رؤية الكواكبي لمفهوم القوة :
السياق النظري والعملي لرؤية الكواكبي لمفهوم القوة
بذل الكواكبي محاولاته الإصلاحية في حلب والشام والتي خاض في غمارها تولي المناصب الرسمية والعمل بالصحافة والمحاماة بل والعمل عرضالحجياً بما أدى به للاصطدام بالاستبداد التركي المتستر بالعثمانية فكان أن وجه عنايته لمحاربة الاستبداد باعتباره العلة الأولى لحالة الفتور العام التي اعترت العالم الإسلامي وإذا كان الكواكبي ليس أول مفكر عربي يتصدى للاستبداد بالنقد والتعريض حيث سبقه إلى ذلك مفكرون من أمثال خير الدين التونسي وابن أبي الضياف فإنه أول عربي يتصدى للظاهرة الاستبدادية بالتحليل والدراسة ليقدم نظرية متكاملة في عن الاستبداد ومقاومته وهكذا فإن رؤية الكواكبي لمفهوم القوة تشكلت في سياق صياغته لنظريته عن الاستبداد وطرق مقاومته والتحرر منه باعتباره انهياراً للقوة وسبباً لحالة الوهن والضعف فكأنه سلك عكس مسلك فوكو الذي انطلق من رصد عمل نظم الممارسات وصولاً لاستكشاف إمكانات التحرر الملازمة لهذه الممارسات.
وثمرة أفكار الكواكبي يضمها كتاباه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" وكتاب " أم القرى " إضافة إلى مقالاته في صحف مثل حلب والشهباء التي كان يرجع الفضل في توجيه الاهتمام بها لجان داية وتابعه بالتحقيق والتوثيق محمد جمال طحان وإلى جانب ذلك يوجد كتابان أشار إليهما الكواكبي وإن لم يصلا إلينا وهما "صحائف قريش" " والعزة لله" وبرجح الأستاذ العقاد أن صحائف قريش متممة لأم القرى وان "العزة لله" ينعي فيه على المستبدين مطاولتهم لله تعالى في صفاته ومن معاصريه منهم السلطان عبدالحميد الذي بقي الكوكبي حتفه مسموماً على يد أحد عملائه.
شبكة مفاهيم القوة عند الكواكبي
يمكن القول عن حق أن كتاب "طبائع الاستبداد" إيجاز وتركيز لكتاب "أم القرى" إذ تجمعهما وحدة الهدف والمنهج والغاية وإن اختلف الأسلوب حيث يتحدد الهدف في بحث أسباب "هذا الخلل الطارئ والضعف النازل" الذي حل بغالب المسلمين و " التنقيب عن أفضل الوسائل للنهضة الإسلامية" اما السلوب فتراوح بين الأسلوب التقريري الحاسم في طبائع الاستبداد وأسلوب " الفن الروائي" في أم القرى ومن خلال هذا الأسلوب التخيلي يستعرض الكواكبي العلل المتعددة وراء هذا الفتور و يصنفها بين علل أصلية وأخرى فرعية ويرى العلاقة البادلية فيما بينها فهي أشبه بالحلقة المفرغة بين الأسباب والنتائج لا يكسرها إلا الاستبداد الذي يمثل بما له من طبيعة بنيوية العلة الأولى وراء حالة الفتور العام والضعف والوهن ف" كلّ ٌ يذهب مذهباً في سبب الانحطاط وفي ما هو الدواء. وحيثُ إني قد تمحّص عندي أنّ أصل الدّاء هو الاستبداد السّياسي ودواؤه دفعه بالشّورى الدّستورية
وهو ما يؤكد عليه الكواكبي في الطبائع بشكل أوضح حيث يتتبع هذا المفهوم في علاقته بشبكة الفعاليات والعلاقات الاجتماعية كالدين والمال والتربية والأخلاق التي ترتكس بالاستبداد "من الحِكَم البالغة للمتأخرين قولهم: "الاستبداد أصلٌ لكلِّ داء"، ومبنى ذلك أنَّ الباحث المدقق في أحوال البشر وطبائع الاجتماع كشف أنَّ للاستبداد أثراً سيئاً في كلِّ واد"
وقد يوحي هذا المنهج بأن تنظير الكواكبي للقوة كان من خلال النفي والسلب خاصة أن القسم الأكبر من كتابه الطبائع كان مخصصاً لبحث طبائع الاستبداد في حين كان القسم الأقل مخصصاً ل"مصارع الاستعباد" لكن إمعان النظر في الكتابين يظهر أن الكواكبي حتى في سياق عرضه لطبائع الاستبداد وعلل الفتور العام كان يجلي ركائز وصور القوة ودلالات مفهومها.
والكواكبي شأنه شأن ابن خلدون يفرق بين القوة العارية بتعبير برتراند راسل التي تستهدف التحكم وإرضاء الشهوات والميول الخاصة والقوة الغائية وهي القوة الحقيقية الجديرة بهذا الوصف.
ويرتبط النمط الأول من القوة بالاستبداد وهو "في اصطلاح السّياسيين هو تَصَرُّف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة وبلا خوف تبعة" ومن صور القوة العارية " استعباد، واعتساف، وتسلُّط، وتحكُّم".
لكن الكواكبي لا ينكر على المستبد تمتعه بالقوة وارتكانه إلى ركائزها " ثمَّ إنَّ الاستبداد محفوفٌ بأنواعٍ القوات التي فيها قوّة الإرهاب بالعظمة وقوّة الجُند، لا سيما إذا كان الجند غريب الجنس، وقوة المال، وقوة الإلفة على القسوة، وقوّة رجال الدين، وقوّة أهل الثروات، وقوّة الأنصار من الأجانب، فهذه القوات تجعل الاستبداد كالسيف" ويجلي الكواكبي عناصر قوة المستبد هذه تفصيلاً مبيناً أنها يمكن أن يحول الاستبداد هذه الركائز والصور من جوهرها الفاعل إلى صورتها الفاسدة والمفسدة فمثلاً بالنسبة للمال الذي يعرفه بانه كلُّ ما يُنتَفَع به في الحياة فالأصل فيه أنه "يستمدُّ من الفيض الذي أودعه الله تعالى في الطبيعة ونواميسها، ولا يملك؛ أي لا يتخصص بإنسان، إلا بعمل فيه أو في مقابله " ووظيفته "عند الاقتصاديين: ما ينتفع به الإنسان، وعند الحقوقيين: ما يجري فيه المنع والبذل؛ وعند السياسيين: ما تُستعاض به القوة؛ وعند الأخلاقيين: ما تُحفظ به الحياة الشريفة" لكنه أدة الاستغلال وإحكام السيطرة بالنسبة للمستبد على أن أهم القوى هي الدين والدين في الأصل بقوة باعثة على التعاون لتحقيق الخير العام في الدنيا والآخرة لكنه عندما ينحرف عن حقيقته على يد رجال الدين أعوان المستبد يتولد الاستبداد الديني القائم على القهر والذي يتولد عنه الاستبداد السياسي " والبعض يقول: إنْ لم يكنْ هناك توليد فهما أخوان...والمشاكلة بينهما أنَّهما حاكمان؛ أحدهما في مملكة الأجسام والآخر في عالم القلوب.ويرون أنَّ هذا التَّشاكل في بناء ونتائج الاستبدادَيْن؛ الدِّيني والسّياسي" فالدين بالأساس قوة تحرير " لا مجال لرمي الإسلامية بتأييد الاستبداد".
وقد ظهر مما تقدَّم أنَّ الإسلامية مؤسسة على أصول الحرّية برفعها كلّ سيطرة وتحكُّم، بأمرها بالعدل والمساواة والقسط والإخاء، وبحضِّها على الإحسان والتحابب. وقد جعلت أصول حكومتها: الشّورى الأريستوقراطية؛ أي شورى أهل الحلِّ والعقد في الأمة بعقولهم لا بسيوفهم. وجعل أصول إدارة الأمة: التشريع الديمقراطي؛ أي الاشتراكي "
حتى" أنَّ كل المدقِّقين السّياسيين يرون أنَّ السّياسة والدّين يمشيان متكاتفَيْن، ويعتبرون أنَّ إصلاح الدّين هو أسهل وأقوى وأقرب طريق للإصلاح السّياسي"
والأمر نفسه بالنسبة لقوة العلم والمعرفة حيث "الاستبداد والعلم ضدان متغالبان؛ فكلُّ إدارة مستبدة تسعى جهدها في إطفاء نور العلم، وحصر الرعية في حالك الجهل" ترتعد فرائص المستبدُّ من علوم الحياة مثل الحكمة النظرية، والفلسفة العقلية، وحقوق الأمم وطبائع الاجتماع، والسياسة المدنية، والتاريخ المفصّل، والخطابة الأدبية، ونحو ذلك من العلوم التي تُكبر النفوس، وتوسّع العقول، وتعرّف الإنسان ما هي حقوقه وكم هو مغبون فيها، وكيف الطلب، وكيف النّوال، وكيف الحفظ."
لكن قوة المستبد تستند بالاساس للجبر وما يرتبط به من قهر فقصر المستبدِّ في كلِّ زمان هو هيكل الخوف عينه" و "َ الاستبداد محفوفٌ ...بقوّة الإرهاب بالعظمة وقوّة الجُند، لا سيما إذا كان الجند غريب الجنس، وقوة المال، وقوة الإلفة على القسوة"
المفاهيم المستدعاة
السياسة
السياسة عند الكواكبي علم وفن وممارسة لذلك فهي كعلم "علمٌ واسعٌ جدّاً، يتفرّعُ إلى فنون كثيرة ومباحثَ دقيقة شتّى. وكفن وممارسة "قلّما يوجد إنسان لا يحتكُّ فيه" ووموضوع السياسة كعلم هو «إدارة الشّؤون المشتركة بمقتضى الحكمة» وعليه يكون أوّل مباحث السّياسة وأهمّها بحث (الاستبداد)؛ أي التّصرُّف في الشّؤون المشتركة بمقتضى الهوى ويتسق هذا مع رؤية الكواكبي للسياسة شأنه شان علماء المسلمين باعتبارها القيام على الأمر بما يصلحه فالاستبداد إفساد للسياسة
القانون
يرى الكواكبي أن المنشأ الأصلي لكل شقاء هو انحلال السلطة القانونية بسبب فسادها أو غلبة سلطة شخصية عليها، وهكذا انحرفت السياسة الإسلامية من الديمقراطية، في عهد الراشدين، إلى الملكية المقيدة بقواعد الشرع الأساسية، ثم أصبحت شبه مطلقة، ومثل هذا الانحراف أدى إلى ضعف المسلمين.
فالقانون خير زمام تملكه الأمة إذ بفضله تضبط تصرفات الحاكم، فإن انحرف عنه عاقبته، إنه يكشف، عبر هذه الصورة، للرعية مدى ما تمتلكه من قوة، خاصة حين تستطيع مواجهة المستبد بسلطة القانون، فيصبح في قبضتها، تستطيع محاسبته، أما حين تفتقد القانون فإنها تصبح أسيرة في قبضة المستبد.
فمع السلطة الاستبدادية، التي تتخذ صفات مطلقة، يلغى القانون أو العرف عندئذ ينتفي أي حساب وأي عقاب يمكن أن تخضع له هذه السلطة، لذلك تسير أمور الدولة على هواها، لا تهتم إلا بمصالحها الخاصة، وينتبه الكواكبي منذ وقت مبكر إلى أن مثل هذه الانحرافات ليست حكرا على النظام الملكي، بل من الممكن أن تصيب السلطة التي تسمي نفسها بالمقيدة (أي الجمهورية) فهي تلتقي مع النظام المطلق في كونها تحكم وفق مصالحها الخاصة، بعيدا عن أي حساب، لهذا تدوس على مصلحة الرعية، دون أي رادع، وهو يبين أن أفظع أشكال الاستبداد حين يتجسد الحكم بفرد يملك جميع السلطات السياسية والعسكرية والدينية، ومن ثم يستطيع أن يورّثها فيبين الكواكبي أن أهمية القانون ليست في وجوده بحد ذاته بل تعبيره عن المصلحة العامة .
وعليه فإن نشر الوعي بالقانون من خلال المباحث التي تدرس " حفظ السُّلطة في القانون" و "
هل يكون للحكومة إيقاع عمل إكراهي على الأفراد برأيها؛ أي بدون الوسائط القانونية؟ أم تكون السُّلطة منحصرة في القانون، إلا في ظروف مخصوصة ومؤقَّتة؟" هو من أهم الأعمال التي تمهد لاستعادة الأمة لحريتها
المفاهيم المناقضة
الحرية
يعرّف الكواكبي الحرية "بأن يكون الإنسان مختارا في قوله وفي فعله لا يعترضه مانع ظالم…" فهو تعريف أقرب للطابع السلبي للحرية من حيث أنها غياب للقيود التي تفرضها القوة العارية والحرية عند الكواكبي قيمة عليا لذلك كان افتقادها أصل داء الانحطاط والفتور والضعف فهي "أعزّ شيء لدى الإنسان بعد حياته، وحين نفقدها تفقد الآمال، وتبطل الأعمال، وتموت النفوس، وتتعطّل الشرائع، وتختلّ القوانين" وبذلك تصبح قوام الحياة والتطور لذلك تندرج تحتها القيم الأخرى التي حتى أنه يجعل العدالة والمساواة تابعة لها وتأسيس الحرية يبدأ من الوعي لذلك يؤكد على أهمية الدين لتأسيس الحرية بنفي الاعتقاد بالجبر والخضوع لغير الله تعالى وبذلك يملك الناس "حريتهم التي تحميمهم من أن يكونوا أرقاء أذلاء لألف شئ من أرواح وأجسام وأوهام "فثمرة الإيمان بألا إله إلا الله عتق القلوب من الأسارة" ومن فروع الحرية "تساوي الحقوق ومحاسبة الحكام باعتبار انهم وكلاء، وعدم الرهبة في المطالبة وبذل النصيحة " و"حرية التعليم وحرية الخطابة " والمطبوعات " وحرية المباحثات العلمية" والعدالة بأسرها حتى لا يخشى إنسان من ظالم أو غاصب أو مغتال" و "الأمن على الدين والأرواح والأمن على الشرف والأعراض والأمن على العلم واستثماره" ويعي الكواكبي التلازم بين هذه الفروع فيقرن مثلاُ الحرية الشخصية بالحرية السياسية ويرفض أن تسيطر الحكومة على أعمال الناس وأفكارهم لأنه يرى أن" أفراد الأمة أحرار في الفكر مطلقا" وفي الفعل ما لم يخالف القانون الاجتماعي لأنهم أدرى بمنافعه الشخصية" ولا حدود لحرية الفكر لأن الأمة " جامعة سياسية اختيارية لكل فرد حق إشهار رأيه فيها"
المقاومة
الثورة والإصلاح الثوري
إن الذهاب بمنطق القوة العارية إلى منتهاه قد يردي بصاحبها عندما يستثير الجماهير فلا تجد بداً من مقاومته فيحدد الكواكبي الحالات التي يثور فيها" العوام" عقب أحوال مخصوصة مهيِّجة فورية، منها:
عقب مشهد دموي مؤلم يوقعه المستبدُّ على المظلوم يريد الانتقام لناموسه.
عقب حرب يخرج منها المستبدُّ مغلوباً، ولا يتمكَّن من إلصاق عار التغلُّب بخيانة القوّاد.
عقب تظاهر المستبدِّ بإهانة الدّين إهانةً مصحوبةً باستهزاء يستلزم حدَّة العوام.
عقب تضييق شديد عام مقاضاةً لمالٍ كثير لا يتيسَّر إعطاؤه حتّى على أواسط الناس.
في حالة مجاعة أو مصيبة عامّة لا يرى الناس فيها مواساةً ظاهرة من المستبدّ.
لكن الكوكبي لا يثق بثورة الرأي العام التي تأخذه شكل هبة عفوية لأنها سرعان ما تخمد فلا ينتج عنها إلا استبدال مستبد بأخر أشد عتياً ما دام الاستبداد مستحكماً في شبكة العلاقات الاجتماعية بتعبير مالك بن نبي لذلك يؤثر ما يمكن تسميته بالإصلاح الثوري مع فهمه بشكل أعمق يرفع ما بين عنصري الإصلاح والثورة من تناقض ظاهري فالثورة بما تتضمنه من تقويض راديكالي لقوة الاستبداد لابد من أن تجتث جذورها في الوعي والعقيدة الممارسة الاجتماعية بما يعنيه ذلك من إصلاح ممتد لا يعني بحال إدخال تحسينات وتعديلات على الوضع القائم فالكواكبي يفضل الثورة المخططة التي تبدأ بالإصلاح الديني ونشر الوعي من خلال المؤسسات الداعية لنشر التوحيد كعقيدة تحرير وعمل بما يمهد الطريق لتقديم بديل متكامل للاستبداد
قبل مقاومة الاستبداد، تهيئة ماذا يُستبدل به الاستبداد هو: إنَّ معرفة الغاية شرطٌ طبيعي للإقدام على كلِّ عمل، كما أنَّ معرفة الغاية لا تفيد شيئاً إذا جهل الطريق الموصل إليها، والمعرفة الإجمالية في هذا الباب لا تكفي مطلقاً، بل لا بدَّ من تعيين المطلب والخطة تعييناً واضحاً موافقاً لرأيِّ الكلِّ
ما القضايا النظرية التي تثيرها رؤية الكواكبي لمفهوم القوة ؟
لعل أهم هذه القضايا هو كيفية الحد من القوة الشاملة التي تستند للعديد من ركائز القوة وتجمع بين ممارسة العديد من صور القوة ؟
يبدو من استقراء فكر الكواكبي أن الإجابة متعددة المستويات:
فأولاً لابد من تقييد هذه القوة بالقانون لكن وجود القانون وحده ليس ضمانة كافية إذ لابد من ضمان أن يكون هذا القانون معبراً عن إرادة المجموع ويعمل لمصلحتها من خلال الشورى التي تعمل من خلال التداول الحر للآراء والأفكار في مؤسسات الفكر والإعلام ولما كان للقوة ميل متأصل للتوسع والاستبداد لابد من أن يحمي القانون من العبث قوة السيف لكن فعالية قوة السيف مرهونة بإيجاد الشروط التي تجعل اليد التي تحمل هذا السيف ماضية العزم من خلال نشر الحريات في كافة المناشط الاجتماعية وبالأخص في الدين بحرية الفكر ونبذ التقليد وتوحيد العبودية لله تعالى وكذلك في مجال التربية حتى لا يصبح الإنسان في زمن الاستبداد كما يطلق عليه الكواكبي "الأسير" .
الأصل اللغوي لمفهوم القوة باللغات الأوربية:
تشير المعاني المعجمية الغربية لمفهوم القوة على أنه "قدرة على فعل أمر ما" فهي خصيصة لكائن معين ووفق هذا المعنى فإن الإنسان ليس الموجود الوحيد الذي يمكن نسبة القوة إليه فكل الموجودات لها نوع أو آخر من القوة، وفي الوقت نفسه تشير هذه المعاني إلى ان القوة تعني أيضاً "امتلاك قياد وتحكم في الآخرين: سيطرة ،حكم ،حكومة أمر، ضبط، نفوذ، سلطة.
مفهوم القوة عند حنة أرنت :
السياق التاريخي والنظري
يكتسب السياق التاريخي الذي بلورت فيه أرنت مفهومها للقوة أهمية خاصة حيث تعتبر محطات سيرتها الذاتية بحد ذاتها تجسيداً لأهم أحداث وخصائص هذا القرن الدموي بحيث يمكن القول مع إرنست جيلنر إن "حياة هذه الناقدة اللاذعة تجسد أيضا جملة الحياة الفكرية والسياسية في عدة قرون أوروبية".
فعلى الرغم من انجذاب أرنت لدراسة الفلسفة منذ صغرها ثم انتظمها في دراستها بشكل نظامي في الجامعة جاءت وصول النازيين وإيديولوجيتهم الشمولية إلى الحكم في ألمانيا في عام 1933 شكل نقطة تحول مركزية في حياة آرندت دفعتها إلى الابتعاد عن الفلسفة بمفهومها النظري البحت والتوجه إلى العمل السياسي بشكل عملي. وفي صيف عام 1933 اعتقلت المخابرات النازية حنة أرندت، ثم أطلقت سراحها فيما بعد. ثم نجحت هذه "اليهودية الألمانية المطاردة من قبل النازيين"، على حد تعبيرها، في الهروب من براثن النازية إلى باريس ثم إلى نيويورك، حيث عملت صحفية، ومراجعة لغوية ومحاضرة جامعية وبدأت عملها السياسي الحقيقي، فسعت لاستكشاف أصول الأنظمة الشمولية من خلال وضع أرنت الشكلين الأكثر بروزا للأنظمة الكليانية وهما النازية الألمانية والستالينية الروسية تحت المجهر في كتابها الموسوعي "أصول الشمولية" إدراكاً لخطورة هذه النظم والأهم خطورة الاعتقاد بأنها أصبحت تنتمي إلى الماضي واكدت أرنت على التحدي الذي تثيره هذه الإيديولوجيات باعتبارها تشكل انبثاقا لظاهرة جديدة جذريا تجبر كل الباحثين على القيام بمراجعة كاملة لأدوات التحليل العلمي المعهودة، علاوة على أنها انعطافة نكوصية لم يشهدها تاريخ الفكر الأوروبي قبل ذلك". وعلى هذا النحو توضح آرندت أن "الأصالة المرعبة للشمولية لا تنشأ عن أن فكرة جديدة جاءت إلى العالم، وإنما على شرخ جديد سحق كل مقولاتنا السياسية وكل مقاييسنا الخاصة بالحكم الأخلاقي. فجبروت الحدث يتفوق هنا على المفهوم". ورغم فاشية الجوهر الإيديولوجي للنازية والستالينية، إلا أن السمة الشمولية تظهر جليا في هدف هذه الأنظمة، الذي لا يقتصر على الاستيلاء على السلطة فحسب، بل يمتد ليـ"يشمل" كل المجتمع ويجسد التماثل الكامل بين الحزب الحاكم والدولة.
وفيما بعد وضعت أرنت كل طاقتها وموهبتها في خدمة المنظمات اليهودية العاملة في نيويورك، التي أخذت على عاتقها إنقاذ ما يمكن إنقاذه من يهود أوروبا والعمل على إقامة وطن لليهود على أرض فلسطين التاريخية. لكنها انفصلت عن هذه المنظمات لاحقاً ، وبدأ هذا الابتعاد إبان الخلاف الذي نشب داخل الحركة الصهيونية حول التحالفات التي من الممكن عقدها بين ما أُطلِقَ عليه أنصار "الواقعية السياسية" (هرتزل) وأنصار "المثالية الأدبية" (ب. لازار)، وقفت أرندت بجانب الأخير، لأن السياسة الواقعية الوحيدة تنحصر في سياسة تحالف مع الشعوب المتوسِّطية الأخرى التي تعزز الوضع المحلِّي اليهودي في فلسطين والتي تؤمِّن تعاطفًا حقيقيًّا مع الجيران.
ورأت أرندت أن أحد مصادر العمى الصهيوني الخاص بما تسميه "المسألة العربية" يكمن في الاتجاه نحو الواقعية السياسية، أي الاندراج في لعبة القوى العظمى. وبهذا المعنى لا تكون هذه السياسة سوى سياسة تُلغي معناها بسبب تقريبها ممَّن يمتلك قوة أكثر؛ لذلك فهي "غير مبصرة للواقع" الضروري للفعل.
فرأت أرنت أن "إنجازات اليهود في فلسطين هي مصدر الشرعية ونقطة التقاء محتمل مع العرب، فإذا كان هناك بُعدٌ "تاريخي" لاختيار فلسطين دون أي بقعة أخرى في العالم – بحسب الزعم الصهيوني – فهذا لا يضفي وحده شرعية على الوجود اليهودي فيها. فالشرعية لا يمكن أن تتأتى إلا من مبدأ يمكن الآخرين الاعتراف به. وبالنسبة إلى العرب، الحق المعترف به لليهود هو في "جعل الأرض التاريخية بلدًا لهم، لا بالقوة، ولكن بعملهم labor وبثمرة work رؤوسهم وأيديهم". والأمر نفسه، بطبيعة الحال، ينطبق على العرب. وذهبت أرنت إلى ضرورة الاتفاق على "بعض المطالب الرئيسية"؛ ومنها
أن حقَّ الشعب اليهودي في فلسطين "مماثل لحقِّ كلِّ إنسان في حيازة ثمرة عمله"، سواء أكان يهوديًّا أم عربيًّا.
وتأكد هذا الانسلاخ عندما وجدت أرنت الدولة اليهودية تغرق في مستنقع "السياسة الواقعية" Realpolitik، حسب تعبيرها وبعد تغطيتها محاكمة أيْخْمَنْ لحساب مجلة النيويوركر وصدرت لاحقاً في كتاب «أيخمان في القدس» وكان أدولف أيخمان هو المسؤول عن ترحيل وإعدام اليهود في ألمانيا النازية وكان العنوان الفرعي للكتاب«تقرير عن عادية الشر» هو الذي جلب عليها طوفاناً من النقد والهجوم والحملات الصهيونية حيث أبرز إيخمان موظفاً بورجوازياً تافها، وليس سادياً أوشاذاً كما حاول الادعاء الإسرائيلي أن يصوره، بل شخصاً عادياً تماماً، ومرعباً في عاديته. لم تر أرنت في أيخمان تجسيداً للشر، بل أدركت أن الكارثة تكمن في قدرة النظم الشمولية على تحويل البشر إلى محض «منفذين» و «تروس» في الآلة الإدارية – أي تجريدهم من إنسانيتهم.
اعتبرت أرنت المحاكمة محاولة من الدولة الإسرائيلية ترسيخ دعائمها عبر محاكمة مسرحية رأت فيها بدايةً لاستخدام الهولوكوست أداةً سياسية، لا سيما أنها أُجريت في وقت كان بن غوريون يسعى فيه إلى الحصول على المزيد من التعويضات المالية من ألمانيا الغربية. كما كشفت أرنت دور المجالس اليهودية في التعاون و«العمالة» مع النظام النازي بما أثار الشك في الإدعاء الصهيوني بكون اليهود «ضحايا دائمين»، وهو ما أدى لاتهامها بـ "معاداة السامية".
شبكة مفاهيم القوة عند أرنت
على خلاف غيرها من المفكرين فإن فهم طبيعة مفهوم القوة يبدأ بفحص عدد من المفاهيم المرجعية ولعل أهمها السياسة فقد كان اهتمام أرنت الأساسي هو تأكيد طبيعة وخبرة الحياة السياسية فدعت لحس متميز بالسياسة في مقابل اختزالها لمجرد منهج تكنوقراطي ترى أرنت أن السياسة يصعب تحديدها أنطولوجيا لأنها ليست كامنة في ذات الإنسان كما ظن ذلك أرسطو, بل تتجلى في العلاقات بين الناس وتوجد في فضاء خارج الإنسان-الفرد. إن السياسة بحكم أنها نظام من العلاقات, فإنها ترتقي باختلاف البشر وتمايزهم, وبالاعتراف بتساوي البشر رغم اختلافهم, وكل تغييب للاختلاف والتمايز يقود حتما إلى تفقير السياسة وانحدارها وعليه سعت أرنت لإيجاد لغة جديدة للسياسة كعلاقة بين نظراء، بدلا من العلاقة بين فاعل ومفعول به.
والسياسة عند أرنت واحدة من المجالات الهامة للوجود الإنساني من خلاله وفيه نعطي معنى لغربتنا الوجودية وغربة الآخرين الذين يشتركون معنا فيها بما يعني أنها مسؤولية بشكل أساسي، وردٌّ على نداء الحاضر الذي يفترض أننا نلتقط "الفرص التي تعرضها الظروف". وإمكان الفعل نفسه يفترض مفهومًا للتاريخ في كلِّ مرة لا يكون فيها الحاضر محددًا تمامًا، ولكنه يترك دائمًا، ولو على نحو ضئيل، فرصة صغيرة، لا يمكن استغلالها إلا إذا جرى اتخاذ مبادرة سياسية. فمسألة الحاضر المباشر ليست الضرورة، بل الإمكان؛ والإمكان، أي الواقع، "لا يقع دائمًا في مرمى بصرنا". وعلى هذا النحو، فإن الواقعية السياسية تخطئ في إدراك الواقع؛ إذ إنها تأخذ الماضي على أنه الواقع وتفوِّت الواقع الوحيد الدال: الممكن.
وكثيرا ما تقترن السياسة عند المفكرين بالسيطرة والغلبة والعنف, على أن هذه النظرة السلبية للسياسة هي ناتجة عن تحيزات و أحكام مسبقة وهي مرتبطة بالوضع المأزوم للإنسانية. على أن هذا الوضع ليس قدرا محتوما على الإنسانية ولا يمكن على أساسه استخلاص ماهية السياسة. وبالفعل عرفت الإنسانية أوضاعا سليمة نسبيا في عصور قديمة وفي عصر الثورات الليبرالية والاشتراكية, وحينذاك برزت السياسة في معناها الحقيقي (أي, التحاور والتواصل والتداول). إن النظرة السلبية تجاه السياسة دفعت بالبعض إلى التفكير في إسناد السلطة للبيروقراطية لتفادي شخصانية الحكم وعسفه. على أن البيروقراطية قد تتحول إلى أخطر حكم سياسي على الإطلاق, لأن السلطة فيها مجهولة وغير مرئية. ولابد أن تأتي المعرفة في سياق الفهم إن الفهم يسبق ويتبع المعرفة فالفهم أساس لأي معرفة وفي الوقت نفسه فإن الفهم الحق لابد أن يتجاوز مجرد المعرفة ليجعل للمعرفة معنى وهو ما يقصر عنه مفهوم العلم الجامد والتحليل السياسي السياسي لن يثبت أو ينفي ماً يمكن اعتباره كطبيعة أو جوهر للحكومات اللاستبدادية أو الطغيانية أو الجمهورية فهذه الطبيعة الخاصة يأخذها الفهم الأولي كمعطى يؤسس عليها العلم نفسه في حين إن الفهم الحق يرجع دوماً إلى الأحكام والتحيزات التي تلحق وترشد البحث العلمي وكل ما يمكن أن يؤديه العلم أن ينور - لا أن يثبت أو ينفي - الفهم الأولي الذي انطلق منه فإذا افتقد العالم هذا الدليل وتصرف كخبير فني محتقراً الفهم العامي الذي انطلق منه فسرعان ما يفتقد الخيط الناظم الذي يرشده في متاهة نتئج بحثه إن الأزمة العالمية لاترتبط بالشمولية وحدها بل بالموقف الحديث الذي نحتاج فيه لتجاوز الفهم الأولي والمدخل العلمي الصارم معاً حيث فقدنا أدوات الفهم ومن ثم اتسمنا بالغباء بالمعنى الذي وصفه كانت فبحثنا عن المعنى يحثه ويحبطه في وقت واحد فقداننا قدرتنا على توليد المعنى.
إن جوهر الأزمة الحضارية هو تزايد غياب المعنى مترافقاً مع فقدان الحس المشترك منذ بداية القرن العشرين في غباء متزايد بحيث عدنا " لا نعلم حضارة قبلنا يكيف الناس فيها احتياجاتهم للسلع والأشياء كما تنشر الإعلانات ولم نعرف في أي قرن مضى أن العلاج الناجع يرتبط بالدفع السخي لمن يقوم بالعلاج" إن هذا التدهور الخاصة انسحب على كل مجالات الحياة العادية وترى أرنت أن ذلك ليس هذا مجرد عرض للمجتمع الجماهيري بل ما جرى هو انتشار نزعة المنطق الشكلاني الذي ينطوي على التحول الشمولي لتحريف الفكرة إلى مقدمة منطقية أو جملة واضحة بذاتها يمكن استدلال كل شئ منها في اتساق منطقي داخلي يفصل الصحة عن الملاءمة فيصبح مثلاً 2+2= 4 أمر هي صحيح بالنسبة للرب والعبد معاً بغض النظر عن الشرط الوجودي والاجتماعي.
مفهوم القوة والتواصل
ترى حنا أرنت " القوة جزء هام من من العالم الاجتماعي غالباً ما يتم إهمال إسهامها في تشغيل الحياة الاجتماعية وأدائها لوظائفها " وفي تفصيل هذه الرؤية تقول أرنت أن " كل المؤسسات السياسية هي تجليات وتجسدات مادية للقوة، فهي تتكلس وتتحلل عندما تكف القوة الحية للناس عن دفعها".
وقد انعكس هذا حتى على تحديد معنى القوة فالحقيقة الأساسية في الحياة الإنسانية هي الجماعية والتنوع في نفس الوقت،وهذا يولد الحاجة الى العمل معا، وتميز فى هذا الخصوص بين نوعين من العمل:
العمل المعبر عن الشخص ، والعمل الاتصالى
العمل الاتصالى، والعمل التقريرى
القوة وفقا تعبر عن العمل الاتصالي فهي ليست قدرة البشر على أن يعملوا معا فقط ، ولكن أن يعملوا بطريقة متناسقة فالقوة في معناها الأصلي تصور رضائي أو طوعي Consensual Notion
يعتمد على اتفاق جماعة من الفاعلين الاجتماعيين على كيفية تنظيم ووضع قواعد لممارساتهم الحياتية المتعددة فالقوة عند أرنت ضرورية لتحقيق التنسيق بين الأفراد لأداء هدف اجتماعي متفق عليه فهي ضرورية لأي هيكل تنظيمي إنساني ولابد أن تقوم على الاقتناع الحر من جانب المحكومين ومن ثم تكون القوة ها قوة اجتماعية إيجابية وبدون هذا الرضاء يصبح الكيان السياسي القائم هو اغتصاب و سلطة Authority
والقوة بالوصف المشار إليه لا يمكن أن تكون أبداً خاصة فردية بل إن تعود إلى جماعة وتظل موجودة طالما ظلت المجموعة مع بعضها البعض وعليه فإن القوة لا تحتاج إلى تبرير انطلاقاً من كونها لا تقبل أي فصل عن وجود الجماعات السياسية نفسه وما تحتاج إليه القوة إنما هو المشروعية فالقوة تنبثق من كل مكان يجتمع فيه الناس ويتصرفون بالتناسق فيما بينهم لكنها تستنبط مشروعيتها من اللقاء الأول أكثر مما تستنبطه من أي عمل قد يلي ذلك.
و رأت حنا أرنت أن ثمة خطأ جوهري في بنية مفهوم القوة الاجتماعية بجعلها تعتمد بالأساس على عدم المساوة والهيمنة وترفض أن تشير القوة لبنى الهيمنة والعنف في المجتمع ف"السلطة تكمن حقاً في جوهر كل حكومة لكن العنف لا يكمن في هذا الجوهر العنف بطبيعته أداتي"
المفاهيم المناقضة
العنف
وترى حنا أرنت عند تحليلها للنظم الشمولية أن العنف يتعارض جوهريا مع السياسة بل يقصيها ويغيبها تماما. إن العنف يرتبط بأفعال غير سياسية في عمقها: التحايل الضبط أو التطويع الاجتماعي, التخدير الإيديولوجي. فتذهب في كتابها في العنف إلى القول: "إن السلطة والعنف يتعارضان: فحين يحكم أحدهما حكما مطلقا يكون الآخر غائبا.
ويظهر العنف "لما تكون السلطة مهددة. لكنه إن ترك على سجيته سينتهي الأمر باختفاء السلطة". إن العنف لا يمثل إلا مسلكا من المسالك التي تلجأ إليها السلطة, وهي لما تقوم بذلك تحاول تبريره. إن الأفعال السياسية الحق لا تحتاج إلى تبرير، أما العنف فيوجب في أغلب الأحيان التبرير. وتقول حنا أراندت: "لا يمكن للعنف أن ينحدر من نقيضه الذي هو السلطة, وأنه يتعين علينا, لكي نفهم العنف على حقيقته أن نتفحص جذوره وطبيعته".
وتبعا لمقاربتها الظاهراتية (الفينومنولوجية), ترى أرنت أن العنف يعبر في كثير من الأحيان عن مشاعر لا ترتبط بالضرورة بالسياسة: كالخوف من الموت والفناء, والبحث عن الخلود عن طريق استمرارية الجماعة. ويظهر العنف المضاد للسلطة عند غياب الحرية. فالحرية تعني "القدرة على الفعل" أو "القدرة على التأثير". إن الديمقراطيات الحديثة لها طابع بيروقراطي بشكل رئيسي وبالتالي فهي تجنح إلى التقليص من فضاء الحرية, بل تسعى إلى جعلها بدون جدوى وفعالية وبدون معنى, سيما وأن البيروقراطية
تبدو وكأنها "سلطة بدون هوية سياسية". إن المثقفين في الشرق ينشدون الحرية ويطالبون بها, أما المثقفون في الغرب فيرون أن حريتهم ليست لها معنى, وهذا ما أفضى في النهاية إلى أعمال العنف. إن المفكرين المحدثين الذين مجدوا العنف إنما انطلقوا من أساطير وأوهام سياسية, فاعتبروا أن العنف قد يكون خلاقا ومنقذا للجماعة كما هو الشأن عند جورج سوريل أو أنه باعثا على الحياة كما هو الشأن عند فرانز فانون.
السلطة
وترى أرنت أن السلطة من أكثر الظواهر التباساً بما يجعلها أكثر عرضة لسوء الاستخدام وهي يمكن استخدامها على المستوى الشخصي كما يمكن استخدامها على مستوى المؤسسات في مجلس الشيوخ الروماني أو في التارتبية الهرمية الكنسية وتتميز السلطة بأن الذين يطلب إليهم الخضوع لها يعترفون بها دون أن يضعوا دون ذلك أي شروط ومن دون أن يحتاج الأمر إلى إقناع أو إكراه والإبقاء على السلطة يتطلب احتراماً معيناً للشخص أو المؤسسة المعنية والعدو الأكبر للسلطة هو الاحتقار أما الخطر الأكبر الذي ينسف التسلط فهو الاستهزاء.