عزيز الأحدب: (1917-2011): الضابط الثائر[img(194px,259px):5321]http://tripoliscope.com/allnews/[136328]/images/3g95fd6e37883%28600xa%29.jpg[/img:5321]قل ما نجد في تاريخ لبنان، قديمه وحديثه، رجلاً عسكرياً تجرأ على الانقلاب على الدولة، وإن كانت في إحدى أسوأ مراحلها، على غرار ما فعل اللواء عزيز الأحدب. فقد حاله ما وصلت إليه الأمور من سوء في خضم الحرب اللبنانية، فآثر تحريك المياه الراكدة، وإعلان مبادرة، صحيح أنه لم يكتب لها أن تضع حداً لحفلة الجونو التي كانت قائمة، إلا أن التاريخ سينصف صاحبها، على الأقل كرجل”اجتهد فأخطأ”، في وقت انجر فيه الكثيرون إلى اللعب بمصير الأوطان.
فمن هو اللواء عزيز الأحدب؟
ولد عزيز الأحدب في أسكلة قضاء طرابلس(الميناء حالياً)، عام 1917.
-تلقى علومة الثانوية في مدرسة الفرير في طرابلس، حائز على شهادتي البكالوريا القسم الاول والثاني وعلى شهادات جامعية في الادب الانكليزي والجغرافيا والتاريخ من «جامعة شيفيلد» بانكلترا، وفي الصحافة العربية من «جامعة القاهرة».
تطوع في الجيش بصفة تلميذ ضابط، في الكلية الحربية التي كانت في حمص آنذاك، بتاريخ 10-09-1936، ليتخرج منها ملازما عام 1938، و يتدرج في الترقية حتى رتبة عميد أول(لواء)ركن عام 1947. وخلال تلك الفترة، حاز الأحدب على عدة أوسمة وميداليات، إضافة إلى تهنئة من رئيس الجمهورية، تنويه وزير الداخلية، وتنويه العماد قائد الجيش عدة مرات. وخلال مسيرته العسكرية، تابع الأحدب عدة دورات دراسية في الداخل والخارج. وقد تلقى علومه العسكرية في لبنان وفرنسا، وانكلترا، واميركا، والمانيا، وبلجيكا، وهولندا حيث نال الشهادات التالية:رام ممتاز من بلجيكا وهولندا، مغوار من فرنسا وانكلترا، اركان الحرب من فرنسا، اركان الحرب من العراق(نهج كمبرلي).
على الصعيد الفكري، وضع عدة دراسات ومؤلفات عسكرية، ووطنية، كما اشترك في تحرير الموسوعة العسكرية العربية. وافته المنية في الحادي عشر من حزيران من العام 2011، عن عمر يناهز أربعة وتسعين عاماً.
·في خدمة الوطن
خلال مسيرته العسكرية التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، تسلم الأحدب على التوالي قيادات المدارس التالية:مدرسة الرياضة والرماية والقتال(1954–1958)، مدرسة التزلج(1945–1947)، معهد التعليم(1968–1970)، المدرسة الحربية(1970–1972). كما عُيّنَ الى جانب ذلك كله، ضابطاً للرياضة في الجيش، ثم مفتشاً عاماً للرياضة والرماية في الجيش.
-تسلم على التوالي قيادة سرية مغاوير(1940)، سرية مشاة(1949)، الفوج الرابع(1963)، قيادة القطاع الاوسط(1964)، قيادة منطقة البقاع(1969)، قيادة منطقة بيروت(1973).
-اشترك في الحرب العالمية الثانية(1941)في جبهة جنوب بيروت، كما اشترك في الحرب الفلسطينية(1948–1949). وبعد إقرار اتفاقية القاهرة، اختارته قيادة الجيش لتنفيذ هذه الاتفاقية(1969)فعينته مديراً عاماً لشؤون الفلسطينيين العسكرية.
·الانقلاب الأبيض
-إلا أن المحطة الأبرز في حياة الأحدب السياسية والعسكرية، تكمن في اعتلائه منصب الحاكم العسكري المؤقت في لبنان اثر الانتفاضة العسكرية التي قام بها في 11 اذار 1976.
فعلى اثر الحرب الاهلية اللبنانية التي بدأت عام 1975 تفكك الجيش اللبناني وسقطت الثكنات العسكرية في العديد من المناطق، وظهرت عدة“جيوش”داخل الجيش الوطني الواحد.
هذا الوضع المتردي دفع بالعميد عزيز الأحدب قائد المنطقة العسكرية في بيروت باعلان البلاغ رقم واحد من محطة التلفزيون اللبنانية في تلة الخياط وأمامه مسدس على الطاولة، في الثامنة والنصف من مساء 11 آذار(مارس)1976. واصف عندها حركته بالإصلاحية وترمي لإنقاذ الجيش وإعادة لحمته والطلب من رئيس الجمهورية سليمان فرنجية الاستقالة تمهيداً لانتخاب رئيس جديد خلال عشرة أيام معلناً في الوقت نفسه حال الطوارئ في لبنان ومنع التجول في بيروت.
لاقت حركته الإصلاحية تأييداً من اوساط سياسية ومن عدد من الضباط في أيامها الأولى، في حين التزم قائد الجيش حنا سعيد بالصمت. لم يحظَ الانقلاب بتأييد القطع العسكرية المقاتلة التي انضم أكثرها إلى احمد الخطيب. بالمقابل قامت ميليشيات الجبهة اللبنانية باحتلال ثكنة الفياضية يوم 12 آذار(مارس)1976، فيما أعلن العقيد انطوان بركات ابن زغرتا ولاءه للرئيس سليمان فرنجية منذ 12 آذار(مارس)وأعلن تأسيس ما سمي بـ”جيش الشرعية”ومقره ثكنة الفياضية. كما تم تشكيل تجمع عسكريي ثكنة صربا بقيادة العقيد انطوان لحد، الذي ترك قيادة البقاع لينضم إلى رفاقه في المناطق المسيحية، وتجمع عسكريي مسيحي زحلة الذي كان بقيادة المقدم إبراهيم طنوس(قائد الجيش فيما بعد)والرائد طارق نجيم، والملازم أول يوسف الطحان.
[img(300px,412px):5321]http://tripoliscope.com/allnews/[136328]/images/3g9e40c140bc7%28600xa%29.jpg[/img:5321]
· نص البلاغ
البلاغ رقم واحد للعميد عزيز الأحدب
انقاذاً لوحدة الجيش، وإعادة اللحمة إلى العسكريين، وإنقاذاً للوضع المتدهور في البلاد، ولما كانت التحذيرات المتواصلة قد ذهبت أدراج الرياح، وحفاظاً على المصلحة اللبنانية العليا، وإعادة اللحمة إلى الشعب اللبناني الكريم، وبوحي من ضميري، وأصالتي العسكرية، وانطلاقاً من مسؤوليتي أمام الله والتاريخ، أقرر ما يأتي:
أولاًً:أطلب من فخامة رئيس الجمهورية محافظة على الوحدة اللبنانية أن يتمثل بزميله الاسبق الشيخ بشارة الخوري، ويقدم استقالته من سدة الرئاسة، وإلا أعتبر بحكم المستقيل.
ثانياً:أطلب من الحكومة اللبنانية، أن تقدم استقالتها خلال 24 ساعة وإلا اعتبرت بحكم المستقيلة.
ثالثاًً:أطلب إلى جميع القطاعات المدنية والعسكرية أن تؤيد حركتي الإصلاحية وأن تلتزم بالهدوء والسكينة تحت طائلة المسؤولية.
رابعاً:أعلن حالة الطوارئ في البلاد وأمنع التجول في منطقة بيروت حتى إشعار آخر.
خامساً:أدعو مجلس النواب خلال سبعة أيام من تاريخ هذا البلاغ إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد.
سادساً:أدعو فخامة رئيس الجمهورية الجديد إلى تشكيل حكومة جديدة فور انتخابه.
سابعاً:أطلب من المديرين العامين تأمين الأشغال في وزاراتهم كالمعتاد.
ثامناً:أطلب إلى جميع القوات المسلحة أن تطلق النار فوراً على كل من تحدثه نفسه القيام بأعمال الشغب أو السلب تحت طائلة المسؤولية.
تاسعاً:أؤيد ما جاء في نداء العماد قائد الجيش الموجه إلى العسكريين بتاريخ 10آذار 1976
عاشراً:أؤيد المبادرة السورية الأخوية بكل قواي لإخراج البلاد من الأزمة الكارثة التي تتخبط فيها الفئات المتصارعة.
حادي عشر:أعلن الالتزام بالاتفاقات السابقة الموجودة بين السلطة اللبنانية وإخواننا الفلسطينيين.
ثاني عشر:أعلن بأن الجيش سيلتزم حماية الرئيس فرنجية مدى الحياة.
أعلن من الآن انني لست طامعاً في الحكم، ولا أؤمن بالحكم العسكري إلا كوسيلة لإنقاذ الحكم المتدهور، لذلك قررت الاحتفاظ بمركزي كقائد لمنطقة بيروت، وسأسلم أمانة الحكم إلى أصحابها فور انتخاب الرئيس الجديد.
والله من وراء الفعل نعم المولى ونعم الوكيل.
بيروت 11/3/1973 العميد الأول الركن عزيز الأحدب ــ قائد منطقة بيروت والحاكم العسكري المؤقت.