منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الفكر الاشتراكي Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الفكر الاشتراكي Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الفكر الاشتراكي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الفكر الاشتراكي Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الفكر الاشتراكي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الفكر الاشتراكي Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الفكر الاشتراكي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الفكر الاشتراكي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الفكر الاشتراكي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الفكر الاشتراكي Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الفكر الاشتراكي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الفكر الاشتراكي Empty
مُساهمةموضوع: الفكر الاشتراكي   الفكر الاشتراكي Emptyالأحد فبراير 17, 2013 10:30 am

الفكر الاشتراكي
الاشتراكية، هي نظام اقتصادي يمتاز بالملكية الاشتراكية لوسائل الإنتاج والإدارة التعاونية للاقتصاد؛ أو هي فلسفة سياسية تدافع عن هذا النظام الاقتصادي. الملكية الاشتراكية تعود لأي شخص من أو مجموعة مما يلي: شركات تعاونية أو ملكية شائعة أو ملكية عامة مباشرة أو دولة المؤسسات المستقلة، الاقتصاديات الاشتراكية تعتمد على الإنتاج من أجل الاستخدام والتخصيص المباشر لمدخلات الاقتصاد لإشباع المتطلبات الاقتصادية والحاجات البشرية (قيمة الاستخدام)؛ المحاسبة تعتمد على كميات طبيعية من الموارد، كمية طبيعية أو قياس مباشر لوقت العمل. كحركة سياسية، تشمل الاشتراكية على مصفوفة مختلفة من الفلسفات السياسية، تتراوح ما بين الاشتراكية الإصلاحية إلى الاشتراكية الثورية. يدافع أنصار اشتراكية الدولة عن قومية وسائل الإنتاج، توزيع وتبادل خطة لتنفيذ الاشتراكية. يدافع الديموقراطيون الاشتراكيون عن إعادة توزيع الضرائب وتنظيم الحكومة لرأس المال من خلال هيكل اقتصاد السوق . بخلاف ما سبق، الحركة اللاسلطوية تدافع عن تحكم العامل المباشر في وسائل الإنتاج بدون الاعتماد على سلطة الدولة أو السياسيات البرلمانية أو ملكية الدولة للصناعة لتحقيق الاشتراكية.
الاشتراكية الحديثة تنبع من مفكري القرن الثامن عشر والحركة السياسية للطبقة العاملة التي تنتقد آثار الصناعة والملكية الخاصة على المجتمع.على الرغم من أن المصطلح اشتراكي في القرن التاسع عشر كان يطلق على أي اهتمام بالمشاكل الاجتماعية للرأسمالية، بدون النظر للحل، بنهاية القرن التاسع عشر حدث تضاد واضح بين الاشتراكية والرأسمالية وأصبحت نظاماً بديلاً يعتمد على الملكية الجماعية. الاشتراكيون الخياليون أمثال روبرت أوين حاول أن يؤسس كميونات معتمدة على نفسها بالانفصال عن المجتمع الرأسمالي. ألهم النموذج السوفيتي لتطور اقتصاد الاشتراكيين أمثال اللينيين-الماركسيين، ودافعوا عن خلق اقتصاد مخطط مركزياً يوجهه حزب الدولة الحاكم الذي يملك وسائل الإنتاج. الحكومات الشيوعية اليوغوسلافية والمجرية والألمانية الشرقية والصينية أنشأت أشكال لاشتراكية السوق متعددة، تدمج نماذج الملكية التعاونية وملكية الدولة مع تبادل السوق الحر ونظام الأسعار الحرة (ولكن الاسعار الحرة ليست لوسائل الإنتاج)
فلسفة
وجهة نظر الاشتراكية تعتمد عامة على أساس مادي (عامة ما تتضمن المادية التاريخية أو الوضعية) وفهم للسلوك الإنساني يُشكل عن طريق البيئة الاجتماعية. وفي الخصوص الاشتراكية العلمية تحتوي العادات والقيم الاجتماعية والصفات الثقافية والمعاملات الاقتصادية هي صناعات اشتراكية وأيضاً قوانين طبيعية غير قابلة للتغيير. الهدف الأسمى للاشتراكيين الماركسيين هو رفع الولاية وتحرير العمال من العمل عند الآخرين. ويتجادل الماركسيون أن تحرير الفرد من ضرورة العمل عند الآخرين من اجل الحصول على بضائع سيجعل الناس تنساق إلى اهتمامتهم الخاصة ويطوروا مواهبهم الخاصة بدون الاهتمام بالعمل عند الآخرين. وهكذا بالنسبة للماركسيين يسمح بأن تكون مرحلة التطوير الاقتصادي مرحلة عرضية على التقدمات الموجودة بالقدرات الإنتاجية بالمجتمع.
عامة الاشتراكيون يثبتوا أن الرأسمالية تركز القوة والثروة في قطاع من المجتمع، فيتحكم هذا القطاع في وسائل الإنتاج ويستمد ثروته من النظام الإستغلالي. وهذا يخلق مجتمع طبقي يعتمد على علاقات اجتماعية غير متساوية مما يسبب الفشل في إمداد فرص متساوية لكل الأفراد لتعظيم قدراتهم ، وهكذا لا يتم استخدام التقنيات المتاحة والمصادر لتعظيم قدراتهم لمصلحة العامة ، وتركز على إرضاء وإشباع رغبات السوق المستحث في مقابل متطلبات الإنسان. ويثبت الاشتراكيون أن الاشتراكية تسمح بتوزيع الثروة على أساس مساهمة كل فرد في المجتمع وفي المقابل كم رأس المال الذي يمتلكه الفرد.
الاشتراكيون يؤكدوا أن رأس المال نظام اقتصادي غير شرعي، حيث أن هذا يخدم مصلحة الأغنياء وتسمح بإستغلال الطبقات الأدنى. وبالتبعية يتطلعوا إلى أن يستبدلوا النظام بالكامل بعمل تعديلات ضرورية له لكي يخلقوا عدالة اجتماعية لتولد مستوى معيشة أساسي . الهدف الأساسي للاشتراكية المساواة الاجتماعية وتوزيع الثروة على أساس المساهمة في المجتمع، وتنظيم اقتصادي يخدم مصلحة المجتمع ككل.
الاقتصاد
التصميم الأساسي للاشتراكية هو تصميم اقتصادي حيث أن الإنتاج منظم بطريقة مباشرة لإنتاج بضائع وخدمات لأجل قيمة استخدامها، التوزيع المباشر للموارد تبعا لإرضاء المتطلبات الاقتصادية بدون حسابات مالية وتعبئة الاقتصاد يعتمد على وحدات طبيعية في مقابل القوانين الاقتصادية للرأسمالية، وعادة تتبع نهاية الفئات الاقتصادية الرأسمالية مثل الإيجار والفائدة والربح والمال. وناتج الاقتصاد الاشتراكي بضائع وخدمات للاستهلاك يمكن توزيعها على الأسواق.
وبتباين مع الرأسمالية حيث الإنتاج يرجى منه الربح، وهكذا يعتمد على التوزيع غير المباشر. الرأسمالية المثالية تعتمد على التنافس الكامل، الضغوط التنافسية تجبر المشاريع الاقتصادية للاستجابة لمتطلبات المستهلكين حتى يكون السعي وراء الربح بتقريب الإنتاج للاستخدام خلال عملية غير مباشرة(ضغوط تنافسية على الشركات الخاصة).
اشتراكية السوق ترجع إلى مصفوفة من النظريات الاقتصادية المختلفة ونظم تستخدم آلية السوق لتنظيم الإنتاج وتخصيص عوامل الإنتاج بين الشركات المملوكة اشتراكياً، مع عائد اقتصادي زائد للمجتمع كحصة اشتراكية في مقابل مالكي رأس المال. تغيرات اشتراكية السوق تشمل المقترحات التحررية كالتبادلية Mutualism، والنماذج الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة مثل نموذج لانجه.
الاقتصاد المخطط
الاقتصاد المخطط يجمع بين الملكية العامة لوسائل الإنتاج مع دولة مركزية التخطيط. عادة ما يرتبط هذا النموذج مع الاقتصاد المركزي أي على النمط السوفييتي. في الاقتصاد المخطط مركزيا، اتخاذ القرارات بشأن كمية السلع والخدمات التي يتم إنتاجها من قبل وكالة التخطيط. وكان هذا النوع من النظام الاقتصادي مع نظام الحزب الواحد سياسيا، ويرتبط بالتالي مع الدول الشيوعية في القرن 20.
في اقتصاد الاتحاد السوفييتي، كان الجمع بين ملكية الدولة لوسائل الإنتاج مع التخطيط المركزي، فيما يتعلق بالسلع والخدمات التي تم تقديمها، وكيف يجب أن تصدر، وكميات وأسعار بيع. وكان التخطيط الاقتصادي السوفياتي بديلا السماح السوق (العرض والطلب) لتحديد أسعار السلع المنتجة والمستهلكة. الاقتصاد السوفياتي تستخدم مواد المحاسبة العمومية من أجل تحقيق التوازن في المعروض من المدخلات المتاحة مع أهداف الإنتاج، على الرغم من هذا أبدا كليا محل المحاسبة المالية. على الرغم من أن الاقتصاد السوفياتي كان اسميا الاقتصاد المخطط مركزيا، في الممارسة العملية وقد وضعت الخطة على الحركة والتنقل كما كان جمع المعلومات ونقلها من الشركات لتخطيط الوزارات.
النظرية الاجتماعية والسياسية
المنظرون الاجتماعيون وغير الماركسيون يتفقوا على أن تطور الاشتراكية كرد فعل للرأسمالية الصناعية الحديثة، ويختلفوا على طبيعة علاقاتهم. في هذا السياق استخدمت الاشتراكية لتشير إلى حركة سياسية، وفلسفة سياسية وشكل افتراضي للمجتمع تحاول هذه الحركات أت تحققها. وكنتيجة لذلك، في السياق السياسي فالاشتراكية تشير إلى إستراتيجية (لتحقيق مجتمع اشتراكي) أو السياسيات المروجة من قِبل المنظمات الاشتراكية والأحزاب الاشتراكية السياسية، كل ماسبق ليس له علاقة بالاشتراكية كنظام اشتراكي اقتصادي.
الماركسية

في معظم النظريات الاشتراكية تأثيراً، كارل ماركس وفريدريك أنجلز آمنوا بأن وعي كل شخص يحصل على أجر أو مرتب (الطبقة العامة بالمعنى الماركسي الواسع) يمكن أن يصب شروطهم من العبودية المأجورة، مما يؤدي إلى الميل إلى البحث عن حريتهم أو رفع الولاية بنزع ملكية الرأسماليين لوسائل الإنتاج. طبقاً لآراء ماركس وأنجلز، الشروط تحدد الوعي وإنهاء دور الطبقة الرأسمالية وبالتالي سيتكون مجتمع غير طبقي عندئذٍ ستنتهي الدولة.
كتب ماركس: (ليس الوعي العام للناس هو مايحدد وجودهم، ولكن الوجود الاجتماعي/الاشتراكي هو مايحدد وعيهم).
المبدأ الماركسي للاشتراكية أنه لحالة معينة تاريخية سيتم استبدال الرأسمالية وستتقدم الشيوعية. الخصائص الأساسية للاشتراكية (خصوصاً ما استنبطه ماركس بعد كميونة باريس عام 1871) هي ان البروليتارية ستتحكم بوسائل الإنتاج من خلال العمال، وستقوم دولة من أجل مصالح العمال. وسيزال النشاط الاقتصادي منظم من خلال استخدام أنظمة دافعة والطبقات الاجتماعية ستظل موجودة ولكن سيتم تحديدها وتقليص أبعادها عما كانت تحت الرأسمالية.
الماركسية بالنسبة للماركسيين المتشددين هي أدنى مرتبة للشيوعية فهي تعتمد على مبدأ "من كل فرد حسب مقدرته إلى كل فرد حسب مساهمته." بينما المرحلة الأعلى للشيوعية فهي تعتمد على مبدأ "من كل فرد حسب مقدرته إلى كل فرد حسب حاجته." وستكون المرحلة العليا ممكنة فقط بعدما تصل المرحلة الاشتراكية لكفاءة اقتصادية عالية وتُساق عجلة الإنتاج إلى وفرة من المنتجات والخدمات.
قال ماركس أن القوى المادية المنتجة (في الصناعة والتجارة) أنشأتها الرأسمالية التي تنبات بمجتمع تعاوني حيث أصبح الإنتاج وزن اجتماعي نشاط جماعي للفئات العاملة لخلق سلع ولكن عن طريق ملكية خاصة (علاقات الإنتاج أو علاقات ملكية). هذا الصراع بين الجهود الجماعية في المصانع الكبيرة والملكيات الخاصة من الممكن ان تجلب رغبة وعي في الطبقة العاملة لإنشاء ملكية جماعية متناسب مع الجهود الجماعية لخبراتهم اليومية.
وفي مرحلة ما من التطور، القوى المادية المنتجة للمجتمع تدخل في صراع مع علاقات الإنتاج أو "-هذا تعبر عنه بوضوح البنود القانونية- مع علاقات الملكية خلال إطار العمل الذي يعملوا من خلاله حتى يومنا هذا. ومن ثم يبدأ عهد ثورة اجتماعية. التغيرات في الأساس الاقتصادي يؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى تحول البنية كلها." وهكذا فسينهض المجتمع الاشتراكي الذي يعتمد على تعاون ديموقراطي. وفي النهاية الدولة -المرتبطة بجميع المجتمعات السابقة- التي تنقسم إلى طبقات من أجل قمع الطبقات المقهورة ستندثر.
على نقيض ماسبق، افترض إميل دوركايم أن جذور الاشتراكية تنجلي في الرغبة من تقريب الدولة من عالم النشاط الفردي، في مقابل شذوذ المجتمع الرأسمالي، معتبراً ان الاشتراكية "تمثل ببساطة في المبادئ الاخلاقية التي اكتشفها علم الاجتماع ويمكن تطبيقها". يمكن اعتبار دوركايم ديموقراطي اجتماعي حديث للدفاع عن إصلاحات المجتمع ولكن برفض خلق مجتمع اشتراكي.
سعى تشي جيفارا إلى أن تكون الاشتراكية تعتمد على الفلاحة الريفية عن أن تكون طبقة عمال حضرية، في محاولة لإلهام فلاحي بوليفيا، وبعينة من تغيير الوعي قال جيفارا عام 1956: " لا يمكن ان توجد الاشتراكية بدون تغيير في الوعي الناشئ في الموقف الودي تجاه الإنسانية، كل على مستوى فردي من خلال مجتمعات حيث تبنى الاشتراكية أو بُنيت، ولعى مقياس العالم، ومع الأخذ في الاعتبار لكل الناس الذين يعانوا من القمع الاستعماري."[13]
الاشتراكية الخيالية والعلمية
الاشتراكية الخيالية هي الاشتراكية الطوباوية نسبة لمدينة أفلاطون يوطوبيا. الفرق ما بين الاشتراكية الخيالية والاشتراكية العلمية وضحها صراحةً فريدريك انغلز في كتابه (الاشتراكية: الخيالية والعلمية) حيث بين أن "الخيالية تصور ظروف اجتماعية مثالية" للمصلحين الاشتراكيين بمبدأ ماركسي اشتراكي علمي. بدأت الاشتراكية العلمية باختبار الظواهر الاجتماعية والاقتصادية -دراسة تجريبية للعمليات الحقيقية في المجتمع والتاريخ.
بالنسبة للماركسيين، تطور الرأسمالية في غرب أوروبا زود قاعدة مادية لإحتمالات جلب الاشتراكية، وطبقاً للبيان الشيوعي، "ما يتنجه البرجوازي فوق الكل هو بمثابة حفارات لقبره"، بمسمى الطبقة العاملة، لابد أن نعي المنظورات التاريخية التي يضعها المجتمع.
راجع إدوارد بيرنشتين هذه النظرية ليقترح أن تحرك المجتمع نحو الاشتراكية هو أمر حتمي، ليجلب العنصر الآلي والغائي للماركسية ومشعلاً لمبدأ الاشتراكية التطورية. رأى ثورشتين فيلبن أن الاشتراكية كمرحلة فورية في عملية التطور المتواصلة في الاقتصاد أن الناتج من التدهور الطبيعي لنظام العمل التجاري، وبمناقضة ماركس لم يؤمن بأن نتيجة الصراع السياسي أو ثورة الطبقة العاملة ولم يؤمن بأنها الهدف الأسمى للإنسانية.
أسس الاشتراكيون الطوباوين مجموعة من المُثل والأهداف التي تقدم الاشتراكية بديلاً للرأسمالية، مع سمات فعالة أفضل. مثالاً لذلك الهيئة الاشتراكية التي تشمل مجتمع روبرت أوين الذي يدعى (نيو هارموني New Harmony).
الإصلاح والثورة
يعتقد الإصلاحيون -مثل الديموقراطيون الاشتراكيون القدامى- أن النظام الاشتراكي يمكن تحقيقه بإصلاح النظام الرأسمالي. الاشتراكية في وجهة نظرهم يمكن أن تُحقق من خلال نظام سياسي موجود بانتخاب الاشتراكيين للمكتب السياسي للقيام بإصلاحات اقتصادية ضمنية.
يعتقد الثوريون أمثال الماركسيين واللاسلطويين أن مثل هذه الطرق ستفشل لأن الدول ستقوم بالعمل من أجل مصالح الأعمال الرأسمالية، والحزب الاشتراكي إما سيندرج تحت النظام الرأسمالي أو سيجد نفسه غير قادر على عمل الإصلاحات الأساسية. ويعتقدون أن الثورة العفوية هي الطريقة الوحيدة لإقامة نظام اقتصادي اجتماعي جديد. مهمة المنظمات أو الأحزاب الاشتراكية هي تعليم الجماهير على بناء وعي اشتراكي. يريدون ألا تعرف الثورة بانها تمرد عنيف، ولكن تغير شامل وسريع.
خلافاً لما سبق، يدافع اللينيون والتروتسكيون عن حزب الطليعة، الذي يقوده ثوريون متمرسون، ليقود الطبقة العاملة لامتلاك الدولة. بعد الحوز على السلطة، يبحث اللينيون خلق دولة اشتراكية يسطر عليها الحزب الثوري، حيث يجدون ذلك جوهرياً لإرساء قواعد اقتصاد اشتراكي.
يقول النقابيون الثوريون أن تجارة الثورة أو الإتحادات الصناعية -خلافاً للدولة أو مجلس العمال- هي الطرق الوحيدة لقيام الاشتراكية.
هناك منظرون آخرون أمثال جوزيف شومبيتر وثورشتاين فيبلن وبعض الاشتراكيين الخيالين يعتقدوا أن الاشتراكية طبيعياً أو تلقائياً بدون أو بجزء محدود من العمل السياسي كنظام الاقتصاد الرأسمالي سيتآكل إلى ان يُهجر ويبطل استعماله.
الاشتراكية من الأعلى والأسفل
تعود الاشتراكية من أعلى إلى الرأي القائل بأن إصلاحات وثورات الاشتراكية ستأتي من أو ستقاد بواسطة أعضاء مجتمع من ذوي المراكز العليا راغبين في نظام اقتصادي أكثر كفاءة وعقلانية. يعتقدكل من كلود هنري دي سان سيمون والاقتصادي التطوري ثورشتين فيبلن أن الاشتراكية هي ناتج عمل مهندسين مبدعين وعلماء وفنيين يريدوا أنن يرتبوا المجتمع والاقتصاد بطريقة عقلانية بدلاً من الطبقة العاملة. الديموقراطية الاشتراكية تدافع عن العقلانين والطبقة الوسطى، وبالمثل قطاعات من الطبقة العاملة.
أما الاشتراكية من الأسفل فتعود إلى الموقف الذي يمكن أن تأتي منه الاشتراكية فقط، ويقودها تحرك تضامني وسياسي من الطبقات السفلى، مثل الطبقة العاملة والطبقة المتوسطة السفلى. أنصار منظور الاشتراكية من الأسفل أمثال النقابيين والماركسيين المتشددين وعادة مايشبه منظور الاشتراكية من الأعلى بالنخبوية و، أو الستالينية.
تخصيص الموارد
تخصيص الموارد هو موضوع جدلي جداً بين اشتراكي السوق وأنصار التخطيط الاقتصادي.
يدافع العديد من الاشتراكيين التخطيط اللامركزي التشاركي، حيث صنع القرار الاقتصادي يعتمد على إدارة النفس وحكم النفس والطريقة الديموقراطية من الأسفل لأعلى بدون أي سلطة مركزية موجهة. أيد ليون تروتسكي المخططين المركزيين، مهما كانت سعة عقلانيتهم، والعمل بدون مدخول واشراك الملايين من الناس الذين يشاركوا في الاقتصاد والاستجابة للظروف المحلية الاقتصادية؛ حيث أن المخططون المركزيون لن يكونوا قادرين على محورة كل النشاط الاقتصادي بكفاءة.
من الناحية الأخرى، يدافع اللينيون وبعض اشتراكيو الدولة عن التخطيط المباشر حيث يتم تمرير التوجيهات من تخطيط عالي للأسفل، السلطات لمديري المشاريع الذين يعطوا الأوامر للعمال.
المساواة في الفرص والمساواة في خرج الانتاج
يدافع أنصار المساواة في الفرص عن المجتمع الذي يحوي فرص متساوية لكل الأفراد لتعظيم قدراتهم لتحقيق مراكز في المجتمع. وسيجعل ذلك ممكناً بوصول متساوي لضروريات الحياة. يعود تساوي خرج الإنتاج إلى الدولة التي تمنح كل فرد فيها عدداً متساوي من المنح والمكافأت ومستوى من قوة صنع القرار متساوي مع الإيمان بأن كل الأدوار في المجتمع ضرورية وهكذا لايمنح ي شخص أكثر من الآخرين. يشارك في هذا الرأي الاشتراكيون الطائفيون الطوباويون والماركسيون والديموقراطيون الاشتراكيون والشيوعيون اللاسلطوين.
سياسة
الحركات السياسية الاشتراكية الأساسية كما سيلي شرحها بعد هذه الفقرة. المنظرون المستقلون الاشتراكيون والكتاب الاشتراكيون الخياليون والمدعمون الأكاديميون للاشتراكية من الممكن ألا يمثلوا في أي من الحركات السياسية التالية. أطلقت بعض الأحزاب السياسية على أنفسهم اشتراكيين بينما يؤمنوا بآراء تناقض الأفكار الاشتراكية. استخدم بعض الساسة مصطلح اشتراكي على اليمين السياسي كصفة ضدالافراد الذين لا يعتبروا أنفسهم اشتراكيين، وضد السياسيات التي لا تعتبر الاشتراكية من أنصارها.
لاسلطوية
تحوي مبادئ اللاسلطوية المبدأ الذي يقول أنه لايمكن للدولة أن تقيم اقتصاد اشتراكي ويقترح ببديل سياسي يعتمد على مجتمعات اتحادية لامركزية مستقلة، تشمل أنصار اللاسلطوية الفردية واللاسلطوية الاشتراكية. يدافع التبادليون (المناصرين لنظرية التبادل الاقتصادية) عن اشتراكية السوق الحر، اللاسلطويون الجمعيون والتعاونيات العمالية والمرتبات تعتمد على مقدار الوقت المساهم في الإنتاج، يدافع الشيوعيون اللاسلطويون عن الانتقال المباشر من الرأسمالية للشيوعية التحررية والتحرك المباشر لللعمال النقابيين اللاسلطويين والإضراب العام.
الاشتراكية الديموقراطية و الديمقراطية الاشتراكية
إن الاشتراكية الديمقراطية الحديثة حركة سياسية واسعة الانتشار تبحث عن الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية من خلال سياق نظام ديموقراطي. تطلق الاشتراكية الديموقراطية عامة على أي حركة سياسية تبحث عن نظام اقتصادي يعتمد على الديموقراطية الاقتصادية. يرفض الاشتراكيون الديموقراطيون المركزية الديموقراطية وحزب الطليعة الثوري اللينيني. من الصعب تعريف الاشتراكية الديموقراطية، وهناك مجموعات من الباحثين وضعوا تعريفات مختلفة لهذا المصطلح. تصنف بعض هذه التعريفات كل أشكال التنظيمات الاشتراكية التي تتبع نظام انتخابي أو ثوري ديمقراطي تحت خانة "الاشتراكية الديمقراطية".
و يدعم العديد من السياسيين, من ناحية أخرى, الديموقراطية الاشتراكية كطريق لإصلاح النظام الرأسمالي الحالي. الديموقراطية الاشتراكية الحديثة تؤكد على برامج الإصلاح التدريجي للرأسمالية لتصبح أكثر إنصافاً وإنسانية، و أما الهدف النظري النهائي (بناء مجتمع اشتراكي) فهو إما متجاهل تماماً أو معاد قولبته بطريقة رأسمالية متقدمة. يدافع الديموقراطيون الاشتراكيون التقليديون عن إنشاء الاشتراكية من خلال إصلاحات سياسية بالعمل من خلال النظام الرأسمالي السياسي القائم. تتبع الحركة الديموقراطية الاشتراكية سياسات انتخابية من أجل تنفيذ الإصلاحات. تخلت الحركة الديموقراطية الاشتراكية الحديثة عن هدف التحرك تجاه اقتصاد اشتراكي مخطط وبدلاً من ذلك تدافع عن الإصلاحات الاجتماعية لتحسين الرأسمالية، كدولة الرفاهية و تعويضات البطالة. نجحت في تطبيق هذه الأفكار بعض الأنظمة الاقتصادية في دول مثل السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا في العقود القليلة السابقة. وسميت هذه التجربة بالنموذج الشمال أوروبي.
تشجع اللينينة على تأسيس حزب طليعي يقوده ثوريون متمرسون، ليقودوا الطبقة العاملة للسيطرة على الدولة. يعتقدوا أن الاشتراكية لن تقوم عفوياً من خلال التدهور الطبيعي للرأسمالية، وذلك لأن العمال بأنفسهم غير قادرين على تنظيم وتطوير الوعي الاشتراكي، ولذلك مطلوب قيادة للطليعة الثورية. بعد امتلاك السلطة، يبحث اللينيون إقامة دولة اشتراكية حيث تكون الطبقة العاملة في محل قوة وسلطة، حيث ينظر إليهم أنهم ضروريون لإرساء الأسس لانتقالية اندثار الدولة تجاه الشيوعية (مجتمع بلا دولة). طريقة التنظيم الصناعي - الذي دافع عنه اللينيون واللينينية الماركسية - هو نموذج رأسمالي لإدارة علمية مستوحاة من فريدريك تايلور. تفرعت اللينينية إلى لنينية ماركسية وتروتسكية وستالينية وماوية.
اشتراكية تحررية
تقوم الاشتراكية التحررية على مجتمع غير هرمي وغير بيروقراطي بلا دولة وبدون ملكية خاصة لوسائل الإنتاج. يعارض الاشتراكيون التحرريون كل أشكال المنظمات الاشتراكية القسرية وتشجع تكوين مؤسسة حرة محل الحكومة، وتعارض العلاقات الاجتماعية الرأسمالية القسرية كاجور العمالة. ويعارضوا هياكل القيادة الهرمية كأحزاب الطليعة ويرفضوا استخدام الدولة لإقامة الاشتراكية. تيارات الاشتراكية التحررية تشمل ميولاً ماركسياً كاليسار الشيوعي ومجلس الشيوعية والاستقلالية الذاتية، بالإضافة لحركات غير ماركسية كاليسار اللاسلطوي والكميونالية (بالإنجليزية: Communalism) والبارتسيبية (بالإنجليزية: Participism) والديموقراطية الشاملة.
نقابية
النقابية هي حركة اشتراكية تعمل من خلال اتحادات تجارية صناعية وترفض اشتراكية الدولة، أو استخدام الدولة لإقامة الاشتراكية. يدافع النقابيون عن مجتمع اشتراكي يعتمد على نقابات اتحادية أو نقابات عمالية لتملك وتدير وسائل الإنتاج.
تاريخ
يُنسب مصطلح اشتراكية لبيير ليرو ولماري ريباود وفي بريطانيا لروبرت أوين لعام 1827، والد الحركة التعاونية. النماذج والأفكار الاشتراكية التي تؤيد الشيوع أو الملكية العامة موجودة منذ عصور قديمة. أَقَرَ مزدك الشيوعي الفارسي المناصر للاشتراكية بشيوع الملكية ودافع عن الصالح العام. وقد صُرحَ -على الرغم من الجدل القائم في هذا الموضوع- بوجود عناصر فكرية اشتراكية في سياسة الفلاسفة الإغريق القدامى أفلاطون وأرسطو.
المدافع الأول للاشتراكية وفضل التساوي الاجتماعي لخلق مجتمع جدير وتكنوقراطي معتمد على مهارة الفرد كان كونت هنري سان سيمون وكان أول من صاغ مصطلح اشتراكي. ولع سان سيمون بوضع وقدرة العلوم والتكنولوجيا وحبذ مجتمع اشتراكي فيه يمكن إزالة الأشكال الغير متناسقة الرأسمالية وتعتمد على فرص متساوية. وأشار إلى تكوين مجتمع فيه يصنف الفرد ويكافأ حسب قدرته ومساهمته. التركيز في اشتراكية سيمون كانت على الكفاءة الإدارية والصناعية وأن مفتاح النجاح هو الإيمان بالعلم.
وهذا كان مصاحباً للرغبة في تطبيق نظام اقتصاد عقلاني يعتمد على التخطيط ومُساق نحو نجاح على مقياس كبير من العلم والمادية، وهكذا تجسدت الرغبة في اقتصاد مبائر أو مخطط. أما المفكرون الاشتراكيون المبكرون أمثال طوماس هودجكن وشارلز هال أرسوا أفكارهم على نظريات ديفيد ريكاردو الاقتصادية. وفسروا ذلك بأن قيمة توازن السلع تُقرب لأسعار يضعها المنتج عندما تكون السلع في عرض مرن، وأسعار هذا المنتج تتوافق مع العمالة المتجسدة- تكلفة العمالة (الرواتب مدفوعة أساساً) المطلوبة لإنتاج هذه السلع. رأى الاشتراكيون الريكارديون الربح والفائدة والريع كخصومات لقيمة التبادل هذه.
كان النقاد الغرب أوروبيين الاشتراكيون -بما فيهم من روبرت أوين وشارل فورييه وبيير جوزيف برودون لويس بلانك وشارلز هال وسان سيمون- أول الاشتراكيين الحديثين الذين انتقدوا الفقر المدقع وعدم المساواة الفجة في الثورة الصناعية. حبذوا الإصلاح، والبعض كروبرت أوين أشار إلى تحويل المجتمع إلى جماعات صغيرة بدون ملكية خاصة. كانت مساهمة روبرت أوين للاشتراكية الحديثة هي فهمه أن الأفعال والخصائص للأفراد تحددها البيئة الاجتماعية التي يتعرضوا لها طيلة نموهم وحياتهم. على الطرف الآخر، أشار شارل فورييه الفالنستير التي هي مجتمعات تحترم رغبات الأفراد (بما فيها الميول الجنسية)، والانتماءات والإبداعية ورأى أن العمل أصبح ممتعاً للناس. جُربت أفكار أوين وفورييه عملياً في العديد من المجتمعات المتعمدة (بالإنجليزية: Intentioanal communties) في أنحاء قارتي أوروبا وأمريكا في منتصف القرن التاسع عشر.
لغوياً، المفهوم المعاصر لكلمتي اشتراكي وشيوعي يتفق مع المناصرين والمعارضين للموقف الثقافي للدين. في أوروبا المسيحية لكلاهما الشيوعية هي طريقة حياة الملحد. أما في إنجلتر البروتستانتية، كلمة شيوعية كانت قريبة ثقافياً وسمعياً من شعيرة الروم الكاثوليك التواصلية، ولهذا أسمى الملحدون الإنجليز أنفسهم بالاشتراكيين.
في عام 1848 عندما نشر البيان الشيوعي أثبت أنغلز " الاشتراكية تحترمها اليابسة، بينما الشيوعية ليست كذلك." أما الأوينيون في إنجلترا والفورييرون في فرنسا يعتبروا اشتراكيين محترمين، بينما حركات الطبقة العاملة "تنادي بتغير كلي اشتراكي ضروري" يشيرون لأنفسهم بأنهم شيوعيون. هذا الفرع الأخير من الاشتراكية انتج العمل الشيوعي لإتيان كابي في فرنسا وفيلهلم فايتلينج في ألمانيا.
أصل الكلمة
مصطلح (اشتراكية) صاغه هنري دي سان سيمون، مؤسس الاشتراكية الطوباوية. خُلقت مصطلح اشتراكية لتناقض المذهب الليبرالي للفردية. أدان الاشتراكيون الأصليون الفردية التحررية لأنها فشلت في الاهتمام بمشاكل الفقر في المجتمع والقهر الاجتماعي وتضخم اللامساواة في الثروة. ينظرون للمجتمع الفردي التحرري على أنه مجتمع غير منتج يدعم الأنانية وأنه يضر بحياة المجتمع من خلال اقتراح مجتمع تنافسي. وقدموا الاشتراكية بديلاً للفردية التحررية وأشاروا لمجتمع معتمد على التعاون بين أفراده.
الجمعية الدولية الأولى والثانية
تأسست الجمعية الدولية العمالية بلندن عام 1864. عُقد أول اجتماع عام 1865، وفي العام التالي المؤتمر الأول بجينيف. ونظراً لوجود الفلسفات المتعددة في الدولية الأولى، كان هناك صراع من البداية. أول الاعتراضات على ماركس جاءت من التبادليين الذين عارضوا الشيوعية والدولانية. ومع ذلك بعد وقت قصير، بعدما التحق ميخائيل باكونين وأتباعه (الذين يدعوا بالجمعيين في الدولية) عام 1868، أصبحت الجمعية الدولية الأولى مستقطبة لمعسكرين، مع ماركس وباكونين كرؤوس للمُعَسكرَين. الفروق الأكثر وضوحاً للمجموعتين ظهرت من خلال خططهم لتحقيق نظرتهم للاشتراكية. أصبحت الجمعية الدولية الأولى هي أول منتدى دولي رئيسي لنشر الأفكار الاشتراكية.
ولما تجسدت أفكار كل من ماركس وأنغلز خصوصاً في منتصف أوروبا، سعى الاشتراكيون لتوحيد المنظمة الدولية. في عام 1889، في مئوية الثورة الفرنسية تم تأسيس الجمعية الدولية الثانية 384 مندوباً من عشرين دولة لتمثل 300 منظمة للعمال والاشتراكيين. صيغت "دولية اشتراكية" وانتخب أنغلز كرئيس شرفي في ا مؤتمر الثالث عام 1893. طرد اللاسلطويين ولم يسمح لهم بالحضور نتيجة ضغط الماركسيين.
الثورات من عام 1917 وحتى 1936
بحلول عام 1917، وطنية الحرب العالمية الأولى تحولت إلى تطرف في المعتقدات السياسية في معظم أنحاء القارة الأوروبية والولايات المتحدة وأستراليا. في شباط/فبراير 1917، تفجرت الثورة بروسيا. أقام العمال والجنود والفلاحون السوفيت (مجالس العمال) ووقع الحكم الفردي، والحكومة المؤقتة المستدعاة تنتظر انتخاب مجلس تأسيسي.
وفي نيسان/أبريل من نفس العام، وصل فلاديمير لينين روسيا من النمسا مُنادياً "كل السُلطة للسوفيت." وفي تشرين الأول/أكتوبر، اكتسب حزبه البلاشفة تأييد معظم السوفييت في مؤتمر (كل الروس) للسوفييت، بينما قاد هو وتروتسكي معاً ثورة تشرين الأول/أكتوبر. كنوعٍ من البراغماتية، عَكَسَ لينين ترتيب ماركس للاقتصاد على السياسة، ليسمح بالثورة السياسية التي يقودها حزب الطليعة بالثوريين المُتمرسين على القيام بإنشاء مؤسسات اشتراكية عفوية تُقاد بانتفاضة عفوية للطبقة العاملة كما توقع كارل ماركس. وفي الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير عام 1918، صرح لينين في مجلس العمال بسان بيترسبيرج " فلتحيا الثورة الاشتراكية العالمية!" واقترح وقف قتال حالي في كل الجبهات، ونقل الأراضي من مُلاك الأراضي والعرش الملكي والأديرة جمعيات زراعية بدون أية تعويضات.
وفي 26 من كانون الثاني/يناير عام 1918، وبعد يومٍ من تقلد السلطة التنفيذية، كتب لينين مشروع اللائحة التنفيذية عن سلطة العمال، التي منحت العمال التصرف في أمور أعمالهم مع أكثر من خمسة عمال وموظفيين مكتبيين، والوصول لكل الكتب الوثائق والمخازن، والذين قرارتهم "تُطوى حسب المُلاك والشركات". والحكم أصبح من خلال المجالس العمالية المُنتخبة، وفي تحالف مع الثوريين الاشتراكيين المُنتمين لليسار المعتمد على الزراعة، وبدأت الحكومة البلشفية تأميم البنوك والصناعة والتنصل من الديون الوطنية التي خلفها نظام رمانوف الملكي. وتم رفع دعوى قضائية من اجل السلام، الانسحاب من الحرب العالمية الأولى واستدعاء مجلس تأسيسي والذي فيه الحزب الثوري الاشتراكي الزراعي فاز بالأغلبية.
انتخب المجلس التأسيسي القائد الثوري الاشتراكي فيكتور تشيرنوف رئيساً للجمهورية الروسية، ورفض العرض البلشفي الذي يوافق على لائحة السوفيت للأرض والسلام وسلطة العمال واعتماد سلطة المعرفة للعمال والجنود والفلاحين السوفييت. فصرح اليوم التالي البلاشفة أن المجلس أُنتخب كان من خلال قوائم حزبية قديمة، واللجنة التنفيذية المركزية لكل الروس حلتها.
تولدت من الثورة الروسية البلشفية بكانون الثاني/يناير 1918 الأحزاب الشيوعية عالمياً، وثوراتهم المُصاحبة لعام 1917 لـ 1923. شك القليل من الشيوعيين من أن نجاح الاشتراكية الروسية اعتمدت على ثورة طبقة عمال اشتراكية ناجحة في الدول الرأسمالية. في 1919، نظم كل من لينين وتروتسكي الاحزاب الشيوعية العالمية لجمعية جديدة دولية للعمال -الشيوعية الدولية- المعروفة أيضا بالدولية الثالثة.
وبحلول عام 1920، هزم الجيش الأحمر تحت قيادة تروتسكي الجيوش البيضاء الملكية. وفي العام التالي، إنتهت الحرب الشيوعية وتحت سياسة اقتصادية جديدة، وسُمحت الملكية الخاصة للشركات الزراعية الصغيرة والمتوسطة. بينما ظلت الصناعة تحت سلطة الدولة، عَلِم لينين أن السياسة الاقتصادية الجديدة كان تقدير رأسمالي لابد منه لدولة غير جاهزة للاشتراكية. وعاد الاستغلال بشكل رجال (السياسة الاقتصادية الجديدة) والمزارعين الأغنياء ليفرضوا سيطرتهم على الريف بأكمله.
في عام 1922، انعقد المؤتمر الرابع للدولية الشيوعية ليأخذ سياسة جديدة بتكوين جبهة موحدة، باستعجال الشيوعيين للعمل مع تنقيح وترتيب الديموقراطيين الاشتراكيين بينما يبقوا متأهبين لقادتهم الذين أُنتقدوا بخيانتهم للطبقة العاملة بتدعيم جهود الحرب لكل الطبقات الرأسمالية. لهذا الجزء، أشار الديموقراطيون الاشتراكيون للإزاحة التي تسببت بها الثورة، ولاحقاً نمو سلطوية الأحزاب الشيوعية. عندما طبق الحزب الشيوعي البريطاني تبني حزب العمال في عام 1920، تم رفضه.
في عام 1923، بمشاهدة الدولة السوفيتية تنمو بسلطة جبرية، قال لينين المحتضر أن روسيا تحولت لآلة قيصرية برجوازية التي بالكاد تتماشى مع الاشتراكية." وبعد موت لينين في كانون الثاني/يناير 1924، رفض الحزب الشيوعي للإتحاد السوفييتي -وبتزايد تحت قيادة جوزيف ستالين- النظرية التي تقول ان الاشتراكية لايمكن أن تبنى بمفردها بالإتحاد السوفييتي. على الرغم من مطلب المعارضة اليسارية المُهمش لإستعادة الديموقراطية السوفييتية، طور ستالين حكومة سلطوية بيروقراطية وقد أدانت الاشتراكيين الديموقراطيين واللاسلطويين والتروستكيين لتقويضهم المبادئ الأولية الاشتراكية للثورة الروسية البلشفية.
جلبت الثورة الروسية لتشرين الأول/أكتوبر عام 1917 التقسيم التعريفي والعقائدي للشيوعيين والجانب الآخر من الاتجاهات الشيوعية والاشتراكية الأخرى كالشيوعية اللاسلطوية والديموقراطيين الاشتراكيين. دفعت المعارضة اليسارية في الإتحاد السوفييتي لأعلى التروستكية التي ظلت معزولة وغير مُعتد بها لخمسين عام أخرين، فيما عدا سيرلانكا جيث جَنَت التروستكية الغالبية والجناح المناصر لموسكو طُرد من الحزب الشيوعي.
ما بعد الحرب العالمية الثانية
في عام 1951، عبر وزير الصحة البريطاني عن رأيه قائلاً " من المحتمل صحة أن أوروبا الغربية قد إتجهت للاشتراكية بعد الحرب إن لم يعطي السلوك السوفييتي صورة قاتمة جداً، الشيوعية والاشتراكية السوفييتية لم تفرق بينهم العقول بعد."
وفي عام 1951 اعاد تأسيس الدولية الاشتراكية الأحزاب الاشتراكية الأوروبية. وصرحت "شَقت الشيوعية الحركة العمالية الدولية وأعادت للوراء تحقيق الاشتراكية في عديد من الدول لعقود من الزمن... وتدعي الشيوعية مغالطةً أن لها سهماً في التقليد الاشتراكية. حقيقةً شوهت هذا التقليد بدون تمييز. وبنت لاهوتاً جامداً لا يتماشى مع الروح النقدية للماركسية."
وفي الأعوام التابعة للحرب، أصبحت الاشتراكية ذات تأثير متزايد فيما يسمى بالعالم الثالث. أممت دول بأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية الصناعات التي إمتلكها مُلاك أجانب. أما الإتحاد السوفييتي فأصبح قوة عظمى من خلال تبنيه للاقتصاد المُخطط. ولو على التكلفة البشرية. هذا الإنجاز أصبح وقعاً من الخارج، وأقنع العديد من القوميين في المستعمرات السابقة ليسوا بالضرورة شيوعيين أو اشتراكيين، لهم مميزات بأنهم يخططوا للدولة ويحتذوا النماذج المُرشدة للتطور الاشتراكي. وهذا لاحقاً كان له نتائج هامة في بلاد كالصين ومصر والهند حيث حاولت استيراد وتجربة النموذج السوفييتي.
السلطة في يد الديموقراطيين الاشتراكيين
حزب العمال الأسترالي هو من أوائل الأحزاب العمالية الديموقراطية الاشتراكية في العالم، تم تأسيسه عام 1891. في عام 1904 إنتخب الأستراليون أول رئيس وزراء عضو لهذا الحزب؛ كريس واطسون. في عام 1945، حزب العمال البريطاني، الي كان يقوده كليمنت أطلي، أنتُخب للإدارة ببرنامج اشتراكي متشدد. سيطرت الأحزاب الديموقراطية الاشتراكية سياسيات ما بعد الحرب في الدول مثل فرنسا وإيطاليا وتشيكوسلوفاكيا والبلجيك والنرويج. أما في السويد تقلد السلطة الحزب الديموقراطي الاشتراكي من عام 1936 إلى 1976 ومن 1982 إلى 1991 ومن 1994 إلى 2006. وفي وقت ما، صُرح أن فرنسا هي أكثر رأسمالية بها تحكم دولة. المؤسسات العامة المؤممة تشمل مناجم الفحم الفرنسية وكهرباء وغاز فرنسا والطيران الفرنسي والبنك الفرنسي. حكومات ما بعد الحرب العالمية الثانية قدمت إصلاح اجتماعي وإعادة توزيع للثروات بواسطة رفاهية وضرائب الدولة.
المملكة المتحدة
تأثر حزب العمال بالمملكة المتحدة بالإصلاحي الاشتراكي البريطاني وليام بيفريدج، الذي حدد الشرور الخمسة التي تعاني منها الطبقة العاملة في فترة ما بعد الحرب: العوز والمرض والجهل وانعدام المأوى والبطالة. فوائد البطالة والتأمين القومي ومعاشات الدولة قدمتهم الحكومة العمالية عام 1945. أنورين بيفان الذي قدم الخدمة الصحية الوطنية عن طريق حزب العمال عام 1948، انتقد حكومة أطلي لعدم التقدم وطلب التخطيط الاقتصادي ونقد تطبيق التأميم لعدم تقليد السلطة للعمال مع التحكم الديموقراطي للعمليات.
أممت الحكومة العمالية البريطانية أكبر المؤسسات العامة كالتعدين والغاز والفحم والكهرباء والسكة الحديد وحديد الصلب وبنك إنجلترا. وتمت خصخصة البترول البريطاني عام 1987 الذي كان قد أُمم عام 1951، وحدثت تداخلات حكومية خلال فنرة الحكومة العمالية من 1974 إلى 1979. قال أنطوني كروسلاند في عام 1965، أن 25 بالمائة من الصناعة البريطانية أُممت، أما الموظفيين بما فيها من صناعات مؤممة شكلوا نسبة مشابهة للكثافة العمالية للبلاد. ومع ذلك الحكومة العمالية لم تبحث إنهاء الرأسمالية ولم تكن في نيتها تطبيق الملكية العامة لوسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل، والصلب العمالي المعاد تأميمه عام 1967 بعد ما خصخه المحافظون وإنتاج السيارات القومية. وفي عام 1977 تم تأميم شركات الطيران الرئيسية وبناء السفن.
زودت الخدمة الصحية الوطنية برعاية صحية مدفوعة عن طريق الضرائب لجميع المواطنين مجاناً. وزد مجلس الإسكان للدولة الطبقة العاملة بالسكن، وأصبح التعليم في المتناول بواسطة نظام المنح المدرسية. إلين ويلكنسون، وزيرة التعليم قدمت حليب مدفوع عن طريق الضرائب للمدارس قائلة في عام 1946 بمؤتمر حزب العمال "الحليب المجاني سيوزع في هوكستون وشوريدتش وفي إيتون وهارو. ما هي المساواة الاجتماعية التي يمكن أن تأخذها أكثر من ذلك؟" صرح كاتب سيرة كليمينت أطلي هذه السياسة قائلاً "مساهمة بشكل ضخم للدفاع عن صحة الأطفال من الأمراض الناتجة من الحمية السيئة التي يتبعها الأطفال. أجيال من الأطفال الفقيرة تنمو أقوى وأكثر صحة بسبب فعل واحد كريم صغير وغير مكلف قامت به حكومة أطلي."
النموذج الشمال أوروبي
يعود النظام الشمال أوروبي للنماذج الاقتصادية والاجتماعية للبلاد الشمال أوروبية مثل الدنمارك وأيسلندا والنرويج والسويد وفنلندا. فهذا التبني للاقتصاد المختلط للسوق يُصف بأكثر البلاد رخاءاً ورفاهية مقارنةً بالدول الأخرى المتطورة، حيث تهدف لتحسين استقلال الفرد، وتأكيد التوفير العالمي لحقوق الإنسان الأساسية واستقرار الاقتصاد. وهذا مختلف عن الدول ذات الرفاهية الأخرى مع أهداف مماثلة بتأكيد تعظيم إعادة توزيع القوة العاملة، والاستخدام التحرري للسياسة المالية التوسعية . وهذا شامل لدرجات عالية من عضوية اتحاد العمال. في عام 2008، كانت كثافة اتحاد العمال بنسبة 67.5 في المائة بفنلندا، و67.6 في المائة بالدنمارك، و68.3 في المائة بالسويد. مقارنةً بعضوية الإتحاد ذات نسبة 11.9 في المائة بالولايات المتحدة، و7.7 في المائة بفرنسا. ومع ذلك فالنموذج الشمال أوروبي ليس نموذجاً مفرداً به مكونات محددة من القوانين؛ كل البلاد الشمال أوروبية لها نظامها الاقتصادي والاجتماعي الخاص بها، وفي بعض الأوقات بها اختلافات كبيرة عن جيرانها.
إتجاه الديموقراطيين الاشتراكيين لسياسات السوق الحر
تبنت العديد من الأحزاب الديموقراطية الاشتراكية -وخصوصاً بعد الحرب الباردة- سياسات السوق المعتمد على النزعة التحررية الجديدة التي تشمل الخصخصة والتحرير ورفع القيود والتمويل؛ مما أدى لهجر تتبع التطور للاشتراكية المُعتدلة من أجل صالح تحرر السوق. وعلى الرغم من الاسم، هذه السياسات المناصرة للرأسمالية هي مختلفة بشدة عن العديد من نظريات السوق الحر الغير رأسمالية التي تواجدت خلال التاريخ.
في عام 1959، تبنى الحزب الديموقراطي الاشتراكي الألماني برنامج جودسبيرج الرافض لصراع الطبقات والماركسية. وفي عام 1980، مع صعود السياسين المحافظين ذوي النزعة التحررية الجديدة أمثال رونالد ريجان في الولايات المتحدة، ومارجريت تاتشر في بريطانيا، وبراين مولروني في كندا، وهاجم خبراء النقد والتحرريون الجدد أنظمة رفاهية الدولة الغربية كعوائق لتنفيذ المشاريع الخاصة على نفقة الدولة.
في الثمانينات والتسعينات، ضُغط على الاشتراكيون الأوروبيون الغريبون لتوفيق برامجهم الاقتصادية الاشتراكية مع اقتصاد أوروبا الطائفي المعتمد على السوق الحرة. وفي المملكة المتحدة، قام رئيس حزب العمال نييل كينوك بهجوم عاطفي وعام ضد الميل العسكري للحزب في مؤتمر حزب العمال، وتَنكر لمطالب عمال المناجم المهزومين المُضريين بعد إضراب عامي 1984-1985 ضد إغلاق حفر المناجم. وفي عام 1989، بستوكهولم، المؤتمر الثامن عشر للدولية الاشتراكية التي أخذت على عاتقها إلقاء مبادئ جديدة:
أما في التسعينات، انطلاقاً من ضغط اليسار، فإن حزب العمال البريطاني بقيادة طوني بلير افترض سياسات تعتمد على اقتصاد السوق الحر لتقديم خدمات عامة عن طريق عقود خاصة. وفي عام 1995، أعاد حزب العمال وقفته مع الاشتراكية بإعادة صياغة البند الرابع من الدستور، لرفض الاشتراكية بحذف إي وكل المرجعيات للعامة، العامل المباشر والملكية العامة لوسائل الإنتاج. في عام 1995، راجع حزب العمال البريطاني أهدافه السياسية: "حزب العمال هو حزب اشتراكي ديموقراطي. يُعتقد أنه بقوة سعينا سنحقق أكثر مما سمحقق بمفردنا، ولذا لخلق طرق لإدارك قدرتنا الحقيقية، ولأجلنا كلنا، مجتمع فيه القوة والثروة والفرصة في متناول أيدي العديد، وليس القليل."
أهداف حزب الاشتراكيين الأوروبيين، الكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي الآن "تتبع دولية تهدف لاحترام المبادئ التي يعتمد عليها الإتحاد الأوروبي، هذه المبادئ هي حرية ومساواة وتضامن وديموقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترام حكم القانون." وكنتيجة في يومنا المعاصر، الصراخ المحتشد للثورة الفرنسية المنادي بـ "مساواة، وحرية، ومؤاخاة" حيث ينادي بالمطلق ويلقي الضوء على الصناعة في المجتمع الفرنسي، ومقترح كقيم اشتراكية جوهرية.
في بداية القرن الواحد والعشرين
الذين بَجَلوا الاشتراكية في صراعهم الماركسي والطبقي المتعدد بحثوا عن ساحات أُخرى غير الأحزاب الديموقراطية الاشتراكية في بداية القرن الواحد والعشرين. برزت الحركات المناهضة للرأسمالية والعولمة خصوصاً خلال الأحداث مثل الحدث الذي عارض مؤتمر منظمة التجارة العالمية لعام 1999 كنشاط احتجاجي بمدينة سياتل. الجماعات التي ألهمتها الاشتراكية لعبت دوراً عظيماً في هذه الحركات الجديدة، التي مع ذلك احتضنت طبقات أعرض من السكان، ونصرها أعلامٌ مثل نعوم تشومسكي. قاد احتلال العراق عام 2003 إلى حركة كبيرة ضد الحرب حيث يوضح فيه الاشتراكيون قضيتهم.
قادت الأزمة المالية من عام 2007 إلى 2010 إلى مناقشات عامة إذا ما كان ماركس مُحِقاً نشرت مجلة تايم مقالاً عن إعادة التفكير في منهجية ماركس ووضعت صورت كارل ماركس على غُلاف النسخة الأوروبية خصوصاً لمؤتمر دافوس الاقتصادي عام 2009. وفي استطلاع عام عالمي للرأي في عام 2009 قامت به شبكة البي بي سي في للسنوية العشرين لسقوط جدار برلين، وجدوا أن 23 بالمائة من المستطلعين يعتقدون أن الرأسمالية بها أخطاء قاتلة ويجب اللجوء لنظام سياسي آخر، وبنسبة 40 بالمائة من تعداد سكان فرنسا؛ بينما أغلبية بما فيهم أكثر من 50 بالمائة من المستطلعين الأمريكيين يعتقدون أن الرأسمالية بها مشاكل يمكن أن تُوجه وتُصلح. من السبع وعشرون دولة المستطلعة، أغلبية في 22 منهم تطرح تدعيم الحكومات التي توزع الثروة بالتساوي.
أفريقيا
كانت وما زالت الاشتراكية الأفريقية عقائدية أساسية في قارة أفريقيا. ألهمت المبادئ الفابية جوليوس نيريري الذي كان مؤمناً صارماً بالفلاحين الأفارقة وتقاليدهم والأوجاما الذي هو عبارة عن نظام جمعي موجود قبل الاستعمارية الأوروبية طبقاً لنيريري. وكان مؤمناً بأن الأفارقة اشتراكيون بالفعل. ألهمت الاشتراكية فيلا كوتي فنادى بجمهورية أفريقية ديموقراطية. أما في جنوب أفريقيا ترك المؤتمر القومي الأفريقي ميوله الاشتراكية الحزبية بعد امتلاك السُلطة وتبعت طريق تحرري حديث قياسي. ومن عام 2005 إلى 2007، عصف العديد من المتظاهرين من الأحياء الفقيرة البلاد. وإحدى هذه الاحتجاجات أعطت دَفعَة لحركة جماهيرية لسكان الأكواخ. وعلى الرغم من سياسة القمع، دافع أبهالالي بَيزمجوندولو لتخطيط الشعب ضد خلق اقتصاد سوق في الأراضي والإسكان. اليوم أُتهمت العديد من الدول الأفريقية بأنها فشلت تحت اقتصاد تحرري جديد.
آسيا
جمهورية الصين الشعبية وكوريا الشمالية ولاوس وفيتنام هي الدول الآسيوية الباقية من اشتراكية التيار الماركسي اللينيني في القرن العشرين. ذهبت الدول ذات الاقتصاد الاشتراكي بعيداً عن تخطيط الاقتصاد المركزي في القرن الواحد والعشرين لتركيز أكبر على الأسواق. تشمل أشكالاً من اقتصاد اشتراكي صيني واقتصاد سوق فيتنامي يميل للاشتراكية. فهم يستخدمون نماذج إدارة تعاونية تملكها الدولة كمقابل لنمذجة مشروع اشت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الفكر الاشتراكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفكر الاشتراكي   الفكر الاشتراكي Emptyالأحد فبراير 17, 2013 10:32 am

آسيا
جمهورية الصين الشعبية وكوريا الشمالية ولاوس وفيتنام هي الدول الآسيوية الباقية من اشتراكية التيار الماركسي اللينيني في القرن العشرين. ذهبت الدول ذات الاقتصاد الاشتراكي بعيداً عن تخطيط الاقتصاد المركزي في القرن الواحد والعشرين لتركيز أكبر على الأسواق. تشمل أشكالاً من اقتصاد اشتراكي صيني واقتصاد سوق فيتنامي يميل للاشتراكية. فهم يستخدمون نماذج إدارة تعاونية تملكها الدولة كمقابل لنمذجة مشروع اشتراكي على أساليب إدارة تقليدية تُوظفها هيئات حكومية.
في جمهورية الصين الشعبية، قاد الحزب الشيوعي الصيني انتقالاً من اقتصاد قيادي لفترة ماو إلى برنامج اقتصادي يدعوه اقتصاد سوق اشتراكي أو اشتراكية بمعايير صينية. تحت سُلطة دينج شياو بينج، شرعت القيادة الصينية برنامج إصلاح يعتمد على السوق أكثر كسحاً من برنامج القائد السوفييتي ميخائيل جورباشتوف (البيروستريكا) في آخر الثمانينات. برنامج دينج على الرغم من احتفاظه بحقوق الدولة لملكية الأرض والدولة لكثير من قطاعات الصناعات الثقيلة وتأثير الدولة في قطاعات البنوك والماليات.
وفي مكان آخر بقارة آسيا، بعض الأحزاب الاشتراكية المُرشحة والأحزاب الشيوعية ظَلَت بارزة، خصوصاً بالهند ونيبال. وخاصة يدعو الحزب الشيوعي في نيبال بديموقراطية الأحزاب المتعددة والمساواة الاجتماعية والرخاء الاقتصادي. أما في سنغافورة معظم الناتج المحلي الإجمالي ما زال إنتاجه من قطاع الدولة تضم الحكومة والشركات المرتبطة. وفي اليابان، كان هناك تجدد اهتمام بالحزب الشيوعي الياباني بين العمال والشباب. وفي ماليزيا اُنتخب أول عضو من الحزب الاشتراكي الماليزي بالبرلمان مايكل جياكومار ديفاراج بعد الانتخابات العامة عام 2008.
نقد الاشتراكية
يرى التحرريون الاقتصاديين والتحرريرين الموالين للرأسمالية والتحريين القدامى أن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والتبادلات السوقية كأمور طبيعية وحقوق معنوية حيث أن ذلك مركز مبادئهم للحرية والتحرر، وهكذا فهم يعتبروا أن الملكية العامة لوسائل الإنتاج والتخطيط التعاوني والاقتصادي هي عبارة عن تعديات على الحرية، بعض الانتقادات الأولية للاشتراكية هي أن مؤشرات الأسعار مشوشة أو غائبة، وانخفاض الحوافز وانخفاض الازدهار والجدوى وآثارها السياسية والاجتماعية.
ينتقد نقاد المدرسة الكلاسيكية الحديثة للاقتصاد ملكية الدولة ومركزية رأس المال على أسس تفتقر لحافز في مؤسسات الدولة لتقوم بالعمل على أساس سير أعمال الشركات الرأسمالية بنفس الكفاءة لأنهم يفتقروا إلى قيود الميزانية الصارمة، مما يؤدي إلى انخفاض الرفاهية الاقتصادية للمجتمع ككل. اقتصاديو المدرسة النمساوية يصرحوا بأن الأنظمة الاشتراكية التي تعتمد على تخطيط اقتصادي غير مجدية بسبب افتقارهم للمعلومات المطلوبة لتنفيذ حساباتهم الاقتصادية في المقام الأول، نظراً لافتقارهم لمؤشرات الاسعار ونظام الأسعار الحرة حيث أن حجتهم أن ذلك مطلوب من أجل حسابات اقتصادية صحيحة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الفكر الاشتراكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفكر الاشتراكي   الفكر الاشتراكي Emptyالأحد فبراير 17, 2013 11:12 am


بدايات الحركة الاشتراكية في فرنسا
انبثاق فكرة المساواة لأول مرة في فرنسا التي كانت ارستقراطية اقطاعية تحتقر الشعب، وتفصل بينه وبين الطبقات العليا في المجتمع. وساهم سقوط النظام الملكي وحلول النظام الجمهوري محله، في الترويج للطروحات الاشتراكية الأولى، وهي الطروحات التي تم كبحها مع صعود نجم نابليون بونابرت وتأسيس الامبراطورية الفرنسية.
عن موجة الصعود الأولى للاشتراكية واكبت اندلاع الثورة الصناعية، وهي الثورة التي أدت الى ظهور المعامل، وبالتالي طبقة العمال ، وبعد ان كانت فرنسا بلداً زراعياً بالكامل تقريباً. وظهور الطبقة العمالية واستغلال البورجوازيين والرأسماليين لها هو الذي أدى الى انبثاق الفكرة الاشتراكية.
اعتقد الاشتراكيون منذ البداية ، بأنه يوجد في المجتمع الفرنسي سعداء وتعساء، أغنياء وفقراء، مستغلون بكسر الغين ومستغلون بفتحها، وان ذلك كله ينبغي ان يتغير، وهذا يعني ان تغيير هذا الوضع شيء شرعي، بل وواجب على الأفراد ، اذا كانوا مؤمنين بالنزعة الانسانية ولديهم إحساس بآلام الفقراء المدقعين أو الجائعين.
وبالتالي أصبحت الاشتراكية تلك العقيدة المضادة للوضع القائم، على عكس المسيحية التي كانت توصي أتباعها بقبول الواقع كما هو، لأن الله خلق الناس على هيئة أغنياء وفقراء، ولا ينبغي بالتالي تحدي أمر الله أو إرادته. ولهذا السبب اندلعت المعارك بين الاشتراكية والسلطات الكنسية التي اتهموها بالرجعية بل وخيانة الإنجيل ، لأنها لم تعد تدافع عن الفقراء كما أوصى بذلك المسيح عيسى عليه السلام.
وينتج عن ذلك ان الاشتراكية هي عقيدة حديثة وعلمانية لمجرد انها تدعو الى تغيير المجتمع ونقله من حال الى حال، كما انها ارتبطت فيما بعد بفكرة الديمقراطية.
الفلسفة الاشتراكية في بدايتها كانت تعني معارضة الإغراق في الأنانية والنزعة الفردية، بمعنى آخر فإنها كانت ضد الليبرالية المتطرفة التي تفتح الأبواب على كل الحريات الفردية، ولكن أيضاً على كل المنافسات الوحشية التي لا ترحم والتي لا ينتصر فيها إلا القوي والغني، وللدفاع عنهم ظهرت الفكرة الاشتراكية. وبالتالي فمضمونها انساني النزعة منذ البداية ، ولذلك جذبت اليها كل ذوي النيات الطيبة وقد وصل الأمر بالشاعر الكبير فيكتور هوغو الى حد الإعلان بأنه اشتراكي لأنه مفعم بالنزعة الإنسانية والتعاطف مع الفقراء، ولولا ذلك لما كتب رواية «البؤساء» الشهيرة.
وبدءاً من عام 1830 راح الاشتراكيون الفرنسيون ينظمون انفسهم في مجموعات صغيرة سرية مطاردة من قبل النظام.
وكانت السلطة تخلط بينهم وبين الجمهوريين أحياناً. هؤلاء الجمهوريون الذين كانوا يصلون الى السلطة من حين لآخر ولوقت عابر قصير.
ثم نال الاشتراكيون المشروعية السياسية في أواخر القرن التاسع عشر وفي ظل الجمهورية الثالثة. وأصبح لهم الحق في تنظيم أنفسهم داخل حزب محدد. ولكن العدالة الاجتماعية لم تكن حكراً عليهم أو على فلسفتهم. فعلى يمينهم كان الجمهوريون البورجوازيون يعتقدون بإمكانية حل مشكلة الفقر عن طريق إصدار قوانين عادلة ، وبدون قلب النظام القائم على الملكية الفردية والمبادرة الرأسمالية. وأما على يسارهم فكان يوجد الفوضويون، أي اليساريون المتطرفون الذين لا يؤمنون بإمكانية تغيير الأمور وتحسين أوضاع العمال والفلاحين والطبقات الشعبية عن طريق النظام القائم، حتى ولو كان جمهورياً بورجوازياً، ولذلك كانت الثورة الانقلابية هي هدفهم، و في عام 1920 عقد مؤتمر كبير في مدينة «تور» لكل الاشتراكيين الفرنسيين من معتدلين ومتطرفين، وحصل عندئذ الانشقاق الشهير بين هذين التيارين.
وهذا ما أدى إلى تشكل حزبين لا حزب واحد: حزب المعتدلين الاشتراكي، وحزب المتطرفين الشيوعي. ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم نلاحظ أن الحركة الاشتراكية الفرنسية مقسومة إلى قسمين: اشتراكي وشيوعي.
القسم الأول كان يدعو إلى تغيير النظام البورجوازي عن طريق الإصلاح المتدرج. وأما القسم الثاني فكان يدعو إلى تغييره عن طريق العنف: أي الثورة. وقد شجعهم على ذلك اندلاع ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 وتشكل الاتحاد السوفييتي لاحقاً، وقد كان الاتجاه الشيوعي هو الأقوى داخل الحركة الاشتراكية الفرنسية منذ الأربعينات وحتى الثمانينات تقريباً.
وقد وصل الأمر بأحدهم إلى حد القول: بين الديغوليين والشيوعيين لا يوجد أحد! بمعنى أن كل الأحزاب الأخرى كانت صغيرة ما عدا هذين الحزبين اللذين خرجا منتصرين بعد الحرب العالمية الثانية.
ولكن التيار الشيوعي في فرنسا فقد الكثير من هيبته ومصداقيته بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وفشل الأنظمة الشرقية في تحقيق مجتمع العدالة الاجتماعية الذي كانت تحلم به. ولهذا السبب فإن التيار الاشتراكي تغلب على التيار الشيوعي في فرنسا بدءاً من عام 1981 تاريخ وصول أول رئيس اشتراكي إلى سدة السلطة: فرانسوا ميتران.
فبعد أن كانت نسبة الأصوات التي يحصل عليها الحزب الشيوعي في الخمسينات والستينات تصل إلى 25% من أصوات الشعب الفرنسي أصبحت في أواخر الثمانينات 8% أو حتى 5%. وهكذا فقد الحزب الشيوعي قواعده الشعبية تدريجياً لكي يحل محله الحزب الاشتراكي الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال واتباع الخط الإصلاحي، لا الثوري، في التغيير السياسي والديمقراطي. وارتفعت نسبة التصويت له من 5% في بداية القرن العشرين إلى 30 أو 35% في نهاياته..
وهذا هو أكبر تحول طرأ على السياسة الفرنسية طيلة الربع قرن المنصرم. ولكن يبقى صحيحاً القول بأن انتصار الاشتراكيين على الشيوعيين كان انتصاراً حزبياً ،لأنه لم يؤد الى حل المشاكل العالقة وفي طليعتها مشكلة الفقر وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية. وأكبر دليل على ذلك ما حصل في فرنسا سنة 2005 من انتفاضات ومظاهرات شعبية عارمة. وبالتالي فلا يزال للتيار اليساري المتطرف مستقبل أمامه، ويمثل انتخاب فرنسوا هولاند دفعة جديدة للاشتراكية الفرنسية، في تجسيد ما تعلنه وتطمح إليه خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الفكر الاشتراكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفكر الاشتراكي   الفكر الاشتراكي Emptyالأحد فبراير 17, 2013 11:35 am

1- الصراع الطبقي الأولي للبروليتاريا

تتمحور التجليات الأولية لصراع الأجراء الطبقي حول مطالب ثلاثة على الدوام. هذه المطالب هي التالية:

أ. زيادة الأجور. وهي وسيلة فورية لتعديل توزيع الناتج الاجتماعي بين أرباب العمل والعمال لصالح الأجراء.

ب. إنقاص ساعات العمل دون تخفيض الأجر، وهي وسيلة مباشرة أخرى لتعديل هذا التوزيع لصالح الشغيلة.

ج. حرية التنظيم. ففي حين يستحوذ رب العمل، مالك رأس المال ووسائل الإنتاج، على القوة الاقتصادية، يجد العمال أنفسهم منزوعي السلاح طالما هم يخوضون فيها بينهم صراعا تنافسيا للحصول على عمل. ضمن هذه الشروط، تصب « قواعد اللعبة » في صالح الرأسماليين على وجه الحصر، الذين يستطيعون تخفيض مستوى الأجور قدر ما يشاءون، فيما يضطر العمال للقبول بها خشية فقدان عملهم، وبالتالي لقمة عيشهم.

ليس للشغيلة فرصة الحصول على منافع من خلال النضال الذي يواجهون به أرباب العمل، إلاّ عن طريق إلغاء هذه المنافسة التي تفرق بينهم، ورفضهم جميعا أن يعملوا ضمن شروط غير ممكن قبولها. إن التجربة تعلمهم سريعا أنه إن لم تكن لهم حرية التنظيم، كانوا منزوعي السلاح في مواجهة الضغط الرأسمالي.

لقد اتخذ الصراع الطبقي الأولي الذي يخوضه البروليتاريون طابعا تقليديا يتمثل بالرفض الجماعي للعمل، أي بالإضراب. وينقل لنا مدونو أخبار قصص إضرابات حدثت في مصر والصين القديمتين. لدينا كذلك وقائع إضرابات حدثت في مصر في ظل الإمبراطورية الرومانية، لاسيما في القرن الأول من التاريخ الميلادي.



2- الوعي الطبقي الأولي للبروليتاريا

إن تنظيم إضراب يتطلب على الدوام درجة ما - أولية - من التنظيم الطبقي. يتطلب على وجه الخصوص معرفة أن خلاص كل من الأجراء يتوقف على عمل جماعي، وهو حل قائم على التضامن الطبقي، بالتعارض مع الحل الفردي (المتمثل بمحاولة زيادة الربح الفردي دون اهتمام بدخول بقية الأجراء).

هذه المعرفة هي الشكل الأولى للوعي الطبقي البروليتاري. يضاف إلى ذلك أن المأجورين يتعلمون فطريا خلال تنظيم إضراب أن ينشئوا صناديق مساعدة. يتم إنشاء صناديق مساعدة والتعاون هذه أيضا للتخفيف قليلا من عدم استقرار الوجود العمالي، وللسماح للبروليتاريين بالدفاع عن أنفسهم خلال فترات البطالة، الخ. تلك هي الأشكال الأولية للتنظيم الطبقي.

إلاّ أن هذه الأشكال الأولية من الوعي والتنظيم الطبقيين لا تتطلب وعي الأهداف التاريخية للحركة العمالية، ولا فهم ضرورة عمل سياسي مستقل من جانب الطبقة العاملة.

هكذا تجد الأشكال الأولى للعمل السياسي العمالي موقعها إلى أقصى يسار الراديكالية البرجوازية الصغيرة. إن مؤامرة المتساوين التي نظمها غراكوس بابوف [34]، والتي تمثل أول حركة سياسية حديثة تهدف إلى تجميع وسائل الإنتاج، ظهرت إبان الثورة الفرنسية إلى أقصى يسار اليعاقبة.

يهيئ لمجيء مجتمع اشتراكي، ويهيئ القوى المادية والأدبية London Corresponding Society التي حاولت تنظيم حركة تضامن مع الثورة الفرنسية. إلاّ أن القمع البوليسي تمكن من سحق المنظمة المذكورة. لكن نشأت على الفور، بعد نهاية الحروب النابوليونية، رابطة الاقتراع العام التي تشكلت في منطقة مانشستر-ليفربول الصناعية من عمال على وجه الخصوص، وكانت إلى أقصى يسار الحزب الراديكالي (البورجوازي الصغير). لقد تسارع بعد أحداث بيترلو الدامية في عام 1817 انفصال حركة عمالية مستقلة عن الحركة البورجوازية الصغيرة، ونشأ هكذا بعد قليل الحزب الشارطي أول حزب عمالي بصورة أساسية، يطالب بالاقتراع العام.



3- الاشتراكية الطوباوية

تلك الحركات الأولية للطبقة العاملة قادها كلها إلى حد بعيد عمال بالذات، أي عصاميون autodidactes كانوا غالبا ما يصوغون أفكار ساذجة حول موضوعات تاريخية واقتصادية واجتماعية، تتطلب دراسات علمية متينة كي تتم معالجتها بعمق. تطورت تلك الحركات إذا على هامش التطور العلمي في القرنين 17 و18. على عكس ذلك، وفي إطار هذا التطور العلمي بالذات تقع جهود أوائل المفكرين الكبار الطوباويين من أمثال توماس مور (مستشار إنكلترا في القرن 16)، وكامبانيلا (كاتب إيطالي في القرن 17)، وروبيرت أوين، وشارل فورييه وسان سيمون (كتّاب في القرنين 18 و19). حاول هؤلاء الكتّاب أن يجمعوا كل معارف عصرهم العلمية ليقوموا بصياغة:

أ. نقد حاد للا مساواة الاجتماعية، لا سيما تلك التي تميز المجتمع البورجوازي (وهو ما يعني أوين وفورييه وسان سيمون)

ب. مخطط تنظيم مجتمع متساو، قائم على الملكية الجماعية.

بهدين الوجهين لعمل كبار الاشتراكيين الطوباويين، يشكل هؤلاء الرواد الحقيقيين للاشتراكية الحديثة. إلاّ أن ضعف نظامهم يكمن في:

أ. واقع أن المجتمع المثالي الذي يحلمون به (من هنا تعبير الاشتراكية الطوباوية) ينطرح كمثل أعلى مطلوب بناؤه وبلوغه دفعة واحدة عبر جهد للفهم يبذله الناس وإرادة حسنة، وذلك من دونما علاقة بالتطور التاريخي الذي يؤدي إليه المجتمع الرأسمالي بالذات إلى هذا الحد أو ذاك.

ب. واقع أن تفسيرات الظروف التي ظهرت خلالها اللا مساواة الاجتماعية والتي يمكن أن تختفي خلالها، هي تفسيرات ناقصة علميا وتقوم على عوامل ثانوية (العنف، الأخلاق، المال، علم النفس، الجهل، الخ)، ولا تنطلق من المشكلات البنيوية الاقتصادية والاجتماعية، مشكلات التفاعل بين علاقات الإنتاج ومستوى تطور قوى الإنتاج.



4- ولادة النظرية الماركسية - البيان الشيوعي

في هذين الحقلين بالذات، نرى أن إرساء النظرية الماركسية في الأيديولوجية الألمانية (1845)، وخصوصا، في البيان الشيوعي (1847) الذي وضعه ماركس وإنجلز، إنما يشكل تقدما حاسما. فمع النظرية الماركسية، يتجسد الوعي الطبقي العمالي في نظرية علمية من المستوى الأرفع.

لم يكتشف ماركس وإنجلز مفهومي الطبقة الاجتماعية والصراع الطبقي، فهذان المفهومان كان يعرفهما الاشتراكيون الطوباويون وبورجوازيون آخرون من مثل المؤرخين الفرنسيين تييري وغيزو. بيد أنهما شرحا علميا أصل الطبقات، وأسباب تطور الطبقات، وواقع إمكان تفسير التاريخ الإنساني بكامله انطلاقا من مفهوم صراع الطبقات، وعلى وجه الخصوص الشروط المادية والمعنوية التي بموجبها يمكن لانقسام المجتمع إلى طبقات أن يخلي المجال لمجتمع اشتراكي خال من الطبقات.

لقد فسرا من جهة أخرى كيف أن تطور الرأسمالية بالذات يهيء لمجيء مجتمع اشتراكي، ويهيئ القوى المادية والأدبية التي تضمن انتصار المجتمع الجديد. لا يعود هذا المجتمع يظهر مذاك كمجرد محصلة لأحلام الناس ورغباتهم، بل كالناتج المنطقي لتطور التاريخ البشري.

هكذا يمثل البيان الشيوعي شكلا أسمى من الوعي الطبقي البروليتاري. يعلّم الطبقة العاملة أن المجتمع الاشتراكي سوف يكون ناتج صراعها الطبقي ضد البورجوازية. إنه يعلمها ضرورة ألاّ تكتفي بالنضال من أجل زيادة الأجور، وأن تعمل بالتالي لإلغاء العمل المأجور. يعلمها على وجه الخصوص ضرورة تشكيل أحزاب عمالية مستقلة، وأن تستكمل عملها المتمثل بمطالب اقتصادية بعمل سياسي على الصعيدين القومي والأممي.

لقد ولدت الحركة العمالية الحديثة إذا من الاندماج بين الصراع الطبقي الأولي للطبقة العاملة والوعي الطبقي البروليتاري البالغ درجته العليا من التعبير المتجسدة في النظرية الماركسية.



5- الأممية الأولى

هذا الاندماج هو مآل كل تطور الحركة العمالية الأممية بين الخمسينات والثمانينات من القرن 19.

وخلال ثورات 1848 التي هزت أركان معظم بلدان أوروبا، لم تظهر الطبقة العاملة في أي مكان، ما عدا في ألمانيا (في جمعية الشيوعيين الصغيرة، التي كان يقودها ماركس) كحزب سياسي بالمعنى الحديث للكلمة. كانت تسير في كل مكان في ذيل الراديكالية البورجوازية الصغيرة، إلاّ أنها انفصلت في فرنسا عن هذه الأخيرة إبان أيام يونيو الدامية عام 1848، دون أن تتمكن من تشكيل حزب سياسي مستقل (كانت المجموعات الثورية التي شكلها أوغست بلانكي نواته إلى هذا الحد أو ذاك). واثر سنوات الردة الرجعية التي تلت هزيمة ثورة 1848، كانت المنظمات النقابية والتعاونية التابعة للطبقة العاملة هي التي تطورت قبل كل شيء في معظم البلدان، باستثناء ألمانيا، حيث سمح التحريض من أجل الاقتراع العام للاسال أن يشكل حزبا سياسيا عماليا هو الجمعية العامة للشغيلة الألمان.

لقد اندمج ماركس والمجموعة الصغيرة من نصرائه اندماجا حقيقيا مع الحركة العمالية الأولية في ذلك العصر بتأسيس الأممية الأولى عام 1864، وقد هيأوا بذلك تشكيل الأحزاب الاشتراكية في معظم بلدان أوروبا. ومن قبيل المفارقة البالغة أن الأحزاب التي اجتمعت لتشكيل الأممية الأولى لم تكن أحزابا عمالية. إن تشكيل هذه الأخيرة هو الذي سمح بالتجميع القومي لمجموعات محلية ونقابية انضمت إلى الأممية الأولى.

وحين تصدعت الأممية بعد هزيمة كومونة باريس احتفظ العمال الطليعيون بوعي ضرورة تجمع من هذا النوع على المستوى القومي. وخلال السبعينات والثمانينات، وبعد العديد من المحاولات الفاشلة، تشكلت نهائيا أحزاب اشتراكية مستندة إلى الحركة العمالية الأولية في ذلك الزمن. وكانت الإستثناءات المهمة الوحيدة لهذه السيرورة هي بريطانيا العظمى والولايات المتحدة، فالأحزاب الاشتراكية التي تشكلت فيهما في ذلك العصر بالذات بقيت على هامش حركة نقابية كانت قد أصبحت قوية. ولم يظهر حزب العمال المستند إلى النقابات في بريطانيا إلاّ في القرن العشرين. وفي الولايات المتحدة، ما يزال إنشاء حزب من هذا النوع هو المهمة الملحة للحركة العمالية.



6-الأشكال المختلفة لتنظيم الحركة العمالية

يسمح لنا هذا بأن نوضح أن النقابات وشركات التعاون mutualites والأحزاب الاشتراكية قد ظهرت تقريبا كالنواتج العفوية المحتومة للنضال داخل المجتمع الرأسمالي، وأن الأمر يتوقف في النهاية على عوامل متعلقة بالتراث والأحوال القومية إذا كان شكل ما يتطور قبل شكل آخر.

أمّا التعاونيات فليست الناتج العفوي للصراع الطبقي، بل ناتج المبادرة التي قام بها روبيرت أوين ورفاقه عام 1844 حين أسسوا أول تعاونية في روشدال في إنكلترا.

إن أهمية الحركة التعاونية لا تنكر، لا فقط لأنه يمكنها أن تكون مدرسة تسيير عمالي للاقتصاد بالنسبة للطبقة العاملة، بل خصوصا لأنها يمكن أن تهيئ داخل المجتمع الرأسمالي بالذات حل واحدة من المشكلات الأكثر صعوبة في المجتمع الاشتراكي، مشكلة التوزيع. بيد أنها تنطوي في الوقت ذاته على طاقة كامنة خطيرة من المنافسة الاقتصادية داخل النظام الرأسمالي مع مشاريع رأسمالية، وهي منافسة لا يمكن إلاّ أن تؤدي إلى نتائج مشؤومة بالنسبة إلى الطبقة العاملة وخصوصا إلى تخريب الوعي الطبقي البروليتاريا.



7- كومونة باريس

تلخص كومونة باريس كل الاتجاهات التي برزت في أصل الحركة العمالية الحديثة وفي أوائل تفتحها. لقد ولدت من الحركة العمالية الجماهيرية العفوية لا من خطة أو برنامج وضعهما حزب عمالي بصورة مسبقة، وبيّنت اتجاه الطبقة العاملة لتخفي الطور الاقتصادي الصرف من نضالها -إن الأصل المباشر للكومونة سياسي للغاية، وهو يتمثل في حذر عمال باريس تجاه البورجوازية المتهمة بنيتها تسليم المدينة للجيوش البروسية التي كانت تحاصرها- وذلك بالدمج المستمر للمطالب الاقتصادية والمطالب السياسية. حملت الطبقة العاملة للمرة الأولى على استلام السلطة السياسية، ولو على أرض مدينة واحدة. لقد عكست اتجاه الطبقة العاملة لتدمير جهاز الدولة البورجوازي واستبدال الديموقراطية البورجوازية بديموقراطية بروليتارية هي شكل رفيع من الديموقراطية. بيّنت كذلك أنه من دون قيادة ثورية واعية فإن البطولة العارمة التي تعبر عنها البروليتاريا في خضم معركة ثورية تظل غير كافية لضمان النصر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الفكر الاشتراكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفكر الاشتراكي   الفكر الاشتراكي Emptyالأحد فبراير 17, 2013 11:37 am

الإضراب العام 1926..
الرأسمالية والإصلاحية والطبقة العاملة الإنجليزية
بقلم:
كريس هارمان
مارس 2000
ترجمة:
أنور علي
الاصدار: الشرارة
الناشر:
جماعة تحرير العمل

كان الإضراب العام للعمال في إنجلترا نقطة التحول الحاسمة في النضالات الطبقية في سنوات ما بين الحربين العالميتين. فقد كان خلاصة وذروة كل نضالات الأعوام السابقة، والمواجهة النهائية المؤجلة بين طبقة مالكة مصممة على تخفيض مستويات الأجور وطبقة عاملة واثقة من قدرتها على مقاومة تلك التخفيضات.
القيادات النقابية:

خلال معظم تاريخها سيطرت على حركة النقابات العمالية البريطانية قيادات جعلها سلوكها البيروقراطي وآراؤها السياسية (ليبرالية أو يمين حزب العمال) غير قادرة على قيادة الطبقة العاملة بنجاح في المواجهات الكبرى. لكن في 1925 و1926، ظهر للمرة الأولى أن هناك انقطاع حقيقي يحدث مع هذا التراث. بعض القيادات العمالية صارت تتحدث بنغمة ليست فقط عن القيادات اليمينية (مثل رامسي ماكدونالد أو جيمي توماس) ولكن قريبة من تلك الخاصة بالاشتراكيين الثوريين.

ثلاثة قادة على وجه التحديد مثلوا هذا الاتجاه:برسل في نقابة عمال الأثاث وسويلز في نقابة الصناعات الهندسية، وهيكس في نقابة عمال البناء. كان الأول رئيسًا لاتحاد النقابات العمالية (TUC) في 1924، وبالتالي رئيسًا له في 1925، أما الثالث فقد كان عضوًا في اللجنة الصناعية الخاصة التي أنشآها الاتحاد في عام 1925 لتدير النزاع في المناجم.

كانت لغة هؤلاء القادة النقابيين أكثر "تطرفًا" من تلك التي تستخدمها عادة القيادات النقابية اليسارية. ففي مؤتمر اتحاد النقابات العمالية عام 1924 مثلاً استخدم برسل – وكانت نفس اللغة لآخرين في المؤتمرات اللاحقة – العبارات التالية: "يجب على العمال أن ينظموا أنفسهم على المستوى المحلي والدولي في مواجهات مباشرة مع الرأسمالية وأساليبها السياسية. عليم أن ينظموا حتى يكونوا قادرين على إسكات طبول الحرب – حين تدق – إلى الأبد. يجب أن نعلن بوضوح انه فقط منظمة مقاتلة ودولية للطبقة العاملة يمكنها أن تنهي خطر الحرب".

على خلفية عبارات كتلك كان ممكنًا لمعظم عناصر اليسار الثوري أن تعتقد أن القيادات النقابية تمر بتحول كامل. ووصل الأمر بأحد منظري الحزب الشيوعي للقول بأن الفارق بين قيادة اتحاد النقابات العمالية وقيادة حزب العمال كان كالفارق بين "قيادة تتجه للاعتراف بالصراع الطبقي يسيطرون على المجلس العمومي لاتحاد النقابات العمالية".
الجمعة الأحمر:

لم تتأخر المواجهة الأولى كثيرًا. فقد أدى تجدد المنافسة مع الفحم الألماني إلى تخفيض أرباح أصحاب مناجم الفحم، وارتفاع البطالة بين هؤلاء الذين يعملون في المناجم (1،2 مليون عامل) لتصل إلى 11،5 %. وفي 30 يونيو 1925، أحس أصحاب المناجم بأنهم أقوياء بما يكفي لا بلاغ نقابة العاملين بمناجم الفحم بإلغاء اتفاق الأجور المبرم معها في خلال شهر. وإذا لم تقبل النقابة التخفيضات في الأجور فسوف يمنع أعضائها من دخول المناجم.

كان كل من له صلة بالموضوع يعلم أن الأمر لن يتوقف فقط على أجور عمال الفحم. وهذا ما أعلنه رئيس وزراء إنجلترا بالدوين أثناء مناقشة مع عمال المناجم حيث قال: "إن على جميع العمال في هذا البلد أن يقبلوا التخفيض في الأجور حتى تقف الصناعة على قدميها".

لم يصل الإعداد لتكوين تحالف صناعي اقترحته نقابة الصناعات الهندسية إلى الحد الذي يؤهله للتدخل في النزاع. ولكن المساندة التي لاقاها التحالف أظهرت أن منظمات الطبقة العاملة كانت مستعدة للقتال. فعندما عينت الحكومة لجنة تقضي حقائق للنظر في مقترحات ملاك المناجم رفض اتحاد نقابات عمال المناجم المشاركة، ورأوا أن مشاركتهم تعني موافقتهم على مبدأ تخفيض الأجور. على النقيض من ذلك أعد هؤلاء للنضال وطلبوا العون من اتحاد النقابات العمالية.

كانت تلك هي الفرصة لتنظيم التحرك الجماهيري الدفاعي الذي كان يفكر فيه الأعضاء الأكثر صراحة في المجلس العام لاتحاد النقابات العمالية. وتم تعيين لجنة صناعية خاصة للمجلس تحت قيادة اليساري سويلز. وتمكنت اللجنة أن تحصل على اتفاق مع نقابات النقل والسكك الحديدية بأن أي إغلاق للمناجم في وجه العمال سوف يواجه بحظر كامل على نقل الفحم.

وفي وقت انخفضت فيه بشدة أسهم الفحم عبر البلاد، فإن مثل هذا القرار كان يعني توقف الصناعة بأكملها في غضون أيام. وبالرغم من إن بالدوين كان قد تعهد سابقًا بأنه لن يتراجع، إلا أنه كان عاجزًا لأنه أدرك أن طبقته ليست مستعدة لمواجهة الحركة العمالية بكاملها. وهكذا كانت حركة شطرنج دفاعية واحدة من جانب النقابات العمالية تعني بالنسبة لملاك المناجم "كش ملك".

قبل 24 ساعة فقط من قيام أصحاب المناجم بإغلاقها في أوجه العمال، أعلن بالدوين أن الحكومة مستعدة لتفادي توقف صناعة الفحم عن طريق تقديم معونة لعمال المناجم لمدة تسعة شهور. وذلك على أن تبقى مستويات الأجور على ما هي عليه، مع وجود لجنة ملكية تجرى بحث تفصيلي حول الأمر.

اعتبرت الحركة العمالية هذا القرار انتصارًا كاسحًا، وخرج مانشيت صحيفة الديلى هيرالد ليسمي ما حدث بـ: "الجمعة الأحمر" بينما تحدث بيان للمجلس العمومي لاتحاد النقابات العمالية عن أن ما حدث هو محفز هائل لكل عضو نقابي.
شهور الإعداد:

على كل حال، كانت المعركة أبعد كثيرًا من أن تنتهي. فقد اعتبرت كتلة المحافظين الصحفية تراجع بالدوين انسحابًا مخزيًا يجب عكس اتجاهه والهجوم سريعًا. وأوضح وزير الداخلية جاسون هيكس الطبيعة المؤقتة للاتفاق الذي تم اتخاذه: "إني أقول إن الخطر لم ينته بعد، فهل ستحكم إنجلترا بواسطة البرلمان والحكومة أم بواسطة حفنة من القيادات العمالية؟". وأكد وزير الخزانة تشرشل أنه يوم الجمعة الأحمر: "تأثرت الحكومة بحقيقة أن البلاد بأكملها لم تصلها طبيعة ونتائج تحرك كهذا. وعلى هذا قررنا تأجيل الأزمة بغرض تفاديها، وإذا كان ذلك غير ممكن مواجهتها جين يأتي الوقت المناسب.

على جانب الطبقة المالكة بدأ الاستعداد في ضوء هذا المنظور. كانت الحقيقة الحاسمة في يوليو هي نقص الفحم. ومع قدوم الشتاء بدأ هذا في الاختفاء بدون جهد واعي من الحكومة. فلم يكن أمام العمال سوى استخراج الفحم لتصبح كوماته سلاحًا ضدهم. من وجهة نظر السلطات كان الأهم هن الاستعداد لنقل الفحم والسلع الأخرى في حالة حدوث إضراب. وفي سبتمبر، نشر بيان باسم العديد من أصحاب الأعمال يطلب متطوعين للانضمام إلى "منظمة صيانة المؤن". رحبت الحكومة بذلك وبدأت في تطوير آلتها الحربية الرسمية. كانت البلاد مقسمة إلى عشرة أقاليم. كل منها تحت رئاسة مقوض مدني وطاقم من الموظفين الحكوميين وترتيبات متقنة لنقل الطعام والبريد والفحم تحت حالة الطوارئ. في الوقت نفسه تمت محاكمة 12 من قيادات الحزب الشيوعي وحبسهم لفترات تتراوح بين 6 شهور وسنة.

ومن جانب اتحاد النقابات العمالية، فإن الحاجة للاستعداد كانت واضحة في البيانات الرسمية الصادرة عقب الجمعة الأحمر مباشرة. وحذر رئيس الاتحاد: "أن الحركة النقابية يجب أن تكون حذرة ومتيقظة، في حالة بروز الحاجة مرة أخرى للتحرك دفاعًا عن مصالحها".

وأشار المجلس العام للاتحاد في سبتمبر أنه: "ليس من الممكن تجنب الإحساس بان هناك محاولة أخرى ستتم لفرض تخفيضات في الأجور أو إطالة يوم العمل". وكان مؤتمر النقابات في "سكاربورو" في سبتمبر مليئًا بالتفاؤل بمسيرة ظافرة. وخلاله أدينت الإمبراطورية البريطانية وتم الاعتراض على خطة (داوس) لبناء أوربا على أساس الرأسمال الأمريكي، أيضًا تم إقرار خطط للعمل المشترك مع نقابات العمال الروسية، وصدر قرار ينادي بتقوية وتطوير تنظيمات قاعدية تناضل يدًا بيد مع حزب العمال للإطاحة بالرأسمالية.

وكانت لغة الخطابات والقرارات تشير إن القادة الرسميين للنقابات كانوا يستعدون لمعركة في خلال أشهر قليلة. "كان الجميع ينظرون للمجلس العام لكي يقود.. و يعتقدون إن المجلس العمومي يقوم سرًا بالاستعدادات الكاملة". وأكد هذه الفكرة بروز المنتمين للجناح اليساري في المجلس من أمثال برسل وسواليز ويكس وتيليت وبروملي وآخرين.

لكن يندر في التاريخ أن تخيب آمال جموع الجماهير لهذه الدرجة. خلال النصف الأول من فترة التسعة شهور التالية للجمعة الأحمر وبينما كانت الحكومة مشغولة بدعم "منطقة صيانة المؤن" علنًا وتنشئ لجان الطوارئ، لم يفعل المجلس العمومي ولجنة الصناعة به أي شيء. وفي الأربع شهور ونصف التاليين لم يفعلا أي شيء أيضًا. وانتظر حتى يناير 1926 ليبدأ في مناقشة الترتيبات المتعلقة بحدوث إضراب مع مجتمع تعاونيات تجارة الجملة وحتى وقتها لم يتم أي شيء. وأخيرًا، في يوم الجمعة 19 فبراير تم اتخاذ قرار بعدم القيام بأية خطوات إضافية حتى يصدر تقرير اللجنة الملكية. وعندما انفجرت الأزمة حولها أخيرًا وجد المجلس العام لاتحاد النقابات العمالية (طبقًا لواحد من أعضائه البارزين): "إن الخطوات الوحيدة المحددة التي اتخذت كانت ذات طبيعة وسطية. فلم يتم تقديم أي اقتراحات محددة للتحرك".

خارج المجلس العام لم تفعل المنظمات الرسمية سوى أكثر من هذا بقليل. استمرت محاولة الإعداد للتحالف الصناعي الذي سرعان ما تأثر بشدة بانسحاب إحدى النقابات لرفضها الاندماج مع نقابة أخرى من خلال التحالف.

لم يوقف تكتيك "التهدئة" النقابي هذا استعدادات الحكومة. ففي العاشر من مارس قدمت اللجنة الملكية تقريرها وكان الأمر المتوقع، من تقرير أعده اثنين من كبار المسئولين الحكوميين ورجل من رجال الصناعة، هو انحياز التقرير لتخفيض أجور العمال رغم تضمنه كلام غامض عن ضرورة إعادة تنظيم الصناعة. ومع ذلك تعاملت الصحافة البرجوازية مع التقرير وكأنه نص مقدس أو التجسد الحي للحقيقة المنزهة. فماذا عن موقف قيادات اتحاد النقابات العمالية؟

في 19 فبراير أعلنت اللجنة الصناعية بلا تردد: "إن حركة النقابات ستقف موحدة بثبات ضد أي محاولة لتخفيض مستوى معيشة عمال الفحم".

الآن، على كل حال، بدأ أن اللجنة متأثرة بحملة الدعاية المؤيدة للتقرير. فقد كتبت لاتحاد المناجم تقول: "أن الأمور لم تصل بعد للمرحلة التي يمكن فيها أن يصدر إي إعلان نهائي عن اللجنة" بينما كانت هذه البيانات قد صدرت بالفعل سابقًا. مرة أخرى، وبينما كانت اللجنة في السابق ترفض الحديث عن أي تخفيض في الأجور، أصبح كل ما تطالب به هو إجراء مفاوضات بين العمال وأصحاب المناجم لتضييق نقاط الخلاف بينهما.

كان لجناحي الوسط واليمين في المجلس العام موقف واضح حتى ولو لم يكن معلنا بشكل عام. وكان رأي رئيس اتحاد النقابات العمالية أرثر باف – الذي جاء خلفًا لسويلز – إن "التكتيك المؤثر يجب أن يرتكز على قبول عمال المناجم للتقرير في جوهره والتفاوض حول أي نقطة تتطلب التعديل بشكل معقول" فقط قادة عمال المناجم تحدثوا بلغة رافضة بوضوح للتقرير.

على أي حال، فإن مالكي المناجم أحسوا أنهم مستعدين الآن للمواجهة حتى وإن لم تردها قيادات الاتحاد. وفي 16 أبريل أعلنوا بدء الإغلاق في خلال أسبوعين ما لم يقبل العمال بتخفيض الأجور. ولم يكونوا مستعدين لاستئناف المفاوضات على أساس المستوى القومي.

ولم يكن أمام المجلس العام خيار. فكلامه خلال الصيف الماضي كان يعني أن عليه أن يتحرك بشكل أو بأخر . فدعا إلى مؤتمر خاص لكل المسئولين التنفيذيين النقابيين لمناقشة كيفية دعم عمال المناجم. إلا إن هذا المؤتمر لم ينعقد إلا في 29 أبريل. وفي تلك الأثناء بذل المجلس العام أقصي جهد لجعل المفاوضات تستمر. واعتقد إنها قد تكون ناجحة. "كان الجميع يعتقد، بفعل التصريحات والخطب أو ترددهم إزاء مواجهة المشكلة أن هناك إمكانية حقيقية لتحقيق تسوية". وحتى بعد إن انعقد مؤتمر القادة التنفيذيين في الاتحاد، سارت المفاوضات بخطى بطيئة. وظل أصحاب المناجم على غير استعداد للتراجع. وأخيرًا اضطر المجلس للاعتراف بأنه لا توجد أي إمكانية في الأفق لنجاح المفاوضات، وذلك بالرغم مما عبر عنه أحد قادة التفاوض قائلاً "إنني لم أقم في يوم ما بالاستجداء والاعتذار كما فعلت اليوم!"

فموقف الحكومة وأصحاب المناجم وضع أعضاء المجلس العام أمام خيارين. إما أن يبتلعوا الكلام الذي قالوه سابقًا ويستسلموا للحكومة أو يقوموا بالإعداد لموقف دفاعي جماهيري على أمل أن تقدم الحكومة تنازلات. ويوم السبت الأول من مايو قدم المجلس توصية لمؤتمر المسئولين التنفيذيين لكي يفوضه في اتخاذ قرار بعمل إضراب تضامني مع عمال الفحم. وتحدث أحد قادة المجلس (بيفن) بلغة فخمة عن أهمية هذا التصويت فقال "أنتم وضعتم أنفسكم في محراب هذه اللحظة العظيمة، ومن ثم فليس مهمًا أن يضيع كل بنس وكل أمل لديكم، لأن التاريخ سوف يكتب أنه كان هناك جيل عظيم استطاع أن يقدم كل ما في وسعه بدلاً من رؤية عمال المناجم يساقون كالعبيد".

ترك المندوبون المؤتمر معتقدين أن الاستعدادات لإضراب عام ستنفذ في خلال 26 ساعة على الحافة.

غير أن المجلس العمومي لم يقدم في الواقع سوى وقت قليل للغاية لمثل هذه الاستعدادات، حتى في تلك المرحلة. فقد دعا إلى الإضراب، إلا أنه رأي في ذلك مجرد سلاح تفاوضي ومحاولة يائسة لجعل الحكومة وأصحاب المناجم يستسلمون. وفي خلال ساعات من الدعوة للإضراب قام المجلس العمومي بزيارة بالدوين لإجراء مزيد من المناقشات، ووصل الطرفان فعلاً لتسوية، تقبل بتقرير اللجنة الملكية مع بما فيه أنه يتضمن بعض التخفيض في الأجور. وفي الحقيقة فإن أصحاب المناجم لم يقدموا أي تنازل على الإطلاق. لكن أحد قيادات المجلس كان من الممكن أن يقول: "لا يهم ماذا يقول عمال المناجم أو غيرهم فنحن نقبل التقرير".

على كل حال، لم تكن الحكومة تريد فقط قبول قيادات اتحاد النقابات العمالية بالتسوية بل أرادت أن تلحق الهزيمة بالنقابات لكي تكون قادرة على فرض شروطها للنهاية وعلى الجميع وليس فقط عمال المناجم. بهذه الطريقة فقط وليس بأي طريقة أخرى كان من الممكن التعامل مع مشكلات الرأسمالية البريطانية المزمنة. ومدركة لمدى تردد القادة النقابيين في اتخاذ موقف حاسم، قرر مجلس الوزراء استخدام رفض عمال الطباعة طبع جريدة الديلي ميل كذريعة لإلغاء الاتفاق.
الإضراب:

لم يكن الاتحاد حتى هذه اللحظة مستعدًا للدخول في إضراب عام. فبينما تحدث قادته عن إضراب على المستوى القومي، لم يدعوا له سوى عمال بعض الصناعات. على أن تتم دعوة الآخرين فيما بعد كخط دفاع ثاني. أما باقي القطاعات بما فيها الخدمات الحيوية (من وجهة نظر الحكومة) مثل البريد فلم تتم دعوتهم على الإطلاق. والأكثر من ذلك أن التعليمات الداعية للإضراب كانت بعيدة كل البعد عن الوضوح. وفي المحليات لم يكن أبدًا واضحًا من عليه أن يكون مضربًا ومن ليس.

أما الاستعدادات الحكومية فقد كانت مكثفة أكثر من ذلك بكثير. فقد طلب متطوعون من أجل كسر الإضراب أو العمل كقوات شرطة خاصة. وتم استخدام قوائم متطوعي منظمة صيانة المؤن بشكل مشابه. واعدت الحكومة المتنزهات كمستودعات للمؤن. وتم بدء تطبيق قانون الطوارئ لكي يعطي الشرطة حق القبض على أكبر عدد من المضربين.

بالرغم من وسطية القيادات النقابية وتحفز الحكومة كان رد فعل العمال للدعوة للإضراب يفوق كل التوقعات، وذلك طبقًا لاتحاد النقابات العمالية. فقد أدهش حماس العمال كل من الحكومة وقيادات الاتحاد بنفس الدرجة. وقد شعرت اللجان التنظيمية للمجلس العام منذ البداية بحرج شديد إزاء رغبة عدد كبير من العمال في الانضمام للإضراب على الرغم من عدم دعوتهم.

ولا يوجد هنا مجال للدخول في تفاصيل تنظيم الإضراب، ولكن يمكن الإشارة إلى بعض النقاط التي تعبر عن درجة الحماس والمبادرة الجماهيريين. ففي المحليات كانت مجالس النقابات مسئولة عن التأكد من التزام فروع النقابات المحلية بتعليمات المجلس العام. وقام العديد من تلك الأفرع بتشكيل مجالس للحركة تضم معًا مندوبين عن النقابات الرئيسية وقطاعات أخرى من الحركة العمالية في كل منطقة. وقد كانت هناك رغبة عارمة في التحرك على مستوى المحليات أكثر منها على المستوى المركزي. وتم تنظيم الاجتماعات الجماهيرية وإصدار المنشورات المحلية الخاصة بالإضراب وفرق لمنع كاسري الإضراب من العودة للعمل. وفي بعض المناطق أنشئ جهاز دفاعي للعمال لحمايتهم من هجمات البوليس، وفي منطقة واحدة على الأقل هي "فايف" نجحت هذه الأجهزة في إخراج البوليس من المنطقة. إلا إن هذه الحالة من القتالية في أفرع النقابات المحلية لم يماثلها الحال في النقابات المركزية. فبالرغم من تكوين لجنة للإضراب برئاسة اليساري هو السيطرة على – واحتواء – حالة النشاط في النقابات المحلية. وطبقًا لرأي أحد مؤرخي الإضراب: "كان يخشى في بعض المناطق أن تتمكن العناصر اليسارية المتطرفة من السيطرة على الإضراب وإدارته كمسألة سياسية بحتة. ومن ثم فقد حاولت اللجنة المنظمة للإضراب منذ البداية الحفاظ على السيطرة على الأنشطة المحلية وهو الشيء الذي لم ينجح.

وعندما بدأت الحكومة في إصدار جريدتها اليومية "البريتيش جازيت" رد الاتحاد بإصدار جريدة "العامل البريطاني". لكن لم يكن التناقض بين الاثنين كبيرًا. فبينما أدعت الحكومة أن النزاع لم يكن بين العمل ورأس المال وإنما بين القيادات النقابية والبرلمان ردت الأخرى بأن: "المجلس العام يود أن يؤكد أن النزاع صناعي وأنه يطلب من المضربين الالتزام بصرامة بواجباتهم الشرعية.

ولم يعد الآن سويلز أو أي من اليساريين الكلام الذي قالوه قبل ثمانية أشهر عن تحطيم عبودية الأجر. وبدلاً من ذلك فقد جلسوا في لجان الاتحاد ليمنعوا النشرات المحلية التي تدافع عنه.
إنهاء الإضراب:

أستطاع الإضراب أن يحي الحماس الدفين لدى ملايين العمال. فقد بدئوا يدركون إمكانية إيجاد تحرك الجماهير حلول للمعاناة والاحباطات التي كانوا يرونها في السابق أمرًا مفروغًا منه. ومن خلال مجالس الحركة ولجان الإضراب بدئوا يعبرون عن مبادراتهم الفردية أكثر من أي وقت مضى. فدروس نضالات الستة عشر عامًا السابقة والقاسية تم تطبيقها وذلك من خلال عرض جماهيري يعكس حالة التضامن الطبقي. إلا إن القيادة المركزية الوحيدة لهذه الحركة ظلت هي المجلس العام لاتحاد النقابات العمالية. وهناك الرغبة في نهاية تفاوضية سريعة للإضراب مسيطرة.

ففي اليوم الخامس من الإضراب قامت اللجنة الخاصة بالإضراب بعمل تصور لوقف الإضراب بالتنسيق مع صامويل رئيس اللجنة الملكية الذي أكد لهم أنه لا يمثل الحكومة وبالتالي لا يستطيع أن يقدم لهم أي ضمانات. ومع ذلك فقد بدا إن بعض القيادات النقابية كان همها الأول هو إنهاء الإضراب بأي ثمن. وبعد يومين من التفاوض قبل هؤلاء النقابيين عرض صامويل بخفض أجور العمال في المناجم: ولم يرتفع صوت واحد آنذاك من قبل الجناح اليساري ضد هذا العرض حيث كان هناك اتفاق ووحدة داخل المجلس حول ضرورة إنهاء الإضراب رغم غياب الضمانات الحكومية.

فقط اتحاد عمال المناجم هو الذي ظل يحس أن المشكلة باقية. وتساءلت قياداته حول ما إذا كانت هناك ضمانات لعدم التنكيل بالعمال المضربين حيث يعودون للعمل. وكانت الإجابة التي قدمها صامويل لواحد من القيادات النقابية (كوك) هي أن عليه أن يثق في كلمة رجل بريطاني شريف كان حاكمًا لفلسطين!! ولم يعترض أيضًا أي من القيادات اليسارية التي كانت تندد بالاستعمار قبل شهور.

وما يتعلق بهذه النقطة لم يكن أبدًا إرادة وتصميم القيادات النقابية على الدعوة للثورة أو حتى قيادة هجوم محدود على الطبقة المالكة. وإنما تطلب الأمر فقط المعرفة البدائية بأساسيات وتكتيكات التفاوض حول الأجور لإدراك أنه لا عودة للعمل بدون ضمانات حديدية لعد التنكيل بالعمال. ولم يكن الجناح اليميني في المجلس العلم مهتمًا بمثل تلك الضمانات ولم يثر اليساريون القضية.

رفض اتحاد عمال المناجم الاتفاق وأكد أنه سيواصل القتال منفردًا لو أقتضى الأمر ذلك. غير أن المجلس العام كان حاسمًا إزاء وفق الإضراب. وقام بإرسال وفد لمقابلة بالدوين والتأكيد له بأن الإضراب أنتهي والمطالبة بالحصول على ضمانات لعدم التنكيل بالعمال العائدين إلى عملهم. وكان رد بالدوين مجرد عموميات غامضة.

وفي مساء هذا اليوم الذي كان اليوم التاسع للإضراب أعلنت الصحافة أن المجلس العام قد أستسلم، وخطب بالدوين في الإذاعة مؤكدًا أن ما حدث هو نصر غير مشروط للحكومة، حيث قال: "إن الإضراب العام قد أنتهي بدون فرض أية شروط على الحكومة".
أكبر من أي وقت مضى:

قوبلت هذه الأخبار بطول وعرض البلاد بالدهشة لأنه لم تكن هناك أي علامات على أن الإضراب يضعف. ففي اليوم السابق على ذلك كان المجلس العام قد دعا مئات الآلاف في اتحاد الصناعات الهندسية وعمال صناعة السفن، أو ما سموه خط الدفاع الثاني، إلى الانضمام إلى الإضراب. وكان على العمال في كثير من المصانع الصغيرة أن يقابلوا خطر الفصل، وحتى في المصانع الكبيرة لم يكن هناك على الإطلاق أي ضمانات بعدم حدوث تنكيل ببعض العمال، وعدم فرض ظروف عمل أسوأ. وإزاء هذا الوضع شعر ملايين العمال – المذهولين بتطورات الأحداث – أنه لا يمكنهم عمل شيء إلا الاستمرار في الإضراب، وكانت النتيجة أنه معظم العمال لم يتوقفوا عن الإضراب، باستثناء عدد محدود من عمال النقل في بعض المدن.

في اليوم التالي حاول أصحاب الأعمال الإعلان عن نصرهم وقطف ثماره. فوضعت لافتات في محطات السكك الحديدية تعلن أنه لن يتم قبول عودة العمال إلا على أساس فردي وبتخفيض في أجورهم. وتم عمل إجراءات مماثلة في أماكن عديدة. ومحاولين إغلاق الباب بعد أن جمح الحصان طلب المسئولون التنفيذيون في عدد من النقابات من أعضائها الانتظار لحين التعيين مرة أخرى بنفس الشروط القديمة.

أما النقابيون المحليون فقد كانوا يبذلون قصارى جهدهم للاستمرار في الإضراب. لكن في غضون أربعة وعشرين ساعة من قرار المجلس العمومي إنهاء الإضراب، زاد عدد المتوقفين عن العمل مائة ألف عامل. وأصدر الحزب الشيوعي دعوة لاجتماع طارئ لجميع لجان الإضراب ومجالس الحركة وذلك بهدف استمرار النضال وإجبار قادة الاتحاد على قبول ذلك. إلا إن قادة الاتحاد كانوا مصممين على إنهاء النضال. وتسرع بعضهم مثل اتحاد عمال السكك الحديدية بتوقيع اتفاق مع الإدارة بهدف العودة إلى العمل، ليس ذلك فحسب بل كان ذلك مصحوبًا باعتذار عن الإضراب، بل وإعطاء الإدارة كل الحرية في تحديد من سيعاد تشغيله. هذه الصورة تكررت في العديد من الصناعات حيث تم توالي تقديم الاعتذارات والتنكيل بالعمال المناضلين، لدرجة أن أحد أعضاء المجلس العام أكد أنه فقط تم التنكيل بـ 250 عاملاً فقط من نقابته!!

وحتى في هذه المرحلة المتأخرة كان يمكن للقيادات النقابية تنظيم الصفوف وتأكيد تضامن المضربين معًا وعلى الأقل إيقاف ومنع فصل أعداد كبيرة من العمال. لكنهم رفضوا حتى ذلك. لماذا؟
الدوافع:

وكان المبرر الذي يسوقه بشكل عام قادة النقابات لتبرير دعوتهم إلى وقف الإضراب هي إن الإضراب في طريقه إلى الفشل. غير أنه في الحقيقة لم يكن هناك ما يثبت ذلك. ففي معظم الصناعات كان الإضراب ينمو بقوة. إلا أن المجلس العام لم تكن عنده الرغبة في الإضراب. وإنما شعر أنه يجب أن يفعل أي شيء دفاعًا عن عمال المناجم وكان ذلك هو التلويح بفكرة الإضراب. كانت الفكرة منفصلة عن تأكيد أهمية اتحاد العمال في المجتمع الرأسمالي القائم وحتى يهدر فرصة المبادرة على المناضلين الحقيقيين من العمال. لكن الحكومة بسلوكها المتشدد الذي كان يميل بقوة لعدم إعطاء العمال أي شيء وحماية النظام بدون حدود، فرضت الإضراب على رجال الاتحاد.

وبمجرد بدء الإضراب نشأ شعور بالخطر من أن تبرز قيادات للإضراب بعيدًا عن سيطرة الاتحاد. وكان هذا يعني تحدي النظام القائم والإطاحة بكل التنظيمات النقابية. ولذلك بدلاً من الانتظار لملاقاة هذا المصير فضل القادة النقابيون وضع ثقتهم في الحكومة التي قررت – كعادة أي حكومة مصنوعة خصيصًا لحماية الطبقة الحاكمة – أن تضعف منظمات الطبقة العاملة.

وفي خضم هذا الصراع لم يختلف موقف القادة النقابيين اليساريين من القادة اليمينيين. ففي كل مرحلة اشترك اليمين واليسار في نفس الفروض وتوصلوا إلى نفس النتائج، وكان كل ما قدمه اليساريون هو إشاعة مزيد من الارتباك والذهول بين العمال. وكما وصفهم زعماء الحزب الشيوعي بعد الإضراب: "إن إضراب 1926 أثبت أن القادة النقابيين اليساريين وقفوا إلى جانب العمال فقط عندما كانت المسألة مسألة جمل وقرارات. وعندما جاءت الأزمة هربوا وأولئك الذين كانوا في وقت ما الرجعيين أصبحوا الآن يدافعون عنهم ويبررون لهم".
الحزب الشيوعي وحركة الأقليات:

فيما يتعلق بدور الحزب الشيوعي في الإضراب، هناك نقطتان أساسيتان يمكن الإشارة إليهما وهما: أن الحزب الشيوعي في دعايته العامة قد انخدع كالآخرين بالخطاب اليساري لقادة الاتحاد. وكان لنمو القوى الستالينية في الكومنترن (الأممية الشيوعية التابعة للاتحاد السوفيتي) دور رئيسي في ذلك.

فقد كان أحد المواقف المتقدمة للاتحاد في 1925 هو العمل المشترك مع النقابات الروسية من خلال لجنة نقابية روسية انجليزية مشتركة لأجل إقامة تحالف دفاعي عالمي عن نقابات العمال. وكان ذلك موقفًا متناقضًا مع مبدأ مقاومة الشيوعية المسيطرة على حركة النقابات العمالية الأوربية. ولم يتفاءل الحزب الشيوعي البريطاني كثيرًا بهذا الموقف. حيث أشارت جريدة العمال الأسبوعية إلى أن الوحدة القائمة بناء على اتفاق بين القادة ليست ذات فائدة إذا لم تستند إلى الضغط الجماهيري.

إلا أنه في الأشهر التالية بدأ أن قادة الحزب الشيوعي وناصحيهم في موسكو متجرفين وراء الصداقة الظاهرة مع القادة النقابيين البارزين إلى الحد الذي أنساهم تمامًا التحفظات السابقة. بل أن قادة الحزب الشيوعي أثناء الجمعة الأحمر وصفوا المجلس العام للاتحاد بأنه الأكثر تقدمية في الحركة النقابية.

صاحب ذلك الاعتقاد بإخلاص القادة اليساريين لاتحاد العمال عدم رغبة في نقدهم. ومن ثم ففي الفترة بين الجمعة الأحمر والإضراب العام، كان فشل المجلس العام في اتخاذ الاستعدادات للإضراب نادرًا ما ينتقد من الحزب الشيوعي وعندما يحدث كان بنغمة معتدلة للغاية. فقط عندما رفض العمال القاعديين البيع الذي قام به الاتحاد بدأ الحزب في تقديم انتقاده للقادة النقابيين اليساريين بأنهم لا يختلفون كثيرًا عن الآخرين.

مثل هذا التحليل لدور القادة النقابيين اليساريين كان يعني أنه لا استعدادات تمت لكي يأخذ العمال المقاتلون الراية عندما يحدث التراجع. فقد كان يجب إيجاد وترتيب آليات لاستمرار الإضراب في كل المواقع المحلية.

لكن حتى بعد الإضراب لم يتم تعلم الدروس مرة واحدة. حيث أدت النزعة الستالينية للكومنترن إلى أن خط الحزب الشيوعي البريطاني خلال التسعة أشهر السابقة على الإضراب لم تنتقد قط. وتم تجاهل رأي الرجل الوحيد الذي استطاع أن يدرك المغزى الحقيقي لكلمات القادة النقابيين بعيدًا من موسكو: ليون تروتسكي.
خاتمة:

كانت هزيمة إضراب عام 1926 بمثابة نكسة في تاريخ الصراع الطبقي في بريطانيا. فقد أدت الهزائم السابقة مثل الجمعة الأسود إلى أضعاف النقابات وظروف أسوأ لأعضائها. لكنها لم تترك أبدًا ذلك الفقدان الجماهيري للإيمان بالعمل الجماعي. ففي 1926، وضع ملايين العمال آمالهم في هذا العمل كما لم يفعلوا من قبل وتمت خيانتهم من القيادات التي ذهبت كلماتهم بعيدًا في التعبير عن رغبتهم في القتال. ولم يكن هذا الأمل لينبني مرة أخرى إلا بعد مرور سنوات عديدة.

وتقف عدة دروس واضحة جلية من تجربة إضراب 1926: لا تثق أبدًا في الحكومة، حرية التعبير في موقف أزمة ليست إلا أسطورة؛ الجناح اليميني من القادة النقابيين سوف يخون الحركة. هذه الدروس يقبلها معظم اليساريين اليوم لكن هناك درس آخر أهم بكثير بالذات لأنه دائمًا ما يتم تجاهله من البعض. هذا الدرس هو أن الجناح اليساري من بيروقراطية الحركة النقابية هم جزء من شريحة اجتماعية معزولة بكل الطرق عن العمال القاعديين، ويمكن فقط الوثوق بها بالقدر الذي تكون فيه محكومة فورًا وبشكل مباشر من قبل العمال القاعديين المقاتلين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الفكر الاشتراكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفكر الاشتراكي   الفكر الاشتراكي Emptyالأحد فبراير 17, 2013 11:38 am

1- الصراع الطبقي الأولي للبروليتاريا

تتمحور التجليات الأولية لصراع الأجراء الطبقي حول مطالب ثلاثة على الدوام. هذه المطالب هي التالية:

أ. زيادة الأجور. وهي وسيلة فورية لتعديل توزيع الناتج الاجتماعي بين أرباب العمل والعمال لصالح الأجراء.

ب. إنقاص ساعات العمل دون تخفيض الأجر، وهي وسيلة مباشرة أخرى لتعديل هذا التوزيع لصالح الشغيلة.

ج. حرية التنظيم. ففي حين يستحوذ رب العمل، مالك رأس المال ووسائل الإنتاج، على القوة الاقتصادية، يجد العمال أنفسهم منزوعي السلاح طالما هم يخوضون فيها بينهم صراعا تنافسيا للحصول على عمل. ضمن هذه الشروط، تصب « قواعد اللعبة » في صالح الرأسماليين على وجه الحصر، الذين يستطيعون تخفيض مستوى الأجور قدر ما يشاءون، فيما يضطر العمال للقبول بها خشية فقدان عملهم، وبالتالي لقمة عيشهم.

ليس للشغيلة فرصة الحصول على منافع من خلال النضال الذي يواجهون به أرباب العمل، إلاّ عن طريق إلغاء هذه المنافسة التي تفرق بينهم، ورفضهم جميعا أن يعملوا ضمن شروط غير ممكن قبولها. إن التجربة تعلمهم سريعا أنه إن لم تكن لهم حرية التنظيم، كانوا منزوعي السلاح في مواجهة الضغط الرأسمالي.

لقد اتخذ الصراع الطبقي الأولي الذي يخوضه البروليتاريون طابعا تقليديا يتمثل بالرفض الجماعي للعمل، أي بالإضراب. وينقل لنا مدونو أخبار قصص إضرابات حدثت في مصر والصين القديمتين. لدينا كذلك وقائع إضرابات حدثت في مصر في ظل الإمبراطورية الرومانية، لاسيما في القرن الأول من التاريخ الميلادي.



2- الوعي الطبقي الأولي للبروليتاريا

إن تنظيم إضراب يتطلب على الدوام درجة ما - أولية - من التنظيم الطبقي. يتطلب على وجه الخصوص معرفة أن خلاص كل من الأجراء يتوقف على عمل جماعي، وهو حل قائم على التضامن الطبقي، بالتعارض مع الحل الفردي (المتمثل بمحاولة زيادة الربح الفردي دون اهتمام بدخول بقية الأجراء).

هذه المعرفة هي الشكل الأولى للوعي الطبقي البروليتاري. يضاف إلى ذلك أن المأجورين يتعلمون فطريا خلال تنظيم إضراب أن ينشئوا صناديق مساعدة. يتم إنشاء صناديق مساعدة والتعاون هذه أيضا للتخفيف قليلا من عدم استقرار الوجود العمالي، وللسماح للبروليتاريين بالدفاع عن أنفسهم خلال فترات البطالة، الخ. تلك هي الأشكال الأولية للتنظيم الطبقي.

إلاّ أن هذه الأشكال الأولية من الوعي والتنظيم الطبقيين لا تتطلب وعي الأهداف التاريخية للحركة العمالية، ولا فهم ضرورة عمل سياسي مستقل من جانب الطبقة العاملة.

هكذا تجد الأشكال الأولى للعمل السياسي العمالي موقعها إلى أقصى يسار الراديكالية البرجوازية الصغيرة. إن مؤامرة المتساوين التي نظمها غراكوس بابوف [34]، والتي تمثل أول حركة سياسية حديثة تهدف إلى تجميع وسائل الإنتاج، ظهرت إبان الثورة الفرنسية إلى أقصى يسار اليعاقبة.

يهيئ لمجيء مجتمع اشتراكي، ويهيئ القوى المادية والأدبية London Corresponding Society التي حاولت تنظيم حركة تضامن مع الثورة الفرنسية. إلاّ أن القمع البوليسي تمكن من سحق المنظمة المذكورة. لكن نشأت على الفور، بعد نهاية الحروب النابوليونية، رابطة الاقتراع العام التي تشكلت في منطقة مانشستر-ليفربول الصناعية من عمال على وجه الخصوص، وكانت إلى أقصى يسار الحزب الراديكالي (البورجوازي الصغير). لقد تسارع بعد أحداث بيترلو الدامية في عام 1817 انفصال حركة عمالية مستقلة عن الحركة البورجوازية الصغيرة، ونشأ هكذا بعد قليل الحزب الشارطي أول حزب عمالي بصورة أساسية، يطالب بالاقتراع العام.



3- الاشتراكية الطوباوية

تلك الحركات الأولية للطبقة العاملة قادها كلها إلى حد بعيد عمال بالذات، أي عصاميون autodidactes كانوا غالبا ما يصوغون أفكار ساذجة حول موضوعات تاريخية واقتصادية واجتماعية، تتطلب دراسات علمية متينة كي تتم معالجتها بعمق. تطورت تلك الحركات إذا على هامش التطور العلمي في القرنين 17 و18. على عكس ذلك، وفي إطار هذا التطور العلمي بالذات تقع جهود أوائل المفكرين الكبار الطوباويين من أمثال توماس مور (مستشار إنكلترا في القرن 16)، وكامبانيلا (كاتب إيطالي في القرن 17)، وروبيرت أوين، وشارل فورييه وسان سيمون (كتّاب في القرنين 18 و19). حاول هؤلاء الكتّاب أن يجمعوا كل معارف عصرهم العلمية ليقوموا بصياغة:

أ. نقد حاد للا مساواة الاجتماعية، لا سيما تلك التي تميز المجتمع البورجوازي (وهو ما يعني أوين وفورييه وسان سيمون)

ب. مخطط تنظيم مجتمع متساو، قائم على الملكية الجماعية.

بهدين الوجهين لعمل كبار الاشتراكيين الطوباويين، يشكل هؤلاء الرواد الحقيقيين للاشتراكية الحديثة. إلاّ أن ضعف نظامهم يكمن في:

أ. واقع أن المجتمع المثالي الذي يحلمون به (من هنا تعبير الاشتراكية الطوباوية) ينطرح كمثل أعلى مطلوب بناؤه وبلوغه دفعة واحدة عبر جهد للفهم يبذله الناس وإرادة حسنة، وذلك من دونما علاقة بالتطور التاريخي الذي يؤدي إليه المجتمع الرأسمالي بالذات إلى هذا الحد أو ذاك.

ب. واقع أن تفسيرات الظروف التي ظهرت خلالها اللا مساواة الاجتماعية والتي يمكن أن تختفي خلالها، هي تفسيرات ناقصة علميا وتقوم على عوامل ثانوية (العنف، الأخلاق، المال، علم النفس، الجهل، الخ)، ولا تنطلق من المشكلات البنيوية الاقتصادية والاجتماعية، مشكلات التفاعل بين علاقات الإنتاج ومستوى تطور قوى الإنتاج.



4- ولادة النظرية الماركسية - البيان الشيوعي

في هذين الحقلين بالذات، نرى أن إرساء النظرية الماركسية في الأيديولوجية الألمانية (1845)، وخصوصا، في البيان الشيوعي (1847) الذي وضعه ماركس وإنجلز، إنما يشكل تقدما حاسما. فمع النظرية الماركسية، يتجسد الوعي الطبقي العمالي في نظرية علمية من المستوى الأرفع.

لم يكتشف ماركس وإنجلز مفهومي الطبقة الاجتماعية والصراع الطبقي، فهذان المفهومان كان يعرفهما الاشتراكيون الطوباويون وبورجوازيون آخرون من مثل المؤرخين الفرنسيين تييري وغيزو. بيد أنهما شرحا علميا أصل الطبقات، وأسباب تطور الطبقات، وواقع إمكان تفسير التاريخ الإنساني بكامله انطلاقا من مفهوم صراع الطبقات، وعلى وجه الخصوص الشروط المادية والمعنوية التي بموجبها يمكن لانقسام المجتمع إلى طبقات أن يخلي المجال لمجتمع اشتراكي خال من الطبقات.

لقد فسرا من جهة أخرى كيف أن تطور الرأسمالية بالذات يهيء لمجيء مجتمع اشتراكي، ويهيئ القوى المادية والأدبية التي تضمن انتصار المجتمع الجديد. لا يعود هذا المجتمع يظهر مذاك كمجرد محصلة لأحلام الناس ورغباتهم، بل كالناتج المنطقي لتطور التاريخ البشري.

هكذا يمثل البيان الشيوعي شكلا أسمى من الوعي الطبقي البروليتاري. يعلّم الطبقة العاملة أن المجتمع الاشتراكي سوف يكون ناتج صراعها الطبقي ضد البورجوازية. إنه يعلمها ضرورة ألاّ تكتفي بالنضال من أجل زيادة الأجور، وأن تعمل بالتالي لإلغاء العمل المأجور. يعلمها على وجه الخصوص ضرورة تشكيل أحزاب عمالية مستقلة، وأن تستكمل عملها المتمثل بمطالب اقتصادية بعمل سياسي على الصعيدين القومي والأممي.

لقد ولدت الحركة العمالية الحديثة إذا من الاندماج بين الصراع الطبقي الأولي للطبقة العاملة والوعي الطبقي البروليتاري البالغ درجته العليا من التعبير المتجسدة في النظرية الماركسية.



5- الأممية الأولى

هذا الاندماج هو مآل كل تطور الحركة العمالية الأممية بين الخمسينات والثمانينات من القرن 19.

وخلال ثورات 1848 التي هزت أركان معظم بلدان أوروبا، لم تظهر الطبقة العاملة في أي مكان، ما عدا في ألمانيا (في جمعية الشيوعيين الصغيرة، التي كان يقودها ماركس) كحزب سياسي بالمعنى الحديث للكلمة. كانت تسير في كل مكان في ذيل الراديكالية البورجوازية الصغيرة، إلاّ أنها انفصلت في فرنسا عن هذه الأخيرة إبان أيام يونيو الدامية عام 1848، دون أن تتمكن من تشكيل حزب سياسي مستقل (كانت المجموعات الثورية التي شكلها أوغست بلانكي نواته إلى هذا الحد أو ذاك). واثر سنوات الردة الرجعية التي تلت هزيمة ثورة 1848، كانت المنظمات النقابية والتعاونية التابعة للطبقة العاملة هي التي تطورت قبل كل شيء في معظم البلدان، باستثناء ألمانيا، حيث سمح التحريض من أجل الاقتراع العام للاسال أن يشكل حزبا سياسيا عماليا هو الجمعية العامة للشغيلة الألمان.

لقد اندمج ماركس والمجموعة الصغيرة من نصرائه اندماجا حقيقيا مع الحركة العمالية الأولية في ذلك العصر بتأسيس الأممية الأولى عام 1864، وقد هيأوا بذلك تشكيل الأحزاب الاشتراكية في معظم بلدان أوروبا. ومن قبيل المفارقة البالغة أن الأحزاب التي اجتمعت لتشكيل الأممية الأولى لم تكن أحزابا عمالية. إن تشكيل هذه الأخيرة هو الذي سمح بالتجميع القومي لمجموعات محلية ونقابية انضمت إلى الأممية الأولى.

وحين تصدعت الأممية بعد هزيمة كومونة باريس احتفظ العمال الطليعيون بوعي ضرورة تجمع من هذا النوع على المستوى القومي. وخلال السبعينات والثمانينات، وبعد العديد من المحاولات الفاشلة، تشكلت نهائيا أحزاب اشتراكية مستندة إلى الحركة العمالية الأولية في ذلك الزمن. وكانت الإستثناءات المهمة الوحيدة لهذه السيرورة هي بريطانيا العظمى والولايات المتحدة، فالأحزاب الاشتراكية التي تشكلت فيهما في ذلك العصر بالذات بقيت على هامش حركة نقابية كانت قد أصبحت قوية. ولم يظهر حزب العمال المستند إلى النقابات في بريطانيا إلاّ في القرن العشرين. وفي الولايات المتحدة، ما يزال إنشاء حزب من هذا النوع هو المهمة الملحة للحركة العمالية.



6-الأشكال المختلفة لتنظيم الحركة العمالية

يسمح لنا هذا بأن نوضح أن النقابات وشركات التعاون mutualites والأحزاب الاشتراكية قد ظهرت تقريبا كالنواتج العفوية المحتومة للنضال داخل المجتمع الرأسمالي، وأن الأمر يتوقف في النهاية على عوامل متعلقة بالتراث والأحوال القومية إذا كان شكل ما يتطور قبل شكل آخر.

أمّا التعاونيات فليست الناتج العفوي للصراع الطبقي، بل ناتج المبادرة التي قام بها روبيرت أوين ورفاقه عام 1844 حين أسسوا أول تعاونية في روشدال في إنكلترا.

إن أهمية الحركة التعاونية لا تنكر، لا فقط لأنه يمكنها أن تكون مدرسة تسيير عمالي للاقتصاد بالنسبة للطبقة العاملة، بل خصوصا لأنها يمكن أن تهيئ داخل المجتمع الرأسمالي بالذات حل واحدة من المشكلات الأكثر صعوبة في المجتمع الاشتراكي، مشكلة التوزيع. بيد أنها تنطوي في الوقت ذاته على طاقة كامنة خطيرة من المنافسة الاقتصادية داخل النظام الرأسمالي مع مشاريع رأسمالية، وهي منافسة لا يمكن إلاّ أن تؤدي إلى نتائج مشؤومة بالنسبة إلى الطبقة العاملة وخصوصا إلى تخريب الوعي الطبقي البروليتاريا.



7- كومونة باريس

تلخص كومونة باريس كل الاتجاهات التي برزت في أصل الحركة العمالية الحديثة وفي أوائل تفتحها. لقد ولدت من الحركة العمالية الجماهيرية العفوية لا من خطة أو برنامج وضعهما حزب عمالي بصورة مسبقة، وبيّنت اتجاه الطبقة العاملة لتخفي الطور الاقتصادي الصرف من نضالها -إن الأصل المباشر للكومونة سياسي للغاية، وهو يتمثل في حذر عمال باريس تجاه البورجوازية المتهمة بنيتها تسليم المدينة للجيوش البروسية التي كانت تحاصرها- وذلك بالدمج المستمر للمطالب الاقتصادية والمطالب السياسية. حملت الطبقة العاملة للمرة الأولى على استلام السلطة السياسية، ولو على أرض مدينة واحدة. لقد عكست اتجاه الطبقة العاملة لتدمير جهاز الدولة البورجوازي واستبدال الديموقراطية البورجوازية بديموقراطية بروليتارية هي شكل رفيع من الديموقراطية. بيّنت كذلك أنه من دون قيادة ثورية واعية فإن البطولة العارمة التي تعبر عنها البروليتاريا في خضم معركة ثورية تظل غير كافية لضمان النصر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الفكر الاشتراكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفكر الاشتراكي   الفكر الاشتراكي Emptyالأحد فبراير 17, 2013 12:02 pm

في الزمن الذي كانت فيه قارتان منشغلتين بأكبر ثورتين ديمقراطيتين هما الثورتين الفرنسية والثورة الأمريكية، في سنة 1870 كان إدموند بيرك يصدر كتابه تأملات في الثورة الفرنسية، مهاجما هذه الثورة في مبادئها، مؤمننا بأن الثورة لا تطور المجتمع، والتغيرات المفاجئة لا يستسيغها الشعب بسهولة، والتطور الطبيعي مناط بالطبقة الارستقراطية ، التي هي وحدها التي يمكن أن تكتشفه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفكر الاشتراكي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الأولى علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1