منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Empty
مُساهمةموضوع: نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين   نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyالأربعاء يناير 16, 2013 12:22 am

نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين

كتطبيق لها في الدستور الكويتي

إبريل 1999م

المقدمة

تقوم الدولة المعاصرة على سيادة مبدأ المشروعية ، فهو مبدأ عام ترسب في ضمير الإنسان المعاصر ويجري حكمه في مواجهة جميع السلطات العامة ، ويعرف هذا المبدأ بسيادة حكم القانون ، والإدارة باعتبارها سلطة من ضمن هذه السلطات ، يجب أن يكون تصرفاتها في حدود القانون ، فلا تكون قراراتها وتصرفاتها صحيحة ولا نافذة إلا إذا صدرت بناء على قانون وطبقاً له بحيث إن صدرت على خلاف ذلك تكون غير مشروعة ، ويكون لكل صاحب مصلحة طلب إلغائها فضلاً عن طلب التعويض .

فمبدأ المشروعية فيصل التفرقة بين الدولة القانونية والبوليسية ، وإهداره يؤدي إلى قيام الدولة البوليسية ، وهو من أهم الضمانات الجدية للأفراد في مواجهة السلطات العامة .

لكن هذا المبدأ وإن كان صالحاً تطبيقه في الأوقات والظروف الطبيعية ، إلا أنه يكون صعب التطبيق في ظل الأزمات والظروف غير الطبيعية التي لا تخلو منها حياة أى دولة ، فالدولة كالأفراد تتعرض لفترات عصيبة تهدد أمنها ونظامها للخطر والانهيار .

وفي الحقيقة أن لكل قاعدة إستثناء ويجوز للدولة الخروج عن القانون في حالة الضرورة الملحة .

غير أنه لا يعني ذلك إهدار مبدأ المشروعية أو تعطيله ، بل إنما يبقى عليه مع توسيع نطاقه ومداه ، ليشمل الجانب الاستثنائى لهذا المبدأ ، بما يمكن الإدارة من التصرف على قدر من الحرية ومنحها سلطات خاصة وإن كان يتعارض مع قواعد المشروعية العادية ، إلا أنه يظل أمراً قانونياً ومشروعاً وذلك في إطار المشروعية الاستثنائية ، لأن سلامة الوطن فوق كل اعتبار .

وتأصيلاً لتلك المشروعية الاستثنائية أوجد الفقه القانوني نظرية الضرورة باعتبارها نظرية عامة ، تعتمد إلى كافة جوانب القانون .

ويحكم نظرية الضرورة ضابطان هامان ينظمان ويحددان الخروج على القانون ، الضابط الأول هو ' الضرورات تبيح المحظورات ' ، ولكن يجب على الإدارة بنفس الوقت في حالة هذا الخروج أن يكون بالقدر اللازم لدفع هذه الأخطار وهذا هو الضابط الثاني ' فالضرورة تقدر بقدرها ' ، فيجب أن يكون الخروج في نطاق هذين الضابطين في ظل توازن دقيق بين اعتبارات المحافظة على سيادة القانون من جهة وسلامة الدولة من جهة أخرى .

وقد تناولت بعض الدول تبني تطبيقات هذه النظرية لتنظمها في قواعد محددة سلفاً ، والدستور الكويتي قد عالج في المادة 71 حين أجاز للسلطة التنفيذية أن تشرع مراسيم بقوانين لمواجهة ما تقتضيه الضرورة في أحوال غياب مجلس الأمة وذلك استثناء من مبدأ الفصل بين السلطات .

وبناء على ما سبق ذكره نقسم دراستنا للموضوع على الوجه التالي :
القسم الأول : نتناول فيه بالبحث نظرية الضرورة كنظرية عامة سواء في الفقه الإسلامي أو الفقه الوضعي .
والقسم الثاني : لدراسة نظرية الضرورة في القضاء المصري والفرنسي .
ونتناول في القسم الثالث : تطبيقات هذه النظرية في الدستور الكويتي .
القسم الأول

نظرية الضرورة في الفقه الاسلامي والفقه والوضعي

يقوم جوهر نظرية الضرورة ، على افتراض قيام خطر جسيم وحال، يهدد كيان الدولة وأنظمتها ، بحيث لا تجدي القواعد القانونية التي وضعت للظروف العادية في مواجهته ، فتجد الدولة نفسها مضطرة لمخالفة هذه القوانين العادية من أجل مواجهة هذا الخطر الداهم الذي يهدد كيان الدولة .
ويعني ذلك أن نظرية الضرورة تقوم على التعارض بين أمرين : الأول منها المحافظة على كيان الدولة وسلامتها من ناحية ، ووجوب احترام قواعد القانون من ناحية أخرى .

وتعتبر نظرية الضرورة نظرية شاملة عامة لكل فروع القانون ، ولنظرية الضرورة تطبيقاتها في القانون الجزائي ففي حالة الدفاع الشرعي حيث لا يسأل جزائياً من ارتكب فعلاً دفعته لإرتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس أو العرض أو المال .

وتطبق نظرية الضرورة أيضاً في القانون الإداري ، حيث لم يعتبر مجلس الدولة الفرنسي الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي خطأ من جانب الإدارة ، إذا كان سوف يترتب على تنفيذه إخلال جسيم بالأمن العام ، وتقرر هذه النظرية للإدارة الحق في القيام بالإجراءات المستعجلة اللازمة لدفع كل خطر يهدد الأمن أو الصحة العامة دون تقيد بالقوانين واللوائح . بل وتسمح هذه النظرية للإدارة بتعديل إلزاماتها التعاقدية ، كما تقرر هذه النظرية للمتعاقد مع الإدارة حقوقاً تسمح بإعادة التوازن المالي للعقد إذا طرأت ظروف استثنائية أثرت على هذا التوازن (1) .

ولقد عرف الإسلام كشريعة هذه النظرية حيث نص عليها في القرآن والسنة واستنبطها الفقه وجعل لها أصولاً وقواعد كلية في العبادات والمعاملات ، وعرفها أيضا الفقه الوضعي ونص عليها ووضع لها أصولاً ومبادئ أساسية ، وفي ضوء ما سبق سنتعرض لنظرية الضرورة في الفقه الإسلامي في مبحث أول ، وفي مبحث ثاني نتعرض لها في الفقه الوضعي .



هوامش القسم الأول :

_________________________________________________________

(1) شفيق أمام القرارات أو المراسيم بقوانين ، ص 92 .

المبحث الأول

نظرية الضرورة في الفقه الإسلامي

صاغ الفقه الإسلامي فكرة الضرورة ، وجعل لها نظرية متكاملة تستند إلى أصول كلية مأخوذة من القرآن الكريم والسنة النبوية ، وفي بيان ذلك قال إسحاق الشاطبي في كتابة ' الموافقات في أصول الشريعة ' : تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق . وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام أن تكون ضرورية وثانيهما أن تكون حاجية والثالث أن تكون تحسينية ، فأما الضرورية فمعناها أنها لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إن فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وتهارج وفوت حياة ، وفي الآخرة النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين . والحفظ لها يكون بأمرين أحدهما ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود ، والثاني ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها ، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم ... ومجموع الضروريات خمسة وهي : حفظ الدين ، والنفس ، والمال ، والنسل ، والعقل (1) .

ويختصر بعض الفقهاء تعريف فكرة الضرورة في الفقه الإسلامي بأنها خوف من الهلاك على النفس أو المال سواء أكان هذه الخوف علماً أي أمراً متيقناً أو ظنناً يراد به الظن الراجح وهو المبني على أسباب معقولة (2) ، وقد بنى الفقه الإسلامي نظرية للضرورة في مجال كل من العبادات والمعاملات قائمة على قاعدتين المشقة تجلب التيسير ولا ضرر ولا ضرار (3) .

ويقصد بالقاعدة الأولى أن المشقة التي تخرج عن المعتاد تجلب التيسير ، وتتحقق هذه المشقة إذا كان على المكلف به من شأنه أن يؤدي الى الانقطاع عنه أو بعضه أو إلحاق الضرر بالمكلف في نفسه وماله أو حال من أحواله .

والدليل الشرعي لهذه القاعدة في القرآن الكريم :
(1) يُرِيدُ الله بِكُمُ اليُسرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ (البقرة :185)
(2) ما يُرِيدُ الله لِيَجعَل عَلَيكُم مِن حَرَجٍ (المائدة :6)
(3) وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم فِى الدِينِ مِن حَرجٍ (الحج :87)

والدليل الشرعي للقاعدة آنفة الذكر في الحديث النبوي :
(1) قول عائشة رضي الله عنها : 'ماخير الرسول صلى الله عليه وسلم بين شيئين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثماً' (4) .
(2) ' إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين' (5) .
(3) قال الرسوم صلى الله عليه وسلم : 'إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه' (6) .

ويتفرع عن هذه القاعدة الأصولية عدد من القواعد أهمها :
1 - الضرورات تبيح المحظورات : ومشروعية هذه القاعدة من القرآن الكريم :
( أ ) فَمَنِ اضطُرَ غَيرَ بَاغٍ ولاَ عَادٍ فَلاَ إِثمَ عَلَيهِ إِنَ اللَهَ غَفُورُُ رَحِيمُُ (البقرة : 173)
( ب ) فَمَنِ اضطُرَ فِى مَخمَصَةٍ غَيرَ مُتَجَانِفٍ َلاَ إِثمٍ عَلَيهِ فَإِنَ اللَهَ غَفُورُُ رَحِيمُُ( المائدة :3)

ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة : جواز النطق بكلمة الكفر للمضطر ، إباحة أكل الميتة عند الضرورة ، إباحة شرب الخمر لإزالة العطش لمن أشرف على الهلاك ولم يجد سوى الخمر ، جواز إتلاف مال الغير بإلقاء بعض حمولة السفينة في الماء إذا ما أشرفت على الغرق وهذا كله وغيره يجوز بشرط عدم نقصان الضرورة عن المحظور .

2 - الضرورة تقدر بقدرها ، وتطبيق ذلك أن المضطر لا يأكل ولا يشرب من الشيء المحرم إلا ما يسد به رمقه .
3 - الحاجة تنزل منزل الضرورة ، وتتميز الضرورة عن الحاجة بأن الضرورة هي ما يترتب على فقدها ضرر جسيم ، بينما الحاجة ما يترتب على عدمها العسر والصعوبة .

- أما القاعدة الثانية وهي (لاضرر ولا ضرار) .
فإن دليل مشروعيتها الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري عن النبي 'صلى الله عليه وسلم' أنه قال : ' لا ضرر ولا ضرار ' (7) وقد تتفرع عن هذه القاعدة مجموعة من القواعد هي :
(1) الضرر يزال بقدر الإمكان .
(2) يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام .
(3) الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف .
(4) الضرر لا يزال بالضرر .
(5) درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .

على ضوء ما سبق يمكن اختصار فكرة الضرورة في الفقه الإسلامي في أن المحافظة على الضروريات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والمال والعقل والنسل تبيح مخالفة التكاليف الشرعية ، لكن بشرط الالتزام بالضوابط أو القيود التالية :
1 - أن يكون الخطر الذي يهدد إحدى الضروريات الخمس يتصف بان يكون جسيماً وحالاً وأن تكون مخالفة القواعد الشرعية هي الطريق الوحيد لدفع هذا الخطر .
2 - أن تقدر الضرورة بقدرها أي أن تقتصر مخالفة القواعد الشرعية الحد الأدنى اللازم لمواجهة هذا الخطر .
3 - أن تكون المخالفة مؤقتة بحيث العودة للقواعد العادية بمجرد زوال الخطر ، فما جاز لضرورة يبطل لغيرها (Cool .
ومما لا يجعل مجالاً للشك أن هذه المبادئ قابلة للتطبيق ، فيما يخص حماية مصلحة الجماعة أو الدولة ، كما هي قابلة للتطبيق لحماية مصلحة الأفراد .

وتستند فكرة الضرورة أيضا إلى مبدأ تغير الأحكام بتغير المصالح التي يقوم على جواز تغير النصوص لتغير علتها أو لتغير الظروف التي بنيت عليها أو الظروف التي تطبق فيها أو لاقتضاء الضرورة أو المصلحة ، وهو من النتائج التي تترتب على قاعدة دفع الضرر وأن المشقة تجلب التيسير .

وتطبيقاً للمبدأ السابق أجاز الفقهاء بناء على ذلك اتساع سلطة الدولة في أوقات الأزمات ومن ذلك حقها في فرض التسعير الجبري ، كما أمر الرسول 'صلى الله عليه وسلم' بعدم قطع اليد في الحرب بقوله 'صلى الله عليه وسلم': 'لا تقطع الأيدي في السفر' وقد علل الفقهاء بناء على هذا الحكم بألا يلحق المقطوع يده بأرض العدو فيلحق الضرر بالجيش الإسلامي ، ومن المعروف أن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه قد أوقف تطبيق حد السرقة في عام الرمادة أو المجاعة .

هوامش المبحث الثاني :

__________________________________________________________________

(1) الموافقات لإبي إسحاق الشاطبي ، دار الفكر العربي ، ج2 ، ص8 ، نقلاً عن يسري العصار نطرية الضرورة في القانون الدستوري والتشريع الحكومي في فترات إيقاف الحياة النيابية ، مجلة المحامي ، السنة عشرون / يوليو ، أغسطس ، سبتمبر 1996م ، ص 17 .
(2) د.يوسف قاسم ، نظرية الضرورة في الفقه الجنائي الاسلامي والقانون الجنائي الوضعي ، دار النهضة العربي ، 1993م ، ص 80 ، نقلاً عن يسري العصار ، المرجع السابق ، 17 .
(3) محمد مدكور ، مدخل للفقه الاسلامي ، دار النهضة العربية ، ص275 ، 279 ، د. يوسف قاسم ، مبادئ الفقه الاسلامي ، دار النهضة العربية ، ص114 ، د. رمضان الشرباصي ، المدخل لدراسة الفقه الاسلامي ، 306 ، نقلاً عن المرجع السابق ، ص 17 .
(4) الحديث متفق عليه ، ص 20 الهامش ، الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية ، محمد صدقي البورنو ، مؤسسة الرسالة .
(5) الحديث متفق عليه ، من أبي هريره ، المرجع السابق ، ص 220 .
(6) أخرجه الحاكم في 'مستدركه' من حديث بن عباس وصححه و 2 ص 198، المرجع السابق
(7) حديث حسن أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي والدار قطني ، نفس المرجع السابق .
(Cool د.عبدالرحمن الصابوني ، وخليفة على بكر ، ومحمود طنطاوي ، المدخل الفقهي وتاريخ التشريع الإسلامي نقلاً عن المرجع السابق ، ص19


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Empty
مُساهمةموضوع: رد: نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين   نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyالأربعاء يناير 16, 2013 12:29 am

المبحث الثاني

نظرية الضرورة في الفقه الوضعي

أما بالنسبة لنظرية الضرورة في الفقه القانوني الوضعي ، فإن الفقهاء ، قد اختلفوا حول هذه النظرية ، وبيان الأساس الذي تقوم عليه قبل أن تستقر في قضاء مجلس الدولة الفرنسي .

أولا : الفقه الألماني :
يتبنى الفقه الألماني نظرية الضرورة وجعل للضرورة مفهوماً يوسع من سلطات الدولة إلى مدى بعيد ، وتقوم النظرية الألمانية للضرورة على أنه يوجد بجانب القانون المكتوب قانون آخر غير مكتوب يعطي للدولة الحق في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للمحافظة على سلامتها ، ولو أدى ذلك إلى مخالفة القوانين القائمة ، وتعد الإجراءات التي تتخذها الدولة في هذا الشأن مشروعة وسليمة قانوناً بذاتها دون حاجة إلى إقرار من أي سلطة كانت ، والأساس القانوني لذلك هو اضطرار الدولة لمخالفة الأنظمة القانونية القائمة ينشئ نظاماً قانونياً جديداً ، يختلف عن النظام القانوني السابق الذي ينطبق في ظل الظروف العادية ، ولما كانت الدولة تخضع للقانون بمحض إرادتها ، طبقاً لنظرية التحديد الذاتي للإرادة التي ابتدعها الفقه الألماني ، فإن الدولة إذا ما اضطرت تحت ضغط الأحداث ، إلى مخالفة القواعد القانونية القائمة تكون إرادتها قد اتجهت إلى إحلال قواعد أخرى تلائم ظروف الضرورة محل القواعد السابقة ، ولعل أهم ما في هذه النظرية الألمانية للضرورة هو أنها تعتبر جميع ما تقوم به الدولة بناء على حالة الضرورة يعد سليما ومشروعاً ، فالضرورة تعد مصدراً غير مشروط للقواعد القانونية ، ولذلك يطلق الفقه على هذه النظرية القانونية للضرورة (1) .

وهذه النظرية تؤدي إلى نتيجة خطيرة هي إطلاق سلطة الدولة وإخضاع القانون لإرادتها فهي تؤدي إلى أن الدولة لا تخضع للقانون إلا حينما تريد ، وفي الحدود التي تريدها ، وخلال الفترة الزمنية التي تريدها .

وبناء عليه استندت الحكومة الألمانية لنظرية الضرورة بهذا المفهوم الواسع في علاقاتها الدولية ، وذلك حينما اخترقت حياد بلجيكا 1914 ، وحينها قامت بحملتها العسكرية بغزو النرويج والدنمارك وهولندا وبلجيكا في الحرب العالمية الثانية ، وحينما خرقت معاهدة التحالف التي كانت تربط بينها وبين روسيا وقامت بغزوها للأراضى الروسية بدون سابق إنذار في الحرب العالمية الثانية .

ثانيا : الفقه الفرنسي :
أخذ الفقه الفرنسي أيضاً بنظرية الضرورة، ولكنه قام بتهذيبها بحيث أنه رفض المفهوم الذي تبناه الفقه الألماني ، وقد ظهر في الفقه الفرنسي اتجاهان حول نظرية الضرورة ، أحدهما يسبغ عليها مفهوماً قانونياً والآخر يسبغ عليها مفهوماً واقعياً ، ويتفق الاتجاهان على إخضاع نظرية الضرورة لعدد من الضوابط .

- الاتجاه الأول : (المفهوم القانوني) :
يمثل هذا الاتجاه كل دوجي وهوريو اللذان يقران بحق الحكومة في الظروف غير العادية الاستثنائية ، في إصدار لوائح لها قوة القانون بشرط أن تعرض هذه اللوائح على البرلمان . فمجرد أن يكون ذلك ممكناً ، من أجل الحصول على موافقته ، وحينما يقر البرلمان هذه اللوائح لا ينقلها من أعمال غير مشروعة إلى أعمال مشروعة ، وذلك أن هذه اللوائح تعد مشروعة منذ صدورها استناداً إلى الظروف غير العادية التي ألزمت إصدارها ، وينقلها بذلك من مجرد لوائح الى قوانين .

ويعتبر العلامة 'دوجي من أوائل الفقهاء الفرنسيين الذين تعرضوا لصياغة نظرية الضرورة ، حيث تطلب عدة ضوابط وشروط لكي تكون اللوائح التي تصدرها الحكومة في الظروف الاستثنائية مشروعة :
1 - أن يكون هناك ظرف استثنائى كالحرب أو العصيان المسلح أو الإضراب العام .
2 - ألا يكون البرلمان مجتمعاً .
3 - أن تكون الحكومة معتزمة على عرض الأمر على البرلمان في أو اجتماع له للموافقة على تصرفاتها .

ويرى العلامة هوريو أن الحكومة ليس فقط لها لحق في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الظروف الاستثنائية كالحرب ، وإنما عليها واجب اتخاذ هذه الإجراءات لحماية الدولة استناداّ إلى حق الدفاع الشرعي ، فاذا كانت الدولة في مواجهتها لهذه المخاطر تخرج عن إطار المشروعية ، فإنها لاتخرج عن إطار القانون طالما كانت هي في حالة دفاع شرعى .

- الاتجاه الثاني : (مفهوم واقعي) :
أما الاتجاه الآخر المقابل للاتجاه القانوني ، يجعل نظرية الضرورة نظرية واقعية ، فهو يرى أن الضرورة لا تخلق قواعد قانونية ولا تحل محل القوانين القائمة ، وإن الحكومة إذا اتخذت تحت ضغط الضرورة إجراءات تخالف الأنظمة القانونية القائمة ،فإن هذه الإجراءات تعتبر بحسب الأصل إجراءات غير مشروعة ، ولا تكون الإجراءات مشروعة أبداً لأنها باطلة بطلاناً مطلقاً ، لا يقبل الإجازة من أى سلطة كانت ، فالإدارة ينبغي أن تلتزم بمبدأ المشروعية ليس فقط في الظروف العادية وإنما كذلك في الظروف غير العادية ، حيث غاية ما في الأمر إنه يمكن للإدارة أن تتحاشى المسئولية الناجمة عن مخالفتها للقانون بأن تعرض على البرلمان الإجراءات التي اتخذتها وتطلب منه أن يعفيها من المسئولية بواسطة قانون للتضمينات ، وبذلك تكون الضرورة نظرية واقعية لا قانونية .

ومع اضطراد أحكام مجلس الدولة الفرنسي ينطبق نظرية الضرورة أو وإسباغه صفة المشروعية على الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية ، فإن الفقه الحديث قد استقر على الاعتراف بهذه النظرية باعتبارها نظرية قانونية وليست نظرية واقعية وباعتبارها جزأ من مبدأ المشروعية الذي يتسع نطاقه في ظل الظروف الاستثنائية ، ليشمل الإجراءات التي تتخذها الحكومة للمحافظة على سلامة الدولة (2) .

وقد اعتنق الفقه المصري هذه النظرية باعتبارها نظرية قانونية متفقاً في هذا مع الفقه الفرنسي الحديث ولكن كلاهما قد حرص على أن يصيغ هذه النظرية ضمن مجموعة من الضوابط والشروط نعرض لها فيما يلي :
شروط نظرية الضرورة :
لنظرية الضرورة ضوابط معينة يجب أن تراعيها الحكومة ، لكي تكون الأعمال التي تقوم بها صحيحة ، ومن أهم هذه الشروط ما يلي :
1 - قيام خطر جسيم وحال (3) :
وهذا الشرط مجمع عليه فقهاً وقضاءً ، ومن الممكن تحديد حجم هذا الخطر عن طريق مصدره الذي قد يكون مصدراً طبيعياً كالكوارث الطبيعية ، وقد يكون إقتصادياً وتطبيق ذلك الاضطرابات المالية الخطيرة ، وقد يكون مصدره خارجياً مثل الحروب ، وقد يكون داخلياً مثل العصيان المسلح والمظاهرات العنيفة غير السلمية ، بيد أنه من المستحسن ضبط وصف التهديد بالخطر بإن يكون هذا التحديد خطر جسيم حال .

ورغم صعوبة تحديد جسامة الخطر بمقياس معين فإنه يجب على الأقل أن يخرج من إطار المخاطر المتوقعة أو المعتادة في الدولة ، فهو خطر غير مألوف من حيث النوع وكبير من حيث المدى .

ووصف الخطر بأن يكون حالاً نعني به ألا يكون خطراً مستقبلاً وإلا يكون قد وقع وانتهى إذ يكون بمثل هذه الحالة مجرد واقع له آثاره (4) . وكذلك الخطر الوهمي الذي ينشأ في ذهن أو تصور أو خيال الحكومة لا يعد خطرا جسيماً حالاً ، فالخطر الحال إذن هو الذي يكون قد بدأ فعلاً ، أو هو وشيك الوقوع ، دون أن يكون قد انتهى بعد وبحيث لا تجد الإدارة أي فرصة للجوء إلى وسيلة أخرى لمواجهته .

2 - إستحالة مواجهة هذا الخطر بالطرق العادية وعن طريق المؤسسات الدستورية المختصة :
وهذا الشرط مجمع عليه أيضاً فقهاً وقضاءً ، وفحوى هذا القيد أنه إذا وجدت وسيلة قانونية أو دستورية تستطيع أن تواجه المخاطر التي تهدد سلامة الدولة ، فإنه يجب الرجوع في تلك الحالة إلى هذه الوسيلة ، أما إذا كانت المخاطر لا تجدي معها نفعاً هذه الوسائل بحيث تصبح عاجزة عن مجابتها ، فإن الرجوع إلى نظرية الضرورة وتطبيقاتها يكون أمراً لا مناص منه .
3 - أن يكون الإجراء غير القانوني المتخذ لمواجهة هذا الخطر على قدر لا يتجاوزه لإن الضرورة تقدر بقدرها .

هوامش المبحث الثاني :
_________________________________________________________________

(1) يسرى العصار ، المرجع السابق ، ص 21 .
(2) يسرى العصار ، المرجع السابق ، ص 23 ، للتوسع أنظر للمراجع المشار إليها .
(3) سامي جمال الدين : لوائح الضرورة ، وحالات الرقابة القضائية عليها ، منشأة المعارف ، ص 23 .
(4) سامي جمال الدين ، المرجع السابق ، ص23 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Empty
مُساهمةموضوع: رد: نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين   نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyالأربعاء يناير 16, 2013 12:45 am

القسم الثاني

التطبيقات القضائية لنظرية الضرورة في مصر وفرنسا

ندرس في هذا القسم في مقدمة عامة ثم مبحثين نخصص أولهما للقضاء الفرنسي والثاني للقضاء المصري :
أولا : مقدمة عامة :
وقف القضاء في كلا من فرنسا ومصر موقف القبول لنظرية الضرورة ، بل أن الفضل يرجع في تقرير هذه النظرية لمجلس الدولة الفرنسي في العديد من أحكامه ولذلك فإن المشروعية الاستثنائية التي يؤخذ بها في ظل الظروف غير العادية ، إن هي في الحقيقة من صنع القضاء ، فهو يكمل النقص في النصوص الدستورية والقانونية حين لا تكون كافية لمعالجة الظروف الاستثنائية ، فهو يعمل على تقرير السلطات الاستثنائية في حالة الضرورة عند غياب النصوص القانونية والدستورية المنظمة لها ، أو إذا كشف التطبيق العملى لها أن بعض القصور والنقص وعدم كفايتها لمواجهة هذه الأخطار ودفعها ، فهنا يتدخل القضاء لمعالجة هذا النقص وتكمله ما قد يظهر من قصور في النصوص التشريعية وذلك بتخويل الحكومة السلطات الكافية لتمكينها من مواجهة هذه الظروف الاستثنائية .

وبيد أن القضاء لا يكتفي بالعمل على تكملة ما قد يعتري النصوص القانونية من قصور ، بل أنه يعمل أيضا على تفسيرها تفسيراً دقيقاً وتحديد مدلولها بل وتطوير مفهومها ، وذلك بجانب إنشاء المبادئ القضائية ، إذا سكت المشرع عن معالجة هذه الظروف ، وهو ما يثبت تفوق نظرية الضرورة القضائية على التشريعات الاستثنائية ، الأمر الذي يدعو إلى القول بأن المصدر الحقيقي لنظرية الضرورة هو القضاء . وبناء على ذلك سوف نتناول هذه النظرية لدى القضاء الفرنسي ثم بعد ذلك القضاء المصر ي .
المبحث الأول

موقف القضاء الفرنسي من نظرية الضرورة

رفض القضاء العادي (المدني والتجاري) في فرنسا اعتناق نظرية الضرورة ، ولم يقر الحكومة على قيامها بتعديل نص تشريعي بواسطة مرسوم أثناء الحرب العالمية الأولى ، ففي حكمها الصادر بتاريخ 3 نوفمبر 1917م رفضت محكمة النقض تطبيق المرسوم الصادر من الحكومة بتاريخ 3 مايو 1917م والذي عدل نصاً في القانون الصادر في 25 ابريل 1916م خاصاً بنسبة الدقيق الأبيض في مخلوط الدقيق وقرر عقوبة جنائية على من يخالفه وكانت ' محكمة بواتييه' قد برأت شخصاً أحيل إليها بتهمة مخالفة هذا المرسوم وقد أيدتها محكمة النقض تأسيساً على أن الحكومة ليس من سلطتها تعديل نص تشريعي وتقرير عقوبة جنائية حتى في ظل حالة الحرب إلا إذا سمح لها القانون بذلك (1) .

ولكن نجد القضاء الإداري الفرنسي على طرفي نقيض من القضاء العادي (المدني والتجاري) ، حيث وقف موقفاً متحرراً وذلك بحكم نشأته وخبرته واحتكاكه بالإدارة العامة ، فاعتد بنظرية الضرورة وإن أطلق عليها مسميات عدة مثل نظرية سلطات الحرب أو نظرية الظروف الاستثنائية ، وذلك بجانب نظرية الضرورة ، وقد بدأ اهتمام القضاء الإداري بتعزيز هذه النظرية مع بداية الحرب العالمية الأولى 1914م - 1918م حيث صدرت سلسلة من اللوائح ، وكان يطلق عليها اسم 'المراسيم' ، التي تتضمن أحكاماً تخالف فيها لبعض القوانين وموقفه ومعدله للبعض الآخر ، وحيث كان البرلمان متغيباً في بعض الأوقات ومجتمعاً أحياناً أخرى ، وقد لجأت الحكومة الفرنسية في ذلك الوقت إلى إصدار هذه المراسيم نظراً لأن البرلمان الفرنسي لم يمنحها سلطات كافية مع بداية الحرب ، ولكن الحكومة قد شعرت بأن هذه الأعمال غير مشروعة فلجأت إلى البرلمان للتصديق عليها .

أما مجلس الدولة الفرنسي فقد أنشأ نظرية الضرورة في هذه الفترة، بمناسبة الطعون التي قدمت ضد هذه المراسيم التي وضعتها الحكومة ، فتوالت أحكامه في هذا الشأن ، وكان أشهرها حكم (HEYRIES) وإن لم يكن أولها ومع ذلك فهو يعد البداية الحقيقة لظهور نظرية الضرورة في القضاء الفرنسي على يد مجلس الدولة الذي أشتهر بروحه الواقعية فيما صاغ من مبادئ وقرره من أحكام .

وقد قضى هذا الحكم بصحة مرسوم أصدره رئيس الجمهورية في 10 سبتمبر 1914م يقضي بإيقاف المادة 65 من قانون 22 إبريل 1905م الخاص ببعض ضمانات الوظيفية ، خلال فترة الحرب ، وقد رأى مجلس الدولة الفرنسي أن هذا الاتفاق يعد مشروعاً ، وفي ذلك اعتراف بحق الحكومة في وقف كل الضمانات الفردية ودون إذن تشريعي وهو ما يعني إمكانية الحكومة الاعتداء على مبدأ المشروعية متمثلاً في القاعدة الدستورية الأساسية التي تقضي بخضوع اللائحة أو المرسوم للقانون وعدم تعارضه معها .

ولتبرير ذلك الموقف استند مجلس الدولة إلى نص المادة الثالثة من دستور 1875م (الساري في ذلك الوقت) والتي تحمل رئيس الدولة مهمة الإشراف على تنفيذ القوانين على أساس أن هذا الإشراف على القوانين سيما المنظمة للمرافق العامة يقتضي منه السهر على سير المرافق دون توقف أو تعطل وخاصة زمن الحرب حتى لو أدى ذلك إلى خرق القوانين الأخرى التي ينتج عن تطبيقها إعاقة سير المرافق العامة بانتظام ، وهكذا فإن بعض القوانين يجب ضمان تطبيقها في زمن الحرب لأنها تسمح بسير المرافق العامة ، ولكن البعض الآخر يعوق هذا السير الذي ينبغي عليه أن يتوقف .

وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن هناك مشروعية خاصة بزمن الحرب إلى جانب المشروعية في زمن السلم ، ومن ثم لا يوجد تعارض بين نظرية الضرورة ومبدأ الشرعية ، إذ ان الأمر لا يخرج عن توسيع لنطاق المشروعية العادية وتعديل حدودها من قبل القاضي ، وذلك بحكم قوامته على تفسير القوانين بما يلائم ظروف تطبيقه ، وبما يرخص للإدارة ممارسة سلطاتها اللازمة للوفاء بالتزاماتها حيال نطاق الدولة ومرافقها .

بيد أن هذا الحكم لم يسلم من النقد ، فقد انتقده الفقه بحجة أن الالتزام بالتنفيذ المشار إليه في المادة الثالثة من الدستور لا تتضمن مطلقاً سلطة الامتناع عن التنفيذ ،إذ يجب على رئيس الدولة تنفيذ كل القوانين بالطريق المشروع .

وقد أدى ذلك النقد إلى عدول مجلس الدولة ، عن ذلك التخريج بالاستعانة فقط بنظرية سلطات الحرب باعتبارها تطبيقاً لنظرية الضرورة ، لتقرير مشروعية المراسيم الصادة من رئيس الدولة ، حيث قضى بأن ' حدود السلطة العامه للبوليس التي تملكها الحكومة للمحافظة على الأمن العام لا يمكن أن تكون في حالة السلم هي نفسها في حالة الحرب حيث يتطلب صالح الدفاع القومي التوسع في هذه السلطة ويتم اتخاذ وسائل أشد لحفظ النظام العام (2) '.

ولم يقتصر مجلس الدولة الفرنسي على الظروف الاستثنائية ، بل اعتبر كذلك الاضطرابات السياسية التي أعقبت تحرير فرنسا من الاحتلال الألماني ، والتهديد يالإضراب العام من قبل الظروف الاستثنائية . كم رتب مجلس الدولة على الاضطرابات التي حدثت في مايو 1968م نفس الآثار التي تترتب على الظروف الاستثنائية .

وتتوافر الظروف الاستثنائية في نظر مجلس الدولة ، إذا نشأ خطر جسيم يهدد سلامة وأمن الدولة والنظام العام وكان من المستحيل مواجهته عن طريق اتباع القواعد القانونية العادية ، كأن ينقطع الاتصال بين الحكومة وبعض الوحدات الإدارية أو أن يكون اتباع القوانين العادية من شأنه أن يؤدي للتأخير في مواجهة الخطر الذي يهدد الدولة .

ويسبغ مجلس الدولة الفرنسي صفة المشروعية على الإجراءات التي تقوم بها الإدارة من أجل التغلب على الظروف الاستثنائية شريطة أن تكون هذه الإجراءات لازمه لمواجهة هذه الظروف ، ويخضع القضاء الإداري هذه الإجراءات لرقابته لكي يتأكد من إلتزام الإدارة بالضوابط والشروط التي ينبغي توافرها لكي تنطبق نظرية الظروف الاستثنائية ، ( وأهمها وجود خطر جسيم وحال يهدد سلامة وأمن الدولة أو النظام العام ، وأن تكون الإجراءات التي تتخذها الإدارة ضرورية لمواجهة هذا الخطر ، وان توقف هذه الإجراءات بمجرد انتهاء الظروف الاستثنائية (3) .

وقد أباح مجلس الدولة الفرنسي للإدارة - إذا توافرت شروط نظرية الظروف الاستثنائية - مخالفة قواعد لاختصاص ، وعدم الالتزام بالشروط المتعلقة بشكل وإجراءات العمل الإداري ، وكذلك تقييد الحريات العامة ، كما أسبغ المجلس صفة العمل الإداري على الأعمال الصادرة من أشخاص عاديين في مجال إدارة المرافق العامة في حالة عجز السلطات المناطة إليها إدارة هذه المرافق عن القيام بعملها طبقاً لنظرية الموقف الفعلي .

هوامش المبحث الأول :

______________________________________________________________

(1) حكم محكمة النقض الفرنسية (الدائرة الجنائية) في 3 نوفمبر 1917م ، مجلةSIREY الجزء الأول ، ص 125 ، نقلاً عن يسري العصار ، المرجع السابق ، ص 24 .
Haurion 919 , Dame Dol et Laurent, S. 1919 , 3033 , N .270(2) C.E 28
نقلاً عن الدكتور سامي جمال الدين ، المرجع السابق ، ص 29 .
(3) د. يسري العصار ، المرجع السابق ، ص 26 ، حكم مجلس الدولة بتاريخ 16 ابريل 1928 في قضية LAUGIER مجلة سري 1948م ، ج3 ، ص 26 ، وحكمه بتاريخ 7 يناير 1955م في قضية ANDRIAMISEZA مجلة القانون العام 1995م ، ص 207 ، تعليق فالين .

المبحث الثاني

موقف القضاء المصري من نظرية الضرورة

أما بالنسبة لموقف القضاء في مصر من هذه النظرية ، فإننا يجب أن نفرق بين مرحلتين :
المرحلة الأولى : ما قبل إنشاء مجلس الدولة المصري :
في هذه المرحلة أخذ الاتجاه الراجح في القضاء وعلى رأسه محكمة النقض بنظرية الضرورة ، حيث اعتد بها سبباً يبرر الخروج على قواعد المشروعية العادية ، وذلك إذا ما طرأت بعض الظروف التي يكون فيها الخطر على الأمن العام والصحة العامة محدقاً ومهدداً بحيث يجب العمل بغاية السرعة لمجابهة هذا الخطر ، باتخاذ الإجراءات العاجلة وذلك بما للإدارة من سلطة ، بل عليها من الواجبات التي تلزمها السهر والمحافظة على الأمن والأرواح والأموال حتى ولو سلكت بتلك الإجراءات طريقاً غير قانونياً ، تأسيساً على أن الضرورات تبيح المحظورات ، وإن النصوص القانونية لم تنص على الإجراءات التي يجب اتخاذها في حالة الخطر العاجل ، فحينئذ لا يعد مخالفاً للقانون ما يتخذ من إجراءات عاجلة لم تعمل لغاية سوى مصلحة الجمهور والتي لم يشبها سوء استعمال السلطة أو التعسف أو عدم العناية والحرص في تنفيذها (1) .

حيث قررت محكمة النقض المصرية في حكمها الصادر بتاريخ 22 مارس 1934م أن : 'إذا كان لرجال الضبطية الإدارية في سبيل منع ارتكاب الجرائم أن يتخذوا ما تقضي به الضرورة من الإجراءات والوسائل ، فإنه يجب عليهم أن يمتنعوا عن الوسائل المقيدة لحرية الأفراد إلا أن يكون ثمة مسوغ شرعي تقتضيه الظروف والأحوال ، ويعتبر المسوغ الشرعي متوافراً حينما يكون الموظف قائماً بأداء وظيفته ويكون عمله أو إجراءه لازماً حتماً للقيام بمهامها من منع ضرر جسيم يهدد النظام والأمن باعتبار هذا الإجراء الوسيلة الوحيدة لمنع الضرر (2) .

المرحلة الثانية : مرحلة ما بعد إنشاء مجلس الدولة المصري :
أما في هذه المرحلة فقد أخذت محكمة القضاء الإدارى بنظرية الضرورة وذلك في حكمها الصادر في تاريخ 26 يونيو 1951م ، حيث حددت شروط هذه النظرية بما يلي (3) :
1 - أن يكون هناك خطر جسيم ومفاجئ يهدد النظام والأمن .
2 - أن يكون لمحل الضرورة الذي صدر من الإدارة هو الوسيلة الوحيدة لدفع هذا الخطر .
3 - أن يكون هذا العمل لازماً ضمناً فلا يزيد على ما تقضي به الضرورة .
4 - أن يقوم بهذا العمل الموظف المختص فيما يقوم به من أعمال وظيفته .

وأسندت المحكمة نظرية الضرورة إلى القاعدة الأصولية التي تقضي بأن الضرورات تبيح المحظورات وأن الضرورة تقدر بقدرها . وأكدت أن أعمال الضرورة تخضع في جميع الأحوال لرقابة القضاء ليتحقق مما إذا كانت أركان الضرورة متوافرة حتى يقوم حق الضرورة وتنفي مسئولية الدولة ، وفي الحالة التي لا تتوفر فيها الأركان فلا يكون هناك ضرورة ، ويكون العمل الصادر من الإدارة باطلاً إذا كان قراراً إدارياً ، وموجباً للمسؤولية إذا كان عملاً مادياً .

وتطبيقاً لهذه المبادئ سالفة الذكر ، قضت المحكمة بأن القرار الصادر من مجلس الوزراء بتاريخ 28 يناير 1951م بإلغاء جريدة مصر الفتاه قد صدر بدون أى ضرورة تبرره ففي المذكرة التي رفعتها وزارة الداخلية إلى مجلس الوزراء لاستصدار القرار المطعون فيه تذكر الوزارة أنها أفسحت لجريدة مصر الفتاه من صدرها علها تتوب عما أخذت بها نفسها ، ولكن الجريدة لم تكف عن دعوتها فاستصدرت النيابة العامة من المحكمة قرار بتعطيلها لمدة أسبوع ثم استمرت الجريدة في الدعوة للثورة وإلى بث الفتن ، وإثارة البغضاء بين مختلف الطوائف ، وقد قدمت النيابة العامة رئيس التحرير إلى محكمة الجنايات .

وبناء على ذلك قررت المحكمة أن قرار مجلس الوزراء الذي يقضي بإلغاء جريدة مصر الفتاه لم يصدر بسبب خطر مفاجئ يقتضي إلغاء الجريدة فوراً خاصة بعد أن التجأت الحكومة إلى القضاء وأصبح واجباً عليها التريث حتى يقول القضاء كلمته .

وفي حكمها الصادر بتاريخ 1952م قضت محكمة القضاء الإداري بأن القرار الإداري المطعون فيه والصادر من وزير المالية في 10 يونيو 1950م بتعديل بعض أحكام اللائحة الداخلية لقسم الأقطان ببورصة ميناء البصل ، لم يعرض على قسم التشريع بمجلس الدولة ولم تستطيع الحكومة إثبات أن هناك ضرورة اقتضت عدم عرضه على هذا القسم ، وبالتالي يتعين الحكم ببطلانه حيث أن العرض على قسم التشريع يعد إجراءً جوهرياً ، جزاء الإخلال فيه هو البطلان ، ولا يجوز إغفال هذا الإجراء إلا وفقاً لما تقضي به الضرورة ، والتي يخضع تقديرها لرقابة هذه المحكمة (4) .

وفي شأن المسؤولية عن أعمال الإدارة قضت المحكمة في حكمها الصادر في 18/3/1956م ' أن منطق الحكمة يقتضي بالتفرقة في مسئولية الدولة بين ما يصدر من السلطة العامة من أوامر وتصرفات وهي تعمل في ظروف عادية ... وبين ما قد تضطر إلى اتخاذه من قرارات وإجراءات عاجلة تمليها ظروف عاصفة وملابسات مستقلة لا تمهل للتدبر ولا تتحمل التردد كالحرب الخاطفة والفتنة المندلعة والوباء الطارئ والكوارث الساحقة ... فيما يعد خطأ في الأوقات العادية ، قد يكون سلوكاً مباحاً في أحوال الضرورة القصوى والظروف الاستثنائية (5) .

وبعد إنشاء المحكمة الإدارية العليا ، تبنت نفس اتجاه محكمة القضاء الإداري السابق في شأن نظرية الضرورة ، وطبقت هذه النظرية في أكثر أحكامها بنفس الضوابط والشروط التي سبق لمحكمة القضاء تطبيقها ، مما أدى إلى استقرار القضاء الإدارية على الأخذ بنظرية الضرورة بأركانها المحددة وأسسها المقررة .

فقد قضت المحكمة الإدارية العليا (6) في حكمها الصادر بتاريخ 14/4/1962م في ذلك ' بأن النصوص التشريعية إنما وضعت لتحكم الظروف العادية ، فإذا طرأت ظروف استثنائية ثم أجبرت الإدارة على تطبيق النصوص العادية فإن ذلك يؤدي حتماً إلى نتائج غير مستساغة
.

تتعارض حتى ونية واضعي تلك النصوص العادية ، فالقوانين تنص على الإجراءات التي تتخذ في الأحوال العادية ، ومادام أنه لا يوجد فيها نص على ما يجب إجراؤه في حالة الخطر العاجل يتعين عندئذ تمكين السلطة الإدارية من اتخاذ الإجراءات العاجلة التي لم تعمل لغاية سوى المصلحة دون غيرها ، وغني عن البيان في هذا المجال أن هناك قاعدة تنظم القوانين جميعها وتفوقها ، محصلها وجوب الإبقاء على الدولة ، فحماية مبدأ المشروعية يتطلب أولاً وقبل كل شئ العمل على بقاء الدولة الأمر الذي يستبيح تخويل الحكومة استثناء وفي حالة الضرورة ، من السلطات ما يسمح لها باتخاذ الإجراءات التي يتطلبها الموقف ولو خالفت في ذلك القانون في مدلوله اللفظي ، ومادامت تبغي الصالح العام غير أن سلطة الحاكم في هذا المجال ليست ولا شك طليقة من كل قيد بل تخضع لأصول وضوابط فيجب أن تقوم حالة واقعية أو قانونية تدعو إلى التدخل ، وأن يكون تصرف الحكومة لازماً لمواجهة هذه الحالة بوصفه الوسيلة الوحيدة لمواجهة الموقف ، وأن يكون رائد الحكومة في هذا التصرف ابتغاء مصلحة عامة ، وبذلك تخضع مثل هذه التصرفات لرقابة القضاء غير أن المناط في هذه الحالة لا يقوم على أساس التحقق من مدى مشروعية القرار من حيث مطابقته آو عدم مطابقته للقانون ، وإنما على أساس توافر الضوابط التي سلف ذكرها أو عدم توافرها ، فإن لم يكن رائد الحكومة في هذا التصرف الصالح العام ، بل اتجهت إلى تحقيق مصلحة خاصة مثلاً ، فإن القرار يقع باطلاً في هذه الحالة ' .

وكما تقول المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بتاريخ 13 مايو 1961م :' أنه من المسلم به فقها أن للسلطة الإدارية المشرفة على الأمن العام أن تتخذ دائماً في حالات الضرورة تدابير مؤقتة لصيانة الأمن العام والنظام العام حتى ولو كان في اتخاذها مساس بحقوق الأفراد الخاصة أو حرياتهم .
وحتى ولو لم تكن الأحكام العرفية معلنة ، وعلى ذلك فإن الحاكم العسكري في خصوصية هذه الدعوى ، إذا أتخذ التدابير المؤقته المطعون فيها باعتباره من التدابير الضرورية لصيانة الأمن العام ، فيكون قد قدر الضرورة بقدرها ، وتصرف في حدود سلطته التقريرية تصرفاً مشروعاً ، وإن لم يجاوز في ذلك الحدود الضرورية اللازمة لصون الأمن واستقراره في المنطقة (7) .

وتطبيقاً لنظرية الضرورة أباح القضاء الإداري المصري لجهة الإدارة الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية في الظروف الاستثنائية وذلك إذا رأت أن تنفيذها من شأنه أن يؤدي إلى الإخلال بالأمن النظام العام أو تعطيل سير المرافق العامة ، ففي حكمها الصادر بتاريخ 10 يناير 1959م ، تقول المحكمة الإدارية العليا 'لا يجوز للقرار الإداري في الأصل أن يعطل تنفيذ حكم قضائي . وإلا كان مخالفاً للقانون إلا إذا كان يترتب على تنفيذه فوراً إخلال خطير بالصالح العام يتعذر تدراكه ، كحدوث فتنة أو تعطيل سير مرفق عام ، فيرجح عندئذ الصالح العام على الصالح الفردي الخاص ولكن بمراعاة أن يقدر الضرورة بقدرها ، وأن يعوض صاحب الشأن أن كان لذلك وجه (Cool ' .

والقضاء المصري يساير المبدأ الذي استقر عليه مجلس الدولة الفرنسي منذ حكم كويتياس الصادر بتاريخ 30 نوفمبر 1923م .

هوامش المبحث الثاني .:

________________________________________________________________

(1) سامي جمال الدين ، المرجع السابق ، ص29، 30 ، انظر الأحكام القضائية التي أشار اليها المؤلف رقم (19) .
(2) مجلة المحاماه ، السنة 13 ، ص 370 ، رقم 155 ، نقلاً عن يسري العصار ، نظرية الضرورة سالف الذكر ، ص27 .
(3) شفيق أمام ، القرارات والمراسيم بقوانين سالف الذكر ، ص56 .
(4) يسري العصار ، المرجع السابق ، ص 28 .
(5) سامي جمال الدين ، المرجع السابق ، ص 31 .
(6) سامي جمال الدين ، المرجع السابق ، ص 31 ، قضية رقم 956 لسنة 5 ق ، القضية 958 لسنة 5ق المجموعة السنة 7 ق رقم 61 ص 601
(7) مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا ، السنة 6 ، ص 1020 ، نقلاً عن يسري العصار ، المرجع السابق ، ص30 .
(Cool القضية رقم 724 لسنة 3 ق ، مجموعة السنة 4 ، بند 42 ، ص 533 ، نقلاً عن يسري العصار ، المرجع السابق ، ص 30 .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Empty
مُساهمةموضوع: رد: نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين   نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyالأربعاء يناير 16, 2013 12:47 am

القسم الثالث

تطبيقات نظرية الضرورة في الدستور الكويتي

الأصل أن تكون سلطة التشريع بيد البرلمان وذلك بوصفه ممثلاً للإرادة الشعبية ، طبقاً لمفهوم النظام الديمقراطي ، وهذا هو مبدأ فصل السلطات العامة ، لأن الدستور قد حدد لكل من السلطات العامة الثلاث اختصاصاً معينة لا يجوز لها تجاوزها والتنازل عنها .

بيد أن مبدأ الفصل بين السلطات يقتضي أن تناط وظيفة التشريع لممثلي الشعب لذا فإن إعطاء الاختصاص التشريعي للسلطة التنفيذية يعد خرقاً لهذا المبدأ ، الأمر الذي لا يمكن تبريره إلا بقيام حالة الضرورة . وتحت ضغط الظروف غير الاعتيادية ، يتسع مجال السلطة اللائحية إلى حد الاعتراف للسلطة التنفيذية بأن تشرع في ظروف خاصة عن طريق ما يسمى 'بالمراسيم بقوانين' وهي لوائح يتسع ميدانها وترتفع قوة إلزامها إلى مصاف القانون ، فتستطيع أن تعدل أو تلغي قانوناً قائماً (1) .

ولم يقابل الفقهاء في جملته هذا الأسلوب بارتياح ، وذلك لاعتباره ثغرة بارزة في مبدأ استقلال البرلمان بمهمة التشريع ، وكذلك مبدأ المشروعية وخضوع اللائحة للقانون بيد أن القضاء قد أقر شرعية هذه اللوائح بناء على الظروف التي دعت إلى إصدارها ولولا هذه الظروف لكان نصيب مثل هذه اللوائح الإلغاء لعدم مشروعيتها لخروجها على مبدأ المشروعية . ومثال ذلك مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الشهير في قضية السيد 'Heyries' ، حيث اعترف للحكومة الفرنسية - في حالة الضرورة - بسلطة إصدار مراسيم تملك تعطيل القوانين وتعديلها استناداً للمشروعية الاستثنائية . وقد غزت هذه الظاهرة كثير من البلاد ، حتى نصت دساتيرها نصوصاً تسمح للسلطة التنفيذية أن تصدر - استثناءً وبصورة عارضة - وفي ظروف خاصة لوائح لها قوة القانون .

وقد طبق الدستور الكويتي نظرية الضرورة ، فجعل من حق السلطة التنفيذية إصدار 'مراسيم بقوانين' تشرع عن طريقها حالات معينة حددها الدستور بإطار معين وفق شروط محددة ، فجعل للسلطة اللائحية للإدارة أن تصدر استثناءً مراسيم بقوانين في حالتين الأولى هي حالة الضرورة التي نصت عليها المادة (71) من الدستور ، والمادة الثانية هي التفويض التشريعي التي وردت بالمذكرة التفسيرية للدستور الكويتي .

وبناء على ما تقدم فإن للإدارة سلطة لائحية عادية تصدر بمقتضاها وفق الظروف العادية وهي اللوائح التنفيذية والمستقلة ، وسلطة لائحية استثنائية تصدر بمقتضاها وفق الظروف غير العادية وهى لوائح الضرورة واللوائح التفويضية . وسوف نقوم بدراسة لوائح الضرورة في الدستور الكويتي باعتبارها محل دراستنا .

وتعرف لوائح الضرورة بإنها قرارات بقوانين تصدرها السلطة التنفيذية بين أدوار انعقاد البرلمان أو حالة الحل إذا نشأت حالة من حالات الضرورة التي يستوجب إصدارها (2) .
الأساس الدستوري للوائح الضرورة :
تنص المادة (71) من الدستور الكويتي التي أقرت نظرية الضرورة على أنه ' إذا وجد فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو فترة حله ، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير ، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم لها قوة القانون ، على ألا تكون مخالفة للدستور أو التقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية .

ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشرة يوماً من تاريخ صدورها ، إذا كان المجلس قائماً ، وفي أول اجتماع له في حالة الحل او انتهاء الفصل التشريعي ، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك .

أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون ، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر .

ويتبين لنا من نص المادة 71 من الدستور أن المشرع الدستوري قد أحاط سلطة الحكومة في استخدامها لهذه الرخصة بضمانات عديدة ، وذلك بقصد استعمالها فيما وضعت من أجله وممارستها في حدودها المعقولة ، ويمثل النص أيضاً حرص الدستور على ألا تترك البلاد في حالة فراغ تشريعي ، عندما تغيب السلطة التشريعية ، وتواجه البلاد ضرورة تستوجب سن قانون ينظم بعض هذه المسائل ، وقد وردت في المادة (111) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي أحكام النص الدستوري سالف الذكر حرفياً .

شروط إصدار لوائح الضرورة :
يظهر لنا من دراسة النص الدستور السابق - م71- أن حق الأمير في إصدار مراسيم الضرورة محاط بضمانات عديدة وقيود شروط معينة بينها الدستور من أجل كفالة استعمال هذا الحق في موضعه الصحيح .

وسوف نتعرض للقيود والشروط الواردة في نص المادة 71 من الدستور الكويتي فيما يلي :
أولاً : القيد الزمني :
نقصد بالقيد الزمني هي تلك الفترة التي لا يكون فيها مجلس الأمة متواجداً ، بمعنى أنه يلزم لممارسة هذه السلطة التشريعية غياب مجلس الأمة ، أو باختصار شديد هما حالتا العطلة السنوية لمجلس الأمة أو الحل .

فلا يمكن للسلطة التنفيذية أن تستعمل هذه الرخصة الاستثنائية التي تقررها المادة 71 من الدستور إلا في حالة غياب مجلس الأمة ، والحكمة من ذلك أن مجلس الأمة هو صاحب الاختصاص الأصلي في التشريع يباشره كلما كان منعقداً ، ولا مبرر لأن تباشر السلطة التنفيذية اختصاص التشريع ، وهو من صميم أعمال المجلس ، وفي وسعها إن تلجأ إليه أن أرادت سن تشريع لمواجهة الضرورة الناجمة . ويظهر هذا القيد في م71 التي تنص على أنه ' إذا وجد فيما بين أدوار الانعقاد أو فترة حله' .

وبناء على ما تقدم فإن غيبة مجلس الأمة في الدستور الكويتي أو الوقت الذي يجوز للسلطة التنفيذية أن تصدرته لوائح الضرورة هما ، حالتين اثنين لا ثالث لهما وهما :
أولاً : الفترة ما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة :
وقد تكون هذه الفترة ما بين دوري إنعقاد عاديين ، أو ما بين دور انعقاد عادي وآخر غيرعادي ، في فصل تشريعي واحد .
وأيضاً الفترة التي تقع ما بين فصلين تشريعي أي الفترة ما بين آخر دور انعقاد فصل تشريعي وأول دور انعقاد في الفصل التشريعي التالي .
ثانياً : فترة حل مجلس الأمة :
والفترة الثانية التي يجوزللسلطة التنفيذية إصدار لوائح خلالها هي فترة حل مجلس الأمة وهي الفترة الفاصلة بين فصلين تشريعين ، وقد خول الدستور الكويتي الأمير سلطة حل مجلس الأمة بمرسوم ، يبين فيه أسباب الحل وفترة الحل هذه يفترض فيها أنها مؤقتة لمدة معينة يجب خلالها إجراء انتخابات مجلس نيابي جديد وتجري هذه الانتخابات في المدة المحددة بالدستور خلال شهرين من حل المجلس النيابي الجديد ، فتكون أمام وضع دستوري عادي ، فإذا أصدرت مراسيم بقوانين تكون صحيحة وخاضعة لرقابة مجلس الأمة . بحيث يجب عرضها طبقاً للمادة 71 من الدستور ، أما إذا تعطلت الحياة النيابية ولم تجر الانتخابات المحددة فنكون أمام وضع دستوري غير عادي .

وقد تم فعلاً تعطيل الحياة البرلمانية وحل مجلس الأمة الكويتي في ظل دستور 1962م مرتين :
(المرة الأولى) : حل مجلس الأمة بتاريخ 29/8/1976م وذلك بواسطة الأمر الأميري حيث نص في مادته الأولى على أن ' يوقف بأحكام المواد 56 فقرة 3، 107 ، 174 ، 181 من الدستور ونص في المادة الثانية على أن يحل مجلس الأمة ويتولى الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة بموجب الدستور ' . ونص في المادة الثالثة على أن ' تصدر القوانين بمراسيم أميرية ويجوز عند الضرورة إصدارها بأوامر أميرية ' .
وكان سبب حل مجلس الأمة هو سوء استعمال السلطة من قبل النواب واستغلالهم لمناصبهم ، ويتضح ذلك في قرار الحل حيث جاء فيه ' أن الآمال التي كانت معقودة على إصدار دستور الكويت لم تتحقق فقد استغلت الديمقراطية وجمدت أغلب التشريعات وانخذ من هذا الدستور سبيلاً لتحقيق المكاسب الشخصية . ولم تبذل الجهود من أجل البناء وإنما بذلت في الهدم والتعويق وإثارة الأحقاد وتضليل الناس ولم ينل المواطن إلا الألم العميق من هذا الصراع الذي لم يحقق له أصلاً ولم يسدد له حاجةً .

وقد صدر خلال هذه الفترة عدة مراسيم أميرية بلغ تعدادها 458 مرسوم بقانون ، وأربعة أوامر أميرية بالقوانين رقم 59 ، 60 ، 61 ، 62 لعام 1976م (3) .

(المرة الثانية) : تم حل مجلس الأمة بالأمر الأميري مرة أخرى بتاريخ 3/7/1986م ، حيث قضى هذا الأمر في مادته بوقف العمل بأحكام الدستور المواد رقم 56 فقرة 3 ، 107 ، 174 ، 181 ونص في مادته الثانية أن يتولى الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة بموجب الدستور ، ونص في مادته الثالثة على أن تصدر القوانين بمراسيم أميرية ويجوز عند الضرورة إصدراها بأوامر أميرية .

وكان السبب الذي استند إليه قرار حل البرلمان وتعطيل الحياة النيابية في الكويت هذه المرة محورة الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها البلاد في تلك المرحلة ، فتقول الحكومة في قرار الحل ' ولما كانت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد لن ينقذها منها إلا عمل حاسم وجاد ، ولما كانت المؤامرات الإجرامية التي يتعرض لها الوطن لن يوقفها إلا اليقظة التامة الاستعداد الكامل والوحدة الوطنية الشاملة ، ولما كانت ظروف المنطقة تتميز بالحرج ،وتحيطها ملابسات دقيقة وخطرة ولما كان استمرار الوضع على ما هو عليه سيعرض الكويت إلى ما خشيناه ونخشاه من نتائج غير محمودة ، ولما كانت الحرية والشورى نبت أصيل نما وازدهر منذ نشأت الكويت ، وكانت الكويت هى الأصل وهى الهدف وهى الباقية ، أما ما عداها فهو زائل ومتغير وفقاً لحاجاتها ومصالحها، فإن استمرار الحياة النيابية بهذه الروح وفي هذه الظروف يعرض بعض الوحدة الوطنية لانقسام ويلحق وملحق بمصالح البلاد العليا خطراً داهماً ، لذلك رأينا حرصاً على سلامة واستقرار الكويت أن نوقف أعمال مجلس الأمة '.

وصدر خلال هذه الفترة 420 مرسوم أميري ، بينما صدر أمر أميري واحد هو الأمر الأميري رقم 73 لسنة 1986م (4) .

وخلال قيام الحياة النيابية في عام 1981م وفي عام 1992م قامت السلطة التنفيذية بعرض المراسيم بقوانين التي صدرت خلال فترة حل البرلمان على مجلس الأمة الجديد الذي وافق على عدد منها ورفض البعض الآخر وتم نشر قرارات مجلس الأمة في الجريدة الرسمية لكن بعد صدور حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 1/94 الخاصة في شأن مرتبات أعضاء المجلس الوطني المقررة لهم بموجب المرسوم بقانون رقم 38/1990م الصادر أثناء فترة حل مجلس الأمة ، وقد أشارت المحكمة الدستورية في الحكم السابق على قرار لجنة فحص الطعون رقم 2/1982م والذي قضت فيه أن التشريعات الصادرة من الحكومة خلال تعطيل الحياة النيابية هي قوانين قائمة بذاتها لا تعرض على المجلس .

وبعد صدور الحكم السابق طلبت الحكومة سحب موضوع المراسيم بقوانين الصادرة أثناء غياب الحياة النيابية والمدرجة على جدول أعمال مجلس الأمة ، وفيهما المرسومين بقانون اللذين أثارا الجدل والخلاف رقم 96 لسنة 1988م بالموافقة على اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني بين حكومة تونس والآخر رقم 7 لسنة 1988م بالخاص بالموافقة على اتفاقية التعاون التجاري بين دولة الكويت والجزائر ، وعدم مناقشاتها وفق المادة 71 من الدستور ورغبتها في تسوية المراسيم بقوانين السابق التي عرضت على مجلس الأمة في ضوء التعاون بين الحكومة والمجلس والالتزام بأحكام القضاء (5) .

ودرات مناقشات عديدة في مجلس الأمة حول هذا الموضوع وتمسك عدد كبير من النواب بالمادة 71 من الدستور التي تجعل من اختصاص المجلس النظر في المراسيم بقوانين الصادرة أثناء فترة الحل ، وبسبب الأصرار من كل الفريقين بحقه تقدمت الحكومة بتفسير المادة (71) من الدستور وبيان إن كان ينطبق حكمها على المراسيم بقوانين الصادرة في فترة الحل أم أنها قوانين قائمة بذاتها ، لكن تم الاتفاق بين الحكومة ومكتب المجلس علىتأجيل البت في الموضوع حتى يصدر حكم محكمة التمييز في شأن مدى انطباق المادة السالفة الذكرى على المراسيم بقوانين محل الخلاف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ، وقامت الحكومة بناء على هذاالاتفاق بسحب طلبها .

موقف الفقة من المراسيم بقوانين الصادرة خلال تعطيل الحياة النيابية :
ثار النقاش واحتدم الجدل في الفقه الكويتي حول الطبيعة القانونية للمراسيم بقوانين الصادرة أثناء فترة تعطيل الحياة النيابية عامي 1976م و 1986م ومدى انطباق المادة 71 من الدستور الخاصة بمراسيم الضرورة ، وقد ظهر فريقان في شأن هذا الموضوع .

يرى الفريق الأول أن المراسيم بقوانين الصادرة أثناء حل مجلس الأمة تعد قوانين عادية صادرة من سلطة تشريعية خاصة متمثلة في الأمير الذي جمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وفحوى هذا الرأي هو عدم انطباق المادة 71 من الدستور على المراسيم بقوانين وإن أراد البرلمان تعديل هذه المراسيم يجب عليه أن يصدر قوانين لاحقة بذلك . وقد انقسم هذا الفريق إلى رأيين :
يذهب الرأي الأول إلى أن نظرية الضرورة هي أساس حل البرلمان ودمج السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وبالرغم من عدم الدستورية الحل إلا أن الحكومة فعليه وشرعية جمعت السلطتين التنفيذية والتشريعية ويستقل الأمير وحده بتقدير حالة الضرورة وله حرية الاختيار فيما يتصل بالاداة التي يقرر بها ممارسة سلطاته ، ولا تخضع هذه الإجراءات لرقابة القضاء (6) .

ويذهب الرأي الثاني إلا أنه لايجوز الاستناد على نظرية الضرورة ، دون نص دستوري صريح ، وإن كان حل مجلس الأمة مخالف للدستور لكنه أدى لقيام حكومة واقعية تصدر قوانين قائمة بذاتها مؤسسة على نظام دستوري جديد يتكون من الأمر الأميري الصادر بتعطيل الحياة النيابية (7) .

ويرى الفريق الثاني أنه يجب عرض المراسيم بقوانين على مجلس الأمة بمجرد عودة الحياة النيابية وإلا سقطت قوتها الملزمة وللمجلس الحرية في إقراراها أو رفضها حسب ما تنص به المادة 71 من الدستور الكويتي .

ومن الحجج التي يستند عليها هذا الفريق ، أن مخالفه الدستور عن طريق الحل غير الدستوري لايمكن أن ينشئ قاعدة قانونية بإن ما يصدر من الحكومة من مراسيم بقوانين قوانين قائمة بذاتها مثل القانون الصادر من البرلمان ، وأن عبارة الحل الواردة في المادة 71 من الدستور تذهب إلى الحل المطابق للدستور حيث يعتبر من الطبيعي أن المشرع الدستوري لا يمكن أن ينظم حلاً للبرلمان لا يتفق مع الدستور وإلا كان معنى هذا أن الدستور يتصور فناءه أو تعطيله وذلك أمر غير وارد ، وأن العرف الدستوري يلزم بعرض المراسيم بقوانين الصادرة في فترة الحل على مجلس الأمة عند إعادة تشكيله ، فقد وافقت الحكومة بالفعل على عرض المراسيم بقوانين على المجلس الأمة عام 1986م و 1992م عند عودة الحياة النيابية ، حيث وافق المجلس على إقرار بعض منها ورفض البعض الآخر وتم نشر ذلك بالجريدة الرسمية (Cool .

ونحن نرى رجحان الفريق الثاني الذي يرى أن هذه المراسيم بقوانين عادية (لوائح ضرورة) وليست قوانين قائمة بذاتها ، وبالتالي يتعين عرضها على مجلس الأمة عند عودة الحياة النيابية طبقاً للمادة 71 من الدستور ، وإلا اتخذ حل مجلس الأمة وسيلة في يد الحكومة لإصدار ماتشاء من المراسيم بقوانين كلما أردات ذلك ، وأنها بذلك تسلب البرلمان 'ممثل الشعب' حقه الدستوري في الرقابة على دستورية هذه المراسيم بقوانين .

موقف القضاء الكويتي :
وبعيداً عن الخلاف الفقهي ، نرى من الأهمية بمكان بتحديد الطبيعة القانونية للمراسيم بقوانين الصادرة أثناء حل مجلس الأمة وتعطيل الحياة النيابية وحكم القضاء في ذلك ، فقد اتجهت بعض الأحكام القضائية إلى اعتبار أن هذه المراسيم من القوانين القائمة بذاتها ولا يستوجب عرضها على مجلس الأمة ، وأخذت بذلك محكمة الاستئناف العليا (9) بتاريخ 29 /1988م والذي رفضت فيه المحكمة دفعاً بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 5/1981م وقد استندت المحكمة في رفضها للدفع بعدم الدستورية - رغم تضمنها أثراً رجعياً - إلى القاعدة عدم الرجعية لا تنطبق إلا بالنسبة إلى التشريعات التي تصدر أثناء قيام الحياة النيابية ، أما التشريعات التي تصدر في غياب الحياة النيابية فإنها تعتبر قوانين قائمة بذاتها صدرت بطريقة خاصة من سلطة عليا - ممثلة بأمير البلاد انعقدت له السلطة التشريعية ، ومن ثم تكون بمنأى عن التقيد بالقواعد التي تخضع لها القوانين التي تسن بالظروف العادية .

وقد أكدت محكمة الاستئناف العليا (دائرة الجنايات) على المبدأ السابق سالف الذكر ، بتاريخ 21/11/1995م في شأن المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1990م في شأن محاكمة الوزراء (القضية المشهورة قضية اختلاسات الناقلات) وفي ذلك تقول المحكمة ' أن المرسوم بقانون رقم 35/1990م في شأن محاكمة الوزراء قد صدر بموجب مرسوم أميري في 12/6/1990م وعمل من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 17/6/1990م وذلك في فترة غياب الحياة النيابية تنفيذاّ للأمر الأميري الصادر في 3/7/1986 بأن المرسوم المذكور يكون قانوناً قائماً بذاته ونافذاً من تاريخ صدوره ولا يلغي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على إلغائه أو تتضمن حكماً يتعارض معه وهو أمر لم يحصل ، ومن ثم فإن المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1990م سالف البيان قائما(10).

وقد صدر أيضا من المحكمة الكلية (الدائرة الإدارية) حكماً في نفس المعنى بتاريخ 26/2/1995م وفيه تقول (11) 'إن الفقه والقضاء الدستورين استقرار على التفرقة بين المراسيم بقوانين التي تصدر أثناء قيام الحياة النيابية أي فيما أدوار الانعقاد أو فترة حل مجلس الأمة طبقاً للمادة 107 من الدستور وبين المراسيم بقوانين التي تصدر أثناء تعطيل الحياة النيابية ، فالأولى فقط هى التي يسري عليها حكم المادة 71 من الدستور فتزول إذا لم تعرض على مجلس الأمة في أول اجتماع له عند عودته أو إذا لم يقرها المجلس ، أما الثانية فلا تزول قوتها القانونية بعد عودة الحياة النيابية بل تعتبر قوانين قائمة بذاتها ما لم يلغها المجلس بقوانين أخرى وذلك لأنها لا تخضع لحكم المادة 71 من الدستور التي لا تسري إلا عند قيام الحياة النيابية ' .

ويلاحظ على هذه الأحكام أن حجيتها نسبية مقصورة على أطراف النزاع . أما المحكمة الدستورية التي تتمتع بحجية مطلقة لم تتعرض صراحة في أي من أحكامها للطبيعة القانونية للمراسيم بقوانين أثناء حل مجلس الأمة ، إلا أن لجنة فحص الطعون بهذه المحكمة قد أخذت بالمبدأ السابق الذي أخذت به المحاكم سالفة الذكر باعتبار إن هذه المراسيم بقوانين تشريعات قائمة بذاتها ، وقد أصدرت قرارها بذلك في تاريخ 28/6/1982م (12) .

وبعد عرضنا للطبيعة القانونية للمراسيم بقوانين وفق أحكام القضاء سوف نتعرض للتكييف القانوني لقرارات مجلس الأمة بصدد المراسيم بقوانين الصادرة أثناء الحل وموقف القضاء الكويتي من ذلك الأمر .
التكييف القانوني لقرارات مجلس الأمة في شأن المراسيم بقوانين الصادرة أثناء فترة الحل:
1 - ذهبت محكمة الاستئناف العليا في حكمها الصادر بتاريخ 2/3/1994م ، وأيضا محكمة الجنايات في حكمها بتاريخ 3/5/1994م (13) إلى أن قرارات مجلس الأمة في شأن المراسيم بقوانين هي من قبيل الأعمال التشريعية التي تخضع لرقابة المحكمة

الدستورية وذلك إستناداً إلى أن سلطة المجلس الأمة من حيث المبدأ في إقرار المراسيم بقوانين الصادرة في فترة حله طبقاً للمادة 71 من الدستور تنبثق من سلطته في التشريع والمجلس وهو بصدد النظر في المراسيم بقوانين الصادرة في فترة الحل لإقرارها من عدمه إنما يمارس في حقيقة الأمر عملاً تشريعي إذ بمقتضاه يسلط المجلس رقابته التشريعية على المرسوم بقانون فإن أقره استقر المرسوم تشريعاً سوياً وإن لم يقره زال ماله من قوة القانون ولا يمكن أن يكون ذلك إلا عملاً تشريعياً ، بل إن للمجلس في هذا النطاق كما هو الحال في النزاع الماثل اعتماد نفاذ المرسوم بقانون في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثاره بوجه آخر وهو ما يعتبر ولا شك عملاً تشريعياً مبتدأ يعده المجلس ويوافق عليه ثم يرفعه للإصدار ، وهذا هو الوجه الإيجابي لسلطته في التشريع ، وقد يأخذ صورة مراجعة تشريع صدر فعلاً بين أدوار الانعقاد أو في فترة حله ومن ثم إقراره أو عدم إقراره ، وفي هذه الصورة يتوقف على قرار المجلس بقاء التشريع أو استقراره أو زواله بأثر رجعي من تاريخ صدوره أو من تاريخ معين يحدده المجلس . لما كان ذلك فإن قرار المجلس في هذا الصدد هو في جوهره وحقيقة أمره عمل تشريعي يندرج في نطاق الولاية الطبيعية للمحكمة الدستورية في مراقبة دستورية التشريعات بصورها المختلفة واختصاص المحكمة الدستورية في هذا الشأن يتسع ليشمل جميع المنازعات في دستورية ما يتخذه مجلس الأمة من قرارات بعد إقرار مراسيم بقوانين تكون قد صدرت في فترة حل المجلس المعنى بحكم المادة 107 في الدستور أو في فترة تعطيل الحياة النيابية أثر حل المجلس كما هو الحال النزاع الماثل (14) ، وبناء عليه أحالت محكمة الاستئناف للمحكمة الدستورية قرار مجلس الأمة بتاريخ 29/6/1993م بعدم إقرار المرسوم بقانون رقم 38/1990م ، كما أحالت أيضا محكمة الجنايات قرار مجلس الأمة بتاريخ 11/1/1994م بعدم إقرار المرسوم بقانون 35/1990م في شأن محكمة الوزراء لبحث مدى دستوريته .
2 - ولكن المحكمة الدستورية اتخذت موقفاً معاكساً لكل ما سبق إذ قضت بهذين الطعنين بعدم اختصاصها بنظر قرارت مجلس الأمة بصدد المراسيم الصادرة في غيبته لأن هذه القرارات من قبل الأعمال البرلمانية التي ليس من صفتها العموم والتجريد التي تصدر من المجلس التشريعي أو من أحد لجانه أو أحد أعضائه وهم بصدد القيام بوظائفهم خارج نطاق وظيفة التشريع وأكدت المحكمة على ان اختصاصها في مجال رقابة الدستورية يقتصر على القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح التي يتوافر فيها جميع عناصر القاعدة القانونية الملزمة من العمومية والتجريد (15) .

ثانيا : القيد الخاص بطبيعة ظرف الإصدار :
تنص المادة 71 من الدستور على أنه ' إذ حدث ... ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تتحمل التأخير ' ، ومعنى هذا أنه يجب أن تكون هناك ضرورة ملحة تقتضي اتخاذ التدابير المستعجلة ، ولذلك سميت هذه المراسيم بقوانين 'لوائح الضرورة ' ، وعن مواجهة هذه الحالة الاستثنائية يستوجب إصدار اللوائح حيث لا يمكن تأجيلها إلى حين اجتماع مجلس الأمة ومناقشته للأمر ، ويترتب على ذلك عدم جواز اللجوء إلى إصدار مراسيم الضرورة إذا كانت الأحوال عادية أو كانت الأمور التي يراد تنظيمها لا ترتبط بحالة عاجلة ، بحيث يمكن تأجيلها إلى حين اجتماع مجلس الأمة .

ويتفق الفقه والقضاء على أن تقدير حالة الضرورة من عدمه أمرمتروك للسلطة التنفيذية ، تحت إشراف ورقابة مجلس الأمة وبحسب الظروف والملابسات القائمة في كل حالة .

وهذا ما سار عليه مجلس الدولة المصري باستمرار ، من التطبيقات العملية على قضائه بهذا الخصوص حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 23 ديسمبر 1954م والذي جاء فيه 'أن قيام الضرورة الملحة لإصدار المراسيم بقوانين لوائح الضرورة ... أمر متروك للسلطة التنفيذية تقدره تحت رقابة البرلمان ، بحسب الظروف وليس هناك مقاييس منضبطة لقيام تلك الضرورة (16) .

ومن تطبيقات ذلك أيضاً حكم المحكمة الليبية العليا الذي أصدرته في جلسة 11 فبراير 1961م والذي جاء فيه '... أن تقدير قيام أحوال الاستثناء وموجبها من الإجراءات المستعجلة مردة إلى السلطة التنفيذية تحت رقابة البرلمان . فلها في حدود هذه الرقابة أن تقدر ملاءمة أو عدم استعمال رخصتها التشريعية الاستثنائية . لأنه قد يتعذر على غيرها تقدير هذه الملاءمة تقديراً كاملاً سليماً ، لما تحتاجه من إحاطة تامة بالظروف والملابسات التي تدعو إلى إصدار مرسوم بقانون وقد يكون فيها ما تقضي مصلحة البلاد العليا بكتمانه ، فلا يمكن أن تبوح به السلطة التنفيذية إلا في جلسة سرية تحت قبة البرلمان الذي تسأل أمامه .. وبذلك فلا وجه لمناقشة الحكومة في ساحة القضاء عن ظروف إصدار المرسوم بقانون ومطالبتها بالإبانة عن الدليل على حالة الاستعجال التي اقتضته لأنها قد تؤثر الكتمان حرصاً على مصلحة عامة تراها ، فلا يقع حكم القاضي على سبب من الحقيقة فإذا أرادت الإفضاء بظروف الضرورة فقد يجرها ذلك في بعض الظروف إلى الاحلال بواجبها في الأسرار العامة من أن تطرح في جلسات المحاكم أو تنشر في أحكام القضاء (17) .

وكذلك نجد أن لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية في دولة الكويت ، قد رفضت أن تخضع أو مراعاة السلطة التنفيذية لتوفر شرط الضرورة لرقابتها .

ففي حكم أصدرته بتاريخ 28/6/1982م ذهبت إلى أن حالة الضرورة الموجبة للتشريع الاستثنائي هي شرط سياسي لا قانوني ، مما جعل تقديرها يعود للأمير وحدة الأداة التي يراها ، كما أكدت في الحكم نفسه أن الرقابة على تقدير حالة الضرورة متروكة أصلاً للسلطة التشريعية دون القضائية .
ومما جاء في الحكم ' أما حالة الضرورة الموجبة للتشريع الاستثنائي فهي شرط سياسي لا قانوني وهي بذلك تدخل بنطاق العمل السياسي الذي ينفرد رئيس الدولة بتقديره ، وإذا كانت الرقابة على العمل السياسي متروكة أصلاً للسلطة التشريعية دون القضائية في الأحوال العادية -ولا تدخل فيها الحالة المطروحة- إلا أن القانون المطعون فيه وقد عرض على مجلس الأمة فأقره فإنما يكون قد أقر أيضاً حالة الضرورة المبررة لإصداره ، يضاف إلى كل من ذلك الأمر الأميري موضوع الطعن قد صدر في 5/9/1976م أي في الوقت الذي لم يكن مجلس الوزراء قائماً حيث أن مرسوم تشكيل الوزارة لم يصدر إلا في 6/9/1976م وحلف أعضاؤها اليمين الدستورية بعد ذلك وتم نشر المرسوم المذكور في الجريدة (الكويت اليوم) بتاريخ 12/9/1976م في العدد 1099 مما يجعل الضرورة بإصدار التشريع أمر يعود تقديره للأمير وحده وبالإداة التي يراها (18) .

وأن بعض الفقهاء يرى بخلاف هذا الحكم ويعارضه ويرى أنه بضرورة إخضاع تقدير حالة الضرورة لرقابة المحكمة الدستورية (19) .
ثالثاً : القيد الخاص بالمدى :
إذا تحقق شرط الزمن ، وشرط ظرف الإصدار ، كان للسلطة التنفيذية أن تصدر لوائح الضرورة ، ولكن ما هو المدى الذي يجوز فيه استعمال هذه الرخصة أو ما هو نطاقها تنص المادة 71 على أنه (إذا حدث ... ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تتحمل التأخير ، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم لها قوة القانون ، على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الورادة في قانون الميزانية) .
يتضح لنا من هذا النص أن مراسيم الضرورة لها قوة القانون فحسب وذلك ظاهر من عبارة 'مراسيم لها قوة القانون' ، فقوة إلزامها ترتفع إلى مصاف القانون لا أكثر ، وبالتالي فلا يجوز لها أن يعدل أو تلغي القواعد القانونية التي ترتفع بقوتها فوق القانون العادي ، كالقواعد الدستورية وذلك واضح من عبارة ' على أن لا تكون مخالفة للدستور' وكذلك القواعد القانونية يرفعها الدستور إلى مرتبتة كالقانون رقم 4 لسنة 1964م بشأن أحكام توارث الإمارة ، لإن لهذا القانون صفه دستورية فلا يجوز تعديله إلا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور ، وفقاً لنص المادة الرابعة من الدستور ، وفي الحقيقة أن مثل هذا القيد عدم مخالفة المرسوم بقانون لأحكام الدستور يعتبر من قبل التزيد أو تحصيل الحاصل (20) .

كذلك لا يجوز لمراسيم الضرورة مخالفة التقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية، وهذا الشرط واضح بنص المادة 71 على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية ، ويعتبر هذا بحق قيداً حقيقاً على سلطة إصدار المراسيم بقوانين فلا يجوز للسلطة التنفيذية بموجب حقها في إصدار المراسيم بقوانين نقل أي مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الميزانية ، ولا يجوز أن تستخدم هذه السلطة بتجاوز الحد الأقصى لتقديرات الإنفاق الواردة في قانون الميزانية أو القوانين المعدلة أو أن تستخدم هذه السلطة لإصدار قانون الميزانية ذاته أو لفتح اعتماد إضافي . ومبنى الحظر السابق هو الحق الدستوري المقرر للبرلمانات في الرقابة المالية على أعمال السلطة التنفيذية من خلال فحص الميزانية وإقرارها ، والذي يخشي أن إذا أبيح للسلطة التنفيذية بموجب الرخصة الاستثنائية لها أن تصدر مراسيم لها متضمنة تعديلاً لقانون الميزانية ، أن يخل ذلك بالحق الدستوري لمجلس الأمة في الرقابة المالية على أعمال السلطة التنفيذية ، فتضع هذه السلطة البرلمان أمامه الأمر الواقع بالمراسيم بقوانين التي تصدرها باعتمادات إضافية ، يتم إنفاقها قبل إجتماع البرلمان فلا يجد أمامه مفراً من إقرارها (21) .

ويعزز الحظر السابق ما تنص عليه المادة 145 من الدستور من أنه إذا لم يصدر قانون الميزانية قبل بدء السنة المالية يعمل بالميزانية القديمة لحين صدوره ، ولا شك أن المشرع الدستوري الكويتي كان حكيماً بوضعه هذا القيد على سلطة الحكومة وهي نستعمل رخصتها الاستثنائية بإصدار مراسيم الضرورة مما حمل الفقه الدستوري على الإشادة بهذا الموقف والذي رأى فيه قيداً حقيقاً على سلطة الحكومة .

وبناء على ما سبق فمراسيم الضرورة لها قوة القانون فلا تملك إلا ما يملكه القانون فهي لا تستطيع إذن وفق ما سبق ذكره مخالفة الدستور أو قانون الميزانية ، أما عداها من غيرها من القوانين فتسطيع ان تلغي أو تعدل كافة القوانين ، باعتبار أن المراسيم لها قوة القانون فقط لا غير،وإن كان بعض (22) الفقهاء ، يرى أن مراسيم الضرورة لا تسطيع مخالفة قانون الانتخاب وبعض المجالات المعنية تقتضي طبيعة الأمور وإخراجها من ميدان التشريع الحكومي باعتبار أن هذا المجالات قد حجزت للبرلمان كهيئة سياسية وأهمها الحقوق الإنسانية والمسائل الانتخابية وحرية الرأي والصحافة .

رابعاً : القيد الخاص المتعلق برقابة مجلس الأمة :
المراسيم بقوانين التي تصدرها الحكومة لا تبقى بمنأي عن رقابة مجلس الأمة لمدة طويلة إذ يتعين حسب المادة 71 من الدستور عرضها على المجلس ليقرر ما يشاء أما أن يلغيها أو يعدلها أو يقرها .

ويثور السؤال متى تعرض هذه المراسيم بقوانين وهنا نفرق بين وضعين إما أن يكون المجلس قائماً ويجب عرضها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها .

وأما أن يكون مجلس الأمة غير قائم وفي هذه الحالة يجب عرضها على المجلس في أول اجتماع له بعد عودة الحياة النيابية .

هوامش الفصل الثالث :

___________________________________________________________________

(1) عثمان عبدالملك الصالح ، النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت ، ص 399 .
(2) يسري العصار ، المرجع السابق ، ص42 .
(3) شفيق إمام ، المرجع السابق ، ص 251 .
(4) شفيق امام ، القرارات والمراسيم بقوانين ، ص251 .
(5) شفيق امام ، القرارات والمراسيم بقوانين ، ص251 .
(6) أحمد الفارسي ، دراسة قانونية حول المراسيم ةسلطة مجلس الأمة بشأنها ، جريدة الوطن بتاريخ 18، 19 فبراير 1995م نقلاً عن يسري العصار المحامي / نظرية الضرورة ، 20 يوليو ، أغسطس 1996م .
(7) بدرية الجاسر ، التشريع الحكومي : حالاته ، قيوده ، خضوعه لرقابة المحكمة الدستورية ،مجلة الحقوق ، س 19 ، ع2 ، يونيو 1995م ، ص 74 ، 75 .
(Cool عادل الطبطبائي ، مدى أختصاص مجلس الأمة بنظر المراسيم بقوانين الصادرة في حالة الحل ، مجلة الحقوق السنة 18 ، ع4 ،ديسمبر 1994م ، ص38
(9) دائرة التمييز حكم في الطعن رقم 241/88 تجاري إشار إلى ذلك الحكم يسري العصار ، المرجع السابق ، ص 82 .
(10) يسري العصار ، المرجع السابق ، ص 83 .
(11) قضية رقم 275/1993م إداري في شأن المعاشات التقاعدية لإعضاء المجلس الوطني والحكم بقضية رقم 275/1993م ، وقد أشار اليهما يسري العصار ، المرجع السابق ، ص86 .
(12) يسري العصار ، المرجع السابق ، ص 83 ، صدر هذا الحكم في الدعوى رقم 291 ، 95 (بحث غير مبشور) .
(13) شفيق أمام ، القرارات والمرسيم بقوانين ، ص 349 .
(14) حكم محكمة الإستئناف العليا بتاريخ 2/3/1994م .
(15) حكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 1/94 بتاريخ 17/5/1994م بشأن عدم إقرار المرسوم رقم 38/1990م ، الكويت اليوم ، ع 156 وحكمها في الطعن رقم 3/94 بتاريخ 29/6/1994م بشان قرار مجلس الأمة بعدم إقرار المرسوم بقانون 35/1990م والكويت اليوم ، ع 162، س 40 ، ص 54 .
(16) السنة التاسعة ص 7 ، سليمان الطماوي ، القرارات الإدارية ، ص 498 .
(17) حكم المحكمة العلبا الليبية الصادرة في 11 فبراير 1991م قضية رقم 2/5 ، قضاء المحكمة العليا الإداري والدستوري ، ج2 ، ص88 وما بعدها أشار للحكم ، عثمان عبدالملك ، المرجع السابع ، ص44 ، 405 .
(18) حكم لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستوري ، الصادر بتاريخ 28/6/1982م في الطعن رقم 2/1982م دستوري ، مجلة القضاء والقانون للسنة 1410 مارس 1983م ، ص 13 ومإبعدها أشار للحكم د. عثمان عبدالملك الصالح ، النظام الدستوري السياسي في الكويت ، ص 404 ، 405 .
(19) د. عثمان عبدالملك ، المرجع السابق ، ص 406 ، 408 أنظر للحج والأسانيد التي أستند عليها وكذلك حكم المحكمة الدستورية المصرية الذي أورده بالكامل لأهمية الصادر بتاريخ 4 مايو 1980م ، في الهامش رقم (1) ، ص 408 : ص 413 .
(20) سليمان الطماوي ، القرارات الإدارية ، ص 501 .
(21) شفيق أمام ، المرجع السابق ، ص57 ، وأنظر أيضاً عبدالفتاح حسن النظام الدستوري ص 198 ، 199 ، ويضيف إيضاً أن فكرة الضرورة بدون نص إن جاز الأخذ في المجالات القانونية الأخرى إلا أنه لا يستحسن الأخذ بها في القانون الدستوري وذلك لخطورة آثاره نقلاً عن عادل الطبطابئ في النظام ستوري في الكويت ، ص 587 ، 588 .
(22) سليمان الطماوي ، القرارات الإدارية ، ص 500 ، 501 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Empty
مُساهمةموضوع: رد: نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين   نظرية الضرورة  في القانون والمراسيم بقوانين Emptyالأربعاء يناير 16, 2013 12:49 am

الخاتمة

وأخيراً وفي ختام هذه الدراسة التي تدور حول نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين كتطبيق لها في الدستور الكويتي ، سوف نذكر خلاصة الموضوع آنف الذكر :
- يعد الفقه الإسلامي -بحق- مصدراً خصباً للتشريع نستنبط منه الأحكام والقواعد وصلاحيته لكل زمان ومكان .
- تقوم نظرية الضرورة في الفقه الإسلامي على قاعدتين تفرع عنها بقية القواعد وهما :
1) لاضرر ولا ضرار
2) المشقة تجلب التيسير .
- إن ضوابط وشروط نظرية الضرورة يكاد يجمع عليه الفقه والقضاء الضوابط والشروط هي :
1) أن يكون الخطر جسيماً وحالاً
2) استحالة مواجهة الخطر بالطرق العادية .
3) أن تكون المخالفة مؤقتة.
- هذب فقهاء القانون الفرنسي من نظرية الضرورة وقيدها بضوابط معينة لكي تستعمل استعمالاً صحيحاً ومعقولاً دون تعسف ، بخلاف فقهاء الألماني الذي جعلها نظرية ديكتاتورية سلطوية تمد من سلطان الدولة ولا تخضع للقانون إلا بارادتها كفيما تشاء .
- نظرية الضرورة نظرية شاملة عامة تشمل جميع فروع القانون .
- يعد مبدأ المشروعية مبدأ ثابتاً مسلماً به حتى في ظل الظروف غير العادية ، لكن يتوسع في نطاقه ومداه تبعاً لتلك الظروف الاستثنائية .
- أخذ القضاء الفرنسي الإدارى بنظرية الضرورة بخلاف القضاء الفرنسي العادي (المدني والتجاري) الذي رفض الأخذ بهذه النظرية ، بينما نجد أن القضاء المصري أخذ بهذه النظرية وطبقها سواء قبل إنشاء مجلس الدولة المصري أو بعده .
- أخذ الدستور الكويتي بنظرية الضرورة وطبقها في المادة 71 من الدستور الكويتي .
- تعد المراسيم بقوانين التي صدرت أثناء حل مجلس الأمة وتعطيل الحياة النيابية مراسيم ضرورة (لوائح ضرورة) ينطبق عليها نص المادة 71 من الدستور الكويتي ، وبالتالي يجب عرضها على مجلس الأمة عند انعقاد أول جلسة له بعد اعادة الحياة النيابية ، ويعزز هذا الرأي أن هذه المراسيم عرضتها الحكومة على المجلس فأقر البعض ورفض البعض . الآخر ، فلا يجوز تحصين مراسيم الضرورة لأنها مؤقتة بطبيعتها ، بمعنى أنها تعرض على المجلس بعد انتهاء الظروف الاستثنائية التي أدت إلى إصدارها ، وما المادة 71 من الدستور إلا تطبيق من تطبيقات نظرية الضرورة التي توجب عرضها على مجلس الأمة .
- رغم أن من المسلم به فقهاً وقضاءً أن تقدير حالة الضرورة أمر متروك للسلطة التنفيذية تحت رقابة مجلس الأمة ، إلا أنه من المستحسن إضافة رقابة القضاء (المحكمة الدستورية) عليها لضمان نزاهة مجلس الأمة الذي قد تكون فيه أغلبية للحكومة .
- حسناً فعل المشرع الدستوري الكويتي حينما أورد قيد عدم مخالفة قانون الميزانية عند إصدار المراسيم بقوانين من قبل السلطة التنفيذية ، لأن الرقابة المالية حق أصيل لمجلس الأمة لا يجوز بأي حالٍ التخلي عنه ، وخوفاً من أن تعدل فيه الحكومة ويجد البرلمان نفسه أمام الأمر الواقع فيضطر للقبول ، أما قيد عدم مخالفة المراسيم بقوانين للدستور فهو زيادة في النص الدستوري لا معنى لها ومن الأفضل تعديل النص بإلغاء هذا القيد .
المراجع والمصادر

(1) بدرية الجاسر التشريع الحكومي في الكويت : حالاته ، قيوده خضوعه لرقابة المحكمة الدستورية مجلة الحقوق ، السنة 19 ، العدد الثاني ، يونيو 1995م .
(2) سليمان الطماوي ، النظرية العامة للقرارت الإدارية ، مطبعة جامعة عين شمس .
(3) سامي جمال الدين ، لوائح الضرورة وضمانة الرقابة القضائية ، منشأة المعارف .
(4) شفيق إمام ، القرارات والمراسيم بقوانين .
(5) عادل الطبطبائي ، مدى اختصاص مجلس الأمة بنظر المراسيم بقوانين الصادرة في حالة الحل ، مجلة الحقوق ، السنة 18 ، العدد 4 ، ديسمبر 1994م .
(6) يسري العصار ، نظرية الضرورة في القانون الدستوري والتشريع الحكومي في فترات إيقاف الحياة النيابية ، مجلة المحامي ، السنة العشرون ، يوليو ، أغسطس - سبتمبر 1996م .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين
» التدخل الإنساني لحماية الأقليات بين القانون الدولي العام و نظرية الاستنقاذ في الإسلام
» علاقة القانون الإداري بغيره من العلوم وفروع القانون الأخرى ذات الصلة.
» نظرية المنظمة
» نظرية الدولة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: جسور العلوم السياسية :: قسم الحقوق-
انتقل الى:  
1