منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
المنظمات الدولية Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
المنظمات الدولية Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
المنظمات الدولية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
المنظمات الدولية Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
المنظمات الدولية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
المنظمات الدولية Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
المنظمات الدولية Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
المنظمات الدولية Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
المنظمات الدولية Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
المنظمات الدولية Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 المنظمات الدولية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

المنظمات الدولية Empty
مُساهمةموضوع: المنظمات الدولية   المنظمات الدولية Emptyالأحد نوفمبر 11, 2012 12:19 am


المقدمة:
عرفت العلاقات الدولية منذ بدايات القرن التاسع عشر توجا جديدا في الساحة الدولية تميز بنزعته و تصوره التعاوني و التكاملي للعلاقات بين الأمم، و قد استمرت الجهود الدولية لتنظيم العلاقات الدولية، توخياً لتحقيق التعاون الدولي والانفراج الأمني والسياسي خاصة مع تصعيد حدة الحروب في القرن العشرين أين شهد العالم حينها حربين عالميتين انجرت عنها خسائر و تكاليف كبيرة،و عليه فقد أصبح لزاما على المجتمع الدولي تطوير قواعد و مبادئ دولية لضبط العلاقات بالشكـل الـذي يضمـن تحقيق و الحفــاظ على الأمن و السلم الدوليين. و قد أحرزت الجهود و محاولات التنظيم الدولي سواء على صعيد الفكر أو على صعيد الممارسة تقدما كبيرا في التوصل إلى خلق صيغ و أشكال منظمة للعلاقات السلمية بين الدول حيث تعتبر المنظمات الدولية من أبرز هذه الإنجازات و أشملها فيمن حيث مجال القضايا و سعة أهدافها في المحاولة لتحقيق السلام العالمي عبر تكثيف الجهود للحد من الحروب و زيادة نسبة العلاقات السلمية بين الدول المشاركة فيها بما يخدم مصالح السلم و الأمن الدوليين على غرار منظمة الأمم المتحدة،و لكن و على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزته هذه الجهود ، فقيام هذه المنظمات الدولية لم يكن كفيلا بالقدر الكامل للحيلولة دون قيام حروب و صراعات و مشاكل إنسانية اقتصادية أو اجتماعية...في مناطق متعددة من العالم منذ نشأتها و حتى يومنا هذا، حيث أن بيئة عمل و نشاط المنظمة الدولية يفرض عليها ظروف متجددة باستمرار ما يجعل هذه الأخيرة ملزمة بضرورة خلق آليات و إجراءات تكيفية لمواكبة التطورات على الساحة الدولية، و عليه سنحاول من خلال هذه الورقة إلقاء الضوء بالدراسة و التحليل لموقع و مكانة المنظمات الدولي، مع التركيز على هيئة الأمم المتحدة كنموذج ،لنبين مدى فعالية أو عدم فعالية هذه المنظمة وفق معيار القدرة على التأثير و صياغة شكل و نمط من التفاعلات التي تحافظ من خلالها المنظمة على مكانتها و فعاليتها لا أن تبقى مجرد نتاج للتغيير الذي تفرضه عليها البيئة الدولي، و عليه فقد جاءت -الإشكالية على النحو التالي:
إلى أي مدى تمكنت المنظمات الدولية من وضع الآليات و الإجراءات التي تكفل لها تعزيز فعاليتها و القدرة عـلى تشـكيل نـمط التفاعـلات التي تضمن لـها التكيف الإيجابي و التأثير في ظل التحولات و مستجدات الواقع الدولي؟ و عليه هـل تعتبر الأمم المتحدة نتاج لظروف و تغييرات دولية معينة، أم أنها ساهمت في تشكيل معالم السياسة العالمية في فترات مختلفة و مستمرة في تطور النظام الدولي، بما كفل لها الحفاظ على مكانتها و إثبات لفعاليتها؟
- فرضيات الدراسة:
1- كلما كان وضع المنظمة الدولية أكثر استقلالية عن أعـضاءها كلـما كانت فرصـة فعاليـتها
و قدرتها على التأثير و التغيير أكبر.
2- كلما عجزت المنظمة على تحقيق التكيف و المرونة مع القضايا المستجدة المطروح على أجندتها، كلما كان ذلك سببا في تأثرها السلبي وفقدانها لفعاليتها، وقدرتها على التأثير.
3- كلما زاد تراجع الدول في وضع السياسة الدولية كلما تمكنت المنظمات الدولية من زيادة فعاليتها و قدرتها على التأثير.
4- تعتبر التحولات في النظام الدولي الجديد ( العولمة) بمثابة عوامل مساعدة لأمم المتحدة لتكون مصدرا وفاعلا في التغيير.لتوضع بذلك في موقع تملك فيه قدرا كبيرا من التأثير على مجريات الأحداث و إدارة الشؤون الدولية.
أما بخصوص المنهج المستعمل فقد ارتأيت توظيف المنهج السياسي الذي نتمكن من خلاله في تبرير علاقة التأثير و التأثر بين المنظمة و معطيات البيئة الدولية المستجدة، حيث سندرس موقع الأمم المتحدة بالرجوع إلى مجريات و أحداث
السياسة العالمية عبر ربط الأمم المتحدة بمتغير البيئة الدولية وليس من خلال عرض مفصل لموادها و هيكلتها الشكلية.
إذا و بناءا على ما تم طرحه في مقدمة الدراسة، ارتأينا أنه قبل الحديث عن الآليات و طرق تعامل المنظمة الدولية مع التحولات التي تواجها على الساحة الدولية، أن نستهل الدراسة بمدخل مفاهيمي حول المنظمات الدولية ، و كذا التعرض لعرض موجز لظروف نشأتـها و تطورهــا
و مكانتها في العلاقات الدولية، بالإضافة إلى الإشارة إلى المعايير و مؤشرات فعالية المنظمة الدولية حسب بناءا على ما قدمه الدارسون و المختصون، لننتقل بعدها إلى تضمين هذه العـناصر في تحلـيل مكانـة و دور الأمم المتحدة في ظل التحولات و المتغيرات الدولية، عبر تطورها في ظل النظام الدولي، و التركيز على مدى قدرتها على التأثير و إثبات الدور الفعال، في هذا الواقع المتغير.
I- تطور و مفهوم المنظمات الدولية:
يرى الدارسون أن المنظمات الدولية تندرج ضمن أشخاص القانون الدولي العالم، بل وهي –حسب البعض- تعتبر من أكثر الأطراف الفاعلة في العلاقات الدولية، و تعتب المنظمات الدولية أعلى شكل من أشكال التعاون الدولي ، و لقد سبق ظهور المنظمات الدولية فكرة التنظيم الدولي شكل مشاريع عديدة طرحها بعض المفكرين و الفلاسفة الأوروبيين في القرون الماضية ،منذ القرن التاسع عشر و المجهودات الدولية مستمرة لتنظيم العلاقات الدولية، توخياً لتحقيق التعاون الدولي. فمن مؤتمر فيينا سنة 1815 الذي أرسى قواعد العلاقات الأوروبية في إطار توازن القوى بعد حروب نابليون, إلى مؤتمر باريس سنة 1856، ثم مؤتمري برلين 1868 و1872 لرعاية المصالح الأوروبية على المستويين القاري والعالمي ،و تعتب فكرة المؤتمرات الدولية بمثابة لبنة أساسية في بناء التنظيم الدولي، و في هذا الصدد ي}كد الأستاذ المجذوب بأن المنظمات الدولية" قج ولدت من أحشاء المؤتمرات الدولية..." .
ثم تطوّرت فكرة التعاون الدولي باتجاه فكرة التنظيم الدولي مع قيام عدّة اتحادات دولية لتنظيم التعاون في مرافق محدّدة، مثل اتحاد التلغراف الدولي في العام 6581، واتحاد البريد العالمي في العام 1874, والمكتب الدولي للموازين والمقاييس في العام 1883... على أنّ مجمل هذه المؤتمرات والاتحادات تمّّ بمبادرات أوروبية،في وقت كان فيه النظام الدولي ­ بالمعنى الواقعي ­ يكاد يُختصر بالنظام القاري الأوروبي.
في مطلع القرن العشرين دعا قيصر روسيا نيقولا الثاني إلى عقد مؤتمرات دولية، ولقاءات دبلوماسية للنظر في مشكلات العالم، فانعقدت مؤتمرات لاهاي في عامي 1899 و1907، بمشاركة دول أوروبية وغير أوروبية، لدراسة سُبل تجنّب وقوع الحرب، وطرق تسوية النزاعات الدولية بالوسائل السلمية، بما في ذلك تشكيل لجان التحقيق الدولية وإنشاء محكمة التحكيم الدولية،
بيد أنّ التنظيم الدولي بمعناه الشامل، والأكثر تحديداً، كان بعد الحرب العالمية الأولى مع إنشاء عصبة الأمم في العام 1919، لتكون بمثابة أول منظمة دولية مفتوحة العضوية لكافة الدول، ومنفتحة على دراسة مشاكل العالم في تفاصيلها كافة. لكن لم تتمكن هذه المنظمة الدولية تحت وطأة الحرب العالمية الثانية من تحقيق أهدافها في: تطبيق مبدأ الأمن الجماعي لصون السلم والأمن الدوليين, وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، ونزع السلاح من خلال مطالبة الدول الأعضاء بتخفيض التسلّح. و عندما طغت الدول الأوروبية على أعمالها، وترددت في اتخاذ مواقف حازمة تجاه عدد من القضايا الدولية الساخنة، سقطت عصبة الأمم مع اتساع دائرة الحرب العالمية الثانية، لتفتح الطريق أمام منظمة دولية جديدة هي الأمم المتحدة .
تجدر الإشارة إلى أنّ منظمة الأمم المتحدة هي المنظمة الأم لكافة المنظمات الدولية، من حيث سمو ميثاقها الأممي في القانون الدولي العام، ومن حيث عضويتها المفتوحة لكافة الدول المستقلة،و قد أشار ميثاق الأمم المتحدة في المادة 57 إلى إمكانية إنشاء وكالات متخصصة بمقتضى اتفاق بين الدول، و إلى جانب المنظمات الدولية المتخصصة، برزت المنظمات الدولية غير الحكومية، أو المنظمات الدولية ذات الطابع الأهلي، أو المنظمات الدولية التي تعمل في إطار المجتمع المدني العالمي الذي يتجاوز حدود الدول ليطاول جغرافية العالم، ذلك و لم تعد فكرة التنظيم الدولي مجسّدة بمنظمة الأمم المتحدة وحدها على رغم مركزيتها وصدارتها في هذا التنظيم. وإنما توسّعت الفكرة وصارت تشمل المنظمات الدولية المتخصصة والمنظمات الدولية غير الحكومية، هذا بالإضافة إلى المنظمات الإقليمية التي تتكامل في أعمالها على المستوى العالمي .
إذا ومن خلال هذا العرض المبسط لظهور و تطور فكرة المنظمات الدولية ما يهمنا هو أن هذه الأخيرة جاءت و ظهرت في ظروف دولية معينة استدعت العمل الجماعي للحد من ظاهرة التسلح و الحروب، و بالتالي كانت وّضعت كوسيلة و أداة لتغيـير واقع معــين نحـو الأفضـل، و لاحظنا كيف أن فكرة المنظمات أخذت تتفرع و تظهر بأشكال جديدة، وكل ذلك يعتبر محاولة تكيفية لظهور مستجدات و تحولات على غرار المنظمات المختصة داخل الأمـم المتـحدة -و التي سكون لنا فيها تفصيل في العنصر اللاحق- ،و قد أثبتت فعلا هذه المنظمات فعاليتها في الحد من الحروب و زيادة نسبة التعاون بين الدول و باقي الفواعل في النظام الدولي، بحيث أصبحت فكرة المنظمات الدولية عبر تطورها ضرورية و أساسية لصياغة نمط التفاعلات بين الدول. كما أن المجتمع المدني في تطوره يتم في اتجاه التركيز و التدويل التدريجي للعلاقات القانونية بين الدول ، و منع استعمال القوة ضد الدول الأخرى، إذا في ظل الدور الفعال المفترض أن تلعبه المنظمات الدولية، زاد الاهتمام بها كأدوات للتغيير، و لكن هذا لن يتم إلا في ظروف متوازنة تسمح للمنظمة بلعب دورها و الحفاظ على مكانتها –كما سنرى لاحقا-، و على هذا الأساس يمكن تفسير ظاهرة التنظيم الدولي بالأسباب و الدوافع التالية:
1- تعد المنظمات الدولية إطار للتفاوض فهي تمثل الأرضية لتقريب المواقف الوطنية لكل دولة فيما يتعلق بالمشاكل السياسية و الاقتصادية و الثقافية، و قد أحست الدول بتداخل مصالحها مع مصالح غيرها.
2- أداة لحل المشاكل الحيوية من خلال:
أ‌- تحقيق الأمن الجماعي عبر تحريم استخدام القوة أو التهديد بها و العمل على معاقبة المعتدي.و يعتبر الأمن الجماعي الوظيفة الرئيسية للتنظيم الدولي.
ب- نجد أن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية تهدف إلى تحقيق التطور الصناعي للدول الآخذة في النمو، بتقديم المساعدة إليها و..تحقيق التبادل العلمي و الفني بين مختلف الدول.
ج- تعد المنظمات الدولية وسيلة لتطور قواعد القانون الدولي، من العمل التشريعي الذي تقوم به المنظمة سواء عن طريق القرارات أو التوصيات أو اللوائح، أو المعاهدات .
بناءا على ما سبق ذكره يتضح مدى الحاجة إنشاء مثل هذه المنظمات بمختلف أنواعها، بعد أن أدركت الدول عجزها عن تلبية جميع متطلباتها منفردة.
- تعريف المنظمات الدولية:
اختلفت التعاريف حول المنظمات الدولية، فالبعض ذهب إلى اعتبارها عبارة عن" هياكل مؤسسية رسمية تتجاوز الحدود القومية ويتم إنشاؤها بموجب اتفاق متعدد الأطراف بين الدول الأمم. وهي ترمي إلى تقوية التعاون الدولي في مجالات مثل الأمن والقانون والمسائل الاقتصادية والاجتماعية و الدبلوماسية" .
في حين عرفها آخرون بأنها " جهاز أو مؤسسة تنشأها مجموعة من الدول و تخول لها بعض الصلاحيات و الوسائل للقيام بالمهام المنوطة بها" .و هذه الصلاحيات غالبا ما تكون مستقلة عن صلاحيات الدول الأعضاء .
و تعرف المنظمة الدولية بأنها" شخص معنوي من أشخاص القانون الدولي العالم، ينشأ باتحاد إيرادات مجموعة من الدول لرعاية مصالح مشتركة دائمة، و يتمتع هذا الشخص بإرادة ذاتية في المجتمع الدولي و في مواجهة الدول الأخرى" .
من خلال هذه التعاريف يمكن الخروج بمجموعة من الخصائص الواجب توفرها في المنظمة الدولية ،وهي : الدولية، و اتحاد إيرادات، و الدوام و الإرادة المستقلة .
و يضيف البعض أن المنظمة الدولية ترمي إلى تحقيق أهداف مشتركة، و ترتكز على اتفاق صريح يبرم بين الدول يأخذ عادة شكل المعاهدة .
من خلال هذه التعاريف يبدو أن المنظمة الدولية جاءت في الواقع لتعمل بشكل مستقل و فعال يضمن من خلالها الدول الأعضاء فيها تحقيق مصالحهم و أهدافهم و بالتالي أهداف المنظمة.
و قد اختلف كذلك الدارسون في و ضع و تقسيم و تصنيف موحد المنظمات الدولية، و هذا باختلاف معايير التصنيف، الذي يكون أحيانا النشاط، و معيار السلطات، و معيار الاختصاص..، لكن يبقى التصنيف على أساس معيار الهدف التصنيف الأكثر تداولا و انتشارا بين الدارسين، و على هذا الأساس يمكن تصنيف المنظمات الدولية الحالية كما يلي:
1- منظمات دولية عالمية و منظمات دولية إقليمية.
2- منظمات ذات اختصاص عام و منظمات متخصصة.
3- منظمات حكومية و منظمات غير حكومية .

إذا يبدو من خلال ما سبق ذكره أن المنظمات الدولية بمختلف أشـكالها ظهـرت كأشكال و فواعل جديدة بهدف تشكيل نمط تفاعلات قائــم على التـعاون و التـكامل المـنافي للحروب و الصراعات، و قد عملت المنظمات الدولية باستمرار لمواكبة مختلف التحولات و التغيرات التي تفرضها عليها بيئة عملها، محاولة منها الخروج بأداء و دور فعال، لكن الواقع العملي بين كيف أن عددا معتبرا من هذه المنظمات بالرغم من حضورها كهياكل و مؤسسات عجزت في كثير من المواقف على أن تحقق أهدافها بشكل كلي أو نسبي، ما استدعى من الدارسين و المختصين ضرورة وضع مؤشرات و معايير نقيس من خلالها مدى فعالية المنظمة و قدرتها على تحقيق أهدافها، حتى نفرق بين المنظمات المأثرة في البيئة الدولية، و بين المنظمة التي لا تعدو أن تكون نتاجا لأوضاع دولية معينة دون أي تأثير و فعالية.
معايير فعالية المنظمات الدولية:
كثيرا ما يثار مثل هذا التساؤل عن مـدى و جـدوى المنظمات الدولية و قدرتـها على العمل المستقل و الفعال الذي تأثر من خلاله على مجريات السياسة العالمية في النظام الدولي.
و قد طرح تساؤل بخصوص معيار تحديد و قياس الفعالية، و في هذا الشأن ظهرت مجموعة من المعايير هي:
1- معيار بلوغ الأهداف المحددة، أي أن الفعالية تتحدد باتخاذ القرارات.
2- معيار تفاهم و تجانس و دمج الأعضاء في المنظمة في إطار تعاوني.
3- معيار استمرار و بقاء المنظمة.
كذلك نجد من يعتبر معيار التكيف مؤشر على فعالية المنظمة الدولية، فقيام مستجدات هامة في بيئة المنظمة الدولية أو الداخلية تفرض على المنظمة إما التعامل معها أو فقدان دورها و أهميتها بالنسبة للدل الأعضاء.
كذلك نجد بالضافة إلى المعايير السابقة معيار الاستقلالية يعتبر من أبرز المعايير و المؤشرات على قدرة و فعالية المنظمة في التأثير اتخاذ قرارات حاسمة تنفذ على الدول الأعضاء فيها حسب مفهوم الجزاء و المساءلة، و تؤدي إلى إحداث تغيير في البيئة الدولية.فإلى أي مدى يمكن اعتبارها أطرافاً فاعلة مستقلة في العلاقات الدولية؟ يميل الواقعيون إلى إنكار أي استقلالية لتلك المنظمات. فهم يرون أن المنظمة لا تزيد كثيراً على مجموع أجزائها المكونة لها وأنها معرضة بشكل خاص للسيطرة من قبل أقوى الدول الأعضاء وأكثرها نفوذاً. وهكذا تصبح هذه المنظمة تعبيراً عن و امتداداً للسياسة الخارجية للدولة أو للتآلف المسيطرين. ويشكك بهذا الرأي المحدود عن المنظمات الحكومية الدولية أولئك الذين يجادلون بأن مجرد وجود هذه المنظمات يمكن أن يؤثر في سياسات الدول الأعضاء و يقولبها ويعدلها أيضاً. ثم إن كون الدول هي في آن واحد أعضاء في عدد من تلك المنظمات قد يعني أنه سيتم توليد أثر تراكمي مع الوقت، يضع، عملياً، حدوداً لما يمكن أو لا يمكن لدولة أن تفعله، أو حتى تقوله، بشأن مجال من مجالات القضايا. فمن هذا المنطلق تصبح هذه المنظمات ما سماه بنتلاند (Pentland) (1973) "معدِّلات منهجية" ("Systemic modifiers") لسلوك الدول .
و قد تحظى المنظمات الحكومية الدولية بالاستقلال لأنه توجد مجالات قضايا في السياسة العالمية لا يمكن معالجتها إلا على أساس تعدد الأطراف. و تميل مجالات القضايا هذه إلى أن تكون حالات تشبه "معضلة السجين" حيث توجد دوافع جماعية قوية للتعاون مثل التلوث وانتشار أسلحة الدمار الشامل والوصول إلى محيطات العالم. فإذا كان للدول أن تتصرف جماعياً في هذه المجالات ويكون لها أي احتمال للنجاح فلابد أن تؤسس نظاماً لعلاقات تحكمها القواعد، بما في ذلك نظام للجزاءات يمكن تطبيقه من قبل المنظمات. وسينطوي هذا على إتاحة مقدار للاستقلال للمنظمات .
إذا و بناءا على هذه المعايير، سنحاول من خلالها أن نحلل واقع منظمة الأمم المتحدة و مدى قدرتها على تحقيق أهدافها في ظل بيئة تشتمل العديد من التغيرات و التحولات المستجدة،ومدى حدود و مجال تأثيرها على تغيير الأوضاع الدولية.

II- موقع منظمة الأمم المتحدة بين التأثير و التأثر في ظل التحولات و التغيرات الدولية:

من خلال هذا العنصر سنحاول التركيز على دراسة موقع منظمة الأمم المتحدة* في ظل التحولات الدولية، حيث تصنف هذه الأخيرة ضمن المنظمات الدولية العالمية نظرا للعديد من الاعتبارات: من حيث سمو ميثاقها الأممي في القانون الدولي العام، ومن حيث عضويتها المفتوحة لكافة الدول المستقلة حيث يجتمع أكثر من 191 بلداً لتحقيق التعاون الدولي في حل المشاكل العالمية، ومن حيث اضطلاعها بثلاثة أهداف كبرى تهم الأسرة الدولية مجتمعة:
1- حفظ السلم والأمن الدوليين.
2- تحقيق التعاون الدولي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة.
3- الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب بلا تمييز بين البشر .
وقد مضت أكثر من ستين عاما على إنشاء هذه الهيئة الأممية،ما جعل الكثيرين يتساءلون عن مسيرة هذه المنظمة و ما آلت إليه في حاضرها و آفاق تطورها في المستقبل، خصوصا مع دخول النظام الدولي مرحلة جديدة من مراحل تطوره بعد التحولات الهائلة التي طرأت عليه مؤخرا و أدت إلى سقوط و انهيار حلف وارسو ثم تفكك الاتحاد السوفيتي .
و لا جدال في أن هذه التحولات تثير العديد من الإشكاليات حول موضع و مكانة الأمم المتحدة ، و حول إمكانيتها بشكلها الحالي و هياكلها و مؤسساتها الموروثة منذ الحرب العالمية الثانية و الفترة الحرب الباردة على القيام بالوظائف و المهام التي تتطلبها مقتضيات الانتقال إلى نظام دولي جديد .
وعلى هذا الأساس فقد انقسمت االمواقف حول مدى فعالية الأمم المتحدة ما بين من يعتبرونها بمثابة أداة للتغيير منذ نشأتها و عبر تطور النظام الدولي بشكله القديم أو الجديد،و بين فريق آخر يرى في هذه الهيئة مجرد مؤسسات و هياكل مفرغة من أي مهام و قدرة على التغيير خاصة بعد نهاية الحرب الباردة.

1) الأمم المتحدة كأداة و وسيلة للتغيير:
ينطلق أصحاب هذا الموقف من أن الأمم المتحدة بالرغم من تعثرها في بعض المحطات، إلا أنها منذ نشأتها فرضت وجودها بشكل واضح جعل الدول و باقي الفواعل في تفاعلاتها تأخذ في الحسبان تحركات و قرارات المنظمة على كافة الأصعدة، بحيث تمكنت هذه المنظمة من التكيف مع مختلف المستجدات من حيث خلقها لوظائف جديدة أو جهات و لجان فرعية متخصصة، و منظمات إقليمية التي ظهرت نتيجة شعور الأمم المتحدة من البداية بتعقد النظام الدولي لما بعد الحرب لهذا سارعت إلى إقامة هذه الأجهزة المساعدة لتقلل من التعقيد و التشابك و اللامرونة التي أصبح يتميز بها النظام الدولي المعاصر ، و قد أثبتت المنظمة عبر مراحلها المختلفة قدرتها على تسيير العديد من الأزمات و ومنع الحروب، ومنذ نشأتها أصبحت بمثابة منتدى عملي للتفاوض، و ميدان رحب للتفاعلات السلمية و التعاونية،خاصة خلال الحرب الباردة أين أثبتت فعاليتها بشكل كبير. و يشير الكثير من المختصين إلى بعض الميادين التي حققت فيها الأمم المتحدة نجاحات عالية مثل: حماية حقوق الإنسان، و الاهتمام باللاجئين و حل بعض المنازعات الدولية مثل المشكلة الكورية، و الكونغو، و كامبوديا حديثا،و الزائير، و الاهتمام بالتنمية الاقتصادية و المساعدات الدولية...والقضاء على الظاهرة الاستعمارية عن طريق قرارها الشجاع عام 1960 بوجوب تصفية الاستعمار تصفية كاملة و وجوب تمتع كافة الشعوب بحقها في تقرير مصيرها دون أي تأخير، و الساهمة في إبرام العديد من الاتفاقات الدولية الهامة مثل: اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، و إرساء قواعد النظام الدولي الذي يتماشى و متطلبات المتغيرات الدولية، والعمل على تشجيع حوار الشمال الجنوب، ثم العمل على معالجة ظاهرة المديونية التي أصبحت من أكبر المشاكل بعد نهاية ظاهرة التسلح و الحرب الباردة.
بالإضافة لهذا فقد استحدثت المنظمة بعض الوظائف الجديدة و التي لم ينص عليها الميثاق كالدبلوماسية وقائية و التي شكلت خير مثال على كيفية إنشاء وظائف جديدة في المنظمات الدولية، و التي شكلت في الوقت نفسه قدرة المنظمة على التكيف مع المستجدات و إبداء قدر كبير من المرونة، فمن خلالها تقوم المنظمة بواسطة قوات حفظ السلام أو قوات مراقبين دوليين بمنع تطور و تصعيد نزاع مسلح.و قد ظهرت هذه الفكرة و تطورت منذ 1945، غير أنها تكرست مع العدوان الثلاثي على مصر 1956 حيث تشكلت قوات لحفظ السلام من طرف الأمين العام حينها "داغ هامرشولد".و عموما هناك 13 عملية مشهورة قامت بها الأمم المتحدة و قد وفقت فيها إلى حد كبير.
كما أن هذا الاتجاه ذهب إلى أن دور الأمم المتحدة زادت فعاليته مع الدخـول في ظـل النظام الدولـي الجديـد ( العولمة) بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، فبنهاية الحرب الباردة زالت عقبة كانت تحد من قدرة الأمم المتحدة على الانطلاق،مما ساعد على إطلاق العنان لآمال و طموحات و توقعات ضخمة في نظام عالمي جديد تلعب فيه الأمم المتحدة دورا رئيسيا لفرض احترام القانون الدولي و الشرعية الدولية على الجميع .
كما أن "جيمس روزنو" ذهب في كتابه " الأمم المتحدة في عالم مضطرب" إلى القول بأن الظروف و التحولات التي عرفها العالم بعد الحرب الباردة تصب مباشرة في خدمة و تعزيز دور الأمم المتحدة، التي تعتبر المستفيد الأكبر من حجم هذه التحولات التي اشتملت تراجع الدور المركزي للدول، و إمكانية وجود الثغرات المناسبة للتدخل لحماية حقوق الإنسان عبر ازدياد عدد النزاعات العرقية الانفصالية، و كذلك تزايد عدد الفواعل غير الدول، بالإضافة إلى عولمة الاقتصاديات الوطنية، و ازدياد حجم الاعتماد المتبادل، ناهيك عن التطور التكنولوجي و حجم الاتصالات المتطورة، و في ظل كل هذه الظروف و التغيرات ينظر للأمم المتحدة على أنها مستفيد من التغيير و هذه العوامل، فالكثافة المتزايدة في عالم متعدد المراكز تجعل من المنظمة و أجهزتها بشكل واضح ميدانا لطرح القضايا التي لا تستطيع الحكومات الوطنية التعامل معها و حلها، و هنا يشير إلى أن الأمم المتحدة شكلت سجلا رائعا في الانتقال إلى مجموعة من الوضعيات مثل قضايا اللاجئين، الإغاثة، مكافحة الأمراض، و كلها قضايا أهملت في ظل نظام مركزية الدول. و في ظل تراجع مبدأ السيادة الوستفالي يرى أن السلطة في طريق تحولها نحو الأمم المتحدة، فتآكل سيادة الدول يؤدي إلى تــوازن السلطة بـين الأمم المتحدة و دولها الأعضاء، و يتوقع في روزنو سيناريو يتصور فيه تزايد سلطة المنظمات الدولية، لتصبح قادرة على تسيير و توجيه أعضائها على غرار التحالف الدولي ضد العراق.
2) الأمم المتحدة كنتاج للتغيير:
ينطلق أنصار هذا الموقف من نقاط ضعف المنظمة و عجزها على تحقيق التكيف المطلوب مع المستجدات في عصر العولمة،مما جعلها مجرد نتاج لهذه التحولات التي لم تصبح قادرة على التأثير في مسارها، بل بقيت مجرد هياكل و مؤسسات مفرغة من وظائفها المفترضة، و تحول عوض دور التأثير إلى أداة في يد الدول الكبرى التي استغلتها في تحقيق أهدافها.و في ظل هذا الوضع الدولي الجديد راحت المنظمة الأممية تبحث لها عن دور جديد و فعال عجزت على تحقيقه. و يُستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي بها تكتسب العلاقات الاجتماعية نوعًا من عدم الفصل (سقوط الحدود) وتلاشي المسافة؛ حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد -قرية واحدة صغيرة- ومن ثم فالعلاقات الاجتماعية التي لا تحصى عددًا أصبحت أكثر اتصالاً وأكثر تنظيمًا على أساس تزايد سرعة ومعدل تفاعل البشر وتأثرهم ببعضهم البعض. وفي الواقع يعبر مصطلح العولمة عن تطورين هامين هما: التحديث Modernity، والاعتماد المتبادلInter-dependence ، ويرتكز مفهوم العولمة على التقدم الهائل في التكنولوجيا والمعلوماتية، بالإضافة إلى الروابط المتزايدة على كافة الأصعدة على الساحة الدولية المعاصرة. وتاريخيًا، فإن مفهوم العولمة لا يتجزأ عن التطور العام للنظام الرأسمالي، حيث تعد العولمة حلقة من حلقات تطوره التي بدأت مع ظهور الدولة القومية في القرن الثامن عشر، وهيمنة القوى الأوروبية على أنحاء كثيرة من العالم مع المد الاستعماري .لتستمر الآن بطبع العولمة بوجهها الٌاقتصادي.
أما الحماس الشديد الذي رافق سقوط الشيوعية ونهاية الحرب الباردة، وبدأ يتحدّث عن "مهام سلام" تقوم بها المنظمة الدولية، وعن أعدادها لتصبح حكومة عالمية، فقد تلاشى خلال أقل من عام، وعلى النقيض من ذلك كانت التسعينيات الميلادية حافلة بالإخفاق على مستوى المنظمة الدولية، ولا سيما على صعيد القيام بمهام سلام في أنحاء العالم، بينما كان المهـام "الحقيقية" التي وجد من ورائها الإعداد الكافي والتسلّح الكافي والتمويل المضمون، هي تلك التي بقيت خارج نطاق المنظمة الدولية، وعلى وجه التحديد التي وضعت في أيدي حلف شمال الأطلسي تمهيدًا لدور "الشرطي الدولي" في المستقبل.
أو ما ركب موجة العولمة الاقتصادية والمالية تحت عناوين حرية التجارة وحرية الاستثمارات وحرية رؤوس الأموال.. فقد كان الإعداد للوضع الراهن قديمًا رافق نشأة الأمم المتحدة نفسها. فآنذاك كان الترتيب لتأسيس المصرف المالي العالمي وصندوق النقد الدولي منفصلاً شكلاً ومضمونًا عن عملية تأسيس الأمم المتحدة وفروعها، وكانت النواة التي وضعت لنظام مالي دولي بآليات معيّنة، هي التي أسفرت خلال خمسين عامًا مضت عن الخلل الكبير المعروف حاليًا بين شمال وجنوب، أو ثراء وتقدم وأمن مقابل الفقر والتخلف والتبعية الأمنية، أو انطلاق المصارف الكبرى والشركات العملاقة بطاقات ضخمة لا تعرف الحدود مقابل ديون متراكمة على الدول وشعوبها بفوائد ربوية لا تنتهي.
لقد أصبحت الأمم المتحدة - نتيجة التطورات الجارية - مجرّد "إدارة بيروقراطية"، في حدود "مجلس بلدية" من حيث الصلاحيات الفعلية لا الاسمية الشكلية، ومن حيث القدرة على صناعة القرار لا عدد القرارات والتوصيات الصادرة، ومن حيث امتلاك الطاقة اللازمة لتنفيذه دون أن يرتبط ذلك بابتزاز مالي من جانب دولة كالولايات المتحدة الأمريكية، أو مجرد امتناع عن المشاركة في التنفيذ، ما دامت النتيجة لا تحقق هدفًا ذاتيًّا بغرض النظر عن أهداف المنظمة الدولية .
والواقع أن إخراج القضايا الكبرى من مبنى الأمم المتحدة، والتصرّف بها سياسيًّا وأمنيًّا على حسب "المصالح والأهداف القومية" ماضٍ على قدم وساق منذ عدة عقود، كذلك لم ينقطع الإعداد لمنظمات إقليمية لتقوم بأدوار معينة على المستوى الإقليمي أو الدولي كما هو الحال مع حلف شمال الأطلسي ومهامه الأمنية الجديدة، أو الاتحاد الأوروبي وامتداد أجنحة سياساته إلى حدود الصين الشعبية.. أما الأمم المتحدة وفروعها فيراد أن يقتصر عملها تدريجيًّا على قضايا معينة دون أخرى .
و يبقى السؤال المطروح في عصر العولمة هو: ما هو موقف القانون الدولي العام عند حصول التعارض بين الشخصية القانونية للدولة والشخصية القانونية للمنظمة الدولية؟ هذا ما ينطبق على العلاقة بين الولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة على سبيل المثال .
والأمم المتحدة كانت موضع استخفاف منذ إنشائها، إلا أنها لم تشهد أبداً سنة سوداء مثل العام 2004 التي وصفها أمينها العام كوفي أنان "بالسنة الرهيبة". وفي الحقيقة أنه في العام 2003 بدأ سقوط المنظمة الأكثر قساوة عندما انقضت الولايات المتحدة العضو الأكثر نفوذاً فيها، مع بريطانيا، على مجلس الأمن المقسم من اجل فرض قرار إعلان الحرب على العراق .
إذا في ظل مثل هذه الظروف الدولية كيف يمكن الحديث عن منظمة دولية عالمية تتمتع الفعالية و الاستقلالية؟
و لها قدرة التأثير على صياغة السياسات العالمية، لذا فالأمم المتحدة مجرد نتاج للتغيير دون أن تؤثر فيه.
الخاتمة:
إذا يبدو من خلال هذه الدراسة المبسطة عن موقع المنظمات الدولية في ظل التحولات الدولية، و من خلال التعرض للأمم المتحدة كنموذج كيف أن هذه الأخيرة كانت مضطرة باستمرار إلى إيجاد السبل الكفيلة بتحقيق تكيفها مع معطيات البيئة، خاصة في عصر العولمة أو النظام الدولي الجديد أين فقدت –حسب الكثيرين-مكانتها المفترضة،غير أن الحكم على المنظمة بالفشل التام أمر في غاية الإجحاف في حق المنظمة، فبالرغم من فشلها على عدد من الأصعدة، إلا أن السؤال الذي يبقى مطروح هو: كيف يمكن تصور العالم قبل أو بعد الحرب الباردة دون أمم متحدة أو منظمات دولية أخرى؟ فمن دون شك الجواب سيكون صعبا للغاية، و سيعجز الناقدون لآداء المنظمات الدولية و الأمم المتحدة خصوصا على خلق تصورات للنظام الدولي دون هذه المنظمات، و هذا في حد ذاته يعتبر دليل كاف على أن هذه المنظمات كانت باسـتمرار أداة لتحــقيق التغيير و إثبات لوجودها و مكانتها و لو بشكل متفاوت من صعيد و ومستوى لآخر، فأحيانا تعجز في أداء مهام اقتصادية لتنجح في أداء مهام أخرى سياسية عسكرية وهكذا، لذا فالمنظمات الدولية و الأمم المتحدة خصوصا باعتبارها الأهم ، تبقى باستمرار تعمل في إطار متفاوت من التأثير و التأثر بأوضاع البيئة الدولية و ما تحتويه من تغيرات و مستجدات مستمرة، ولكي تضمن هذه الأخيرة و الفعالية و التأثير لا بد أن تشتمل على عناصر الفعالية-المشار إليها سابقا-، ونجد في هذا الصدد من المفكرين على غرار "بطرس غالي" و"جيمس روزنو"من حاولوا رصد مجموعة من التوصيات لضمان استمرار المنظمة و بقاءها، و محاولة تجنيب المنظمات الدوليـة و الإقليمية مخاطر الآثار السلبية للعولمة، و محاولة وضع إطار لتمكين قواعد القانون الدولي بعيداً من ازدواجية المعايير وطغيان السياسة الدولية.و قد طفت على السطح العديد من مطالب إصلاح هذه المنظمة الدولية لتكون أكثر استجابة للضغوطات، فسمعة الأمم المتحدة هذه الأيام تتميز بالصعود والنزول بناء على مستوى الأداء ومدى الشرعية التي تتمتع بها مكوناتها الثلاثة الأكثر بروزا مجلس الأمن، ولجنة حقوق الإنسان، وبعثات حفظ السلام، و كل منها بحاجة ماسة إلى الإصلاح أو بالأحرى الإنقاذ.على حد تعبير الكثيرين.
قائمة المراجع:
الكتب:
1) غضبان مبروك، المجتمع الدولي:الأصول و التطور و الأشخاص، ( الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، ج2، 1994).
2) بن عامر تونسي، قانون المجتمع الدولي المعاصر،( الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 1994).
3) عمر صدوق، دروس في التنظيم الدولي المعاصر، ( الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 1996).
4) ناصيف يوسف حتي، النظرية في العلاقات الدولية، ( لبنان: دار الكتاب العربي، 1985).
5) حسن نافعة، الأمم المتحدة في نصف قرن، ( الكويت: عالم المعرفة، أكتوبر 1995).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

المنظمات الدولية Empty
مُساهمةموضوع: الأمم المتحدة بعد الحرب الباردة.. ضرورة الإصلاح   المنظمات الدولية Emptyالأحد نوفمبر 11, 2012 12:55 am

كامبردج بوك ريفيوز
يقدم هذا الكتاب قراءة مهمة لدور الأمم المتحدة ومجلس الأمن, ليس فقط بعد انتهاء الحرب الباردة كما يشير عنوانه وإنما أيضا بعد تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 وما أعقبها من صدور قرارات عن مجلس الأمن تشرع لحروب الولايات المتحدة "ضد الإرهاب".
مؤلف الكتاب هو الباحث الجزائري الدكتور عبد النور بن عنتر من جامعة مارن لافالي الفرنسية, والذي نجح في تزويدنا برؤية تحليلية متكاملة لمكانة الأمم المتحدة ودورها في الوقت الحاضر, إذ يطرح قضية إصلاح المنظمة الدولية التي يعتبرها ضرورية لتكييف المنظمة العالمية مع مشهد عالمي تختلف معالمه عن المشهد الدولي الذي أنشئت فيه عام 1945.
في تمهيد خصص لأحداث 11 سبتمبر/ أيلول وانعكاساتها العالمية ودور الأمم المتحدة، يقول بن عنتر إنه رغم إشراك المنظمة في الحملة الدولية ضد ما يسمى بالإرهاب، يبدو أن القضايا الأهم تتم بدون مشاركتها الفعلية.
صحيح أن المخطط الأممي للسلام في أفغانستان استخدم كقاعدة للمحادثات بين الفصائل الأفغانية في ألمانيا، لكن الأمم المتحدة أبعد من أن تكون في قلب الحدث، بل إن سكوتها عقب تمرد مزار شريف يقول الكثير عن حدود عملها، إلا أنها مع ذلك حاضرة من خلال مجلس الأمن الذي أصدر عدة قرارات أكد فيها عزمه مكافحة "الإرهاب".
ففي قراره 1368 الصادر يوم 12/9/2001 اعتبر مجلس الأمن أن "الإرهاب" يشكل تهديدا للأمن والسلام الدوليين، وعليه يعترف بحق الدفاع عن النفس المشروع الفردي أو الجماعي وفقا للميثاق.
ويقول المؤلف إن قراءة مجلس الأمن لحق الدفاع المشروع عن النفس قراءة انتقائية، ذلك أنه يعتبر أن كل الأعمال التي ستقوم بها أميركا كرد فعل على تفجيرات سبتمبر/ أيلول هي من قبيل الدفاع عن النفس المشروع. لكن هذا المجلس يتجاهل نفس الحق عندما يتعلق الأمر بالمقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي.
وترحيبا بهذا "الانكفاء في القانون الدولي" اعتبرت واشنطن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2001 أن كل ما تقبل عليه إسرائيل من أعمال يدخل في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس. ويرى الكاتب أن أهم أخطر قرار أصدره مجلس الأمن هو القرار 1373 (28/9/2001) لأنه يعطي للقوى الدائمة العضوية في مجلس الأمن صلاحية تفسير وتعريف الإرهاب، مما يجعل منها الخصم والحكم في نفس الوقت.
غموض هذا القرار الذي يلزم كل البلدان باتخاذ مجموعة من الإجراءات لمكافحة ما يسمى بالإرهاب، قد يشجع القوى المعنية على محاولة فرض قوانينها الوطنية على الدول الأخرى في مجال "الإرهاب" وهذا باسم الأمم المتحدة. ويضيف أنه من الممكن أن تهاجم أميركا دولا بحجة عدم مثولها للقائمة التي أعدتها واشنطن عما تسميه بالمنظمات الإرهابية في العالم. ويعتبر أن الخطر المحدق بدول الجنوب هو أن تستخدم الحملة على "الإرهاب" لأغراض إستراتيجية لا علاقة لها بالإرهاب.
ويلاحظ المؤلف أنه مباشرة بعد 11 سبتمبر/ أيلول كان أول قرار دولي اتخذه الكونغرس هو دفع مؤخرات مساهمة أميركا في ميزانية الأمم المتحدة. لكن يتعلق الأمر هنا باستخدام للمنظمة مادام هناك توافق بين وجهات النظر، إذ سرعان ما عادت السياسة التقليدية الأميركية إلى الواجهة لما أكد الأميركيون أنهم سيعملون لتحقيق أهدافهم.
ويضيف أن نقطة الخلاف الأساسية بين الطرفين هي أن الأمم المتحدة تعارض توسيع الحرب خارج أفغانستان في حين تتحدث أميركا عن حرب طويلة النفس وعامة، مشيرة صراحة إلى أهدافها المحتملة (الصومال، العراق...). هذا ما الدفع بكوفي أنان إلى القول إن ولاية القرار الأممي 1373 محدودة جغرافيا، معترضا على ضرب دول أخرى. الدول التي تذكرها واشنطن مرارا كأهداف محتملة أو مستقبلية لحربها على الإرهاب هي تقريبا نفسها الدول التي تصفها بالمارقة، أي أن الهدف الإستراتيجي الأميركي لا يتوقف عند أفغانستان. ويلاحظ الكاتب أنه رغم دعم الأمم المتحدة والحلف الأطلسي لأميركا فإن هذه الأخيرة تفضل نهج الائتلافات غير الممأسسة لأنها تسمح لها بحرية كبيرة، خاصة أنها هي التي تبنيها وتحدد أهدافها وتقودها بلا شريك.
ويضيف أنه "آن الأوان للخروج من الفوضى المفهومية" والاتفاق على مقاربة مقبولة عالميا لمفهوم الإرهاب. أما الأمم المتحدة فتبقى الإطار الأنسب لتحديد واضح للأهداف السياسية وإجراءات اللجوء إلى القوة العسكرية في مكافحة الإرهاب حتى لا تستغل هذه الأخيرة لأغراض أخرى.
يقول المؤلف إنه خلال أزمة الخليج 1990-1991 أثارت فكرة "النظام العالمي الجديد" التي طرحها جورج بوش الأب آمالا كبيرة في العالم حول قدوم "حقبة جديدة من الأمن والسلام تكون الأمم المتحدة في مركزها"، لكن الخيبة كانت في مستوى الأمل. ويعتبر أن تحرك الأمم المتحدة خاصة إبان أزمة الخليج جعلها تتصدر الاهتمامات الدولية، فاعتقد البعض بل الكثير بأنها تحررت من قيود الحرب الباردة ونشطت لتجد دورها في إحلال السلام والأمن العالميين. غير أن مجازر يوغسلافيا السابقة ورواندا، وفشل التدخل الأميركي ثم المهمة الأممية في الصومال خيبت آمال من كانوا يعتقدون بإحياء الأمم المتحدة، ووجدت هذه الأخيرة نفسها أمام منطقين مختلفين:
في حالة الكويت تدخلت لإعادة إحلال سيادة دولة مستقلة ضمتها دولة أخرى، بمعنى فرض احترام القانون الدولي. لكنها في الصراعات التي تلتها تعين على المنظمة خرق مبدأ السيادة هذا والوحدة الترابية لإيقاف مذابح، وكل هذا في عالم جديد يتميز باتجاه الدول نحو التفكك أو الاختفاء (يوغسلافيا، الصومال، ليبيريا..). ويضيف بن عنتر أن "هذا البعد غالبا ما أهمل في التحليلات مما قاد إلى إدانات دون تمييز لعمل الأمم المتحدة التي لا يمكنها في حقيقة الأمر أن تتحرك بدون إرادة الدول الأعضاء الأكثر نفوذا".
وبعد مجموعة من التساؤلات حول الأمم المتحدة والتي يجيب عليها المؤلف تدريجيا وبمنهجية في ثنايا النص يتساءل طارحا إشكالية بالغة الأهمية، حيث يقول إنه في زمن العولمة وتعدد الفاعلين غير الدولتيين (من الدولة) على الساحة العالمية ومع ظاهرة التفكك والتجزئة (يوغسلافيا السابقة، الصراعات العرقية...) كيف يمكن للأمم المتحدة أن توفق بين مبدأ السيادة والوحدة الترابية للدول وبين التدخلات لوضع حد للمجازر داخل الدول؟ ألا يقود المشهد العالمي الراهن الأمم المتحدة إلى المزيد من التدخل في شؤون الدول الضعيفة لحساب الدول الكبرى؟
يقول الكاتب إن التدخل العسكري في العراق عام 1991 قررته وقادته الولايات المتحدة تحت غطاء الأمم المتحدة. طبعا المصالح الأميركية كانت مهددة مما عجل بالتدخل الأميركي، لكنها ليست الوحيدة، بل كانت هناك أيضا مصالح الدول الأخرى مثل الكويت (ضحية الغزو) والسعودية وبلدان الخليج الأخرى والدول الأوروبية واليابان. هذا التقاطع في المصالح (الأمنية والاقتصادية) بين مختلف الدول هو الذي سمح بتقديم التدخل ضد العراق على أنه من فعل المجموعة الدولية.
أما القيادة الفعلية لأميركا للعمليات العسكرية فتفسر بكون واشنطن الوحيدة القادرة على القيام بمثل هذا الدور. طبعا شدد الخطاب الأميركي على أن الحرب هي حرب الأمم المتحدة ضد العراق، لكن دور المنظمة كان أقل أهمية مما زعم. الحرب خيضت رسميا باسم المنظمة لأن مجلس الأمن هو الذي رخص لها، لكنها "ليست حرب الأمم المتحدة، لم تكن هناك قبعات زرق ولا علم الأمم المتحدة" كما قال أمينها العام آنذاك خافيير ديكويلار.
ويضيف الكاتب أن قضية حماية الأكراد في شمال العراق أكدت الهوة بين وجهات نظر الأمم المتحدة والائتلاف الدولي. فباختراعها "قانون التدخل الإنساني" أنشأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا "منطقة آمنة" داخل التراب العراقي منعت على الجيش العراقي ووضعت تحت مراقبتها لمساعدة الأكراد. وفي فبراير/ شباط 1991 تبنى مجلس الأمن القرار 688 لضمان أمن الأكراد مما شكل سابقة بسماحه "بحق التدخل" في شؤون دولة ذات سيادة.
بعد ذلك يتطرق المؤلف إلى "آفاق إصلاح الأمم المتحدة" مسلطا الضوء على توسيع مجلس الأمن ومراجعة حق النقض. ويلاحظ بداية أن إصلاح مجلس الأمن لن يتسنى دون موافقة الدول الدائمة العضوية وفقا للميثاق، ويقول إن المجلس بشكله الحالي يعكس المشهد العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية ولا يعكس الواقع الدولي الراهن. ويتساءل كيف يمكن للمنظمة أن تعمل من أجل الدمقرطة في بلدان الجنوب بينما بناها غير ديمقراطية؟ ويقول إن من أبرز المرشحين لمقعد دائم في مجلس الأمن ألمانيا واليابان، لكن في حال انضمام ألمانيا فإن أوروبا ستتمتع بثلاثة مقاعد دائمة في المجلس، مما يطرح إشكالا.
أما فيما يخص مرشحي الجنوب، فيشار عموما إلى الهند والبرازيل ونيجيريا وجنوب أفريقيا وحتى مصر. لكن مسألة الاختيار تبقى صعبة وبعض المرشحين غير مستقرين إقليميا (الهند في صراع مع باكستان)، كما يتعين الاختيار بين نيجيريا وجنوب أفريقيا، في حين أن مصر تمثل العالم العربي أكثر مما تمثل أفريقيا. فمنح مقاعد دائمة لأعضاء جدد سيزيد من عجز مجلس الأمن كما يقول المؤلف.
وبعد الإشارة إلى بعض الآليات المقترحة يعتبر أنه في ظل ميزان القوى الراهن، تبقى مسألة توسيع مجلس الأمن نحو الجنوب مسألة غير واردة، فالقوى الغربية لن تقبل بعضو جديد يخل باستخدامها الحصري لهذه المنظمة.
والحديث عن إصلاح مجلس الأمن ينسحب حتما على مسألة حق النقض، ذلك أن تعميم هذا الأخير يعني شلل مجلس الأمن (الموسع)، وعليه اقترح البعض استخدام حق النقض في المسائل المتعلقة بالفصل السابع من الميثاق (تهديدات ضد السلام والأمن الدوليين)، أو اشتراط صوتين لتشكيل نقض، بمعنى تحويل النقض إلى نقض جماعي.
ويضيف المؤلف أنه في حال مراجعة حق الفيتو (في المجلس الموسع) فإن أحسن صيغة هي التي تسمح بأقلية مؤهلة بعرقلة حق النقض دون أن يكون لكل واحد من الأعضاء الدائمين هذا الحق.
ويتطرق الكاتب إلى مسألة تطور القضاء الدولي مسلطا الضوء على محكمة العدل الدولية التي أنشئت بموجب اتفاقية روما (يوليو/ تموز 1998)، موضحا كيف تعمل أميركا على إجهاض مثل هذه الهيئات الدولية برفض مثول مواطنيها أمام هذه المحكمة في حال ارتكابهم جرائم حرب مثلا، ويقول إن التقليد الأميركي السائد هو أولوية القانون الوطني الأميركي على القانون الدولي.
ويشير إلى نجاح القوى الكبرى من وضع هذه المحكمة الدولية بطريقة غير مباشرة تحت وصاية مجلس الأمن الذي تتحكم فيه هذه القوى. كما يلاحظ أنه في مفاوضات روما كانت أميركا في نفس معسكر دول مثل العراق وليبيا والسودان وبورما وإيران..
ثم يتعرض بن عنتر بعدها إلى فكرة تزويد الأمم المتحدة بجيش يخصها كما ورد في تقرير بطرس غالي في يونيو/ حزيران 1992 والمعروف "بأجندة من أجل السلام" الذي تحدث عن وحدات "لفرض السلام" تتشكل من وحدات متطوعة تضعها الدول الأعضاء تحت تصرف المنظمة، وكذلك عن تشكيل قيادة الأركان الأممية وفقا للميثاق. لكن الدول الكبرى لاسيما أميركا عارضت مقترحاته.
يرى المؤلف أنه بغض النظر عن محددات مواقف الدول الكبرى التي فصلها، فإن تشكيل جيش أممي مسألة صعبة وخطيرة الانعكاسات على الدول الصغيرة. ففي ظل تحكم الدول الكبرى في مجلس الأمن فإن مثل هذه القوة ستصبح "قوة مرتزقة" في يدها لخدمة مصالحها.
وفي هذا السياق ينتقل الكاتب إلى استخدام القوى الكبرى للأمم المتحدة خدمة لمصالحها على حساب الدول الضعيفة. فأميركا تعتبر المنظمة الدولية وسيلة لخدمة مصالحها، إلى درجة أن "ولاية الأمم المتحدة تتحول إلى مجرد إجراء تكميلي للترسانة القضائية للقانون الأميركي". لكن هذا لا يعني أن أميركا لا تتدخل إلا إذا كانت مصالحها مهددة.
وهنا يلاحظ أن هذه الأخيرة تجد نفسها في بعض الأحيان في وضع صعب، فعندما تتدخل يندد بتدخلها وتتهم بخدمة مصالح، وفي حال العكس يقال إنها لا تتحمل مسؤولياتها العالمية ولا تتحرك إلا في سبيل مصالحها. ويضيف أن استخدام الأمم المتحدة ليس حصرا على أميركا، ذلك أن روسيا وفرنسا تستخدمانها أيضا (روسيا في الجمهوريات السوفياتية السابقة، وفرنسا في أفريقيا..).
وينهي بن عنتر كتابه بالحديث عن التدخل الإنساني وكيف تستغل الدول الغربية هذا المبدأ الإنساني لأغراض سياسية للتدخل في شؤون الدول الضعيفة. ويرى أن التدخل الإنساني يطرح إشكالية أساسية وهي احترام مبدأ السيادة في عالم اليوم، فكيف يمكن احترام هذا المبدأ وأغلب الصراعات الحالية داخلية؟ المذابح التي شهدتها بعض الدول أدت بالأمم المتحدة إلى مراجعة مفهوم السيادة عمليا، ولو أنها نظريا مازالت تصر على احترام سيادة الدول.
وعدم رسم معالم التدخل الإنساني بوضوح جعله سلاحا في يد الأقوياء يستخدم وفقا لحساباتهم الخاصة وليس حتما حسب مقتضيات النجدة الإنسانية. فمثلا قرار مجلس الأمن 688 الخاص بأكراد العراق اعتبر تدفقهم تهديدا للسلام والأمن العالميين، في حين لم يتبن مجلس الأمن نفس التقدير في قراراته المماثلة المتعلقة بيوغسلافيا والصومال.
ويختتم المؤلف هذا المحور قائلا إن مناطق التدخل الإنساني لم تتغير كثيرا عبر التاريخ. فمبدأ التدخل الإنساني أوجدته القوى الأوروبية للتدخل في الإمبراطورية العثمانية بحجة حماية الأقليات المسيحية، وها هو اليوم يطبق تقريبا حصرا على النطاق الجغرافي الذي كانت تمتد عليه هذه الإمبراطورية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المنظمات الدولية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثانية علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1