منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Empty
مُساهمةموضوع: الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر    الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyالأربعاء مايو 08, 2013 11:05 pm

الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر
تركي علي الربيعو*
http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=62

احتدم الجدل في خطابنا العربي/ الإسلامي حول إشكالية الدين والدولة، والجدل كما يقول ابن منظور هو شدة الاختلاف، ولكن القرآن الكريم يدعو إلى جدال بالتي هي أحسن، فعسى أن تجنى الفائدة للأمة كلها، ومع احتدام الجدل تكثر التساؤلات وما أكثرها في مجال نقد الذهنيات كما يقول المفكر المغاربي عبد الله العروي، وبالأخص إزاء تاريخ بعيد للدولة وللعقل السياسي العربي، لم نستدل عليه بالكيفية اللازمة، ولا يزال يغري بشتى أنواع التأويل والأدلجة التي تعبر عن نفسها تحت رايات إيديولوجية لا تزال تستعير معظم بواعث التعبير عن نفسها من الماضي البعيد كما يرى محمد أركون، لنقل من التاريخ الأموي والعباسي، الذي تحولت فيه الخلافة إلى ملك عضوض راح بدوره يستعير معظم بواعث التعبير عن ملكه من المستبد الآسيوي بحسب تعبير العروي، أو من أبيه أردشير (الملك الساساني) بحسب توصيف محمد عابد الجابري في بحثه عن مبدأ الطاعة. فقد ذهب الجابري إلى أن ذلك جعل من الدين طاعة رجل، كما جعل من الطاعة عبر تمجيدها فضيلة الفضائل، وقد تمكن من أن يغزو الثقافة العربية في عقر دارها ويجيرها لصالح ذلك الطابع الآسيوي كما تعبر عن ذلك وصية أردشير التي سنعود إليها لاحقا(1).
هناك إقرار علني عند أغلب الباحثين العرب في إطار إشكالية الدين والدولة، بأن الجذور الكلاسيكية للنقاش الدائر حول الروابط بين الدين والدولة غير مدروسة، وبالتالي غير مضاءة (2). يقول العروي: "عندما نتكلم اليوم عن الدولة الإسلامية نعني بالضرورة مركّبا من العناصر الثلاثة – العربي والإسلامي والآسيوي – إلا أننا لا نستطيع أن ندرك ذلك المركب وهو محقق في التاريخ لأننا لا نملك شهادة معاصرة عليه. كل ما نستطيع هو أن نتصوره، أو أن نتخيله، اعتماداً على أخبار مؤرخين متأخرين نسبياً"(3).
إن غياب الشهادة المعاصرة للدولة الإسلامية في بداية العصرين الأموي والعباسي، هو الذي فسح المجال للتأويلات العديدة والتضييقية التي تنتهي إلى القول بأن الإسلام دين ودولة، المقولة التي رفع راياتها في أربعينيات القرن الماضي الشيخ والإمام حسن البنا، والتي استلهمتها الحركات الإسلامية الراديكالية في سعيها، وفي تجييشها لإيديولوجيا الكفاح ضد الاستعمار التي ساهمت في طمس كل المحاولات الرامية إلى الفصل بين الذروتين الدينية والسياسية، أو تلك التي تصر على أن الدولة شأن تدبيري سياسي وليس شأناً عقيدياً كما تراها الكثير من الحركات الراديكالية المعاصرة أو الإيديولوجيات الجاهزة التي ما تزال تعشعش في "ثقافة العامة" والتعبير للشيخ علي عبد الرزاق، وتحول دون الوصول إلى أصول جديدة للحكم، تستمد قوتها من أحدث ما أنتجته العقول البشرية وما أبدعته الأمم الحديثة.
كان الشيخ علي عبد الرازق الذي سيستعاد دوما من قبل التيار الليبرالي العربي كنموذج للشيخ المستنير، وكقرينة وشاهد على بطلان القول بأن الإسلام دين ودولة كما يرى تيار الإسلام السياسي. أقول كان الشيخ عبد الرازق على وعي بإشكالية العلاقة بين الدين والدولة، وعلى وعي بالآفاق الحديثة للدولة المعاصرة التي من شأنها أن تقطع مع إرث الدولة المملوكية، وأن تؤسس لأصول جديدة في الحكم. من هنا، فقد كان كتابه، وعلى ما جاء به من أفكار أصيلة وطريفة وجدية وجديدة، قد مثل إعلاناً عن تفجير المعركة الفكرية السياسية داخل الاجتماع الإسلامي التقليدي(4) فهو يعيب على "المسلم العامي" وعلى "رأي جمهور العلماء من الإسلام" اعتقادهم بأن الإسلام يمثل وحدة سياسية ودولة أسسها الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المسلم العامي هو من يعتقد أنه عليه السلام كان رسولاً وملكاً، وأنه أسس بالإسلام دولة سياسية مدنية، كان هو ملكها وسيدها. لعل ذلك هو الرأي الذي يتلاءم مع ذوق المسلمين العام. ولعله أيضاً هو رأي جمهور العلماء من المسلمين. فإنك تراهم إذا عرض لهم الكلام في شيء يتصل بذلك الموضوع، يميلون إلى اعتبار الإسلام وحدة سياسية، ودولة أسسها النبي"(5).
يقر عبد الرازق في سعيه للتأكيد على أن السياسة شأن تدبيري وليست شأناً عقيدياً "أن الحكومة النبوية كان فيها بعض ما يشبه ما يكون من مظاهر الحكومة السياسية وآثار السلطنة والملك"(6) وأن "هناك الكثير مما يمكن اعتباره أثراً من آثار الدولة"(7) ولكنه يفند الرأي الذي يرى أن الإسلام دين ودولة، وأن "الخلافة تنوب عن الشرع في حفظ الدين والسياسة شاملة للملك والملك فدرج تحتها"، كما كان يرى ابن خلدون، الذي لم يكن يستند، كما يرى عبد الرازق إلى حجة أو دعامة أو سند(Cool والنتيجة التي يقودنا إليها:
أولاً ـ"ما كان محمد -صلى الله عليه وسلم-، إلا رسولاً لدعوة دينية خالصة للدين. لا تشوبها نزعة ملك ولا حكومة".
ثانياً ـ"وأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقم بتأسيس مملكة، بالمعنى الذي يفهم سياسة من هذه الكلمة ومرادفاتها".
ثالثاً ـ وإنه كان -صلى الله عليه وسلم- " كإخوانه الخالين من الرسل".
رابعاً ـ وإنه لا كان ملكاً ولا مؤسس دولة، ولا داعياً إلى ملك(9).
لا يمل عبد الرازق، من تفنيد الاحتجاج الشائع بأن "الخلافة مقام ديني" ويرى ذلك على أنه من الأخطاء الشائعة التي تسربت إلى عامة المسلمين، الذين خيل إليهم أن الخلافة مركز ديني، وأن من ولي أمر المسلمين فقد حل منهم في المقام الذي كان يحله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا بل إنه يعتبر أن استمرار هذا الاعتقاد يصلح لأن يكون شاهداً على استقالة العقل عند المسلمين في التفكير السياسي، والنظر في كل ما يتصل بشأن الخلافة والخلفاء(10).
أعود للقول، إن الشيخ عبد الرزاق يرى أن السياسة شأن تدبيري، وهذا ما يجب عليها أن تدركه ما يسميها بـ"الزعامة الجديدة" التي يلح عليها عبد الرازق، والتي هي في جوهرها زعامة سياسية "زعامة الحكومة والسلطان، لا بل زعامة الدين"(11). وهو بذلك إنما يفتح باباً للمسلمين إلى ولوج عالم أصول الحكم، كما يشير إلى ذلك عنوان كتابه. يقول في خاتمة كتابه: "أن لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى في علوم الاجتماع والسياسة كلها، وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا له واستكانوا إليه، وأن يبنوا قواعد ملكهم، ونظام حكومتهم، على أحدث ما أنتجت العقول البشرية، وأمتن ما دلت تجارب الأمم على أنه خير أصول الحكم"(12). ولكن أصول الحكم هذه كانت موضع استنكار الشيوخ الأزهريين الذين هاجموه وجردوه من ألقابه العلمية ومن وظيفته وكذلك الراديكاليين الإسلاميين الذين لم يغفروا للشيخ علي عبد الرازق هذا التطاول فراحوا يصفونه بأنه دعوة للانفكاك عن النص الديني لصالح تبعية الغرب والاندماج به(13)، وذلك دون أن ننسى إعجاب شيوخ آخرين به، وأخص بالذكر منهم الشيخ ابن باديس الذي أبدى إعجابه بالشيخ عبد الرازق وبتجربة كمال أتاتورك في بناء الدولة الحديثة، واصفا إياه"بأنه أعظم رجل عرفته البشرية في التاريخ الحديث وعبقري من أعظم عباقرة الشرق"، وذلك دون أن ننسى أيضاً مرافعات الشيخ خالد محمد خالد في دفاعه عن عبد الرازق وذلك في كتابيه"من هنا نبدأ، 1951" و"الديمقراطية أبدا، 1953" اللذان هاجم فيهما الدولة الدينية وراح يشيد بديمقراطية الإسلام0(14)
وكان أواسط عقد الخمسينيات من القرن المنصرم قد شهد تجاذباً حاداً بين الأحزاب والتيارات السياسية والمثقفين العرب، فثمة من يرى أنه لا يمكن للأمة أن تنهض إلا بفصل الدين عن الدولة وجعله أمراً خاصاً بين العبد وبارئه وذلك انطلاقا من رؤية ليبرالية ترد تخلف الأمة إلى الاستبداد(15)، وثمة من يرى أن الإسلام دين ودولة، مصحف وسيف كما ذهب إلى ذلك الشيخ حسن البنا في قوله الشهير:"الإسلام:عبادة وقيادة، ودين ودولة، وروحانية وعمل، وصلاة وجهاد، وطاعة وحكم، ومصف وسيف، لا ينفك واحد من هذين عن الآخر وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"(16) فالدولة من خلال آرائه هي دولة إسلامية، بصورة أدق، هي دولة الدعوة ودولة الرسالة لأن "الدعوة أساس الدولة، والدولة حارس الدعوة، وهما معا قوام الحياة الإنسانية الصحيحة المستقيمة(17).
في هذا السياق جاءت محاولات فكرية عديدة لفض الاشتباك بين الدين والدولة والتأسيس لحداثة سياسية ولمجال سياسي جديد بعيدًا عن المجال الديني، أو زيادة الالتحام بينهما من خلال القول بأن الدولة حارسة للدين وحامية له وأن الهدف هو بناء الدولة الإسلامية، أو التوفيق بين هذا وذاك على اعتبار أن التوفيقية تمثل جوهر الحضارة العربية كما يذهب إلى ذلك محمد جابر الأنصاري في بحثه عن حقيقة التوفيقية في حياتنا العربية المعاصرة(18). وقد شهدت العقود الثلاثة المنصرمة من القرن الماضي نقارًا حادًا بين المفكرين والمثقفين العرب حول سلم الأوليات: الدين أم السياسة أو التوفيق بينهما كما أسلفنا، نقارا يشهد على حيوية فكرية في بعض الأحيان وفي أغلبها على عقلية تخوين واستبعاد بقيت تستبطن الخطاب السياسي العربي في سعيه إلى بناء مجال سياسي جديد؟
الدولـة كافلـة الديـن
راح هشام جعيط يبدي الكثير من القلق على مستقبل الدين في الدولة العلمانية العربية، وذلك من موقعه كمعاين حصيف لعلاقة أوروبا بالإسلام كما يشهد على ذلك كتابه الموسوم بهذا الوسم (أوروبا والإسلام: صدام الثقافة والحداثة)، وعلاقة أوروبا بالدين والتي اعتبرت نموذجاً للقياس وليس للاستئناس كما يرى الجابري في نقده للخطاب العربي المعاصر، وبخاصة عند الليبرالي العربي الذي لا يزال ينظر إلى الفصل بين الدين والدولة باعتباره شرطا للنهضة(19)، رأي جعيط الدولة العلمانية القومية هي دولة دهرية تقوم على تفوق الدولة على الدين. فالدولة في منظور جعيط الذي يستند إلى رؤية ابن خلدون دون أن يصرح بذلك هي كافلة الدين وحافظة لاستمراره، وليس من حقها أن تكون علمانية كما يطمح إلى ذلك المثقفون العرب العلمانيون. فالدين الإسلامي لم يكن ولن يكون مسألة خاصة، إنه دين الأمة، الذي لا يجب أن يكون مجرد صورة كاريكاتيرية -والتعبير لمحمد أركون- كما فعلت "الكمالية" الأتاتوركية(20).
ثم راح هشام جعيط نفسه في كتابه " الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي، 1974" والذي سيصفه العروي لاحقاً بأنه " أهم ما أنجز في مجال النفسانية الجموعية العربية"(21) ويقصد بالنفسانية هنا فكرة الفرد والجماعة عن الحكم والدولة، وفي إطار بحثه عن العلاقة بين الدين والدولة يكتب: إن رأينا هو أنه يجب على الإسلام البقاء كدين للدولة، بمعنى أن الدولة تعترف به تاريخياً، وتهبه حمايتها وضمانها "ويضيف" ليس للدولة أن تكون علمانية بمعنى أنها لا تهتم بمصير الدين معتبرة إياه مسألة خاصة"(22). من هنا نفسر رفضه لأن يكون الدين أداة تتلاعب بها الدولة وذلك لغايات سياسية أو إدخال إصلاحات داخلية عليه من لدنها، يقول جعيط "ينبغي تجنيبها ذلك لأن الدين قضية تهم الأمة الإسلامية قاطبة، أمة الأمس واليوم، وغداً"(23).
انطلاقاً من أن الدولة العربية القديمة (دولة بني أمية ودولة بني العباس) كانت كافلة لاستمرارية الدين، فإن جعيط كما أسلفت ينذر الدولة العربية القائمة بحسب تعبير العروي، إلى حماية الدين والحفاظ على استمراره، وهو هنا يبدي مزيداً من المخاوف وهواجس الحاضر وشواغله الإيديولوجية والظرفية الجامحة التي من شأنها أن تقطع مع الدين وتراثه التليد. هذه المخاوف التي تعود بجذورها إلى العصر العباسي والتي عبر عنها ابن عقيل وابن الجوزي، فثمة مخاوف حقيقية من طغيان السياسة على الشريعة وعدم التزام الحكام بالشريعة(24، 25).
لم يكتف جعيط بذلك، فراح يؤكد في بحثه عن "بناء الدولة الإسلامية: الدولة النبوية" من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك وراءه دينًا ودولة0 يقول جعيط: ترك النبي عند وفاته ديناً مكتملاً ودولة مهيمنة على الجزيرة العربية كلها، مترابطين بشكل لا يقبل الانفكاك. فمن خلال اعتناق الإسلام وممارسته، لا سيما الصلاة والزكاة، تم انصياع الأفراد والجماعات للدولة الجديدة، وقد دخل مسلمو الساعة الأولى، المتأثرون بدعوة كانت تخاطب الأفراد أولاً، دخولاً طبيعياً في نظام الدولة. فالوظيفة النبوية تؤلف بين الدنيوي والقدسي، بين العالم المرئي والعالم اللامرئي. ويقوم سلطانها على كلام الله مثلما يرتكز على التوجيه الفعلي للأمة. ولا شك أن العرب ما كان يمكنهم، لولا الحركة النبوية، أن يتوحدوا ولا أن ينتظموا ويرتفعوا إلى درجة أخلاقية أرفع. وبالتالي ما كان يمكنهم الدخول في التاريخ. وعلى هذا النحو، كانت النبوة تطرح نفسها كأمر يمد بأخلاقية وبوحدة وبمصير"(26).
لا يتصور جعيط إمكاناً لنهضة عربية بعيدة عن الإسلام، فالدولة العلمانية العربية المعادية أو الداعية إلى فصل الدين عن الدولة، تخالف التاريخ (لأن وظيفة الدولة كما رأى ابن خلدون هي حفظ الدين وسياسة الدنيا) وتخون جوهر الحضارة العربية الإسلامية. ولكن على ما يبدو فقد جعيط إيمانه بروح الأجداد التي غذاها حيناً في كتاباته المؤدلجة، فراح يتحدث لاحقاً ومع مطلع الألفية الجديدة عن نهضة جديدة يمكن لها أن تمثل عودة باتجاه الحداثة الغربية التي من شأنها أن " تمج الإسلام جملة ". وذلك في معرض حديثه عن "أزمة الثقافة الإسلامية"(27).
مفهوم الدولـة
بين نهاية عقد السبعينات من القرن المنصرم، وبداية عقد الثمانينات، كان العروي الرجل الملتزم بمغامرة النهضة العربية على حد تعبير هشام جعيط الذي تبادل والعروي فيضاً من التقريض(28). قد فقد إيمانه بالنخبة المثقفة وقدرتها على عقلنة المجتمع العربي بكيفية شاملة ومسترسلة، وبالتالي فإن المثقف الذي يتشكل بتأثير خارجي، أقض مضجعه، بمزاجه العكر وتقلباته المستمرة، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار(29)، وفي هذا السياق الذي يتحرك فيه هذا " العروبي التاريخي" والوصف أيضاً لجعيط (30) راح العروي يوسع من إطار ما يمكن تسميتها باستراتيجيته التاريخانية، فأصدر سلسلة المفاهيم (مفهوم الأدلوجة، 1980 ومفهوم الحرية1981 ثم مفهوم الدولة1981 ومفهوم التاريخ 1993 وأخيراً مفهوم العقل 1996) وذلك انطلاقاً من رؤية ترى أن الفهم والإفهام أساسيان ولكنهما لا يتأتيان إلا بوضوح المفاهيم التي يؤدي غيابها إلى كل هذه التخبطات في خطابات المثقفين العرب.
إذن، مع بداية عقد الثمانينات من القرن المنصرم، جاء كتاب العروي " مفهوم الدولة، 1981 " عسى أن يؤسس لما سّماها ميشيل فوكو بـ"إرادة المعرفة " التي غابت وتزحزحت لصالح " إرادة الإيديولوجيا " التي تدمغ وتمهر معظم خطابات المثقفين والتي تشهد على " أزمة المثقفين العرب، 1974 " التي راح العروي يرصدها مع بداية مطلع السبعينات من القرن المنصرم(31).
في تمهيده للكتاب، يقول العروي: كل منا يكتشف الدولة قبل أن يكتشف الحرية، أو بعبارة أدق، تجربة الحرية تحمل في طياتها تجربة الدولة لأن الدولة هي الوجه الموضوعي القائم في حين أن الحرية تطلع إلى شيء غير محقق"(32). من هنا مصدر قوله إن "التفكير في الحرية هو بالأساس تفكير في الدولة والمجتمع"(33).
يؤثر العروي في تناوله لمفهوم الدولة وإشكالياتها ومنحاها الإيديولوجي في الخطاب العربي المعاصر، أن يرتفع إلى مستوى التجريد، فيتكلم عن الدولة إطلاقاً، أي عن الشكل العام لتنظيم السلطة العليا في الدولة العربية على طول مسارها، بحيث تنتفي الصفات العرضية، المذهبية والقبلية والجنسية. باستثناء صفة واحدة هي الصفة الإسلامية(34). وهنا يتساءل العروي: ماذا نعني بالدولة الإسلامية؟ وبالتالي على أية مادة نعتمد لنتصور واقعها التاريخي ونحلل آلياتها وجهازها؟ ومن وجهة نظره، إن الاتجاه الذي يجعل من الدولة تجسيداً للمثل الأعلى، لنقل للإسلام الحق، هو اتجاه مثالي وإيديولوجي بان ولا ينفع في مجال الدراسة، صحيح أنه يعبر عن همٍ عام وعن تشكيلة اجتماعية وعن وضع سياسي، فيقدم حلاً لا يعدو أن يعكس المشكلات القائمة. فلا يهتم بالراهن وبالتالي غير كائنة. وهذه مثالية مطلقة كما يرى العروي. تتوه في البحث عن الدولة كما يجب أن تكون، لا عن الدولة كما هي في الواقع(35). ومن هنا فهو يرى أن القول بأن الإسلام دين ودولة ينتمي إلى الطوبى، إلى المؤلفات الشرعية والمؤلفات الإيديولوجية اللاحقة للحركات الإسلامية التي تتحدث عن الدولة كما يجب أن تكون، لا عن الدولة كما هي واقع. أضف إلى ذلك " أن العبارة – الإسلام دين ودولة – هي وصف للواقع القائم منذ قرون كما يرى العروي، أي لحكم مملوكي ودولة مملوكية حافظت على الدين وقواعد الشرع لأسباب سياسية محضة"(36)، والعروي يلمِّح إلى أمر آخر، فمقولة " الإسلام دين ودولة " تقوم على واو الربط الدال على التساكن بين الدين والدولة وليس على الاندماج والانصهار. من هنا وجه المقارنة العجيبة في خطابات بعض الإسلاميين. فهم يظنون بالقول إن الإسلام دين ودولة أنهم يعبرون عن خصوصية الإسلام، في حين أنهم يصفون الإمارة الشرعية ولا يتعرضون في شيء للخلافة. من هنا فإن القول بأن " الإسلام دين ودولة " لا يعبر عن واقع مختلف، فالنصرانية بحسب تعبير العروي، أو الغرب بحسب تعبير محمد أركون وهذا ما يجمعهما في نقدهما لهذه المقولة، هما دين ودولة، أو ليست النصرانية ديناً يعيش بجانب دولة في نطاق مؤسسة مستقلة؟(37).
ما يجمع العروي بهشام جعيط، هو إدراكهما التاريخي للسياق الذي جاءت فيه مقولة الإسلام دين ودولة، فثمة ظروف تاريخية قادت إلى القول بأن الإسلام دين ودولة، والجديد من وجهة نظر العروي "أن المقولة كانت آنذاك، أي في عصر الغزو الاستعماري الحديث للمنطقة العربي (أوائل القرن الثامن عشر) ضرورية ومطابقة للمصلحة القائمة(38). فقد لاحظ الفقهاء وعلى مدى قرون طويلة في ظل الدولة الإسلامية انفصال الشرع والعدل عن العمران، في حين أن التجربة الأوربية التي باتت نموذجاً يحتذى هي شاهد على ارتباط العدل بالعمران، فتنادوا إلى القول بضرورة الربط بين التقدم والعدل الذي لا يتحقق إلا بالشرع؛ لأن العدل بالشرع والشرع بالعدل(39). والعدل يعني تقييد الحاكم بقواعد الشرع. وقد وجد الفقهاء في ذلك فرصة للمطالبة بالرجوع إلى السياسة الشرعية وإلى الدولة الشرعية العادلة التي من الممكن لها أن تتجاوز أزمة الحكم المملوكي التي انتهت إلى آفاق مسدودة، وأن تمهد القاع للرد على التحديات الغربية، وهذا هو موقف مصلحي القرن الثامن عشر الذين راحوا يبحثون عن " أقوم المسالك لمعرفة أحوال الممالك " كما يشهد على ذلك كتاب خير الدين باشا التونسي، والذي يجمعه بعلي عبد الرزاق هو هذا البحث عن " أقوم المسالك " أو" أصول الحكم " كما يراها عبد الرزاق(40).
كان العروي على وعي بمأزق الدولة القائمة حالياً في الوطن العربي وبمأزق المثقفين معاً، ومن وجهة أخرى بمأزق السلفيين الذين ظلوا مشدودين إلى طوبى الخلافة والسياسة الشرعية دون أن يطرأ على مواقفهم أي تغيير وبمأزق الليبراليين الذين التقوا مع السلفيين على نقد الدولة القائمة دون أن يجدوا السير باتجاه البديل، وما يضاعف من قلق العروي على مستقبل الأمة، أن معظم الأسئلة التي تدور من حول الدين والدولة وما أكثرها في مجال نقد الذهنيات، تصطدم بالجدار الصلد للدولة المملوكية المستمرة، وما يضاعف من القلق تلك الحالة من التساكن والتعايش بين الفقهاء والدولة المملوكية المستبدة، لنقل بين طوبى الخلافة وما رافقها من طوباويات عن المدينة الفاضلة وبين واقع الدولة. كذلك بين المثقفين العرب المشدودين إلى طوبى الليبرالية أو طوبى الماركسية وحتى طوبى الدولة العربية الكبرى التي أضعفت الدولة القطرية ولم تنجز الدولة الكبرى وبين الدولة الاستبدادية الحديثة، والعروي لا يعجب من ذلك " فالمفكرون العرب لا يهتمون بالدولة القائمة " والأهم من ذلك غياب علم سياسي يبحث في اجتماعيات الدولة، فهذا العلم لا يزال مهجوراً كما يرى العروي وذلك في مجموع البلاد العربية وما يؤسف له أن ما أنجز من دراسات في هذا المجال تمَّ في إطار معاهد أجنبية(41). وهذا ما يرجِّح من كفة الفقهاء على حساب المفكرين والمثقفين العرب الذين ظلّوا يجهلون الدولة وهنا يقرر العروي أن المفكرين الوطنيين متخلفون وكذلك رواد النهضة، في مسائل السلطة، عن معاصريهم الفقهاء وأن العلامة الفارقة لأبحاثهم هي "غياب نظرية الدولة " في فكرهم، وهذا ما يفسر من وجهة نظره تلك الاكتشافات المتوالية لابن خلدون والتعبير له والعجز بنفس الوقت عن تجاوزه(42).
في محاولة من العروي، للقطيعة مع الطوباويات السائدة عن الدولة (طوبى الخلافة والطوباويات الماركسية والليبرالية يدعونا العروي إلى نظرية في الدولة "تقطع مع الدولة الاستبدادية التي ما تزال سائدة، وتؤسس بنفس الوقت لما يسميها بـ"الدولة الحق" التي هي اجتماع وأخلاق، قوة وإقناع (هنا يركز العروي كثيراً على أن الدولة التي لا إيديولوجيا لها تضمن درجة مناسبة من ولاء وإجماع مواطنيها لا محالة مهزومة"(43) وهذه الدولة تقوم على القواعد التالية:
ـ لا نظرية حقيقية بدون تفكير جدي في أخلاقية الدولة.
ـ إذا لم تجسد الدولة الأخلاق بقيت ضعيفة.
ـ إضفاء الأخلاق على دولة القهر والاستغلال غبن.
ـ تحرير الدولة من ثقل الأخلاق حكم عليها بالانقراض(44).
أعود للقول، إذا كان التفكير في الحرية هو بالأساس تفكير في الدولة والمجتمع، فإنه يمكن القول إن نظرية الدولة عن العروي، التي تربط الأخلاق بالسياسة، والعدل بالتقدم، إنما هي دعوة للقطيعة مع الدولة المملوكية المستبدة والتأسيس للحرية، وبنفس الوقت تقوية جهاز الدولة باعتبارها أداة التقدم والتحديث، شرط أن تكون الدولة بخدمة المجتمع وليس المجتمع بخدمة الدولة، وهذا ما يفسر تساؤله مع بداية الألفية الجديدة في بحث له عن "إرث النهضة وأزمة الراهن": هل عرف أي قطر عربي في أية فترة من تاريخه حالة تسبيق المجتمع على الدولة؟ أو حالة توظف فيها قدرات الدولة لتأسيس المجتمع على شكل يؤهله للاستغناء لاحقاً وبالتدريج عن كثير من صلاحيات تلك الدولة؟"(45).
على العكس مما يشتهي العروي، فقد شهد عقد الثمانينات احتلالاً صهيونياً لبيروت عاصمة الثقافة العربية، وعايش هذا العقد حروباً أهلية وثورات جياع امتدت على طول الساحة العربية، وخاضت هذه الدولة أو الدولة القائمة بحسب تعبير العروي، حروباً ضد المجتمع انتهت بتدمير المجتمع، وبدا للعيان ذلك الاستقطاب الحاد بين الرافعين لشعار "الحاكمية" وكما فهمه المتبصرون من المسلمين على حد تعبير رضوان السيد(46) وأن الإسلام دين ودولة، وبين القائلين إن الإسلام دين وأن الدولة شيء آخر.
في هذا السياق جاء كتاب محمد عمارة ليقدم إجابة توفيقية تشهد على سمة الخطاب السياسي الإسلامي في سعيه إلى تلطيف الإجابة بهدف طمأنة الليبرالي العربي وتهدئة مخاوفه من الدولة الدينية التي طرحتها الحركات الإسلامية الراديكالية بعنف، والتي راحت تنعت القومية العربية كرابطة سياسية بأبشع النعوت، معتبرة إياها صنماً فكرياً وبديلاً ممقوتاً عن فكرة الخلافة الإسلامية التي من شأنها أن تؤسس لإقامة الدولة الإسلامية الكبرى(47).
في كتابه "الدولة الإسلامية: بين العلمانية والسلطة الدينية، 1988" والذي يحيلنا عنوانه الفرعي إلى ذلك الاستقطاب الحاد بين العلمانيين الذين يؤكدون على أن الإسلام دين وليس دولة وبين القائلين ـ وهم هنا رواد الحركات الإسلامية الراديكالية ـ بأن الإسلام دين ودولة. أقول بين هذا وذاك، راح عمارة يسوق أمامه مجموعة من التعريفات والمفاهيم ليذكي في الختام رؤيته التوفيقية ونتائجه التي طبعت الخطاب الإسلامي في العقود الأخيرة كما يرى الجابري في تحليله للخطاب الإسلامي، فمع إقراره بأن قضية السلطة الدينية هي قضية " قديمة ـ جديدة " فعمارة يرى أن السلطة الدينية التي تعني " أن يدَّعي إنسان يتولى منصباً دينياً أو سياسياً أو مؤسسة فكرية أو سياسية ما لنفسه صفة الحديث باسم الله وحق الانفراد بمعرفة رأي السماء وتفسيره، وذلك فيما يتعلق بشؤون الدين أو بأمور الدنيا.."(48) هو رأي غريب على الفكر الإسلامي الذي لا يقره وذلك باستثناء الشيعة، فكل تيارات الفكر الإسلامي ومذاهبه تنكر وجود السلطة الدينية(49). وإذا كان عمارة لا يقر بوجود السلطة الدينية في الإسلام، فهو يرفض بنفس الوقت أن تكون العلمانية هي الحل. فالاستقطاب الحاد بين العلمانية والسلطة الدينية، هو شاهد على غربة " المصلح والثوري العربي والمسلم"(50) عن واقع أمته الإسلامية وبقائه مرتهناً، بوعي منه أو بغير وعي، للحضارة الأوروبية الغازية. يقول عمارة: عندما نواجه القلة من "علماء" الدين الإسلامي الذين جعلوا من أنفسهم "كهنة ورجال دين" فإننا لا نواجههم "بالعلمانية"، التي تعزل "الدين" عن الدولة، وإنما نواجههم "بالإسلام: الدين"، الذي ينكر الكهانة والسلطة الدينية، والذي لم يحدد للمسلمين نظاماً معيناً ومفصلاً في الحكم، أو في السياسة أو في الاقتصاد؟ … والذي ـ في ذات الوقت ـ لم يدر ظهره لأمور الدنيا وشؤون الدولة، وإنما وضع القواعد العامة والأطر المرنة، والقوانين الكلية، ثم أطلق للعقل والتجربة العنان ليضعا النظم والقوانين والنظريات المتغيرة دائماً والمتطورة أبداً، وفق المصلحة، وعلى ضوء هذه المثل والكليات(51) فالعلمانية ليست سبيلنا إلى التقدم(52).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر    الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyالخميس مايو 09, 2013 1:04 am

كما أسلفت، فإن عمارة يتخذ موقفاً وسطاً، مثله مثل كثيرين من قادة الرأي في التيار الإسلامي السني، وذلك في إطار جوابه على التساؤل: هل الإٍسلام دين أم دولة؟ فمن وجهة نظره إن الوسطية التي تجمع "شيئاً من هذا الطرف وشيئاً من ذلك الطرف " هي التعبير الحي عن خاصية الحضارة العربية الإسلامية في الموازنة والتوازن، وهذا الموقف الوسط هو ما يسميه عمارة بموقف " الدين " و" الدولة " والذي ينطوي كما لمَّح العروي على شيء من التساكن. والذي فيه كما يرى عمارة:
أ- "أن يكون الحاكم الأعلى في المجتمع نائباً عن الأمة ووكيلاً لها فيما تفوضه إليه من سلطات.
ب- "أن يكون منفذاً للقانون، الذي وضعه مجتهدو الأمة، بالشورى والرأي والنظر، في إطار كليات الدين ومثله العليا ووصاياه العامة.. أي أن الأمة هي مصدر السلطات شريطة أن تتقيد سلطاتها بالوصايات الدينية المتمثلة في النصوص القطعية الثبوت والقطعية الدلالة، طالما بقيت هذه النصوص محققة لمصلحة الأمة في مجموعها".
ج- إن " للدين " مدخلا في " الدولة "، لكنه لا يرقى إلى مستوى " الوحدة "، كما أن علاقتهما لا تنزل إلى مستوى " الفصل " بينهما، وإنما هو" التمييز " بين " الدين " و"الدولة "."فالتمييز" هو المصطلح الأصح والأدق للتعبير عن نوع هذه العلاقة بينهما"(53)
إن التوفيقية التي يستند إليها عمارة، هي التي تدفعه إلى التفكير بصورة مثالية في الدولة الإسلامية كما يجب أن تكون، لا كما كانت في التاريخ، ولا كما هي في الواقع الحالي، وهذه هي شيمة الخطاب السياسي العربي المسكون بالمثال لا بالواقع، وفي رأيي أن المثالية والتوفيقية..(54- 55).
في مأزق الدولة العلمانية وطريقها المسدود
بيان من أجل الدولة الديمقراطية؟
في كتابه "الدولة والدين: نقد السياسة،1991"، لاحظ برهان غليون أنه مع بداية عقد السبعينيات من القرن المنصرم، أخذت الضغوط والطلبات تزداد على الفكرة الإسلامية من قبل الشارع، ومن قبل الدولة نفسها في بعض الأحيان، في حين شهدت الفكرة القومية والعلمانية التي ارتبطت بها شيئاً فشيئاً، تراجعاً كبيراً على المستوى النفسي والعقدي والسياسي. بل لقد أصبحت الوطنية، بما هي تأكيد على الاستقلال الذاتي، ورفض للتبعية وعداء لهيمنة الغرب الحضاري، تبحث عن مصدر نموها وإلهامها في الفكرة الدينية نفسها. وما كان يظهر كصراع بين الجامعة الإسلامية والدولة القطرية، أو بين السلطة الخلافية والسلطة القومية، أصبح يتخذ اليوم صورة الصراع بين السلطة العلمانية والسلطة الدينية. فقد حل مفهوم الدولة الإسلامية محل مفهوم الخلافة أو الإمامة، في حين أصبحت العلمانية رديفة للحداثة القومية.وهكذا أعيدت صياغة التعارض البدئي في النظر السياسي العربي المعاصر على أسس جديدة أكثر قوة في التمايز والانغلاق مما كانت عليه في أي حقبة ماضية، بقدر تطورها في المنحى المعرفي والفلسفي ذاته. وتأكدت بذلك من جديد القطيعة التقليدية المتزايدة بين فريقين، يعتقد الأول أن بناء الدولة لن يستقيم إلا إذا أخذ بما يظن أنه نظرية الدولة الحديثة بامتياز، أي فلسفة العلمانية كدين للدولة. ويؤمن الثاني بأن العرب والمسلمين لن يتمكنوا من الخلاص وتحقيق الأمن والاستقرار والسعادة الأرضية والأخروية إلا إذا نجحوا في إعادة بناء الدولة العربية على الأسس ذاتها التي قامت عليها دولة الرسول الكريم، والتي كانت وراء تحول العرب من قبائل وعشائر مقسمة ومتخلفة إلى أمة عظيمة وإمبراطورية عالمية"(56)
وسعياً منه إلى تعميق إشكالية الدين والدولة في الخطاب العربي المعاصر وبالتالي تأسيس المجال السياسي من جديد، وتجاوز حالة الاستقطاب السائدة والتي تحكم على السجالات العربية بالعقم والاستحالة (سبق لغليون أن اشتكى مراراً من الغلبة السجالية وذلك في كتابه عن "اغتيال العقل"(57))، راح غليون يحف مشروعه بمزيد من الأسئلة التي تتعلق بماهية الدين وبماهية السياسة، وعلاقة الدين بالسياسة، وبماهية الدولة ومفهومها..الخ:هل الدولة هوية جماعية تجسد نفسها في كيان سياسي متميز يعكس روح الجماعة وإرادتها المستقلة، أم نقصد بها جهازاً إدارياً وتقنياً، وبالتالي نربط مفهومها بنوعية الوظائف الإدارية والقسرية والدفاعية التي تقوم بها؟ وهل نقصد بالدولة النظام السياسي، أو بنية السلطة ومصدرها وطبيعة تنظيمها وما يطرأ عليها من صفات وخصائص، وطرق ممارستها في المجتمع وفي الدولة، أم نعني بها المبدأ الأخلاقي العام المقوم للمجتمع والناظم له، الذي يجعل منه اجتماعاً مدنياً، ونطابق مفهومها ومفهوم السياسة بما هي تحديد لأهداف الممارسة، وتوظيف للسلطة وتوجيه لها...الخ؟(58).
وانطلاقاً من سعيه إلى تكوين مجال سياسي تمارس فيه السياسة بعيداً عن الدين، يؤكد غليون بأن الإسلام " لم يفكر إذن بالدولة، ولا كانت قضية إقامة الدولة من مشاغله، وإلا لما كان ديناً، ولما نجح في تكوين الدولة. لكن الدولة كانت دون شك أحد منتجاته الجانبية والحتمية"(59). فالدين هو روح الدولة التي ستصبح بدورها جسد الدين وسلاحه وذراعه(60). ويضيف غليون" إن الدولة الإسلامية لم تكن بحال دولة الله، بل دولة المسلمين بما هم كائنات بشرية قابلة للخطأ والصواب، وبما هم جماعة مدنية ذات مصالح متضاربة.الخ"(61).
ما يشفع لغليون، هي، كثرة استدراكاته والتي تحول بينه وبين الوقوع في شراك الاستقطاب وفخ الإيديولوجيات المتساجلة حول الدين والدولة، وهذه الاستدراكات تنطلق من أهمية الموقع الذي شغله الدين الإسلامي في الدولة الإسلامية، فقد كان الدين على مسار تاريخي طويل روحاً للأمة والدولة التي كانت بدورها جسداً للدين، ترعاه ويرعاها (62). ولكن ـ أي هذه الاستدراكات ـ تبحث في النهاية عن حل لها، وهذا الحل يجده غليون في الدولة الديمقراطية التي تمهد للمصالحة بين الدين والدولة، يقول غليون: يعتقد الإسلاميون أن قضية الشرعية مرتبطة بتطبيق القيم الدينية، باعتبار أن الحكم في النهاية لله وحده، ويعتقد العلمانيون أن الشرعية مستمدة من القيم الوطنية الحديثة وفي الحالتين ترتبط الشرعية بالعقيدة، باعتبارها التعبير عن الأهداف والقيم الاجتماعية السائدة.لكن ما يجمع النظرتين ويوجههما معاً الواحدة ضد الأخرى هو كونهما تنطلقان في الواقع من فرضية الدولة الاستبدادية، فلو انطلقنا من فرضية الدولة الديمقراطية لأدركنا أن مبدأ السيادة الشعبية قادر بنفسه على حل هذا التناقض الحقيقي في القيم، ذلك لأنه لا يهتم مسبقاً بالقيم والمعايير والأفكار التي ينبغي على هذه السيادة أن تلتزم بها، وإنما يحدد فقط الطريقة الإجرائية التي يمكنها أن تساعد الجماعة على الوصول إلى إجماع في موضوع هذه القيم والأفكار"(63).
كما أسلفت، يؤكد غليون على المأزق العقيدي والسياسي للعلمانية العربية، فالسعي إلى علمنة الدولة التي يبني عليها محمد أركون –كما سنرى- آمالاً كبيرة، أي تسليحها بعقيدة وضعية خاصة، في مقابل العقيدة أو التنوع العقائدي السائد على مستوى المجتمع، وكأنه نكوص نحو الماضي، لا يختلف كثيرا عن النكوص الذي يمثله السعي إلى إعادة بناء الدولة حسب النموذج التاريخي(64). فالدولة العلمانية تضع الصراع العقائدي في مقدمة الصراع السياسي، وأحياناً بديلاً عنه، وبالتالي تدفع بالمعركة الإصلاحية إلى طريق مسدود كما يقول غليون.
يتفق غليون مع العروي، بالقول إن الهدف هو بناء الدولة ذاتها، لأن كل دولة في نظره دنيوية ومدنية. وهذا ما لم يدركه المثقفون العرب والذين ما زال قسم كبير منهم يناحر وحش الدولة الاستبدادية العلمانية الجديدة، فالمشكلة ليست محاججات نظرية بين المثقفين، ولا حجج عقلية أو تاريخية بحسب برهان غليون، بل تتعلق المسألة بتعيين الأسس الأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع والسياسة على السواء"(65)، وهذا ما انتبه إليه العروي كما رأينا في فقرة سابقة وما أهمله جيش المثقفين والمفكرين الذين راحوا يناصرون الدولة العلمانية على عماها، ويقرؤون بصورة انتقائية التراث التنويري العربي الممتد من علي عبد الرزاق إلى طه حسين إلى محمد أحمد خلف الله(66).
يعزو غليون استمرارية إشكالية الدين والدولة في خطابنا المعاصر إلى غياب مفهوم الدولة وضعف الاشتغال عليه من قبل الحركات الإسلامية المعاصرة. وكذلك غياب مفهوم السياسة من قبل الحركات العلمانية كنشاط متميز عن الدولة أو عن الصراع من أجل السلطة(67) 0ومن هنا نفسر دعوته إلى ضرورة التمييز بين السياسة والدولة، وليس الدين والدولة، والذي من شأنه أن يوفر المناخ لبلورة مفهوم الدولة الديمقراطية التي تجعل من السياسة حقلاً مستقلاً، لنقل حقلاً من إنتاج المجتمع بحيث تنحصر وظيفة الدولة في تنظيم هذا الحقل كمجال حيوي للمجتمع السياسي المرتقب الذي يهيأ القاع للنهوض بالدولة والمجتمع، ولحماية المجتمع من فك الدولة وغولها المفترس(68).
إذا كان غليون قد بين مأزق الدولة العلمانية، فإن الشيخ راشد الغنوشي يرفضها نهائيا ويصفها ب"دولة التجزئة العلمانية الدكتاتورية" وينعت نخبتها السياسية بـ"الكهنوت الجديد"(69) الذي يسعى إلى فرض دينه الجديد على المجتمع العربي الإسلامي عنوة، وهذا ما يثير مخاوف وقلق الشيخ راشد، الذي يبدي في الحقيقة قلقاً مضاعفاً من واقع عربي، ينوس بين بين، بين الدكتاتورية العلمانية التي تزعم الحداثة والتقدم وبين الدكتاتورية الدينية والتعبير له التي تجعل من الدولة الإسلامية أصلاً من أصول الدين، وتنتهي بالتالي إلى ممارسة مزيد من الغلو والتطرف. وفي محاولة منه للانعتاق من هيمنة الاستبداد الفكري الذي تمارسه الحركات الإحيائية الإسلامية التي ترى في الدولة شأناً عقيدياً، ومن هيمنة استبداد الدولة العلمانية التي صادرت المجتمع العربي والحياة العربية، راح الشيخ الغنوشي يصيغ بيانه الجديد عن " الحريات العامة في الدولة الإسلامية، 1993" وأشير إلى كتابه الصادر مع بدايات عقد التسعينات من القرن المنصرم والذي يحمل العنوان السابق.
فمن وجهة نظر الشيخ راشد، أن السلطة في الإسلام ضرورية، لأن سنن الاجتماع تقتضي ضرورة قيام السلطة من وجهة نظره هي قيامة الدين. فللسلطة كما يقول " وظيفة اجتماعية لحراسة الدين والدنيا، وأن القائمين عليها ليسوا إلا موظفين وخداماً عند الأمة"(70)، فالدين أسٌّ والسلطان حارس. ويضيف الغنوشي "السلطة بهذا الاعتبار، سلطة مدنية من كل وجه، لا تختلف عن الديمقراطية المعاصرة إلا من حيث علوية سيادة الشريعة أو التقنين الإلهي"(71).
إذا ضربنا صفحاً عن هذا الخلط بين الدولة والسلطة الذي يجعل منهما وجهان لحقيقة واحدة في خطاب الغنوشي، فإن خطاب الغنوشي يثير الحيرة ويدفع إلى التناقض، بين ضرورة الدولة كونها من سنن الاجتماع وبين وظيفتها التي تكمن في حراسة الدين وإذكاء مثله الأعلى. بين ديمقراطيتها التي عليها أن ترعى المجال السياسي للأحزاب بمختلف أشكالها، وبين نزوعها الديني الذي يجعل منها دولة دينية، وبين هذا وذاك، يظل خطاب الشيخ راشد توفيقياً، والتوفيقية تأتي من كونه يفكر في المثال على حساب الواقع التاريخي، لأن الواقع التاريخي يقول إن الدولة لم تكن حارسة للدين بل هو الذي حرسها وهذا ما سنراه لاحقاً في أطروحة رضوان السيد في هذا المجال، أضف إلى ذلك إن مقولة حراسة الدين مستعارة بالجملة من ثقافة أخرى لم ينتبه الغنوشي إلى جذورها البعيدة، فسعى عبر ذلك إلى التوليف بين الماضي والحاضر، لنقل بين السلطة الدينية والديمقراطية على أمل أن يجد في ذلك مخرجًا على طريقة عمارة، يرضى به الطرفان ويساهم في خروجنا من نفق الاستبداد الذي تحاصرنا به دولة الاستبداد التي قطعت مع كل العقود التي يسعى الغنوشي إلى تسويرها بها من خلال قوله بأن "الإمامة عقد" أو أن العلاقة بين الحاكمين والمحكومين تقوم على عقد هو البيعة التي لا يصح في غيابها أن تكون هناك طاعة الحاكم.
تجديد الرهـان على الدولة العلمانية:
إذا كانت الدولة العلمانية قد انتهت إلى طريق مسدود وأفضت إلى مأزق (هو الطريق الضيق بين جبلين بحسب ابن منظور) أو إلى مأزق بحسب برهان غليون، فإن الدولة العلمانية بقيت موضع رهان عند الباحث في الإسلاميات التطبيقية وأقصد محمد أركون.
ما يأسف له أركون أن الدولة المعلمنة كانت ممكنة في الخمسينيات من القرن المنصرم، ولكنها تراجعت في نهاية القرن المنصرم، وهولا يعزو هذا التراجع إلى قصور فكري أو عقائدي أو لأنها أعطت الأولوية للسياسة على العقيدة في سعيها إلى علمنة الدولة والمجتمع معاً، بل يعزو تراجعها إلى أمرين، الأول تنامي إيديولوجيا الكفاح ضد الاستعمار، التي أخرَّت على الرغم من إيجابياتها وموهت مرة أخرى دراسة المشاكل الحاسمة والضخمة للعلائق بين الدين والدولة والدنيا، فقد أصبحت هذه المشاكل مؤجلة نظرياً لضرورات الكفاح الوطني، وأخَّر ذلك من العودة النقدية للمجتمعات الإسلامية على ذاتها(72). والثاني ويتمثل في صعود الحركات الإسلامية الراديكالية التي يتناوب في خطابها الحديث عن الدولة الدينية أو دولة الخلافة والتي ترفع شعار " لا حاكمية إلا لله " والإسلام دين ودولة، فهيجان المناضلين المسلمين على حد تعبير أركون، أجل الحسم المؤجل في مسألة الدين والدولة ونحَّى جانباً تلك النزعة النقدية والاجتماعية عند المفكرين الإسلاميين والمفكرين العرب في قراءتهم لإشكالية الدين والدولة.
في بحثه عن إشكالية الدين والدولة والدنيا، يتوقف محمد أركون عند نقاط عدة:
أولاً ـ إن الجذور الكلاسيكية للنقاش الدائر حول الروابط بين الدين والدولة والدنيا غير مدروسة، وغير مضاءة، وذلك فيما يخص الإسلام بشكل جيد حتى الآن.
ثانياً ـ إن الصورة قد أصبحت ذات أبعاد اشتداد الدعوة إلى الربط بين الدين والدولة في الإسلام.
ثالثاً ـ إنه ينبغي علينا تبيان المبالغات التي يقع فيها الكتاب الإسلاميون المعاصرون عندما يتحدثون عن هذه المسألة. وينبغي أن نفعل ذلك عن طريق التذكير بالآراء الذكية والتحليلات المرنة والأفضل توثيقاً للكتاب المسلمين الكلاسيكين والتي هي أكثر جدية بكثير من الخطابات الإيديولوجية التي تنهمر علينا من كل حدب وصوب(73).
إن الخلط بين الدنيوي والمقدس، بين الدين والدولة، يمكن إرجاعه من وجهة نظر أركون إلى خضوع العلماء للسلطة:"فقد راح العلماء الدنيويين يخضعون للسلطة السياسية في تاريخ الإسلام، وبالتالي حصل الخلط واقعاً بين الذروتين الدينية والسياسية، هذا في حين أن الفصل بينهما كان قد حدد بشكل صريح من الناحيتين النظرية والعملية. وراح الناس يتوهمون فيما بعد أن الخليفة، أو السلطان يتمتع فعلاً بمشروعية دينية وهيبة قدسية"(74).
في هذا السياق الداعي إلى الفصل بين الدين والدولة، ليس غريباً أن يثني محمد أركون على الشيخ علي عبد الرزاق وذلك على الرغم من محدوديته كما يرى غليون. وعلى الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض إطاعة أمر الخليفة في إحدى مسائل العقيدة وبذلك ثبَّت حدود وصلاحيات الخليفة التي ينبغي ألا تتعداها(75) والذي سيبعث من رماده من جديد كنموذج للمثقف المبدئي في مواجهة السلطة كما يسعى إلى ذلك محمد عابد الجابري في كتابه " المثقفون في الحضارة العربية،1996"(76).
من العروي إلى محمد أركون إلى رضوان السيد الذي قام بالتحقيق والتقديم لأهم المؤلفات الكلاسيكية للفقهاء المسلمين في مجال الدين والدولة، ومن الماوردي إلى الطرطوشي(77). هناك تأكيد على أن الفقهاء الأقدمين الكلاسيكيين كانوا أكثر نجاعة وحصافة وشجاعة في قراءتهم لإشكالية الدين والدولة، وأنهم يسبقون بالعديد من المرات، الكتابات الإيديولوجية المعاصرة التي تذكيها خطابات الإسلام السياسي أو تلك التي يذكيها مثقفون عرب علمانيون معاصرون. والتي تكشف عن عمق الهوة وعن مدى المأزق الذي يوجه مسيرة الفكر العربي المعاصر في قراءته المؤدلجة للماضي والحاضر والمستقبل والتي تنحدر علينا من كل حدب وصوب، المأزق الذي من شأنه أن يكشف عجز الخطاب العربي وعلى مدى قرن كامل من إنتاج خطاب عقلاني في هذا المجال0
ثمة شكوى عند أغلب المثقفين العرب، من أن الغرب هو الحاضر الغائب في خطاباتهم، فقد أصبح الغرب نموذجاً للقياس وليس للاستثناس كما يرى الجابري(78). وقد انتبه غليون إلى ذلك في بحثه عن مأزق الدولة العلمانية التي تقيس على الغرب في سعيها إلى علمنة الدولة والمجتمع، والتي تهمل دور الدين في بناء الدولة والجماعة وهذا ما فعله على أكمل وجه الدين الإسلامي، وهذا ما حذَّر منه هشام جعيط كما مر معنا، ولكن أركون وعلى الرغم من حصافته الفكرية وسعة اطلاعه على إحداثيات الفكر الإسلامي، يظل أسير هذا النموذج، فلا مخرج إلا بالعلمنة التي يراها ممكنة في الإسلام(79) والتي تظهر في خطابه كإنجاز برجوازي غربي قاد إلى وضع الأسس للدولة العلمانية الحديثة، في حين قاد غياب البورجوازية في الواقع العربي إلى كل هذا التخبط والتراجع الفكري عند الحركات الإسلامية التي راحت تبشر بدولة الخلافة، مع أن دولة الخلافة كما يرى أركون قد أصبحت من الماضي البعيد، وهذا ما يشكل قاسماً في أغلب كتابات الحداثيين التي تاهت في بحثها عن الطريق من خارج الغابة والتعبير للجابري في نقده للخطاب العربي المعاصر(80).
يسيِّج أركون سعيه إلى فض الاشتباك بين الدين والدولة بمزيد من الأسئلة التي يمكن لها أن تقطع مع الدولة الدينية وكذلك الدولة الاستبدادية: هل يمكن للبشر أن يقبلوا بأن يتسلط عليهم بشر آخرون ويتحكموا بشخوصهم وحياتهم كمصائر روحية مثبتة ومحددة من قبل الله (الشيخ الإحيائي أو الشيخ المستنير يرفض ذلك كما لاحظنا في خطابي عمارة والغنوشي)؟ كيف، وضمن أية شروط، يمكن للسلطة أن تصبح سيادة عليا مرتبطة بسيادة الله ذاتها وتسيطر على القلوب والنفوس عبر الكلام الموحى؟(81). ولكنه لا ينجح في فض الاشتباك بين الدولة والاستبداد، لنقل بين الدولة العلمانية والاستبداد، فقد فاق استبداد الدولة العلمانية ما عداها كما أسلفنا، ولكن أركون وعلى الرغم من سخريته من الدولة الأتاتوركية العلمانية الكاريكاتورية كنموذج، لا يقوم بنقد النموذج العلماني لدولة شرق المتوسط على حد تعبير عبد الرحمن منيف وذلك يعود من وجهة نظرنا، إلى أنه يحتفظ بالمثال العلماني على حساب التاريخ الفعلي 0 إنه يركز هجومه على دولة الخلافة، وهذا ما يفسر كثرة أسئلته التي يمكن اختصارها بسؤال واحد وينسى أن الخلافة زالت منذ أمد بعد، وأن الخلافة كانت من الشرعيات الفرعية المؤقتة كما يكتب رضوان السيد(82)، وهناك من يذهب من الباحثين في تاريخ الدولة إلى أبعد من ذلك، قد سار باتجاه الفصل لا الوصل: أي في اتجاه تشكيل دائرة سياسية بعيدة عن الدائرة الدينية ومفصولة عنها(83). وأن صلاحيات الخليفة قد حددت من قبل الفقهاء فيما يتعلق بمسائل العقيدة والذين تحدوه في أحيان كثيرة (من أحمد بن حنبل إلى العز بن عبد السلام في العصر المملوكي) والذي حصروا طاعته فيما يخص السلطات الخاصة بجهاز الدولة. ولكن أركون المتعلق بالنموذج العلماني يسهو عن ذلك ليحصر حديثه في نقد الخلافة.
دولـة عربية أم"مشروع دولـة "؟
لم يقتنع محمد أركون بمأزق الدولة العلمانية الذي وضَّحه برهان غليون ولم يلتفت إليه، وبنفس السياق لم تفلح مطارحات عزيز العظمة في بحثه عن "العلمانية في منظور مختلف،1992" في تجاوز الأزمة، لنقل أزمة الدولة العلمانية، ولم يأت مختلفه بالجديد وذلك على الرغم من مساعيه لتجاوز النموذج الأوروبي العلماني والقياس عليه(84). فقد تاه في البحث عن وجوه العلمانية المتعددة (وجهها المعرفي والمؤسسي والسياسي والأخلاقي) وكذلك قواها التاريخية الفاعلة ولكنه لم ينجح في إعادة الاعتبار للعلمانية ولا لما سمَّاه بـ"التاريخ الفعلي " في بحثه عن الدلائل القاطعة على علمنة السياسة في الفكر الإسلامي والتي من شأنها أن تدعم ما سماها أيضاً بـ"الدلائل القاطعة"(85) عند علي عبد الرازق، هذا الذي سيبقى بمثابة الحاضر الغائب والمضمر في معظم خطابات التقدميين العرب في بحثهم عن الدين والدولة والدنيا، والموجه لمعظم دراساتهم الانتقائية في التراث والتاريخ معاً.
في سعيه إلى" إعادة فهم الواقع العربي" راح الأنصاري في كتابه "تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية، 1994" يهاجر في الاتجاه المعاكس وبعيداً عن المساجلات البيزنطية بين المثقفين العرب المنقسمين على أنفسهم بين تيار يناحر العلمانية ويقرأ التاريخ العربي والتراث كما أسلفنا بصورة انتقائية ليثبت ما يسعى إليه، وبين من يرى أن الإسلام دين ودولة وأن الدولة شأن ديني، والتي اعتبرها الأنصاري خير شاهد على أزمة المثقفين العرب التي كثر الحديث عنها في عقد التسعينات. من وجهة نظر الأنصاري، إن أعراض الأزمة تمتد من الماضي إلى الحاضر. وأن " الاضطراب الذي شمل الحياة السياسية في الدولة العربية الإسلامية منذ نشأتها يجب أن يرد في النهاية إلى خلفيته التاريخية الواقعية قبل الإسلام وفي التاريخ العربي القديم، وألا يقصر على مجادلات كلامية ونظرية بين دعاة الدولة ومعارضيها في الإسلام قائلين إن الإسلام دين ودولة، ومن قائلين إن الإسلام دين في الأساس(86). ويضيف الأنصاري بقوله " أساس المشكلة، في تقديرنا، ليس في أن الإسلام لم يدع إلى إقامة دولة، فالإسلام دين ودولة، وطبيعة تعاليمه وشريعته تستدعي وجود دولة، بل إن المشكلة الأساسية تمثلت، من حيث الواقع التاريخي، في أنه كان على الإسلام أن يبدأ في إقامة دولته من نقطة البداية، أو بالأحرى من نقطة الصفر حيث لم يكن في المنطقة التي ظهر فيها وانطلق منها شمال الجزيرة العربية وجود لدولة أو لنواة دولة، أو حتى لحكومة"(87).
يلح الأنصاري على " أساس المشكلة "، فكما كانت المشكلة في الماضي، هي في الحاضر، فقد قامت الدولة في الإسلام من نقطة الصفر، وتقوم الدولة القطرية العربية الحالية وريثة عهد الاستقلال من الصفر، ولذلك ليس غريباً أن يرى الأنصاري أن الدولة الحالية ما زالت تمثل " مشروع دولة " ولم تصل بعد إجمالاً إلى مرحلة الدولة المكتملة التكوين والنضج والمؤسسات والتقاليد والنظم(88).
كان العروي قد رأى في بحثه عن وجود الدولة القطرية أو الدولة القائمة فعلاً، أنها موضع شك وتساؤل، وهذا ما ينتهي إليه الأنصاري، ومن هنا تركيزه على أن المطلوب أولاً هو" نضج مؤسسات الحكومة والدولة ومرتكزاتها في المرحلة الراهنة"(89) وفي الحقيقة وبمقدار ما يصيب الأنصاري في تصويبه لنقاط ضعف وعجز الدولة القطرية الدائمة، فإنه يحيلنا إلى إشكال كبير(90-91).
هل الدولـة حارسة للدين
نحو رؤيـة جديـدة للذات والآخر؟
من موقعه كباحث عن الطريق من داخل الغابة لا من خارجها بحسب تصنيف الجابري لخطاب المثقفين العرب(92)، راح رضوان السيد يحث الخطى بتأن يقطع مع الخطاب الإيديولوجي السائد ونزعته التحزبية السجالية، ويدفع باتجاه مزيد من الاستدراكات التي من شأنها أن تحد من هاجس الأسئلة الزائفة التي تطبع خطابات المثقفين العرب بشأن العلاقة بين الدين والدولة، بحيث تضع حداً للقراءة الانتقائية التي تعود إلى استنطاق النصوص التاريخية وتسويرها بمزيد من الأسئلة المعاصرة التي من شأنها أن تدفع إلى إجابات آنية وغير ملائمة، وهذا ما طبع أغلب نتاجاته، ودفعه إلى تعديل موقفه أحياناً بشأن الدين والدولة وإشكالية الوعي التاريخي بهما(93). وقد عمل في هذا المجال بتواتر كبير وعلى مدى عقوين عدة من القرن المنصرم، من خلال أبحاثه في هذا المجال أو من خلال ترؤسه لمجلة الاجتهاد التي اعتبرها الأنصاري أبرز علامة متميزة في انعطافة الفكر الإسلامي المعاصر "، فقد سعى رضوان السيد وعبر منهجية جادة ومن داخل الإيمان الإسلامي على حد تعبير الأنصاري إلى رؤية جديدة للتاريخ الإسلامي وأضاف عبر مؤلفاته في الدولة والسلطة والحضارة رؤية جديدة لا يمكن إغفالها في مجال إعادة تأسيس النظرة الإسلامية الجديدة للذات والآخر"(94).
في بحثه عن الدين والدولة وإشكالية الوعي التاريخي يقر رضوان السيد بأن ماهية العلاقة بين الدين والدولة تعود لتحتل الصدارة في وعي الجماعات الإسلامية المعاصرة"(95) وأنها تمثل عودة لإشكالية قديمة وليست بالجديدة. من هنا فهو يتوجه إليها وعبر أبحاث عديدة وعبر حفريات غير مسبوقة في إشكالية الدين والدولة في هذا المجال.
يتفق رضوان مع الأنصاري بقوله: إن التاريخ السياسي لأمتنا لم يكتب حتى اليوم"(96). ويضيف " كما أنه يمكن القول إن هذا الخلف كان وراء عدم تكون دولة بالمعنى الكامل لذلك في تاريخنا كله"(97). ومن وجهة نظره، أن الدعوة الملحاحة إلى إعادة النظر في علاقة الدين بالدولة كما يعبر عنها الخطاب العربي المعاصر، هي شاهد على أزمة، فالدعوة هذه تتم عادة في أوقات الأزمات الخانقة. ومن وجهة نظره أنها طرحت في العقود الأخيرة من القرن المنصرم للأسباب التالية: فقد طرحت في مواجهة الدعوة المتصاعدة لعلمنة الدولة والمجتمع، وطرحت أخيراً في ظل نظرية الحاكمية(98). وما يلمحه رضوان وكما يعبر عنه واقع الثلث الأخير من القرن العشرين، أن الدعوة إلى أن الإسلام دين ودولة، قد انتقلت من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم وذلك من موقع نموذج بديل للسلطة والحاكم(99). وهي المرحلة التي تنامت مع عولمة الحركات الإسلامية الراديكالية وظهورها على صعيد عالمي(100). ولعل ما يثير الاستغراب هو أن الاتجاه الرامي إلى علمنة المجتمع والدولة يقف بدون وعي منه على نفس الأرضية التي تقف عليها الحركات الإسلامية الراديكالية منها والمعتدلة والتي ترى في الإسلام ديناً ودولة. فالاتجاه الذي يستعير معظم بواعث التعبير عن نفسه من التجربة الاشتراكية، يرى في الدولة حارساً لدين البروليتاريا، وهذا ما انتبه إليه رضوان السيد(101) وما حذر منه برهان غليون في نقده لمأزق الدولة العلمانية بنزعتها الأصولية الجديدة.
كسابقيه، وفي محاولة منه لتجاوز المأثور الإيديولوجي السائد حول الدين والدولة، يسعى رضوان السيد إلى إثارة المزيد من الأسئلة حول إشكالية الدين والدولة، وذلك بهدف الرد عل القائلين من الإحيائيين الإسلاميين بأن الإسلام دين ودولة، والذين يعتقدون بأن وظيفة الدولة هي حراسة الدين كما جاء في المأثور الفكري للماوردي. فمن وجهة نظر رضوان السيد، أن كون الدين الإسلامي يتضمن ديناً وسياسة، فهذا شأن سائر الأديان، وهذا ما ركز عليه محمد أركون أيضاً ولكن السؤال المهم كما يرى هو: هل الدين والدنيا أو الدعوة والدولة تتضمنهما مؤسسة واحدة أو مؤسستان؟وما مدى صحة الاعتقاد و" الصورة " السائدة بين الباحثين العرب المعاصرين من أن عصر النبي والراشدين شهد توحد الدعوة والدولة في مؤسسة واحدة؟ والأهم من كل هذه الأسئلة: هل صحيح أن الشريعة كانت تحتاج للدولة من أجل تطبيقها، ثم: هل صحيح أن الدولة أو الإمامة حرست الشرع أو الدين؟(102).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر    الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر  Emptyالخميس مايو 09, 2013 1:05 am

ما يطمح إليه رضوان السيد، هو فك الاشتباك بين الدين والدولة، فعلى مسار تاريخي طويل كان لكل منهما مؤسسته الخاصة، عل أن الأهم من ذلك أن الدولة الإسلامية لم تكن حارسة للدين كما نذرها الماوردي، وكما ينذرها الإحيائيون الإسلاميون. وهنا يلفت نظرنا السيد إلى أن مقولة الماوردي عن الإمامة كحارسة للدين وسائسة للدنيا، مستعارة بالجملة من التراث الساساني، فقد كانت الزراداشتية كديانة تدين بوجودها للدولة الساسانية، وما أن انهارت الساسانية حتى انهارت الزرادشتية، أما واقع الإسلام فمختلف عن ذلك، فعلى مسار تاريخي طويل ظلت الدولة الإسلامية تدين للدين بوجودها. ثم إن السلطة السياسية في الإسلام لم تحرس الدين بل إن الدين هو الذي حرسها، وضاعت الدولة ولم يضيع الدين(103).
ما يخلص إليه رضوان السيد في حفرياته الدقيقة في تراث الدين والخلافة وعبر تحقيقاته العديدة لأهم الكتب،" أن تاريخ السلطة الإسلامية مع الشريعة وممثليها (وليس مع الدين) هو تاريخ صراعي أو نزاعي أفضى إلى انفصال السياسة عن الفقه وأحياناً عن الشريعة، وقيام مجالين أحدهما سياسي والآخر شرعي. وقد سلم كل من الطرفين للآخر بمجاله، واستمر التجاذب على أطراف المجالين حسب توازن القوى والظروف. فالصورة التاريخية السائدة عن أن الانفصال حديث مع الدخول الغربي إلى العالم الإسلامي، وظهور القوانين المدنية، والدول القومية، هذه الصورة تحتاج إلى تعديل كبير. على أن ظهور حركات " الصحوة الإسلامية " الداعية ـ بأساليب مختلفة ـ لقيام الدولة الإسلامية، وتطبيق الشريعة، يدل على أن مسألة علاقة الدين بالدولة في مجالنا الثقافي والسياسي ما تزال تبحث عن مستقر لها، مستقر ما مكنتنا تجارب القرون الماضية من الوصول إليه"(104). ويضيف بكثير من الحصافة: الأخطر من ذلك كله اهتزاز فكرة الدولة أو السلطة في وعينا الثقافي وليس في تاريخنا. فالصورة السائدة لدى الفقهاء والمؤرخين، وكتاب نصائح الملوك، أن السلطة كانت دائماً منقوصة الشرعية، إما لخروجها على مقتضيات الدين أو مقتضيات العرف أو هما معاً، لكنها كانت ضرورية لمنع الفوضى وسقوط المجتمع (حاكم غشوم خير من فتنة تدوم). وقد أدى ذلك إلى تعمق " طوبى " الخلافة الراشدة أو أفكار المهدية، وأدى في الحقبة المعاصرة إلى ظهور فكرة تطبيق الشريعة أو الدولة الإسلامية. فلابد من الالتفات إلى تيارات هامشية في القديم والحديث، كانت وما تزال ترى إمكان الدولة العقلانية، دولة الحزم والسياسة،أو الدولة المدنية(105)
إن غياب دولة العقل والمدنية، وسيادة نموذج الاستبداد، هو ما قاد في نهاية القرن المنصرم، إلى تصالح الشيخ والليبرالي، بصورة أدق، في تصالح الشيخ مع الليبرالي، فكثيراً ما ردد الليبرالي العربي أن تخلفنا يرتد إلى بعدنا عن الحرية(106)، وفي هذا السياق، شهدت الأعوام القليلة من القرن المنصرم وبداية الألفية، اتجاهين اثنين، الأول ينطلق من الفرضية التي ساقها محمد جابر الأنصاري، من أن السلطة الاستبدادية العربية هي حاضنة الدولة، وما أن تتراجع كما حدث في العراق، حتى تتراجع الدولة، وقد ذهب بعض أصحاب هذا الاتجاه إلى تبرير ما سمي بـ"دولة الإكراه " التي رآها البعض ضرورة تاريخية في تاريخ تطور الدولة، من دولة الإكراه إلى دولة المؤسسة، وذلك مهما رافقها من آلام، بحجة وجود العدو الخارجي(107). هذا الاتجاه الذي يضفي كل بركاته على السلطة الاستبدادية، يسقط ما سماها العروي بـ"أخلاقية الدولة " حيث أن تحرير الدولة من الأخلاق يحكم عليها بالانقراض. وهذا ما لم يصحوا عليه أصحاب هذا الاتجاه إلا مع وقع خطى الغزوالأجنبي.
الاتجاه الثاني هو الذي يسعى عبر حفرياته الجديدة في جذور الاستبداد إلى القطيعة معه، وهذا ما عبر عنه كل من كمال عبد اللطيف ومحمد عابد الجابري0
ما يشغل كمال عبد اللطيف في كتابه " في تشريح أصول الاستبداد: قراءة في نظام الآداب السلطانية، 1999" هو مبدأ الطاعة وكيف تم " تمجيد الطاعة" وذلك انطلاقاً من أن الآداب هي ثقافة سياسية تنشئها المؤسسة وتتبناها لخدمة مشروعها السياسي.
ومن وجهة نظره أن الطاعة هي المقابل الموضوعي للسلطة الباغية والمستبدة عبر التاريخ، بحيث أصبح مبدأ الطاعة بحسب رضوان السيد الذي يستشهد به كمال عبد اللطيف، في سياق الجدالات الإيديولوجية والكلامية والسياسية جزءاً من العقيدة السياسية لأهل السنة والجماعة، بل أصبح مناط إجماعهم. ويرى عبد اللطيف أن مفهوم الطاعة يعكس المبدأ السياسي الملازم للسلطة في تاريخ الإسلام، وتشهد نصوص الآداب على أهميته البالغة في الفلسفة السياسية السلطوية، من هنا هذا التمجيد للطاعة ومدحها في أغلب النصوص الإسلامية، باعتبارها عز الملك والأداة التي تمكن المـَلِك من المـُلك، وتمنح الرعية السلطة الضامنة للاستقرار. يقول عبد اللطيف " عندما يرد الحديث في بعض الفصول عن حقوق الرعية، أثناء الحديث عن سياسة العامة، فإن الأمر لا يتعلق بشروط ترتب علاقة الحاكمين بالمحكومين، بقدر ما تشير إلى عملية تدبير بؤرتها المركزية"(108).
هناك إجماع عند الدارسين للآداب السلطانية والمحققين لها، أن مبدأ الطاعة الأردشيري – نسبة إلى الملك الفارسي أردشير – يحضر في مختلف متون الآداب السلطانية وقد أحصى الدكتور رضوان السيد في كتابه " الجماعة والمجتمع والدولة،1997 " موارد حضور النص الأردشيري عن الطاعة الذي يجعل طاعة الملك من طاعة الله، في كتب السياسة والسمر العربية فبلغت ستة وأربعين موطناً منها ثمانية مواطن في كتب الماوردي وحده(109).
يحذر رضوان السيد بكثير من الحصافة والاستدراك، من القياس على النص الأردشيري الذي يجعل " الدين والملك توأمان لا قِوام لأحدهما إلا بصاحبه، لأن الدين أس والملك حارس..إلخ " فمع إقراره بقدرة هذا النص على دخول الآثار العربية في السمر والسياسة ومرايا الأمراء وكتب الفقه، إلا أنه يرى أن الفقهاء والمتكلمين كانوا الأقل تأثراً بهذا النص، من هنا تحذيره أيضاً من القياس على النص الأردشيري، فثمة فارق تاريخي واضح بين الدين والدولة في المجال العربي الإسلامي، فالدولة الإسلامية تدين للدين بوجودها، وليس العكس كما هو الحال في الحالة الساسانية، حيث ضربت الزراداشتية بعد سقوط الملك الساساني باعتباره حارساً للدين(110).
في كتابه " في تشريح أصول الاستبداد " يتبع كمال عبد اللطيف خطى رضوان السيد في تحذيره مما يسميها عبد اللطيف بمزالق النص الملتبس، ويقصد بذلك " عهد أردشير "الذي يتم فيه استحضار تجربة من أهم تجارب التاريخ الآسيوي في مجال الثقافة السياسية والحكمة العملية. فمن وجهة نظره أن " النص الملتبس " يفرض على الباحث في إشكالية العلاقة بين السياسي والديني أن ينتبه إلى موضوع العلاقة بين الدين والسياسة. وهو موضوع مليء بالأحكام المسبقة والآراء الجاهزة. ومن وجهة نظره أن هذه الأحكام المسبقة والجاهزة تشكل عقبة نظرية جديدة تضاف إلى صعوباته المتعددة فتتضاعف الإشكاليات وتختلط القضايا، وتنشأ الأحكام المتحزبة، فتزداد الغشاوة سمكاً أمام الأعين فلا يعود الدارس يرى شيئاً. من هنا نفسر تمييزه بين صورتين أساسيتين في العهد الأردشيري، الصورة التاريخية الفعلية التي ترويها كتب التاريخ عن الملك الفارسي أردشير الذي وحّد المدائن في دولة واحدة وأعاد إحياء الديانة الزرادشتية. والصورة التي حفظها "العهد" في صياغته العربية والتي تم استيعابها في النسيج النصي لمرايا الأمراء والتي أصبحت نموذجاً وقاعدة في التدبير السياسي العام لمجتمع بلا فتن ومؤسس على تعالي الملك واستبداده معا(111).
لم يأبه محمد عابد الجابري باستدراكات رضوان السيد ولا بتحذيرات كمال عبد اللطيف وخوفه من الأحكام الجاهزة والمسبقة والتي تقود عادة إلى أحكام إيديولوجية، فمع إقراره بأن أزمة القيم كانت وما تزال، راح الجابري يحفر في الجذور التاريخية للمستبد العادل، الذي ظهر مع تحول الخلافة إلى ملك عضوض وغشوم "ملك غشوم خير من فتنة تدوم" وذلك في أواخر العهد الأموي، وبالضبط مع هشام بن عبد الملك. وفي هذا السياق لاحظ الجابري في كتابه " العقل الأخلاقي العربي: دراسة تحليلية لنظم القيم في الثقافة العربية،2001 " أن العرب قبل الإسلام لم يعرفوا مبدأ الطاعة وكذلك الإسلام، والسؤال الذي يبحث الجابري عن إجابة له هو: من أين جاء مبدأ الطاعة؟
في بحثه عن جذور مبدأ الطاعة، يقف الجابري عند عهد أردشير وكيف قدر لعهد أردشير أن يغزو حقل الثقافة العربية ليجعل من الدين طاعة رجل(112)، وما يقلق الجابري هنا هو تنامي الاتجاه نحو الطاعة الكسروية غير المشروطة وغزوها للموروث الإسلامي المحض الذي لم يعرف في الأصل هذا النوع من الولاء(113).
************************
الهـوامش
*) باحث من الجمهورية العربية السورية.
1ـ محمد عابد الجابري: العقل الأخلاقي العربي، دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية،2001).
2ـ محمد أركون: الإسلام، الأخلاق والسياسة، ترجمة هاشم صالح (بيروت، مركز الإنماء القومي، 1990).
3ـ عبد الله العروي: مفهوم الدولة (بيروت، المركز الثقافي العربي، 1980).
4ـ برهان غليون: الدولة والدين، نقد السياسة (بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،1993) ص 6 والإشارة هنا إلى الطبعة الثانية من الكتاب.
5 ـ علي عبد الرزاق: الإسلام وأصول الحكم، دراسات ووثائق محمد عمارة (بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2000) ص 145.
6 ـ علي عبد الرزاق: المصدر نفسه، ص146.
7 ـ المصدر نفسه، ص146.
8 ـ المصدر نفسه، ص150.
9 ـ المصدر نفسه، ص154، انظر تعليق محمد عمارة في كتابه " الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية، الصفحات 200، 205، 207، 208.
10 ـ علي عبد الرزاق: المصدر نفسه، ص180.
11 ـ المصدر نفسه، ص174.
12 ـ المصدر نفسه، ص182.
13 ـ عبد المجيد الشرفي: مشكلة الحكم في الفكر الإسلامي الحديث، مجلة الاجتهاد، ص87 العدد14، السنة الرابعة، شتاء 1992، 1412 هجرية، ص87.
14 ـ عبد المجيد الشرفي: المصدر نفسه، ص91.
15 ـ عبد الله العروي: الإيديولوجيا العربية المعاصرة (بيروت، المركز الثقافي العربي،1996) وكانت الطبعة الأولى من الكتاب قد صدرت في العام 1970 عن دار الحقيقة في بيروت.
16 ـ ابراهيم البيومي غانم: مفهوم " الدولة الإسلامية " المعاصرة في فكر حسن البنا، مجلة الاجتهاد، العدد 14، ص147.
17 ـ ابراهيم البيومي غانم: المصدر نفسه، ص147.
18 ـ محمد جابر الأنصاري: الفكر العربي وصراع الأضداد: الاحتواء التوفيقي للجدليات المحظورة (بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1991).
19 ـ محمد عابد الجابري: الخطاب العربي المعاصر: دراسة تحليلية نقدية (بيروت، دار الطليعة، 1985) فقد بين الجابري أن الخطاب العري المعاصر هو خطاب قياسي إما على الماضي الديني أو على الحاضر الأوروبي، وبالتالي فهو خطاب سلفي بشقيه والمطلوب هو فك إساره من قبضة النموذج السلف، ص57.
20 ـ محمد أركون: تاريخية الفكر العربي الإسلامي، ترجمة هاشم صالح (بيروت، مركز الإنماء القومي،1986)ص 278.
21 ـ عبد الله العروي: مفهوم الدولة، 146.
22 ـ هشام جعيط: الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي، ترجمة المنجي الصيادي (بيروت،دار الطليعة،1984)ص 118. وقد صدر الكتاب بالفرنسية في العام 1974.
23 ـ هشام جعيط: المصدر نفسه،ص 118.
24 ـ رضوان السيد: الجماعة والمجتمع والدولة (بيروت، دار الكتاب العربي، 1997) ص 360.
25 ـ هشام جعيط: المصدر السابق، ص120.
26 ـ هشام جعيط: الفتنة، جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر، ترجمة خليل أحمد خليل (بيروت، دار الطليعة،1991) ص 13، وانظر مراجعة صلاح الدين الجورشي للكتاب في مجلة الاجتهاد، العدد /13 / خريف 1991.
27 ـ هشام جعيط: أزمة الثقافة الإسلامية (بيروت،دار الطليعة، 2000) ص 11. فقد أبدى مخاوفه من نكوص باتجاه الحداثة من شأنه أن يمج الإسلام جملة.
28 ـ هشام جعيط: أوروبا والإسلام (بيروت، دار الطليعة، 1995)ص 100.
29 ـ عبد الله العروي، محاورة فكر عبد الله العروي (بيروت، المركز الثقافي العربي،2000) ص 26، 27.
30 ـ هشام جعيط: أوروبا والإسلام، ص102.
31 ـ عبد الله العروي: أزمة المثقفين العرب (بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1974) والكتاب هو فصول من كتاب العروي (العرب والفكر التاريخي، 1973).
32 ـ عبد الله العروي: مفهوم الدولة، ص145.
33 ـ عبد الله العروي: المصدر نفسه، ص145.
34 ـ عبد الله العروي: المصدر نفسه،ص 89.
35 ـ المصدر نفسه، ص89، 90.
36 ـ المصدر نفسه، ص 122.
37 ـ المصدر نفسه، ص122.
38 ـ المصدر نفسه، ص135.
39 ـ المصدر نفسه، ص135.
40 ـ خير الدين باشا التونسي: أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك (بيروت، دار الطليعة).
41 ـ عبد الله العروي: مفهوم الدولة، ص145.
42 ـ المصدر نفسه، ص141.
43 ـ المصدر نفسه، ص148.
44 ـ المصدر نفسه، ص157.
45 ـ عبد الله العروي: إرث النهضة وأزمة الراهن، ص289، ضمن كتاب مقدمات ليبرالية للحداثة (بيروت، المركز الثقافي العربي، 2000) بالتعاون مع مؤسسة رينيه معوض ومؤسسة فريدريش ناومان.
47 ـ جمال البنا: كلا ثم كلا (القاهرة، دار الفكر الإسلامي، 1994) والذي يرى أن القومية العربية صنم فكريّ.
48 ـ محمد عمارة: الدولة الإسلامية، ص14.
49 ـ المصدر نفسه، ص14.
50 ـ المصدر نفسه، ص175.
51 ـ المصدر نفسه، ص175.
52 ـ المصدر نفسه، ص175.
53 ـ المصدر نفسه، ص176، 177.
54 ـ المصدر نفسه، ص202.
55 ـ المصدر نفسه، ص203.
56 ـ برهان غليون: الدين والدولة، ص11، 12.
57 ـ برهان غليون: اغتيال العقل: محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية (بيروت، دار التنوير، 1987) ص 43 وما بعد.
58 ـ برهان غليون: الدولة والدين، ص12، 13.
59 ـ المصدر نفسه، ص54.
60 ـ المصدر نفسه، ص71.
61 ـ المصدر نفسه، ص89.
62 ـ المصدر نفسه، ص.
63 ـ المصدر نفسه، ص458.
64 ـ المصدر نفسه، ص486.
65 ـ المصدر نفسه، ص505.
66 ـ برهان غليون: محنة الأمة العربية: الدولة ضد الأمة (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1993).
67 ـ برهان غليون: الدولة والدين، ص524.
68 ـ برهان غليون: المصدر نفسه، ص525.
69 ـ راشد الغنوشي: الحريات العامة في الدولة الإسلامية (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1993) ص 94.
70 ـ راشد الغنوشي: المصدر نفسه،ص 93.
71 ـ الغنوشي، المصدر نفسه، ص93.
72 ـ محمد أركون: الإسلام، الأخلاق والسياسة، ص73.
73 ـ محمد أركون: المصدر نفسه، ص45.
74 ـ محمد أركون: المصدر نفسه، ص51.
75 ـ محمد أركون: المصدر نفسه، ص51.
76 ـ محمد عابد الجابري: المثقفون في الحضارة العربية (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1996).انظر الفصل الخاص بمحنة ابن حنبل.
77 ـ انظر: تقديم رضوان السيد لكتاب أبو الحسن الماوردي، قوانين الوزارة وسياسة الملك (بيروت، دار الطليعة، 1979). كذلك دراسته عن "صراع الفقهاء على السلطة والسلطان في العصر المملوكي في تقديمه لكتاب الطرطوشي" تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك) (بيروت، دار الطليعة، 1992).
78 ـ محمد عابد الجابري: الخطاب العربي المعاصر، ص.
79 ـ محمد أركون: المصدر السابق، ص60.
80 ـ الجابري: المصدر السابق، ص11.
81 ـ محمد أركون: المصدر نفسه، ص71.
82 ـ رضوان السيد: الجماعة والمجتمع والدولة، ص58.
83 ـ محمد أركون: المصدر نفسه، ص48.
84 ـ عزيز العظمة: العلمانية من منظور مختلف (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1992) ص 11.
85 ـ عزيز العظمة: المصدر نفسه، ص38.
86 ـ محمد جابر الأنصاري: تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1994) ص 27.
87 ـ الأنصاري: المصدر نفسه، ص27.
88 ـ الأنصاري: المصدر نفسه، ص186.
89 ـ الأنصاري: المصدر نفسه، ص187.
90ـ الأنصاري: المصدر نفسه، ص190.
91 ـ هنا يكمن الخوف من مكر الخطاب السياسي العربي في سعيه إلى تبرير تصرفات السلطة الاستبدادية العربية، وذلك مع العلم أن الأنصاري واع ٍ لذلك.
92 ـ محمد عابد الجابري: الخطاب العربي المعاصر، ص11.
93 ـ رضوان السيد: الأمة والجماعة والسلطة: دراسات في الفكر السياسي العربي الإسلامي (بيروت، دار اقرأ، الطبعة الثانية 1986) ص 20.
94 ـ محمد جابر الأنصاري: مساءلة الهزيمة (بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2001) ص 105، 106.
95 ـ رضوان السيد: الجماعة والمجتمع والدولة، ص359 وانظر إلى جانب ذلك الدراسة القيمة للفضل شلق عن الأمة والدولة (بيروت، دار المنتخب العربي،1993) والذي يرى أن تأسيس الجماعة الإسلامية كان مشروعاً سياسياً رائعاً وأن السلطة السياسية تظهر كتدبير لاحق لتدبير الجماعة ص12و13.
96 ـ رضوان السيد: المصدر نفسه،ص 364.
97 ـ رضوان السيد: المصدر نفسه، ص364.
98 ـ رضوان السيد: المصدر نفسه، ص360.
99 ـ رضوان السيد: المصدر نفسه، ص360.
100 ـ جهاد عودة وعمار علي حسن، عولمة الحركة الإسلامية الراديكالية: الحالة المصرية، 2002، ضمن سلسلة " كراسات استراتيجية، مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام ـ القاهرة.
101 ـ رضوان السيد: المصدر السابق، ص383.
102 ـ رضوان السيد: المصدر نفسه، ص278، 279.
103 ـ رضوان السيد: المصدر نفسه، ص287، 288.
104 ـ رضوان السيد: المصدر نفسه، ص412.
105 ـ رضوان السيد: المصدر نفسه، ص412.
106 ـ العروي: الإيديولوجيا العربية المعاصرة، ص42، 45.
107 ـ عماد فوزي شعيبي: دولة الإكراه (دمشق، دار كنعان، 2001).
108 ـ كمال عبد اللطيف: في تشريح أصول الاستبداد: قراءة في نظام الآداب السلطانية (بيروت، دار الطليعة، 1999).
109 ـ رضوان السيد: الجماعة والمجتمع والدولة، ص386.
110 ـ رضوان السيد: المصدر نفسه، ص385، 386.
111 ـ كمال عبد اللطيف: المصدر السابق، ص165 وانظر الصفحات 228 وما بعد.
112 ـ محمد عابد الجابري: العقل الأخلاقي العربي، ص151 وما بعد.
113 ـ الجابري: المصدر نفسه، ص621.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدولـة في فكرنا العربي الإسلامي المعاصر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النظام العالمي المعاصر
» العولمة والفكر العربي المعاصر
» الدولـة في ظل الــقــرن الحـــادي و الـعــشــريــن
» العلاقات الدولية في التاريخ الإسلامي مدلولات التحليل السياسي. للتاريخ الإسلامي ودراسة العلاقات الدولية
» المثقف العربي والسياسي في الوطن العربي تأثير أم احتواء؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: ملتقى حول العولمة والسيادة-
انتقل الى:  
1