النظام الجمعوي –النموذج السويسري-

بسم الله الرحمن الرحيم
النظام الجمعوي –النموذج السويسري-
يوضح الدستور السويسري لسنة 1848، 1874 سلطات ثلاث داخل النظام هي:
1- الجمعية الفدرالية. (سلطة تشريعية)
2- المجلس الفدرالي.(سلطة تنفيذية)
3-المحكمة الفدرالية.(سلطة قضائية)
كما أن الدستور يبين طرق تنظيم وعمل هذه المؤسسات من جانب رسمي ، ولكنه في الوقت نفسه هناك جوانب غير رسمية تؤثر على عمل هذه المؤسسات ، خاصة ما يتعلق بالنظام الحزبي ، والثقافة السياسية، التشابك الاجتماعي .
I/ وزن الجمعية الفدرالية داخل النظام السياسي
1 تنظيمه:
من خلال نصوص الدستور تبدو الجمعية الفدرالية كأقوى مؤسسة داخل النظام من حيث كونها تهيمن على المجلس الفدرالي بوصفه هيئة تنفيذية وكذا هيمنتها على المحكمة الفدرالية.
فحكومة الجمعية "gouvernement d’assemblée " تحدث عنها دستور 1848(1) ، بوصفها السلطة العليا داخل الاتحاد ، فهي حامية الحقوق و الشعب و الدويلات "contons" . فلا يمكن حل هذه الجمعية، ورأى المؤسسون الأوائل أن المجلس الفدرالي ما هو إلا لجنة comité تابعة للبرلمان . (هدا الحكم هو محل نظر).
وتتكون الجمعية الفدرالية من غرفتين :
ا/ المجلس الوطني: أو غرفة النواب وتحوي 200 نائبا منتخبين بطريق مباشر من طرف سكان كل دويلة، وتمنح كل دويلة عدد من المقاعد في هذا المجلس بحسب تعداد السكان القاطنين بها .
ب/ مجلس الولايات: ويحصي 46 نائبا عن الدويلات فهذا المجلس يمثل دويلات الاتحاد على غرار مجلس الشيوخ الأمريكي، لكل دويلة سويسرية نائبين ممثلين عنها .
تنظيم السلطة التشريعية في سويسرا يقترب كثيرا من نموذج الكونغرس الأمريكي بحكم أن كلتا الدولتين تأخذ بشكل الدولة الاتحادية.
النموذج السويسري يأخذ بمبدأ ثنائية السلطة التشريعية فكل مقترح قانون يجب أن يمر على الغرفتين في البرلمان، والجمعية الفدرالية تمثل نموذج تلك البرلمانات القائمة على أساس لجان العمل وليس النقاش بحيث أن أعمال البرلمان تتمحور حول تحويل النقاشات إلى لجان مختصة.
2 وظائف البرلمان السويسري:
بحسب riklin octtner فان البرلمان السويسري يقوم بأربعة وظائف هي :
ا – وظيفة الانتخاب: بحيث أن الجمعية هي التي تنتخب أعضاء المجلس الفدرالي، والمستشار الفدرالي بوصفه رئيسا، كما أنها تنتخب القضاة الفدراليين، وقضاة المحكمة الفدرالية، والقائد الأعلى للقوات في حالة الحرب.
ب-وظيفة التعيين: بحيث يعين أعضاء المجلس الاتحادي، علما أن ¾ هي النسبة الحاضرة و التي تنتمي إلى إحدى الغرفتين في البرلمان.
ج-وظيفة التشريع: وهي أهم وظيفة يقوم بها البرلمان، بحيث يقوم بإقرار القوانين التي يبادر بها نوابه والتي تتعلق بقضايا الدولة الاتحادية (إبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، أنماط الانتخاب داخل الدويلات، إجراءات الأمن والدفاع، وصيانة مبدأ الحياد لدولة سويسرا. وكذا تعبئة الجيش ،وأخيرا مراجعة الدستور).
د/ وظيفة الرقابة: يشكل البرلمان الهيئة العليا التي تسهر على سير الإدارة (السلطة التنفيذية) وعلى العدالة الفدرالية، فيستطيع البرلمان أن يشكل لجان تحقيق، كما انه يفحص برنامج المجلس الفدرالي الذي يعد مسؤولا مباشرة أمام البرلمان .


3/ حدود التحليل المؤسساتي لثقل البرلمان:
ا/ من خلال تعقد العملية السياسية P.Process فان ثقل السلطة التنفيذية هو الذي زاد داخل النظام السياسي، خاصة أن البرلمان لا يستطيع إسقاط المجلس الاتحادي، وهذا الأخير لا يستطيع حل البرلمان.
ب/ طبيعة أعضاء البرلمان تؤثر على طبيعة الأداء فهناك ثلاث أنواع من النواب ، فنجد كل من Kerr وreklin يفرقان بين :
1) النواب الهواة، و الذين يخصصون فقط 1/3 من وقتهم في النشاط السياسي.
2) أشباه المحترفين، ويخصصون أكثر من 1/3 إلى ¾ من وقتهم للنشاط السياسي.
3) المحترفين، يصرفون أكثر من ¾ من وقتهم في الأنشطة السياسية وهم يشكلون فقط 35% من عدد النواب، هذا ما يفسح المجال أمام المجلس الاتحادي لسد الفراغ الاحترافي .
ج/ تفعيل نمط الديمقراطية المباشرة يضعف هيمنة البرلمان ، فالمعروف عن النظام السويسري هو اعتماده على وسيلة الاستفتاء، مما يعفي البرلمان من ممارسة دوره التشريعي في المسائل المطروحة للاستفتاء .
ملاحظة: يتميز النائب في البرلمان السويسري باستقلالية كبيرة عن حزبه، وبالتالي فان النواب لا يتبعون توصيات أحزابهم للتصويت على القوانين في اتجاه معين، وهو ما يضعف تحكم هذه الأحزاب في نوابهم لدى البرلمان، نتيجة غياب الانضباطية في التصويت، وهو ما يجعل النائب في الوقت نفسه تحت تأثير عوامل خارجة عن الأطر الحزبية (أعضاء المجلس ذاته، جماعات الضغط ،ورجال الأعمال..) (1)
II/ المجلس الفدرالي :
يمثل السلطة التنفيذية، يتشكل المجلس الفدرالي من 07 أعضاء يشكلون مجلسا تنفيذيا له صفة القيادة الجماعية "un exécutif collégial "
- لا يوجد تفوق لمستشار على آخر في هذا المجلس فالأعضاء السبعة متساوون، لا يوجد مفهوم الوزير الأول.
- ليس هناك وزير أول بقدر ما هناك مستشار فدرالي ينتخبه البرلمان من بين أعضاء المجلس الفدرالي لمدة سنة واحدة، ويجري تقلد رئاسة الدولة بالتداول بين أعضاء المجلس، وبالتالي فانه ليس هناك في ظل هذا النظام تدرج سلمي فجميع أعضاء المجلس متساوون، وبالتالي ليس هناك تركيز للسلطة في يد فرد واحد.
- هناك وحدوية للسلطة التنفيذية فالمستشارون السبعة هم أعضاء الحكومة يشاركون جميعا في اتخاذ القرارات التنفيذية، ويسهرون على تطبيقها في أن واحد فلا يوجد وزراء في النظام السويسري ولا وزارات وإنما هناك دوائر (département) .
- بمجرد أن يعين هذا المجلس يأخذ استقلاليته، فليس هناك وسيلة وإجراء دستوري يسمح بحل المجلس الفدرالي فهو يزاول نشاطه طوال عهدة البرلمان ( 04 سنوات).
- أعضاء المجلس التنفيذي بعد انتخابهم لعهدات متتالية، بمجرد إفصاح العضو عن نيته ورغبته في البقاء على مستوى المجلس . لهذا هناك من يستمر إلى 24 عاما، وحسب الباحثين المهتمين لم يحدث وأن جدد المجلس بالكلية، وخاصة أن البرلمان يجدد المجلس بطريقة فردية وهذا ما منح استقرارا كبيرا لهذا المجلس وزاد من وزنه.
- هناك مفهوم الرقابة العضوية الداخلية (contrôle intra organique) بين أعضاء المجلس السبعة، خاصة أن القرارات تأخذ بصفة جماعية
حدود التحليل المؤسساتي بشان قوة المجلس الفدرالي:
1- هذا المجلس يبدي ضعفا أمام البرلمان فيما يتعلق بعرض مشاريعه المصادق عليه. وثانيا نجد أن الدستور السويسري يتبع المنظور الألماني فيما يخص التنظيم اللائحي، بمعنى أن السلطة التنفيذية لا تتخذ قرار إلا إذا كان له سند قانوني ، وهنا يعاد طرح دور البرلمان الكبير.
2- أسلوب الديمقراطية شبه المباشرة – الاستفتاء- يضعف من قوة المجلس، كما هو الشأن بالنسبة للبرلمان .
3- هناك تراكم للوظائف التنفيذية على عاتق "الحكماء السبعة"، وهو ما ينعهم من الاهتمام بمسائل مهمة بوصفهم مجلسا.
III عملية الاستفتاء كدعامة للديمقراطية شبه المباشرة:
يتفوق النموذج السويسري على باقي الديمقراطيات الغربية في كونه يأخذ بأنماط تقربه من نموذج الديمقراطية المباشرة بحيث يدلي المواطنين بأصواتهم مباشرة دون المرور عبر ممثليهم بشان قضايا مهمة.
منذ سنة 1848 حتى سنة 1994 تبنى البرلمان 1953 مشروع قانون قدمها للاستفتاء منها حوالي 192 حالة تتعلق بتعديل الدستور، وإجراء الاستفتاء في حالة تعديل الدستور يكون إجباريا، بحيث لا يحق للبرلمان وحده إقرار التعديل.
وكانت نسبة قبول 72% بحيث 28% فقط تم رفضها من قبل الشعب. في حين نجد 1761 من أصل 1953 المقترحات المقدمة للاستفتاء تتعلق بمسائل البرلمان يستطيع وحده إقرارها لكنه ارتأى أن يطرحها للاستفتاء .
الاستفتاء ((le referendum يتدخل في نهاية عملية اتخاذ القرار، فهو يأخذ شكل الفيتو الشعبي، يسمح للشعب بان يتدخل حول قضايا حاسمة. ومن أمثلة بعض الاستفتاءات:
A) le referendum pour le cas d’armement nucléaire (1963).
B) le referendum en matière de dépense militaire (1987).