منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Empty
مُساهمةموضوع: الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات   الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات Emptyالخميس نوفمبر 08, 2012 5:26 pm

السنة الأولى مادة تاريخ الفكر السياسي


الأستاذ: حميداني سليم

الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات
ارتبط الفكر السياسي الإسلامي سواء السني أو الشيعي بالفقه ، كما اختلفت التصورات حول نظام الحكم في البلاد الإسلامية ، لذا نشأت اجتهادات متعددة حول نظام الحكم الرشيد :
هل هو الخلافة الراشدة كما في عهد الخلفاء الراشدين ؟ أم هو الملكية الوراثية كما في العهود الأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية؟ أو هو نظام ولاية الفقيه كما في إيران؟ أم أنه نظام لم يتبلور بعد، وإن كان يقوم أساسا على القرآن والسنة؟
المبحث الأول :الحكومة الإسلامية مقاربة في الفكر السياسي السني
المطلب الأول : عرض الاعتقاد السني حول الحكومة
إن معظم التصورات حول الحكومة الإسلامية حملتها الحركات الإسلامية ،التي كانت دعوات للتجديد وهو التجديد الذي غلبت عليه السمة الثورية فابن تيمية (661ﻫ - 728ﻫ) دعا إلى قتال من خالف الشريعة وذلك للمحافظة على التطبيق الكامل والصحيح للإسلام ، كما أنه نفس الفكر الذي حملته حركة محمد بن عبد الوهاب (1703 -1792) في الجزيرة العربية ، والتي عرفت حركته بالوهابية كحركة تسعى إلى إنشاء مجتمع إسلامي خال من البدع ، وتحكمه الشريعة الإسلامية.
ولقد كان رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) يتصور الحكومة الإسلامية فردية استبدادية ،وإن كان هدفها حفظ الشريعة وإقامة العمران ،بحسب مصالح الأمة ووفق رؤية الحاكم وحاجة المحكومين وولاية الحاكم من الله ،ويساعده أهل الرأي،غير أنه هو الذي يرجح رأيا دون آخر ولا رقيب عليه سوى ضميره ،والخروج عليه لا يجوز و إن كان فاسقا أو جاهلا أو ظالما.
على عكس الطهطاوي كان الأفغاني (1838-1898) يرى أن الاستبداد قرين الجهل ،ولا ينتج إلا التخلف وأن نظام الشورى هو أصح أنظمة الحكم وهو المرادف للديمقراطية (الدستورية ) كما في الغرب ، والتي يجب على المسلمين تقليدها .
نادى الأفغاني بفكرة الجامعة الإسلامية ، وذهب محمد عبده (1849-1905) في نفس الاتجاه وجعل الشورى من اختصاص أهل الرأي يستشيرهم الحاكم (فيخلصون له الرأي) وجعل للأقاليم وللشعب نوابهم أهل الحل والعقد ، وعملهم صياغة القوانين في تفصيلاتها،وكان الكواكبي(1849-1902) أشد النقاد هجوما على النظام الاستبدادي ورأى فيه ظاهرة منحطة في تاريخ الأمم وأن الدافع إليه عوامل في النفس وفي تركيب المجتمعات و الدولة ،و البديل عنه نظام أقل استبدادا ،يعتمد على تعيين أهل الحل والعقد كمراقبين لسلطة الحاكم ولمحاسبته، وهؤلاء هم نواب الشعب.
وأما محمد رشيد رضا (1865-1935) فقد كرس حياته لمناصرة الإسلام والمسلمين، ودعا إلى تكوين جمعية إسلامية مركزها مكة يمكن من خلالها جمع كلمة المسلمين للوقوف أمام أعدائهم، لقد جعل محمد رشيد رضا الأمة مصدر السلطات و التشريع، وأن الحكم ينبغي أن يكون ديمقراطيا يتقيد بالشريعة والدستور، وبالقوانين التي يضعها نواب الشعب من المسلمين وغير المسلمين على السواء، ويقول إن أهل السنة متفقون على أن تنصيب الخليفة فرض كفاية، والمطالب به أهل الحل والعقد في الأمة، وهم العلماء والرؤساء ووجوه الناس، الذين يتيسر اجتماعهم ،وعلى النقيض من هذا الرأي أنكر علي عبد الرزاق (1888-1966) في كتابه "الإسلام وأصول الحكم"أي دور للإسلام في تشكيل الحكم أو الحكومة،وقال "إن ما في القرآن والسنة من شرائع يفيد في العبادات ولا دخل له في شؤون الدولة والحكم " ، وأنكر أن تكون قد قامت في عهد النبي-صلى الله عليه وسلم –حكومة أو نظام للحكم أو أن حكومة الخلفاء كانت حكومة بالمعنى الحالي.
أما عبد الرزاق السنهوري (1895-1971) فقد قسم في كتابه "فقه الخلافة وتطورها" نظام الحكم الإسلامي إلى قسمين :
- خلافة صحيحة هي حكومة الخلفاء الراشدين
- خلافة ناقصة هي خلافة بني أمية وبني العباس وهي لا تعتمد على الشورى كحكومة الراشدين.
مذهب السنهوري هو مذهب الماوردي (991-1031) في كثير من أفكاره حول الحكومة الإسلامية ،إلا أن السنهوري رأى تعذر قيامها ، ومن ثم نادى بإنشاء عصبة أمم إسلامية على منوال عصبة الأمم المعروفة ،وكان إنشاء جامعة الدول العربية سنة 1945 تحقيقا جزئيا لرغبة السنهوري ، ثم أنشأت منظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1971 لتظم بقية الدول الإسلامية .
أما أبو الأعلى المودودي (1903 – 1979) فكان توجهه مختلفا ،فلم يرى السعي لإنشاء الدولة الإسلامية قبل إعداد المجتمع المسلم أولا ، وذلك من خلال التمكين للشريعة الإسلامية ، ودعم الفرد المسلم لكي يحيا حياة طبيعية في بيئة إسلامية، ولقد بدأت فكرة المودودي كحركة إصلاحية ثم تطورت إلى حركة راديكالية تنادي بأسلمة المجتمع من خلال ثورة دينية تطيح بكل ما هو غير إسلامي .
ودعا إلى نفس الفكرة سيد قطب (1906 - 1966) فنادى بقيام مجتمعات إسلامية أولا تتوجه غايتها إلى أمور الأسرة والتربية إلى أن يصبح كل فرد في المجتمع بمثابة قرآن يمشي على قدمين – كما عبر عن ذلك سيد قطب - وهنالك فقط يمكن الحديث عن إقامة حكومة إسلامية ، فهو يرى أن المجتمع هو الذي يحدد إطار الحكومة ، وكان دوما يقول : "طبقوا الإسلام أولا ثم اسألوا عن الواقع الذي أنشأه ".
تمثل جماعة الإخوان التي أسسها حسن البنا (1906 – 1949 )رؤية دينية للحكم وعلاقة الحاكم بالمحكومين – برغم نفي زعيمها أن تكون جماعة سياسية حزبية – ، وتراوحت هذه الرؤية بين المسالمة والتوجه الثوري العنيف الذي رأى المجتمعات الإسلامية الحالية مجتمعات جاهلية يرخص الجهاد فيها إلا أن تزول هذه الجاهلية .
ولم يرى حسن الترابي (من مواليد 1930) أي حرج في استخدام المصطلح الغربي في الحكم ، ودعا إلى انفتاح لغوي على الفهم الغربي للحكم لإكسابه معان إسلامية ، ومعايشة الغرب في التفكير ، فتكون هناك ثورة إسلامية ، واشتراكية إسلامية ،وحكومة ديمقراطية إسلامية .
أما التيار السلفي المعاصر فإنه يتوجه وجهتين:
- اتجاه يعتبر كل متغلب (ممارسا للسلطة ) حاكما شرعيا لا يجوز الخروج عليه، وإن كان جاهلا أو فاسق الاعتقاد والسلوك.
- اتجاه يدعو إلى مساعدة التيارات السلفية الخارجة على أنظمة الحكم ، وذلك من أجل إقامة دولة الإسلام ،حيث ينكر عمر عبد الرحمن- أمير الجماعة الإسلامية المصرية- الديمقراطية والليبرالية، أو أي نظام سياسي يجيز للحاكم أن يشرع للمجتمع ، باعتبار أن التشريع حق لله وحده، والشكل الوحيد للدولة الذي يضمن الحاكمية لله هو الخلافة الإسلامية ، وتعدد الأحزاب مرفوض – في اعتقاد الجماعة – لأنه لا يوجد سوى حزب واحد في الدولة الإسلامية هو حزب الله ومن يخالفه فهو من حزب الشيطان الذي ينبغي القضاء عليه.
1- الحكومة الإسلامية عند أبي الأعلى المودودي
قدم المودودي كتابا بعنوان الحكومة الإسلامية يتمحور حول النقاط التالية:
- الحاكمية : التي تعني أن الله تعالى هو الحاكم المطلق لهذا الكون، وهو المشرع الأوحد.
على هذا الأساس فهو يقف موقف الرفض لكل القوانين الوضعية التي تنبثق عن مجهود بشري يعتريه العجز عن إدراك الحقائق ومعرفة المقاصد الإلهية. القومية الإسلامية :التي تقدم رابطة العقيدة، على رابطة الجنس، وبذلك فإن أفكار المودودي حول الحكومة الإسلامية كانت أكثر انسجاما وإقناعا وقابلية للتقبل خاصة لدى عموم المسلمين ، الذين هم بحاجة إلى من يجمع شملهم في إطار أعلى من الانتماء المذهب ، وإحياء الخصومات والفتن الطائفية .
الديمقراطية الإسلامية: وتعني التعبير والتجمع ضمن عقيدة الإسلام وقيمه، بعيدا عن العنف والنزعات الانقلابية. ومن هنا كانت وسائل المودودي في الإصلاح والتغيير سلمية، علنية، هادئة.
يمكن من كتابات المودودي - لمنهج التغيير وإقامة الدولة الإسلامية استخلاص ما يلي :
التغيير التابع: إن التغيير السياسي يكون بعد الانقلاب الاجتماعي؛ فالمسلمون في هذه الحالة الحضارية عاجزون عن الوفاء بعوائد واستحقاقات الدولة الإسلامية، فهم يجمعون بين صفوفهم البر والفاجر، وعباد الشهوات واللذات، بل إن قضاة المحاكم لا يصلحون أن يكونوا قضاة في الدولة الإسلامية، أي لابد من تهيئة المجتمع ثم إحداث التغيير السياسي وليس العكس، ويكون ذلك بعمل متدرج ، وقد يكون طويلا المدى .
التغيير ديمقراطي: في تصور المودودي فإن إقامة الدولة الإسلامية يكون فقط عن طريق الخيار الديمقراطي، وعن طريق الانتخابات العامة، و كان ينظر إلى الديمقراطية على أنها الطريق الأفضل لإدارة الصراع الداخلي والفصل بين القوى المتنازعة في كثير من الدول الإسلامية حول هوية الدولة وخياراتها السياسية والاجتماعية، لكنه يميز الدولة الإسلامية على أنها لها سمات مختلفة عن الصورة الديمقراطية السائدة في الغرب، ويرفض تلك الصورة ويعتبرها من الصور الجاهلية.
التغيير العلني والسلمي: يدعو المودودي إلى تبني طريق الانتخابات في الوصول إلى السلطة أو في تغييرها، فإن هذا الخيار يقتصر على العمل ضمن النظم الانتخابية التي تسمح للحركات الإسلامية بالنشاط السياسي والمشاركة في الانتخابات، وحرية التأثير على الرأي العام، والبديل الذي يقدمه للشباب بدلا من العمل المسلح والعنف لمواجهة الأنظمة هو الاستمرار في الإصلاح والدعوة والعمل الاجتماعي والمنهج السلمي، حتى وإن اتخذت الحكومات إجراءات قمعية ضدهم، والتحلي بالصبر والهدوء فإن هذا كفيل بجذب قلوب الناس إليهم، وتأكيد لمصداقية خطابهم لدى الرأي العام، مما سيؤدي إلى انضمام الناس إليهم وزيادة القاعدة الإسلامية في المجتمع، وتنامي الضغط على الأنظمة لتفتح المجال أمام العمل السياسي الإسلامي وفي النهاية تبني الشريعة الإسلامية.
يدعو المودودي الطلبة إلى التعلم وزيادة المعارف ليؤهلهم ذلك للتغيير.
توفي المودودي في نفس السنة التي قامت فيها ثورة الخميني في إيران ، ولقد مدحه الخميني واعتبره عالما ومفكرا كبيرا فقدته الأمة الإسلامية ،ولم يعرف عن الخميني أنه أثنى على مفكر سني حجم ثنائه على المودودي مما يظهر إعجابه به ، ولقد ظهر تأثير مفاهيم المودودي على الخميني في تقبله لكثير من الممارسات السياسية الغربية وفي صياغة الدستور والعلاقة بين السلطة وهو ما جعل إيران تتمتع إلى حد كبير بدرجة من الديمقراطية لا تتوفر في باقي دول محيطها الجغرافي.
2-الخلافة في تصور النبهاني
- تُشكِّل فكرة "الخلافة" المحور الرئيسي في فكر تقي الدين النبهاني ، حيث أن الدولة الإسلامية بنظره هي "خليفة" يطبقّ الشرع، وهي كيان سياسي تنفيذي لتطبيق أحكام الإسلام ولحمل دعوته رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد،وهي كما يرى الطريقة "الوحيدة" التي وضعها الإسلام لتطبيق أنظمته وأحكامه العامة في الحياة والمجتمع، وهي قِوام وجود الإسلام في الحياة، وبدونها يَضيع الإسلام كمبدأ ونظام للحياة من الوجود، ويبقى مجرد طقوس روحية، وصفاتٍ خُلقية. لذلك فهي دائمة، وليست مؤقتة، وهي دولة سياسية بشرية، وليست دولة إلهية روحية، وليس لها قَداسة، ولا لرئيسها صفة العصمة.
إن النبهاني لا يقول بتحقيق أطروحته بالعنف أو بقوة السلاح ولو من أجل إقامة دولة الخلافة.
انصبّ جهد النبهاني في كتبه على شرح أصول الخلافة ومؤسساتها كما تصورها تبعاً لنموذج الخلافة الراشدة، كما وجه جهدُه على نقض أنظمة الحكم الأخرى خصوصًا التي ظهرت بين المسلمين في كل الدول في العصر الحديث كالاشتراكية والديمقراطية والرأسمالية
3- الحاكمية عند سيد قطب
برز سيد قطب كأحد أبرز مفكري " الإخوان المسلمين " في مصر أوائل الستينيات، حيث تبلورت فكرته عن الحكم من خلال أطروحة "الحاكمية " في كتابه "معالم في الطريق" ، وينطلق قطب من نقطة مفادها أن "الإسلام هو الحضارة " حيث أعطى للحضارة تعريفا خلاف كل التعريفات السائدة والمعروفة, ليقول أن كلّ المجتمعات الحالية القائمة هي مجتمعات غير إسلامية، لأنها لا تحكم بما أنزل الله وبالتالي فهي مجتمعات "جاهلية "، وأن من يحكم بالقوانين الوضعية يكون قد تعدى على أهم خاصية إلهية هي "الألوهية " وبالتالي فهو " طاغوت "، كما أن الخضوع للأنظمة الحاكمة هو إشراك بالله إذا ناقضت هذه الأنظمة الرسالة الإلهية، وبناء على ذلك فلا يمكن للمسلم أن يكون مسلمًا وهو يتبع منهجا غير إسلامي في حياته، فالمنهج هو الدين، ولمواجهة ذلك يطرح قطب فكرة قيام "مجتمع إسلامي" يتخذ الإسلام شريعة له ولا تكون له شريعة سواه، تعمل على جلاء "الجاهلية" وتقويضها ، وتكون طليعة تستمد معالم طريقها من القرآن الكريم في توجهاته وفي مفهومه تمامًا كالجيل الإسلامي الأول على حد تعبيره، فقد استمد قطب خطابه السياسي من الواقع وحوله إلى نظام فكري مطلق.
يرفض قطب ولاية الفقيه، ويرفض فكرة أن يعتني بالحكومة الإسلامية مجموعة محدودة من الناس، ويعتبر أن ذلك غير مقبول في الإسلام، وأن مسألة حق الحكم التي تتوقف على الشريعة هي عملية تفويض من الشعب.
المبحث الثاني : الحكومة الإسلامية مقاربة في الفكر السياسي الشيعي
إن اعتقاد الشيعة المبني علي أساس استمرار الولاية النبوية في الأئمة الشيعة؛ و كون مشروعية الحكومة تقترن بمدى التزامها بالعدالة و العمل علي تحقيقها؛ و جواز الخروج علي السلطان الجائر؛ كل ذلك جعل منهم ينتفضون عبر التاريخ في وجه الظلم دائماً، و إيمانهم بأن قول الحق أمام الظلمة و حكام الجور من أعلى مراتب الجهاد. ففي ظل الاعتقاد بالولاية تعتبر الشيعة أن ما نطق به أئمتهم هو المصدر الوحيد لمشروعية أي حكومة، و توصيل بيان للمعارف الإسلامية، و أن النموذج الإنساني الوحيد و القيادة المعنوية و الذاتية، هو ما جسده هؤلاء الأئمة، وبالتالي فان أي حكومة تقاد من دون توجيه الأئمة، تعتبر غير مشروعة و مغتصبة للحقوق، و أن أي بيان للمعارف الإسلامية لا ينتسب إلى الأئمة يعد تحريفاً و بدعة، وأي قيادة فيما سواهم، تعتبر ضالة و تابعة للشيطان. وفي ضوء الاعتقاد أعلاه، كانت تطرح مسألة الغيبة،ويفيد التاريخ الشيعي بأن الشيعة كانوا يرجعون دوما إلى الإمام(الأئمة الإثناعشر)، بوصفه قائد المجتمع الشيعي، في قضاياهم و حل مشكلاتهم، طالما كان الإمام علي قيد الحياة. و لكن مع حلول عصر الغيبة، اتخذت الأمور منحي آخر، فرغم أن الناس بعد انتهاء زمن الغيبة الصغرى و بدء الغيبة الكبرى، و عدم إمكانية الوصول إلى الإمام الغائب؛ عاشوا فترة في انتظاره و امتنعوا عن ممارسة أي عمل تجاه الحكومات الغاصبة، و لكن بعد فترة اقتنعوا بأن الانتظار السلبي موقف انفعالي لا جدوى من ورائه، لذلك آمنوا بالانتظار الإيجابي، و تحرروا من حالة الانفعال، و آمنوا بمجابهة الظلم، ليتمكنوا عن هذا طريق هذه المجابهة من التمهيد لظهور الإمام الغائب و بناء المجتمع الإلهي المنشود، و ما كان لهذا أن يتحقق لولا اعتقاد الشيعة بأن ولاية الإمام لن تلغي في عصر الغيبة، و إنما تم تعليقها بشكل مؤقت، و كانت حصيلة هذا الاعتقاد أن ظهرت أفكار عملية في الوسط الشيعي، كان أبرزها و أكثرها تحديداً ولاية الفقيه و الحكومة الإسلامية.
المطلب الأول:- ولاية الفقيه عند الخميني: المفهوم والمبررات
الفرع الأول: مفهوم ولاية الفقيه
تُعرّف ولاية الفقيه على أنها حاكمية الفقيه الجامع للشروط في عصر غيبة الإمام المهدي (الحجة)،حيث ينوب الولي الفقيه عن الإمام المعصوم المنتظر في قيادة الأمة وإقامة حكم اللّه على الأرض، و "ولاية الفقيه" ولاية اعتبارية خالصة ليست محددة في شخص بعينه, وهي مجموعة من الصفات يمكن أن تتوافر في كل فقيه وليس فقط في الحاكم في " زمن الغيبة". يقول الخميني (1900 - 1989م) في كتابه الحكومة الإسلامية:" لكي نتفهم ولاية الحاكم الإسلامي، في مفهومها الواقعي، لا بد من معرفة أن الإسلام لم يكن مجرد وظائف عبادية، تقرر مسؤولية الفرد تجاه خالقه فحسب، بل أن الإسلام جاء لتركيز أسس ومقومات حكومة عادلة واسعة النطاق شاملة ".( كتاب الحكومة الإسلامية ص48)
"لو قام الشخص الحائز لهاتين الخصلتين (العلم بالقانون والعدالة) بتأسيس الحكومة، تثبت له نفس الولاية التي كانت ثابتة للرسول الأكرم (ص) ويجب على جميع الناس إطاعته. فتوهم أن صلاحيات النبي (ص) في الحكم كانت أكثر من صلاحيات أمير المؤمنين (ع) وصلاحيات أمير المؤمنين (ع) أكثر من صلاحيات الفقيه، هو توهم خاطئ وباطل". (كتاب الحكومة الإسلامية ص 49). هذان الفقرتان من كتاب "الحكومة الإسلامية" للخميني تدخلان بنا مباشرة إلى ولاية الفقيه كما نظر إليها الخميني مستدلاً بأدلته من تراث الشيعة الديني كأحاديث أئمتهم وكبار رواتهم وكتاباتهم معتمداً على قواعده الفكرية واجتهاداته التي كان قد أرساها بعد نفيه إلى العراق من قبل الشاه محمد رضا بهلوي سنة 1963م. وذهب إلى أن الأدلة التي تدل على وجوب الإمامة هي نفس الأدلة التي تدل على وجوب ولاية الفقيه، وأنها من الأمور الاعتبارية العقلانية أيضاً، وذلك كجعل القيّم للصغار، وأن القيّم على الأمة لا يختلف عن القيّم على الصغار من ناحية الوظيفة، وأن الفقهاء هم ورثة الأنبياء وأمناء الرسل، ولم يرثوا العلم والحديث فقط كما هو في ظاهر الروايات، فالولاية قابلة للانتقال والتوريث أيضا، وللخروج من مشكلة تزاحم الفقهاء باعتبار أنهم كلهم ورثة وليس واحداً بعينه، وبما أن الولاية بلا قيد ثابتة للفقيه، فإنه إذا سبق أحد من الفقهاء وجب سقوط ولاية غيره حال تمكنه، فليس لأحد من الفقهاء الدخول فيما دخل فيه الفقيه الحائز على السلطة ومزاحمته.
الفرع الثاني مبرر ولاية الفقيه : يتركز مفهوم ولاية الفقيه حول نقطتين "قيادة الأمة" و"إقامة حكم اللّه" لإقامة المؤسسات التنفيذية لتطبيق الأحكام كما فعل الرسول و الأئمة من بعده, وان يكون الإسلام حركة سياسية في مواجهة الاستعمار و الصهيونية , ولأن أحكام الإسلام نافذة في كل عصر فتنفيذها يتضمن استمرارية التنفيذ في الزمان حتى في غيبة الإمام حتى ظهور المهدي المنتظر, إن الإسلام جاء ليقيم حكومة , وأحكامه وضعت لإقامة مجتمع, ولا يمكن تنفيذ هذه الأحكام إلا بواسطة حكومة الفقهاء وهي الحكومة الشرعية لأن الفقهاء هم الأعلم بهذا الموضوع. إن المبررات التي ساقها آية الله الخميني حول ضرورة قيادة الفقيه للحكومة الإسلامية تتمحور حول المحاور التالية:
1- حفظ النظام ودرء الفوضى لان ترك الأمة بلا قيادة سوف يقودها إلى فوضى عارمة تنتهك فيها الحقوق وتضيع المصالح وتنتشر المفاسد، وهذا يعني أن الحكومة من الضرورات العقلية الواضحة، أي أنه لا يمكن تعطيل الأحكام الإسلامية بحجة غيبة الإمام المهدي.
2 - حق الفقيه في الحكم مثبت بالأدلة القرآنية والأحاديث النبوية وأحاديث أئمة الشيعة وروايات الثقاة من علماء الشيعة.
3- طبيعة ولاية الفقيه حيث أن هذه الولاية اعتبارية تكون لأي فرد لائق يتمتع بالعلم والعدل والتدبير لإدارة المجتمع ويلزم طاعته من جانب جميع الناس باعتبار الصلاحيات السياسية والإدارية والتنظيمية والتنفيذية التي له بالقدر الذي كان للرسول - صلى الله عليه وسلم - وللأئمة في شؤون الحكم والإدارة.
4- مزايا ولاية الفقيه فولاية الفقيه ليست تشريفاً له بل تكليفاً شرعيا وتفويضا من الله.
المطلب الثاني :ولاية الفقيه : الحدود ونمط الممارسة السياسية
الفرع الأول : حدود الولاية وصلاحيات الولي الفقيه
عند البحث في مفهوم الولي الفقيه وحدود ولايته, فإنه يمكن الخروج بنتيجة مفادها :أن صورة ولاية الفقيه هي صورة الولاية المطلقة التي تمثل الإطار المرجعي لكل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية كم يراها الخميني.
فالحكومة التي تعني حسب الخميني الولاية المخولة من قبل الله إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – يجب أن تكون مقدمة على جميع الأحكام الفرعية، ولو كانت صلاحيات الحكومة (أي ولاية الفقيه) محصورة في إطار الأحكام الفرعية الإلهية،أي جانب العبادات فقط لوجب أن تلغى أطروحة الحكومة الإلهية ، والولاية المطلقة المفوضة إلى نبي الإسلام – صلى الله عليه وسلم - وأن تصبح بلا معنى.
و وفق هذه الحدود التي يرسمها مفهوم ولاية الفقيه فإن عمل رجل الدين (الولي الفقيه)لا ينبغي أن يكون مقتصراً على ممارسة الطقوس والعبادات وإلقاء المواعظ والخُطب. وإنما عليه الإدارة الفعلية والعملية للحياة السياسية. وأن يشرف على جميع المناصب الحكومية في دولة النظام الإسلامي.
ولا بد من التوضيح أن ولاية الفقيه – حسب تصور الخميني- تجعل الحكومة شعبة من ولاية رسول الله – صلى الله عليه وسلم - المطلقة، وواحدة من الأحكام الأولية للإسلام, ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج.
وتستطيع الحكومة (ولاية الفقيه) أن تلغي من طرف واحد الاتفاقات الشرعية التي تعقدها مع الشعب إذا رأتها مخالفة لمصالح البلد والإسلام، و تستطيع الحكومة في ظروف التناقض مع مصالح البلد الإسلامي - إذا رأت ذلك- أن تمنع من الحج الذي يعتبر من الفرائض المهمة الإلهية، أي أن ولاية الفقيه تمثل الولاية المطلقة الإلهية.
وفق هذا التصور يتضح أن ولاية الفقيه تعبر عن السلطة العليا والمطلقة التي لا تعلو عليها أي سلطة زمنية ، وأي معارضة لها تندرج ضمن معارضة الله.
الفرع الثاني : نمط الممارسة السياسية لولاية الفقيه
سيتم تناول هذا النمط من خلال النقاط التالية :
1- من يحصل على السلطة العليا بدرجة الولي الفقيه؟
على أي أساس تمنح مجموعة معينة من الناس حق السلطة؟ وهذا السؤال هو سؤال المشروعية، والإجابة عنه في ضوء نظرية ولاية الفقيه: الذي يعطي تلك الصلاحيات في الحكم، لابد وان يكون أشبه الناس برسول الله (ص) من حيث التقوى والإخلاص والكفاءة، باعتباره ولياً للفقيه، وليس أي شخص آخر، وعلى الناس المشاركة في حكمه بنحو فاعل.
2- توزيع السلطات وممارستها في ظل ولاية الفقيه
في الحكومة الإسلامية ثلاث قوى تعد مصادر للقدرة: القيادة، رئاسة الجمهورية، ومجلس الشورى (البرلمان)، وكل واحدة منها تتجلى فيها القدرة في النظام الإسلامي. ومن الناحية الهيكلية، فرئاسة الجمهورية والمجلس يعدان من شؤون الولاية والولي هو الذي يفوض رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس لإنجاز الوظائف الملقاة على عاتقه.
في النظام الإسلامي الذي يتصوره الخميني القوة بيد الحكومة، ودور الشعب يتمثل في تحقق وظهور هذه القوة (السلطة).
فلو اختار الشعب قائداً صالحاً، وبعد فترة عدل عن طاعته له وتمرد عليه، فإذا كان القائد الصالح يمتلك قوة لردعه وإرجاعه إلى الطاعة فعليه أن يعمل ذلك (كما حصل بالنسبة للإمام أمير المؤمنين علي)، أما مع عدم استطاعته فيجب أن يتخلى عن الحكم، لأن وظيفة الحاكم هي صيانة وحفظ الحكومة الإسلامية.
3 – إمكانية عزل الولي الفقيه (القائد)
يفترض في الولي الفقيه أنه عالم بالأحكام الإسلامية ، عادل وأمين في الحكم بين الناس وحفظ الحقوق، وهذا ما يعطيه الشرعية والمشروعية معا ، وإذا ظهر انحراف من الولي الفقيه في العقيدة وإخلال بأمانة استخلاف المهدي ،فإن هذا ما يدفع إلى البحث عن من هو أجدر منه من الفقهاء ،ليقوم بمهمة الولاية
4- نمط الاستخلاف في حال خلو منصب الولي الفقيه بالوفاة
يرى الخميني أن الولي الفقيه قائم بالأمر ما دام حائزا للشروط قائما على الحدود، إلا أن هذه الولاية لا تتفق مع نمط التوريث الذي عرفه التاريخ الإسلامي منذ بني أمية ،وبني العباس ومن تلاهم من الحكومات إلى غاية حكم الشاه في إيران .
إذا ولاية الفقيه" تُجيز له السلطة العليا والمطلقة ولخلفائه الذين يأتون من بعده عبر الإختيار القائم على الجدارة الدينية(الأمانة والعدالة) المتولي حتى ظهور الإمام المهدي الذي اختفى منذ منذ سنة 260هجرية .
المطلب الثالث: الثورة كسبيل لتحقيق الحكومة الإسلامية(حكومة ولاية الفقيه)
الفرع الأول : مفهوم الثورة الإسلامية
إن الثورة الإسلامية التي ينادي بها الخميني هي حركة تغيير جذري للأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وانقلاب في المفاهيم والمنطلقات الإيمانية للشعب الإيراني ، وهي بذلك عمل بناء ومتدرج يتم عبر مراحل متسلسلة ، وتتضافر فيها الجهود من أجل القضاء على النظام الإمبراطوري الذي تنفيذ الأحكام الشرعية وإقامة الحكومة الإسلامية ، ولا يمكن فهم منهجها وأطرافها من دون الإطلاع ومعرفة الوضع الإيراني ،فتردي الأوضاع المعيشية للإيرانيين ، وانفراد جهة واحدة بالسلطة وحيازتها لموارد الدولة تتصرف فيها دون محاسبة أو رقيب ، إضافة إلى فسادها الأخلاقي ، والهيمنة الخارجية على القرار والسياسة الداخلية ضمن تواطؤ وعمالة مكشوفة من نظام الشاه كلها دوافع للثورة التي يحمل لواءها المستضعفون والفقراء في ردة فعل منظمة ،وبقيادة موحدة وبأهداف واضحة ، وإذا كان الماركسيون مقتنعين بأن الاستغلال الاقتصادي من طبقة مالكة لطبقة لا تملك هو مسبب الثورة وعامل نجاحها ،فإن الخميني يرى أن الثورة بالأساس عمل تقويمي لانحراف خطير وقع في القيم والعقيدة وعلى مستوى القيادة السياسية وانعكس سلبا على باقي الجوانب ، لذا أن الثورة مطلب إلهي و رد للحق إلى أصحابه عبر فرض تحكيم الشرع وإزالة الأبنية القانونية والسياسية التي أوجدتها الأنظمة الوضعية لتحل محلها أبنية ذات وزن روحي تستمد سلطتها من قوة عليا تسمو على البشر .
تشترك الثورة الإسلامية المرتقبة مع الماركسية في ضرورة إزالة البناء القائم واستبداله ببناء جديد إلا أنهما يختلف في شكل الإزالة ودور الاعتبارات الروحية والغيبية ، وإذا كانت ثورة الماركسيين ثورة بروليتاريا لإقامة الشيوعية ،فإن الثورة الإسلامية هي ثورة دينية لإقامة حكومة الولي الفقيه.
الفرع الثاني :خصائص الثورة الإسلامية أخذ الخميني يبلور أفكاره حول الحكومة الإسلامية من خلال ولاية الفقيه، كما بذل جهده في محاولة دمج فكرة الثورة مع فكرة ولاية الفقيه لإعطائها قوة عملية دافعة خلافا للثورات الأخرى، كالثورة الاشتراكية في روسيا، و الثورة الشيوعية في الصين و كوبا، و الثورة القومية في فرنسا، التي استمدت وجودها من مصادر و إيديولوجيات وضعية، فان الثورة الإسلامية في إيران تستلهم من الإسلام و ثقافته الخاصة التي قادته إلى الانتصار والانتشار عبر العالم ليكون دولة عظمى تمثل الدول الحالية مجرد ولايات. و بهذا ستكون أول ثورة دينية – سياسية في القرن العشرين تتسم بالبعد التوحيدي و المعنوي، و تصطبغ بالصبغة الإسلامية و الرسالية، و بتعبير آخر، لم يكن علي الدين أن يواكب العصر و يقترن بالثورة، بل إن الثورة هي التي ينبغي لها أن تؤمن بأصول الدين و الرسالة و تبقى وفية لها، و من هنا تجسد الثورة و أهدافها؛ الأصالة الدينية، و تحظى بالمشروعية و القبول العام.
إن أساليب التعبئة الثورية و رسائلها و أطرها، تنبع من التقاليد الدينية و الإسلامية وتبقى وفيه لها، وباختصار فإنه في اعتقاد الخميني الثورة الإسلامية استمرار لنهضة الأنبياء، وتقترن بالصفة «إسلامية»، من هنا كان لابد للثقافة الناتجة عن هذا التحول الجذري أن تكون «إسلامية»، و أن ينعكس هذا التغيير الثقافي على التحول الأخلاقي، ولقد أولى الإسلام، بوصفه آخر الأديان الإلهية التي بعثت للبشرية، اهتماما خاصاً بالأخلاق، حيث اعتبرتها من أركان الدين الإسلامي في مجال عرض عقائد الإسلام و أحكامه. ، و من هنا فعندما يتم النظر إلى التوبة، باعتبارها نوعاً من التراجع و التغيير و التحول، جنبا إلى جنب مع معني الثورة و نطاقها، والتي هي أيضا نوع من العودة و التغيير و التحول، يتم إدراك التأثير و التأثر المتقابل بين الثورة و الأخلاق أكثر فأكثر. بناء على هذا، فان الثورة ذات الدافع الإسلامي، من الطبيعي أن تتطلع إلى إشاعة الخلق الإسلامي و ترويجه.
ومثلما يتصور ماكس فيبر، دور الأخلاق البروتستانتية في التقدم والتغيير وكونها القوة الدافعة للتطور الغربي عبر الإحساس بأن العمل عبادة وأن ضرورة بذل الجهد لتحسين الواقع البشري إنما يتوافق والإرادة الإلهية ، فإن الخميني يعتبر الثورة الإسلامية رهانا تحمله جماهير المسلمين المتشبعة بالأخلاق الإسلامية التي تتجلى خاصة في رفض الظلم والانتفاضة ضد الطغيان والصدق في العقيدة واحترام الأمانة والشفقة ونصرة المظلومين ، وهي أخلاق جاءت بها الرسالة السماوية وأقرها القرآن وجسدتها سنة الرسول – صلى الله عليه وسلم - و الأئمة الشيعة – حسب الخميني –من بعده وإن كان الخميني يحاول أن يتحدث أكثر عن الأخلاق الشيعية التي دفعت الشيعة عبر التاريخ إلى الثورة وهي نفس الأخلاق التي ستحركهم ضد نظام الشاه وتسقطه .
إذا الثورة الإسلامية في الأساس ثورة ثقافية، وثورة أخلاقية وتغيير روحاني ينبثق عن الإيمان بصواب التوجه وحتمية النجاح.



الفرع الثالث: فاعل وأهداف الثورة الإسلامية المرتقبة
أولا: فاعل الثورة
يرى الخميني أن الثورة الإسلامية قادمة بكل تأكيد، وذلك لاجتماع عدد من الظروف الداخلية والخارجية التي في مقدمتها الظلم الإجتماعي الممارس والانحراف عن الدين من قبل نظام الشاه ، والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية الإيرانية .
إن الثورة المرتقبة ستكون على عاتق مجموعة من الفاعلين الذين سوف يقومون بها ويحققون أهدافها، إن هؤلاء الذي يمكن أن نطلق عليهم فاعلي الثورة يمكن تحديدهم فيما يلي :
1 – رجال الدين
إن الثورة ذات منطلق إيماني وبعد ديني على غرار ثورة الحسين ضد يزيد بن معاوية ، وبعدها الإيماني يعبر عنه رجال الدين الأكفاء ،الحائزون على مراتب التعمق والإحاطة في الدين التي تجعلهم في درجة ورثة الأنبياء، فإذا انتفض رجال الدين ونادوا بالثورة على الجور والطغيان ، وأفتوا بعدم شرعية السلطة المالكة وبتحريم التعامل معها، وبذلك فإنهم ينزعون عنها أي شرعية أو غطاء ديني وتصبح حكم طاغوت (حكم خارج عن الدين) يتوجب محاربته وإسقاطه ، ويمكن للحوزات العلمية (جمع حوزة) أن تضطلع بهذه المهمة.
2- الطلبة
إن الدين الإسلامي دين متكامل يحث على طلب العلم والتعمق فيه ، ولا ينحصر طلب العلم هذا في مجال العلوم الدينية فقط ،وإنما الترغيب شامل في جميع التخصصات التي تنبني عليها الحياة المادية .
إن الجامعيين أشد الناس عداوة للتسلط والعمالة والخيانة وعمليات نهب الخيرات والثروات ،وإذا ما وجدوا من يستمليهم إلى طرح الثورة فإن بإمكانهم أن يكونوا أداة تغيير وآلية ثورة وإعادة بناء وفق تصور ومنطلق إسلامي ، وبإمكان هؤلاء الاحتجاج والرفض لسياسات حكام الجور وعرقلتها ، كما أنه بإمكانهم شل الحياة العامة وجميع المرافق الإقتصادية وسحب الشرعية والمشروعية من النظام الاستبدادي ، كما أن هؤلاء الطلبة يمكن أن يكونوا نواة طليعة ثورية تحمل إلى جانب رجال الدين - المتمكنين في ميدانهم وفي الاختصاصات الأخرى – مشروع الحكومة الإسلامية ليجد طريقه إلى التطبيق.
3- المستضعفون من سكان الأرياف والفقراء
إن من أكثر من يعاني من ظلم النظم الجائرة هم المستضعفون من الناس الفقراء وسكان الأرياف الذين يعانون التهميش والإقصاء وتدني الرعاية التعليمية والصحية بهم ، فهم متضررون من الاقتسام غير العادل للثروة وموارد الدولة التي تذهب لمصلحة الأقلية الفاسدة من الأسرة الحاكمة والمتعاونين معها من أصحاب الامتيازات ،سواء من ملاك الأراضي الكبار أو من أصحاب الشركات الاحتكارية ، أو من رجال الدين (فقهاء السلاطين على حد وصف الخميني)الذين نصبتهم السلطة ويمشون في ركابها ، أو أن تذهب موارد الدولة إلى المستغلين الأجانب الذين ينهبون الموارد الوطنية تحت مسميات التحديث واتفاقيات التسليح وخدمة الدين الخارجي، وفي وقت يعاني فيه سكان الأرياف من العزلة والحرمان من الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه الصالحة للشرب ينفق النظام بترف وبذخ كبيرين على الحفلات والمهرجانات ، وهو إنفاق يولد نوعا من الكره والرفض الشعبيين يمكن استغلالهما في الإطاحة بالنظم الفاسدة وتكون بذلك الثورة الإسلامية ثورة المستضعفين من أجل تحقيق العدالة في التوزيع(ثورة بروليتاريا بالمفهوم الماركسي).
ثانيا :أهداف الثورة الإسلامية إن الثورة من أجل تحقيق الحكومة الإسلامية ضرورة عقلية وواجب ديني يفترض بعامة المسلمين أداؤه، ويحاسب رجال الدين على التقصير في توضيحه وتبيانه للناس، وهي إنما تقوم لتحقيق جملة من الأهداف يمكن إجمالها فيما يلي: - تطبيق حدود وتعاليم الإسلام، فتكون بذلك أداة للحفاظ على الدين من التغيير والتحريف. - إنهاء الاستبداد والحد من اللامساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية. - الحد من التأثير الغربي الأمريكي والصهيوني ، الذي أصبح يستنزف ثروات البلاد ويدفع بها أكثر نحو التغريب والانحراف عن العقيدة الإسلامية ، ويسمح بتزايد التبشير والخروج عن الدين بين الإيرانيين .وبالتالي فإن هذه الثورة هي إرجاع للحق إلى أصحابه الجديرين به وهم الفقهاء ، الذين بإمكانهم إصلاح ما أفسده التراكم التاريخي من ممارسات تسلطية وجور وطغيان يتنافى مع حقيقة الإسلام .يؤكد الخميني على أن الثورة الإسلامية المرتقبة قبل أن تكون إيرانية الطابع فهي ثورة للمستضعفين في جميع أنحاء العالم دون أن تكون متعلقة بمنطقة خاصة، وأن ماهية الثورة ليست اقتصادية محضة أو سياسية محضة أو أيديولوجية وعقائدية محضة وإنما إسلامية تنضوي تحتها كل هذه العوامل، وهي مقدمة لثورة المهدي.
علي أية حال، إن حصيلة الاعتقاد بالغيبة لدي الشيعة نفت من جهة مشروعية أي نوع من القيادة و الولاية ما لم تقترن بولاية الإمام الغائب، و من جهة آخري أوجدت و رسخت في الوسط الشيعي الروحية الثورية في محاوله لملء الفراغ الناجم عن غياب الإمام، و بطبيعة الحال، و في ظل مسألة الغيبة و إنكار مشروعيه القيادات الأخرى غير قيادة الإمام المهدي لجأ البعض و نتيجة لعدم اطلاعه الكافي علي الفكر الإسلامي، إلى عرض تفسير آخر لهذه النظرية، و اعتبر مطلق النهوض قبل ظهور الإمام الحجة غير رسمي،و بذلك، و استناداً إلى بعض الشواهد من قبيل الأحاديث و الروايات التي أنكرت النهوض بالسيف و أكدت التقية؛ اختار هؤلاء موقفاً انفعالياً، و جعلوا ذريعة عدم مشروعيه النهوض في عصر الغيبة مستمسكاً في انصرافهم عن القيام في وجه الحكام الظلمة و التهرب من الأقدام علي أي عمل سياسي، ويدلي آية الله مكارم الشيرازي بدلوه في هذه القضية، فيقول: مهمتنا هي الانتظار والاستعداد لحكومة المهدي''
إن المفكر والفيلسوف وعالم الاجتماع الإيراني علي شريعتي (1933/1977) أبرز فكرة الانتظار الإيجابي في زمن الغيبة، وبالعمل والاقتداء بالإمام علي بن أبي طالب ، تمهيدًا لظهور دولة إمام الزمان (المهدي المنتظر) ، لكنه في المقابل يرفض فكرة انتظار عودة الإمام والاكتفاء بالدعاء، حيث يقول: إن الانتظار السلبي يحطم كل عمل إصلاحي في زمن الغيبة، ويؤمن شريعتي بأن المنتظر إنسان متأهب مستعد ملتزم مسلح ينتظر الثورة النهائية، ثورة آخر الزمان بقيادة المهدي المنتظر. كما يؤمن بأن المنتظر يترقب الانفجار الحاسم والنهائي للنظم المعادية للإنسان في كل لحظة، ويعد نفسه للمشاركة- في هذه الثورة العالمية .ويرى شريعتي أن الانتظار هو مذهب الاعتراض على النظام الحاكم والوضع الراهن، والرفض المطلق لهما. كما يؤمن بأن مذهب الانتظار فلسفة إيجابية للتاريخ، وحتمية تاريخية، وتفاؤل فلسفي وعامل فكري وروحي محرك وملزم وصانع للمسئولية.
ولقد كانت أفكار شريعاتي في نفس الخط الفكري للخميني ، رغم أن شريعاتي كان أكثر تمكنا في الطرح ،وأكثر إسهاما في تبيان ضرورة الحكومة الإسلامية ، وكان بحكم تكوينه الأكاديمي واطلاعه على كثير من الأعمال الغربية في ميدان علم السياسة والاجتماع مطلعا على الواقع الإيراني والواقع الغربي ، ومتحررا من ذهنيات المشيخة ورجال الحوزات العلمية ، وفي اعتقاد الباحث الدارس لمسيرة الثورة الإسلامية أن الخميني ما كان ليبرز بهذا الثقل والتأثير لو بقي شريعاتي حيا (توفي أو قتل في 1977).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحكومة الإسلامية مقارنات واستنتاجات
» الحكومة الإلكترونية
» الحكومة الإلكترونية
» الحكومة الإلكترونية
»  أسس قيام الحضارة الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الأولى علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1