دراسة: الآثار الاقتصادية للحصار على قطاع غزة
http://www.alzaytouna.net/arabic/?c=201&a=98417
إعداد: غازي الصوراني.
05-10-2009
الحصار المفروض على قطاع غزة، هو جزء لا يتجزأ من الحصار المفروض على أبناء شعبنا الفلسطيني كله، سواء بصورة مباشرة كما هو الحال في الضفة الفلسطينية، عبر الاعتقالات اليومية والحواجز والجدار، أو بصورة غير مباشرة كما هو حال اللاجئين الفلسطينيين في المنافي، الذين يتعرضون للعديد من الإجراءات التي تكرس معاناتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لكن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة يتميز في كونه الأكثر بشاعة وهمجية سواء في دوافعه وأسبابه الاقتصادية والسياسية المباشرة أو الآنية، أو في دوافعه السياسية البعيدة المدى وفق المخطط الإسرائيلي، وهو أيضاً حصار يختلف من حيث شكل ممارسته وأهدافه عن أشكال الحصار المعروفة في التاريخ الحديث والمعاصر فهو على النقيض من حصار القوى الإمبريالية للثورة الروسية عام 1917، وعلى النقيض من حصار الثورة الكوبية، كما هو على النقيض من حصار العراق وكوريا الشمالية، فهو حصار لا يستهدف إنهاء الانقسام أو إسقاط حكوماته، بقدر ما يستهدف تفكيك البنيان السياسي الاقتصادي الاجتماعي الثقافي للشعب الفلسطيني كله، وإيصاله إلى حالة من الإحباط واليأس عبر تراكم عوامل الإفقار والمعاناة والحرمان التي تمهد بدورها إلى إرباك الأولويات في الذهنية الشعبية الفلسطينية تجاه الصراع مع العدو والصمود في مواجهته ومقاومته، ليصبح أولوية ثانية أو ثانوية، لحساب أولوية توفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة ولقمة العيش، ارتباطاً بانسداد الأفق السياسي، وتفاقم مظاهر البطالة [1] والفقر التي تراكم بدورها مظاهر الإحباط واليأس، حيث "يغيب العقل حين يغيب الدقيق" كما يقول ماركس، فما هو مآل فقراء شعبنا الذين قد يصبرون على غياب الدقيق في ظروف التوحد السياسي والاجتماعي الداخلي، التي توفر مقومات الصمود الوطني والمجتمعي بمثل ما تحافظ على بقاء الآمال الوطنية الكبرى حية وقوية في عقول وقلوب الجماهير، لكنهم في ظروف الانقسام والتفكك السياسي والاجتماعي، علاوة على الحصار المحكم، تعرضوا – وما زالوا- لحالة من القلق والإحباط قد تدفع بهم صوب المزيد من نفاذ صبرهم، في ظل انسداد الأفق –راهناً- في وجه أهدافهم الوطنية أو آمالهم الكبرى وهي أهداف وآمال هبطت إلى قاع مشاعرهم وسلم أولوياتهم بعد أن باتت "الكابونة" أو "سلة الغذاء" المدفوعة الثمن من الخارج، ملاذاً يسعى إليه المحرومين مع اضطرارهم إعلان الولاء لهذه الجهة "المغيثة" أو تلك من الأحزاب والفصائل أو المنظمات غير الحكومية لا فرق عندهم في ظل تراجع الآمال بالنسبة للاستقلال والوحدة الوطنية، وفي ظل انتشار البطالة والفقر المدقع والعوز والحرمان بصورة غير مسبوقة في قطاع غزة، تعمقت وتزايدت بعد العدوان الهمجي نهاية ديسمبر 2008 وأول يناير 2009 الذي أعاد إلى أذهان العالم صور ومشاهد المحرقة النازية في القرن الحادي والعشرين الأكثر بشاعة من سابقتها، بما يؤكد على أن الهدف الإسرائيلي منذ فرض الحصار والعدوان والعودة مجدداً للحصار، هو تحديداً استمرار تفكيك النظام السياسي الفلسطيني وانقسامه، بما يضيف إلى الذرائع الإسرائيلية في رفضها لمبدأ قيام دولة فلسطينية مستقلة، ذرائع فلسطينية داخلية تتقاطع مع الرؤية الإسرائيلية بطريق مباشر أو غير مباشر.
أما الهدف الثاني، والأهم، فهو تحقيق تفكك وانقسام الهوية الوطنية بين هوية وطنية رثة فاقدة لجوهرها النضالي وبين هوية الإسلام السياسي بقيادة حركة حماس.
إن الوحدة المطلوبة هي تلك الموجهة إلى مجابهة العدو الصهيوني الأمريكي ومشاريعه، الوحدة التي تقوم على رفض كل مظاهر الفساد والاستبداد وقمع حرية الرأي والتعبير والحريات العامة وتعزيز الصمود والتوافق على إستراتيجية للصمود والمقاومة بكل أشكالها في الضفة والقطاع، الكفيلة وحدها بضمان التأييد الشعبي الفلسطيني والعربي إلى جانب التضامن الفعال لدى كل المناصرين لقضيتنا في العالم، بذلك نكون بالفعل قادرين على كسر الحصار وتحقيق الانتصار بعد أن نعيد لشعار الوحدة الوطنية وتعدديتها السياسية والفكرية مضمونه الحقيقي في إطار الممارسة الوطنية الديمقراطية الجماعية لكل فصائل وحركات وأحزاب القوى السياسية الفلسطينية من ناحية ولكل أبناء شعبنا الفلسطيني من ناحية ثانية، كطريق وحيد للصمود والتلاحم الشعبي الذي يوفر كل عناصر المقاومة الوطنية بكل أشكالها السياسية والمسلحة الهادفة إلى كسر الحصار وتحقيق أهداف شعبنا في التحرر والاستغلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وفي هذا السياق نشير إلى عدد من الحقائق المرتبطة بعنوان هذه الورقة :
- الحصار ليس جديدا ، فهو سمة من سمات العدو الإسرائيلي وجزء حيوي من سياساته ضد شعبنا في الضفة وقطاع غزة، حيث تم فرض الحصار والاغلاقات على قطاع غزة بدرجات وأساليب متنوعة خلال السنوات 1995 حتى عام 2000، حيث اشتدت وتائره وأساليبه أثناء الانتفاضة وبعدها حتى يناير 2006 وصولاً إلى الانقسام في 14/6/2007 حيث أصبح الحصار مطبقاً بصورة شاملة على قطاع غزة منذ ذلك التاريخ إلى اليوم،عبر تراكمات دفعت إلى مزيد من تردي الأوضاع الاقتصادية والمجتمعية لمعظم سكان القطاع المعزولين تماماً عن بقية العالم يعتمدون في جانب من معيشتهم على المساعدات الاغاثية من وكالة الغوث والتبرعات من الخارج، الأمر الذي خلق ما يسمى بالاقتصاد الموازي أو اقتصاد الاغاثة والتواكل جنباً إلى جنب مع أنشطة اقتصاد السوق السوداء والمحتكرين والمهربين والمافيات المتنوعة بعد أن تراجع القسم الأكبر من الأنشطة الاقتصادية الرئيسية.
- اعتماد الاقتصاد الفلسطيني –بدرجة عالية- على الدول المانحة مع إدراكنا أن القسم الأكبر من هذه الدول منحاز لسياسات العدو الإسرائيلي، وهنا لابد من أن نشير بوضوح إلى الدور الرئيسي للولايات المتحدة، المقرر والشريك الاستراتيجي للعدو الإسرائيلي، فيما وصلت إليه أوضاعنا الفلسطينية من تراجع اقتصادي واجتماعي أدت إلى مزيد من مظاهر التبعية والتخلف والخضوع.
- التراجع الحاد في الدور العربي الرسمي الداعم للأهداف الوطنية الفلسطينية وللاقتصاد الفلسطيني، وهو أمر غير مستغرب بالنظر إلى خضوع وارتهان النظام العربي الرسمي عموماً، وأنظمة النفط خصوصاً للسياسات الإمبريالية وشروطها، ولكن بالرغم من وعينا لهذه العلاقة ، إلا أن ظروف الحصار الراهنة، والمعاناة غير المسبوقة التي يتعرض لها شعبنا، تفرض العمل على تعرية وفضح الموقف للأ،ظمة التي تدرك طبيعة الأزمة الخانقة الناجمة عن استفحال مظاهر الفقر والبطالة في بلادنا ، لذلك فإن أي مواجهة لمشكلة البطالة لا بد لها من دور عربي لفك الحصار و فتح سوق العمالة العربي لعمالنا العاطلين عن العمل، وفي هذا السياق، فإنه لكي يصل مستوى البطالة في قطاع غزة كما هو عليه في الضفة الفلسطينية (19.5%) ينبغي توفير (42) ألف فرصة عمل في قطاع غزة بكلفة لا تتجاوز 546 مليون دولار على أساس أن كل فرصة عمل تتطلب توفير (13) ألف دولار، إلى جانب تأمين الاستثمارات المطلوبة للضفة والقطاع معاً بملغ 1.5 مليار دولار بمجموع إجمالي يصل إلى 2 مليار دولار أي ما يعادل أقل من 3% من إيرادات النفط العربي لعام 2008.
- الحصار والعدوان الصهيوني/الأمريكي الحالي، يتخذ أبعاداً سياسية واجتماعية ترتبط بمستقبل النظام السياسي أو المشروع الوطني الفلسطيني المهدد بالتفكك والانقسام السياسي والقانوني، علاوة على البعد الاقتصادي الذي يمثل مصدر المعاناة والألم المباشر لشعبنا، حيث يتعرض الاقتصاد الفلسطيني لحالة من التراجع الكبير في كل أنشطته، الذي يكرس العديد من الصفات التي تميز الاقتصاد الهش والضعيف والمأزوم وتميز المستقر ، من أهمها:
- معدلات بطالة وفقر عالية تضعف من ترابط النسيج الاجتماعي.
- تشويه كبير في البنية الهيكلية للاقتصاد، تتجسد في انخفاض مساهمة القطاعات الإنتاجية (الصناعة، الزراعة) في الناتج المحلي الإجمالي، لصالح الأنشطة المنخفضة الإنتاجية والمتدنية الأجور.
- انتقال أعداد كبيرة من العمال في القطاع المنظم إلى القطاع غير المنظم .
- انتقال منشآت عديدة إلى البلدان المجاورة، ولجوء آخرين إلى الاستثمار في الخارج.
- حدوث هجرة أصحاب الكفاءات إلى الخارج.
- استمرار سوء توزيع الدخل والاستهلاك وبروز شرائح جديدة من أثرياء الأنفاق وتجار السوق السوداء والتهريب، مقابل ازدياد عمليات التهميش والإقصاء في الشرائح الفقيرة والمعدمة.
- أما بالنسبة للمأزق الاقتصادي الذي يتعرض له قطاع غزة اليوم فهو يتمثل في مجموعة من المؤشرات نذكر منها:
1. انخفاض الدخل الحقيقي للفرد إلى أكثر من 50% عما كان عليه عام 1999 ، إذ أنه بلغ في ذلك العام حوالي 1750 دولار للفرد في السنة، هبط في قطاع غزة إلى حوالي 850 دولار فقط عام 2008، وهذا يعني انخفاض في الناتج المحلي بما يزيد عن 40% قياساً بعام 1999، علماً بأن الأسعار في أسواق الضفة والقطاع أعلى من الأسعار السائدة في السوق الإسرائيلي، الذي بلغ متوسط نصيب الفرد فيه من الناتج القومي الإجمالي 21 ألف دولار ، أي أكثر بـ2 ضعف من الناتج الفردي للضفة والقطاع، إلى جانب انخفاض المدخرات وتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي بصورة ملحوظة بسبب استمرار سياسة الحصار الاقتصادي المشدد ، مما يعني أن هناك تراجعا حادا في مختلف المؤشرات الاقتصادية الكلية بسبب فقدان الدخل وانخفاض الإنفاق الأسري ارتباطا بالتراجع الحاد في القوة الشرائية الناجم عن الغلاء الفاحش في الأسعار ، مما أدي إلي تغيير الأنماط الاستهلاكية الذي تزامن مع التراجع في الدخل وانتشار ظاهرتي البطالة والفقر في الأراضي الفلسطينية.
2. الانهيار المتواصل في البنية الاقتصادية لقطاع غزة ، سواء بالنسبة للموارد المادية الضعيفة تاريخيا ، أو بالنسبة للمنشات الصناعية التي توقف أكثر من 90% منها عن العمل ، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الزراعة الذي توقف عن التصدير بصورة شبه كلية ، إلى جانب التدهور المريع في قطاع الإنشاءات و التجارة والخدمات في سياق التراجع الحاد للواردات والصادرات بصورة غير مسبوقه، إلى جانب إفلاس العديد من الشركات في قطاع غزة حيث هبط عدد المؤسسات من 17796 مؤسسة عام 2007 إلى 15483 مؤسسة بنسبة انخفاض 13% [2].
3. الارتفاع المتوالي للأسعار ( أدى إلى تغير إكراهي مرير ومذل في أنماط الاستهلاك لدى الأسر الفلسطينية من أصحاب الدخل المحدود ) و في هذا السياق فلا السلطة في رام الله و لا حركة حماس في غزة عملتا على تثبيت أسعار السلع الأساسية أو تنفيذ أية برامج داعمة لقطاع الصناعة أو الزراعة أو الإنشاءات أو للفقراء بصورة ملموسة ومتصلة .
4. اتساع حجم البطالة و الفقر، و ارتفاع نسبة الإعالة 1-6 تقريباً (البطالة في قطاع غزة – منتصف عام 2009- تصل إلى 35.6%[3] ، من مجموع القوى العاملة البالغة حوالي 348 ألف منهم (105000) في القطاع العام (منهم 75 ألف يقبضون رواتبهم من حكومة رام الله، و 30 ألف من حكومة غزة) إلى جانب (119) ألف يعملون في القطاع الخاص منهم حوالي (20) ألف عامل في الاونروا والمؤسسات غير الحكومية، أما العاطلين عن العمل فيقدر عددهم بحوالي (124) ألف عاطل عن العمل ، وهؤلاء المتعطلين يعيلون ما يقرب من 615 ألف نسمة (بمعدل إعالة 1-5) (ما يعادل 41% من مجموع سكان القطاع البالغ 1.5 مليون نسمة) يعيشون تحت مستوى خط الفقر أو في حالة من الفقر المدقع في ظروف لا يعرفها إلا من يكتوي بنارها .
5. ثبات الأجور وانخفاض الدخل لمعظم العاملين في قطاع غزة بالنسبة إلى العاملين في الضفة، فقد بلغ معدل الأجرة اليومية للمستخدمين في قطاع غزة 60.9 شيكل مقابل 85.5 شيكل[4] في الضفة الغربية، مع العلم أن متوسط الأجر اليومي في القطاع الخاص نحو (40) شيكل ، أما في القطاع الحكومي فقد بلغ (78) شيكل[5] ، بينما بلغ هذا المتوسط نحو (89) شيكل في الاونروا والمنظمات غير الحكومية ، وفي هذا الجانب فإن الدخل الأكثر انخفاضا نجده في قطاع الزراعة الذي لا يتجاوز فيه متوسط الأجر اليومي للعامل (29) شيكل فقط ، وفي هذا السياق فإن أعلى معدلات الفقر في القطاع تنتشر في مخيماته أولا وفي شرق وشمال محافظة غزة ومدينتي رفح وخان يونس .
6. قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ جملة من الإجراءات ضد سكان قطاع غزة في أعقاب الحسم العسكري في منتصف حزيران الماضي ، تمثلت بفرض حصار اقتصادي مشدد تمثل بإغلاق المعابر والمنافذ، وإلغاء الكود الجمركي الخاص بقطاع غزة ومنع رجال الأعمال الفلسطينيين من الخروج للعالم الخارجي ومنع دخول المواد الخام اللازمة للصناعة ، والتضييق على البنوك في استجلاب الشيكل وفرض ضغوطات على البنوك في قطاع غزة ، وأغلقت المعابر التجارية في وجه الاستيراد والتصدير، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي وما رافقه من تزايد نسب البطالة والفقر وكل مظاهر المعاناة والحرمان التي تنتج بدورها مزيداً من مظاهر القلق والإحباط واليأس وغياب الآفاق السياسية، وفي هذا السياق نشير إلى القرار الإسرائيلي باعتبار قطاع غزة كيان معادي ، وهو قرار يثير السخرية ، فالضفة الفلسطينية وكل الأرض العربية كيان معاد، ورغم ذلك نقول ان هذا القرار يمكن ان يوفر فرصة لتكريس المقاطعة مع السوق الإسرائيلي والعمل في نفس الوقت على فتح معبر رفح وتشغيله بقرار فلسطيني مصري بدعم الجامعة العربية ارتباطا بقرار الاسرائليين اعتبار قطاع غزة كياناً معادياً، مقابل الحديث عن الدعم المالي الموعود والمشروط في الضفة من الولايات المتحدة و أوروبا وإسرائيل ، الهادف إلى إخضاع مشروعنا الوطني والقومي لمقتضيات التوسع الامبريالي الصهيوني ، بمثل ما يهدف إلى توسيع الهوة بين القلة من أصحاب المصالح و بين الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا ، فهو دعم يهدف إلى المزيد من تغييب مبادئ العدالة الاجتماعية و المساواة ، ما يعني اتساع إطار الفساد وآلياته وأدواته ، إنه الدعم الذي يحول المعادلة من حرب ضد الفقر و البطالة إلى حرب ضد الفقراء أنفسهم كما يمارسونها اليوم في قطاع غزة ، سفينة نوح الفلسطينية و الحاضنة للهوية الوطنية، مستهدفين تركيع القطاع و إذلاله و استسلامه للمخطط الامبريالي الصهيوني لكي يتحول أبناء شعبنا في الوطن و الشتات إلى مجرد كائنات اقتصادية تستسلم للقمة العيش و ضروراتها تمهيدا للنكبة الاجتماعية و الثقافية تضاف إلى النكبة السياسية أو التكيف الذي ترفضه جماهير شعبنا من الفقراء و الكادحين مثلما ترفض و تلفظ أدواته في هذه اللحظة السوداء المؤقتة .
إن حديثنا عن هذه المؤشرات لا يلغي وجود أنماط استهلاكية في قطاع غزة وصلت حد الترف المفجع لدى بعض الشرائح الاجتماعية البورجوازية العليا عموماً والتجارية الكومبرادورية وتجار الآنفاق خصوصاً عبر التحكم في الأسعار واحتكار السلع والتهريب وغير ذلك من الممارسات التي ساهمت في تزايد الارتفاع في الأسعار بصورة غير مسبوقة.
- على أي حال في ظروفنا الفلسطينية الراهنة ، فإن الفقر لا يتوقف عند نقص الدخل أو البطالة و انخفاض مستوى المعيشة ، بل يشمل أيضا غياب الإمكانية لدى الفقراء و أسرهم من الوصول إلى الحد الأدنى من فرص العلاج و تأمين الاحتياجات الضرورية.
- والأخطر أن هذه الظاهرة من استفحال الفقر و البطالة قد ساهمت في توليد المزيد من الإفقار في القيم مما سهل و يسهل استغلال البعض من الفقراء و المحتاجين في العديد من الانحرافات الأمنية و الاجتماعية بحيث لم تعد ظاهرة الفقر مقتصرة على الاحتياجات المباشرة بل أصبح مجتمعنا الفلسطيني عموماً يعيش فقراً في القيم و فقراً في النظام و في القانون و العدالة الاجتماعية و السبب الرئيسي في ذلك لا يعود إلى الحصار الأمريكي الإسرائيلي فحسب، بل أيضاً إلى الانقسام واستمرار الصراع بين فتح وحماس، والآثار السياسية والاقتصادية الضارة الناجمة عنه.
الخسائر اليومية بسبب الحصار على قطاع غزة :
- الخسائر المباشرة تقدر بحوالي 48 مليون دولار شهرياً (منذ منتصف حزيران 2007) و تتوزع على قطاع الصناعة بمعدل 16 مليون دولار بنسبة 33% و على قطاع الزراعة بمعدل 12 مليون دولار بنسبة 25 % وعلى القطاعات الأخرى، التجارة والإنشاءات والخدمات والصيد بمعدل 20 مليون دولار بنسبة 42% .
- الخسائر اليومية غير المباشرة : تحتاج إلى دراسة عاجلة من المتخصصين المشهود لهم بالمصداقية الوطنية، و في هذا الجانب يمكننا الإشارة إلى عدد من الجوانب الرئيسة المولدة لهذه الخسائر غير المباشرة و هي :
1. النتائج الكارثية على العاملين في القطاعات الاقتصادية عموماً و قطاعي الصناعة و الزراعة خصوصاً و آثار الحصار على إغلاق 89% من مجموع المنشآت الصناعية من حيث الخسائر الناجمة عن عدم توفر المواد الخام و توقف فرص المبيعات و التصدير .
2. الارتفاع المذهل في أسعار العديد من السلع و المواد الغذائية و الضرورية ارتباطاً بتحديد العرض من جهة و بالسوق السوداء أو الاحتكار من بعض تجار الأنفاق و القطاع الخاص الذين لا همّ لهم سوى الربح من جهة ثانية .
3. التراجع التدريجي في الإنتاج الحيواني و البيض و الألبان بسبب ضعف توريد الأعلاف ما قد يؤدي إلى انهيار الثروة الحيوانية و خاصة الدواجن اللاحمة و البياضة و التي تزيد قيمتها عن 50 مليون دولار.
4. الخسارة غير المباشرة الناجمة عن غياب فرص توليد الدخل مما سيراكم في حرمان اقتصادنا في القطاع من النمو الطبيعي و عزله عن اقتصاده في الضفة وعلاقاته مع الأسواق العربية والأجنبية .
أما الخسائر الناجمة عن العدوان العسكري الهمجي ضد قطاع غزة في ديسمبر 2008 ويناير 2009 فقد بلغت حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 1.9 مليار دولار .وبلغ عدد المنشآت الاقتصادية التي تضررت نتيجة العدوان وبناء على التقرير الأولي الصادر من المجلس ألتنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص في شهر فبراير من العام الحالي بأكثر من 700 منشأه اقتصاديه حيث بلغ عدد المنشآت التي تضررت بشكل جزئي 432 منشأه والمنشات التي تضررت بشكل كلي 268 منشأه موزعة على مختلف القطاعات الاقتصادية، كل ذلك عدا عن ما يزيد عن (1300) شهيد، منهم (900) شهيد من المدنيين بينهم (280) طفل و (111) امرأة، أما الجرحى فقد وصلة عددهم إلى (5300) جريح بينهم (1855) طفل و (750) امرأة، وكان من نتيجة ذلك العدوان أيضاً تدمير حوالي (25000) منزل منها (5000) تدميراً كلياً .
تفاقمت عوامل هذه الكارثة بعواملها الإنسانية والوطنية، وخلقت حالة من الذهول والإحباط والتشاؤم عند المواطن الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة وخارجها. كما تفاعلت الأوضاع السياسية المتأزمة مع الأوضاع الاقتصادي السيئة، لتزيد من تكريس أوضاع بيئة الركود التضخمي التي عاشها الاقتصاد الفلسطيني منذ بداية العام، والتي تفاقمت فيها مشكلة البطالة، مع مشكلة الغلاء والارتفاع المستمر للأسعار.
* آثار الحصار والإغلاق على الأنشطة الاقتصادية:
1. أثر الإغلاق على التجارة:
- استمرار عمليات إغلاق المعابر والتحكم بحركة الصادرات والواردات أدى إلى تراجع في الحركة اليومية للشاحنات التجارية الأمر الذي اثر بشكل سلبي على قدرات القطاعات الاقتصادية المحلية من ناحية وإحجام المستثمرين عن تنفيذ العديد من المشاريع الاقتصادية داخل قطاع غزة، إلى جانب التراجع الحاد في تسجيل الشركات حيث تشير التقديرات أن الشركات التي تم تسجيلها في قطاع غزة عامي 2007/2008 لم يتجاوز (182 ) شركة[6] .
كما عانى القطاع التجاري من الحصار الشامل طوال 26 شهر و أوشك القطاع التجاري علي الانهيار وذلك نتيجة للنقص الشديد في البضائع المتوفرة في الأسواق وأوشكت المحال التجارية على إغلاق أبوابها، وأصبح التجار والمستوردون الفلسطينيون في قطاع غزة على شفا الإفلاس بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة .
ومن الآثار السلبية والخسائر الغير مباشرة التي تعرض لها المستوردون هي إلغاء الوكالات والعلامات التجارية العالمية والعربية الخاصة بمستوردين قطاع غزة مما يتسبب في ضياع إيرادات السلطة من الجمارك والضرائب المحصلة من الاستيراد المباشر، وتوقفت حركة التصدير من القطاع بشكل تام وخسرت المنتجات الزراعية والصناعية الأسواق العربية والعالمية مما تسبب بخسائر فادحة للمصدرين[7].
أما من حيث التأثير المباشر فقد أدت هذه الإجراءات إلى انعدام التصدير وتراجع حجم واردات قطاع غزة إلى أقل من 700 مليون دولار من اجل إجمالي الواردات السلطة للضفة والقطاع البالغة (2093) مليون دولار في نهاية عام 2007[8] ، وفي هذا الجانب نشير إلى أن أكثر من 70% من هذه الواردات جاءت من السوق المصري عن طريق التهريب بواسطة الأنفاق خلال العامين 2008-2009.
2. أثر الإغلاق على القطاع الصناعي في قطاع غزة:
- تراجعت المنشآت العاملة في القطاع الصناعي تراجعت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي لقطاع غزة، منذ نوفمبر 2007، من حوالي 13% إلى أقل من 5% حسب معظم التقديرات، بسبب إغلاق أو تدمير حوالي 90% من المنشآت العاملة في القطاع الصناعي، حيث أدى ذلك إلى انخفاض أعداد العاملين في القطاع الصناعي في قطاع غزة من 35.000 عامل إلى نحو 4.200 عامل[9] ، وإلى حوالي 1500 عامل في منتصف عام 2009.
- وفي هذا السياق، فإننا نشير إلى أن أكثر القطاعات الصناعية تضررا هو قطاع صناعة الأثاث والملابس والنسيج والصناعات الغذائية، إذ انخفضت عدد المنشات العاملة في قطاع صناعة الأثاث في قطاع غزة من 600 مصنع خلال العام 2005 إلى نحو120 مصنع في يوليو2007 ثم تراجعت إلي أقل من 50 مصنع في يوليو 2009 وانخفض عدد العاملين في صناعة الأثاث من 5,500 عامل إلى نحو 550 عامل في يوليو 2007 ثم تراجع إلي أقل من 200 عامل في يوليو 2009 ، هذا وتقدر الخسائر الإجمالية المتراكمة لقطاع الصناعة بمبلغ نصف مليون دولار يوميا منذ فرض الحصار حتى أول آغسطس الحالي (ما يعادل 315 مليون دولار) إلى جانب الخسائر المباشرة الناجمة عن تدمير المنشآت الصناعية أثناء الحرب العدوانية يناير 2009 والتي قدرت بـ (35) مليون دولار[10] ، مما يدفع إلى تآكل رأس المال الصناعي أو هروبه إلى الخارج ، والحد من قدرة القطاع الصناعي في المستقبل[11] .
والمعروف أن القطاع الصناعي تعرض قبل الحرب للآثار الضارة للحصار الخانق حيث حرم من المواد الخام الأولية الضرورية لعملية الإنتاج ، وحرم أيضا من تصدير المنتجات الجاهزة للخارج ، وأدى ذلك إلي إغلاق ما يقارب من 3700 مصنع من مجموع 4000 منشأة صناعية وباقي المصانع العاملة تعمل بطاقة إنتاجية لا تزيد عن 50 % و تأثرت مبيعات المصانع العاملة بضعف القدرة الشرائية لدي المواطنين.
وتعمدت آلة الحرب الإسرائيلية إلي تدمير القطاع الصناعي حيث تم استهداف ما يزيد عن 236 منشأه صناعية خلال فترة الحرب علي غزة وبلغت الخسائر الأولية المباشرة للقطاع الصناعي نتيجة الحرب حوالي 57 مليون دولار أمريكي حسب تقديرات أصحاب المنشآت الصناعية. طال إغلاق المعابر التجارية أهم المشاريع الاستثمارية في قطاع غزة وهو منطقة غزة الصناعية والتي بدأ العمل فيها في عام 1999 و تضم المنطقة الصناعية 45 مصنعا, أغلقت كليا ولم يعد هناك أي مصنع يعمل فيها. علما بان 30% من أصحاب هذه المصانع باشروا بإجراءات الهجرة وفق مصادر القطاع الخاص.
3. أثر الإغلاق على القطاع الزراعي في قطاع غزة:
- يعتبر القطاع الزراعي من أهم القطاعات الاقتصادية التي يعتمد عليها سكان قطاع غزة إذ يساهم هذا القطاع بنسبة كبيرة في الاقتصاد المحلي من حيث القيمة المضافة والتشغيل، كما يوفر القطاع الزراعي وظائف دائمة ومؤقتة لحوالي (30) ألف عامل في غزة بنسبة 13.4% [12] من العاملين بالفعل في قطاع غزة، كما ويوفر الغذاء والحياة المعيشية ل 25% من سكان في قطاع غزة.
- لكن الحصار و اغلاقات المعابر أدى إلى وقف حركة استيراد المستلزمات الإنتاجية مثل الأدوية الزراعية والأسمدة والحبوب والنايلون المستخدم في الدفيئات الزراعية ، وإعاقة تصدير المنتجات الزراعية، ثم جاء قرار الاحتلال الإسرائيلي في آب 2008 بتوسيع المنطقة العازلة على طول حدود قطاع غزة بعرض يصل إلى (500) متر، ليؤدي إلى مزيد من تراجع القطاع الزراعي ، حيث حرم المزارعين من استغلال وزراعة حوالي (25) ألف دونم من أجود الأراضي الزراعية جنوب وشرق وشمال قطاع غزة، إلى جانب تدمير أو تعطيل المنشآت الزراعية (الدفيئات) ومنشآت الإنتاج الحيواني في تلك المناطق المعزولة، أما بالنسبة لخسائر القطاع الزراعي الناجمة عن الحصار فتقدر بحوالي (12) مليون دولار شهرياً منذ منتصف حزيران 2007 [13]، هذا وقد ترتب على الإغلاق والحصار نقص كامل في مستلزمات الإنتاج الزراعي التالية : الأسمدة الزراعية بأنواعها، الأدوية الزراعية بأنواعها ، النايلون الخاص بزراعة التوت الأراضي (نايلون التغطية)، عدم توفر قطاع غيار لصيانة مضخات المياه التي تستعمل في ري المزروعات، مستلزمات إنشاء البيوت البلاستيكية (الهيكل الحديدي). توقفت تقريباً معظم المشاريع الزراعية التنموية والإغاثة التي تنفذها منظمات محلية ودولية.
هذا وقد " بلغت الخسائر المباشرة للقطاع الزراعي نتيجة الحرب علي قطاع غزة حسب التقديرات الأولية 200 مليون دولار , حيث وصلت خسائر الإنتاج الحيواني إلي 52 مليون دولار والإنتاج النباتي إلي 110 مليون دولار بالإضافة إلي القطاع البحري (الصيادين) والتي وصلت إلي 7 مليون دولار بالإضافة إلي تدمير نحو 1000 بئر زراعي بالإضافة إلي تدمير مزارع الدواجن وفقاسات البيض، علما بان إعادة بناء هذه المزارع سيحتاج إلى عشرات الملايين من الدولارات و إلي العديد من السنوات"[14].
4. أثر الحصار على إمدادات الوقود والطاقة الكهربائية:
- لقد بات من المعروف لدى سكان قطاع غزة، ولدى الوفود الأجنبية التي تقوم في زيارته، أن انقطاع التيار الكهربائي بصورة شبه يومية هو سمة بارزة تكاد تكون ثابتة من مظاهر المعاناة الناجمة عن هذا الحصار العدواني ، الأمر الذي ترك تأثيراً سلبياً على كافة الأنشطة الاقتصادية وكافة أوجه الحياة الصحية والاجتماعية والنفسية، علاوة على الخسائر المادية المباشرة وغير المباشرة – شبه اليومية – التي يتعرض لها كافة الشرائح الاقتصادية والأهالي بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود.
- وبناءً على تقرير جمعية أصحاب محطات الوقود في قطاع غزة [15] فإن الاحتياجات اليومية للقطاع من المحروقات هي : (350) ألف لتر من السولار ، (120) ألف لتر بنزين ، (350) طن غاز بالإضافة إلى (350) ألف لتر يوميا من السولار الصناعي لتشغيل محطة الكهرباء ، إلا انه في ضوء القرار الإسرائيلي في نهاية نوفمبر 2007 بخصوص تخفيض كميات المحروقات ، فقد انخفضت كميات السولار اليومية إلى (90) ألف لتر فقط بنسبة انخفاض 74% ، وانخفض البنزين إلى (25) ألف لتر فقط بنسبة انخفاض 79% ، وانخفض الغاز إلى (100) طن بنسبة انخفاض 71%، الأمر الذي فرض على كافة الجهات المعنية سواء في أوساط الحكومة أو في أوساط المهربين، إيجاد السبل الكفيلة بتأمين كميات المحروقات اللازمة لقطاع غزة عن طريق الأنفاق من مصر وبأسعار رخيصة جداً حققت أرباحاً طائلة للمهربين وغيرهم إلى جانب توفير هذه السلعة بسعر أقل بـ 60% من الأسعار الحكومية السابقة.
5. أثر الإغلاق على حركة الأفراد والبضائع:
- إن حصار الاحتلال لقطاع غزة يذكرنا بمظاهر أكثر بشاعة من الحصار الذي فرضته النازية على اليهود في معتقلاتها وحصارها لهم ، فقد أدى الحصار الصهيوني النازي الجديد على قطاع غزة إلى منع الطلاب والمرضى والتجار من السفر إلى الخارج، مما أدى إلى حرمان هذه الفئات من التعليم والعمل والعلاج في الخارج ، حيث بلغ عدد الوفيات من المرضى بسبب الحصار 337 حالة وفاة حتى منتصف العام 2009 [16].
- كما أن إغلاق الاحتلال للمعابر المؤدية إلى قطاع غزة، أدى إلى منع دخول أكثر من 60% من السلع والبضائع خاصة مواد البناء والأدوات الكهربائية والصحية والمواد الخام باستثناء بعض السلع الأساسية من الأغذية والأدوية، وبالرغم من الدمار الهائل الذي خلفته الحرب العدوانية على قطاع غزة (يناير 2009) إلا أن دولة العدو الإسرائيلي ما زالت تمنع استيراد الاسمنت والحديد وكافة مواد ومستلزمات البناء من الأدوات الصحية والكهربائية والبنية التحتية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار مواد البناء حيث ارتفع سعر طن الاسمنت من 400 شيكل إلى 3500 شيكل وكذلك الأمر بالنسبة للحديد والمواسير والأدوات الصحية والكهربائية.
6. توقف المشاريع الإنشائية والعمرانية:
- واجه قطاع الإنشاءات على وجه التحديد انخفاضا وتدهورا حادا ومتواصلا منذ منتصف 2007 ،حيث توقف أكثر من 90% من شركات المقاولات عن العمل بسبب عدم توفر الاسمنت والحديد والحصمة التي ارتفعت أسعارها في السوق السوداء (ان وجدت) إلى أكثر من 800% إلى جانب توقف استيراد الأدوات الصحية والكهربائية وارتفاع أسعارها بنفس النسبة السابقة.
- توقف معظم المشاريع الإنشائية والعمرانية والتطويرية الخاصة والعامة، نتيجة إغلاق المعابر ومنع دخول مواد البناء إلى الأسواق الفلسطينية في قطاع غزة ، ومن أهم هذه المشاريع التي أوقفت مشروع تطوير شارع صلاح الدين الواصل شمال القطاع بجنوبه بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي 18 مليون دولار ، وكذلك شارع النصر والعديد من المشاريع الأخرى .
- كما توقفت مشاريع البناء والتطوير التي تنفذها الأونروا والتي تقدر بحوالي 93 مليون دولار وتشكل مصدر دخل لما يزيد عن 120 ألف شخص ، وفي هذا السياق نشير إلى توقف المشاريع المتعلقة بالمرحلة الأولى لميناء غزة بكلفة (69) مليون دولار ومشروع المطار بكلفة (87) مليون دولار ومشروع الطريق الساحلي بكلفة (179) مليون دولار ومشروع تطوير ميناء الصيادين بحوالي (10) مليون دولار .
- ويبلغ مجموع المشاريع في قطاع البناء التي تم إيقافها وتعطلها بنحو 160 مليون دولار بما فيها مشاريع وكالة الغوث الأونروا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومشاريع أخرى .
هبط عدد العاملين في قطاع الإنشاءات من حوالي 10% من مجموع العاملين بالفعل إلى حوالي 1% فقط نهاية عام 2008 [17].
و بلغ مجموع المشاريع في قطاع البناء والإنشاءات والبنية التحتية التي تم إيقافها وتعطيلها نتيجة عدم توفر المواد الخام بنحو 370 مليون دولار .
و توقفت جميع المشاريع الإنشائية والعمرانية والتطويرية الخاصة والعامة ومشاريع البنية التحتية نتيجة عدم وجود مواد البناء.
ولحق الضرر بالصناعات الإنشائية المساندة لقطاع الإنشاءات والمقاولات فتوقفت جميع مصانع البناء والتي تشغل أكثر من 3500 عامل و موظف , 13 مصنع بلاط – 250 مصنع بلوك – 30 مصنع باطون جاهزة – مصانع الانترلوك – 145 مصنع رخام وجرانيت و مصانع أنابيب الصرف الصحي والمناهل عن العمل تماما.
كما توقفت معظم شركات المقاولات والإنشاءات العاملة في قطاع غزة والبالغ عددها 220 شركة عن العمل تماما وتكبدت خسائر فادحة نتيجة تجميد المشاريع قيد الإنشاء وأصاب التلف جميع المعدات والآلات الخاصة بهذه الشركات.
وتعمدت آلة الحرب الإسرائيلية إلي تدمير ما تبقي من قطاع الإنشاءات حيث تم استهداف ما يزيد عن 61 منشأه خلال فترة الحرب علي غزة وبلغت الخسائر الأولية المباشرة لقطاع الإنشاءات نتيجة الحرب حوالي 27 مليون دولار أمريكي حسب تقديرات أصحاب المنشآت[18] .
7. قطاع السياحة[19]:
أصاب القطاع السياحي شلل كامل وأوشكت شركات ومكاتب السياحة والسفر البالغ عددها 39 شركة و مكتب على الإفلاس نتيجة إغلاق المعابر وعدم حرية السفر, كما أصاب الضرر أصحاب الفنادق السياحية البالغ عددها 12 فندق سياحي تحتوي على 423 غرفة جاهزة لاستقبال النزلاء وتدنت نسبة الإشغال إلى الصفر، كما تأثرت المطاعم السياحية والبالغ عددها 35 مطعم سياحي وأصبحت جميعها مهدد بالإغلاق نتيجة عدم تغطية المصاريف الجارية مما أدي إلى فقدان أكثر من 500 عامل لعملهم في المنشآت السياحية [20].
8. قطاع الاستثمار[21]:
نتيجة لسياسة الحصار المالي والاقتصادي الإسرائيلي و إغلاق المعابر أصيب قطاع الاستثمار في فلسطين بشكل عام وفي محافظات غزة بشكل خاص بانتكاسة كبيرة ينتج عنها العديد من الآثار السلبية:
ـ هروب رؤوس الأموال المحلية للدول المجاورة للبحث عن الاستقرار السياسي والاقتصادي
ـ هروب العديد من الشركات الأجنبية العاملة في المجال الاستثماري في فلسطين
ـ إلغاء استثمارات أجنبية وفلسطينية وعربية كانت تحت الإعداد النهائي
ـ توقف العمل في توسيع المناطق الصناعية الحرة والعديد من المشاريع الاستثمارية
ـ خسارة كل ما أنفقته السلطة الفلسطينية لتسويق فلسطين عالمياً وتشجيع الاستثمار لجذب المستثمرين، ونتيجة للحصار والدمار الناجم عن الحرب (يناير 2009) فقد ذهبت كل هذه الجهود والنفقات أدراج الرياح وسيحتاج الأمر لعدة سنوات لإعادة الأمور إلى نصابها وإعادة الثقة لدى المستثمرين في المناخ الاستثماري الفلسطيني إن وجد في المستقبل.
3/10/2009
________________________________________
[1] ومن أهم صفات البطالة في الأراضي الفلسطينية في الوقت الحاضر إنها : بلغت أعلى نسبة للبطالة بين الشباب من الفئات العمرية 15-24 سنة ، وبخاصة بين الإناث وهذا يعني أن نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل هم من الداخلين الجدد لسوق العمل (المصدر: المراقب الاقتصادي الاجتماعي – العدد16 – آذار 2009 – ص9).
[2] المصادر : وزارة الاقتصاد الوطني – التجارة الداخلية لمحافظة قطاع غزة – مايو 2009
[3] الجهاز المركزي للاحصاء – النشرة الاحصائية للسكان – الصادرة بتاريخ 9/7/2009.
[4] المراقب الاقتصادي والاجتماعي – معهد ابحاث السياسات (ماس) – العدد 16 – رام الله – أيار 2009 – ص19.
[5] انظر تقرير "التغيرات الاقتصادية والاجتماعية لقطاع غزة" الصادر عن معهد دراسات التنمية-غزة-أكتوبر 2007-ص21
[6] وزارة الاقتصاد الوطني – غزة.
[7] د. ماهر الطباع - ماذا بعد الحرب على قطاع غزة ؟- الغرفة التجارة الفلسطينية - أغسطس 2009- الانترنت.
[8] المراقب الاقتصادي والاجتماعي – معهد ابحاث السياسات (ماس) – العدد 16 – رام الله – أيار 2009 – ص7.
[9] وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء فان عدد العاملين في القطاع الصناعي في قطاع غزة تراجع من 17,184 عامل في الربع الثاني من العام 2007 إلى 11,693 عامل في الربع الثالث 2007. ويرجع التضارب في البيانات مع الاتحاد العام للصناعات، لان الاتحاد يعتبر الصناعات المسجلة أو التي لها علاقة الاتحادات التخصصية هي الرسمية، بينما الحرف الصناعية لم يحصيها، فيما جهاز الإحصاء يأخذها بعين الاعتبار.
[10] المراقب الاقتصادي – معهد ماس – العدد 16 – ص2.
[11] الصناعات الاكثر تضررا في قطاع غزة هي صناعة الاثاث التي انخفضت منشآتها من 600 منشأة عام 2006 إلى نحو 120 منشأة في بداية النصف الثاني للعام 2007 ، وانخفض عدد العاملين في صناعة الاثاث من 5500 إلى نحو 550 عامل فقط وكذلك الامر في قطاع الصناعات الغذائية الذي انخفضت منشآته من 80 منشأة إلى نحو 28 منشأة ، وانخفض عدد العاملين فيه من 2500 عامل إلى نحو 300 عامل فقط ، في حين انخفضت اعداد المنشآت العاملة في قطاع صناعة الملابس والنسيج من 960 منشأة إلى نحو 48 منشأة فقط ، وانخفض عدد العاملين فيها من (16) ألف عامل إلى نحو 800 عامل في يوليو 2007 ، وكما هو معروف فقد انعدمت عمليات التصدير الخاصة بهذه الصناعات منذ تموز 2007 إلى اليوم .
[12] المراقب الاقتصادي الاجتماعي – معهد ماس – العدد 16 – آذار 2009.
[13] شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية – ورقة بحثية بعنوان " تأثير الحصار على الإنتاج الزراعي في قطاع غزة " – بدون تاريخ – الانترنت- موقع الحملة الفلسطينية الدولية لفك الحصار.
[14] ماهر الطباع – مصدر سبق ذكره .
[15] جريدة الأيام-1/12/2007 .
[16] اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار - الانترنت : www.freegaza.ps .
[17] المراقب الاقتصادي الاجتماعي – العدد 16 – ص8
[18] د.ماهر الطباع – مصدر سبق ذكره .
[19] د.ماهر الطباع – مصدر سبق ذكره .
[20] د.ماهر الطباع – مصدر سبق ذكره.
[21] د.ماهر الطباع – مصدر سبق ذكره.