مصادر الشرعية وأنواعها في السوسيولوجيا السياسية لماكس فيبر
عبد الواحد العلمي*
ما زالت أعمال ماكس فيبر تثير اهتماما متزايدا في شتى المجالات السوسيولوجية. كان ريمون أرون قد عبر منذ الخمسينيات من القرن الماضي عن هذا الحضور المتصاعد لفيبر ولأعماله في مقال له تحت عنوان (فيبر معاصرنا)(1)، قام فيه بتغطية مؤتمر أقامته الجمعية الألمانية للسوسيولوجيا عن فيبر بمناسبة الذكرى المئوية لولادته. وتساءل آرون متعجبا آنذاك: ما الذي يوقظ -بعد ما يقرب عن نصف قرن من وفاة فيبر- كل هذا السجال المنفعل حوله؟ هل يا ترى يحدث ذلك بسبب أعماله أم بسبب شخصيته؟
نقل أرون أجواء المؤتمر الذي حضره ابرز السوسيولوجيين والمؤرخين والفلاسفة في أوروبا خاصة والغرب عامة آنذاك، على رأسهم هربرت ماركيوز وتالكوت بارسونز وهربرت لوثي إضافة إلى الشاب يورغن هابرماس. لاحظ أحدهم انه كما يوجد ماركسيون في كل مكان فانه أصبح يوجد فيبريون بنفس القدر. استقبل الأمريكيون عمله باعتباره علما صادرا عن عالم، وغضوا النظر عن السياسي في شخصيته، بينما انزعج بعض الماركسيين المخضرمين بل؛ وحتى المتنورين منهم أمثال ماركيوز من انطباق كثير من نبوءاته وتحليلاته السوسيولوجية بشكل مدهش جعلهم يغتاظون من كون هذه النبوءات لم تصدر عن عالم اجتماع ماركسي بدلا من صدورها عن عالم لم يكترث أبدا بضوضاء الايدولوجيا الماركسية بل جعلها موضوعا باثولوجيا بعض الأحيان(2).
اليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن على هذا المؤتمر الصاخب لا زال ماكس فيبر واطروحاته في قلب الجدل السوسيولوجي والسياسي بنفس الشكل أو يزيد على ذلك العهد، ونظرة بسيطة على ما يصدر سنويا عنه في جميع اللغات الأوروبية تكفي لتعطينا فكرة كافية عن حجم هذا الاهتمام.
تحتل سوسيولوجيا السياسة مكانة متميزة داخل أعمال ماكس فيبر وهي ما فتأت تثير النقاش والسجال بين دارسي فكره والمستلهمين لأطروحاته السوسيولوجية والفلسفية والسياسية، بل لا نبالغ إذا قلنا إن مدار سوسيولوجيا السياسة المعاصرة يكاد لا يغادر المواضيع والإشكالات التي اشتغل عليها فيبر مثل ماهية الدولة المعاصرة وعلاقتها بالاقتصاد الرأسمالي وأنماط الإدارة البيروقراطية ورصده لأشكال السياسة الانتخابية وأنماط السلطة وأشكال الشرعية، ولا نبالغ إذا قلنا إن أكبر المشاريع السوسيولوجية والفلسفية أيضا كان لا بد لها -لبناء صروح مشاريعها- من المرور عبر بوابة السوسيولوجيا الفيبريية إن استلهاما أو نقدا(3).
لكن إذا كانت أعماله السوسيولوجية قد لاقت ترحيبا وقبولا علميا كبيرا مثل ما كان مع أطروحته عن الرأسمالية والأخلاق البروتستانتية، فإن الأمر لم يكن كذلك مع فكره السياسي أو سوسيولوجيا السياسة عنده. إن هناك انقساما شديدا بين دارسي أعماله السياسية حول تأويل تلك (الفجوة) الواقعة بين كثير من المواقف التي اتخذها فيبر في حياته السياسية، وبين بعض أفكاره حول مفاهيم مثل الديمقراطية، والهيمنة والشرعية. فبفضل بعض مواقفه السياسية (العملية) ظهر فيبر لمدة طويلة باعتباره (مفكرا ديمقراطيا) لكن منذ نشر كتاب مواطنه فولفغانغ مومسن(4) سنة 1959م لم يعد بالإمكان التغاضي عن مواقفه النظرية الصريحة التي لم يتردد البعض أن يفهم منها معاداة للديمقراطية وتقززا من مفهوم (حقوق الإنسان) وإعجابا بالنموذج الكاريزمي الذي لا يبعد كثيرا، بحسبان البعض، عن التوتاليتارية التي عمت كل أرجاء أوروبا بعد سنوات قليلة من وفاة فيبر. وقد تجسد هذا النزوع مثلا في تلك العبارة التي وجهها فيبر إلى الجنرال لودندورف في حوار له معه سنة 1919م قائلا (في الديمقراطية ينتخب الشعب زعيما يثق به، يقول المنتخب للشعب بعد ذلك: الآن، أغلق فمك وعليك الطاعة فلا يستطيع لا الشعب والأحزاب بعد الانتخابات التدخل في شؤون الزعيم..الشعب له أن يحكم بعد ذلك)(5).
بالنسبة لكثير من الدارسين إن أعمال ماكس فيبر الليبرالي -الذي كان يطالب، إبان الإمبراطورية، بتقوية وتعضيد سلطة البرلمان- أقل أهمية بكثير من ماكس فيبر قارئ نيتشه الذي كان مشروعه من البداية هو أن يصبح (ماركس البورجوازية)(6).
سنحاول فيما يلي تحليل مفهوم الشرعية ورصد مصادرها وأنواعها كما وردت في فكر ماكس فيبر. ومعلوم أن هذه الصنافة التي قام بِها فيبر كان لها تأثير كبير في الأعمال السوسيولوجية المعاصرة. ولكن رغم أنها (أي هذه الصنافة) تشكل مصدر كل النقاشات حول مفهوم الشرعية في العلوم السياسية المعاصرة منذ سنوات الخمسينيات من القرن الماضي فان هناك انطباع عام سرعان ما يتحول إلى حكم واضح بين كثير من الدارسين؛ بفشل هذه الصنافة في المهمة التحليلية التي (يجب على كل نظرية في الشرعية أن تقوم بِها ألا وهي صياغة معيار واضح يخول لنا التمييز بين أشكال السلط الشرعية وغير الشرعية، ثم تصنيف كل أشكال الحكم التي وجدت في هذا القرن، والأهم من ذلك أن يخول لنا القيام بتحليل منسجم ومتجانس لشرعية الديمقراطية الليبرالية)(7).
يحتل مفهوم الهيمنة الشرعية مكانة مركزية في السوسيولوجيا السياسية لماكس فيبر، فقد وردت صنافته المشهورة في أكثر من خمس مواقع في أعماله وفي سياقات مختلفة. جاءت النسخة الأكثر نضجا في كتابه الضخم الصادر بعد وفاته الاقتصاد والمجتمع(
. في هذا السياق جاءت صنافته بمثابة مقدمة ومبدأ لتنظيم للفصول الأساسية التي تتناول بالتحليل وبالترتيب البيروقراطية والبطريركية والباتريمونيالية ثم الفيودالية والسلطة الكاريزمية.
هذه الصنافة نفسها يثبتها ناشر الكتاب -مع اختلاف طفيف- في الجزء الأول من طبعة لاحقة من نفس الكتاب، مع المقولات السوسيولوجية الأساسية المقدمة للكتاب في مجموعه. وتظهر الصنافة مرة أخرى في كتاب آخر(9) كمقدمة في سياق تقديمه للمصطلحات المستعملة في دراسة الأديان الرئيسية في العالم. ثم نجدها أيضا في كتابه (السياسة باعتبارها مهنة)(10) كأداة لتحليل دور الكاريزما داخل الأحزاب وفي السياسات الانتخابية. ونجد أخيرا هذه الصنافة مع الخصائص العامة لكل نوع مثبتة بشكل مختصر في المقال الذي نشر بعد وفاته تحت عنوان: الأنواع الثلاثة للهيمنة الشرعية(11).
ويدل الحضور المكثف لهذه الصنافة في أعمال فيبر على أهميتها على صعيد جميع ميادين سوسيولوجيته الاقتصادية والسياسية والدينية وعلى أهمية مفهوم الهيمنة في فكره(12).
سوسيولوجية الهيمنة: هيمنة الشرعية أم شرعية الهيمنة؟
إن الهيمنة حسب فيبر شكل خاص من الفعل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية. وهي (علاقة قيادة وطاعة بحيث إن الذين يخضعون للقيادة ينفذون تعاليمها دون الالتفات إلى مضمونها)(13). إن وجود أشخاص ذوي خصائص معينة تجعلهم في موقع يمكنهم من فرض هيمنتهم على الآخرين بشكل أو بآخر أصبح موضع سؤال عند فيبر، ولإيضاح هذا الواقع يطرح فيبر الأسئلة الآتية:
ما هي الخصائص الشخصية التي يمتلكها سواء أولئك الذين يصدرون الأوامر أو أولئك الين يخضعون لها فينفذونها والتي تجعل من هذه العلاقة -التي هي اجتماعية في جميع الأحوال- أمرا ممكنا؟
ما هي الشروط التاريخية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تجعل من هذه العلاقة أمرا ممكنا أو صعبا؟
ما هي النتائج التي تفرزها هذه العلاقة الاجتماعية في مختلف مستويات الواقع الاجتماعي؟
للإجابة عن هذه الأسئلة عمل فيبر على (تطوير) منظومة مفهامية تضم ثلاثة مفاهيم مركزية: القوة والهيمنة والامتثال(14) يعبر عنها كما يلي:
(إن القوة تعني ذلك الحظ الذي يسم علاقة اجتماعية ما والذي بموجبه يفرض فرد إرادته الخاصة رغم الميول المعادية لذلك ومهما كان أساس هذا الحظ. إننا نطلق اسم هيمنة على كل نظام وجد ذلك الحظ في جلب طاعة أشخاص معروفين ونعني بالامتثال ذلك الحظ في إيجاد طاعة سريعة وأوتوماتيكية عند العديد من الناس المعروفين بموجب ترتيب معين)(15).
لم يهتم فيبر بتبسيط القول والتحليل بخصوص مفاهيم مثل مفهوم القوة والامتثال فهو لم يتحدث عن القوة إلا في سياق علاقتها بالاقتصاد أو مفهوم الطبقة والحزب أو النظام. كذلك لم يقارب مفهوم الامتثال إلا بشكل عابر في علاقته بالعسكر أو الدين مثلا(16)، إنما الذي أخذ اهتمامه العلمي والسياسي هو ظاهرة الهيمنة لأنها تؤسس العلاقة الاجتماعية ذاتها: فمن جهة هناك إرادة هيمنة ومن جهة أخرى هناك (إرادة) خضوع وطاعة.
يفضل فيبر استعمال مفهوم الهيمنة على مفهوم القوة ومفهوم السلطة الذي يعتبره مفهوما غائما وغير محدد، إضافة إلى ذلك إن مفهوم الهيمنة ليس بالضرورة مفهوما سياسيا، وهو لا يصبح كذلك إلا بوجود جماعة على أرضية* معينة تدار شؤونها وتسير من قبل مجموعة من الأشخاص معترف لهم بهذا الدور تحديدا. هكذا فالهيمنة الممارسة من قبل رب العائلة مثلا ليست سياسية، لأنها أولاً لا تنسحب إلا على عدد قليل ومحدود من الأشخاص وثانيا لأنها لا تستعين بهيئة إدارية تنفذ الأوامر.
أما الهيمنة العارضة المؤقتة المحصل عليها عن طريق القوة أو علاقة قوة فإنها لا تهم السوسولوجيا حسب فيبر، لكن الهيمنة المقصودة هي تلك التي تتسم بقدر كاف من الاستقرار والاستمرارية يجعلها قابلة للفهم والتفسير. بمعنى آخر إن مفهوم الهيمنة لا ينطبق إلا على تلك التي تستند إلى شرعية الطاعة الناتجة عن الانتماء والاقتناع بضرورة هذه الطاعة وليست تلك التي تستند على الخوف. يكون فيبر في هذا السياق وفيا لمنهجية الفهم التي يستند عليها في سوسيولوجيته عامة، فانه داخل الوعي تتم تمثلات أولئك الذين (يقبلون) بالهيمنة، وفيبر ينشغل بفهم هذه التمثلات الذاتية للفاعلين الاجتماعيين أكثر مما ينشغل بوصف واقع خارجي ذي حيادية وموضوعية مزعومة.
إن الشرعية من ثم هي الإيمان بالقيمة الذاتية أو المحايثة للنظام الاجتماعي(17) الذي يعيش داخله المهيمن عليهم.بذلك يضفي المهيمن عليه (معنى) لهذه الهيمنة التي يخضع لها، ولا يمكن أن تبقى مجرد عادة أو نتيجة للعقلنة الأداتية، لا بد لها أن تصبح مرغوبا فيها عنده (أي المهيمن عليه) بالدرجة الأولى، وإلا فالنظام الاجتماعي المستند إلى هذه الهيمنة معرض للاهتزاز في كل لحظة. ولا يتجلى هذا المعنى في المنفعة لان المنفعة معرضة للاهتزاز بمجرد إعادة توزيع الثروة مثلا، ولا يتجلى أيضا في العادة لأن العادة قد تتغير يوما ويتعرض هذا النظام للاهتزاز من جديد. لا بد لهم إذن من (الاعتقاد) في شرعية هذا النظام أو ذاك.يقول فيبر:
(إن النظام الذي يحترم فقط لأسباب عقلانية هو عامة أقل استقرارا من النظام الذي يحترم على أساس العادة، ذلك بسبب الطابع الروتيني للسلوك، ولأن ها هنا أيضا، من بين كل المواقف الخاصة، إن العادة هي السلوك الأكثر شيوعا. لكن مع ذلك إن العادة نظام أقل استقرارا بالمقارنة مع النظام الذي يتأسس على جاذبية المثالية والوجوب أقصد الشرعية)(18).
في الفصل الثالث من الجزء المخصص لـ(مراتب السوسيولوجية) من كتابه الاقتصاد والمجتمع المعنون بـ(أنواع الهيمنة) يحاول ماكس فيبر أن يميز بين أشكال الهيمنة وأنواعها.
يخلص فيبر بعد تحليل طويل إلى انه إزاء مزاعم الهيمنة فان تفسير أسباب الخضوع والطاعة متعددة تتراوح بين تفسير ذلك بـ(التعود الخامل) إلى تفسيرات أكثر عقلانية. لكن المشترك بين كل هذه التفسيرات والتعليلات هو كون (هناك حد أدنى من إرادة الطاعة، إذن مصلحة (داخلية أو خارجية) للطاعة)(19).
من جهة أخرى لا يمكن سحب مفهوم الهيمنة على العلاقات الاقتصادية اللامتكافئة. إن إمكانية تلاعب البعض بالشروط الاقتصادية للتأثير على بعض الفاعلين الاجتماعيين وتوجيههم لا يمكن أن نقارنها بعلاقات السلطة.يقول فيبر:
(إن إطلاق نعت هيمنة على قوة اقتصادية ناتجة عن الاحتكار الذي تقوى معه إمكانية إملاء شروط التبادل على الشركاء، لا يزيد عن إطلاقنا نفس النعت على ذلك التأثير الناتج عن التفوق الايروتيكي أو الرياضي أو الخطابي أو أنواع أخرى من التفوق)(20).
ينطلق فيبر أولا من اعتبار الهيمنة ظاهرة ذات وجود واقعي وليس اعتبارا مثاليا، فهي لا تستنج عقديا أو قانونيا من قيمة ما أو معيار معين لكنها توجد فعلا وواقعا: فهي توجد كلما كانت هناك سلطة زاعمة لإصدار لأوامر محددة تتبع فعلا على نطاق واسع.
يعارض فيبر أي تأويل قيمي ومعياري للهيمنة ويقرر أن كل تنفيذ لأمر يجب أن يوصف عن طريق هذا المفهوم. مع ذلك يعتقد فيبر أن النتيجة الخارجية وحدها -يعنى تنفيذ الأمر- لا تكفي لفهم المتغيرات المختلفة للسلسلة السببية ابتداء من إصدار الأمر وانتهاء بتنفيذه.
إن المهيمن يحتاج –عادة؛ لكي يحافظ على (حظه) في تنفيذ أوامره من قبل المهيمن عليهم إلى (هيئة إدارية). وتختلف أنماط الروابط التي تصل هذه الهيئة بالمهيمن حسب أنماط الفعل الاجتماعي التي قررها فيبر في مكان آخر. وهي(21):
1- الفعل التقليدي الذي تمليه التقاليد والعادات الموروثة والمعتقدات التي تصبح بمثابة طبيعة ثانية. والفاعل ها هنا لا يكون مقودا بهدف أو قيمة ولا واقعا تحت تأثير عاطفة ما ولكنه ببساطة يستجيب لتقاليد راسخة في حياته العملية.
2- الفعل العاطفي وهو الذي تمليه حالة الوعي أو مزاج الإنسان في لحظة معينة كالصفعة التي تناولها الأم لابنها الذي تظن انه لا يطاق أو لكمة لاعب فقد أعصابه لآخر خلال مباراة كرة القدم. إن الفعل هنا لا يتم بالارتباط بهدف ما أو قيمة ما وإنما عن رد فعل عاطفي من قابل الفاعل في ظروف معينة.
3- الفعل العقلاني المرتبط بهدف/مقصد وهو يطابق -كما يرى ذلك ريمون آرون- مفهوم (الفعل المنطقي) عند باريتو(22)، وهو الفعل الذي يكون فيه الفاعل الاجتماعي واعيا بالهدف ومحصلا للأسباب المؤدية إليه مثل المهندس الذي يبني نفقا أو المضارب الذي يجتهد للربح.
4- الفعل العقلاني المرتبط بالقيمة مثل الموت في سبيل الوطن أو مثل ذلك القبطان الذي يفضل الغرق مع سفينته ولا ينجو بنفسه لان ذلك يجلب العار. وهذا النوع من الفعل عقلاني لا لأنه يروم تحقيق هدف محدد بل فقط للإخلاص لفكرة الشرف أو الأمانة الأخلاقية.
حينما تكون الرابطة بين المهيمن والهيئة الإدارية مادية وعقلانية هادفة فهي تفرز لنا هيمنة غير مستقرة لهذا تنضاف أحيانا دوافع ذات صبغة عاطفية وعقلانية قيمية. لكن رغم اجتماع هذه المصالح والروابط العقلانية المرتبطة بهدف والعقلانية المرتبط بالقيمة والعقلانية المرتبطة بالعاطفة فإنها لا تشكل أسسا متينة للهيمنة. في هذه الحالة هناك عامل آخر أكثر اتساعا ينضاف إلى ذلك إنه (الاعتقاد في الشرعية).
لهذا لا نبالغ إذا قلنا: إن ما شغل الفكر السوسيو-سياسي لماكس فيبر ليس هو هيمنة (الشرعية) التي تبقى مفهوما جد غامض حتى في الدراسات السوسيولوجية والسياسية اللاحقة، لكن ما شغله هو كيفية (تشرعن) مختلف أشكال الهيمنة التي وجدت عبر التاريخ الإنساني.
اعتقاد المهيمن عليه هو مصدر الشرعية الأول
يرى فيبر أن التجربة تبين أن امتلاك حظوظ أكثر للاستمرار في الهيمنة لا يتوقف فقط على أسباب مادية أو عاطفية أو عقلانية قيمية. إن كل هيمنة تبحث بالأحرى عن بث الوعي والاعتقاد في شرعيتها. لهذا فإنه من المناسب -حسب فيبر- التمييز بين أنماط الشرعية وفق أنماط الهيمنة.
إن الهيمنة على هذا النحو تظهر كأنها شكل مميز من أشكال الفعل الاجتماعي ومن العلاقات الاجتماعية. ويتخذ هذا الفعل الاجتماعي مناحي أو اتجاهات متعددة. ويجب التنويه هنا إلى أن نظر فيبر إلى الشرعنة والشرعية جاء في سياق أوسع وأشمل أي في إطار بحثه لأنماط الهيمنة وركائزها. وما جاء حديثه عن الشرعية إلا أداة مفهامية لوصف أشكال الهيمنة والهيمنة الشرعية منها على الخصوص.
إن المشكل المركزي في سوسيولوجية السياسة عند فيبر هو مشكلة الهيمنة الشرعية وليس مفهوم الشرعية في حد ذاته، وكما يلاحظ السوسيولوجي الكندي لورنس مكفالس، إن فيبر لم يستعمل مصطلحات من مثل شرعي/غير شرعي* إلا على نطاق محدود جدا سواء في كتاباته النظرية أو في كتاباته السجالية(23). وحين استعملهما فانه قد استعملهما في سياقات مختلفة عما درج استعماله في العلوم السياسية فيما بعد.
ففي فصل تحت عنوان (الهيمنة غير الشرعية: تصنيف المدن) من كتابه (الاقتصاد والمجتمع) يقارن فيبر بين المدن في القرون الوسطى والمدن القديمة ويخلص إلى أهمية شكل المدينة القروسطوية ودورها في الانتقال إلى (شكل استفتائي) على مستوى تسييرها مما مهد لظهور الفكرة المعاصرة المتعلقة بالمدينة باعتبارها شراكة حرة للأفراد. وهو بخلاف ما ذهب إليه البعض لا يشرعن أو ينظر في هذا الفصل لشكل من الهيمنة العنيفة الثورية بقدر ما يصف شكلا من الهيمنة جديد واع بقطعه مع الشرعية القديمة القائمة على السلطة التقليدية الارستقراطية والدينية. فهو يصف البوبولو الايطالي* الذي شكل سلطة بلدية في مختلف المدن الايطالية في بداية القرن الرابع عشر باعتباره (أول شراكة سياسية لاشرعية وثورية بشكل واع) وهو يستعمل لفظ اللاشرعي ها هنا مريدا به وصف هيمنة تقطع بشكل واع مع المطالبة بشرعية من طراز قديم. (فلاشرعية الهيمنة الجديدة لا توجد إلا في مقابل هيمنة أخرى تقيم بأنها شرعية، وهذا يعني أن مفهومي الشرعي واللاشرعي ليسا عند فيبر إلا مفاهيم نسبية ذاتية ومعيارية، أي أنها أحكام قيمة وليست وقائع لها مصداقية تحليلية)(24).
لكن الأمر درج في بعض أوساط العلوم السياسية على الحديث عن شرعية نظام سياسي كأنها خاصية موجودة واقعا غيابها يفضي بالضرورة إلى (أزمة شرعية).
هكذا فأنماط الهيمنة الشرعية تقابل أنماط الفعل الاجتماعي(25) كما أوردها فيبر في كتابه الاقتصاد والمجتمع،حيث أنماط الهيمنة الشرعية ثلاث: الهيمنة التقليدية والهيمنة العقلانية والهيمنة الكاريزمية.
تستند الهيمنة التقليدية على الإيمان المستمر بالطابع المقدس للتقاليد المحفورة في الذاكرة والعادة المرسخة في الإنسان على احترامها. ففي مجتمع مطبوع بعلاقات شخصية وملتحمة بفضل معتقدات مشتركة نجد أن الاستقرار مفضل ومقدم على التجديد، وبالتالي فإن احترام التراتبية الاجتماعية بموجب هذه الاعتقادات المترسخة يصبح أداة لحفظ الهيمنة وضمانها. لهذا فإن كل نظام حكم يملك هذه التقاليد المرسخة بالمعتقدات المشتركة فإنه يمتاح منها شرعية متصاعدة فيصبح بمعنى من المعاني نوعا من السلطة الطبيعية أي السلطة التي لا تجد أساسها وأصلها محل تساؤل وتشكيك.
أما الهيمنة العقلانية فهي تتأسس على الإيمان بشرعية القانون ومرتبطة بمفهوم المجتمع الذي يقوم على التعاقد والمساواة القانونية بين أفراده. وهذه الهيمنة تتسم بالطابع المؤسساتي القوي وكذلك بالبيروقراطية التي هي خاصية أساسية للسلطة السياسية المبنية على العقلانية. فالقواعد العامة واللاشخصية تأخذ مكان الامتياز والحظوة، والتوظيف السياسي يتم على أساس الكفاءة وليس على أساس القرابة والمحسوبية. إن المحكومين والحكام على السواء يجدون أنفسهم مسوقين إلى سلوك عقلاني* أي أنهم يسلكون إلى تحقيق أهدافهم ومقاصدهم مسلكا عقلانيا منضبطا لقواعد اللعبة المتعارف عليها.
أما الهيمنة الكاريزمية فإنها تقع في درجة عالية من العاطفية. إن قوة سيطرة المهيمنين على الخاضعين تستند -كما يقول فيبر- على (جماعة عاطفية) وعلى خضوع، غير عادي ذا طابع مقدس، من قبل الخاضعين إزاء الفضائل البطولية أو الدينية أو الخطابية والاستثنائية لشخص ما. إن الزعيم الديمقراطي آو التقليدي يمكن له أن يعول -إذا أراد أن يفرض نفسه- على (منح الذات) الطوعي الذي يدفع الخاضعين إلى تفان مطلق يحركه حماس ما أو ضرورة. إن الهيمنة الكاريزمية تستجلب جميع الأدوات والوسائل من اجل افتتان الخاضع بشخصية المهيمن واجتذابه إلى الإعجاب بِها وهو ما يمكن أن يشوش على باقي نمطي الهيمنة الأخريين أي الهيمنة التقليدية والهيمنة العقلانية. فيمكن أن تتحول الزعامة الدينية أو التقليدية القائمة على الهيمنة التقليدية إلى زعامة كاريزمية فتتوارى الشرعية التقليدية لصالح الشرعية الكاريزمية، أو تنزلق الزعامة الديمقراطية نحو نظام استفتائي يعلق القواعد القانونية القائمة.
لكن الأهم من ذلك هو أن هذه الأنماط من الهيمنة لا يمكن أن تؤسس شرعيتها على دعائم خارجية مادية فقط بل لا بد لها من (اعتقاد) الخاضعين لها في شرعيتها. إن فيبر في تنظيره لمشكل الشرعية كان يفكر في محرك للتغيير الاجتماعي انطلاقا من منطق ذاتي قصدي(26) يقول فيبر:
(تظهر التجربة أنه لا توجد هيمنة تقتصر إراديا على بناء استمراريتها وبقاءها على مجرد دوافع مادية أو عاطفية أو عقلانية. خلافا لذلك كل أنماط الهيمنة تبحث عن بث الاعتقاد في شرعيتها عند الخاضعين لها)(27).
لكن هذا لا ينفي وجود أسباب أخرى مادية مثلا تكون سببا في ظهور بعض أشكال الهيمنة، نلاحظ ذلك مثلا حيين يذهب فيبر إلى تفسير احتداد البيروقراطية وتصاعدها في الولايات المتحدة بالعوامل الخارجية دون اللجوء إلى مفهوم الشرعية المبني على الاعتقاد الذاتي(28). وهذا ما يعزز الصورة الغامضة واللامنسجمة التي تتهم بِها السوسيولوجيا السياسية عند ماكس فيبر.
من جهة أخرى لا يمكن لنا أن نستجلي الدوافع الحقيقية والواقعية لهذا الاعتقاد فالدوافع الحقيقية للطاعة يمكن أن تتعدد لكن هذه التعددية ليس لها معنى سوسيولوجي بما أن الفهم السوسيولوجي لا يتطلب بالضرورة أن (نحيي أو نعيد تركيب الدوافع الحقيقية لفعل اجتماعي معين)(29).
إن البحث عن الشرعية لا نهاية له وما يهم فيبر ليس هو معرفة ما إذا كان ادعاء ما بالشرعية ينجح أم لا في ديمومة الهيمنة، لكن ما يهمه هو (كيف) يساهم شكل هذا الادعاء في تشكيل وتنظيم العلاقات داخل هذه الهيمنة.و هذا ما يدفعه إلى تأسيس صنافته للهيمنة على ثلاثة أشكال مجردة يمكن لمطالبة بالشرعية أن تأخذها.
و ما تؤكد عليه تحليلات فيبر أنه ليس هناك اكتفاء ذاتي لشكل من الأشكال الثلاثة للشرعية، ففي ظل الهيمنة التقليدية يزعم المهيمن أنه يمثل مبدأ تنبع مصداقيته من أقدميته، بينما يزعم المهيمن كاريزميا أن مبدأ جديد يقطع مع الماضي ينبع من شخصه الاستثنائي هو، وأخيرا إن الهيمنة العقلانية المعتمدة على مجموعة من القواعد المقبولة من طرف الجميع تدعي أنها فوق كل الأشخاص.
لا يمكن الحديث إذن عن شرعية تقليدية أو كاريزمية أو عقلانية كأنها واقع، فالنظام الملكي الذي يعتمد على شرعية وراثية مثلا لا يمكن أن يستغني، بين الفينة والأخرى (عن استدعاء (الخصائص الاستثنائية) لشخصية الملك، أو محاولة عقلنة التسيير الإداري وإلا سيكون في خطر الانزلاق نحو اللامعقول تماما كما هو أمر البيروقراطية المعقلنة فهي سرعان ما تتحول إلى تقليد متجمد في غياب دفعة كاريزمية. وبالمثل إذا استمر الإداريون في ظل النظام الثوري يعملون فقط من أجل وفي إطار ما هو سياسي دون تطعيمه بدفعة عقلانية فانه سرعان ما سيسقط في الفوضى.
هناك إذن انزلاق مستمر من نمط إلى آخر من أنماط الشرعية، وما يهم فيبر هو فهم التمظهرات المتغيرة لمختلف أشكال الشرعية من اجل وصف كيف تولد الاختلال الملازم لكل نمط والتوترات الحاصلة بينها. وهذا ما قام به في تحليله لنظام الرايخ في عهد جيوم الثاني الذي كان في طريقه للانهيار. والملفت في تحليله ذاك -كما يقول لورنس ماكفالس في مقاله سابق الذكر- هو عدم وصفه لذلك النظام باللاشرعية رغم نقده الراديكالي له، ذلك أن هذا التقييم المعياري شرعي/لا شرعي ليس له عند فيبر آية قيمة تحليلية.
مآلات النموذج الكاريزمي ونقد سوسيولجيا فيبر السياسية
لقد قوبل مفهوم الشرعية أو الهيمنة الشرعية بكثير من النقد ابتداء من المفارقة التي يحملها هذا المصطلح التركيبي المتجسدة في الجمع بين الهيمنة والشرعية في مفهوم يروم الوصف المنسجم للظواهر الاجتماعية أو بالأحرى لتمثلات معينة لهذه الظواهر الاجتماعية، مرورا بإلصاق مفهوم الشرعية بالاعتقاد الذاتي للفاعلين الاجتماعيين دون اكتراث بالمحددات الموضوعية والقانونية، وصولا إلى المبالغة في التفسير النفساني لمسألة تقبل الهيمنة عند المهيمن عليه، حتى لكأن الاعتقاد الذي يبديه المهيمن عليه -نتيجة تقبله الأمر الواقع- يشرعن لسلطة الأمر الواقع ولسلطة الأقوى.
لعله مما عرض مفهوم فيبر عن الهيمنة الشرعية إلى النقد الشديد إضافة إلى غموضه هو الاستثمار بل والاستغلال الأديولوجي الذي تعرض له بعد وفاته حتى أنه قيل إن (وفاة فيبر في الرابع عشر من يونيو 1920م تسجل بداية أعماله بكل ما تعنيه كلمة البداية من معنى)(30). لقد عملت مختلف القراءات -خاصة تلك التي قامت في ظل جمهورية فيمار- على استقطاب كثير من المفاهيم الفيبيرية بما فيها مفهوم الهيمنة الشرعية ومفهوم الكاريزمية ومفهوم الديمقراطية الاستفتائية لغايات عملية وسياسية أو، بالنسبة للبعض الآخر للدفع بأطروحاتهم التي توخت فهم وتفسير تلك اللحظة التاريخية سوسيولوجيا وقانونيا(31).هكذا ظهرت قراءة هانز كلسن التي من نتائجها المفارقة يكون فيبر احد المنظرين الكبار للديمقراطية، وقراءة كارل شميت الذي سيدفع بالنموذج الكاريزمي الفيبري إلى تخوم التوليتارية الرئاسية إضافة إلى قراءة ريشار توما التي تترجم قلق العبارة الفيبرية بكلمات واضحات حول نخبوية الديمقراطية وارستقراطيتها وهيمنة الأفضل داخلها(32).
ولا يمكن إغفال دور غموض الاصطلاح الفيبيري وتشابك تصنيفاته إضافة إلى تردده السياسي والفكري إزاء مجموعة من المفاهيم في حدوث مثل هذا الاستغلال الأديولوجي والسياسي لأطروحته السوسيولوجية والسياسية. فوق كل ذلك لا يمكن إغفال دور انخراطه السياسي وتشابك طموحاته العملية مع ميوله النظرية في خلق غموض موقعه من الفكر اللبرالي والديمقراطي.
لقد كان فيبر ميالا إلى ديمقراطية برلمانية يحكمها رئيس قوي ذو حظوة كاريزمية تمكنه من التخفيف من غلواء الخصومات البرلمانية، إذ إن فيبر كان معاديا للنظام البرلماني الخالص الممثل آنذاك بالجمهورية الثالثة وقد صرح علنا سنة 1918م أن (النظام البرلماني ومعه الخصومات الحزبية ممكن تجنبه إذا كان المجلس التنفيذي الموحد للرايخ في يد رئيس منتخب من طرف الشعب كله) فكان يأمل بذلك أن يكون هناك (رئيس يستند إلى الشرعية الثورية للانتخابات الشعبية)(33) فكان ميالا بذلك إلى ما يسميه بالديمقراطية الاستفتائية حيث الرئيس بكاريزميته المطلوبة له هيمنة وسلطة تعلو على سلطة البرلمان.
لكن نعتقد أنه من التبسيط اعتبار السوسيولوجيا السياسية لماكس فيبر مجرد نظرية من تلك النظريات المضادة للديمقراطية التي انتشرت في القرن التاسع عشر. فتحليلاته للنزعات الاوليغارشية للأنظمة والمنظمات (الديمقراطية) يمتزج عنده بتحليل التناقضات الداخلية للمبادئ المعاصرة للشرعية، فيجب إذن التمييز داخل سوسيولوجيا الهيمنة عنده بين ما يتأسس على تحليل التمثلات المعاصرة وبين ما يتأسس على إعادة بناء دينامكية الصراعات الاجتماعية. فلا ينبغي في أي حال من الأحوال تقريب أو مقارنة هذا المشروع الفيبيري من النموذج التوليتاري(34)، لأنه بكل بساطة تجربة التوليتارية هي تجربة لاحقة ستعرفها ألمانيا وايطاليا ما قبل الحرب العالمية الثانية إضافة إلى الاتِّحاد السوفياتي وغيره. فهذا النموذج لم يكن أبدا ينتمي إلى أفق التفكير السوسيولوجي لهذه الفترة.
لكن وكما يقول مومسن نفسه(35) ربما كان دستور الجمهورية الخامسة في عهد رئاسة شارل دوغول هو الأقرب إلى ما كان تتطلع إليه الديمقراطية الاستفتائية التي نظر لها ماكس فيبر، وربما لو قدر لفيبر أن يعيش إلى حدود سنة 1933م لكان أدرك واقعيا المآلات البعيدة والدرامية لهيمنة النموذج الرئاسي الكاريزمي الذي طالما تطلع إليه.
***********************
الحواشي
*) أكاديمي من تونس مقيم في بروكسل.
Raymond Aron; Les étapes de la pensée sociologique-1, Edition Gallimard،1967.p564
2- انظر عرضا لوقائع هذا المؤتمر في المقالة المشار إليها أعلاه.
3- نذكر على سبيل المثال أعمال مدرسة فرانكفورت التي اتخذت أعمال فيبر رمزا للمآلات البئيسة للعقلانية المعاصرة، ونكر أعما يورغن هابرماس وأعمال كارل شميدت وتالكوت بارسونز الذي ترجم فيبر إلى الانجليزية..أما بيير بورديو فهو مدين بالشيء الكثير لماكس فيبر في بناء مفهومه عن (الرأسمال الرمزي)..نذكر أعمال ميرلوبونتي الفلسفية.
W.Mommsen ; Max Weber et la politique allemande 1890-1920-4، trad.، Paris، Puf، coll.) Sociologie (،1986.
M.WeberM: Gesammelte Politische Schriften-5،Tübingen 1988، p499
6 - Philippe Raynaud ; Max Weber et les dilemmes de la raison -moderne. Presses Universitaires de France.p158.
7 - David Beetham ; Max Weber et la légitimité politique ; dans -Revue européenne des sciences sociales، Tome XXXIII، 1995، N°101، pp 11-22.
8 - Wirtschaft und gesellschaft، Tübingen،J.C.B.Mohr
نعتمد في ها المقال على الأصل الألماني والترجمة الفرنسية له تحت عنوان:
Economie et Société،Paris: Pocket، 1995.
9 -Wirtschaftsethik der Weltreligion.
Politik als Beruf.-10
Die drei reinen Typen der legitimen Herrschaft.-11
Herrschaft.-12
13- Wirtschaft und gesellschaft -، Tübingen،J.C.B.Mohr.p 549.
Dirk Kaesler: Max Weber: savie -14، son oeuvre، son influence، Paris: Fayard، c1996.p187.
15Wirtschaft und gesellschaft -، p28.
- Dirk Kaesler; ibid p 187.-16
*) Territorialität/Territorialité
17- يعرف فيبر النظام الاجتماعي كالتالي (المحتوى الدال لعلاقة اجتماعية ما، حيث يوجه الفعل بناء على قواعد يمكن استبيانها) انظر:
Max Weber: (les concepts fondamentaux de la sociologie), Economie et Société، tome 1، Plon، Paris، 1995.p65
- Economie et Société -18، T1/ p65.
- Dirk Haesler -19، p188.
20- Economie et So ciété -، p286.
Raymond Arond ; Lesétapes de la pensée sociologique -21، Edition Gallimard،1967.p500.
دأب ماكس فيبر على تصنيف الظواهر وفق اختيار ما يسميه النماذج الصافية التي تمثل بحسبانه المنهج الوحيد الذي يخول لنا احترام التعددية اللانهائية للقيم التي توجه أبحاث السوسيولوجيين. فالنموذج الصافي أو المثالي هو تمثل للواقع، تمثل لا بد أن يكون جزئيا ومتحيزا وهو يتجسد في اختيار بعض المتغيرات على حساب أخرى لا تدخل ضمن اهتمامات الباحث. انظر:
Madeleine Grawitz: Méthodes des sciences sociales.Précis Dalloz, 1993.p 101
ibid.p500.-22
*) legitim/nicht legitim
23- Laurence McFalls:)L’Etat bâtard: illégitimité et légitimation -chez Max Weber(dans Lalégitimité de l’Etat et du droit Autour de Max Weber،sous la direction de Michel Coutu et Guy Rocher.L.G.D.J e les Presses de l’Université Laval
*) Popolo
البوبولو نعت يراد به جزء من ساكنة بلديات ايطاليا ما بين القرن 12 والقرن 14 التب لم تكن تنتمي إلى طبقة النبلاء وكانت تتشكل خاصة من التجار الذين اغتنوا عن طريق ازدهار التجارة في كبريات المدن الايطالية ما بين القرن 11 والقرن 14.
*) Zweckrational
24- Laurence McFalls:)L’Etat bâtard: illégitimité et légitimation -chez Max Weber(dans Lalégitimité de l’Etat et du droit Autour de Max Weber،sous la direction de Michel Coutu et Guy Rocher.L.G.D.J e les Presses de l’Université Laval.p49
25- Economie et Socité، p285.
وفي الحقيقة لا تقابل الأنواع الثلاثة للفعل الاجتماعية الأنواع الثلاثة للهيمنة، فهناك نوع من الفعل الاجتماعي يبقيه فيبر دون مقابل للشرعية حيث ثلاث أنواع من الشرعية تقابلها أربعة أنواع من الهيمنة وقد أثار هذا الاختلاف تفسيرات متعددة فريموند أرون مثلا يذهب إلى أن ذلك يعود إلى أن اصطلاحات فيبر مضببة وعائمة ودليله على ذلك هو ورود صنافة أخرى له في موضع آخر للأنظمة الشرعية تقابل الأنماط الثلاث للفعل الاجتماعي، بينما يذهب فليب رينو إلى أن الصنافتين غير متطابقتين فالأولى تنظر إلى الشرعية كما يمكن أن يزعمها المهيمنون بينما الصنافة الثانية تنظر إلى الشرعية كما يمكن أن ينظر إليها المهيمن عليهم، وبالتالي عنده إن الشرعية العقلانية تقابل نمطي الفعل العقلاني المرتبط بهدف والمرتبط بالقيمة معا. (انظر كتاب ريمون أرون المذكور أعلاه ص555 وكتاب فليب رينو المذكر سابقا ص158-159).
26- بورديو سيأخذ بعين الاعتبار هذا المنطق الذاتي لكن بالتخفيف من غلواء هذه القصدية وذلك في صياغة نظريته في الأبيتوس.
27- اقتصاد ومجتمع، ص544-545 النسخة الألمانية.
28- يفسر فيبر صعود البيرقراطية واشتدادها بكونها (غالبا تقام باقل تكلفة وبكون) إن السبب الحاسم في تقدم البرقرطة كان دائما بسبب تفوقها التقني بالأساس على كل أشكال التنظيم (الاقتصاد والمجتمع).
29- اقتصاد ومجتمع ص545 النسخة الألمانية.
30-Carlos Miguel Herrera:)Comment assumer l’héritage wébérien sous Weimar ? Légitimité، démocratie، changement social(dans Lalégitimité de l’Etat et du droit Autour de Max Weber،sous la direction de Michel Coutu et Guy Rocher.L.G.D.J e les Presses de l’Université Laval.p221.
31- يقول كارلوس ميكيل هيريرا: (إن تلقي أفكار فيبر في ظل جمهورية فيمار كانت محط رهان سياسي فيما يتعلق بنظرية الدولة) المرجع السابق ص214.
32- انظر تحليلا لمختلف أشكال التلقي لأعمال فيبر السياسية في المرجع السابق 221-236.
4) W.Mommsen ; Max Weber et la politique allemande 1890-1920 33- trad.، Paris Puf coll(Sociologie)1986.p430.
34- فعلا لقد خطا الكثيرون هذه الخطوة وربطوا بشكل صريح بين فكرة الكاريزما عند فيبر وبين ظهور ادولف هتلر، مثل أوتو كولروتر وكارل لوفيث. انظر مومسن المرجع السابق ص510-511.
35- Ibid.p 512-513.