منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 قراءة في تجربة التنمية بماليزيا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ndwa
وسام التميز
وسام التميز



الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 212
نقاط : 498
تاريخ التسجيل : 15/04/2013

قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Empty
مُساهمةموضوع: قراءة في تجربة التنمية بماليزيا   قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyالأربعاء ديسمبر 04, 2013 5:30 pm

قراءة في تجربة التنمية بماليزيا

التجربة الماليزية جديرة بالتأمل وخصوصاً أنها تتميز بكثير من الدروس التي من الممكن أن تأخذ بها الدول النامية كي تنهض من كبوة التخلف والتبعية· فعلى الرغم من الانفتاح الكبير لماليزيا على الخارج والاندماج في اقتصادات العولمة، فإنها تحتفظ بهامش كبير من الوطنية الاقتصادية· وخلال نحو عشرين عاماً تبدلت الأمور في ماليزيا من بلد يعتمد بشكل أساسي على تصدير بعض المواد الأولية الزراعية إلى بلد مصدر للسلع الصناعية، في مجالات المعدات والآلات الكهربائية والالكترونيات· فتقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لعام 2001م رصد أهم 30 دولة مصدرة للتقنية العالية، كانت ماليزيا في المرتبة التاسعة متقدمة بذلك عن كل من ايطاليا والسويد والصين· كما كانت تجربتها متميزة في مواجهة أزمة جنوب شرق آسيا الشهيرة التي شهدها العام 1997م، حيث لم تعبأ بتحذيرات الصندوق والبنك الدوليين وأخذت تعالج أزمتها من خلال أجندة وطنية فرضت من خلالها قيوداً صارمة على سياستها النقدية، معطية البنك المركزي صلاحيات واسعة لتنفيذ ما يراه لصالح مواجهة هروب النقد الأجنبي إلى الخارج، واستجلب حصيلة الصادرات بالنقد الأجنبي إلى الداخل وأصبحت عصا التهميش التي يرفعها الصندوق والبنك الدوليين في وجه من يريد أن يخرج عن الدوائر المرسومة بلا فاعلية في مواجهة ماليزيا التي خرجت من كبوتها المالية أكثر قوة خلال عامين فقط،لتواصل مسيرة التنمية بشروطها الوطنية· بينما أندونسيا وتايلاند مثلاً ما زالتا تعانيان أثر الأزمة، من خلال تعاطيهما تعليمات أجندة الصندوق والبنك الدوليين·ونظراً لتفرد التجربة فقد حرصنا على مشاركة المتخصصين الذين تناولوا التجربة بالبحث والدراسة من خلال كتب منشورة وأبحاث علمية شاركوا بها في المؤتمرات العلمية·

العوامل الاقتصادية والسياسية التي ساعدت على نجاح التجربة
الدكتورة <نعمت مشهور> أستاذة الاقتصاد الإسلامي في كلية التجارة للبنات بجامعة الأزهر ترى أن هناك مجموعة من العوامل ساعدت على نجاح تجربة ماليزيا في التنمية وهي كما يلي:
1 ـ المناخ السياسي لدولة ماليزيا يمثل حالة خاصة بين جيرانها، بل بين الكثير من الدول النامية، حيث يتميز بتهيئة الظروف الملائمة للإسراع بالتنمية الاقتصادية· وذلك أن ماليزيا لم تتعرض لاستيلاء العسكريين على السلطة·
2 ـ يتم اتخاذ القرارات دائماً من خلال المفاوضات المستمرة بين الأحزاب السياسية القائمة على أسس عرقية، ما جعل سياسة ماليزيا توصف بأنها تتميز بأنها ديموقراطية في جميع الأحوال·
3 ـ تنتهج ماليزيا سياسة واضحة ضد التفجيرات النووية، وقد أظهرت ذلك في معارضتها الشديدة لتجارب فرنسا النووية، وحملتها التي أثمرت عن توقيع دول جنوب شرق آسيا العشر المشتركة في <تجمع الأسيان> في العام 1995م على وثيقة إعلان منطقة جنوب شرق آسيا منطقة خالية من السلاح النووي وقد ساعد هذا الأمر على توجيه التمويل المتاح للتنمية بشكل أساسي بدلاً من الإنفاق على التسلح وأسلحة الدمار الشامل·
4 ـ رفض الحكومة الماليزية تخفيض النفقات المخصصة لمشروعات البنية الأساسية، والتي هي سبيل الاقتصاد إلى نمو مستقر في السنوات المقبلة· لذا قد ارتفع ترتيب ماليزيا لتصبح ضمن دول الاقتصاد الخمس الأولى في العالم في مجال قوة الاقتصاد المحلي·
5 ـ انتهجت ماليزيا استراتيجية تعتمد على الذات بدرجة كبيرة من خلال الاعتماد على سكان البلاد الأصليين الذين يمثلون الأغلبية المسلمة للسكان
6 ـ اهتمام ماليزيا بتحسين المؤشرات الاجتماعية لرأس المال البشري الإسلامي، من خلال تحسين الأحوال المعيشية والتعليمية والصحية للسكان الأصليين، سواء كانوا من أهل البلاد الأصليين أو من المهاجرين إليها من المسلمين الذين ترحب السلطات بتوطينهم·
7 ـ اعتماد ماليزيا بدرجة كبيرة على الموارد الداخلية في توفير رؤوس الأموال اللازمة لتمويل الاستثمارات حيث ارتفاع الادخار المحلي الإجمالي بنسبة 40 % بين سنة 1970م وسنة 1993م، كما زاد الاستثمار المحلي الإجمالي بنسبة 50 % خلال الفترة عينها·
ويرى د·محمود عبدالفضيل أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أنه في الوقت الذي تعاني فيه بلدان العالم النامي من ثالوث المرض والفقر والجهل، فإن ماليزيا كان لها ثالوث آخر دفع بها إلى التنمية منذ طلع الثمانينيات وهو ثالوث النمو والتحديث والتصنيع، باعتبار هذه القضايا الثلاث أوليات اقتصادية وطنية، كما تم التركيز على مفهوم <ماليزيا كشراكة> كما لو كانت شركة أعمال تجمع بين القطاع العام والخاص من ناحية وشراكة تجمع بين الأعراق والفئات الاجتماعية المختلفة التي يتشكل منها المجتمع الماليزي من ناحية أخرى·
ويضيف عبدالفضيل أن هناك عوامل أخرى ساعدت على نجاح التجربة التنموية في ماليزيا منها:
1 ـ أنها تعاملت مع الاستثمار الأجنبي المباشر بحذر حتى منتصف الثمانينيات، ثم سمحت له بالدخول ولكن ضمن شروط تصب بشكل أساسي في صالح الاقتصاد الوطني منها:
ü ألا تنافس السلع التي ينتجها المستثمر الأجنبي الصناعات الوطنية التي تشبع حاجات السوق المحلية·
ü أن تصدر الشركة 50 % على الأقل من جملة ما تنتجه
ü الشركات الأجنبية التي يصل رأس مالها المدفوع نحو 2 مليون دولار يسمح لها باستقدام خمسة أجانب فقط لشغل بعض الوظائف في الشركة·
2 ـ أيضاً امتلاك ماليزيا لرؤيا مستقبلية للتنمية والنشاط الاقتصادي من خلال خطط خمسية متتابعة ومتكاملة منذ الاستقلال وحتى الآن، بل استعداد ماليزيا المبكر للدخول في القرن الحالي <الواحد والعشرين> من خلال التخطيط لماليزيا 2020م والعمل على تحقيق ما تم التخطيط له·
3 ـ وجود درجة عالية من التنوع في البنية الصناعية وتغطيتها لمعظم فروع النشاط الصناعي ( الصناعات: الاستهلاكية - الوسيطة -الرأسمالية ) وقد كان هذا الأمر كمحصلة لنجاح سياسات التنمية بماليزيا فيمكن اعتباره سبباً ونتيجة في الوقت عينه·

مسيرة التنمية في ماليزيا
يرصد الدكتور عبدالفضيل تجربة التنمية في ماليزيا من خلال البعد التاريخي ومدى تطور التنمية في هذا البلد فيذكر أنه، بعد أن حصلت ماليزيا على استقلالها في العام 1958م اتجهت استراتيجية التنمية إلى الإحلال محل الواردات في مجال الصناعات الاستهلاكية والتي كانت تسيطر عليها الشركات الأجنبية قبل الاستقلال· إلا أن هذه الاستراتيجية لم تفلح في مجال التنمية المتواصلة نظراً لضيق السوق المحلي وضعف الطلب المحلي· ولم يكن لهذه الاستراتيجية أثر على الطلب على العمالة أو وجود قيمة مضافة عالية·
ويبين، عبدالفضيل، أن المرحلة الأولى بدأت في عقد السبعينات حيث اتجهت التنمية في ماليزيا للاعتماد على دور كبير للقطاع العام والبدء في التوجه التصديري في عمليات التصنيع· حيث بدأ التركيز على صناعة المكونات الإلكترونية· ولكن هذه الصناعات كانت كثيفة العمالة مما نتج منه تخفيض معدلات البطالة وحدوث تحسن في توزيع الدخول والثروات بين فئات المجتمع الماليزي ولا سيما بين نخبة صينية كانت مسيطرة على مقدرات النشاط الاقتصادي خلال فترات الاحتلال والسكان ذوي الأصل المالايي الذين يشكلون الأغلبية في ماليزيا· أيضاً كان لشركات البترول دور ملموس في دفع السياسات الاقتصادية الجديدة حيث كونت ما يشبه الشركات القابضة للسيطرة على ملكية معظم الشركات التي كانت مملوكة للشركات الإنكليزية والصينية· وقد تحقق لها ذلك مع نهاية عقد السبعينيات·
ويوضح، عبدالفضيل، أن المرحلة الثانية شهدت الخمس سنوات الأولى من عقد الثمانينيات تنفيذ الخطة الماليزية الرابعة والتي ركزت على محورين هما: موجة جديدة من الصناعات التي تقوم بعمليات الإحلال محل الواردات والصناعات الثقيلة في إطار ملكية القطاع العام·بينما الفترة الممتدة من منتصف الثمانينيات وحتى العام 2000م لتشمل المرحلة الثالثة حيث شهدت تنفيذ ثلاث خطط خمسية في ماليزيا· استهدفت تحقيق مجموعة من السياسات لتنشيط عمليات النمو الصناعي وتعميق التوجه التصديري في عمليات التصنيع وأيضاً تحديث البنية الأساسية للاقتصاد الماليزي، وكذلك وجود مزيد من التعاون الاقتصادي الاقليمي في إطار مجموعة بلدان كتلة <الأسيان>، وأخيراً تطوير طبقة من رجال الأعمال الماليزيين من ذوي الأصول المالاوية·

الإسلام وتجربة التنمية في ماليزيا
تقول الدكتورة <نعمت مشهور> تقوم تجربة التنمية في ماليزيا على أنها تجربة ناجحة وأنها تجربة اتفقت إلى مدى بعيد مع مبادئ وأسس الاقتصاد الإسلامي، وإن لم يتم الإعلان صراحة عن هذا الانتماء· فقد اهتمت ماليزيا بتحقيق التنمية الشاملة لكل من المظاهر الاقتصادية والاجتماعية، مع الموازنة بين الأهداف الكمية والأهداف النوعية، مع الاهتمام بهذه الأخيرة· وتدلل الدكتورة <نعمت مشهور> على ما ذهبت إليه من خلال ما يلي:
ـ في مجال التنمية المادية عملت ماليزيا على تحقيق العدالة بين المناطق، بحيث لا يتم تنمية منطقة على حساب أخرى، فازدهرت مشروعات البنية الأساسية في كل الولايات، كما اهتمت بتنمية النشاطات الاقتصادية جميعها، فلم يهمل القطاع الزراعي في سبيل تنمية القطاع الصناعي الوليد أو القطاع التجاري الاستراتيجي، وإنما تم إمداده بالتسهيلات والوسائل التي تدعم نموه، وتجعله السند الداخلي لنمو القطاعات الأخرى·
ü كما اتفقت التنمية الماليزية مع المبدأ الإسلامي الذي يجعل الإنسان محور النشاط التنموي وأداته، فأكدت تمسكها بالقيم الأخلاقية والعدالة الاجتماعية والمساواة الاقتصادية، مع الاهتمام بتنمية الأغلبية المسلمة لسكان البلاد الأصليين من الملاويين وتشجيعهم على العمل بالقطاعات الإنتاجية الرائدة، فضلاً عن زيادة ملكيتهم لها· كما وفرت لأفراد المجتمع إمكانات تحصيل العلم في مراحله المختلفة، وتسهيل التمرين والتدريب ورفع مستوى الإنتاجية، وترتيبات الارتفاع بالمستوى الصحي وتوقعات العمر، فنجحت في تحسين مستويات معيشة الأغلبية العظمى من أفراد الشعب كماً ونوعاً، وخصوصاً مع ارتفاع متوسط الدخل الفردي·
ü كذلك انتهجت ماليزيا استراتيجية الاعتماد على الذات في الاضطلاع بالعبء التنموي، سواء البشري أو التمويلي، حيث عملت على حشد المدخرات المحلية اللازمة لاستغلال الموارد الإلهية المتاحة·
ü أيضاً اهتمت ماليزيا بتجربة تحسين المؤشرات الاجتماعية لرأس المال البشري الإسلامي، سواء كان من أهل البلاد الأصليين أو من المهاجرين إليها من المسلمين الذين ترحب السلطات بتوطينهم، كما أسهم ارتفاع نصيب الملاويين في الملكية المشتركة للثروة في القطاعات الإنتاجية المختلفة، فضلاً عن القطاع المالي والمصرفي، إلى توفير رؤوس الأموال المحلية اللازمة لمختلف أوجه التنمية بصورة متزايدة والتي أسهمت في الإقلال من الديون الخارجية، وما يترتب عليها من زيادة عبء الدين الذي يرهق الموارد اللازمة للتنمية، فضلاً عن العواقب الوخيمة اجتماعياً وسياسياً·
ü طبيعة دور الدولة في النشاط الاقتصادي في ماليزيا تتم من خلال القنوات الديموقراطية للشورى المتمثلة في الأحزاب الماليزية المتعددة التي توفر أوسع مشاركة ممكنة للناس في مناقشة جميع القضايا المتعلقة بالمصلحة العامة، ومتابعة السلطة التنفيذية في تطبيقها الجاد لجميع السياسات التي يتم الموافقة عليها ·
ü التزمت الحكومة الماليزية بالأسلوب الإسلامي السليم في ممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية وتوجيه الموارد، ففي حين عملت على تحويل ملكية مختلف المشروعات الاقتصادية إلى القطاع الخاص، فقد نمت مسؤولية الأفراد وأشركتهم عملياً في تحقيق الأهداف القومية، واحتفظت بسهم خاص في إدارة المؤسسات ذات الأهمية الاجتماعية والاستراتيجية، لعدم التخلي عن دورها في ممارسة الرقابة والإشراف عليها· ومن ناحية أخرى أسهمت الحكومة في التقليل من الآثار السلبية للتحول إلى القطاع الخاص عن طريق منح تأمين ضد البطالة للعاملين في الخدمات التي تم تحويلها إلى القطاع الخاص، مع وعدهم بأجور أعلى في المدى القريب، ولكن يؤخذ على الحكومة تجاهلها للاعتراضات الإسلامية على تحويل الموارد الطبيعية العامة إلى القطاع الخاص بدلاً من إبقائها في إطار الملكية المشتركة للمسلمين تحت مسئولية الدولة ورقابتها·
وتؤكد الدكتورة <نعمت مشهور> وجهت نظرها بأن التجربة الماليزية كانت إسلامية من دون وجود لافتة تحدد هذا الانتماء من خلال أن التجربة لفتت أنظار الدارسين الذين تنبأوا بتحول القوة السياسية الإسلامية من الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا، حيث يتوقع أن يؤدي الأخذ بالابتكارات التكنولوجية وتحقيق معدلات التنمية العالية، إلى تحويل دولة صغيرة سريعة النمو مثل ماليزيا، إلى أهم وجود إسلامي في العالم على الإطلاق·

التجربة تنقصها الزكاة
وتشير الدكتورة <نعمت مشهور> إلى أن تبوء ماليزيا لدور بارز في قيادة العالم الإسلامي أمل يمكن أن يصبح حقيقة واقعة إذا ما استكملت الحكومة الماليزية مسئولياتها، فإلى جانب اهتمامها بنشر الدين الإسلامي والدعوة لمختلف أركانه من تشجيع على الذكر وحفظ القرآن الكريم وإقامة المساجد،وإحياء فريضة الصوم في ليالي رمضان، وتكوين مؤسسة الادخار لتيسير أداء فريضة الحج لأكبر عدد من أبناء البلاد، فإن على الدولة أن تهتم بتطبيق فريضة الزكاة، وخصوصاً مع ارتفاع مستويات الدخول الفردية وتزايد الثروات التي تجب فيها الزكاة· ذلك مع حماية الثروات الطبيعية التي وهبها الله تبارك وتعالى لماليزيا، وعدم تعرضها للإبادة والتدمير·

حضور إسلامي ولكن···!!
الأستاذ <مصطفى الدسوقي> الخبير الاقتصادي بمركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي بجامعة الأزهر يرى أن تجربة ماليزيا في التنمية لها خصوصية من حيث استفادتها من الظرف التاريخي للصراع العالمي بين الاتحاد السوفيتي ـ قبل سقوطه ـ والولايات المتحدة الأميركية· حيث ساندت أميركا دول هذه المنطقة من الناحية الاقتصادية لتكون هذه نموذجاً مغرياً لدول المنطقة التي ركنت إلى الاتحاد السوفيتي السابق والكتلة الاشتراكية· ولكن لابد أن نذكر هنا أن ماليزيا طوعت هذا الاتجاه لتبني نفسها وتوجد اقتصاداً قوياً· حتى مع سيطرة اقتصاديات العولمة وجدنا أن ماليزيا شاركت فيه بقوة، ولكن من منطق المشاركة أخذاً وعطاءً وليس مجرد الحضور كما فعلت كثير من بلدان العالم النامي، وبخاصة البلدان الإسلامية· وبالتالي فإن تكرار نموذج ماليزيا في بلدان العالم الإسلامي لابد أن يأخذ في الاعتبار الظروف التاريخية المصاحبة لهذه البلدان وكذلك وضعها في طبيعة الخريطة السياسية الدولية حالياً· وإن كان يؤخذ على هذه البلدان أنها لم تستفد بشكل مباشر من فترة النظام العالمي ثنائي القطبية·
أما عن تجربة التنمية في ماليزيا ومدى ارتباطها بالإسلام فيذكر <الدسوقي> أن فكر رئيس الوزراء الماليزي قائم على أن النظام الإسلامي لا يوجد به نموج للتنمية ولكن توجد بالإسلام مجموعة من القيم والأخلاق يستفاد منها في ترشيد النظام الرأسمالي· مثل حث المسلمين على العمل والإتقان والمساواة والعدل والتكافل الاجتماعي· مع الأخذ في الاعتبار أن شخصية رئيس الوزراء الماليزي <مهاتير محمد> من الشخصيات النادرة التي تتمتع بحس سياسي متفرد يتسم بالوطنية والوعي بالأوضاع السياسية العالمية·
ومع ذلك نجد أن ماليزيا تفردت في بعض التطبيقات الإسلامية في المجال الاقتصادي من وجود شركات للتأمين تعمل وفق المنهج الإسلامي ووجود بعض الآليات في سوق المال تعمل وفق المنهج الإسلامي وأيضاً وجود جامعة إسلامية متطورة في ماليزيا تتفاعل مع متطلبات العصر وتخدم قضايا التنمية· كما أن ماليزيا تفردت أيضاً بوجود صندوق الحج القائم على توفير مدخرات الأفراد المشاركين فيه في أعمار مبكرة لكي يؤدي هؤلاء الأفراد الحج عند بلوغهم سناً معينة، ولا شك أن هذه الأموال يتم الاستفادة منها في توظيفها في عمليات التنمية باعتبارها مدخرات إلى حد ما طويلة المدى· ويضيف الدسوقي أن انفصال سنغافورا كان حافزاً على أن يثبت المالاويون ذاتهم وأن يهتموا بالتنمية·
أما عن الملاحظات على تجربة التنمية الماليزية فيرى، الدسوقي، أن هناك نقطتين رئيسيتين تعيبان التجربة الماليزية وهما ارتفاع معدلات الاستيراد كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي , والأخرى ارتفاع نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي· مما قد يعرض التجربة لوجود مؤثرات خارجية تجعل الاقتصاد الماليزي يتأثر بها سلباً·

الدروس المستفادة من التجربة الماليزية
بعد هذا السرد يمكننا أن نخلص إلى مجموعة من الدروس يمكن لبلدان العالم الإسلامي الاستفادة منها وهي:
1 ـ الاهتمام بجوهر الإسلام وتفعيل منظومة القيم التي حض عليها الإسلام في المجال الاقتصادي وغيره ولا داعي لرفع لافتات إسلامية دون وجود مضمون حقيقي لقيم الإسلام·
2 ـ إعمال مبادئ الشورى التي حض عليها الإسلام من خلال نظم ديموقراطية تحترم حقوق الأفراد·
3 ـ في حال وجود عرقيات مختلفة يمكن التوصل إلى اتفاقات تتقاطع فيها دوائر المصالح المختلفة وبذلك يكون التنوع مصدر إنماء لا هدم·
4 ـ الاستفادة من الظروف العالمية السياسية لبناء الاقتصادات الوطنية·
5 ـ الاعتماد على الذات في بناء التجارب التنموية ولن يتحقق هذا إلا في ظل استقرار سياسي واجتماعي·
6 ـ الاستفادة من التكتلات الإقليمية بتقوية الاقتصادات المشاركة بما يؤدي إلى قوة واستقلال هذه الكيانات في المحيط الدولي·
7 ـ التنمية البشرية ورفع كفاءة رأس المال البشري فالإنسان هو عماد التنمية تقوم به ويجني ثمارها·
8 ـ أهمية تفعيل الأدوات الاقتصادية والمالية الإسلامية في مجال التنمية مثل الزكاة والوقف من خلال وجود مؤسسات تنظم عملها والرقابة على أدائها·
9 ـ أن تتوزع التنمية على جميع مكونات القطر دون القصور على مناطق وإهمال مناطق أخرى، مما يترتب عليه الكثير من المشكلات مثل التكدس السكاني والهجرة إلى المناطق المعنية بالتنمية وتكريس الشعور بالطبقية وسوء توزيع الدخل·
01 ـ اعتبار البعد الزمني من حيث استيعاب التقدم التكنولوجي، وأن المعرفة تراكمية،وأن المشكلات مع الوقت سوف تزول في وجود أداء منضبط بالخطط المرسومة·
11 ـ بخصوص التطبيق لمبادئ وأسس الاقتصاد الإسلامي قد تكون هناك فترات انتقالية لتهيئة المجتمع للتطبيق الكامل ولكن لا يعني ذلك التوقف عن البدء في التطبيق، فمالا يدرك جله لا يترك كله· ويفضل البدء بما تتوافر له الشروط والظروف الملائمة·

بيانات أساسية عن الاقتصاد الماليزي

  •  صادرات عالية ومتوسطة التقنية كنسبة من إجمالي صادرات السلع 67.4%·
  • معدل الأمية بين البالغين (النسبة المئوية لمن تبلغ أعمارهم 15 سنة أو أكثر) 13 % في العام 1999م·
  • ترتيب ماليزيا في دليل التنمية البشرية لعام 2001 م هو <65> (التقرير يشمل <162> دولة من دول العالم)·
  • عدد السكان في العام 1999م هو 21.8 مليون نسمه·
  • المساحة الكلية 329749كم / مربع·
  • سكان يستخدمون إمكانات ملائمة من الصرف الصحي 98% في العام 1999م·
  • سكان يستخدمون مصادر مياه محسَّنة النسبة المئوية 95 % في العام 1999م·
  • الإنفاق على التعليم كنسبة مئوية من الناتج القومي 4.9 % خلال الفترة 95 ـ 1997م·
  • الإنفاق على التعليم كنسبة من مجموع الإنفاق الحكومي 15.4 % خلال الفترة من 95 ـ 1997 ·
  • الناتج المحلي الإجمالي في العام 1999م هو 79 مليار دولار·
  • نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العام 1999م هو 8209 دولار·
  • صادرات السلع والخدمات كنسبة مئوية من الناتج المحلي 122% الإجمالي في العام 1999م·
  • واردات السلع والخدمات كنسبة مئوية من الناتج المحلي 97% في العام 1999م·
  • البيانات الواردة في سياق المقال تم تجميعها بواسطة المحرر من تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأم المتحدة لعام 2001م·
     
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ndwa
وسام التميز
وسام التميز



الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 212
نقاط : 498
تاريخ التسجيل : 15/04/2013

قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في تجربة التنمية بماليزيا   قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyالأربعاء ديسمبر 04, 2013 5:30 pm

حوراني: نموذج المغرب المعتمد على التنمية عبر الطلب الداخلي نموذج فاشل
الأولى
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا EmailButtonقراءة في تجربة التنمية بماليزيا PrintButtonقراءة في تجربة التنمية بماليزيا Pdf_button
0 Comments
حصة المغرب من السوق الأوروبية لا تتعدى في المتوسط 0.7 في المائة
قال رئيس المركز المغربي للظرفية الاقتصادية، لحبيب المالكي، إن مشكل التنافسية يعد المشكل البنيوي الرئيسي بالمغرب. وأضاف المالكي، خلال ندوة صحفية نظمت أول أمس بالدار البيضاء في موضوع «التنافسية ودينامية التصدير، أية إستراتيجية مستقبلية؟»، إن هذا المشكل يبرز جليا في مجال التجارة الخارجية.
واعتبر المالكي أن المغرب الذي اختار الانفتاح عبر توقيع اتفاقيات التبادل الحر مع العديد من الأقطاب الاقتصادية لم ينجح في هذا الخيار. فالمركز المغربي للظرفية الاقتصادية يرى أن المغرب لم يستطع التحكم في خيار الانفتاح، وبالتالي عليه أن يراجع نموذج التنمية الذي ينهجه من أجل أن ينمي صادراته واقتحامه للأسواق الخارجية.
ومن ضمن الاتجاهات التي يتعين أن نسلكها، يقول رئيس المركز، اعتماد سياسة للتصنيع، حيث يبقى المغرب، في نظر المالكي، في مستوى ضعيف من حيث التصنيع، كما يتعين اعتماد سياسة ملائمة للصرف في اتجاه جعل معدل الصرف أكثر مرونة، وإدخال البعد التصديري في ثقافة الفاعلين الاقتصاديين المغاربة.
من جهته اعتبر عبد اللطيف معزوز، وزير التجارة الخارجية، وبنفس المناسبة أن مسالة التنافسية لم تكن أكثر حالية كما هي اليوم خاصة في بعدها المتعلق بنموذج التنمية بالمغرب. وقال الوزير إن راهنية هذا الموضوع تزداد في وقت يتواصل مسلسل إلغاء الحقوق الجمركية حيث لم يعد للمغرب سوى نسبة 25 في المائة كمعدل أقصى من هذه الحقوق . أما فيما يخص الاتحاد الأوروبي ففي شهر مارس المقبل ستلغى هذه الحقوق نهائيا( صفر في المائة) فيما ستلغى بصفة نهائية أيضا مع الولايات المتحدة الأمريكية في أفق 2015.
واعتبر الوزير أن اختيار المغرب لنموذج التنمية المعتمد على الطلب الداخلي في طريقه إلى المراجعة في اتجاه تبني نموذج يعتمد على التصدير الذي أثبت فعاليته في العديد من الدول. وأشار المتحدث إلى أن الظرفية الحالية تجعل اقتحام حصص جديدة من الأسواق العالمية أمرا في غاية الصعوبة. غير أن هذه الصعوبة قد تلين بعض الشيء، حسب معزوز، مع اتجاه تحول الطلب على السلع والخدمات من الشرق (دول آسيا) إلى الغرب أوروبا أساسا.هذا الأمر يحتم على المغرب أن يلتقط هذه الفرصة لتنمية صادراته لا فقط على مستوى الكيف، بل أيضا على صعيد الكم، حيث يلاحظ أن كثيرا من الطلبات الخارجية لا تجد من يلبيها داخل النسيج المقاولاتي بالمغرب.
كما أن هناك نقصا، بنظر المتحدث، في عملية التواصل مع الفاعلين الاقتصاديين الاروبيين الذين يجهل الكثير منهم الامتيازات التي تخولها لهم اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية. وحسب معزوز فحصة المغرب من السوق الاروبية لا تتعدى في المتوسط 0.7 في المائة.هذا لا ينفي أنه كانت هناك مجهودات في هذا الإطار والتي تتجلى في كون حصة المغرب في السوق العالمية انتقلت من 0.13 في المتوسط سنة 2000 إلى 16 في المائة عند نهاية 2010. كما أن المنتوجات الجديدة ضمن إجمالي صادرات المغرب بلغت نسبتها 20 في المائة إذا استثنينا صادرات المجمع الشريف للفوسفاط، يقول وزير التجارة الخارجية.  
في ذات السياق حذر محمد حوراني، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، من أن الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها الاتحاد الأوروبي تهدد حتى الحصص الحالية لصادرات المغرب إلى الاتحاد. كما تهدد حصص المغرب في الأسواق الأخرى عبر العالم. واعتبر حوراني أن مشكل الصادرات لا يجب أن يغطي على مشكل الواردات. فهذه الأخيرة تزداد، حسب المتحدث، بوتيرة أكبر من وتيرة ارتفاع الصادرات، وهو ما يعطي تفاقما للعجز التجاري المغربي.وأكد أن المغرب مازال لم يجد الإستراتيجية الملائمة لمعالجة المشكل البنيوي لصادراته.واعتبر أن نموذج المغرب المعتمد على التنمية عبر الطلب الداخلي نموذج فاشل. وقال في هذا الصدد إن دراسة مقارنة أنجزها الاتحاد العام لمقاولات المغرب بينت أن عددا من الدول مثل تونس والمكسيك وفرنسا والبرازيل تعتمد نموذجا مبنيا على الصادرات وهو النموذج الذي يمكن من تغطية 80 في المائة على الأقل من الواردات بالصادرات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ndwa
وسام التميز
وسام التميز



الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 212
نقاط : 498
تاريخ التسجيل : 15/04/2013

قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في تجربة التنمية بماليزيا   قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyالأربعاء ديسمبر 04, 2013 5:34 pm

تنمية المحلية ، المفهوم و الخيارات ... بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم

قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Section_projects_1287911315_6406
نتناول في هذا المقال مدخل حول مفاهيم التنمية المحلية و التي يقل الاهتمان بها في حجالات البحث الاقتصادي و الاجتماعي في السودان. المقصود بهذا المفهوم ن بشكل مبسط هو مدي تأثير مشروعات و برامج التنمية علي المجال الجغرافي الاصغر الذي يعيش فيه السكان ، سواء ان كانت تلك المشروعات و البرامج ذات طابع قومي ، مثل انتاج البترول ، اقامة السدود او الصناعات و المشاريع الزراعية القومية او ذات طابع اقليمي او محل مثل مشروعات البنيات التحتية او الخدمات بمختلف اشكالها. يتم الاهتمام في هذا المجال بالمخرجات المحلية و الاثار الثانوية للمشروعات و البرامج التنموية التي تعتبر في غاية الاهمية للوسط المحلي. تنبع تلك الاهمية من جملة الاثار الايجابية علي تلوحدات الادارية و الجماعات المحلية التي تشكل البيئة الجغرافية و المجال المحيط المرتبط بالهوية الجماعية للسكان مثل القبائل ، و الجماعات السكانية بمكوناتها المختلفة. يكمن الهدف الرئيسي للتنمية المحلية في جانبين اساسين هما :
 
[rtl]الاول : رفع المستوي المعيشي عبر تنوع الانشطة الاقتصادية و التجارية و الاجتماعية و ذلك بتنشيط و تنويع موارد و طاقات المجال الجغرافي مما يحدث تغير نوعي في حياة المنطقة يمكن رؤيته من خلال مستوي المعيشة و تطور البيئة الحياتية اليومية و تحسن مستوي الخدمات . بفك ذلك العزلة عن المناطق النائية و يساهم في دمجها في الاقتصاد القوميز[/rtl]
الثاني: هو تحديث بنية التنمية الريفية بادخال التكنولوجيا الحديثة في الانتاج و تحديث بنيات الري و تأهيل الكوادر و بناء القدرات و زيادة الانتاجية بادخال المكننة و الارشاد الزراعي ، يحول ذلك المجتمعات القروية المنعزلة الي مجتمعات زراعية حديثة.
  يعتمد مفهوم التنمية المحلية علي عدد من المعايير التي يجب توفرها مثل اشراك القطاعات الفاعلة في الوسط الجغرافي المحلي ، استحداث نظم و مؤسسات للشراكة ، دراسة المجال المحلي و تحليله ، و وضع برامج عمل علي ذلك الاساس ، التخلص من مركزية قرارات التنمية و تمركزها في مناطق معينة. أضافت الأزمة المالية العالمية الي الاذهان مفهوم التنمية المحلية بابعاد جديدة و  اصبح موضوع اهتمام للعديد من الباحثين و العلماء في مجال البحث الاقتصادي و الاجتماعي. يعتبر مفهوم التنمية المحلية مفهوما فكريا جديدا نسبيا ، اشتد الاهتمام به بعد الحرب العالمية الثانية و وضعت حوله العديد من النظريات و التي سنستعرض بعض جوانبها في هذا المقال علي امل رفع الاهتمام بها في مجالات البحث الاقتصادي و الاجتماعي الذي يتناول التنمية بمفاهيمها المختلفة في السودان.
     مثلت التجارب الاشتراكية محورا مهما في ذلك المفهوم مستندة الي تجربتين هما السوفيتية في مجال الاتحاد السوفيتي السابق و ما دار في فلكه من دول و منظومات و الثانية هي التجربة الصينية. قامت التجربتان علي اساس " التحول الهيكلي " من خلال التنمية الصناعية و التكامل بين الصناعة و التكنولوجيا ، بمعني تحويل النظريات و الابتكارات العلمية الي تكنولوجيا يستفيد منها الناس في حياتهم بشكل مباشر و ملموس. ادي ذلك النهج الي تكوين راسمالي عبر تعظيم الادخار و التوسع في الاستثمار المنتج. تم تطبيق كل ذلك عمليا من خلال التخطيط الممركز علي النطاق القومي الشامل و لكنه في نفس الوقت اهتم بالتنمية المحلية و الريفية المتكاملة. الا ان هنالك تباين جوهري بين التجربتين السوفيتية و الصينية يكمن في التوجه الحضري- المديني للسوفيت و الدور المحوري للريف في حالة ألصين.
        اما علي مستوي الفكر الراسمالي الغربي فقد تم وضع العديد من النظريات حول التنمية المحلية و التي تم ربطها بالقطاع الخاص و بدور الشركات الكبري و متعددة الجنسيات و صولا الي معالجات اخري تعتمد علي الشركات الصغري. في ذلك الاطار تم تناول مفهوم المكان او المجال باشكال متباينة و تم ربطه بمفاهيم التخصيص و التوزيع المعروفة في مجال الاقتصاد العاام و في الفكر التنموي بشكل عام. جاءت من ذلك نظرية التوطين ثم الاقتصاد الاقليمي. في التكامل بين الاقتصاد و الاجتماع نجد الابحاث ذات الاتجاه الانثروبولوجي التي اهتمت بمعالجة سوسيولوجيا المجتمعات المحلية الأولية و الجماعات ذات الانتماءات الفرعية مثل التجمعات العرقية و القبلية و العشائرية و الدينية و الجهوية و " الجماعات الاصلية " و بحثت خصائص السلوك الاجتماعي لتلك المجموعات الاجتماعية حسب مكان الاقامة و مستوي الدخل و طبيعة العلاقة بالمجتمع من حيث الاقصاء او " التهميش ". يكمل ذلك البناء بالعلوم السياسية التي تهتم بهيكل السلطة علي المستوي المحلي او الفيدرالي و السلطة القضائية  ثم علم الادارة العامة التي تهتم بتوزيع السلطة علي مختلف مستويات الحكم ( المركزي , الولائي و المحلي ) . علي تلك الاسس يتم توزيع النشاط الاقتصادي داخل الدولة الواحدة و يأخذ ذلك إبعادا أعمق في الدول ذات الحكم الفيدرالي كما هو الحال في السودان ، علي الاقل من الناحية النظرية.
   يقودنا ذلك الجدل الطويل و المعقد الي مفهوم ما يسمي ب " القيمة المطلقة " الذي تتعالي الاصوات بالعمل به في الاقتصاديات النامية و الصاعدة و الذي يتلخص في تحقيق التفوق الكامل و الحاسم في انواع محددة من السلع و الخدمات تأسيسا علي تفوق انتاج تلك السلع و الخدمات المستند علي النوعية و ليس علي السعر وفقا لمباديء العائد و القيمة السوقية . تم اتباع ذلك النهج في العديد من الدول الاسيوية مثل الصين و الهند و كوريا الجنوبية و في سنغافورة و هونغ كونغ و تايوان. يمتد مبدأ الميزة المطلقة الي التنمية المحلية كعنصر اساسي في التنمية الوطنية الشاملة. يتم كل ذلك من خلال توفير المناخ الملائم لعناصر الجذب الخارجي و الداخلي و من اهمها توفير البنيات التحتية و تسهيل تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات و ادخال الابتكار الي المناطق الريفية و نشر المعرفة و اقامة مدن جديدة .من اهم الانجازات للدول المذكورة تشجيع التصنيع و بناء مدن و مناطق صناعيه جديدة، ثم التعليم التراكمي للمنشآت و للمناطق و تبادل المعرفة و العمل الجماعي و تطوير القدرات الابداعية المتميزة و علي ذلك الاساس تم بناء قدرات المنافسة و التنافسية. السودان بلد يمتاز بغناء الموارد و التنوع الجغرافي و المناخي و اتساع المساحة و خصوصية المكان و المجال و يمكنه ان يسلك نفس الطريق الذي سلكته الدول التي صعدت درجات عالية في سلم التنمية ، لكن ما زال هناك قصور في الفكر التنموي و واحدا من مجالاته الاهتمام بمفهوم التنمية المحلية.
  يمكن ان نخرج من هذا التناول المختصر بان دي السودان إمكانية المزاوجة بين الاتجاهات المختلفة للتنمية المحلية ، اذ يمكنه انتهاج خطط للتنمية تتضمن :-
اولا: الاتجاه نحو تحديث المجتمعات المحلية في الحضر و المدن بتحويلها الي مجتمعات حضرية – مدنية. يتم ذلك بإتباع إستراتيجية التصنيع  التي تنتتج مجمعات صناعية كبري متمركزة حول عدد من المدن و المجمعات الصناعية الحديثة. هذا النمط يحتاج للكثير من الموارد كما انه لا يمكن ان يتم الا علي المدي الطويل و بتراكم رأسمالي ضخم. من الأفضل تجنب تمركز الاستثمارات الأجنبية للسير في هذا الطريق لخطورته علي التنمية المتوازنة.
ثانيا : اقامة مجمعات حضرية ذات كثافة سكانية قليلة و ذلك بالتوسع الحضري في أطراف المدن و محيطها و هوامشها و في مرحلة تالية تنمو المدن الصغيرة ، علي حساب الكبيرة من خلال تحول الانشطة الصناعية ذات الكثافة النسبية المنخفضة و استخدام عنصر العمل الاقل مهارة الي المدن الصغيرة. تبقي الانشطة الصناعية عالية الكثافة السكانية و الاكثر تعقيدا من حيث استخدام التكنولوجيا و المهارات في المدن الكبري. بذلك يتم فك التمركز بعيدا عن المدن الكبري. يتطلب ذلك الخيار الاستثمار في البنيات التحتية للمدن و رفع مستوي الكفاءة الإدارية اضافة الي توفر " لا مركزية الخدمات المالية " من اجل توفير الموارد اللازمة للتمويل.
 
 
 
 
[rtl]ثالثا: تبني إستراتيجية تحقق التوازن بين المدن و الريف كما تم في العديد من الدول مثل اليابان ، تايوان و يتم حاليا في الصين و الهند. في هذا النموذج يتم تصميم استراتيجية موجهة نحو التنمية الريفية. هذا النهج مهم جدا في الدول التي تعاني من النزوح نحو المدن مما يسهم بشكل كبير في تريف المدن و انهيار مستوي الخدمات بها كما هو الحال في العاصمة القومية اليوم. يتطلب هذا الخيار العمل علي تنمية الريف الي مجتمعات حديثة ذات طابع عصري و العمل علي تحويل بعض مكوناته الي مدن صغيرة دون سلبها طابعها الريفي الأصيل.[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ndwa
وسام التميز
وسام التميز



الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 212
نقاط : 498
تاريخ التسجيل : 15/04/2013

قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في تجربة التنمية بماليزيا   قراءة في تجربة التنمية بماليزيا Emptyالأربعاء ديسمبر 04, 2013 5:36 pm

النظام القديم: نشأة وتطور رأسمالية الدولة في مصر
كان واضحا تماما بالنسبة للنظام الناصري منذ اللحظة الأولى أن الدولة ستلعب دورا رئيسيا في الاقتصاد، وخاصة في تنمية البنية التحتية وتمويل المشاريع الكبرى التي لن يستطيع القطاع الخاص القيام بها، ولكن النظام في بداياته كان شديد التشجيع للقطاع الخاص وكان يرى أيضا دورا هاما للاستثمارات الأجنبية.
وكان واضحا أيضا أن عملية التصنيع يجب أن تأخذ الصدارة في أولويات النظام، وأن النموذج الذي يجب أن يتبع هو نموذج إحلال الواردات للسلع الاستهلاكية والدخول في الصناعات الثقيلة وتصنيع وسائل الإنتاج.
وكان واضحا أيضا أن الزراعة هي أهم مصدر اقتصادي في مصر، وأن الاستغلال الأمثل لهذا المصدر يستلزم إصلاحا زراعيا وتدخلا مباشرا للدولة لاستخدام الفائض المستخرج من القطاع الزراعي لخدمة مشروع التصنيع. فلم تكن هذه الأولويات والمفاهيم نتيجة لتوجه أيديولوجي أو اجتماعي محدد لدى الضباط الأحرار ولكنها كانت قد أصبحت منذ الأربعينات بديهية لأي نظام في البلدان حديثة التحرر. فقد كانت الطريق الوحيد لحل أزمة التراكم الرأسمالي ودفعه للأمام.
ولم تكن هذه المفاهيم جديدة في مصر، فقد كانت سياسة إحلال الواردات متبعة منذ الثلاثينات، ففي تقرير بنك مصر في 1929، طرح مشروع خطة عشرية للتنمية الصناعية من خلال إحلال الواردات والمشاركة في هذا المشروع بين القطاع العام والخاص في تنفيذ الخطة وإنشاء بنك عام للتنمية الصناعية (2)، ومع النصف الثاني من الأربعينات كانت سياسة التصنيع محل الواردات قد أصبحت جزءا أساسيا من السياسة الاقتصادية. وقد وصل معدل نمو القطاع الصناعي في الفترة بين 1946 و1951 إلى أكثر من 10% سنويا، وفي عام 1949 أنشأت الدولة البنك الصناعي لتقديم الائتمان لقطاع الصناعة (3). إذن فالتوجه نحو دور أكبر للدولة ونحو سياسة إحلال الواردات لم يكن جديدا، فضرورات التراكم الرأسمالي كانت تدفع الاقتصاد المصري في ذلك الاتجاه.
ومن المهم أيضا ملاحظة أن نظام الضباط الأحرار لم يكن في البداية معاديا لرأس المال الأجنبي، بل كان في بداياته أكثر تشجيعا لرأس المال الأجنبي من حكومات الأربعينات. ففي 1953 مثلا صدر قانون جديد للتعدين والمناجم يراجع القانون السابق لعام 1947 ويسمح لرأس المال الأجنبي للدخول في التنقيب عن البترول، وفي عام 1954 صدر قانون 26 لتسهيل شروط الاستثمار الأجنبي، وسمح القانون بحرية خروج الأرباح إلى الخارج وسمح بأن يكون نصيب رأس المال الأجنبي من رأس مال الشركات 51% بدلا من 49% المسموح بها في القانون السابق (1947) (4).
وكان النظام شديد الحماس في بدايته لمشاركة القطاع الخاص، فأصدر قانون 430 لسنة 1953، وقانون 25 لسنة 1954، الذين مدا من الإجازة الضريبية إلى 7 سنوات للمشاريع الصناعية الجديدة، و 5 سنوات للمشاريع القائمة التي تحقق توسعا في رأس المال (5).
ولكن ضعف القطاع الخاص من جانب، وامتناع الاستثمارات الأجنبية من التدفق إلى مصر من جانب آخر دفعا النظام الجديد كغيره من أنظمة دول العالم الثالث حديثة الاستقلال ودول أوروبا الشرقية نحو دور متنام للدولة كمستثمر رئيسي، ونحو محاولة التنمية الصناعية السريعة، من خلال سياسة إحلال الواردات وحماية السوق المحلي من منتجات السوق العالمي. لقد كانت الفترة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى منتصف الستينات فترة رأسمالية الدولة على المستوى العالمي، حيث كان التنافس الأساسي هو التنافس بين كتل قومية من رأس المال، وحيث كانت أسوار الحماية الجمركية تعني أن السبيل الوحيد نحو التراكم الرأسمالي هو من خلال محاولة الاستقلال عن السوق العالمي والتحرك عبر مراحل متتالية نحو خلق اقتصاد رأسمالي صناعي متكامل وكانت أول مشكلة تواجه نظام عبد الناصر هي مشكلة التمويل، وكان المصدر المنطقي الذي توجه له النظام الجديد هو الريف.
1. حدود وطبيعة الإصلاح الزراعي
كانت الدولة في حاجة شديدة لاستخراج فائض كبير من الزراعة حتى تستطيع تمويل مشاريعها الصناعية . وكان ذلك يستلزم إصلاحا زراعيا يتم من خلاله مصادرة أطيان كبار الملاك وإعادة توزيعها على الفلاحين وخلق علاقة جديدة بين الدولة والفلاحين، تسمح بزيادة وتطوير الإنتاج الزراعي من جانب، ونهب الفائض لصالح ميزانية الدولة من الجانب الآخر.
قبل إصدار قانون الإصلاح الزراعي كان هناك ألف مالك، يملكون 19.7% من المساحة الكلية، أي حوالي 1.177.000 فدان، ومن الناحية الأخرى نجد أن ما يزيد عن مليوني شخص كانوا يملكون فيما بينهم 778 ألف فدان أو 13% من المساحة الكلية. وفي عام 1950 أظهر التعداد الزراعي وجود 1.003.000 وحدة زراعية و 2.707.000 حيازة، وكان حوالي 31% من المساحة المملوكة مؤجرة مقابل إيجار محدد يدفع نقدا أو عينا أو بموجب نظام المشاركة (6).
ولقد تمت عملية إعادة توزيع الأرض على ثلاث مراحل، الأولى في 1952، وتم بموجبها وضع الحد الأقصى للملكية عند 200 فدان، ثم الثانية في 1961 أصبح الحد الأقصى 100 فدان للفرد، ثم 50 فدان عام 1969. وبحلول عام 1971 كان قد تم توزيع 822 ألف فدان وبلغ عدد المنتفعين من الإصلاح الزراعي 342 ألف عائلة بمتوسط مقداره 2.39 فدان لكل عائلة. وقد تم أيضا توزيع 184 ألف فدان من الأملاك العامة والأراضي البور المطلة على النيل في الفترة بين 1960 و 1967(7).
ويبدو للوهلة الأولى عندما ننظر لهذه الأرقام أن الإصلاح الزراعي كان ناجحا في إعادة توزيع الأرض على الفلاحين، ولكن بعض التدقيق يوضح سريعا حدود الإصلاح الزراعي في مصر، وأن المستفيد الأساسي من هذا الإصلاح لم يكن الفلاحين الفقراء، ولكن البرجوازية الريفية والدولة. فقد ظل عدد الملكيات المتوسطة المساحة ثابتا تقريبا بين 1952 و 1965، ولكن إجمالي مساحتها ارتفع على نحو طفيف إذ كان هناك 148 ألف مالك في حوزتهم 1.818.000 فدان في 1952، بينما بلغ عدد الملاك 148 ألف في حوزتهم 1.956.000 فدان في 1965 (Cool. إن سمة هيكل الأراضي هذه ترجع إلى عام 1920 ولم تتأثر بالإصلاح الزراعي. ولم يحتفظ ملاك المساحات المتوسطة من الأراضي الزراعية فقط  بنصيبهم من الأرض، بل اكتسبوا نفوذا اجتماعيا وسياسيا في مناطق ومجالات كان يسيطر عليها من قبل كبار ملاك الأراضي.
وفي حين اختفت تماما المزارع الشاسعة الاتساع، والتي كانت تمثل 19.7% من الأراضي عام 1952، لم تتأثر سلبا المزارع المتوسطة (تضاءلت نسبتها فقط من 14% إلى 12.6% بين عامي 1952 و 1969). وقد نجا من الإصلاح ذلك الهيكل الثنائي للنظام الزراعي، حيث توجد من ناحية المزارع الرأسمالية الكبيرة نسبيا (20 إلى 50 فدان) بينما توجد المزارع العائلية الصغيرة من ناحية أخرى. غير أن الأحجام النسبية لملكيات الأراضي لكل من المجموعتين قد تغيرت (9).
لم يكن الإصلاح الزراعي يستهدف إشباع التعطش لملكية الأراضي من جانب الفلاحين الفقراء والمعدمين. فلو كان قد تم نزع ملكية جميع الأراضي المزروعة ووزعت من جديد على الـ 2.1 مليون عائلة فلاحيه في عام 1952، لحصلت كل عائلة على فدانين (10). إن حقيقة الإصلاح الزراعي لم تتعدى كونه سلسلة من الإصلاحات أثرت فقط على 16% من الأراضي الزراعية وتم توزيع 13% من هذه الأراضي على حوالي 10% من العائلات الفلاحية (11).
ولعل الجانب الأهم من الإصلاح الزراعي لم يكن في عملية توزيع الأرض المحدودة، ولكن في تدخل الدولة وسيطرتها الكاملة على عملية الإنتاج الزراعي. لقد احتكرت الدولة كل مستلزمات الإنتاج الزراعي من بذور وسماد وميكنة، كما احتكرت عملية تسويق المحاصيل بشكل كامل. وقد تم إنشاء الجمعيات التعاونية كأداة لسيطرة الدولة على الزراعة، وكان دورها يتلخص في تنظيم الإنتاج ومراقبته، وتسويق المحاصيل. وأصبحت عضوية التعاونيات إجبارية للمنتفعين ومستأجري أراضي الإصلاح الزراعي، وتدار بواسطة مجلس إدارة يخضع لتوجيه مسئول تعينه الهيئة، ويعمل عدد من الموظفين يتمتعون بسلطات كبيرة. كما تم إنشاء هيكل هرمي تجمعت في ظله الجمعيات التعاونية، وخضعت هذه الاتحادات الزراعية بدورها للجمعية التعاونية العامة، وكانت السلطة والرقابة النهائية في يد وزارة الإصلاح الزراعي في القاهرة.
احتكرت الجمعيات التعاونية تقديم القروض والأسمدة والبذور والمشورة الفنية، وكانت أداة لإجبار الفلاحين على توحيد المحاصيل وإتباع الدورة الزراعية الثلاثية. وبحلول عام 1962، وكانت الجمعيات التعاونية هي المسئولة عن توجيه جميع القروض في الريف، وقد ارتفعت قيمة المدخلات الإجمالية التي تقدمها الجمعيات التعاونية بصورة كبيرة خلال الستينات، وتمتعت الحكومة باحتكار تقديم الأسمدة والبذور والمبيدات الحشرية. وكان الجمعيات هي الأداة الوسيطة التي تمد الفلاحين بهذه المستلزمات.
أصبحت الجمعيات التعاونية وسيلة نهب الفائض الزراعي من قبل الدولة. ويعتبر التسويق الإجباري للمحاصيل الرئيسية التي تشتريها الحكومة بأسعار منخفضة نسبيا، وبيع المدخلات بأسعار مرتفعة وسيلة فعالة لفرض ضرائب شديدة وإجبارية على الفلاحين. ومثال على هذا هو بيع الأسمدة بسعر 25 جنيه للطن في أوائل الستينات حينما كان سعر استيراده ما بين 15 إلى 16 جنيها للطن، وبالمثل كان القطن يتم شراؤه من الفلاحين عام 1970 بسعر 14.5 جنيه للقنطار ثم يتم تصديره بعد ذلك بسعر 20.5 جنيه للقنطار. كان الفرق بين أثمان شراء المحاصيل في الداخل وأثمان بيعها في الخارج من جانب الدولة يساوي 60 مليون جنيه مصري في عام 1960، وهو ما يشكل 20% من الميزانية العامة للدولة، وقد وصلت التحويلات الصناعية من الزراعة 5.5 مليار جنيه في عام 1975، وهو ما يشكل 30% من الميزانية لذلك العام (12).
2. أزمة رأسمالية الدولة
كان الهدف من نهب الفلاحين هو تحويل الفائض الزراعي نحو التراكم الرأسمالي في الصناعة، ومع نهاية الخمسينات كان قد أصبح واضحا أن القطاع الخاص والرأسمالية الأجنبية لن يلعبا أي دور فعال في عملية التراكم، وكان الإصلاح الزراعي قد قضى على قطاع من البرجوازية الكبيرة، وأدى تأميم القناة وتأميم البنوك والشركات الأجنبية إلى هروب ما تبقى من رأس المال الخاص خارج البلاد. وفي يوليو 1961 قامت الدولة بسلسلة تأميمات واسعة بإصدار قوانين 117 و118 و119 والتي تم من خلالها تحويل الجزء الأكبر من الاقتصاد غير الزراعي إلى القطاع العام. أدى قانون 117 إلى تأميم البنوك الخاصة وشركات التأمين و50 شركة ملاحية والصناعات الثقيلة والأساسية، وأدى قانون 118 إلى إجبار 83 شركة لبيع 50% من أسهمها للقطاع العام، وأدى قانون 119 إلى مصادرة الأسهم الرئيسية و 147 شركة متوسطة الحجم (13).
ووضعت الخطة الخمسية الأولى في عام 1960/1961 كخطة تصنيع تستهدف الدولة من خلالها تركيز كل الاستثمارات على عملية التصنيع وعلى بناء السد العالي لزيادة الإنتاج الزراعي وكمصدر أساسي للطاقة الصناعية. كانت الاستثمارات المطروحة في الخطة في 1961 تبلغ حوالي 5 مليارات، 1.6 مليار منها من خلال القروض الخارجية أساسا من الاتحاد السوفيتي، و 496 مليون دولار للمشاريع الصناعية ، و325 مليون دولار للسد العالي، و 300 مليون دولار قروض من الولايات المتحدة تحت مشروع الغذاء للسلام، و840 مليون جنيه قروض من بلدان أخرى (14). هذا إلى جانب رأس المال المؤمم الذي توفر للدولة وحصيلة نهب الفلاحين.
كانت الصناعة تمثل بين 25 و 28% من إجمالي الاستثمارات في الخطة الخمسية، وزاد نصيب الصناعة من إجمالي الناتج المحلي من حوالي 16% عام 1956 إلى 24% عام 1964 (15). وكانت فلسفة الخطة هي التصنيع السريع وإحلال الواردات للبدء في خلق أرضية متكاملة للتنمية المستقلة وتحويل مصر من دولة زراعية إلى دولة صناعية. وهي خطة اعتمدت على تجارب الاتحاد السوفييتي والصين والهند ودول أمريكا اللاتينية في خلق اقتصاد مستقل وسوق محلية متسعة تستوعب الإنتاج الصناعي وقطاع زراعي يتم زيادة إنتاجه واستخراج الفائض منه لخدمة أهداف الصناعة.
ولكن واقع تنفيذ الخطة كان بعيدا كل البعد عن الأهداف المرجوة، وبدلا من أن تكون الخطة الأولى في طريق سلسلة من الخطط الخمسية تحقق نموا اقتصاديا يخرج البلاد من تخلفها، سرعان ما انهارت التجربة وتأزمت وتحولت إلى أحد أشد التجارب فشلا في بناء رأسمالية الدولة. فقد كان المخطط أن تنخفض قيمة الواردات خلال سنوات الخطة من 229 مليون جنيه إلى 215 مليون جنيه (بأسعار 1964)، ولكن ما حدث في الواقع أن قيمة الواردات زادت لتصل إلى 413 مليون جنيه عام 1965، ووصل العجز في الميزان التجاري إلى 166 مليون جنيه، وزادت نسبة قيمة الواردات من إجمالي الناتج المحلي من 15% في بداية الخطة إلى 20% في نهايتها (16).
وأدى التضاؤل المستمر في إجمالي المدخرات المحلية كمصدر للتمويل إلى عجز في الاستثمارات وصل إلى 417 مليون جنيه في  1962 (17)، وكان الحل الوحيد لسد هذا العجز هو المزيد من القروض الأجنبية. وظهرت أول أزمة في ميزان المدفوعات في 1962، ثم أزمة أعنف في 1965. ساعد على تفاقم الأزمة خلال الخطة الخمسية كارثة محصول القطن في 1962 والتي أدت إلى انخفاض حاد في إيرادات العملة الأجنبية من 121 مليون جنيه في 60-1961 إلى 75 مليون جنيه في 61-1962. واضطرت الحكومة أيضا إلى دفع 25 مليون جنيه تعويضات لبريطانيا عن الممتلكات المؤممة و27,5 مليون جنيه تعويضات لمالكي أسهم شركة قناة السويس. وقد زاد أيضا نصيب ميزانية الدفاع من إجمالي الناتج المحلي بين 1963 و1965 من 8% إلى 12% ووصل إلى 575 مليون جنيه في عام 1965 (18).
وقد وصل العجز في الميزان التجاري إلى 174 مليون جنيه عام 1963، ومن أجل تمويل هذا العجز انخفضت أرصدة العملة الأجنبية لدى الحكومة من 109 مليون جنيه في بداية الخطة إلى 7 مليون جنيه فقط في عام 1962. وفي مايو 1962 توصلت الحكومة إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي واستلمت قرضا بلغ 20 مليون جنيه واضطرت لخفض قيمة الجنيه من 35.2 قرش للدولار إلى 43.5 قرش للدولار (19).
في 1964 ازدادت الأزمة عمقا حيث بدأت الحكومة في تمويل عجز الميزانية بالسحب على المكشوف. وفي 1965 ومع توقف الولايات المتحدة عن توريد القمح لمصر انخفضت كميات القمح المستوردة مما خلق تضخما عاما في السلع الغذائية وصل إلى 11.5%. كانت قيمة الواردات من القمح في 65-1966 تعادل 55 مليون جنيه، في حين كانت القيمة الكلية لصادرات مصر إلى الغرب تعادل 52 مليون جنيه. وفي صيف 1966 تمت مفاوضات جديدة بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي وتم الاتفاق على برنامج يتضمن تخفيض قيمة الجنيه بنسبة 40% وتخفيض حاد في الاستثمارات وزيادة في الأسعار والضرائب. ولم تنفذ الحكومة إلا التخفيض في حجم الاستثمارات وإتباع سياسة تقشفية فانخفضت ميزانية الاستثمار من 383 مليون جنيه عام 1966 إلى 365 مليون جنيه عام 1967، وتم تخفيض الواردات من 465 مليون جنيه في 1966 إلى 344 مليون جنيه في 1967، وكان النمو الاقتصادي قد توقف تماما(20).
كان من البديهي أن الذي سيدفع ثمن هذه الأزمة الحادة هو الطبقة العاملة المصرية وفقراء الفلاحين. وقد ألقى جمال عبد الناصر خطابا في مارس 1967 أمام رؤساء الهيئات في القطاع العام قال فيه: "إن الإدارة علم لا تتغير قواعده بين الاشتراكية والرأسمالية. الفرق الوحيد بين النظامين هو في ملكية وسائل الإنتاج، ولابد أن ترتبط الأجور بالإنتاجية، فالاشتراكية لا تعني تساوي الأجور ولكن تساوي فرص العمل. ودور الاتحاد الاشتراكي في شركات القطاع العام يقتصر على المساندة في تنفيذ الخطة وتهدئة العلاقات بين العمال والإدارة." (21)
وإذا ترجمنا هذا الخطاب إلى اللغة الماركسية فنجده يقول أن حل الأزمة سيأتي من خلال تكثيف استغلال العمال، وعلى الاتحاد الاشتراكي استيعاب الغضب الذي سينتج عن هذا التكثيف!
ولم يكن موقف الاتحاد السوفيتي "صديق الشعوب" مختلفا عن موقف أي دائن رأسمالي، فكانت نصائح الحكومة السوفيتية وشروطها لمد قروض جديدة لا تختلف عن نصائح صندوق النقد الدولي من ضرورة سياسات تقشفية. وفي مايو 1966 رفض الاتحاد السوفيتي تأجيل دفع الحكومة المصرية لأقساط ديونها للاتحاد السوفيتي، وكانت الحجة أن مثل هذا التأجيل سيعطي إشارات خطيرة للدول الأخرى المدينة للسوفيت.
إن الطابع المأزوم للاقتصاد المصري خلال الستينات لم يعني أن الاقتصاد لم ينمو. ففي سنوات الخطة كان النمو في إجمالي الناتج المحلي يزيد عن 6%، وأضيف أكثر من 500 ألف عامل صناعي للطبقة العاملة المصرية. ولكن هذا النمو قد تم تمويله أساسا من خلال القروض وظلت الموارد التي اعتمدت عليها الدولة أقل حجما من المشاريع التي كانت تريد تنفيذها.
إن تجارب رأسمالية الدولة التي نجحت اعتمدت على مصدرين أساسيين لتمويل عملية التصنيع. ففي كوريا الجنوبية، اعتمدت التجربة على نمو سريع في التصدير للسوق العالمي، وفي البرازيل اعتمدت التجربة على خلق سوق محلي كبير ومضاعفة المدخرات المحلية. ولكن في مصر ظل التصدير محدودا للغاية، في حين لم تستطع الدولة خلق سوق محلي، وكانت النتيجة هي الاعتماد على القروض واستنزاف الريف، وظلت هذه المصادر شديدة المحدودية وغير كافية لتمويل مشاريع التصنيع.
إن الفشل في التصدير والفشل في مضاعفة المدخرات المحلية أديا إلى انهيار تجربة رأسمالية الدولة في الستينات. وقد جاءت حرب 1967 لتعطي التجربة الضربة القاضية. ولم يستطع النظام البدء في خطة خمسية ثانية، وظل حتى بداية السبعينات غير قادر إلا على البقاء من شهر لشهر، ومحاولة إعادة جدولة الديون وإعادة بناء الجيش بعد كارثة 1967. ولعل أكبر دليل على أن الفقراء من عمال وفلاحين هم الذين دفعوا ثمن فشل النظام هو إحصائيات استهلاك القمح. ففي 1966 كان استهلاك الفرد من القمح 115 كيلو جرام سنويا، وفي 1970 كان هذا الاستهلاك قد انخفض إلى 72 كيلو جرام سنويا!.
3. السبعينات والثمانينات وتفاقم أزمة رأسمالية الدولة
يتصور الكثيرون أن ما حدث في السبعينات كان تفكيكا لنظام رأسمالية الدولة، وتراجعا للدولة عن التدخل في الاقتصاد، وأن الانفتاح كان تحولا جذريا في السياسات الاقتصادية للنظام. ولكن واقع تطورات السبعينات يدحض هذه التصورات تماما. فقد ظل القطاع العام كما هو ولم تقلل الدولة من سيطرتها على الصناعة، وظل الوضع في الريف كما هو تحت سيطرة ونهب من قبل الدولة، وحتى نظام البنوك، والتي شهدت أكبر تغيير في السبعينات من خلال السماح لإنشاء بنوك القطاع الخاص، حتى في هذا المجال ظلت الدولة في الصدارة. فبعد خمس سنوات من تطبيق قانون 43 لعام 1974 المعروف بقانون الانفتاح كانت بنوك القطاع العام لا تزال في الصدارة فقد كانت في 1979 تستحوذ على 81% من إجمالي الودائع و83% من إجمالي الائتمان(22).
لقد كانت قوانين الانفتاح مجرد محاولة من النظام لإنقاذ نفسه من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، وخاصة العربية بعد صعود أسعار البترول في 1973، حتى تحل أزمة تمويل الاستثمارات التي كانت الدولة تعاني منها منذ منتصف الستينات. ولكن هذه المحاولة فشلت في مجملها، فظلت الاستثمارات الأجنبية محدودة للغاية، وظلت الأزمة في بنية النظام كما هي. إن الذي أنقذ النظام من الناحية الاقتصادية لم يكن سياسات الانفتاح، ولكن تدفق القروض الغربية بسبب سياسات السلام مع إسرائيل والتحالف مع أمريكا من جانب، وارتفاع أسعار البترول من الجانب الآخر.
لعب تدفق القروض والمساعدات الأمريكية والغربية دورا أساسيا في إنقاذ النظام من الغرق في السبعينات وبداية الثمانينات. ففي 1970 كانت ديون مصر قد وصلت إلى 1.3 مليار دولار أو ما يمثل 18% من إجمالي الناتج المحلي، وقفزت هذه الديون إلى 13 مليار دولار عام 1977 بنسبة 95% من الناتج المحلي، ثم إلى 20.4 مليار دولار عام 1980 بنسبة 128% من إجمالي الناتج المحلي، ثم إلى 42.2 مليار دولار في 1985، أي ما يعادل 159% من إجمالي الناتج المحلي(23).
ولكن القروض لم تكن الحل الوحيد، بل مثلت عبئا ثقيلا كلما زادت خدمة هذه الديون ذات الفائدة المرتفعة. وكانت مصادر النظام لخدمة هذه الديون والبقاء فوق سطح الماء هو تصدير البترول وعائدات قناة السويس وتحويلات العاملين بالخليج. وهذه المصادر الثلاث قد أوجدتها الزيادة الكبيرة في أسعار البترول بعد 1973. وقد أصبح تصدير البترول مثلا يمثل 66% من إجمالي صادرات مصر في 1979، وأصبحت تحويلات عمال الخليج ورسوم قناة السويس تمثل أكثر من 50% من قيمة إجمالي الصادرات المرئية (بما في ذلك صادرات البترول) (24).
وقد ساعدت هذه المصادر الجديدة في استمرار الوضع على ما هو عليه في الصناعة والزراعة، بل إلى تفاقم أزمات هذين القطاعين خاصة قطاع الزراعة. ففي 1974 كان إنتاج القمح قد وصل إلى 1.884.000 طن، في حين وصل استيراد القمح إلى 2.251.000 طن دقيق، وقد وصل الإنتاج في 1978 إلى 1.933.000 طن (زيادة طفيفة جدا) في حين وصل الاستيراد إلى 3.560.000 طن إلى جانب 837.000 طن دقيق (25).
وإذا نظرنا إلى مسألة القمح بشكل تاريخي سنجد أنه في الفترة بين 1950 إلى 1980 زاد إنتاج القمح بنسبة 71% فقط، في حين زاد استيراد القمح بنسبة 612% (26).
وقد انخفض نصيب الزراعة من إجمالي الناتج المحلي من 33% عام 1970 إلى 24% عام 1980، ولم يحل محل هذا الانخفاض نموا في الصناعة، بل أخذت محلها قطاعات الخدمات والتجارة والتمويل والتي أصبحت تمثل 30% من إجمالي الناتج المحلي عام1980. (27)
في 1965 كان نصيب الصناعة من إجمالي الناتج المحلي 24%، وانخفض هذا النصيب (إذا استثنينا البترول) إلى 14% في عام 1979. كما انخفضت نسبة الصادرات الزراعية من إجمالي الصادرات من 88% عام 1953، إلى 32% في عام 1978. ولكن لم يحل محلها الصادرات الصناعية، بل حل محلها البترول. وفي نفس الوقت ارتفعت قيمة الواردات من 213 مليون جنيه في عام 1952، إلى 6.9 مليار جنيه في عام 1980، وزادت نسبة العجز في الميزان التجاري من إجمالي الناتج المحلي من 1% في بداية الخمسينات، إلى 6% في نهاية الخطة الخمسية (1966) وإلى 37% في عام 1975، وهو ما يوضح مدى فشل سياسة إحلال الواردات. كما انخفضت نسبة الاستثمار الصناعي بالنسبة لإجمالي الاستثمار القومي من 29.3% في عام 1970-1971 إلى 21.4% في عام 79-1980، وانخفضت نسبة الصادرات الصناعية بشكل حاد من 47% من إجمالي الصادرات في 1970 إلى 14.6% في عام 1979. (28)
وكما نرى فإن الانتعاش الذي شهده الاقتصاد المصري في النصف الثاني من السبعينات، والسنوات الأولى من الثمانينات كان يخفي وراءه تفاقم في الأزمة البنيوية للاقتصاد المصري، وكان نتيجة فقط لارتفاع أسعار البترول وإيرادات قناة السويس وتحويلات العاملين في الخليج، وهي كلها مصادر خارجية، في حين ظلت الصناعة والزراعة، أي القطاعات المنتجة، في أزمة تزداد عمقاً وتفاقماً.
وقد ظل نظام رأسمالية الدولة قائما ومأزوما حتى نهاية الثمانينات، وحتى لو كانت سياسات الانفتاح تهدف في بداياتها في 1974 إلى البدء في تفكيك ذلك النظام والتحول إلى سياسات السوق الحرة، فقد أدت مظاهرات 1977 ضد بداية رفع الدعم عن السلع الغذائية من جانب، ووجود إيرادات خارجية متزايدة من الجانب الآخر إلى تأجيل البدء في تفكيك نظام رأسمالية الدولة.
تفاقمت الأزمة الاقتصادية من كل الجوانب مع منتصف الثمانينات، فالمديونية الخارجية ازدادت بشكل غير مسبوق، وأصبحت خدمة الديون الخارجية عبئاً ضخما على الميزانية، وانخفض بشكل حاد سعر البترول، وانخفضت معه إيرادات قناة السويس وتصدير البترول وتحويلات المصريين العاملين في الخليج، وتفاقمت أزمة القطاع العام الصناعي، وتدهور الإنتاج الزراعي، وازداد العجز في الميزان التجاري للسلع الزراعية. ومع منتصف الثمانينات وصل العجز في ميزان المدفوعات إلى 24% من إجمالي الناتج المحلي، وارتفعت معدلات التضخم لتصل إلى 25% سنويا، كما ارتفعت نسبة الديون الخارجية إلى الناتج القومي الإجمالي إلى ما يقارب 200% مع نهاية الثمانينات. وفي 1987 كانت نسبة الديون الخارجية إلى الصادرات 343%، وارتفعت نسبة خدمة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي من حوالي 4% في عام 1970 إلى 85% عام 1987. (29)
وتفاقمت الأزمة في القطاع العام الصناعي، فقد كان يحتاج هذا القطاع إلى أكثر من مليار دولار سنويا لشراء الواردات من مستلزمات الإنتاج، في حين كان إجمالي قيمة الصادرات لهذا القطاع أقل من 500 مليون دولار سنويا. ومولت بنوك القطاع العام 300 مليون دولار من العجز، أما الباقي فكانت الشركات الصناعية تحصله من خلال بيع منتجاتها محليا بالدولار. وقد سحبت المؤسسات الصناعية العامة نحو 2 مليار جنيه على المكشوف في عام 86-1987 بزيادة قدرها 50 مليون جنيه عن العام السابق، ووصل إجمالي واردات القطاع العام لذلك العام إلى 1.3 مليار دولار في حين كانت صادراته 671 مليون دولار. (30)
وفي عام 1986 قدمت الحكومة 293 مليون جنيه إعانات مباشرة للقطاع العام الصناعي، في حين كانت قيمة تلك الإعانات أقل من 1 مليون جنيه عام 1971. وكان عدد شركات القطاع العام الخاسرة قد زاد من 4 شركات في 1974 إلى 60 شركة في عام 1987، وفي عام 1988 كانت هناك 78 شركة خاسرة من إجمالي 116 شركة قطاع عام. كان إجمالي أرباح الشركات الناجحة 355 مليون جنيه في حين كان إجمالي خسائر الشركات الفاشلة 581 مليون جنيه في نفس العام.(31)
وأصبح واضحا آنذاك للنظام المصري أنه لم يعد لديه إمكانية لتأجيل إصلاح النظام، فلم يعد هناك إمكانية للاستمرار في التراكم الرأسمالي بالنمط القديم، وأصبح الحل الوحيد هو القفز نحو السوق. إن التحول نحو السوق لم يكن اختيارا أيديولوجيا أو مؤامرة سواء من البرجوازية المحلية أو من البرجوازية العالمية. فالمؤسسات المالية العالمية تريد استرداد أموالها، وتطرح سياسات الإصلاح كوسيلة وحيدة للوصول إلى ذلك الهدف، والنظام المصري يريد حل أزمة التراكم، وكلاهما يريد أن يحدث التحول على حساب الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين.
كانت نتيجة الأزمات المتتالية لنظام رأسمالية الدولة هو مزيج من الضغوط الخارجية العنيفة من جانب، وضغوط البرجوازية المحلية من الجانب الآخر لإعادة هيكلة الاقتصاد. وأخذت هذه الضغوط شكل سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وأيضا السياسات الخارجية للدول الرأسمالية الكبرى. وكانت النتيجة هي إتباع النظام في مصر مثله مثل عدد كبير من الدول الأضعف لسياسات تقشفية وإعادة هيكلة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** ماســـــتر (Master) ******* :: قسم بحوث الدراسات المناطقية-
انتقل الى:  
1