى دول شرق المتوسط وجنوبه.
- الحد من معدّلات الهجرة غير الشرعية من دول جنوب المتوسط إلى الاتحاد الأوروبي، لتفادي آثارها السلبية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بتخليص هذه الدول من أسباب القلق وبؤر التوتر والنزاعات، التي تنعكس على معدّلات هذه الهجرة، وأهمها الفقر، البطالة، الاضطهاد السياسي، الاستبداد، والتطرف الديني.
- خطر الإرهاب، وسباق التسلح، وانتشار أسلحة الدمار الشامل ونظم نقلها( ).
أما بالنسبة لدول جنوب المتوسط وشرقه، فإن السبب الرئيسي الذي دفعها للمشاركة في القمة الأورومتوسطية، في ظل وجود التجمعات الكبرى مثل نافتا الأسيوية، وفي ظل ثورة المعلومات والاتصالات، هو الاستفادة من الارتباط بواحدة من أكبر القوى الاقتصادية الدولية كمحرك للتنمية الاقتصادية والاندماج في الاقتصاد العالمي، وإن تحقيق هذه الغاية يتوقف على ما توفره علاقة الشراكة من تأمين وضع تفضيلي لمنتجات هذه الدول في السوق الأوروبية التي تواصل اتساعها، والاستفادة من المساعدات المالية والفنية المقدمة من الاتحاد الأوروبي لتطوير اقتصادياتها، ولدعم عملية التحرير والإصلاح الاقتصادي، فضلا عن تشجيع الاستثمارات الأجنبية، سواء من الاتحاد الأوروبي أو من خارجه من التجمعات والدول.
ثانيا: أهداف الشراكة الأورومتوسطية.
لقد عبّر إعلان برشلونة عن رغبة الأطراف المعنية في إقامة علاقاتها على أساس تعاون وتضامن شاملين، وتجاوب مشترك للتحديات التي تفرضها القضايا السياسية والاقتصاديـة والاجتماعية المستجدة على جانبي المتوسط وهو ما يتحقق من خلال الشراكة. ويؤكد إعلان برشلونة على تحقيق هدف جعل منطقة البحر الأبيض المتوسط منطقة حوار وتبادل وتعاون من أجل تأمين السلام والاستقرار، وتوطيد الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، كما يهدف إلى تنمية المنطقة اقتصاديا واجتماعيا، وبشكل مستديم ومتوازن، ومكافحة الفقر وإيجاد فرص أفضل للتفاهم بين الثقافات.
وهكذا تم تدشين الشراكة الأوروبية المتوسطية وما تنطوي عليه من تعزيز الحوار السياسي بصورة مستمرة، وتطوير التعاون الاقتصادي والمالي، وزيادة الاهتمام بالأبعاد الاجتماعية والثقافية والإنسانية.
ثالثا: صيغ الشراكة الأورومتوسطية.
لقد أشار المشاركون في ندوة برشلونة إلى أن هذه المبادرة الأوروبية المتوسطية، لا تهدف إلى الحل محل المبادرات الأخرى المُباشر بها من أجل السلام والاستقرار والنمو في المنطقة، ولكن ستساهم في دفع هذه الأخيرة إلى الأمام( ).
كما أكدُوا على ضرورة خلق إطار متعدد الأطراف ودائم لعلاقاتهم، يرتكز على روح المشاركة مع احترام مميزات وخواص وقيم كل المشاركين، كما اعتبروا هذا الإطار المتعدد الأطراف مكملا لتوطيد العلاقات الثنائية، التي يجب الحفاظ عليها، وعلى خصوصيتها. ومن هنا نستطيع القول: أن الشراكة الأورمتوسطية تشتمل على صيغتين للتعاون هما:
1- الصيغة الثنائية: يقوم من خلالها الاتحاد الأوروبي بتنفيذ عدد من الأنشطة بشكل ثنائي مع كل دولة، وأهمها هي اتفاقيات الشراكة، التي يتفاوض الاتحاد بشأنها مع الشركاء المتوسطيين كل على حدى، وتعكس هذه الاتفاقيات المبادئ العامة التي تحكم العلاقات الأورومتوسطية الجديدة، وإن كان كل منها يتضمن خصائص متميزة فيما يخص العلاقات بين المجموعة الأوروبية وكل شريك من الشركاء المتوسطيين.
جدول رقم 06: تقدم المفاوضات حول اتفاقيات الشراكة الأورومتوسطية
الشريك المتوسطي اختتام المفاوضات التوقيع على الاتفاقية الدخول حيز التطبيق
تونس
إسرائيل
المغرب
السلطة الفلسطينية
الأردن
مصر
الجزائر
لبنان
سوريا جوان 1995
سبتمبر 1995
نوفمبر 1995
ديسمبر 1996
أفريل 1997
جوان 1999
ديسمبر 2001
ديسمبر 2001
المفاوضات مستمرة جويلية 1995
نوفمبر 1995
فيفري 1996
فيفري 1997
نوفمبر 1997
جوان 2001
أفريل 2002
جوان 2002
-- مارس 1998
جوان 2000
مارس 2000
جويلية 1997
ماي 2002
التصديق وشيك
سبتمبر 2005
التصديق وشيك
--
المصدر: مذكرات إعلامية أورومتوسطية، الشراكة الأورومتوسطية والأنشطة الإقليمية لبرنامج ميدا، المفوضية الأوروبية، 2004.
ملاحظة: الدخول حيز التطبيق بالنسبة للجزائر هو من إضافة الباحث بالاعتماد على:جريدة الخبر اليومية، 31 أوت 2005.

إن الهدف النهائي للبعد الثنائي الجانب، هو إقامة منطقة تجارة حرة أوروبية حوض متوسطية بحلول عام 2010( ).
2- الصيغة الإقليمية: يمثل الحوار الإقليمي واحدا من أكثر جوانب الشراكة إبداعا، حيث أنه يشمل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، من خلال شبكة متكاملة من المنتديات والبرامج والمشاريع.
والتعاون الإقليمي له تأثير استراتيجي كبير، حيث يتناول المشكلات الشائعة لدى العديد من الشركاء المتوسطيين، مع التأكيد في الوقت نفسه على الجوانب الوطنية المتكاملة.
وبعبارة أكثر دقة، يهدف البعد الإقليمي للشراكة إلى تحقيق ما يلي:
- التشجيع على توثيق التكامل بين الشركاء السبعة والعشرين.
- أن يكون هذا التعاون بمثابة داعم ومكمل للإجراءات الثنائية والحوار الذي يجري في ظل اتفاقيات الشراكة.
- تعزيز التعاون جنوب جنوب، أي التعاون بين الشركاء المتوسطيين أنفسهم على أساس شبه إقليمي أين ما يكون ذلك مناسبا.
- معالجة القضايا ذات البعد المتخطي للحدود مثل ربط البنية الأساسية، أو توافق المعايير.
رابعا- الأدوات التمويلية للشراكة:
تتمثل الأدوات التمويلية للشراكة الأورومتوسطية فيما يلي:
1-برنامج ميدا: يعد برنامج "ميدا" الذي بدأ عام 1995 الأداة المالية الرئيسية للاتحاد الأوروبي لتنفيذ الشراكة الأوروبية المتوسطية وأنشطتها، كما يعتبر خطة موازنة تستخدم لمرافقة عملية الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي في الدول المتوسطية الشريكة لأوربا.
يتمثل الأساس القانوني لبرنامج "ميدا" في لائحة ميدا الصادرة في عام 1996 (لائحة المجلس الأوروبي رقم 1488/96)( )، والتي تم تعديلها سنة 2000 وأصبحت تحمل اسم "ميدا2"، وتقضي هذه اللائحة بإنشاء اللجنة المتوسطية المكوّنة من ممثلين عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أجل السماح لهذه الأخيرة بتقديم النصح للمفوضية الأوروبية فيما يتعلق بتنفيذ برنامج "ميدا1" و"ميدا2".
في إطار برنامج ميدا يتم منح الأموال على شكل هبات، وتخضع هذه الموارد لعملية إعداد البرامج، حيث تقوم المفوضية الأوروبية بإعداد أوراق الاستراتيجية المراد تنفيذها، واستنادا على هذه الأوراق يتم بصورة مشتركة وضع برامج إرشادية وطنية، وبرنامج إرشادي إقليمي يغطي الأنشطة المتعددة الأطراف وذلك عن طريق الحوار مع الشركاء المتوسطيين، وأعضاء الاتحاد الأوروبي، وجهات مانحة أخرى، وعلى أساس هذه البرامج يقوم مكتب تعاون يسمى "يوروميد"( )، بوضع مقترح حول خطط التمويل السنوية، كما أنه يتولى إدارة هذه البرامج بدءا من مرحلة التعريف وحتى مرحلة التقييم.
أما فيما يخص تحديد المخصصات السنوية للمدفوعات والالتزامات المالية لبرنامج "ميدا" في ميزانية الاتجاه الأوروبي، فتقوم بها السلطة المختصة بالميزانية (مجلس الاتحاد والبرلمان الأوروبي).
وفي الأخير يمكن أن نضيف أن بنود وأنظمة برنامج ميدا تسري على الأبواب الثلاثة لعملية برشلونة، كما تهتم بتعزيز التعاون الثنائي والإقليمي على حد السواء، ولا تقتصر الجهات المستفيدة من أنشطة هذا البرنامج على الدول والمناطق فحسب، بل أنها تتضمن أيضا أجهزة محلية، منظمات إقليمية، وكالات عامة، مجتمعات محلية، جمعيات ومنظمات غير حكومية...إلخ، حيث يعتبر دعم المجتمع المدني بمثابة جزء لا يتجزأ من أهداف الشراكة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي   مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyالسبت مايو 04, 2013 2:14 am


2- بنك الاستثمار الأوروبي: أُنشأ بنك الاستثمار الأوروبي، بموجب اتفاقية روما، وباعتباره هيئة من هيئات الاتحاد الأوروبي، يعمل البنك بشكل دائم على تكييف أنشطته مع تطور سياسات المجموعة الأوروبية( ).
يعد بنك الاستثمار الأوروبي فاعلا رئيسيا في التنمية الاقتصادية والاستقرار في منطقة حوض البحر المتوسط منذ 1974، وتندرج أنشطته في هذه المنطقة تحت الإطار السياسي للاتحاد الأوروبي، كما أنها تتم بتعاون وثيق مع المفوضية الأوروبية ومع مؤسسات دولية أخرى إذا اقتضت الضرورة ذلك، وينبغي أن ينظر إلى جميع هذه العمليات في سياق الفصل الاقتصادي والمالي لعملية برشلونة، كما أنها تتماشى مع الاستراتيجية التنموية لدى الدول المستفيدة، وكذا مع أنشطة سائر الجهات المانحة ووكالات التمويل الأخرى.
يعقد بنك الاستثمار الأوروبي العزم على دعم الشراكة الأورومتوسطية، في اتجاه تقوية التعاون الاقتصادي والمالي بين الاتحاد الأوروبي وبلدان المنطقة، وإيجاد أدوات مالية جديدة. وينوي البنك بالخصوص تعميق عمله في المجالات التالية:
- دعم عمل الاتحاد في كافة أرجاء الحوض المتوسطي.
- تيسير تنمية التعاون فيما بين البلدان المتوسطية الشريكة "التعاون جنوب-جنوب"، أو مع الاتحاد "جنوب- شمال".
- تعزيز الاستثمار الخارجي المباشر للاتحاد في البلدان المتوسطية الشريكة، وتنمية المقاولات المشتركة بين عملاء أوروبيين أو محليين.
- تعزيز التمويلات لفائدة مشاريع ذات طابع اجتماعي.
ولقد أضفى تأسيس الهيئة الأوروبية للاستثمار والشراكة الأورومتوسطية (FEMIP)( )، بُعدا جديدا على عمليات التمويل التي يقوم بها البنك لدى الشركاء المتوسطيين، وتعطي هذه الهيئة التابعة لبنك الاستثمار الأوروبي أولوية خاصة لتنمية الأنشطة الاقتصادية للقطاع الخاص، والمشاريع التي تساهم في خلق مناخ ملائم للإستثمار الخاص، ويمكن إيجاز أهدافها فيما يلي:
- دعم مشاريع التنمية الإقليمية والاستثمارات المرتبطة بالتنمية البشرية والاجتماعية.
- عمليات مساعدة لدعم مسلسل الإصلاح الاقتصادي والخوصصة في البلدان المتوسطية الشريكة.
- تقديم منتوجات مالية مبتكرة، رؤوس أموال، ومساعدات تقنية.
ولتفعيل الهيئة الأوروبية للاستثمار والشراكة، عمل بنك الاستثمار الأوروبي بشكل وثيق مع كل الأطراف المعنية بالتنمية في المنطقة المتوسطية و أهمها: اللجنة الأوروبية، البنك الدولي، البنوك الأوروبية، بنوك الدول المستفيدة، والبنك الإفريقي للتنمية...إلخ.
المطلب الثاني: الشراكة في المجالات غير الاقتصادية.
سبق وأن قلنا أن إعلان برشلونة تناول ثلاثة أبعاد أساسية هي: البعد السياسي والأمني، البعد الاقتصادي والمالي، والبعد الثقافي والإنساني والاجتماعي.
سوف نترك البعد الاقتصادي والمالي لنشرحه في المطلب اللاحق، وذلك من أجل التفصيل فيه، نظرا لطبيعة الدراسة التي نركز فيها على الجانب الاقتصادي.
أولا: الشراكة في المجال السياسي والأمني.
إن الهدف من الشراكة في المجال السياسي والأمني: هو جعل منطقة البحر المتوسط منطقة استقرار على الصعيد الإقليمي، والعمل على تشجيع قيام نظم سياسية تحترم الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية، التي تؤدي إلى إرساء علاقات حسن الجوار وبناء الثقة والأمن بين الشركاء، وهذا ما يساعد على خلق بيئة مواتية لازدهار النشاط الاقتصادي. كل هذا من خلال حوار سياسي مكثف ومنتظم يرتكز على المبادئ الجوهرية للقانون الدولي.
وفي هذا الجانب، تعهدت الأطراف المشاركة بعدة أمور أساسية يتمثل أهمها في:
- العمل وفق ميثاق الأمم المتحدة والبيان الدولي لحقوق الإنسان.
- تنمية دولة القانون والديمقراطية، مع حق كل من الدول الأطراف في الاختيار الحر لنظمها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية والقضائية.
- احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما فيها حرية الرأي وحق التجمع لأهداف سلمية، وحرية التفكير والضمير والدين، بدون أي تمييز على أساس العرق، أو الجنسية، أو اللغة، أو الدين، أو الجنس.
- احترام التنوع والتعددية داخل مجتمعات الدول الأطراف، ومكافحة مظاهر التعصب و بالأخص العنصرية.
- احترام المساواة في الحقوق بين الشعوب، وحقهم في تقرير المصير.
- الامتناع طبقا لنماذج القانون الدولي عن كل تدخل مباشر أو غير مباشر في الشؤون الداخلية لشريك آخر.
- التخلي عن التهديد أو استخدام القوة ضد وحدة الأراضي أو الاستقلال السياسي لشريك آخر، وعن كل أسلوب لا يتوافق مع أهداف الأمم المتحدة -بما فيها كسب الأراضي بالقوة- وحل خلافاتهم بأساليب سلمية( ).
- توطيد التعاون من أجل الوقاية من الإرهاب ومكافحته.
- المكافحة ضد انتشار وتنوع الجريمة المنظمة ومحاربة آفة المخدرات بكل أشكالها.
- العمل على الحد من التسلح، ومنع انتشار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية.
- تشجيع الظروف التي من شأنها تنمية علاقات حسن الجوار بين الشركاء، ودعم العمليات التي تهدف إلى الاستقرار والأمن والازدهار على المستوى الإقليمي والتحت إقليمي.
لقد انتهى هذا القسم بالإشارة إلى إمكانية عقد ميثاق أوروبي متوسطي لتحقيق الأهداف السياسية والأمنية، من خلال خلق آْليات وتدابير ملائمة. وبالفعل تم إحداث لجان وشبكات ومعاهد تقوم بالدراسة والمتابعة مثل: لجنة التنسيق للشراكة السياسية والأمنية، والشبكة الأورومتوسطية لمعاهد السياسة الخارجية، هدفها هو إثراء الحوار الخاص بكيفية بناء السلام والاستقرار وحقوق الإنسان، بالتنسيق مع المعاهد الأوروبية المتوسطية المتخصصة في البحث حول السياسة والأمن.
وهكذا، فإن الجانب الأوروبي سعى إلى إدراج البعد السياسي وفقا لتصوراته، وكما يريده هو، وهذا بعد أن كان يتملص منه في الحوارات السابقة، خاصة مع الدول العربية. ورغم النص الصريح على حق كل دولة في اختيار نظامها، إلا أنه يرجع للتأكيد على الديمقراطية وحقوق الإنسان، فبأي مبدأ تعمل دول الاتحاد الأوروبي؟، هل تشارك الدول التي تحترم الديمقراطية، أما الدول التي لها أنظمة ديكتاتورية؟. الظاهر أن الاتحاد الأوروبي يتعامل مع الاثنين، ويشارك الاثنين، فالبلد الديمقراطي يدخل تحت خانة الديمقراطية، والبلد غير الديمقراطي يدخل تحت خانة حرية اختيار النظام.
ثانيا: الشراكة في المجالات الاجتماعية والثقافية والإنسانية.
لقد اعترف المشاركون في ندوة برشلونة، بأن تقارب الثقافة والحضارة على جانبي البحر الأبيض المتوسط، والحوار بين الثقافات والتبادلات الإنسانية والعلمية والتكنولوجية، تشكل عنصرا رئيسيا في التقارب والتفاهم بين الشعوب وتحسين الإدراك المتبادل.
وفي هذا السياق وافقت الدول المعنية على خلق شراكة في المجالات الاجتماعية والثقافية والإنسانية من خلال:
- التأكيد على الحوار بين حضارات منطقة المتوسط، وما يتطلبه هذا الحوار من احترام الثقافات والأديان، كشرط لازم لتحقيق التقارب وتوثيق التفاهم بين الشعوب.
- الإشارة إلى ضرورة تنمية الموارد البشرية بالتعليم والتأهيل، لاسيما في النواحي الثقافية، وتشجيع التبادل الثقافي وتعلم اللغات، والنهوض بالنظم الإدارية من أجل تسهيل التبادلات الإنسانية.
- التأكيد على أهمية قطاع الصحة كأساس للنمو المستديم.
- الاعتراف بأهمية النمو الاجتماعي، الذي حسب رأي المشاركين، يجب أن يواكب كل نمو اقتصادي، واحترام الحقوق الاجتماعية الجوهرية بما فيها الحق في النمو.
- الاعتراف بالدور الرئيسي الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني في تنمية كل جوانب الشراكة الأورومتوسطية.
- تنمية التعاون فيما بين الدول من خلال برامج التعاون اللامركزي الموجهة في سبيل تشجيع التبادلات بين مختلف فعاليات المجتمع، في إطار القوانين الوطنية لكل شريك.
- الاعتراف بأن معدلات النمو السكاني السائدة، تشكل تحديا رئيسيا يجب مواجهته بواسطة السياسات السكانية المناسبة وتسريع الإقلاع الاقتصادي.
- الإشارة مرة أخرى إلى دعم المؤسسات الديمقراطية، وتقوية حكم القانون والمجتمع المدني.
- الاعتراف بالدور المهم الذي تلعبه الهجرة في علاقاتهم. وتكثيف التعاون لتخفيف ضغوط الهجرة الخفية.
- التعاون في مكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات والجريمة المنظمة والفساد( ).
- إبراز أهمية التعاون لإيجاد وسائل لمكافحة العنصرية والتعصب وكراهية الأجانب.
لا شك أن العناصر السابقة الذكر، لها أهمية أساسية في تحقيق شراكة اجتماعية وثقافية وإنسانية في حوض المتوسط، إلا أن المقاربات المقترحة تعكس بشكل كبير، منظور وهموم الاتحاد الأوروبي، أكثر من أولويات الدول المتوسطية، خاصة فيما يتعلق بالهجرة ومكافحة الإرهاب. ولا شك أيضا أن لمبدأ احترام الثقافات والأديان، ومحاربة العنصرية، أهمية خاصة في مواجهة تصاعد الدعوات في الغرب لمعاداة الثقافات الأخرى، لاسيما تلك القائمة على الإسلام.
المطلب الثالث: الشراكة في المجال الاقتصادي والمالي.
أكد بيان برشلونة في هذا الجانب، على أهمية النمو الاقتصادي والاجتماعي الدائم والمتوازن، واستمرار الحوار بين الأطراف حول مشكلة الديون بالنسبة لدول المتوسط في المنابر المعنية بها، من أجل خلق منطقة إزدهار مشترك. وقد حدد البيان الأهداف البعيدة المدى التالية:
- تسريع عجلة النمو الاجتماعي والاقتصادي المستديم.
- تحسين ظروف الحياة للسكان، ورفع مستوى التشغيل، وتخفيف فوارق النمو في المنطقة الأوروبية المتوسطية.
- تشجيع التعاون والتكامل الإقليميين( ).
وسعيا إلى بلوغ هذه الأهداف، اتفق المشاركون على إقامة شراكة اقتصادية ومالية، ترتكز على ثلاث عناصر أساسية هي: إنشاء منطقة تجارة حرة، تنفيذ تعاون وتداول اقتصادي، وزيادة المساعدات المالية من الاتحاد الأوروبي إلى شركائه.
أولا: إقامة منطقة تجارة حرة.
تم تحديد سنة 2010، كتاريخ علمي لإنشاء منطقة للتبادل الحر، بمقتضى اتفاقيات الشراكة مع الدول المتوسطية، ويتم هذا الإنشاء للمنطقة بصفة تدريجية، فمن خلال المرحلة الأولى يتم تحرير التبادل التجاري في إطار علاقات الاتحاد الأوروبي مع كل شريك على حدى، هذا التحرير للمبادلات التجارية يكون مطابقا للالتزامات التي تفرضها المنظمة العالمية للتجارة، وخلال فترة انتقالية أقصاها 12 سنة فيما يتعلق بإلغاء التعريفات الجمركية من قبل الشركاء، ابتداء من تاريخ الدخول في تطبيق اتفاقية الشراكة.
فبالنسبة إلى المنتوجات الصناعية، يجري إزالة القيود التعريفية وغير التعريفية على تدفقها وفق جداول يتفق عليها الشركاء، ويتم خلال المرحلة الانتقالية تدعيم وتأهيل القطاع الصناعي للدول المتوسطية.
كما سيتم تحرير تجارة المنتجات الزراعية تدريجيا، على أساس المعاملة التفضيلية والمتبادلة، وعلى ضوء السياسات الزراعية المتعددة، وفي ميدان الخدمات ستحرر التبادلات تدريجيا مع الأخذ بعين الاعتبار الالتزامات المنصوص عليها في اتفاقيات مراكش "الاتفاقية العامة للتعريفات في مجال الخدمات GATS".
أما المرحلة الثانية، فتهتم بدخول الدول المتوسطية في حوار شامل بينها، من أجل عقد اتفاقيات تجارة حرة فيما بينها. وقد قرر الشركاء تسهيل الإقامة التدريجية لمنطقة التجارة الحرة من خلال ما يلي:
- تبني التدابير الملائمة فيما يخص قواعد المنشأ، والشهادات الخاصة به، وحماية حقوق الملكية الفكرية والملكية الصناعية، وسيادة المنافسة.
- إتباع سياسات مرتكزة على مبادئ اقتصاد السوق، وتكامل الاقتصاد الوطني لكل شريك، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجات ومستويات النمو لكل منهم.
- العمل على تحديث وتعديل البنيات الاقتصادية والاجتماعية، مع إعطاء الأولوية لتشجيع القطاع الخاص، والنهوض بقطاع الإنتاج، وإقامة إطار إداري وقانوني ملائم لسياسة اقتصاد السوق، والعمل في نفس الوقت على التخفيف من العواقب الاجتماعية السلبية، التي يمكن أن تترتب عن هذا التعديل، بإتباع برامج لمنفعة الفئات الأكثر احتياجا.
- تشجيع الأولويات الهادفة إلى تنمية تبادلات التكنولوجيا( ).

ثانيا: التعاون والتداول الاقتصادي.
بالنسبة للتعاون الاقتصادي فقد حددت له المجالات التالية:
- الاعتراف بأن التنمية الاقتصادية يجب أن تُبنى على كل من المدّخرات المحلية الموجهة للاستثمار، والاستثمار الأجنبي المباشر، والتأكيد على أهمية خلق مناخ مواتي للاستثمار بما يعزز نقل التكنولوجيا وتشجيع الصادرات.
- التأكيد على أن التعاون الإقليمي المحقق على أساس اختياري، وبالأخص من أجل تنمية التبادل بين الشركاء أنفسهم، يشكل عاملا رئيسيا في بناء منطقة التبادل الحر.
- تشجيع الشركات على عقد اتفاقيات فيما بينها، والعمل على خلق بيئة مشجعة على هذا التعاون، وما ينطوي عليه من تحديث للصناعة، وضرورة وضع برنامج دعم تقني للشركات الصغيرة والمتوسطة.
- تنسيق البرامج متعددة الأطراف القائمة، إضافة لخطة العمل المتوسطية، والاعتراف بضرورة التوفيق بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.
- الاعتراف بدور المرأة في التنمية، والعمل على رفع إسهامها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية( ).
- شدد المشاركون على أهمية الحفاظ على الثروة السمكية وإدارتها إدارة منطقية، والعمل على تنميتها والتعهد بتسهيل التدريب والبحث العلمي، والعمل على اتخاذ إجراءات مشتركة لهذا الغرض.
- الاعتراف بالدور المحوري لقطاع الطاقة في الشراكة الاقتصادية الأورومتوسطية، وتوطيد التعاون وتعميق الحوار في مجال سياسات الطاقة، والعمل على توفير الإطار المناسب لتيسير استثمارات شركات الطاقة ونشاطاتها، وتمكينها من مد وتوسيع شبكات الطاقة والربط بينها.
- التأكيد على إعطاء الأولوية للموارد المائية وتنميتها وحسن إدارتها، وتعزيز التعاون في هذه المجالات.
- التعاون من أجل تحديث الزراعة وإعادة هيكلتها، وتشجيع النمو الريفي المتكامل، والتركيز في هذا الصدد على المعونة التقنية والتدريب، ومساندة خطط الشركاء لتنويع الإنتاج، وجعل الزراعة أداة لتحسين البيئة، والتعاون في القضاء على المحاصيل غير المشروعة.
- التشديد على أهمية تنمية وتحسين البنية التحتية، بما في ذلك خلق جهاز مواصلات فعال وتنمية تكنولوجيات المعلومات وتحديث شبكة الاتصالات، ووضع برنامج وفقا للأولويات في هذا المجال.
- احترام القانون الدولي البحري، خاصة في النقل بين الدول.
- تشجيع التعاون بين السلطات المحلية في الدول الأعضاء، وتعزيز التخطيط الإقليمي.
- العمل على تعزيز طاقات البحث والتطوير والإسهام في تدريب العاملين في المجالات العلمية والفنية، وإنشاء شبكات علمية لتشجيع مشاريع البحث، نظرا لأهمية العلم والتكنولوجيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- تشجيع التعاون في مجال الإحصائيات، من أجل التوفيق بين الطرق وتبادل المعطيات( ).
ثالثا: التعاون المالي.
أشار بيان برشلونة إلى أهمية التعاون المالي في إنجاح الشراكة، لهذا فقد أعطي هذا الجانب الاهتمام الأكبر. إذ أن كل ما حدد من تعاون اقتصادي وحتى السياسي والاجتماعي، لا يمكن أن ينجح ما لم يكن مرفوقا بدعم ومعونة مالية، يقدمها الاتحاد الأوروبي للدول المتوسطية الشريكة، إضافة إلى القروض التي يقدمها بنك الاستثمار الأوروبي، والمعونات الثنائية من الدول الأوروبية. على أن يكون هذا التعاون المالي موجها بصفة أساسية لدعم التنمية الذاتية المتواصلة، وتعبئة القدرات الاقتصادية المحلية.
لقد خصص الاتحاد الأوروبي مبلغ 4685 مليون وحدة نقدية أوروبية "إيكو" للفترة 1995-1999، لتنفيذ ما اتفق عليه في كافة مجالات التعاون، في إطار ما عرف ببرنامج "ميدا1"، ومن أهم العمليات التي تم تمويلها نجد: التصحيح الهيكلي لاقتصاديات الدول المتوسطية، التحول الاقتصادي وتطوير القطاع الخاص، التنمية الريفية وقطاع الصحة والتعليم، وأخيرا المشاريع الإقليمية.
وتصل ميزانية برنامج "ميدا2" خلال الفترة 2000-2006، إلى 5.35 مليار أورو، ويصل حجم الاعتمادات التي يطرحها البنك الأوروبي للاستثمار للسنوات 2000-2007، إلى 6.4 مليار أورو( ).
وإذا حاولنا إلقاء نظرة عامة على التعاون المالي الأورومتوسطي خلال السنوات الأخيرة نجد أن: برنامج "ميدا" قدم التزامات فعلية قيمتها 6331 مليون أورو، خلال الفترة 1995-2003، ومدفوعات قدرها 2176.4 مليون أورو، خلال نفس الفترة.
كما قام بنك الاستثمار الأوروبي بتقديم قروض وصلت إجمالي قيمتها إلى 9492 مليون أورو، خلال الفترة 1995-2003، وشهدت القروض التي يقدمها بنك الاستثمار الأوروبي زيادة كبيرة خلال السنوات الأخيرة.
جدول رقم 07: ملخص للميزانية في إطار الشراكة الأورومتوسطية.
الوحدة: مليون أورو.
السنوات 1995 1996 1997 1998 1999 2000 2001 2002 الإجمالي
ميزانية ميدا 173 403 981 941 937 879.1 757.4 632.6 5704.1
ميزانية بنك
الاستثمار الأوروبي 1038 681 1122 966 1002 1214 1401 1808 9232
الإجمالي 1211 1084 2103 1907 1939 2093.1 2158.4 2440.6 14936.1
المصدر: مذكرات إعلامية أورومتوسطية، الشراكة الأورومتوسطية والأنشطة الإقليمية لبرنامج ميدا، المفوضية الأوروبية، 2004.

جدول رقم 08: التزامات برنامج ميدا لكل دولة 1995-2002.
الوحدة: مليون أورو.
التزام ميدا الثنائي 1995 1996 1997 1998 1999 2000 2001 2002 الإجمالي
الجزائر - - 41 95 28 30.2 60 50 304.2
مصر - 75 203 397 11 12.7 - 78 776.7
الأردن 07 100 10 08 129 15 20 92 381
لبنان - 10 86 - 86 - - 12 194
المغرب 30 - 235 219 172 140.6 120 122 1038.6
سوريا - 13 42 - 44 38 8 36 181
تونس 20 120 138 19 131 75.7 90 92.2 685.9
تركيا - 33 70 132 140 310.4 151.9 20 857.3
الضفة الغربية وقطاع غزة 3 20 41 5 42 96.7 - 100 307.7
إجمالي التزام ميدا الثنائي 60 371 866 875 783 719.3 449.9 602.2 4726.4
التزام ميدا الإقليمي 113 32 93 46 133 133 228.4 18.6 797.00
المساعدات الفنية والمخصص الشامل - - 22 20 21 26.8 79 11.8 180.6
الإجمالي 173 403 981 941 937 879.1 757.3 632.6 5704
المصدر: مذكرات إعلامية أورومتوسطية، الشراكة الأورومتوسطية والأنشطة الإقليمية لبرنامج ميدا، المفوضية الأوروبية،2004.

جدول رقم 09: قروض بنك الاستثمار الأوروبي لكل دولة 1995-2002
الوحدة: مليون أورو
الدولة القيمة النسبة المئوية (%)
الجزائر 1174.8 12.4
قبرص 669 7
مصر 1484.3 15.6
إسرائيل 68 0.7
الأردن 351.2 3.7
لبنان 375 4
مالطا 43 0.5
المغرب 1548.9 16.3
السلطة الفلسطينية 230 2.4
سوريا 290 3.1
تونس 1195.3 12.6
تركيا 2062.5 21.7
الإجمالي 9492 100
المصدر: مذكرات إعلامية أورومتوسطية، الشراكة الأورومتوسطية والأنشطة الإقليمية لبرنامج ميدا، المفوضية الأوروبية،2004.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي   مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyالسبت مايو 04, 2013 2:15 am

المبحث الثالث: آفاق وتطلعات الشراكة الأورومتوسطية
يمكن اختصار الأهداف التي ترمي إليها خطة الشراكة الأوروبية المتوسطية في الرموز الأربعة التالية: الاستقرار والأمن والحريات والتنمية. إنه لمن البديهي أن المخاطر الناجمة عن زعزعة الاستقرار واهتزاز الأمن وانتهاك الحريات وتراجع التنمية في البلاد المتوسطية النامية، كان دوما مبعثا للقلق ومدعاة لليقظة والحيطة لدى المجموعة الأوروبية، وإن يبقى الاستقرار في أوربا غير مهدد في حقيقة الأمر، مهما تفاقمت الأوضاع في ربوع العالم المتوسطي النامي. إلا أن الأمن في أوربا بمفهوم مقاومة الجرائم المستوردة، يبقى متأثرا بما ينشأ عن التخلف التنموي والبطالة وغياب الحريات والتراكم الديمغرافي، من هزات اجتماعية وسياسية وأمنية في شتى أنحاء البلاد المتوسطية الثالثة.
كما أن الجديد في استراتيجية الاتحاد الأوروبي، يكمن في الدفاع عن الحريات، واعتماد التنمية المؤزرة والسريعة في ربوع العالم المتوسطي النامي، كعنصرين رئيسيين في خطة الشراكة.
إلا أنه، من المفروض أن تكون رموز الشراكة الأربعة متكاملة، بمعنى أنه لا استقرار من دون أمن، ولا أمن من دون حريات، ولا حريات من دون تنمية، وأساس هذا التكامل هو المساهمة الأوروبية الفعّالة في تنمية ورفاهية شعوب العالم المتوسطي النامي، دون أن ننسى الدور المطلوب من الدول المتوسطية الشريكة، المتمثل في اتخاذ زمام المبادرة، من خلال طرح القضايا بكل جرأة وشفافية، والعمل على إعادة تأهيل كل ما هو متعلق بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية.
المطلب الأول: التحديات والفرص أمام الشراكة الأورومتوسطية.
إن الواقع الإقليمي والدولي الذي تمخض عن التغيرات التي حدثت في غضون السنوات الأخيرة، أدى إلى وجود فرص وتحدّيات فعلية تواجه الشراكة الأورومتوسطية.

أولا: التحديات.
إنه من السهل على المراقب للشأن الأورومتوسطي، الإقرار أن هناك تحديات تواجه الشراكة، هذه التحديات تمثل في الحقيقة اختبارا صعبا لجدية التوجه الجديد لدول الاتحاد الأوروبي نحو الدول المتوسطية الشريكة، ومن أهم هذه التحديات نذكر:
- إن الشراكة أحدثت تغييرا في قواعد التكامل الإقليمي، التي سادت العلاقات الاقتصادية الدولية طوال العقود المنصرمة، فالذي يحصل الآن هو تكامل بين أقطار الشمال (العالم المتقدم) وأقطار الجنوب (العالم النامي)، بينما كان النمط السابق هو التكامل المتجانس، أي أقطار الشمال مع بعضها وأقطار الجنوب مع بعضها، علاوة على اتجاه الشراكة نحو التكيف مع النظام الاقتصادي الدولي الجديد، وهو اتجاه ذو أهمية بالغة، يجب على الدول المتوسطية محاولة فهمه وإيجاد الطرق المناسبة للتعامل معه.
- لابد من إدراك الفلسفة التي يتبناها الاتحاد الأوروبي في عملية الشراكة، والمتمثلة في تهيئة الشريك الضعيف وإقحامه في الشراكة بغية رفع مستواه حتى يرتقي إلى مستوى الأعضاء الأكثر تقدما، وهي فكرة نشك في مصداقية الأوروبيين على تطبيقها( ). ونرى أن أسباب هذه الشراكة يغلب عليها طابع المصلحة من الجانب الأوروبي، وهي محاولة احتواء الآثار السلبية الاجتماعية في الدول المتوسطية النامية مثل: العنف والهجرة، زيادة على نيتها في توسيع أسواقها.
- إن هدف إقامة منطقة تجارة حرة في إطار الشراكة المتوسطية، سيشمل الصناعات التحويلية فقط، وليس منتوجات الصناعة الاستخراجية، أو السلع الزراعية، التي تتمتع فيها البلدان المتوسطية الجنوبية بالأفضلية النسبية. وهذا يعني صعوبة تطوير الصناعة التحويلية، التي تكون بحاجة إلى حماية من المنافسة الأوروبية، وما يترتب على هذه المنافسة، من ارتفاع في معدلات البطالة في هذه القطاعات، وتكثيف برامج الخوصصة بها، وهذا ما يشكل تحديا كبيرا أمام الدول المتوسطية النامية.
- لقد أُبعد من الشراكة الاقتصادية عنصر حركة الأشخاص، أي أن الشراكة لا تشجع الهجرة من أقطار الجنوب، في حين لا يزال هناك فرق هائل بين الدخل الأوروبي والدخل المتوسطي الجنوبي، وهذا ما يشجع الهجرة السرية من الدول المتوسطية الجنوبية إلى أوربا، بالإضافة إلى أن الاتحاد الأوروبي ما زال يشدد الرقابة ويزيد القيود على منح تأشيرات الدخول لمواطني دول المتوسط الجنوبية، وهذا كذلك يمثل تحديا مهما أمام الشراكة.
- إن حرص الاتحاد الأوروبي على التعامل الانفرادي مع الأقطار المتوسطية بصورة انتقائية، سيقوّض من الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون الاقتصادي فيما بين الدول المتوسطية الجنوبية، الذي هو مطلوب من أجل مواجهة التكتل الأوروبي.
- إن وجود شراكات متعددة المستويات والتفضيلات داخل بلدان الحوض المتوسط، يوحي بزيادة انقسامها وتقليص قوتها التفاوضية، فهناك بلدان دخلت إلى عضوية الاتحاد الأوروبي كلية وهي: مالطا وقبرص، وبلد تجمعه به وحدة جمركية ويسعى إلى الانضمام هو تركيا، ودولة أخرى لها علاقات خاصة ووطيدة وهي إسرائيل، وبلدان أخرى تربطها مع الاتحاد اتفاقية شراكة وهي: المغرب، تونس، مصر، الجزائر، الأردن، لبنان، سوريا، وأخرى قابعة في صالون الانتظار وهي: ليبيا، وهذا يمثل تحدي كبير أمام الشراكة من أجل توحيد معاييرها( ).
- يضاف إلى ما تقدم، أن الاتحاد الأوروبي سوف يكون قادرا على تنفيذ اتفاقية الشراكة لأن أجهزته هي التي صاغتها، معتمدة في ذلك على مفاهيم أوروبية وشروط ومواصفات هي التي تحددها. بل إن الشراكة الأورومتوسطية ستعطي المفوضية الأوروبية سلطات واسعة، وهو ما يعني خضوع دول المتوسط لسيطرة الاتحاد الأوروبي والوصول إلى حالة إدماج لا اندماج.
ثانيا: الفرص:
يرى الكثير من الاقتصاديين أن الاتفاقيات الأوروبية المتوسطية، ستوفر بعض الفرص والمكاسب لكافة الشركاء على المدى البعيد ومن أهمها:
- من المتوقع أن يحسّن تحرير التجارة الذي تمليه الاتفاقيات من القدرة والكفاءة الإنتاجيتين( ).
- من المنتظر أن يعزز التزام الشركاء بالاتفاقيات من مصداقية النهج الإصلاحي، الذي تسلكه البلدان المعنية.
- من المتوقع كذلك أن تفيد اتفاقيات الشراكة في تشجيع المنافسة والاستثمار، والتجارة بصفة عامة.
كما أن هناك مجموعة من المعطيات بمثابة فرص، والتي ستساعد على إنجاح التعاون الأورومتوسطي، والتي يجب الاستفادة منها لتجسيد هذا التعاون، نذكر منها:
- إن التقارب الجغرافي يرشح أوربا ممثلة في الاتحاد الأوروبي، لتكون شريك طبيعي أكثر من غيرها للتعاون مع دول المتوسط جنوبه وشرقه، ويعتقد الأوروبيون أن أوربا هي المؤهلة لمساعدة دول جنوب وشرق المتوسط، على تنمية اقتصادياتها وتطويرها بحكم عوامل الجغرافيا والتاريخ من جهة، وبحكم المصالح الاقتصادية والتجارية التي تشد الطرفين إلى بعضهما من جهة أخرى.
- وجود مجموعة من المشكلات، التي تواجه الدول المتوسطية، وتحتاج إلى حلول مشتركة لمواجهتها، حيث تنعكس آثارها على الطرفين، من بين هذه المشكلات نجد: مشكل الهجرة السرية، الإرهاب، التلوث البيئي، الطاقة...إلخ. هذه المشكلات تدفع للتقارب بين الدول المتوسطية والاتحاد باعتبارها خطرا مشتركا.
- إن صيغة الشراكة الأورومتوسطية، هي أكثر قبولا في المتوسط من صيغة "الشرق الأوسط الكبير"، التي تدعو لها الولايات المتحدة الأمريكية، وبالمقارنة من حيث الهياكل والمشروعات المختلفة لكلا الصيغتين، نجد أن الصيغة المتوسطية تتيح فرصا وإمكانيات أكثر مقارنة مع الصيغة الشرق أوسطية.
المطلب الثاني: تقييم الإطار العام للشراكة الأورومتوسطية
الظروف الدولية والإقليمية تؤكد على أن العلاقة المتماسكة بين الاتحاد الأوروبي ودول المتوسط ضرورية وحيوية، ليس فقط للأطراف المعنية بالشراكة، بل لأجل الاستقرار السياسي والاقتصادي العالمي. وبالرغم من إدراك جميع الأطراف لأهمية هذه العلاقة وضرورة تسريع عملية التكامل، إلا أنه وبعد مضي أكثر من عقد من الزمن على توقيع إعلان برشلونة، فإن القليل قد تم إنجازه مقاسا بأهداف الشراكة، وأنه أمام العلاقات الأورومتوسطية مشوارا طويلا لتقطعه حتى تصل إلى ما تضمنه إعلان برشلونة من أهداف.
أولا: في الجانب الاقتصادي والمالي:
1- التعاون الاقتصادي
فيما يتعلق بالمحور الاقتصادي، والذي يهدف إلى تحقيق الازدهار وإيجاد منطقة تبادل حر بحلول عام 2010، فقد تعثر، ويعتقد معظم المراقبين أن هدف السوق الحرة صعب التحقيق خلال السنوات القليلة القادمة بسبب الآثار السلبية المتوقعة والتي من أهمها:
- إن الانفتاح التدريجي على السلع الصناعية للاتحاد الأوروبي، سيؤثر على النمو في المدى المتوسط، بسبب انخفاض النشاط في القطاعات المحمية لحد الآن، وغير القادرة على المنافسة.
- إن إلغاء التعريفات الجمركية سيمارس ضغطا على الموازنة العامة للدولة، وهذا من خلال التخفيض في الإيرادات الجمركية، التي تساهم بنسبة هامة في إيرادات الدولة.
- إن إلغاء التعريفات الجمركية من جانب واحد على السلعة الصناعية القادمة من الاتحاد الأوروبي، سيمارس كذلك ضغطا كبيرا على الميزان التجاري لدول جنوب وشرق المتوسط، بسبب زيادة الواردات من هذه السلع، كما أنه على المدى المتوسط سوف يكون هناك طلب إضافي على سلع التجهيز والسلع الوسيطة في دول المتوسط المشاركة، بسبب إعادة التخصيص في عوامل الإنتاج( ).
- كما أن إلغاء القيود الكمية والرسوم الجمركية، سيرفع من مستويات الاستهلاك الكلي في الدول المتوسطية، وسيدفع المستهلكين إلى شراء السلع المستوردة من الاتحاد، بدلا من السلع المحلية، بسبب المكاسب المرتبطة بالكفاءة والأسعار.
- بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن الاتحاد الأوروبي يعتبر فتح الأبواب للمنتجات الصناعية القادمة من دول شرق وجنوب المتوسط، دون أي قيود وفقا للاتفاقات الموقعة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كافيا من جانبه لحفز اتفاق التجارة الحرة، دون أن يحاول تقديم مزايا أخرى.
كما أن الدول المتوسطية الشريكة، ما زالت تعترض على ما يسمى "السياسة الزراعية المشتركة"، التي يطبقها الاتحاد الأوروبي، والتي بموجبها تتلقى الزراعة الأوروبية دعما هائلا يصل إلى 40% من ميزانية الاتحاد( ). الأمر الذي يجعل منافسة المنتجات الزراعية الأوروبية أمرا بالغ الصعوبة، بالإضافة إلى التزام أعضاء الاتحاد ضمن اتفاقية ماستريخت، بعدم استيراد المواد التي تتمتع بمنافسة عالية للإنتاج الزراعي الأوروبي.
وهكذا يتضح أنه، برغم الآمال التي عقدتها دول جنوب وشرق المتوسط على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي منذ 10 سنوات من الآن، إلا أن التعاون الاقتصادي والانفتاح التجاري المعلن على منطقة المتوسط لم يحصل على أرض الواقع. وبالرغم من التراكمات السياسية والدبلوماسية وحتى الأمنية الأخرى، التي تعيق الشراكة، فإن الانغلاق التجاري الأوروبي على الدول المتوسطية وشح الاستثمارات داخلها، يمثل العائق الأول لتكريس شراكة فعلية. وتقول الأرقام الأوروبية، أنه تم تحسين وتيرة تبادل البضائع بين الطرفين بشكل ملموس، ولكن العجز التجاري لصالح دول الشمال تصاعد بشكل خطير، مما يحد عمليا من الطابع المتوازن للشراكة نفسها.
2- التعاون المالي:
إن الشراكة الأورومتوسطية، بحاجة ماسة إلى موازنة ذات مصداقية، قادرة على ترجمة الأهداف المعلنة على أرض الواقع، وإذا حاولنا تقييم التعاون المالي نجد أن 26% فقط من الأموال المخصصة في "ميدا1" تم صرفها، وتعود الأسباب إلى المفوضية وتعقيدات آلياتها وشروطها المجحفة( )، وإلى تغليب المصالح الفردية لبلدان الاتحاد. فكثيرا ما تم سحب مشاريع لأنها لا تستجيب للمصالح الجيوسياسية والتجارية لدولة دون أخرى.
كما أن الاتحاد الأوروبي لم يوافق إلا على 5.3 مليار أورو، كميزانية لـ"ميدا2"، رغم أن المفوضية طلبت أن تكون الميزانية 6.7 مليار أورو. ويردّد المسؤولون الأوروبيون أنهم سيفون بكافة تعهداتهم تجاه المتوسط، ولكن لا توجد أي تعهدات فعلية للرفع من المخصصات المالية للدول المتوسطية الشريكة، في حين أن التطورات التجارية الدولية وتصاعد إشكالية الهجرة وارتفاع وتيرة الأزمة السياسية المترتبة عن الأنشطة الإرهابية وتأجج منافسة الدول الشرقية وتداعيات العولمة، تعتبر كلها عوامل تستوجب مزيدا من الأموال لصالح دول المتوسط.
ثانيا: الجانب السياسي والأمني
بالرغم من هيمنة الاقتصاد، فإنه ليس مخفيا على أحد أن المحور السياسي يشكل هما متبادلا بين ضفتي المتوسط، فبقدر ما سعت دول الاتحاد الأوروبي إلى حماية أطرافها من الإرهاب والمخدرات والهجرة غير المشروعة، فإن دول جنوب وشرق المتوسط تتطلع إلى تثبيت سلطتها وإصباغ الشرعية عليها، بما تعوّل عليه من رفع للمستوى المعيشي لشعوبها، وكسب معركة التنمية في مجتمعاتها.
وإذا أردنا تقييم الجانب السياسي والأمني في الشراكة الأورومتوسطية، نجد أنه وبعد مضي أكثر من 10 سنوات على إعلان برشلونة، لا تزال القضايا المحورية في هذا الجانب عالقة وتجعل من الشراكة مجرد اتفاق كسابقيه، يحتاج إلى اتفاقات جديدة لدعمه وآليات فعالة لتحقيقه، فالصراعات مثل القضية الفلسطينية، ونزاع الصحراء الغربية، والأزمة القبرصية، لا تزال تشكل عائقا أمام تقدم الشراكة( )، وحالت دون الوصول إلى توافق أو إنجاز مهم فيما يتعلق بأهداف الشراكة، التي تضمنها المحور السياسي. كما ألقت أحداث 11 سبتمبر 2001 وما تبعها من حرب على العراق، بظلالها على عملية برشلونة. وكان لانقسام الموقف الأوروبي تجاه الحرب دوره في إرباك العلاقة بين جنوب البحر المتوسط وشماله، إذ أصبحت قضايا مثل مواجهة الإرهاب والهجرة من الجنوب إلى الشمال الشغل الشاغل لبعض الشركاء الأوروبيين خلال العامين الماضيين، وذلك على حساب تسوية النزاع العربي– الإسرائيلي وقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية في المنطقة.
ويكمن العجز في تحقيق تقدم على المسار السياسي، في عدم قدرة الاتحاد الأوروبي، بالرغم من كونه أكبر تكتل سياسي واقتصادي، على أن يتبنى موقفا موحدا تجاه القضايا التي تهم المنطقة، وعلى أن يفرض واقعا يخالف التوجهات الأمريكية، وسيجعل هذا العجز من الشراكة الأورومتوسطية مجرد طموح يصعب بلوغه.
ثالثا: الجانب الاجتماعي والثقافي والإنساني
يبدو الشق الاجتماعي في آلية الشراكة، هو العنصر الرئيسي المفقود في مسار التعاون الأوروبي مع دول المتوسط، ففي الوقت الذي تكرس فيه المفوضية الأوروبية مليارات من الأورو سنويا، لمساعدة دول وسط وشرق القارة الأوروبية، على إعادة هيكلة أنظمتها الاجتماعية، بوصفها العامل الأقوى في تمكين هذه الدول من محاكاة الأنظمة الاجتماعية الأوروبية والاندماج نسبيا في قواعد تعاملها والاقتراب من أنظمة العمل والتقاعد لديها، فإن الشق الاجتماعي في شراكة برشلونة يبدو مهملا بشكل تام، ولا يتم التركيز سوى على تقنين المبادلات ووضع قواعد تأهيل المؤسسات، لتصب كلها لصالح مؤسسات الاتحاد الأوروبي الباحثة عن أسواق جديدة، ولم تنفِّذ الهيئات الأوروبية، ورغم مرور عشر سنوات على انطلاق مسار برشلونة أي دراسة ذات مصداقية بشأن تداعيات تحرير التجارة والمبادلات الزراعية وتحرير قطاع الصيد البحري في مناطق المتوسط، على الجانب الاجتماعي في دول شرق وجنوب المتوسط.
أما فيما يخص الشق الثقافي والإنساني، فإن ما أنجز خلال العقد الماضي، يعتبر أسرع وأكثر زخما من المستويين الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي، ويعكس ذلك رغبة النخبة ورموز المجتمع المدني لدى الشركاء، في الحوار والتقارب وتطوير العلاقات بين الجانبين، وأعتقد أن النجاح على المستوى الثقافي والإنساني، يمكن مع مرور الوقت وتراكم الجهود، أن يمهد للتقارب السياسي، إذا تم تخطي العقبات الكبرى. والمقصود أن نشوء تيار شعبي من المجتمع المدني متناغم ومتقارب ومتفاهم في منطقة المتوسط، يمكن أن يكون وسيلة توجيه وربما ضغط على مؤسسات صناعة القرار، لإحداث نقلة في سياسات ومواقف الشركاء تسهم في تجاوز الصعوبات التي تواجه التعاون والتكامل بين شمال وجنوب المتوسط.


المطلب الثالث: الدور المطلوب من الاتحاد الأوروبي ومن الدول المتوسطية لإنجاح الشراكة.
في ظل التصور المقترح للتعاون بين دول الاتحاد الأوروبي ودول وسط وشرق أوربا وجنوب وشرق المتوسط، فإنه بحلول عام 2025، ستكون هناك منطقة تجارة حرة أوروبية متوسطية تضم أكثر من 40 دولة، تكوّن سوقا قوامها نحو 800 مليون نسمة( )، وبحلول عام 2010، ستكون هناك منطقة تجارة حرة بالنسبة للسلع المصنعة، ونسبة كبيرة من تحرير التجارة للمنتجات الزراعية، ليس فقط بين الدول المتوسطية والأوروبية، لكن أيضا فيما بين الدول المتوسطية بعضها البعض.
ونخلص من ذلك، إلى أن هناك واقعا جديدا يواجه الدول المتوسطية المشاركة، ينبغي عليها التعامل معه بفاعلية، ودورا أوروبيا يجب أن يلعبه الاتحاد الأوروبي، لإنجاح الشراكة الأورومتوسطية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي   مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي Emptyالسبت مايو 04, 2013 2:17 am



أولا: الدور المطلوب من الدول المتوسطية.
مما لا شك فيه أن اتفاقات الشراكة، سوف تلقي على كاهل الدول الطالبة للشراكة المزيد من العبء، في سبيل إعداد اقتصادياتها للتعامل مع الأسواق المفتوحة ودعم قدراتها التنافسية.
ويتطلب ذلك تطبيق برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي، بهدف تصحيح الاختلالات الهيكلية، بحيث يتضمن البرنامج مجموعة من الإجراءات على المستوى الكلي لاستعادة التوازن الاقتصادي أهمها:
- ضبط جوانب الطلب الكلي، بانتهاج برنامج للإصلاح النقدي والمالي، ورفع كفاءة العرض وزيادة الإنتاج من السلع والخدمات.
- تحرير الأسواق ورفع القيود على الاستثمار، والتجارة الداخلية والخارجية.
- توحيد وتحرير أسعار الفائدة وأسعار الصرف.
- الحد من الإعانات والدعم.
- تبني فلسفة جديدة لإدارة الاقتصاد الوطني، من خلال آليات السوق، تحقيقا للاستغلال الأكفأ للاستثمارات المتاحة.
- خلق بيئة ومناخ مواتي لجذب وتشجيع رؤوس الأموال الخاصة، لتحقيق طفرة في حجم الاستثمارات وإضافة طاقات إنتاجية جديدة.
ويتضح مما سبق أن نقطة الارتكاز في دور الدول المتوسطية، لرفع قدراتها التنافسية في اتفاقيات الشراكة، تتمثل في المحاور الآتية( ):
1- تحسين مناخ الاستثمار:
ونشير هنا إلى أن الأمر لا يقتصر على سن التشريعات المانحة للإعفاءات الضريبية المختلفة، بل يتسع المفهوم ليشمل إطارا عاما للعمل، تتمثل أهم عناصره فيما يلي:
- الديمقراطية الحقيقة الكاملة المتكاملة.
- وضوح الرؤى المستقبلية، واستقرار التشريعات والبيئة الاستثمارية.
- العدالة والمساواة في المعاملة بين المستثمرين في المجالات الاستثمارية.
- المرونة وإزالة المعوقات الحقيقة أو المفتعلة.
2- التحفيز المستمر للقطاع الخاص:
إن التحرير الاقتصادي يعني التحول من سيطرة القطاع العام إلى وضع يقوم فيه القطاع الخاص بالدور الرئيسي في النشاط الاقتصادي، وهذا يتطلب ضرورة تشجيع هذا القطاع، وفسح المجال لزيادة إسهامه في النشاط الاقتصادي، وذلك من خلال:
- إزالة القيود التي تحول دون ممارسة القطاع الخاص للأنشطة المختلفة، باستثناء ما تتطلبه دواعي الأمن الوطني والاجتماعي.
- فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في المشروعات العامة، بالإضافة إلى دعم نشاطه في مجالات البنية الأساسية ونشاط الخدمات العام.
- تقديم الحوافز في مجال التصدير، لتشجيع الاستثمار في هذا الاتجاه، تحقيقا لتوازن ميزان المدفوعات.
- استخدام الرسوم الجمركية وضرائب الاستهلاك والإنتاج بطريقة تؤدي إلى جذب استثمارات القطاع الخاص.
- تفعيل دور المؤسسات المالية في تشجيع الاستثمار الخاص.
- تقديم حوافز مباشرة لمشروعات محددة، كمنح مالية وأرض مجانية أو إيجار رمزي...إلخ.
- تبسيط الإجراءات الضريبية.
- تبني سياسات التي تكفل اجتذاب رؤوس الأموال إلى الداخل.
3- العمل على زيادة معدلات النمو:
ومن أجل تحقيق ذلك، ينبغي التركيز على( ):
- زيادة معدّلات الاستثمار تدريجيا، كنسبة من الناتج الوطني.
- زيادة معدلات الادخار، من خلال حملة وطنية لتنشيط الوعي الادخاري وجذب المدخرات من الخارج، ورفع مستوى الإنتاجية، وإزالة القيود على نشاط القطاع الخاص، ورفع كفاءة المشروعات العامة.
- وضع استراتيجية واضحة للتطوير ونقل التكنولوجيا.
- الانفتاح على الاقتصاد العالمي كأمر حتمي.
- تنمية سوق المال، ليكون أكثر قدرة على تدوير وتشغيل مدّخرات المجتمع، وترشيد تخصيص موارده على الأنشطة الأكثر عائدا.
- العمل على إطلاق المنافسة، وتصفية المراكز الاحتكارية التي تحمي انخفاض الكفاءة.
- تحسين جودة الإنتاج، من خلال تشجيع تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة في كافة المؤسسات الصناعية والخدماتية.
- تحسين وصيانة البنية الأساسية، لتواكب متطلبات تحقيق الانطلاقة الإنتاجية.
ثانيا : الدور المطلوب من الاتحاد الأوروبي
هناك دور مطلوب من الاتحاد الأوروبي في عدة مجالات، من أجل تحقيق أهداف الشراكة الأورومتوسطية.
1- في المجال السياسي والاقتصادي:
إن المطلوب من الاتحاد الأوربي هو:
- زيادة التدفقات المالية الاستثمارية، إلى بلدان جنوبي البحر المتوسط في مجالات الزراعة الصناعة، التجارة والسياحة، وفي مجالات أخرى.
- تعزيز العلاقات الاقتصادية التكاملية بين دول المنطقة.
- إنشاء الآليات المؤسسية للحوار السياسي والاقتصادي.
- تقديم دعم مالي ومعنوي لمؤسسات المجتمع المدني المختلفة، وإقامة مؤسسات مختلطة في هذا المجال.
- كما يمكن للدول المتوسطية الجنوبية، إقناع الأوروبيين باستثمار ما يوازي العجز التجاري بينها وبين الاتحاد الأوروبي، في مشاريع تنموية، يخصص جزء منها لمشروعات البنية التحتية، والتعليم، والبحث العلمي، وتوطين التكنولوجيا، والتنمية الصناعية.
2- في مجال التنمية المستدامة والعمالة المؤهلة:
إن فكرة تحقيق تنمية مستدامة وتطور اقتصادي بمعدلات متزايدة، أو حتى ثابتة، عمليا لا يمكن أن يتم ويستمر، إلا بتوفر القاعدة العملية والتكنولوجية، ومؤسسات قادرة على استخدام هذه القاعدة وتوظيفها من أجل استمرار التنمية.
وهذا هو الدور المطلوب من الاتحاد الأوروبي، ككتلة تطرح نفسها كشريك اقتصادي واجتماعي لدول جنوب وشرق المتوسط، وبالتالي فإن على هذا الشريك أن يكون مستعدا للمساهمة في القيام بهذا الدور، بل المساهمة في رسمه وتخطيطه، بما يحقق مصالح الشراكة بعيدا عن السعي لتحقيق المصالح المنفردة( ).
كما أن الاتحاد الأوربي، مطالب بأن يسعى ويساهم في برامج تأهيل العمالة في الدول المتوسطية تعليما وتدريبا وتقانة، إما عبر إعداد وتمويل البرامج التدريبية، أو توفير وسائل التكنولوجيا وأدواتها، لدعم برامج التأهيل أو المساهمة والمساعدة في تمويلها.
3- في مجال طبيعة الملكية الاقتصادية:
نعني بذلك ما يسود العالم اليوم من تيار عارم يدعو إلى التخلي عن الملكية العامة للأنشطة الاقتصادية الوطنية، وتعويضها بالملكية الخاصة "الخوصصة". وتتبنى أوربا كغيرها في الغرب هذا المفهوم، وتحث وربما تضغط علنا أو ضمنا باتجاه سلوك هذا المسلك واعتماد هذا التوجه الاقتصادي في الدول المتوسطية، كشرط مسبق ومطلوب للشراكة والتعاون، وكأساس لرفع كفاءة الأداء والإنتاج.
إن دول جنوب وشرق المتوسط النامية أمام مفترق طرق، فاختيار شكل من أشكال الملكية له عواقب اقتصادية تتمثل في سرعة النمو الاقتصادي والقدرة على الدخول في سوق التجارة الدولية، وعواقب اجتماعية متعلقة بالرفاهية الاقتصادية وعدالة توزيع الدخل. وبالتالي فإنه من غير الحكمة الركون إلى جانب معين، دون الاستعانة بالاستشارة العلمية في تحديد طبيعة الملكية التي تعتمد على طبيعة النشاط، والمرحلة الاقتصادية التي يمر بها البلد وموقعه التنافسي أمام بقية الدول الأخرى، فإقرار النشاط الاقتصادي ذو الملكية الخاصة في قطاع معين، لا يعني بالضرورة إقراره لكل دولة ولكل زمن، وهي مسألة تتحدد وفق المعايير الاقتصادية والمنظور الإنساني في عدالة التوزيع. فالملكية الخاصة مثلا قد تسهم في رفع الكفاءة الاقتصادية من جهة، لكنها قد تسهم في نقص الرفاهية الاجتماعية من جهة أخرى، من خلال زيادة البطالة أو سوء توزيع الثروة.
وعليه يجب أن لا تكون التنمية مرهونة بنمط أو بقرار مسبق، ويجب أن يخضع التخصيص للبحث، لتحديد الجدوى الاقتصادية والاجتماعية.( )
وبالتالي على الاتحاد الأوروبي تجاوز هذا الشرط، واستبداله بالمساهمة في رفع مستوى كفاءة إدارة، ليس القطاع العام فقط، بل القطاع الخاص أيضا في الدول المتوسطية الشريكة.
4- في مجال المعلوماتية:
يتوجب على الشركاء الأورومتوسطيين وعلى الجانب الأوروبي تحديدا، القيام بتقديم المساعدات المادية والعلمية، للتنسيق بين مؤسسات البحث والتطوير الأوروبية وبين مثيلاتها المتوسطية، وفي أضعف الحالات فإنه لابد من إنشاء شبكة معلومات أوروبية متوسطية، تجمع كل ما ينتج في ميادين البحث والاكتشاف في أوربا، وتضعه تحت تصرف مراكز البحث والتطوير في الدول المتوسطية.
وهكذا يبدو أن أوربا مطالبة، إذا كانت جادة في طرح مسألة الشراكة، أن تساعد شركائها على تطوير مؤسسات البحث العلمي والتطوير، وقواعد المعلومات، وشبكة الاتصال وجملة من الأنشطة الاقتصادية الأخرى التي أتينا على ذكرها.
ثالثا: الدور المطلوب من الطرفين الأوروبي والمتوسطي معا
أمام جملة المصاعب، التي أصبحت تواجه شراكة برشلونة، أصبح مطلوبا من طرفيها لعب الأدوار الآتية:
- إنهاء الصراعات التي تسمم العلاقات في المنطقة: في فلسطين وفي قبرص، والصحراء الغربية، دون أن ننسى العراق، فقد حان الوقت للتحرك وبالنسبة للاتحاد الأوروبي أن يفرض نفسه كوسيط يتسم بالعزم والتصميم.
- اقتراح التفاوض على اتفاقية تعاون أوروبي متوسطي، يكون هدفه، تأسيس معاهد تكلّف بطرح التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وتأسيس مجلس وزراء أورومتوسطي، يمكن أن تتخذ فيه القرارات بأغلبية مؤهلة، وأن تكون هناك "أمانة عامة" للشراكة، تتكفل بتشغيل هذه القرارات.
- تشجيع دمج المنطقة عبر مشاريع إقليمية كبرى، في مجالات متنوعة مثل الماء والنقل والاتصالات، وهذه أفضل وسيلة لتشجيع التنمية وتبادل الكفاءات. ويجب أن يظل خلق منطقة للتبادل الحر في عام 2010 مشروعا ضخما، من أجل ضمان بيئة مستقرة للتبادل والاستثمارات. وفي هذا الصدد على أوربا أن تقوم ببعض التسويات في بعض الميادين كالزراعة، وهذا هو في الحقيقة الطريق نحو النمو بالنسبة لأوربا ولشركائها( ).



خاتمة الفصل الأول:
إن من أبرز صيغ التعاون الأوروبي المتوسطي، هي اتفاقيات الشراكة المنبثقة عن مؤتمر برشلونة 1995، والتي تعتبر بحق أكثر شمولية وأكثر إرادة للتعاون بين الطرفين. فلقد مست كل الجوانب السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية، وبناءا على هذا أقامت دول الاتحاد الأوروبي صلات تعاقدية مختلفة عن طريق عقد اتفاقيات شراكة مع أغلب دول الضفة الجنوبية والشرقية للمتوسط.
يلاحظ من خلال جولات الحوار، التي جمعت الدول المتوسطية مع الدول الأوروبية، أن هذه الأخيرة كانت تسعى إلى استكمال مشروعها المتوسطي مع الدول المتوسطية، من خلال إقامة علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية، هذه العلاقات مقرونة بمساعدات مالية لإنعاش اقتصاديات الدول المتوسطية المتدهورة.
إذا كانت الدول المتوسطية تنظر إلى الشراكة على أنها، يمكن أن تكون لها سندا سياسيا واقتصاديا، حيث أنها بحاجة إلى سند دولي، خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي والدخول في نظام عالمي جديد، تحكمه قوى أخرى، فإن دول الاتحاد الأوروبي كانت تنظر إلى الشراكة على أنها تحقق لها مشروعها الذي ترمي إليه في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وهو إدارة الأمن المتوسطي بعيدا عن المظلة الأمريكية، أي أنها كانت تريد الحفاظ على مصالحها في المنطقة المتوسطية، لأنها تعتبر هذه المنطقة مجالها الحيوي الرئيسي، وأن من حقها هي إدارة أزمات المنطقة وليس الولايات المتحدة الأمريكية، بمعنى تأسيس فضاء أوروبي متوسطي مستقل عن الإدارة الأمريكية.
رغم القيود والتحديات التي تواجه التعاون الأورومتوسطي، إلا أن وجود مجموعة من الفرص والإمكانيات المتاحة ستساعد على بلورة تعاون أورومتوسطي يعود بالفائدة على الطرفين، وله آفاق ستحمل معها النجاح الذي سيعزز التعاون والاندماج لاقتصاديات الدول المتوسطية، ويساهم في تضييق الفجوة التنموية بين الطرفين. لذلك يجب أن تكون النية صادقة والإرادة السياسية صلبة، لتجسيد برنامج العمل الذي اعتمدته ندوة برشلونة وجميع اللقاءات المنبثقة عنها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسار علاقات التعاون الأورومتوسطي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجوانب الأمنية للتعاون الأورومتوسطي
» علاقات شمال جنوب في ظل تنامي التهديدات البيئية: رؤية مستقبلية
» نعوم تشومسكي:سوريا تمضي في مسار انتحاري
» عناوين مقترحة لإنجاز مذكرات الليسانس علاقات دولية
» قائمة مواضيع مذكرات التخرج لطلبة السنة الثالثة علاقات دولية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1