منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
بين الأصولية والتطرف Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
بين الأصولية والتطرف Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
بين الأصولية والتطرف Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
بين الأصولية والتطرف Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
بين الأصولية والتطرف Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
بين الأصولية والتطرف Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
بين الأصولية والتطرف Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
بين الأصولية والتطرف Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
بين الأصولية والتطرف Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
بين الأصولية والتطرف Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 بين الأصولية والتطرف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

بين الأصولية والتطرف Empty
مُساهمةموضوع: بين الأصولية والتطرف   بين الأصولية والتطرف Emptyالأربعاء فبراير 05, 2014 9:31 am

بين الأصولية والتطرف

د. محمد السيد الجليند

تاريخ الإضافة: 11/11/2008 ميلادي - 13/11/1429 هجري

مقدمة تمهيدية:

ظهر في الآونة الأخيرة حركاتٌ متطرفة، وجماعات شبابية في العالم الإسلامي، تبنَّت أفكارًا وآراء تدَّعي بها نسبًا إلى الأصول الأولى للإسلام، واختلفت هذه الجماعات في الاجتهادات والاستنباطات، واتَّسَعت دائرة الخلاف بينها، بحيث صار لكل منها منهجٌ يختلف في أصوله ومظاهره عن الآخرين، وكان لكل منها موقفٌ متميّز من المجتمع ومشكلاته، والحكم ونظامه، والإنسان ومنهج تربيّته، وزاد عدد هذه الجماعات، وتَبِع ذلك بالضرورة زيادةُ الاجتهادات والآراء، وفي وسط هذا الزخم من الآراء اخْتُلط في أن بعض هذه الجماعات كان له علاقةٌ ما بالمعتدلين في الساحة الإسلامية، واستُغلت هذه العلاقة استغلالاً سيئًا، مما لزم معه أن تُجلَّى المواقف، وتوضح الأمور؛ ليتبيّن للشباب المعاصر الفرْقُ بين الأصولية الإسلامية، والتطرف والغلو، الذي حذَّر منه الإسلام، ونفر منه.

ولذلك فإن الأمر هنا يحتاج إلى مداخلَ تمهيديةٍ، نوضح خلالها مفهوم المصطلح ومضمونه، ونشأته، وكيف استعمل في عالمنا العربي المعاصر، ومن هنا سوف نتناول بالتحليل المصطلح "أصولية - تطرف"، والمنطلقات الفردية لكل منهما؛ حتى نتبين مواقعَ أقدامنا من الصواب والخطأ.

أولاً: الأصولية:

لم يظهر مصطلح الأصولية في لغتنا العربية كرمز وعَلَم على جماعة معينة، أو فرقة ذات مبادئَ وأصولٍ ومواقفَ متميزةٍ، إلا في العقود الثلاثة الأخيرة من هذا القرن؛ لأن هذا المصطلح ليس وليدَ العربية الإسلامية، ولا هو شرعي لها؛ إنما ظهر أولاً في الغرب، وفي لغته، ثم نقل إلى لغتنا العربية، حاملاً معه تجرِبةَ الغرب، وهمومَه، وملابساته، ولقد أرَّخ الفيلسوف الفرنسي "رجاء جارودي" لهذا المصطلح وتاريخ ظهوره في المعاجم اللغوية في فرنسا، وبيَّن أنَّ أول ما ظهر هذا المصطلح كان في معجم "لاروس الصغير" 1966م، وكان معناه عامًّا غير محدد ولا دقيق، وكان يُرمز به إلى: "مواقفَ عامةٍ لمجموعة الكاثوليك الذين دأبوا على التَّمَسُّك بالماضي، ورفْضِ كل جديد، وعدم القدرة على تكييف عقيدتهم مع ظروف الحياة وتطوراتها الجديدة في فرنسا"، وبعد ذلك بثلاث سنوات ظهرت الكلمةُ في معجم "لاروس الجيب" سنة 1969، يقصد بها الكاثوليك وحدهم، وخاصة الذين كانوا يتميزون بالاستعداد الفكري لرفض التكيف مع ظروف الحياة الحديثة.

وفي سنة 1984م ظهر "المعجم الكبير" في اثني عشر جزءًا (لاروس)، وقد أخذ المصطلح يتحدد معناه بشيء من الدقة والضبط والوضوح، فهو يعني داخل الحركة الدينية: "موقف الجمود والتصلب، والمعارضة والرفض لكل جديد ولكل تطور"، وكل الأمثلة التي ذكرها "لاروس" في معجمه توضيحًا لمفهوم مصطلح الأصولية، كانت مأخوذة من مواقف الكاثوليك في فرنسا، والتي جسدت حركة الكفاح في ظل يبوس العاشر بفرنسا، من سنة 1903م - 1914م.

وفي عصر الحداثة شهد المصطلح تطورًا كبيرًا، خاصة بعد مؤتمر الفاتيكان الثاني، ثم انتقل المصطلح من مجال الدراسات الدينية الكاثوليكية، إلى مجال السياسة والاجتماع، حيث أريد به "المذهب المحافظ والمتصلب في موضوع المعتقد السياسي".

وكان جاك ديبور يطلقه على "جماعة الكاثوليك الذين يرفضون كلَّ تطور وجديد، ويعلنون تمسكهم بالتراث"[1].

أما جيمس يبير، فيؤكد المعاني السابقة لمصطلح أصولية في الغرب عمومًا، وفرنسا خصوصًا، وأضاف: يطلق المصطلح على فرقة من البروتستانت تؤمن بالعصمة الحرفية لكل كلمة وردتْ في الكتاب المقدس؛ لأن أفرادها يدَّعون أن الآباء يتلقَّوْن مباشرة عن الله، ويرفضون العقل، ويردُّون أحكامه وأحكام العلماء، ويرفضون التفكير العلمي، ويرونه احتقارًا للكنيسة التي تختص بكلمة الرب، ويميلون إلى العنف واستخدام القوة لبسط آرائهم ومعتقداتهم على الجميع[2].

وفي هذه الإشارات التي تناولت تاريخَ ظهور المصطلح في الغرب، وما يحمله من خصائص وصفات اتصفت بها الكاثوليكية أو البروتستانت، نرى مفيدًا أن نضع أمامنا الحقائقَ التالية عن هذه الأصولية، وتتلخص فيما يأتي:

1- أول ما ظهر استعمال أصولية، كان في الغرب، وكان يقصد به فرقة من الكاثوليك أو البروتستانت.

2- من لوازم الأصولية رفضُ التطور، ومحاربة العلم، وعدم التكيف مع ظروف الحياة المعاصرة.

3- التشبث بالماضي التراثي، والمطالبة بالعودة إليه كمرجع أساس في مواجهة الحداثة المعاصرة.

4- عدم التسامح، ورفض الآخر.

5- العنف واستعمال القوة في بسط الرأي والمعتقد الذي يدينون به.

فهي إذًا جمود في مواجهة التطور، وجنوح إلى الماضي في مواجهة التكيف مع الواقع، ومواجهة العلم والعلماء بآراء الكنيسة وفكر الآباء، وانغلاق على الذات في مواجهة الانفتاح على الغير.

وفي داخل هذه الدائرة لمعاني الأصولية وخصائصها، كانت هناك أصوليات أخرى متعددة، تعيش بنفس الخصائص في الغرب، خارج المجتمعات الإسلامية.

ويقول رجاء جارودي: في الغرب ظهرت أمُّ الأصوليات، وهي الأصولية الصِّهْيَوْنِيَّة، وتحت عباءتها ظهرت الأصوليةُ الماركسية والأصولية الرأسمالية، ومن باطن هاتين الشرارة الأولى لنشاط هذه الأصوليات هي إسقاط الخلافة العثمانية، بتدبير الأب الروحي للأصولية، وهو تيودور هرتزل[3].

هذا على الجانب النظري؛ أما في مجال الدراسة العملية لهذه الأصوليات، فقد ظهرت الممارسات العملية للفكر الأصولي في الغرب، قبل ظهور هذا التحديد التاريخي؛ لأن الكلمة لا تدخل المعاجم اللغوية، إلا بعد أن تعيش على ألسنة الناس فترةً طويلة، ويظهر أثرُها في الحياة العامة، ثم تجد لنفسها مكانًا في المعاجم اللغوية، وربما نجد البدايةَ الأولى للممارسات العملية للفكر الأصولي في موقف اليهود من نصوص التوراة، ومحاولة جذب البروتستانت إلى الأصول التوراتية، للإيمان بها، والاعتقاد فيها، خاصة ما جاء في هذه النصوص من نبوءات تبشِّر بميلاد إسرائيل، واستعادة أرض الميعاد، ثم عودة المسيح ثانية ليحكم العالم من مسقط رأسه بأرض أورشليم القدس، ولقد نجحت الأصولية الصهيونية في إقناع الأصولية النصرانية بهذه النبوءة الخرافية، وأصبح البروتستانت - خاصة في أمريكا - على قناعة تامة بذلك، وارتبط عندهم عودةُ المسيح الثانية بقيام دولة إسرائيل، وأصبح من الواجب عليهم - تبعًا لذلك، وتحقيقًا لهذه النبوءة - أن يعملوا جاهدين لإقامة دولة إسرائيل ومساندتها، وصار ذلك واجبًا دينيًّا مقدسًا عند البروتستانت، وهذا يفسر لنا ميلادَ هذا التعاطف الكبير بين الصهيونية والبروتستانت من جانب، ووقوف الأصولية النصرانية ضد أي حق من حقوق العرب في استعادة أرضهم وحقهم المشروع، من جانب آخر.

وكان ميلاد دولة إسرائيل سنة 1948م، واحتلال إسرائيل للقدس كاملة لأول مرة في التاريخ سنة 1967م - هي أبرزَ الإشارات التاريخية لتحقيق هذه النبوءة بعودة المسيح ثانية؛ مما زاد في تمسك النصرانية بنصوص التوراة؛ اعتمادًا على ما أشاعته بينهم الأصوليةُ الصهيونية من ضرورة الإيمان بالتوراة، كجزء أساس من العقيدة النصرانية.

وساعد الوضع المتردي للعرب، وسيطرة إسرائيل على القدس كاملة لأول مرة منذ أكثر من ألفي عام - على الترويج لهذه النبوءة، وضرورة الاعتقاد بصحة الأصول التوراتية التي اشتملت على هذه النبوءة، والعودة إليها كمرجع عَقَدِي لإدارة شؤون الحياة في الأصولية الصهيونية والنصرانية على حد سواء.

وترتب على ذلك زيادةُ عدد الأصوليين البروتستانت في الغرب، الذين يعملون على مساعدة الصهيونية، وقدَّر أحد الباحثين عدد الأصوليين البروتستانت في أمريكا وحدها بـ30 مليون أصولي، من مجموع النصارى البروتستانت البالغ 40 مليون شخص[4].

وقد أكدت الوثائق التي ظهرت أخيرًا هذا التعاطفَ والتقارب العَقَدِي بين الأصولية الصهيونية والنصرانية، وضرورة التعاون بينهما ضد الإسلام، ففي سنة 1985م عُقد مؤتمر بال بسويسرا (27 - 29 أغسطس 1985م) بعنوان: "الصهيونية النصرانية"، جاء في مقدمة إعلان هذا المؤتمر ما يلي: نحن الوفود المجتمعين هنا من ممثلي كنائس مختلفة، في نفس القاعة الصغيرة التي اجتمع فيها من 88 عامًا تيودور هرتزل، ومعه وفود المؤتمر الصهيوني الأول، الذي وضع اللبنة الأولى لإعادة ميلاد دولة إسرائيل، جئنا معًا للصلاة، ولإرضاء الرب، ولكي نعبِّر عن ديننا الكبير، وشغفنا العظيم بإسرائيل الشعب والأرض والعقيدة، إننا نتوحد اليوم في أوروبا بعد 40 عامًا على الاضطهاد لليهود؛ لكي نعبِّر عن تأييدنا لإسرائيل، إننا نناشدكم بحب أن تحاولوا تحقيق العديد مما تصبون إليه، وأن تدركوا أن يد الله وحدها هي التي ساعدتكم على استعادة الأرض، وجمعتكم من مَنَافِيكم؛ طبقًا للنبوءات التي وردت في النصوص المقدسة.

إن التقارب النصراني اليهودي زاد من أيام هرتزل، ونما وتطور[5] وأثمر على يد بلفور، حيث وعدُه المشؤوم بميلاد إسرائيل.

ولقد ترتَّب على هذا الموقف إعادةُ تفسير التوراة ونصوصها، وبخاصة ما يتصل فيها بمعتقدات النصرانية البروتستانتية، من عودة المسيح، وبناء مملكة الألف العام السعيدة، وما تلا ذلك من عَبْرَنة أو تهويد للبروتستانت.

ولقد قام "وليام بلاكستون" (1841 - 1935م) بنشر كتابه "عيسى قادم" 1878م، وُزِّع منه مليون نسخة، وتُرجم إلى 48 لغة، وكان هذا الكتاب من أخطر أنواع الدعاية للأصولية الصهيونية، خاصة فيما يتعلق بعودة المسيح، وعودة إسرائيل إلى أرض الميعاد، وكتب يقول: إن النبوءة التوراتية هي أكثر إيفاءً من الصهيونية المعاصرة، ثم أسس في شيكاغو سنة 1887 منظمةً أسماها البعثة العبرية نيابة عن إسرائيل، والتي تحولت فيما بعد إلي: الزمالة اليَسُوعية الأمريكية، ومازالت تباشر نشاطها الصهيوني المسيحي إلى اليوم، وهو الذي نادى بفكرة: "أرض بلا شعب يجب أن تعطى لشعب بلا أرض"، وهو الذي بعث إلى هرتزل نسخةً من التوراة، ووضع خطوطًا تحت النصوص التي تشير إلى استعادة اليهود لأرض فلسطين، والنصوص الأخرى التي تشير إلى عودة المسيح ثانية.

والاتجاهات الأصولية داخل الكنيسة الأمريكية، قد تبلورت بعد حرب 1967م، وقد أثَّر الموقف الأصولي للكنائس الأمريكية على الرئيس الأمريكي "ريجان"، فتحدث بنصوص التوراة، وعن نبوءة العودة التاريخية لإسرائيل، كما تحدَّث الرئيس الأمريكي "كارتر" في مارس 1979م: أن إسرائيل وأمريكا يتقاسمان تراثًا واحدًا، وهو نبوءات التوراة بعودة المسيح وإسرائيل.

ووجد الأصوليون النصارى في هزيمة العرب 1967م تحقيقًا لنبوءات التوراة؛ لأن القدس عندهم هي المدينة التي سيحكم عيسى - عليه السلام - العالمَ منها[6].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

بين الأصولية والتطرف Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الأصولية والتطرف   بين الأصولية والتطرف Emptyالأربعاء فبراير 05, 2014 9:34 am

المصطلح في لغتنا العربية:
اتضح لنا مما سبق أن هذا المصطلح، ظهر في الغرب، وحمل معه تجربة الغرب من كاثوليك وبروتستانت، ولقد نُقل لفظ الأصولية إلى عالمنا العربي، وهو محمَّل بهذه المعاني التي أشرنا إليها سابقًا، ويتضمن الخصائص والصفات التي عرفت بأنها لوازم تاريخية لهذا المصطلح في الغرب، ولا يذكر المصطلح إلا مقرونًا بها، ومعروفًا بها: "جمود، جنوح إلى الماضي، مناهضة التطور، عدم التكيُّف مع الواقع المعاصر، العلاقة التناقضية القائمة بين الدين والتطور، بين التراث والحداثة، العنف"، كلُّ هذه الصفات صاحبت المصطلحَ ولازمتْه تاريخيًّا، وبالتالي صاحبتْه حين نقل إلى اللغة العربية، حيث تُرجم المصطلح وهو يعني كل هذه الصفات، وأصبح كلُّ مَن يُسمى أصوليًّا يرمز به إلى كل هذه المعاني.

وأخذ البعض في كتاباته العربية يُطلق هذا المصطلحَ على كل ملتزم بالأصول الإسلامية والسنن النبوية، فصار كلُّ مَن يرتاد المسجد، ومَن يُطلِق لحيته، ومَن ترتدي الحجابَ - رموزًا حية للأصولية في زعم هؤلاء، ولم يحاول أصحاب الشأن أن يوضحوا للشباب الفرقَ بين معنى المصطلح في موطنه الذي ولد فيه، وبينه في لغتنا العربية وفي بيئتنا الإسلامية، وماذا يعني لفظ أصولي وأصولية في لغة العرب، وهل يلزم بالضرورة أن يُستعمل هذا المصطلح في لغتنا العربية وهو محمَّل بهذه المعاني، وتلك الظلال الكئيبة التي صاحبته في الغرب؟!

إن الأمر يحتاج منا أن نتوقف قليلاً أمام هذا المصطلح الغريب في دلالته ومضمونه، حيث صار مستعمَلاً على ألسنة بعض الناس بما يشبه أسماء الأضداد؛ لأنه أصبح صفةَ ذمٍّ، وعاملاً من عوامل التنفير والترهيب، والمفروض أنه في لغتنا العربية، وفي بيئتنا الإسلامية يُتَمَدَّح به، وأن يكون من عوامل الترغيب والتقريب، وليس الترهيب والتنفير؛ لأن كلمة أصولي وأصولية في لغتنا العربية، ليست محملة بهذه المعاني التي صاحبتْها في ثقافة الغرب وتجربته، هذا من جانب، ومن جانب آخر: أن الكلمة لم تأخذ بعدُ طابعَ المصطلح الرمزي في ثقافتنا المعاصرة إلى الآن؛ لأنها ما زالت في دور التحديد للمعنى المقصود، والضبط في الاستعمال؛ فهي ليست شائعة في الاستعمال كمصطلح المعتزلة أو الأشاعرة، بحيث إذا أُطلق اللفظ انصرف تلقائيًّا إلى جماعة معروفين بقواعد مذهبهم، وأصولهم، وبأسمائهم أحيانًا.

وهل إذا استُعملت هذه الكلمة في لغتنا العربية، يكون المراد بها ضرورةً تلك المعانيَ التي صاحبتها في تجربة الغرب؟ فتكون مرادفة لكلمة تطرف، أو تنطع، أو تشدد، أو جمود، فتصبح بمثابة الرمز والاصطلاح، بصرف النظر عن أصلها الاشتقاقي في اللغة، فيكون شأنها في ذلك شأنَ جميع الاصطلاحات الرمزية، التي قد تكون علاقتها مبتورة تمامًا بأصلها الاشتقاقي وجذرها اللغوي، أو لا بد أن تراعى العلاقة الضرورية بين أصل الكلمة، واستعمالها في الحياة وعلى ألسنة المتخاطبين بها؟

إن مصطلح أصولي بالمعنى المعجمي يعني العودة إلى الأصول الأولى للإسلام، وهي الكتاب والسنة وما اتفق عليه سلف الأمة، سواء تعلَّق ذلك بأصول الدين ومسائل الاعتقاد، أم تعلق بالأحكام الشرعية ومسائل الفروع، إنه يعني العودة إلى هذه الأصول فكرًا، وثقافة، واعتقادًا، وسلوكًا، في التشريعات ونظم الحكم، في سياسة المال وإدارة المجتمع، في تربية الفرد وإقامة الدولة، إنها تعني الإسلام بشموله وعمومه، بأصوله وفروعه، وهي بهذا المفهوم مطلبٌ شرعي، وواجب اعتقادي، فإذا قيل: فلان الأصولي، أو من رجال الأصول، أو من الأصوليين - فإنها تعني المدح بأنه من رجال الأصول، سواء كانت أصول الدين أم أصول الفقه، وغالبًا ما تستعمل في حق علماء أصول الفقه المعروفين، كما تطلق على كل مَن تخصَّص من المعاصرين في هذا الفن، وليس في هذه النسبة ما يُذم به، ولا ما يعاب؛ بل هي - كما قلت - من صفات المدح التي يوصف بها علماء الأصول الحاذقين في هذا التخصص، لكنها للأسف الشديد نُقلت إلى اللغة العربية، لتُسْتعملَ في مجال الذمِّ والتنفير - نظرًا لما تحمله من معانٍ لازَمَتْها في الغرب، يرفضها الإسلام جملة وتفصيلاً - في الاستعمال المعاصر؛ ليُراد بها أصحاب تلك الآراء المتشددة والمتطرفة؛ لكنَّ إطلاقَها على هؤلاء - بهذا المعنى - فيه لبس وتدليس على السامع والقارئ معًا؛ بل على المسلمين بصفة عامة، وربما أوحت - من خلال استعمالها بهذا المعنى - التنفير من التمسك بالأصول، فيزل الأمر بهؤلاء إلى الانسلاخ من الإسلام كليةً، وربما كان هذا هدفًا مقصودًا لبعض الفئات التي زجَّت بهذا المصطلح في ساحة الحوار الثقافي بين الجماعات الإسلامية وخصومها.

إن الأمر خطير، ويحتاج إلى مراجعة في ضرورة ضبط استعمال المصطلح، وأرى أن تحديده بالآراء المتطرفة مهم جدًّا لأمرين:
1- الأول: أن مِن بين الجماعات الإسلامية الموجودة في ساحة الحوار - مَن هو ملتزم بالكتاب والسنة نصًّا وروحًا، ويرفض الغلو بكل مظاهره، ويعتبر الغلو والتطرف حربًا ضد الإسلام، ويعبِّر عن سلوكه ومواقفه عن الإسلام في كل جوانبه، وهؤلاء لا ينبغي أن يُطلق عليهم أصوليون بالمعنى الاصطلاحي المعاصر، المنقول إلينا من الغرب، وإن كانوا في حقيقة الأمر أصوليين بالمعنى اللغوي والعرفي معًا، وإلا فإن المسلمين كلهم أصوليون بهذا المعنى.

2- الأمر الثاني: أن الكلمة تستعمل للذم على ألسنة المعاصرين، كما نقلت إلينا، بينما هي في لغتنا العربية تستعمل للمدح والثناء، والذي يحمل وزرَ هذا التدليسِ هو الإعلامُ العربي، وما قام به من إطلاق لهذا المصطلح على كل مَن يلتزم بالإسلام فكرًا، وثقافة، وعقيدة، وسلوكًا، دون تمييز بين التطرف، الذي هو جوهر المشكلة القائمة، والالتزام، الذي هو عنوان المسلم والأصولي معًا، وعدم الدقة في الاستعمال لهذا المصطلح أدى إلى خلط كبير في ذهن الناس.

التطرف معناه ومعياره:
مصطلح التطرف معناه: مجاوزة الوسط في كل شيء؛ في الاعتقاد، والسلوك، والآراء، ومجاوزة الوسط قد يكون بالإفراط والغلو؛ فيولد التطرف، وقد يكون بالتفريط والإهمال؛ فيولد الانحلال والتسيب، وكِلاَ الطرفين مذمومٌ شرعًا وعقلاً، وهذا التحديد البسيط ذو نسب قوي بالمدلول اللغوي لكلمة التطرف في أصلها الاشتقاقي، وبالجذر اللغوي "ط ر ف"[7]؛ ففي "لسان العرب": "طرف كل شيء منتهاه، ومعناه الوقوف في الطرف، وهو يقابل التوسط والاعتدال؛ قال الشاعر:
كَانَتْ هِيَ الوَسَطَ المَحْمِيَّ فَاكْتَنَفَتْ        بِهَا الحَوَادِثُ  حَتَّى  أَصْبَحَتْ  طَرَفَا
وأصل استعمال الكلمة في الحسيات؛ كالتطرف بالجلوس أو الوقوف، أو السير في الطرف، ثم انتقل إلى المعنويات؛ كالتطرف في الدين، أو الفكر، أو السلوك والآراء.

وعندما نتأمل الدلالة اللغوية لكلمة "تطرف"، نجدها شاملة لكل مَن يتجاوز التوسط، إما بالإفراط والغلو، أو بالتفريط والإهمال كما سبق، والذي نلفت النظر إليه في هذه القضية، أن الذي شغل به المفكرون أنفسَهم - كما شغل به الإعلاميون أجهزةَ الحكم في بلادهم - هو نوع واحد فقط من أنواع التطرف، وهو الخاص بمجاوزة الحد إلى الإفراط والغلو، أما الطرف الثاني، وهو التفريط والإهمال، فلم يُشغل به باحثٌ أو سياسي أو جهاز حكومي في دولة ما؛ فقد تغافل عنه الجميع؛ ربما لأنه لا يثير حساسية في المجتمع، أو لا يشكل خطرًا على أجهزة الدولة المعنية، ولا يعبِّر في مضمونه عن قلق سياسي، أو ثقافي، أو حضاري بالنسبة للمراقبين الغربيين لما يجري في المنطقة، وهذا الفهم القاصر والمغلوط لمعنى التطرف، لا يعبر عن حقيقة المشكلة التي نحن بصددها؛ ذلك أنه إذا كانت فضيلة هذه الأمة أنها وسط في كل شيء، في العقيدة والشريعة، وكان الغلو في تنفيذ الأوامر تطرفًا بالإيجاب، فإن التفريط والإهمال والتسيب والتحلل المطلق يعني تطرفًا بالسلب، يجب أن تهتم به المؤسسات المعنية بالمشكلة بنفس القدر؛ بل أكثر، وعلينا أن نقارن هنا بين موقفين: أحدهما: شاب يطلق لحيته، ويرتاد المسجد، وفتاة سترت نفسها، وغطت رأسها، والثاني: شاب سِكِّير وعربيد، وفتاة أخرى عارية، ترتدي ثيابها فوق الركبة، وترتدي الشيبونيز، واضعة السيجارة في فمها، مجاهرة بالفطر في رمضان.

ستجد المجتمع المعاصر يحكم على أصحاب الموقف الأول بالرجعية والتزمت، وربما التطرف والأصولية؛ بينما يحكم على أصحاب الموقف الثاني بالمعاصرة والمودرنيزم، ويقول: إنها حرية شخصية؛ مع أن كلمة التطرف في وضعها اللغوي وفي العرف العام، لا تطلق إلا على أصحاب الموقف الثاني.

وهذه المغالطة في استعمال المصطلحات، والتفسير بعدم الدقة في بيان معناها - يقودنا إلى طرح السؤال التالي:
ما هو معيار التطرف؟
وبعبارة أخرى: ما هو الوسط الذي إذا تجاوزه الفرد كان متطرفًا؟ هل نأخذ هذا المعيار من عرف الجماعة وسلوكها، فتكون الأعراف الاجتماعية هي المعيارَ، وهي الوسط، حتى ولو كانت هذه الأعراف فاسدة، تتعارض مع مبادئ الإسلام وأصوله؟ أو يكون المعيار هو القانونَ الذي تأخذ به الدولة، وينهض لحراسته والذبِّ عنه نظامُ الحكم في المجتمع، ولو كان هذا القانون يُحِلُّ حرامًا، ويحرم حلالاً؟

لعل طرح هذه الأسئلة يقرِّبنا من الهدف الذي نريده، إننا هنا بصدد حكم شرعي ديني (تطرف - غلو)، ومعياره الذي يقاس عليه لا بُد أن يكون شرعيًّا ودينيًّا كذلك؛ فلا تصلح أعراف الجماعة ولا قوانينها، أن تكون معيارًا صادقًا للحكم الشرعي، إلا بالقدر الذي يتطابق فيه سلوكُ الجماعة وقانونُها مع الشرع ومصادره، أما إذا حدث انفصام بين مبادئ الشرع وأصوله، وعرف الجماعة وقانونها، فعندئذ لا ينبغي أن نجعل العرفَ الاجتماعي، أو القانون الوضعي معيارًا للحكم الشرعي على سلوك الفرد أو الجماعة بأنه تطرف، سواء كان ذلك في القول، أو الاعتقاد، أو السلوك، ومن المعلوم أن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوُّره - كما يقول فلاسفة المنطق - والحكم بمصداقية المعيار هنا مصدرُه الشرعُ، وليس غيره؛ فإن أطلاق لفظ التطرف على ألسنة الإعلاميين في مختلف مؤسساتهم، بدون ضابط له - قد أحدث لبسًا وخلطًا هائلاً في الاستعمال والإطلاق معًا؛ فقد رأينا مَن يطلق على ارتداء الحجاب، وإطلاق اللحية، وتحريم الربا والخمر، والامتناع عنها - بأنها كلها مظاهر تطرف، ولم يفرِّقوا في ذلك بين ما نصَّت عليه الشريعة في حكمها القطعي بأنه سنة أو واجب، وبين ما وصل إليه المرء باجتهاده الشخصي؛ بل إن بعض الصحف اتهمَت المسلمين جميعًا بالتطرف؛ لأنهم يؤذِّنون في اليوم خمس مرات، ويذهبون إلى المساجد خمس مرات في اليوم[8]، والأمر في ذلك يحتاج إلى تمحيص المصطلحات، وتحري الدقة في استعمالها وإطلاقها معًا، لا بُد أن نفرق في إطلاق المصطلح بين مَن يلتزم في سلوكه بأوامر الشرع ونواهيه، ومن يترك الاعتدال والتوسط في ذلك، بالتنطع والغلو والتشدد في السلوك، أو الاعتقاد، أو الآراء، مجانبًا لما كانت عليه سنّة الرسول – صلى الله عليه وسلم - وحياته؛ فإن الأول محمود طلَبَه الشرعُ، والثاني مذموم نهى عنه الشرع؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين مِن بعدي))، وقال بنفس الدرجة من الصحة: ((هلك المتنطعون))[9]، وقال: ((إياكم والغلوَّ في الدين؛ فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلوُّ في الدين))[10]، وقال: ((لا تشدِّدوا على أنفسكم، فيشدد الله عليكم))[11]، ((وإن هذا الدين يسر؛ فأوغلوا فيه برفق، ولن يشاد الدينَ أحدٌ إلا غلبه، فسدِّدوا وقاربوا))[12]... إلخ، والنصوص في ذلك كثيرة، لا يتسع لذِكرها هذا المقامُ.

والمصطلح الشرعي المقابل لكلمة التطرف هو: الغلو - التنطع - التشدد، وهي كلها كلمات مذمومة، ومذموم مَن تطبق عليه في سلوكه، أو اعتقاده، أو رأيه؛ وذلك لما يلازمها مِن التنفير والترهيب، وهما ضد روح الشرع ومقاصده.

أردت بهذه المقدمة التمهيدية أن نتبيَّن وجه الصواب والخطأ في استعمال هذه المصطلحات؛ حتى يكون كلامُنا محددًا ونصًّا في المطلوب، خاصة في الكشف عن المنطلقات الفكرية للأصولية المتطرفة، ونريد أن نكون أكثر تحديدًا في السير نحو الهدف المطلوب، فنحن لن نتكلم هنا عن الأصولية العامة، وإنما سنحدد أنفسنا في الحديث عن الأصولية المتطرفة فقط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

بين الأصولية والتطرف Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الأصولية والتطرف   بين الأصولية والتطرف Emptyالأربعاء فبراير 05, 2014 9:35 am

ذلك أن الأصولية العامة ظاهرة صحية، عرَفَها تاريخُنا الإسلامي في عصور مختلفة من مراحل ضعفه وخوره، فكانت تنقله من حالة الضعف إلى حالة القوة، ومن حالة الخور والسكون إلى الحركة والانطلاقة، وتُجدِّد للإسلام شبابَه، وتشد من عزيمته، فعندما انغمس بنو أمية في طيب العيش، وملذات الحياة، وصرفهم ذلك عن أمر الرعيّة - ظهرتْ أصولية أبو حنيفة، ومالك، وسيرة عمر بن عبدالعزيز، وعندما طغتْ مظاهر الحضارة اليونانية على معالم الإسلام وأصوله في العهد العباسي - ظهرتْ أصولية ابن حنبل ومدرسته، وعندما انهارت الدولة العباسية، وسيطر الترك والمغول بثقافتهم المختلفة - ظهرت أصولية ابن تيمية والنووي وابن القيم، وفي العصر الحديث لما ضعفت الخلافة العثمانية، وسيطر الغرب بحضارته المادية على الشرق الإسلامي - ظهرت أصولية ابن عبدالوهاب في السعودية، والسنوسية في ليبيا سنة 1800، والمهدية في السودان 1879، ومحمد عبده (ت 1905)، ورشيد رضا (ت 1935م)؛ فالسلفية المعاصرة ليست بِدْعًا عن التاريخ الإسلامي؛ إنما هي امتداد طبيعي لأصوليات تاريخية سابقة.

وقارئ التاريخ الإسلامي قد يجد علاقة قوية بين فترات الضعف التي تصاب بها الأُمة، وهذه الصحوات المتكررة على امتداد التاريخ؛ ولكن السؤال المطروح الآن: ما معيار الحكم على هذه الصحوات؟ هل تُعَدُّ تطرفًا وشذوذًا أو تعد صحواتٍ ضروريةً؛ لتستعيد الأمة مسيرتها، وتتبوأ مكانتها الحضارية؟

إن معيار الحكم على هذه الصحوات، هو الذي يُحَدِّد مفهوم المصطلح ومصداقيته؛ ففي عصر النبوة بدتْ دعوةُ الإسلام نفسها شذوذًا وتطرفًا في أعين قريش كفار مكة، وفسَّرها بعضهم بأنها مَسٌّ من الجنون، أو مطلب سياسي يُقصد به زعامة القبيلة، أو مطلب اقتصادي يقصد به جمع المال والثروة، وراود كفار مكة محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بهذه المطالب، وهذه الدعاوى كلُّها كان سببُها أن دعوة الإسلام جاءت مخالفةً لأعراف قريش، وخلاف عاداتها، وكان هذا المسلك نفسه هو ما سبق أن واجه الأنبياءَ والمصلحين في كل عصر؛ لأن كلاًّ منهم قد بدا في أعين مجتمعِه غريبًا فيما يدعو إليه؛ غريبًا في سلوكه، غريبًا في أقواله وآرائه، فكانوا جميعًا في أعين المجتمع تجسيدًا لكل معاني التطرف، والسؤال المطروح هنا: مَن الذي يستحق أن يُسمَّى متطرفًا في مثل هذه الظروف؟ هل مَن خالف العرفَ والعادة والرأي والمذهب، يُعَدُّ متطرفًا؟ أو الذي خالف أوامر الشرع ونواهيه، وناقضَ في سلوكه أقوالَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -وأفعاله، هو الجدير بأن يسمى متطرفًا؟

إن تحرير معنى المصطلح مهم جدًّا؛ حتى لا تضيع حقائق الأمور وسط هذا الضجيج الإعلامي، الذي صاحَبَ هذه القضيةَ الخطيرة في عصرنا، خاصة إذا كان من طبائع العصر المتسرع في إصدار الأحكام، والمجاملة بالاتهامات، بدلاً من التحري والدقة، وضبط المسائل بشكل علمي.

بين الأصولية والتطرف:
يتضح لنا مما سبق مِن توضيحِ معنى الأصولية الإسلامية والتطرف، أن بينهما نوعًا من التضاد، فلا يجتمعان أبدًا؛ ذلك أن الأصولية بمفهومها الإسلامي الصحيح ترفض التطرف، وتنطلق في ذلك من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله، ومن النهي الصريح في القرآن الكريم عن الغلو، وتحذير الرسول – صلى الله عليه وسلم - منه في أكثر من حديث: ((إياكم والغلوَّ في الدين))، ((هلك المتنطعون))، ((يسِّروا ولا تعسروا، بشِّروا ولا تنفروا))، كما أن التطرف في مضمونه خروج عن الوسطية، التي هي خاصية الأصولية الإسلامية؛ ولذلك فإن الجمع بينهما من - وجهة نظرنا - أمرٌ غير مستقيم؛ إن المرء إما أن يكون أصوليًّا ملتزمًا، وإما أن يكون متطرفًا، ولا واسطة بينهما، والخلط والخطأ إنما يقعان في تصوُّر الناس، وفي أحكامهم غير المنصفة ولا الدقيقة.

والأصولية بمفهومها الصحيح ليست جديدة على تاريخ أمتنا - كما سبق أن أشرنا إلى ذلك - ولكن الجديد في عصرنا هو ذلك الربط غير الشرعي بين مفهوم الأصولية والتطرف في نظر البعض، والربط بينها وبين المفهوم الغربي وتجرِبته عند البعض الآخر؛ فهي عند بعض الناس تعني التطرف والغلو، ولم يفرقوا في ذلك بين معنى الالتزام والتطرف، وعند البعض الآخر تعني رفض التطور، وعدم التكيف مع الواقع، والتقوقع في الماضي، والتعبد بالتراث... إلخ، هذه المعاني التي صاحبَت المصطلحَ في تجرِبته الغربية، وفي حقيقة الأمر فإن الأصولية الإسلامية بريئة من هذا وذاك؛ بريئة من التطرف والغلو، كما هي بريئة من اتِّهامها برفض التطور، ومحاربة التنوير، وعدم التكيف مع الواقع، والتعبد بالتراث... إلخ، والقضية - في نظرنا - ترجع إلى تصميم بعض الجهات المستفيدة من إثارة هذا الغبار الفكري في المنطقة؛ لتظل ملتهبة مشغولة بنفسها عن الاشتغال بعظائم الأمور، مما هو أهم بذلك من قضايا البلاد.

إن بعض أجهزة الإعلام، وبعض المؤسسات الثقافية في العالم - حريصة على أن تظل نار هذه الفتنة مشتعلةً في بلادنا، كلما خبَتْ نارها أوقدوها ثانية؛ لأنهم لا يجدون ذواتهم إلا في مثل هذه الظروف المضطربة، التي تموج فيها الفتن كقطع الليل المظلم، فتجرف أمامها كلَّ شيء، كما أن الجهات الخارجية، التي غَذَّتْ وتُغَذِّي اشتعالَ هذه الفتنة - متربصة بالمنطقة، وهي تمد يدها بفتيل الاشتعال من آن إلى آخر؛ إما في شكل تقرير مكذوب، أو معلومات مزورة، فتلتقطها بعضُ أجهزة الإعلام، وتروج لها، حتى صار الناس في حيرة من أمرهم: أين الحقيقة؟ أين الإسلام، وأين التطرف؟ أين الالتزام، وأين التحلل؟ وما معنى أن نسمي كلَّ مسلم ملتزمٍ متطرفًا؟ وما معنى أن يكون المسلم الملتزم متطرفًا؟ وما معنى أن يكون المسلم الملتزم داعيةً إلى التأخر، رافضًا للتقدم، ومحاربًا لكل جديد، عقبة في طريق التنوير، كما يُرَوِّج لذلك بعض المتربصين بالإسلام والمسلمين؟

إن محاولةَ البعضِ إقحامَ الأصولية الإسلامية في دائرة التطرف، أو إلباسها ثوب المفهوم الغربي للكلمة - على جانب كبير من الخطورة؛ بل هو ثمرة يسعى كثيرٌ من المتربصين بنا إلى قطفها، وهو - لا قدر الله - إن نجح في ذلك، فقد قدَّم خدمة تاريخية للأصولية الصهيونية، التي تسعى جاهدةً إلى تفريغ الإسلام من مضمونه؛ بل تسعى جاهدة إلى اغتيال الحس الإسلامي في قلب المؤمن، إن استطاعت؛ ولذلك فإن واجب الأجيال أن تتعرف على حقائق الأمور، بمحاولة فض الاشتباك بين هذه المصطلحات؛ ليعرفوا الفرق بين ما هو إسلامي صحيح، وما هو غلو وتطرف، وما هو أصولي بالمفهوم الغربي الوافد، وبين ما هو أصيل، وما هو وليد الأزمة الراهنة من مفاهيم ودلالات ومصطلحات بمعانٍ غريبة، لا تتحملها الألفاظ العربية عند إطلاقها.

لا بُد هنا من ضرورة التفرقة بين الفكر الأصولي، والفكر المتطرف، ومنطلقات الأول، ومنطلقات الثاني:
1- فإذا كانت الأصولية تعني الإسلامَ الحي المتحرك، فإن التطرف يعني التقوُّل على الإسلام، والتطاول عليه، والقول على الله ما ليس به علم.

2- ومنطلق الأصولية هو النص قرآنًا وسنة، أما منطلق التطرف فهو أقوال البشر، من رؤساء الفِرق، وآراء علمائها.

3- الأصولية تعني الالتزام بالوسطية، وبالحكم الشرعي أمرًا ونهيًا، والتطرف يعني الخروج عن حد الوسطية والاعتدال، إلى الغلو، والتنطع، والتشدد.

4- الأصولية محمودة، مطلوبة شرعًا، والتطرف مذموم، منهي عنه شرعًا.

5- الأصولية تمثل سماحة الإسلام في الدعوة إليه، أما التطرف، فمِن سماته العنفُ والغلظة.

6- الأصولية التزام بما ألزم الشرع أمرًا ونهيًا، والتطرف إلزام بما لا يلزم شرعًا.

7- الأصولية تعني حياة الإسلام واقعًا، والتطرف آفة الدين وعلة التدين معًا؛ لأنه يجعل ما ليس شرعيًّا أمرًا شرعيًّا؛ ولذلك فإن المنطلقات الفكرية للتطرف، تختلف في أصولها ومبادئها عن منطلقات الأصولية، وهذا أمر على درجة كبيرة من الأهمية؛ أن يتبين الناس الفروق بين مصطلح التطرف والأصولية من جانب، والفرق بين منطلقات كلٍّ منهما من جانب آخر.

خطر التطرف على الدين:
ولقد حذَّر أئمة السلف من الغلو في الدين، والتنطع في الأحكام، وبيَّنوا أن الغلو هو آفة التدين، وحذروا من الآفات الثلاث في كل عصر:
1- تحريف الغالين.
2- وانتحال المبطلين.
3- وتأويل الجاهلين.

فتحريف الغالين كان سببًا في هلاك الأمم السابقة، ممن غلوا في العقيدة أو العبادة على حد سواء، فحرَّموا على أنفسهم ما أحلَّ الله، وحرموا طيباتٍ أُحلَّت لهم، وخرجوا بغلُوِّهم عن الوسطية والاعتدال، التي هي سمة الإسلام؛ قال - تعالى - في وصف أهل الكتاب: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ} [المائدة: 77]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والغلوَّ في الدين؛ فإنما هلك مَن كان قبلكم بالغلو في الدين))[13]، وقال: ((هلك المتنطعون)) قالها ثلاثًا[14].

وتواصَى الأئمةُ فيما بينهم بالتحذير من هذه الآفات الثلاث؛ لأنها تشوِّه حقيقة الإسلام، وتلزم المسلمين بما لا يَلزم شرعًا، وهذه الآفات الثلاث ترجع في معظمها إلى أصول الفرق التي حذَّر منها العلماء؛ كالخوارج، والمرجئة، والرافضة، وليس لها فيما صح من نصوص الكتاب والسنة نصيبٌ.

وللإمام ابن القيم إشارة مهمة إلى كيفية الأخذ والفهم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: ينبغي أن يُفهم عن الرسول – صلى الله عليه وسلم - مرادُه من غير غلو ولا تقصير، فلا يُحمَّل كلامُه ما لا يَحتمل، ولا يُقصَر به عن مراده وما قَصَده من الهدى والبيان، وقد حصل بإهمال ذلك، والعدول عنه من الضلال عن الصواب - ما لا يعلمه إلا اللهُ؛ بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصلُ كل بدعة وضلالة نشأتْ في الإسلام؛ بل هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع، فيا محنةَ الدين وأهله! حتى صار الدين بأيدي كثير من الناس هو موجب هذه الأفهام، والذي فهمه الصحابة ومَن تَبِعهم عن الله ورسوله فمهجورٌ، لا يُلتفت إليه، ولا يَرفع هؤلاء به رأسًا[15].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

بين الأصولية والتطرف Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الأصولية والتطرف   بين الأصولية والتطرف Emptyالأربعاء فبراير 05, 2014 9:36 am

ولعل من أبرز سمات التطرف التي تميزه عن الأصولية الإسلامية، وينفرد بها:
1- أنهم في معظم الأحيان يجهلون العلم بمراتب الأحكام، فيضعون المندوب في مقام الواجب أو السنة، ويخلطون بين المكروه والحرام، ويترتَّب على ذلك قلبُ الأحكام الفقهية، فيهتمون بالمندوب والسنّة على حساب الفرائض والواجبات، ويتشددون في المكروه على حساب المحرَّمات؛ ومثال ذلك: تركهم الصلاة مع مَن لا يجهر بالتأمين خلف الإمام، وقولهم بهجر مَن يفعل ذلك ومقاطعته.

2- الاستبداد بالرأي، والتعصب، والتحامق مع المخالف، وقد يكون ذلك في معظم الأحيان عن جهل وقلة علم، وإعجاب كلٍّ منهم برأيه، واحتقار الآخرين، وهذه كلها مواقفُ تتنافر مع روح الإسلام ونصوصه.

3- أنهم يقرنون بين الخطأ والإثم، دون تفرقة بين مَن يخطئ عن جهل، ومن يخطئ عن قصد، ولا بين المجتهد المخطئ، والمتعمد في خطئه.

4- عدم الاعتراف بالآخر، وسوء الظن بالآخرين، واتهامهم في عقيدتهم، والطعن في آرائهم.

5- الطعن في العلماء، والتشويش عليهم، واتهامهم في كثير من الأحيان.

6- الميل والجنوح إلى التشدد، والتعسير على الناس، وإلزامهم بما لا يلزم.

7- التكفير للحاكم والمجتمع بدون ضوابط، ومن المعلوم أن الحكم بالتكفير له ضوابطه وأصوله، التي مَن تَخَطَّاها في الحكم على الآخرين فقد باء بإثمها، والعجيب أن أصحاب هذه المقالة يحاولون الانتساب بها إلى الأصولية الإسلامية، وهي منها براء، ولعل الإمام ابن تيمية كان من أكثر الأئمة بُعدًا عن الحكم بتكفير المسلم، أو المجتمع، أو الحاكم، برغم ما يشاع عنه زورًا وبهتانًا في القول بذلك، ولم يُعرف لهذه المقالة من أصول، إلا في فكر الخوارج، الذين يقولون بكفر مرتكب الكبيرة.

وسوف أضع بين يدي القارئ نصوصَ ابن تيمية التي توضح موقفه مما يُنسب إليه من القول بتكفير المسلم، أو الحاكم، أو العالم المخطئ:
1- يقول ابن تيمية: "إن علماء المسلمين المتكلمين في الدنيا باجتهادهم، لا يجوز تكفير أحدهم بمجرد خطأٍ أخطأه في كلامه؛ فإن تسليط الجهال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات، وإنما أصل هذا من الخوارج والروافض، الذين يكفرون أئمة المسلمين؛ لما يعتقدون أنهم أخطؤوا فيه من الدين".

2- "وقد اتَّفق أهل السنة والجماعة على أن علماء المسلمين لا يجوز تكفيرهم بمجرد الخطأ المحض؛ بل كل أحد يُؤخذ مِن قوله ويُترك، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس كل مَن يُترك بعضُ كلامه لخطأٍ أخطأه، يَكفر ولا يَفسق؛ بل ولا يَأثم، ومِن المعلوم أن المنع من تكفير علماء المسلمين؛ بل دفع التكفير عن علماء المسلمين وإن أخطؤوا - هو من أحق الأغراض الشرعية... فكيف يُكفَّر علماء المسلمين في مسائل الظنون؟ أم كيف يكفر علماء المسلمين، أو جمهور سلف الأئمة، وأعيان العلماء بغير حجة أصلاً؟"[16].

3- ويقول ابن تيمية: "من أصول أهل السنة والجماعة: أنهم يصلُّون الجُمَع والأعياد والجماعات، لا يَدَعون الجمعة والجماعة، كما فعل أهل البدع من الرافضة وغيرهم، فإن كان الإمام مستورَ الحال، صلَّى خلفه الجمعة والجماعة باتفاق الأئمة".

4- "ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله، ولا بخطأ أخطأ فيه؛ كالمسائل التي تنازع فيها أهلُ القِبلة... والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، محرَّمةٌ من بعضهم على بعض، لا تَحلُّ إلا بإذن الله... قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا - فهو المسلم، له ذمة الله ورسوله))"[17].

5- "السلف قاتَلَ بعضهم بعضًا في الجَمَل وصِفِّين... ومع القتال كان يوالي بعضهم بعضًا موالاة الدين، ويتوارثون ويتنكاحون، ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض، مع ما كان بينهم من قتال"[18].

6- "إنني من أعظم الناس نهيًا عن أن يُنسبَ معيَّن إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلاَّ إذا عُلم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية، التي مَن خالَفَها كان كافرًا تارة، وفاسقًا أخرى، وعاصيًا أخرى، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعمُّ الخطأَ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية، وما زال السلف يتنازعون في كثير من المسائل، ولم يشهد أحد على أحد لا بكفر، ولا بفسق، ولا معصية، وليس لأحد أن يكفر أحدًا من المسلمين وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتبيَّن له المحجة، ومن ثبت إسلامُه بيقين، لم يَزُل ذلك عنه بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة"[19].

7- "ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفورٌ للأمة، وإن كان ذلك في المسائل العلمية، ولولا ذلك لهلك أكثرُ فضلاء الأمة، وإذا كان الله يغفر لمن جهل تحريم الخمر؛ لكونه نشأ بأرض جهل، مع كونه لم يطلب العلم، فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه، إذا كان مقصودُه متابعةَ الرسول بحسب إمكانه - هو أحق بأن يتقبل الله حسناتِه، ويثيبه على اجتهاده، ولا يؤاخذه بما أخطأ؛ تحقيقًا لقوله: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، وأهل السنة جزموا بالنجاة لكل مَن اتقى الله - تعالى - كما نطق به القرآن".

هذه نصوص ابن تيمية يوضح بها موقف سلف الأمة في أخطر القضايا المثارة الآن، والتي كانت سببًا في تمزيق شمل الأمة: قضية تكفير المسلم، قضية تكفير الأمة والمجتمع، قضية الخروج على الإمام والحاكم، يتضح خلالها أن ذلك ليس مذهبًا للسلف، ولا رأيًا لابن تيمية، ومَن يفتري ذلك عليه عامدًا وقاصدًا، فكلهم مخطئ في دعواه، إن كان الرأي ينسب إليه، ويعرف من نصوص السلف إن كان الرأي ينسب لهم، بدلاً من التقوُّل عليهم أو القول بغير علم؛ لأن ذلك خطر عظيم، خاصة فيما يتعلق بعقائد المسلمين، وفي أيام الفتن التي يختلط فيها الحق بالباطل، والصواب بالخطأ، والله أعلم. 




[1]   انظر: "الأصوليات المعاصرة"، رجاء جارودي، ط: دار 2000 باريس، ص 13. 
[2]   انظر: "الأصولية في العالم العربي"، ريتشارد هرير، ترجمة عبدالوارث سعيد، دار الرقاء، ص 34. 
[3]   راجع: "الأصوليات المعاصرة"، مرجع سابق، ص 13. 
[4]   انظر: commentary (march 1981) p. 25 
[5]   انظر: السعد الجيني "في السياسة الأمريكية" ص 14.
[6]   راجع: "البعد الديني في السياسة الأمريكية، دراسة في الحركة النصرانية الأصولية"، د. يوسف الحسن، ط: مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت، 1990م ص 79. 
[7]   راجع: "لسان العرب"، مادة: طرف 90/217. 
[8]   راجع في هذه المعلومة: "التطرف الديني الرأي الآخر"، د. صلاح الصاوي، ط: الآفاق الدولية للإعلام، ص 16. 
[9]   رواه مسلم: 2055، أبو داود 4/ 281، ابن حنبل 1/ 386. 
[10]   رواه ابن حنبل 1/ 215، ابن ماجه 2/ 1008. 
[11]   رواه أبو داود 4/ 381. 
[12]   البخاري 1/ 94. 
[13]   رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وفي "الجامع الصغير"، ص 268، راجع: "مدخل لدراسة السنة"، مرجع سابق. 
[14]   رواه مسلم في كتاب العلم، رقم 2670، "مدخل لدراسة السنة". 
[15]   " الروح "، لابن القيم. 
[16]   "الفتاوى" 35/ 100 - 104، مسألة حكم المرتد.
[17]   راجع: "الفتاوى" 3/ 287 - 285. 
[18]   نفسه 3/ 285. 
[19]   "الفتاوى" 12/ 466. 

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/10331/4030/#ixzz2sQXGc88F
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بين الأصولية والتطرف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأصولية Fundamentalism Fondamentalisme
» الأصولية في العالم العربي
» دور الأصولية الدينية في احتمال تفكك النظام الدولي
» معارك في سبيل الإله: الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام
» البحوث المقترحة في مادة ملتقى حول التطرف والحركات الأصولية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** ماســـــتر (Master) ******* :: السنة الأولى ماستار ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: علاقات دولية ودراسات أمنية-
انتقل الى:  
1