منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
أسبوعان خطفا أعصاب العالم Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 أسبوعان خطفا أعصاب العالم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ndwa
وسام التميز
وسام التميز



الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 212
نقاط : 498
تاريخ التسجيل : 15/04/2013

أسبوعان خطفا أعصاب العالم Empty
مُساهمةموضوع: أسبوعان خطفا أعصاب العالم   أسبوعان خطفا أعصاب العالم Emptyالخميس أبريل 30, 2015 12:03 am

أسبوعان خطفا أعصاب العالم
http://archive.aawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=7976&article=6700#.VUFHCpN8u-d
وقائع خطف الطائرات وتفجيرها في «مطار الثورة» .. عشية اندلاع معارك أيلول في الأردن في مثل هذه الايام قبل ثلاثين عاما، وخلال اسبوعين من شهر سبتمبر (ايلول) 1970 عايشت وقائع اضخم عملية خطف، ثم تفجير، لطائرات مدنية في التاريخ، وهي العملية التي خطط لها ونفذها الدكتور وديع حداد، ثم اعلن شروط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لاخلاء سبيل الطائرات والافراج عن ركابها الرهائن. وللتاريخ اسجل هنا تفاصيل تلك العميلة الضخمة، كما عشتها وتابعتها.
كانت اسرة مجلة «الهدف» قد احتفلت في الثامن والعشرين من شهر أغسطس (آب) 1970 بعيد ميلادها الاول. وامضت الاسرة امسية لطيفة خيم عليها طوال الوقت ظرف وادب وذكاء غسان كنفاني رئيس تحريرها. صباح اليوم التالي توجهنا لمقر المجلة لنبدأ صناعة العدد الاول في عامها الثاني. عند الساعة الواحدة بعد الظهر جاءني من يبلغني رسالة شفهية من الدكتور وديع حداد، مفادها ضرورة ان اتوجه إلى عمان بأسرع وقت ممكن. ولم اجد لدى الرسول جواباً عن اي من اسئلتي، قال: هذا ما طلب مني ان انقله لك . واستدرك: يجب ألا تخبر احداً بذلك.
في اليوم التالي توجهت جوا إلى العاصمة الاردنية من دون ان ادري انني سوف اعيش وقائع اسبوعين هزا العالم وخطفا اعصاب معظم ساسته وقادته. ذهبت فور وصولي إلى مكتب الجبهة الشعبية في جبل الجوفِة، حيث تجتمع قيادة الجبهة عادة. لم اجد احداً من اعضاء القيادة، فتركت خبراً لدى مدير المكتب انني سأكون في بيت والدي. لم يتصل بي احد طوال النهار، ولكن مع حلول الظلام توقفت سيارة «فولكس فاجن» امام المنزل في جبل «اللويبدة» وهبط منها رجلان لم اميزهما في البداية لأن الظلام داهمنا، لكنني عرفتهما فور دخولهما البيت فعانقتهما مرحباً. كانا ابو بسام قدورة، وابو الدرداء، رحمهما الله. كانا على عجل، وطلبا مني ان اهيء نفسي للبقاء في عمان فترة من الزمن «لأن هنالك مهمة ستوكل اليك»، وغادرا. بعد يومين، اتصل ابو بسام وطلب مني التوجه إلى احد المنازل في جبل اللويبدة قرب خزان المياه (الحاووظ) وهناك التقيت الدكتور وديع حداد الذي عانقني، وبطبيعة الحال كان ابو بسام حاضراً.
كان ابو هاني (وديع حداد) كعادته مختصراً في الكلام، دقيقاً، واضحاً، ومحدداً. وكعادته ايضا، كان يجلس إلى طاولة الطعام وامامه اوراق وقلم، يدون كل نقطة من نقاط التعليمات التي يصدرها بعد ان يكتب اسم الشخص المعني في بداية الصفحة. ابلغني الدكتور وديع انه خطط لتنفيذ عملية ضخمة ستهز العالم، وانه يتوقع ان يحتشد في عمان مئات الصحافيين لتغطية الحدث، وانه لهذا السبب استدعاني إلى عمان، وطلب مني الاستعداد لذلك، وقال انه سيزودني بالمعلومات والبيان الرئيسي في الوقت المناسب.
كان الامر مشوقاً ومثيراً. ولا اخفي ان كلمات الدكتور وديع حداد ولدّت لدي رعشة، قد يكون سببها ضخامة الامر، او الاثارة التي ترافق عملية ضخمة من عمليات وديع حداد.
كان وديع حداد متواضعا وحازما، كان رقيقا كالطبيب ـ وهو طبيب ـ وحازماً كقائد معركة في الميدان، ومتواضعا كراهب. وعندما يقول «عملية ضخمة ستهز العالم» فإنه يعني بالضبط ما يقول.
بعد مغادرة ذلك المنزل الصغير، توجهت الى المكتب الرئيسي للجبهة في الجوفة. وهناك رحت افكر في ما قاله ابو هاني. لقد تركني حائراً، اذ لم يعطني اية معلومات عن العملية او طبيعتها او حتى مكانها. لكن الامور اتضحت في اليوم التالي. فقد استدعيت للقاء آخر مع الدكتور وديع حداد. كان يجلس إلى الطاولة وبادرني بقوله:
ـ كيف حالك؟ زي الحديد؟ اليوم هو موعدنا مع العملية.
اصغيت وانا احدق في وجهه. امسك بالقلم وقال:
ـ «سنغادر عمان إلى الزرقاء برفقة الإخوان عند الساعة الواحدة بعد الظهر. قرب الزرقاء اخترنا موقعا صحراوياً ارضه صلبة، كان يستخدمه الانجليز اثناء الحرب كمهبط للطائرات، ليكون موقع «مطار الثورة. تتم الآن عمليات خطف لاربع طائرات: العال، السويسرية، تي دبليو. ايه، وبانام. منفذو العمليات سيوجهون الطائرات إلى هنا. وستهبط الطائرات في صحراء الزرقاء».
توقف وديع حداد قليلاً ونظر إلي ليرى وقع الكلام على وجهي. كنت احدق فيه.
ـ «يا لها من عملية جريئة!»، قلت معلقاً. وسألت الدكتور وديع حداد عن قدرة تلك المنطقة على تحمل ضغط هبوط طائرات مدنية ضخمة. فقال:
ـ «لقد ارسلت مهندسين متخصصين منذ اشهر، فاجروا فحوصاً على تلك المنطقة وكتبوا تقارير علمية». وتابع يشرح: «منذ قرون كانت مياه الامطار تتجمع في ذلك السهل الصحراوي الذي تحده تلال وجبال من الجانبين. فتحول هذا السهل إلى ارض صلبة... انها اصلب من الاسفلت الذي يستخدم لشق مدارج الطائرات. وهو اطول واوسع مدرج في العالم».
تطلع وديع إلي وفي عينيه بريق الانتصار. وتابع الشرح قائلاً: «الهدف هو تحرير مئات من الاسرى الفلسطينيين من سجون اسرائيل وهز ضمير العالم حول عدالة القضية الفلسطينية، لذلك اريدك ان تكون مستعداً لشرح قضية الشعب الفلسطيني للرأي العام العالمي من خلال الحشد الصحافي الذي سيتوجه حتما إلى عمان، ومن خلال الرهائن أنفسهم. اما الاعلان عن العملية والشروط فسيكون جاهزاً اليوم». ثم طلب مني التوجه مع ابوبسام قدورة والحاج فايز جابر وابو الدرداء إلى المنطقة. كانت الخطة التي وضعها وديع حداد تقضي بخطف اربع طائرات وانزالها إلى المدرج الصحراوي قرب الزرقاء الذي كان البريطانيون يطلقون عليه اسم «دوسنفيلد» DAWSON"S FIELD واحتجاز الركاب كرهائن وطلب استبدالهم بمئات الاسرى الفلسطينيين الذين كانوا يرزحون في سجون اسرائيل آنذاك. توجهنا من عمان إلى الزرقاء، ومنها عبر طريق صحراوي نحو المنطقة المحددة. بعد وصولنا إلى نقطة ما (لم اتمكن من تمييزها عن غيرها من الرمال الصحراوية المحيطة بنا) وصلت شاحنة تحمل عدداً من الرجال. تقدموا نحونا وخاطب احدهم ابو بسام، مُبلّغاً ان المصابيح صودرت على الطريق من قبل حاجز امن.
كانت تلك الشاحنة تحمل مئات المصابيح التي كان على الرجال تثبيتها على جانبي المدرج لانارته ليلاً. تجهم وجه ابو بسام قليلاً ثم تقدم نحو المكان الذي كنا نجلس فيه ليبحث الامر. تم الاتفاق على الاسراع بجلب صفائح فارغة وكمية من المازوت والقماش لتكون بديلاً عن المصابيح. واسرع الرجال عائدين نحو الزرقاء لتنفيذ التعليمات.
في هذه الاثناء، وصل الدكتور وديع حداد يرافقه عشرات الشباب في موكب من السيارات المدنية وسيارات «اللاندروفر». وراح يعطي تعليماته بحزم واقتضاب، مشيرا الى المواقع التي عليهم ان يتخذوها. ثم تقدم نحونا. ابلغه ابو بسام بما جرى لشاحنة المصابيح، فوافق على الرأي قائلاً: لكن الامر يجب ان يتم بسرعة فقد اقترب الموعد. ثم انتقل إلى الشرح التفصيلي للعمل المقبل، فأبلغنا ان الطائرة الاولى التي ستصل هي طائرة «تي دبليو أيه» الاميركية وانها تحمل اكثر من مائتي راكب، وان الطائرة السويسرية ستليها، ثم «البانام» الاميركية ايضا، ثم طائرة «العال» الاسرائيلية. واضاف ان الخطة تقضي بأن يبقى الركاب في مقاعدهم لانه لن يتوفر لهم مكان ينامون فيه تلك الليلة سوى مقاعدهم. ثم وزع مسؤولية كل طائرة من الطائرات لاحد الكوادر، وسلمهم لائحة تخصص لكل واحد منهم خمسة مساعدين، ثم جمعهم وأبلغهم تعليماته التفصيلية بشأن كل صغيرة وكبيرة. ثم تحدث إليهم حول حسن المعاملة واللباقة وشرح القضية واهدافها والمحافظة على الهدوء والامن.
ثم كلف علي طه ان يكون مسؤولاً عن الرهائن كافة، والاشراف العام على الفرق المخصصة لكل طائرة من الطائرات. واقام علي طه فوراً مقر قيادته، وكان عبارة عن طاولة واربعة كراس واوراق واقلام وأختام. وكلف الحاج فايز جابر بمسؤولية الامن والمواجهة العسكرية. وشرح مطولاً للجميع احتمالات وقوع هجوم عسكري اسرائيلي، او اردني، وكيفية الدفاع عن النفس، مشيراً باستمرار إلى اهمية الحفاظ على حياة الرهائن وعدم اصابة احد منهم بأذى. ثم كُلّف ابو بسام امام الجميع بالمسؤولية الرئيسية والتنسيق بين المسؤولين وانه المرجع في كل القرارات.
بعد ساعة من الزمن تقريباً وصلت طلائع السيارات العسكرية التي تحمل مدافع مضادة للطائرات والرشاشات الثقيلة، وراحت تنتشر حسب خطة موضوعة لتكون في مواقع قادرة على حماية «مطار الثورة» من أي اعتداء محتمل. واجتمع الحاج فايز جابر بالضباط واعطاهم تعليماته، ثم عاد لينضم إلى المجموعة القيادية. وساد صمت مغلف برهبة الانتظار المثير.
الطائرات في الأجواء قبل غروب الشمس بنصف ساعة حلقت فوق «مطار الثورة» طائرة من طراز بوينج، ثم ابتعدت حتى غابت في الافق. «الطيار يستطلع المنطقة»، قال الدكتور وديع، وتابع: «سيعود بعد لحظات على ارتفاع منخفض ليستطلع مرة اخرى». وبالفعل شاهدنا الطائرة تقترب من المنطقة بعد لحظات. كانت طائرة TWA. مرت الطائرة فوق رؤوسنا وعلت في الجو ثانية. كان الطيار يستطلع على علوّ منخفض، ليتأكد من مدى المدرج الصحراوي. وعلق الدكتور وديع: «سيعود للهبوط». كانت الصفائح التي ملئت بالمازوت والقماش قد اشعلت فيها النيران، فحددت للطيار المدرج، وبدت كأنها شموع تحف بطريق لا نهاية له. عادت الطائرة الاميركية، لتهبط تدريجياً من مسافة بعيدة ورأيناها تلامس الصحراء عند بداية ما اضيء من المدرج. وجاء الهبوط عادياً. لكن الطيار استخدم كابح السرعة بتوتر مما جعل الطائرة تهتز بعنف. ثم تمهلت الطائرة وراحت تتدرج ببطء نحو نهاية المشاعل. وهناك اشير للطيار بأن يحول مقدمة الطائرة شرقاً، واعطي التعليمات ليبتعد عن المدرج، من دون ان يعلم ان هذه التعليمات اعطيت له كي تتيح للطائرات الاخرى القادمة الهبوط من دون تخوف من ارتطام بطائرته. اوقف الطيار طائرة TWA شرق المدرج، وفتح ابواب الطوارئ فوراً خشية من اي تطور غير متوقع. وتدافع الركاب من كل ابواب النجاة وراحوا يركضون في كل الاتجاهات بعيداً عن الطائرة خشية حصول انفجار أو حريق. لكنهم سرعان ما توقفوا، اذ واجهتهم الصحراء المظلمة بعيداً عن انوار الطائرة ونيران صفائح المازوت. عندها صدر الامر باستخدام مكبر الصوت اليدوي للطلب من جميع الركاب التجمع عند نقطة مضاءة بمصابيح قوية تعمل بقوة كهربائية مصدرها بطاريات كبيرة الحجم. وبالفعل، اقترب الجميع وكلفت بالتحدث اليهم، فطمأنتهم وشرحت الوضع لهم. ثم طلبت منهم العودة الى الطائرة. وكان المقاتلون قد نصبوا سلالم للصعود والهبوط من باب الطائرة الرئيسي. وصعد الركاب مرة أخرى للطائرة بتلكؤ، فقد كانوا خائفين جداً من نسف الطائرة. بعد بضع دقائق جرى اتصال لاسلكي مع الدكتور وديع حداد أُبلغ فيه ان عملية اختطاف طائرة «العال» فشلت، وان امن الطائرة اطلق النار على باتريك ارغويللو فقتل على الفور، وانهم القوا القبض على ليلى خالد وسلموها للشرطة البريطانية بعد هبوط الطائرة هبوطاً اضطرارياً في مطار هيثرو اللندني.
ثم تتالت الاحداث بسرعة: هبطت الطائرة السويسرية في «مطار الثورة» بسلام واصطفت إلى جانب طائرة TWA. وقام خاطفو «البان اميركان» بتحويلها إلى مطار القاهرة فهبطت هناك، ثم اخليت من الركاب ونسفت بعبوات متفجرة. اما في «مطار الثورة» فقد اعيد 300 راكب إلى مقاعدهم ليناموا تحت حراسة المقاتلين الذين احاطوا بالطائرتين تحسباً لأي محاولة هجوم. وقامت الفرق المكلفة بالشرح والتفسير بالتجول بين الركاب للاجابة على اسئلتهم وتوزيع المنشورات التي تشرح الخطوط العريضة لمأساة الشعب الفلسطيني. اما عناصر المجموعات التي نفذت العمليتين فقد اخرجوا من الموقع فوراً وحملتهم سيارات إلى جهة بعيدة عن الأعين.
ومع ساعات الفجر الاولى بدا «مطار الثورة» كخلية نحل: سيارات عسكرية تجوب المكان، واخرى تحمل مدافع مضادة للطائرات تتجول حول المكان عن بعد، وفرق عمل تتخذ لنفسها مواقع قريبة من الطائرتين. وبدأ الجميع بتنفيذ التعليمات. جُمعت جوازات السفر، وراح فريق متخصص يرأسه علي طه يفحص الوثائق، وفتشت مراحيض الطائرة فضبطت فيها جوازات سفر اسرائيلية القى بها اصحابها داخل المراحيض، وكان معظم اصحابها اميركيين ممن يحملون الجنسية الاسرائيلية الى جانب الاميركية. وقام فريق آخر بانزال البريد الذي كان معبأ في اكياس كبيرة وانهمك في تفتيشه والتدقيق فيه، كما طُلب من الطيارين فتح الصناديق الخاصة.
كُلفت بالتوجه إلى عمان لعقد مؤتمر صحافي في مقر الجبهة الرئيسي في جبل الجوفة، وكان يطلق عليه اسم «المالية» لأن ابو ماهر اليماني، عضو القيادة، كان يتخذ من غرفة في هذا المقر مكتباً له وكان مسؤولاً عن المالية المركزية في الجبهة الشعبية. وزودني الدكتور وديع حداد ببيان حدد اهداف العملية، وعددّ مطالب الجبهة مقابل الافراج عن الرهائن والطائرات. كان الحشد الصحافي كبيراً، وبعد قراءة البيان انهالت الاسئلة. بيد ان الاهم بالنسبة للحشد الصحافي كان زيارة الموقع، والتحدث للركاب، فطلبت منهم التريث إلى ان تسمح القيادة بزيارة الموقع.
ارسلت برقية لاسلكية للدكتور وديع اعرض عليه طلب الصحافيين، فطلب التريث. وبدوري طلبت من الصحافيين العودة بعد ظهر ذلك اليوم لابلاغهم حول موعد توجههم الى «مطار الثورة» لرؤية الركاب والطائرات. ثم توجهت إلى الزرقاء ومنها إلى الموقع حيث اجتمعت إلى الدكتور وديع حداد والحاج فايز جابر وأبو بسام قدوره وأبو الدرداء وعلي طه، وابلغتهم بما جرى في عمان وبالحاح الصحافيين على زيارة الموقع. وابديت وجهة نظري المؤيدة لتلبية طلبهم، شارحاً ان الرأي العالمي يتابع الموضوع باهتمام وقلق واثارة، وان رؤية المراسلين للرهائن وارسال تقاريرهم حول سلامتهم وحسن معاملتهم سيعطي رد فعل ايجابيا.
تمت الموافقة على استقبال ممثلي وسائل الاعلام العالمية في «مطار الثورة» بعد الظهر. لكن مفاجآت كبيرة حدثت قبل وصولهم. كان نبأ مقتل باتريك ارغويللو على يد ضباط الأمن الاسرائيليين، واعتقال ليلى خالد وتسليمها للشرطة البريطانية، قد انتشر. واصدر وديع حداد تعليماته بتوجيه تحذير للسلطات البريطانية حملها فيه المسؤولية تجاه ليلى خالد. وكان رد الفعل البريطاني سريعاً، فقد تتالت الاتصالات من شخصيات بريطانية معروفة بنزاهتها كلفتها الحكومة البريطانية بالقيام بدور لطمأنة الجبهة الشعبية حول سلامة ليلى خالد والتأكيد على انها لن تُسلم لاسرائيل. وبعد عودتي الى مقر الجبهة تلقيت عدة مكالمات من شخصيات بريطانية كان احداها اسقف كنتربري، ومايكل ادامز الذي كان يرأس مجلس التفاهم العربي البريطاني (كابو).
مفاجأة «ورق عنب وكوسا».. وزيارة ليلى خالد في هذه الاثناء كان شباب الجبهة الشعبية في كل مكان على استنفار تام. بيد ان احدهم، وكان عاملاً في ورشة للخراطة الحديدية، استنفر على طريقته الخاصة ومن دون تعليمات مركزية، فقام بعد نهاية ساعات العمل في الورشة بخراطة مسدس حديدي على شكل مسدس البكرة واشترى بطاقة سفر على طائرة تابعة للشركة البريطانية BOAC وبعدما اقلعت قام باختطافها وامر الطيار بمسدسه (اللعبة) بالتحوّل نحو الاردن. كانت الطائرة قد اقلعت من البحرين، وعندما وصلت اجواء الاردن جرى الاتصال مع برج مراقبة مطار عمان الذي ربط الاتصال بين مقر القيادة والطائرة. كانت مفاجأة للجميع، حتى الدكتور وديع حداد فوجئ بالامر واعتقد في بادئ الأمر انها خدعة، وان الطائرة تحمل قوات مدربة ومجهزة لاقتحام الطائرتين المخطوفتين وتحرير الرهائن. وفي اتصال مباشر طلب الدكتور وديع من الخاطف، الذي اصر طوال الوقت على تسمية نفسه بكلمة «صديق»، ان يعطي علامة ما تؤكد انه صديق فعلا، وانه يعرف الدكتور وديع كما ادعى. فأجاب: «ورق عنب وكوسا». ضحك ابو هاني قائلاً: انه صديق اسمحوا له بالهبوط.
وهبطت طائرة BOAC في مطار الثورة فبلغ عدد الرهائن بذلك 465 رهينة، واصبح عدد الطائرات ثلاثاً. اما قصة «ورق العنب والكوسا» فإنها قصة ظريفة. كان وديع حداد يعتبر افضل الأكل «ورق العنب المحشي والكوسا المحشية». وكان المقربون منه يعرفون ذلك، ولذا كانوا عندما يريدون الاحتفاء به أو الاحتفال معه بمناسبة ما يحضرون وجبة ورق عنب وكوسا. وعندما ذكر «الصديق» هذا الأمر، تأكد وديع حداد انه مقرب يخشى ذكر اسمه خشية انكشافه.
لا شك ان عملية «الصديق» بدلت وغيرت كثيراً في موازين القوى. وراحت الدوائر الامنية في الغرب واسرائيل تستنفر لانها ظنت ان حبل اختطاف الطائرات سيمتد. كما ان بريطانيا اعتبرت ان وديع حداد لا يترك مجالاً للاحتمالات واعتقدت انه قام بترتيب خطف طائرة BOAC ليضع البريطانيين تحت ضغط اكبر للافراج عن ليلى خالد. فوافقت السلطات البريطانية فوراً على السماح بزيارة ليلى وان تحدد محامياً لها. واتذكر الآن ان طالبة من قطر كانت تدرس في بيروت وتصادف انها كانت تزور لندن، وهي ليلى فانوس (تشغل الآن منصب الملحق الصحافي في سفارة قطر في لندن) قامت بزيارة ليلى خالد في السجن، فنُشرت صورتها في معظم صحف العالم في اليوم التالي باعتبارها زائرة ليلى خالد.
كان عليّ ان اعود لمقر القيادة للتعامل مع الحدث الجديد. وكان مئات المراسلين الاجانب التابعين لشبكات التلفزيون العالمية والاذاعات والصحف والمجلات قد تدفقوا على عمان. وعندما وصلت إلى مقر القيادة شاهدت حشدهم كمظاهرة امام المقر وفي الردهات وفي القاعة الرئيسية. اعتذرت لعدم امكانية زيارتهم الموقع ذلك اليوم، ووعدتهم ان يتم ذلك صبيحة اليوم التالي. وقد حاول بعضهم التوجه إلى «مطار الثورة» من دون تصريح، إلا ان المقاتلين ردوهم على اعقابهم في محيط المطار البعيد. قُبيل الغروب بقليل تجمع حشد الصحافيين مرة أخرى في الردهات وعند المدخل الرئيسي، وامتلأت القاعة الرئيسية بالكاميرات. وفجأة اهتز المبنى. ارتمى المراسلون على الارض. وحاول آخرون الهروب. كانت طائرات حربية اسرائيلية قد اخترقت جدار الصوت فوق مقر الجبهة. تناثر الزجاج في كل مكان، لكنه لم يصب احداً بأذى. وعندما اراد المرتمون ارضا القيام، انهال سرب آخر يخترق جدار الصوت فارتموا ارضاً مرة أخرى. كانت رسائل تهديد. حاول الاسرائيليون استعراض قوتهم امام الجبهة التي لا تملك السلاح والعتاد لمواجهتهم. لكن الجبهة كانت اقوى منهم بإمساكها الحلقة التي تحكم السلسلة.
الضغوط تتزايد من كل الجهات بدأت الامور تتلاحق وتتفاعل. وراح رؤساء الدول يتصلون بكل رئيس او زعيم او وزير يعتقدون ان له تأثيراً على قيادة الجبهة الشعبية كي يمارسوا ضغوطهم عليها للافراج عن الرهائن. اتصل عدد من قادة الدول الاوروبية بالرئيس جمال عبد الناصر طالبين تدخله في الامر، كما اتصلت دول كثيرة مع ياسر عرفات، كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية.، للتدخل لدى الجبهة. وقامت عدة حكومات اوروبية بتكليف شخصيات من دولها للاتصال مباشرة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. واستمرت اسرائيل في تهديداتها. ودعا ابو عمار القيادة المركزية للمقاومة لاجتماع لبحث الامر. لكن الاجتماع لم يؤد إلى النتائج المرجوة، وتمسكت الجبهة الشعبية بمطالبها للافراج اولاً عن كافة الاسرى الفلسطينيين من سجون اسرائيل واوروبا. واصبحت الاجواء مشحونة وتنذر باحتمالات الصدام العسكري.
خلال ذلك، كنت وفريق العمل المخصص نتابع كل ما يُنشر ويبث ونوصله فورا للدكتور وديع حداد وقيادة الميدان. وكان جزءاً اساسيا من تقاريرنا حول ردود الفعل السلبية على احتجاز نساء واطفال كانوا على متن الطائرات المخطوفة. فتقرر الافراج عن مئات النساء والاطفال والرجال الذين لا يؤثر الاحتفاظ بهم على مفاوضات الافراج عن الاسرى الفلسطينيين. وكان رد الفعل على هذا القرار ايجابياً. اصطف جميع الذين تقرر الافراج عنهم امام «مكتب» علي طه على ارض «مطار الثورة» الصحراوي، كي تختم جوازات سفرهم بذلك الختم الشهير، الذي اصبح الآن شيئاً نادراً وثميناً. وقامت حافلات الصليب الاحمر بنقل مئات الركاب إلى فندق الاردن في جبل عمان، حيث اقام الصليب الاحمر غرفة طوارئ لترتيب سفر المفرج عنهم إلى بلدانهم، وبين هؤلاء شاب بحريني كان على متن BOAC تقرر الافراج عنه. فابلغ الفريق المسؤول ان الفتاة الاجنبية التي تجلس إلى جانبه، هي خطيبته فأفرج عنها ايضا، رغم اعتقاد الفريق بأنه لم يكن خطيبها! ثم اعطى الدكتور وديع حداد موافقته على زيارة الصحافيين لمنطقة المطار، ورُتب الامر بحيث يغطي الصحافيون لحظة الافراج عن مئات من الركاب. وفوجئت بعددهم الذي فاق الالف، وكنا على يقين ان عدداً لا بأس به منهم ينتمون لاجهزة مخابرات ويتموهون برداء صحافي. انطلق من امام مقر القيادة موكب من مئات السيارات، وعندما وصلت طلائع القافلة الاطراف البعيدة «لمطار الثورة» واصبح ممكناً رؤية الطائرات بالعين المجردة، اوقفت القافلة وتقدم احد العسكريين، ليجدني في سيارة «لاندروفر» في مقدمة القافلة، فسألني مندهشا: كل هؤلاء؟ اجبته: نعم. فافسح لنا الطريق، ثم اوقفت القافلة على مسافة من الطائرات المخطوفة وطوقتها قوات عسكرية خشية المفاجآت، ثم سمح للرهائن ان يتقدموا نحو وسط الدائرة التي شكلها الجسم الصحافي، وقدمت شرحا سياسيا قصيرا ثم تركت المجال للصحافيين لتوجيه الاسئلة للرهائن بحرية. وما هي إلا دقائق حتى توجه اهتمام الصحافيين لعملية الافراج، فانهالت الكاميرات تصويرا. وبعد الافراج عن مئات الركاب ابقى الدكتور وديع قرابة السبعين ممن لهم اهمية تفاوضية، وكان معظمهم من الذين يحملون جنسيتين (اسرائيلية واخرى) او من ذوي المواقع الديبلوماسية والحكومية الحساسة.
ومع الافراج عن المئات من الرهائن شعر الجميع ان العد العكسي بدأ، فقد ازدادت الضغوط الدولية على اسرائيل وعلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. وعلى الرغم من ان اسرائيل لم تكف عن ارسال رسائل التهديد مع مواطنين فلسطينيين لهم مكانتهم الاجتماعية، فقد وافقت على بحث الموضوع مع الصليب الاحمر. كما ان الاوروبيين لم يتوقفوا عن ارسال مبعوثيهم إلى عمان في محاولة لاقناع الجبهة الشعبية بالافراج عمن تبقى مقابل وعود بأن يفرجوا عن فلسطينيين في السجون الاوروبية وان يضغطوا على اسرائيل للافراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين. لكن تلك العروض رفضت.
ساعة الحسم تقترب رأى الدكتور وديع ان الامر بلغ مرحلة الخطر والجدية، وانه آن الاوان لسحب الرهائن من «مطار الثورة» وتوزيعهم في اماكن متفرقة ليصعب على من يفكر في القيام بأي هجوم ان يقدم عليه، فاصدر تعليماته بتهيئة السيارات وسلم كل مقاتل رهينة وطلب منهم ان يصوبوا بنادقهم للرهائن اثناء عبور المواكب خطوط الحصار العسكري المفروض، كما اصدر تعليماته لمجموعة من المقاتلين بالبقاء في الطائرات الثلاث لمنع اي احد من الاقتراب، او محاولة السيطرة على الطائرات. مضى الركب متمهلاً من حيث اصطفت الطائرات في وسط الصحراء نحو التخوم التي تؤدي إلى الطريق العام الذي يربط بين الزرقاء وعمان. وكانت قوات كبيرة من الجيش الاردني قد طوقت المكان تعززها دبابات ومصفحات، فقد كان احتمال التدخل الاسرائيلي وارداً في اية لحظة فأُعدت العدة لمواجهة اي تدخل. وعندما اقتربت القافلة من الطريق الصحراوي الفرعي الذي يؤدي للطريق العام سدته دبابتان جلس على مقدمة احداها ضابط برتبة عقيد. ودار نقاش بين ابو بسام قدورة والعقيد، اذ ابلغه الضابط ان التعليمات التي اعطيت له تقضي بتسلم الرهائن وعدم السماح بنقلهم إلى مكان آخر. فأشار ابو بسام بيده للرهائن الجالسين في طابور السيارات ليرى الضابط ان بندقية مصوبة لرأس كل رهينة من الرهائن، وقال بحسم: «ان اي حركة من هذا النوع ستؤدي إلى قتلهم جميعاً، فدعونا نمر بسلام». اجابه الضابط بشكل حاسم ايضا: «لا استطيع لدي اوامر». ودار نقاش اصدر في نهايته ابو بسام امرا بالاستعداد، وقال: «اتصل بالجهات العليا، سنتحرك حتى لو اطلقتم النار وستتحمل أنت المسؤولية». تحرك الضابط بسرعة نحو سيارة «لاندروفر» تحمل اجهزة اتصال لاسلكية وتحدث لمدة عشرين دقيقة، وعاد بعدها ليبلغ ابو بسام ان الجهات العليا سمحت لكن على قواته مواكبة القافلة طوال الطريق، والبقاء حولها حيثما ذهبت.
ابتعدت الدبابتان عن الطريق، وما ان تحرك موكب السيارات الطويل حتى حفت به من كل جانب سيارات عسكرية تحمل جنوداً مدججين بالسلاح، وعندما صار الموكب قرب الجامع الحسيني الكبير في قلب عمان، حيث تتفرع الطرق إما جنوباً نحو مخيم الوحدات، او شمالاً، انقسم الموكب إلى موكبين، احدهما توجه جنوبا والآخر شمالا، وانطلقا بسرعة فائقة مما جعل المواطنين يقفزون بعيداً عن طريق الموكبين. وحيرت المفاجأة السيارات العسكرية المواكبة. فقد خشي بعضها من الاستمرار جنوبا لأن مخيم الوحدات كان معقلاً للمقاتلين الفلسطينيين، ولم يتمكنوا من الاستدارة وسط الازدحام لمتابعة القسم الذي اسرع شمالا. وانتهى الامر بوصول الرهائن سالمين للمخيمات الفلسطينية.
قرار التفجير كان وديع حداد قد غادر الموقع في الليل الذي سبق يوم نقل الرهائن يرافقه ابو الدرداء وعلي طه. اما الحاج فايز جابر وابو بسام فقد توجها مع قافلتي الرهائن كل باتجاه. وعند الثالثة من فجر اليوم التالي، وبسبب رفض اسرائيل الافراج عن المعتقلين، اتخذت قيادة الجبهة قراراً بتفجير الطائرات كإنذار للجهات المعنية للافراج عن المعتقلين. وفوجئت بالقيادة تطلب مني عدم ابلاغ الصحافيين والمصورين بالامر. لكنني اقنعتهم، بعد نقاش، بانه لا بد من تصوير هذا الحدث، وإلا كيف ستصل الرسالة إلى الجهات المعنية. وعندها تمت الموافقة على اصطحاب مصور صحافي واحد ومصور تلفزيوني واحد، فاخترت «بسام» مصور صحيفة «النهار» اللبنانية، ومصور «ميز نيوز» المقيم في عمان.
مساء الرابع عشر من سبتمبر (ايلول) اتصلت بالمصورين وطلبت منهما ان يحضرا الى مكتبي عند منتصف الليل مع اجهزتهما من دون ان افصح لهما عن الهدف من ذلك، فحضرا الى مكتبي عند منتصف الليل بالضبط.ابتسمت لهما قائلا: لدينا مهمة هذه الليلة. ورغم محاولاتهما رفضت الافصاح عن شيء، وقلت اننا سنكون سوية. عند الفجر كنا على مشارف مطار الثورة.توقفت السيارة، فنظرا إلي متسائلين؟
قلت : ستشهدان حدثاً لم ولن تشهداه من قبل، سوف يتم تفجير الطائرات بعد قليل.
نظرا إلي بذهول، لكن بشكل لا ارادي اخرج كل منهما «العدة»، كاميرات وعدسات واسلاك.. الخ، ثم طلبا مني ان نتقدم نحو الموقع اكثر، فقلت ان في هذا خطرا، اذ ان الانفجارات سوف تقذف بالحطام إلى مسافات بعيدة.
بعد قليل، مع خيوط الفجر الاولى، فجر الخامس عشر من ايلول 1970، اقتربت سيارات المقاتلين من موقعنا، فيما سارت الاخيرة نحونا ببطء. ضغط الضابط على جهاز التحكم عن بعد، فدوت السماء والتهبت وتناثرت قطع الطائرات الثلاث وحطامها لمسافات بعيدة. وفيما كان المصوران منكبين على التقاط الصور، اصابني، في الحقيقة، الذهول، فجمدت في مكاني اراقب الانفجارات المتتالية: اصوات، ثم نيران، ثم حطام يتطاير وشظايا تتناثر في كل مكان. لهيب يرتفع نحو السماء ثم ينحرف قطعاً بكل الاتجاهات. وتتالت الانفجارات حتى همدت الطائرات بجسدها الاساسي ارضا، بعدما فقدت كل منها اطرافها ومحركاتها وذيلها. لم يستغرق الامر طويلاً. عشر دقائق فقط خلفت اجسام الطائرات هامدة تلتهمها النيران على مهل.
عدنا ادراجنا إلى عمان من دون ان يتفوه احدنا بكلمة. الكل كان مذهولاً. وعندما وصلنا إلى مكتبي صافحني المصوران وانطلقا كالبرق نحو سيارتيهما لتوزيع ما بحوزتهما من سبق صحافي لا مثيل له في العالم. توجهت نحو سريري في المكتب لأنال قسطاً من النوم بعد ليلة طويلة. وعندما استيقظت كانت ردهات المكتب ومداخله تعج بالصحافيين والمراسلين والمصورين. لقد هز الخبر العالم. وبدأت الحسابات تختلف. وانهالت الاسئلة: ماذا بعد؟
لقد دمرت الجبهة الشعبية الطائرات وكأنها تحرق السفن تصميماً على تلبية مطالبها. وأخفت الرهائن في اماكن متعددة من المخيمات من دون ان يعلم احد اين. وتوترت الأجواء بشكل دراماتيكي. وبدأ الاحساس الفعلي بما قاله وديع حداد يدب في كل مكان: لقد بدأ العد العكسي.
لمسنا ان كل الجهات المعنية والعالمية والدولية، راحت تنظر للأمور بخطورة اكبر. فازدادت الضغوط كثافة من كل الجهات. لكن الدول الاوروبية المعنية ركزت اتصالاتها مع الرئيس جمال عبد الناصر، الذي اوفد مجموعة خاصة من كبار ضباط المخابرات للانضمام للضباط الذين كانوا يتمركزون في عمان كحلقة وصل مع فصائل الثورة الفلسطينية. ووجهت اسرائيل انذارات للاردن من خلال الولايات المتحدة، وهددت بالقيام بحملة عسكرية بشكل مباشر اذا لم يتم منع الفدائيين الفلسطينيين من استخدام ارض الاردن منطلقاً لعملياتهم. وكثفت مصر اتصالاتها بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وبقيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وأُبلغت قيادة الجبهة ان عبد الناصر تلقى تأكيدات من قادة اوروبيين بأن الفلسطينيين المعتقلين سيفرج عنهم حال الافراج عن الرهائن، وانهم يتابعون الامر مع اسرائيل من خلال الصليب الاحمر الدولي. لكن الامور تسارعت باتجاه آخر، إذ لم تعد امام الاطراف خيارات كثير، فأُعلن في عمان تشكيل حكومة عسكرية برئاسة اللواء محمد داود، وفرضت الاحكام العرفية، وراح الجميع ينتظرون المعركة.
*** مساء الخامس عشر من سبتمبر (ايلول) خيم على عمان صمت كصمت القبور. خلت الشوارع تماماً من البشر والسيارات. بدت مدينة مهجورة تتحرك في شوارعها بفعل الريح اوراق، وتحوم قطط تبحث عن زادها. قررت ان اقوم بجولة في قلب العاصمة، كان الامر في كل مكان على نفس حال جبل الجوفة، حيث مقر قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. عدت ادراجي بعد حين. لم يكن هناك احد في المكتب سواي، فالكل استنفر، والكل توجه إلى موقعه. وعند فجر السادس عشر... انفجرت معارك ايلول 1970.
* صور خاصة من ارشيف الكاتب تنشرلاول مرة كلام صور:
الدكتور وديع حداد (صورة نادرة خاصة بـ «الشرق الأوسط») (صورة خاصة) بسام ابو شريف (ملثما ويحمل مكبر صوت) يتحدث للصحافيين قرب احدى الطائرات المخطوفة (صورة خاصة) غسان كنفاني وبسام ابو شريف في مؤتمر صحافي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أسبوعان خطفا أعصاب العالم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: جسور العلوم السياسية :: قسم الإعلام والاتصال-
انتقل الى:  
1