منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية و تحليل إدراكي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Empty
مُساهمةموضوع: بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية و تحليل إدراكي   بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية  و تحليل إدراكي Emptyالجمعة نوفمبر 09, 2012 10:47 pm

بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية و تحليل إدراكي
إعداد الأستاذ : حميداني سليم
خطة المداخلة
مقدمة
المبحث الأول: بيان أول نوفمبر: البنية والطروحات النظرية
المطلب الأول: الأفكار الأساسية لبيان أول نوفمبر
المطلب الثاني: جدلية السياسي والعسكري في البيان
المطلب الثالث :الطرح التكاملي والتعاوني في البيان
المبحث الثاني: بيان أول نوفمبر: تحليل إدراكي
المطلب الأول :الصورة والنسق العقيدي لواضعي البيان
المطلب الثاني: الاتساق والتنافر الإدراكي لواضعي البيان
خاتمة
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ن
مقدمة
جسدت الثورة التحريرية الكبرى سنة 1954م أحد أهم أشكال التحرر من المستعمر الأجنبي والانعتاق من السيطرة الخارجية، وتعتبر بالإضافة إلى الثورة الفيتنامية التجربة الرائدة في انتزاع الاستقلال عن طريق العنف المسلح ، غير أن ما يمكن التنويه به أنها اندلعت خالية من أي غطاء إيديولوجي أو خلفية عرقية أو تموضع إقليمي ، والأهم من كل هذا أنها ترفعت عن التحزب السياسي الجامد، ولم تكن منطوية على كاريزما أو زعامة منفردة، بل إن خلو هذه الثورة من هذه الخاصية أعطى لها طابعا تعبويا ونهضويا، ووهجا إقليميا ودوليا، وكان إلى حد كبيرا ضمانة النجاح في نهاية مسيرة الكفاح المسلح.
إن عظمة هذه الثورة تنسحب على المشاركين فيها والمناطق التي غطتها، وكل الميادين التي أثرت فيها أو بها، وهذه العظمة يمكن أن نستشف أوجهها في وثائق هذه الثورة، وخاصة بيان أو نوفمبر ، وهو البيان الذي يعد بحق بوابة يمكن من خلالها الدخول إلى ما يمكن وصفه بقاعدة بيانات تتضمن جملة من الطروحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، كما تتضمن في الآن نفسه بعد إدراكيا يعبر هن هوية المقتنعين بالنهج المسلح كآلية للتحرير، ونسقا عقائديا لتصور توالي الأحداث والنهايات المتوقعة وردود الأفعال من الجانب المستهدف وهو المستعمر الفرنسي.
إن القراءة المتأنية للبيان الذي يعد الآن مرجعية في فهم انطلاقة الثورة المسلحة يدفع بالمتخصصين في الشأن السياسي إلى طرح التساؤل التالي:
هل هناك إمكانية لتقديم قراءة سياسية لبيان أول نوفمبر ، يكون فيها إلمام بالتوجهات السياسية الكبرى التي قرر للثورة التحريرية أن تنبني عليها؟ وهل هذه القراءة تقدم لنا الصورة والبعد الإدراكي لواضعي البيان؟
هذا ما سوف تحاول هذه الورقة البحثية الإجابة عنه.
المبحث الأول: بيان أول نوفمبر: البنية والطروحات النظرية
يمثل بيان أول نوفمبر أشهر وأقدس بيان وجه للشعب الجزائري خلال ثورته المباركة ضد المستعمر الفرنسي، ولأهمية هذا البيان وجوهرية مضمونه ، كان لابد له من أن يأتي متناسقا في بنيته منسجما في أفكاره، بسيطا في صيغته مقنعا في دلالة كلماته ، واضح المعاني لا يعبر عن أفق عنصري ضيق ولا توجه جهوي أو لغوي، ولا يحمل العنف بين طياته
المطلب الأول: الأفكار الأساسية لبيان أول نوفمبر
وضع البيان نهجا قويما سار على خطاه الشعب الجزائري ، فهذا البيان يعد بمثابة الوثيقة التي أعطت الشرعية للانتقال من النشاط السياسي إلى العمل الثوري المسلح، من خلال إنهاء حالة الصراع التي كانت قائمة بين أعضاء الحركة الوطنية، ولقد صيغ ب632 كلمة وفي 09 فقرات ، وجاء ليرد الاعتبار للإنسان الجزائري، ذلك الانسان الذي ظل لحقبة تزيد عن القرن يمثل الإنسان المتخلف والأقل درجة من نظيره الأوروبي، غير أن البيان أثبت أن الرجال الذين سيقومون بالثورة سيدافعون عن القيم الانسانية، ولم يحمل أي كلمة عن الحرب والدم والعنف، ولم يشر إلى أسلوب التعذيب أو الإكراه في الكفاح من أجل الاستقلال.
إن البيان يبدو أنه موجه بالدرجة الأولى الى الشعب الجزائري ثم الى المناضلين، ولكن في حقيقة الأمر فقد كان موجها مباشرة الى مناضلي حزب الشعب، هذا الحزب الذي كان في ذلك الوقت في حالة انقسام وعداء وفي مرحلة ركود أيضا، مما استوجب توحيده عن طريق القيام بثورة ضد المستعمر، فمناضلو حزب الشعب عاشوا تراكم تجارب كثيرة بدأت من سنة 1926 مع ظهور نجم شمال افريقيا إلى غاية سنة 1954، وذلك من حيث الوعي السياسي والتنظيم والتعامل مع الاحزاب السياسية الاخرى ومع سلطات الاحتلال، ولقد انعكس كل ذلك على طريقة صياغة البيان الذي يمكن تقسيمه الى اربعة أجزاء شمل تقييم الحركة الوطنية ومطالبتها بضرورة القيام بشيء ما لرفع حالة الركود التي ميزتها لبلوغ الاستقلال، الى جانب التأكيد على حيادية الانتماء لا الى معسكر مصالي الحاج ولا إلى المركزيين، وانما النضال ضد الاستعمار، ولم ترد ولا إشارة في البيان الى أحزاب أخرى مثل حزب البيان أو الشيوعي ولا حتى الى جمعية العلماء المسلمين ،ولقد تضمن البيان الإعلان عن ميلاد تجمع آخر سمي بجبهة التحرير الوطني كما عرض البرنامج السياسي والمراحل التي سوف تمر عليها الثورة فيما بعد لتحقيق الأهداف المسطرة .
من جانب آخر تطرق البيان إلى آلية العمل من أجل التحرير ، بحيث لم يهم ترجيح الخيار السلمي عبر المفاوضات على الخيار العسكري، كما أنه توجه مباشرة إلى الطرف الأخر –أي الدولة الفرنسية- بشيء من الندية عارضا وسائل التسوية ، وأفق السلام بشكل يدفع فرنسا إلى تغيير سياستها الاستعمارية بالكامل، والإقرار بأن هناك شعبا له مطالب مشروعة ، وأن مطلبه في الحرية لا يمكن الالتفاف عليه، كما قدم البيانات ضمانات فعلية لاحترام حقوق المواطنة والإقامة لكل المقيمين على التراب الجزائري المعني بالتحرير ، وأيضا إقرارا بالارتباط المستقبلي بين البلدين وفق أطر جديدة تخدم مصالح البلدين
ولعل أهم ما ورد في البيان الدعوة الصريحة للالتفاف حول التجمع الوليد ومساندة الثورة لتحقيق النصر، مهما كانت التضحيات ومهما زادت الصعاب أو طال الأفق الزمني، ما دام النصر مضمونا.
المطلب الثاني: جدلية السياسي والعسكري في البيان
واجه الشعب الجزائري الاحتلال الفرنسي في بداياته بالمقاومة المسلحة التي دامت أكثر من أربعين سنة، لكنها فشلت في طرد المحتل بسبب تفوق الآلة العسكرية ، وأمام هذا الفشل انتقل الشعب الجزائري من العمل المسلح إلى استعمال الأساليب السياسية، وهي الأساليب التي ثبت عقمها أمام التعنت والعنف الاستعماري، بما أقنع أغلبية الجزائريين أن النشاط المسلح هو الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتحرير الجزائر. غير أن انتهاج هذا المسار كان لابد له من واجهة سياسية، خاصة وأن العالم أصبح بعد الحرب العالمية الثانية وما خلفته من دمار، أميل ما يكون إلى تقبل الطروحات الدبلوماسية في تسوية النزاعات الدولية الناشئة، واعتماد على ثنائية المسارين، تطلب الأمر بالنسبة للثورة الجزائرية أن تفصل في مسألة الأولوية بينهما ، ونجد في مقدمة بيان أول نوفمبر أنه مازال هناك تعويل على الأداة الدبلوماسية وتنبه لإمكانية استثمار دور بعض قوى العالم الثالث التحررية مصر دول الجامعة العربية إندونيسيا/ مثلما ورد في البيان:
قضيتنا التي تجد سندها الديبلوماسي و خاصة من طرف إخواننا العرب و المسلمين.
ولقد طرح هذا الخيار كخيار استراتيجي يمر عبر ألية مهمة ، وهي تدويل القضية الجزائرية، وكلمة التدويل هنا مسار عام غير واضح المعالم أو الآليات ، أي أن إطلاع العالم على القضية الجزائرية هو في حد ذاته مكسب، وأن القضية ستدافع عن نفسها من خلال التعاطف الخارجي والتناول الإعلامي بما سيحرج فرنسا، كما أن هذه الفكرة في تناول البعد الخارجي للثورة دون التوسع في البحث عن الآليات وتوقع السيناريوهات ، يأتي متناغما مع الطرح الذي جاء به الشهيد العربي بن مهيدي حول مستقبل الثورة وإمكانية نجاحها بقوله: ألقوا الثورة إلى الشارع فسيحتضنها الشعب.
ولأن انتهاج الأسلوب الدبلوماسي يقتضي الإيمان بأن الوصول إلى تسوية نهائية ومرضية لجميع الأطراف، فإن ذلك يمر عبر صيغة التنازلات المتبادلة، وأن لا يتم الضغط على الخصم والتعنت ، وأن يترك له منفذ للخروج المشرف، وهو ما يعرف في المفاوضات باستراتيجية حفظ الوجه للخصم ، ونجد هذا الطرح في ثنايا البيان صراحة بالقول:
أعددنا للسلطات الفرنسية وثيقة مشرفة للمناقشة، إذا كانت هذه السلطات تحدوها النية الطيبة، و تعترف نهائيا للشعوب التي تستعمرها بحقها في تقرير مصيرها بنفسها.
غير أن واضعي البيان كانوا على درجة من النباهة والاطلاع على ماضي المقاومة الجزائرية، من خلال التركيز على أن المساران العسكري والسياسي يسيران معان وذلك نتيجة الخبرة ، وتجربة الأساليب الاستعمارية ،حيث وقع الأمير عبد القادر ضحية توقف المسار العسكري وتوقيع معاهدة التافنة سنة 1937، وفي البيان نجد عبارة:
أن تنجز مهمتين أساسيتين في وقت واحد ...
والمهمتان هما العمل العسكري الذي يسانده المجهود السياسي، وبهذا الاعلان استمر قادة الثورة في رفض أي هدنة أو توقف مؤقت للأعمال العسكرية قبل إقرار اتفاق نهائي بين الجانبين، ونجد تأكيد آخر في ثنايا البيان على هذا التوجه.
العمل الداخلي سواء في الميدان السياسي أو في ميدان العمل المحض، و العمل في الخارج لجعل القضية الجزائرية حقيقة واقعة في العالم كله، و ذلك بمساندة كل حلفائنا الطبيعيين .
ولقد أثبت تأثير التجربة الفيتنامية في نيل الاستقلال لدى الجزائريين، الذين كان عدد منهم في صفوف الجيش الفرنسي، أنه لابد من أن يساند العمل العسكري العمل السياسي ويعمل على إنجاحه ، وأن التركيز على حسم المواجهة فقط من الناحية العسكرية وفي الإطار الداخلي غير مضمون العواقب، خاصة وأن العالم بعد الحرب العالمية الثانية بمؤسساته ونظمه القانونية، أصبح أكثر تقبلا لحسم الخلافات بالطرق الدبلوماسية، كما أن الفرصة مواتية لاستغلال المحيط الدولي ، واقتناص السبل الكفيلة باستغلال الخلاف والانقسام الإيديولوجي الذي يشهده العالم آنذاك.
إن إعلان الثورة المسلحة عبر بيان أول نوفمبر كان يعني أن العسكريين الشباب أعضاء المنظمة الخاصة قد حسموا في الصراع السياسي العقيم بين المركزيين و المصاليين، وتشكلت منذ ذلك التاريخ خاصيتين أساسيتين في النظام الجزائري، أولهما أن الجيش هو الذي يحسم دائما في الصراعات التي تهدد وحدة الأمة ، وثانيها هي تشكل وتعمق نظرة احتقار العسكري لكل ما هو سياسي، لأن هذا الأخير فشل آنذاك في تحرير البلاد وشغل نفسه بالصراع من أجل المناصب والامتيازات السياسية، وبقيت هذه النظرة الاحتقارية اتجاه السياسي لدى العسكريين.
المطلب الثالث : الطرح التكاملي في البيان
جاء نداء أول نوفمبر من أجل إعلان الثورة ضد فرنسا الاستعمارية، ولإحداث القطيعة التاريخية مع نظام كولونيالي وحشي ، وفي قراءة للأستاذ محمد العربي الزبيري في بيان أول نوفمبر- في ذكرى صدوره سنة 2010م- نبه إلى وجود أخطاء من حيث الشكل في ترجمة نص البيان الذي كتب باللغة الفرنسية سنة 1954 وترجم إلى اللغة العربية -على عجل- سنة 1957، ومن بين الأمور التي توقف عندها أن النص الذي ترجم إلى اللغة العربية تضمن عبارة إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية المستقلة ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية، معتبرا أن الأصح هو إعادة بناء الدولة الجزائرية.
هذه الدولة كان مخططا لها أن تخوض كفاحها بالتنسيق مع دول الجوار ، حيث هناك مسعى تونسي قاده المعارض لبورقيبة المناضل صالح بن يوسف من أجل إشراك تونس في الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي في إطار فكرة تحرير المغرب العربي التي نادى بها الأمير المغربي عبد الكريم الخطابي ،ويبرز هذا في تصور المعركة المشتركة التي يكون مسرحها كامل التراب المغاربي، والتي ستشتت جهود الدفاع الفرنسية ، وهي أنجح طريقة لتسريع وتيرة النصر:
المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة و التونسيين .
من جانب أخر تم النظر إلى فكرة الاستقلال لا من المنظور القطري الضيق، وإنما كمرحلة انتقالية في إطار بناء الصرح المغاربي، هذا الصرح الذي أطلق عليه الشمال الإفريقي.
إن عبارة الشمال الإفريقي هي عبارة تحتمل أكثر من تأويل :
- إما أن الأمر ينبني على النزعة القومية التي كانت تتزعمها مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر و المنادية بالوحدة العربية، فيصير الشمال الإفريقي الجناح الثاني للأمة العربية حيث الجناح الأول هو المشرق العربي، وذلك دون إهمال الهوية الإسلامية كمكون أساس لهذا التكتل.
تحقيق وحدة شمال إفريقيا في داخل إطارها الطبيعي العربي و الإسلامي
-لم يكن هناك اهتمام بكل من ليبيا ذات النظام الملكي ، التي كانت تحسب بنظامها على الدول العربية الرجعية، كما لم يكن هناك ذكر لكل من موريتانيا والصحراء ، وهو ما سيشكل إقرارا فيما بعد أن كلا المنطقتين لم يندرجا ضمن مفهوم التكامل المغاربي، ويدعم هذا الطرح الجزء التالي من البيان:
أننا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل. هذه الوحدة التي لم يتح لها مع الأسف التحقيق أبدا بين الأقطار الثلاثة.
ويمكن أن يستشف من هذا القول أيضا أن هناك تمسكا بالنهج الذي ابتدأه مصالي الحاج (1898م -1974) في عشرينات القرن العشرين عند تأسيسه لنجم شمال إفريقيا، هذا الحزب الذي أراد أن يؤسس لتكتل مغاربي يضم الأقطار الثلاثة الواقعة تحت الاحتلال الفرنسي، ولكن لم يكتب لهذا التوجه النجاح.
المبحث الثاني: بيان أول نوفمبر 1954م: تحليل إدراكي
إن تقديم قراءة سياسية لمضمون بيان أول نوفمبر 1954م ، يحتم على الدارس الذي يريد أن يتعمق في فهم هذا البيان ، أن يقوم بتحليل إدراكي لمضمونه، ليتمكن من رسم خريطة إدراكية لواضعيه ، ماذا أرادوا بالضبط وكيف فكروا وخططوا لهذه الثورة العظيمة.
المطلب الأول :الصورة والنسق العقيدي لواضعي البيان
كانت ثورة التحرير ثورة متعاظمة أكثر فأكثر على الإرادات السياسية الأنانية لاستعمار الجزائر ، هذا الاستعمار الذي جسد تركيبة متناقضة لاعتداءات ثقافية مستديمة،، ولمعاملات اجتماعية غير متكافئة ، ولممارسة أحكام متباينة بتباين السكان، كلها أطر صاغت وصهرت الثقافة والممارسات السياسية للحركة الوطنية ، ولقد قامت أقلية عرفت كيف تجد الكلمات الصحيحة لكسب التأييد، هذه الأقلية هم عدد من الشباب المتحمس الذي سوف يفجر ثورة التحرير الكبرى.
لم تكن فكرة القومية العربية ولا الإسلامية قوية في أذهان واضعي هذا البيان، رغم أن هناك تعويلا شديدا على الدول العربية وفي مقدمتها مصر ، وبالتالي فإن هناك إقرارا بتنوع عرقي في الجزائر ، كما أن هناك إقرارا بوجود ديانات غير الإسلام سواء بحسب الأصل التاريخي ، كحال المكون اليهودي للشعب الجزائري، أو المعمرين المسيحيين الذين سنجد فيما بعد اقتناعا بأنهم جزء يمكن دمجه إلى المكون البشري العام للشعب الجزائري، ويؤكد هذا الرأي ما ورد في البيان:
احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني .
من جانب آخر كان هناك تخوف شديد من هؤلاء الشباب واضعي البيان من أن لا تلقى مبادرتهم السند اللازم من الشعب الجزائري، خصوصا وأن الحركة الوطنية والتمثيل السياسي كان حكرا على الأحزاب ذات النشاط والخلفية الإيديولوجية والعقائدية ، ولعب عامل التجربة السابقة دوره في رسم الخريطة الإدراكية ، حيث أن فشل تجربة المنظمة الخاصة سنة 1950م بسبب عدم اتساع قاعدتها الشعبية، و نشاطها المحدود وغير واضح المعالم والأهداف.
نُعلمُكم أن غرضنا من نشر هذا الإعلان هو أن نوضح لكُم الأسْباَبَ العَميقة التي دفعتنا إلى العمل ، بأن نوضح لكم مشروعنا و الهدف من عملنا، و مقومات وجهة نظرنا الأساسية التي دفعتنا إلى الاستقلال الوطني في إطار الشمال الإفريقي، ورغبتنا أيضا هو أن نجنبكم الالتباس الذي يمكن أن توقعكم فيه الإمبريالية وعملاؤها الإداريون و بعض محترفي السياسة الانتهازية .
يمكن أيضا ملاحظة وجود حالة من الاقتناع بأن الفترة الاستعمارية قد أضرت بالنسيج البشري للجزائر، وذلك من خلال خلق فئة من المتعاونين مع الاستعمار ، أو المتشبعين بالقيم الفرنسية من الذين آمنوا بها وطالبوا بالتجنس والإدماج، ولهذا فإن الفكرة التي ستتداول فيما بعد بأن الجزائر حررها الجميع ، أبعد من أن توافق الطروحات الإدراكية لمفجري ثورة أول نوفمبر 1954م.
تجميع و تنظيم جميع الطاقات السليمة لدى الشعب الجزائري لتصفية النظام الاستعماري .
و لقد أدى قبول فرنسا بالخروج مما كان يعرف بالهند الصينية سنة 1954م ، وتعاملها اللين مع الوضع في تونس والمغرب ، إلى نشوء اعتقاد بأن الجانب الفرنسي سيقر بنسبة كبيرة الحل السياسي، خصوصا وأن الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية ولدت اتجاها عالميا لتصفية الاستعمار، كما أن الطبقة السياسية الفرنسية أصبحت أكثر قابلية للتخلي عن فكرها الاستعماري.
أعددنا للسلطات الفرنسية وثيقة مشرفة للمناقشة، إذا كانت هذه السلطات تحدوها النية الطيبة، و تعترف نهائيا للشعوب التي تستعمرها بحقها في تقرير مصيرها بنفسها.
وللتعبير عن التحمس الشديد لإنجاح مسعاهم تم استعمال مصطلح التطهير، بما يعكس حالة شديدة من المقت للسياسيين الجزائريين قبل الثورة، بل إن المصطلح في حد ذاته يعكس استسهالا للطرق العنيفة في الإقصاء السياسي، والتي سوف تتحول إلى أعمال عنيفة ضد المعارضين، أو حالة من التخوين وتشويه السمعة مثلما سيعاني منه المصاليون فيما بعد:
التطهير السياسي بإعادة الحركة الوطنية إلى نهجها الحقيقي و القضاء على جميع مخلفات الفساد و روح الإصلاح التي كانت عاملا هاما في تخلفنا الحالي.
ستكون أفكار الحل السلمي التي وردت في البيان اللبنة الأساس لاتفاقيات إيفيان في سنة 1962م ، والتي تنبني أساسا على استحداث نمط من العلاقات الجديدة بين البلدين ، وهو النمط الذي أثار حفيظة عدد من الثوار الذين رأوا فيه شكلا من الاستعمار الجديد للجزائر أو شكلا من الاستقلال الشكلي.
إن بيان أول نوفمبر كان تهيئة نفسية وذهنية لتقبل فكرة الاستقلال عبر المفاوضات بعيدا عن التعنت والتصلب، وساعد على هذا التقبل زوال العدد الأكبر من مفجري الثورة، وحلول فئة من نخبة الجزائرية ذوي التكوين الفرنسي، أو من الضباط الذين عملوا في الجيش الفرنسي:
تحدد الروابط بين فرنسا و الجزائر و تكون موضوع اتفاق بين القوتين الاثنتين على أساس المساواة و الاحترام المتبادل .
نقطة هامة ينبغي التنبيه إليها، وهي أنه لم تكن هناك أي إشارة إلى مجازر 08 ماي 1945م ، ولا لدور قادة المقاومة السياسية ، بل إن عماد هذه المقاومة حركة انتصار الحريات الديمقراطية سليلة حزب الشعب ، لم يتم الإشارة إليها بشكل صريح بالاسم، مما يعني أن هناك تخوفا من الذين صاغوا البيان أن يحتسبوا على تيار من الحركة ، أو يتم التغطية على دورهم في اشعال الثورة.
يلاحظ المتفحص للبيان ورود مفهوم الامبريالية كمفهوم ماركسي لينيني يتكرر في البيان، ويترجم فيما بعد على أساس قناعة بالنهج الاشتراكي ويقرها الحكام الجدد بعد الاستقلال نيابة عن الشعب، ويتجسد ذلك في المادة الثالثة من دستور البلاد : الاشتراكية اختيار الشعب الذي لا رجعة فيه.
نجنبكم الالتباس الذي يمكن أن توقعكم فيه الإمبريالية وعملاؤها الإداريون
الواثقون من مشاعرك المناهضة للإمبريالية
في هذا البيان أيضا كان أول إقرار ضمني بالأحادية الحزبية التي سوف تسود في الجزائر ودعوة صريحة لإلغاء التعددية، وهناك توجه نحو تكريس واقع سلطوي يعتمد على التزكية بدل المشاركة والخضوع بدل الحرية، ومنظور صوت واحد رأي واحد.
ندعوك لتبارك هذه الوثيقة، وواجبك هو أن تنضم لإنقاذ بلدنا و العمل على أن نسترجع له حريته، إن جبهة التحرير الوطني هي جبهتك، و انتصارها هو انتصارك .
إذا مع هذا التحليل يمكن تبين حدة المجازفة التي أقدم عليها هؤلاء الشباب ، والذين أدى صغر سنهم وضعف تجربتهم السياسية إلى الإقدام على تفجير الثورة المباركة ، والتي عملت ظروف داخلية وخارجية على إنجاحها، خصوصا وأن الاستعمار أصبح واقعا مبغضا ، ولم يعد بالإمكان التغطية على أثاره السلبية أكثر.

المطلب الثاني: الاتساق والتنافر الإدراكي لواضعي البيان
يظهر في ثنايا البيان إبراز حقيقة أنه قبل نوفمبر 1954م، لم تنجح أبدا الضغوط الممارسة في سبيل قيادة موحدة للحركة الوطنية، وظلت المنظمات والتيارات السياسية مستقلة عن بعضها، وتمارس ضغطا متنوعا، وكان مقصد الوحدة أبعد ما يكون عن التحقق ، لهذا رأى واضعوا هذا البيان أن مناداتهم بالوحدة مكافئة منطقيا لصواب الرأي وضمان للنصر:
ومما يلاحظ في هذا الميدان أننا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل.
كما يبرز من خلال البيان التكلم باسم المصاليين و حزب نجم شمال إفريقيا منذ 1926م، وهو ما يمثل إقرارا فعليا بمحورية هذا التوجه في الحركة الوطنية المنادية بالاستقلال ، وهناك إقرار بصواب المسار الذي اتبعه قائد الحركة الوطنية مصالي الحاج وأن هدفه كان الاستقلال ، وأن الانحراف الذي حدث في مسار الحركة كان بسبب التنافس على الزعامة:
إعادة الحركة الوطنية إلى نهجها الحقيقي
لاحظ واضعو البيان أنه لابد من وجود تسلسل في الإجراءات المتخذة من الجانب الفرنسي ، تفضي في النهاية إلى تقبل انفصال الجزائر عن الكيان الفرنسي المتشكل في أذهان المؤمنين بفكرة الجزائر الفرنسية، وهذه التهيئة تبدأ بالشعور بالتميز بين شعبين، فالجزائر تضم شعبا له مقوماته ولم يكن يوما متجنسا بالفرنسية، حتى وإن اقترن بفرنسا عبر الهجرة واستعمال اللغة الفرنسية ،غير أن كل الدعوات والجهود لفرنسته لم تنجح ، ولهذا لابد من الاعتراف بأن الجغرافيا والتاريخ والدين والعادات تخطئ كل من ينادي بطرح الجزائر الفرنسية، والأهم من كل هذا أن ينتق الأمر من الاقتناع إلى التصريح الفعلي والعلني.
إن هذا الانتقال الذهني هو تسلسل في العمليات النفسي المفضية إلى حالة من الاتساق الإدراكي بين المطلب والآلية :
الاعتراف بالجنسية الجزائرية بطريقة علنية و رسمية، ملغية بذلك كل الأقاويل و القرارات و القوانين التي تجعل من الجزائر أرضا فرنسية رغم التاريخ و الجغرافيا و اللغة و الدين و العادات للشعب الجزائري.
يمكن من خلال التحليل التوصل إلى أن البيان لا يحمل أي نية في إجبار فرنسا على الاعتذار أو التعويض عن المرحلة الاستعمارية - بما شهدته من فضائع - وعدم اعتبار فرنسا دولة عدوة ، وهنا يتضح أن واضعي البيان كانوا لا يركزون على الماضي أو غير مطلعين عليه بالقدر الكافي ، أو نما في قناعاتهم أن إشهار التعاون المستقبلي ، ونسيان الأحقاد سيلين الموقف الفرنسي:
تحدد الروابط بين فرنسا و الجزائر و تكون موضوع اتفاق بين القوتين الاثنتين على أساس المساواة و الاحترام المتبادل.
في جانب أخر من هذا التحليل يتضح في إدراكات واضعي البيان أن فكرة المواطنة لا تعتمد على الانتماء فقط وإنما أيضا على الإقامة ، بالتالي لم يكن هناك تقدير للنتائج المستقبلية ، وعواقب هذا التصور ، حيث أنه لولا الظروف التي رافقت الاستقلال وأدت إلى هجرة الأجانب ، لوصلت الجزائر إلى نفس الوضع في زيمبابوي وجنوب إفريقيا:
جميع الفرنسيين الذين يرغبون في البقاء بالجزائر يكون لهم الاختيار بين جنسيتهم الأصلية و يعتبرون بذلك كأجانب تجاه القوانين السارية، أو يختارون الجنسية الجزائرية وفي هذه الحالة يعتبرون كجزائريين بما لهم من حقوق و ما عليهم من واجبات.
هناك تنافر إدراكي حاد ضمن البيان ، وهو تصور النزاهة في الامتلاك ، مع وجود قناعة بأن كل هذه المصالح حصلت بطرق غير شرعية أو بواسطة التدليس والابتزاز، وهو التنافر الذي ترجم فيما بعد على حالة من التشجيع للأجانب بالمغادرة والاستيلاء على أملاكهم لتباع أو يتم التناول عنها بالدينار الرمزي ، كما أن هناك قبولا ببعض ممارسات البيع السريعة التي لا تحترم حقوق البائع أو فيها غبن كبير له والتي تمت على عجل بين المعمرين ، وبعض الأثرياء أو أصحاب النفوذ من الجزائريين الذين سيكونون طبقة من الأثرياء الجدد:
المصالح الفرنسية، ثقافية كانت أو اقتصادية و المحصل عليها بنزاهة، ستحترم و كذلك الأمر بالنسبة للأشخاص و العائلات.
بإطلاق نظرة عامة على البيان وتتبع تداعياته فيما بعد ، يتضح للدارس أن طابع حرب الاستقلال المفاجئ والمدوي إعلاميا العنيف والمأساوي، سيساعد على إخفاء الوقائع والحقائق التي لابد من التذكير بها، لمحاولة فهم التاريخ الحديث للبلد، ففي نظر الكثيرين لا تزال الثورة التحريرية تبدو كأنها عمل جهاز سياسي وعسكري شديد المتانة والترتيب، له استراتيجيته وتوجهه وأجهزته التنفيذية ، وكان من شأن هذا التنظيم أن يختار إيديولوجيا ، إنشاء مؤسسات دولة استبدادية مركزية.
إن هذه الحقائق الموضوعة استخدمت مطولا كمبرر لأولئك الذين كانت لهم مصلحة في أن يستمدوا الشرعية من تلك الحرب، كما كانت ضرورية وموافقة لإضفاء العقلانية على المسالك الانتهازية والمنافع المادية والتسابق على السلطة.
خاتمة
إن بيان أول نوفمبر 1954 شكل تطورا حضاريا أعاد إدماج الإنسان الجزائري في حركة التاريخ وأخرجه من نير الاستعمار وذلك بفضل تضحيات الشهداء الأبرار، حيث إن من نتاج المواجهة المكشوفة غير المتوازنة من حيث القدرة والعتاد، أن ضحى فيها الشعب بخيرة أبنائه.
كما أن ثورة الفاتح من نوفمبر كانت تتويجا لمسار طويل من نضال وكفاح الشعب الجزائري دام 132 سنة، كما كانت ردا على فرنسا وإعلانا بـتميزه عنها حضاريا وقيميا وروحيا وتاريخيا.
إن البيان لم يتضمن تلك النزعة الديكتاتورية التي طالما أضرت بالعمل السياسي، وقد نبذ الزعامة وفضل القيادة الجماعية واحترام الحريات الأساسية، وهذا لم يمنع من حدوث عملية تطهير سياسي قامت بها الجبهة فيما بعد ، أما خارجيا فقد تحقق الهدف المسطر لتدويل القضية الجزائرية وطرحها على مستوى الامم المتحدة ، ثم تأسيس الحكومة المؤقتة سنة 1958م التي قادت المفاوضات مع فرنسا.
إن أهمية وجدية ثورة أول نوفمبر 1954 ، تكمن في وضع جميع المسؤولين والمناضلين في الأحزاب الجزائرية أمام الأمر الواقع ، لأن اندلاع الثورة قد فرض عليهم الاختيار بين الانضمام إلى الثورة لتحرير البلاد ، أو البقاء مع غلاة الاستعمار وعملائه، وبرزت هذه الاستراتيجية الهامة في تسمية الحركة الوطنية الجديدة باسم جبهة التحرير الوطني، وكان القصد من وراء هذه التسمية هو فتح باب الانخراط في صفوف الحركة أمام الجميع ، لأن تحرير أي بلد لا يمكن أن يكون حكرا على حزب واحد.
خرجت الجزائر سنة 1962 من الحرب طموحة وغير مفتقرة إلى الوسائل، بادئ الأمر كانت السيادة المستعادة، تعادل ممارسة امتيازات المواطنة وإقامة نظام مؤسس على العدل، وكان ينتظر الكثير من الدولة الجديدة، سواء على مستوى الممارسات أو على مستوى القناعات وفلسفة الحكم ، وكان يبدو المشروع قابلا للتحقيق، بدون إكراهات مفرطة مادامت تحمله حركة وطنية كبرى، خصوصا وأن الجهاد الشاق والباهظ استنفر أغلب الفئات الاجتماعية.
بعد قرابة 60 سنة ما زالت الوثيقة التي تضمنت العديد من الأبعاد السياسية والثقافية والدينية والفلسفية مرجعا لجميع الجزائريين. وقيمة البيان تكمن في توجهه إلى الشعب الجزائري وكل المناضلين من أجل القضية الوطنية، مثلما ورد في النص ولم يخص فئة أو طرفا بعينه، معتبرا أن تحرير الجزائر مسؤولية الجميع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بيان أول نوفمبر1954: قراءة سياسية و تحليل إدراكي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بيان المصير وسياسة التوسع الإقليمي الأمريكي (1845-1892)
» تقرير بيكر - هاملتون .. بيان الحقائق في مجموعة دراسة العراق والتوصيات الـ 79
» كتب سياسية
» تحليل السياسات العامة
»  تحليل النزاعات sylabus

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الأولى علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1